شرح قطر الندى وبل الصدى

الْعلَّة الثَّانِيَة التَّرْكِيب
وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ تركيب الاضافة كإمرئ الْقَيْس لَان

(1/312)


الاضافة تَقْتَضِي الانجرار بالكسرة فَلَا تكون مقتضية للجر بالفتحة وَلَا تركيب الاسناد كشاب قرناها وتأبط شرا فَإِنَّهُ من بَاب المحكى وَلَا التَّرْكِيب المزجي الْمَخْتُوم بويه مثل سِيبَوَيْهٍ وعمرويه لانه من بَاب الْمَبْنِيّ وَالصرْف وَعَدَمه إِنَّمَا يقالان فِي المعرب وَإِنَّمَا المُرَاد التَّرْكِيب المزجي الَّذِي لم يخْتم بويه كبعلبك وحضرموت ومعد يكرب
الْعلَّة الثَّالِثَة العجمة
وَهِي أَن تكون الْكَلِمَة على الأوضاع الأعجمية كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَجَمِيع أَسمَاء الْأَنْبِيَاء أَعْجَمِيَّة إِلَّا أَرْبَعَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَالح وَشُعَيْب وَهود صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَيشْتَرط لاعْتِبَار العجمة أَمْرَانِ أَحدهمَا أَن تكون الْكَلِمَة علما فِي لُغَة الْعَجم كَمَا مثلنَا فَلَو كَانَت عِنْدهم اسْم جنس ثمَّ جعلناها علما وَجب صرفهَا وَذَلِكَ بِأَن تسمي رجلا بلجام أَو ديباج الثَّانِي أَن تكون زَائِدَة على ثَلَاثَة أحرف فَلهَذَا انْصَرف نوح وَلُوط قَالَ الله تَعَالَى إِلَّا آل لوط نجيناهم وَقَالَ الله تَعَالَى إِنَّا أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه وَمن زعم من النَّحْوِيين أَن هَذَا النَّوْع يجوز فِيهِ الصّرْف وَعَدَمه فَلَيْسَ بمصيب
الْعلَّة الرَّابِعَة التَّعْرِيف
وَالْمرَاد بِهِ تَعْرِيف العلمية لِأَن الْمُضْمرَات والاشارات والموصولات لَا سَبِيل لدُخُول تَعْرِيفهَا فِي هَذَا الْبَاب لِأَنَّهَا مبنيات كلهَا وَهَذَا بَاب إِعْرَاب وَأما ذُو الاداة والمضاف فَإِن الِاسْم إِذا كَانَ غير منصرف ثمَّ دَخلته الاداة أَو أضيف انجر بالكسرة فاستحال اقتضاؤهما الْجَرّ بالفتحة وَحِينَئِذٍ فَلم يبْق إِلَّا تَعْرِيف العلمية

(1/313)


الْعلَّة الْخَامِسَة الْعدْل
وَهُوَ تَحْويل الِاسْم من حَالَة إِلَى حَالَة أُخْرَى مَعَ بَقَاء الْمَعْنى الْأَصْلِيّ وَهُوَ على ضَرْبَيْنِ وَاقع فِي المعارف وواقع فِي الصِّفَات فالواقع فِي المعارف يَأْتِي على وزنين أَحدهمَا فعل وَذَلِكَ فِي الْمُذكر وعدله عَن فَاعل كعمر وَزفر وزحل وَجمع وَالثَّانِي فعال وَذَلِكَ فِي الْمُؤَنَّث وعدله عَن فَاعله نَحْو حذام وقطام ورقاش وَذَلِكَ فِي لُغَة تَمِيم خَاصَّة فَأَما الحجازيون فينبونه على الْكسر قَالَ الشَّاعِر اتاركة تدللها قطام رَضِينَا بالتحية وَالسَّلَام

(1/314)


وَقَالَ الآخر إِذا قَالَت حذام فصدقوها فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام فَإِن كَانَ آخِره رَاء كسفار اسْم لماء وحضار لكوكب ووبار لقبيلة فأكثرهم يُوَافق الْحِجَازِيِّينَ على بنائِهِ على الْكسر وَمِنْهُم من لَا يوافقهم بل يلْتَزم الْإِعْرَاب وَمنع الصّرْف وَمِمَّا اخْتلف فِيهِ التَّمِيمِيُّونَ أَيْضا أمس الَّذِي أُرِيد بِهِ الْيَوْم الَّذِي قبل يَوْمك فأكثرهم يمنعهُ من الصّرْف إِن كَانَ فِي مَوضِع رفع على أَنه معدول عَن الأمس فَيَقُول مضى أمس بِمَا فِيهِ ويبنيه على الْكسر فِي النصب والجر على أَنه مُتَضَمّن معنى الْألف وَاللَّام فَيَقُول اعْتكف أمس وَمَا رَأَيْته مذ أمس وَبَعْضهمْ يعربه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف مُطلقًا وَقد ذكرت ذَلِك فِي صدر هَذَا الشَّرْح وَأما سحر فَجَمِيع الْعَرَب تَمنعهُ من الصّرْف بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون ظرفا وَالثَّانِي أَن يكون من يَوْم معِين كَقَوْلِك جئْتُك يَوْم الْجُمُعَة سحر لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ معدول عَن السحر كَمَا قدر التَّمِيمِيُّونَ أمس معدولا عَن الأمس فَإِن كَانَ سحر غير يَوْم معِين انْصَرف كَقَوْلِه تَعَالَى نجيناهم بِسحر

(1/315)


وَالْوَاقِع فِي الصِّفَات ضَرْبَان وَاقع فِي الْعدَد وواقع فِي غَيره فالواقع فِي الْعدَد يَأْتِي على صيغتين فعال ومفعل وَذَلِكَ فِي الْوَاحِد وَالْأَرْبَعَة وَمَا بَينهمَا تَقول أحاد وموحد وثناء ومثنى وَثَلَاث ومثلث وَربَاع ومربع قَالَ النجاري رَحمَه الله تَعَالَى لَا تتجاوز الْعَرَب الْأَرْبَعَة فَهَذِهِ الْأَلْفَاظ الثَّمَانِية معدولة عَن أَلْفَاظ الْعدَد الْأَرْبَعَة مكررة لِأَن أحاد مَعْنَاهُ وَاحِد وَاحِد وثناء مَعْنَاهُ اثْنَان اثْنَان وَكَذَا الْبَاقِي قَالَ الله تَعَالَى أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع فمثنى وَمَا بعده صفة لأجنحة وَالْمعْنَى وَالله أعلم أولي أَجْنِحَة اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة أَرْبَعَة وَأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى فمثنى الثَّانِي للتَّأْكِيد لَا لإِفَادَة التّكْرَار لِأَن ذالك حَاصِل بِالْأولِ وَالْوَاقِع فِي غير الْعدَد أخر وَذَلِكَ نَحْو قَوْلك مَرَرْت بنسوة أخر لِأَنَّهَا جمع الْأُخْرَى وَأُخْرَى أُنْثَى آخر الا ترى انك تَقول جَاءَنِي رجل آخل وَامْرَأَة أُخْرَى وَالْقَاعِدَة أَن كل فعلى مُؤَنّثَة أفعل لَا تسْتَعْمل هِيَ وَلَا جمعهَا إِلَّا بِالْألف وَاللَّام أَو بِالْإِضَافَة كالكبرى وَالصُّغْرَى وَالْكبر والصغر قَالَ الله تَعَالَى إِنَّهَا لإحدى الْكبر وَلَا يجوز أَن تَقول صغرى وَلَا كبرى وَلَا كبر وَلَا صغر وَلِهَذَا لحنوا العروضيين فِي قَوْلهم فاصلة كبرى وفاصلة صغرى ولحنوا أَبَا نواس فِي قَوْله كَأَن صغرى وكبرى من فقاقعها حَصْبَاء در على أَرض من الذَّهَب

(1/316)


فَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال الْأُخَر وَلَكنهُمْ عدلوا عَن ذَلِك الِاسْتِعْمَال فَقَالُوا أخر كَمَا عدل التَّمِيمِيُّونَ الأمس عَن الأمس وكما عدل جَمِيع الْعَرَب سحر عَن السحر قَالَ الله تَعَالَى فَعدَّة من أَيَّام أخر
الْعلَّة السَّادِسَة الْوَصْف
كأحمر وَأفضل وسكران وغضبان وَيشْتَرط لاعتباره أَمْرَانِ أَحدهمَا الْأَصَالَة فَلَو كَانَت الْكَلِمَة فِي الأَصْل اسْما ثمَّ طرأت لَهَا

(1/317)


الوصفية لم يعْتد بهَا وَذَلِكَ كَمَا إِذا أخرجت صفوانا وأرنبا عَن مَعْنَاهُمَا الْأَصْلِيّ وَهُوَ الْحجر الأملس وَالْحَيَوَان الْمَعْرُوف واستعملتها بِمَعْنى قَاس وذليل فَقلت هَذَا قلب صَفْوَان وَهَذَا رجل أرنب فَإنَّك تصرفهما لعروض الوصفية فيهمَا الثَّانِي أَن لَا تقبل الْكَلِمَة تَاء التَّأْنِيث فَلهَذَا تَقول مَرَرْت بِرَجُل عُرْيَان وَرجل أرمل بِالصرْفِ لقَولهم فِي المؤنثة عُرْيَانَة وأرملة بِخِلَاف سَكرَان وأحمر فإ مؤنثهما سكرى وحمراء بِغَيْر التَّاء
الْعلَّة السَّابِعَة
الْجمع وَشَرطه أَن يكون على صِيغَة لَا يكون عَلَيْهَا الْآحَاد وَهُوَ نَوْعَانِ مفاعل كمساجد ودراهم ومفاعيل كمصابيح وطواويس