شرحان على مراح الأرواح في علم الصرف [شرح ديكنقوز]
فصل: في اسم المفعول:
سمي العلم المفعول مع أن اسم المفعول في الحقيقة هو المصدر؛ لأن المراد
المفعول به يقال: فعلت به الضرب؛ أي أوقعته عليه، لكنه حذف حرف الجر
فصار الضمير مرفوعا فاستتر؛ لأن الجار والمجرور كان مفعول ما لم يسم
فاعله "وهو اسم" جنس شامل لغير المقصود "مشتق" فصل يخرج الأسماء الغير
المشتقة "من يفعل"؛ أي من المضارع مبنيا للمفعول يخرج اسم الفاعل
والصفة المشبهة وأفعل التفضيل والفاعل وأسماء الزمان والمكان والآلة،
وإنما اشتق من المضارع دون غيره تبعا لاسم الفاعل لمؤاخاة بينهما
وقوله: "لمن وقع عليه الفعل" أو جرى مجرى الواقع عليه نحو: أوجدت ضربا
فهو موجد وعلمت عدمت خروجك فهو معلوم يخرج أسماء التفضيل بمعنى
المفعول، نحو: أعذر وألوم؛ لأن اشتقاقه من يفعل مبنيا للمفعول، لكن ليس
باعتبار وقوع الفعل، بل باعتبار اتصافه بالزيادة على الغير وإن كان
واقعا عليه أو نقول هذا القيد لتحقق الماهية لا للاحتراز "وصيغته من
الثلاثي" المجرد "على وزن مفعول" غالبا، وإنما ترك هذا القيد اعتمادا
على ما سبق من أن فعيلا وفعولا يجيء بمعنى مفعول، وإنما سمي به؛ لأنه
اسم ما فعل به على قياس ما ذكرنا في اسم الفاعل "نحو مضروب وهو مشتق من
يضرب" مبنيا للمفعول "لمناسبة بينهما" في الإسناد إلى مفعول ما لم يسم
فاعله "وأدخل الميم مقام" الحرف "الزائد" للمضارعة بعد حذفه وحركة
بحركة لكونه قائما مقامه "لتعذر" إدخال "حرف العلة" لما ذكرنا في اسم
الفاعل من غير الثلاثي، وقرب الميم من الواو في المخرج الشفوي "فصار
مضرب" بضم الميم وفتح الراء "ثم فتح حتى يلتبس بمفعول باب الأفعال" ولم
يكسر لئلا يلتبس باسم الآلة "فصار مضرب" بفتح الميم والراء "ثم ضم
الراء حتى لا يلتبس بالموضع" من يفعل ويفعل بفتح العين وضمها على تقدير
فتح الراء وبالموضع من يفعل بكسر العين على تقدير كسرها "فصار مضرب ثم
أشبع الضم لانعدام مفعل في كلامهم بغير التاء" وأما مفعلة بالتاء نحو
مكرمة فكثير في كلامهم فتولد منها الواو "فصار مضروب وغير مفعول
الثلاثي دون مفعول سائر الأفعال"
__________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
ومستخرجه "لأنه" أى ما قبل تاء التأنيث "صار بمنزلة وسط الكلمة" فكما
لا يعرب وسط الكلمة كذلك ما هو بمنزلته "كما في نون التأكيد"؛ أي كما
يبني ما قبل نون التأكيد "وياء النسبة" لصيرورته بمنزلة الوسط "وعلى
الفتح للخفة" ولكون البناء عارضا والله أعلم "فصل: في اسم المفعول. وهو
اسم مشتق من يفعل"؛ أي المضارع المجهول "لمن وقع عليه الفعل" قوله:
مشتق يشمل جميع الأسماء المشتقات، قوله: من يفعل يخرج اسم الفاعل؛ لأنه
مشتق من المضارع المعلوم، وقوله: لمن وقع عليه الفعل يخرج اسم المكان
والزمان والآلة، ولو لم يخرج الفاعل بالقيد الأول يخرج به، لكنه أسند
خروجه إليه لتقدمه وليستقل كل قيد بإخراج شيء لا يقال لو قال من
المضارع المجهول بدل من يفعل لكان أشتمل؛ لأنا نقول لم يرد بهذا القيد
تخصيص اشتقاق اسم المفعول بالثلاثي، بل أراد بيان اشتقاقه من المجهول
فاتفق هذا اللفظ لخفته وأصالته تدبر "وصيغته من الثلاثي" المجرد "على
وزن مفعول" غالبا قيل به سمي لكثرة الثلاثي "نحو مضروب" ومحبوب، وقد
يجيء على وزن فعيل كعظيم، وعلى وزن فعول كشكور "وهو"؛ أي مضروب "مشتق
من يضرب" بصيغة المجهول لا من يضرب بصيغة المعلوم "لمناسبة بينهما"؛ أي
بين المجهول والمفعول في الحركات والسكنات وعدد الحروف؛ لأن أصل مضروب
مضرب بضم الميم وفتح الراء ثم غير للالتباس المذكور، وقيل من حيث إنهما
يسندان إلي مفعول ما لم يسم فاعله قوله: "فأدخل الميم" شروع في كيفية
اشتقاقه من المضارع المجهول؛ أي زيدت الميم لاسم المفعول "مقام" الحرف
"الزائد" بعد حذفه مع أن أولى الحروف بالزيادة حروف العلة "لتعذر"
زيادة "حرف العلة" كما ذكرنا في اسم الفاعل من غير الثلاثي "فصار مضرب"
بضم الميم وفتح الراء "ثم فتح الميم حتى لا يلتبس" مفعول الثلاثي
المجرد "بمفعول باب الأفعال" نحو: مكرم وقيل حتى لا يتوالى ضمتان
بعدهما واو "فصار مضرب" بفتح الميم والراء "ثم ضم الراء حتى لا يلتبس
المفعول بالموضع" من الثلاثي المفتوح العين نحو: منصر ولو كسر التبس
بالموضع من الثلاثي المكسور العين نحو: مضرب، ولو أسكن التقى ساكنان
فتعين الضم "فصار مضرب" بضم الراء "ثم أشبع الضمة"؛ أي ضمة الراء"
لانعدام مفعل" بضم العين "في كلامهم بغير التاء" كذا قال الفراء، وإنما
قلنا كذلك احترازا عن مثل: مكرمة بفتح الميم وضم الراء واحدة المكارم
وكذا المسرقة والمقبرة "فصار" اسم المفعول "مضروب" ولما توجه أن يقال
لم خص التغير باسم المفعول من الثلاثي لدفع الالتباس دون مفعول باب
الأفعال والموضع مع أن القياس يدفع بتغيرهما أيضا أجاب بقوله: "وغير
مفعول الثلاثي" المجرد "دون مفعول سائر الأفعال" ولو قال دون مفعول باب
الأفعال لكان أوفق لقوله، ثم فتح الميم حتى لا يلتبس بمفعول باب
الأفعال
(1/74)
[شرح ديكنقوز]
أي باقي الأفعال في الألتباس على تقدير ضم الميم؛ أعني مفعول باب
الأعال فتدبر "و" دون "الموضع"؛ أي لم يغير الموضع؛ إذ يلتبس به على
تقدير فتح الراء وكسره مع أن بتغيير أحدهما يزول الالتباس "حتى يصير"
مفعول الثلاثي "مشابها في التغيير باسم الفاعل" من الثلاثي "أعني غير
الفاعل" من الثلاثي "من يفعل" بفتح العين "ومن يفعل" بضمها "إلى فاعل
والقياس فاعل" بفتح العين من يفعل بفتح العين "وفاعل" بضم العين من
مضموم العين يعني أن اسم الفاعل في الثلاثي، وإن كان مثل يفعل في مطلق
الحركات والسكنات، لكنه ليس الزيادة في موضع الزيادة ولا الحركات في
أكثرها كحركاته، نحو: ينصر فهو ناصر ويحمد فهو حامد ففيه تغيير، وأما
اسم الفاعل من باب الأفعال فهو كمضارعه في كون الزيادة في موضع الزيادة
وفي حركة العين فلا تغيير فيه " فغير المفعول"من الثلاثي "أيضا"
كالفاعل "لمؤاخاة بينهما"؛ أي بين الفاعل والمفعول في تعلق الفعل بهما
إما من جهة الصدور كما في الفاعل، وإما من جهة الوقوع كما في المفعول
فيكون بين اسميهما أيضا فغير أحدهما كما غير الآخر على ما هو مقتضى
المؤاخاة "وصيغته"؛ أي صيغة اسم المفعول "من غير الثلاثي المجرد" مطلقا
"على صيغة" اسم "الفاعل" منه ملتبسا؛ لأنه "بفتح ماقبل الآخر" لفظا أو
تقديرا تبعا لفعله "نحو مستخرج" بفتح العين ومختار أصله مختير بفتح
العين والمصدر الميمي واسم الزمان والمكان من غير الثلاثي على صيغة اسم
المفعول منه لمشابهة الزمان والمكان بالمفعول في كونهما محلا للفعل،
فجعل اسمهما كاسمه واتحاد المصدر الميمي باسمهما في بعض الثلاثي، فجعل
صيغته كصيغتهما.
__________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"و" دون "الموضع" وإن زال الالتباس بتغييرهما أيضا "حتى يصير" اسم
المفعول من الثلاثي المجرد "مشابها في التغيير باسم الفاعل منه أيضا"
وتحقيق هذا الكلام هو أن القياس في اسم المفعول من الثلاثي المجرد أن
يكون على وزن مضارعه، كما في اسم الفاعل، ويقال: من يضرب مضرب بضم
الميم وفتح الراء، لكنهم لما أداهم حذف الهمزة في باب الأفعال إلى كون
مفعوله مفعل بضم الميم وفتح العين يلزم الالتباس فقصدوا تغيير أحدهما
لدفعهما، فغيروا مفعول الثلاثي لما ثبت التغيير في أخيه، وهو اسم
الفاعل من الثلاثي أيضا دون مفعول باب الأفعال لعدم التغيير في أختيه
وهو اسم الفاعل من هذا الباب أيضا، والتغيير في اسم الفاعل من الثلاثي
من وجهين؛ أحدهما أنه وإن كان كمضارعه في مطلق الحركات والسكنات، لكنه
ليس الزيادة فيه في موضع الزيادة في المضارع، وهو ظاهر بخلاف فاعل باب
الأفعال، والثاني أن الحركات في أكثره ليس كحركة مضارعه كما في مضموم
العين، نحو: ينصر وناصر، وكما في المفتوح العين نحو: يعلم وعالم بخلاف
الفاعل من باب الأفعال؛ إذ مكرم بوزن يكرم من غير فرق غير أن الميم
أقيم مقام الياء، وهذا الوجه الثاني هو معنى قوله: "يعني غير الفاعل من
يفعل" بفتح العين "ويفعل" بضم العين "إلى" وزن "فاعل" بالكسر؛ يعني كسر
العين في اسم الفاعل الثلاثي سواء كان مفتوحا في الأصل أو مضموما
"لقياس" من مفتوح العين "فاعل" بفتح العين "و" من مضموم العين "فاعل"
بضم العين "فغير المفعول" من الثلاثي المجرد دون مفعول أفعل "أيضا"؛ أي
كالفاعل من الثلاثي "لمؤاخاة بينهما"؛ أي بين الفاعل والمفعول من
الثلاثي في أنهما مشتقان من المضارع الثلاثي، وفي كونهما طرفي الفعل
طرف الصدور وطرف الوقوع، هذا ما قال في شرح المفصل، وإنما غير مفعل إلى
لفظ مفعول؛ لأنه لو بقي على مفعل بضم الميم وفتح العين لم يعلم أهو اسم
مفعول لأفعل أو لفعل، فغيروا مفعول فعل ليتبين، وكان أولى بالتغير بهذه
الزيادة لقلة حروفه في التقدير بخلاف الرباعي؛ فإنه أكثر منه تقديرا؛
إذ أصل قولك: مكرم مؤكرم باتفاق، ولما زادوا واوا فتحوا الميم تخفيفا
إلى هنا عبارته، ولما فرغ من بيان كيفية بناء اسم المفعول من الثلاثي
المجرد شرع في كيفية بنائه من غير الثلاثي فقال: "وصيغته من غير
الثلاثي" المجرد لا يجيء "على صيغة" اسم "الفاعل" من غير الثلاثي أيضا
فلا يفرق بينهما "إلا فتح ما قبل الآخر" إما لفظا أو تقديرا ليتناول
مثل: مختار ومجاب "نحو مستخرج" بفتح الراء وقس عليه ما عداه، ونحوه
مضعوف من أضعفت الشيء؛ أي جعلته مضاعفا شاذ والقياس مضعف.
"فصل: في اسمي الزمان والمكان:
(1/75)
|