شرح قطر الندى وبل الصدى

الْعلَّة الثَّامِنَة الزِّيَادَة
وَالْمرَاد بهَا الْألف وَالنُّون الزائدتان نَحْو سَكرَان وَعُثْمَان
الْعلَّة التَّاسِعَة التَّأْنِيث
وَهُوَ على ثَلَاثَة أَقسَام تَأْنِيث بِالْألف كحبلى وصحراء وتأنيث بِالتَّاءِ كطلحة وَحَمْزَة وتأنيث بِالْمَعْنَى كزينب وسعاد وتأثير الأول مِنْهَا فِي منع الصّرْف لَازم مُطلقًا من غير شَرط كَمَا سَيَأْتِي وتأثير الثَّانِي مَشْرُوط بالعلمية كَمَا سَيَأْتِي وتأثير الثُّلُث كتأثير الثَّانِي وَلكنه تَارَة يُؤثر وجوب منع الصّرْف وَتارَة يُؤثر جَوَازه فَالْأول مَشْرُوط بِوُجُود وَاحِد من ثَلَاثَة أُمُور وَهِي إِمَّا الزِّيَادَة على ثَلَاثَة أحرف كسعاد وَزَيْنَب وَإِمَّا تحرّك الْوسط كسقر ولظى وَإِمَّا العجمة كَمَاء وجور وحمص وبلخ وَالثَّانِي فِيمَا عدا ذَلِك كهند ودعد وجمل فَهَذِهِ يجوز فِيهَا الصّرْف وَعَدَمه وَقد اجْتمع الْأَمْرَانِ فِي قَول الشَّاعِر لم تتلفع بِفضل مئزرها دعد وَلم تسق دعد فِي العلب

(1/318)


فَهَذِهِ جَمِيع الْعِلَل وَقد أَتَيْنَا على شرحها شرحا يَلِيق بِهَذَا الْمُخْتَصر ثمَّ اعْلَم أَنَّهَا ثَلَاثَة أَقسَام الأول مَا يُؤثر وَحده وَلَا يحْتَاج إِلَى انضمام عِلّة أُخْرَى وَهُوَ شَيْئَانِ الْجمع وألفا التَّأْنِيث وَالثَّانِي مَا يُؤثر بِشَرْط وجود العلمية وَهُوَ ثَلَاثَة أَشْيَاء التَّأْنِيث بِغَيْر الْألف والتركيب والعجمة نَحْو فَاطِمَة وَزَيْنَب ومعديكرب وابراهيم وَمن ثمَّ انْصَرف صنجه وان كَانَ مؤنثا أعجميا وصولجان وَإِن كَانَ أعجميا ذَا زِيَادَة ومسلمة وَإِن كَانَ مؤنثا وَصفا لانتقاء العلمية فِيهِنَّ الثَّالِث مَا يُؤثر بِشَرْط وجود أحد أَمريْن العلمية أَو الوصفية وَهُوَ ثَلَاثَة

(1/319)


أَيْضا الْعدْل وَالْوَزْن وَالزِّيَادَة مِثَال تأثيرها مَعَ العلمية عمر وَأحمد وسلمان وَمِثَال تأثيرها مَعَ الصّفة ثَلَاث وأحمر وسكران
السَّابِع التَّعَجُّب
ص بَاب التَّعَجُّب لَهُ صيغتان مَا أفعل زيدا وَإِعْرَابه مَا مُبْتَدأ بِمَعْنى شَيْء عَظِيم وأفعل فعل مَاض فَاعله ضمير مَا زيدا مفعول بِهِ وَالْجُمْلَة خبر مَا وأفعل بِهِ وَهُوَ بِمَعْنى مَا أَفعلهُ وَأَصله أفعل أَي صَار ذَا كَذَا كاغد الْبَعِير أَي صَار ذَا غُدَّة فَغير اللَّفْظ وزيدت الْبَاء فِي الْفَاعِل لإِصْلَاح اللَّفْظ فَمن ثمَّ لَزِمت هُنَا بِخِلَافِهَا فِي فَاعل كفى وَإِنَّمَا يبْنى فعلا التَّعَجُّب وَاسم التَّفْضِيل من فعل ثلاثي مُثبت متفاوت تَامّ مَبْنِيّ للْفَاعِل لَيْسَ اسْم فَاعله على أفعل ش التَّعَجُّب تفعل من الْعجب وَله أَلْفَاظ كَثِيرَة غير مبوب لَهَا فِي النَّحْو كَقَوْلِه تَعَالَى كَيفَ تكفرون بِاللَّه وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سُبْحَانَ الله إِن الْمُؤمن لَا ينجس حَيا وَلَا مَيتا وَقَوْلهمْ لله دره فَارِسًا وَقَول الشَّاعِر يَا سيدا مَا أَنْت من سيد موطا الأكناف رحب الذِّرَاع

(1/320)


والمبوب لَهُ فِي النَّحْو صيغتان مَا أفعل زيدا وأفعل بِهِ فَأَما الصِّيغَة الأولى اسْم مُبْتَدأ وَاخْتلف فِي مَعْنَاهَا على مذهبين أَحدهمَا أَنَّهَا نكرَة تَامَّة بِمَعْنى شَيْء وعَلى هَذَا القَوْل فَمَا بعْدهَا هُوَ الْخَبَر وَجَاز الِابْتِدَاء بهَا لما فِيهَا من معنى التَّعَجُّب كَمَا قَالُوا فِي قَول الشاعإ عجب لتِلْك قَضِيَّة وإقامتي فِيكُم على تِلْكَ الْقَضِيَّة أعجب

(1/321)


وَإِمَّا لِأَنَّهَا فِي قُوَّة الموصوفة إِذْ الْمَعْنى شَيْء عَظِيم حسن زيدا كَمَا قَالُوا فِي شَرّ أهر ذَا نَاب إِن مَعْنَاهُ شَرّ عَظِيم أهر ذَا نَاب وَالثَّانِي أَنَّهَا تحْتَمل ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَن تكون نكرَة تَامَّة كَمَا قالو سِيبَوَيْهٍ وَالثَّانِي أَن تكون نكرَة مَوْصُوفَة بِالْجُمْلَةِ الَّتِي بعْدهَا وَالثَّالِث أَن تكون معرفَة مَوْصُولَة بِالْجُمْلَةِ الَّتِي بعْدهَا وعَلى هذَيْن الْوَجْهَيْنِ فَالْخَبَر مَحْذُوف وَالْمعْنَى شَيْء حسن زيدا عَظِيم أَو الَّذِي حسن زيدا شَيْء عَظِيم وَهَذَا قَول الْأَخْفَش وَأما أفعل فَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنه اسْم بِدَلِيل أَنه يصغر قَالُوا مَا أحيسنه وَمَا اميلحه وَزعم البصريون أَنه فعل مَاض وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الْفَتْح وَلَو كَانَ اسْما لارتفع على أَنه خبر وَلِأَنَّهُ يلْزمه مَعَ يَاء الْمُتَكَلّم نون الْوِقَايَة يُقَال مَا أفقرني إِلَى عَفْو الله وَلَا يُقَال مَا أفقري وَأما التصغير فشاذ وَوَجهه أَنه أشبه الْأَسْمَاء عُمُوما بجموده وَأَنه لَا مصدر لَهُ وأشبه أفعل التَّفْصِيل خُصُوصا بِكَوْنِهِ على وَزنه وبدلالته على الزِّيَادَة وبكونهما لَا يبنيان إِلَّا مِمَّا اسْتكْمل شُرُوطًا يَأْتِي ذكرهَا وَفِي أحسن ضمير مستتر بالِاتِّفَاقِ مَرْفُوع على الفاعلية رَاجع إِلَى مَا وَهُوَ الَّذِي دلنا على اسميتها لِأَن الضَّمِير لَا يعود إِلَّا على الْأَسْمَاء وزيدا مفعول بِهِ على القَوْل بِأَن أفعل فعل مَاض ومشبه بالمفعول بِهِ على القَوْل بِأَنَّهُ

(1/322)


اسْم وَأما الصِّيغَة الثَّانِيَة فأفعل فعل بِاتِّفَاق لَفظه لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ التَّعَجُّب وَهُوَ خَال من الضَّمِير وأصل قَوْلك أحسن بزيد أحسن زيد أَي صَار ذَا حسن كَمَا قَالُوا أَوْرَق الشّجر وأزهر الْبُسْتَان وأثرى فلَان وأترب زيد وأغد الْبَعِير بِمَعْنى صَار ذَا ورق وَذَا زهر وَذَا ثروة وَذَا مَتْرَبَة أَي فقر وفاقة وَذَا غُدَّة فضمن معنى التَّعَجُّب وحولت صِيغَة إِلَى صِيغَة أفعل بِكَسْر الْعين فَصَارَ أحسن زيد فاستقبح اللَّفْظ بِالِاسْمِ الْمَرْفُوع بعد صِيغَة فعل الْأَمر فزيدت الْبَاء لإِصْلَاح اللَّفْظ فَصَارَ أحسن بزيد على صِيغَة أمرر بزيد فَهَذِهِ الْبَاء تشبه الْبَاء فِي كفي بِاللَّه شَهِيدا فِي أَنَّهَا زيدت فِي الْفَاعِل وَلكنهَا تخالفها من جِهَة أَنَّهَا لَازِمَة وَتلك جَائِزَة الْحَذف قَالَ سحيم عميرَة ودع إِن تجهزت غازيا كفى الشيب وَالْإِسْلَام للمرء ناهيا

(1/323)


وَلَا يبْنى فعل التَّعَجُّب وَاسم التَّفْضِيل إِلَّا مِمَّا اسْتكْمل خَمْسَة شُرُوط أَحدهَا أَن يكون فعل فَلَا يبنيان من غير فعل وَلِهَذَا خطئَ من بناه من الْخلف وَالْحمار فَقَالَ مَا أجلفه وَمَا أحمره وَشد قَوْلهم مَا ألصه وَهُوَ ألص من شظاظ الثَّانِي أَن يكون الْفِعْل ثلاثيا فَلَا يبنيان من نَحْو دحرج وَانْطَلق واستخرج وَعَن أبي الْحسن جَوَاز بنائِهِ من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ بِشَرْط حذف زوائده وَعَن سِيبَوَيْهٍ جَوَاز بنائِهِ من أفعل نَحْو أكْرم وَأحسن وَأعْطى الثَّالِث أَن يكون مِمَّا يقبل مَعْنَاهُ التَّفَاوُت فَلَا يبنيان من نَحْو مَاتَ وفنى لِأَن حقيقتهما وَاحِدَة وَإِنَّمَا يتعجب مِمَّا زَاد على نَظَائِره الرَّابِع أَن لَا يكون مَبْنِيا للْمَفْعُول فَلَا يبنيان من نَحْو ضرب وَقتل الْخَامِس أَن لَا يكون اسْم فَاعله على وزن أفعل فَلَا يبنيان من نَحْو عمي وعرج وشبههما من أَفعَال الْعُيُوب الظَّاهِرَة وَلَا من نَحْو سود وحمر وَنَحْوهمَا من أَفعَال الألوان وَلَا من نَحْو لمى ودعج وَنَحْوهمَا

(1/324)


من أَفعَال الحلى الَّتِي الْوَصْف مِنْهَا على وزن أفعل لأَنهم قَالُوا من ذَلِك هُوَ أعمى وأعرج وأسود وأحمر وألمى وأدعج
الْوَقْف
ص بَاب الْوَقْف فِي الْأَفْصَح على نَحْو رَحْمَة بِالْهَاءِ وعَلى مسلمات بِالتَّاءِ ش إِذا وقف على مَا فِيهِ تَاء التَّأْنِيث فَإِن كَانَت سَاكِنة لم تَتَغَيَّر نَحْو قَامَت وَقَعَدت وَإِن كَانَت متحركة فإمَّا أَن تكون الْكَلِمَة جمعا بِالْألف وَالتَّاء أَولا فَإِن لم تكن كَذَلِك فالأفصح الْوَقْف بإبدالها هَاء تَقول هَذِه رَحْمَة وَهَذِه شَجَرَة وبعم يقف بِالتَّاءِ وَقد وقف بعض السَّبْعَة فِي قَوْله تَعَالَى إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ ووإن شَجَرَة الزقوم بِالتَّاءِ وَسمع بَعضهم يَقُول يَا أهل سُورَة البقرت فَقل بعض من سَمعه وَالله مَا أحفظ مِنْهَا آيت وَقَالَ الشَّاعِر وَالله أنجاك بكفي مسملت من بعد مَا وَبعد مَا وَبعد مت كَانَت نفوس الْقَوْم عِنْد الغلصمت وكادت الْحرَّة أَن تدعى أمت

(1/325)


وَإِن كَانَ جمعا بِالْألف وَالتَّاء فَالْأَصَحّ الْوَقْف بِالتَّاءِ وَبَعْضهمْ يقف بِالْهَاءِ وَسميع من كَلَامهم كَيفَ الْإِخْوَة والأخواة وَقَالُوا دفن البناة من المكرماة وَقد نبهت على الْوَقْف على نَحْو رَحْمَة بِالتَّاءِ ومسلمات بِالْهَاءِ بِقَوْلِي بعد وَقد يعكس فِيهِنَّ ص وعَلى نَحْو قَاض رفعا وجرا بالحذف وَنَحْو القَاضِي فيهمَا بالإثبات ش إِذا وقفت على المنقوص وَهُوَ الِاسْم الَّذِي آخِره يَاء مكسور مَا قبلهَا فإمَّا أَن يكون منونا أَو لَا فَإِن كَانَ منونا فالأفصح الْوَقْف عَلَيْهِ رفعا وجرا بالحذف تَقول هَذَا قَاض ومررت بقاض وَيجوز أَن تقف عَلَيْهِ بِالْيَاءِ وَبِذَلِك وقف ابْن كثير على هاد ووال وواق من قَوْله تَعَالَى وَلكُل قوم هادي وَمَا لَهُم من دونه من وَالِي وَمَا لَهُم من الله من وافي وَإِن كَانَ غير منون فالأفصح الْوَقْف عَلَيْهِ رفعا وجرا بالإثبات كَقَوْلِك هَذَا القَاضِي ومررت بِالْقَاضِي وَيجوز الْوَقْف عَلَيْهِ بالحذف وَبِذَلِك وقف الْجُمْهُور على المتعال والتلاق فِي قَوْله تَعَالَى وَهُوَ الْكَبِير المتعال لينذر يَوْم

(1/326)


التلاق ووقف ابْن كثير بِالْيَاءِ على الْوَجْه الْأَفْصَح ص وَقد يعكس فِيهِنَّ ش الضَّمِير رَاجع إِلَى قلب تَاء رَحْمَة هَاء وَإِثْبَات تَاء مسلمات وَحذف يَاء قَاض وَإِثْبَات يَاء القَاضِي أَي وَقد يُوقف على رَحْمَة بِالتَّاءِ وعَلى مسلمات بِالْهَاءِ وعَلى قَاض بِالْيَاءِ وعَلى القَاضِي بالحذف ص وَلَيْسَ فِي نصب قَاض وَالْقَاضِي إِلَى الْيَاء ش إِذا كَانَ المنقوص مَنْصُوبًا وَجب فِي الْوَقْف إِثْبَات يائه فَإِن كَانَ منونا أبدل من تنوينه ألف كَقَوْلِه تَعَالَى رَبنَا إننا سمعنَا مناديا وَإِن كَانَ غير منون وقف على الْيَاء كَقَوْلِه تَعَالَى كلا إِذا بلغت التراقي ص وَيُوقف على إِذا وَنَحْو لنسفعا وَرَأَيْت زيدا بِالْألف ش يجب فِي الْوَقْف قلب النُّون الساكنة الْفَا فِي ثَلَاث مسَائِل إِحْدَاهَا إِذا هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَجزم ابْن عُصْفُور فِي شرح الْجمل بِأَنَّهُ يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون وَبنى على ذَلِك أَنَّهَا تكْتب بالنُّون وَلَيْسَ كَمَا ذكر وَلَا تخْتَلف الْقُرَّاء فِي الْوَقْف على نَحْو وَلنْ تُفْلِحُوا إِذا أبدا أَنه بِالْألف الثَّانِيَة نون التوكيد الْخَفِيفَة الْوَاقِعَة بعد الفتحة كَقَوْلِه تَعَالَى لنسفعا وليكونا وقف الْجَمِيع عَلَيْهَا بِالْألف قَالَ الشَّاعِر

(1/327)


وَإِيَّاك وَالْمَيتَات لَا تقربنها وَلَا تعبد الشَّيْطَان وَالله فاعبدا أَصله أعبدن الثَّالِثَة تَنْوِين الِاسْم الْمَنْصُوب نَحْو رَأَيْت زيدا هَذَا وقف عَلَيْهِ الْعَرَب بِالْألف إِلَّا ربعَة فَإِنَّهُم وقفُوا على نَحْو رَأَيْت زيدا بالحذف قَالَ شَاعِرهمْ أَلا حبذا غنم وَحسن حَدِيثهَا لقد تركت قلبِي بهَا هائما دنف

(1/328)


ص كَمَا يكتبن ش لما ذكرت الْوَقْف على هَذِه الثَّلَاثَة ذكرت كَيْفيَّة رسمها فِي الْخط اسْتِطْرَادًا فَذكرت أَن النُّون فِي الْمسَائِل الثَّلَاث تصور ألفا على حسب الْوَقْف وَعَن الْكُوفِيّين أَن نون التوكيد تصور نونا وَعَن الْفراء أَن إِذا إِذا كَانَت ناصبة كتبت بِالْألف وَإِلَّا كتبت بالنُّون فرقا بَينهَا وَبَين إِذا الشّرطِيَّة والفجائية وَقد تلخص أَن فِي كِتَابَة إِذا ثَلَاثَة مَذَاهِب بِالْألف مُطلقًا وَالنُّون مُطلقًا وَالتَّفْصِيل

(1/329)


ص وتكتب الْألف بعد وَاو الْجَمَاعَة ك قَالُوا دون الأصيلية ك زيد يَدْعُو وترسم الْألف يَاء إِن تجاوزت الثَّلَاثَة كاستدعي والمصطفى أَو كَانَ أَصْلهَا الْيَاء كرمى والفتى وألفا فِي غَيره كقفا والعصا وينكشف أَمر ألف الْفِعْل بِالتَّاءِ كرميت وعفوت وَالِاسْم بالتثنية كعصوين وفتيين ش لما ذكرت هَذِه الْمَسْأَلَة من مسَائِل الْكِتَابَة استطردت بِذكر مَسْأَلَتَيْنِ مهمتين من مسائلها إِحْدَاهمَا أَنهم فرقوا بَين الْوَاو فِي قَوْلك زيد يَدْعُو وَبَينهَا فِي قَوْلك الْقَوْم لم يدعوا فزادوا ألفا بعد وَاو الْجَمَاعَة وجرد والأصلية من الْألف قصدا للتفرقة بَينهَا الثَّانِيَة أَن من الألفات المتطرفة مَا يصور ألفا وَمِنْهَا مَا يصور يَاء وَضَابِط ذَلِك أَن الْألف إِذا تجاوزت ثَلَاث أحرف أَو كَانَت منقلبة عَن يَاء صورت يَاء مِثَال ذَلِك فِي النَّوْع الأول استدعى والمصطفى وَفِي النَّوْع الثَّانِي رهى وَهدى والفتى وَالْهدى وَإِن كَانَت ثَالِثَة منقلبة عَن وَاو صورت ألفا وَذَلِكَ نَحْو دَعَا وَعَفا والعصا والقفا وَلما ذكرت ذَلِك احتجت إِلَى ذكر قانون يتَمَيَّز بِهِ ذَوَات الْوَاو من ذَوَات الْيَاء فَذكرت أَنه إِذا أشكل أَمر الْفِعْل وصلته بتاء الْمُتَكَلّم أَو الْمُخَاطب فمهما ظهر فَهُوَ أَصله أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي رمى وَهدى رميت وهديت وَفِي دَعَا وَعَفا دَعَوْت وعفوت وَإِذا أشكل أَمر الِاسْم نظرت إِلَى تَثْنِيَة فمهما ظهر فِيهَا فَهُوَ أَصله أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي الْفَتى وَالْهَدْي الفتيان والهديان وَفِي الْعَصَا والقفا العصوان وَمَا أحسن قَول الشاطبي رَحمَه الله تَعَالَى وتثنية الْأَسْمَاء تكشفها وَإِن رددت إِلَيْك الْفِعْل صادفت منبلا

(1/330)


قَالَ الْحَرِير رَحمَه الله تَعَالَى إِذا الْفِعْل يَوْمًا غم عَنْك هجاؤه فَالْحق بِهِ تَاء الْخطاب وَلَا تقف فَإِن تره بِالْيَاءِ يَوْمًا كتبته بياء وَإِلَّا فَهُوَ يكْتب بِالْألف
همزَة الْوَصْل
ص فصل همزَة اسْم بِكَسْر وَضم وأست وَابْن وابنم وَابْنَة وامرئ وَامْرَأَة وتثنيتهن واثنين واثنتين والغلام وايمن الله فِي الْقسم بفتحهما أَو بِكَسْر فِي أَيمن همزَة وصل أَي تثبت ابْتِدَاء وتحذف وصلا وَكَذَا همزَة الْمَاضِي المتجاوز أَرْبَعَة أحرف كاستخرج وَأمره ومصدره وَأمره ومصدره وَأمر الثلاثي كاقتل واغز واغزي بضمهن وَاضْرِبْ وامشوا واذهب بِكَسْر كالبواقي ش هَذَا الْفَصْل فِي ذكر همزات الْوَصْل وَهِي الَّتِي تثبت فِي الِابْتِدَاء وتحذف فِي الْوَصْل وَالْكَلَام فيهمَا فِي فصلين الأول فِي ضبط مواقعها فَنَقُول قد اسْتَقر أَن الْكَلِمَة إِمَّا اسْم أَو فعل أَو حرف فَأَما الِاسْم فَلَا تكون همزته همزَة وصل إِلَّا فِي نَوْعَيْنِ أَحدهمَا أَسمَاء غير مصَادر وَهِي عشرَة مَحْفُوظَة أسم وأست وَابْن وَابْنَة وابنم وامرؤ وأمرأة وَاثْنَانِ وَاثْنَتَانِ وإبنان وابنمان وامرآن وَامْرَأَتَانِ قَالَ الله تَعَالَى فَرجل وَامْرَأَتَانِ بِخِلَاف الْجمع فَإِن همزته همزات قطع قَالَ الله تَعَالَى أَن هِيَ إِلَّا أَسمَاء سميتموها فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم النَّوْع الثَّانِي أَسمَاء هِيَ مصَادر وَهِي مصَادر الْأَفْعَال الخماسية كالانطلاق والاقتداء والسداسية كالاستخراج

(1/331)


وَأما الْفِعْل فَإِن كَانَ مضارعا فهمزاته همزات قطع نَحْو أعوذ بِاللَّه أسْتَغْفر الله وَأحمد الله وَإِن كَانَ مَاضِيا فَإِن كَانَ ثلاثيا أَو رباعيا فهمزاته همزاته قطع فالثلاثي نَحْو أَخذ وَأكل والرباعي نَحْو أخرج وَأعْطى وَإِن كَانَ خماسيا أَو سداسيا فهمزاته همزات وصل نَحْو انْطلق واستخرج وَأما الْأَمر فَإِن كَانَ من الرباعي فهمزاته همزات قطع كَقَوْلِك يَا زيد أكْرم عمرا وو يَا فلَان أجب فلَانا وَأما الْحَرْف فَلم تدخل عَلَيْهِ همزَة وصل إِلَّا عى اللَّام نَحْو قَوْلك الْغُلَام وَالْفرس وَعَن الْخَلِيل أَنَّهَا همزَة قطع عوملت فِي الدرج مُعَاملَة الْوَصْل تَخْفِيفًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَمَا حذفت الْهمزَة من خير شَرّ فِي الْحَالَتَيْنِ للتَّخْفِيف وَبَقِيَّة الْحُرُوف همزاتها همزات قطع نَحْو أم وأو وَأَن الْفَصْل الثَّانِي فِي حَرَكَة همزَة الْوَصْل اعْلَم أَن مِنْهَا مَا يُحَرك بِالْكَسْرِ فِي الْأَكْثَر وبالضم فِي لُغَة ضَعِيفَة وَهُوَ اسْم وَقد أَشرت إِلَى ذَلِك بِقَوْلِي همزَة اسْم بِكَسْر أَو ضم وَمِنْهَا مَا يُحَرك بِالْفَتْح خَاصَّة وَهِي همزَة لَام التَّعْرِيف وَمِنْهَا مَا يُحَرك بِالْفَتْح فِي الْأَفْصَح وبالكسر فِي لُغَة ضَعِيفَة وَهُوَ ايمن الْمُسْتَعْمل فِي الْقسم فِي قَوْلهم ايمن الله لَأَفْعَلَنَّ وَهُوَ اسْم مُفْرد مُشْتَقّ من الْيمن وَهُوَ الْبركَة لَا جمع يَمِين خلافًا للفراء وَقد اشرت إِلَى هَذَا الْقسم وَالَّذِي قبله بِقَوْلِي بفتحهما أَو بِكَسْر همزَة ايمن وَمِنْهَا مَا يُحَرك بِالضَّمِّ فَقَط وَهُوَ أَمر الثلاثي إِذا انْضَمَّ ثالثه ضما متأصلا نَحْو اقْتُل واكتب وادخل وَدخل تَحت قَوْلنَا متأصلا نَحْو قَوْلك للْمَرْأَة اغزي يَا هِنْد لِأَن أَصله اغزوي

(1/332)


بِضَم الزَّاي وَكسر الْوَاو فأسكنت الْوَاو للاستثقال ثمَّ حذفت ثمَّ كسرت الزَّاي لتناسب الْيَاء وَقد أَشرت إِلَى هَذَا بالتمثيل باغزي ومثلت قبلهَا باعز لأنبه على أَن الأَصْل أغزوي بِالضَّمِّ بِدَلِيل وجوده إِذا لم تُوجد يَاء المخاطبة وَخرج عَنهُ نَحْو قَوْلك أمشوا فَإِنَّهُ يبتدأ بِالْكَسْرِ لِأَن أَصله أمشيوا بِكَسْر الشين وَضم الْيَاء فسكنت الْيَاء للاستثقال ثمَّ حذفت لالتقاء الساكنين ثمَّ ضمت الشين لتجانس الْوَاو ولتسلم من الْقلب يَاء وَلِهَذَا مثلت بِهِ فِي الأَصْل لما يكسر مَعَ التَّمْثِيل باضرب لتنبيه على أَنَّهُمَا من بَاب وَاحِد وَإِنَّمَا مثلت باذهب دفعا لتوهم من يتَوَهَّم أَنهم إِذا ضمُّوا فِي مثل اكْتُبْ وكسروا فِي مثل أضْرب فَيَنْبَغِي أَن يفتحوا فِي مثل أذهب ليكونوا قد راعوا بحركة الْهمزَة مجانسة حَرَكَة الثَّالِث وَإِنَّمَا لم يَفْعَلُوا ذَلِك لِئَلَّا يلتبس بالمضارع المبدوء بِالْهَمْزَةِ فِي حَال الْوَقْف وَمِنْهَا مَا يكسر لَا غير وَهُوَ الْبَاقِي وَذَلِكَ أصل الْبَاب وَهَذَا آخر مَا أردنَا إملاءه على هَذِه الْمُقدمَة وَقد جَاءَ بِحَمْد الله مهذب المباني مشيد الْمعَانِي مُحكم الْأَحْكَام مُسْتَوفى الْأَنْوَاع والأقسام تقر بِهِ عين الْوَدُود وتكمد بِهِ نفس الْجَاهِل الحسود إِن يحسدوني فَإِنِّي غير لأئمهم قبلي من النَّاس أهل الْفضل قد حسدوا فدام لي وَلَهُم مَا بِي وَمَا بهم وَمَات أكثرنا غيظا بِمَا يجد أَنا الَّذِي يجدوني فِي صُدُورهمْ لَا أرتقي صَدرا مِنْهَا وَلَا أرد

(1/333)


وَإِلَى الله الْعَظِيم أَرغب أَن يَجْعَل ذَلِك لوجهه الْكَرِيم مصروفا وعَلى النَّفْع بِهِ مَوْقُوفا وَأَن يكفينا شَرّ الحساد وَلَا يفصحنا يَوْم التناد بمنه وَكَرمه إِنَّه الْكَرِيم التواب والرؤوف الرَّحِيم الْوَهَّاب قَالَ أَبُو رَجَاء مُحَمَّد يحيى الدّين بن الشَّيْخ عبد الحميد بن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم رَحِمهم الله تَعَالَى وَرَضي عَنْهُم وجعلهم عِنْده مَعَ النَّبِيين وَالصَّالِحِينَ وَالشُّهَدَاء قد تمّ بِحَمْد الله تَعَالَى وَحسن توفيقه مُرَاجعَة هَذَا الْكتاب وَالْكِتَابَة عَلَيْهِ وَحسن تنسيقه فِي ضحوة يَوْم الْخَمِيس السَّادِس من شهر شعْبَان الْمُعظم من عَام من الْهِجْرَة الْمُوَافق أكتوبر سنة الميلادية وَأَنا أسأَل الله تَعَالَى أَن ينفع بِهِ كَمَا نفع بِأَصْلِهِ وَأَن يَجعله مَقْصُودا بِهِ وَجهه الْكَرِيم ليَكُون لي حجَّة يَوْم الدّين آمين

(1/334)