همع الهوامع في شرح جمع الجوامع الْبَاب الأول: مَا جمع بِأَلف وتاء
ص الأول مَا جمع بِأَلف وتاء فينصب بالكسرة وَأَجَازَ الكوفية الْفَتْح
وَهِشَام فِي المعتل وَكَذَا أولات وَمَا سمي بِهِ كأذرعات وَقد يجرى
كأرطاة أَو يكسر وَلَا ينون ش الْبَاب الأول من أَبْوَاب النِّيَابَة
مَا جمع بِأَلف وتاء فَإِن نَصبه بالكسرة نِيَابَة عَن الفتحة حملا
لنصبه على جَرّه كَمَا حمل نصب أَصله جمع الْمُذكر السَّالِم على جَرّه
وَذكر الْجمع بِأَلف وتاء أحسن من التَّعْبِير بِجمع الْمُؤَنَّث
السَّالِم لِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْمُؤَنَّث كهندات والمذكر كإصطبلات
والسالم كَمَا ذكر والمغير نظم واحده كتمرات وغرفات وكسرات وَلَا
حَاجَة إِلَى التقيد بمزيدتين ليخرج نَحْو قُضَاة وأبيات لِأَن
الْمَقْصُود مَا دلّ على جمعيته بِالْألف وَالتَّاء والمذكوران لَيْسَ
كَذَلِك أما رفع هَذَا الْجمع وجره فبالضمة والكسرة على الأَصْل
وَأَجَازَ الكوفية نصب هَذَا الْجمع بالفتحة مُطلقًا وَأَجَازَهُ
هِشَام مِنْهُم فِي المعتل خَاصَّة كلغة وثبة وَحكي سَمِعت لغاتهم
وَألْحق بِهَذَا الْجمع فِي النصب بالكسرة أولات وَلَيْسَت بِجمع إِذْ
لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا بل من مَعْنَاهَا وَهِي ذَات كَمَا قَالَ
أَبُو عُبَيْدَة قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن كن أولات حمل} الطَّلَاق 6
(1/83)
وَمَا سمي بِهِ من هَذَا الْجمع فَصَارَ
علما مُفردا كأذرعات اسْم لبلد فأصله جمع أذرعة جمع ذِرَاع فالأشهر
بَقَاؤُهُ على حَاله الْكَائِن قبل التَّسْمِيَة من النصب بالكسرة
منونا وَيجوز ترك تنوينه مَعَ الكسرة وَإِعْرَابه إِعْرَاب مَا لَا
ينْصَرف فيجر وَينصب فالفتحة كواحد زيد فِي آخِره ألف وتاء كأرطاة
وعلقاه وسعلاه ويروى بالأوجه الثَّلَاثَة قَول امْرِئ الْقَيْس 15 -
(تَنَوَّرْتُها من أّذْرعَاتٍ وأهْلُها ... )
(1/84)
ص وَيجمع بهما ذُو التَّاء وَعلم مؤنث
مُطلقًا لَا قطام الْمَبْنِيّ قيل وَلَا غير عَاقل وَصفَة مُذَكّر لَا
يعقل ومصغره وَاسم جنس مؤنث بِالْألف لَا شَاة وشفة وَأمة وفعلى فعلان
أَو أفعل غير منقولين إِلَى الاسمية على الْأَصَح فِيهَا وَفِي غير
ذَات أفعل خلف وشذ فِي أم فَقيل أُمَّهَات فِي النَّاس وأمات فِي
غَيرهم وَعَكسه قَلِيل وَمَا سوى ذَلِك وَقيل يُقَاس مَا لم يكسر ش لما
ذكرت إِعْرَاب هَذَا الْجمع ذكرت كيفيته وَالَّذِي يجمع بِالْألف
وَالتَّاء خَمْسَة أَنْوَاع أَحدهَا مَا فِيهِ تَاء تَأْنِيث مُطلقًا
سَوَاء كَانَ علما لمؤنث كفاطمة أَو مُذَكّر كطلحة أَو اسْم جنس كتمرة
أَو صفة كنسابة أبدلت تاؤه فِي الْوَقْف هَاء أم لَا كَبِنْت وَأُخْت
وَيسْتَثْنى من ذَلِك شَاة وشفة وَأمة فَلَا تجمع بِالْألف وَالتَّاء
على الْأَصَح وَلَو سمي بهَا اسْتغْنَاء بتكسيرها على شِيَاه وشفاه
وإماء الثَّانِي علم الْمُؤَنَّث مُطلقًا سَوَاء كَانَ فِيهِ التَّاء
كَمَا تقدم أم لم يكن كزينب وسعدى وعفراء سَوَاء كَانَ لعاقل كَمَا ذكر
أم لغيره
(1/85)
وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع شَرطه أَن يكون
لعاقل فَلَو سميت نَاقَة بعناق أَو شَاة بعقرب لم يجز جمعه بِالْألف
وَالتَّاء قَالَ فِي شرح التسهيل وَلم نره لغيره نعم يسْتَثْنى بَاب
قطام فِي لُغَة من بناه الثَّالِث صفة الْمُذكر الَّذِي لَا يعقل كجبال
راسيات و {أَيَّام معدودات} الْبَقَرَة 203 بِخِلَاف صفة الْمُؤَنَّث
كحائض والعاقل كعالم الرَّابِع مصغر الْمُذكر الَّذِي لَا يعقل كفليسات
ودريهمات بِخِلَاف مصغر الْمُؤَنَّث نَحْو أرينب وخنيصر الْخَامِس اسْم
الْجِنْس الْمُؤَنَّث بِالْألف سَوَاء كَانَ اسْما كبهمى وصحراء أَو
صفة كحبلى وحلة سيراء وَيسْتَثْنى فعلى فعلان كسكرى فَلَا يُقَال
سكريات وفعلاء أفعل كحمراء فَلَا يُقَال حمراوات كَمَا لَا يجمع
مذكرهما بِالْوَاو وَالنُّون وَأَجَازَهُ الْفراء وَهُوَ قِيَاس قَول
الْكُوفِيّين الْآتِي فِي الْمُذكر وَمحل الْخلاف مَا داما باقيين على
الوصفية فَإِن سمي بهما جمعا بِالْألف وَالتَّاء بِلَا خلاف أما فعلاء
الَّتِي لَا أفعل لَهَا من حَيْثُ الْوَضع كامرأة عجزاء أَو من حَيْثُ
الْخلقَة كامرأة عذراء فَقَالَ ابْن مَالك بِجَوَاز جمعهَا للألف
وَالتَّاء لِأَن الْمَنْع فِي حَمْرَاء وَنَحْوه تَابع لمنع الْوَاو
وَالنُّون وَذَلِكَ مَفْقُود فِيمَا ذكر وَمنعه غَيره كَمَا امْتنع جمع
أكمر وآدر بِالْوَاو وَالنُّون وَلَا فعلاء لَهما وَاحْترز بالمؤنث
بِالْألف عَن اسْم الْجِنْس الْمُؤَنَّث بِلَا عَلامَة كَقدْر وشمس
وعنز وعناق فَلَا يجمع بِالْألف وَالتَّاء وشذ من ذَلِك أم حَيْثُ جمعت
بهما ثمَّ الْأَكْثَر أَن يُقَال فِي الأناسي أُمَّهَات وَفِي غَيرهم
أمات بِزِيَادَة الْهَاء فِي الأول للْفرق وَقيل لِأَن الأَصْل أم أمهة
قَالَ 16 -
(أُمّهتِي خِنْدف والْياسُ أَبي ... )
(1/86)
وَقد تسْتَعْمل أُمَّهَات فِي غير الأناسي
وأمات فيهم قَالَ الشَّاعِر 17 -
(إِذا الأمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجُوهَ ... فَرَجْتَ الظّلام بأُمّاتِكَا)
وَمَا عدا الْأَنْوَاع الْخَمْسَة من الْمُؤَنَّث شَاذ أَيْضا مَقْصُور
على السماع كسموات وثيبات وأشذ مِنْهُ جمع بعض المذكرات الجامدة
الْمُجَرَّدَة كسرادقات وحمامات وحسامات وَذهب قوم مِنْهُم ابْن
عُصْفُور إِلَى جَوَاز قِيَاس جمع المكبر من الْمُذكر والمؤنث الَّذِي
لم يكسر اسْما كَانَ أَو صفة كحمامات وسجلات وجمل سبحل أَي ضخم وجمال
سبحلات فَإِن كسر امْتنع قِيَاسا وَلذَلِك لحنا أَبَا الطّيب فِي
قَوْله 18 -
(فَفِي النّاس بوقاتٌ لَهَا وطبُولُ ... )
(1/87)
ص وتحذف لَهُ التَّاء فَإِن كَانَ قبل ألف
أَو همزَة فكالتثنية وَيُقَال فِي ابْنة وَبنت وَأُخْت وهنة وَذَات
بَنَات وأخوات وهنات وهنوات وَذَوَات وَتجمع حُرُوف المعجم فَمَا فِيهِ
ألف يقصر ويمد فبيات وباءات ش تحذف تَاء التَّأْنِيث عِنْد جمع مَا
هِيَ فِيهِ اسْتغْنَاء بتاء الْجمع فَيُقَال فِي فَاطِمَة وَطَلْحَة
فاطمات وطلحات فَإِن كَانَ قبلهَا ألف أَو همزَة فعل بهَا مَا
سَيَأْتِي فِي التَّثْنِيَة من الْقلب للألف يَاء فِي نَحْو فتاة واوا
فِي نَحْو قناة وَإِقْرَار الْهمزَة فِي نَحْو سقاءة أَو قلبه واوا
نَحْو فتيات وقنوات وسقاءات وسقاوات وَيُقَال فِي ابْنة وَبنت بَنَات
بِحَذْف التَّاء وَكَانَ الْقيَاس بنتات وَلِأَن هَذِه التَّاء قد غيرت
لأَجلهَا الْكَلِمَة وَسكن مَا قبلهَا فَأَشْبَهت تَاء ملكوت فِي
الزِّيَادَة وَفِي أُخْت أَخَوَات بِحَذْف التَّاء ورد الْمَحْذُوف
وَكَانَ الْقيَاس أختات لما ذكر وَفِي هنة هَنَات وهنوات فَالْأول على
لفظ هنة بِلَا رد وَالثَّانِي بِالرَّدِّ وَفِي ذَات ذَوَات بِحَذْف
التَّاء بِلَا رد كبنات وَلَو رد لقيل ذويات إِذْ لامها يَاء كَمَا
سَيَأْتِي وَتجمع حُرُوف المعجم بِالْألف وَالتَّاء لِأَنَّهَا
أَعْلَام فَمَا كَانَ فِيهِ ألف كالباء فَإِنَّهُ يجوز قصره ومده
بِالْإِجْمَاع فَيُقَال فِيهِ على الْقصر بيات بقلب الْألف
الْمَقْصُورَة يَاء على الْمَدّ باءات بِالْإِقْرَارِ للهمز ص وتتبع
الْعين حَرَكَة فَاء مؤنث بهاء أَو لَا ثلاثي صَحِيح عين سَاكِنة غير
مضاعف وَلَا صفة وتفتح وتسكن تلو ضم وَكسر وَيمْنَع ضم قبل يَاء وَكسر
قبل وَاو قيل وياء وَالْفراء مُطلقًا وشذ جروات وعيرات وَالْتزم لجبات
وربعات لفتح الْمُفْرد فِي لُغَة وسكنه الْمبرد قِيَاسا وَفتح جوازات
وبيضات لُغَة كهلات نَادِر خلافًا لقطرب وَسُكُون ظبيات لُغَة وَشبه
الصّفة قَلِيل وَغَيره ضَرُورَة سهلة ش تتبع الْعين فِي هَذَا الْجمع
الْفَاء فِي الْحَرَكَة بِشَرْط أَن يكون الْمُفْرد
(1/88)
مؤنثا ثلاثيا صَحِيح الْعين ساكنها غير
مضاعف وَلَا صفة وَسَوَاء فِي الْحَرَكَة الفتحة والضمة والكسرة وَفِي
الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ والعاري مِنْهَا فَيُقَال فِي جَفْنَة وغرفة
وسدرة ودعد وجمل وَهِنْد جفنات وغرفات وسدرات ودعدات وجملات وهندات
بِخِلَاف غير الثلاثي كجيأل علما للضبع والمعتل الْعين كدولة وَنور
علما لمؤنث وَكَذَا نارة ونار وديمة وديم مِمَّا قبل حرف الْعلَّة
فِيهِ حَرَكَة مجانسة فَإِنَّهُ يبْقى على حَاله فَإِن كَانَ حرف
الْعلَّة غير مجانس للحركة نَحْو جوزة وبيضة فجمهور الْعَرَب أَيْضا
على التسكين ولغة هُذَيْل افتباع قَرَأَ بَعضهم {ثَلَاث عورات لكم}
النُّور 58 {عورات النِّسَاء} النُّور 31 بِالتَّحْرِيكِ وَقَالَ
شَاعِرهمْ 19 -
(أَخُو بَيَضَات رائِحٌ مُتَأَوِّبٌ ... )
(1/89)
وَمحل هَذِه اللُّغَة فِي غير الصّفة أما
هِيَ كجونة وَهِي السَّوْدَاء أَو الْبَيْضَاء وعبلة وَهِي السمينة
فَلَا تتبعها هُذَيْل كَغَيْرِهَا وَبِخِلَاف المتحرك الْعين كشجرة
ونبقة وَسمرَة والمضاعف كجنة وجنة وجنة وَالصّفة كضخمة وجلفة وحلوة
فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا التسكين لثقلها بِخِلَاف الِاسْم وَنذر كهلات
بِالْفَتْح جمع كهلة وَأَجَازَ الْمبرد الْقيَاس عَلَيْهِ نعم فتح
لجبات وربعات جمع لجبة وَهِي الشَّاة القليلة اللَّبن وربعة وَهُوَ
معتدل الْقَامَة لِأَن فيهمَا لُغَة بِالْفَتْح فِي الْمُفْرد فالتزمت
فِي الْجمع اسْتغْنَاء بِجمع إِحْدَى اللغتين عَن الْأُخْرَى وَأكْثر
النُّحَاة ظنُّوا أَن ذَلِك جمع السَّاكِن الْعين فحكموا عَلَيْهِ
بالشذوذ قَالَ ابْن مَالك وَحَملهمْ على ذَلِك عدم اطلاعهم على أَن فتح
الْعين ثَابت فِي الْإِفْرَاد وَأَجَازَ الْمبرد التسكين فيهمَا
قِيَاسا وَإِن لم يسمع وَوَافَقَهُ ابْن مَالك وَيمْنَع الإتباع
بِالضَّمِّ قبل الْيَاء وبالكسر قبل الْوَاو فَلَا يُقَال فِي زبية
زبيات وَلَا فِي رشوة رشوات بالإتباع بل بِالسُّكُونِ وَالْفَتْح وشذ
فِي جروة جروات حَكَاهُ يُونُس وَذهب بعض الْبَصرِيين إِلَى منع الْكسر
قبل الْيَاء أَيْضا فَلَا يُقَال فِي لحية لحيات لما فِيهِ من توالي
كسرتين وَالْيَاء وَالصَّحِيح جَوَازه وَلَا احتفال بذلك كَمَا لم
يحتفلوا باجتماع الضمتين وَالْوَاو فِي خطْوَة وخطوات وَذهب الْفراء
إِلَى منع الإتباع بالكسرة مُطلقًا سَوَاء كَانَ من بَاب رشوة وَهُوَ
الْمُتَّفق على مَنعه أَو من بَاب فديَة وَهُوَ الْمُخْتَلف فِيهِ أَو
من بَاب هِنْد وَهُوَ الْجَائِز عِنْد غَيره فَإِن فعلات تَتَضَمَّن
فعلا وَفعل أهمل إِلَّا فِيمَا ندر كإبل فَإِن سمع فعلات قبله الْفراء
وَيجوز الْفَتْح والسكون مَعَ الإتباع بِشَرْط أَن تكون الْفَاء
مَضْمُومَة أَو مَكْسُورَة لَا مَفْتُوحَة إِلَّا فِي ثَلَاث معتل
اللَّام نَحْو ظَبْيَة فَيجوز فِيهِ ظبيات بِالسُّكُونِ اخْتِيَارا فِي
لُغَة حَكَاهَا ابْن
(1/90)
جني وَالْمَشْهُور الْفَتْح وَشبه الصّفة
كَأَهل فَيُقَال فِيهِ أهلات بِالسُّكُونِ على قلَّة وَالْفَتْح أَكثر
والضرورة كَقَوْلِه 20 -
(وَحمِّلْت زَفْراتِ الضُّحى ... وَمَا لى بزَفْرات العشىِّ يَدَان)
وَهُوَ من أسهل الضرورات وأشذ مِنْهُ فتح المعتل الْعين المكسور
الْفَاء كَقَوْلِهِم عيرات جمع عير وَهِي الْإِبِل الَّتِي عَلَيْهَا
الْأَحْمَال وَقيل الْحمير وَوجه شذوذه أَنه لَيْسَ فِيهِ مَا فِي
بيضات من الإتباع
(1/91)
الْبَاب الثَّانِي: مَا لَا ينْصَرف
ص الثَّانِي مَا لَا ينْصَرف فيجر بالفتحة مَا لم يضف أَو يصحب أل أَو
بدلهَا وَالْمُخْتَار وفَاقا للمبرد والسيرافي وَابْن السراج والزجاجي
صرفه وَثَالِثهَا إِن بَقِي عِلّة فَقَط ش الْبَاب الثَّانِي من
أَبْوَاب النِّيَابَة مَا لَا ينْصَرف وَاخْتلف فِي حَده بِنَاء على
الِاخْتِلَاف فِي تَعْرِيف الصّرْف فَقيل هُوَ المسلوب مِنْهُ
التَّنْوِين بِنَاء على أَن الصّرْف مَا فى الِاسْم من الصَّوْت أخذا
من الصريف وَهُوَ الصَّوْت الضَّعِيف وَقيل هُوَ المسلوب مِنْهُ
التَّنْوِين والجر مَعًا بِنَاء على أَن الصّرْف هُوَ التَّصَرُّف فِي
جَمِيع المجارى وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا طائل
تَحْتَهُ وَحكم مَا لَا ينْصَرف أَنه لَا ينون كَمَا سَيَأْتِي
تَوْجِيهه فِي مَبْحَث التَّنْوِين وَلَا يجر بالكسرة وَاخْتلف لم منع
مِنْهَا فَقيل لشبه الْفِعْل كَمَا منع التَّنْوِين وَقيل لِئَلَّا
يتَوَهَّم أَنه مُضَاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وَأَنَّهَا حذفت واجتزئ
بالكسرة وَقيل لِئَلَّا يتَوَهَّم أَنه مَبْنِيّ لِأَن الكسرة لَا تكون
إعرابا إِلَّا مَعَ التَّنْوِين أَو الْألف وَاللَّام أَو الْإِضَافَة
فَلَمَّا منع الْكسر حمل جَرّه على نَصبه فجر بالفتحة كَمَا ينصب بهَا
لإشتراكهما فِي الفضلية بِخِلَاف الرّفْع فَإِنَّهُ عُمْدَة كَمَا حمل
نصب جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم على جَرّه لذَلِك فَإِن أضيف أَو صحب أل
معرفَة كَانَت أَو مَوْصُولَة أَو زَائِدَة أَو بدلهَا وَهُوَ أم فِي
لُغَة طَيئ جر بالكسرة اتِّفَاقًا نَحْو {فِي أحسن تَقْوِيم} التِّين 4
{كالأعمى والأصم} هود 24 21 -
(رَأَيْت الوَلِيدَ بن اليزيدِ مُباركاً ... )
(1/92)
صفحة فارغة
(1/93)
22 -
(تَبيتُ بلَيْل أمْ ارمدِ اعْتَادَ أوْ لَقا ... )
أَي بلَيْل الأرمد وَهل هُوَ بَاقٍ حِينَئِذٍ على منع صرفه وَإِنَّمَا
جر لأمن دُخُول التَّنْوِين فِيهِ أَو مَصْرُوف لِأَنَّهُ دخله خَاصَّة
من خَواص الِاسْم خلاف بناه بَعضهم على الْخلاف السَّابِق فِي تَعْرِيف
الصّرْف وَالثَّانِي هُوَ الْمُخْتَار وَعَلِيهِ السيرافي والزجاج
والزجاجي وَفِي رَأْي ثَالِث اخْتَارَهُ كثير من الْمُتَأَخِّرين يفصل
بَين مَا زَالَت مِنْهُ إِحْدَى العلتين كَالْعلمِ فَإِنَّهُ تَزُول
مِنْهُ العلمية بِالْإِضَافَة وَدخُول اللَّام فَيصْرف وَمَا لَا
كالوصف وَنَحْوه فَلَا ص وَيمْنَع صرف الِاسْم ألف التَّأْنِيث مُطلقًا
ش الأَصْل فِي الِاسْم الصّرْف وَإِنَّمَا يمْنَع مِنْهُ لشبهه
بِالْفِعْلِ بِكَوْنِهِ فرعا من جِهَتَيْنِ من الْجِهَات الْآتِيَة
كَمَا أَن الْفِعْل فرع عَن الِاسْم من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَنه
مُشْتَقّ وَالْأُخْرَى أَنه يفْتَقر إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حَيَّان
والجهة الأولى لَا تتأتي على رَأْي الْكُوفِيّين المانعين اشتقاق
الْفِعْل من الْمصدر وَعلل منع اصرف عدهَا الْجُمْهُور تسعا وَبَعْضهمْ
عشرا أَحدهَا ألف التَّأْنِيث وَهِي مُسْتَقلَّة بِمَنْع اصرف لِأَن
مدخولها فرع من جِهَتَيْنِ التَّأْنِيث ولزومه وَقَوْلِي مُطلقًا أَي
سَوَاء كَانَت مَقْصُورَة نَحْو حُبْلَى أَو ممدودة نَحْو حَمْرَاء
وَسَوَاء كَانَ مَا هِيَ فِيهِ مُفردا كَمَا مثل أَو جمعا كسكارى
وأولياء صفة كَمَا ذكر أم اسْما كذكرى وَدَعوى نكرَة كَمَا مضى أم
معرفَة كسلمة وكلتا علما ص وزنة مفاعل أَو مفاعيل هَيْئَة وَلَو سمي
بِهِ وَشرط الْجُمْهُور حَرَكَة تلو الْألف وَلَو تَقْديرا إِلَّا أَن
عرضت كسرتها أَو يَاء نسب أَو ألف عوض مِنْهَا أَو دخله التَّاء وَلَو
حذفت مِمَّا هِيَ فِيهِ فَبَقيَ بوزنه منع وَالأَصَح منع سَرَاوِيل
نكرَة وَمَعْرِفَة وَقيل هُوَ جمع سروالة ش الثَّانِيَة موازنة هذَيْن
الجمعين وَكِلَاهُمَا لَا نَظِير لَهُ فِي الْآحَاد وَهِي
(1/94)
مُسْتَقلَّة أَيْضا بِمَنْع الصّرْف إِذْ
الِاسْم بهَا فرع من جِهَة الجمعية وجهة عدم النظير بِخِلَاف سَائِر
الجموع فَإِنَّهَا قد يُوجد لَهَا نَظِير فِي الْآحَاد وَقَوْلنَا
هَيْئَة لِأَنَّهُ لَا يشْتَرط أَن يكون فِي أَوله مِيم مزيدة بل أَن
يكون أَوله حرفا مَفْتُوحًا أَي حرف كَانَ وَأَن يكون بعد ألف الْجمع
حرف مكسور لفظا أَو تَقْديرا كدواب فَإِن أَصله دوابب فَإِن كَانَ
السَّاكِن بعد الْألف لاحظ لَهُ فِي الْحَرَكَة نَحْو عبال جمع عبالة
وحمار جمع حمارة فمصروف هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَذهب
الزّجاج إِلَى أَنه لَا يشْتَرط ذَلِك وَلَا يعْتد فِي هَذَا الْوَزْن
بكسرة عارضة ك توان وتغاز فَإِن الكسرة فيهمَا محولة عَن ضمة لاعتلال
الآخر إِذْ أَصله تفَاعل بِضَم الْعين مصدر تفَاعل وَلَا يَاء النّسَب
ك مدائني وحواري فَإِنَّهُمَا مصروفان بِخِلَاف نَحْو كراسي وبخاتي
فَإِنَّهُمَا ممنوعان لوُجُود يَاء النّسَب فيهمَا قبل الْجمع وَلَا
بِأَلف معوضة من يَاء النّسَب نَحْو يمَان وشآم فَإِنَّهُمَا مصروفان
لِأَن الْألف عوض من يَاء النّسَب وَالْأَصْل يمني وشامي وَلَو دخلت
التَّاء هَذَا الْجمع صرف نَحْو صياقلة وموازجة لِأَنَّهُ بِدُخُولِهَا
أشبه الْمُفْردَات ك كَرَاهِيَة
(1/95)
وَلَو حذفت التَّاء من كلمة فَبَقيت
بِوَزْن هَذَا الْجمع منعت الصّرْف كَأَن يُسمى رجل علاني من عَلَانيَة
وَلَو سميت بِهَذَا الْجمع كمساجد فَلَا خلاف فِي منع صرفه وَقد منعت
الْعَرَب شرَاحِيل من الصّرْف وَهُوَ جمع سمي بِهِ الرجل أما سَرَاوِيل
فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه مُفْرد أعجمي لَا يصرف معرفَة وَلَا نكرَة
لشبهه هَذَا الْجمع فِي الْوَزْن وَقَالَ غَيره هُوَ مُفْرد يصرف نكرَة
وَيمْنَع معرفَة وَقَالَ آخَرُونَ بِالْمَنْعِ فِي الْحَالَتَيْنِ
وَأَنه جمع سروالة قَالَ 23 -
(عَلَيْهِ من اللّؤْم سِرْوالَةٌ ... فَلَيْسَ يَرقّ لِمُسْتَعْطِفِ)
ص وعدله صفة فِي آخر مُقَابل آخَرين قَالَ الْجُمْهُور عَن الْأُخَر
وَابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان آخر وَابْن جني آخر من وَقوم آخريات
(1/96)
وَوزن فعال ومفعل من عشرَة وَخَمْسَة فَمَا
دونهَا سَمَاعا وَمَا بَينهمَا قِيَاسا عِنْد الزّجاج والكوفية
وَثَالِثهَا يقاص فعال فَقَط وَقَالَ أَبُو حَيَّان سمع الْجَمِيع
وَقيل لَا وصف فِيهَا ومنعها للعدل لفظا وَمعنى وَقيل لَهُ وللتعريف
بنية أل وَقيل لشبه أَحْمَر فِي منع التَّاء وَلَا تدْخلهَا أل وتضاف
بقلة وَالأَصَح منعهَا مذهوبا بهَا مَذْهَب الْأَسْمَاء ش الثَّالِثَة
الْعدْل وَهُوَ صرفك لفظا أولى بِالْمُسَمّى إِلَى آخر وَهُوَ فرع عَن
غَيره لِأَن أصل الِاسْم أَن لَا يكون مخرجا عَمَّا يسْتَحقّهُ
بِالْوَضْعِ لفظا أَو تَقْديرا وَيمْنَع مَعَ الوصفية والعلمية
فَالْأول مَقْصُور على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا آخر جمع أُخْرَى تَأْنِيث
آخر بِالْفَتْح الْمَجْمُوع على آخَرين أما كَونه صفة فلكونه من بَاب
أفعل التَّفْضِيل تَقول مَرَرْت بزيد وَرجل آخر أَي إِنَّه أَحَق
بِالتَّأْخِيرِ من زيد فِي الذّكر لِأَن الأول قد اعتني بِهِ فِي
التَّقَدُّم فِي الذّكر وَأما عدله فَقَالَ أَكثر النَّحْوِيين إِنَّه
معدول عَن الْألف وَاللَّام لِأَن الأَصْل فِي أفعل التَّفْضِيل أَن
لَا يجمع إِلَّا مَقْرُونا بهما كالكبر والصغر فَعدل عَن أَصله
وَأعْطِي من الجمعية مُجَردا مَا لَا يُعْطي غَيره إِلَّا مَقْرُونا
فَهَذَا عدل عَن الْألف وَاللَّام لفظا ثمَّ عدل عَن مَعْنَاهُمَا
لِأَن الْمَوْصُوف بِهِ لَا يكون إِلَّا نكرَة وَكَانَ حَقه إِذا عدل
عَن لَفْظهمَا أَن يَنْوِي مَعْنَاهُمَا مَعَ زِيَادَة كَمَا نوي معنى
اثْنَيْنِ فِي مثنى مَعَ زِيَادَة التَّضْعِيف فَلَمَّا عدل أخر وَلم
يكن فِي عدله زِيَادَة كَغَيْرِهِ من المعدولات كَانَ بذلك معدولا عدلا
ثَانِيًا وَقَالَ ابْن مَالك التَّحْقِيق أَنه معدول عَن أخر مرَادا
بِهِ جمع الْمُؤَنَّث لِأَن الأَصْل فِي أفعل التَّفْضِيل أَن
يَسْتَغْنِي فِيهِ بأفعل عَن فعل لتجرده عَن الْألف وَاللَّام
وَالْإِضَافَة كَمَا يسْتَغْنى بأكبر عَن كبر فِي نَحْو رَأَيْتهَا
مَعَ نسْوَة أكبر مِنْهَا فَلَا
(1/97)
يثنى وَلَا يجمع لكَوْنهم أوقعوا أفعل موقع
فعل فَكَانَ ذَلِك عدلا من مِثَال إِلَى مِثَال وَتَابعه أَبُو حَيَّان
وَقَالَ فَأخر على هَذَا معدول عَن اللَّفْظ الَّذِي كَانَ المسمي بِهِ
أَحَق بِهِ وَهُوَ آخر لاطراد الْإِفْرَاد فِي كل أفعل يُرَاد بِهِ
المفاضلة فِي حَال التنكير قَالَ وَهَذَا الْعدْل بِهَذَا الِاعْتِبَار
صَحِيح لِأَنَّهُ عدل عَن نكرَة إِلَى نكرَة وَقَالَ ابْن جني هُوَ
معدول عَن أفعل مَعَ مصاحبة من لِأَنَّهُ إِذا صحبته صلح لَفظه للمذكر
والمؤنث والتثنية وَالْجمع كَقَوْلِك مَرَرْت بنسوة آخر من غَيْرهنَّ
فَعدل عَن هَذَا اللَّفْظ إِلَى لفظ أخر وجر وَصفا بالنكرة لِأَن
المعدول عَنهُ نكرَة وَقَالَ قوم هُوَ معدول عَن أخريات نكرَة ليَصِح
وصف النكرَة بِهِ قَالَ فِي الْبَسِيط وَهَذَا ضَعِيف لِأَن أخريات
مِمَّا يلْزم اسْتِعْمَاله إِمَّا بِالْألف وَاللَّام أَو الْإِضَافَة
واحترزت بِقَوْلِي ك التسهيل مُقَابل آخَرين عَن أخر جمع أُخْرَى
بِمَعْنى آخِرَة تَأْنِيث آخر بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ مَصْرُوف
الثَّانِي أَلْفَاظ الْعدَد المعدولة عَن وزن فعال ومفعل والمسموع من
ذَلِك أحاد وموحد وثناء ومثنى وَثَلَاث ومثلث وَربَاع ومربع وخماس
ومخمس وعشار ومعشر قَالَ تَعَالَى {أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث
وَربَاع} فاطر 1 قَالَ الشَّاعِر 224 -
(وَلَقَد قَتَلْتُهُمُ ثُنَاءَ ومَوحَدا ... )
(1/98)
وَقَالَ 25 -
(مَنَتْ لَك أَن تُلاقينِى المَنايا ... أحاد أُحادَ فى الشّهر
الحَرام)
وَقَالَ 26 -
(تَرى النُّعَراتِ الزّرْقَ تَحت لَبَانه ... أُحَادَ ومَثْنى
اصْعَقَتْها صوَاهِلُهْ)
وَقَالَ 27 -
(هَنِيئًا لأرباب الْبيُوت بُيوتُهُمْ ... وللآكلين التّمْرَ مَخْمس
مَخْمسا)
وَقَالَ 28 -
(فَلم يَسْتَر يثُوك حَتَّى رَميْتْ ... فَوق الرِّجَال خِصالاً
عُشَارا)
وَاخْتلف هَل يُقَاس عَلَيْهَا سداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن
وتسع ومتسع على ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا لَا وَعَلِيهِ البصريون
لِأَن فِيهِ إِحْدَاث لفظ لم تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب وَالثَّانِي نعم
وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ والزجاج لوضوح طَرِيق الْقيَاس فِيهِ
وَالثَّالِث يُقَاس على مَا سمع من فعال لكثرته دون مفعل لقلته
(1/99)
وَمَا ذكرته من أَن المسموع اثْنَا عشر
بِنَاء هُوَ الْمَذْكُور فِي التسهيل وَذكر فِي شرح الكافية أَن خماس
لم يسمع وَذكر أَبُو حَيَّان أَن سداس وَمَا بعده مسموع أَيْضا فَقَالَ
فِي شرح التسهيل الصَّحِيح أَن البناءين مسموعان من وَاحِد إِلَى عشرَة
حكى أَبُو عَمْرو إِسْحَاق بن مرار الشَّيْبَانِيّ موحد إِلَى معشر
وَحكى أَبُو حَاتِم فِي كتاب الْإِبِل وَيَعْقُوب بن السّكيت أحاد
إِلَى عشار قَالَ وَلَا الْتِفَات إِلَى قَول أبي عُبَيْدَة فِي
الْمجَاز لَا نعلمهُمْ قَالُوا فَوق رباع فَمن علم حجَّة عَلَيْهِ
وَمِمَّا ورد فِي سداس قَول الشَّاعِر 29 -
(ضربتَ خُماسَ ضربةَ عبشمى ... أدَار سُداسَ أَن لَا يستقيما)
(1/100)
قَالَ وَأنْشد خلف الْأَحْمَر أبياتا بنى
فِيهَا قَائِلهَا فعالا من أحاد إِلَى عشار وَهِي 30 -
(قل لعَمْرو يَا ابْنَ هِنْد ... لَو رَأَيْت الْقَوْم شنّا)
(لرأت عَيْنَاك مِنْهُم ... كُلّ مَا كنت تمنّى)
(إِذْ أتتنا فيلق شهباء ... من هَنّا وهنّا)
(وَأَتَتْ دوسر والملحاء ... سيراً مطمئنا)
(وَمضى الْقَوْم إِلَى الْقَوْم ... أحاداً وأُثَنّا)
(وَثَلَاثًا ورباعًا ... وخماسًا فاطّعنّا)
(وسداسًا وسُباعاً ... وثمانًا فاجتلدنا)
(وتُساعًا وعشاراً ... فأصبنا وأُصِبْنا)
(لَا ترى إلاّ كَميّاً ... قاتِلاً مِنْهُم ومِنّا)
وَقَالَ وَصَرفه فعال فِي جَمِيع ذَلِك ضَرُورَة وَكَذَا تحريفه ثَنَاء
إِلَى أثنا وَقَالَ غَيره هَذِه الأبيات مصنوعة وَالْحجّة فِي نقل من
تقدم وَمَا ذكر من أَن منعهَا للعدل مَعَ الوصفية هُوَ مَذْهَب
سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور
(1/101)
وَذهب الزّجاج إِلَى أَنه لَا وصف فِيهَا
وَأَن منعهَا للعدل فِي اللَّفْظ وَفِي الْمَعْنى أما فِي اللَّفْظ
فَظَاهر وَأما فِي الْمَعْنى فَلِأَن مفهوماتها تَضْعِيف أُصُولهَا
فأدنى الْمَفْهُوم من أحاد اثْنَان وَمن ثَنَاء أَرْبَعَة وَكَذَا
الْبَوَاقِي وَذهب الْفراء إِلَى أَن منعهَا للعدل والتعريف بنية
الْألف وَاللَّام قَالَ لِأَن ثَلَاث يكون للثَّالِث وَالثَّلَاثَة
وَلَا يُضَاف إِلَى مَا يضافان إِلَيْهِ فلامتناعه من الْإِضَافَة
كَانَ فِيهِ أل وَامْتنع من أل لِأَن فِيهِ تَأْوِيل الْإِضَافَة وَإِن
لم يضف ورد بجريانها صفة على النكرات وَذهب الأعلم إِلَى أَنَّهَا لم
تَنْصَرِف الْعدْل وَلِأَنَّهَا لَا تدْخلهَا التَّاء لَا يُقَال
ثَلَاثَة وَلَا مُثَلّثَة فضارعت أَحْمَر وَلم تسْتَعْمل الْعَرَب
هَذِه الْأَلْفَاظ إِلَّا نكرات خَبرا نَحْو صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى
أَو صفة نَحْو {أولي أَجْنِحَة مثنى} فاطر 1 أَو حَالا نَحْو {فانكحوا
مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى} النِّسَاء 3 وَقد جَاءَت فاعلة
ومجرورة وَذَلِكَ قَلِيل وَلم يسمع تَعْرِيفهَا بأل وَقل إضافتها فِي
قَوْله 31 -
(ثُناءُ الرِّجال وَوُحْدانُها ... )
وَقَوله 32 -
(بمَثْنى الزِّقاق المُتْرَعَات وبالجُزُرْ ... )
وَأَجَازَ الْفراء صرفهَا مذهوبا بهَا مَذْهَب الْأَسْمَاء أَي مُنكرَة
بِنَاء على رَأْيه أَنَّهَا معرفَة بنية الْإِضَافَة تقبل التنكير
قَالَ تَقول الْعَرَب ادخُلُوا ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَالْجُمْهُور على
خِلَافه ص وعلما كَفعل المعدول عَن فَاعل وَيعرف بِسَمَاعِهِ
مَمْنُوعًا بِلَا عِلّة
(1/102)
والمختص بالنداء وَكَذَا الْمُؤَكّد بِهِ
وَقيل تَعْرِيفه بنية الْإِضَافَة وعدله عَن فعل أَو فعالى أَو فعلاوات
أَقْوَال وَيصرف وَمَا سمي بِهِ قبله نكرَة قَالَ الْأَخْفَش
وَمَعْرِفَة وَمِنْه سحر ملازم الظَّرْفِيَّة وعدله عَن أل وَقيل شبه
الْعلم وَقيل لم ينون لنِيَّة أل وَقيل الْإِضَافَة وَقَالَ ابْن
الطراوة وَصدر الأفاضل مَبْنِيّ وعَلى الثَّلَاثَة إِنَّه لَيْسَ من
الْبَاب وبصرف مُسَمّى بِهِ وفَاقا وَمِنْه عِنْد تَمِيم فعال لمؤنث
كحذام مَا لم يُنكر فَإِن سمي بِهِ مُذَكّر جَازَ الْوَجْهَانِ وَقَالَ
الْمبرد الْمَنْع للتأنيث وتبنيه الحجازيون كسرا وَأكْثر تَمِيم مَا
آخِره رَاء وَالْكل فعال مصدرا أَو حَالا أَو صفة مجْرى الْعلم وَكَذَا
أمرا أَسد تفتحه وَعدل كلهَا عَن مؤنث فَإِن سمي بهَا مُذَكّر لم يصرف
وَثَالِثهَا يَبْنِي أَو مؤنث فكحذام ش يمْنَع الْعدْل مَعَ العلمية
فِي خَمْسَة أَشْيَاء أَحدهَا مَا جَاءَ على فعل مَوْضُوعا علما وَهُوَ
معدول عَن صِيغَة فَاعل وَطَرِيق الْعلم بِهِ سَمَاعه غير مَصْرُوف
وَلَا عِلّة بِهِ مَعَ العلمية والمسموع من ذَلِك عمر وَزفر وَمُضر
وثعل وهبل وزحل وعصم وقزح وجشم وَقثم وجمح وجحا ودلف وبلع بطن من قضاعة
وَلم يسمع غير ذَلِك نعم ذكر الْأَخْفَش أَن طوى من هَذَا النَّوْع
كَذَا رَأَيْته فِي كِتَابه الْوَاحِد وَالْجمع فِي الْقُرْآن وَمنعه
أَبُو حَيَّان وَقَالَ الْمَانِع مَعَ العلمية التَّأْنِيث بِاعْتِبَار
الْبقْعَة بِدَلِيل تنوينه فِي اللُّغَة الْأُخْرَى قَالَ وَهَذِه
الْأَسْمَاء الَّتِي ذَكرنَاهَا كلهَا أَعْلَام عدلت تَقْديرا عَن
فَاعل إِلَّا ثعل فَعَن أفعل وَلَو كَانَت صِفَات كحطم ولبد دخلت
عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام وَإِنَّمَا جعلناها معدولة لأمر نجهله
لِأَن الْأَعْلَام يغلب عَلَيْهَا النَّقْل وَهِي أَن يكون لَهَا أصل
فِي النكرات فَجعل عمر معدولا عَن عَامر الْعلم الْمَنْقُول من الصّفة
فَإِن ورد
(1/103)
فعل مصروفا وَهُوَ علم علمنَا أَنه غير
معدول كأدد فَإِنَّهُ لَا يحفظ لَهُ أصل فِي النكرات فإمَّا أَن يكون
مَنْقُولًا من أصل لَا نَحْفَظهُ أَو مرتجلا قَالَ وَمن أغرب مَا وَقع
فِي فعل الْمَمْنُوع قسم هُوَ علم جنس لَا علم شخص وَذَلِكَ مَا ذكره
ابْن خالويه فِي كتاب الْأسد جَاءَ بعلق فلق بِغَيْر ألف وَلَام وَلَا
يصرف انْتهى وَاحْترز بالمعدول عَن فَاعل عَن المعدول عَن غَيره كأخر
وَجمع وَعَن غير المعدول كاسم الْجِنْس كنغر وصرد وَالصّفة كحطم ولبد
والمصدر كهدى وتقى وَالْجمع كغرف وَقَوْلنَا بِسَمَاعِهِ مَمْنُوعًا
بِلَا عِلّة يخرج مَا سمع من فعل مَمْنُوعًا وَفِيه مَانع غير الْعدْل
كَقَتل اسْم من أَسمَاء التّرْك فِيهِ مَعَ العلمية العجمة وطوى فِيهِ
مَعهَا التَّأْنِيث وَلَو وجد فعل وَلم يعلم أصرفوه أم لَا فَفِي
الإفصاح إِن لم يعلم بِهِ اشتقاق وَلَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيل فمذهب
سِيبَوَيْهٍ صرفه حَتَّى يثبت أَنه معدول وَمذهب غَيره الْمَنْع
لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فِي كَلَامهم وَإِن علم كَونه مشتقا وَجَهل فِي
النكرات صرف إِلَّا أَن يسمع ترك صرفه انْتهى وَهَذِه النُّكْتَة من
قَاعِدَة تعَارض الأَصْل وَالْغَالِب فِي الْعَرَبيَّة وَهِي لَطِيفَة
نادرة بينتها فِي كتاب أصُول النَّحْو وَكتاب الْأَشْبَاه والنظائر فِي
النَّحْو
(1/104)
الثَّانِي فعل الْمُخْتَص بالنداء كفسق
وغدر وخبث ولكع فَإِنَّهَا معدولة عَن فَاسق وغادر وخبيث وألكع فَإِذا
سمي بِهِ امْتنع صرفهَا للعلمية ومراعاة اللَّفْظ المعدول فَإِن نكرت
زَالَ الْمَنْع وَذهب الْأَخْفَش وَطَائِفَة إِلَى صرفهَا حَال
التَّسْمِيَة أَيْضا كَمَا نقلته عَنهُ أخيرا فِي قولي قَالَ
الْأَخْفَش وَمَعْرِفَة لِأَن الْعدْل إِنَّمَا هُوَ حَالَة النداء
وَقد زَالَ بِالتَّسْمِيَةِ الثَّالِث فعل الْمُؤَكّد بِهِ وَهُوَ جمع
وكتع وبصع وبتع جمع جَمْعَاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء فَإِنَّهَا غير
مصروفة للعدل والعلمية أم الْعدْل فَلِأَنَّهَا من حَيْثُ إِن مذكرها
أفعل ومؤنثها فعلاء قياسها أَن تجمع على فعل بِسُكُون الْعين كَمَا
يجمع أَحْمَر وحمراء على حمر وَمن حَيْثُ هِيَ اسْم لَا صفة قياسها أَن
تجمع على فعالى كصحارى فَيُقَال جماعي وكتاعي إِلَى آخِره وَمن حَيْثُ
إِن مذكرها يجمع بِالْوَاو وَالنُّون قياسها أَن تجمع على فعلاوات
لِأَن قِيَاس كل مَا جمع مذكره بِالْوَاو النُّون أَن يجمع مؤنثه
بِالْألف وَالتَّاء وبهذه الاعتبارات اخْتلف النُّحَاة فَقَالَ
الْأَخْفَش والسيرافي إِنَّهَا معدولة عَن فعل وَاخْتَارَهُ ابْن
عُصْفُور قَالَ لِأَن الْعدْل عَن فعالى لم يثبت فِي مَوضِع من
الْمَوَاضِع وَالْعدْل عَن فعل إِلَى فعل ثَبت قَالُوا ثَلَاث درع
وَهُوَ جمع درعاء وَكَانَ الْقيَاس درعا وَقَالَ قوم إِنَّهَا معدولة
عَن فعالى وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّهَا معدولة عَن فعلاوات وَاخْتَارَهُ
ابْن مَالك وَضعف الأول بِأَن أفعل الْمَجْمُوع بِالْوَاو وَالنُّون
لَا يجمع مؤنثه على فعل بِسُكُون الْعين وَالثَّانِي بِأَن فعلاء لَا
يجمع على فعالى إِلَّا إِذا لم يكن مذكره على أفعل وَكَانَ اسْما
مَحْضا وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي نختاره أَنَّهَا معدولة عَن
الْألف وَاللَّام لِأَن مذكرها جمع
(1/105)
بِالْوَاو وَالنُّون فَقَالُوا أَجْمَعُونَ
كَمَا قَالُوا الأخسرون فقياسه أَنه إِذا جمع كَانَ مُعَرفا بِالْألف
وَاللَّام فعدلوا بِهِ عَمَّا كَانَ يسْتَحقّهُ من تَعْرِيفه بِالْألف
وَاللَّام قلت وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون جمع الْمُذكر فِيهِ أَيْضا
مَمْنُوع الصّرْف لوُجُود الْعدْل الْمَذْكُور فِيهِ وَتَكون الْيَاء
فِيهِ عَلامَة الْجَرّ على أَنَّهَا نائبة عَن الفتحة وَهُوَ غَرِيب
وَأما العلمية فَذهب قوم إِلَى أَن أَلْفَاظ التوكيد أَعْلَام بِمَعْنى
الْإِحَاطَة وَاسْتدلَّ لذَلِك بِجَمْعِهِمْ مذكرها بِالْوَاو
وَالنُّون وَلَا يجمع من المعارف بهما إِلَّا الْعلم وَاخْتَارَهُ ابْن
الْحَاجِب وَذكر آخَرُونَ إِلَى أَن تَعْرِيفهَا بنية الْإِضَافَة
وَأَن الأَصْل فِي رَأَيْت النِّسَاء جمع جمعهن كَمَا يُقَال رَأَيْت
النِّسَاء كُلهنَّ فَحذف الضَّمِير للْعلم بِهِ وَاسْتغْنى بنية
الْإِضَافَة وَصَارَت لكَونهَا معرفَة بِلَا عَلامَة ملفوظة بهَا
كالأعلام وَلَيْسَت بأعلام لِأَن الْعلم إِمَّا شخصي وَإِمَّا جنسي
وَلَيْسَت هَذِه وَاحِدًا مِنْهُمَا وعَلى هَذَا ابْن عُصْفُور وَعلله
بِأَن الجموع لَا تكون أعلاما والسهيلي وَابْن مَالك وَنَقله عَن ظَاهر
كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِن سمي بِهِ أَعنِي بِفعل الْمُؤَكّد بِهِ فمذهب
سِيبَوَيْهٍ بَقَاؤُهُ على الْمَنْع وَعَن الْأَخْفَش صرفه لِأَن
الْعدْل إِنَّمَا كَانَ حَال التَّأْكِيد وَقد ذهب فَإِن نكر بعد
التَّسْمِيَة صرف وفَاقا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَالَة حَالَة يلْتَحق
بهَا إِذْ لم يسْتَعْمل نكرَة بِخِلَاف أخر كَمَا تقدم الرَّابِع سحر
الملازم الظَّرْفِيَّة وَهُوَ الْمعِين أَي المُرَاد بِهِ وَقت
بِعَيْنِه فَإِنَّهُ يلازم الظَّرْفِيَّة فَلَا يتَصَرَّف وَلَا
ينْصَرف أَيْضا للعدل والعلمية وَأما الْعدْل فَعَن مصاحبة الْألف
وَاللَّام إِذْ كَانَ قِيَاسه وَهُوَ نكرَة أَن يعرف بِالطَّرِيقِ
الَّتِي تعرف بهَا النكرات وَهُوَ أل فعدلوه عَن ذَلِك إِلَى أَن عرفوه
بِغَيْر تِلْكَ الطّرق وَهُوَ العلمية فَإِنَّهُ جعل علما لهَذَا
الْوَقْت وَقيل إِنَّه امْتنع للعدل والتعريف الْمُشبه لتعريف العلمية
من حَيْثُ كَونه تعريفا بِغَيْر أَدَاة تَعْرِيف بل بالغلبة على ذَلِك
الْوَقْت الْمعِين وَلَيْسَ تَعْرِيفه بالعلمية لِأَنَّهُ فِي معنى
السحر وتعريف العلمية لَيْسَ فِي مرتبَة تَعْرِيف آل وَقيل إِنَّه
منصرف وَإِنَّمَا لَا ينون لنِيَّة أل وَالْأَصْل السحر وَعَلِيهِ
السُّهيْلي وَقيل لنِيَّة الْإِضَافَة إِذْ التَّقْدِير سحر ذَلِك
الْيَوْم وَقيل إِنَّه مَبْنِيّ على الْفَتْح لتَضَمّنه معنى حرف
التَّعْرِيف كَمَا أَن أمس بني على الْكسر لذَلِك وَإِلَى هَذَا ذهب
صدر الأفاضل نَاصِر المطرزي وَابْن الطراوة وَنَصره أَبُو حَيَّان
فَقَالَ
(1/106)
الْفرق بَين سحر وأمس عِنْدِي يعسر قَالَ
وَقد رد على صدر الأفاضل بِأَنَّهُ لَو كَانَ سحر مَبْنِيا لَكَانَ
الْكسر أولى بِهِ لِأَن فَتْحة النصب توهم الْإِعْرَاب فَكَانَ يجْتَنب
كَمَا اجْتنب موهم الْإِعْرَاب فِي قبل وَبعد والمنادى الْمَبْنِيّ
وَهَذَا الرَّد لَيْسَ بِشَيْء لِأَن سحر تدخله الحركات كلهَا إِذْ لم
يكن معرفَة فَكَانَت الفتحة أولى بِهِ فِي الْبناء لِأَن الْكسر
إِنَّمَا يكون لالتقاء الساكنين وَقد انْتَفَى هَذَا فَفتح تَخْفِيفًا
وتبعا لحركة مَا قبله للمناسبة قَالَ وَمَا ذكره الْجُمْهُور من أَنه
عدل عَن الْألف وَاللَّام مُشكل لِأَنَّهُ يشْعر بِأَنَّهُ تضمن
تَعْرِيفهَا لِأَن معنى المعدول عَنهُ يتضمنه المعدول لَهُ أَلا ترى
أَن عمر تضمن معنى عَامر وحذام تضمن معنى حازمة ومثنى تضمن معنى
اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَفسق تضمن معنى فَاسق وَهَذَا حَقِيقَة الْعدْل
وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَكيف يكون سحر معنى مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام
وَيكون علما وتعريف العلمية لَا يُجَامع تَعْرِيف اللَّام فَكَذَلِك
لَا يُجَامع تَعْرِيف مَا عدل عَنْهَا انْتهى وعَلى الأول لَو سمي بِهِ
صرف وفَاقا أما سحر غير الْمعِين فَإِنَّهُ لَا يلْزم الظَّرْفِيَّة
وَهُوَ منصرف نكرَة ومعرفا بِاللَّامِ وَالْإِضَافَة الْخَامِس فعال
علم الْمُؤَنَّث كحذام وقطام ورقاش وغلاب وسجاح أَعْلَام لنسوة وسكاب
لفرس وعرار لبقرة وظفار لبلدة عِنْد بني تَمِيم فَإِنَّهُم يعربونه
مَمْنُوع الصّرْف للعلمية وَالْعدْل عَن فاعلة هَذَا مَذْهَب
سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْمبرد إِلَى أَن الْمَانِع لَهُ العلمية والتأنيث
كزينب وَأَمْثَاله فَلَا يكون معدولا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالظَّاهِر
الأول لِأَن حذام وَنَحْوهَا على رَأْي الْمبرد تكون مرتجلة لَا أصل
لَهَا فِي النكرات والغلب على الْأَعْلَام أَن تكون منقولة وَهِي
الَّتِي لَهَا أصل فِي النكرات 4 عدلت عَنهُ بعد أَن صيرت أعلاما وعَلى
الأول لَو نكر صرف وَلَو سمي بِهِ مُذَكّر جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ
الْمَنْع إبْقَاء على مَا كَانَ لبَقَاء لفظ الْعدْل وَالصرْف لزوَال
مَعْنَاهُ وَزَوَال التَّأْنِيث بزواله لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مؤنثا
لإِرَادَة مَا
(1/107)
عدل عَنهُ وَهُوَ راقشة أما الحجازيون
فَإِن بَاب حذام عِنْدهم مَبْنِيّ على الْكسر إِجْرَاء لَهُ مجْرى فعال
الْوَاقِع موقع الْأَمر كنزال لشبهه بِهِ فِي الْوَزْن وَالْعدْل
والتعريف وَقيل لتَضَمّنه معنى الْحَرْف وَهُوَ عَلامَة التَّأْنِيث
فِي المعدول عَنهُ وَقَالَ الْمبرد لتوالي علل منع الصّرْف عَلَيْهِ
وَهِي التَّعْرِيف والتأنيث وَالْعدْل كَمَا تقدم فِي الْبناء وَأكْثر
بني تَمِيم يوافقون الْحِجَازِيِّينَ فِيمَا آخِره رَاء كسفار اسْم
لماء وحضار اسْم كَوْكَب فيبنونه على الْكسر للشبه السَّابِق
وَإِنَّمَا خصوه بِمَا آخِره رَاء لِأَن من مَذْهَبهم الإمالة
وَإِنَّمَا يتوصلون إِلَيْهِ بِكَسْر الرَّاء وَلَو رفعوا أَو فتحُوا
لم يصلوا إِلَيْهَا وَبَعْضهمْ يعربه أَيْضا على أَصله فِي حذام قَالَ
الْأَعْشَى فَجمع بَين اللغتين 33 -
(ومرّ دهرٌ على وبار ... فَهَلَكت جهرة وبارُ)
(1/108)
فَبنِي وبار أَولا على الْكسر ثمَّ أعربه
آخرا لِأَن قوافي القصيدة مَرْفُوعَة وَقيل وَيحْتَمل أَن يكون
الثَّانِي فعلا مَاضِيا مُسْندًا للْجَمَاعَة وَاتفقَ الحجازيون
والتميميون وَسَائِر الْعَرَب على بِنَاء فعال المعدول على الْكسر إِذا
كَانَ مصدرا ومأخذه السماع كفجار وَحَمَّاد ويسار قَالَ 34 -
(فَقُلْتُ امْكُثِي حَتَّى يَسار لَعَلّنا ... )
وَقَالَ 35 -
(فَحَملْتُ بَرّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَار ... )
(1/109)
وَقُرِئَ {لَا مساس} طه 97 أَو حَالا نَحْو
36 -
(وَالْخَيْل تعدو بالصعَّيد بَدادِ ... )
أَو صفة جَارِيَة مجْرى الْأَعْلَام ومأخذها أَيْضا السماع نَحْو حلاق
للمنية وضارم للحرب وجناد للشمس وأزام للسّنة الشَّدِيدَة وضمام
للداهية أَو مُلَازمَة للنداء نَحْو يَا فساق وَيَا خباث وَفِي قِيَاس
هَذِه خلاف يَأْتِي أَو أمرا نَحْو نزال وتراك ودراك وحذار وَفِي
قياسها أَيْضا خلاف يَأْتِي وَبَنُو أَسد تبني هَذَا النَّوْع وَهُوَ
الْأَمر على الْفَتْح تَخْفِيفًا وكل هَذِه الْأَنْوَاع معدولة عَن
مؤنث وَأما الْمصدر وَالْحَال فمعدول عَن مصدر مؤنث معرفَة وَإِن لم
يسْتَعْمل فِي كَلَامهم وَأما الصّفة بقسميها فَعَن وصف مؤنث غلب
فَصَارَ اسْما كالنابغة وَأما الْأَمر فَقَالَ الْمبرد إِنَّه معدول
عَن مصدر مؤنث معرفَة كالأولين وَهُوَ الصَّحِيح وَظَاهر الْكَلَام
سِيبَوَيْهٍ أَنه معدول عَن الْفِعْل وَلَو سمي بِبَعْض هَذِه
الْأَنْوَاع مؤنث جَازَ فِيهِ الْإِعْرَاب مَمْنُوعًا وَالْبناء كباب
حذام أَو مُذَكّر فأقوال أَحدهَا يصرف كصباح وَنَحْوه من الْمُذكر إِذا
سمي بِهِ وَالثَّانِي يمْنَع كعناق وَنَحْوه من الْمُؤَنَّث إِذا سمي
بِهِ وَهُوَ الْمَشْهُور وَالثَّالِث
(1/110)
يَبْنِي كحذام وَعَلِيهِ ابْن بابشاذ ص
وَكَونه صفة على فعلان ذَا فعلى وَقيل فَاقِد فعلانة فعلى الأول
بِصَرْف رَحْمَن ولحيان وَعلة الْمَنْع شبه الزيادتين بِأَلف
التَّأْنِيث وَقيل كَون النُّون مبدلة مِنْهَا وعَلى الثَّانِي
كَونهمَا زائدتين لَا تلحقهما الْهَاء فَإِن أبدلت النُّون من همز صلي
صرف غَالِبا ش الرَّابِعَة كَونه صفة فِي آخِره ألف وَنون زائدتان
بِشَرْط أَن يكون مُؤَنّثَة على فعلى كسكران سكرى وريان ريا وَقيل
الشَّرْط أَن يكون مُؤَنّثَة على فعلانة سَوَاء وجد لَهُ مؤنث على فعلى
أم لَا وَيَبْنِي على الْخلاف مَسْأَلَتَانِ الأولى لَازم التَّذْكِير
كرحمن ولحيان لكبير اللِّحْيَة على الأول يصرف لفقد فعلى فِيهِ إِذْ
لَا مؤنث لَهُ وعَلى الثَّانِي يمْنَع فعلانة مِنْهُ لما ذكر قَالَ
أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح فِيهِ الصّرْف لأَنا جهلنا النَّقْل فِيهِ
عَن الْعَرَب وَالْأَصْل فِي الِاسْم الصّرْف فَوَجَبَ الْعَمَل بِهِ
وَوجه مُقَابِله أَن الْغَالِب فِيمَا وجد فعلان للصفة الْمَنْع
فَكَانَ الْحمل عَلَيْهِ أولى الثَّانِيَة عِلّة منع الْألف وَالنُّون
وعَلى الأول لشبهها بِأَلف التَّأْنِيث فِي عدم قبُول هَاء التَّأْنِيث
وَقيل إِن النُّون الَّتِي بعد الْألف مبدلة من الْهمزَة المبدلة من
ألف التَّأْنِيث بِدَلِيل قَول الْعَرَب فِي النّسَب إِلَى صنعاء
وبهراء صنعاني وبهراني وعَلى الثَّانِي كَونهمَا زائدتين لَا تلحقهما
الْهَاء من غير مُلَاحظَة الشّبَه بِأَلف التَّأْنِيث وَنقل عَن
الْكُوفِيّين فَإِن كَانَت النُّون مبدلة من همز أُصَلِّي صرف وَلَو
كَانَ لفعلان مؤنث على فعلانة صرف إِجْمَاعًا كندمان وسيفان للرجل
الطَّوِيل وحبلان للمتليء غَضبا وَيَوْم دخنان فِيهِ كدرة فِي سَواد
وَيَوْم سخنان حَار وَيَوْم ضحيان لَا غيم فِيهِ وبعير صوحان يَابِس
الظّهْر وَرجل عَلان صَغِير
(1/111)
حقير وَرجل قشوان دَقِيق السَّاقَيْن وَرجل
مصان لئيم وَرجل موتان الْفُؤَاد أَي غير حديده وَرجل نصران أَي
نَصْرَانِيّ وَرجل خمصان بِالْفَتْح لُغَة فِي خمصان وكبش أليان
فَهَذِهِ أَرْبَعَة عشرَة كلمة لَا غير مؤنثاتها بِالتَّاءِ ص ووفاقه
لوزن فعل خَاص بِهِ أَو أولى لَازم لم يخرج إِلَى شبه الِاسْم لَا مستو
خلافًا ليونس مُطلقًا ولعيسى فِي الْمَقُول من فعل مَعَ علمية أَو
وَصفِيَّة غير عارضة وَعدم قبُول التَّاء خلافًا للأخفش فِي أرمل وقدرت
بقلة فِي أجدل وأخيل وأفعى وألغيت شذوذا فِي نَحْو أبطح وَالأَصَح أَن
مِنْهُ أفعل التَّفْضِيل وَمنع ألبب علما وَصرف يعصر وَأَنه يُؤثر
عرُوض سُكُون تَخْفيف لَا بدل همزَة أفعل ش الْخَامِسَة مُوَافقَة وزن
الْفِعْل بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون خَاصَّة بِهِ أَن لَا يُوجد فِي
الِاسْم دون ندور إِلَّا فِي علم مَنْقُول مِنْهُ كانطلق واستخرج إِذا
سمي بهما أَو فِي أعجمي مُعرب أَو غَالِبا فِيهِ ويعبر عَنهُ
بِالْأولَى بِهِ بِأَن يُوجد فِي الِاسْم وَالْفِعْل وأوله زِيَادَة من
الزِّيَادَات الَّتِي فِي أول الْمُضَارع وَهُوَ قِسْمَانِ قسم نقل من
الْفِعْل كيزيد ويشكر وَقسم لَيْسَ بمنقول كأفكل ويرمع وَالتَّعْبِير
بِالْأولَى أحسن من التَّعْبِير بالغالب لِأَنَّهُ يبطل بأفعل إِذْ
هُوَ فِي الْأَسْمَاء أَكثر إِذْ مَا من فعل ثلاثي إِلَّا وَله أفعل
اسْما إِمَّا للتفضيل أَو لغيره وَقد جَاءَ أفعل فِي الْأَسْمَاء من
غير فعل كأجدل وأخيل وأرنب وَأَيْضًا
(1/112)
فَإِن فَاعل بِالْفَتْح لَا يكَاد يُوجد
فِي الْأَسْمَاء إِلَّا فِي نَحْو خَاتم وَهُوَ فِي الْأَفْعَال أَكثر
من أَن يُحْصى كضارب وَقَاتل وَلَو سمي بِخَاتم صرف فَظهر أَن
الْمُعْتَبر كَونه أولى بِهِ من الِاسْم وَوجه الْأَوْلَوِيَّة أَن
لتِلْك الزَّوَائِد فِي الْفِعْل مَعَاني وَلَا معنى لَهَا فِي الِاسْم
فَكَانَت لذَلِك أصلا فِي الْفِعْل أما الْوَزْن الْخَاص بِالِاسْمِ
أَو الْغَالِب فِيهِ فَلَا شُبْهَة فِي عدم اعْتِبَاره وَأما
الْمُشْتَرك بَينهمَا على السوَاء فَفِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا عدم
تَأْثِيره مُطلقًا سَوَاء نقل من الْفِعْل أم لَا وَعَلِيهِ
سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لإِجْمَاع الْعَرَب على صرف كعسب اسْم رجل
وَهُوَ مَنْقُول من كعسب فعلل وَهُوَ الْعَدو الشَّديد مَعَ تداني
الخطى وَالثَّانِي تَأْثِيره مُطلقًا وَعَلِيهِ يُونُس وَالثَّالِث
يُؤثر إِن نقل من فعل وَلَا يُؤثر غَيره وَعَلِيهِ عِيسَى بن عمر
وَاسْتدلَّ بقوله 37 -
(أَنا ابنُ جَلا ... )
(1/113)
فَلم يصرفهُ وَأجِيب بِأَنَّهُ روعي فِيهِ
ضمير الْفَاعِل فحكي الشَّرْط الثَّانِي أَن يكون لَازِما ليخرج نَحْو
امْرُؤ وابنم علمين فَإِنَّهُمَا على لُغَة الإتباع فِي الرّفْع كاخرج
وَفِي النصب كاعلم وَفِي الْجَرّ كاضرب وَلَا يمنعان من الصّرْف لِأَن
الْوَزْن فيهمَا لَيْسَ بِلَازِم إِذْ لم تَسْتَقِر حَرَكَة الْعين
فَلَو سمي بهما على لُغَة من يلْتَزم الْفَتْح منعا الشَّرْط الثَّالِث
أَن يُخرجهُ إِلَى شبه الإسم سُكُون تَخْفيف ليخرج نَحْو رد وَقيل إِذا
سمي بهما فَإِنَّهُمَا يصرفان لِأَن الإسكان أخرجهُمَا إِلَى شبه
الِاسْم فصارا نَحْو مد وَقيل هَذَا إِذا كَانَ السّكُون قبل
التَّسْمِيَة فَإِن طَرَأَ بعْدهَا كَأَن تسمي رجلا بِضَرْب ثمَّ تسكن
الرَّاء تَخْفِيفًا فَفِيهِ قَولَانِ حكيتهما آخرا أصَحهمَا الصّرْف
أَيْضا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ صَار على وزن الِاسْم
وَالْأَصْل الصّرْف وَالثَّانِي الْمَنْع لعروض التَّخْفِيف فَلَا
يعْتد بِهِ وَعَلِيهِ الْمبرد والمازني وَابْن السراج والسيرافي
(1/114)
وَيجْرِي الْقَوْلَانِ فِي يعصر علما إِذا
ضم ياؤه إتباعا فَالْأَصَحّ صرفه وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ لوُرُود السماع
بِهِ فِيمَا حَكَاهُ أَبُو زيد وَخُرُوج إِلَى شبه الِاسْم وَالثَّانِي
مَنعه وَعَلِيهِ الْأَخْفَش لعروض الضمة فَلَا اعْتِدَاد بهَا ويجريان
أَيْضا فِي أللبب علما فَعَن الْأَخْفَش صرفه لمباينته الْفِعْل بالفك
وَالأَصَح وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ مَنعه وَلَا مبالاة بفكه لِأَنَّهُ
رُجُوع إِلَى أصل مَتْرُوك فَهُوَ كتصحيح مثل استحوذ وَذَلِكَ لَا
يمْنَع اعْتِبَار الْوَزْن إِجْمَاعًا فَكَذَا الفك وَلِأَن وُقُوع
الفك فِي الْأَفْعَال مَعْهُود كأشدد فِي التَّعَجُّب وَلم يردد وألل
السقاء فَلم يباينه ويجريان أَيْضا فِي بدل همز أفعل كهراق أَصله أراق
علما وَالأَصَح فِيهِ الْمَنْع وَلَا مبالاة بِهَذَا الْبَدَل الشَّرْط
الرَّابِع أَن يكون مَعَه علمية كخضم اسْم العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم
وبذر اسْم بِئْر وعثر اسْم وَاد بالعقيق وَأحمد وَيزِيد ويشكر وَأجْمع
وأخواته فِي التوكيد أَو وَصفِيَّة وَلها شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن تكون
أَصْلِيَّة كأحمر بِخِلَاف الْعَارِضَة كمررت بِرَجُل أرنب أَي ذليل
وبنسوة أَربع فَإِنَّهُمَا مصروفان لِأَن الوصفية بهما عارضة الثَّانِي
أَلا يقبل تَاء التَّأْنِيث احْتِرَازًا من نَحْو مَرَرْت بِرَجُل
أباتر وأدابر فَإِنَّهُمَا مصروفان وَإِن كَانَ فيهمَا الْوَزْن
والوصفية الْأَصْلِيَّة لدُخُول التَّاء عَلَيْهِمَا فِي امْرَأَة
أباترة وأدابرة وشملت الْعبارَة مَا مؤنثه فعلاء كأحمر وحمراء وَمَا
لَا مؤنث لَهُ من لَفظه بل من مَعْنَاهُ كَرجل آلي وَامْرَأَة عجزاء
وَلَا يُقَال ألياء وَمَا لَا مؤنث لَهُ لفقد مَعْنَاهُ
(1/115)
فِي الْمُؤَنَّث كَرجل أكمر وآدر وألحى أَو
لاشتراك الْمُذكر والمؤنث فِيهِ وَذَلِكَ أفعل التَّفْضِيل مَعَ من
قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد وَقع الْخلاف فِي قسم وَاحِد من أفعل وَهُوَ
مَا تلْحقهُ تَاء التَّأْنِيث نَحْو أرمل وأرملة فمذهب الْجُمْهُور
صرفه وَمنعه الْأَخْفَش كأحمر قَالَ ثمَّ إِنَّه لَا تُوجد الوصفية
مَعَ الْوَزْن الْمُخْتَص وَلَا مَعَ كل الأوزان الْغَالِبَة مَعَ أفعل
خَاصَّة وَهنا مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهمَا أجدل للصقر وأخيل لطائر ذِي
خيلان وأفعى للحية أَسمَاء لَا أَوْصَاف فَأكْثر الْعَرَب تصرفها
وَبَعْضهمْ يمْنَعهَا مُلَاحظَة للوصفية فلحظ فِي أجدل معنى شَدِيد
وأخيل أفعل من الخيلان وأفعى معنى خَبِيث مُنكر وَقيل إِنَّه مُشْتَقّ
من فوعة السم وَهِي حرارته وَأَصله أفوع ثمَّ قلب فَصَارَ أَفْعَى
الثَّانِيَة مَا أَصله الوصفية وَاسْتعْمل اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء
كأبطح وَهُوَ الْمَكَان المنبطح من الْوَادي وأجرع وَهُوَ الْمَكَان
المستوي وأبرق وَهُوَ الْمَكَان فِيهِ لونان الْأَكْثَر مَنعه
اعْتِبَارا بِأَصْلِهِ وَلَا يعْتد بالعارض وشذ صرفه إِلْغَاء للْأَصْل
واعتداد بالعارض ص وَمَعَ العلمية زيادتا فعلان فِيهِ أَو فِي غَيره
ومبنى حسان وَنَحْوه على أَصَالَة النُّون ش السَّادِسَة وهى وَمَا
بعْدهَا إِنَّمَا تمنع مَعَ العلمية الْألف وَالنُّون الزائداتان
سَوَاء كَانَتَا فِي فعلان كحمدان أَو غَيره كعمران وَعُثْمَان
وغَطَفَان وعلامة زيادتهما أَن يكون قبلهمَا أَكثر من حرفين فَإِن
كَانَ قبلهمَا حرفان ثَانِيهمَا مضعف فلك اعتباران إِن قدرت أَصَالَة
التَّضْعِيف فهما زائدتان أَو زِيَادَته فالنون أَصْلِيَّة كحسان إِن
جعلته من الْحس فوزنه فعلان فَلَا ينْصَرف أَو من الْحسن فوزنه فعال
فَيَنْصَرِف وَكَذَا حَيَّان هَل هُوَ من الْحَيَاة أَو الْحِين قيل
وَيدل للْأولِ مَا رُوِيَ فِي الحَدِيث أَن قوما قَالُوا نَحن بَنو
غيان فَقَالَ
بل أَنْتُم بَنو رشدان
(1/116)
فَقضى باشتقاقه من الغي مَعَ احْتِمَال أَن
يكون مشتقا من الْغَيْن ص أَو ألف إِلْحَاق مَقْصُورَة ش السَّابِعَة
ألف الْإِلْحَاق الْمَقْصُورَة وتمنع مَعَ العلمية بِخِلَاف الممدودة
لشبهها بِأَلف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة من وَجْهَيْن لَا يوجدان فِي
الممدودة أَحدهمَا أَن كلا مِنْهُمَا زَائِدَة لَيست مبدلة من شَيْء
والممدودة مبدلة من يَاء الثَّانِي أَنَّهَا تقع فِي مِثَال صَالح
لِأَلف التَّأْنِيث كأرطى فَهُوَ على مِثَال سكرى وعزهى فَهُوَ على
مِثَال ذكرى والمثال الَّذِي تقع فِيهِ الممدودة كعلباء لَا يصلح
لِأَلف التَّأْنِيث الممدودة تَنْبِيهَانِ الأول الْإِلْحَاق أَن تبني
مثلا من ذَوَات الثَّلَاثَة كلمة على بِنَاء يكون رباعي الْأُصُول
فتجعل كل حرف مُقَابل حرف فتفنى أصُول الثلاثي فتأتي بِحرف زَائِد
مُقَابل للحرف الرَّابِع من الرباعي الْأُصُول فيسمى ذَلِك الْحَرْف
حرف الْإِلْحَاق الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان مَا فِيهِ ألف التكثير
أَيْضا إِذا سمي بِهِ منع الصّرْف نَحْو قبعثرى لشبه ألف التكثير
بِأَلف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة من حَيْثُ إِنَّهَا زَائِدَة فِي
الآخر لم تنْقَلب وَلَا تدخل عَلَيْهَا تَاء التَّأْنِيث كَمَا أَن ألف
التَّأْنِيث كَذَلِك
(1/117)
ص أَو تركيب مزج الثَّامِنَة تركيب المزج
وَيمْنَع مَعَ العلمية لشبهه بهاء التَّأْنِيث فِي أَن عَجزه يحذف فِي
التَّرْخِيم كَمَا تحذف وَأَن صَدره يصغر كَمَا يصغر مَا هِيَ فِيهِ
وَيفتح آخِره كَمَا يفتح مَا قبلهَا وضابطه كل اسْمَيْنِ جعلا اسْما
وَاحِدًا لَا بِالْإِضَافَة وَلَا بِالْإِسْنَادِ بتنزيل ثَانِيهمَا من
الأول هَاء التَّأْنِيث كبعلبك ومعدي كرب وَاحْترز بِهِ عَن غَيره من
المركبات كتركيب الْعدَد كخمسة عشر والإسناد كبرق نَحره وَالْإِضَافَة
كامرئ الْقَيْس ص أَو عجمة شخصية مَعَ زِيَادَة على ثَلَاثَة بِدُونِ
يَاء التصغير وَإِلَّا صرف تحرّك الْوسط أَو لَا خلافًا لمن جوز
الْمَنْع إِلَّا مَعَ التَّأْنِيث وَلَا يشْتَرط كَونه علما خلافًا
للدباج ش التَّاسِعَة العجمة وتمنع مَعَ العلمية بِشُرُوط أَحدهَا أَن
تكون شخصية بِأَن ينْقل فِي أول أَحْوَاله علما إِلَى لِسَان الْعَرَب
كإبراهيم وَإِسْرَائِيل فَأول مَا استعملتهما الْعَرَب استعملتهما
علمين بِخِلَاف الجنسية وَهُوَ مَا نقل من لِسَان الْعَجم إِلَى لِسَان
الْعَرَب نكرَة كديباج ولجام ونيروز فَإِنَّهَا لنقلها نكرات أشبهت مَا
هُوَ من كَلَام الْعَرَب فصرفت وَتصرف فِيهَا بِإِدْخَال الْألف
وَاللَّام عَلَيْهَا والاشتقاق مِنْهَا وَهل يشْتَرط أَن يكون علما فِي
لِسَان الْعَجم قَولَانِ الْمَشْهُور لَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور فِيمَا
نَقله أَبُو حَيَّان الثَّانِي نعم وَعَلِيهِ أَبُو الْحسن الدباج
وَابْن الْحَاجِب وَنقل عَن ظَاهر مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وينبنى على
ذَلِك صرف نَحْو قالون وَبُنْدَار فَيَنْصَرِف على الثَّانِي لِأَنَّهُ
لم يكن علما فِي لُغَة الْعَجم دون الأول لِأَنَّهُ لم يكن فِي كَلَام
الْعَرَب قبل أَن يُسمى بِهِ
(1/118)
الشَّرْط الثَّانِي أَن يكون زَائِدا على
ثَلَاثَة أحرف كإبراهيم وَإِسْحَاق فَإِن كَانَ ثلاثيا صرف سَوَاء
تحرّك الْوسط كشتر ولمك اسْم رجل أَو لَا كنوح وَلُوط وَقيل يمْنَع
متحرك الْوسط إِقَامَة للحركة مقَام الْحَرْف الرَّابِع كَمَا فِي
الْمُؤَنَّث وَفرق الأول بِأَن العجمة سَبَب ضَعِيف فَلَا يُؤثر دون
الزِّيَادَة على الثَّلَاثَة وَذَلِكَ لِأَنَّهَا متوهمة والتأنيث
ملفوظ بِهِ غَالِبا وَلذَلِك لم تعْتَبر مَعَ علمية متجددة وَلَا
وَصفِيَّة وَلَا وزن الْفِعْل وَلَا تَأْنِيث وَلَا زِيَادَة وَقيل
يجوز فِي السَّاكِن الْوسط الْوَجْهَانِ الصّرْف وَالْمَنْع وَهُوَ
فَاسد إِذْ لم يحفظ نعم إِن كَانَ فِيهِ تَأْنِيث تعين الْمَنْع كَمَا
سَيَأْتِي وَلَو كَانَ رباعيا وَأحد حُرُوفه يَاء التصغير لم يمْنَع
إِلْحَاقًا لَهُ بِمَا قبل التصغير ص وتعرف العجمة بِالنَّقْلِ
وَخُرُوجه عَن وزن الْأَسْمَاء وَوَلَاء الرَّاء النُّون وَالزَّاي
الدَّال واجتماع الصَّاد أَو الْقَاف أَو الْكَاف وَالْجِيم وَكَونه
خماسيا أَو رباعيا عَارِيا من الذلاقة ش المُرَاد بالعجمي كل مَا نقل
إِلَى اللِّسَان الْعَرَبِيّ من لِسَان غَيرهَا سَوَاء كَانَ من لُغَة
الْفرس أَو الرّوم أم الْحَبَشَة أم الْهِنْد أم البربر أم الإفرنج أم
غير ذَلِك وتعرف عجمة الِاسْم بِوُجُوه أَحدهَا أَن تنقل ذَلِك
الْأَئِمَّة الثَّانِي خُرُوجه عَن أوزان الْأَسْمَاء الْعَرَبيَّة
نَحْو إبريسم فَإِن مثل هَذَا الْوَزْن مَفْقُود فِي أبنية الْأَسْمَاء
فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ الثَّالِث أَن يكون فِي أَوله نون بعْدهَا
رَاء نَحْو نرجس أَو آخِره زَاي بعد دَال نَحْو مهندز فَإِن ذَلِك لَا
يكون فِي كلمة عَرَبِيَّة الرَّابِع أَن يجْتَمع فِي الْكَلِمَة من
الْحُرُوف مَا لَا يجْتَمع فِي كَلَام الْعَرَب كالجيم وَالصَّاد نَحْو
صولجان أَو وَالْقَاف نَحْو منجنيق أَو وَالْكَاف نَحْو أسكرجة
(1/119)
الْخَامِس أَن يكون عَارِيا من حُرُوف
الذلاقة وَهُوَ خماسي أَو رباعي وحروف الذلاقة سِتَّة يجمعها قَوْلك مر
بنفل قَالَ صَاحب الْعين لست واجدا فِي كَلَام الْعَرَب كلمة خماسية
بناؤها من الْحُرُوف المصمتة خَاصَّة وَلَا ربَاعِية كَذَلِك إِلَّا
كلمة وَاحِدَة وَهِي عسجد لخفة السِّين وهشاشتها ص وَمَا وَافق
الْعَرَبِيّ لفظا فَمَنعه على قصد الْمُسَمّى فَإِن جهل فعلى الْعَادة
فِي التَّسْمِيَة وَلَا ينزل جَهَالَة الأَصْل أَو كَونه لَيْسَ من
عاداتهم التَّسْمِيَة بِهِ كالعجمة على الْأَصَح وَمَا بني على قِيَاس
الْعَرَب وَسمي بِهِ فثالثها الْأَصَح إِن كَانَ على قِيَاس مطرد لحق
بِهِ فَإِن كَانَ بِهِ مَانع منع ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى مَا
كَانَ من الْأَسْمَاء الأعجمية مُوَافقا فِي الْوَزْن لما فِي
اللِّسَان الْعَرَبِيّ نَحْو إِسْحَاق فَإِنَّهُ مصدر لأسحق بِمَعْنى
أبعد أَو بِمَعْنى ارْتَفع تَقول أسحق الضَّرع ارْتَفع لبنه وَنَحْو
يَعْقُوب فَإِنَّهُ ذكر الحجل فَإِن كَانَ شَيْء مِنْهُ اسْم رجل يتبع
فِيهِ قصد المسمي فَإِن قصد اسْم النَّبِي منع الصّرْف للعلمية والعجمة
وَإِن عين مَدْلُوله فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ صرف وَإِن جهل قصد
المسمي حمل على مَا جرت بِهِ عَادَة النَّاس وَهُوَ الْقَصْد بِكُل
وَاحِد مِنْهُمَا مُوَافقَة اسْم النَّبِي فَلَو سمت الْعَرَب باسم
مَجْهُول أَو باسم لَيْسَ من عَادَتهم التَّسْمِيَة بِهِ فَقيل يجرى
مجْرى الاعجمي لشبهه بِهِ من جِهَة أَنه غير مَعْهُود فِي أسمائهم
كَمَا أَن العجمي كَذَلِك وعَلى هَذَا الْفراء وَمثل الأول بسبأ
وَالثَّانِي بقَوْلهمْ هَذَا أَبُو صعرور فَلم يصرف لِأَنَّهُ لَيْسَ
من عَادَتهم التَّسْمِيَة بِهِ وَالأَصَح وَعَلِيهِ البصريون خلاف
ذَلِك الثَّانِيَة مَا بني على قِيَاس كَلَام اعرب نَحْو تبني على وزن
برثن من الضَّرْب
(1/120)
فَتَقول ضربب وعَلى مِثَال سفرجل فَتَقول
ضربب فَهَل يلْحق بِكَلَام الْعَرَب أَو لَا فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب
أَحدهَا نعم فَيحكم لَهُ بِحكم الْعَرَبِيّ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ
لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب فَصَارَ بِمَنْزِلَة الأعجمي وَالثَّالِث
وَهُوَ الصَّحِيح إِن بني على قِيَاس مَا اطرد فِي كَلَامهم لحق بِهِ
كَأَن يَبْنِي من الضَّرْب مثل قردد فَتَقول ضربب لِأَنَّهُ كثير
الْإِلْحَاق بتكرار اللَّام أَو على قِيَاس مَا لم يطرد فِي كَلَامهم
لم يلْحق بِهِ كَأَن يبْنى مِنْهُ مثل كوثر فَتَقول ضورب لِأَن
الْإِلْحَاق بِالْوَاو ثَانِيَة لم يكثر إِذا عرف ذَلِك فَلَو سمي بِهِ
فعلى الْإِلْحَاق بِكَلَام الْعَرَب يحكم لَهُ بِحكم الْعَرَبِيّ فَلَا
يمْنَع إِلَّا مَعَ عِلّة أُخْرَى وعَلى عَدمه يمْنَع مُطلقًا للعجمة
مَعَ العلمية ص أَو تَأْنِيث لفظا أَو معنى فَإِن كَانَ ثنائيا أَو
ثلاثيا سَاكن الْوسط وضعا اَوْ إعلالا فَالْأَصَحّ جَوَاز الْأَمريْنِ
وَثَالِثهَا إِن لم يكن بَلْدَة وَأَن الْمَنْع أَجود وَأَنه يجب مَعَ
العجمة وَكَونه مُذَكّر الأَصْل وتحرك ثَانِيه لفظا وَهُوَ الْمُؤَنَّث
دون مُذَكّر وَإِن سمي مُذَكّر بمؤنث مُجَرّد منع بِشَرْط زِيَادَته
على ثَلَاثَة لفظا أَو تَقْديرا خلافًا للفراء مُطلقًا وَلابْن خروف
فِي متحرك الْوسط وَأَن لَا يسْبقهُ تذكير انْفَرد بِهِ أَو غلب أَو
بوصفه كحائض صرف خلافًا للكوفية أَو بِوَصْف فِي لُغَة اسْم فِي لُغَة
فعلى التَّقْدِيرَيْنِ ش الْعَاشِرَة التَّأْنِيث وَيمْنَع مَعَ
العلمية سَوَاء كَانَ لفظيا وَهُوَ التَّأْنِيث بِالْهَاءِ لمؤنث أَو
مُذَكّر كفاطمة وَطَلْحَة أم معنويا وَهُوَ علم الْمُؤَنَّث الْخَالِي
من الْهَاء كزينب وسعاد فَإِن كَانَ الْمَعْنَوِيّ ثنائيا كيد علما
لمؤنث أَو ثلاثيا سَاكن الْوسط وضعا كهند وجمل أَو إعلالا كدار علما
أَصْلهَا دور بِالْفَتْح فَفِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا وَعَلِيهِ
سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور جَوَاز الْأَمريْنِ فِيهِ الصّرْف وَتَركه
وَكِلَاهُمَا مسموع
(1/121)
أما الْمَنْع فلاجتماع التَّأْنِيث
والعلمية وَأما الصّرْف فلخفة السّكُون فقاوم أحد السببين كَمَا دفع
أَثَره فِي نوح وَلُوط وَالثَّانِي لَا يجوز إِلَّا الْمَنْع وَعَلِيهِ
الزّجاج قَالَ لِأَن السّكُون لَا يُغير حكما أوجبه اجْتِمَاع علتين
مانعتين وَالثَّالِث وَعَلِيهِ الْفراء أَن مَا كَانَ اسْم بلد كفيد
لَا يجوز صرفه وَمَا لم يكن جَازَ لأَنهم يرددون اسْم الْمَرْأَة على
غَيرهَا فيوقعون هندا ودعدا وجملا على جمَاعَة من النِّسَاء وَلَا
يرددون اسْم الْبَلدة على غَيرهَا فَلَمَّا لم تردد وَلم تكْثر فِي
الْكَلَام لَزِمَهَا الثّقل وعَلى جَوَاز الْأَمريْنِ اخْتلف فِي
الأجود مِنْهُمَا فَالْأَصَحّ أَن الأجود الْمَنْع قَالَه ابْن جني
وَهُوَ الْقيَاس ولأكثر فِي كَلَامهم وَقَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي
اصرف أفْصح قَالَ الخضراوي وَلَا أعلم قَالَ هَذَا القَوْل أحد قبله
وَهُوَ غلط جلي ويتحتم الْمَنْع على الْأَصَح فِي صور أَحدهَا أَن
يَنْضَم إِلَى ذَلِك عجمة كحمص وماه وجور لِأَن انضمام العجمة قوي
الْعلَّة وَلَا يُقَال إِن الْمَنْع للعجمة والعلمية دون التَّأْنِيث
لِأَن العجمة لَا تمنع صرف الثلاثي وَجوز بَعضهم فِيهِ الْأَمريْنِ
وَلم يَجْعَل للعجمة تَأْثِيرا الثَّانِيَة أَن يكون مُذَكّر الأَصْل
كزيد اسْم امْرَأَة لِأَن النَّقْل إِلَى الْمُؤَنَّث ثقل يعادل الخفة
الَّتِي بهَا صرف من صرف هندا وَجوز الْمبرد وَغَيره فِيهِ الْأَمريْنِ
كَمَا يجوزان فِي الْمَنْقُول من مؤنث إِلَى مُذَكّر
(1/122)
وَهُوَ نقل من ثقل إِلَى ثقل الثَّالِثَة
أَن يَتَحَرَّك ثَانِيه لفظا كقدم اسْم امْرَأَة لتنزل الْحَرَكَة
منزلَة الْحَرْف الرَّابِع وَجوز ابْن الْأَنْبَارِي وَغَيره فِيهِ
الْأَمريْنِ وَلم يجْعَلُوا الْحَرَكَة قَائِمَة مقَام الرَّابِع وَلَا
عِبْرَة بتحريكه تَقْديرا كدار ونار علمين وَلَو سمي مُذَكّر بمؤنث
مُجَرّد من التَّاء منع بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا زِيَادَته على ثَلَاثَة
لفظا كزينب وعناق اسْم رجل أَو تَقْديرا كجيل مخفف جيأل اسْم رجل فَإِن
الْحَرْف الْمُقدر كالملفوظ بِهِ بِخِلَاف الثلاثي فَإِنَّهُ يصرف على
الْأَصَح مُطلقًا سَوَاء تحرّك وَسطه أم لَا ككتف وشمس اسْمِي رجل
وَذهب الْفراء إِلَى مَنعه مُطلقًا لِأَن فِيهِ أَمريْن يوجبان لَهُ
الثّقل العلمية وَالتَّعْلِيق على مَا يشاكله وَدفع بِأَن الثَّانِي لم
تَجْعَلهُ الْعَرَب من الْأَسْبَاب الْمَانِعَة للصرف وَفصل ابْن خروف
فَمنع المتحرك دون السَّاكِن تَنْزِيلا للحركة منزلَة الْحَرْف
الرَّابِع الشَّرْط الثَّانِي أَن لَا يسْبقهُ تذكيرا نفرد بِهِ كدلال
ووصال اسْمِي رجل فَإِنَّهُ كثرت التَّسْمِيَة بهما فِي النِّسَاء وهما
فِي الأَصْل مصدران مذكران أَو غلب فِيهِ كذراع فَإِنَّهُ فِي الأَصْل
مؤنث ثمَّ غلب اسْتِعْمَاله قبل العلمية فِي الْمُذكر كَقَوْلِهِم
هَذَا ثوب ذِرَاع أَي قصير فَصَارَ لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال كالمذكر
الأَصْل فَإِذا سمي بِهِ رجل صرف لغَلَبَة تذكيره قبل العلمية وَلَو
سمي مُذَكّر بِوَصْف الْمُؤَنَّث الْمُجَرّد كحائض وطامث وظلوم وجريح
فالبصريون يصرف رُجُوعا إِلَى تَقْدِير أَصَالَة التَّذْكِير لِأَن
تِلْكَ أَسمَاء مذكرة وصف بهَا الْمُؤَنَّث لأمن اللّبْس وحملا على
الْمَعْنى فَقَوْلهم مَرَرْت بِامْرَأَة حَائِض بِمَعْنى شخص حَائِض
وَيدل لذَلِك أَن الْعَرَب إِذا صغرتها لم تدخل فِيهَا التَّاء
والكوفيون يمْنَع بِنَاء على مَذْهَبهم فِي أَن نَحْو حَائِض لم تدخله
التَّاء لاختصاصه بالمؤنث وَالتَّاء إِنَّمَا تدخل للْفرق
(1/123)
وَلَو سمي مُذَكّر بِمَا هُوَ اسْم فِي
لُغَة وصف فِي لُغَة كجنوب ودبور وشمال وسموم وحرور فَإِنَّهَا عِنْد
بعض الْعَرَب أَسمَاء للريح كالصعود والهبوط وَعند بَعضهم صِفَات جرت
على الرّيح وَهِي مُؤَنّثَة فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَنْع كباب
زَيْنَب وَالصرْف كباب حَائِض ص مَسْأَلَة الْقَبَائِل والبلاد والكلمة
والهجاء يَبْنِي على الْمَعْنى فَإِن كَانَ أَبَا أَو حَيا أَو مَكَانا
أَو لفظا أَو حرفا صرف أَو أما أَو قَبيلَة أَو بقْعَة أَو سُورَة أَو
كلمة منع وَقد يجب اعْتِبَار أَحدهمَا وَقد تسمى قَبيلَة باسم أَب أَو
حَيّ باسم أم فيوصفان ببنت وَابْن وَيُؤَنث الْأَب على حذف مُضَاف
فَلَا يمْنَع ش صرف أَسمَاء الْقَبَائِل والبلاد والكلم وحروف الهجاء
ومنعها مبنيان على الْمَعْنى فَإِن أُرِيد اسْم الْقَبِيلَة الْأَب
كمعد وَتَمِيم أَو الْحَيّ كقريش وَثَقِيف صرف أَو الْأُم كباهلة أَو
الْقَبِيلَة كمجوس ويهود منع للتأنيث مَعَ العلمية وَكَذَا إِن أُرِيد
باسم الْبَلَد الْمَكَان كبدر وثبير صرف أَو الْبقْعَة كفارس وعمان منع
أَو بِالْكَلِمَةِ اللَّفْظ نَحْو كتب زيد فأجاد أَي أَجَاد هَذَا
اللَّفْظ صرف أَو الْكَلِمَة نَحْو فأجادها منع وَكَذَلِكَ الْأَفْعَال
وحروف الهجاء والسور وَقد يتَعَيَّن اعْتِبَار الْحَيّ أَو الْقَبِيلَة
أَو الْمَكَان أَو الْبقْعَة فَالْأول ككلب وَالثَّانِي كيهود ومجوس
وَالثَّالِث كبدر ونجد وَالرَّابِع كدمشق وجلق والحجاز وَالشَّام
واليمن وَالْعراق وَقد جَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ فِي النَّوْعَيْنِ
أَسمَاء وَذَلِكَ ثَلَاثَة أَقسَام قسم يغلب فِيهِ اعْتِبَار
التَّذْكِير كقريش وَثَقِيف وَمنى وهجر وواسط وحنين
(1/124)
وَقسم يغلب فِيهِ اعْتِبَار التَّأْنِيث
كجذام وسدوس وَفَارِس وعمان وَقسم استى فِيهِ الْأَمْرَانِ كثمود وسبأ
وحراء وقباء وبغداد وَقد تسمى الْقَبِيلَة باسم الْأَب كتميم أَو
الْحَيّ باسم الْأُم كباهلة فيوصفان بِابْن وَبنت فَيُقَال تَمِيم بن
مر أَو بنت مر وباهلة بن أعصر أَو بنت أعصر مُرَاعَاة الأَصْل أَو
الْمُسَمّى وَقد يؤنث اسْم الْأَب على حذف مُضَاف مؤنث فَلَا يمْنَع
الصّرْف كَقَوْلِه 38 -
(سادوا الْبِلَاد وَأَصْبحُوا فى آدم ... بلغُوا بهَا بيضَ الْوُجُوه
فُحُولا)
أَي فِي قبائل آدم أَو أَوْلَاد آدم فَحذف الْمُضَاف ثمَّ أنث آدم
فَأَعَادَ الضَّمِير إِلَيْهِ مؤنثا فِي قَوْله بلغُوا بهَا وَلم
يمنعهُ الصّرْف لِأَنَّهُ رَاعى الْمُضَاف الْمَحْذُوف ص وَمَا سمي من
السُّور بِذِي أل صرف أَو عَار وَلم تضف إِلَيْهِ سُورَة منع أَو أضيف
وَلَو تَقْديرا فَلَا حَيْثُ لَا مَانع أَو بجملة فِيهَا وصل قطع أَو
تَاء قلبت هَاء فِي الْوَقْت وأعرب مَمْنُوعًا أَو بِحرف هجاء حُكيَ
أَو أعرب مَمْنُوعًا ومصروفا أضيف إِلَيْهِ سُورَة أَو لَا أَو موازن
أعجمي كحاميم فَأوجب ابْن عُصْفُور الْحِكَايَة وَجوز الشلوبين إعرابه
مَمْنُوعًا ويجريان فِي الْمركب كطاسين مِيم غير مُضَاف إِلَيْهِ
سُورَة مَعَ الْبناء ومضافا إِلَيْهِ وَلَو تَقْديرا مَعَ فتح النُّون
وإعرابها مُضَافَة وَلَيْسَ فِي كهيعص وحم عسق إِلَّا الْوَقْف خلافًا
ليونس ش أَسمَاء السُّور أَقسَام أَحدهَا مَا فِيهِ ألف وَلَام وَحكمه
الصّرْف كالأنفال والأنعام والأعراف الثَّانِي العاري مِنْهَا فَإِن لم
يضف إِلَيْهِ سُورَة منع الصّرْف نَحْو هَذِه هود وقرأت هود وَإِن أضيف
إِلَيْهِ سُورَة لفظا أَو تَقْديرا صرف نَحْو قَرَأت سُورَة هود مَا لم
يكن فِيهِ مَانع فَيمْنَع نَحْو قَرَأت سُورَة يُونُس
(1/125)
الثَّالِث الْجُمْلَة نَحْو {قل أُوحِي
إِلَيّ} الْجِنّ 1 وَغَيرهَا و {أَتَى أَمر الله} النَّحْل 1 فتحكى
فَإِن كَانَ أَولهَا همز وصل قطع لِأَن همز الْوَصْل لَا يكون فِي
الْأَسْمَاء إِلَّا فِي أَلْفَاظ مَعْدُودَة تحفظ وَلَا يُقَاس
عَلَيْهَا أَو فِي آخرهَا تَاء تَأْنِيث قلبت هَاء فِي الْوَقْف لِأَن
ذَلِك شَأْن التَّاء الَّتِي فِي الْأَسْمَاء وتعرب لمصيرها أَسمَاء
وَلَا مُوجب للْبِنَاء وَيمْنَع الصّرْف للعلمية والتأنيث نَحْو قَرَأت
اقْتَرَبت وَفِي الْوَقْف اقتربه الرَّابِع حرف الهجاء ك ص ون وق
فَتجوز فِيهِ الْحِكَايَة لِأَنَّهَا حُرُوف فتحكى كَمَا هِيَ
وَالْإِعْرَاب لجعلها أَسمَاء لحروف الهجاء وعَلى هَذَا يجوز فِيهَا
الصّرْف وَعَدَمه بِنَاء على تذكير الْحَرْف وتأنيثه وَسَوَاء فِي
ذَلِك أضيف إِلَيْهِ سُورَة أم لَا نَحْو قَرَأت صَاد أَو سُورَة صَاد
بِالسُّكُونِ وَالْفَتْح منونا وَغير منون الْخَامِس مَا وازن الأعجمي
كحاميم وطاسين وَيَاسِين فَأوجب ابْن عُصْفُور فِيهِ الْحِكَايَة
لِأَنَّهَا حُرُوف مقطعَة وَجوز الشلوبين فِيهِ ذَلِك وَالْإِعْرَاب
غير مَصْرُوف لموازنته هابيل قابيل وَقد قرئَ ياسين بِنصب النُّون
وَسَوَاء فِي الْأَمريْنِ أضيف إِلَيْهِ سُورَة أم لَا السَّادِس
الْمركب كطاسين مِيم فَإِن لم يضف إِلَيْهِ سُورَة فَفِيهِ رَأْي ابْن
عُصْفُور والشلوبين فِيمَا قبله ورأي ثَالِث وَهُوَ الْبناء للجزأين
على الْفَتْح كخمسة عشر وَإِن أضيف إِلَيْهِ سُورَة لفظا أَو تَقْديرا
فَفِيهِ الرأيان يجوز على الْإِعْرَاب فتح النُّون وإجراء الْإِعْرَاب
على الْمِيم كبعلبك وإجراؤه على النُّون مُضَافا لما بعده وعَلى هَذَا
فِي مِيم الصّرْف وَعَدَمه بِنَاء على تذكير الْحَرْف وتأنيثه أما
{كهيعص} مَرْيَم 1 {حم عسق} الشورى 1 2 فَلَا يجوز فيهمَا إِلَّا
الْحِكَايَة سَوَاء أضيف إِلَيْهِمَا سُورَة أم لَا وَلَا يجوز فيهمَا
الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهما فِي الْأَسْمَاء المعربة وَلَا
تركيب المزج لِأَنَّهُ لَا يركبه أَسمَاء كَثِيرَة وَأَجَازَ يُونُس
فِي كهيعص أَن تكون كَلمه مَفْتُوحَة وَالصَّاد مَضْمُومَة وَوَجهه
أَنه جعله اسْما أعجميا وأعربه وَإِن لم يكن لَهُ نَظِير فِي
الْأَسْمَاء المعربة
(1/126)
ص مَسْأَلَة ينون فِي غير النّصْف مَمْنُوع
آخِره يَاء تلو كسرة مَا لم تقلب ألفا وَلَا تظهر الفتحة جرا خلافًا
لقوم مُطلقًا وليونس فِي الْعلم ش ينون جَوَازًا فِي الرّفْع والجر من
غير المنصرف مَا آخِره يَاء تلِي كسرة سَوَاء كَانَ جمعا نَحْو
هَؤُلَاءِ جوَار ومررت بجوار قَالَ تَعَالَى {وَمن فَوْقهم غواش}
الْأَعْرَاف 41 {وَالْفَجْر وليال عشر} الْفجْر 1، 2 أم مُصَغرًا كأعيم
أم فعلا مُسَمّى بِهِ كيغز ويرم وَهَذَا التَّنْوِين عوض من الْيَاء
المحذوفة بحركتها تَخْفِيفًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مبحثه فَإِن قلبت
الْيَاء ألفا منع التَّنْوِين بِاتِّفَاق كصحارى وعذرى بعد صحار وعذار
وَلَا يجوز فِي هَذَا النَّوْع ظُهُور الفتحة على الْيَاء فِي حَالَة
الْجَرّ كَمَا يجوز إِظْهَار الكسرة الَّتِي الفتحة نائبة عَنْهَا
وَقيل يجوز كَمَا يجوز إظهارها حَالَة النّصْف لخفتها وَعَلِيهِ قَول
الشَّاعِر 39 -
(ولكنّ عبْدَ اللَّهِ مَولْى مَوَاليا ... )
(1/127)
وَقيل يجوز فِي الْعلم دون غَيره وَعَلِيهِ
يُونُس وَاسْتدلَّ بقوله 40 -
(قد عَجبتْ مِنّي وَمن يُعَيْلِيَا ... )
وَأجِيب بِأَنَّهُ وَمَا قبله ضَرُورَة ص مَسْأَلَة مَا منع صرفه دون
علمية منع مَعهَا وَبعدهَا إِلَّا أفعل تَفْضِيل مُجَردا من من وَخَالف
الْأَخْفَش فِي أَحْمَر
(1/128)
وَثَالِثهَا إِن لم يكنه وَرَابِعهَا
يجوزان وَفِي فعلان وَأخر ومعدول الْعدَد وَجمع متناه ومركب كحضرموت
آخِره وزن المتناهي أَو ألف التَّأْنِيث وَمَا منع مَعهَا صرف دونهَا
وفَاقا ش مَا منع صرفه دون علمية وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ أحد علتيه
العلمية خَمْسَة أَنْوَاع فَإِذا سمي بِشَيْء مِنْهَا لم ينْصَرف
أَيْضا وَكَذَا إِذا نكر بعد التَّسْمِيَة واستثني من ذَلِك مَا كَانَ
أفعل تَفْضِيل مُجَردا من من فَإِنَّهُ إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر انْصَرف
بِإِجْمَاع لِأَنَّهُ لم يبْق فِيهِ شبه الْوَصْف إِذْ لم يسْتَعْمل
صفة إِلَّا ب من ظَاهِرَة أَو مقدرَة فَإِن سمي بِهِ مَعَ من ثمَّ نكر
منع قولا وَاحِد وَخَالف الْأَخْفَش فِي مسَائِل الأولى بَاب أفعل
الْوَصْف كأحمر إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر فَذهب إِلَى أَنه يصرف
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْوَزْن وَمعنى الْوَصْف قد ذهب
بِالتَّسْمِيَةِ وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَنَّهُ شَبيه بِالْوَصْفِ
وَشبه الْعلَّة فِي هَذَا الْبَاب عِلّة وَفِيه رَأْي ثَالِث أَنه إِن
سمي بِهِ رجل أَحْمَر لم ينْصَرف بعد التنكير لِأَنَّهُ سمي بِهِ بوصفه
فَجرى الِاسْم مجْرَاه فِي ذَلِك الْمَعْنى وَإِن تسمى بِهِ أسود
وَنَحْوه صرف لخلوص الاسمية وَذَهَاب معنى الوصفية وعَلى هَذَا الْفراء
وَابْن الْأَنْبَارِي ورابع أَنه يجوز فِيهِ الصّرْف وَتَركه وَعَلِيهِ
الْفَارِسِي رَاعى فِيهِ الأَصْل وَالْحَال كأبطح الثَّانِيَة بَاب
فعلان الْوَصْف كسكران إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر ذهب الْأَخْفَش أَيْضا
إِلَى أَنه يصرف وسيبويه على الْمَنْع وتوجيههما مَا تقدم فِي أَحْمَر
الثَّالِثَة أخر إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر بعد التَّسْمِيَة ذهب
الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه لِأَن الْعدْل قد زَالَ لكَونه
مَخْصُوصًا بِمحل الْوَصْف فَلَا يُؤثر فِي غَيره وَالْجُمْهُور على
الْمَنْع لشبهه بِأَصْلِهِ الرَّابِعَة معدول الْعدَد إِذا سمي بِهِ
ثمَّ نكر بعد التَّسْمِيَة ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه لما تقدم
فِي أخر وَخَالفهُ الْجُمْهُور
(1/129)
الْخَامِسَة الْجمع المتناهي إِذا سمي بِهِ
ثمَّ نكر ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه وَخَالفهُ الْجُمْهُور
السَّادِسَة الْمركب المزجي إِذا ختم بِمثل مفاعل أَو بِذِي ألف
التَّأْنِيث كمحاريب مَسَاجِد أَو عبد بشرى أَو عبد حَمْرَاء إِذا ركبا
وَسمي بِهِ ثمَّ نكر ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه لِأَن الْمَانِع
فِيهِ حَال التَّسْمِيَة التَّرْكِيب مَعَ العلمية لَا الْجمع والتأنيث
وَقد زَالَت العلمية بالتنكير وَالأَصَح عِنْد ابْن مَالك وَغَيره
الْمَنْع لِأَنَّهُ لم ير شَيْء من هَذَا النَّوْع مصروفا فِي كَلَامهم
وَمَا لم يمْنَع إِلَّا مَعَ العلمية صرف مُنْكرا بِإِجْمَاع لزوَال
إِحْدَى العلتين ص مَسْأَلَة يصرف الْمَمْنُوع إِذا صغر لَا مؤنث
وأعجمي إِلَّا المرخم ومركب وَشبه فعلى ومضارع قبله أَو بعده وَيمْنَع
المصروف بِهِ إِن أكمل مُوجبه ش إِذا صغر مَا لَا ينْصَرف صرف لزوَال
سَبَب الْمَنْع بِالتَّصْغِيرِ كزوال الْعدْل فِي عُمَيْر وَالْألف
الْمَقْصُورَة فِي عليق تَصْغِير علفى وَالْألف وَالنُّون فِي سريحين
تَصْغِير سرحان وَالْوَزْن فِي شمير تَصْغِير شمر وَصِيغَة الْجمع فِي
جنيدل تَصْغِير جنادل وَيسْتَثْنى من ذَلِك الْمُؤَنَّث والعجمي
والمركب المزجي وَشبه فعلى وَهُوَ بَاب سَكرَان وَشبه الْفِعْل
الْمُضَارع كتغلب ويشكر فَإِنَّهَا تبقى على الْمَنْع بعد التصغير
لبَقَاء السَّبَب وَقَوْلِي قبله أَو بعده أَي سَوَاء كَانَ شبهه
للمضارع سَابِقًا على التصغير كالمثالين الْمَذْكُورين أَو عارضا فِيهِ
كأجيدل تَصْغِير أجادل فَإِنَّهُ بعد التصغير على وزن أبيطر
بِخِلَافِهِ قبله واحترزنا بالمضارع عَن الْمَاضِي فَإِن مشابهته
تَزُول بِالتَّصْغِيرِ وَقَوْلِي فِي الأعجمي إِلَّا المرخم أَشرت بِهِ
إِلَى أَن تَصْغِير التَّرْخِيم فِي الأعجمي يَقْتَضِي الصّرْف
(1/130)
نَحْو بريه وَسميع فِي إِبْرَاهِيم
وَإِسْمَاعِيل لكَونه صَار على ثَلَاثَة أحرف غير يَاء التصغير والعجمة
لَا تُؤثر فِيمَا كَانَ كَذَلِك نبه عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَقد يكون
الِاسْم منصرفا فَإِذا صغر منع لحدوث سَبَب الْمَنْع فِيهِ كتوسط
مُسَمّى بِهِ فَإِنَّهُ مَصْرُوف فَإِذا صغر على تويسط أشبه الْفِعْل
فَيمْنَع وَهِنْد وَنَحْوه إِذا صغر دَخلته التَّاء فَيتَعَيَّن فِيهِ
الْمَنْع بعد أَن كَانَ جَائِزا ص مَسْأَلَة يصرف لتناسب وضرورة
وَاسْتثنى الكوفية أفعل من وَقوم ذَا ألف التَّأْنِيث قيل ومطلقا فِي
لُغَة ش يجوز صرف مَا لَا ينْصَرف لتناسب أَو ضَرُورَة فَالْأول نَحْو
{وجئتك من سبإ بنبإ} النَّمْل 22 {سلاسلا وأغلالا} الْإِنْسَان 4 {ودا
وَلَا سواعا وَلَا يَغُوث ويعوق ونسرا} نوح 23 وَالثَّانِي كَقَوْلِه
41 -
(تَبَصّرْ خليلي هَل ترى من ظَعَائن ... )
(1/131)
وَاسْتثنى الْكُوفِيُّونَ أفعل التَّفْضِيل
فَلم يجيزوا صرفه لذَلِك وَاحْتَجُّوا بِأَن حذف تنوينه إِنَّمَا هُوَ
لأجل من فَلَا يجمع بَينه وَبَينهَا كَمَا لَا يجمع بَينه وَبَين
الْإِضَافَة فِي الضَّرُورَة والبصريون بنوا الْجَوَاز على الْمَانِع
لَهُ الْوَزْن وَالصّفة كأحمر لَا من بِدَلِيل تَنْوِين خير مِنْك وَشر
مِنْك لزوَال الْوَزْن وَاسْتثنى آخَرُونَ مَا آخِره ألف التَّأْنِيث
فمنعوا صرفه للضَّرُورَة وعللوه بِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ
لِأَنَّهُ مستو فِي الرّفْع وَالنّصب والجر وَلِأَنَّهُ إِذا زيد فِيهِ
التَّنْوِين سَقَطت الْألف لالتقاء الساكنين فينقص بِقدر مَا زيد
وَأجِيب بِأَنَّهُ قد تكون فِيهِ فَائِدَة بِأَن ينون فيلتقي بساكن
فيكسر وَيكون مُحْتَاجا إِلَى ذَلِك وَزعم قوم أَن صرف مَا لَا ينْصَرف
مُطلقًا أَي فِي الِاخْتِيَار لُغَة لبَعض الْعَرَب حَكَاهَا
الْأَخْفَش قَالَ وَكَأن هَذِه لُغَة الشُّعَرَاء لأَنهم قد اضطروا
إِلَيْهِ فى الشّعْر فجرت ألسنتهم على ذَلِك فِي الْكَلَام ص وَمنع
المصروف ثَالِثهَا الصَّحِيح يجوز ضَرُورَة وَرَابِعهَا إِن كَانَ علما
ش فِي منع المصروف أَرْبَعَة مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا
حَتَّى فِي الِاخْتِيَار وعَلى أَحْمد بن يحيى فَإِنَّهُ أنْشد 42 -
(أُؤمِّل أَنْ أعِيش وَأَنَّ يَوْمِى ... بأوَّلَ أَو بأهْونَ أَو
جُبَار)
(أَو التّالى دُبار فَإِن أفُتْهُ ... فَمُؤْنِسَ أَو عَرُوبةَ أَو
شِيار)
فَقيل لَهُ هَذَا مَوْضُوع فَإِن مؤنسا ودبارا مصروفان وَقد ترك
صرفهمافقال هَذَا جَائِز فِي الْكَلَام فَكيف فِي الشّعْر قَالَ أَبُو
حَيَّان فَدلَّ هَذَا الْجَواب على إِجَازَته اخْتِيَار
(1/132)
وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا حَتَّى فِي
الشّعْر وعَلى ذَلِك أَكثر الْبَصرِيين وَأَبُو مُوسَى الحامض من
الْكُوفِيّين قَالُوا لِأَنَّهُ خُرُوج عَن الأَصْل بِخِلَاف صرف
الْمَمْنُوع فِي الشّعْر فَإِنَّهُ رُجُوع إِلَى الأَصْل فِي
الْأَسْمَاء وَالثَّالِث وَهُوَ الصَّحِيح الْجَوَاز فِي الشّعْر
وَالْمَنْع فِي الِاخْتِيَار وَعَلِيهِ أَكثر الْكُوفِيّين والأخفش من
الْبَصرِيين وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَصَححهُ أَبُو حَيَّان قِيَاسا
على عَكسه ولورود السماع بذلك كثيرا كَقَوْلِه 43 -
(فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِس ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فى
مَجْمَع)
وَالرَّابِع يجوز فِي الْعلم خَاصَّة ص وَلَا وَاسِطَة وزعمها ابْن جني
فِي ذِي أل والمضاف والتثنية وَالْجمع ش الِاسْم إِمَّا منصرف أَو
غَيره وَلَا وَاسِطَة بَينهمَا وأثبتها ابْن جني فِي الْمُعَرّف بأل
والمضاف قَالَ فَإِنَّهُ لَا يُسمى منصرفا لعدم تنوينه وَلَا غير منصرف
(1/133)
لعدم السَّبَب قَالَ وَكَذَلِكَ
التَّثْنِيَة وَالْجمع على حَدهَا لَيْسَ شَيْء من ذَلِك منصرفا وَلَا
غير منصرف معرفَة كَانَ أَو نكرَة ذكر ذَلِك فِي الخصائص وَسَبقه
إِلَيْهِ شَيْخه أَبُو عَليّ الْفَارِسِي
(1/134)
الْبَاب الثَّالِث: الْأَسْمَاء السِّتَّة
ص الثَّالِث مَا أضيف لغير الْيَاء مُفردا مكبرا من أَب وَأَخ وحم غير
مماثل قرو وقرء وَخطأ وفم بِلَا مِيم وَذي كصاحب وَهن خلافًا للفراء
فبالواو رفعا وَالْألف نصبا وَالْيَاء جرا ش الْبَاب الثَّالِث من
أَبْوَاب النِّيَابَة الْأَسْمَاء السِّتَّة الْمَذْكُورَة فَإِنَّهَا
ترفع بِالْوَاو وتنصب بِالْألف وتجر بِالْيَاءِ بِشُرُوط أَن تكون
مُضَافَة فَإِن أفردت أعربت بالحركات الظَّاهِرَة نَحْو {إِن لَهُ
أَبَا} يُوسُف 78 {وَله أَخ} النِّسَاء 12 وَأَن تكون إضافتها لغير
يَاء الْمُتَكَلّم فَإِن الْمُضَاف إِلَيْهِ يعرب بحركات مقدرَة وَأَن
تكون مُفْردَة أَي غير مثناة وَلَا مَجْمُوعَة لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك
تعرب إِعْرَاب الْمثنى وَالْمَجْمُوع وَأَن تكون مكبرة فَإِن صغرت
أعربت بالحركات نَحْو أخي زيد وَيخْتَص الحم بِشُرُوط أَن لَا يماثل
قرو وقرء وَخطأ فَإِنَّهُ إِن ماثل ذَلِك أعرب بالحركات الظَّاهِرَة
نَحْو هَذَا حموك وحمؤك وحمؤك وَيخْتَص الْفَم بِشَرْط أَن تزَال
مِنْهُ الْمِيم فَإِن لم تزل أعرب بالحركات نَحْو خلوف فَم الصَّائِم
وَيخْتَص ذُو بِشَرْط أَن يكون بِمَعْنى صَاحب فَإِن كَانَت
للْإِشَارَة أَو مَوْصُولَة فَإِنَّهَا مَبْنِيَّة وَقصر الْفراء
الْإِعْرَاب بالحروف على الْخَمْسَة الأول وَمنع ذَلِك فِي هن وَتَابعه
قوم ورد بِنَقْل سِيبَوَيْهٍ عَن الْعَرَب إجراءه مجْراهَا وَهُوَ
كِنَايَة عَمَّا لَا يعرف اسْمه أَو يكره التَّصْرِيح باسمه
(1/135)
والحم أقَارِب الزَّوْج وَقد يُطلق على
أقَارِب الزَّوْجَة ص وَهل بهَا أَو بمقدرة أَو بِمَا قبلهَا والحروف
إشباع أَو منقولة أَو لَا أَو بهما أَو بالانقلاب نصبا وجرا والبقاء
رفعا أَو فو وَذُو بمقدرة وَالْبَاقِي بهَا أَو عَكسه أَو الْحُرُوف
دَلَائِل أَو الرّفْع بِالنَّقْلِ وَالنّصب بِالْبَدَلِ والجر بهما
أَقْوَال أشهرها الأول أَصَحهَا الثَّانِي ش فِي إِعْرَاب الْأَسْمَاء
السِّتَّة مَذَاهِب أَحدهَا وَهُوَ الْمَشْهُور أَن هَذِه الأحرف
نَفسهَا هِيَ الْإِعْرَاب وَأَنَّهَا نابت عَن الحركات وَهَذَا مَذْهَب
قطرب والزيادي والزجاجي من الْبَصرِيين وَهِشَام من الْكُوفِيّين وأيد
بِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لبَيَان مُقْتَضى الْعَامِل
وَلَا فَائِدَة فِي جعل مُقَدّر متنازع فِيهِ دَلِيلا وإلغاء ظَاهر واف
بِالدّلَالَةِ الْمَطْلُوبَة ورد بِثُبُوت الْوَاو قبل الْعَامِل
وَبِأَن الْإِعْرَاب زَائِد على الْكَلِمَة فيؤدى إِلَى بَقَاء فِيك
وَذي مَال على حرف وَاحِد وصلا وَابْتِدَاء وهما معربان وَذَلِكَ لَا
يُوجد إِلَّا شذوذا الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والفارسي
وَجُمْهُور الْبَصرِيين وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وَابْن
هِشَام وَغَيرهم من الْمُتَأَخِّرين أَنَّهَا معربة بحركات مقدرَة فِي
الْحُرُوف وَأَنَّهَا أتبع فِيهَا مَا قبل الآخر للْآخر فَإِذا قلت
قَامَ أَبوك فأصله أَبوك فأتبعت حَرَكَة الْبَاء لحركة الْوَاو فَقيل
أَبوك ثمَّ استثقلت الضمة على الْوَاو فحذفت وَإِذا قلت رَأَيْت أَبَاك
فأصله أَبوك تحركت الْوَاو انْفَتح مَا قبلهَا
(1/136)
فقلبت ألفا وَإِذا قلت مَرَرْت بأبيك فأصله
بأبوك ثمَّ أتبعت حَرَكَة الْبَاء لحركة الْوَاو فَصَارَ بأبوك
فاستثقلت الكسرة على الْوَاو فحذفت فسكنت وَقبلهَا كسرة فَانْقَلَبت
يَاء وَاسْتدلَّ لهَذَا القَوْل بِأَن أصل الْإِعْرَاب أَن يكون بحركات
ظَاهِرَة أَو مقدرَة فَإِذا أمكن التَّقْدِير مَعَ وجود النظير لم يعدل
عَنهُ الْمَذْهَب الثَّالِث أَنَّهَا معربة بالحركات الَّتِي قبل
الْحُرُوف والحروف إشباع وَعَلِيهِ الْمَازِني والزجاج ورد بِأَن
الإشباع بَابه الشّعْر وببقاء فِيك وَذي مَال على حرف وَاحِد الرَّابِع
أَنَّهَا معربة بالحركات الَّتِي قبل الْحُرُوف وَهِي منقولة من
الْحُرُوف وَعَلِيهِ الربعِي ورد بِأَن شَرط النَّقْل الْوَقْف
وَصِحَّة الْمَنْقُول إِلَيْهِ وسكونه وَصِحَّة الْمَنْقُول مِنْهُ
وَبِأَنَّهُ يلْزم جعل حرف الْإِعْرَاب غير آخر مَعَ بَقَاء الآخر
الْخَامِس أَنَّهَا معربة بالحركات الَّتِي قبل الْحُرُوف وَلَيْسَت
منقولة بل هِيَ الحركات الَّتِي كَانَت فِيهَا قبل أَن تُضَاف فثبتت
الْوَاو فِي الرّفْع لأجل الضمة وانقلبت يَاء لأجل الكسرة وألفا لأجل
الفتحة وَعَلِيهِ الأعلم وَابْن أبي الْعَافِيَة ورد بِأَن هَذِه
الْحُرُوف إِن كَانَت زَائِدَة فَهُوَ الْمَذْهَب الثَّالِث وَقد تبين
فَسَاده وَإِن كَانَت لامات لزم جعل الْإِعْرَاب فِي الْعين مَعَ وجود
اللَّام السَّادِس أَنَّهَا معربة من مكانين بالحركات والحروف مَعًا
وَعَلِيهِ الْكسَائي وَالْفراء ورد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ
السَّابِع أَنَّهَا معربة بالتغير والانقلاب حَالَة النصب والجر وبعدم
ذَلِك حَالَة الرّفْع وَعَلِيهِ الْجرْمِي
(1/137)
ورد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ وَبِأَن
عَامل الرّفْع لَا يكون مؤثرا شَيْئا وَبِأَن الْعَدَم لَا يكون
عَلامَة الثَّامِن أَن فَاك وَذَا مَال معربان بحركات مقدرَة فِي
الْحُرُوف وَأَن أَبَاك وأخاك وحماك وَهُنَاكَ معربة بالحروف وَعَلِيهِ
السُّهيْلي والرندي التَّاسِع عَكسه الْعَاشِر أَن الْحُرُوف دَلَائِل
إِعْرَاب قَالَه الْأَخْفَش وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ الزّجاج
والسيرافي الْمَعْنى أَنَّهَا معربة بحركات مقدرَة فِي الْحُرُوف
الَّتِي قبل حُرُوف الْعلَّة وَمنع من ظُهُورهَا كَون حُرُوف الْعلَّة
تطلب حركات من جِنْسهَا وَقَالَ ابْن السراج مَعْنَاهُ أَنَّهَا حُرُوف
إِعْرَاب وَالْإِعْرَاب فِيهَا لَا ظَاهر وَلَا مُقَدّر فَهِيَ
دَلَائِل إِعْرَاب بِهَذَا التَّقْدِير وَقد عد هَذَانِ الْقَوْلَانِ
مذهبين فَتَصِير أحد عشر الثَّانِي عشر أَنَّهَا معربة فِي الرّفْع
بِالنَّقْلِ وَفِي النصب بِالْبَدَلِ وَفِي الْجَرّ بِالنَّقْلِ
وَالْبدل مَعًا فَالْأَصْل فِي جَاءَ أَخُوك جَاءَ أَخُوك فنقلت
حَرَكَة الْوَاو إِلَى الْخَاء وَالْأَصْل فِي رَأَيْت أَخَاك رَأَيْت
أَخُوك فأبدلت الْوَاو ألفا وَالْأَصْل فِي مَرَرْت بأخيك بأخوك نقلت
حَرَكَة الْوَاو إِلَى الْخَاء فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا
قبلهَا حَكَاهُ ابْن أبي الرّبيع وَغَيره وَهُوَ مُوَافق للْمَذْهَب
الرَّابِع إِلَّا فِي النصب ص وَلَيْسَ كَذَلِك من فِي حِكَايَة
النكرَة وَقفا خلافًا للجوهري وَنقص هن أعرف وَأب وَأَخ وحم دون قصرهَا
وَفَوق تَشْدِيد هن وَأب وَأَخ وَجعل أَخ كدلو وَفتح فَاء فَم منقوصا
كيد وَدم لَا يمْنَع قصرهما وَتَشْديد دم مَشْهُور وَيضم وَيكسر ويثلث
مَقْصُورا ومضعفا وَيتبع الآخر فِي الحركات كفاء مرء وعيني امْرِئ
وابنم على الْأَشْهر فِيهَا وقابلا إِضَافَة سَائِغ نصبا وَكَذَا
إِثْبَات ميمه مُضَافا وَقيل ضَرُورَة وَالأَصَح أَن وَزنهَا فعل
إِلَّا فَاه فَفعل وَأَن لَام حم وَاو وَذي يَاء وَأَنَّهَا المحذوفة ش
فِيهِ مسَائِل الأولى زعم الْجَوْهَرِي صَاحب الصِّحَاح فِي كتاب لَهُ
فِي النَّحْو أَن من فِي حِكَايَة النكرَة فِي الْوَقْف معربة بالحروف
كالأسماء السِّتَّة فَإنَّك تَقول لمن
(1/138)
قَالَ جَاءَنِي رجل منو وَلمن قَالَ
رَأَيْت رجلا منا وَلمن قَالَ مَرَرْت بِرَجُل مني قَالَ ابْن هِشَام
وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن هَذَا لَيْسَ بإعراب بِدَلِيل أَنه لَا يثبت
فِي الْوَصْل وَلِأَن وَضعهَا وضع الْحَرْف فَلَا تسْتَحقّ إعرابا
وَلِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون بعامل يدْخل على الْكَلِمَة فِي
الْكَلَام الَّذِي هِيَ فِيهِ الثَّانِيَة جرت عَادَة النُّحَاة أَن
يذكرُوا لُغَات هَذِه الْأَسْمَاء فَفِي هن النَّقْص وَهُوَ
الْإِعْرَاب بالحركات وَهُوَ فِيهِ أشهر من الْإِعْرَاب بالحروف
كَحَدِيث فأعضوه بِهن أَبِيه ودونهما التَّشْدِيد كَقَوْلِه 44 -
(أَلا لَيْت شعري هَل أبيتن لَيْلَة ... وهَنّى ... ... ... )
وَفِي أَب النَّقْص كَقَوْلِه 45 -
(بأبهِ اقْتدى عَدِيٌّ فى الكَرَمْ ... وَمن يشابهْ أَبَهُ فَمَا
ظَلَمْ)
(1/139)
وَالْقصر كَقَوْلِه 46 -
(إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... )
(1/140)
وَالتَّشْدِيد نَحْو هَذَا أبك وأفصحها
الْقصر ثمَّ النَّقْص ثمَّ التَّشْدِيد وَفِي أَخ الثَّلَاثَة سمع فِي
الْقصر مكره أَخَاك لَا بَطل وَحكى أَبُو زيد جَاءَنِي أخك وَفِيه
أَخُو بِسُكُون الْخَاء بِوَزْن دلو قَالَ رجل من طَيئ 47 -
(مَا المَرْءُ أخْوَكَ إِن لم تُلْفِه وَزَراً ... عِنْد الكريهة
مِعْوانًا على النُّوَبِ)
وَفِي حم النَّقْص وَالْقصر وَفِي فَم عشر لُغَات النَّقْص وَالْقصر
وَتَشْديد الْمِيم مَعَ فتح الْفَاء وَضمّهَا وَكسرهَا فَهَذِهِ تسع
لُغَات والعاشرة إتباع الْفَاء حَرَكَة الْمِيم فِي الْإِعْرَاب
وَمِمَّا ورد فِي الْقصر
(1/141)
48 -
(يَا حبّذا عينا سُلَيْمَى والفَمَا ... )
وَفِي التَّشْدِيد 49 -
(يَا لَيْتَها قد خَرجت من فُمِّه ... )
ويشاركه فِي الْقصر يَد وَدم قَالَ 50 -
(يَا رُبَّ سَار بَات مَا تَوسّدا ... إِلَّا ذِرَاع العيس أَو كفّ
اليدا)
وَقَالَ 51 -
(غَفَلَتْ ثمَّ أَتَتْ تَطْلُبُهُ ... فَإِذا هىْ بعِظام ودَمَا)
(1/142)
وَفِي التَّضْعِيف دم قَالَ 52 -
(أهان دمَّك فرْغاً بعد عزّتهِ ... يَا عَمْرو بَغْيُك إصراراً على
الحَسَد)
ويشاركه فِي الإتباع فَاء مرء وعينا امْرِئ وابنم تَقول جَاءَ الْمَرْء
وَرَأَيْت المرأ ومررت بالمرئ بإتباع الْمِيم الْهمزَة وَقَالَ
تَعَالَى {إِن امرؤا هلك} النِّسَاء 176 {مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء}
مَرْيَم 28 {لكل امْرِئ} عبس 37 بإتباع الرَّاء الْهمزَة وَمثله ابنم
وَقيل إنَّهُمَا معربان من مكانين فَإِن الْحَرَكَة فِي الرَّاء
وَالنُّون حَرَكَة إِعْرَاب لَا إتباع وَفِيهِمَا لُغَة أُخْرَى فتح
الرَّاء وَالنُّون فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وَفِي امْرِئ ثَالِثَة
ضم الرَّاء على كل حَال وَفِي مرء فتح الْمِيم مُطلقًا وَبهَا جَاءَ
الْقُرْآن وثالثة كسرهَا مُطلقًا ورابعة ضمهَا ملطقا وَقُرِئَ بهما
{بَين الْمَرْء وَقَلبه} الْأَنْفَال 24 الثَّالِثَة يجوز إِفْرَاد أَب
وَأَخ وحم وَهن من الْإِضَافَة لَا ذُو كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب
الْإِضَافَة وَأما فوك فَلَا يفرد إِلَّا وَيصير بِتِلْكَ اللُّغَات
وَقَالَ العجاج 53 -
(خَالَطَ مِنْ سَلْمى خياشِيمَ وفا ... )
فأفرده لفظا حَالَة النصب فحصه البصريون بِالضَّرُورَةِ وَجوزهُ
الْأَخْفَش والكوفيون وتابعهم ابْن مَالك فِي الِاخْتِيَار تخريجا على
أَنه حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَنوى ثُبُوته فأبقى الْمُضَاف على حَاله
أَي خياشيمها وفاها وَأما عكس ذَلِك وَهُوَ إبْقَاء ميمه حَال
الْإِضَافَة فَمَنعه الْفَارِسِي إِلَّا فِي الشّعْر وَتَابعه ابْن
عُصْفُور وَغَيره من المغاربة وَالصَّحِيح كَمَا قَالَ ابْن مَالك
وَأَبُو حَيَّان وَغَيرهمَا جَوَازه فِي الِاخْتِيَار فَفِي
(1/143)
الحَدِيث لخلوف فَم الصَّائِم وَقَالَ
الشَّاعِر 54 -
(يُصْبحُ ظَمآنَ وَفِي الْبَحْر فَمُهْ ... )
الرَّابِعَة الْأَصَح وَعَلِيهِ البصريون أَن وزن هَذِه الْأَسْمَاء
فعل بِفَتْح الْفَاء وَالْعين بِدَلِيل جمعهَا على أَفعَال إِلَّا فوك
فوزنه فعل بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْعين وَذهب الْفراء إِلَى أَن
وَزنهَا فعل بِالْفَتْح والإسكان وفوك فعل بِضَم الْفَاء والإسكان
وَذهب الْخَلِيل إِلَى أَن وزن ذُو عفل بِالْفَتْح والإسكان وَأَن
أَصله ذَوُو فلامها وَاو وعَلى الأول أَصله ذَوي فلامها يَاء وَقَالَ
ابْن كيسَان يحْتَمل الوزنين قَالَ أَبُو حَيَّان والمحذوف من ذُو هُوَ
اللَّام فِي قَول أهل الاندلس وَالْعين فِي قَول أهل قرطبة قَالَ
وَالظَّاهِر الأول وَاخْتلف فِي حم أَيْضا هَل لامه وَاو أَو يَاء على
قَوْلَيْنِ أصَحهمَا الأول كأب وَأَخ لقَولهم فِي التَّثْنِيَة حموان
وَقيل إِنَّهَا يَاء من الحماية لِأَن أحماء الْمَرْأَة يحمونها
(1/144)
الْبَاب الرَّابِع: الْمثنى
ص الرَّابِع الْمثنى فبالألف وَالْيَاء وَلُزُوم الْألف لُغَة
وَعَلِيهِ لَا وتران فِي لَيْلَة وَألْحق بِهِ مُفِيد كَثْرَة ككرتين
وَقد يُغني عَنهُ عطف أَو تكْرَار وَجمع معنى كأخويكم وَنَحْو كلبتي
الْحداد وحوالينا وكلا وكلتا مضافين لمضمر ومطلقا فِي لُغَة وليسا
مثنيي اللَّفْظ وَأَصلهَا كل خلافًا للكوفية بل ألف كلا وَالتَّاء عَن
الْوَاو وَقيل يَاء وَألف كلتا تَأْنِيث وَقيل إِلْحَاق وَقيل أصل
وَقيل تاؤها زَائِدَة لَا لإلحاق وَقيل لَهُ وَلَك فِي ضميرهما
وَجْهَان وَاثْنَانِ وَاثْنَتَانِ وَبلا همزَة لُغَة مُفردا ومضافا
ومركبا وَقيل الأَصْل اثن وثنايان ومذروان وَمَا غلب لشرف كأبوين أَو
تذكير كقمرين أَو خفَّة كعمرين وَقيل فِي فَرد مَحْض ش الْبَاب
الرَّابِع من أَبْوَاب الْمثنى وَهُوَ مَا دلّ على اثْنَيْنِ
بِزِيَادَة فِي أَخّرهُ صَالح للتجريد عَنْهَا وَعطف مثله عَلَيْهِ
فَإِنَّهُ يرفع بِالْألف وَينصب ويجر بِالْيَاءِ نَحْو {قَالَ رجلَانِ}
الْمَائِدَة 23 وَلُزُوم الْألف فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة لُغَة
مَعْرُوفَة عزيت لكنانة وَبني الْحَارِث بن كَعْب وَبني العنبر وَبني
الهجيم وبطون من ربيعَة وَبكر بن وَائِل وزبيد وخثعم وهمدان وفزارة
وعذرة وَخرج عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى {إِن هَذَانِ لساحران} طه 63
وَقَوله
لَا وتران فِي
(1/145)
لَيْلَة وَأنْشد عَلَيْهَا قَوْله 55 -
(تزوّد مِنّا بَين أُذْناهُ طعنةً ... )
(1/146)
وَقَوله 56 -
(قد بلغا فِي الْمجد غايتاها ... )
(1/147)
وَألْحق بالمثنى فِي الْإِعْرَاب أَلْفَاظ
تشبهه وَلَيْسَت بمثناة حَقِيقَة لفقد شَرط التَّثْنِيَة مِنْهَا مَا
يُرَاد بِهِ التكثير نَحْو {ارْجع الْبَصَر كرتين} الْملك 4 لِأَن
الْمَعْنى كرات إِذْ الْبَصَر لَا يَنْقَلِب خاسئا وَهُوَ حسير من
كرتين بل كرات وَمثله قَوْلهم سُبْحَانَ الله وحنانيه وَقَوله 57 -
(ومَهْمَهَين قَذَفين مَرْتَينْ ... )
(1/148)
أَي مهمه بعد مهمه وَهَذَا النَّوْع يجوز
فِيهِ التَّجْرِيد من الزِّيَادَة والعطف كَقَوْلِه 58 -
(تَخْدِي بِنَا نُجُبٌ أفنى عَرَائِكَها ... خِمْسٌ وخِمْسٌ وتأويبٌ
وتأويبُ)
وَقد يُغني التكرير عَن الْعَطف كَقَوْلِه تَعَالَى {صفا صفا} الْفجْر
22 و {دكا دكا} الْفجْر 21 أَي صفا بعد صف ودكا بعد دك وَمِنْهَا مَا
هُوَ فِي الْمَعْنى جمع كَقَوْلِه تَعَالَى {فأصلحوا بَين أخويكم}
الحجرات 10 وَقَوله
البيعان بِالْخِيَارِ كَذَا ذكره وَمَا قبله ابْن مَالك ونوزع فيهمَا
بِإِمْكَان كَونهمَا مثنيين حَقِيقَة وَمِنْهَا مَا لَا يصلح للتجريد
فَمن ذَلِك مَا هُوَ اسْم جنس كالكلبتين لآلة الْحداد وَمَا هُوَ علم
كالبحرين والدونكين والحصنين وَمِنْه اثْنَان وَاثْنَتَانِ وثنتان فِي
لُغَة تَمِيم سَوَاء أفردا نَحْو {وَمن الْإِبِل اثْنَيْنِ}
الْأَنْعَام 144 أم أضيفا نَحْو جَاءَ اثناك أم ركبا نَحْو {فانفجرت
مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا} الْبَقَرَة 60 {وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر
نَقِيبًا} الْمَائِدَة 12 وَقيل إنَّهُمَا مثنيان حَقِيقَة وَالْأَصْل
اثن وَمن ذَلِك ثنايان لطرفي العقال ومذروان لطرفي الألية والقوس
وجانبي الرَّأْس وَقيل طرفا كل شَيْء وَمِنْهَا مَا يصلح للتجريد وَلَا
يخْتَلف مَعْنَاهُ كحوالينا قَالَ
اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا
(1/149)
وَقَالَ الشَّاعِر فِي التَّجْرِيد 59 -
(وَأَنا أَمْشِي الدَّألى حَوَالكا ... )
وَمثله حوله قَالَ تَعَالَى فِي التَّجْرِيد {فَلَمَّا أَضَاءَت مَا
حولهَا} الْبَقَرَة 17
وَقَالَ الشَّاعِر فِي التَّثْنِيَة ... وَمِنْهَا مَا لَا يصلح لعطف
مثله عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَا كَانَ على سَبِيل التغليب كالأبوين للْأَب
وَللْأُمّ والقمرين للشمس وَالْقَمَر والعمرين لأبي بكر وَعمر وَهَذَا
النَّوْع مسموع يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ ثمَّ تَارَة يغلب
الْأَشْرَف كالمثال الأول قَالَ الله تَعَالَى {وَرفع أَبَوَيْهِ على
الْعَرْش} يُوسُف 100 وَتارَة الْمُذكر كالثاني وَتارَة الأخف كالثالث
وَتارَة الْأَعْظَم نَحْو {مرج الْبَحْرين} الرَّحْمَن 19 {وَمَا
يَسْتَوِي البحران} فاطر 12
(1/150)
[مَبْحَث كلا وكلتا]
وَمِنْهَا مَا لَا زِيَادَة فِيهِ وَهُوَ كلا وكلتا بِشَرْط أَن يضافا
إِلَى مُضْمر نَحْو {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو
كِلَاهُمَا} الْإِسْرَاء 23 وَتقول رَأَيْت كليهمَا وكلتيهما فَإِن
أضيفا إِلَى مظهر أجريا بِالْألف فِي الْأَحْوَال كلهَا هَذِه اللُّغَة
الْمَشْهُورَة وَبَعض الْعَرَب يجريهما مَعَ الظَّاهِر مجراهما مَعَ
الْمُضمر فِي الْإِعْرَاب بالحرفين وَعَزاهَا الْفراء إِلَى كنَانَة
وَبَعْضهمْ يجريهما مَعَهُمَا بِالْألف مُطلقًا وَمَا ذَكرْنَاهُ من
أَنَّهُمَا بِمَعْنى الْمثنى وَلَفْظهمَا مُفْرد هُوَ مَذْهَب
الْبَصرِيين وعَلى هَذَا فألف كلا منقلبة عَن وَاو وَقيل عَن يَاء
ووزنها فعل ك معى وَوزن كلتا فعلى كذكرى وألفها للتأنيث وَالتَّاء بدل
عَن لَام الْكَلِمَة وَهِي إِمَّا وَاو وَهُوَ اخْتِيَار ابْن جني
وَأَصلهَا كلوى أَو يَاء وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَليّ
(1/151)
وَإِنَّمَا قلبت تَاء لتأكيد التَّأْنِيث
إِذْ الْألف تصير تَاء فِي بعض الْأَحْوَال فَتخرج عَن علم التَّأْنِيث
وَذهب بَعضهم إِلَى أَن التَّاء زَائِدَة للتأنيث بِدَلِيل حذفهَا فِي
النّسَب وَقَوْلهمْ كلوي كَمَا يُقَال فِي أُخْت أخوي ورد بِأَن تَاء
التَّأْنِيث لَا تقع حَشْوًا وَلَا بعد سَاكن غير ألف وَذهب آخر إِلَى
أَنَّهَا زَائِدَة للإلحاق وَالْألف لَام الْكَلِمَة وَعَلِيهِ
الْجرْمِي وَفِي قَول الْألف للإلحاق وَفِي قَول أصل وَذهب
الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن لَفْظهمَا مثنى وَأَصلهَا كل بِدَلِيل سَماع
مُفْرد كلتا فِي قَوْله 60 -
(فِي كِلْتَ رجْلَيْها سُلامَى واحِدَهْ ... )
وَأجِيب بِأَنَّهُ حذف الْألف للضَّرُورَة وعَلى الأول يجوز فِي ضميرها
مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى قَالَ تَعَالَى {كلتا الجنتين ءاتت}
الْكَهْف 33 وَقَالَ الشَّاعِر
(1/152)
61 -
(كِلاَهُما حِين جدّ الجْريُ بَينهمَا ... قد أقْلَعَا وكلا أنْفَيْهما
رَابى)
قَالَ ابْن مَالك وندر هَذَا الِاسْتِعْمَال أَي الْإِعْرَاب كالمثنى
فِي متمحض الْإِفْرَاد كَقَوْلِه 62 -
(على جَرْدَاء يَقْطَعُ أبهْرَاهَا ... حِزَامُ السَّرْج فى خَيْل
سِراع)
(1/153)
ثنى الْأَبْهَر وَهُوَ عرق مجَازًا
تَنْبِيه قَالَ ابْن مَالك هَذِه الْكَلِمَات يَعْنِي الملحقة بالمثنى
لَا تسمى مثناة فَإِن أطلق عَلَيْهَا ذَلِك فبمقتضى اللُّغَة لَا
الِاصْطِلَاح كَمَا يُقَال لاسم الْجمع جمع انْتهى فأفاء أَنَّهَا
يُقَال لَهَا أَسمَاء تَثْنِيَة كَمَا يُقَال أَسمَاء جمع ص مَسْأَلَة
ش لَا يثنى وَلَا يجمع غَالِبا جمع واسْمه وَاسم جنس إِلَّا إِن أطلق
على بعضه وجوزها ابْن مَالك فِي اسْم جمع ومكسر لَا متناه وَلَا مَا
لَا ثَانِي لَهُ وكل وَبَعض وَنَحْو فلَان وأفعل من وَاسم فعل ومحكي من
جملَة ومختص بِالنَّفْيِ وَشرط ومبنى إِلَّا ذان وتان واللذان واللتان
على الْأَصَح وَلَا ثواني الكنى وَأجْمع وجمعاء وَإِخْوَته خلافًا
للكوفية فيهمَا وَالْمُخْتَار جَوَاز المزج وَذي ويه ثمَّ فِي حذف
عَجزه قَولَانِ دون أَسمَاء الْعدَد غير مائَة وَألف وَفِي مختلفي
الْمَعْنى ثَالِثهَا يجوز إِن اتفقَا فِي الْمَعْنى الْمُوجب للتسمية
وينكر الْعلم والأجود أَن يحْكى إِلَّا نَحْو جماديين وعمايتين
وَأَذْرعَات وَمنع الْمَازِني المعدول وَمَا فِيهِ أل قيل يبْقى وَقيل
يعوض وَلَا يُغني غَالِبا عطف إِلَّا بفصل وَلَو مُقَدرا ويوتى بالمحكى
بذوا وذوو وَكَذَا المزج إِن منع واستغنوا بسيان وضبعان عَن سواءان
وضبعانان وحكيا وَيَسْتَوِي فِي التَّثْنِيَة مُذَكّر وَغَيره وَلَا
تحذف التَّاء إِلَّا فِي ألية وخصية
[شُرُوط التَّثْنِيَة وَالْجمع]
ش جمعت مَا لَا يثنى وَلَا يجمع من الْأَلْفَاظ جمعا لَا تظفر بِهِ فِي
غير هَذَا الْكتاب وَأَنا أشرحه على طَريقَة أُخْرَى فَأَقُول للتثنية
وَالْجمع شُرُوط أَحدهَا الْإِفْرَاد فَلَا يجوز تَثْنِيَة الْمثنى
وَالْجمع السَّالِم وَلَا المكسر المتناهي وَلَا جمع ذَلِك اتِّفَاقًا
وَلَا غَيره من جموع التكسير وَلَا اسْم الْجمع وَلَا اسْم الْجِنْس
إِلَّا أَن تجوز بِهِ فَأطلق على بعضه نَحْو لبنين وماءين أَي
ضَرْبَيْنِ مِنْهُمَا وندر فِي الْجمع قَوْلهم لقاحان سوداوان وَقَوله
63 -
(عِنْد التّفَرُّق فِي الْهَيْجَا جمَالَيْن ... )
(1/154)
وَفِي اسْمه قَوْله 64 -
(قَوْماهُمَا أَخَوَان ... )
وَجوز ابْن مَالك تَثْنِيَة اسْم الْجمع وَالْجمع المكسر فَقَالَ
مُقْتَضى الدَّلِيل أَلا يثنى مَا دلّ على جمع لِأَن الْجمع يتَضَمَّن
التَّثْنِيَة إِلَّا أَن الْحَاجة دَاعِيَة إِلَى عطف وَاحِد على
وَاحِد فاستغنى عَن الْعَطف بالتثنية مَا لم يمْنَع من ذَلِك عدم شبه
الْوَاحِد كَمَا منع فِي نَحْو مَسَاجِد ومصابيح وَفِي الْمثنى
وَالْمَجْمُوع على حَده مَانع آخر وَهُوَ استلزام تثنيتهما اجْتِمَاع
إعرابين فِي كلمة وَاحِدَة قَالَ وَلما كَانَ شبه الْوَاحِد شرطا فِي
صِحَة ذَلِك كَانَ مَا هُوَ أشبه بِالْوَاحِدِ أولى بِهِ فَلذَلِك
كَانَت تَثْنِيَة اسْم الْجمع أَكثر من تَثْنِيَة الْجمع قَالَ وَمن
تَثْنِيَة اسْم الْجمع {قد كَانَ لكم ءاية فِي فئتين} آل عمرَان 13
{يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} الْأَنْفَال 41 اه الثَّانِي الْإِعْرَاب
فَلَا يثني وَلَا يجمع الْمَبْنِيّ وَمِنْه أَسمَاء الشَّرْط
والاستفهام وَأَسْمَاء الْأَفْعَال وَأما نَحْو يَا زَيْدَانَ وَلَا
رجلَيْنِ فَإِنَّهُ ثني قبل الْبناء وَأما ذان وتان واللذان واللتان
فَقيل إِنَّهَا صِيغ وضعت للمثنى وَلَيْسَت من الْمثنى الْحَقِيقِيّ
وَنسب للمحققين عَلَيْهِ ابْن الْحَاجِب وَأَبُو حَيَّان
(1/155)
وَقيل أَنَّهَا مثناة حَقِيقَة وَأَنَّهَا
لما ثنيت أعربت وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك وَأما الَّذين فصيغة وضعت
للْجمع اتِّفَاقًا فَلَا يجمع الثَّالِث عدم التَّرْكِيب فَلَا يثنى
الْمركب تركيب إِسْنَاد وَلَا يجمع اتِّفَاقًا نَحْو تأبط شرا وَهُوَ
المُرَاد بِقَوْلِي محكي من جملَة وَأما تركيب المزج كبعلبك وسيبويه
فالأكثر على مَنعه لعدم السماع ولشبهه بالمحكى وَجوز الْكُوفِيُّونَ
تَثْنِيَة نَحْو بعلبك وَجمعه وَاخْتَارَهُ ابْن هِشَام الخضراوي
وَأَبُو الْحُسَيْن بن أبي الرّبيع وَبَعْضهمْ تَثْنِيَة مَا ختم ب ويه
وَجمعه وَهُوَ اخْتِيَاري قَالَ خطاب فِي الترشيح فَإِن ثنيت على من
جعل الْإِعْرَاب فِي الآخر قلت معدي كربان ومعدي كربين وحضرموتان
وحضرموتين أَو على من أعرب إِعْرَاب المتضايفين قلت حضراموت وحضري موت
وَقَالَ فِي الْمَخْتُوم ب ويه تلْحقهُ الْعَلامَة بِلَا حذف نَحْو
سيبويهان وسيبويهون وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه يحذف عَجزه فَيُقَال سيبان
وسيون ويتوصل إِلَى تَثْنِيَة الْمركب إِسْنَادًا بذوا وَإِلَى جمعه
بذوو فَيُقَال جَاءَنِي ذَوا تأبط شرا وذوو تأبط شرا أَي صاحبا هَذَا
الِاسْم وَأَصْحَاب هَذَا الِاسْم وَكَذَا المزج عِنْد من منع تثنيته
وَجمعه وَأما الْأَعْلَام المضافة نَحْو أبي بكر فيستغني فِيهَا بتثنية
الْمُضَاف وَجمعه عَن تَثْنِيَة الْمُضَاف إِلَيْهِ وَجمعه وَجوز
الْكُوفِيُّونَ تثنيتهما وجمعهما فَتَقول أَبَوا البكرين وآباء البكرين
الرَّابِع التنكير فَلَا يثنى الْعلم وَلَا يجمع بَاقِيا على علميته بل
إِذا أُرِيد تثنيته وَجمعه قدر تنكيره وَكَذَا لَا تثنى الْكِنَايَات
عَن الْأَعْلَام نَحْو فلَان وفلانة وَلَا تجمع لِأَنَّهَا لَا تقبل
التنكير والأجود إِذا ثني الْعلم أَو جمع أَن يحلى بِالْألف وَاللَّام
عوضا عَمَّا سلب من
(1/156)
تَعْرِيف العلمية وَمُقَابل الأجود مَا
حَكَاهُ فِي البديع أَن مِنْهُم من لَا يدخلهَا عَلَيْهِ ويبقيه على
حَاله فَيَقُول زَيْدَانَ وزيدون قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا القَوْل
الثَّانِي غَرِيب جدا لم أَقف عَلَيْهِ إِلَّا فِي هَذَا الْكتاب
وَيسْتَثْنى نَحْو جماديين اسْمِي الشَّهْر وعمايتين اسْمِي جبلين
وَأَذْرعَات وعرفات فَإِن التَّثْنِيَة وَالْجمع فِيهَا لم تسلبه
العلمية وَلذَا لم تدخل عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام وَلم تضف قَالَ 65
-
(حَتَّى إِذا رَجَب تَوَلَّى وانقضى ... وجُمَادَيَان وَجَاء شهرٌ
مقبلٌ)
وَقَالَ 66 -
(لَو أَن عُصْم عَمَايتين وَيذْبُلٍ ... )
(1/157)
وَمنع الْمَازِني تَثْنِيَة الْعلم المعدول
نَحْو عمر وَجمعه جمع سَلامَة أَو تكسير وَقَالَ أَقُول جَاءَنِي
رجلَانِ كِلَاهُمَا عمر وَرِجَال كلهم عمر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا
أعلم أحدا وَافقه على الْمَنْع مَعَ قَول الْعَرَب الْعمرَان فَإِذا
ثني على سَبِيل التغليب فَمَعَ اتِّفَاق اللَّفْظ وَالْمعْنَى أولى
وَإِذا ثني مَا فِيهِ أل كَالرّجلِ فَقيل تبقى فِيهِ أل وَقيل تحذف
ويعوض مِنْهَا مثلهَا حَكَاهُمَا وَتَبعهُ أَبُو حَيَّان من غير
تَرْجِيح وَمِمَّا لَا يثنى لتعريفه أجمع وجمعاء فِي التوكيد وإخواته
خلافًا للكوفيين الْخَامِس اتِّفَاق اللَّفْظ فَلَا يثنى وَلَا يجمع
الْأَسْمَاء الْوَاقِعَة على مَا لَا ثَانِي لَهُ فِي الْوُجُود كشمس
وقمر والثريا إِذا قصدت الْحَقِيقَة وَهل يشْتَرط اتِّفَاق الْمَعْنى
فِيهِ أَقْوَال أَحدهمَا نعم وَعَلِيهِ أَكثر الْمُتَأَخِّرين فمنعوا
تَثْنِيَة الْمُشْتَرك وَالْمجَاز وَجَمعهَا ولحنوا المعري فِي قَوْله
67 -
(جاد بِالْعينِ حِين أعمى هواهُ ... عَيْنَهُ فانثنى بِلَا عَيْنَيَن)
(1/158)
وَالثَّانِي لَا وَصَححهُ ابْن مَالك تبعا
لأبي بكر بن الْأَنْبَارِي قِيَاسا على الْعَطف ولوروده فِي قَوْله
تَعَالَى {وإله ءابآئك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق}
الْبَقَرَة 133 وَقَوله
الْأَيْدِي ثَلَاثَة فيد الله الْعليا وَيَد الْمُعْطى وَيَد السَّائِل
السفلي وَقَول الْعَرَب الْقَلَم أحد اللسانين وخفة الظّهْر أحد
اليسارين والغربة أحد السباءين وَاللَّبن أحد اللحمين وَالْحمية أحد
الموتين وَنَحْو ذَلِك وَالثَّالِث وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور الْجَوَاز
إِن اتفقَا فِي الْمَعْنى الْمُوجب للتسمية نَحْو الأحمران لِلذَّهَبِ
والزعفران وَإِلَّا فالمنع السَّادِس أَن لَا يسْتَغْنى عَن تثنيته
وَجمعه بتثنية غَيره وَجمعه فَلَا يثنى بعض للاستغناء عَنهُ بتثنية
جُزْء وَلَا سَوَاء للاستغناء عَنهُ بسيان تَثْنِيَة سي وَلَا ضبعان
اسْم الْمُذكر للاستغناء عَنهُ بتثنية ضبع اسْم الْمُؤَنَّث على أَنه
حُكيَ سواءان وضبعانان وَلَا تثنى وَلَا تجمع أَسمَاء الْعدَد خلافًا
أَسمَاء الْعدَد خلافًا للأخفش غير مائَة وَألف للاستغناء عَنْهَا إِذْ
يُغني عَن تَثْنِيَة ثَلَاثَة سِتَّة وَعَن تَثْنِيَة خمس عشرَة وَعَن
تَثْنِيَة عشرَة وَعِشْرُونَ وَعَن جمعهَا تِسْعَة وَخَمْسَة عشر
وَثَلَاثُونَ وَلما لم يكن لفظ يُغني عَن تَثْنِيَة مائَة وَألف
وجمعهما ثنيا وجمعا وَاسْتدلَّ الْأَخْفَش على مَا أجَازه بقوله
(1/159)
68 -
(لَهَا عِنْد عَال فَوق سَبْعَيْن دَائِم ... )
وَأجِيب بِأَنَّهُ ضَرُورَة وَلَا يثنى أجمع وجمعاء على رَأْي
الْبَصرِيين للاستغناء عَنْهُمَا بكلا وكلتا وَلم يجمع يسَار
اسْتغْنَاء عَنهُ بِجمع شمال قَالَ ابْن جني فِي كتاب التَّمام
السَّابِع أَن يكون فِيهِ فَائِدَة فَلَا يثنى كل وَلَا يجمع لعدم
الْفَائِدَة فِي تثنيته وَجمعه وَكَذَا الْأَسْمَاء المختصة
بِالنَّفْيِ كَأحد وعريب لإفادتها الْعُمُوم وَكَذَا الشَّرْط وَإِن
كَانَ معربا لإفادته ذَلِك الثَّامِن أَن لَا يشبه الْفِعْل فَلَا يثنى
وَلَا يجمع أفعل من لِأَنَّهُ جَار مجري التَّعَجُّب وَلَا قَائِم من
أقائم زيد كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِل الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ شَبيه
بِالْفِعْلِ وَبَقِي فِي الْمَتْن مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهمَا أصل
التَّثْنِيَة وَالْجمع الْعَطف وَإِنَّمَا عدل عَنهُ للاختصار فَلَا
يجوز الرُّجُوع إِلَيْهِ لِأَن الرُّجُوع إِلَى أصل مرفوض مَمْنُوع
إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 69 -
(لَيْتٌ وليثٌ فِي مجَال ضَنْكِ ... )
(1/160)
وَهُوَ فِي الْجمع أقبح مِنْهُ فِي
التَّثْنِيَة لِكَثْرَة أَلْفَاظه ويسوغه فِي الِاخْتِيَار فصل ظَاهر
نَحْو مَرَرْت بزيد الْكَرِيم وَزيد الْبَخِيل أَو مُقَدّر كَقَوْل
الْحجَّاج وَقد نعي لَهُ ابْنه وَأَخُوهُ إِنَّا لله مُحَمَّد
وَمُحَمّد فِي يَوْم وَاحِد مُحَمَّد ابْني وَمُحَمّد أخي الثَّانِيَة
يَسْتَوِي فِي التَّثْنِيَة الْمُذكر والمؤنث فَلَا تحذف تَاء
التَّأْنِيث مِمَّا هِيَ فِيهِ إِلَّا من ألية وخصية فَإِنَّهُم قالو
أليان وخصيان وَكَانَ الْقيَاس أليتين وخصيتين وَلكنه سمع فِي
الْمُفْرد أَلِي وَخصي فأجروا التَّثْنِيَة عَلَيْهِ إيثارا
للتَّخْفِيف مَعَ عدم الإلباس وَقد صرح ابْن مَالك بِأَنَّهُ مِمَّا
استغني عَن تثنيته بتثنيته بتثنية غَيره ص وَلَا يتَغَيَّر لَكِن تقلب
ألف مَقْصُور فَوَقع ثلاثي أَو يائى أَو مَقْلُوبَة عَن نون إِذن يَاء
وَغَيره وَاو وَقيل إِلَّا فِي ثلاثي واوي مكسور الأول أَو مضمومه
وَفِي الْأَصْلِيَّة والمجهولة ثَالِثهَا الْأَصَح إِن أميلتا يَاء
وَإِلَّا واواً وَرَابِعهَا إِن أميلت أَو صَارَت يَاء فِي حَال وقلب
همز مبدل من ألف التَّأْنِيث واواً أولى فِي الملحقة وَتَركه فِي
الْمُبدل من أصل خلافًا للجزولي وَورد تَصْحِيح مبدلة من ألف وقلبها
وَالَّتِي من أصل يَاء والأصلية واوا وَحذف زَائِدَة خَامِسَة وَألف
وهمز قاصعاء وَلَا يُقَاس على الْأَصَح وَقيل مذروان وثنايان لعدم
الْإِفْرَاد وَلَا ترد فَاء ثلاثي وعينه ولامه إِن عوض الْوَصْل
وَإِلَّا فَمَا عَاد فِي إِضَافَة لَا غَيره على الأجود
(1/161)
وَيُقَال أبان وأخان ويديان ودميان ودموان
وفميان وفموان بقلة وَيجوز فِي ذَات ذاتا وذواتا ش إِذْ ثني الِاسْم
لحقته الْعَلامَة من غير تَغْيِير سَوَاء كَانَ صَحِيحا نَحْو زيد أم
مُعْتَلًّا جَارِيا مجْرَاه وَهُوَ مَا آخِره يَاء أَو وَاو سَاكن مَا
قبلهَا مشددتان أَو مخففتان نَحْو مرمي ومغزو وظبي ودلو أم منقوصا
نَحْو شج أم مهموزا غير مَمْدُود نَحْو رشأ وَمَاء ووضوء ونبيء أم
ممدودا همزته أَصْلِيَّة نَحْو قراء ووضاء فَجَمِيع ذَلِك تلْحقهُ
الْألف أَو الْيَاء بِلَا تَغْيِير إِلَّا فتح مَا قبل الْعَلامَة ورد
يَاء المنقوص وَأما الْمَقْصُور فتقلب أَلفه يَاء أَن كَانَت زَائِدَة
على ثَلَاثَة كملهى ومعطى ومستدعى أَو ثَالِثَة بَدَلا عَن يَاء كرحى
أَو أَصْلِيَّة أَو مَجْهُولَة وأميلت فيهمَا كبلى وَمَتى علمين أَو
مَقْلُوبَة عَن ألف إِذن علما فَيُقَال فِي التَّثْنِيَة ملهيان
ومعطيان ومستدعيان ورحبان وبليان ومتيان وإذيان وَمَا عدا ذَلِك تقلب
واوا وَهِي الثَّالِثَة المبدلة من وَاو كعصا وعصوان والأصلية غير
الممالة كإذا علما وإذوان والمجمولة غير الممالة كددا هُوَ اللَّهْو
فَإِنَّهُ اسْتعْمل منقوصا كَحَدِيث
(1/162)
لست من الدَّد وَلَا الدَّد مني ومتمما
بالنُّون نَحْو ددن وبالدال دَد ومقصورا ددا فَلَا يدْرِي هَل أَلفه
عَن يَاء أَو وَاو لِأَن الْألف فِي الثلاثي لَا بُد أَن تكون عَن
إِحْدَاهمَا وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَن تَثْنِيَة الْأَصْلِيَّة
والمجهولة بِالْيَاءِ مُطلقًا سَوَاء أميلت أم لم تمل قَالَ ابْن مَالك
وَمَفْهُوم قَول سِيبَوَيْهٍ عاضد لهَذَا الرَّأْي وَذهب آخر إِلَى
أَنَّهُمَا بِالْوَاو مُطلقًا وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنَّهُمَا إِن
أميلتا أَو انقلبتا إِلَى الْيَاء فِي حَال نَحْو لدي وَإِلَى قلبت
يَاء وَإِلَّا قلبت واوا فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقْوَال حَكَاهَا أَبُو
حَيَّان وَذهب الْكسَائي إِلَى تَثْنِيَة الثَّالِثَة المبدلة من وَاو
بِالْيَاءِ إِذا كَانَ أول الْكَلِمَة مكسورا كربا ورضى أَو مضموما
كضحى وَعلا وَأما الممدودة فَإِن كَانَت همزته مبدلة من ألف
التَّأْنِيث نَحْو حَمْرَاء قلبت واوا نَحْو حمراوان وَورد تصحيحها
وقلبها يَاء حكى أَبُو حَاتِم حمراءان وَحكى غَيره حمرايان فقاس على
ذَلِك الْكُوفِيُّونَ وَمنعه غَيرهم وَإِن كَانَت مُلْحقَة نَحْو
علْبَاء وحرباء جَازَ فِيهَا الْقلب واوا وَهُوَ الأولى والتصحيح نَحْو
علباوان وعلباءان وَإِن كَانَت مبدلة من أصل نَحْو كسَاء ورداء جَازَ
فِيهَا الْوَجْهَانِ والتصحيح أولى نَحْو كساءان وكساوان هَذَا مَذْهَب
الْجُمْهُور وَسوى الْجُزُولِيّ بَينهَا وَبَين الَّتِي قبلهَا فِي أَن
الأولى إِقْرَار الْهَمْز وَورد فِي هَذِه الْقلب يَاء حُكيَ كسايان
فقاسه الْكسَائي وَخَالفهُ غَيره مِنْهُم ابْن مَالك وَإِن كَانَت
أَصْلِيَّة فَتقدم أَنَّهَا تصحح وَقد ورد قَلبهَا واوا سمع قراوان
ووضاوان فِي تَثْنِيَة قراء ووضاء فقاسه الْفَارِسِي وَخَطأَهُ
النُّحَاة
(1/163)
ورد أَيْضا حذف الزَّائِدَة وَهِي خَامِسَة
سمع خوزلان فِي خوزلى وَحذف الْألف والهمزة مِمَّا طَال من الْمَمْدُود
سمع قاصعان وعاشوران وخنفسان وقرفصان فِي قاصعاء وعاشوراء وخنفساء
وقرفصاء وباقلان وباقلاء فقاس الْكُوفِيُّونَ على ذَلِك فِي
الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمنعه غَيرهم لقلَّة الْوَارِد مِنْهُ فَقولِي
وَلَا يُقَاس على الْأَصَح عَائِد إِلَى سِتّ مسَائِل تَصْحِيح المبدلة
وَمَا بعده وَقد صحّح الْعَرَب مذروين وثنايين وَكَانَ الْقيَاس مذريين
وثناوين أَو ثناءين لِأَن الْألف الأولى رَابِعَة وَالثَّانِي مثل
كسَاء إِلَّا أَن الْكَلِمَتَيْنِ بنيتا على التَّثْنِيَة وَلم
يسْتَعْمل فيهمَا الْإِفْرَاد كَمَا تقدم فصحتا وَلَا يرد فِي
التَّثْنِيَة مَا حذف من فَاء وَعين وَلَام إِن عوض مِنْهُ همز
الْوَصْل فَيُقَال فِي اسْم اسمان وَإِن لم يعوض مِنْهُ فَإِن رد فِي
الْإِضَافَة رد هُنَا وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الأجود فَمن الأول
المنقوص كقاض وَأب وَأَخ وحم فَيُقَال قاضيان وأبوان وَأَخَوَانِ
وحموان وَمن الثَّانِي هن وَيَد وَدم وفم وَسنة وحر فَيُقَال هنان
ويدان وَدَمَانِ وفمان وسنتان وحران وشذ فِي الأول أبان وأخان وَفِي
الثَّانِي هنوان ويديان ودميان ودموان وفميان وفموان وَقيل لَيْسَ بشاذ
وَإِنَّمَا أبان وأخان على لغى الْتِزَام النَّقْص فِي الْإِفْرَاد
وَالْإِضَافَة ويديان وَمَا بعده على لُغَة الْقصر فِيهَا قَالَ أَبُو
حَيَّان وَأما ذُو مَال فَيُقَال فِيهَا ذَوا مَال فَإِن قُلْنَا
الْمَحْذُوف من ذُو اللَّام فَهِيَ لم ترد أَو الْعين فَكَذَلِك لِأَن
الْوَاو الْمَوْجُودَة هِيَ اللَّام وَأما ذَات فَقَالُوا فِي تثنيتها
ذاتا على اللَّفْظ بِلَا رد وَهُوَ الْقيَاس كَمَا ثني ذُو على لَفظه
قَالَ
(1/164)
70 -
(يَا دَارَ سَلْمَى بَين ذاتَى العُوجْ ... )
وذواتا على الأَصْل برد لَام الْكَلِمَة وَهِي الْيَاء ألفا لتحرك
الْعين وَهِي الْوَاو قبلهَا وَهُوَ الْكثير فِي الِاسْتِعْمَال قَالَ
تَعَالَى {ذواتا أفنان} الرَّحْمَن 48
(1/165)
الْبَاب الْخَامِس: جمع الْمُذكر السَّالِم
ص الْخَامِس جمع الْمُذكر السَّالِم فبالواو وَالْيَاء إِن كَانَ لعاقل
أَو شبهه خَالِيا من تَاء التَّأْنِيث علما أَو مُصَغرًا أَو صفة تقبل
التَّاء إِن قصد أَو أفعل تَفْضِيل وَجوزهُ الكوفية فِي ذِي التَّاء
وَصفَة لَا تقبلهَا وَحكمه كالتثنية لَكِن يحذف آخر المنقوص وَيضم
وَيكسر والمقصور يفتح وَقيل كمنقوص وَقيل إِن كَانَ أعجميا أَو ذَا ألف
زَائِدَة ش الْبَاب الْخَامِس من أَبْوَاب النِّيَابَة جمع الْمُذكر
السَّالِم فَإِنَّهُ يرفع بِالْوَاو وَينصب ويجر بِالْيَاءِ ثمَّ هَذَا
الْجمع مُوَافق للتثنية فِي شُرُوطهَا كَمَا تقدم وَيزِيد بِشُرُوط
أَحدهَا أَن يكون لعاقل كالزيدين أَو مشبه بِهِ نَحْو {رَأَيْتهمْ لي
ساجدين} يُوسُف 4 {قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين} فصلت 11 جمع صفة
الْكَوَاكِب وَالسَّمَاء وَالْأَرْض لما أثبت لَهَا مَا هُوَ من شَأْن
الْعُقَلَاء من السُّجُود وَالْخطاب فَإِن خلا من ذَلِك لم يجمع
بِالْوَاو وَالنُّون كواشق علم كلب وسابق صفة فرس الثَّانِي أَن يكون
خَالِيا من تَاء التَّأْنِيث سَوَاء لم يوضع لمؤنث أصلا كأحمد وَعمر أم
وضع لمؤنث ثمَّ سمي بِهِ مُذَكّر قَالَ أَبُو حَيَّان فَلَو سميت رجلا
زَيْنَب أَو سلمى جمع بِالْوَاو وَالنُّون بِإِجْمَاع اعْتِبَارا
بمسمياتها الْآن فَإِن لم يخل مِنْهَا لم يجمع بهَا كأخت وَطَلْحَة
ومسلمات أَعْلَام رجال قَالَه أَبُو حَيَّان وَلذَلِك عبر بتاء
التَّأْنِيث دون هائه ليشْمل مَا ذكر ثمَّ الْعلَّة لما ذكر أَنه لَا
يَخْلُو إِمَّا أَن تحذف لَهُ التَّاء أَو لَا وَيلْزم على الثَّانِي
الْجمع بَين علامتين متضادتين وعَلى الأول الْإِخْلَال لِأَنَّهَا حرف
معنى فقد صَارَت بالعلمية لَازِمَة للكلمة لِأَن العلمية تسجل الِاسْم
وتحصره من أَن يُزَاد فِيهِ أَو ينقص وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا
الشَّرْط فجوزوا جمع ذِي التَّاء بِالْوَاو وَالنُّون مُطلقًا
فَقَالُوا فِي طَلْحَة وَحَمْزَة وهبيرة طلحون وحمزون وهبيرون
وَاحْتَجُّوا بِالسَّمَاعِ وَالْقِيَاس
(1/166)
أما السماع فَقَوْلهم فِي عَلَانيَة للرجل
الْمَشْهُور علانون وَفِي ربعَة للمعتدل الْقَامَة ربعون وَأما
الْقيَاس فعلى مَا ورد من جمعه تكسير وَإِن أدّى أَيْضا إِلَى حذف
التَّاء قَالَ 71 -
(وَعقبَة الأعْقَابِ فِي الشّهْر الأصَمُّ ... )
وَأجِيب عَن السماع بشذوذه وَعَن الْقيَاس بِأَن جمع التكسير يعقب
تأنيثه التَّاء المحذوفة وَلَا تَأْنِيث فِي جمع السَّلامَة يعقبها على
أَن جمعه تكسيرا غير مُسلم لِأَنَّهُ لم يرد مِنْهُ سوى هَذَا الْبَيْت
فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ مَعَ إِمْكَان تَأْوِيله بِجعْل الأعقاب جمع
عقبَة بِمَعْنى الاعتقاب لَا الْعلم الشَّرْط الثَّالِث أَن يكون علما
كزيد وَعَمْرو أَو مُصَغرًا وَإِن لم يكن علما كرجيل وغليم وأحيمر
وسكيران أَو صفة تقبل تَاء التَّأْنِيث إِن قصد كضارب مَعْنَاهُ كضارب
وَمُؤمن وأرمل فَلَا يجمع هَذَا الْجمع مَا لَيْسَ وَاحِدًا من
الثَّلَاثَة كَرجل وفتى وَغُلَام وَلَا صفة لَا تقبل تَاء التَّأْنِيث
كأحمر وسكران وعانس وصبور وجريح وقتيل وَلَا صفة تقبلهَا لَا لِمَعْنى
التَّأْنِيث كملول وملولة وفروق وفروقة فَإِن التَّاء فِي نَحْو ذَلِك
للْمُبَالَغَة لَا للتأنيث قَالَ أَبُو حَيَّان نعم بَقِي صفة لَا تقبل
التَّاء وَتجمع كَذَلِك بِلَا خلاف وَهُوَ مَا كَانَ خَاصّا بالمذكر
كمخصي وأفعل التَّفْضِيل الْمُعَرّف بِاللَّامِ والمضاف إِلَى نكرَة
نَحْو الأفضلون وأفضلو بني فلَان فَإِن تأنيثه بِالْألف
(1/167)
وَجوز الْكُوفِيُّونَ جمع صفة لَا تقبل
التَّاء كَقَوْلِه 72 -
(مِنّا الَّذِي هُوَ مَا إنْ طَرّ شَاربُهُ ... والْعَانِسُونَ ومنّا
المُرْدُ والشِّيبُ)
وَقَوله 73 -
(فَمَا وجَدَتْ نساءُ بنى نِزار ... حَلائِلَ أسْودِينَ وأحْمَريْنَا)
وَذَلِكَ عِنْد الْبَصرِيين من النَّادِر الَّذِي لَا يُقَاس عَلَيْهِ
قَالَ صَاحب الإفصاح عادى الْكُوفِيّين إِذا سمعُوا لفظا فِي شعر أَو
نَادِر كَلَام جَعَلُوهُ بَابا أَو فصلا وَلَيْسَ بالجيد قَالَ
الْأَصْحَاب وَإِنَّمَا افترق الصفتان لِأَن الْقَابِلَة للتاء شَبيهَة
بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يقبل التَّاء عِنْد قصد التَّأْنِيث نَحْو
قَامَت ويعرى مِنْهَا عِنْد التَّذْكِير نَحْو قَامَ وَإِنَّمَا يجمع
هَذَا الْجمع مَا أشبه الْفِعْل إِلْحَاقًا بِهِ فِي أَنه إِذا وصف
بِهِ الْمُذكر
(1/168)
الْعَاقِل لحقه بعد سَلَامَته لَفْظَة
الْوَاو كقاموا ويقومون وَلذَا لم يجمع الِاسْم الجامد وَإِنَّمَا جمع
الْأَفْضَل لالتزام التَّعْرِيف فِيهِ وَهُوَ فرع التنكير فَأشبه
الْفِعْل فِي الفرعية فَحمل عَلَيْهِ ولهذه الْعلَّة نَفسهَا جمع
الجامد إِذا كَانَ علما لِأَن تَعْرِيف العلمية فرع فَأشبه الْفِعْل
والتنكير أصل فَلم يُشبههُ وَإِنَّمَا جمع المصغر دون مكبره لتعذر
تكسيره لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى حذف حرف التصغير فَيذْهب الْمَعْنى
الَّذِي جِيءَ بِهِ لأَجله وَأما اشْتِرَاط خلوه من التَّرْكِيب فَهُوَ
شَرط لمُطلق الْجمع لَا لهَذَا بِخُصُوصِهِ بل وللتثنية أَيْضا وَقد
تقدم بَيَانه هُنَاكَ ثمَّ إِذا جمع الِاسْم فَحكمه كَمَا إِذا ثني من
لُحُوق الْعَلامَة من غير تَغْيِير إِن كَانَ صَحِيحا أَو مُعْتَلًّا
جَارِيا مجْرَاه أَو مهموزا أَو ممدودا همزته أصل كزيدون وظبيون
وقراءون ونبيئون وقلب الْهمزَة المبدلة من ألف التَّأْنِيث نَحْو
حمراءون فِي حَمْرَاء علم مُذَكّر وَيسْتَثْنى شَيْئَانِ المنقوص
والمقصور فَإِنَّهُمَا يحذف أخرهما وَهُوَ الْيَاء وَالْألف لالتقائه
سَاكِنا مَعَ الْوَاو وَالْيَاء ثمَّ يضم مَا قبل آخر المنقوص فِي
ارْفَعْ نَحْو قاضون وَيكسر فِي غَيره نَحْو قاضين مُنَاسبَة للحرف
وَيفتح مَا قبل آخر الْمَقْصُور دلَالَة على الْألف المحذوفة
وَلِئَلَّا يلتبس بالمنقوص نَحْو {وَأَنْتُم الأعلون} آل عمرَان 139
{وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين} ص 47 وَجوز الْكُوفِيُّونَ إجراءه
كالمنقوص فضموا مَا قبل الْوَاو وكسروا مَا قبل الْيَاء حملا لَهُ على
السَّالِم وَحَكَاهُ ابْن ولاد لُغَة عَن بعض الْعَرَب قَالَ أَبُو
حَيَّان وَكَأَنَّهُ نقلوا إِلَيْهِمَا الْحَرَكَة الْمقدرَة على حرف
الْإِعْرَاب وَهَذَا النَّقْل عَن الْكُوفِيّين مُطلقًا وَهُوَ الَّذِي
حَكَاهُ عَنْهُم الْأَصْحَاب فِيمَا قَالَ أَبُو حَيَّان
(1/169)
وَنقل ابْن مَالك عَنْهُم تَفْصِيلًا
وَهُوَ إِجْرَاء ذَلِك فِي الأعجمي كموسى وَمَا فِيهِ ألف زَائِدَة
كأرطى وحبلى علمي مُذَكّر بِخِلَاف مَا أَلفه عَن أصل وَقد حكيت
الْقَوْلَيْنِ مَعًا ص وَألْحق بِهِ سَمَاعا كنحن الوارثون وَعِشْرُونَ
إِلَى تسعين وأهلون وأرضون وعالمون وَقيل جمع وَقيل مَبْنِيّ على
الْفَتْح وبنون وأبون وأخون وهنون وذوو وَألْحق ثَعْلَب فمون وَابْن
مَالك حمون قِيَاسا وأولو وسنون وكل ثلاثي لم يكسر وَعوض من لامه قَالَ
أَبُو حَيَّان أَو فائه الْهَاء وَكسر الْفَاء مَكْسُورَة ومفتوحة أشهر
من ضمهَا وشاعا فِي المضمومة وَقد يعرب هَذَا النَّوْع فِي النُّون
لَازم الْيَاء منونا أَو لَا وَيلْزم الْوَاو وَفتح النُّون أَو يعرب
عَلَيْهَا وَهِي لُغَة فِي الْمثنى وَالْجمع وَأَجَازَ ابْن مَالك
الأول فِي عشْرين وَقد يُقَال شياطون ش ألحق بِالْجمعِ فِي إعرابه
أَلْفَاظ لَيْسَ على شَرطه سَمِعت فاقتصر فِيهَا على مورد السماع وَلم
يَتَعَدَّ مِنْهَا صِفَات للباري تَعَالَى وَهِي قَوْله {وَنحن
الوارثون} الْحجر 23 و {القادرون} المرسلات 23 و {الماهدون} الذاريات
48 {وَإِنَّا لموسعون} الذاريات 47 فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ الرحيمون
وَلَا الحكيمون لِأَن إِطْلَاق الْأَسْمَاء عَلَيْهِ توقيفي وَمِنْهَا
عشرُون والعقود بعده إِلَى تسعين وَهِي أَسمَاء مُفْردَة وَزعم بَعضهم
أَنَّهَا جموع ورد بِأَنَّهَا خَاصَّة بِمِقْدَار معِين وَلَا يعْهَد
ذَلِك فِي الجموع ذكره ابْن مَالك وَبِأَنَّهُ لَو كَانَ عشرُون جمع
عشرَة وَثَلَاثُونَ جمع ثَلَاثَة لزم إِطْلَاق الثَّانِي على تِسْعَة
وَألا يُطلق الأول إِلَّا على ثَلَاثِينَ لِأَن أقل الْجمع ثَلَاثَة
ذكره الرضي وَمِنْهَا أهلون وَهُوَ جمع أهل وَأهل لَيْسَ بِعلم وَلَا
صفة إِلَّا أَنه أجْرى مجْرى مُسْتَحقّ لِأَنَّهُ يسْتَعْمل
بِمَعْنَاهُ فِي قَوْلهم هُوَ أهل لذا قَالَ تَعَالَى {شَغَلَتْنَا
أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا} الْفَتْح 11 {مَا تطْعمُونَ أهليكم}
الْمَائِدَة 89
(1/170)
وَمِنْهَا أرضون بِفَتْح الرَّاء جمع أَرض
بسكونها وَهِي مُؤَنّثَة وَاسم جنس لَا يعقل ففاته أَرْبَعَة شُرُوط
قَالَ الشَّاعِر 74 -
(لقد ضجّت الأَرْضُون إِذْ قَامَ من بنى ... هَدَادٍ خطيبٌ فَوق
أَعْوادِ مِنْبَر)
وَقَالَ 75 -
(وأَيّةُ بلدةٍ إلاّ أتيْنَا ... من الأرْضينَ تعلمُهُ نِزارُ)
وَمِنْهَا عالمون وَهِي اسْم جمع لَا جمع لِأَن الْعَالم علم لما سوى
الله وَالْعَالمِينَ
(1/171)
خَاص بالعقلاء وَلَيْسَ من شَأْن الْجمع
أَن يكون أقل دلَالَة من مفرده وَلذَلِك أبي سِيبَوَيْهٍ أَن يَجْعَل
الْأَعْرَاب جمع عرب لِأَن الْعَرَب يعم الْحَاضِرين والبادين والأعراب
خَاص بالبادين وَذهب قوم إِلَى أَنه جمع عَالم قيل إِنَّه جمع عَالم
مرَادا بِهِ الْعُقَلَاء خَاصَّة وَقيل إِنَّه جمع مُرَاد بِهِ
الْعُمُوم للعقلاء وَغَيرهم وَعَلَيْهِمَا فَوجه شذوذه أَن عَالما اسْم
جنس لَا علم وَقيل إِن عالمون مَبْنِيّ على فتح النُّون لَا مُعرب
لِأَنَّهُ لم يَقع إِلَّا ملازم الْيَاء ورد بقوله 76 -
(تَنصَّفُهُ البريّةُ وَهُوَ ساَم ... وتُلْفَى العالَمون لَهُ
عِيَالاً)
وَمِنْهَا بنُون وأبون وأخون وهنون وذوو وَوجه شذوذها أَنَّهَا غير
أَعْلَام وَلَا مشتقات قَالَ ابْن مَالك وَلَو قيل فِي حم حمون لم
يمْتَنع لَكِن لَا أعلم أَنه سمع وَقَالَ أَبُو حَيَّان يَنْبَغِي أَن
يمْتَنع لِأَن الْقيَاس يأباه وَجمع أَب وَإِخْوَته كَذَلِك شَاذ فَلَا
يُقَاس عَلَيْهِ وَعَن ثَعْلَب أَنه يُقَال فِي فَم فمون وفمين قَالَ
أَبُو حَيَّان وَهُوَ فِي غَايَة الغرابة ثمَّ إِن ذَوُو أجريت على حد
التَّثْنِيَة من رد الْفَاء إِلَى حركتها الْأَصْلِيَّة حذارا من
الاستثقال أما الْبَاقِي فخالفت التَّثْنِيَة حَيْثُ حذفت لاماتها وَلم
ترد لالتقائها سَاكِنة مَعَ حرف الْإِعْرَاب وَكَذَا ابْن حَيْثُ حذف
همزَة المعوض من اللَّام لرد اللَّام حِينَئِذٍ ثمَّ حذفهَا لما ذكر
وعادت فَتْحة الْيَاء الَّتِي هِيَ الأَصْل وَمِنْهَا أولو وَهُوَ وصف
لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا
الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى} النُّور 22
وَمِنْهَا سنُون وَوجه شذوذه كأرضين وبابه كل ثلاثي حذفت لامه وَعوض
(1/172)
عَنْهَا هَاء التَّأْنِيث وَلم يجمع جمع
تكسير ك ثبة وثبين بِخِلَاف الرباعي وثلاثي لم يحذف مِنْهُ شَيْء كتمرة
أَو حذف مِنْهُ غير اللَّام نعم ألحق أَبُو حَيَّان بذلك مَا حذف فاؤه
وَعوض مِنْهَا الْهَاء كعدة فَإِنَّهُ يُقَال عدون وَبِخِلَاف مَا لم
يعوض من لامه شَيْء كيد وَدم أَو عوض مِنْهَا همزَة الْوَصْل كاسم
وَابْن أَو التَّاء لَا الْهَاء كأخت وَبنت أَو كسر كشفة وشفاه فَلَا
يجمع شَيْء من ذَلِك هَذَا الْجمع ثمَّ إِذا جمع الثلاثي المستوفي
الشُّرُوط فَإِن كَانَت فاؤه مَكْسُورَة سلمت غَالِبا كمائة ومئين وعضة
وعضين ورئة ورئين وَعزة وعزين وَقد تضم بقلة حكى الصغاني عزين
بِالضَّمِّ وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة كسرت كَسنة وسنين وَقد تضم حكى
ابْن مَالك سنُون بِالضَّمِّ وَإِن كَانَت مَضْمُومَة جَازَ الضَّم
وَالْكَسْر كثبة وكرة وَقلة ثمَّ إِعْرَاب هَذَا النَّوْع إِعْرَاب
الْجمع لُغَة الْحجاز وعليا قيس وَأما بعض بني تَمِيم وَبني عَامر
فَيجْعَل الْإِعْرَاب فِي النُّون وَيلْزم الْيَاء قَالَ 77 -
(أرى مَرّ السّنين أَخَذْنَ مِنِّي ... )
ثمَّ الْأَولونَ يتركونه بِلَا تَنْوِين وَالْآخرُونَ ينونونه
فَيَقُولُونَ فِي الْمُنكر أَقمت عِنْده سنينا بِالتَّنْوِينِ
(1/173)
قَالَ 78 -
(مَتَى تَنْجُ حَبْواً من سَنين مُلِحّةٍ ... )
وَقَالَ 79 -
(ألم نَسُق الحَجيجَ سَلِى معَداً ... سِنيناً مَا تُعَدُّ لنا
حِسَابا)
قَالَ ابْن مَالك وَلَو عومل بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة عشرُون وأخواته
لَكَانَ حسنا لِأَنَّهَا لَيْسَ جموعا فَكَانَ لَهَا حق فِي
الْإِعْرَاب بالحركات كسنين وأباه أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَن إعرابها
إِعْرَاب الْجمع على جِهَة الشذوذ فَلَا نضم إِلَيْهِ شذوذا آخر وَمن
الْعَرَب من يلْزمه الْوَاو وَفتح النُّون وَمن الْعَرَب من يلْزمه
الْوَاو ويعربه على النُّون كزيتون قَالَ فِي الْبَسِيط وَهُوَ بعيد من
جِهَة الْقيَاس وَمن الْعَرَب من يَجْعَل الْإِعْرَاب فِي الْمثنى
وَالْجمع على النُّون إِجْرَاء لَهُ مجْرى الْمُفْرد حكى
الشَّيْبَانِيّ هَذَانِ خليلان وَعَلِيهِ خرج 80 -
(لَا يَزَالُون ضَاربين القِبَابِ ... )
(1/174)
صفحة فارغة
(1/175)
وَقد يُقَال شياطون تَشْبِيها لزيادتي
التكسير فِيهِ بزيادتي الْجمع السَّالِم فَنقل من الْإِعْرَاب بالحركات
إِلَى الْإِعْرَاب بالحروف قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ من التَّشْبِيه
الْبعيد الَّذِي يَقع نَحوه مِنْهُم على جِهَة التَّوَهُّم وَهُوَ
شَبيه بهمز معائش ومصائب وَمن هَذَا قِرَاءَة الْحسن {وَمَا تنزلت بِهِ
الشياطون} الشُّعَرَاء 210
(1/176)
ص وَلَيْسَ الْإِعْرَاب فِي الْمثنى
وَالْجمع بمقدرة قبلهَا أَو فِيهَا أَو دَلَائِل أَو بِالْبَقَاءِ
والانقلاب خلافًا لزعميها ش الْجُمْهُور من الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم
ابْن مَالك وَنسبه أَبُو حَيَّان للكوفيين وقطرب والزجاج والزجاجي على
أَن إِعْرَاب الْمثنى وَالْجمع بالحروف الْمَذْكُورَة وَقيل بحركات
مقدرَة فِيمَا قبلهَا وَهِي الدَّال من الزيدان والزيدون والزيدين مثلا
وَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش ورد بِأَنَّهُ تَقْدِير فِي غير الآخر
وَالْإِعْرَاب لَا يكون إِلَّا آخرا وَبِأَنَّهُ لم يكن يحْتَاج إِلَى
تغييرها كَمَا لم يحْتَج إِلَى تَغْيِير بعد الْإِعْرَاب الْمُقدر قبل
يَاء الْمُتَكَلّم وَقيل بحركات مقدرَة فِي الْألف وَالْوَاو وَالْيَاء
وَهُوَ رَأْي الْخَلِيل وسيبويه
(1/177)
وَاخْتَارَهُ الأعلم والسهيلي كالمقصور
وَنَحْوه ورده ابْن مَالك بِلُزُوم ظُهُور النصب فِي الْيَاء وبلزوم
تَثْنِيَة الْمَنْصُوب وَالْمَجْرُور بِالْألف لتحرك الْيَاء وانفتاح
مَا قبلهَا وَأجَاب أَبُو حَيَّان عَن الأول بِأَنَّهُم لما حملُوا
حَالَة النصب على حَالَة الْجَرّ أجروا الحكم على الْيَاء حكما
وَاحِدًا فَكَمَا قدرُوا الكسرة قدرُوا الفتحة تَحْقِيقا للْحَمْل
وَعَن الثَّانِي بِأَن الْمُوجب لقلب الْفرق وَإِن كَانَ الْقيَاس مَا
ذكر وَلذَلِك لاحظه من الْعَرَب من يجْرِي الْمثنى بِالْألف مُطلقًا
وَقيل الْحُرُوف دَلَائِل إِعْرَاب بِمَعْنى أَنَّك إِذا رَأَيْتهَا
فكأنك رَأَيْت الْإِعْرَاب وَبِه فسر أَبُو عَليّ مَذْهَب الْأَخْفَش
وَقيل الْإِعْرَاب بِبَقَاء الْألف وَالْوَاو رفعا وانقلابها نصبا وجرا
وَعَلِيهِ الْجرْمِي والمازني وَابْن عُصْفُور وَهَذَا بِنَاء على أَن
الْإِعْرَاب معنوي لَا لَفْظِي قَالَ ابْن عُصْفُور كَانَ الأَصْل قبل
دُخُول الْعَامِل زَيْدَانَ وزيدون كاثنان وَثَلَاثُونَ فَلَمَّا دخل
الْعَامِل لم يحدث شَيْئا وَكَانَ ترك الْعَلامَة يقوم مقَام
الْعَلامَة فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا عَامل النصب والجر قلب الْألف
وَالْوَاو يَاء فَكَانَ التَّغْيِير والانقلاب وَعَدَمه هُوَ
الْإِعْرَاب وَلَا إِعْرَاب ظَاهر وَلَا مُقَدّر ورده ابْن مَالك
باستلزامه مَخَافَة النَّظَائِر إِذْ لَيْسَ فِي المعربات مَا ترك
الْعَلامَة لَهُ عَلامَة وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَن الْأَسْمَاء
السِّتَّة كَذَلِك عِنْد الْجرْمِي وَقد ثَبت وجود الْوَاو فِيهَا قبل
الْعَامِل فِي قَوْلهم أَبُو جاد ص وتليها نون تكسر فِي الْمثنى وَقد
تضم مَعَ الْألف وتفتح فِي الْجمع وَالْعَكْس لُغَة وَقيل ضَرُورَة فِي
الْجمع وَقيل يخْتَص بِالْيَاءِ فيهمَا وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ
مَالك أَنَّهَا لرفع توهم الْإِضَافَة أَو الْإِفْرَاد لَا عوض من
حَرَكَة أَو تَنْوِين أَو هما مُطلقًا أَو إِن كَانَا وَإِلَّا فأحدهما
وَإِلَّا فَغير عوض أَو فارقة بَين رفع الْمثنى وَنصب الْمُفْرد وَحمل
الْبَاقِي وَلَا هِيَ التَّنْوِين خلافًا لزاعميها وَتسقط لإضافة وَلَو
تَقْديرا وَشبههَا وتقصير صلَة وَخَصه الْمبرد باللذا واللتا وَغَيره
ضَرُورَة
(1/178)
وَجوزهُ الْكسَائي فِي النثر وزعمه
الْأَخْفَش فِي ضارباك للطافة الضَّمِير وتشدد فِي مَوْصُول وَإِشَارَة
مُطلقًا على الْأَرْجَح ش زيد بعد الْألف وَالْيَاء فِي الْمثنى وَبعد
الْوَاو وَالْيَاء فِي الْجمع نون وَاخْتلف فِي أَنَّهَا زيدت لماذا
على مَذَاهِب أَحدهمَا وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك أَنَّهَا لرفع توهم
الْإِضَافَة فِي نَحْو رَأَيْت بَنِينَ كرماء وناصرين باغين والإفراد
فِي الْإِشَارَة والمقصور والمنقوص نَحْو هَذَانِ الخوزلان ومررت
بالمهتدين فلولا النُّون لالتبس حَال الْإِضَافَة بعدمها والمفرد
بالمثنى فِيمَا ذكر الثَّانِي أَنَّهَا عوض من حَرَكَة الْمُفْرد
وَنسبه أَبُو حَيَّان للزجاج ورده ابْن مَالك بِأَن الْحُرُوف نائبة
عَنْهَا فَلَا حَاجَة إِلَى التعويض بالنُّون قَالَ أَبُو حَيَّان
وَهَذَا بِنَاء على رَأْيه أَن الْحُرُوف إِعْرَاب الثَّالِث أَنَّهَا
عوض من تَنْوِين الْمُفْرد وَعَلِيهِ ابْن كيسَان وَوَجهه بِأَن
الْحَرَكَة عوض مِنْهَا الْحَرْف وَلم يعوض من التَّنْوِين شَيْء
فَكَانَت النُّون عوضا عَنهُ وَلذَلِك حذفت فِي الْإِضَافَة كَمَا يحذف
التَّنْوِين ورد بثبوتها مَعَ الْألف وَاللَّام وَفِيمَا لَا تَنْوِين
فِيهِ نَحْو يَا زَيْدَانَ وَلَا رجلَيْنِ فِيهَا وَغير المنصرف إِذا
ثني وَبِأَن التَّنْوِين إِنَّمَا دخل ليفرق بَين الِاسْم الْبَاقِي
على أصالته وَبَين المشابه للْفِعْل وَلَا حَاجَة إِلَيْهِ هُنَا لِأَن
التَّثْنِيَة وَالْجمع إبعاد عَن الْفِعْل فَلم يحْتَج إِلَى فَارق
وَإِنَّمَا حذفت فِي الْإِضَافَة لِأَنَّهَا زِيَادَة والمضاف إِلَيْهِ
زِيَادَة فِي الْمُضَاف فكرهوا زيادتين فِي آخر الِاسْم الرَّابِع
أَنَّهَا عوض من الْحَرَكَة والتنوين مَعًا وَعَلِيهِ ابْن ولاد أَبُو
عَليّ وَابْن طَاهِر والجزولي ورد بِمَا سبق فِي المذهبين قبله
وبثبوتها فِي الْوَقْف وَالْحَرَكَة والتنوين لَا يثبتان فِي الْوَقْف
(1/179)
الْخَامِس أَنَّهَا عوض من الْحَرَكَة
والتنوين فِيمَا وجدا فِي مفرده وَمن الْحَرَكَة فَقَط فِيمَا لَا
تَنْوِين فِي مفرده كمثنى مَا لَا ينْصَرف وَمن التَّنْوِين فَقَط
فِيمَا لَا حَرَكَة فِي مفرده كعصا وقاض وَغير عوض فِيمَا خلا
عَنْهُمَا كمثنى حُبْلَى وَهَذَا وَالَّذِي وَعَلِيهِ ابْن جني
السَّادِس أَنَّهَا فارقة بَين رفع الْمثنى وَنصب الْمُفْرد لِأَنَّك
إِذا قلت زيدا يلتبس بالمفرد الْمَنْصُوب حَال الْوَقْف ثمَّ حمل
سَائِر التَّثْنِيَة وَالْجمع على ذَلِك وَعَلِيهِ الْفراء السَّابِع
أَنَّهَا التَّنْوِين نَفسه لِأَن الأَصْل بعد تحقق الْعَلامَة للتثنية
وَالْجمع أَن تنْتَقل إِلَيْهِ الْحَرَكَة والتنوين فامتنعت الْحَرَكَة
للإعلال وَلم يمْتَنع التَّنْوِين وَلكنه لزم تحريكه لأجل الساكنين
فَثَبت نونا نَقله ابْن هِشَام الخضراوي وَأَبُو حَيَّان قَالَ وَلَا
يرد أَنه لَا تَنْوِين فِي تَثْنِيَة مَا لَا ينْصَرف والمبني لأَنا
نقُول لما ثني زَالَ شبه الْفِعْل والحرف فَرَجَعَا إِلَى الأَصْل
فَعَاد التَّنْوِين ثمَّ الشَّائِع فِي هَذِه النُّون الْكسر فِي
الْمثنى وَالْفَتْح فِي الْجمع وَإِنَّمَا حركت لالتقاء الساكنين وخولف
بَينهمَا للْفرق وَخص كل بِمَا فِيهِ لخفة الْمثنى وَثقل الْكسر وَثقل
الْجمع وخفة الْفَتْح فعودل بَينهمَا وَورد الْعَكْس وَهُوَ فتحهَا
مَعَ الْمثنى وَكسرهَا مَعَ الْجمع فَقيل هُوَ لُغَة وَقيل فتح نون
الْمثنى لُغَة وَكسر نون الْجمع ضَرُورَة وَقيل كَذَلِك خَاص بِحَالَة
الْيَاء فيهمَا بِخِلَاف حَالَة الرّفْع وَعَلِيهِ أَبُو حَيَّان وَمن
أَمْثِلَة ذَلِك قَوْله 81 -
(على أَحْوَذِيَّينَ اسْتَقَلّتْ عَشِيّةً ... )
(1/180)
وَقَوله 82 -
(أعْرفُ مِنْهَا الْأنف والعَيْنانَا ... ومَنْخَرَيْن أشْبهَا
ظَبْيانَا)
(1/181)
صفحة فارغة
(1/182)
وَقَوله 83 -
(وأَنْكَرْنا زعَانِف آخَرين ... )
(1/183)
وَقَوله 84 -
(وَقد جَاوَزت حدّ الْأَرْبَعين ... )
(1/184)
صفحة فارغة
(1/185)
وَقَوله 85 -
(إِلَّا الخلائف من بعد النّبِّيين ... )
قَالَ ابْن جني وَمن الْعَرَب من يضم النُّون فِي الْمثنى وَهُوَ من
الشذوذ بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ ضم
النُّون التَّثْنِيَة لُغَة قَالَ أَبُو حَيَّان يَعْنِي مَعَ الْألف
لَا مَعَ الْيَاء لِأَنَّهَا شبهت بِأَلف غَضْبَان وَعُثْمَان أنْشد
الْمُطَرز فِي اليواقيت 86 -
(يَا أبتا أرَّقنى القِذّانُ ... فالنّوْمَ لَا تَطْعَمُهُ
الْعَيْنَانُ)
(1/186)
وَلم يسمع تَشْدِيد هَذِه النُّون سوى فِي
تَثْنِيَة اسْم الْإِشَارَة والموصول عوضا من الْحَرْف الْمَحْذُوف
مِنْهُمَا وَهُوَ الْألف فِي الْإِشَارَة وَالْيَاء فِي الْمَوْصُول
إِذْ كَانَ حَقّهمَا الْإِثْبَات كألف الْمَقْصُور وياء المنقوص ثمَّ
مَذْهَب الْبَصرِيين اخْتِصَاص التَّشْدِيد بِحَالَة الرّفْع وَمذهب
الْكُوفِيّين وَصَححهُ ابْن مَالك جَوَازه مَعَ الْألف وَالْيَاء وَقد
قرئَ بِالتَّشْدِيدِ قَوْله تَعَالَى {فذانك برهانان} الْقَصَص 32
{والذان يأتيانها} النِّسَاء 16 {إِحْدَى ابْنَتي هَاتين} الْقَصَص 27
و {أرنا الَّذين} فصلت 29 وتحذف هَذِه النُّون للإضافة إِمَّا ظَاهِرَة
نَحْو {بل يَدَاهُ} الْمَائِدَة 64 {والمقيمي الصَّلَاة} الْحَج 35
{غير محلي الصَّيْد} الْمَائِدَة 1 أَو مقدرَة كَقَوْلِه 87 -
(هما خُطّتَا إِمَّا إسارٍ ومِنّة ... وإمّا دَمٌ والموْتُ بِالْحرِّ
أجْدَرُ)
(1/187)
ولشبه الْإِضَافَة ذكره أَبُو حَيَّان
وَمثله بِاثْنَيْ عشر واثنتي عشرَة وَنَحْو لَا غلامي لَك ولبيك
وَسَعْديك ودواليك وهذاذيك على أَن الْكَاف فِيهَا حرف خطاب لَا ضمير
وَهُوَ رَأْي الأعلم ولتقصير الصِّلَة وَسَوَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ
وَالْفراء صلَة الْألف وَاللَّام وَمَا ثني أَو جمع من الْمَوْصُول
كَقَوْلِه 88 -
(خِلَيلّىّ مَا إِن أَنْتُمَا الصّادقا هَوًى ... إذَا خِفْتُما فِيهِ
عَذُولاً وواشِيا)
وَقَوله 89 -
(أبَنِى كُلَيْبٍ إنّ عَمّىّ اللّذَا ... قَتلاَ الْمُلُوك وفَكّكَا
الأَغْلاَلا)
(1/188)
وَقَوله 90 -
(هُما اللّتَا لَو ولَدَتْ تَمِيم ... )
(1/189)
صفحة فارغة
(1/190)
قَالَ الْفراء صَارَت الصِّلَة عوضا عَن
النُّون وهم يحذفون مِمَّا طَال فِي كَلَامهم وَذهب الْمبرد إِلَى أَن
ذَلِك خَاص باللذان واللتان لطول الِاسْم وَلِأَنَّهُ لم يحفظ حذف
النُّون فِي صلَة الْألف وَاللَّام من لِسَان الْعَرَب فِي الْمثنى
وَالْبَيْت الْمصدر بِهِ يحْتَمل أَن يكون الْحَذف فِيهِ للإضافة قَالَ
أَبُو حَيَّان لكنه قد سمع فِي الْجمع وَقِيَاس الْمثنى على الْجمع
قِيَاس جلي قَالَ 91 -
(الحافِظو عَوْرةَ الْعَشِيرَة لَا ... )
وَقَالَ 92 -
(وخَيْرُ الطّالبي التِّرة الغَشُومُ ... )
(1/191)
بِنصب عَورَة والترة وَخرج عَلَيْهِ
{والمقيمي الصَّلَاة} الْحَج 35 بِالنّصب وَمثل ابْن مَالك لحذفها من
جمع الَّذِي بقوله 93 -
(إِن الذّي حانت بفَلْجَ دِماؤُهُم ... هُمُ القوْمُ كلُّ الْقَوْم يَا
أُمَّ خَالِد)
أَي الَّذين وقدح فِيهِ بِاحْتِمَال أَنه أَرَادَ الْجمع على حد قَوْله
تَعَالَى {كَمثل الَّذِي استوقد} الْبَقَرَة 17 إِلَى أَن قَالَ
{بنورهم} وحذفها فِيمَا عدا ذَلِك ضَرُورَة كَقَوْلِه 94 -
(أقولُ لِصاحبىَّ لمّا بدَا لِى ... مَعالِمُ مِنْهُمَا وهما نَجيّا)
أَي نجيان وَقَوله 95 -
(لَو كنْتُم منجدي حِين اسْتَعَنْتُكُمُ ... )
وَجوزهُ الْكسَائي فِي السعَة فَيجوز عِنْده قَامَ الزيدا بِغَيْر نون
قَالَ أَبُو حَيَّان وَيشْهد لَهُ مَا سمع بيضك ثنتا وبيضي مِائَتَا
أَي ثِنْتَانِ ومائتان قَالَ وَيَنْبَغِي أَن يُقيد مذْهبه بِأَن لَا
يُؤَدِّي إِلَى الإلباس فِي الْمُفْرد كَمَا فِي هَذَانِ وَهَاتَانِ
وَمِمَّا
(1/192)
تخرج على رَأْي الْكسَائي فِي الْجمع
قِرَاءَة {غير معجزي الله} التَّوْبَة 3 و {لذائقوا الْعَذَاب} الصافات
38 بِالنّصب وَذهب الْأَخْفَش وَهِشَام إِلَى أَنَّهَا تحذف للطافة
الضَّمِير فِي نَحْو ضاربك وَإنَّهُ مَنْصُوب الْمحل لِأَن مُوجب النصب
المفعولية وَهِي مُحَققَة وَمُوجب الْجَرّ الْإِضَافَة وَهِي غير
مُحَققَة إِذْ لَا دَلِيل عَلَيْهَا إِلَّا حذف النُّون ولحذفها سَبَب
آخر غير الْإِضَافَة وَهُوَ صون الضَّمِير الْمُتَّصِل عَن وُقُوعه
مُنْفَصِلا وَالَّذِي قَالَه سِيبَوَيْهٍ والمحققون إِنَّه فِي مَحل جر
بِالْإِضَافَة ص وَمَا سمي بِهِ من مثنى وَجمع على حَاله كالبحرين
وعليين وَقد يجرى الْمثنى كسلمان وَالْجمع كغسلين أَو هَارُون أَو
يلْزم الْوَاو وَفتح النُّون مَا لم يجاوزا سَبْعَة ش إِذا سمي بالمثنى
وَالْجمع فَهُوَ بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل التَّسْمِيَة من
الْإِعْرَاب بِأَلف وَالْوَاو وَالْيَاء كالبحرين أَصله تَثْنِيَة بَحر
ثمَّ جعل علما لبلد وَنَحْو ورنكتين وكتابين علم مَوضِع وعليين أَصله
جمع عَليّ ثمَّ سمي بِهِ أَعلَى الْجنَّة قَالَ تَعَالَى {لفي عليين
وَمَا أَدْرَاك مَا عليون} المطففون 18 19 وَكَذَا صريفون وصفون
ونصيبون وقنسرون وبيرون ودارون وفلسطون كلهَا أَعْلَام أَمَاكِن منقولة
من الْجمع فَترفع بِالْوَاو وتنصب وتجر بِالْيَاءِ قَالَ زيد بن عدي 96
-
(تركنَا أَخا بكر يَنُوء بصَدره ... بصفِّينَ مخضوبَ الجُيوبِ من
الدَّم)
(1/193)
وَفِي الْأَثر شهِدت صفّين وبئست صفون
هَذِه اللُّغَة الفصحى فيهمَا وَفِي الْمثنى لُغَة أُخْرَى وَهِي
إجراؤه كعمران وسلمان فِي الْتِزَام الْألف وَإِعْرَابه على النُّون
إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف وَفِي الْجمع لُغَات أُخْرَى أَحدهَا أَن
يَجْعَل كغسلين فِي الْتِزَام الْيَاء وَجعل الْإِعْرَاب فِي النُّون
مصروفا الثَّانِيَة أَن يَجْعَل كهارون فِي الْتِزَام الْوَاو وَجعل
الْإِعْرَاب على النُّون غير مَصْرُوف للعلمية وَشبه العجمة
الثَّالِثَة الْتِزَام الْوَاو وَفتح النُّون مُطلقًا وَجعل الْمثنى
كسلمان وَالْجمع كغسلين أَو هَارُون مَشْرُوط بِأَن لَا يجاوزا سَبْعَة
أحرف فَإِن جاوزاها لم يعربا بالحركات ص مَسْأَلَة قد يوضع كل من
الْمُفْرد والمثنى وَالْجمع مَوضِع الآخر وقاسه الْكُوفِيُّونَ وَابْن
مَالك بِلَا لبس وَالْجُمْهُور الْجمع فِي نَحْو رُؤُوس الكبشين
بِشَرْط إِضَافَته إِلَى مثنى لفظا أَو نِيَّة فَإِن فرق متضمناهما
فخلاف ش الأَصْل فِي كَلَام الْعَرَب دلَالَة كل لفظ على مَا وضع لَهُ
فَيدل الْمُفْرد على الْمُفْرد والمثنى على اثْنَيْنِ وَالْجمع على جمع
وَقد يخرج عَن هَذَا الأَصْل وَذَلِكَ قِسْمَانِ مسموع وَمقيس فَالْأول
مَا لَيْسَ جُزْءا مِمَّا أضيف إِلَيْهِ سمع ضع رحالهما يُرِيدُونَ
اثْنَيْنِ وديناركم مُخْتَلفَة أَي دنانيركم وَعَيناهُ حَسَنَة أَي
حَسَنَتَانِ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس 97 -
(بهَا العَيْنان تَنْهَلٌّ ... )
(1/194)
أَي تنهلان وَقَالَ الآخر 98 -
(إِذا ذكرتْ عينى الزّمانَ الَّذِي مضى ... بصحراءِ فَلْج ظَلتّا
تَكِفَان)
أَي عَيْنَايَ وَقَالَ 99 -
(كُلُوا فِي بعض بَطْنِكم تَعِفُّوا ... )
أَي بطونكم وَقَالَ 100 -
(لأَطْعَمْتَ العِراقَ وَرَفِدَيْهِ ... )
(1/195)
أَي رافده لِأَن الْعرَاق لَيْسَ لَهُ
إِلَّا رافد وَاحِد وَمِنْه لبيْك وأخوته فَإِنَّهُ لفظ مثنى وضع
مَوضِع الْجمع قَالُوا شابت مُفَارقَة وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مفرق
وَاحِد وعظيم الْمنْكب وغليظ الحواجب والوجنات والمرافق وعظيمة
الْأَوْرَاك فَكل هَذَا مسموع لَا يُقَاس عَلَيْهِ وقاسه
الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك إِذا أَمن اللّبْس وَهُوَ ماش على
قَاعِدَة الْكُوفِيّين من الْقيَاس على الشاذ والنادر قَالَ أَبُو
حَيَّان وَلَو قيس شَيْء من هَذَا لالتبست الدلالات واختلطت الموضوعات
وَالثَّانِي مَا أضيف إِلَى متضمنه وَهُوَ مثنى لفظا نَحْو قطعت رُؤُوس
الكبشين أَي رأسيهما أَو معنى نَحْو 101 -
(كفَاغِرَي الأفواه عِنْد عَرين ... )
أَي كأسدين فاغرين أفواهما عِنْد عرينهما فَإِن مثل ذَلِك ورد فِيهِ
الْجمع والإفراد والتثنية فَمن الأول قَوْله تَعَالَى {قد صغت
قُلُوبكُمَا} التَّحْرِيم 4 وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود {وَالسَّارِق
والسارقة فَاقْطَعُوا أيمانهما} الْمَائِدَة 38 وَمن الْإِفْرَاد
قِرَاءَة الْحسن {بَدَت لَهما سوءتهما} الْأَعْرَاف 22 وَمن
التَّثْنِيَة قِرَاءَة الْجُمْهُور سوءاتهما فطرد ابْن مَالك قِيَاس
الْجمع والإفراد أَيْضا لفهم الْمَعْنى
(1/196)
وَخص الْجُمْهُور الْقيَاس بِالْجمعِ
وَقصرُوا الْإِفْرَاد على مَا ورد وَإِنَّمَا وَافق الْجُمْهُور على
قِيَاس الْجمع كَرَاهَة اجْتِمَاع تثنيتين مَعَ فهم الْمَعْنى وَلذَلِك
شَرط أَلا يكون لكل وَاحِد من الْمُضَاف إِلَيْهِ إِلَّا شَيْء وَاحِد
لِأَنَّهُ إِن كَانَ لَهُ أَكثر الْتبس فَلَا يجوز فِي قطعت أُذُنِي
الزيدين الْإِتْيَان بِالْجمعِ وَلَا الْإِفْرَاد للإلباس وَمن
أَمْثِلَة ذَلِك 102 -
(حمامَةَ بطن الوَادِيَيْن ترنّمي ... )
أَي بَطْني 103 -
(بِمَا فِي فؤادَيْنا من الهمّ والهوى ... )
104 -
(إِذا كَانَ قلبانا بِنَا يجفان ... )
(1/197)
105 -
(ظهراهما مِثْلُ ظُهُور التُرْسَيْن ... )
106 -
(هما نَفثَا فِي من فَمَوَيْهما ... )
107 -
(فتخالسا نَفْسيْهما بنوافذٍ ... )
(1/198)
فَإِن فرق متضمناهما كَقَوْلِه تَعَالَى
{على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَم} الْمَائِدَة 78 فَقَالَ
ابْن مَالك أَيْضا بِقِيَاس الْجمع والإفراد وَخَالفهُ أَبُو حَيَّان
لِأَن الْجمع إِنَّمَا قيس هُنَاكَ اجْتِمَاع تثنيتين وَقد زَالَت
بتفريق المتضمنين قَالَ فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النّظر الِاقْتِصَار على
التَّثْنِيَة وَإِن ورد جمع أَو إِفْرَاد اقْتصر فِيهِ على مورد السماع
قَالَ وَأما الْآيَة فَلَيْسَ المُرَاد فِيهَا بِاللِّسَانِ
الْجَارِحَة بل الْكَلَام أَو الرسَالَة فَلَيْسَ جُزْءا من دَاوُد
وَلَا من عِيسَى
(1/199)
|