موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه الْحَمد لله الملهم لحمده وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد رَسُوله وَعَبده وعَلى آله وَصَحبه وجنده وَبعد فَيَقُول العَبْد الْفَقِير إِلَى مَوْلَاهُ الْغَنِيّ خَالِد بن عبد الله الْأَزْهَرِي هَذَا شرح لطيف على قَوَاعِد الْإِعْرَاب سألنيه بعض الْأَصْحَاب يحل المباني وَيبين الْمعَانِي سميته موصل الطلاب إِلَى قَوَاعِد الْإِعْرَاب نَافِع إِن شَاءَ الله تَعَالَى
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْبَاء مُتَعَلقَة بِفعل مَحْذُوف تَقْدِيره افْتتح يقدر مُؤَخرا لإِفَادَة الْحصْر عِنْد البيانيين والإهتمام عِنْد النَّحْوِيين أما بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْمِيم حرف فِيهِ معنى الشَّرْط بِدَلِيل دُخُول الْفَاء فِي جوابها بعد بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة الزمانية وَاخْتلفَا فِي ناصبه فَقيل فعل مَحْذُوف وَهُوَ الَّذِي نابت عَنهُ أما وَقيل لنيابتها عَن الْمَحْذُوف

(1/23)


وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَالْأَصْل عِنْده مهما يكن من شَيْء بعد حمد الله بَدَأَ بِالْحَمْد تأدية لحق شَيْء مِمَّا وَجب عَلَيْهِ وَالْجَلالَة اسْم للذات المستجمع لسَائِر الصِّفَات حق حَمده أَي وَاجِب حَمده الَّذِي يتَعَيَّن لَهُ ويستحقه كَمَال ذَاته وَقدم صِفَاته وتقدس اسمائه وَعُمُوم آلائه وانتصابه على المفعولية الْمُطلقَة وَالصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْجَرِّ عطفا على حمد الله على سيدنَا مُتَعَلق بِالسَّلَامِ على اخْتِيَار الْبَصرِيين ومعلق الصَّلَاة مَحْذُوف تَقْدِيره عَلَيْهِ وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق الْمَذْكُور بِالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ كَانَ يجب ذكر الْمُتَعَلّق بِالسَّلَامِ على الْأَصَح وَفِي نُسْخَة وَعَبده وَهُوَ مَعْطُوف على سيدنَا وَفِيه من أَنْوَاع البديع الْمُطَابقَة وَمُحَمّد بَدَلا من سيدنَا لِأَن نعت الْمعرفَة إِذا تقدم عَلَيْهَا أعرب بِحَسب العوامل وأعربت الْمعرفَة بَدَلا

(1/24)


فَصَارَ الْمَتْبُوع تَابعا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد الله} فِي قِرَاءَة الْجَرّ نَص على ذَلِك ابْن مَالك وعَلى آله هم كَمَا قَالَ الشَّافِعِي أَقَاربه الْمُؤمنِينَ من بني هَاشم وَبني الْمطلب ابْني عبد منَاف من بعده أَي من بعد مُحَمَّد وَأَشَارَ بذلك إِلَى أَن الصَّلَاة على الْآل مرتبَة وتابعة للصَّلَاة على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذِهِ فَوَائِد جملَة مقرونة بِالْفَاءِ على أَنَّهَا جَوَاب الشَّرْط وَأَشَارَ بِهَذِهِ إِلَى أَشْيَاء مستحضرة فِي ذهنه والفوائد جمع فَائِدَة وَهُوَ مَا يكون الشَّيْء بِهِ أحسن حَالا مِنْهُ بِغَيْرِهِ جليلة أَي عَظِيمَة فِي قَوَاعِد جمع قَاعِدَة وَهِي قَضِيَّة كُلية يتعرف مِنْهَا أَحْكَام جزئياتها الْإِعْرَاب الاصطلاحي تقتفي من القفو وَهُوَ الِاتِّبَاع تَقول قَفَوْت فلَانا إِذا تبِعت أَثَره وَضَمنَهُ معنى تسلك بمتأملها أَي بالناظر فِيهَا جادة بِالْجِيم أَي مُعظم طَرِيق الصَّوَاب وَهُوَ ضد الْخَطَأ وتطلعه أَي توقفه فِي الأمد أَي فِي الزَّمن الْقصير خلاف الطَّوِيل وَلَو قَالَ الْقَلِيل بدل الْقصير كَانَ أنسب لكثير فِي قَوْله

(1/25)


على نكت كثير بِالْإِضَافَة والنكت بِالْمُثَنَّاةِ جمع نُكْتَة وَهِي الدقيقة من الْأَبْوَاب جمع بَاب وَتجمع أَيْضا على أبوبة للإزدواج كَقَوْل ابْن مقبل
(هتاك أخبية ولاج أبوبة ... يخالط الْبر مِنْهُ الْجد واللينا)
عملتها بِكَسْر الْمِيم عمل بِفَتْحِهَا من طب لمن حب لُغَة فِي أحب وَالْأَصْل كعمل من طب لمن أحب وَالْمرَاد أَنِّي بالغت فِي النصح فَجعلت هَذِه الْفَوَائِد لطلبة الْعلم كَمَا يَجْعَل الطَّبِيب الحاذق الْأَدْوِيَة النافعة لمحبوبه وَالْغَرَض من هَذَا التَّشْبِيه بَيَان كَمَال الِاجْتِهَاد فِي تَحْصِيل الْموَاد وَإِلَّا فقد قَالَ الْأَطِبَّاء الْأَب لَا يطب وَلَده والمحب لَا يطب حبيبته والعاشق لَا يطب معشوقه وسميتها أَي الْفَوَائِد الجليلة بالإعراب لُغَة هُوَ الْبَيَان عَن قَوَاعِد الْإِعْرَاب اصْطِلَاحا وَهُوَ علم النَّحْو وَفِي هَذِه التَّسْمِيَة من البديع التَّجْنِيس التَّام اللَّفْظِيّ والخطي وَمن الله استمد أَي أطلب المدد قدم معموله عَلَيْهِ لإِفَادَة الْحصْر التَّوْفِيق خلق قدرَة الطَّاعَة فِي العَبْد وضده الخذلان وَالْهِدَايَة الْإِرْشَاد وَالدّلَالَة وضدها الغواية والضلالة إِلَى اقوم طَرِيق قدم الصّفة على الْمَوْصُوف وإضافتها إِلَيْهِ رِعَايَة للسجع وَالْأَصْل إِلَى طَرِيق أقوم أَي مُسْتَقِيم وَهُوَ كِنَايَة عَن

(1/26)


سرعَة الْوُصُول إِلَى المأمول لِأَن الْخط الْمُسْتَقيم أقل من المنحني بمنه أَي إنعامه وَيُطلق الْمَنّ على تعديد النعم الصادرة من الشَّخْص إِلَى غَيره كَقَوْلِه فعلت مَعَ فلَان كَذَا وَكَذَا وتعداد النعم من الله تَعَالَى مدح وَمن الْإِنْسَان ذمّ وَمن بلاغات الزَّمَخْشَرِيّ طعم الآلاء أحلى من الْمَنّ وَهُوَ أَمر من الآلاء عِنْد الْمَنّ أَرَادَ بالآلاء الأولى النعم وبالثانية الشّجر المر وَأَرَادَ بالمن الأول الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى {الْمَنّ والسلوى} وَبِالثَّانِي تعديد النعم وَكَرمه أَي جوده يُقَال على الله تَعَالَى كريم وَلَا يُقَال سخي إِمَّا لعدم الْوُرُود وَإِمَّا للإشعار بِجَوَاز الشُّح وينحصر تقْرَأ بالتحتانية على إِرَادَة المُصَنّف اَوْ الْكتاب وبالفوقانية على إِرَادَة الْفَوَائِد الجليلة أَو الْمُقدمَة فِي أَرْبَعَة أَبْوَاب من حصر الْكل فِي أَجْزَائِهِ وَهِي الْجُمْلَة وأحكامها وَالْجَار وَالْمَجْرُور وَتَفْسِير كَلِمَات وَالْإِشَارَة إِلَى عِبَارَات محررة وستمر بك هَذِه الْأَبْوَاب بَابا بَابا

(1/27)