همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

النكرَة والمعرفة
ص النكرَة والمعرفة قَالَ ابْن مَالك حد النكرَة عسر فَهِيَ مَا عدا الْمعرفَة ش لما كَانَ كثير من الْأَحْكَام الْآتِيَة تبني على التَّعْرِيف والتنكير وَكَانَا كثيري الدّور فِي أَبْوَاب الْعَرَبيَّة صدر النُّحَاة كتب النَّحْو بذكرهما بعد الْإِعْرَاب وَالْبناء وَقد أَكثر النَّاس حدودهما وَلَيْسَ مِنْهَا حد سَالم قَالَ ابْن مَالك من تعرض لحدهما عجز عَن الْوُصُول إِلَيْهِ دون اسْتِدْرَاك عَلَيْهِ لِأَن من الْأَسْمَاء مَا هُوَ معرفَة معنى نكرَة لفظا نَحْو كَانَ ذَلِك عَاما أول وَأول من أمس فمدلولهما معِين لَا شيعًا فِيهِ بِوَجْه وَلم يستعملا إِلَّا نكرتين وَمَا هُوَ نكرَة معنى معرفَة لفظا كأسامة هُوَ فِي اللَّفْظ كحمزة فِي منع الصّرْف وَالْإِضَافَة وَدخُول أل وَوَصفه بالمعرفة دون النكرَة ومجيئه مُبْتَدأ وَصَاحب حَال وَهُوَ فِي الشياع كأسد وَمَا هُوَ فِي استعمالهم على وَجْهَيْن كواحد أمه وَعبد بَطْنه فَأكْثر الْعَرَب هما عِنْده معرفَة بِالْإِضَافَة وَبَعْضهمْ يجعلهما نكرَة وينصبهما على الْحَال وَمثلهَا ذُو اللَّام الجنسية فَمن قبل اللَّفْظ معرفَة وَمن قبل الْمَعْنى لشياعه نكرَة وَلذَلِك يُوصف بالمعرفة اعْتِبَارا بِلَفْظِهِ وبالنكرة اعْتِبَارا بِمَعْنَاهُ وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك وَأحسن مَا يتَبَيَّن بِهِ الْمعرفَة ذكر أقسامها مستقصاة ثمَّ يُقَال وَمَا سوى ذَلِك نكرَة قَالَ وَذَلِكَ أَجود من غَيرهَا بِدُخُول رب أَو اللَّام لِأَن من المعارف مَا يدْخل عَلَيْهِ اللَّام كالفضل وَالْعَبَّاس وَمن النكرات مَالا يدْخل عَلَيْهِ رب وَلَا اللَّام كأين وَمَتى وَكَيف وعريب وديار

(1/218)


ص وَهِي الأَصْل خلافًا للكوفية وَالْجُمْهُور أَن المعارف مُتَفَاوِتَة فأرفعها ضمير مُتَكَلم فمخاطب فَعلم فغائب فإشارة ومنادى وَالأَصَح أَن تَعْرِيفه بِالْقَصْدِ لَا بأل منوية وَأَنه إِن كَانَ علما بَاقٍ فموصول فذو أل وَثَالِثهَا هما سَوَاء وَمَا أضيف إِلَى أَحدهَا فِي مرتبته مُطلقًا أَو إِلَّا الْمُضمر أَو دونه مُطلقًا أَو إِلَّا ذَا أل مَذَاهِب وَقيل الْعلم بعد الْغَائِب وَقيل بعد الْإِشَارَة وَقيل هُوَ أرفعها وَقيل الْإِشَارَة وَقيل ذُو أل وَيسْتَثْنى اسْم الله تَعَالَى وَالأَصَح أَن تَعْرِيف الْمَوْصُول بِعَهْد الصِّلَة لَا بأل ونيتها وَأَن من وَمَا الاستفهاميتين نكرتان وَأَن ضمير النكرَة معرفَة وَثَالِثهَا إِن لم يجب تنكيرها وَأَرْفَع الْأَعْلَام الْأَمَاكِن ثمَّ الأناسي ثمَّ الْأَجْنَاس وَالْإِشَارَة الْقَرِيب ثمَّ الْمُتَوَسّط وَذي أل الحضوري ثمَّ عهد الشَّخْص ثمَّ الْجِنْس وَلَا وساطة خلافًا لزاعمها فِي الْخَالِي من التَّنْوِين وَاللَّام ش فِيهِ مسَائِل الأولى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور أَن النكرَة أصل والمعرفة فرع وَخَالف الْكُوفِيُّونَ وَابْن الطراوة قَالُوا لِأَن من الْأَسْمَاء مَا لزم التَّعْرِيف كالمضمرات وَمَا التَّعْرِيف فِيهِ قبل التنكير كمررت بزيد وَزيد آخر وَقَالَ الشلوبين لم يثبت هُنَا سِيبَوَيْهٍ إِلَّا حَال الْوُجُود لَا مَا تخيله هَؤُلَاءِ وَإِذا نظرت إِلَى حَال الْوُجُود كَانَ التنكير قبل التَّعْرِيف لِأَن الْأَجْنَاس هِيَ الأول ثمَّ الْأَنْوَاع ووضعها على التنكير إِذْ كَانَ الْجِنْس لَا يخْتَلط بِالْجِنْسِ والأشخاص هِيَ الَّتِي حدث فِيهَا التَّعْرِيف لاختلاط بَعْضهَا بِبَعْض قيل وَمِمَّا يدل على أَصَالَة النكرَة أَنَّك لَا تَجِد معرفَة إِلَّا وَله اسْم نكرَة ونجد كثيرا من الْمُنْكَرَات لَا معرفَة لَهَا أَلا ترى أَن الْغُلَام غلامي أَصله غُلَام والمضمر اخْتِصَار تَكْرِير الْمظهر والمشار نَائِب مناب الْمظهر فَهَذَا يسْتَغْنى بِهِ عَن زيد الْحَاضِر الثَّانِيَة المعارف سَبْعَة وَقد ذكرتها فِي طي ترتيبها فِي الأعرفية وَهِي الْمُضمر وَالْعلم وَالْإِشَارَة والموصول والمعرف بأل والمضاف إِلَى وَاحِد مِنْهَا والمنادى وأغفل أَكْثَرهم ذكر المنادى وَالْمرَاد بِهِ النكرَة الْمقبل عَلَيْهَا نَحْو يَا رجل فتعريفه بِالْقَصْدِ كَمَا صَححهُ ابْن مَالك

(1/219)


وَذهب قوم إِلَى أَن تَعْرِيفه بأل محذوفة وناب حرف النداء منابها قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الَّذِي صَححهُ أَصْحَابنَا وَلَا خلاف فِي النكرَة غير الْمَقْصُودَة نَحْو يَا رجلا خُذ بيَدي أَنه بَاقٍ على تنكيره وَأما الْعلم نَحْو يَا زيد فَذهب قوم إِلَى أَنه تعرف بالنداء بعد إِزَالَة تَعْرِيف العلمية وَالأَصَح أَنه بَاقٍ على تَعْرِيف العلمية وإنمان ازْدَادَ بالنداء وضوحا وَأما الْمَوْصُول فتعريفه بالعهد الَّذِي فِي صلته هَذَا مَذْهَب الْفَارِسِي وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَن مَا فِيهِ أل من الموصولات تعرف بهَا وَمَا لَيست فِيهِ نَحْو من وَمَا فتعرف لِأَنَّهُ فِي معنى مَا هِيَ فِيهِ إِلَّا أيا الموصولة فتعرفت بِالْإِضَافَة وعد ابْن كيسَان من المعارف من وَمَا الاستفهاميتين وَاسْتدلَّ بتعريف جوابهما نَحْو من عنْدك فَيُقَال زيد وَمَا دعَاك إِلَى كَذَا فَيُقَال لقاؤك وَالْجَوَاب يُطَابق السُّؤَال وَالْجُمْهُور على أَنَّهُمَا نكرتان لِأَن الأَصْل التنكير مَا لم تقم حجَّة وَاضِحَة وَلِأَنَّهُمَا قائمتان مقَام أَي إِنْسَان وَأي شَيْء وهما نكرتان فَوَجَبَ تنكير مَا قَامَ مقامهما وَمَا قَالَه من تَعْرِيف الْجَواب غير لَازم إِذْ يَصح أَن يُقَال فِي الأول رجل من بني فلَان وَفِي الثَّانِي أَمر مُهِمّ الثَّالِثَة مَذْهَب أَئِمَّة النَّحْو الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين أَن المعارف مُتَفَاوِتَة وَذهب ابْن حزم إِلَى أَنَّهَا كلهَا مُتَسَاوِيَة لِأَن الْمعرفَة لَا تتفاضل إِذْ لَا يَصح أَن يُقَال عرفت هَذَا أَكثر من هَذَا وَأجِيب بِأَن مُرَادهم بِأَن هَذَا أعرف من هَذَا أَن تطرق الِاحْتِمَال إِلَيْهِ أقل من تطرقه إِلَى الآخر وعَلى التَّفَاوُت اخْتلف فِي أعرف المعارف فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور إِلَى أَن الْمُضمر أعرفهَا وَقيل الْعلم أعرفهَا وَعَلِيهِ الصَّيْمَرِيّ وعزي للكوفيين وَنسب لسيبويه

(1/220)


وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَنَّهُ جزئي وضعا واستعمالا وَبَاقِي المعارف كليات وضعا جزئيات اسْتِعْمَالا وَقيل أعرفهَا اسْم الْإِشَارَة وَنسب لِابْنِ السراج وَقيل ذُو أل لِأَنَّهُ وضع لتعريفه أَدَاة وَغَيره لم تُوضَع لَهُ أَدَاة وَلم يذهب أحد إِلَى أَن الْمُضَاف أعرفهَا إِذْ لَا يُمكن أَن يكون أعرف من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَبِه تعرف وَمحل الْخلاف فِي غير اسْم الله تَعَالَى فَإِنَّهُ أعرف المعارف بِالْإِجْمَاع وَقَالَ ابْن مَالك أعرف المعارف ضمير الْمُتَكَلّم لِأَنَّهُ يدل على المُرَاد بِنَفسِهِ وبمشاهدة مَدْلُوله وبعدم صلاحيته لغيره وبتميز صورته ثمَّ ضمير الْمُخَاطب لِأَنَّهُ يدل على المُرَاد بِنَفسِهِ وبمواجهة مَدْلُوله ثمَّ الْعلم لِأَنَّهُ يدل على المارد حَاضرا وغائبا على سَبِيل الِاخْتِصَاص ثمَّ ضمير الْغَائِب السَّالِم عَن إِبْهَام نَحْو زيد رَأَيْته فَلَو تقدم اسمان أَو أَكثر نَحْو قَامَ زيد وَعَمْرو كَلمته تطرق إِلَيْهِ الْإِبْهَام وَنقص تمكنه فِي التَّعْرِيف ثمَّ الْمشَار بِهِ والمنادى كِلَاهُمَا فِي مرتبَة وَاحِدَة لِأَن كلا مِنْهُمَا تَعْرِيفه بِالْقَصْدِ ثمَّ الْمَوْصُول ثمَّ ذُو أل وَقيل ذُو أل قبل الْمَوْصُول وَعَلِيهِ ابْن كيسَان لوُقُوعه صفة لَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} الْأَنْعَام 91 وَالصّفة لَا تكون أعرف من الْمَوْصُوف وَأجِيب بِأَنَّهُ بدل أَو مَقْطُوع أَو الْكتاب علم بالغلبة للتوراة وَقيل هما فِي مرتبَة وَاحِدَة بِنَاء على أَن تَعْرِيف الْمَوْصُول بأل وَقيل لِأَن كلا مِنْهُمَا تَعْرِيفه بالعهد وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا أعلم أحدا ذهب إِلَى التَّفْصِيل فِي الْمُضمر فَجعل الْعلم أعرف من ضمير الْغَائِب إِلَّا ابْن مَالك وَالَّذين ذكرُوا أَن أعرف المعارف الْمُضمر قَالُوهُ على الْإِطْلَاق ثمَّ يَلِيهِ الْعلم وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن مرتبَة الْإِشَارَة قبل الْعلم وَنسب لِابْنِ السراج وَاحْتَجُّوا بِأَن الْإِشَارَة مُلَازمَة التَّعْرِيف بِخِلَاف الْعلم وتعريفها حسي وعقلي وتعريفه عَقْلِي فَقَط وبأنها تقدم عَلَيْهِ عِنْد الِاجْتِمَاع نَحْو هَذَا زيد وَلَا حجَّة فِي ذَلِك لِأَن الْمُعْتَبر إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة الوضوح وَالْعلم أَزِيد وضوحا لَا سِيمَا علم لَا تعرض لَهُ شركَة كإسرافيل وطالوت

(1/221)


قَالَ أَبُو حَيَّان قَالَ أَصْحَابنَا أعرف الْأَعْلَام أَسمَاء الْأَمَاكِن ثمَّ أَسمَاء الأناسي ثمَّ أَسمَاء الْأَجْنَاس وَأعرف الإشارات مَا كَانَ للقريب ثمَّ للوسط ثمَّ للبعيد وَأعرف ذِي الأداة مَا كَانَت فِيهِ للحضور ثمَّ للْعهد فِي شخصي ثمَّ الْجِنْس وَاخْتلف فِي الْمُعَرّف بِالْإِضَافَة على مَذَاهِب أَحدهَا أَنه فِي مرتبَة مَا أضيف إِلَيْهِ مُطلقًا حَتَّى الْمُضمر لِأَنَّهُ اكْتسب التَّعْرِيف مِنْهُ فَصَارَ مثله وَعَلِيهِ ابْن طَاهِر وَابْن خروف وَجزم بِهِ فِي التسهيل الثَّانِي أَنه فِي مرتبته إِلَّا الْمُضَاف إِلَى الْمُضمر فَإِنَّهُ دونه فِي رُتْبَة الْعلم وَعَلِيهِ الأندلسيون لِئَلَّا ينْقض القَوْل بِأَن الْمُضمر أعرف المعارف وَيكون أعرفهَا شَيْئَيْنِ الْمُضمر والمضاف إِلَيْهِ وعزي لسيبويه الثَّالِث أَنه دونه مُطلقًا حَتَّى الْمُضَاف لذِي أل وَعَلِيهِ الْمبرد كَمَا أَن الْمُضَاف إِلَى الْمُضمر دونه الرَّابِع أَنه دونه إِلَّا الْمُضَاف لذِي أل حَكَاهُ فِي الإفصاح وعبرت فِي الْمَتْن بأرفع بِخِلَاف تَعْبِير النَّحْوِيين بأعرف لِأَن أفعل التَّفْضِيل لَا يَنْبَنِي من مَادَّة التَّعْرِيف الرَّابِعَة الْجُمْهُور على أَن الضَّمِير الْعَائِد إِلَى النكرَة معرفَة كَسَائِر الضمائر وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه نكرَة لِأَنَّهُ لَا يخص من عَاد إِلَيْهِ من بَين أمته وَلذَا دخلت عَلَيْهِ رب فِي نَحْو ربه رجلا ورد بِأَنَّهُ يخصصه من حَيْثُ هُوَ مَذْكُور وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْعَائِد على وَاجِب التنكير نكرَة كالحال والتمييز بِخِلَاف غَيره كالفاعل وَالْمَفْعُول الْخَامِسَة الْجُمْهُور على أَنه لَا وَاسِطَة بَين النكرَة والمعرفة وَقَالَ بهَا بَعضهم الْخَالِي من التَّنْوِين والام نَحْو مَا وَمن وَأَيْنَ وَمَتى وَكَيف

(1/222)


الْمُضمر
ص الْمُضمر وَيُسمى الْكِنَايَة قِسْمَانِ مُتَّصِل لَا يَقع أَولا وَلَا تلو إِلَّا فِي غير ضَرُورَة فِي الْأَصَح وَهُوَ تَاء تضم لمتكلم وتفتح لمخاطب وتكسر لمخاطبة وَنون الْإِنَاث وواو وَألف لغير مُتَكَلم وياء لمخاطبة وَهِي مَرْفُوعَة وَقيل الْأَرْبَعَة عَلَامَات ضمير مستكن ونا لمعظم أَو مشارك لرفع وَنصب وجر وكاف لخطاب وهاء لغَائِب وياء لمتكلم مَنْصُوبَة ومجرورة ش هَذَا مَبْحَث الْمُضمر وَالتَّعْبِير بِهِ وبالضمير للبصريين والكوفيون يَقُولُونَ الْكِنَايَة والمكنى ولكونه ألفاظا محصورة بالعد استغنينا عَن حَده كَمَا هُوَ اللَّائِق بِكُل مَعْدُود كحروف الْجَرّ فَنَقُول هُوَ قِسْمَانِ مُتَّصِل ومنفصل فَالْأول تِسْعَة أَلْفَاظ مِنْهَا مَا لَا يَقع إِلَّا مَرْفُوعا وَهُوَ خَمْسَة أَلْفَاظ أَحدهَا التَّاء المفردة وَهِي مَضْمُومَة للمتكلم مَفْتُوحَة للمخاطب مَكْسُورَة للمخاطبة وَفعل ذَلِك للْفرق وَخص الْمُتَكَلّم بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ أول عَن الْمُخَاطب فَكَانَ حَظه من الحركات الْحَرَكَة الأولى وَقيل لِأَنَّهُ إِذا أخبر لَا يكون إِلَّا وَاحِدًا وَإِذا خَاطب فقد يُخَاطب أَكثر من وَاحِد فألزم الْحَرَكَة الثَّقِيلَة مَعَ اسْمه والخفيفة مَعَ الْخطاب لِأَنَّهُ أَكثر ويعطف بعضه على بعض وكسروا الْمُؤَنَّث لن الكسرة من عَلامَة التَّأْنِيث وَقيل لِأَنَّهُ لم يبْق حَرَكَة غَيرهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه التعاليل لَا يحْتَاج إِلَيْهَا لِأَنَّهَا تَعْلِيل وضعيات والوضعيات لَا تعلل الثَّانِي النُّون المفردة وَهِي لجمع الْإِنَاث مخاطبات أَو غائبات نَحْو اذهبن يَا هندات والهندات ذهبن وَهِي مَفْتُوحَة أبدا الثَّالِث الْوَاو لجمع الذُّكُور مخاطبين أَو غائبين كاضربوا وضربوا ويضربون وتضربون الرَّابِع الْألف للمثنى مذكرا كَانَ أَو مؤنثا مُخَاطبا أَو غَائِبا كاضربا وَضَربا ويضربان وتضربان فَقولِي لغير مُتَكَلم يَشْمَل الْمُخَاطب وَالْغَائِب وَهُوَ عَائِد للثَّلَاثَة الْخَامِس الْيَاء وَهِي للمخاطبة نَحْو اضربي وَأَنت تضربين

(1/223)


وَقيل الْأَرْبَعَة النُّون وَالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء حُرُوف عَلَامَات كتاء التَّأْنِيث فِي قَامَت لَا ضمائر وَالْفَاعِل ضمير مستكن فِي الْفِعْل وَعَلِيهِ الْمَازِني وَوَافَقَهُ الْأَخْفَش فِي الْيَاء وشبهة الْمَازِني أَن الضَّمِير لما استكن فِي فعل وَفعلت استكن فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع وَجِيء بالعلامات للْفرق كَمَا جِيءَ بِالتَّاءِ فِي فعلت للْفرق وشبهة الْأَخْفَش أَن فَاعل الْمُضَارع الْمُفْرد لَا يبرز بل يفرق بَين الْمُذكر والمؤنث بِالتَّاءِ أَو الْفِعْل فِي الْغَيْبَة وَلما كَانَ الْخطاب بِالتَّاءِ فِي الْحَالَتَيْنِ احْتِيجَ إِلَى الْفرق فَجعلت الْيَاء عَلامَة للمؤنث ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت حروفا لسكنت النُّون وَلم يسكن آخر الْفِعْل لَهَا ولثبتت الْيَاء فِي التَّثْنِيَة كتاء التَّأْنِيث وَبِأَن عَلامَة التَّأْنِيث لم تلْحق آخر الْمُضَارع فِي مَوضِع وَمِنْهَا مَا يَقع مَنْصُوبًا ومجرورا وَهُوَ ثَلَاثَة أَلْفَاظ الْكَاف لخطاب الْمُذكر مَفْتُوحَة والمؤنث مَكْسُورَة نَحْو ضربك وَمر بك وَالْهَاء للْغَائِب الْمُذكر نَحْو ضَرَبَنِي وَمر بِهِ وَالْيَاء للمتكلم نَحْو ضَرَبَنِي وَمر بِي وَمِنْهَا مَا يَقع مَرْفُوعا ومنصوبا ومجرورا وَهُوَ نَا للمتكلم وَمن مَعَه أَو الْمُعظم نَفسه نَحْو قمنا وضربنا وَمر بِنَا ثمَّ حكم هَذَا الْقسم أَعنِي الضَّمِير الْمُتَّصِل أَنه لَا يبتدأ بِهِ وَلَا يَقع بعد إِلَّا إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه 131 -
(أنْ لَا يُجَاورَنا إلاّكِ ديّارُ ... )

(1/224)


وَأَجَازَ جمَاعَة وُقُوعه بعد إِلَّا فِي الِاخْتِيَار مِنْهُم ابْن الْأَنْبَارِي ص ويسكن آخر مُسْند إِلَى التَّاء وَالنُّون ونا ويحذف آخر معتل قبله تنقل حركته لفاء مَاض ثلاثي وتبدل الفتحة بمجانس ويحذف آخر معتل مُسْند إِلَى الْوَاو وَالْيَاء ويحرك الْبَاقِي بمجانس لَا مَحْذُوف الْألف وَالأَصَح أَن فَتْحة فعلا هِيَ الْأَصْلِيَّة ش إِذا أسْند الْفِعْل إِلَى التَّاء وَالنُّون ونا سكن آخِره كضربت وضربن ويضربن واضربن وضربنا

(1/225)


وَعلة الإسكان عِنْد الْأَكْثَر كَرَاهَة توالي أَرْبَعَة حركات فِيمَا هُوَ كالكلمة الْوَاحِدَة لِأَن الْفَاعِل كجزء من فعله وَحمل الْمُضَارع على الْمَاضِي وَأما الْأَمر فيسكن استصحابا وَضعف ابْن مَالك هَذِه الْعلَّة بِأَنَّهَا قَاصِرَة إِذْ لَا يُوجد التوالي إِلَّا فِي الثلاثي الصَّحِيح وَبَعض الخماسي نَحْو انْطلق وَالْكثير لَا يتوالى فِيهِ فمراعاته أولى وَبِأَن تواليها لم يهمل بِدَلِيل علبط وعرتن وجندل وَلَو كَانَ مَقْصُود الإهمال وضعا لم يتَعَرَّضُوا لَهُ دون ضَرُورَة ولسدوا بَاب التَّأْنِيث بِالتَّاءِ نَحْو شَجَرَة قَالَ وَإِنَّمَا سَببه تَمْيِيز الْفَاعِل من الْمَفْعُول فِي نَحْو أكرمنا وَأَكْرمنَا ثمَّ حملت التَّاء وَالنُّون على نَا للمساواة فِي الرّفْع والاتصال وَعدم الاعتلال قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأولَى الإضراب عَن هَذِه التعاليل لِأَنَّهَا تخرص على الْعَرَب فِي مَوْضُوعَات كَلَامهَا وَالتَّعْبِير بآخر مُسْند أولى من لامه لِأَنَّهُ قد يكون حرفا زَائِدا للإلحاق نَحْو اغرنديت قَالَه أَبُو حَيَّان فَإِن كَانَ مَا قبل آخر الْمسند مُعْتَلًّا حذف لالتقاء الساكنين نَحْو خفت وَلَا تخفن وخفن وتنقل حَرَكَة ذَلِك الْحَرْف الْمَحْذُوف المعتل الَّتِي كَانَت لَهُ قبل اعتلاله إِلَى فَاء الْمَاضِي الثلاثي نَحْو خفت وطلت إِذْ الأَصْل خوف وَطول مُرَاعَاة لبَيَان البنية وَلَا تنقل فِي الْمُضَارع وَلَا فِي الْأَمر بل يقْتَصر فيهمَا على الْحَذف هَذَا إِذا كَانَت حَرَكَة المعتل ضمة أَو كسرة فَإِن كَانَت فَتْحة لم تنقل لِأَن ذَلِك لَا يدل على البنية لِأَن أول الْفِعْل مَفْتُوح قبل النَّقْل بل تبدل حَرَكَة تجانس الْحَرْف الْمَحْذُوف

(1/226)


وتنقل إِلَى الْفَاء فَإِن كَانَ واوا أبدلت كقلت أَو يَاء أبدلت كسرة كبعت وَإِذا أسْند إِلَى الْوَاو وَالْيَاء فمعلوم أَن حَرَكَة آخر الْفِعْل مجانسة للضمير كيضربون وتضربين فَإِن كَانَ مُعْتَلًّا حذف لالتقاء الساكنين وهما حرف الْعلَّة وَالضَّمِير ثمَّ لَهُ صور الأولى أَن يكون آخر الْمسند إِلَى الْوَاو واوا كتدعون يَا قوم فَقبل الضَّمِير ضمة وَهِي حَرَكَة مجانسة وَهِي أَصْلِيَّة لَا مجتلبة الثَّانِيَة أَن يكون آخِره يَاء ويسند إِلَى الْيَاء كترمين يَا هِنْد فَقبل الضَّمِير كسرة وَهِي مجانسة أَصْلِيَّة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة أَن يسند إِلَى الْوَاو وَآخره يَاء أَو عَكسه فتجتلب لما قبل الْمَحْذُوف حَرَكَة تجانس الضَّمِير كترمون يَا قوم وتدعين يَا هِنْد وَقد شَمل الصُّور الْأَرْبَع قولي ويحرك الْبَاقِي بمجانس الْخَامِسَة أَن يكون الآخر ألفا نَحْو يَخْشونَ وتخشين فالحركة الْأَصْلِيَّة بَاقِيَة بِحَالِهَا وَلَا تجتلب حَرَكَة مجانسة للضمير وَهُوَ معنى قولي لَا مَحْذُوف الْألف وَإِذا أسْند الْمَاضِي إِلَى الْألف كضربا فالفتحة فِي آخِره هِيَ فَتْحة الْمَاضِي الْأَصْلِيَّة هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقَالَ الْفراء ذهبت تِلْكَ واجتلبت هَذِه لأجل الْألف ص وتوصل التَّاء وَالْكَاف وَالْهَاء بميم وَألف فِي الْمثنى وَمِيم فَقَط فِي الْجمع وسكونها أحسن فَإِن وَليهَا ضمير مُتَّصِل فَضمهَا ممدودة وَاجِب وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ وَيُونُس رَاجِح وَنون مُشَدّدَة للإناث وَألف للغائبة وَقيل مجموعها ضمير وَأَجَازَ قوم حذفهَا وَقفا ش الضمائر السَّابِقَة أصُول وَهَذِه فروعها فَإِذا أُرِيد الْمثنى فِي الْخطاب أَو الْغَيْبَة زيد على التَّاء فِي الرّفْع وَالْكَاف وَالْهَاء فِي النصب والجر مِيم وَألف نَحْو ضربتما للمذكر والمؤنث وضمت التَّاء فيهمَا إِجْرَاء للميم مجْرى الْوَاو لقربهما مخرجا وضربتكما وَمر بكما وضربهما وَمر بهما وَإِذا أُرِيد الْجمع الْمُذكر فِي الْمَذْكُورَات زيد مِيم فَقَط نَحْو ضَرَبْتُمْ ضربكم مر بكم ضَربهمْ مر بهم

(1/227)


وَفِي هَذِه الْمِيم أَربع لُغَات أحْسنهَا السّكُون ويقابلها الضَّم بإشباع وباختلاس وَالضَّم قبل همزَة الْقطع والسكون قبل غَيرهَا فَإِن وَليهَا ضمير مُتَّصِل فالضم وَاجِب عِنْد ابْن مَالك رَاجِح مَعَ جَوَاز السّكُون عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَيُونُس نَحْو ضربتموه وَمِنْه {أنلزمكموها} هود 28 وَقُرِئَ أنلزمكمها بِالسُّكُونِ وَوجه الضَّم أَن الْإِضْمَار يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا غَالِبا وَالْأَصْل فِي ضمير الْجمع الإشباع بِالْوَاو كَمَا أشْبع ضمير التَّثْنِيَة بِالْألف وَإِنَّمَا ترك للتَّخْفِيف وَإِذا أُرِيد فِي الْمَذْكُورَات جمع الْإِنَاث زيد نون مُشَدّدَة نَحْو ضربتن وضربكن مر بكن ضربهن وَمر بِهن وَإِذا أُرِيد فِي الْغَيْبَة الْأُنْثَى زيد على الْهَاء ألف نَحْو ضربهَا وَمر بهَا هَذَا هُوَ الصَّحِيح كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان إِذْ الْألف زَائِدَة تَقْوِيَة لحركة الْهَاء لما تحركت بِالْفَتْح للْفرق بَين الْمُذكر والمؤنث وَقَالَ قوم إِن الضَّمِير مَجْمُوع الْهَاء وَالْألف وَبِه جزم ابْن مَالك وَادّعى السيرافي أَنه لَا خلاف فِيهِ للُزُوم الْألف سَوَاء اتَّصَلت بضمير نَحْو أعطيتهَا أم لَا وَقد أجَاز قوم حذفهَا فِي الْوَقْف وحملوا عَلَيْهِ والكرامة ذَات أكْرمكُم الله بِهِ 132 -
(ونَهْنَهْتُ نَفسِي بَعْدَمَا كِدْتُ أفْعَلَهْ ... )

(1/228)


أَي بهَا وأفعلها ص وَقد تحذف الْوَاو مَعَ الْمَاضِي وتبقي الضمة وتكسر الْهَاء بعد كسرة أَو يَاء مَا لم تتصل بضمير وَقل إِن فصل سَاكن ولغة الْحجاز الضَّم مُطلقًا والأفصح اختلاسها بعد سَاكن وَلَو غير لين على الْمُخْتَار وإشباعها بعد حَرَكَة وَقيل هِيَ وَالْوَاو الناشئة ضمير وَقل إسكانها وَإِن حذف السَّاكِن جَازَ الثَّلَاثَة وَكسر هَاء التَّثْنِيَة وَالْجمع كالمفرد وَقد تكسر كافهما بعد كسر أَو يَاء سَاكِنة وَكسر ميمه حِينَئِذٍ أَقيس وَضمّهَا قبل سَاكن وسكونها قبل حَرَكَة أشهر وَقد تكسر قبله مُطلقًا ش فِيهِ مسَائِل الأولى قد تحذف الْوَاو ضمير الْجمع مَعَ الْمَاضِي ويكتفى بإبقاء الضمة كَقَوْلِه 133 -
(فَلَو أَن الأطِبّا كانُ حَوْلي ... )
وَقَوله 134 -
(هَلِع إِذا مَا النَّاس جاعُ وأجْدبُوا ... )

(1/229)


وَقَوله 135 -
(إِذا مَا شاءُ ضَرُّوا مَنْ أرادُوا ... )
قَالَ بَعضهم من الْعَرَب من يَقُول فِي الْجَمِيع الزيدون قَامَ وَلم يسمع ذَلِك مَعَ الْمُضَارع وَلَا الْأَمر الثَّانِيَة هَاء الْغَائِب أَصْلهَا الضَّم كضربه وَله وَعِنْده وتكسر بعد الكسرة نَحْو مر بِهِ وَلم يُعْطه وأعطه وَبعد الْيَاء الساكنة نَحْو فِيهِ وَعَلِيهِ ويرميه إتباعا مَا لم تتصل بضمير آخر فَإِنَّهَا تضم نَحْو يعطيهموه وَلم يعطهموه فَإِن فصل بَين الْهَاء وَالْكَسْر سَاكن قل كسرهَا وَمِنْه قِرَاءَة ابْن ذكْوَان {أرجئه وأخاه} الْأَعْرَاف 111 وَالشعرَاء 36 ثمَّ كسرهَا فِي الصُّورَتَيْنِ المذكورتين لُغَة غير الْحِجَازِيِّينَ أما الحجازيون فلغتهم ضم هَاء الْغَائِب مُطلقًا وَبهَا قَرَأَ حَفْص {وَمَا أنسانيه} الْكَهْف 63 {بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله} الْفَتْح 10 وَقِرَاءَة حَمْزَة {لأَهله امكثوا} طه 10 الثَّالِثَة إِذْ وَقعت الْهَاء بعد سَاكن فالأفصح اختلاسها سَوَاء كَانَ صَحِيحا نَحْو مِنْهُ وَعنهُ وأكرمه أَو حرف عِلّة نَحْو فِيهِ وَعَلِيهِ هَذَا رَأْي الْمبرد وَصَححهُ ابْن مَالك وَخص سِيبَوَيْهٍ ذَلِك بِحرف الْعلَّة وَقَالَ الْأَفْصَح بعد غَيره الإشباع وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان أما بعد الْحَرَكَة فالأفصح الإشباع إِجْمَاعًا وَمن غير الْأَفْصَح قَوْله 136 -
(لَهُ زَجَلٌ كأنّهُ صوتُ حادٍ ... )

(1/230)


الرَّابِعَة الْجُمْهُور على أَن الضَّمِير الْهَاء وَحدهَا وَالْوَاو الْحَاصِلَة بالإشباع زَائِدَة تَقْوِيَة للحركة وَزعم الزّجاج أَن الضَّمِير مجموعهما الْخَامِسَة إسكان هَذِه الْهَاء لُغَة قَليلَة قرئَ بهَا {إِن الْإِنْسَان لرَبه لكنود} العاديات 6 وَمِنْهَا قَوْله 137 -
(إلاّ لأنّ عيونَهْ سَيْل واديها ... )
السَّادِسَة إِذا كَانَ قبلهَا سَاكن وَحذف لعَارض من جزم أَو وقف جَازَ فِيهَا الْأَوْجه الثَّلَاثَة الإشباع نظرا إِلَى اللَّفْظ لِأَنَّهَا بعد حَرَكَة والاختلاس نظرا إِلَى الأَصْل لِأَنَّهَا بعد سَاكن والإسكان نظرا إِلَى حلولها مَحل الْمَحْذُوف وَحقه

(1/231)


الإسكان لَو لم يكن مُعْتَلًّا مِثَال مَا حذف جزما {يؤده إِلَيْك} آل عمرَان 75 {ونصله جَهَنَّم} النِّسَاء 115 ووقفا {فألقه إِلَيْهِم} النَّمْل 28 السَّابِعَة كسر الْهَاء فِي الْمثنى وَالْجمع ككسرها فِي الْمُفْرد فَيجوز فِي الصُّورَتَيْنِ عِنْد غير الْحِجَازِيِّينَ وَيضم فَمَا عداهما وَعند الْحِجَازِيِّينَ مُطلقًا قَالَ أَبُو عَمْرو وَالضَّم مَعَ الْيَاء أَكثر مِنْهُ مَعَ الكسرة الثَّامِنَة قد تكسر بقلة كَاف الْمثنى أَو الْجمع بعد الكسرة وَالْيَاء الساكنة نَحْو بكم وَفِيكُمْ وبكما وفيكما هَذِه لُغَة حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ عَن نَاس من بكر بن وَائِل وَقَالَ إِنَّهَا رَدِيئَة جدا وحكاها الْفراء فِي الْيَاء عَن الْهمزَة التَّاسِعَة إِذا كسرت الْهَاء فِي الْجمع جَازَ كسر الْمِيم إتباعا وَهُوَ الأقيس وَضمّهَا على الأَصْل وسكونها وَقُرِئَ بهَا {أَنْعَمت عَلَيْهِم} الْفَاتِحَة 7 وَالضَّم أشهر إِن وَليهَا سَاكن والسكون أشهر إِن وَليهَا متحرك وَلذَا قَرَأَ الْأَكْثَر بِالضَّمِّ فِي {بهم الْأَسْبَاب} الْبَقَرَة 166 وبالسكون فِي {وَمن يولهم} الْأَنْفَال 16 الْعَاشِرَة قد تكسر مِيم الْجمع بعد الْهَاء قبل سَاكن وَإِن لم تكسر الْهَاء كَقَوْلِه 138 -
(وهُم الملوكُ وَمِنْهُم الحكماءُ ... )
ص وَيعود على جمع سَلامَة وَاو وتكسير هِيَ أَو التَّاء وَاسم جمع هِيَ أَو كمفرد وَقد يخلفها نون لتشاكل وَضمير الْمثنى وَالْإِنَاث بعد أفعل من كَغَيْرِهِ وَقيل قد يَأْتِي مُفردا مذكرا وَالْأَحْسَن فِي غير الْعَاقِل تَاء وهاء فِي الْكَثْرَة وَنون فِي الْقلَّة وَفِي العاقلات نون مُطلقًا

(1/232)


ش لَا يعود على جمع الْمُذكر السَّالِم ضمير إِلَّا الْوَاو نَحْو الزيدون خَرجُوا وَلَا يجوز أَن يعود عَلَيْهِ التَّاء على التَّأْوِيل بِجَمَاعَة وَأما جمع التكسير لمذكر فَيَعُود عَلَيْهِ الْوَاو نَحْو الرِّجَال خَرجُوا وَالتَّاء على التَّأْوِيل بِجَمَاعَة نَحْو الرِّجَال خرجت وَمِنْه {وَإِذا الرُّسُل أقتت} المراسلات 11 وَاسم الْجمع يعود عَلَيْهِ الْوَاو نَحْو الرَّهْط خَرجُوا والركب سافروا أَو ضمير الْفَرد نَحْو الرَّهْط خرج والركب سَافر وَقد تَأتي النُّون مَوضِع الْوَاو للمشاكلة لحَدِيث اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات وَمَا أظللن وَرب الْأَرْضين وَمَا أقللن وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن وَالْأَصْل وَمَا أَضَلُّوا وَإِنَّمَا عدل عَنهُ لمشاكلة أظللن وأقللن كَمَا فِي لادريت وَلَا تليت ومأزورات غير مَأْجُورَات وَضمير الْمثنى وَالْجمع بعد أفعل التَّفْضِيل كَغَيْرِهِ نَحْو أحسن الرجلَيْن وأجملهما وَأحسن النِّسَاء وأجملهن وَقيل يجوز فِيهِ حِينَئِذٍ الْإِفْرَاد والتذكير

(1/233)


كَحَدِيث خير النِّسَاء صوالح قُرَيْش أحناه على ولد فِي صغره وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده وَقَول الشَّاعِر 139 -
(وميّةُ أحسنُ الثّقَلَيْن جيدا ... وسالفة وأحسنُهُ قَذَال)
وَهَذَا رَأْي ابْن مَالك ورده أَبُو حَيَّان بِأَن سِيبَوَيْهٍ نَص على أَن ذَلِك شَاذ اقْتصر فِيهِ على السماع وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَالْأَحْسَن فِي جمع الْمُؤَنَّث غير الْعَاقِل إِن كَانَ للكثرة أَن يُؤْتى بِالتَّاءِ وَحدهَا فِي الرّفْع وَهَا فِي غَيره وَإِن كَانَ للقلة أَن يُؤْتى بالنُّون فالجذوع انْكَسَرت وكسرتها أولى من انكسرن وكسرتهن والأجذاع بِالْعَكْسِ وَقد قَالَ تَعَالَى (اثْنَا

(1/234)


عشر شهرا ... مِنْهَا أَرْبَعَة حرم} إِلَى أَن قَالَ {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} التَّوْبَة 36 أَي فِي الْأَرْبَعَة وَالْأَحْسَن فِي جمع الْمُؤَنَّث الْعَاقِل النُّون مُطلقًا سَوَاء كَانَ جمع كَثْرَة أَو قلَّة تكسيرا أَو تَصْحِيحا فالهندات خرجن وضربتهن أولى من خرجت وضربتها قَالَ تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} الْبَقَرَة 228 {والوالدات يرضعن} الْبَقَرَة 233 {فطلقوهن لعدتهن} الطَّلَاق 1 وَمن الْوَجْه الآخر قَوْله تَعَالَى {أَزوَاج مطهرة} الْبَقَرَة 25 فَهُوَ على طهرت وَلَو كَانَ على طهرن لقيل مطهرات وَقَول الشَّاعِر 140 -
(وإذَا العَذَارى بالدُّخَان تلفَّعتْ ... )
ص الثَّانِي مُنْفَصِل وَهُوَ للرفع أَنا للمتكلم وألفه زَائِدَة على الْأَصَح والأفصح حذفهَا وصلا لَا وَقفا ويتلوه فِي الْخطاب تَاء حرفية كالاسمية لفظا وتصرفا وَقيل الْمَجْمُوع ضمير وَقيل التَّاء فَقَط وَقيل أَنا مركب من ألف أقوم وَنون نقوم وَأَنت مِنْهُمَا وتاء تقوم وَلَا يَقع أَنا موقع التَّاء وَثَالِثهَا فِي الشّعْر وَنحن لَهُ مُعظما أَو مشاركا وَقيل أَصله بِضَم الْحَاء وَسُكُون النُّون وَهِي وَهُوَ وهما وهم وَهن لغيبة وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية وَابْن كيسَان والزجاج أَن الضَّمِير الْهَاء فَقَط وَثَالِثهَا الأَصْل هُوَ وَهِي وَالْبَاقِي زَوَائِد وَقد يسكن هَاء هُوَ وَهِي بعد وَاو وَفَاء وَثمّ وَلَام وهمز اسْتِفْهَام وكاف جر وَسُكُون الْوَاو وَالْيَاء وتشديدهما لُغَة وحذفهما ضَرُورَة وَقد تسْتَعْمل هَذِه الضمائر مجرورة ش الْقسم الثَّانِي من قسمى الضَّمِير الْمُنْفَصِل وَهُوَ نَوْعَانِ مَا للرفع وَمَا للنصب وَلَا يَقع مجرورا

(1/235)


فَالْأول أَلْفَاظ أَحدهَا أَن بِفَتْح النُّون بِلَا ألف للمتكلم وَلكَون النُّون مَفْتُوحَة زيدت فِيهَا الْألف فِي الْوَقْف لبَيَان الْحَرَكَة كهاء السكت وَلذَلِك تعاقبها كَقَوْل حَاتِم هَذَا فزدي أَنه وَلَيْسَت الْألف من الضَّمِير بِدَلِيل حذفهَا وصلا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَمذهب الْكُوفِيّين وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك أَن الضَّمِير هُوَ الْمَجْمُوع بِدَلِيل إِثْبَات الْألف وصلا فِي لُغَة قَالُوا وَالْهَاء فِي أَنه بدل من الْألف وَفِي الْألف لُغَات إِثْبَاتهَا وصلا ووقفا وَهِي لُغَة تَمِيم وَبهَا قَرَأَ نَافِع وَقَالَ أَبُو النَّجْم 141 -
(أَنا أَبُو النّجْم وشِعْري شِعْري ... )
وحذفها فيهمَا وحذفها وصلا وإثباتها وَقفا وَهِي الفصحى ولغة الْحجاز وَإِذا أُرِيد الْخطاب زيد عَلَيْهِ تَاء لفظا وَهِي حرف خطاب لَا اسْم وَهِي كالتاء الاسمية فتفتح فِي الْمُذكر وتكسر فِي الْمُؤَنَّث فَيُقَال أَنْت وَأَنت

(1/236)


وَتصرف فتوصل بميم فِي جمع الْمُذكر كأنتم وبميم وَألف فِي الْمثنى كأنتما وبنون فِي جمع الْإِنَاث كأنتن وتضم التَّاء فِي الثَّلَاثَة لما تقدم هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَذهب الْفراء إِلَى أَن الضَّمِير مَجْمُوع أَن وَالتَّاء وَذهب ابْن كيسَان إِلَى أَن الضَّمِير فِي هَذِه الْمَوَاضِع التَّاء فَقَط وَهِي تَاء فعلت وَكَثُرت بِأَن وزيدت الْمِيم للتقوية وَالْألف للتثنية وَالنُّون للتأنيث ورد بِأَن التَّاء على مَا ذكر للمتكلم ومناف للخطاب وَذهب بعض الْمُتَقَدِّمين إِلَى أَن أَنا مركب من ألف أقوم وَنون نقوم وَأَنت مركب من ألف أقوم وَنون نقوم وتاء تقوم وردهَا أَبُو حَيَّان وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان قَالَ سِيبَوَيْهٍ نصا لَا تقع أَنا فِي مَوضِع التَّاء الَّتِي فِي فعلت لَا يجوز أَن يُقَال فعل أَنا لأَنهم استغنوا بِالتَّاءِ عَن أَنا وَأَجَازَ غير سِيبَوَيْهٍ فعل أَنا وَاخْتلف مجيزوه فَمنهمْ من قصره على الشّعْر وَعَلِيهِ الْجرْمِي وَمِنْهُم من أجَازه فِي الشّعْر وَغَيره وَعَلِيهِ الْمبرد وَادّعى أَن إِجَازَته على معنى لَيْسَ فِي الْمُتَّصِل لِأَنَّهُ يدخلة معنى النَّفْي والإيجاب وَمَعْنَاهُ مَا قَامَ إِلَّا أَنا وَأنْشد الْأَخْفَش الصَّغِير تَقْوِيَة لذَلِك 142 -
(أصرمْتَ حَبل الحَىّ أم صَرَمُوا ... يَا صَاح بل صَرَم الحبالُ هُمُ)
انْتهى وَقد تحصل عَن ذَلِك ثَلَاثَة مَذَاهِب حكيتها فِي الْمَتْن الثَّانِي نَحن للمتكلم مُعظما نَفسه نَحْو {نَحن نقص} يُوسُف 3 الْكَهْف 13 أَو مشاركا نَحْو

(1/237)


143 -
(نَحْنُ الَّذُونَ صَبّحوا الصَّبَاحَا ... )
وَاخْتلف فِي عِلّة بنائِهِ على الضَّم فَقَالَ الْفراء وثعلب لما تضمن معنى التَّثْنِيَة

(1/238)


وَالْجمع قوي بأقوى الحركات وَقَالَ الزّجاج نَحن لجَماعَة وَمن عَلامَة الْجَمَاعَة الْوَاو والضمة من جنس الْوَاو وَقَالَ الْأَخْفَش الصَّغِير نَحن لِلْمَرْفُوعِ فحرك بِمَا يشبه الرّفْع وَقَالَ الْمبرد تَشْبِيها بقبل وَبعد لِأَنَّهَا مُتَعَلقَة بِشَيْء وَهُوَ الْإِخْبَار عَن اثْنَيْنِ فَأكْثر وَقَالَ هِشَام الأَصْل نَحن بِضَم الْحَاء وَسُكُون النُّون فنقلت حَرَكَة الْحَاء على النُّون وأسكنت الْحَاء والبواقي من الْأَلْفَاظ للغيبة وَذَلِكَ هُوَ للْغَائِب وَهِي للغائبة وهما لمثناهما وهم للغائبين وَهن للغائبات وَاخْتلف فِي الأَصْل مِنْهَا فَعِنْدَ الْبَصرِيين أَن هُوَ وَهِي فَقَط أصلان فضمائر الرّفْع الْمُنْفَصِلَة عِنْدهم أَرْبَعَة وزيدت الْمِيم وَالْألف وَالنُّون فِي الْمثنى وَالْجمع وَقَالَ أَبُو عَليّ الْكل أصُول وَلم يَجْعَل الْمِيم وَالنُّون وَالْألف زَوَائِد وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ والزجاج وَابْن كيسَان الضَّمِير من هُوَ وَهِي الْهَاء فَقَط وَالْوَاو وَالْيَاء زائدان كالبواقي لحذفهما فِي الْمثنى وَالْجمع وَمن الْمُفْرد فِي لُغَة قَالَ 144 -
(بَينْاهُ فِي دَار صِدْق قد أَقَامَ بهَا ... )
وَقَالَ 145 -
(دَار لِسُعْدى إذْهِ مِنْ هواكا ... )

(1/239)


وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَقد تسكن هَاء هُوَ وَهِي بعد الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ وَاللَّام وَقُرِئَ بذلك فِي السَّبع {وَهُوَ مَعكُمْ} الْحَدِيد 4 {فَهُوَ وليهم} النَّحْل 63 {ثمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة} الْقَصَص 61 {لهي الْحَيَوَان} العنكبوت 64 وَبعد همزَة الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِه 146 -
(فَقلت أهْيَ سَرَتْ أم عادني حُلُمُ ... )

(1/240)


وَبعد كَاف الْجَرّ كَقَوْلِه 147 -
(وَقد علمُوا مَا هنّ كَهُيَ فَكيف لي ... )
وتسكين الْوَاو وَالْيَاء لُغَة قيس وَأسد كَقَوْلِه 148 -
(وركضك لَوْلَا هُوْ لقيتَ الَّذِي لَقَوا ... )

(1/241)


وَقَوله 149 -
(حبذا هَيْ من خُلَّةٍ لَو تُحَابي ... )
وَتَشْديد الْوَاو وَالْيَاء لُغَة هَمدَان كَقَوْلِه 150 -
(وهوَّ على من صبَّه الله عَلْقَمُ ... )
وَقَوله 151 -
(وهيَّ مَا أُمِرَتْ باللُّطف تأْتمرُ ... )
وحذفها ضَرُورَة كالبيتين السَّابِقين وَقد تسْتَعْمل هَذِه الضمائر الْمُنْفَصِلَة مجرورة حُكيَ أَنا كَأَنْت وكهو وَقَالَ 152 -
(فلولا المعافاة كُنَّا كَهُمْ ... )
ص وللنصب إيا ويليه دَلِيل مُرَاد بِهِ من مُتَكَلم وَغَيره اسْما مُضَافا إِلَيْهِ عِنْد الْخَلِيل وحرفا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ الْمُخْتَار وَقيل اللواحق هِيَ الضمائر وإيا حرف دعامة وَقيل اسْم ظَاهر مُضَاف وَقيل

(1/242)


بَين الظَّاهِر والمضمر وَقيل الْمَجْمُوع الضَّمِير وَالصَّوَاب أَن إيا غير مُشْتَقَّة وَقد تخفف كسرا وفتحا مَعَ همزَة وهاء ش النَّوْع الثَّانِي من الْمُضمر الْمُنْفَصِل مَا للنصب وَهُوَ لفظ وَاحِد وَذَلِكَ إيا ويليه دَلِيل مَا يُرَاد بِهِ من مُتَكَلم أَو مُخَاطب أَو غَائِب إفرادا وتثنية وجمعا تذكيرا وتأنيثا فَيُقَال إيَّايَ إيانا إياك إياك إياكما إياكن إِيَّاه إِيَّاهَا إيَّاهُمَا إيَّاهُم إياهن وَهَذِه اللواحق حُرُوف تبين الْحَال كاللاحقة فِي أَنْت وأنتما وَأَنْتُم وأنتن وكاللواحق فِي اسْم الْإِشَارَة هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والفارسي وَعَزاهُ صَاحب البديع إِلَى الْأَخْفَش قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الَّذِي صَححهُ أَصْحَابنَا وشيوخنا وَذهب الْخَلِيل والمازني وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا أَسمَاء مضمرة أضيف إِلَيْهَا الضَّمِير الَّذِي هُوَ إيا لظُهُور الْإِضَافَة فِي قَوْله فإياه وإيا الشواب وَهُوَ مَرْدُود لشذوذه وَلم تعهد إِضَافَة الضمائر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو كَانَت إيا مُضَافَة لزم إعرابها لِأَنَّهَا مُلَازمَة لما ادعوا إضافتها إِلَيْهِ والمبني إِذا لزم الْإِضَافَة أعرب كأي بل أولى لِأَن إيا لَا تنفك وَأي قد تنفك عَن الْإِضَافَة وَذهب الْفراء إِلَى أَن اللواحق هِيَ الضمائر فإيا حرف زيد دعامة يعْتَمد عَلَيْهَا اللواحق لتنفصل عَن الْمُتَّصِل وَوَافَقَهُ الزّجاج فِي أَن اللواحق ضمائر إِلَّا أَنه قَالَ إِن إيا اسْم ظَاهر أضيف إِلَى اللواحق فَهِيَ فِي مَوضِع جر بِهِ وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه إِنَّه بَين الظَّاهِر والمضمر وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مَجْمُوع إيا ولواحقها هُوَ الضَّمِير فَهَذِهِ سِتَّة مَذَاهِب وإيا على اخْتِلَاف هَذِه الْأَقْوَال لَيست مُشْتَقَّة من شَيْء وَذهب أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره إِلَى أَنَّهَا مُشْتَقَّة ثمَّ أختلف فَقيل اشتقاقها من لفظ أَو من قَوْله 153 -
(فأوٍّ لذكراها إِذا مَا ذكرتها ... )

(1/243)


وَقيل من الأية فَتكون عينهَا يَاء ثمَّ اخْتلف فِي وَزنهَا فَقيل إفعل وَالْأَصْل إووو أَو إأوى وَقيل فعيل إويو أَو إويي وَقيل فعول وَالْأَصْل إووو أَو إويي وَقيل فعلى وَالْأَصْل إويا أَو إووى وَفِي إيا سبع لُغَات قرئَ بهَا بشديد الْيَاء وتخفيفها مَعَ الْهمزَة وإبدالها هَاء مَكْسُورَة ومفتوحة فَهَذِهِ ثَمَانِيَة يسْقط مِنْهَا فتح الْهَاء مَعَ التَّشْدِيد فالتشديد مَعَ كسر الْهمزَة قِرَاءَة الْجُمْهُور وَمَعَ الْفَتْح قِرَاءَة عَليّ وَمَعَ كسر الْهَاء قِرَاءَة وَالتَّخْفِيف مَعَ كسر الْهمزَة قِرَاءَة عَمْرو بن فائد وَمَعَ الْفَتْح قِرَاءَة الرقاشِي وَمَعَ كسر الْهَاء قِرَاءَة وَمَعَ فتحهَا قِرَاءَة أبي السوار الغنوي فَائِدَة علم مِمَّا تقدم أَن الْمجمع على كَونه ضميرا سِتَّة أَلْفَاظ التَّاء وَالْكَاف وَالْهَاء وياء الْمُتَكَلّم وَأَنا وَنحن وتضم إِلَيْهَا على الْمُخْتَار سِتَّة أُخْرَى النُّون وَالْوَاو وَالْألف وياء المخاطبة ونا وإيا وَيضم إِلَيْهَا على رَأْي الْبَصرِيين هُوَ وَهِي وعَلى رَأْي قوم هَا ورأي قوم أَنْت فتكمل سِتَّة عشر وعَلى رَأْي أبي عَليّ هما وهم وَهن فَهَذِهِ مَجْمُوع الضمائر بِاتِّفَاق وَاخْتِلَاف ص مَسْأَلَة يجب استتار مَرْفُوع أَمر ومضارع غير غيبَة واسمهما والتعجب والتفضيل وَفعل الِاسْتِثْنَاء وَيجوز فِي غَيرهَا ش من الضمائر مَا يجب استتاره وَهُوَ مَا لَا يخلفه ظَاهر وَهُوَ الْمَرْفُوع بِفعل الْأَمر كاضرب والمضارع للمتكلم كأضرب ونضرب أَو الْمُخَاطب

(1/244)


كتضرب وَاسم فعل الْأَمر كصه ونزال ذكره فِي التسهيل وَاسم فعل الْمُضَارع كأوه وأف زَاده أَبُو حَيَّان فِي شَرحه والتعجب ك مَا أحسن زيدا والتفضيل ك زيد أفضل من عَمْرو وأفعال الِاسْتِثْنَاء ك قَامُوا مَا خلا زيدا وَمَا عدا عَمْرو وَلَا يكون خَالِدا زَادهَا ابْن هِشَام فِي التَّوْضِيح وَابْن مَالك فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء من التسهيل وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين إِلَى أَن فَاعل حاشا وخلا وَعدا إِذا نصبت ضمير مستكن فِي الْفِعْل لَا يبرز عَائِد على الْبَعْض الْمَفْهُوم من الْكَلَام وَلذَلِك لَا يثنى وَلَا يجمع وَلَا يؤنث لِأَنَّهُ عَائِد على مُفْرد مُذَكّر وَالتَّقْدِير خلا هُوَ أَي بَعضهم زيدا وَذهب الْمبرد إِلَى أَنه عَائِد على من الْمَفْهُوم من معنى الْكَلَام الْمُتَقَدّم فَإِذا قلت قَامَ الْقَوْم علم الْمُخَاطب وَحصل فِي نَفسه أَن زيدا بعض من قَامَ فَإِذا قلت عدا زيدا فالتقدير عدا هُوَ أَي عدا من قَامَ زيدا وَقَالَ ابْن مَالك الأجود أَن يعود الضَّمِير على مصدر الْفِعْل أَي عدا قيامهم وَهُوَ غير مطرد فِيمَا لم يتقدمه فعل أَو نَحْو قَالَ وَكَذَا لَيْسَ وَلَا يكون اتّفق البصريون والكوفيون على أَن الِاسْم فيهمَا مُضْمر لَازم الْإِضْمَار ثمَّ قَالَ البصريون هُوَ عَائِد على الْبَعْض الْمَفْهُوم من الْكَلَام السَّابِق وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ على الْمصدر الْمَفْهُوم من الْفِعْل السَّابِق ورد بِأَنَّهُ غير مطرد كَمَا تقدم قَالَ وَإِنَّمَا الْتزم الْإِضْمَار فِي هَذِه الْأَفْعَال الْخَمْسَة لجريانها مجْرى أَدَاة الِاسْتِثْنَاء الَّتِي هِيَ أصل فِيهِ وَهِي إِلَّا فَكَمَا أَنه لَا يظْهر بعْدهَا سوى اسْم وَاحِد فَكَذَلِك بعد مَا جرى مجْراهَا انْتهى وَمَا عدا ذَلِك جَائِز الاستتار وَهُوَ الْمَرْفُوع بالماضي كضرب وَضربت وَاسم فعله كهيهات والمضارع الْغَائِب كيضرب وتضرب هِنْد وَالْوَصْف كضارب ومضروب والظرف كزيد عنْدك أَو فِي الدَّار ص مَسْأَلَة أخص الضمائر الأعرف ويغلب فِي الِاجْتِمَاع وَمَتى أمكن مُتَّصِل تعين اخْتِيَارا وَيتَعَيَّن الْفَصْل إِن حصر بإنما وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَنه ضَرُورَة وَخير الزّجاج أَو رفع بمصدر مُضَاف لمنصوب أَو بِصفة جرت على غير

(1/245)


صَاحبهَا أَو أضمر عَامله أَو أخر أَو كَانَ معنويا أَو حرف نفي أَو فَصله متبوع خلافًا لمن خصّه بالشعر أَو ولي وَاو مَعَ أَو إِلَّا أَو إِمَّا أَو لاما فارقة أَو نَصبه عَامل فِي مُضْمر قبله غير مَرْفُوع إِن اتحدا رُتْبَة وَرُبمَا اتصلا غيبَة إِن اخْتلفَا لفظا وجازا رُتْبَة وَيجب غَالِبا تَقْدِيم الْأَخَص وصلا فَإِن أخر تعين الْفَصْل وَقيل يحسن وَثَالِثهَا يحسن فِي ضمير مثنى أَو ذُكُور قيل أَو إناث وَيجب فِي غَيره ويختار وصل هَاء أعطيتكه وخلتنيه فِي الْإِخْبَار على الْأَصَح فيهمَا وانفصال ثَانِي ضربيه وضربكه ومعطيكه وَكَذَا خلتكه وكنته وَقيل وصلهما وَثَالِثهَا وصل كَانَ دون خلت وَيتَعَيَّن الْفَصْل فِي أَخَوَات كَانَ ومفاعيل أعلم إِن كن ضمائر فَغير الثَّالِث كأعطيت وَكَذَا اثْنَان أَو وَاحِد اتَّصل ش أخص الضمائر أعرفهَا فضمير الْمُتَكَلّم أخص من ضمير الْمُخَاطب وَضمير الْمُخَاطب أخص من ضمير الْغَائِب وَذَلِكَ لقلَّة الِاشْتِرَاك وَإِذا اجْتمع الْأَخَص وَغَيره غلب الْأَخَص تقدم أم تَأَخّر فَيُقَال أَنا وَأَنت أَو أَنْت وَأَنا فعلنَا وَلَا يُقَال فعلتما أَنْت وَهُوَ أَو هُوَ وَأَنت فعلتما وَلَا يُقَال فعلا وَمَتى أمكن اتِّصَال الضَّمِير لم يعدل إِلَى الْمُنْفَصِل لقصد الِاخْتِصَار الْمَوْضُوع لأَجله الضَّمِير إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه 154 -
(بالباعث الوارثِ الأمواتِ قد ضَمِنَتْ ... إيّاهم الأرضُ فِي دهر الدّهارير)

(1/246)


وَيتَعَيَّن انْفِصَال الضَّمِير فِي صور أَحدهَا أَن يحصر بإنما كَقَوْلِه 155 -
( ... ... ... ... ... ... ... ... . وَإِنَّمَا ... يدافع عَن أحسابهَم أَنا أوْ مِثْلى)

(1/247)


هَذَا مَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَن الْفَصْل فِي الْبَيْت وَنَحْوه من الضرورات وتوسط الزّجاج فَأَجَازَهُ وَلم يَخُصُّهُ بِالضَّرُورَةِ وَلم يُوجِبهُ الثَّانِيَة أَن يرفع بمصدر مُضَاف إِلَى الْمَنْصُوب كعجبت من ضربك هُوَ قَالَ 156 -
(بنصركُم نحنُ كُنْتُم ظافرين فقد ... )

(1/248)


الثَّالِثَة أَن يرفع بِصفة جرت على غير صَاحبهَا كزيد هِنْد ضاربها هُوَ قَالَ 157 -
(غَيْلانُ مَيّةَ مشغوفٌ بهَا هُوَ مُذْ ... بَدَتْ لَهُ فحِجَاه بانَ أَو كَربَا)
الرَّابِعَة أَن يضمر عَامله كَقَوْلِه 158 -
(وَإِن هُوَ لم يحمل على النَّفس ضَيْمَها ... )
وَقَوله 159 -
(فَإِن أنتَ لم ينفعك عِلْمُكَ فَانْتَسِبْ ... )
الْخَامِسَة أَن يوخر عَامله ك {إيا نعْبد} الْفَاتِحَة 5 السَّادِسَة أَن يكون عَامله معنويا وَهُوَ الِابْتِدَاء نَحْو أَنْت تقوم

(1/249)


السَّابِعَة أَن يكون عَامله حرف نفي نَحْو {مَا هن أمهاتهم} المجادلة 2 {وَمَا أَنْتُم بمعجزين} العنكبوت 22 160 -
(إِن هُوَ مُسْتَولِياً على أَحَدٍ ... )
الثَّامِنَة أَن يفصلة متبوع كَقَوْلِه 161 -
(فَالله يَرْعى أَبَا حَرْب وإيّانَا ... )

(1/250)


1 - وَخَصه بَعضهم بِالضَّرُورَةِ ورد بقوله تَعَالَى {يخرجُون الرَّسُول وَإِيَّاكُم} الممتحنة 1 التَّاسِعَة أَن يلى وَاو مَعَ كَقَوْلِه 162 -
(تكون وإيّاها بهَا مثلا بعدِي ... )
الْعَاشِرَة أَن يَلِي إِلَّا نَحْو {أَمر أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} يُوسُف 40 مَا قَامَ إِلَّا أَنا الْحَادِيَة عشرَة أَن يَلِي إِمَّا نَحْو قَامَ إِمَّا أَنا وَإِمَّا أَنْت الثَّانِيَة عشرَة أَن يَلِي اللَّام الفارقة كَقَوْلِه 163 -
(إِن وجدتُ الصّدِيقَ حقًّا لإيّاك ... فَمُرْنِى فَلَنْ أَزَال مُطِيعا)
الثَّالِثَة عشرَة أَن ينصبه عَامل فِي مُضْمر قبله غير مَرْفُوع إِن اتحدا رُتْبَة نَحْو علمتني إيَّايَ وعلمتك إياك وعلمته إِيَّاه بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الضَّمِير الأول مَرْفُوعا كالتاء من علمتني فَإِنَّهُ لَا يجوز فصل الْيَاء بعْدهَا وَأما إِذا لم يتحدا بِأَن كَانَ أَحدهمَا لمتكلم أَو لمخاطب أَو لغَائِب وَالْآخر لغيره فَإِن الْفَصْل حِينَئِذٍ لَا يتَعَيَّن بل يجوز الْوَصْل والفصل نَحْو الدِّرْهَم أعطيتكه وأعطيتك إِيَّاه نعم قد يتحدان فِي الرُّتْبَة وَلَا يتَعَيَّن الْفَصْل وَذَلِكَ إِذا كَانَ لغَائِب وَاخْتلف لَفْظهمَا حكى الْكسَائي هم أحسن النَّاس وُجُوهًا وأنضرهموها وَقَالَ الشَّاعِر 164 -
(بِوَجْهِك فى الْإِحْسَان بسطٌ وبهجةٌ ... أنَا لَهُمَاهُ قَفْوُ أكْرَم وَالِدِ)

(1/251)


صفحة فارغة

(1/252)


وَمَعَ ذَلِك فالفصل أَكثر وَأحسن فَإِن لم يخْتَلف اللفظان تعين الْفَصْل وَإِذا اجْتمع ضميران فَأكْثر مُتَّصِلَة فَإِن اخْتلفت الرُّتْبَة وَجب غَالِبا تَقْدِيم الْأَخَص فَيقدم الْمُتَكَلّم ثمَّ الْمُخَاطب ثمَّ الْغَائِب نَحْو الدِّرْهَم أعطيتكه فَإِن أخر الْأَخَص تعين الْفَصْل نَحْو الدِّرْهَم أَعْطيته إياك وندر قَول عُثْمَان أراهمني الْبَاطِل شَيْطَانا وَالْقِيَاس أرانيه وَذهب الْمبرد وَكثير من القدماء إِلَى أَن الْفَصْل مَعَ التَّأْخِير أحسن لَا وَاجِب وَأَن الِاتِّصَال أَيْضا جَائِز نَحْو أعطيتهوك وَذهب الْفراء إِلَى تعين الِانْفِصَال إِلَّا أَن يكون ضمير مثنى أَو ضمير جمَاعَة ذُكُور فَيجوز إِذْ ذَاك الِاتِّصَال والانفصال أحسن نَحْو الدرهمان أعيطتهماك والغلمان أعطيتهموك وَوَافَقَ الْكسَائي وَالْفراء وَزَاد جَوَاز الِاتِّصَال إِذا كَانَ الأول ضمير جمَاعَة الْإِنَاث نَحْو الدَّرَاهِم أعطيتهنكن وَإِذا كَانَ الْفِعْل يتَعَدَّى لاثْنَيْنِ لَيْسَ ثَانِيهمَا خَبرا فِي الأَصْل وجاءا ضميرين مختلفي الرُّتْبَة جَازَ فِي الثَّانِي الْوَصْل والفصل نَحْو الدِّرْهَم أعطيتكه وأعطيتك إِيَّاه والوصل أرجح عِنْد ابْن مَالك ولازم عِنْد سِيبَوَيْهٍ ومرجوح عِنْد الشلوبين فَهَذِهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب فَإِن أخْبرت عَن الْمَفْعُول الثَّانِي مِنْهُ بِالَّذِي جَازَ أَيْضا نَحْو الَّذِي أَعْطيته زيدا دِرْهَم وَالَّذِي أَعْطَيْت إِيَّاه زيدا دِرْهَم والوصل أرجح عِنْد الْمَازِني وَابْن مَالك لِأَنَّهُ الأَصْل والفصل أرجح عِنْد قوم ليَقَع الضَّمِير موقع الْمخبر عَنهُ على قَاعِدَة بَاب الْإِخْبَار وَيجوز الْأَمْرَانِ أَيْضا فِي كل ضمير مَنْصُوب بمصدر مُضَاف إِلَى ضمير قبله هُوَ فَاعل أَو مفعول أَو باسم فَاعل مُضَاف إِلَى ضمير هُوَ مفعول أول نَحْو زيد عجبت من ضربيه وضربي إِيَّاه وَمن ضربكه وضربك إِيَّاه وَالدِّرْهَم زيد معطيكه

(1/253)


ومعطيك إِيَّاه والفصل فِي الثَّلَاثَة أرجح بِلَا خلاف وَمَسْأَلَة اسْم الْفَاعِل زَادهَا أَبُو حَيَّان على التسهيل وَيجوز الْأَمْرَانِ أَيْضا فِي كل ضمير مَنْصُوب هُوَ خبر فِي الأَصْل كثاني بَاب ظن وَكَانَ نَحْو خلتكه وخلتك إِيَّاه وكنته وَكنت إِيَّاه وَفِي الْأَرْجَح مَذَاهِب أَحدهَا الْفَصْل فيهمَا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ خبر فِي الأَصْل وَلَو بَقِي على مَا كَانَ لوَجَبَ الْفَصْل فَكَانَ بعد النَّاسِخ راجحا وَالثَّانِي الْوَصْل فيهمَا وَرجحه ابْن مَالك فِي الألفية لِأَنَّهُ الأَصْل وَالثَّالِث التَّفْصِيل وَهُوَ الْفَصْل فِي بَاب ظن والوصل فِي بَاب كَانَ وَرجحه ابْن مَالك فِي التسهيل وَفرق بِأَن الضَّمِير فِي خلتكه قد حجزه عَن الْفِعْل مَنْصُوب آخر بِخِلَافِهِ فِي كنته فَإِن لم يحجزه إِلَّا مَرْفُوع وَالْمَرْفُوع كجزء من الْفِعْل فَكَانَ الْفِعْل مباشرا لَهُ فَهُوَ شَبيه بهاء ضَربته وَلِأَن الْوَارِد عَن الْعَرَب من انْفِصَال بَاب ظن واتصال بَاب كَانَ أَكثر من خلافهما أما أَخَوَات كَانَ فَيتَعَيَّن فِيهَا الْفَصْل كَمَا فِي البديع وَغَيره كَقَوْلِه 165 -
(لَيْسَ إيّاي وإيّاكَ ... وَلَا نَخْشَى رَقِيبَا)
وشذ قَوْلهم ليسي وليسك وَإِذا وَردت مفاعيل أعلم الثَّالِثَة ضمائر فَحكم الأول وَالثَّانِي حكم بَاب أَعْطَيْت وَإِن كَانَ بَعْضهَا ظَاهرا فَإِن كَانَ الْمُضمر وَاحِدًا وَجب اتِّصَاله أَو اثْنَيْنِ أول وثان فكأعطيته أَو ثَان وثالث فكظننت ص مَسْأَلَة يجب قبل يَاء الْمُتَكَلّم إِن نصبت بِغَيْر صفة نون وقاية وحذفها مَعَ التَّعَجُّب وَلَيْسَ وليت وَقد وقط وَمن وَعَن شَاذ على الْأَصَح وَمَعَ بجل وَلَعَلَّ أَجود ولدن وأخوات لَيْت جَائِز وَقيل أَجود وَقَالَ قوم الْمَحْذُوف

(1/254)


من أَخَوَات لَيْت المدغمة وَقوم المدغم فِيهَا وَيجْرِي فِي نَحْو أَنا وَيجب فِي لد وَقد تلْحق أفعل من وَاسم الْفَاعِل وَقيل إِن نَحْو أمسلمني تَنْوِين وَالْمُخْتَار أَنَّهَا المحذوفة فِي فليني خلافًا لِابْنِ مَالك ش يلْحق وجوبا قبل يَاء الْمُتَكَلّم إِن نصبت بِغَيْر صفة نون الْوِقَايَة وَذَلِكَ بِأَن ينصب بِالْفِعْلِ مَاضِيا أَو مضارعا وأمرا كأكرمني ويكرمني وأكرمني متصرفا كَمَا مثل أَو جَامِدا كهبني وعساني وليسني وَمَا أحسنني وَاسم الْفِعْل نَحْو رويدني وعليكني أَو الْحَرْف نَحْو إِنَّنِي وكأنني وليتني ولعلني ولكنني وَسميت نون الْوِقَايَة لِأَنَّهَا تَقِيّ الْفِعْل من الْكسر الْمُشبه للجر وَلذَا لم تلْحق الْوَصْف نَحْو الضاربي وأصل اتصالها بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا اتَّصَلت بِغَيْرِهِ للشبه بِهِ وَقَالَ ابْن مَالك بل لِأَنَّهَا تَقِيّ من التباس أَمر الْمُذكر بِأَمْر الْمُؤَنَّث لَو قيل أكرمني وَمن التباس يَاء المخاطبة بياء الْمُتَكَلّم فِيهِ وَمن التباس الْفِعْل بِالِاسْمِ فِي نَحْو ضربي إِذْ الضَّرْب اسْم للْفِعْل وَقد لحق الْكسر الْفِعْل فِي نَحْو أكرمي وَلم يبال بِهِ انْتهى وَكَذَا يجب إِلْحَاق النُّون إِذا جرت بِمن أَو عَن أَو قد أَو قطّ أَو بجل وَالثَّلَاثَة بِمَعْنى حسب أَو لدن فَيُقَال مني وعني وقدني وقطني وبجلني ولدني وَورد حذفهَا فِي بعض مَا ذكر وَهُوَ أَقسَام قسم شَاذ خَاص بِالضَّرُورَةِ وَذَلِكَ فِي سَبْعَة أَلْفَاظ فعل التَّعَجُّب وَلَيْسَ قَالَ 166 -
(إِذْ ذهب الْقَوْم الكِرام ليسي ... )

(1/255)


وليت قَالَ 167 -
(كمُنْيَةِ جَابر إذْ قَالَ لَيْتِي ... )

(1/256)


صفحة فارغة

(1/257)


وَقد قَالَ 168 -
(قَدْنِي من نصر الخُبَيْبَيْن قَدِي ... )

(1/258)


وقط وَمن وَعَن قَالَ 169 -
(أيّها السّائِلُ عَنْهُم وعَنِى ... لستُ من قيس وَلَا قيسُ مِنِى)

(1/259)


وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ حذفهَا فِي السعَة من فعل التَّعَجُّب لشبهه بالأسماء من حَيْثُ إِنَّه لَا يتَصَرَّف وَأَجَازَهُ قوم فِي لَيْسَ وَأَجَازَهُ الْفراء فِي لَيْت وَأَجَازَهُ الْبَدْر بن مَالك بِكَثْرَة فِي قد وقط وَأَجَازَهُ الْجُزُولِيّ فِي من وَعَن فَقولِي على الْأَصَح رَاجع للسبعة وَقسم رَاجِح وَذَلِكَ فِي لفظين بجل وَلَعَلَّ فَإِن الأعرف فِيهَا بجلي ولعلي وَهُوَ الْوَارِد فِي الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب} غَافِر 36 وَمن لحاقها قَوْله 170 -
(فَقلت أعِيرَاني القَدُوم لَعلّنِي ... )
وَقسم جَائِز الْحَذف واللحوق من غير تَرْجِيح لأَحَدهمَا وَذَلِكَ فِي لدن وَإِن وَأَن وَكَأن وَلَكِن قَالَ تَعَالَى {من لدني عذرا} الْكَهْف 76 قرئَ فِي السَّبع مشددا ومخففا وَقَالَ {إِنَّنِي أَنا الله} طه 14 {إِنِّي ءامنت بربكم} يس 25 وَإِنَّمَا لحقتها النُّون تكميلا لشبهها بِالْفِعْلِ الَّذِي عملت لأَجله

(1/260)


وَإِنَّمَا شَذَّ الْحَذف فِي لَيْت دون الْبَوَاقِي لِأَنَّهَا أشبه بِالْفِعْلِ مِنْهُنَّ بِدَلِيل إعمالها مَعَ مَا دونهن ولاجتماع الْأَمْثَال فِي الْأَرْبَعَة والمتقاربات فِي لَعَلَّ وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْحَذف فِيهَا وَفِي لدن أَجود من الْإِثْبَات وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور فِي لدن حملا لَهَا على لد المحذوفة النُّون فَإِنَّهَا لَا تلحقها نون الْوِقَايَة بِحَال لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة مَعَ وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْمَحْذُوف من أَخَوَات لَيْت لَيْسَ نون الْوِقَايَة بل نون الأَصْل لِأَن تِلْكَ دخلت للْفرق فَلَا تحذف ثمَّ اخْتلف فَقيل الْمَحْذُوف النُّون الأولى المدغمة لِأَنَّهَا سَاكِنة والساكن يسْرع إِلَيْهِ الاعتلال وَقيل الثَّانِيَة المدغم فِيهَا لِأَنَّهَا ظرف وَيجْرِي هَذَا الْخلاف فِي إِنَّا وَأَنا وَلَكنَّا وكأنا فَقيل الْمَحْذُوف النُّون الأولى وَقيل الثَّانِيَة وَلم يقل أحد بِحَذْف الثَّالِثَة لِأَنَّهَا اسْم وَقد حَكَاهُ بَعضهم كَمَا ذكره ابْن قَاسم فِي شرح الألفية وَورد لُحُوق النُّون فِي غير مَا ذكر شذوذا كأفعل التَّفْضِيل كَحَدِيث غير الدَّجَّال أخوفني عَلَيْكُم تَشْبِيها لَهُ بِالْفِعْلِ وزنا وَمعنى خُصُوصا فعل التَّعَجُّب وكاسم الْفَاعِل فِي قَوْله 171 -
(أمُسْلمُني إِلَى قومِي شَراحِي ... )
وَقَوله 172 -
(وَلَيْسَ الموافيني ليُرفَد خائِبا ... )

(1/261)


تَشْبِيها لَهُ أَيْضا بِالْفِعْلِ وَذهب هِشَام إِلَى أَن النُّون فِي أمسلمني وَنَحْوه مِمَّا لَا لَام فِيهِ هِيَ التَّنْوِين وَأَجَازَ هَذَا ضاربنك وضاربني ورد بوجودها مَعَ اللَّام وَأما قَول الشَّاعِر 173 -
(ترَاهُ كالثّغام يُعَلّ مسكاً ... يسوءُ الفالِياتِ إذَا فَلَيْنِى)
أَي فلينني فَاخْتلف أَي النونين المحذوفة فَقَالَ الْمبرد هِيَ نون الْوِقَايَة لِأَن الأولى ضمير فَاعل فَلَا تحذف وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَرجحه ابْن جني والخضراوي وَأَبُو حَيَّان وَغَيرهم وَحكى صَاحب الْبَسِيط الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ نون الْإِنَاث وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قِيَاسا على {تأمروني} الزمر 64 قَالَ أَبُو حَيَّان هُوَ قِيَاس على مُخْتَلف فِيهِ ثمَّ هَذَا الْحَذف ضَرُورَة لَا يُقَاس عَلَيْهَا كَمَا صرح بِهِ فِي الْبَسِيط قَالَ أَبُو حَيَّان وسهله اجْتِمَاع المثلين ص مَسْأَلَة الأَصْل تَقْدِيم مُفَسّر الْغَائِب وَلَا يكون غير الْأَقْرَب إِلَّا بِدَلِيل وَهُوَ لَفظه أَو مَا يدل عَلَيْهِ حسا أَو علما أَو جزؤه أَو كُله أَو نَظِيره أَو مصاحبه بِوَجْه وَيجوز تَقْدِيم مكمل مَعْمُول فعل أَو شبهه على مُفَسّر صَرِيح إِن كَانَ مُؤخر الرُّتْبَة وَمنع الكوفية نَحْو ضاربه ضرب زيد وَمَا رأى أحب من زيد وَالْفراء زيدا غُلَامه ضرب بتصريفه وَالْجُمْهُور ضرب غُلَامه زيدا وَأَجَازَهُ الطوَال وَابْن جني وَابْن مَالك وَيجب تَقْدِيم مَرْفُوع بَاب نعم وَأول المتنازعين ومجرور رب وَمَا أبدل مِنْهُ مفسره على الْأَصَح قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ أَو أخبر عَنهُ بِهِ وَضمير الشَّأْن وَهُوَ

(1/262)


لَازم الْإِفْرَاد وتذكيره مَعَ مُذَكّر وتأنيثه مَعَ مؤنث أَجود وَأوجب الكوفية وَابْن مَالك التَّذْكِير مَا لم يَله مؤنث أَو مشبه بِهِ أَو فعل بعلامة فيرجح تأنيثه ويبرز مُبْتَدأ وَاسم مَا على الْأَصَح فيهمَا ومنصوبا فِي بَاب إِن وَظن ويستتر فِي كَانَ وَكَاد وَمنعه قوم وَإِنَّمَا يفسره جملَة خبرية صرح بجزأيها خلافًا للكوفية فِي ظننته قَائِما وَإنَّهُ ضرب أَو قَامَ وَلَا يتَقَدَّم خَبره وَلَا جزؤه خلافًا لِابْنِ السرافي وَلَا يتبع بتابع وزعمه ابْن الطراوة حرفا ش ضمير الْمُتَكَلّم والمخاطب يفسرهما الْمُشَاهدَة وَأما ضمير الْغَائِب فعار عَن الْمُشَاهدَة فاحتيج إِلَى مَا يفسره وأصل الْمُفَسّر الَّذِي عود عَلَيْهِ أَن يكون مقدما ليعلم الْمَعْنى بالضمير عِنْد ذكره بعد مفسره وَأَن يكون الْأَقْرَب نَحْو لقِيت زيدا وعمرا يضْحك فضمير يضْحك عَائِد على عَمْرو وَلَا يعود على زيد إِلَّا بِدَلِيل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَوَهَبْنَا لَهُ اسحاق وَيَعْقُوب وَجَعَلنَا فِي ذُريَّته النُّبُوَّة وَالْكتاب} العنكبوت 27 فضمير ذُريَّته عَائِد على إِبْرَاهِيم وَهُوَ غير الْأَقْرَب لِأَنَّهُ الْمُحدث عَنهُ من أول الْقِصَّة إِلَى آخرهَا ثمَّ الْمُفَسّر إِمَّا مُصَرح بِلَفْظِهِ وَهُوَ الْغَالِب كزيد لَقيته وَقد يَسْتَغْنِي عَنهُ بِمَا يدل عَلَيْهِ حسا نَحْو {قَالَ هِيَ راودتني عَن نَفسِي} يُوسُف 26 و {يأبت استجره} الْقَصَص 26 إِذْ لم يتَقَدَّم التَّصْرِيح بِلَفْظ زليخا ومُوسَى لِكَوْنِهِمَا كَانَا حاضرين أَو علما نَحْو {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} الْقدر 1 أَي الْقُرْآن أَو جزئه أَو كُله نَحْو {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا} التَّوْبَة 34 أَي المكنوزات الَّتِي بَعْضهَا الذَّهَب وَالْفِضَّة وَقَوله 174 -
(أماويّ مَا يغنى الثّرَاءُ عَن الْفَتى ... إِذا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وضاق بهَا الصدرُ)
أَي النَّفس الَّتِي هِيَ بعض الْفَتى وَجعل من ذَلِك {اعدلوا هُوَ أقرب} الْمَائِدَة 8 أَي الْعدْل الَّذِي هُوَ جُزْء مَدْلُول الْفِعْل لِأَنَّهُ يدل على الْحَدث وَالزَّمَان

(1/263)


وَقَوله 175 -
(إِذا نُهيَ السفيهُ جرى إِلَيْهِ ... )
أَي السَّفه الَّذِي هُوَ جُزْء مَدْلُول السَّفِيه لِأَنَّهُ يدل على ذَات متصفة بالسفه أَو نَظِيره نَحْو عِنْدِي دِرْهَم وَنصفه أَي وَنصف دِرْهَم آخر وَمِنْه {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} فاطر 11 أَي عمر معمر آخر 167 -
(قَالَت أَلا لَيْتما هَذَا الحمامُ لنا ... إِلَى حَمَامتنا ونِصْفَه فَقَدِ)

(1/264)


أَي وَنصف حمام آخر مثله فِي الْعدَد أَو مصاحبه بِوَجْه مَا كالاستغناء بمستلزم عَن مُسْتَلْزم نَحْو {فَمن عفى لَهُ من أَخِيه شَيْء فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وأدآء إِلَيْهِ} الْبَقَرَة 178 ضمير إِلَيْهِ عَائِد إِلَى الْعَافِي الَّذِي استلزمه عُفيَ {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} ص 32 أَي الشَّمْس أُغني عَن ذكرهَا ذكر الْعشي وَقد يُخَالف الأَصْل السَّابِق فِي تَقْدِيم الْمُفَسّر فيؤخر عَن الضَّمِير وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع أَحدهَا أَن يكون الضَّمِير مكملا مَعْمُول فعل أَو شبهه إِن كَانَ الْمَعْمُول مُؤخر الرُّتْبَة وَلذَلِك صور ضرب غُلَامه زيد وَغُلَامه ضرب زيد وَضرب غُلَام أَخِيه زيد وَغُلَام أَخِيه ضرب زيد لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ يكمل الْمُضَاف وأمثلة شبه الْفِعْل أضارب غُلَامه زيد أضارب غُلَام أَخِيه زيد وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك وَشبهه لِأَن الْمَعْمُول مُؤخر الرُّتْبَة والمفسر فِي نِيَّة التَّقَدُّم هَذَا رَأْي الْبَصرِيين وَوَافَقَهُمْ الْكُوفِيُّونَ فِي صور وخالفوهم فِي صور فقالو إِذا تَأَخّر الْعَامِل عَن الْمَفْعُول وَالْفَاعِل فَإِن اتَّصل الضَّمِير بالمفعول مجرورا أَو بِمَا أضيف للْمَفْعُول جَازَ التَّقْدِيم نَحْو زيد غُلَامه ضرب وَغُلَام ابْنه ضرب زيد وَإِن اتَّصل بِهِ مَنْصُوبًا لم يجز ضاربه ضرب زيد وَإِن لم يتَّصل بالمفعول وَلَا بالمضاف لَهُ لم يجز أَيْضا نَحْو مَا رأى أحب زيد وَمَا أَرَادَ أَخذ زيد قَالُوا لِأَن فِي رأى وَأَرَادَ ضميرا مَرْفُوعا وَالْمَرْفُوع لَا ينوى بِهِ التَّأْخِير لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعه وَأجَاب البصريون بِأَن الْمَرْفُوع حِينَئِذٍ مُتَّصِل بالمنصوب والمنصوب ينوى بِهِ التَّأَخُّر فَلَيْسَ اتِّصَال الْمَرْفُوع بِهِ مِمَّا يمنعهُ مَا يجوز فِيهِ بِإِجْمَاع فَإِن قدم الْعَامِل

(1/265)


نَحْو أحب مَا رأى زيد وَأخذ مَا أَرَادَ زيد جَازَ عِنْد الْكُوفِيّين أَيْضا هَكَذَا نقل أَبُو حَيَّان خلاف الْكُوفِيّين وَقَالَ ابْن مَالك غلط فِي النَّقْل عَنْهُم وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان فِي آخر النَّائِب عَن الْفَاعِل لَو تقدم الْمَفْعُول على الْفِعْل نَحْو زيدا ضرب غُلَامه لم يجز ذَلِك عِنْد الْفراء وَأَجَازَهُ الْمبرد بجعله بِمَنْزِلَة ضرب زيدا غُلَامه وَقَالَ ابْن كيسَان عِنْدِي بَينهمَا فصل لِأَنَّك إِذا قلت زيدا ضرب غُلَامه فنقلت زيدا من أول الْكَلَام إِلَى آخِره وَقع بعد الْكَلَام فَصَارَ الْمُضمر قبل الْمظهر فبطلت وقولك ضرب زيدا غُلَامه فِي مَوْضِعه لَا ينْقل فَيجْعَل بعد زيد لِأَن الْعَامِل فِيهِ وَفِي الْغُلَام وَاحِد فَإِذا كَانَا جَمِيعًا بعد الْعَامِل فَكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَوْضِعه انْتهى أما إِذا كَانَ الْمَعْمُول الَّذِي اتَّصل بِهِ الضَّمِير مقدم الرُّتْبَة نَحْو ضرب غُلَامه زيدا فَإِن الْجُمْهُور يمْنَعُونَ التَّقْدِيم لعود الضَّمِير على مُتَأَخّر لفظا وَنِيَّة وَحكى الصفار الْإِجْمَاع عَلَيْهِ لَكِن أجَازه أَبُو عبد الله الطوَال من الْكُوفِيّين وعزي إِلَى الْأَخْفَش وَرجحه ابْن جني وَصَححهُ ابْن مَالك لوروده فِي النّظم كثيرا كَقَوْلِه 177 -
(جزى ربُّهُ عَنِّي عَدِيَّ بنَ حَاتِم ... )

(1/266)


وَقَوله 178 -
(كسا حِلمُه ذَا الحِلم أثوابَ سُؤْدُدٍ ... )

(1/267)


وَقَوله 179 -
(جَزَى بنُوه أَبَا الغِيلان عَن كِبَر ... )

(1/268)


والأولون قصروه على الشّعْر قَالَ أَبُو حَيَّان وللجواز وَجه من الْقيَاس وَهُوَ أَن الْمَفْعُول كثر تقدمه على الْفَاعِل فَيجْعَل لكثرته كالأصل وَصُورَة الْمَسْأَلَة عِنْد الْمُجِيز أَن يُشَارِكهُ صَاحب الضَّمِير فِي عَامله بِخِلَاف نَحْو ضرب غلامها جَار هِنْد فَلَا يجوز إِجْمَاعًا لِأَن هندا لم تشارك غلامها فِي الْعَامِل لِأَنَّهُ مَرْفُوع بِضَرْب وَهِي مجرورة بِالْإِضَافَة وَذَلِكَ أَن الْمُشَاركَة تَقْتَضِي الْإِشْعَار بِهِ لِأَن الْفِعْل الْمُتَعَدِّي يدل بِمُجَرَّد افْتِتَاح الْكَلَام بِهِ على فَاعل ومفعول فَإِذا لم يُشَارك لم يحصل الْإِشْعَار بِهِ فيتأكد الْمَنْع ثمَّ التَّقْدِيم فِي هَذَا الْموضع جَائِز وَفِي الْمَوَاضِع الْآتِيَة وَاجِب الثَّانِي أَن يكون الضَّمِير مَرْفُوعا بنعم رجلا زيد وَبئسَ رجلا زيد وظرف رجلا زيد الثَّالِث أَن يكون مَرْفُوعا بِأول الْفِعْلَيْنِ المتنازعين نَحْو 180 -
(جَفَوْنِي وَلم أجفُ الأَخِلاّء إنّني ... )

(1/269)


الرَّابِع أَن يكون مجرور رب نَحْو 181 -
(ورُبّهُ عَطِبًا أنقذْت من عَطَبهْ ... )

(1/270)


الْخَامِس أَن يُبدل مِنْهُ الْمُفَسّر نَحْو اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ الرؤوف الرَّحِيم هَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وَمنع ذَلِك قوم وَقَالُوا الْبَدَل لَا يُفَسر ضمير الْمُبدل ورده أَبُو حَيَّان بالورود قَالَ 182 -
(فلاَ تلُمْه أَن ينَام البَائِسَا ... )
وَقَالَ 183 -
(فاستَاكَتْ بِهِ عُودَ إسحِل ... )

(1/271)


السَّادِس أَن يخبر عَنهُ بالمفسر نَحْو {إِن هِيَ إِلَّا حياتنا} الْأَنْعَام 29 قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هَذَا ضمير لَا يعلم مَا يَعْنِي بِهِ إِلَّا بِمَا يتلوه من بَيَانه وَأَصله إِن الْحَيَاة إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا ثمَّ وضع فِي مَوضِع الْحَيَاة لِأَن الْخَبَر يدل عَلَيْهَا ويبينها قَالَ وَمِنْه 184 -
(هِيَ النَّفس تحمل مَا حُمِّلَتْ ... )
وَهِي الْعَرَب تَقول مَا شَاءَت قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا من جيد كَلَامه السَّابِع ضمير الشَّأْن فَإِن مفسره الْجُمْلَة بعده قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ ضمير غَائِب يَأْتِي صدر الْجُمْلَة الخبرية دَالا على قصد الْمُتَكَلّم استعظام السَّامع حَدِيثه وتسميه البصريون ضمير الشَّأْن والْحَدِيث إِذا كَانَ مذكرا وَضمير الْقِصَّة إِذا كَانَ مؤنثا قدرُوا من معنى الْجُمْلَة اسْما جعلُوا ذَلِك الضَّمِير يفسره ذَلِك الِاسْم الْمُقدر حَتَّى يَصح الْإِخْبَار بِتِلْكَ الْجُمْلَة عَن الضَّمِير وَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى رابط بِهِ لِأَنَّهَا نفس الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى وَالْفرق بَينه وَبَين الضمائر أَنه لَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يُؤَكد وَلَا يُبدل مِنْهُ وَلَا يتَقَدَّم خَبره عَلَيْهِ وَلَا يُفَسر بمفرد وَسَماهُ الْكُوفِيُّونَ ضمير الْمَجْهُول لِأَنَّهُ لَا يدْرِي عِنْدهم مَا يعود عَلَيْهِ وَلَا خلاف فِي أَنه اسْم يحكم على مَوْضِعه بالإعراب على حسب الْعَامِل إِلَّا مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن الطراوة من زَعمه أَنه حرف فَإِنَّهُ إِذا دخل على إِن كفها عَن الْعَمَل كَمَا يكفها مَا وَكَذَا إِذا دخل على الْأَفْعَال الناسخة كفها وتلغى كَمَا يلغى بَاب ظن وَمَال أَبُو حَيَّان إِلَى مُوَافَقَته وَشرط الْجُمْلَة الْمُفَسّر بهَا ضمير الشَّأْن أَن تكون خبرية فَلَا يُفَسر بالإنشائية وَلَا الطلبية وَأَن يُصَرح بجزأيها فَلَا يجوز حذف جُزْء مِنْهَا فَإِنَّهُ جِيءَ بِهِ لتأكيدها وتفخيم مدلولها والحذف منَاف لذَلِك كَمَا لَا يجوز ترخيم الْمَنْدُوب وَلَا حذف حرف النداء مِنْهُ وَلَا من المستغاث وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنه يُفَسر بمفرد فَقَالُوا فِي ظنته قَائِما زيد إِن الْهَاء ضمير الشَّأْن وقائم يفسره وَزَعَمُوا أَيْضا أَنه

(1/272)


يجوز حذف جُزْء الْجُمْلَة فَيُقَال إِنَّه ضرب وَإنَّهُ قَامَ على حذف الْمسند إِلَيْهِ من غير إِرَادَة وَلَا إِضْمَار وَلَا يجوز أَيْضا تقدم هَذِه الْجُمْلَة وَلَا جزئها قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَقد غلط يُوسُف بن السيرافي إِذْ قَالَ فِي قَوْله 185 -
(أسكرانُ كَانَ ابنُ المَراغة ... )
إِن كَانَ شأنية وَابْن المراغة وسكران مُبْتَدأ وَخبر وَالْجُمْلَة خبر كَانَ وَضمير الشَّأْن لَازم الْإِفْرَاد لِأَنَّهُ ضمير يفسره مَضْمُون الْجُمْلَة ومضمون الْجُمْلَة شَيْء مُفْرد وَهُوَ نِسْبَة الحكم للمحكوم عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا تَثْنِيَة فِيهِ وَلَا جمع وَمذهب الْبَصرِيين أَن تذكيره مَعَ الْمُذكر وتأنيثه مَعَ الْمُؤَنَّث أحسن من خلاف ذَلِك نَحْو {قل هُوَ الله أحد} الْإِخْلَاص 1 {فَإِذا هِيَ شاخصة أبصار الَّذين كفرُوا} الْأَنْبِيَاء 97 {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} الْحَج 46 وَيجوز التَّذْكِير مَعَ الْمُؤَنَّث حكى إِنَّه أمة الله ذَاهِبَة والتأنيث مَعَ الْمُذكر كَقِرَاءَة {أَو لم تكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ} الشُّعَرَاء 197 بالفوقية فَإِن الِاسْم أَن يُعلمهُ وَهُوَ مُذَكّر وَأوجب الْكُوفِيُّونَ الأول وَهُوَ مَرْدُود بِالسَّمَاعِ حكى إِنَّه أمة الله ذَاهِبَة وَفصل ابْن مَالك فَقَالَ يجب التَّذْكِير كَمَا يجب الْإِفْرَاد فَإِن وليه مؤنث نَحْو إِنَّهَا جاريتك ذَاهِبَة أَو مُذَكّر شبه بِهِ الْمُؤَنَّث نَحْو إِنَّهَا قمر جاريتك أَو فعل بعلامة تَأْنِيث نَحْو {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} الْحَج 46 فالتأنيث فِي الصُّور الثَّلَاث أرجح من التَّذْكِير لما فِيهِ من مشاكلة اللَّفْظ ويبرز ضمير الشَّأْن مُبْتَدأ نَحْو {قل هُوَ الله أحد} وَاسم مَا كَقَوْلِه

(1/273)


186 -
(وَمَا هُوَ من يأسو الكُلُوم ويَتُقَّى ... بِهِ نائباتُ الدّهر كالدائم البُخل)
وَمنع الْأَخْفَش وَالْفراء وُقُوعه مُبْتَدأ وَقَالا لَا يَقع إِلَّا مَعْمُولا وَمنع بَعضهم وُقُوعه اسْم مَا ويبرز مَنْصُوبًا فِي بَابي إِن وَظن نَحْو {وَأَنه لما قَامَ عبد الله} الْجِنّ 19 وَقَوله 187 -
(عَلمْتُه الحقَّ لَا يَخْفى على أحَدِ ... )
ويستكن فِي بَاب كَانَ وَكَاد نَحْو 188 -
(إِذا متُّ كَانَ الناسُ صنفان شامِتٌ ... وآخرُ مُثْن بِالَّذِي كنتُ أصْنَعُ)
وَقَالَ تَعَالَى {من بعد مَا كَاد يزِيغ قُلُوب فريق مِنْهُم} التَّوْبَة 117 فى قِرَاءَة يزِيغ بالتحتية وَمنع الْفراء وُقُوعه فى بَاب كَانَ وَطَائِفَة وُقُوعه فى بَاب كَاد ص الْفَصْل وَيُسمى عمادا وجعامة وَصفَة ضمير رفع مُنْفَصِل يَقع مطابقا لمعْرِفَة قبل مُبْتَدأ أَو مَنْسُوخ بعده معرفَة أَو كهي فى منع اللَّام جَامِدا أَو مشتقا لَا إِن مُتَعَلّقه فى الْأَصَح قَالَ ابْن مَالك وَقد يَقع بِلَفْظ غيبَة بعد حَاضر مقَام مُضَاف وَجوز الْأَخْفَش وُقُوعه بَين حَال وصاحبها وَقوم بَين نكرتين كمعرفة وَقوم مُطلقًا وَقوم بعد اسْم لَا وَقوم قبل مضارع وَيتَعَيَّن كَونه فصلا إِن وليه نصب وَولي ظَاهرا مَنْصُوبًا أَو قرن بلام الْفرق على الْأَصَح ويحتمله والابتداء قبل رفع وَالْبدل أَيْضا بعده والتوكيد أَيْضا بعد ضَمِيره وَيتَعَيَّن الِابْتِدَاء قبل رفع مَا ينصب

(1/274)


قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَفَاء الْجَزَاء والبصرية تلو إِلَّا وَالْفراء وَإِنَّمَا وَلَا النافية وَقبل عَارض أل وَفِي بَاب مَا وَرجحه فِي لَيْسَ وَتَمِيم مُطلقًا وَالأَصَح وجوب رفع مَعْطُوف بِالْوَاو وَلَا وَلَكِن إِن كرر الضَّمِير والجزأين إِن اتفقَا وَنَحْو مَا بَال زيد هُوَ الْقَائِم ومررت بِعَبْد الله هُوَ السَّيِّد وظننت زيدا هُوَ الْقَائِم جَارِيَته وَثَالِثهَا إِن كَانَ غير خلف وَمنع هِيَ الْقَائِمَة ووقوعه بَين ضميرين وخبرين وتصديره وتقدمه مَعَ الْخَبَر وتوسطه بعد كَانَ وَظن وَيجوز بَين مفعولي ظن الْمُتَأَخر قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي الْمُتَوَسّط نظر وَالأَصَح أَنه اسْم وَلَا مَحل لَهُ وَقيل مَحَله كتاليه وَقيل كمتلوه وَفَائِدَته الْإِعْلَام بِأَن تاليه خبر لَا تَابع والتأكيد قَالَ البيانيون والاختصاص ش هَذَا مَبْحَث الضَّمِير الْمُسَمّى عِنْد الْبَصرِيين بِالْفَصْلِ لِأَنَّهُ فصل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقيل لِأَنَّهُ فصل بَين الْخَبَر والنعت وَقيل لِأَنَّهُ فصل بَين الْخَبَر وَالتَّابِع لِأَن الْفَصْل بِهِ يُوضح كَون الثَّانِي خَبرا لَا تَابعا وَهَذَا أحسن لِأَنَّهُ قد يفصل حَيْثُ لَا يصلح النَّعْت نَحْو كنت أَنْت الْقَائِم إِذْ الضَّمِير لَا ينعَت والكوفيون يسمونه عمادا لِأَنَّهُ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْفَائِدَة إِذْ بِهِ يتَبَيَّن أَن الثَّانِي خير لَا تَابع وَبَعض الْكُوفِيّين يُسَمِّيه دعامة لِأَنَّهُ يدعم بِهِ الْكَلَام أَي يقوى بِهِ ويؤكد والتأكيد من فَوَائِد مَجِيئه وَبَعض الْمُتَأَخِّرين سَمَّاهُ صفة قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَعْنِي بِهِ التَّأْكِيد وَمذهب الْخَلِيل وسيبويه وَطَائِفَة أَنه بَاقٍ على اسميته وَذهب أَكثر النُّحَاة إِلَى أَنه حرف وَصَححهُ ابْن عُصْفُور كالكاف فِي الْإِشَارَة وَإِذا قُلْنَا باسميته فَالصَّحِيح أَنه لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَعَلِيهِ الْخَلِيل لِأَن الْغَرَض بِهِ الْإِعْلَام من أول وهلة بِكَوْن الْخَبَر خَبرا لَا صفة فَاشْتَدَّ شبهه بالحرف إِذْ لم يجَأ بِهِ إِلَّا لِمَعْنى فِي غَيره فَلم يحْتَج إِلَى مَوضِع بِسَبَب الْإِعْرَاب وَقَالَ الْكسَائي مَحَله مَحل مَا بعده وَقَالَ الْفراء كمحل مَا قبله فَفِي زيد هُوَ الْقَائِم مَحَله رفع عِنْدهمَا وَفِي ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم مَحَله نصب عِنْدهمَا

(1/275)


وَفِي كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم مَحَله عِنْد الْكسَائي نصب وَعند الْفراء رفع وَفِي إِن زيدا هُوَ الْقَائِم بِالْعَكْسِ وَيَقَع بِلَفْظ الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مطابقا مَا قبله فِي الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع والتذكير والتأنيث والتكلم وَالْخطاب والغيبة وَلَا يَقع إِلَّا بعد معرفَة الْمُبْتَدَأ أَو مَنْسُوخ نَحْو زيد هُوَ الْقَائِم {كنت أَنْت الرَّقِيب} الْمَائِدَة 117 {إِن هَذَا لَهو الْقَصَص} آل عمرَان 62 {تَجِدُوهُ عِنْد الله هُوَ خيرا وَأعظم أجرا} المزمل 20 وَلَا يَقع بعده إِلَّا اسْم معرفَة كالأمثلة الأول أَو شَبيه بِهِ افي امْتنَاع دُخُول أل عَلَيْهِ كالمثال الْأَخير سَوَاء كَانَ ظَاهرا أم مضمرا أم مُبْهما أم مُعَرفا بِاللَّامِ أم مُضَافا جَامِدا أم مشتقا لم يتَقَدَّم مُتَعَلّقه عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ النَّاسِخ فعلا أم حرفا هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور فِي الْجَمِيع وَفِي كلا خلاف مَذْهَب ابْن مَالك إِلَى أَنه قد تَنْتفِي الْمُطَابقَة فَيَقَع بِلَفْظ الْغَيْبَة بعد حَاضر قَائِم مقَام مُضَاف كَقَوْلِه: 189 -
(وكائِنْ بالأباطح من صَدِيق ... يَرَانى لَو أُصَبْتُ هُوَ المُصابَا)
فَهُوَ فصل بِلَفْظ الْغَيْبَة بعد الْمَفْعُول الأول وَهُوَ الْيَاء فِي يراني على حذف مُضَاف أَي مصابي هُوَ الْمُصَاب فَحذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَحمله العسكري فِي الْمِصْبَاح على أَن هُوَ تَأْكِيد للْفَاعِل فِي يراني والمضاف مُقَدّر والمصاب مصدر أَي يظنّ مصابي الْمُصَاب أَي يحقر كل مصاب دونه وَقَالَ غَيره هُوَ عِنْد صديقه بِمَنْزِلَة نَفسه فَإِذا أُصِيب فِي نَفسه فَكَأَن صديقه قد أُصِيب فَجعل ضمير الصّديق مؤكدا لضميره لِأَنَّهُ هُوَ فِي الْمَعْنى مجَازًا واتساعا فَهُوَ من بَاب زيد زُهَيْر وَذهب الْأَخْفَش إِلَى جَوَاز وُقُوعه بَين الْحَال وصاحبها كَقِرَاءَة {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم} هود 78 بِنصب أطهر وَتقول هَذَا زيد هُوَ خيرا مِنْك

(1/276)


ورد بِأَن أطهر نصب ب لكم على أَنه خبر هن فَيكون من تَقْدِيم الْحَال على عاملها الظرفي وَذهب قوم إِلَى جَوَاز وُقُوعه بَين نكريتين كمعرفتين فِي امْتنَاع دُخُول أل عَلَيْهِمَا نَحْو مَا أَظن أحدا هُوَ خيرا مِنْك وحسبت خيرا من زيد هُوَ خيرا من عَمْرو وَذهب قوم من الْكُوفِيّين إِلَى جَوَاز وُقُوعه بَين نكرتين مُطلقًا وَخَرجُوا عَلَيْهِ {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} النَّحْل 92 وَذهب قوم مِنْهُم إِلَى جَوَاز وُقُوعه بعد الِاسْم لَا نَحْو لَا رجل هُوَ منطلق وَذهب آخَرُونَ إِلَى جَوَاز وُقُوعه قبل الْمُضَارع نَحْو كَانَ زيد هُوَ يقوم وَذهب الْفراء إِلَى أَنه لَا يجوز وُقُوعه قبل معرفَة بِغَيْر اللَّام فَلم يجز كَانَ زيد هُوَ أَخَاك وَكَانَ زيد هُوَ صَاحب الْحمار وَنَحْوه وَأوجب فِيهِ الابتدائية وَرفع مَا بعده وَكَذَا لم يجوز وُقُوعه فِي بَاب مَا وَأوجب فِيهِ الابتدائية وَجوز فِي لَيْسَ الْوَجْهَيْنِ وَرجح الابتدائية وَذهب الْكسَائي وَالْفراء إِلَى جَوَاز وُقُوعه فِي غير الِابْتِدَاء والنواسخ نَحْو مَا بَال زيد هُوَ الْقَائِم وَمَا شَأْن عَمْرو هُوَ الْجَالِس ومررت بِعَبْد الله هُوَ السَّيِّد بِنصب الْجَمِيع وَذهب قوم إِلَى جَوَاز وُقُوعه قبل مُشْتَقّ تقدم مَا ظَاهره التَّعَلُّق بِهِ نَحْو كَانَ زيد هُوَ بالجارية الْكَفِيل بِشَرْط أَن لَا يقْصد كَون بالجارية فِي صلَة الْكَفِيل على حد {وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين} يُوسُف 20 فَإِن قصدته لم يجز إِجْمَاعًا وَذهب الْفراء إِلَى جَوَاز وُقُوعه أول الْكَلَام قبل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَجعل مِنْهُ {وَهُوَ محرم عَلَيْكُم إخراجهم} الْبَقَرَة 85 وَذهب آخَرُونَ إِلَى جَوَاز تقدمه مَعَ الْخَبَر نَحْو هُوَ الْقَائِم زيد وَهُوَ الْقَائِم كَانَ زيد وَهُوَ الْقَائِم ظَنَنْت زيدا وَذهب آخَرُونَ إِلَى جَوَاز توسطه بَين كَانَ وَاسْمهَا وَبَين ظن وَالْمَفْعُول الأول نَحْو كَانَ هُوَ الْقَائِم زيد وظننت هُوَ الْقَائِم زيدا

(1/277)


وَوجه الْمَنْع فِي الْكل عِنْد الْجُمْهُور أَن فَائِدَته صون الْخَبَر من توهمه تَابعا وَمَعَ تَقْدِيم الْخَبَر يسْتَغْنى عَنهُ لِأَن تَقْدِيمه يمْنَع كَونه تَابعا إِذْ التَّابِع لَا يتَقَدَّم على الْمَتْبُوع فَلَو تقدم مَفْعُولا ظَنَنْت عَلَيْهَا جَازَ وُقُوع الْفَصْل بَينهمَا نَحْو زيدا هُوَ الْقَائِم ظَنَنْت وَإِن تقدم الأول وَتَأَخر الثَّانِي نَحْو زيدا ظَنَنْت هُوَ الْقَائِم فَفِي جَوَاز ذَلِك نظر قَالَه أَبُو حَيَّان وَقَالَ وَلَا يَقع بَين الْخَبَرَيْنِ فَلَا تَقول ظَنَنْت هَذَا الحلو هُوَ الحامض لِأَن الثَّانِي لَيْسَ بِالْمِعْوَلِ عَلَيْهِ وَحده وَقيل بِدُخُولِهِ بَينهمَا قَالَ وَكَذَا لَا يدْخل بَين الضميرين نَحْو زيد ظننته هُوَ إِيَّاه خيرا من عَمْرو عِنْد سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ تَأْكِيد فِي الْمَعْنى لهَذِهِ الثَّلَاثَة وكل مِنْهَا يُغني عَن صَاحبه فَإِن فصلت وأخرت الْبَدَل جَازَ نَحْو ظنتته هُوَ الْقَائِم إِيَّاه لِأَنَّهُ فِي نِيَّة الِاسْتِئْنَاف وَصَارَ بذلك بِمَنْزِلَة إِن وَاللَّام فِي كَلَام وَاحِد إِذا تَأَخَّرت اللَّام وَسَوَاء أَكَانَ الْفَصْل بالمفعول الثَّانِي أَو بظرف مَعْمُول الْخَبَر نَحْو ظننته هُوَ يَوْم الْجُمُعَة إِيَّاه الْقَائِم فَإِن كَانَ أَحدهمَا ضميرا وَالْآخر ظَاهرا جَازَ اتِّفَاقًا لعدم الضميرين المؤذينين بالضعف نَحْو ظننته هُوَ نَفسه الْقَائِم وَإِنَّمَا يتَعَيَّن فصلية هَذَا الضَّمِير فِي صُورَتَيْنِ الأولى أَن يَلِيهِ مَنْصُوب وَقَبله ظَاهر مَنْصُوب نَحْو ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم إِذْ لَا تمكن الابتدائية فِيهِ لنصب مَا بعده وَلَا الْبَدَلِيَّة لنصب مَا قبله وَلَا التوكيد لِأَن الْمُضمر لَا يُؤَكد الظَّاهِر وَالثَّانيَِة أَن يَلِيهِ مَنْصُوب ويقرن بلام الْفرق نَحْو إِن كَانَ زيد لَهو الْفَاضِل وَإِن ظَنَنْت زيدا لَهو الْفَاضِل لِامْتِنَاع الابتدائية لما سبق فِي التّبعِيَّة لدُخُول اللَّام عَلَيْهِ فَإِن رفع مَا قبله نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم احْتمل أَن يكون فصلا وَأَن يكون مُبْتَدأ ثَانِيًا وَأَن يكون بَدَلا فَإِن كَانَ الْمَرْفُوع قبله ضميرا نَحْو أَنْت أَنْت الْقَائِم احْتمل الثَّلَاثَة والتوكيد أَيْضا وَإِن كَانَ قبله رفع وَبعده نصب وَلَا لَام أَو عَكسه نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم وَكنت أَنْت الْقَائِم وَإِن زيدا هُوَ الْقَائِم وَإنَّك أَنْت الْقَائِم احْتمل فِي الأولى مَا عدا الِابْتِدَاء وَفِي الثَّانِيَة مَا عدا الْبَدَل وَإِن كَانَ بَين منصوبين وَالْأول ضمير احْتمل الْفَصْل والتأكيد نَحْو ظننتك أَنْت الْقَائِم وَيتَعَيَّن فِيهِ الابتدائية إِذا وَقع بعد مفعول ظَنَنْت وَوَقع بعده مَرْفُوع وَهُوَ معنى

(1/278)


قولي قبل رفع مَا ينصب نَحْو ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم وظننتك أَنْت الْقَائِم وَتَمِيم يرفعون الْفَصْل على الِابْتِدَاء وَمَا بعده خبر مُطلقًا ويقرؤون {إِن ترني أَنا أقل} الْكَهْف 39 {تَجِدُوهُ عِنْد الله هُوَ خير} المزمل 20 وَفَائِدَة الْفَصْل عِنْد الْجُمْهُور إِعْلَام السَّامع بِأَن مَا بعده خبر لَا نعت مَعَ التوكيد وأضاف إِلَى ذَلِك البيانيون وتبعهم السُّهيْلي الِاخْتِصَاص فَإِذا قلت كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم أَفَادَ اخْتِصَاصه بِالْقيامِ دون غَيره وَعَلِيهِ {إِن شائنك هُوَ الأبتر} الْكَوْثَر 3 {وَأُولَئِكَ هم المفلحون} الْبَقَرَة 5 وَلَو وَقع بعده فَاء الْجَزَاء نَحْو أما زيد هُوَ فالقائم فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ يتَعَيَّن للابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل لِأَن الْفَاء تدل على أَنه لَيْسَ بنعت وَجوزهُ الْمبرد وَلَو وَقع قبله إِلَّا نَحْو مَا كَانَ زيد إِلَّا هُوَ فالكايم فَقَالَ البصريون يتَعَيَّن الابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل وَجوزهُ الْكسَائي وَلَو وَقع قبله لَا النافية أَو إِنَّمَا نَحْو كَانَ عبد الله لَا هُوَ الْعَالم وَلَا الصَّالح فَقَالَ الْفراء تتَعَيَّن الابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل وَجوزهُ البصريون لِأَن لَا لَا تصلح فارقة بَين النَّعْت والمنعوت وَإِن وَقع بعده مُشْتَقّ رَافع للسببي فَإِن طابق الضَّمِير الِاسْم نَحْو ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم أَبوهُ أَو هُوَ الْقَائِمَة أَو الْقَائِم جَارِيَته فَقَالَ البصريون تتَعَيَّن الابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل وَجوزهُ الْكسَائي وَفصل الْفراء بَين أَن يكون الْوَصْف خلفا من مَوْصُوف فيوافق الْكسَائي أَو غير خلف فيوافق الْبَصرِيين وَإِن لم يُطَابق نَحْو كَانَ زيد هِيَ الْقَائِمَة جَارِيَته فالبصريون يمْنَعُونَ هَذَا التَّرْكِيب أصلا لَا يرفع وَلَا ينصب لتقدم الضَّمِير على الظَّاهِر وَجوزهُ الْكسَائي على الْفَصْل وَيجْرِي مَا ذكر فِي بَاب ظن وَفِي ثَانِي وثالث بَاب أعلم وَلَو عطف على مَا بعده الضَّمِير بِالْوَاو فَإِن كرر تعين فِي الْمَعْطُوف الرّفْع إِن اخْتلفَا نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم وَهُوَ الْأَمِير وَأَجَازَ هِشَام نَصبه وَرفع الْمَعْطُوف

(1/279)


والمعطوف عَلَيْهِ إِن اتفقَا نَحْو إِن كَانَ زيد هُوَ الْمقبل وَهُوَ الْمُدبر وَأَجَازَ هِشَام وَالْفراء نصبهما فَإِن لم يُكَرر الضَّمِير جَازَ اتِّفَاقًا نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْمقبل وَالْمُدبر والعطف بِلَا وَلَكِن كالواو فِيمَا ذكر نَحْو كَمَا زيد هُوَ الْقَائِم لَا هُوَ الْقَاعِد أَو لَا الْقَاعِد وَمَا كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم لَكِن هُوَ الْقَاعِد أَو لَكِن هُوَ الْقَاعِد

(1/280)


الْعلم
ص الْعلم هُوَ مَا وضع لمُعين لَا يتَنَاوَل غَيره فَإِن كَانَ التعين ذهنا فَعلم الْجِنْس وَحكمه كمعرفة لفظا ونكرة معنى قيل ويرادفه اسْم الْجِنْس وَالأَصَح أَنه للماهية من حَيْثُ هِيَ أَو خَارِجا فالشخص ش الْعلم مَا وضع لمُعين لَا يتَنَاوَل غَيره فَخرج بالمعين النكرات وَبِمَا بعده سَائِر المعارف فَإِن الضَّمِير صَالح لكل مُتَكَلم ومخاطب وغائب وَلَيْسَ مَوْضُوعا لِأَن يسْتَعْمل فِي معِين خَاص بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره لَكِن إِذا اسْتعْمل صَار جزئيا وَلم يشركهُ أحد فِيمَا أسْند إِلَيْهِ وَاسم الْإِشَارَة صَالح لكل مشار إِلَيْهِ فَإِذا اسْتعْمل فِي وَاحِد لم يشركهُ فِيمَا أسْند إِلَيْهِ أحد وأل صَالِحَة لِأَن يعرف بهَا كل نكرَة فَإِذا اسْتعْملت فِي وَاحِد عَرفته وقصرته على شَيْء بِعَيْنِه وَهَذَا معنى قَوْلهم إِنَّهَا كليات وضعا جزئيات اسْتِعْمَالا ثمَّ التعين إِن كَانَ خارجيا بِأَن كَانَ الْمَوْضُوع لَهُ معينا فِي الْخَارِج كزيد فَهُوَ علم الشَّخْص وَإِن كَانَ ذهنيا بِأَن كَانَ الْمَوْضُوع لَهُ معينا فِي الذِّهْن أَي ملاحظ الْوُجُود فِيهِ كأسامة علم للسبع أَي لماهيته الْحَاضِرَة فِي الذِّهْن فَهُوَ علم الْجِنْس وَأما اسْم الْجِنْس فَهُوَ مَا وضع للماهية من حَيْثُ هِيَ أَي من غير أَن تعين فِي الْخَارِج أَو الذِّهْن كالأسد اسْم السَّبع أَي لماهيته هَذَا تَحْرِير الْفرق بَينهمَا فَإِنَّهُمَا ملتبسان لصدق كل مِنْهُمَا على كل فَرد من أَفْرَاد الْجِنْس وَلِهَذَا ذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَأَن علم الْجِنْس نكرَة حَقِيقَة أَو إِطْلَاق الْمعرفَة عَلَيْهِ مجَاز ورد باختلافهما فِي الْأَحْكَام اللفظية فَإِن الْعَرَب أجرت علم الْجِنْس كأسامة وثعالة مجْرى علم الشَّخْص فِي امْتنَاع دُخُول أل عَلَيْهِ وإضافته وَمنع الصّرْف مَعَ عِلّة أُخْرَى ونعته بالمعرفة ومجيئه مُبْتَدأ وَصَاحب حَال نَحْو أُسَامَة أجرأ من ثعالة وَهَذَا أُسَامَة مُقبلا وَأجْرِي اسْم الْجِنْس كأسد مجْرى النكرات وَذَلِكَ دَلِيل على افْتِرَاق مدلوليهما إِذْ لَو اتحدا معنى لما افْتَرقَا لفظا وَقد فرق بعض أهل الْمَعْقُول بِأَن أسدا إِذا وضع على شخص لَا يمْتَنع أَن يُوجد مِنْهُ أَمْثَال فَوضع على الشياع وَأُسَامَة وضع على معنى الأَسدِية المعقولة الَّتِي لَا

(1/281)


يُمكن أَن تُوجد خَارج الذِّهْن وَلَا يُمكن أَن يُوجد مِنْهَا اثْنَان فِي الذِّهْن ثمَّ صَار أُسَامَة يَقع على الْأَشْخَاص لوُجُود ذَلِك الْمَعْنى فِي الْأَشْخَاص وَقد بسطت كَلَام الْأَئِمَّة فِي الْفرق بَينهمَا فِي كتاب الْأَشْبَاه والنظائر النحوية فليطلب مِنْهُ ص فَمِنْهُ مُفْرد عري من إِضَافَة وَإسْنَاد ومزج ومضاف اسْم وكنية بدئت بأب أَو أم أَو ابْن أَو بنت ولقب أَفَادَ مدحا أَو ذما وَيُؤَخر عَن الِاسْم غَالِبا وَكَذَا عَن الكنية على الْمُخْتَار ثمَّ إِن أفردا دون أل أضيفا وَجوز الكوفية الإتباع وَإِلَّا أتبع أَو قطع ومزج فَإِن ختم بويه كسر وَقد يعرب مَمْنُوع الصّرْف وَقد يُضَاف وَإِلَّا أعرب مَمْنُوعًا مَفْتُوح آخر الأول غير الْيَاء والمنون ومضافا وَالأَصَح جَوَاز مَنعه حِينَئِذٍ وبنائه ش يَنْقَسِم علم الشَّخْص إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا مُفْرد وَهُوَ عري من إِضَافَة وَإسْنَاد ومزج كزيد الثَّانِي ذُو الْإِسْنَاد وَهُوَ المحكى من جملَة نَحْو برق نَحره وتأبط شرا وشاب قرناها وأشرت إِلَيْهِ بِقَوْلِي بعد ذَلِك ومنقول من جملَة وَسَيَأْتِي مَبْسُوطا فِي بَاب مُسْتَقل وَهُوَ بَاب التَّسْمِيَة آخر الْكتاب الْخَامِس الثَّالِث ذُو المزج وَهُوَ كل اسْمَيْنِ نزل ثَانِيهمَا منزلَة هَاء التَّأْنِيث وَهُوَ نَوْعَانِ مختوم بويه كسيبويه ونفطويه وَفِيه لُغَات الفصحى بِنَاؤُه على الْكسر تَغْلِيبًا لجَانب الصَّوْت ويليها الْإِعْرَاب مَمْنُوع الصّرْف وَغير مختوم بويه كمعدي كرب وبعلبك فَفِيهِ ثَلَاث لُغَات الفصحى إعرابه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف على الْجُزْء الثَّانِي وَيفتح آخر الأول للتركيب مَا لم يكن يَاء كمعدي كرب فيسكن أَو منونا ويليها إِضَافَة صَدره إِلَى عَجزه فيخفض وَيجْرِي الأول بِوُجُوه الْإِعْرَاب إِلَّا أَنه لَا تظهر الفتحة فِي المعتل حَالَة نَصبه كَمَا تقدم وَقد يمْنَع الْعَجز من الصّرْف حَالَة الْإِضَافَة أَيْضا فِي لُغَة حَكَاهَا فِي التسهيل فَيفتح نَحْو هَذَا معدي كرب على جعله مؤنثا وَالثَّالِثَة بِنَاؤُه على الْفَتْح فِي الجزأين مَا لم يعتل الأول فيسكن كخمسة عشر وَهَذِه اللُّغَة أنكرها بَعضهم وَقد نقلهَا الْأَثْبَات الرَّابِع ذُو الْإِضَافَة وَهُوَ اسْم وكنية فَالْأول كَعبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَالثَّانِي مَا صدر بأب كَأبي بكر أَو أم كَأُمّ كُلْثُوم وَزَاد الرضي أَو بِابْن أَو بنت كَابْن آوى وَبنت وردان

(1/282)


وَمن الْعلم اللقب وَهُوَ مَا أشعر بمدح الْمُسَمّى كزين العابدين أَو ذمه كأنف النَّاقة وينطق بِهِ مُفردا وَمَعَ الِاسْم وَمَعَ الكنية فَإِذا كَانَ مَعَ الِاسْم فالغالب أَن يتَأَخَّر وَعلله ابْن مَالك بِأَنَّهُ فِي الْغَالِب مَنْقُول من اسْم غير إِنْسَان كبطة وَقْفَة فَلَو قدم توهم السَّامع أَن المُرَاد مُسَمَّاهُ الْأَصْلِيّ وَذَلِكَ مَأْمُون بتأخره فَلم يعدل عَنهُ وَعلله غَيره بِأَنَّهُ أشهر من الِاسْم لِأَن فِيهِ العلمية مَعَ شَيْء من معنى النَّعْت فَلَو أَتَى بِهِ أَولا لأغني عَن الِاسْم وندر قَوْله 190 -
(بِأَن ذَا الْكَلْب عَمْراً خيرَهُم حَسَباً ... )

(1/283)


وَإِن كَانَ مَعَ الكنية فَالَّذِي ذَكرُوهُ جَوَاز تقدمه عَلَيْهَا وتقدمها عَلَيْهِ وَمُقْتَضى تَعْلِيل ابْن مَالك امْتنَاع تَقْدِيمه عَلَيْهَا وَهُوَ الْمُخْتَار نعم لَا تَرْتِيب بَين الِاسْم والكنية قَالَ ابْن الصَّائِغ وَالْأولَى تَقْدِيم غير الْأَشْهر مِنْهُمَا ثمَّ إِذا تَأَخّر اللقب عَن الِاسْم فَإِن كَانَا مفردين أضيف إِلَى الِاسْم اللقب نَحْو جَاءَ سعيد كرز على تَأْوِيل الأول بِالْمُسَمّى وَالثَّانِي بِالِاسْمِ تخلصا من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه وَجوز الْكُوفِيُّونَ فِيهِ الإتباع على الْبَدَل أَو عطف الْبَيَان وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لِأَن الْإِضَافَة فِي مثل ذَلِك خلاف الأَصْل فَإِن كَانَ فِي الأول أل فَلَيْسَ إِلَّا الإتباع وفَاقا نَحْو الْحَارِث كرز ذكره أَبُو حَيَّان وَغَيره وَإِن لم يَكُونَا مفردين بِأَن كَانَا مضافين نَحْو عبد الله زين العابدين أَو الأول مُفردا وَالثَّانِي مُضَافا نَحْو سعيد زين العابدين أَو عَكسه نَحْو عبد الله بطة امْتنعت الْإِضَافَة وَتعين الإتباع بَدَلا أَو بَيَانا أَو الْقطع إِلَى الرّفْع بإضمار هُوَ أَو إِلَى النصب بإضمار أَعنِي ص ومنقول من جملَة وَسَيَأْتِي ومصدر وَعين وَصفَة وماض ومضارع وَأمر قيل وَصَوت وَهُوَ مقيس وشاذ بفك أَو فتح أَو إعلال مَا اسْتحق خِلَافه وضدها ومرتجل لم يسْتَعْمل قبل أَو جهل أَو لم يقْصد بِهِ النَّقْل أَقْوَال وَقيل كلهَا منقولة وَقيل مرتجلة وَغَيرهمَا وَقيل لَيْسَ علما مَا غلب بِإِضَافَة أَو أل وتحذف فِي نِدَاء وَإِضَافَة حتما ودونهما نزرا كَانَ قَانِت ارتجالا أَو نقلا وَإِلَّا فَإِن لمح الأَصْل دخلت وَإِلَّا فَلَا لَا مَنْقُول من فعل اخْتِيَارا

(1/284)


ش يَنْقَسِم الْعلم إِلَى مَنْقُول ومرتجل وواسطة بَينهمَا لَا تُوصَف بِنَقْل وَلَا ارتجال هَذَا رَأْي الْأَكْثَرين وَذهب بَعضهم إِلَى أَن العلام كلهَا منقولة وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء مرتجل وَقَالَ إِن الْوَضع سبق وَوصل إِلَى الْمُسَمّى الأول وَعلم مَدْلُول تِلْكَ اللَّفْظَة فِي النكرات وسمى بهَا وجهلنا نَحن أَصْلهَا فتوهمها من سمى بهَا من أجل ذَلِك مرتجلة وَذهب الزّجاج إِلَى أَنَّهَا كلهَا مرتجلة والمرتجل عِنْده مَا لم يقْصد فِي وَضعه النَّقْل من مَحل آخر إِلَى هَذَا وَلذَلِك لم تجْعَل أل فِي الْحَارِث زَائِدَة وعَلى هَذَا فَيكون موافقتها للنكرات بِالْعرضِ لَا بِالْقَصْدِ حكى هَذَا الْخلاف أَبُو حَيَّان وَقَالَ قبله الْمَنْقُول هُوَ الَّذِي يحفظ لَهُ أصل فِي النكرات والمرتجل هُوَ الَّذِي لَا يحفظ لَهُ أصل فِي النكرات وَقيل الْمَنْقُول هُوَ الَّذِي سبق لَهُ وضع فِي النكرات والمرتجل هُوَ الَّذِي لم يسْبق لَهُ وضع فِي النكرات فَحكى قَوْلَيْنِ وَيُؤْخَذ من تَقْرِيره لكَلَام الزّجاج قَول ثَالِث فِي حد المرتجل أَنه مَا لم يقْصد فِي وَضعه النَّقْل من مَحل آخر إِلَى هَذَا فَلذَلِك حكيت فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال وَعِنْدِي أَن الْخلاف الْمَذْكُور هَل كلهَا مرتجلة أَو منقولة أَو متبعضة وَالْخلاف الْمَذْكُور فِي حد الْمَنْقُول والمرتجل أَحدهمَا مَبْنِيّ على الآخر كَمَا بَينته فِي السلسلة ثمَّ قَالَ أَبُو حَيَّان يَنْقَسِم الْعلم إِلَى قسمَيْنِ مَنْقُول ومرتجل بِالنّظرِ إِلَى الْأَكْثَر وَإِلَّا فقد لَا يكون مَنْقُولًا وَلَا مرتجلا وَهُوَ الَّذِي علميته بالغلبة وَحَكَاهُ ابْن قَاسم بِصِيغَة قيل وَتلك عَادَته فِي أبحاث شَيْخه أبي حَيَّان فَظَاهره أَن ذَلِك من تفرداته ثمَّ الْمَنْقُول إِمَّا من جملَة وَسَتَأْتِي فِي بَاب التَّسْمِيَة أَو من مصدر كفضل وَزيد وَسعد أَو من اسْم عين كأسد وثور وذئب أَو من صفة اسْم فَاعل كحارث وطالب وَاسم مفعول كمضروب ومسعود أَو صفة مشبهة كحسن وَسَعِيد أَو صِيغَة مُبَالغَة كعباس أَو من فعل مَاض كشمر أَو من مضارع كيزيد وَأحمد وتغلب أَو من أَمر كاصمت اسْما لفلاة وَزعم بَعضهم أَنه قد ينْقل من صَوت كببة وَهُوَ صَوت كَانَت أمه ترقصه بِهِ تَقول

(1/285)


191 -
(لأُنكِحَنَّ بَبَّسهْ ... جاريَة خِدَبَّهْ)
فلقب بِهِ وَقَالَ ابْن خالويه ببة الْغُلَام السمين فالنقل من صفة لَا صَوت قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ الصَّحِيح ثمَّ الْمَنْقُول قِسْمَانِ قسم مقيس وَهُوَ مَا وَافق حكم نَظِيره من النكرات وشاذ وَهُوَ مَا خَالف إِمَّا بفك مَا اسْتحق الْإِدْغَام كمحبب فَإِنَّهُ مفعل من الْحبّ وَقِيَاسه محب بِالْإِدْغَامِ أَو بإدغام مَا استح الفك أَو بِفَتْح مَا اسْتحق الْكسر كموهب وَالْقِيَاس كسر الْهَاء لِأَن ذَلِك حكم مفعل مِمَّا فاؤه وَاو وعينه صَحِيحَة كموعد أَو بِكَسْر مَا اسْتحق الْفَتْح كمعدي من معدي كرب وَالْقِيَاس فتح الدَّال كمرمى أَو بإعلال مَا اسْتحق الصَّحِيح كداران وماهان وَالْقِيَاس دوران وموهان كالجولان والطوفان أَو بتصحيح مَا اسْتحق الإعلال كمدين وحيوة وَالْقِيَاس مدان

(1/286)


وحية بقلب الْوَاو يَاء وإدغامهما لاجتماعهما وَسُكُون السَّابِق وَمن أَمْثِلَة المرتجل سعاد وأدد وَأما ذُو الْغَلَبَة فَهُوَ كل اسْم اشْتهر بِهِ بعض مَا هُوَ لَهُ اشتهارا تَاما وَهُوَ ضَرْبَان مُضَاف كَابْن عمر وَابْن رألان فَكل وَاحِد من ولد عمر ورألان يُطلق عَلَيْهِ ابْن عمر وَابْن رألان إِلَّا أَن الِاسْتِعْمَال غلب على عبد الله وَجَابِر وَذُو أَدَاة كالأعشى والنابغة إِذْ غلبا عَلَيْهِ من بَين سَائِر ذِي عشا ونبوغ وَنَازع قوم فِي عده من أَقسَام الْعلم وَقَالُوا إِنَّه شبه الْعلم لَا علم وَصَححهُ ابْن عُصْفُور قَالَ لِأَن تَعْرِيفهَا لَيْسَ بِوَضْع اللَّفْظ على الْمُسَمّى بل بِالْإِضَافَة أَو أل ثمَّ أل فِيمَا غلب بهَا لَازِمَة وَيجب حذفهَا فِي النداء وَالْإِضَافَة كَحَدِيث يَا رَحْمَن ورحمن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقَوله 192 -
(يَا أقْرَع بنَ حَابِس يَا أقْرَاعُ ... )

(1/287)


وَقَوله 193 -
(أحقَّا أنَّ أخْطَلكُم هَجَانِي ... )
وَقل حذفهَا فِي غَيرهمَا كَقَوْلِه 194 -
(إِذا دبَرَانٌ مِنْك يَوْمًا لِقيتُهُ ... )
وَحكي هَذَا عيوق طالعا أما مَا غلب مَا بِالْإِضَافَة فَلَا يفصل مِنْهَا بِحَال قَالَ وَلَو قارنت اللَّام نقل علم كالنضر والنعمان أَو ارتجالة كاليسع والسموأل فَحكمهَا حكم مَا غلب بهَا من اللُّزُوم إِلَّا فِي النداء وَالْإِضَافَة قَالَ ابْن مَالك بل هَذَا النَّوْع أَحَق بِعَدَمِ التجرد لِأَن الأداة فِيهِ مَقْصُودَة فِي التَّسْمِيَة قصد همزَة أَحْمد وياء يشْكر وتاء تغلب بِخِلَافِهَا فِي الْأَعْشَى وَنَحْوه فَإِنَّهَا مزيدة للتعريف ثمَّ عرض بعد زيادتها شهرة وَغَلَبَة اغتنى بهَا إِلَّا أَن الْغَلَبَة مسبوقة بوجودها فَلم تنْزع وَلَو لم يقارن الأداة النَّقْل بِأَن نقل من مُجَرّد لَكِن الْمَنْقُول مِنْهُ صَالح لَهَا كالمصدر وَالصّفة وَاسم الْعين نظر فَإِن لمح فِيهَا الأَصْل دخلت الأداة فَيُقَال الْفضل والْحَارث وَاللَّيْث وَإِن لم يلمح

(1/288)


استديم التجرد فَإِن لم يكن الْمَنْقُول صَالحا للأداة كالفعل وكيزيد ويشكر لم تدخل إِلَّا فِي ضَرُورَة ص وَقد يُنكر الْعلم تَحْقِيق أَو تَقْديرا ومسماه أولو الْعلم وَمَا يحْتَاج لتعيينه من المألوفات وأنواع معَان وأعيان لَا تؤلف غَالِبا وَمن النَّوْعَيْنِ مَا لَا يلْزم التَّعْرِيف وَمن الْأَعْلَام أَمْثِلَة الْوَزْن فَمَا فِيهِ مَانع آخر منع صرفه غير مُنكر إِلَّا ذَا وزن متناه أَو ألف تَأْنِيث فَإِن صلحت لإلحاق فَوَجْهَانِ وَمَا لَا فَلَا وَمَا حُكيَ بِهِ موزونه الْمَذْكُور أَو قرن بِمَا ينزل مَنْزِلَته فكهو على الْأَصَح وَكَذَا بعض الْأَعْدَاد الْمُطلقَة وَالْمُخْتَار صرفهَا مُطلقًا وَالأَصَح أَن أَسمَاء الْأَيَّام أَعْلَام ولامها للمح وكنوا عَن اسْم الْعَالم بفلان وفلانة وكنيته بِأبي فلَان وَأم فُلَانَة وَغَيره بِاللَّامِ وَجَاء فِي الحَدِيث بِدُونِهَا وَاسم الْجِنْس بِهن وهنة وهنت قيل وَالْعلم وَيعرف ويثنى وَيجمع ويصغر بهنية والْحَدِيث بَكَيْت وذيت مثلثا وذية وَكَذَا وَلَا يبطل التصغير العلمية وَقيل إِلَّا التَّرْخِيم ش فِيهِ مسَائِل الأولى قد يُنكر الْعلم تَحْقِيقا نَحْو رَأَيْت زيدا من الزيدين وَمَا من زيد كزيد ابْن ثَابت أَو تَقْديرا كَقَوْل أبي سُفْيَان لَا قُرَيْش بعد الْيَوْم وَقَول بعض الْعَرَب لَا بصرة لكم وَحِينَئِذٍ يثنى وَيجمع وتدخلة أل ويضاف الثَّانِيَة مسميات الْأَعْلَام أولو الْعلم من الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ كجبريل وَزيد والولهان وَمَا يحْتَاج إِلَى تَعْيِينه من المألوفات كالسور والكتب وَالْكَوَاكِب والأمكنة وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْإِبِل وَالْغنم وَالْكلاب وَالسِّلَاح والملابس كالبقرة والكامل وزحل وَمَكَّة وسكاب ودلدل ويعفور وشدقم وهيلة وواشق وَذي الفقار وأنواع معَان كبرة للمبرة وفجار للفجرة

(1/289)


ويسار للميسرة وخياب بن هياب للخسران وأنواع أَعْيَان لَا تؤلف غَالِبا كَأبي الْحَارِث وَأُسَامَة للأسد وَأبي جعدة وذؤالة للذئب وندر مجيئها لأعيان مألوفة كَأبي الدغفاء للأحمق وهيان بن بَيَان للْمَجْهُول شخصا ونسبا وقنور بن قنور لنَوْع العَبْد واقعدي وقومي لنَوْع الْأمة وَأبي المضاء لنَوْع الْفرس وَمن النوعي مَا لَا يلْزم التَّعْرِيف قَالَ ابْن مَالك لما كَانَ لهَذَا الصِّنْف من الْأَعْلَام خُصُوص من وَجه وشياع من وَجه جَازَ فِي بَعْضهَا أَن يسْتَعْمل تَارَة معرفَة فيعطي لَفظه مَا يعطاه المعارف الشخصية وَأَن يسْتَعْمل تَارَة نكرَة فَيعْطى لَفظه مَا يعطاه النكرات ونعني بالنوعي نَوْعي الْمعَانِي وَالطَّرِيق فِيهِ السماع فجَاء من ذَلِك فينة وبكرة وغدوة وَعَشِيَّة تَقول فلَان يأتينا فينة بِلَا تَنْوِين أَي الْحِين دون الْحِين وفينة بِالتَّنْوِينِ أَي حينا دون حِين وَكَذَلِكَ يتعهدنا غدْوَة وبكرة وَعَشِيَّة بِلَا تَنْوِين إِذا قصدت الْأَوْقَات الْمعبر عَنْهَا بِهَذِهِ الْأَسْمَاء وبالتنوين أَي بكرَة من الْبكر وَالْمرَاد وَاحِد وَإِن اخْتلف التقديران وَلم يسمع ذَلِك فِي نَوْعي الْأَعْيَان بل مَا جَاءَ مِنْهُ مُلْتَزم تَعْرِيفه كأسامة وذؤالة انْتهى قلت وَمن أَمْثِلَة فينة حَدِيث لِلْمُؤمنِ ذَنْب يعتاده الفينة بعد الفينة فَأدْخل عَلَيْهِ اللَّام وَذَلِكَ فرع التنكير الثَّالِثَة من الْأَعْلَام الْأَمْثِلَة الْمَوْزُون بهَا لِأَنَّهَا دَالَّة على المُرَاد دلَالَة متضمنة الْإِشَارَة إِلَى حُرُوفه وهيئته وَلذَلِك تقع النكرَة بعْدهَا حَالا وتوصف بالمعرفة كَقَوْلِنَا لَا ينْصَرف فعل المعدول وَيصرف فعل غير معدول ثمَّ هِيَ أَرْبَعَة أَقسَام قسم ينْصَرف معرفَة ونكرة نَحْو فَاعل إِذْ لَيْسَ فِيهِ سَبَب يمْنَع مَعَ العلمية وَقسم لَا ينْصَرف معرفَة وينصرف نكرَة وَهُوَ مَا كَانَ بتاء التَّأْنِيث كفعلة أَو على وزن الْفِعْل بِهِ أولى كأفعل أَو مزيدا آخِره ألف وَنون كفعلان أَو ألف إِلْحَاق مَقْصُورَة كفعنلى وزن حبنطى مِثَال تَعْرِيفهَا فعلة وزن جَفْنَة وَهَكَذَا وَمِثَال تنكيرها كل فعلة صَحِيح الْعين يجمع على فعلات وَهَكَذَا وَقسم لَا ينْصَرف مُطلقًا لَا معرفَة وَلَا نكرَة وَهُوَ مَا كَانَ على زنة مُنْتَهى التكسير كمفاعل ومفاعيل أَو ذَا ألف تَأْنِيث ممدودة أَو مَقْصُورَة كفعلاء وفعلى بِالضَّمِّ

(1/290)


وَقسم فِيهِ وَجْهَان وَهُوَ مَا آخِره ألف مَقْصُورَة صَالِحَة للتأنيث والإلحاق كفعلى بِفَتْح الْفَاء فِيهِ اعتباران إِن حكم بِكَوْن أَلفه للتأنيث امْتنع فِي الْحَالين وَإِن حكم بِكَوْنِهَا للإلحاق امْتنع فِي التَّعْرِيف وَانْصَرف فِي التنكير وَقَالَ الخضراوي اتّفق أَصْحَابنَا فِي أَمْثِلَة الأوزان أَنَّهَا إِن اسْتعْملت للأفعال خَاصَّة حكيت نَحْو ضرب وَزنه فعل وَانْطَلق وَزنه انفعل وَإِن اسْتعْملت للأسماء وَأُرِيد بهَا جنس مَا يُوزن فَحكمهَا حكم نَفسهَا فَهِيَ أَعْلَام فَإِن كَانَ فِيهَا مَا يمْنَع الصّرْف مَعَ العلمية لم ينْصَرف كَقَوْلِك فعلان لَا ينْصَرف وَافْعل لَا ينْصَرف وَإِن لم يرد بهَا ذَلِك وَأُرِيد حِكَايَة مَوْزُون مَذْكُور مَعهَا فَفِيهِ خلاف كَقَوْلِك ضاربة وَزنهَا فاعلة فَمنهمْ من لم يصرف هُنَا فاعلة لِأَن هَذِه الْأَمْثِلَة أَعْلَام فَهَذَا علم فِيهِ تَاء التَّأْنِيث وَمِنْهُم من قَالَ يحْكى بِهِ حَالَة موزونة وهم الْأَكْثَر فَيصْرف هُنَا فاعلة وَإِذا قَالَ عَائِشَة وَزنهَا فاعلة منع من الصّرْف إِذْ لَا حِكَايَة توجب تنوينه وَإِن قرن مِثَال بِمَا نزل منزلَة الْمَوْزُون فَحكمه حكم مَا نزل مَنْزِلَته من الصِّفَات مِثَاله هَذَا رجل أفعل حكمه حكم أسود لِأَنَّك تنزله مَنْزِلَته فَامْتنعَ صرفه هَذَا رَأْي سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَخَالف الْمَازِني وَقَالَ يَنْبَغِي صرفه لِأَن أفعل هُنَا مِثَال للوصف وَلَيْسَ بِوَصْف أَلا ترى أَنه يجب صرفه فِي قَوْلنَا كل أفعل إِذا كَانَ صفة فَإِنَّهُ لَا ينْصَرف ورد بِأَنَّهُ من اللَّفْظ صفة فِي الْمَقِيس دون الْمَقِيس عَلَيْهِ والمرعي حكمه فِي اللَّفْظ الرَّابِع من الْأَعْلَام أَيْضا بعض الْأَعْدَاد الْمُطلقَة وَهِي الَّتِي لم تقيد بمعدود مَذْكُور وَلَا مَحْذُوف إِنَّمَا تدل على مُجَرّد الْعدَد وَإِنَّمَا كَانَت أعلاما لِأَن كلا مِنْهَا يدل على حَقِيقَة مُعينَة دلَالَة خَالِيَة من الشّركَة متضمنة الْإِشَارَة إِلَى مَا ارتسم بِهِ فَإِذا انضاف إِلَى العلمية سَبَب آخر امْتنع الصّرْف نَحْو سِتَّة ضعف ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة نصف ثَمَانِيَة هَذَا رَأْي الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن الخباز وَابْن مَالك وَنقل أَبُو حَيَّان عَن بعض الشُّيُوخ أَنه يصرفهَا وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي قَالَ ابْن مَالك وَلَو عومل بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة كل عدد مُطلق لصَحَّ يَعْنِي أَن يَجْعَل علما قَالَ وَلَو عومل بذلك غير الْعدَد من أَسمَاء الْمَقَادِير لم يجز لِأَن الِاخْتِلَاف فِي حقائقها وَاقع بِخِلَاف الْعدَد فَإِن حقائقه لَا تخْتَلف ونعني بالاختلاف أَن الرطل والقدح مثلا يخْتَلف باخْتلَاف الْمَوَاضِع

(1/291)


الْخَامِسَة مَذْهَب الْجُمْهُور أَن أَسمَاء الْأَيَّام أَعْلَام توهمت فِيهَا الصّفة فَدخلت عَلَيْهَا (أل) الَّتِي للمح كالحارث وَالْعَبَّاس ثمَّ غلبت فَصَارَت كالدبران فالسبت مُشْتَقّ من معنى الْقطع وَالْجُمُعَة من الِاجْتِمَاع وباقيها من الْوَاحِد وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَخَالف الْمبرد فَقَالَ إِنَّهَا غير أَعْلَام ولامتها للتعريف فَإِذا زَالَت صَارَت نكرات السَّادِسَة كنت الْعَرَب عَن علم الْمُذكر الْعَاقِل نَحْو زيد بفلان وَعَن كنيته بِأبي فلَان أَو ابْن فلَان وَعَن علم الْمُؤَنَّث الْعَاقِل نَحْو هِنْد بفلانة وَعَن كنيتها بِأم فلَان أَو أم فُلَانَة وَفُلَان وفلانة علمَان لَا يثنيان وَلَا يجمعان وَأَمرهمَا غَرِيب فِي لحاق التَّاء للمؤنث وَهُوَ علم وَإِنَّمَا تلْحق للْفرق بَين الصِّفَات وَالدَّلِيل على أَنه علم منع مؤنثه من الصّرْف فِي قَوْله: 195 -
(فلانةُ أضحت خلَّةً لِفُلان ... )
وكنوا عَن علم مَا لَا يعقل لفُلَان فِي الْمُذكر والفلانة فِي الْمُؤَنَّث فزادوا (أل) فرقا بَين الْعَاقِل وَغَيره وَفِي (تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات) للنووي أَنه وَقع فِي الحَدِيث بِغَيْر لَام فِيمَا لَا يعقل أخرجه ابْن حبَان والبيقهي وَأَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ((مَاتَت شَاة لسودة فَقَالَت يَا رَسُول الله مَاتَت فُلَانَة تَعْنِي: الشَّاة)) الحَدِيث وكنوا عَن اسْم جنس غير الْعلم ب (هن) فِي الْمُذكر و (هنَة) بِفَتْح النُّون و (هنت) بسكونها فِي الْمُؤَنَّث وَلَا يكنى بِهِ عَن علم عَاقل أَو غَيره كأسامة قَالَه الشلوبين والخضراوي وَابْن مَالك وَغَيرهم وَقَالَ أَبُو عَمْرو يكنى بِهِ عَن علم مَا لَا يعقل وَقَالَ بَعضهم يكنى بِهِ عَن علم الْعَاقِل أَيْضا كَقَوْلِه: 196 -
(الله أَعْطَاك فضلا من عَطيَّتِهِ ... على هَن وَهن فِيمَا مضى وَهَن)

(1/292)


يُخَاطب حسن بن زيد وكنى عَن أَوْلَاده عبد الله وَحسن وَإِبْرَاهِيم وَقَالَ ابْن بَقِي يُقَال فِي الْعَاقِل هنت وصلا وهنه وَقفا وَفِي غَيرهم هنه وصلا ووقفا فرقا بَينهمَا وَقَالَ فِي النِّهَايَة هن وهنة كِنَايَة عَن نكرَة عَاقل وَغير عَاقل ويصغران ويثنيان ويجمعان تَقول عِنْدِي هنيَّة أَي جوَيْرِية وهني أَي غليم وَعِنْده هنوات زَاد غَيره ويعرفان بِاللَّامِ فَيُقَال الهن والهنة قَالَ بَعضهم فلَان وفلانة وَهن وهنة أَعْلَام كنى بهَا عِنْد النسْيَان أَو قصد الْإِبْهَام وَلما كَانَ الْغَرَض من الْكِنَايَة السّتْر كثرت الْكِنَايَة عَن الْفرج بِهن وَعَن فعل الْجِمَاع بهنيت وَكَذَا عَن مقدماته وكنوا عَن الحَدِيث الَّذِي يُرَاد إبهامه وَعَن أَحَادِيث مَجْمُوعَة غير مَعْلُومَة عِنْد الْمُخَاطب بَكَيْت وذيت بِفَتْح التَّاء فيهمَا وَكسرهَا وَضمّهَا وبذية بتَشْديد الْيَاء وَالْفَتْح وَكَذَا ثمَّ كَذَا تذكر مكررة وَيُقَال كَيْت وَكَيْت وذيت وذيت وَكَيْت كَيْت وذيت ذيت مكررا بعطف ودونه السَّابِعَة التصغير لَا يبطل العلمية وَقيل يُبْطِلهَا تَصْغِير التَّرْخِيم ورده ابْن جني بقوله 197 -
(وَكَانَ حُرَيْثٌ فِي عطائيَ جَامِدا ... )
يُرِيد الْحَارِث بن وَعلة فَلَو كن مُنْكرا لأدخل أل

(1/293)


اسْم الْإِشَارَة
ص اسْم الْإِشَارَة كَذَا وَذَاكَ وَذَلِكَ لمفرد ذكر وَذي وتي وتا وذه وذه وته وته وذهي وتهي وَذَات وتيك وتيك وذيك ومنعها ثَعْلَب وَتلك وَتلك وتالك لأنثاه وذان وتان وذين وتين وذانك وتانك وذينك وتينك وتزاد يَاء إبدالا من تَشْدِيد النُّون لمثناهما وأولاء مدا وقصرا وَقد ينون وَيضم وتشبع همزته وَيُقَال هلاء وَهولا وأولاك وَيُقَال ألاك وَأُولَئِكَ وأولالك لجمعهما وَالْمَشْهُور أَن الْمُجَرّد للقريب وَذَا الْكَاف للمتوسط وَاللَّام للبعيد وَاخْتلف فِي أُولَئِكَ والبعيد فِي الْمثنى بِالتَّشْدِيدِ أَو بدله وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك أَن غير الْمُجَرّد للبعيد وعزي لسيبويه وَقيل ترك اللَّام تميمي وَألف ذَا قَالَ البصرية منقلبة عَن يَاء أَو وَاو قَولَانِ ووزنه فعل وَقيل فعل والكوفية زَائِدَة وَالْمُخْتَار وفَاقا للسيرافي أصل وَقد يُقَال ذاء وذائه وذائه وذاؤه وَوزن أولى فعل وأولاء فعال وَقيل فعل وألفها عَن يَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْمُخْتَار وفَاق للمبرد أصل ش اسْم الْإِشَارَة كَمَا قَالَ ابْن أم قَاسم فِي شرح التسهيل مَحْصُور بالعد فاستغنى عَن الْحَد كَمَا تقدم فِي الضَّمِير فيشار للمفرد الْمُذكر بذا وَذَاكَ وَذَلِكَ وَاخْتلف البصريون فِي ألف ذَا بعد اتِّفَاقهم على أَنَّهَا منقلبة عَن أصل فَقَالَ بَعضهم هِيَ منقلبة عَن يَاء لقَولهم فِي التصغير ذيا ولإمالتها فالعين وَاللَّام المحذوفة ياءان وَهُوَ ثلاثي الْوَضع فِي الأَصْل وَقَالَ بَعضهم عَن وَاو وجعلوه من بَاب طويت وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَوَافَقَهُمْ السُّهيْلي هِيَ زَائِدَة لسقوطها فِي التَّثْنِيَة ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة الْقَائِمَة بِنَفسِهَا مَا هُوَ على حرف وَاحِد وَأما حذفهَا فِي التَّثْنِيَة فلالتقاء الساكنين وَقد عوض مِنْهَا تَشْدِيد النُّون قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى أَن ذَا ثنائي الْوَضع نَحْو مَا وَأَن الْألف أصل بِنَفسِهَا غير منقلبة عَن شَيْء إِذْ أصل الْأَسْمَاء المبنية أَن تُوضَع على حرف أَو

(1/294)


حرفين لَكَانَ مذهبا جيدا سهلا قَلِيل الدَّعْوَى قَالَ ثمَّ رَأَيْت هَذَا الْمَذْهَب للسيرافي والخشني وَنَقله عَن قوم وَاخْتلف أَيْضا فِي وزن ذَا فَالْأَصَحّ أَنه فعل بتحريك الْعين لِأَن الانقلاب عَن المتحرك أولى وَقيل فعل بسكونها لِأَنَّهُ الأَصْل وَقد يُقَال فِي الْإِشَارَة إِلَى الْمُفْرد الْمُذكر ذاء بِهَمْزَة مَكْسُورَة بعد الْألف وذائه بِهَمْزَة وهاء مَكْسُورَة قَالَ 198 -
(هَذَائِهِ الدَّفْترُ خيرُ دَفتَر ... )
ويشار إِلَى الْمُفْرد الْمُؤَنَّث بِعشْرَة أَلْفَاظ وَهِي ذِي وَمَا بعْدهَا وَالْهَاء فِي ذه وته مَكْسُورَة باختلاس وساكنة وَذَات مَبْنِيَّة على الضَّم وتزاد تيك بِكَسْر التَّاء وتيك بِفَتْحِهَا وذيك وأنكرها ثَعْلَب وَتلك بِكَسْر التَّاء وَتلك بِفَتْحِهَا حَكَاهُمَا هِشَام وتيلك بِكَسْر اللَّام وَالتَّاء وتالك بِكَسْر اللَّام حَكَاهُمَا الْفراء وَأنْشد قَوْله 199 -
(بأيّةِ تِيلك الدِّمَن الخَوَالِي ... )
وَقَوله 200 -
(وأنَّ لتالِكَ الغُمَر انْقِشاعَا ... )

(1/295)


وللمثنى الْمُذكر ذان وذانك فِي الرّفْع وذين وذينك فِي النصب والجر وللمثنى الْمُؤَنَّث تان وتانك وتين وتينك وَقد يُقَال فِي الْمُذكر ذانيك وذينيك وَفِي الْمُؤَنَّث تانيك وتينيك وَذَلِكَ على لُغَة من شدد النُّون بإبدال إِحْدَى النونين يَاء ولجمع الْمُذكر والمؤنث مَعًا اولاء وألاك بِالتَّشْدِيدِ وَأُولَئِكَ وأولالك بِالْقصرِ وأولاء بِالْمدِّ فِي لُغَة الْحجاز وَالْقصر فِي لُغَة تَمِيم وَوزن الْمَمْدُود عِنْد الْمبرد والفارسي فعال كغثاء وَعند أبي إِسْحَاق فعل كهدى زيد فِي آخِره ألف فَانْقَلَبت الثَّانِيَة همزَة وَوزن الْمَقْصُورَة فعل اتِّفَاقًا وألفها أصل عِنْد الْمبرد لعدم التَّمَكُّن ومنقلبة عَن يَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ لإمالتها وتنوينها لُغَة حَكَاهَا قطرب فَيُقَال أولاء قَالَ ابْن مَالك وَتَسْمِيَة هَذَا تنوينا مجَاز لِأَنَّهُ غير مُنَاسِب لواجد من أَقسَام التَّنْوِين والجيد أَن يُقَال إِن صَاحب هَذِه اللُّغَة زَاد نونا بعد هَذِه الْهمزَة كنون ضيفن وَبِنَاء آخِره على الضَّم لُغَة حَكَاهَا قطرب وَكَذَا إشباع الْهمزَة أَوله فِي أولاء وَأُولَئِكَ حَكَاهُمَا قطرب وَكَذَا إِبْدَال أَوله هَاء مَضْمُومَة حَكَاهَا أَبُو عَليّ وَيُقَال أَيْضا هولا بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْوَاو فِي لُغَة حَكَاهَا الشلوبين إِذا عرفت ذَلِك فَلَا خلاف أَن الْمُجَرّد من الْكَاف وَاللَّام للقريب ثمَّ اخْتلف فَقيل مَا فِيهِ الْكَاف وَحدهَا أَو مَعَ اللَّام كِلَاهُمَا للبعيد وَلَيْسَ للْإِشَارَة سوى مرتبتين وَهَذَا مَا صَححهُ ابْن مَالك وَقَالَ إِنَّه الظَّاهِر من كَلَام الْمُتَقَدِّمين وَنسبه الصفار إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَاحْتج لَهُ ابْن مَالك بِأَن الْمشَار شَبيه بالمنادى والنحويون مجمعون على أَن المنادى لَيْسَ لَهُ إِلَّا مرتبتان فلحق بنظيره وَبِأَن الْفراء نقل أَن بني تَمِيم لَيْسَ من لغتهم اسْتِعْمَال اللَّام مَعَ الْكَاف والحجازيين لَيْسَ من لغتهم اسْتِعْمَال الْكَاف بِلَا لَام فَلَزِمَ من هَذَا أَن اسْم الْإِشَارَة على اللغتين لَيْسَ لَهُ إِلَّا مرتبتان وَبِأَن الْقُرْآن لم يرد فِيهِ الْمُجَرّد من اللَّام دون الْكَاف فَلَو كَانَ لَهُ مرتبَة أُخْرَى لَكَانَ الْقُرْآن غير جَامع لوجوه الْإِشَارَة فَإِنَّهُ لَو كَانَت الْمَرَاتِب ثَلَاثَة لم يكتف فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع بلفظين وَهِي وُجُوه حَسَنَة إِلَّا أَن دَعْوَى الْإِجْمَاع فِي الأول مَرْدُودَة

(1/296)


وَذهب أَكثر النَّحْوِيين إِلَى أَن الْإِشَارَة ثَلَاث مَرَاتِب قربي وَلها الْمُجَرّد ووسطى وَلها ذُو الْكَاف وبعدى وَلها ذُو الْكَاف وَاللَّام وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَاخْتلف على هَذَا فِي مرتبَة مرتبَة أُولَئِكَ بِالْمدِّ فَقيل هَؤُلَاءِ وسطى كأولاك وَقيل للبعدى كأولالك قَالَ أَبُو حَيَّان ويستدل للْأولِ بقوله 201 -
(يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاَنًا شدَنَّ لنا ... من هَؤُلَيّائِكُنّ الضّال والسّمُر)
لِأَن هَاء التَّثْنِيَة لَا تصْحَب ذَا الْبعيد وَمن الشواهد على أولالك قَوْله 202 -
(أُولالِك قومِي لم يَكُونُوا أُشابةً ... )
وَمن شَوَاهِد أولاك قَوْله 203 -
(من بَيْن أُلاَك إِلَى أُلاّكَا ... )

(1/297)


والمثنى توسطه بتَخْفِيف النُّون وَبعده بتشديدها أَو الْيَاء المبدلة مِنْهُ جَوَازًا مَعَ الْألف ولزوما مَعَ الْيَاء عِنْد الْبَصرِيين لمنعهم التَّشْدِيد مَعهَا قَالَ أَبُو حَيَّان ص وتصحب هَا التَّنْبِيه الْمُجَرّد وتقل مَعَ الْكَاف وتمنع مَعَ اللَّام قَالَ ابْن مَالك والمثنى وَالْجمع وَخَالف أَبُو حَيَّان وَقيل تلْزم تي الْهَاء وَالْكَاف وتفصل بِأَنا وَإِخْوَته وَقل بغَيْرهَا خلافًا للزجاج وَقد تُعَاد بعده توكيدا وأباه أَبُو حَيَّان وَالْمَعْرُوف فِي الْمُؤَنَّث هَا هِيَ ذه مُفْردَة وَحكى هُوَ ذه وَهُوَ ذَا وَالْكَاف حرف خطاب تبين أَحْوَاله كالاسمية وَقد يُغني لَك ذَلِك عَن ذَلِكُم قَالَ ابْن مَالك وإشباع ضم الْكَاف عَن الْمِيم وَقد يقْتَصر على الْكَاف مُطلقًا وتتصل بأرأيت بِمَعْنى أَخْبرنِي فَلَا يلْحق تاءه الْعَلامَة اسْتغْنَاء بهَا بِخِلَاف العلمية وَالْفَاعِل التَّاء وَقيل الْكَاف وَقيل محلهَا نصب وبحيهل والنجاء ورويد وَقل ببلى وكلا وَأبْصر وَلَيْسَ وَنعم وَبئسَ وحسبت وَقد يَنُوب ذُو الْبعد عَن غَيره وَعَكسه لضعة أَو رفْعَة وَنَحْو ذَلِك ويتعاقبان وَمنعه السُّهيْلي ش فِيهِ مسَائِل الأولى تصْحَب هَا التَّنْبِيه الْمُجَرّد من الْكَاف كثيرا نَحْو هَذَا وهذي والمقترن بِالْكَاف دون اللَّام قَلِيلا كَقَوْلِه 204 -
(وَلَا أهل هذاك الطّرافِ المُمَدّدِ ... )
وَقَوله 205 -
(قد احتَمَلَتْ ميٌّ فهاتِيكَ دارُها ... )

(1/298)


وَلَا تدخل مَعَ اللَّام بِحَال فَلَا يُقَال هَذَا لَك وَعلله ابْن مَالك بِأَن الْعَرَب كرهت كَثْرَة الزَّوَائِد وَقَالَ غَيره هَا تَنْبِيه وَاللَّام تَثْنِيَة فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ السُّهيْلي اللَّام تدل على بعد الْمشَار إِلَيْهِ وَأكْثر مَا يُقَال للْغَائِب وَمَا لَيْسَ بِحَضْرَة الْمُخَاطب وَهَا تَنْبِيه للمخاطب لينْظر وَإِنَّمَا ينظر إِلَى مَا بِحَضْرَتِهِ لَا إِلَى مَا غَابَ عَن نظره فَلذَلِك لم يجتمعا قَالَ ابْن مَالك وَلَا يدْخل على المقرون بِالْكَاف فِي الْمثنى وَالْجمع فَلَا يُقَال هذانك وَلَا هؤلئك قَالَ لن واحدهما ذَاك وَذَلِكَ فَحمل على ذَلِك مثناه وَجمعه لِأَنَّهُمَا فرعاه وَحمل عَلَيْهِمَا مثنى ذَلِك وَجمعه لتساويهما لفظا وَمعنى قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا بِنَاء على مَا اخْتَارَهُ من أَنه لَيْسَ للمشار إِلَيْهِ إِلَّا مرتبتان وَقد ورد السماع بِخِلَاف مَا قَالَ فِي قَوْله 206 -
(من هَؤُليّائكن الضال والسَّمُر ... )
وَهُوَ تَصْغِير هؤلائكن وَزعم ابْن يسعون أَن تي فِي الْمُؤَنَّث لَا تسْتَعْمل إِلَّا بهاء فِي أَولهَا وبالكاف فِي آخرهَا الثَّانِيَة تفصل هَا التَّنْبِيه من اسْم الْإِشَارَة بِأَنا وأخواته من ضمائر الرّفْع الْمُنْفَصِلَة كثير نَحْو هَا أَنا ذَا وَهَا نَحن أولاء قَالَ تَعَالَى {هأنتم أولآء} آل عمرَان 119 وَبِغير الضمائر الْمَذْكُورَة قَلِيلا كَقَوْلِه 207 -
(تَعَلَّمَنْ هَا لَعَمْرُ الله ذَا قَسَمًا ... )

(1/299)


وَقَوله 208 -
(فَقلت لَهُم هَذَا لَهَا هَا وذَا لِيَا ... )
ففصل الْوَاو وَقد تُعَاد هَا بعد الْفَصْل توكيدا ذكره ابْن مَالك وَمثله بقوله تَعَالَى {هأنتم هؤلآء} آل عمرَان 66 قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مُخَالف لظَاهِر كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ جعل هَا السَّابِقَة فِي الْآيَة فِي منزلتها للتّنْبِيه الْمُجَرّد غير مصحوبة لاسم الْإِشَارَة لَا أَنَّهَا مُقَدّمَة على الضَّمِير من الْإِشَارَة الثَّالِثَة لَا خلاف بَين النَّحْوِيين أَن كَاف الْخطاب المصاحبة لأسماء الْإِشَارَة حرف يبين أَحْوَال الْمُخَاطب من إِفْرَاد وتثنية وَجمع وتذكير وتأنيث فَيَنْصَرِف كالاسمية بِالْفَتْح وَالْكَسْر ولحوق الْمِيم وَالْألف وَالنُّون نَحْو ذَلِك ذلكما ذَلِكُم ذلكن وَذَاكَ ذَاك ذاكما ذاكم ذاكن وَقد يكْتَفى فِي خطاب الْجمع الْمُذكر بكاف الْخطاب مَفْتُوحَة كَمَا يُخَاطب الْمُفْرد الْمُذكر قَالَ تَعَالَى {فَمَا جَزَاء من يفعل ذَلِك مِنْكُم} الْبَقَرَة 85 و {ذَلِك خير لكم} المجادلة 12 وَذكر ابْن الباذش لإفراد الْكَاف إِذا خُوطِبَ بِهِ جمَاعَة تأويلين أَحدهمَا أَن يقبل بِالْخِطَابِ على وَاحِد من الْجَمَاعَة لجلالته وَالْمرَاد لَهُ وَلَهُم وَالثَّانِي أَن يُخَاطب الْكل وَيقدر اسْم مُفْرد من أَسمَاء الجموع يَقع على الْجَمَاعَة تَقْدِيره ذَلِك يوعظ بِهِ يَا فريق وَيَا جمع وَنَحْو ذَلِك

(1/300)


قَالَ ابْن مَالك وَقد يَسْتَغْنِي عَن الْمِيم فِي الْجمع بإشباع ضمة الْكَاف كَقَوْلِه 209 -
(وإنّما الهالِكُ ثمَّ التالك ... ذُو حَيْرَة ضَاقَتْ بِهِ المسالِكُ)

(كَيفَ يكون النَّوْكُ إلاّ ذَلِكُ ... )
أَرَادَ ذَلِكُم فَحذف الْمِيم وَاسْتغْنى بإشباع ضمة الْكَاف وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا دَلِيل فِي الْبَيْت لِأَنَّهُ يتزن بالإسكان وَإِن صحت الرِّوَايَة بالضمة فَهُوَ من تَغْيِير الْحَرَكَة لأجل القافية على حد قَوْله 210 -
(سأترُكُ منزلى لبنى تَمِيم ... وألحقُ بالحجاز فَأسْتَريحا)

(1/301)


فَلَا حجَّة فِيهِ وَفِي الْكَاف لُغَة أُخْرَى وَهِي الِاقْتِصَار عَلَيْهَا بِكُل حَال من غير إِلْحَاق عَلامَة تَثْنِيَة وَلَا جمع تركا لَهَا على أصل الْخطاب ثمَّ مِنْهُم من يفتحها مَعَ الْمُذكر ويكسرها مَعَ الْمُؤَنَّث وَمِنْهُم من يفتحها مَعَهُمَا الرَّابِعَة تتصل هَذِه الْكَاف أَعنِي الحرفية بأرأيت بِمَعْنى أَخْبرنِي نَحْو أرأيتك يَا زيد عمرا مَا صنع وأرأيتك يَا هِنْد وأرأيتكما وأرأيتكم أَو أرأيتكن فَتبقى التَّاء مُفْردَة دَائِما ويغني لحاق عَلَامَات الْفُرُوع بِالْكَاف عَن لحوقها بِالتَّاءِ وفيهَا حِينَئِذٍ مَذَاهِب أَحدهَا أَن الْفَاعِل هُوَ التَّاء وَالْكَاف حرف خطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَعَلِيهِ البصريون الثَّانِي أَن التَّاء حرف خطاب وَلَيْسَت باسم وَإِلَّا لطابقت وَالْكَاف هِيَ الْفَاعِل للمطابقة وَعَلِيهِ الْفراء ورد بِأَن الْكَاف يسْتَغْنى عَنْهَا بِخِلَاف التَّاء فَكَانَت أولى بالفاعلية وَبِأَن التَّاء مَحْكُوم بفاعليتها فِي غير هَذَا الْفِعْل بِإِجْمَاع وَلم يعْهَد ذَلِك فِي الْكَاف الثَّالِث أَن الْكَاف فِي مَوضِع نصب وَعَلِيهِ الْكسَائي ورد بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون الْمَفْعُول الأول وَمَا بعده هُوَ الثَّانِي فِي الْمَعْنى وَأَنت إِذا قلت أرأيتك زيدا مَا فعل لم تكن الْكَاف بِمَعْنى زيد فَعلم أَنه لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَأَن زيدا هُوَ الْمَفْعُول الأول وَمَا بعده الْمَفْعُول الثَّانِي فَإِن قيل لم لم يكن من قبيل مَا يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة فَيكون الأول غير الثَّانِي أجَاب أَبُو عَليّ بِأَنَّهَا لم تتعد إِلَى ثَلَاثَة فِي غير هَذَا الْموضع وَلَو كَانَت من هَذَا الْبَاب لتعدت إِلَيْهَا أما أَرَأَيْت العلمية وهمزتها للاستفهام فَإِن الْكَاف اللاحقة لَهَا ضمير مَنْصُوب يُطَابق فِيهِ التَّاء نَحْو أرأيتك ذَاهِبًا وأرأيتك ذَاهِبَة وأرأيتماكما ذَاهِبين وأرأيتموكم ذَاهِبين وأرأيتن كن ذاهبات لِأَن ذَلِك جَائِز فِي أَفعَال الْقُلُوب الْخَامِسَة تتصل الْكَاف الحرفية أَيْضا كثيرا بحيهل والنجاء ورويد وَهِي أَسمَاء أَفعَال نَحْو حيهلك أَي ائْتِ والنجاك أَي أسْرع ورويدك أَي مهل

(1/302)


وقليلا ببلى وَمَا ذكر بعده نَحْو بلاك وكلاك وأبصرك زيدا تُرِيدُ أبْصر زيدا ولسك زيد قَائِما قَالَ 211 -
(ألَسْتكَ جاعِلِي كابنيْ جُعَيْل ... )
ونعمك الرجل زيد وبئسك الرجل عَمْرو وحسبتك عمرا قَائِما قَالَ 212 -
(وحِنْتَ ومَا حسبتُكَ أنْ تَحينا ... )
خرجه أَبُو عَليّ عَلَيْهِ إِذْ لَا يخبر بِأَن وَالْفِعْل عَن اسْم عين السَّادِسَة قد يَنُوب ذُو الْبعد عَن ذِي الْقرب وَذُو الْقرب عَن ذِي الْبعد إِمَّا لرفعة الْمشَار إِلَيْهِ والمشير نَحْو {ذَلِك الْكتاب} الْبَقَرَة 2 {ذَلِكُم الله رَبِّي} الشورى 10 {فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} يُوسُف 32 {إِن هَذَا القرءان يهدي} الْإِسْرَاء 9 أوضعتهما نَحْو ذَلِك اللعين فعل {أَهَذا الَّذِي يذكر} الْأَنْبِيَاء 36 {فَذَلِك الَّذِي يدع الْيَتِيم} الماعون 2 أَو نَحْو ذَلِك قَالَ فِي التسهيل كحكاية الْحَال نَحْو {كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من عَطاء رَبك} الْإِسْرَاء 20 {هَذَا من شيعته وَهَذَا من عدوه} الْقَصَص 15 زَاد أهل الْبَيَان وكالتنبيه بعد ذكر الْمشَار إِلَيْهِ بأوصاف قبله على أَنه جدير بِمَا يرد بعده من أجلهَا نَحْو {أُولَئِكَ على هدى} الْبَقَرَة 5 الْآيَة وَقَوْلِي ويتعاقبان هُوَ مَذْهَب الْجِرْجَانِيّ وَابْن مَالك وَطَائِفَة أَن ذَلِك قد يشار بهَا للقريب بِمَعْنى هَذَا وَهَذَا قد يشار بهَا للبعيد بِمَعْنى ذَلِك قَالَ تَعَالَى {ذَلِك نتلوه عَلَيْك من الْآيَات} آل عمرَان 58 ثمَّ قَالَ {إِن هَذَا لَهو الْقَصَص} آل عمرَان 62 وَقَالَ الشَّاعِر

(1/303)


213 -
(تأمّل خفَافًا إنّني أَنا ذلكا ... )
أَي هَذَا ورده السُّهيْلي قَالَ إِن ذَلِك من النِّيَابَة السَّابِقَة لَا التَّعَاقُب ص ويشار للمكان ب هُنَا لَازم الظَّرْفِيَّة ويجر بِمن وَإِلَى ويلحقه لواحق ذَا لَكِن لَا تتصرف كافه وكهنالك ثمَّ وَقيل تَجِيء مَفْعُولا بِهِ وَهنا وَهنا وَقد يصحبها الْكَاف وَهَا وَيُقَال هنه وثمه وَقفا وهنت وَقد يشار بهناك وهنالك وَهنا لزمان وَقَالَ الْمفضل هُنَاكَ للمكان وهنالك للزمان ش يشار للمكان الْقَرِيب بهنا وَهُوَ لَازم الظَّرْفِيَّة فَلَا يَقع فَاعِلا وَلَا مَفْعُولا بِهِ وَلَا مُبْتَدأ ويجر بِبَعْض الْحُرُوف كَمَا هُوَ شَأْن لَازم الظَّرْفِيَّة فيجر بِمن وَإِلَى نَحْو تعال من هُنَا إِلَى هُنَا وتلحق لواحق ذَا وَهُوَ الْكَاف وَحدهَا فِي التَّوَسُّط أَو الْبعد على الْقَوْلَيْنِ وَالْكَاف مَعَ اللَّام فِي الْبعد وَتدْخل هَا التَّنْبِيه فِي هُنَا بِكَثْرَة وَهُنَاكَ بقلة وَلَا تدخل فِي هُنَالك نعم تلْزم كَافَّة حَالَة وَاحِدَة وَلَا تتصرف تصرف كَاف ذَا ويشار للمكان الْبعيد فَقَط بثم مَفْتُوحَة الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَهِي كهنا فِي لُزُوم الظَّرْفِيَّة والجر بِمن وَإِلَى وَقيل إِنَّهَا تقع مَفْعُولا بِهِ وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت} الْإِنْسَان 20 ورد بِأَن الْمَفْعُول مَحْذُوف اختصارا أَي الْمَوْعُود بِهِ أَو اقتصارا أَي وَقعت مِنْك رُؤْيَة ويشار للبعيد أَيْضا بهنا بِكَسْر الْهَاء وَهنا بِفَتْحِهَا وَالنُّون مُشَدّدَة فيهمَا قَالَ 214 -
(كأنَّ وَرْسًا خَالَط الْيَرَنَّا ... خَالَطَهُ من هَاهُنَا وهَنّا)
وَقد تصحبها الْكَاف دون اللَّام فَيُقَال هُنَاكَ وَهُنَاكَ وَقد تصحبها هَا التَّنْبِيه فَيُقَال هَا هُنَا

(1/304)


وَيُقَال فِي هُنَا المخففة هنة فِي الْوَقْف قَالَ 215 -
(قد أقْبَلَتْ من أمِكنَهْ ... من هَاهُنَا وَمن هُنَهْ)
وَيُقَال أَيْضا فِي ثمَّ فِي الْوَقْف ثمه وَقد يُقَال فِي هُنَا الْمُشَدّدَة هنت مشددا سَاكن التَّاء قَالَ 216 -
(وَذكرهَا هنّتْ ولاتَ هنَتِ ... )
وَقد يشار بهنا وهنالك وَهنا الْمُشَدّدَة للزمان كَقَوْلِه تَعَالَى {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} الْأَحْزَاب 11 أَي فِي ذَلِك الزَّمَان لقَوْله قبل {إِذْ جآءوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} الْأَحْزَاب 10 وَقَوله {هُنَالك تبلوا كل نفس مآ أسلفت} يُونُس 30 وَقَول الأفوه 217 -
(وَإِذا الْأُمُور تعاظمت وتَشَابَهَتْ ... فهناك يَعْتَرفُونَ أَيْن المفزعُ)
وَقَول الآخر 218 -
(حنَّت نوار ولات هَنَّا حَنَّتِ ... )
أَي وَلَا حنت فِي هَذَا الْوَقْت وَذهب الْمفضل إِلَى أَن هُنَاكَ للمكان وهنالك للزمان

(1/305)


أَدَاة التَّعْرِيف
ص أَدَاة التَّعْرِيف قَالَ الْخَلِيل وَابْن كيسَان وَابْن مَالك أل فالهمزة قطع وَقيل وصل وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ قَالَ أَبُو حَيَّان وَجَمِيع النُّحَاة اللَّام وتخلفها أم وَقيل فِيمَا لَا يدغم فِيهِ ش النُّكْتَة الَّتِي لأَجلهَا قدمت هَذَا الْبَاب على الْمَوْصُول تَأتي ختم الْمُقدمَات بالخاتمة الْمُشْتَملَة على مَعَاني من وَمَا وَأي الْخَارِجَة عَن الموصولية فَإِن ذكرهَا عقب الْموصل على سَبِيل التذييل مُنَاسِب وَكَونهَا مُفْردَة بخاتمة أنسب وَفِيه تَوْفِيَة بعادتي فِي هَذَا الْكتاب وَهُوَ ختم كل كتاب من الْكتب السَّبْعَة بخاتمة كَمَا صنع ابْن السُّبْكِيّ فِي جمع الْجَوَامِع الْأَصْلِيّ إِلَى أَن ختم الْكتاب السَّابِع بخاتمة فِي الْخط كَمَا ختم هُوَ الْكتاب السَّابِع بخاتمة فِي التصوف وانضم إِلَى مَا صَنعته هُنَا مناسبتان الأولى أَن هَذَا الْبَاب مُخْتَصر وَبَاب الْمَوْصُول يَسْتَدْعِي أحكاما طَوِيلَة وَمن عَادَة المصنفين تَقْدِيم مَا هُوَ الأخصر وَتَأْخِير مَا يَسْتَدْعِي فروعا واستطرادات الثَّانِيَة أَنه قد تقدم حِكَايَة قَول أَن تَعْرِيف الْمَوْصُول بأل ونيتها فَكَانَت لذَلِك كالأصل لَهُ فَنَاسَبَ تَقْدِيم ذكرهَا عَلَيْهِ وَقد قدم ابْن مَالك فِي التسهيل بَاب الْمَوْصُول على بَاب الْإِشَارَة مَعَ أَنه عِنْد مُؤخر عَنهُ فِي الرُّتْبَة وَلَيْسَ لما صنعه وَجه من الْمُنَاسبَة أعلم أَن فِي أَدَاة التَّعْرِيف مذهبين أَحدهمَا أَنَّهَا أل بجملتها وَعَلِيهِ الْخَلِيل وَابْن كيسَان وَصَححهُ ابْن مَالك فهى حرف ثنائي الْوَضع بِمَنْزِلَة قد وَهل قَالَ ابْن جني وَكَانَ الْخَلِيل يسميها أل وَلمن يكن يسميها الْألف وَاللَّام كَمَا لَا يُقَال فِي قد الْقَاف وَالدَّال ثمَّ اخْتلف على هَذَا هَل الْهمزَة قطع أَو وصل على قَوْلَيْنِ وَالْمذهب الثَّانِي أَنَّهَا اللَّام فَقَط والهمزة وصل اجتلبت للابتداء بالساكن

(1/306)


وَفتحت على خلاف سَائِر همزات الْوَصْل تَخْفِيفًا لِكَثْرَة دورها وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن جَمِيع النَّحْوِيين إِلَّا ابْن كيسَان وَعَزاهُ صَاحب الْبَسِيط إِلَى الْمُحَقِّقين وَالْفرق بَين المذهبين على القَوْل الأول بِأَن الْهمزَة وصل أَن الْمَوْضُوع للتعريف على هَذَا اللَّام وَحدهَا ثمَّ اجتلبت همزَة الْوَصْل ليمكن النُّطْق بالساكن وعَلى ذَاك هِيَ مُعْتَد بهَا فِي الْوَضع كهمزة اسْتمع وَنَحْوه وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي قَوْلك قَامَ الْقَوْم فعلى الأولى حذفت الْهمزَة لتحرك مَا قبلهَا وعَلى الثَّانِي لم يكن ثمَّ همزَة الْبَتَّةَ وَلم يُؤْت بهَا لعدم الْحَاجة إِلَيْهَا وَرجح مَذْهَب الْخَلِيل لسلامته من وُجُوه كَثِيرَة مُخَالفَة للْأَصْل وموجبة لعدم النظير مِنْهَا وضع كلمة مُسْتَحقَّة للتصدير على حرف وَاحِد سَاكن وافتتاح حرف بِهَمْزَة وصل وَلَا نَظِير لَهما وَبِأَن الْعَرَب تقف عَلَيْهَا تَقول أَلِي ثمَّ تتذكر فَتَقول الرجل كَمَا تَقول قدي ثمَّ تَقول قد فعل وَقَالَ الشَّاعِر 219 -
(دع ذَا وعجِّل ذَا وألْحِق ذَا بذَلْ ... بالشحم إنّا قد مَلِلْناه بَجَلْ)
وَلَا يُوقف إِلَّا مَا كَانَ على حرفين وَاسْتدلَّ للْمَذْهَب الثَّانِي بِحَذْف الْهمزَة وصلا وَأجِيب بِأَنَّهَا وصلت تَخْفِيفًا وَبِأَن الْعَامِل يتخطاها وَلَو كَانَت فِي الأَصْل كقد كَانَت فِي تَقْدِير الِانْفِصَال وَلم يتخطها وَأجِيب بِأَن تَقْدِير الِانْفِصَال لَا يَتَرَتَّب على كَثْرَة الْحُرُوف بل على إِفَادَة معنى زَائِد على معنى المصحوب وَلَو كَانَ الْمشعر بِهِ حرفا وَاحِدًا كهمزة الِاسْتِفْهَام

(1/307)


وَعدم الِانْفِصَال يرتب على إِفَادَة معنى ممازج لِمَعْنى المصحوب كسوف وَبِأَن التنكير مَدْلُول عَلَيْهِ بِحرف وَاحِد وَهُوَ التَّنْوِين فَوَجَبَ كَون التَّعْرِيف كَذَلِك لِأَن الشَّيْء يحمل على ضِدّه كَمَا يحمل على نَظِيره وَأجِيب بِأَنَّهُ غير لَازم بل الِاخْتِلَاف بهَا أولى وَإِن سلم فشرطه تعذر الْحمل على النظير قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي شَيْئا وَلَا يَنْبَغِي أَن يتشاغل بِهِ وَقد تخلفها أم فِي لُغَة عزيت لطييء وحمير قَالَ ابْن مَالك لما كَانَت اللَّام تُدْغَم فِي أَرْبَعَة عشر حرفا فَيصير الْمُعَرّف بهَا كَأَنَّهُ من المضاعف الْعين الَّذِي فاؤه همزَة جعل أهل الْيمن وَمن داناهم بدلهَا ميما لِأَن الْمِيم لَا تُدْغَم إِلَّا فِي مِيم قَالَ بَعضهم إِن هَذِه اللُّغَة مُخْتَصَّة بالأسماء الَّتِي لَا تُدْغَم لَام التَّعْرِيف فِي أَولهَا نَحْو غُلَام وَكتاب بِخِلَاف رجل وناس قَالَ ابْن هِشَام وَلَعَلَّ ذَلِك لُغَة لبَعْضهِم لَا لجميعهم بِدَلِيل دُخُولهَا على النَّوْعَيْنِ فِي قَوْله
لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر أخرجه أَحْمد وَقَول الشَّاعِر 220 -
(يَرْمِي ورائي بامْسَهمْ وَامْسَلِمَهْ ... )

(1/308)


ص فَإِن عهد مصحوبها بِحُضُور حسي أَو علمي فعهدية ويعرض فِيهَا الْغَلَبَة واللمح وَإِلَّا فجنسية فَإِن لم يخلفها كل فلتعريف الْمَاهِيّة أَو خلفهَا حَقِيقَة فللشمول فيستثنى من مدخولها وَقد ينعَت بِالْجمعِ ويضاف إِلَيْهِ أفعل أَو مجَازًا فلشمول خَصَائِصه مُبَالغَة قيل ويعرض فِيهَا الْحُضُور قيل وتختص الحضورية بتلو إِذا الفجائية وَالْإِشَارَة وَأي والزمن الْحَاضِر وَقيل للْحَقِيقَة فِيهَا وَزعم ابْن معزوز اخْتِصَاص اللَّام بالعهدية وَابْن بابشاذ العهدية بالأعيان والجنسية بالأذهان ش أل نَوْعَانِ عهدية وجنسية فَالْأولى مَا عهد مَدْلُول مصحوبها بِحُضُور حسي بِأَن تقدم ذكره لفظا فأعيد مصحوبا بأل نَحْو {أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول} المزمل 15 16 أَو كَانَ مشاهدا كَقَوْلِك القرطاس لمن سدد سَهْما أَو علمي بِأَن لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر وَلم يكن مشاهدا حَال الْخطاب نَحْو {إِذْ هما فِي الْغَار} التَّوْبَة 40 {إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} الْفَتْح 18 {إِذْ ناداه ربه بالواد الْمُقَدّس} النازعات 16 قَالَ أَبُو حَيَّان وَذكر أَصْحَابنَا أَنه يعرض فِي العهدية الْغَلَبَة ولمح الصّفة فالتي للغلبة كالبيت للكعبة والنجم للثريا دخلت لتعريف الْعَهْد ثمَّ حدثت الْغَلَبَة بعد ذَلِك وَالَّتِي للمح لم تدخل أَولا على الِاسْم للتعريف لِأَن الِاسْم علم فِي الأَصْل لَكِن لمح فِيهِ معنى الْوَصْف فَسقط تَعْرِيف العملية فِيهِ وَإِنَّمَا أَنْت تُرِيدُ شخصا مَعْلُوما فَلم يكن بُد من إِدْخَال أل العهدية عَلَيْهِ لذَلِك وَالثَّانيَِة إِمَّا لتعريف الْمَاهِيّة وَهِي الَّتِي لَا يخلفها كل لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا نَحْو {وَجَعَلنَا من المآء كل شَيْء حَيّ} الْأَنْبِيَاء 30 وقولك وَالله لَا أَتزوّج النِّسَاء وَلَا ألبس الثِّيَاب وَإِمَّا لاستغراق الْأَفْرَاد وَهِي الَّتِي تخلفها كل حَقِيقَة نَحْو (وَخلق الْإِنْسَان

(1/309)


ضَعِيفا} النِّسَاء 28 وعلامتها أَن يَصح الِاسْتِثْنَاء من مدخولها نَحْو {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين ءامنوا} الْعَصْر 2 3 وَصِحَّة نَعته بِالْجمعِ وَإِضَافَة أفعل إِلَيْهِ اعْتِبَارا لمعناه نَحْو {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا} النُّور 31 وَقَوْلهمْ أهلك النَّاس الدِّينَار الْحمر وَالدِّرْهَم الْبيض وَإِمَّا لاستغراق خَصَائِص الْأَفْرَاد مُبَالغَة فِي الْمَدْح أَو الذَّم وَهِي الَّتِي تخلفها كل مجَازًا نَحْو زيد الرجل علما أَي الْكَامِل فِي هَذِه الصّفة وَمِنْه {ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ} الْبَقَرَة 2 قَالَ الْجُزُولِيّ وَغَيره ويعرض فِي الجنسية الْحُضُور نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد إِذْ لَيْسَ بَيْنك وَبَين مخاطبك عهد فِي أَسد مَخْصُوص وَإِنَّمَا أردْت خرجت فَإِذا هَذِه الْحَقِيقَة فَدخلت أل لتعريف الْحَقِيقَة لِأَن حَقِيقَة الْأسد مَعْرُوفَة عِنْد النَّاس وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا تقع الحضورية إِلَّا بعد اسْم الْإِشَارَة نَحْو جَاءَنِي هَذَا الرجل وَأي فِي النداء نَحْو يَا أَيهَا الرجل وَإِذا الفجائية نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد أَو فِي اسْم الزَّمَان الْحَاضِر نَحْو الْآن والساعة وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَمَا عدا ذَلِك لَا تكون فِيهِ للحضور إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على ذَلِك وَقَالَ ابْن هِشَام فِيمَا ذكره ابْن عُصْفُور نظر لِأَنَّك تَقول لشاتم رجل بحضرتك لَا تَشْتُم الرجل فَهَذِهِ للحضور فِي غير مَا ذكر وَلِأَن الَّتِي بعد إِذا لَيست لتعريف شَيْء حَاضر حَالَة التَّكَلُّم فَلَا تشبه مَا الْكَلَام فِيهِ وَلِأَن الصَّحِيح فِي الدَّاخِلَة على الْآن أَنَّهَا زَائِدَة لَا معرفَة
وَمَا ذكر من تَقْسِيم أل إِلَى عهدية وجنسية هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَخَالف أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن معزوز فَذكر أَن أل لَا تكون إِلَّا عهدية فَإِذا قلت الدِّينَار خير من الدِّرْهَم فَمَعْنَاه هَذَا الَّذِي عهدته بقلبي على شكل كَذَا خير من الَّذِي عهدته على شكل كَذَا فَاللَّام للْعهد أبدا لَا تُفَارِقهُ وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا يبعد عِنْدِي أَن تسمي الْألف وَاللَّام اللَّتَان لتعريف الْجِنْس عهديتين لِأَن الْأَجْنَاس عِنْد الْعُقَلَاء مَعْلُومَة مذفهموها والعهد تقدم الْمعرفَة وَقَالَ ابْن بابشاذ العهدية بالأعيان والجنسية بالأذهان ص وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية نيابتها عَن الضَّمِير قَالَ ابْن مَالك لَا فِي الصِّلَة

(1/310)


ش اخْتلف فِي نِيَابَة أل عَن الضَّمِير الْمُضَاف إِلَيْهِ فَمَنعه أَكثر الْبَصرِيين وَجوزهُ الكوفية وَبَعض الْبَصرِيين وَكثير من الْمُتَأَخِّرين وَخَرجُوا عَلَيْهِ {فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى} النازعات 41 ومررت بِرَجُل حسن الْوَجْه والمانعون قدرُوا لَهُ وَمِنْه وَقيد ابْن مَالك الْجَوَاز بِغَيْر الصِّلَة وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي {وَعلم ءادم الأسمآء} الْبَقَرَة 31 إِن الأَصْل أَسمَاء المسميات فجوز إنابتها عَن الظَّاهِر وَقَالَ أَبُو شامة فِي قَوْله بدأت بِبسْم الله فِي النّظم إِن الأَصْل فِي نظمي فجوز إنابتها عَن ضمير الْمُتَكَلّم قَالَ ابْن هِشَام وَالْمَعْرُوف من كَلَامهم إِنَّمَا هُوَ التَّمْثِيل بضمير الْغَائِب ص وزيدت لَازِما فِي اليسع وَقيل للمح وَالَّذِي قيل والآن ونادرا فِي علم وَحَال وتمييز ومضافه قَالَ الْأَخْفَش ومررت بِالرجلِ مثلك وَخير مِنْك والخليل مَا بعده نعت لنيتها وَابْن مَالك بدل وَابْن هِشَام ك {الَّيْلِ نسلخ} يس 37 ش تقع أل زَائِدَة وَهِي نَوْعَانِ لَازِمَة وَهِي الَّتِي فِي الموصولات بِنَاء على أَن تَعْرِيفهَا بالصلة وَالَّتِي فِي اليسع وَقيل إِنَّهَا للمح وَالَّتِي فِي الْآن على أحد الْقَوْلَيْنِ فِيهِ وَغير لَازِمَة وَهِي نادرة كالداخلة على بعض الْأَعْلَام فِي قَوْله 221 -
(باعَدَ أُمَّ العَمْر مِن أسيرهَا ... )

(1/311)


وَالْأَحْوَال كَقَوْلِهِم ادخُلُوا الأول فَالْأول أَي أَولا فأولا وَقَوله 222 -
(دُمْتَ الحَمِيد فَمَا تنفكُّ منتصِراً ... )
أَي حميدا والتمييز فِي قَوْله 223 -
(وَطِبْتَ النَّفس يَا قيسُ عَن عَمْرو ... )

(1/312)


أَي نفسا والمضاف إِلَيْهِ التَّمْيِيز فِي قَوْله 224 -
(إِلَى رُدُح من الشِّيزَي مِلاَء ... لُبابَ البُرّ يُلْبَكْ بالشِّهَادِ)
وَاخْتلف فِي نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ مثلك وَخير مِنْك مِمَّا أتبع فِيهِ المقرون ب أل بهما فَقَالَ الْأَخْفَش إِنَّه نكرَة وأل فِيهِ زَائِدَة ليَصِح إتباعه بهما إِذْ ليسَا بمعرفتين وَقَالَ الْخَلِيل بل النَّعْت والمنعوت معرفتان على نِيَّة أل فِي النَّعْت وَإِن كَانَ موضعا لَا تدخله كَمَا نصب الْجَمَّاء الْغَفِير على نِيَّة إِلْغَاء أل وَقَالَ ابْن مَالك عِنْدِي أَن أسهل مِمَّا ذَهَبا إِلَيْهِ الحكم بالبدلية وَتَقْرِير الْمَتْبُوع وَالتَّابِع على ظاهرهما فَيكون بدل نكرَة من معرفَة ورده أَبُو حَيَّان بِأَن الْبَدَل بالمشتقات ضَعِيف وَذَلِكَ الَّذِي حمل الْأَخْفَش والخليل على مَا ذَهَبا إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن هِشَام ك {اللَّيْل نسلخ} يس 37

(1/313)


الْمَوْصُول
ص الْمَوْصُول مِنْهُ حرفي وَهُوَ مَا أول مَعَ صلته بمصدر وَهُوَ أَن وتوصل بِفعل متصرف وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِلَّا الْأَمر وكي وتوصل بمضارع مقرونة بلام التَّعْلِيل لفظا أَو تَقْديرا وَأَن وتوصل بمبتدأ وَخبر وَلَو التالية غَالِبا مفهم تمن أثبت مصدريتها الْفراء والفارسي والتبريزي وَأَبُو الْبَقَاء وَابْن مَالك وَمنعه الْجُمْهُور وَمَا وزعمها قوم اسْما ويوصلان بمتصرف غير أَمر وَالْأَكْثَر بماض وَجوز قوم وصل مَا بجملة اسمية وَثَالِثهَا إِن نابت عَن الظّرْف وَشرط قوم صِحَة الَّذِي محلهَا والسهيلي كَون وَصلهَا غير خَاص وتنوب عَن زمَان قيل وتشاركها أَن ش الْمَوْصُول قِسْمَانِ حرفي واسمي وَالثَّانِي هُوَ الْمَقْصُود بِالْبَابِ لِأَنَّهُ الْمعرفَة وَذكر الأول اسْتِطْرَادًا وبدئ بِهِ لِأَن الْكَلَام فِيهِ أخصر وَذَاكَ يستتبع أحكاما وفروعا كَثِيرَة وَضَابِط الْمَوْصُول الْحرفِي أَن يؤول مَعَ صلته بمصدر وَهُوَ خَمْسَة أحرف أَحدهَا أَن بِالْفَتْح والسكون وَهِي الناصبة للمضارع وتوصل بِالْفِعْلِ الْمُتَصَرف مَاضِيا كَانَ أم مضارعا أم أمرا نَحْو أعجبني أَن قُمْت وَأُرِيد أَن تقوم وكتبت إِلَيْهِ بِأَن قُم وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على وَصلهَا بِالْأَمر وَالدَّلِيل على أَنَّهَا مَصْدَرِيَّة دُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حَيَّان جَمِيع مَا استدلوا بِهِ على وَصلهَا بِفعل الْأَمر يحْتَمل أَن تكون التفسيرية وَلَا يقوى عِنْدِي وَصلهَا بِهِ لأمرين أَحدهمَا أَنَّهَا إِذا سبكت وَالْفِعْل بمصدر فَاتَ معنى الْأَمر الْمَطْلُوب وَالثَّانِي أَنه لَا يُوجد فِي كَلَامهم يُعجبنِي أَن قُم وَلَا أَحْبَبْت أَن قُم وَلَا يجوز ذَلِك وَلَو كَانَت توصل بِهِ لجَاز ذَلِك للماضي والمضارع انْتهى أما الجامد كعسي وهب وَتعلم فَلَا توصل بِهِ اتِّفَاقًا

(1/314)


الثَّانِي كي وتوصل بالمضارع ولكونها بِمَعْنى التَّعْلِيل لزم اقترانها بِاللَّامِ ظَاهِرَة أَو مقدرَة نَحْو جِئْت لكَي تكرمني أَو كي تكرمني الثَّالِث أَن بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد إِحْدَى أَخَوَات إِن وتوصل باسمها وخبرها نَحْو يُعجبنِي أَن زيدا قَائِم وَهَذِه الثَّلَاثَة مُتَّفق عَلَيْهَا الرَّابِع لَو التالية غَالِبا مفهم تمن وَاخْتلف فِيهَا فالجمهور أَنَّهَا لَا تكون مَصْدَرِيَّة بل تلازم التَّعْلِيق وَيُؤَيّد ذَلِك أَنه لم يسمع دُخُول حرف جر عَلَيْهَا وَذهب الْفراء والفارسي والتبريزي وَأَبُو الْبَقَاء وَابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا قد تكون مَصْدَرِيَّة فَلَا تحْتَاج إِلَى جَوَاب وَخَرجُوا على ذَلِك {يود أحدهم لَو يعمر} الْبَقَرَة 96 {ودوا لَو تدهن} الْقَلَم 9 ومفهم تمن يَشْمَل ود وَيَوَد أحب وأتمنى وأختار والمسموع ود وَيَوَد وَمن اسْتِعْمَالهَا دون مفهم تمن نَادرا 225 -
(مَا كَانَ ضرّك لَو مَنَنْتَ ... )

(1/315)


وَإِنَّمَا توصل بِفعل متصرف غير أَمر الْخَامِس مَا خلافًا لقوم مِنْهُم الْمبرد والمازني والسهيلي وَابْن السراج والأخفش فِي قَوْلهم إِنَّهَا اسْم مفتقرة إِلَى ضمير وَأَنَّك إِذْ قلت يُعجبنِي مَا قُمْت فتقديره الْقيام الَّذِي قمته وعَلى رَأْي الْجُمْهُور إِنَّمَا توصل بِفعل متصرف غير أَمر وَالْأَكْثَر كَونه مَاضِيا نَحْو {بِمَا رَحبَتْ} التَّوْبَة 25 وَمن الْمُضَارع {لما تصف أَلْسِنَتكُم} النَّحْل 116 أَي الْوَصْف وَجوز قوم مِنْهُم السيرافي والأعلم وَابْن خروف وَصلهَا بجملة اسمية كَقَوْلِه 226 -
(كَمَا دِماؤكُمُ تَشْفِي من الكَلَبِ ... )

(1/316)


وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَقَالُوا هِيَ فِي الْبَيْت كَافَّة وَقيل يجوز فِي حَال ينابتها عَن ظرف الزَّمَان وَسَيَأْتِي وَذكر فِي الْبَسِيط أَنَّهَا لَا تكون سابكة إِلَّا حَيْثُ يَصح حُلُول الْمَوْصُول محلهَا لِأَن الموصولة سابكة فِي الْمَعْنى لِأَنَّك تسبك بهَا الْجُمْلَة إِلَى الْوَصْف بالمفرد قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَردهُ قَوْله 227 -
(يَسُرُّ المرءَ مَا ذهب اللّيالي ... )
أَي ذهَاب اللَّيَالِي وَلَا يَصح فِيهِ الْوُصُول وَقَالَ السُّهيْلي إِن صلَة مَا لابد أَن يكون فعلا غير خَاص بل مُبْهما يحْتَمل التنويع نَحْو مَا صنعت وَلَا تَقول مَا جَلَست وَلَا مَا تجْلِس لِأَن الْجُلُوس نوع خَاص لَيْسَ مُبْهما فكأنك قلت يُعجبنِي الْجُلُوس الَّذِي جَلَست فَيكون آخر الْكَلَام مُفَسرًا لأوله رَافعا للإبهام فَلَا معنى حِينَئِذٍ لَهَا ورد بِالْبَيْتِ السَّابِق وتختص مَا بنيابتها عَن ظرف زمَان نَحْو {خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} هود 108 لَا أصحبهم مَا ذَر شارق أَي مُدَّة دوامها وَمُدَّة ذرور شارق وَمِنْه قَوْله 228 -
(وَلنْ يلبث الجُهُّالُ أَن يَتَهضَّمُوا ... أخَا الحِلْم مَا لم يَسْتَعِنْ بجَهُول)

(1/317)


وَقَوله 229 -
(أُطوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثمَّ آوي ... )

(1/318)


وَتسَمى ظرفية ووقتية وَذهب الزَّمَخْشَرِيّ إِلَى أَن أَن تشاركها فِي ذَلِك وَخرج عله {أَن ءاتاه الله الْملك} الْبَقَرَة 258 {إِلَّا أَن يصدقُوا} النِّسَاء 92 أَي وَقت أَن آتَاهُ وَحين أَن يصدقُوا قَالَ أَبُو حَيَّان وَأكْثر النُّحَاة لَا يعْرفُونَ ذَلِك وَلَا حجَّة فِيمَا ذكره لاحْتِمَال كَونهَا للتَّعْلِيل وَلم يقم دَلِيل على كَون أَن ظرفية مثل مَا ص واسمي وَهُوَ الَّذِي لذكر فَرد عَالم وَغَيره وَزعم يُونُس وَالْفراء وَابْن مَالك وُقُوعهَا مَصْدَرِيَّة وَالَّتِي لأنثاه وَالْأَصْل لذِي ولتي بِوَزْن فعل والكوفية الذَّال فَقَط سَاكِنة وَالْفراء ذَا وتي إِشَارَة والسهيلي ذُو صَاحب قيل وَقد تعرب ياؤهما قيل وتكسر وتشديدها كسرا وضما وحذفها سَاكِنا مَا قبلهَا أَو مكسورا لُغَات وَقيل ضَرُورَة واللذان واللذين واللتان واللتين للمثنى وَالَّذين جمع ذكر عَالم أَو شبهه وَإِعْرَابه لُغَة ويغني عَنهُ الَّذِي مضمنا معنى الْجَزَاء ودونه قَلِيل وَقيل هِيَ كمن وكالذين الألى وَقد تقع لمؤنث وَغير عَالم وتمد واللآء واللائين وَإِعْرَابه لُغَة وَجمع الَّتِي اللَّاتِي واللائي واللواتي وَبلا ياءات كسرا وسكونا واللا واللواء واللاءات مكسورا معربا وَذَوَات مضموما أَو معربا وَقيل اللائي لمذكر ومؤنث وَقيل الَّتِي فِي جمع غير عَالم أَكثر من اللَّاتِي وَلِذِي ولتي ولذان ولذين ولاتي لُغَة وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان ش الْمَوْصُول الاسمي مَحْصُور بالعد فَلم يحْتَج إِلَى حد فَمِنْهُ الَّذِي للمفرد الْمُذكر عَاقِلا كَانَ أَو غَيره وَالَّتِي للمفرد الْمُؤَنَّث كَذَلِك وأصلهما لذِي ولتي بِوَزْن فعل كعمي زيدت عَلَيْهِمَا أل زِيَادَة لَازِمَة أَو عرفا بهَا على الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ الِاسْم الذَّال فَقَط من الَّذِي سَاكِنة لسُقُوط الْيَاء فِي التَّثْنِيَة وَفِي الشّعْر وَلَو كَانَت أصلا لم تسْقط وَاللَّام زيدت ليمكن النُّطْق بِالذَّالِ سَاكِنة. . ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ من الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة مَا هُوَ على حرف وَاحِد

(1/319)


وَقَالَ الْفراء أصل الَّذِي ذَا الْمشَار بِهِ وَكَذَا أصل الَّتِى تى الْمشَار بهَا وَقَالَ السُّهيْلي أصل الذى ذُو بِمَعْنى صَاحب وَقد تقديرات حَتَّى صَارَت الَّذِي فِي غَايَة التعسف والاضمحلال وَفِي الَّذِي وَالَّتِي لُغَات إِثْبَات الْيَاء سَاكِنة وَهِي الأَصْل وتشديدها مَكْسُورَة قَالَ 230 -
(وَلَيْسَ المالُ فاعْلَمْه بِمَال ... وَإِن أَغْنَاك إِلَّا للّذيِّ)

(ينالُ بِهِ العَلاء ويَصْطَفِيه ... لأقْرَبِ أقربيه ولِلْقَصِىّ)
وَقَالَ أَبُو حَيَّان لم يحفظ التَّشْدِيد فِي الَّتِي وَإِنَّمَا ذكره ابْن مَالك تبعا للجزولي وَأكْثر أَصْحَابنَا وتشديدها مَضْمُومَة قَالَ 231 -
(أغْض مَا اسْطَعْتَ فالكريمُ الّذيُّ ... يألف الْحلم إنْ جَفَاهُ بَذِيُّ)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَام ابْن مَالك أَن الْكسر وَالضَّم مَعَ التَّشْدِيد بِنَاء وَبِه صرح بعض أَصْحَابنَا وَصرح أَيْضا مَعَ الْبناء بِجَوَاز الجري بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَعَلِيهِ اقْتصر الْجُزُولِيّ وَحذف الْيَاء وَإِسْكَان مَا قبلهَا قَالَ 232 -
(فَلَنْ لأرَ بَيْتا أحسن بَهْجَةً ... من اللَّذْ بِهِ من آل عزَّة عامِرُ)
وَقَالَ 233 -
(فَقل لِلّتْ تلومُكَ إنّ نَفسِي ... )

(1/320)


وحذفها وَكسر مَا قبلهَا قَالَ 234 -
(والّذِ لَو شاءَ لكَانَتْ بَرًّا ... )
وَقَالَ 235 -
(شُغِفَتْ بكَ اللّتِ تَيَّمتْكَ ... بكَ مَا بهَا من لَوْعَةٍ وغَرَام)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن ذهب إِلَى أَن مَا ذكر من التَّشْدِيد والحذف بِوَجْهَيْنِ خَاص بالشعر فمذهبه فَاسد لِأَن أَئِمَّة الْعَرَبيَّة نقلوها على أَنَّهَا لُغَات جَارِيَة فِي السعَة وَذهب يُونُس وَالْفراء وَابْن مَالك إِلَى أَن الَّذِي قد يَقع مَوْصُولا حرفيا فيؤول بِالْمَصْدَرِ وَخَرجُوا عَلَيْهِ {وخضتم كَالَّذي خَاضُوا} التَّوْبَة 69 أَي كخوضهم وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَأولُوا الْآيَة أَي كالجمع الَّذِي خَاضُوا وَمن الموصولات الاسمية اللَّذَان للمثنى الْمُذكر رفعا واللذين لَهُ جرا ونصبا واللتان واللتين للمثنى الْمُؤَنَّث وَالَّذين لجمع الْمُذكر بِالْيَاءِ فِي الْأَحْوَال كلهَا وَيخْتَص بالعاقل نَحْو {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} الْمُؤْمِنُونَ 2 وَمَا نزل مَنْزِلَته نَحْو {إِن الَّذين تدعون من دون الله عباد} الْأَعْرَاف نزل الْأَصْنَام لما عبدوها منزلَة من يعقل وَلذَا عَاد عَلَيْهَا ضمير الْعُقَلَاء فِي قَوْله بعد {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا} الْأَعْرَاف 195 وَإِعْرَابه لُغَة طييء وهذيل وَعقيل فَيُقَال فِي الرّفْع اللذون بِالْوَاو قَالَ 236 -
(نَحن اللّذون صبحوا الصّباحا ... )

(1/321)


وَيَقَع الَّذِي بِمَعْنى الَّذين مضمنا معنى الْجَزَاء بِكَثْرَة نَحْو {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ} الزمر 33 ودونه بقلة نَحْو {كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} الْبَقَرَة 17 بِدَلِيل {ذهب الله بنورهم} وَقيل إِن الَّذِي ك من يكون للْوَاحِد وللمثنى وَالْجمع بِلَفْظ وَاحِد وَعَلِيهِ الْأَخْفَش قَالَ 237 -
(أُولَئِكَ أشياخي الَّذِي تَعْرفونهم ... )
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسمع ذَلِك فِي الْمثنى وَمِنْهَا الألى بِوَزْن العلى وَالْمَشْهُور وُقُوعهَا بِمَعْنى الَّذين فَتكون للعقلاء المذكرين قَالَ

(1/322)


238 -
(رَأَيْت بني عمِّي الأُلَى يَخْذُلُونني ... )
وَقَالَ 239 -
(من الأُلَى يَحْشُرُهم فِي زُمْرتهْ ... )
وَقد يَقع للمؤنث وَمَا لَا يعقل قَالَ 240 -
(وتُبْلى الألى يَسْتَلْئِمُون على الألى ... تَراهُنّ يَوْم الرّوع كالحِدَإ القُبْل)
وَقد تمد قَالَ 241 -
(أبي اللَّهُ للشُّمِّ الأُلاء كَأنّهمْ ... )

(1/323)


وَمِنْهَا اللاء كَالَّذِين قَرَأَ ابْن مَسْعُود {واللاء آلوا من نِسَائِهِم} الْبَقَرَة 226 وَقَالَ 242 -
(فَمَا آبَاؤُنَا بأمَنَّ مِنْهُ ... علينا اللاء قد مَهَدُوا الحُجُورا)
واللائين قَالَ 243 -
(وإنّا مِنَ اللاَّئِين إنْ قدَرُوا عَفَوْا ... )
وتعرب فِي لُغَة كَالَّذِين قَالَ 244 -
(هُمُ الاّؤن فكّوا الغُلّ عَنِّي ... )

(1/324)


وَمِنْهَا لجمع الْمُؤَنَّث اللَّاتِي واللائي واللواتي وَبلا ياءات مَعَ كسر مَا قبلهَا وسكونه واللا واللوا بقصرهما واللاءات بِالْبِنَاءِ على الْكسر وبالإعراب كجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم وَذَوَات بِالْبِنَاءِ على الضَّم فِي لُغَة طَيئ وبالإعراب كجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم فِي لُغَة حَكَاهَا الْبَهَاء ابْن النّحاس وَمن شواهدها قَوْله تَعَالَى {والاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نسآئكم} النِّسَاء 15 {والآئي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم} الطَّلَاق 4 وَقُرِئَ {واللاي يئسن} الطَّلَاق 4 بِالْيَاءِ وَقَالَ الشَّاعِر 245 -
(وَكَانَت من اللاّ لَا يعيِّرها ابنُها ... )
وَقَالَ 246 -
(من اللِّوا شربن بالصِّرار ... )
وَقَالَ 247 -
(وأخدانُك اللاءات زُيِّنّ بالكَتَمْ ... )
وَقَالَ

(1/325)


248 -
(جمعتها من أيْنُق سوابق ... ذواتِ يَنْهَضْنَ بِغَيْر سائق)
وَحذف أل من الَّذِي وَالَّتِي واللذان واللذين واللاتي لُغَة حَكَاهَا ابْن مَالك وَقُرِئَ {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت} الْفَاتِحَة 7 قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُورد ابْن مَالك شَاهدا سوى هَذِه الْقِرَاءَة وَجوز الْبَاقِي قِيَاسا لَا سَمَاعا وَهِي من الشذوذ بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهَا ص وَبِمَعْنى الَّذِي وفروعه من وَمَا وَذُو الطائية وَذَات لمؤنث وَحكي إعرابهما وتثنيتهما وجمعهما وَذَا غير ملغاة بعد اسْتِفْهَام بِمَا وَكَذَا من خلافًا لِابْنِ الْأَنْبَارِي ومطلقا وَجَمِيع الإشارات عِنْد الكوفية وماذا مُجَردا من الِاسْتِفْهَام خلافًا لِابْنِ عُصْفُور وأل وزعمها الْمَازِني حرفا والأخفش معرفَة وَأي خلافًا لثعلب مُضَافا إِلَى معرفَة قيل ونكرة لفظا أَو نِيَّة وإلحاقها عَلامَة الْفُرُوع لُغَة وَأوجب الكوفية تَقْدِيم عاملها واستقباله وَثَالِثهَا إِن كَانَ فعلا وَجعلُوا من الْمَوْصُول كل معرف بأل وَإِضَافَة ش من الموصولات الاسمية مَا يسْتَعْمل للْوَاحِد والمثنى وَالْجمع مذكرا ومؤنثا بِلَفْظ وَاحِد وَهُوَ أَلْفَاظ من وَمَا وَسَيَأْتِي اعْتِبَار مَا يستعملان فِيهِ وَذُو فِي لُغَة طَيئ لَا يستعملها مَوْصُولا غَيرهم وَهِي مَبْنِيَّة على الْوَاو وَقد تعرب قَالَ 249 -
(فَإِن المَاء مَاء أَبى وجدي ... وبئري ذُو حفرت وَذُو طَوَيْتُ)
وَقَالَ 250 -
(فحسبيَ مِن ذُو عِنْدهم مَا كَفَانِيا ... )

(1/326)


ويروى من ذِي بالإعراب وَذَات عِنْدهم أَيْضا هِيَ خَاصَّة بالمؤنث مَبْنِيَّة على الضَّم حُكيَ بِالْفَضْلِ ذُو فَضلكُمْ الله بِهِ والكرامة ذَات أكْرمكُم الله بِهِ وَحكي إعرابها كجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم حُكيَ تَثْنِيَة ذُو وَذَات وجمعهما فَيُقَال فِي الرّفْع ذَوا وذواتا وذوو وَذَوَات وَفِي النصب والجر ذَوي وذواتي وَذَوي وَمِنْهَا ذَا بِشَرْطَيْنِ أَن تكون غير ملغاة وَالْمرَاد بالإلغاء أَن تركب مَعَ مَا فَتَصِير اسْما وَاحِدًا وَأَن تكون بعد اسْتِفْهَام بِمَا أَو من كَقَوْلِه تَعَالَى {يسئلونك مَاذَا يُنْفقُونَ} الْبَقَرَة 215 أَي مَا الَّذِي ينفقونه وَقَول الشَّاعِر 251 -
(قد قُلْتُها لِيُقَال مَنْ ذَا قَالَها ... )
وأصل ذَا الموصولة هِيَ الْمشَار بهَا جرد من معنى الْإِشَارَة وَاسْتعْمل مَوْصُولا بالشرطين الْمَذْكُورين قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا خلاف فِي جعلهَا مَوْصُولَة بعد مَا وَأما بعد من فَخَالف قوم لِأَن من تخص من يعقل فَلَيْسَ فِيهَا إِبْهَام كَمَا فِي مَا وَإِنَّمَا صَارَت بِالرَّدِّ إِلَى الِاسْتِفْهَام فِي غَايَة الْإِبْهَام فأخرجت ذَا من التَّخْصِيص إِلَى الْإِبْهَام وجذبتها إِلَى مَعْنَاهَا وَلَا كَذَلِك من لتخصيصها
وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ وُقُوع ذَا مَوْصُولَة وَإِن لم يتَقَدَّم عَلَيْهَا اسْتِفْهَام كَقَوْلِه 252 -
(نجوْتِ وَهَذَا تَحْملِين طَلِيقُ ... )

(1/327)


وَأجِيب بِأَن تحملين حَالا أَو خبر وطليق خبر ثَان وَعَن الْكُوفِيّين أَن أَسمَاء الْإِشَارَة كلهَا يجوز أَن تسْتَعْمل موصولات وَخَرجُوا عَلَيْهِ {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} طه 17 وَأجِيب بِأَن يَمِينك حَال من الْإِشَارَة وَخَرجُوا عَلَيْهِ أَيْضا {هأنتم هؤلآء حاججتم} آل عمرَان 66 أَي الَّذين حاججتم أما إِذا ركبت مَا مَعَ ذَا فصارا اسْما وَاحِدًا فَلهُ مَعْنيانِ أَحدهمَا وَهُوَ الْأَشْهر أَن يكون الْمَجْمُوع اسْم اسْتِفْهَام كَقَوْلِه 253 -
(يَا خُزْر تغلبَ مَاذَا بالُ نِسْوتِكُم ... لَا يَسْتَفِقن إِلَى الدَّيرين تَحْنانَا)
فَهَذَا لَا يَصح فِيهِ الموصولية وَكَذَلِكَ من ذَا كَقَوْلِه تَعَالَى (من ذَا الَّذِي يشفع

(1/328)


عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} الْبَقَرَة 255 وَالثَّانِي أَن يكون الْمَجْمُوع اسْما وَاحِدًا مَوْصُولا كَقَوْلِه 254 -
(دَعى مَاذَا عَلِمْتُ سَأتّقِيه ... وَلَكِن بالمُغيّب نَبِّئيِني)
أَي دعِي الَّذِي علمت قَالَ أَبُو حَيَّان واستعمالها على هَذَا الْوَجْه قَلِيل وَقيل خَاص بالشعر وَأنْكرهُ ابْن عُصْفُور أصلا وَتَأَول الْبَيْت على أَن مَا مُبْتَدأ وَذَا خَبره ودعي مُعَلّق بالاستفهام وَمِنْهَا أل فالجمهور أَنَّهَا تكون اسْما مَوْصُولا بِمَعْنى الَّذِي وفروعه وَذهب الْمَازِني وَمن وَافقه إِلَى أَنَّهَا مَوْصُول حرفي وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنَّهَا حرف تَعْرِيف وَلَيْسَت مَوْصُولَة واستدلا بتخطي الْعَامِل لَهَا ورد بِعُود الضَّمِير عَلَيْهَا فِي نَحْو قد أَفْلح المتقي ربه ورد الأول بِأَنَّهَا لَا تؤول بمصدر وَالثَّانِي بِدُخُولِهَا على الْفِعْل وَمِنْهَا أَي بِشَرْط إِضَافَته إِلَى معرفَة لفظا كَقَوْلِه 255 -
(فسلّم على أيُّهم أفضلُ ... )

(1/329)


أونية نَحْو يُعجبنِي أَي عنْدك وَأَجَازَ بَعضهم إضافتها إِلَى نكرَة نَحْو يُعجبنِي أَي رجل عنْدك وَأي رجلَيْنِ وَأي رجال وَأي امراة وَأي امْرَأتَيْنِ وَأي نسَاء وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ نكرَة والموصولات معارف وَلذَلِك امْتنع كَونهَا مَوْصُولَة فِي {أَي مُنْقَلب} الشُّعَرَاء 227 وَقد تلحقها عَلامَة الْفُرُوع فِي لُغَة حَكَاهَا ابْن كيسَان فَيُقَال أَيهمْ وأياهم وأييهم وأيوهم وأييهم وأيتهن وأيتاهن وأيتيهن وأياتهن وَمن شواهده قَوْله

(1/330)


256 -
(إِذا اشْتَبَه الرُّشدُ فى الحادثات ... فَارْضَ بأيّتها قد قُدِرْ)
والبصريون على أَنه لَا يلْزم عاملها وَلَا استقباله فَيجوز أحب أَيهمْ قَرَأَ ويعجبني أَيهمْ قَامَ وأوجبهما الْكُوفِيُّونَ وَقيل إِن كَانَ فعلا لم يجز كَونه مَاضِيا فَلَا يجوز يُعجبنِي أَيهمْ قَامَ لِأَنَّهَا وضعت على الْإِبْهَام والعموم والمضي يُخرجهَا على ذَلِك وَأنكر ثَعْلَب كَونهَا مَوْصُولا وَقَالَ لَا تكون إِلَّا استفهاما أَو جَزَاء وَهُوَ محجوج بِثُبُوت ذَلِك فِي لِسَان الْعَرَب بِنَقْل الثِّقَات وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن الْأَسْمَاء الْمعرفَة بأل يجوز أَن تسْتَعْمل مَوْصُولَة كَقَوْلِه 257 -
(لَعَمْري لأنتَ البيتُ أُكْرمُ أهلَهُ ... وأقْعُدُ فى أفْيائه بالأصائل)
فالبيت خبر أَنْت وَأكْرم صلَة للبيت كَأَنَّهُ قَالَ لأَنْت الَّذِي أكْرم أَهله وَزَعَمُوا أَيْضا أَن النكرَة إِذا أضيفت إِلَى معرفَة توصل وَخَرجُوا عَلَيْهِ قَوْله 258 -
(يَا دارَ ميّة بالعلياء فالسّند ... )
وَتقول هَذِه دَار زيد بِالْبَصْرَةِ فبالعلياء وبالبصرة صلَة دَار والبصريون منعُوا ذَلِك وَجعلُوا أكْرم خَبرا ثَانِيًا وبالعلياء حَالا ص مَسْأَلَة توصل أل بِصفة مَحْضَة وَفِي المشبهة خلاف وبمضارع اخْتِيَارا عِنْد ابْن مَالك وَقَالَ غير قَبِيح وبجملة اسمية وظرف ضَرُورَة ش توصل أل بِصفة مَحْضَة وَذَلِكَ اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول كالضارب والمضروب بِخِلَاف غير الْمَحْضَة كَالَّذي يُوصف بِهِ وَهُوَ غير مُشْتَقّ كأسد

(1/331)


وكالصفة الَّتِي غلبت عَلَيْهَا الاسمية كأبطح وأجرع وَصَاحب وراكب فأل فِي جَمِيع ذَلِك معرفَة وَفِي وَصلهَا بِالصّفةِ المشبهة قَولَانِ أَحدهمَا توصل بهَا نَحْو الْحسن وَبِه جزم ابْن مَالك وَالثَّانِي لَا وَبِه جزم فِي الْبَسِيط لِضعْفِهَا وقربها من الْأَسْمَاء وَرجحه ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي لِأَنَّهَا للثبوت فَلَا تؤول بِالْفِعْلِ قَالَ وَلذَلِك لَا توصل بأفعل التَّفْضِيل بِاتِّفَاق وَفِي وَصلهَا بِالْفِعْلِ الْمُضَارع قَولَانِ أَحدهمَا توصل بِهِ عَلَيْهِ ابْن مَالك لوروده فِي قَوْله 259 -
(مَا أَنْت بالحكم التُرْضى حُكُومَتُهُ ... )
وَقَوله 260 -
(مَا كاليَرُوحُ وَيَغْدُو لاهياً فَرحا ... )
وَقَوله 261 -
(إِلَى ربّه صوتُ الْحمار اليُجَدَّعُ ... )

(1/332)


وَالثَّانِي لَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَقَالُوا الأبيات من الضرورات القبيحة وَلَا توصل بِالْجُمْلَةِ الاسمية وَلَا الظّرْف إِلَّا فِي ضَرُورَة بِاتِّفَاق كَقَوْلِه 262 -
(من الْقَوْم الرَّسولُ الله مِنْهُم ... )
وَقَوله 263 -
(من لَا يَزالُ شاكراً على المَعَهْ ... )
أَي الَّذين رَسُول الله وَالَّذِي مَعَه ص وَغَيرهَا بجملة خبرية لَا إنشائية مَعْهُود مَعْنَاهَا غَالِبا وَجوزهُ الْمَازِني بالدعائية بِلَفْظ الْخَبَر وَالْكسَائِيّ بالطلبية وَهِشَام بِذَات لَيْت وَلَعَلَّ وَعَسَى وَقوم بالتعجبية وَبَعْضهمْ باسم فعل الْأَمر والكوفية وَابْن مَالك باسم معرفَة وبمثل وَمنعه الْفَارِسِي بنعم فَاعله ضمير وَبَعْضهمْ بكان وَقوم بِمَا استدعى لفظا قبلهَا وَابْن السراج وُقُوع التَّعَجُّب فِيهَا وَالصَّحِيح جَوَازه بقسميه وشرطية مُطلقًا وبشرط مَعْنَاهُ فِي الْمَوْصُول وَزعم بَعضهم إِسْقَاطهَا فِي الَّذِي بِمَعْنى الرجل والداهية ش غير أل من الموصلات الاسمية توصل بجملة خبرية مَعْهُود مَعْنَاهَا غَالِبا فَخرج بالخبرية الإنشائية وَهِي الْمُقَارن حُصُول مَعْنَاهَا للفظها فَلَا يُوصل بهَا قَالَ ابْن مَالك لِأَن الصِّلَة معرفَة للموصول فلابد من تقدم الشُّعُور بمعناها على الشُّعُور بِمَعْنَاهُ قَالَ

(1/333)


وَالْمَشْهُور عِنْد النَّحْوِيين تَقْيِيد الجمله الْمَوْصُول بهَا بِكَوْنِهَا معهودة وَذَلِكَ غير لَازم لِأَن الْمَوْصُول قد يُرَاد بِهِ مَعْهُود فَتكون صلَة معهودة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ} الْأَحْزَاب 37 وَقد يُرَاد بِهِ الْجِنْس فتوافقه صلته كَقَوْلِه تَعَالَى {كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لَا يسمع إِلَّا دُعَاء ونداء} الْبَقَرَة 171 وَقد يقْصد تَعْظِيم الْمَوْصُول فتبهم صلته كَقَوْلِه 264 -
(فَمثل الَّذِي لاقيتُ يُغْلَبُ صاحِبُه ... )
انْتهى وَخرج أَيْضا الطلبية وَهِي أولى بالامتناع من الإنشائية لِأَنَّهَا لم يحصل مَعْنَاهَا بعد فَهِيَ أبعد عَن حُصُول الوضوح بهَا لغَيْرهَا وَجوز الْكسَائي الْوَصْل بجملة الْأَمر وَالنَّهْي نَحْو الَّذِي اضربه أَو لَا تضربه زيد وَجوزهُ الْمَازِني بجملة الدُّعَاء إِذا كَانَت بِلَفْظ الْخَبَر نَحْو الَّذِي يرحمه الله زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وَمُقْتَضى مَذْهَب الْكسَائي مُوَافَقَته بل أولى لما فِيهَا من صِيغَة الْخَبَر وَجوزهُ هِشَام بجملة مصدرة بليت وَلَعَلَّ وَعَسَى نَحْو الَّذِي ليته أَو لَعَلَّه منطلق زيد وَالَّذِي عَسى أَن يخرج زيد قَالَ 265 -
(وإنِّى لرام نظرةً قبل الَّتِى ... لَعَلِّى وَإِن شَطّتْ نَوَاهَا أزُورُها)
وتأوله غَيره على إِضْمَار القَوْل أَي أَقُول لعَلي أَو الصِّلَة أزورها وَخبر لَعَلَّ مُضْمر وَالْجُمْلَة اعْتِرَاض وَأما جملَة التَّعَجُّب فَإِن قُلْنَا إِنَّهَا إنشائية لم توصل بهَا أَو خبرية فَقَوْلَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وَعَلِيهِ ابْن خروف نَحْو جَاءَنِي الَّذِي مَا أحْسنه وَالثَّانِي الْمَنْع

(1/334)


لِأَن التَّعَجُّب إِنَّمَا يكون من خَفَاء السَّبَب والصلة تكون مُوضحَة فتنافيا وَالصَّحِيح جَوَازه وبجملة الْقسم نَحْو جَاءَ الَّذِي أقسم بِاللَّه لقد قَامَ أَبوهُ وبجملة الشَّرْط مَعَ جَزَائِهِ كَمَا يخبر بهَا نَحْو الَّذِي جَاءَ إِن قَامَ عَمْرو قَامَ أَبوهُ وَمنع قوم الْمَسْأَلَتَيْنِ لخلو إِحْدَى الجملتين فيهمَا من ضمير عَائِد على الْمَوْصُول وَأجِيب بِأَنَّهُمَا قد صارتا بِمَنْزِلَة جملَة واجدة بِدَلِيل أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا لَا تفِيد إِلَّا باقترانها بِالْأُخْرَى فَاكْتفى بضمير وَاحِد كَمَا يكْتَفى فِي الْجُمْلَة الْوَاحِدَة وَالصَّحِيح أَيْضا جَوَازه بجملة صدرها كَأَن وَقيل لَا لِأَنَّهَا غيرت الْخَبَر عَن مُقْتَضَاهُ وبشرط حَيْثُ تضمن الْمَوْصُول معنى الشَّرْط نَحْو الَّذِي إِن قَامَ قَامَ أَبوهُ منطلق وَقيل لَا لِاجْتِمَاع الشَّرْطَيْنِ الشَّيْء لَا يكون تَمام نَفسه ورد بِأَن الثَّانِي غير الأول لَا نَفسه وبجملة تستدعي كلَاما قبلهَا وَقيل لَا فَلَا يجوز جَاءَنِي الَّذِي حَتَّى أَبوهُ قَائِم لِأَن حَتَّى لابد أَن يتقدمها كَلَام يكون غَايَة لَهُ وبنعم فَاعله ضمير وَمنعه الْفَارِسِي وَجوز قوم الْوَصْل باسم الْفِعْل وَزعم الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك أَن الْمَوْصُول قد يتبع باسم معرفَة بعده ويستغني بذلك عَن الصِّلَة كَقَوْلِك ضربت الَّذِي إياك وَأَنه يجوز الصِّلَة بِمثل بِنَاء على رَأْيهمْ أَنَّهَا ظرف كَقَوْلِه 266 -
(حَتَّى إِذا كَانَا هما اللّذَيْن ... مِثْلَ الحَدِيلَيْن المُحَمْلَجَيْن)
والبصريون قَالُوا فِي الْبَيْت مُقَدّر أَي عادا أَو صَارا ص وَيجب مَعهَا عَائِد وَقيل مَا لم يعْطف عَلَيْهَا بفاء جملَة هُوَ فِيهَا مُطَابق وَيجوز الْحُضُور والغيبة فِي ضمير مخبر بِهِ أَو بموصوفه عَن حَاضر فَإِن شبه بِهِ فالغيبة وَكَذَا إِن تَأَخّر خلافًا للكسائي وأوجبها قوم مُطلقًا وَقوم فِي غير

(1/335)


الشّعْر وَبَعْضهمْ إِن لم يتَّصل وَالأَصَح اخْتِصَاصه بِالَّذِي وفروعه وَلحق قوم ذُو وَذَات وَقوم من وَمَا وَقوم أل وَقوم النواسخ ويعتبران فِي ضميرين وَخَالف الكوفية فِيمَا لم يفصل وَالْأولَى فِي من وَأَخَوَاتهَا وَكم وكأين مُرَاعَاة اللَّفْظ فَإِن عضد سَابق فَالْمَعْنى وَيجب للبس أَو قبح خلافًا لِابْنِ السراج فِي من هِيَ محسنة مَا لم تحذف هِيَ وَيعْتَبر بعد اللَّفْظ الْمَعْنى وَيجوز عَكسه وَشرط قوم الْفَصْل ش لابد فِي جملَة الصِّلَة من ضمير يعود إِلَى الْمَوْصُول يربطها بِهِ وَأَجَازَ ابْن الصَّائِغ خلوها مِنْهُ إِذا عطف عَلَيْهَا بِالْفَاءِ جملَة مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ نَحْو الَّذِي يطير الذُّبَاب فيعضب زيد لارتباطهما بِالْفَاءِ وصيرورتهما جملَة وَاحِدَة وَحكم الضَّمِير الْمُطَابقَة للموصول فِي الْإِفْرَاد والتذكير والحضور وفروعها وَيجوز الْحُضُور والغيبة فِي ضمير الْمخبر بِهِ أَو موصوفه عَن حَاضر مقدم لم يقْصد تشبيهه بالمخبر بِهِ والحاضر يَشْمَل التَّكَلُّم وَالْخطاب نَحْو أَنا الَّذِي فعلت وَأَنا الَّذِي فعل وَأَنت الَّذِي فعلت وَأَنت الَّذِي فعل قَالَ 267 -
(أَنا الَّذِي سَمَّتْني أُمى حَيْدَرَةْ ... )
وَقَالَ 268 -
(أَنا الرجلُ الضَّرْب الَّذِي تَعرْفونَهُ ... )
وَقَالَ 269 -
(وأنْتِ الَّتِي حبَّبْتِ كلّ قَصِيرَة ... )

(1/336)


وَقَالَ 270 -
(وَأَنت الَّذِي آثارهُ فِي عدوّه ... )
وَمن أَمْثِلَة الْمخبر بموصوفه أَنْت آدم الَّذِي أخرجتنا من الْجنَّة وَأَنت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله وَتقول أَنْت فلَان الَّذِي فعل كَذَا وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَن الْمخبر عَنهُ والمخبر بِهِ شَيْء وَاحِد فَهَل يخْتَص ذَلِك بِالَّذِي وَالَّتِي وتثنيتهما وجمعهما وَيتَعَيَّن فِيمَا عدا ذَلِك الْغَيْبَة أَو لَا قَالَ أَبُو حَيَّان الصَّوَاب الأول قَالَ وَزَاد بعض أَصْحَابنَا ذُو وَذَات الطائية وَالْألف وَاللَّام وَأَجَازَهُ بَعضهم فِي جَمِيع الموصولات قَالَ وَهُوَ وهم مِنْهُ فَإِن تَأَخّر الْمخبر عَنهُ وَتقدم الْخَبَر تعيّنت الْغَيْبَة عِنْد الْجُمْهُور نَحْو الَّذِي قَامَ أَنا وَالَّذِي قَامَ أَنْت لِأَن الْحمل على الْمَعْنى قبل تَمام الْكَلَام مَمْنُوع وَجوز الْكسَائي عوده مطابقا للمتكلم والمخاطب كَمَا لَو تقدم وَوَافَقَهُ أَبُو ذَر الْخُشَنِي وَإِن قصد تشبيهه بالمخبر بِهِ تعيّنت الْغَيْبَة اتِّفَاقًا نَحْو أَنا فِي الشجَاعَة الَّذِي قتل مرْحَبًا وَأَنت فِي الشجَاعَة الَّذِي قتل مرْحَبًا لِأَن الْمَعْنى على تَقْدِير مثل وَلَو صرح بهَا تعيّنت الْغَيْبَة وَأوجب قوم الْغَيْبَة مُطلقًا وأوجبها قوم فِي السعَة وعَلى الْجَوَاز بِشَرْطِهِ إِن وجد ضميران جَازَ فِي أَحدهمَا مُرَاعَاة اللَّفْظ وَفِي الآخر مُرَاعَاة الْمَعْنى قَالَ 271 -
(نحنُ الَّذين بَايعُوا مُحَمّدا ... على الجهادِ مَا بَقِينا أبَدا)
وَقَالَ 272 -
(أَأَنْت الهلاَلِىُّ الَّذِي كنتَ ... سمعنَا بِهِ والأرحبىُّ المعلّقُ)

(1/337)


وَمنع الْكُوفِيُّونَ الْجمع بَين الجملتين إِذا لم يفصل بَينهمَا نَحْو أَنا الَّذِي قُمْت وَخرجت فَلَا يجوز عِنْدهم وَخرج والبصريون أطْلقُوا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالسَّمَاع إِنَّمَا ورد مَعَ الْفَصْل وَيجوز مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى فِي ضمير من وَمَا وأل وَأي وَذُو وَذَات وَكم وكأين لِأَنَّهَا فِي اللَّفْظ مُفْردَة مذكرة فَإِن عني بهَا غير ذَلِك جَازَ مُرَاعَاة الْمَعْنى أَيْضا وَالْأَحْسَن مُرَاعَاة اللَّفْظ لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب قَالَ تَعَالَى {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} الْأَنْعَام 25 وَقَالَ {وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك} يُونُس 42 وَقَالَ الفرزدق 273 -
(نَكُن مِثْلَ مَنْ يَا ذئبُ يصطحبان ... )
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس 274 -
(لِمَا نَسَجَتْها من جنوبٍ وشَمْأل ... )
وَإِن عضد الْمَعْنى السَّابِق فَالْأولى مراعاته قَالَ تَعَالَى {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا} الْأَحْزَاب 31 فَسبق مِنْكُن مقو لقَوْله تَعَالَى وتعمل بِالتَّاءِ وَيجب مُرَاعَاة الْمَعْنى إِن حصل بمراعاة اللَّفْظ لبس أَو قبح فَالْأول من سَأَلتك إِذْ لَو قيل من سَأَلَك لألبس وَالثَّانِي نَحْو من هِيَ حَمْرَاء أمتك وَمن هِيَ محسنة أمك إِذْ لَو قيل من هُوَ أَحْمَر أمتك وَمن هُوَ محسن أمك لَكَانَ فِي

(1/338)


غَايَة الْقبْح وَسَوَاء كَانَت الصّفة مِمَّا يفرق بَينه وَبَين مذكره تَاء التَّأْنِيث كمحسنة أم لَا كحمراء وَوَافَقَ ابْن السراج على منع التَّذْكِير فِي الثَّانِي وَأَجَازَهُ فِي الأول لشبهه بمرضع وَنَحْوه من الصِّفَات الْجَارِيَة على الْإِنَاث بِلَفْظ خَال من عَلامَة بِخِلَاف أَحْمَر فَإِن إِجْرَاء مثله على الْمُؤَنَّث لم يَقع فَإِن حذف ضمير هِيَ وَقيل من محسن أمك سهل التَّذْكِير وَإِذا اجْتمع فِي من وَنَحْوهَا ضمائر جَازَ فِي بَعْضهَا مُرَاعَاة اللَّفْظ وَفِي بَعْضهَا مُرَاعَاة الْمَعْنى وَالْأَحْسَن الْبدَاءَة بِالْحملِ على اللَّفْظ قَالَ تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَقُول ءامنا بِاللَّه وباليوم الْأُخَر وَمَا هم بمؤمنين} الْبَقَرَة 8 وَيجوز الْبدَاءَة بِالْمَعْنَى كَقَوْلِك من قَامَت وَقعد وَشرط قوم لجوازه وُقُوع الْفَصْل بَين الجملتين نَحْو من يقومُونَ فِي غير شَيْء وَينظر فِي أمرنَا قَوْمك وعزي للكوفيين وَإِذا اعْتبر اللَّفْظ ثمَّ الْمَعْنى جَازَ الْعود إِلَى اعْتِبَار اللَّفْظ بقلة قَالَ تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله بِغَيْر علم ويتخذها هزوا أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب مهين 6 وَإِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا ولى مستكبرا} لُقْمَان 6 7 وَقَالَ {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا يدْخلهُ جنَّات} إِلَى قَوْله {خَالِدين فِيهَا أبدا قد أحسن الله لَهُ رزقا} الطَّلَاق 11 ص ويغني عَن الضَّمِير ظَاهر خلافًا لقوم وَعَن الْجُمْلَة ظرف أَو مجرور نوي مَعَه فعل وفاعل هُوَ الْعَائِد مَا لم يرفع ملابس ضمير وَيجب ذكره إِن كَانَ خَاصّا مُطلقًا خلافًا للكسائي ش يُغني عَن الضَّمِير الْعَائِد اسْم ظَاهر حُكيَ أَبُو سعيد الَّذِي رويت عَن الْخُدْرِيّ أَي عَنهُ وَقَالَ 275 -
(وأنتَ الَّذِي فِي رَحْمَة الله أطمعُ ... )

(1/339)


أَي رحمتك قَالَ الْفَارِسِي وَمن النَّاس من لَا يُجِيز هَذَا ويغني عَن الْجُمْلَة الْمَوْصُول بهَا ظرف أَو جَار ومجرور منوي مَعَه اسْتَقر أَو شبهه وفاعل هُوَ الْعَائِد مَا لم يرفع ذَلِك الْمَنوِي ملابس الضَّمِير فَيكون الْعَائِد الضَّمِير الملابس لِلْمَرْفُوعِ نَحْو جَاءَ الَّذِي عنْدك وَالَّذِي فِي الدَّار وَالَّذِي عنْدك أَخُوهُ ثمَّ هَذَا المنوى وَاجِب الْإِضْمَار مَا لم يكن خَاصّا فَإِنَّهُ يجب ذكره نَحْو جَاءَ الَّذِي ضحك عنْدك أَو نَام فِي الدَّار فَلَا يجوز حذفه مُطلقًا سَوَاء كَانَ الظّرْف قَرِيبا من زمن الْإِخْبَار أم لَا وَأَجَازَ الْكسَائي حذف الْخَاص فِي الْقَرِيب نَحْو نزلنَا الْمنزل الَّذِي أمس أَو الَّذِي البارحة أَو الَّذِي آنِفا بِخِلَاف نزلنَا الْمنزل الَّذِي يَوْم الْخَمِيس أَو الَّذِي يَوْم الْجُمُعَة ص مَسْأَلَة يمْنَع تَأْخِير مَوْصُول وَأَجَازَ الْكسَائي تَأْخِير كي عَن مَعْمُول صلتها وَالْفراء أَن وفصله ومتعلقاتها بأجنبي غَالِبا وَبِغَيْرِهِ فِي أل والحرفي غير مَا وَمِنْه قسم وَاعْتِرَاض خلافًا للفارسي ونداء خلافًا لِابْنِ مَالك فِيمَا ولي غير مُخَاطب وَلَا يتبع ويخبر وَيسْتَثْنى قبل تَمامهَا وَقد يحذف صلَة مَوْصُول أول اكْتِفَاء بِالثَّانِي اشتراكا أَو دلَالَة وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية جَوَاز تَقْدِيم مُتَعَلق الصِّلَة وَثَالِثهَا إِن كَانَ أل المجرورة بِمن وَحذف مَا علم من مَوْصُول إِلَّا أل وحرفي غير أَن وَثَالِثهَا إِن عطف على مثله وَصله لغير أل ولحرفي معمولها بَاقٍ ش الْمَوْصُول والصلة حرفيا كَانَ أَو اسميا كجزء اسْم فَأشبه شَيْء بهما الِاسْم الْمركب تركيب مزج وَمن ثمَّ وَجب لَهما أَحْكَام أَحدهَا تَقْدِيم الْمَوْصُول وَتَأْخِير الصِّلَة فَلَا يجوز عَكسه وَإِذا امْتنع تَقْدِيم الصِّلَة امْتنع تَقْدِيم معمولها أَيْضا وَأَجَازَ الْكسَائي تَقْدِيم مَعْمُول صلَة كي عَلَيْهَا نَحْو جَاءَ زيد الْعلم كي يتَعَلَّم وَأَجَازَ الْفراء تَقْدِيم مَعْمُول صلَة أَن عَلَيْهَا نَحْو أعجبني الْعَسَل أَن تشرب الثَّانِي امْتنَاع الْفَصْل بَينه وَبَين الصِّلَة أَو بَين متعلقات الصِّلَة بأجنبي إِلَّا مَا شَذَّ من قَوْله

(1/340)


276 -
(وأبْغَضُ مَن وضعتُ إلىّ فِيهِ ... لسانِى معشَرٌ عنهمْ أَذُودُ)
فصل بإلي وَهُوَ أَجْنَبِي بَين الصِّلَة ومعمولها وَمحله بعد لساني وَيجوز الْفَصْل بِغَيْر أَجْنَبِي كمعمول الصِّلَة نَحْو جَاءَ الَّذِي زيدا ضرب وَمِنْه جملَة الْقسم كَقَوْلِه 277 -
(ذَاك الَّذِي وأبيكَ يعرف مَالِكًا ... )
وَجُمْلَة الِاعْتِرَاض كَقَوْلِه 278 -
(ماذَا وَلَا عَيْب فِي الْمَقْدُور رُمْت أمَا ... )
وَجُمْلَة الْحَال كَقَوْلِه 279 -
(إِن الَّذِي وَهُوَ مُثْر لَا يجود حَر ... بفاقةٍ تعتريه بعد إثْرَاء)
وَجُمْلَة النداء بعد الْخطاب كَقَوْلِه 280 -
(وَأَنت الَّذِي يَا سعد أُبْت بمشهدٍ ... )
قَالَ ابْن مَالك فَإِن لم يكن مُخَاطب عد الْفَصْل أَجْنَبِيّا وَلم يجز إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 281 -
(نَكُنْ مَثْلَ من ذِئْبُ يَصْطَحِبان ... )

(1/341)


أما أل فَلَا يجوز الْفَصْل بَينهَا وَبَين صلتها بِحَال لَا بأجنبي وَلَا بِغَيْرِهِ لِأَنَّهَا كجزء من صلتها وَكَذَا الْمَوْصُول الْحرفِي لِأَن امتزاجه بصلته أَشد من امتزاج الِاسْم بصلته لِأَن اسميته منتفية بِدُونِهَا وَيسْتَثْنى مَا فَيجوز فصلها نَحْو عجبت مِمَّا زيدا تضرب لِأَنَّهَا غير عاملة بِخِلَاف أَن وَأَن وكي وتفرع على امْتنَاع الْفَصْل بَين الْمَوْصُول وصلته أَنه قبل تَمام الصِّلَة لَا يتبع بتابع من نعت أَو عطف بَيَان أَو نسق أَو تَأْكِيد أَو بدل وَلَا يخبر عَنهُ وَلَا يسْتَثْنى مِنْهُ فَلَا يُقَال الَّذِي محسن أكْرم زيدا وَلَا جَاءَ الَّذِي إِلَّا زيدا أَسَاءَ نعم قد ترد صلَة بعد موصولين أَو أَكثر فيكتفى بهَا إِمَّا مُشْتَركا فِيهَا كَقَوْلِه 282 -
(صِل الّذي والّتي مَتّا بآصِرَةٍ ... )
أَو دلَالَة على الْحَذف من الأول كَقَوْلِه 283 -
(وَعند الَّذِي وَاللات عُدْنَك إحْنَةٌ ... )
مسَائِل وَبَقِي فِي الْمَتْن مسَائِل الأولى فِي جَوَاز تَقْدِيم الظّرْف وَالْجَار وَالْمَجْرُور الْمُتَعَلّق بالصلة على الْمَوْصُول اسميا أَو حرفيا مَذَاهِب أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ البصريون وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَهُوَ اخْتِيَاري للتوسع فِيهِ وَالثَّالِث الْجَوَاز مَعَ أل إِذا جرت بِمن نَحْو {وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين} يُوسُف 20 {إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين} الْأَعْرَاف 21 {وَأَنا على ذَلِكُم من الشَّاهِدين} الْأَنْبِيَاء 56 وَالْمَنْع فِي غير أل مُطلقًا فِيهَا إِذا لم تجر بِمن وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَيدل للْجُوَاز فِي غير أل قَوْله 284 -
(لَا تَظْلِمُوا مِسْوراً فإنّه لكُمُ ... من الَّذين وَفَوْا فى السّر والعَلَن)

(1/342)


وَقَوله 285 -
(وأعرضُ مِنْهُمُ عمّن هَجَاني ... )
وَقَوله 286 -
(كَانَ جَزائي بالعصا أَن أُجْلَدا ... )
وَفِي غير أل مجرورة بِمن قَوْله 287 -
(فَإنَّك مِمَّ أَحْدَثْتَ بالمجرِّبِ ... )
وَقَوله 288 -
(وَلَا فِي بيُوت الحيِّ بالمتولّج ... )
والمانعون مُطلقًا قدرُوا فِي الْآيَات والأبيات مُتَعَلقا من جنس الْمَذْكُور الثَّانِيَة فِي جَوَاز حذف الْمَوْصُول إِذا علم مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز فِي الاسمي غير أل دون الْحرفِي غير أَن وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ والبغداديون والأخفش وَابْن مَالك وَاحْتَجُّوا بِالسَّمَاعِ قَالَ

(1/343)


289 -
(فَمن يَهْجُو رسولَ الله منكمْ ... ويمدحُهُ ويَنْصُره سَواءُ)
وَقَالَ 290 -
(فوَاللَّه مَا نِلْتُم وَمَا نِيلَ مِنكُمُ ... بمعتدل وَفْق وَلَا مُتَقَاربِ)
أَي وَمن يمدحه وَمَا الَّذِي نلتم وَقَالَ تَعَالَى {ءامنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم} العنكبوت 46 أَي وَالَّذِي أنزل إِلَيْكُم لِأَن الْمنزل إِلَيْنَا لَيْسَ الْمنزل إِلَيْهِم وَقَالَ {وَمن ءاياته يريكم الْبَرْق} الرّوم 24 أَي أَن يريكم وَقَالُوا تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ أَي أَن تسمع وبالقياس على الْمُضَاف إِذا علم وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ البصريون وَأولُوا الْآيَات وحملوا الأبيات على الضَّرُورَة وَالثَّالِث الْجَوَاز إِن عطف على مثله كالآية وَالْبَيْت الأول وَالْمَنْع إِن لم يعْطف عَلَيْهِ كالبيت الثَّانِي الثَّالِث فِي جَوَاز حذف الصِّلَة إِذا علمت قَولَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز فِي الاسمى غير أل كَقَوْلِه 291 -
(نَحن الأُلَى فاجمع جموعك ... ، ثمَّ وجِّههم إلَيْنا)
أَي الألي عرفت عدم مبالاتهم بأعدائهم وَقَوله 292 -
(وعَزَّ علينا أَن يُصابَا وعَزَّ مَا ... )

(1/344)


أَي وعزما أصيبا بِهِ وَفِي الْحرفِي عَن بَقِي مَعْمُول الصِّلَة كَقَوْلِه أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت أَي لِأَن كنت فَحذف كَانَ وَهِي صلَة ان ومعمولها بَاقٍ وَكَذَا قَوْلهم كل شَيْء مهه مَا النِّسَاء وذكرهن أَي مَا عدا النِّسَاء ووصفها ص وَلَا يحذف عَائِد أل وَثَالِثهَا يجوز بقبح لدَلِيل وفوقه إِن تعدى وصفهَا لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَرَابِعهَا يقل فِي متعدى وَاحِد وَيحسن فِي غَيره وخامسها لضَرُورَة وَمحله عِنْد الْأَخْفَش نصب والمازني جر وَالْفراء يجوزان وسيبويه يُقَاس بِالظَّاهِرِ ش فِي حذف الْعَائِد من صلَة أل نَحْو الضاربها زيد هِنْد أَقْوَال أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَاخْتلف فِي مَحَله أمنصوب هُوَ أم مجرور فَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه مَنْصُوب والمازني إِلَى أَنه مَنْصُوب والمازني إِلَى أَنه مجرور وَالْفراء إِلَى جَوَاز الْأَمريْنِ وسيبويه إِلَى اعْتِبَاره بِالظَّاهِرِ فَحَيْثُ جَازَ النصب والجر نَحْو جَاءَ الضاربا زيدا أَو زيد جَار فِي الضَّمِير نَحْو الضارباهما غلامك الزيدان وَحَيْثُ وَجب فِي الظَّاهِر النصب نَحْو جَاءَ الضَّارِب زيدا وَجب فِي الضَّمِير نَحْو الضاربه زيد غلامك وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا كَقَوْلِه 293 -
(مَا المُسْتَفِزُّ الْهوى محمودَ عاقِبَةٍ ... )
أَي المستفزه وَالثَّالِث إِن لم يدل عَلَيْهِ دَلِيل لم يجز لَا تَقول جَاءَنِي الضَّارِب زيد لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَل الضميبر الْمَحْذُوف مُفْرد أَو غير مُفْرد وَلَا هَل هُوَ مُذَكّر أَو مؤنث وَإِن دلّ عَلَيْهِ دَلِيل كَانَ حذفه قبيحا نَحْو جَاءَنِي الرجل الضاربه زيد وَهُوَ على قبحه فِي اسْم الْفَاعِل الْمَأْخُوذ من مُتَعَدٍّ إِلَى ثَلَاثَة أحسن مِنْهُ فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ وَفِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ أحسن مِنْهُ فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا علل بِهِ قبحه من الإلباس يلْزمه فِي جَاءَنِي من ضربت وَلم

(1/345)


يقل أحد بقبحه وَالرَّابِع إِن كَانَ الْوَصْف الْوَاقِع فِي صلتها مَأْخُوذ من مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِد فالإثبات فصيح والحذف قَلِيل نَحْو الضاربه زيد والضارب زيد وَإِن كَانَ من مُتَعَدٍّ إِلَى اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة حسن الْحَذف لأجل الطول والحذف من الْمُتَعَدِّي لثَلَاثَة أحسن مِنْهُ فِيمَا لاثْنَيْنِ نَحْو جَاءَنِي الظانه زيد مُنْطَلقًا والمعطيه زيد درهما والمعلمه بكر عمرا مُنْطَلقًا وَإِن شِئْت الظَّان والمعطي والمعلم وَالْخَامِس أَنه خَاص بِالضَّرُورَةِ ص ويحذف غَيره إِن كَانَ بعض مَعْمُول الصِّلَة مُطلقًا وَإِلَّا فَإِن كَانَ مُتَّصِلا مَنْصُوبًا بِفعل قَالَ أَبُو حَيَّان تَامّ أَو نَاقص أَو مجرورا بِوَصْف ناصب وَضَعفه ابْن عُصْفُور وَقَالَ الْكسَائي أَو غير وصف أَو حرف جر بِمثلِهِ معنى ومتعلقا الْمَوْصُول أَو مَوْصُوف بِهِ قَالَ ابْن مَالك أَو تعين أَو كَانَ مَعَه مثله وأباه أَبُو حَيَّان أَو مُبْتَدأ لَيْسَ بعد نفي أَو حصر أَو مَعْطُوفًا عَلَيْهِ خلافًا للفراء فِي الْأَخِيرَة وَلَا خَبره جملَة وَلَا ظرفا وَشرط البصرية طول الصِّلَة غَالِبا إِلَّا فِي أَي ش عَائِد الصِّلَة غير الْألف وَاللَّام إِن كَانَ بعض مَعْمُول الصِّلَة جَازَ حذفه مُطلقًا كحذف الْمَعْمُول نَحْو أَيْن الرجل الَّذِي قلت تُرِيدُ قلت إِنَّه يَأْتِي أَو نَحوه إِن لم يكن فإمَّا أَن يكون مُنْفَصِلا أَو مُتَّصِلا فَإِن كَانَ مُنْفَصِلا لم يجز حذفه نَحْو جَاءَ الَّذِي إِيَّاه أكرمت أَو مَا أكرمت إِلَّا إِيَّاه وَإِن كَانَ مُتَّصِلا فَلهُ أَحْوَال أَحدهَا أَن يكون مَنْصُوبًا فَإِن نصب بِفعل أَو وصف جَازَ حذفه نَحْو {أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا} الْفرْقَان 41 أَي بَعثه 294 -
(مَا الله مُوليك فَضْلٌ فَاحْمَدنهُ بهِ ... )

(1/346)


أَي موليكه أَو بِغَيْرِهِمَا لم يجز نَحْو جَاءَ الَّذِي إِنَّه فَاضل أَو كَأَنَّهُ قمر وَألْحق بِهِ أَبُو حَيَّان الْمَنْصُوب بِالْفِعْلِ النَّاقِص نَحْو جَاءَ الَّذِي كنته زيد قَالَ ابْن قَاسم وَفِيه نظروقال ابْن عقيل يمْتَنع الْحَذف إِذا كَانَ مَنْصُوبًا مُتَّصِلا بِفعل نَاقص نَحْو جَاءَ الَّذِي كَأَنَّهُ منطلق فَلَا يجوز حذف الْهَاء الثَّانِي أَن يكون مجرورا فَيجوز حذفه فِي صور إِحْدَاهَا أَن يجر بِإِضَافَة صفة ناصبة لَهُ تَقْديرا نَحْو {فَاقْض مَا أَنْت قَاض} طه 72 أَي قاضيه وَزعم ابْن عُصْفُور أَن حذفه ضَعِيف جدا ورده أَبُو حَيَّان بوروده فِي الْقُرْآن وَبِأَنَّهُ مَنْصُوب فِي الْمَعْنى وَلَا خلاف أَن حذف الْمَنْصُوب قوي فَكَذَلِك مَا فِي مَعْنَاهُ فَإِن جر بِإِضَافَة صفة غير ناصبة نَحْو جَاءَ الَّذِي أَنا ضاربه أمس أَو غير صفة نَحْو جَاءَ الَّذِي وَجهه حسن لم يجز حذفه وَأَجَازَهُ الْكسَائي لقَوْله 295 -
(أعُوذ بِاللَّه وآياتِهِ ... من بَاب مَنْ يُغْلَق من خَارج)
أَي يغلق بَابه ثَانِيهَا أَن يجر بِحرف جر الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف بالموصول بِمثلِهِ لفظا وَمعنى ومتعلقا نَحْو مَرَرْت بِالَّذِي أَو بِالرجلِ الَّذِي مَرَرْت أَي بِهِ {وَيشْرب مِمَّا تشربون} الْمُؤْمِنُونَ 33 أَي مِنْهُ فَإِن جرا مَعًا بِغَيْر حرف نَحْو جَاءَ غُلَام الَّذِي أَنْت غُلَامه أَو لم يجر الْمَوْصُول أصلا نَحْو جَاءَ الَّذِي مَرَرْت بِهِ أَو جر بِحرف لَا يماثل مَا جر بِهِ الْعَائِد فى اللَّفْظ كحللت فى الَّذِي حللت بِهِ أَو ماثك لفظا لَا معنى كممرت بِالَّذِي مَرَرْت بِهِ على زيد أَو لفظا وَمعنى لَا مُتَعَلقا كمررت بِالَّذِي فرحت بِهِ لم يجز الْحَذف فِي الصُّور كلهَا وَجوز ابْن مَالك الْحَذف إِذا تعين الْحَرْف وَإِن لم يُوجد الشَّرْط نَحْو الَّذِي سرت يَوْم الْجُمُعَة أَي فِيهِ وَالَّذِي رَطْل بدرهم لحم أَي مِنْهُ فَحسن الْحَذف تعين الْمَحْذُوف كَمَا حسنه فِي الْخَبَر والموصول بذلك أولى لاستطالته بالصلة قَالَ

(1/347)


وَيُمكن أَن يكون مِنْهُ {ذَلِك الَّذِي يبشر الله عباده} الشورى 23 أَي بِهِ وَقَالَ أَبُو حَيَّان لم يذكر أحد ذَلِك فِي الصِّلَة وَإِنَّمَا ذكره فِي الْخَبَر وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَاس عَلَيْهِ وَلَا أَن يذهب عَلَيْهِ إِلَّا بِسَمَاع ثَابت عَن الْعَرَب وَجوز ابْن مَالك أَيْضا الْحَذف إِذا جر بِمثل الْحَرْف عَائِد على الْمَوْصُول بعد الصِّلَة وَهُوَ معنى قولي أَو كَانَ مَعَه مثله كَقَوْلِه 296 -
(ولَوَ أنَّ مَا عالجتُ لِينَ فُؤَاده ... فقسا اسْتُلِينَ بِهِ للان الجَندل)
وأباه أَبُو حَيَّان وَقَالَ إِن الْبَيْت ضَرُورَة فَقولِي وأباه أَبُو حَيَّان عَائِد إِلَى جَمِيع قَول ابْن مَالك الْحَال الثَّالِث أَن يكون مَرْفُوعا فَإِن كَانَ فَاعِلا أَو نَائِبا عَنهُ أَو خَبرا لمبتدأ أَو لناسخ لم يجز حذفه نَحْو جَاءَنِي اللَّذَان قاما أَو ضربا وَجَاء الَّذِي الْفَاضِل هُوَ أَو إِن الْفَاضِل هُوَ وَإِن كَانَ مُبْتَدأ جَازَ بِشُرُوط أَحدهَا أَلا يكون بعد حرف نفي نَحْو جَاءَنِي الَّذِي مَا هُوَ قَائِم الثَّانِي أَلا يكون بعد أَدَاة حصر نَحْو جَاءَنِي الَّذِي مَا فِي الدَّار إِلَّا هُوَ أَو الَّذِي إِنَّمَا فِي الدَّار هُوَ الثَّالِث أَلا يكون مَعْطُوفًا عَلَيْهِ غَيره نَحْو جَاءَنِي الَّذِي زيد وَهُوَ منطلقان الرَّابِع أَلا يكون مَعْطُوفًا عَلَيْهِ غَيره نَحْو جَاءَنِي الَّذِي هُوَ وَزيد فاضلان وَخَالف الْفراء فِي هَذَا الشَّرْط فَأجَاز حذفه ورد بانه لم يسمع وبانه يُؤَدِّي إِلَى وُقُوع حرف الْعَطف صَدرا الْخَامِس أَلا يكون خَبره جملَة وَلَا ظرفا وَلَا مجرورا كَقَوْلِه تَعَالَى {الَّذين هم يرآءون} الماعون 6 وقولك جَاءَنِي الَّذِي هُوَ فِي الدَّار لِأَنَّهُ لَو حذف لم يدر أحذف من الْكَلَام شَيْء أم لَا لِأَن مَا بعده من الْجُمْلَة والظرف صَالح لِأَن يكون صلَة السَّادِس أَن تطول الصِّلَة شَرط ذَلِك البصريون وَلم يشرطه الْكُوفِيُّونَ فأجازوا الْحَذف من قَوْلك جَاءَ الَّذِي هُوَ فَاضل لوروده فِي قِرَاءَة {تَمامًا على الَّذِي أحسن} الْأَنْعَام 154 بِالرَّفْع أَي هُوَ أحسن وَقَوله

(1/348)


297 -
(من يُعْنَ بِالْحَمْد لم ينْطق بِمَا سَفَهٌ ... )
أَي بِمَا هُوَ سفه والبصريون جعلُوا ذَلِك نَادرا وَمحل الْخلاف فِي غير أَي أما أَي فَلَا يشْتَرط فِيهَا الطول اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا مفتقرة إِلَى الصِّلَة وَإِلَى الْإِضَافَة فَكَانَت أطول فَحسن مَعهَا تَخْفيف اللَّفْظ وَمِثَال مَا اجْتمعت فِيهِ الشُّرُوط والطول {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه} الزخرف 84 أَي هُوَ آله ص وتبني حيئنذ على الضَّم عِنْد سِيبَوَيْهٍ وغلطه الزّجاج وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية والخليل وَيُونُس وإعرابها فَإِن حذف مضافها أعربت على الصَّوَاب كَمَا لَو ذكر أَو الْعَائِد وَقيل تبني مَعَ الظّرْف مُطلقًا وَتصرف مَعَ التَّاء وَعَن أبي عَمْرو لَا وَقيل وَهُوَ فِيمَا إِذا سمي ش لأي الموصولة أَرْبَعَة أَحْوَال أَحدهَا أَن يذكر مضافها وعائدها نَحْو جَاءَنِي أَيهمْ هُوَ قَائِم وَالثَّانِي أَن يحذف مضافها وَيذكر عائدها نَحْو اضْرِب إيا هُوَ قَائِم وَهِي معربة فِي هذَيْن الْحَالين بِإِجْمَاع الثَّالِث أَن تُضَاف ويحذف عائدها كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ لننزعن من كل شعة أَيهمْ أَشد} مَرْيَم 69 وَقَول الشَّاعِر 298 -
(فسلِّم على أيُّهم أفْضَلُ ... )
وَهِي فِي هَذِه الْحَالة مَبْنِيَّة على الضَّم عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لشدَّة افتقارها إِلَى ذَلِك الْمَحْذُوف وَهَذَا يسْتَلْزم بناءها فِي الْحَالة الرَّابِعَة وَقيل لَا لِأَن قياسها الْبناء وإعرابها مُخَالف لَهُ فَلَمَّا نقص من صلتها الَّتِي هِيَ مُوضحَة ومبينة لَهَا رجعت إِلَى مَا عَلَيْهِ أخواتها وبنيت على الضَّم تَشْبِيها بقبل وَبعد لِأَنَّهُ حذف من كل مَا يُبينهُ

(1/349)


وَذهب الْكُوفِيُّونَ والخليل وَيُونُس إِلَى إعرابها حِينَئِذٍ وَأولُوا الْآيَة على الْحِكَايَة أَو التَّعْلِيق على أَن فِيهَا قِرَاءَة بِالنّصب وَقَالَ ابْن مَالك إعرابها حِينَئِذٍ قوي لِأَنَّهَا فِي الشَّرْط والاستفهام تعرب قولا وَاحِدًا فَكَذَا فِي الموصولة الرَّابِع أَن تقطع عَن الْإِضَافَة ويحذف الْعَائِد نَحْو اضْرِب أيا قَائِم وَهِي فِي هَذِه الْحَالة معربة قَالَ ابْن مَالك بِلَا خلاف وَقد ذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى بنائها هُنَا قِيَاسا على الْحَال الثَّالِث نَقله أَبُو حَيَّان والرضي فَلِذَا أَشرت إِلَى الْخلاف بِقَوْلِي على الصَّوَاب وَإِذا أنثت أَي بِالتَّاءِ عِنْد حذف مَا تُضَاف إِلَيْهِ لم تمنع الصّرْف إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا التَّأْنِيث وَكَانَ أَبُو عَمْرو يمْنَعهَا الصّرْف حِينَئِذٍ للتأنيث والتعريف لِأَن التَّعْرِيف بِالْإِضَافَة المنويه شَبيه بالتعريف بالعلمية وَلذَلِك منع من الصّرْف جمع الْمُؤَكّد بِهِ وَفرق ابْن مَالك بِأَن شبه جمع بِالْعلمِ أَشد من شبه أَيَّة لِأَن جمع لَا يسْتَعْمل مَعَ مَا يُضَاف إِلَيْهِ بِخِلَاف أَيَّة وَقيل الْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِيمَا هُوَ إذاسميت امْرَأَة بأية فِي الدَّار فالأخفش يصرف أَيَّة وَأَبُو عَمْرو يمْنَعهَا للتأنيث والعلمية وَمَا بعْدهَا من الصِّلَة كالصفة وَحجَّة الْأَخْفَش أَن التَّسْمِيَة لما كَانَت بالمجموع صَار التَّنْوِين بعض الِاسْم لِأَنَّهُ وَقع فِي الْوسط ص وَيجوز إتباع مَحْذُوف نسقا وبدلا وتوكيدا خلافًا لِابْنِ السراج وَكثير وَحَالا وَلَو مُقَدّمَة خلافًا لهشام ش إِذا حذف الْعَائِد الْمَنْصُوب بِشَرْطِهِ فَفِي توكيده والنسق عَلَيْهِ نَحْو جَاءَنِي الَّذِي ضربت نَفسه وحاءني الَّذِي ضربت وعمرا خلاف فالأخفش وَالْكسَائِيّ على الْجَوَاز وَابْن السراج وَأكْثر أَصْحَابه على الْمَنْع وَاخْتلف عَن الْفراء فِي ذَلِك وَاتَّفَقُوا على مَجِيء الْحَال مِنْهُ إِذا كَانَت مؤخرة عَنهُ فِي التَّقْدِير نَحْو هَذِه الَّتِي عانقت مُجَرّدَة أَي عانقتها مُجَرّدَة فَإِن كَانَت مُقَدّمَة فِي التَّقْدِير نَحْو هَذِه الَّتِي مُجَرّدَة عانقت فأجازها ثَعْلَب ومنعها هِشَام

(1/350)


خَاتِمَة
ص خَاتِمَة من للْعَالم وَشبهه وَلغيره شمولا أَو تَفْضِيلًا وَقيل مُطلقًا وَمَا لغيره غَالِبا ومبهم أمره وصفات عَالم وَقيل وَله مُطلقًا وَقيل بِقَرِينَة ش الأَصْل فِي من وُقُوعهَا على الْعَاقِل وَلَا يَقع على غير الْعَاقِل إِلَّا فِي مَوَاضِع أَحدهَا أَن ينزل مَنْزِلَته نَحْو {وَمن أضلّ مِمَّن يدعوا من دون الله من لَا يستجيب لَهُ} الْأَحْقَاف 5 عبر عَن الْأَصْنَام ب من لتنزيلها منزلَة العابقل حَيْثُ عبدوها وَقَوله 299 -
(أسِرْبَ القَطا هَل من يُعِيرُ جنَاحَهُ ... )
نزل القطا منزلَة الْعَاقِل لخطابه وندائه الثَّانِي وَالثَّالِث أَن يقْتَرن مَعَه فِي شُمُول أَو تَفْصِيل فَالْأول نَحْو {ألم تَرَ أَن الله يسبح لَهُ من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} النُّور 41 وَالثَّانِي نَحْو {وَمِنْهُم من يمشي على أَربع} النُّور 45 لاقترانه بالعاقل فِيمَا فصل بِمن فى قَوْله {خلق كل دَابَّة من مَاء} النُّور 45 وَزعم قوم مِنْهُم قطرب وُقُوع من على غير من يعقل دون اشْتِرَاط أخدا من ظَاهر مَا ورد من ذَلِك وَالْغَالِب فِي مَا وُقُوعهَا على غير الْعَاقِل وَقد يَقع للعاقل نَادرا نَحْو {لما خلقت بيَدي} ص 75 {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} الشَّمْس 5 الْآيَات {وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} الْكَافِرُونَ 3 وَسمع سُبْحَانَ مَا سخركن لنا ولورود هَذَا

(1/351)


وَأَمْثَاله زعم قوم مِنْهُم ابْن درسْتوَيْه وَأَبُو عُبَيْدَة ومكي وَابْن خروف وُقُوعهَا على آحَاد من يعقل مُطلقًا وَقَالَ السُّهيْلي لَا يَقع على أولي الْعلم إِلَّا بِقَرِينَة وَيَقَع على صِفَات من يعقل نَحْو {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} النِّسَاء 3 لأي الطّيب وعَلى الْمُبْهم أمره كَأَن ترى شبحا تقدر إنسانيته وَعدم إنسانيته فَتَقول أَخْبرنِي مَا هُنَاكَ ص ويقعان شرطا واستفهاما وَأنكر الْفراء نَحْو من قَائِم ونكرتين موصوفتين خلافًا لقوم وَشرط الْكسَائي ل من وُقُوعهَا مَحل جَائِز تنكير وَبَعْضهمْ واجبه قَالَ الْفَارِسِي وَتَقَع نكرَة تَامَّة وتوصف ب مَا فِي قَول لتعظيم أَو تحقير أَو تنويع وخلت نكرَة من صفة فِي مَا أَفعلهُ وَنِعما وَإِنِّي مِمَّا أَن أفعل وَقيل معرفَة فيهمَا وتزاد قيل وَمن ش تقع من وَمَا شرطيتين نَحْو {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} النِّسَاء 123 {وَمَا تَفعلُوا من خير يُعلمهُ الله} الْبَقَرَة 197 واستفهاميتين نَحْو {من إِلَه غير الله} الْقَصَص 71 {وَمَا رب الْعَالمين} الشُّعَرَاء 23 ونكرتين موصوفتين نَحْو مَرَرْت بِمن معجب لَك وَبِمَا معجب لَك قَالَ 300 -
(أَلا رُبّ من تَغْتَشُّهُ لَك ناصَح ... ومؤتمَن بِالْغَيْبِ غير أَمِين)
وَقَالَ 301 -
(ربّما تكره النُّفوسُ من الأمْر ... لَهُ فَرْجَةٌ كحلّ العِقَال)
وَأنكر قوم وقوعهما موصوفتين لِأَنَّهُمَا لَا يستقلان بأنفسهما ورد بِأَن من الصِّفَات

(1/352)


مَا يلْزم الْمَوْصُوف نَحْو الجم الْغَفِير وَيَا أَيهَا الرجل وَمن وَمَا من هَذَا الْقَبِيل وَزعم الْكسَائي أَن الْعَرَب لَا تسْتَعْمل من نكرَة مَوْصُوفَة إِلَّا فِي مَوضِع يخْتَص بالنكرة كوقوعها بعد رب كَقَوْلِه 302 -
(رُبَّ من أنْضَجْتُ عيظًا قَلْبَهُ ... )
ورد بقوله 303 -
(فَكفى بِنَا فضلا على مَنْ غَيْرنا ... )
وَقيل يَكْفِي الشَّرْط وَذكر الْفَارِسِي أَن من تقع نكرَة تَامَّة بِلَا صلَة وَلَا صفة وَلَا تضمن شَرط وَلَا اسْتِفْهَام كَقَوْلِه 304 -
(ونِعْمَ مَن فِي سِرٍّ وإعلان ... )

(1/353)


وَلم يُوَافقهُ أحد على ذَلِك نعم تقع مَا كَذَلِك فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أَحدهَا فِي التَّعَجُّب نَحْو مَا أحسن زيدا على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ الثَّانِي فِي بَاب نعم نَحْو غسلته غسلا نعما ودققته دقا نعما على خلاف فقد قيل إِنَّهَا هُنَا معرفَة أَي نعم الْغسْل وَنعم الدق قَالَه ابْن خروف الثَّالِث فِي قَوْلهم إِنِّي مِمَّا أَن أفعل أَي إِنِّي من أَمر فعلي وَقيل إِنَّهَا هُنَا معرفَة أَيْضا وَذهب قوم مِنْهُم ابْن السَّيِّد وَابْن عُصْفُور إِلَى أَن مَا تقع صفة للتعظيم كَقَوْلِهِم لأمر مَا جدع قصير أَنفه و 305 -
(لأمر مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ ... )
أَي لأمر عَظِيم وَمِنْه {الحاقة مَا الحاقة} الحاقة 1، 2 {فغشيهم من اليم مَا غشيهم} طه 78 أَو التحقير نَحْو أَعْطَيْت عَطِيَّة مَا أَو التنويع نَحْو ضربت ضربا مَا أَي نوعا من الضَّرْب وَفعلت فعلا مَا أَي نوعا من الْفِعْل وَالْمَشْهُور أَنَّهَا فِي جَمِيع ذَلِك زَائِدَة وأبطل ابْن عُصْفُور الزِّيَادَة بِأَنَّهَا فِي الْأَوَائِل والأواخر تقل وبأنها لَو كَانَت زَائِدَة لم يكن فِي الْكَلَام مَا يُعْطي معنى التَّعْظِيم وَنَحْوه

(1/354)


وَتَقَع مَا زَائِدَة نَحْو {فبمَا رَحْمَة من الله} آل عمرَان 159 {مِمَّا خطاياهم} أما أَنْت مُنْطَلقًا وَأَجَازَ الْكسَائي زِيَادَة من كَقَوْلِه 306 -
(آلُ الزّبير سَنامُ الْمجد قد عَلِمَتْ ... ذَاك القبائلُ، والأثرون مَنْ عَدَدَا)
أَي والأثرون عددا والبصريون أَنْكَرُوا ذَلِك لِأَنَّهَا اسْم والأسماء لَا تزاد وَأولُوا الْبَيْت على أَن مَا فِيهِ نكرَة مَوْصُوفَة أَي من يعد عددا ص وَتَقَع أَي شرطا واستفهاما وَصفَة نكرَة حذفهَا نَادِر وَقيل شَائِع قَالَ ابْن مَالك وَحَالا والأخفش ونكرة مَوْصُوفَة ش تقع أَي شرطا كَقَوْلِه 307 -
(أيّ حِين تُلِمّ بى تَلْقَ مَا شِئْتَ ... من الْخَيْر، فاتَّخِذنى خَلِيلا)
واستفهامية نَحْو {فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن} الْأَنْعَام 81 وَصفَة نكرَة كَقَوْلِه 308 -
(دَعَوْت امْرَءاً أيَّ امرىء فَأَجَابَنِي ... )
فَإِن أضيف إِلَى مُشْتَقّ من صفة يُمكن الْمَدْح بهَا كَانَت للمدح بِالْوَصْفِ الَّذِي اشتق مِنْهُ الِاسْم الَّذِي أضيف إِلَيْهِ فَإِذا قلت بِفَارِس أَي فَارس فقد أثنيت عَلَيْهِ بالفروسية خَاصَّة أَو إِلَى غير مُشْتَقّ فَهِيَ للثناء عَلَيْهِ بِكُل صفة يُمكن أَن يثنى بهَا فَإِذا قلت سررت بِرَجُل أَي رجل فقد أثنيت عَلَيْهِ ثَنَاء كَافِيا بِمَا فِي كل مَا يمدح بِهِ الرجل وَإِنَّمَا لم تُوصَف بهَا الْمعرفَة لِأَنَّهَا لَو أضيفت إِلَى معرفَة كَانَت بَعْضًا مِمَّا تُضَاف إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر فِي الصّفة وَالْغَالِب ذكر هَذِه الصّفة وَقد تحذف كَقَوْلِه

(1/355)


309 -
(إِذا حَارب الحجّاجُ أيّ مُنَافِق ... )
أَي منافقا أَي مُنَافِق وَهَذَا فِي غَايَة الندور لِأَن الْمَقْصُود بِالْوَصْفِ ب أَي التَّعْظِيم والحذف منَاف لذَلِك وَذكر ابْن مَالك أَن أيا تقع حَالا كَقَوْلِه 310 -
(فللَّه عينا حَبْتر أيّما فَتى ... )
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر أَصْحَابنَا وُقُوعهَا حَالا وأنشدوا الْبَيْت بِرَفْع أَيّمَا على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَالتَّقْدِير أَي فَتى هُوَ وَأَجَازَ الْأَخْفَش وُقُوعهَا نكرَة مَوْصُوفَة قِيَاسا على من وَمَا نَحْو مَرَرْت بِأَيّ كريم وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك لِأَنَّهُ لم يسمع

(1/356)


الْكتاب الأول فِي الْعمد الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر نواسخ الِابْتِدَاء كَانَ وَأَخَوَاتهَا أَفعَال المقربة إِن وَأَخَوَاتهَا ظن وَأَخَوَاتهَا الْفَاعِل نَائِب الْفَاعِل

(1/357)


صفحة فارغة

(1/358)


الْكتاب الأول

فِي الْعمد
ص الْكتاب الأول فِي الْعمد وَهِي المرفوعات والمنصوبات بالنواسخ ش الْعُمْدَة عبارَة عَمَّا لَا يسوغ حذفه من أَجزَاء الْكَلَام إِلَّا بِدَلِيل يقوم مقَام اللَّفْظ بِهِ وَجعل إعرابه الرّفْع كَمَا تقدم فِي أَنْوَاع الْإِعْرَاب وَألْحق مِنْهَا بالفضلات فِي النصب خبر كَانَ وَكَاد وَاسم إِن وَلَا وجزءا ظن فَإِنَّهَا عمد لِأَنَّهَا فِي الأَصْل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر ونصبت
الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر
ص الْمُبْتَدَأ اخْتلف هَل هُوَ أصل أَو الْفَاعِل وَالْمُخْتَار وفَاقا للرضي كل أصل ش اخْتلف فِي أصل المرفوعات فَقيل الْمُبْتَدَأ وَالْفَاعِل فرع عَنهُ وعزي إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَوَجهه أَنه مبدوء بِهِ فِي الْكَلَام وَأَنه لَا يَزُول عَن كَونه مُبْتَدأ وَإِن تَأَخّر وَالْفَاعِل تَزُول فاعليته إِذا تقدم وَأَنه عَامل مَعْمُول وَالْفَاعِل مَعْمُول لَا غير وَقيل الْفَاعِل أصل والمبتدأ فرع عَنهُ وعزي للخليل وَوَجهه أَن عَامله لَفْظِي وَهُوَ أقوى من عَامل الْمُبْتَدَأ المعنوى فَإِنَّهُ إِنَّمَا رفع للْفرق بَينه وَبَين الْمَفْعُول وَلَيْسَ الْمُبْتَدَأ كَذَلِك وَالْأَصْل فِي الْإِعْرَاب أَن يكون للْفرق بَين الْمعَانِي وَقيل كِلَاهُمَا أصلان وَلَيْسَ أَحدهمَا بمحمول على الآخر وَلَا فرع عَنهُ وَاخْتَارَهُ الرضي وَنَقله عَن الْأَخْفَش وَابْن السراج قَالَ وَكَذَلِكَ التَّمْيِيز وَالْحَال والمستثنى أصُول فِي النصب كالمفعول وَلَيْسَت بمحمولة عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَب النُّحَاة انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي فَائِدَة ص وَقَالُوا وَهُوَ الْمُجَرّد من عَامل لَفْظِي غير زَائِد وَنَحْوه مخبرا عَنهُ أَو وَصفا سَابِقًا رَافعا لمنفصل وَلَو ضميرا خلافًا للكوفية كَاف وَشَرطه تقدم نفي وَلَو ب غير أَو اسْتِفْهَام وَثَالِثهَا يجوز دونه بقبح

(1/359)


وَمنعه أَبُو حَيَّان فِي غير مَا والهمزة وَهُوَ قَائِم مقَام الْفِعْل وَمن ثمَّ لَا خبر لَهُ خلافًا لزاعم أَنه مَحْذُوف أَو تاليه وَلَا يصغر وَلَا يُوصف وَلَا يعرف وَلَا يثنى وَلَا يجمع إِلَّا على لُغَة أكلوني البراغيث خلافًا لِابْنِ حوط الله فَإِن طابقهما فخبر مقدم أَو مُفردا أَو مكسرا أَو مَا اسْتَوَى مفرده وَغَيره جَازَ وَدخل بقولنَا غير زَائِد نَحْو {هَل من خلاق} فاطر 3 قَالُوا وَبِحَسْبِكَ دِرْهَم وَالْمُخْتَار وفَاقا لشَيْخِنَا الكافيجي أَنه خبر وبنحوه رب رجل عَالم أفادنا ش حد النُّحَاة الْمُبْتَدَأ بِأَنَّهُ الِاسْم الْمُجَرّد من عَامل لَفْظِي غير الْمَزِيد وَنَحْوه مخبرا عَنهُ أَو وَصفا سَابق رَافعا لمنفصل كَاف فقولنا الْمُجَرّد من عَامل لَفْظِي أخرج الْفَاعِل ونائبه ومدخول النواسخ وَالْخَبَر وَقيد الْعَامِل باللفظي بِنَاء على رَأْيهمْ أَن عَامل الْمُبْتَدَأ معنوي وَهُوَ الِابْتِدَاء وَقَوْلنَا غير الْمَزِيد يدْخل فِيهِ الْمَجْرُور بِحرف زَائِد نَحْو {هَل من خَالق غير الله} فاطر 3 وَبِحَسْبِكَ دِرْهَم فخالق وحسبك مبتدآن لِأَن الْعَامِل الدَّاخِل عَلَيْهِمَا كلا عَامل لزيادته وَقَوْلنَا وَنَحْوه يدْخل نَحْو رب رجل عَالم أفادنا فَرجل مُبْتَدأ وَلَا أثر لرب لِأَنَّهَا فِي حكم الزَّائِد إِذْ لَا تتَعَلَّق بِشَيْء وَهَذَا الْحَد غير مرضِي عِنْدِي لأمرين أَحدهمَا أَن عَامل الْمُبْتَدَأ عِنْدِي الْخَبَر كَمَا سَيَأْتِي اخْتِيَاري لَهُ وَهُوَ لَفْظِي وَالْآخر أَنه شَامِل للْفِعْل الْمُضَارع الْمُجَرّد من ناصب وجازم فَلِذَا توركت بِقَوْلِي قَالُوا وَمَا قَالُوهُ فِي بحسبك دِرْهَم غير مرضِي أَيْضا فَإِن شَيخنَا الكافيجي اخْتَار أَن بحسبك دِرْهَم خبر مقدم وَأَن الْمُبْتَدَأ دِرْهَم نظرا للمعنى لِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة إِذْ الْقَصْد الْإِخْبَار عَن دِرْهَم بِأَنَّهُ كافيه وَمَا قَالَه

(1/360)


شَيخنَا هُوَ الصَّوَاب ثمَّ الْمُبْتَدَأ قِسْمَانِ قسم لَهُ خبر وَقسم لَهُ فَاعل أَو نَائِب عَنهُ يُغني عَن الْخَبَر وَهُوَ الْوَصْف سَوَاء كَانَ اسْم فَاعل أَو اسْم مفعول أَو صفة مشبهة أَو مَنْسُوبا وَشَرطه أَن يكون سَابِقًا فَلَيْسَ مِنْهُ نَحْو أَخَوَاك خَارج أَبوهُمَا لعدم سبقه وَشرط مرفوعه أَن يكون مُنْفَصِلا سَوَاء كَانَ ظَاهرا أم ضميرا نَحْو أقائم أَنْتُمَا وَمنع الْكُوفِيُّونَ الضَّمِير فَلَا يجيزون إِلَّا أقائمان أَنْتُمَا بالمطابقة بِجعْل الضَّمِير مُبْتَدأ مُؤَخرا قَالُوا لِأَن الْوَصْف إِذا رفع الْفَاعِل الساد مسد الْخَبَر جرى مجْرى الْفِعْل وَالْفِعْل لَا ينْفَصل مِنْهُ الضَّمِير ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 311 -
(خَليليَّ مَا وافٍ بعهدِيَ أنْتُما ... إذَا لم تَكُونَا لى عَلى مَن أُقاطِعُ)

(1/361)


وَشَرطه أَيْضا أَن يكون كَافِيا أَي مغنيا عَن الْخَبَر ليخرج نَحْو أقائم أَبَوَاهُ زيد فَإِن الْفَاعِل فِيهِ غير مغن إِذا لَا يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ فزيد فِيهِ مُبْتَدأ وقائم خبر مقدم وَشَرطه أَيْضا تقدم نفي أَو اسْتِفْهَام بِأَيّ أدواتهما ك مَا وَلَا وَإِن وَغير نَحْو غير قَائِم الزيدان وَمِنْه قَوْله 312 -
(غيرُ مأسوفٍ على زَمَن ... يَنْقَضِى بالهمِّ والحَزَن)
وكالهمزة وَهل وَمَا وَمن وَمَتى وَأَيْنَ وَكَيف وَكم وأيان هَكَذَا زعم ابْن مَالك قِيَاسا على سَماع مَا والهمزة وقصره أَبُو حَيَّان عَلَيْهِمَا إِذْ لم يسمع سواهُمَا وَلم يشرط الْكُوفِيُّونَ والأخفش الِاعْتِمَاد عَلَيْهِمَا بِنَاء على رَأْيهمْ الْآتِي فِي عمله غير مُعْتَمد وَشَرطه ابْن مَالك اسْتِحْسَانًا لَا وجوبا فَأَجَازَهُ دونه بقبح وَجعل مِنْهُ قَوْله 313 -
(خَبيرٌ بَنو لِهْبٍ فَلَا تَكُ مُلْغِيٍ ا ... )

(1/362)


وَأجِيب بِأَن خَبِير خبر مقدم وَلم يُطَابق لِأَن بَاب فعيل لَا يلْزم فِيهِ الْمُطَابقَة ثمَّ هَذَا الْوَصْف قَائِم مقَام الْفِعْل لشدَّة شبهه بِهِ وَلأَجل ذَلِك منع مَا يمْنَع مِنْهُ الْفِعْل فَلَا يخبر عَنهُ وَلَا يصغر فَلَا يُقَال أضويرب الزيدان وَلَا يُوصف فَلَا يُقَال أضارب عَاقل الزيدان وَلَا يعرف بأل فَلَا يُقَال الْقَائِم أَخَوَاك وَلَا يثنى وَلَا يجمع فَلَا يُقَال أقائمان أَخَوَاك وأقائمون إخْوَتك على أَن أَخَوَاك وإخوتك فَاعل إِلَّا على لُغَة أكلوني البراغيث كَمَا لَا يقبل الْفِعْل شَيْئا من ذَلِك وَزعم بَعضهم أَن خبر هَذَا الْوَصْف مَحْذُوف ورد بِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَيْهِ لتَمام الْكَلَام بِدُونِهِ وَزعم آخر أَنه الَّذِي يَلِيهِ وَزعم ابْن حوط الله أَنه يجوز تثنيته وَجمعه وَاسْتدلَّ بِحَدِيث أَو مخرجي هم وَأجِيب بِأَنَّهُ على لُغَة أكلوني البراغيث أَو على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وعَلى الأول لَو ثني وَجمع جعل خَبرا مقدما وَالْمَرْفُوع مُبْتَدأ مُؤخر وَيجوز ذَلِك مَعَ مَا تقدم فِي الْإِفْرَاد نَحْو أقائم زيد وَفِي جمع التكسير نَحْو أقيام الرِّجَال وَفِيمَا اسْتَوَى فِيهِ الْمُفْرد وَغَيره نَحْو أجنب الزيدان ص وَرَافِع الْمُبْتَدَأ قَالَ الْجُمْهُور الِابْتِدَاء وَهُوَ جعله أَولا ليخبر عَنهُ وَقيل تجرده وَالْخَبَر الْمُبْتَدَأ وَقيل الِابْتِدَاء وَقيل هما وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية وَابْن جني وَأبي حَيَّان ترافعا وَقيل إِن لم يكن فِي الْخَبَر ذكر وَإِلَّا فبه ش فِي رَافع الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر أَقْوَال فالجمهور وسيبويه على أَن رَافع الْمُبْتَدَأ معنوي وَهُوَ الِابْتِدَاء لِأَنَّهُ بني عَلَيْهِ وَرَافِع لخَبر الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ مَبْنِيّ عَلَيْهِ فارتفع بِهِ كَمَا ارْتَفع هُوَ بِالِابْتِدَاءِ وَضعف بِأَن الْمُبْتَدَأ قد يرفع فَاعِلا نَحْو الْقَائِم أَبوهُ ضَاحِك فَلَو كَانَ رَافعا

(1/363)


للْخَبَر لَأَدَّى إِلَى إِعْمَال وَاحِد رفعين وَلَا نَظِير لَهُ وَأجِيب بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يحذر إِذا اتّحدت الْجِهَة وَهِي هُنَا مُخْتَلفَة وَبِأَنَّهُ قد يكون جَامِدا أَو ضميرا وهما لَا يعملان وَأجِيب بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يُؤثر فِيمَا يعْمل بطرِيق الشّبَه بِالْفِعْلِ وَعمل الْمُبْتَدَأ لَيْسَ بِهِ بل بطرِيق الْأَصَالَة وَقيل الْعَامِل فِي الْخَبَر هُوَ الِابْتِدَاء أَيْضا لِأَنَّهُ طَالب لَهما فَعمل فيهمَا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَابْن السراج والرماني ورد بِأَن أقوى العوامل وَهُوَ الْفِعْل لَا يعْمل رفعين فالمعنوى أولى وَقيل الْعَامِل فِيهِ الِابْتِدَاء والمبتدأ مَعًا وعَلى هَذَا هَل الْعَامِل مَجْمُوع الْأَمريْنِ أَو الِابْتِدَاء بِوَاسِطَة الْمُبْتَدَأ قَولَانِ وَنَظِير الثَّانِي تقَوِّي الْفِعْل بواو المصاحبة فِي الْمَفْعُول مَعَه وبإلا فِي الْمُسْتَثْنى وتقوي الْمُضَاف بِمَعْنى اللَّام أَو من وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُمَا ترافعا فالمبتدأ رفع الْخَبَر وَالْخَبَر رفع الْمُبْتَدَأ لِأَن كل مِنْهُمَا طَالب الآخر ومحتاج لَهُ وَبِه صَار عُمْدَة وَضعف بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْهِ أَن تكون رُتْبَة كل مِنْهُمَا التَّقْدِيم لِأَن أصل كل عَامل أَن يتَقَدَّم على معموله وَأجِيب بِمَنْع ذَلِك بِدَلِيل أدوات الشَّرْط فَإِنَّهَا عَامله فِي أفعالها الْجَزْم وأفعالها عاملة فِيهَا النصب {أيا مَا تدعوا} الْإِسْرَاء 110 وَلَو سلم قُلْنَا كل مِنْهُمَا مُتَقَدم على صَاحبه من وَجه مُتَأَخّر عَنهُ من وَجه آخر فَلَا دور لاخْتِلَاف الْجِهَة أما تقدم الْمُبْتَدَأ فَلِأَن حق الْمَنْسُوب أَن يكون تَابعا للمنسوب إِلَيْهِ وفرعا لَهُ وَأما تقدم الْخَبَر فَلِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة وَهُوَ الْمَقْصُود من الْجُمْلَة لِأَنَّك إِنَّمَا ابتدأت بِالِاسْمِ لغَرَض الْإِخْبَار عَنهُ وَالْغَرَض وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُود فَهُوَ مُتَقَدم فِي

(1/364)


الْقَصْد وَهَذَا الْمَذْهَب اخْتَارَهُ ابْن جني وَأَبُو حَيَّان وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وللكوفيين قَول آخر أَن الْمُبْتَدَأ مَرْفُوع بِالذكر الَّذِي فِي الْخَبَر نَحْو زيد ضَربته لِأَنَّهُ لَو زَالَ الضَّمِير انتصب فَكَانَ الرّفْع مَنْسُوبا للضمير فَإِذا لم يكن ثمَّ ذكر نَحْو الْقَائِم زيد ترافعا وعَلى قَول الْجُمْهُور اخْتلف فِي الِابْتِدَاء فَالْأَصَحّ أَنه جعل الِاسْم أَولا ليخبر عَنهُ وَقيل تجرده من العوامل اللفظية أَي كَونه معرى عَنْهَا ص وَالْخَبَر مُفْرد جامد وَلَا ضمير فِيهِ خلافًا لزاعمه ومشتق يتحمله إِن لم يرفع ظَاهرا وَلَا يحمل غير وَاحِد وَقيل اثْنَيْنِ إِن قدر خلف مَوْصُوف وَثَلَاثَة إِن كَانَ بأل وَفِي نَحْو حُلْو حامض قيل يقدر فيهمَا وَقيل الأول وَقيل الثَّانِي وَقيل فِي الْمَعْنى لَا فِي وَاحِد ويستتر إِن جرى على مَا هُوَ لَهُ وَقيل يبرز فَاعِلا أَو تَأْكِيدًا وَإِلَّا برز وَقَالَ الكوفية وَابْن مَالك مَا لم يُؤمن لبس وَحكمه حَالا ونعتا كالخبر وَالْفِعْل كَهُوَ وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِذا خيف لبس كرر الظَّاهِر ش الْخَبَر ثَلَاثَة أَقسَام مُفْرد وَجُمْلَة وَشبههَا وَهُوَ الظّرْف وَالْمَجْرُور فالمفرد مَا للعوامل تسلط على لَفظه مُضَافا كَانَ أَو غَيره وَهُوَ قِسْمَانِ جامد ومشتق والمشتق مَا دلّ على متصف مصوغا من مصدر كضارب ومضروب وَحسن وَأحسن مِنْهُ والجامد بِخِلَافِهِ فالجامد لَا يتَحَمَّل ضميرا نَحْو زيد أَسد لَا بِمَعْنى شُجَاع وَزعم الْكسَائي أَنه يتحمله وَنسبه صَاحب الْبَسِيط وَغَيره إِلَى الْكُوفِيّين والرماني قَالَ ابْن مَالك وَغَيره وَهُوَ دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رد بِأَنَّهُ لَو تحمل ضميرا لجَاز الْعَطف عَلَيْهِ مؤكدا فَيُقَال هَذَا أَخُوك هُوَ وَزيد كَمَا تَقول زيد قَائِم هُوَ وَعَمْرو والمشتق يتحمله إِن لم يرفع ظَاهرا نَحْو زيد قَائِم بِخِلَاف مَا إِذا رَفعه لفظا نَحْو الزيدان قَائِم أَبوهُمَا أَو محلا نَحْو زيد ممرور بِهِ وَلَا يتَحَمَّل غير ضمير وَاحِد وَقيل إِن قدر خلفا من مَوْصُوف استتر فِيهِ ضميران أَحدهمَا للمبتدأ وَالْآخر للموصوف الَّذِي صَار خلفا مِنْهُ

(1/365)


فَإِن كَانَ صلَة لأل نَحْو زيد الْقَائِم فَفِيهِ ثَلَاثَة ضمائر للمبتدأ وللموصوف الَّذِي صَار خلفا مِنْهُ ولأل فَإِذا أكد قيل فِيهِ زيد الْقَائِم نَفسه نَفسه نَفسه وَلَو تعدد الْخَبَر الْمُشْتَقّ والجميع فِي الْمَعْنى وَاحِد نَحْو هَذَا حُلْو حامض فَفِيهِ أَقْوَال قَالَ الْفَارِسِي لَيْسَ فِي إِلَّا ضمير وَاحِد يحملهُ الثَّانِي لِأَن الأول تنزل من الثَّانِي منزلَة الْجُزْء وَصَارَ الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ بِتَمَامِهَا وَقَالَ بَعضهم يقدر فِي الأول لِأَنَّهُ الْخَبَر فِي الْحَقِيقَة وَالثَّانِي كالصفة لَهُ وَالتَّقْدِير هَذَا حُلْو فِيهِ حموضة وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي اخْتَارَهُ أَن كلا مِنْهُمَا يحمل ضميرا لاشتقاقهما وَلَا يلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا خَبرا على حياله لِأَن الْمَقْصُود جمع الطعمين وَالْمعْنَى أَن فِيهِ حلاوة وحموضة وَقَالَ صَاحب البديع الضَّمِير يعود على الْمُبْتَدَأ من معنى الْكَلَام كَأَنَّك قلت هَذَا مز لِأَنَّهُ لَا يجوز خلو الْخَبَرَيْنِ من الضَّمِير لِئَلَّا تنْتَقض قَاعِدَة الْمُشْتَقّ وَلَا انْفِرَاد أَحدهمَا بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أولى من الآخر وَلَا أَن يكون فيهمَا ضمير وَاحِد لِأَن عاملين لَا يعملان فِي مَعْمُول وَاحِد وَلَا أَن يكون فيهمَا ضميران لِأَنَّهُ يصير التَّقْدِير كُله حُلْو كُله حامض وَلَيْسَ هَذَا الْغَرَض مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَتظهر ثَمَرَة الْخلاف إِذا جَاءَ بعدهمَا نَحْو هَذَا الْبُسْتَان حُلْو حامض رمانه فَإِن قُلْنَا لَا يتَحَمَّل الأول ضميرا تعين أَن يكون الرُّمَّان مَرْفُوعا بِالثَّانِي وَإِن قُلْنَا يتَحَمَّل كَانَ من بَاب التَّنَازُع ولتعارض أَدِلَّة الْأَقْوَال سكت عَن التَّرْجِيح قَالَ ابْن جني راجعت أَبَا عَليّ نيفا وَعشْرين سنة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حَتَّى تبينت لي ثمَّ إِن جرى الْمُشْتَقّ على من هُوَ لَهُ استتر الضَّمِير قَالَ ابْن مَالك بِإِجْمَاع لعدم الْحَاجة إِلَى إبرازه نَحْو زيد هِنْد ضاربته أَي هِيَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَاهُ من الْإِجْمَاع فَفِي الإفصاح أجَاز بعض أهل عصرنا أَن تَقول زيد عَمْرو ضاربه هُوَ فَيكون جَارِيا على من هُوَ لَهُ وترفع

(1/366)


الضَّمِير بِهِ أَو تَجْعَلهُ توكيدا وَإِن جرى على غير من هُوَ لَهُ وَجب إبرازه سَوَاء خيف اللّبْس نَحْو زيد عَمْرو ضاربه هُوَ أم أَمن نَحْو زيد هِنْد ضاربها هُوَ هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَجوز الْكُوفِيُّونَ الاستتار فِي حَال الْأَمْن وتبعهم ابْن مَالك وَاسْتدلَّ بماه حَكَاهُ الْفراء عَن الْعَرَب كل ذِي عين ناظرة إِلَيْك أَي هِيَ وَبِقَوْلِهِ 314 -
(قَوْمي ذُرَى المَجْدِ بانُوها وَقد عَلِمَتْ ... )
أَي بانوها هم وبقراءة ابْن أبي عبلة {إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه} الْأَحْزَاب 53 بجر غير أَي أَنْتُم وبقراءة {فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} الشُّعَرَاء 4 أَي هم وتكلف البصريون تَأْوِيل ذَلِك وَأَمْثَاله وَحكم الْمُشْتَقّ إِذا وَقع حَالا أَو نعتا كحكمه إِذا وَقع خَبرا فِي تحمل الضَّمِير واستتاره زإبرازه وفَاقا وَخِلَافًا قَالَ أَبُو حَيَّان إِلَّا فِي مسالة وَاحِدَة وَهِي مَرَرْت بِرَجُل حسن أَبَوَاهُ جميلين فجميلين صفة جَارِيَة على رجل وَلَيْسَت لَهُ بل لِلْأَبَوَيْنِ وَلم يبرز الضَّمِير فيهمَا بِأَن يُقَال جميلين هما وسوغ ذَلِك كَونه عَائِدًا على الْأَبَوَيْنِ المضافين إِلَى ضَمِيره فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ مَرَرْت بِرَجُل حسن أَبَوَاهُ وَجَمِيل أَبَوَاهُ وَالْفِعْل كالمشتق فِيمَا ذكر أَيْضا نَحْو زيد عمر ويضربه هُوَ وَزيد هِنْد يضْربهَا أَو يضْربهَا هُوَ على الْخلاف وَجوز أَبُو حَيَّان فِي حَالَة اللّبْس أَن يُكَرر الْفَاعِل الظَّاهِر ليزول فَيُقَال زيد عَمْرو يضْربهُ زيد إيقاعا للظَّاهِر موقع الْمُضمر ورد بِأَنَّهُ ضَعِيف فِي غير مَوضِع التفخيم ص وَجُمْلَة اسمية أَو فعلية وَلَو صدرت بِحرف وَشرط معموله وَخَالف الكوفية فِي المصدرة بإن وَقوم فِي التَّنْفِيس ومعمول الْفِعْل وثعلب فِي

(1/367)


القسمية وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الطلبية وتاليها يقدر القَوْل وَقَالَ شَيخنَا الكافيجي إِن اعْتبر ثُبُوته فالثالث أَو مُجَرّد الارتباط فَالْأول لَا ندائية وَذَات لَكِن وبل وَحَتَّى بِإِجْمَاع ش الْجُمْلَة مَا تضمن جزأين لعوامل الْأَسْمَاء تسلط على لَفْظهمَا أَو لفظ أَحدهمَا فَالْأول الاسمية نَحْو زيد أَبوهُ منطلق وَالثَّانِي الفعلية نَحْو زيد قَامَ أَبوهُ أما نَحْو إِن زيد قَائِم أَبوهُ فَلَيْسَ بجملة عِنْد الْمُحَقِّقين ويندرج فِي الاسمية المصدرة بِحرف عَامل نَحْو زيد مَا أَبوهُ قَائِما وَزيد إِنَّه قَائِم وَمنع الْكُوفِيُّونَ وُقُوع المصدرة بإن الْمَكْسُورَة وَمَا عملت فِيهِ خَبرا لمبتدأ ويندرج فِيهَا أَيْضا الْجُمْلَة المصدرة باسم شَرط غير مَعْمُول لفعله نَحْو زيد من يُكرمهُ أكْرمه ويندرج فِي الفعلية المصدرة بِحرف شَرط أَبُو باسم شَرط مَعْمُول لفعله نَحْو زيد إِن يقم أقِم مَعَه وَزيد أَيهمْ يضْرب اضربه والمصدرة بمعمول فعلهَا نَحْو زيد عمرا ضرب أَو يضْرب أَو بِحرف تَنْفِيس وَخَالف فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بعض الْمُتَأَخِّرين والقسمية منعهَا ثَعْلَب ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا} العنكبوت 69 {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لندخلنهم} العنكبوت 9 والطلبية ومنعها ابْن الْأَنْبَارِي لِأَنَّهَا لَا تتحمل الصدْق وَالْكذب وَالْخَبَر حَقه ذَلِك ورد بِأَن الْمُفْرد يَقع خَبرا إِجْمَاعًا وَلَا يحْتَمل ذَلِك وبالسماع قَالَ 315 -
(قَلْبُ مَنْ عِيلَ صَبْرهُ كَيفَ يَسْلو ... صَالِيًا نَارَ لَوْعَةٍ وغَرَام)
وَقَالَ ابْن السراج إِذا وَقعت خَبرا فَالْقَوْل قبلهَا مُقَدّر فنحو زيد اضربه على تَقْدِير أَقُول لَك اضربه وَذَلِكَ الْمُقدر هُوَ الْخَبَر وَالْمَذْكُور معموله قَالَ شَيخنَا الْعَلامَة الكافيجي رَحمَه الله وَلَا يسوغ الْإِخْبَار بجملة ندائية نَحْو زيد يَا أَخَاهُ وَلَا مصدره ب لَكِن أَو بل أَو حَتَّى بِالْإِجْمَاع فِي كل ذَلِك ص وَيجب فِيهَا إِن لم تكنه معنى ضمير عَائِد إِلَيْهِ مُطَابق وَلَا تحذف

(1/368)


مُطلقًا عِنْد الْجُمْهُور إِلَّا فِي نَحْو السّمن منوان بدرهم أَو شذوذ وَقيل يجوز حذف مُبْتَدأ وَثَالِثهَا ومنصوب بِفعل تَامّ متصرف بقلة وَرَابِعهَا بِكَثْرَة وخامسها إِن كَانَ الْمُبْتَدَأ استفهاما أَو كلا أَو كلا وسادسها إِن كَانَ صَدرا أَو لَا يتعرف وسابعها إِن اقْتضى عُمُوما وثامنها إِن نصب بجامد وتاسعها وَصفَة وعاشرها ومجرور أَصله النصب وَالْمُخْتَار إِن دلّ دَلِيل وَلم يؤد إِلَى رُجْحَان عمل آخر جَازَ مُطلقًا وَإِلَّا فَلَا ش الْجُمْلَة إِن كَانَت نفس الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى لم تحتج إِلَى رابط نَحْو أفضل مَا قلته أَنا والنبيون من قبلي لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا فَلَا بُد لَهَا من ضمير عَائِد على الْمُبْتَدَأ يربطها بِهِ وَشَرطه أَن يكون مطابقا لَهُ نَحْو زيد قَامَ غُلَامه وَهل يجوز حذفه فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنه لَا يجوز سَوَاء كَانَ مَرْفُوعا مُبْتَدأ أَو فَاعِلا أَو مَنْصُوبًا بِفعل متصرف أَو جامد أَو نَاقص أَو وصف أَو حرف أَو مجرور إِلَّا فِي صُورَة وَاحِدَة وَهِي أَن يجر بِحرف وَلَا يُؤَدِّي حذفه إِلَى تهيئة عَامل آخر نَحْو السّمن منوان بدرهم أَي منوان مِنْهُ بِخِلَاف مَا إِذا أدّى نَحْو الرَّغِيف أكلت تُرِيدُ مِنْهُ أَو جر بِإِضَافَة سَوَاء كَانَ أَصله النصب نَحْو زيد أَنا ضاربه أم لم يكن نَحْو زيد قَامَ غُلَامه وَقيل يجوز حذف الْمَرْفُوع إِذا كَانَ مُبْتَدأ وَعَلِيهِ صَاحب الْبَسِيط قَالَ لِأَنَّهُ لَا مَانع مِنْهُ نَحْو زيد هُوَ قَائِم وَقَوله 316 -
(ورُبَّ قَتْل عارُ ... )

(1/369)


أَي هُوَ عَار ورد بِأَنَّهُ لَا يدْرِي أحذف شَيْء أم لَا لصلاحية الْمَذْكُور للاستقلال بالخبرية وَقيل يجوز حذف الْمَنْصُوب بِفعل تَامّ متصرف بقلة وَعَلِيهِ ابْن أبي الرّبيع كَقِرَاءَة ابْن عَامر {وكل وعد الله الْحسنى} [النِّسَاء: 95] أَي وعده وَقيل: يجوز ذَلِك بِكَثْرَة وَعَلِيهِ هِشَام من الْكُوفِيّين نَحْو زيد ضربت وَقيل يخْتَص ذَلِك بِمَا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ اسْم اسْتِفْهَام أَو كلا وكلتا أَو كلا وَعَلِيهِ الْفراء كالآية الْمَذْكُورَة وَكَقَوْلِه 317 -
(عليَّ ذَنبا كُلُّه لم أَصْنَع ... )
وَقَوله 318 -
(كِلاَهُما أُجيدُ مُسْتَريضَا ... )
وقولك أَيهمْ ضربت وَوَجهه قِيَاس الِاسْتِفْهَام على الْمَوْصُول بِجَامِع عدم تقدم الْمَعْمُول وَكَون كل وكلا فِي معنى مَا فنحو كل الرِّجَال أَو كلا الرجلَيْن ضربت فِي معنى مَا من الرِّجَال أَو مَا من الرجلَيْن إِلَّا من ضربت و

(1/370)


مَا لَهَا الصَّدْر فَأَشْبَهت الْمَوْصُول فساغ الْحَذف كعائده وَقيل يجوز الْحَذف فِي كل اسْم لَهُ الصَّدْر نَحْو كم وَأي وَفِي كل اسْم لَا يتعرف نَحْو من وَمَا وَحكي هَذَا عَن الْفراء أَيْضا وَوَجهه بِأَنَّهُ إِذا لزمَه الصَّدْر كثر فِيهِ الرّفْع وَقل كَونه مَفْعُولا بِهِ فأجري على الْأَكْثَر من أَحْوَاله بِخِلَاف مَا يتَقَدَّم ويتأخر وَقيل يجوز الْحَذف فِي كل وَمَا أشبههَا فِي اقْتِضَاء الْعُمُوم حُكيَ عَن الْفراء أَيْضا نَحْو رجل يَدْعُو إِلَى خير أُجِيب وَأمر بِخَير أطيع وَقيل يجوز حذف الْمَنْصُوب بِفعل جامد كالتعجب نَحْو أَبوك مَا أحسن أَي أحْسنه وَعَلِيهِ الْكسَائي وَقيل يجوز حذف الْمَنْصُوب بِالْوَصْفِ نَحْو الدِّرْهَم أَنا معطيك وَقيل يجوز حذف الْمَجْرُور إِذا كَانَ أَصله النصب بِأَن كَانَ الْمُضَاف اسْم فَاعل نَحْو زيد أَنا ضَارب أَي ضاربه بِخِلَاف غَيره وَالْمُخْتَار من هَذَا كُله الْجَوَاز بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا وجود دَلِيل يدل على الْمَحْذُوف الثَّانِي أَلا يُؤَدِّي إِلَى رُجْحَان عمل آخر بِأَن يُؤَدِّي إِلَى تهيئة الْعَامِل للْعَمَل وقطعه عَنهُ كَمَا تقدم فِي الرَّغِيف أَكلته مِنْهُ وكأيهم ضربت فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تسليط أكلت وَضربت على نصب الِاسْم الْمُقدم فَمَتَى فقد أحد الشَّرْطَيْنِ لم يجز الْحَذف وَسَوَاء فِي حالتي الْجَوَاز وَالْمَنْع الْمَرْفُوع والمنصوب وَالْمَجْرُور وَقَالَ بَعضهم لَا يجوز الْحَذف إِلَّا بِخَمْسَة شُرُوط أَلا يكون فَاعِلا وَلَا نَائِبا عَنهُ وَلَا مُؤديا إِلَى لبس نَحْو زيد ضَربته فِي دَاره وَلَا إِلَى إخلال نَحْو زيد قَامَ غُلَامه لِأَن حذفه يخل بالتعريف الَّذِي استفاده الْغُلَام مِنْهُ وَلَا إِلَى التهيئة وَالْقطع وَهَذِه الْخَمْسَة ترجع إِلَى الشَّرْطَيْنِ اللَّذين اخترناهما ص ويغني عَنهُ إِشَارَة وَخَصه ابْن الْحَاج بالبعيد والمبتدأ مَوْصُول أَو مَوْصُوف وتكراره بِلَفْظِهِ وَضَعفه سِيبَوَيْهٍ وَثَالِثهَا يخْتَص بِالضَّرُورَةِ وَرَابِعهَا بالتهويل وَعُمُوم الْمُبْتَدَأ وَتوقف ابْن هِشَام

(1/371)


وَعطف جملَة فِيهَا ضَمِيره بِالْفَاءِ قَالَ ابْن هِشَام وَالْوَاو وَالْمُخْتَار وفَاقا للزجاج جَوَاز نَحْو زيد يقوم عَمْرو إِن قَامَ وَإِن لم يعْطف لَا تكراره بِمَعْنَاهُ وَوُجُود ضمير عَائِد إِلَيْهِ بَدَلا من بعض الْجُمْلَة للأخفش فيهمَا ش الأَصْل فِي الرَّبْط الضَّمِير وَلِهَذَا يرْبط بِهِ مَذْكُورا ومحذوفا ويغني عَنهُ أَشْيَاء أَحدهَا الْإِشَارَة نَحْو {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} الْأَعْرَاف 26 {وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا واستكبروا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار} الْأَعْرَاف 36 {إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولا} الْإِسْرَاء 36 وَخَصه ابْن الْحَاج بِكَوْن الْمُبْتَدَأ إِمَّا مَوْصُولا أَو مَوْصُوفا وَالْخَبَر إِشَارَة للبعيد فَيمْتَنع نَحْو زيد قَامَ هَذَا وَزيد قَامَ ذَاك الثَّانِي تكْرَار الْمُبْتَدَأ بِلَفْظِهِ نَحْو زيد قَامَ زيد وَأكْثر مَا يكون فِي مَوَاضِع التهويل والتفخيم نَحْو {الحاقة مَا الحاقة} الحاقة 1، 2 و {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين} الْوَاقِعَة 27 وَقيل إِنَّه يخْتَص بذلك وَلَا يجوز فِي غَيره وَقيل يخْتَص بِالضَّرُورَةِ وَلَا يجوز فِي غَيرهَا وَقيل يجوز فِي الِاخْتِيَار بِضعْف وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ الثَّالِث عُمُوم يَشْمَل الْمُبْتَدَأ نَحْو زيد نعم الرجل وَقَوله 319 -
(فأمّا الصَّبر عَنْهَا فَلَا صَبْرا ... )

(1/372)


وَتوقف فِيهِ الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام فَقَالَ فِي الْمُغنِي كَذَا قَالُوا وَيلْزم أَن يجيزوا زيد مَاتَ النَّاس وَعَمْرو كل النَّاس يموتون وخَالِد لَا رجل فِي الدَّار قَالَ وَأما الْمِثَال فَيخرج على أَن أل فِيهِ للْعهد لَا للْجِنْس وَالْبَيْت الرابط فِيهِ إِعَادَة الْمُبْتَدَأ بِلَفْظِهِ وَلَيْسَ الْعُمُوم فِيهِ مرَادا إِذْ المُرَاد أَنه لَا صَبر لَهُ عَنْهَا لَا أَنه لَا صَبر لَهُ عَن شَيْء الرَّابِع عطف جملَة فِيهَا ضمير الْمُبْتَدَأ بفاء السَّبَبِيَّة على الْجُمْلَة الْمخبر بِهِ الخالية مِنْهُ نَحْو

(1/373)


320 -
(وإنْسان عَيْنِى يَحْسُرُ الماءُ تَارَة ... فيَبْدُو وتاراتٍ يَجمُّ فيَغْرَقُ)
فَفِي يَبْدُو ضمير عَائِد على إِنْسَان الْمُبْتَدَأ وَهِي معطوفة بِالْفَاءِ على يحسر المَاء الْخَبَر الْخَامِس عطف الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة بِالْوَاو وَأَجَازَهُ هِشَام وَحده نَحْو زيد قَامَت هِنْد وَأَكْرمهَا وَمنعه الْجُمْهُور لِأَنَّهَا إِنَّمَا تكون للْجمع فِي الْمُفْردَات لَا فِي الْجمل بِدَلِيل جَوَاز هَذَانِ قَائِم وقاعد دون هَذَانِ يقوم وَيقْعد السَّادِس شَرط يشْتَمل على ضمير مَدْلُول على جَوَابه بالْخبر نَحْو زيد يقوم عَمْرو إِن قَامَ أجَازه الزّجاج وَجزم بِهِ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَهُوَ الْمُخْتَار السَّابِع تكْرَار الْمُبْتَدَأ بِمَعْنَاهُ نَحْو زيد جَاءَنِي أَبُو عبد الله إِذا كَانَ كنيته أجَازه الْأَخْفَش مستدلا بِنَحْوِ {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب وَأَقَامُوا الصَّلَاة إِنَّا لَا نضيع أجر المصلحين} الْأَعْرَاف 170 وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَقَالُوا الرابط الْعُمُوم وَوَافَقَ ابْن عُصْفُور الْأَخْفَش كَمَا جَاءَ ذَلِك فِي الْمَوْصُول حُكيَ أَبُو سعيد الَّذِي رويت عَن الْخُدْرِيّ وَتَابعه الخضراوي وَحسنه ابْن جني الثَّامِن وجود ضمير عَائِد على الْمُبْتَدَأ بَدَلا من بعض الْجُمْلَة الْمخبر بهَا أجَازه الْأَخْفَش أَيْضا نَحْو حسن الْجَارِيَة أعجبتني هُوَ ف أعجبتني خبر حسن وَلَا رابط فِيهَا فَربط بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ هُوَ إِذْ هُوَ بدل من الضَّمِير الْمُؤَنَّث الْمُسْتَتر فِي أعجبتني الْعَائِد على الْجَارِيَة وَهُوَ عَائِد على الْحسن ص وظرف أَو مجرور تَامّ عَامله كَون منوي فِي الْأَصَح وَالتَّحْقِيق وفَاقا لِابْنِ كيسَان أَنه الْخَبَر وَالْعَامِل فِي مرفوعه وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك

(1/374)


تَقْدِيره اسْم فَاعل لتعينه بعد أما وَرجح ابْن الْحَاجِب الْفِعْل وَعَلِيهِ هُوَ من قبيل الْجُمْلَة وعَلى الأول الْمُفْرد وَقيل قسم بِرَأْسِهِ مُطلقًا وَجوز الكوفية النَّاقِص ويتحمل كمشتق وَمنعه الْفراء إِن تقدم ويؤكد ضَمِيره وَعَمله يَأْتِي ش إِذا وَقع الظّرْف أَو الْجَار وَالْمَجْرُور خَبرا فشرطه أَن يكون تَاما نَحْو زيد أمامك وَزيد فِي الدَّار بِخِلَاف النَّاقِص وَهُوَ مَا لَا يفهم بِمُجَرَّد ذكره وَذكر معموله مَا يتَعَلَّق بِهِ نَحْو زيد بك اَوْ فِيك أَو عَنْك أَي واثق بك وراغب فِيك ومعرض عَنْك فَلَا يَقع خَبرا إِذْ لَا فَائِدَة فِيهِ ثمَّ هُنَا مسَائِل الأولى اخْتلف فِي عَامل الظّرْف وَالْمَجْرُور الواقعين خَبرا فَالْأَصَحّ أَنه كَون مُقَدّر وَقيل الْمُبْتَدَأ وَعَلِيهِ ابْن خروف وَنسبه ابْن أبي الْعَافِيَة إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَأَنه عمل فِيهِ النصب لَا الرّفْع لِأَنَّهُ لَيْسَ الأول فِي الْمَعْنى ورد بِأَنَّهُ مُخَالف للمشهور من غير دَلِيل وَبِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ تركيب كَلَام من ناصب ومنصوب بِدُونِ ثَالِث وَقيل بالمخالفة وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَإِذا قلت زيد أَخُوك فالأخ هُوَ زيد أَو زيد خَلفك فالخلف لَيْسَ بزيد فمخالفته لَهُ عملت النصب ورد بِأَن الْمُخَالفَة معنى لَا يخْتَص إِلَّا بالأسماء دون الْأَفْعَال فَلَا يَصح أَن يكون عَامله لِأَن الْعَامِل اللَّفْظِيّ شَرطه أَن يكون مُخْتَصًّا فالمعنوى الأضعف أولى وعَلى الأول يجوز تَقْدِير الْكَوْن باسم الْفَاعِل وبالفعل فالتقدير فِي زيد عنْدك أَو فِي الدَّار زيد كَائِن أَو مُسْتَقر أَو كَانَ أَو اسْتَقر وَاخْتلف فِي الأولى مِنْهُمَا فرجح ابْن مَالك وَغَيره تَقْدِير اسْم الْفَاعِل لِأَن الأَصْل فِي الْخَبَر الْإِفْرَاد وَالتَّصْرِيح بِهِ فِي قَوْله 321 -
(فأنْتَ لدَى بُحْبُوحَةِ الهُون كَائنُ ... )

(1/375)


ولتعينه فِي بعض الْمَوَاضِع وَهُوَ مَا لَا يصلح فِيهِ خَبرا الْفِعْل نَحْو أما عنْدك فزيد وَخرجت فَإِذا عنْدك زيد لِأَن أما وَإِذا الفجائية لَا يليهما فعل وَرجح ابْن الْحَاجِب تبعا للزمخشري والفارسي تَقْدِير الْفِعْل لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْعَمَل ولتعينه فِي الصِّلَة وَأجِيب بِالْفرقِ فَإِنَّهُ فِي الصِّلَة وَاقع موقع الْجُمْلَة وَفِي الْخَبَر وَاقع موقع الْمُفْرد ثمَّ إِن قدرت اسْم الْفَاعِل كَانَ من قبيل الْخَبَر الْمُفْرد وَإِن قدرت الْفِعْل كَانَ من قبيل الْجُمْلَة فَلَا يخرج الْخَبَر عَن الْقسمَيْنِ وَقيل هُوَ قسم بِرَأْسِهِ مُطلقًا وَعَلِيهِ ابْن السراج الثَّانِيَة ذهب ابْن كيسَان إِلَى أَن الْخَبَر فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْعَامِل الْمَحْذُوف وَأَن تَسْمِيَة الظّرْف خَبرا مجَاز وَتَابعه ابْن مَالك وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيق وَذهب الْفَارِسِي وَابْن جني إِلَى أَن الظّرْف هُوَ الْخَبَر حَقِيقَة وَأَن الْعَامِل صَار نسيا منسيا وَأَجْمعُوا أَن الْقَوْلَيْنِ جاريان فِي عمله الرّفْع هَل هُوَ لَهُ حَقِيقَة أَو للمقدر وَفِي تحمله الضَّمِير هَل هُوَ فِيهِ حَقِيقَة أَو فِي الْمُقدر وَالْأَكْثَرُونَ فِي الْمسَائِل الثَّلَاث على أَن الحكم للظرف حَقِيقَة الثَّالِثَة البصريون على أَن الظّرْف يتَحَمَّل ضمير الْمُبْتَدَأ كالمشتق سَوَاء تقدم أم تَأَخّر وَقَالَ الْفراء لَا ضمير فِيهِ إِلَّا إِذا تَأَخّر فَإِن تقدم فَلَا وَإِلَّا جَازَ أَن يُؤَكد ويعطف عَلَيْهِ ويبدل مِنْهُ كَمَا يفعل ذَلِك مَعَ التَّأْخِير وَمن تأكيده مُتَأَخِّرًا قَوْله 362 -
(فإنّ فُؤَادِي عِنْدكَ - الدَّهْرَ - أَجْمَعُ ... )
وَسَيَأْتِي عمل الظّرْف وَالْمَجْرُور فِي الْكتاب الرَّابِع ص وَلَا يخبر بِزَمَان عَن عين وَقيل يجوز إِن كَانَ فِيهِ معنى الشَّرْط وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك إِن أَفَادَ ويخبر عَن معنى فَإِن وَقع فِي بعضه قل رَفعه أَو كُله أَو أَكْثَره وَهُوَ نكرَة كثر وَيجوز نَصبه وجره ب فِي خلافًا للكوفية فيهمَا أَو معرفَة جَازَ بِاتِّفَاق

(1/376)


ش وَالْمَشْهُور أَن ظرف الزَّمَان لَا يجوز الْإِخْبَار بِهِ عَن اسْم عين فَلَا يُقَال زيد الْيَوْم لعدم الْفَائِدَة سَوَاء جِئْت بِهِ مَنْصُوبًا أَو مجرورا ب فِي وَأَن مَا ورد من ذَلِك مؤول على حذف مُضَاف كَقَوْلِه الْيَوْم خمر وَغدا أَمر أَي شرب خمر وَاللَّيْلَة الْهلَال أَي طلوعه وَأَجَازَ ذَلِك قوم إِذا كَانَ فِيهِ معنى الشَّرْط نَحْو الرطب إِذا جَاءَ الْحر وَأَجَازَهُ بعض الْمُتَأَخِّرين بِشَرْط الْفَائِدَة وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَضَبطه بِأَن يشابه اسْم الْعين اسْم الْمَعْنى فِي حُدُوثه وقتا دون وَقت نَحْو اللَّيْلَة الْهلَال وَالرّطب شَهْري ربيع والبلح شَهْرَيْن أَو يُضَاف إِلَيْهِ اسْم معنى عَام نَحْو أكل يَوْم ثوب تلبسه أَو يعم وَالزَّمَان خَاص نَحْو نَحن فِي شهر كَذَا أَو مسؤول بِهِ عَن خَاص نَحْو فِي أَي الْفُصُول نَحن وَيجوز الْإِخْبَار بظرف الزَّمَان عَن اسْم الْمَعْنى ثمَّ إِن كَانَ وَاقعا فِي جَمِيعه وَهُوَ معرفَة جَازَ رَفعه ونصبه بِإِجْمَاع نَحْو صيامك يَوْم الْخَمِيس بِالْوَجْهَيْنِ وَالنّصب هُوَ الأَصْل وَالْغَالِب أَو نكرَة فَأوجب الْكُوفِيُّونَ رَفعه نَحْو ميعادك يَوْم ويومان {غدوها شهر ورواحها شهر} سبأ 12 {وَحمله وفصله ثَلَاثُونَ شهرا} الْأَحْقَاف 15 وَجوز البصريون مَعَه النصب والجر بفي وَكَذَا إِن كَانَ وَاقعا فِي أَكْثَره نَحْو {الْحَج أشهر} الْبَقَرَة 197 وَإِن وَقع فِي بعضه فَحكى ابْن مَالك الْإِجْمَاع على جَوَاز الْوَجْهَيْنِ فِي النكرَة والمعرفة وَالنّصب أَجود وَرُوِيَ بهما قَوْله 323 -
(زَعم البَوارحُ أَنّ رحْلَتنا غَداً ... )
ص وَرفع مَكَان متصرف عَن عين نكرَة جَائِز وَعَن الكوفية إِن عطف مثله مُخْتَار وَإِلَّا وَاجِب وَمَعْرِفَة مَرْجُوح والكوفية ضَرُورَة إِلَّا بعد مَكَان وَيكثر فِي موقت متصرف بعد عين قدر فِيهِ بعد فَإِن قصد بأنت مني فرسخين أَنْت من

(1/377)


أشياعي مَا سرناهما تعين النصب وَنصب الْيَوْم مَعَ الْجُمُعَة وَنَحْوهَا مِمَّا يتَضَمَّن عملا ك الْيَوْم يَوْمك جَائِز لَا غَيره ك الْأَحَد خلافًا للفراء وَهِشَام وَلَا الشُّهُور وَرفع وَنصب ظهرك خَلفك ونعلك أسفلك وَشبهه وَيلْزم نصب غير متصرف ك فَوق وَقيل إِلَّا فِيمَا كَانَ من الْجَسَد ش فِيهِ مسَائِل الأولى إِذا أخبر بظرف مَكَان متصرف عَن اسْم عين فَإِن كَانَ الظّرْف نكرَة نَحْو الْمُسلمُونَ جَانب وَالْمُشْرِكُونَ جَانب وَنحن قُدَّام وَأَنْتُم خلف جَازَ فِيهِ الرّفْع وَالنّصب عِنْد الْبَصرِيين والكوفيين فِي الْمَشْهُور عَنْهُم وعنهم رِوَايَة أَن الرّفْع وَاجِب إِلَّا إِن عطف عَلَيْهِ مثله نَحْو الْقَوْم يَمِين وشمال فَيجوز فِيهِ النصب عِنْد الْبَصرِيين والكوفيين أَو معرفَة نَحْو زيد خَلفك وداري خلف دَارك فالنصب رَاجِح وَالرَّفْع مَرْجُوح وَخَصه الْكُوفِيُّونَ بالشعر أَو بِمَا هُوَ خبر اسْم مَكَان كالمثال الثَّانِي الثَّانِيَة إِذا أخبر بموقت متصرف من الظرفين عَن اسْم عين يقدر إِضَافَة بعد إِلَيْهِ جَازَ فِيهِ الرّفْع وَالنّصب والموقت الْمَحْدُود كزيد مني فَرسَخ وفرسخا وَيَوْم وَيَوْما أَي بعد زيد مني وَاحْترز بالمتصرف عَن اللَّازِم للظرفية كضحوة معينا فَإِن قصد فِي نَحْو أَنْت منى فرسخين أَنْت من أشياعي مَا سرنا فرسخين تعين النصب على الظَّرْفِيَّة وَالْخَبَر مُتَعَلق منى أَي كَائِن بِخِلَاف الرّفْع فَإِنَّهُ على تَقْدِير بعد مَكَانك منى فرسخان الثَّالِثَة إِذا قلت الْيَوْم الْجُمُعَة جَازَ رفع الْيَوْم ونصبه وَكَذَلِكَ نَحْو الْجُمُعَة مِمَّا تضمن عملا كالسبت والعيد وَالْفطر والأضحى والنيروز فَإِن فِي الْجُمُعَة معنى الِاجْتِمَاع وَفِي السبت معنى الْقطع وَفِي الْعِيد معنى الْعود وَفِي الْفطر معنى الْإِفْطَار وَفِي الْأَضْحَى معنى التَّضْحِيَة وَفِي النيروز معنى

(1/378)


الِاجْتِمَاع وَكَذَلِكَ قَوْلك الْيَوْم يَوْمك لِأَنَّهُ على معنى شَأْنك وأمرك الَّذِي تذكر بِهِ وَأما الْأَحَد وَمَا بعده من الْأَيَّام فَلَا يجوز فِيهِ إِلَّا الرّفْع لِأَن ذَلِك لَا يتَضَمَّن عملا وَالنّصب إِنَّمَا هُوَ على أَنه كَائِن فِيهَا شَيْء وَلَا شَيْء كَائِن فِيهَا بِخِلَاف مَا تقدم وَأَجَازَ الْفراء وَهِشَام النصب فِي ذَلِك أَيْضا بِنَاء على الْآن أَي على معنى أَن الْآن أَعم من الْأَحَد والاثنين فَيجْعَل الْأَحَد والاثنين وَاقعا فِي الْآن كَمَا تَقول فِي هَذَا الْوَقْت هَذَا الْيَوْم قَالَ أَبُو حَيَّان وَمُقْتَضى قَوَاعِد الْبَصرِيين فِي غير أَسمَاء الْأَيَّام من أَسمَاء الشُّهُور وَنَحْوهَا الرّفْع فَقَط نَحْو أول السّنة الْمحرم وَالْوَقْت الطّيب الْمحرم الرَّابِعَة إِذا قلت ظهرك خَلفك جَازَ رفع الْخلف ونصبه أما الرّفْع فَلِأَن الْخلف فِي الْمَعْنى الظّهْر وَأما النصب فعلى الظّرْف وَكَذَا مَا أشبه ذَلِك نَحْو نعلك أسفلك قَالَ تَعَالَى {والركب أَسْفَل مِنْكُم} الْأَنْفَال 42 قرئَ بِالْوَجْهَيْنِ فَإِن كَانَ الظّرْف الْمخبر بِهِ غير متصرف تعين النصب نَحْو رَأسك فَوْقك ورجلاك تَحْتك بِالنّصب لَا غير لِأَن فَوق وَتَحْت لَا يستعملان إِلَّا ظرفا وَقيل يجوز الرّفْع فِيمَا كَانَ من الْجَسَد كالمثالين الْمَذْكُورين بِخِلَاف مَا لَيْسَ مِنْهُ نَحْو فَوْقك قلنسوتك وتحتك نعلك ص وَمنعُوا الْإِخْبَار ب وَحده وَأَجَازَهُ يُونُس وَهِشَام وَفِي جَوَاز تَقْدِيمه خلف ش منع الْجُمْهُور الْإِخْبَار بوحده لِأَنَّهُ اسْم جرى مجْرى الْمصدر فَلَا يخبر بِهِ وَأَجَازَهُ يُونُس وَهِشَام فَيُقَال زيد وَحده إِجْرَاء لَهُ مجْرى عِنْده وَتَقْدِيره زيد مَوضِع التفرد وعَلى هَذَا هَل يجوز تَقْدِيمه فَيُقَال وَحده زيد كَمَا

(1/379)


يُقَال فِي دَاره زيد قَالَ يُونُس وَهِشَام لَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَحجَّة يُونُس وَهِشَام نَص الْعَرَب على قَوْلهم زيد وَحده ص ويغني عَن الْخَبَر مصدر ومفعول بِهِ وَحَال قَالَ الْكسَائي وَوصف مجرور ش قد يُغني عَن الْخَبَر مصدر نَحْو زيد سيرا أَي يسير سيرا ومفعول بِهِ نَحْو إِنَّمَا العامري عمَامَته أَي متعهد عمَامَته وَحَال وَحكى الْأَخْفَش زيد قَائِما أَي ثَبت قَائِما وَقُرِئَ {وَنحن عصبَة} يُوسُف 8 بِالنّصب قَالَ الْكسَائي وَوصف مجرور ... . ص مَسْأَلَة الأَصْل تَعْرِيف مُبْتَدأ وتنكير خَبره فَإِن اجْتمعَا فالمعرفة الْمُبْتَدَأ إِلَّا فِي كم مَالك وَخير مِنْك زيد عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقد يعرفان فَيُخَير فِي الْمُبْتَدَأ وَقيل الْأَعَمّ وَقيل بِحَسب الْمُخَاطب وَقيل الْمَعْلُوم عِنْده وَقيل الأعرف وَقيل غير الصّفة ش الأَصْل تَعْرِيف الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ الْمسند إِلَيْهِ فحقه أَن يكون مَعْلُوما لِأَن الْإِسْنَاد إِلَى الْمَجْهُول لَا يُفِيد وتنكير الْخَبَر لِأَن نسبته من الْمُبْتَدَأ نِسْبَة الْفِعْل من الْفَاعِل وَالْفِعْل يلْزمه التنكير فرجح تنكير الْخَبَر على تَعْرِيفه فَإِذا اجْتمع معرفَة ونكرة فالمعرفة الْمُبْتَدَأ والنكرة الْخَبَر إِلَّا فِي صُورَتَيْنِ اسْتثِْنَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِحْدَاهمَا نَحْو كم مَالك فَإِن كم مُبْتَدأ وَهِي نكرَة وَمَا بعْدهَا معرفَة لِأَن أَكثر مَا يَقع بعد أَسمَاء الِاسْتِفْهَام النكرَة والجمل والظروف وَيتَعَيَّن إِذْ ذَاك كَون اسْم الِاسْتِفْهَام مُبْتَدأ نَحْو من قَائِم وَمن قَامَ وَمن عنْدك فَحكم على كم بِالِابْتِدَاءِ حملا للأقل على الْأَكْثَر الثَّانِيَة أفعل التَّفْضِيل نَحْو خير مِنْك زيد وتوجيهه مَا تقدم فِي كم وَغير سِيبَوَيْهٍ يَجْعَل الْمعرفَة فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُبْتَدَأ جَريا على الْقَاعِدَة وَقَالَ هِشَام يتَّجه عِنْدِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ إعمالا للدليلين وَإِذا اجْتمع معرفتان فَفِي الْمُبْتَدَأ أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَعَلِيهِ ظَاهر قَول سِيبَوَيْهٍ أَنَّك بِالْخِيَارِ فَمَا شِئْت

(1/380)


مِنْهُمَا فاجعله مُبْتَدأ وَالثَّانِي أَن الْأَعَمّ هُوَ الْخَبَر نَحْو زيد صديقي إِذا كَانَ لَهُ أصدقاء غَيره وَالثَّالِث أَنه بِحَسب الْمُخَاطب فَإِن علم مِنْهُ أَنه فِي علمه أحد الْأَمريْنِ أَو يسْأَله عَن أَحدهمَا بقوله من الْقَائِم فَقيل فِي جَوَابه الْقَائِم زيد فالمجهول الْخَبَر وَالرَّابِع أَن الْمَعْلُوم عِنْد الْمُخَاطب هُوَ الْمُبْتَدَأ والمجهول الْخَبَر وَالْخَامِس إِن اخْتلفت رتبتهما فِي التَّعْرِيف فأعرفهما الْمُبْتَدَأ وَإِلَّا فَالسَّابِق وَالسَّادِس أَن الِاسْم مُتَعَيّن للابتداء وَالْوَصْف مُتَعَيّن للْخَبَر نَحْو الْقَائِم زيد ص وينكران بِشَرْط الْفَائِدَة وَتحصل غَالِبا بِكَوْنِهِ وَصفا أَو مَوْصُوفا بِظَاهِر أَو مُقَدّر أَو عَاملا أَو دُعَاء أَو جَوَابا أَو وَاجِب الصَّدْر أَو مُصَغرًا أَو مثلا أَو عطف على سَائِغ للابتداء أَو عطف عَلَيْهِ بِالْوَاو وَقد بِهِ عُمُوم أَو تعجب أَو إِبْهَام أَو خرق للْعَادَة أَو تنويع أَو حصر أَو الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ أَو تَلا نفيا أَو استفهاما وَلَو بِغَيْر همزَة خلافًا لِابْنِ الْحَاجِب أَو لَوْلَا أَو وَاو الْحَال أَو فَاء الْجَزَاء أَو إِذا فجاءة أَو بَينا أَو بَيْنَمَا أَو ظرفا أَو مجرورا قَالَ ابْن مَالك وَابْن النّحاس أَو جملَة خَبرا ش يجوز الِابْتِدَاء بالنكرة بِشَرْط الْفَائِدَة وَتحصل غَالِبا بِأحد أُمُور أَولهَا أَن تكون وَصفا كَقَوْلِهِم ضَعِيف عاذ بقرملة أَي حَيَوَان ضَعِيف التجأ إِلَى ضَعِيف والقرملة شَجَرَة ضَعِيفَة الثَّانِي أَن تكون مَوْصُوفَة إِمَّا بِظَاهِر نَحْو {وَأجل مُسَمّى عِنْده} الْأَنْعَام 2 {ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك} الْبَقَرَة 221 أَو مُقَدّر نَحْو السّمن منوان بدرهم أَي منوان مِنْهُ شَرّ أهر ذَا نَاب أَي شَرّ عَظِيم

(1/381)


الثَّالِث أَن تكون عاملة إِمَّا رفعا نَحْو قَائِم الزيدان عِنْد من أجَازه أَو نصبا نَحْو أَمر بِمَعْرُوف صَدَقَة أَو جرا نَحْو غُلَام امْرَأَة جَاءَنِي وَخمْس صلوَات كتبهن الله وَمثلك لَا يبخل وَغَيْرك لَا يجود الرَّابِع أَن تكون دُعَاء نَحْو {سَلام على إل ياسين} الصافات 130 {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} المطففين 1 الْخَامِس أَن تكون وجوابا نَحْو دِرْهَم فِي جَوَاب مَا عنْدك أى دِرْهَم عِنْدِي فَيقدر الْخَبَر مُتَأَخِّرًا وَلَا يجوز تَقْدِيره مُتَقَدما لِأَن الْجَواب يسْلك بِهِ سَبِيل السُّؤَال والمقدم فِي السُّؤَال هُوَ الْمُبْتَدَأ السَّادِس أَن تكون وَاجِبَة التصدير كالاستفهام نَحْو من عنْدك وَالشّرط نَحْو من يقم أقِم مَعَه السَّابِع أَن تكون مصغرة نَحْو رجيل جَاءَنِي لِأَنَّهُ فِي معنى رجل صَغِير الثَّامِن أَن تكون مثلا إِذْ الْأَمْثَال لَا تغير نَحْو لَيْسَ عبد بِأَخ لَك التَّاسِع أَن يعْطف على سَائِغ الِابْتِدَاء نَحْو زيد وَرجل قائمان {قَول مَعْرُوف ومغفرة خير من صَدَقَة} الْبَقَرَة 263 الْعَاشِر أَن يعْطف عَلَيْهِ ذَلِك نَحْو طَاعَة وَقَول مَعْرُوف أَي أمثل من غَيرهمَا الْحَادِي عشر إِلَى السَّابِع عشر أَن يقْصد بِهِ عُمُوم نَحْو كل يَمُوت أَو تعجب نَحْو عجب لزيد أَو إِبْهَام نَحْو مَا أحسن زيدا أَو خرق للْعَادَة نَحْو شَجَرَة سجدت وبقرة تَكَلَّمت أَو تنويع 324 -
(فَيَوْمٌ عَلَيْنا ويوْمٌ لَنا ... ويوْمٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ)
أَو حصر نَحْو شَرّ أهر ذَا نَاب أَي مَا أهر ذَا نَاب إِلَّا شَرّ وَشَيْء جَاءَ بك أَي مَا جَاءَ بك إِلَّا شىء أَو الْحَقِيقَة من حَيْثُ نَحْو رجل خير من امْرَأَة وَتَمْرَة خير من جَرَادَة

(1/382)


الثَّامِن عشر إِلَى الْخَامِس وَالْعِشْرين أَن يسْبقهُ نفي نَحْو مَا رجل فِي الدَّار أَو اسْتِفْهَام نَحْو {أءله مَعَ الله} النَّمْل 61 هَل رجل فِي الدَّار وقصره ابْن الْحَاجِب فِي شرح وافيته على الْهمزَة المعادلة بِأم نَحْو أرجل فِي الدَّار أم امْرَأَة قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَلَيْسَ كَمَا أَو لَوْلَا نَحْو 325 -
(لَوْلَا اصْطِبارٌ لأوْدَى كُلُّ ذِي مِقَةٍ ... )
أَو وَاو الْحَال نَحْو 326 -
(سَريْنا ونَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ ... )
وَفَاء الْجَزَاء كَقَوْلِهِم إِن ذهب عير فَعير فِي الرَّهْط وعير الْقَوْم سيدهم أَو إِذا الفجائية نَحْو خرجت فَإِذا رجل بِالْبَابِ أَو بَينا أَو بَيْنَمَا نَحْو ... .

(1/383)


وَالْخَبَر وَهُوَ ظرف أَو مجرور أَو جملَة نَحْو {ولدينا مزِيد} ق 35 {لكل أجل كتاب} الرَّعْد 38 قصدك غُلَامه رجل وإلحاق الْجُمْلَة فِي ذَلِك بالظرف وَالْمَجْرُور ذكره ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم أحدا وَافقه انْتهى وَقد وَافقه عصريه الْبَهَاء بن النّحاس شيخ أبي حَيَّان فِي تَعْلِيقه على المقرب ص مَسْأَلَة الأَصْل تَأْخِير الْخَبَر وَيجب إِن اتحدا عرفا ونكرا وَلَا بَيَان فِي الْأَصَح أَو كَانَ طلبا أَو فعلا فَلَو رفع البارز فالجمهور يقدم وَثَالِثهَا الْمُخْتَار وفَاقا لوالدي إِن كَانَ جمعا لَا مثنى أَو اقْترن بِالْفَاءِ أَو إِلَّا أَو إِنَّمَا قيل أَو الْبَاء الزَّائِدَة أَو الْمُبْتَدَأ لَازم الصَّدْر أَو دُعَاء أَو تلو إِمَّا ش الأَصْل تَقْدِيم الْمُبْتَدَأ وَتَأْخِير الْخَبَر لِأَن الْمُبْتَدَأ مَحْكُوم عَلَيْهِ فَلَا بُد من تَقْدِيمه ليتَحَقَّق وَيجوز تَأْخِيره حَيْثُ لَا مَانع نَحْو قَائِم زيد وَيجب الْتِزَام الأَصْل لأسباب أَحدهَا أَن يُوهم التَّقْدِيم ابتدائية الْخَبَر بِأَن يَكُونَا معرفتين أَو نكرتين متساويتين وَلَا قرينَة نَحْو زيد أَخُوك وَأفضل مِنْك أفضل مني فَإِن كَانَ قرينَة جَازَ التَّقْدِيم نَحْو أَبُو يُوسُف أَبُو حنيفَة وَقَوله 327 -
(بَنُونا بَنُو أَبنائِنا ... )

(1/384)


وَقَوله 328 -
(قَبيلةٌ ألأمُ الأَحْيَاء أَكْرمُها ... وأغْدَرُ النَّاس بالجيران وَافِيها)
أَي أكرمها ألأم الْأَحْيَاء وَمِنْهُم من أجَاز التَّقْدِيم مُطلقًا وَلم يلْتَفت إِلَى إِيهَام الانعكاس وَقَالَ الْفَائِدَة تحصل للمخاطب سَوَاء قدم الْخَبَر أم أخر وَقد أجَاز ابْن السَّيِّد فِي قَوْله 329 -
(شَرُّ النٍّ سَاءَ البَحاتِرُ ... )
أَن يكون شَرّ النِّسَاء مُبْتَدأ والبحاتر خَبره وَعَكسه وَمِنْهُم من منع التَّقْدِيم مُطلقًا وَلم يفصل بَين مَا دلّ عَلَيْهِ الْمَعْنى وَغَيره الثَّانِي أَن يكون الْخَبَر طلبا نَحْو زيد اضربه وَزيد هلا ضَربته الثَّالِث وَالرَّابِع أَن يكون الْخَبَر فعلا نَحْو زيد قَامَ إِذْ لَو قدم لأوهم الفاعلية فَلَو رفع البارز فَأطلق الْجُمْهُور جَوَاز تَقْدِيمه مُطلقًا نَحْو قاما الزيدان وَقَامُوا الزيدون وَخَصه وَالِدي رَحمَه الله بِالْجمعِ وَمنعه فِي الْمثنى لبَقَاء الإلباس على السَّامع لسُقُوط الْألف لملاقاة السَّاكِن ذكر ذَلِك فِي حَوَاشِيه على ابْن المُصَنّف وَمنع قوم التَّقْدِيم مُطلقًا حملا لحالة التَّثْنِيَة وَالْجمع على الْإِفْرَاد لِأَنَّهُ الأَصْل

(1/385)


الْخَامِس أَن يقْتَرن الْخَبَر بِالْفَاءِ نَحْو الَّذِي يأتيني فَلهُ دِرْهَم لِأَن الْفَاء دخلت لشبهه بالجزاء وَالْجَزَاء لَا يتَقَدَّم على الشَّرْط السَّادِس أَن يقْتَرن بإلا أَو إِنَّمَا نَحْو {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} آل عمرَان 144 {إِنَّمَا أَنْت نَذِير} هود 12 وشذ 330 -
(وهَلْ إلاّ عَلَيْكَ الْمُعَوّلُ ... )
السَّابِع أَن يكون الْمُبْتَدَأ لَازم الصَّدْر كالاستفهام نَحْو أَيهمْ أفضل وَالشّرط نَحْو من يقم أقِم مَعَه والمضاف إِلَى أَحدهمَا نَحْو غُلَام أَيهمْ أفضل وَغُلَام من يقم أقِم مَعَه وَضمير الشَّأْن نَحْو هُوَ زيد منطلق ومدخول لَام الِابْتِدَاء نَحْو لزيد قَائِم الثَّامِن أَن يكون الْمُبْتَدَأ دُعَاء نَحْو {سَلام عَلَيْك} مَرْيَم 47 وويل لزيد التَّاسِع أَن يكون الْمُبْتَدَأ بعد أما نَحْو أما زيد فعالم لِأَن الْفَاء لَا تلِي أما الْعَاشِر أَن يَقع الْخَبَر مُؤَخرا فِي مثل نَحْو الْكلاب على الْبَقر وَهَذِه الصُّورَة هِيَ الْآتِيَة فِي قولي وَيمْنَع إِن قدم مثلا كتأخيره وَزَاد بَعضهم أَن يقْتَرن الْخَبَر بِالْبَاء الزَّائِدَة نَحْو مَا زيد بقائم على لُغَة الإهمال

(1/386)


[الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لتقديم الْخَبَر]
ص وَيمْنَع إِن قدم مثلا كتأخيره أَو كَانَ ذَا الصَّدْر خلافًا للأخفش والمازني أَو كم الخبرية أَو مُضَافا إِلَى ذَلِك أَو إِشَارَة ظرفا أَو مصححا للابتداء بنكرة خلافًا للجزولي أَو دَالا على مَا يفهم بالتقديم وَمِنْه سَوَاء عَليّ أَقمت أم قعدت على أَن مَدْخُول الْهمزَة مُبْتَدأ وَقيل عَكسه وَقيل فَاعل مغن وَقيل مفعول وَسَوَاء لَا خبر لَهُ أَو مُسْندًا دون أما إِلَى أَن خلافًا للفراء والأخفش أَو إِلَى مقرون بأداة حصر أَو فَاء أَو ذِي ضمير ملابسه لَا إِن أمكن تَقْدِيم صَاحبه وَمنع الْأَخْفَش فِي دَاره زيد والكوفية فِي دَاره قيام زيد أَو عبد زيد وقائم أَو ضَربته زيد وقائم أَو قَامَ أَبوهُ زيد وزيدا أَبوهُ ضرب أَو ضَارب وأجازهما هِشَام وَالْكسَائِيّ الْأَخِيرَة وضربته دون قَائِم ش يمْنَع تَأْخِير الْخَبَر وَيجب تَقْدِيمه لأسباب أَحدهَا أَن يسْتَعْمل كَذَلِك فى مثل لِأَن الْأَمْثَال لَا تغير كَقَوْلِهِم فِي كل وَاد بَنو سعد الثَّانِي أَن يكون وَاجِب التصدير كالاستفهام نَحْو أَيْن زيد وَكَيف عَمْرو والمضاف إِلَيْهِ نَحْو صبح أَي يَوْم السّفر الثَّالِث أَن يكون كم الخبرية أَو مُضَافا إِلَيْهَا نَحْو كم دِرْهَم مَالك وَصَاحب كم غُلَام أَنْت الرَّابِع أَن يكون اسْم إِشَارَة ظرفا نَحْو ثمَّ زيد وَهنا عَمْرو وَقُرِئَ {ثمَّ الله شَهِيد} يُونُس 46 وَوَجهه تَقْدِيمه الْقيَاس على سَائِر الإشارات فَإنَّك تَقول هَذَا زيد وَلَا تَقول زيد هَذَا الْخَامِس أَن يكون تَقْدِيمه مصححا للابتداء بالنكرة وَهُوَ الظّرْف وَالْمَجْرُور وَالْجُمْلَة كَمَا سبق

(1/387)


السَّادِس أَن يكون دَالا على مَا يفهم بالتقديم وَلَا يفهم بِالتَّأْخِيرِ نَحْو لله دَرك فَلَو أخر لم يفهم مِنْهُ معنى التَّعَجُّب الَّذِي يفهم مِنْهُ التَّقْدِيم وَمِنْه سَوَاء عليَّ أَقمت أم قعدت على أَن الْمَعْنى سَوَاء عَليّ الْقيام وَعَدَمه فمدخول الْهمزَة مُبْتَدأ وَسَوَاء خَبره قدم وجوبا لِأَنَّهُ لَو تَأَخّر لتوهم السَّامع أَن الْمُتَكَلّم مستفهم حَقِيقَة وَقيل سَوَاء هُوَ الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَة خَبره وَقيل هُوَ مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة فَاعل مغن عَن الْخَبَر وَالتَّقْدِير اسْتَوَى عِنْدِي أَقمت أم قعدت وَقيل هُوَ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ وَالْجُمْلَة مفعول ب لَا أُبَالِي معينا ب سَوَاء قَالَه السُّهيْلي السَّابِع أَن يكون الْخَبَر مُسْند دون أما إِلَى أَن الْمَفْتُوحَة الْمُشَدّدَة وصلتها نَحْو {وءاية لَهُم أَن حملنَا} يس 41 / إِذْ لَو أخر لالتبس بالمكسورة وَجوز الْفراء والأخفش تَأْخِيره قِيَاسا على الْمسند إِلَى أَن المخففة نَحْو {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} الْبَقَرَة 184 فَإِن ولي أما جَازَ التَّأْخِير اتِّفَاقًا نَحْو 331 -
(عِنْدي اصْطِبارٌ، وأَمّا أَنّنى جَزعٌ ... يَوْمَ النّوى فلِوَجْدَ كَاد يَبْرينى)
الثَّامِن وَالتَّاسِع والعاشر أَن يكون مُسْندًا إِلَى مقرون بأداة حصر لِئَلَّا يلتبس نَحْو مَا فِي الدَّار إِلَّا زيد وَإِنَّمَا فِي الدَّار زيد أَو إِلَى مقرون بفاء نَحْو أما فِي الدَّار فزيد أَو إِلَى مُشْتَمل على ضمير ملابسه نَحْو فِي الدَّار صَاحبهَا إِذْ لَو أخر عَاد الضَّمِير على مُتَأَخّر لفظا ورتبة

(1/388)