همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

أَنْوَاع الظروف المكانية
(ص) مَسْأَلَة كثر تصرف يَمِين وشمال وَذَات مُضَافا إِلَيْهِمَا وَمَكَان وندر فِي وسط سَاكِنا والمتحرك اسْم وَقَالَ الكوفية ظرفان وَالْفراء مَا حسن فِيهِ (بَين) ظرف وَالْأَحْسَن تسكينه وَمَا لَا أسم وَالْأَحْسَن تحريكه وثعلب والمرزوقي مَا كَانَ أَجزَاء تنفصل سكن وَمَا لَا حرك وَمِمَّا عدم فِيهِ بدل لَا بِمَعْنى بديل وَأنكر الكوفية ظرفيته وَمَكَان بِمَعْنَاهُ وحول وحوالي وحولي وأحوالي وأحوال وحوال وَوزن الْجَبَل وزنة الْجَبَل وصددك وصقبك وسوي وَيُقَال سوي وسوي وَسَوَاء

(2/154)


وَقَالَ الزجاجي وَابْن مَالك هِيَ اسْم متصرف والرماني وَأَبُو الْبَقَاء وَابْن هِشَام ظرف كثيرا وَغَيره قَلِيلا وَيسْتَثْنى ويوصف بهَا ك (غير) فتضاف لمعْرِفَة وَكَذَا نكرَة فِي الْأَصَح وَزعم (عبد الدَّائِم) بِنَاء (سَوَاء) على الْفَتْح وَترد بمعني وسط وسوي بمعني مستو وَشطر بِمَعْنى نَحْو ذكره أَبُو حَيَّان وَعند مثلث الْعين لمَكَان الْحُضُور والقرب حسا أَو معني وَتَأْتِي لزمانه وبمعناها (لَدَى) معربة لَا بمعني (لدن) فِي الْأَصَح وَلَكِن لَا تجر أصلا وَلَا تكون ظرفا للمعاني بِخِلَاف (عِنْد) وَلَا تطلق على غَائِب وفَاقا

(2/155)


للحريري والعسكري وَابْن الشجري وَخِلَافًا للمعري وتقلب ألفها مَعَ الضَّمِير لَا غَيره غَالِبا (ش) الظروف المكانية أَنْوَاع أَحدهَا مَا كثر فِيهِ التَّصَرُّف وَهُوَ الِاسْتِعْمَال غير ظرف مُبْتَدأ وفاعلا ونائبا ومضافا إِلَيْهِ وَهُوَ يَمِين وشمال نَحْو جَلَست يَمِين زيد وشمال بكر وَيَمِين الطَّرِيق أسهل وشمال الطَّرِيق أقرب وَقَالَ تَعَالَى: {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} [ق: 17] و (ذَات) مُضَافَة إِلَيْهِمَا قَالَ تَعَالَى: {تزاور عَن كهفهم ذَات الْيَمين وَإِذا غربت تقرضهم ذَات الشمَال} [الْكَهْف: 17] وَقَالَ الشَّاعِر: 770 -
(وَكَانَ الكأسُ مَجْراها الْيَمِينا ... )

(2/156)


وَتقول دَارك ذَات الْيَمين ومنازلهم ذَات الشمَال وَمَكَان نَحْو اجْلِسْ مَكَانك ومكانك حسن الثَّانِي مَا ندر فِيهِ التَّصَرُّف كوسط سَاكن السِّين قَالَ ابْن مَالك تجرده عَن الظَّرْفِيَّة قَلِيل لَا يكَاد يعرف ومه قَوْله يصف سحابا: 771 -
(وسْطُه كاليَراع أَو سُرُج المجْدَل ... طَوْراً يَخْبُو وطَوْراً يُنِيرُ)
فوسطه مُبْتَدأ خَبره كاليراع أما وسط المتحرك السِّين فاسم قَالَ فِي الْبَسِيط جعلُوا السَّاكِن ظرفا والمتحرك اسْم ظرف فَالْأول نَحْو زيد وسط الدَّار وَالثَّانِي نَحْو ضربت وَسطه وَقَالَ الْفراء إِذا حسنت فِيهِ (بَين) كَانَ ظرفا نَحْو قعد وسط الْقَوْم وَإِن لم يحسن فاسم نَحْو احْتجم وسط رَأسه وَيجوز فِي كل مِنْهُمَا التسكين والتحريك لَكِن السّكُون أحسن فِي الظّرْف والتحريك أحسن فِي الِاسْم وَأما بَقِيَّة الْكُوفِيّين فَلَا يفرقون بَينهمَا ويجعلونهما ظرفين إِلَّا أَن ثَعْلَب قَالَ يُقَال وسط بِالسُّكُونِ فِي المتفرق الْأَجْزَاء نَحْو وسط الْقَوْم ووسط بِالتَّحْرِيكِ فِيمَا لَا تتفرق أجزاؤه نَحْو وسط الرَّأْس وَتَابعه المرزوقي قَالَه أَبُو حَيَّان وَقَول الفرزدق:

(2/157)


772 -
(أتَتْهُ بمَجْلُوم كأنّ جبينهُ ... صلايةُ وَرْس وسْطُها قد تفلّقا)
شَاذ من حَيْثُ اسْتِعْمَال (وسط) مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ وَعند الْكُوفِيّين من حَيْثُ اسْتِعْمَاله فِيمَا لَا تتفرق أجزاؤه وَهُوَ الصلابة الثَّالِث مَا عدم فِيهِ التَّصَرُّف فَلم يخرج عَن الظَّرْفِيَّة أصلا وَهُوَ ألفظ مِنْهَا (بدل) لَا بِمَعْنى بديل نَحْو هَذَا بدل هَذَا أَي مَكَان هَذَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر الْكُوفِيُّونَ (بدل) ظرف مَكَان وَإِنَّمَا ذكره البصريون وَإِذا اسْتعْمل (مَكَان) بِمَعْنَاهُ لم يتَصَرَّف أَيْضا وَمِنْهَا (حول) و (حوالي) و (حَولي) و (حوالي) و (أحوالي) وحوال وأحوال قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله} [الْبَقَرَة: 17] وَقَالَ

(اللَّهُمَّ حَوَالَيْنا وَلَا عَلَيْا) وَقَالَ الشَّاعِر: 773 -
(ماءٌ رَوَاءٌ ونَصِيٌّ حَوْلِيَهْ ... )

(2/158)


وَقَالَ: 774 -
(أَلَسْت ترى السُّمّارَ والنّاسَ أَحْوالِي ... )
وَمِنْهَا فِيمَا ذكر سِيبَوَيْهٍ (زنة الْجَبَل) أَي حذاءه مُتَّصِلا بِهِ و (وزن الْجَبَل) أَي نَاحيَة تقابله قريبَة كَانَت أَو بعيدَة و (صددك) و (صقبك) لَكِن قَالَ أَبُو حَيَّان يجوز أَن يسْتَعْمل اسْما إِذْ قِيَاس كل ظرف أَن يتَصَرَّف فِيهِ إِلَّا أَن نقل أَنه مِمَّا يلْزم أَن يكون ظرفا قَالَ أَبُو حَيَّان وَمِمَّا أهمل النحويون ذكره من الظروف الَّتِي لَا تتصرف (شطر) بِمَعْنى نَحْو قَالَ تَعَالَى: {شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} {فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} [الْبَقَرَة: 150] وَقَالَ الشَّاعِر: 775 -
(أَقُول لأمّ زنباع أقيمي ... صُدور العِيس شَطْرَ بني تَمِيم)

(2/159)


وَقَالَ: 776 -
(تَعْدو بِنَا شَطْر نَجْدِ وَهِي عَائِدَةٌ ... )
وَمن جرها بِمن قَوْله: 777 -
(وَقد أظَلُّكُمْ من شَطْر ثغركُم ... هَوْلٌ لَهُ ظُلَمٌ يغشاكُمُ قِطَعا)
وَمِنْهَا سوى بِكَسْر السِّين وَضمّهَا مَقْصُورا وَسَوَاء بِفَتْحِهَا وَكسرهَا ممدودا وَعدم تصرفها بِأَن تلْزم الظَّرْفِيَّة مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لِأَنَّهَا بمعني مَكَانك الَّذِي يدْخلهُ معني (عوضك) و (بدلك) فَكَمَا أَنَّك إِذا قلت مَرَرْت بِرَجُل مَكَانك أَي عوضك وبدلك لَا يتَصَرَّف فَكَذَا مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ وَسبب ذَلِك أَن مَكَانا بِهَذَا الْمَعْنى لَيْسَ بمَكَان حَقِيقِيّ لِأَن مَكَان الشَّيْء حَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعه ومستقره فَلَمَّا كَانَت الظَّرْفِيَّة على طَريقَة الْمجَاز لم يتصرفوا بِهِ كَمَا يتصرفون فِي الظروف الْحَقِيقِيَّة وَذهب جمَاعَة مِنْهُم الرماني وَأَبُو الْبَقَاء العكبري إِلَى أَنَّهَا ظرف مُتَمَكن أَي يسْتَعْمل ظرفا كثيرا وَغير ظرف قَلِيلا قَالَ ابْن هِشَام فِي التَّوْضِيح وَإِلَيْهِ أذهب وَنَقله فِي الْبَسِيط عَن الْكُوفِيّين

(2/160)


وَذهب الزجاجي وَابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا لَيست ظرفا الْبَتَّةَ فَإِنَّهَا اسْم مرادف ل (غير) فَكَمَا أَن (غير) لَا تكون ظرفا وَلَا يلْتَزم فِيهَا النصب فَكَذَلِك سوى وَحكم الْمَقْصُورَة والممدودة فِيمَا ذكر على الْأَقْوَال الثَّلَاثَة سَوَاء نَص عَلَيْهِ الأبذي وَحكم الْمَكْسُورَة والمضمومة أَيْضا سَوَاء نَص عَلَيْهِ ابْن مَالك وَابْن عُصْفُور وَمن تصرفهما مَا حُكيَ (أَتَانِي سواؤك) وَقَوله: 778 -
(فَسِواك بائِعُها وَأَنت المُشْتَري ... )
وَقَوله: 779 -
(وَلم يَبْقَ سِوَى العُدْوَان ... ... ... ... ... ... ... )

(2/161)


وَقَوله: 780 -
(أأتْرُك لَيْلَى لَيْس بَيْني وبَينها ... سوى لَيْلةٍ إنّي إِذن لصَبُورُ)
وَقَوله: 781 -
(ذِكْرُكُ الله عِنْد ذِكْر سِواهُ ... صارفٌ عَن فُؤَادك الغَفَلاَتِ)
وَقَوله: 782 -
(مُعُلّلٌ بسَواء الحقِّ مَكْذُوبُ ... )

(2/162)


وَقَوله: 783 -
(فإنّ أَخا سوائِكُمْ الوَحِيدُ ... )
وَقَوله: 784 -
(وَمَا قَصَدَتْ مِنْ أَهْلِها لِسَوَائِكَا ... )
وَالْأَشْهر فِي سوى لُغَة الْكسر وَالْقصر ولغة الضَّم وَالْقصر حَكَاهَا الْأَخْفَش ولغة الْفَتْح وَالْمدّ حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ ولغة الْكسر وَالْمدّ حَكَاهَا ابْن الخباز فِي شرح ألفية ابْن معط وَزعم عبد الدَّائِم بن مَرْزُوق القيرواني أَن (سَوَاء) الممدودة مَبْنِيَّة على الْفَتْح لتضمنها معنى إِلَّا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي حمله على ذَلِك أَنه رَآهَا لَازِمَة الْفَتْح لَا تَتَغَيَّر بِوُجُوه الْأَعْرَاب تغير (غير)

(2/163)


وَالصَّحِيح أَن فتحهَا إِعْرَاب وَهِي لَازِمَة الظَّرْفِيَّة فَلذَلِك لم ترفع وَلم تجر قَالَ وَيلْزمهُ أَن يَقُول بِبِنَاء سوى وسوي أَو يُبْدِي فرقا بَينهمَا وَبَين هذَيْن أما سَوَاء بِمَعْنى وسط نَحْو {سَوَاء الْجَحِيم} [الصافات: 55] أَو بِمَعْنى مستو نَحْو: {سَوَاءٌ عَلَيْهِم ءأَنذَرْتَهُمْ} [الْبَقَرَة: 6] فمعربة إِجْمَاعًا وَكَذَا سَوَاء بمعني (حذاء) نَحْو زيد سَوَاء عَمْرو وَيسْتَعْمل سوى ك (غير) فَيَسْتَثْنِي بهَا نَحْو قَامَ الْقَوْم سوى زيد وَمَا فِي الدَّار سوى حمَار قَالَ: 785 -
(كلّ سَعْي سوى الَّذِي يُورث ... الْفَوْز فَعْقَباهُ حُسْرةٌ وخَسارُ)
وَقَالَ: 786 -
(لم ألْفِ فِي الدّار ذَا نُطْقٍ سوى طَلَلٍ ... )
ويوصف بهَا نَحْو جَاءَنِي رجل سوى زيد قَالَ: 787 -
(أصابَهمُ بلاءٌ كَانَ فِيهم ... سِوَى مَا قد أصَاب بني النّضِير)
وتَنْفرد (سوى) عَن (غير) بِأَنَّهَا تلْزم الْإِضَافَة لفظا بِخِلَاف (غير) فَإِنَّهَا تقطع عَنْهَا لفظا وتنوي كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يعْتَرض على هَذَا بقوله تَعَالَى: {مَكَانا سوى} [طه: 58] فَإِن (سوى) فِيهِ بِمَعْنى مستو وَلَيْسَ الْكَلَام فِيهِ ويضاف (سوى) إِلَى الْمعرفَة والنكرة كالبيتين السَّابِقين

(2/164)


وَقيل إِنَّهَا تنفرد من (غير) بِأَنَّهَا لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى معرفَة بِخِلَاف (غير) فَإِنَّهَا تُضَاف إِلَيْهِمَا ورده أَبُو حَيَّان بقوله (سوى طلل) و (سوى لَيْلَة) وهما نكرتان وَمِنْهَا (عِنْد) وَهِي لبَيَان كَون مظروفها حَاضرا حسا أَو معنى أَو قَرِيبا حسا أَو معنى فَالْأول نَحْو: {فَلَمَّا رَءَاهُ مُستَقِرًّا عِنَدهُ} [النَّمْل: 40] وَالثَّانِي نَحْو: {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب} [النَّمْل: 40] وَالثَّالِث نَحْو: {عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى عِنْدهَا جنَّة المأوى} [النَّجْم 14 - 15] وَالرَّابِع نَحْو: {عِنْد مليك مقتدر} [الْقَمَر: 55] {رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة} [التَّحْرِيم: 11] {وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار} [ص: 47] {مَا عنْدكُمْ ينْفد وَمَا عِنْد الله بَاقٍ ولنجزين} [النَّحْل: 96] وَقد ترد للزمان نَحْو الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى وَلم تسْتَعْمل إِلَّا مَنْصُوبَة على الظَّرْفِيَّة كَمَا مثل أَو مجرورة بِمن نَحْو {ءَاتَيناهُ رحَمَةً مِنْ عِندِنَا} [الْكَهْف: 65] وَإِنَّمَا لم تتصرف لشدَّة توغلها فِي الْإِبْهَام لِأَنَّهَا تصدق على الْجِهَات السِّت وَالْأَشْهر كسر عينهَا وَمن الْعَرَب من يفتحها وَمِنْهُم من يضمها وَمِنْهَا (لَدَى) وَهِي بِمَعْنى عِنْد لَا بِمَعْنى لدن فِي الْأَفْصَح وَمن ثمَّ كَانَت معربة لكَي تفارق (لَدَى) (عِنْد) من أوجه أَحدهَا أَنَّهَا لَا تجر أصلا و (عِنْد) تجر بِمن كَمَا تقدم الثَّانِي أَن (عِنْد) تكون ظرفا للأعيان والمعاني كَمَا تقدم و (لَدَى) لَا تكون ظرفا للمعاني بل للأعيان خَاصَّة يُقَال عِنْدِي هَذَا القَوْل صَوَاب وَلَا يجوز

(2/165)


لدي ذكره ابْن الشجري فِي (أَمَالِيهِ) ومبرمان فِي (حَوَاشِيه الثَّالِث أَنَّك تَقول عِنْدِي مَال وَإِن كَانَ غَائِبا وَلَا تَقول لَدَى مَال إِلَّا إِذا كَانَ حَاضرا قَالَه الحريري وَأَبُو هِلَال العسكري وَابْن الشجري وَزعم المعري أَنه لَا فرق بَين (لَدَى) و (عِنْد) قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَقَول غَيره أولى وتقلب ألف (لَدَى) مَعَ الضَّمِير يَاء ك (عَليّ، وإلي) قَالَ تَعَالَى: {ولدينا مزِيد} [ق: 35] {وَمَا كنت لديهم} [آل عمرَان: 44] لَا مَعَ الظَّاهِر نَحْو {لَدَى الْحَنَاجِر} [غَافِر: 18] {لَدَا البَابَ} [يُوسُف: 25] وَمن الْعَرَب من يقر الْألف مَعَ الْمُضمر أَيْضا كَالظَّاهِرِ وَكَذَا إِلَى وعَلى قَالَ: 788 -
(إِلَى كُمْ يَا خناعة لَا إلانا ... عزا الناسُ الضّراعةَ والهَوانا)

(فلَوْ بَرأَتْ عُقُولكم بَصَرْتُم ... بأنَّ دَواءَ دائكُم لَدانا)

(وذلكم إِذا واثَقْتُمونا ... على نَصْر اعتمادِكُمُ علانا)

(2/166)


التَّوَسُّع فِي ظرف الزَّمَان وَالْمَكَان
(ص) مَسْأَلَة يتوسع فِي الْمُتَصَرف فَيجْعَل مَفْعُولا بِهِ ويضمر غير مقرون ب (فِي) ويضاف وينسد إِلَيْهِ لَا إِن كَانَ الْعَامِل حرفا أَو اسْما جَامِدا وَلَا مُتَعَدِّيا لثَلَاثَة على الْأَصَح قيل أَو اثْنَيْنِ وَلَا كَانَ إِن عملت فِيهِ على الْأَصَح (ش) التَّوَسُّع جعل الظّرْف مَفْعُولا بِهِ على طَرِيق الْمجَاز فيسوغ حِينَئِذٍ إضماره غير مقرون ب (فِي) نَحْو الْيَوْم سرته وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْمَنْصُوب على الظّرْف بل إِذا أضمر وَجب التَّصْرِيح ب (فِي) لِأَن الضَّمِير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا فَيُقَال الْيَوْم سرت فِيهِ وَسَوَاء فِي التَّوَسُّع ظرف الزَّمَان وَالْمَكَان فَالْأول نَحْو: 789 -
(وَيَوْم شَهدْناهُ سُلَيْماً وعامِرًا ... )

(2/167)


790 -
(يَا رُبّ يَوْم لِيَ لَا أُظلَّلُهُ ... )
الثَّانِي نَحْو: 791 -
(ومشرب أشربهُ وَشِيل ... )
وَالْأَصْل شَهِدنَا فِيهِ وأظلل فِيهِ وأشرب فِيهِ وَيجوز حِينَئِذٍ الْإِضَافَة إِلَيْهِ على طَرِيق الفاعلية نَحْو {بَل مَكرُ الّيلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: 33] 792 -
(يَا سارقَ اللّيْلَةِ أَهْلَ الدّارْ ... )
والمفعولية نَحْو {تربص أَرْبَعَة أشهر} [الْبَقَرَة: 226] (يَا مَسْرُوق اللَّيْلَة أهل الدَّار)

(2/168)


وَلَا تصح الْإِضَافَة عِنْد إِرَادَة الظّرْف لِأَن تَقْدِير (فِي) يحول بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فتمتنع قَالَه الْفَارِسِي وَلِأَن الْخَافِض إِذا دخل على الظّرْف يُخرجهُ عَن الظَّرْفِيَّة قَالَ ابْن عُصْفُور وَيجوز حِينَئِذٍ الْإِسْنَاد إِلَيْهِ نَحْو {فِي يَوْم عاصف} [إِبْرَاهِيم: 18] {إِنَّا نَخَاف من رَبنَا يَوْمًا عبوسا قمطريرا} [الْإِنْسَان: 10] 793 -
(صِيد عَلَيْهِ اللّيلُ والنّهارُ ... )
قَالَ بَعضهم ويؤكد ويبدل وَيسْتَثْنى مِنْهُ وَلَا يجوز ذَلِك فِي الظّرْف غير المتوسع فِيهِ قَالَ صَاحب الْبَسِيط وَفِي هَذَا نظر وللتوسع شُرُوط الأول أَن يكون الظّرْف متصرفا فَمَا لزم الظَّرْفِيَّة لَا يتوسع فِيهِ لِأَن التَّوَسُّع منَاف لعدم التَّصَرُّف إِذْ يلْزم مِنْهُ أَن يسند إِلَيْهِ ويضاف إِلَيْهِ وَالثَّانِي وَالثَّالِث أَلا يكون الْعَامِل حرفا وَلَا اسْما جَامِدا لِأَنَّهُمَا يعملان فِي الظّرْف لَا فِي الْمَفْعُول بِهِ والموتسع فِيهِ مشبه بالمفعول بِهِ فَلَا يعملان فِيهِ الرَّابِع أَلا يكون فعلا مُتَعَدِّيا إِلَى ثَلَاثَة لِأَن والاتساع فِي اللَّازِم لَهُ مَا يشبه بِهِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد والاتساع فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد لَهُ مَا يشبه بِهِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ والاتساع فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ لَهُ مَا يشبه بِهِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي إِلَى ثَلَاثَة فَيجوز فِيهَا وَأما مَا يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة فَلَيْسَ لَهُ مَا يشبه بِهِ إِذْ لَيْسَ لنا فعل يتَعَدَّى إِلَى أَرْبَعَة فَيمْنَع هَذَا مَا صَححهُ ابْن مَالك وَنسبه ابْن عُصْفُور للأكثرين وَعَزاهُ غَيره للمبرد وَقيل يجوز فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى ثَلَاثَة أَيْضا وَنسبه ابْن خروف إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَأَبُو حَيَّان إِلَى الْجُمْهُور وَلَا مبالاة بِعَدَمِ النظير وَإِلَّا لم يجز فِي اللَّازِم إِذْ لم يعْهَد نَصبه الْمَفْعُول وَإِنَّمَا جَازَ فِيهِ لضرب من الْمجَاز فَكَذَا هُنَا وَقيل يمْتَنع الاتساع مَعَ الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ أَيْضا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أصل يشبه بِهِ إِذْ لَا يُوجد مَا يتعدي إِلَى ثَلَاثَة بِحَق الأَصْل وَالْحمل إِنَّمَا يكون على الْأُصُول لَا على الْفُرُوع وَهَذَا مَا صَححهُ ابْن عُصْفُور قِيَاسا لما ذكر وسماعا لِأَنَّهُ لم يرد إِلَّا فِي الْمُتَعَدِّي لوَاحِد وَاللَّازِم

(2/169)


قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأَمر كَمَا قَالَ من عدم السماع مَعَ الْمُتَعَدِّي لاثْنَيْنِ الْخَامِس أَلا يكون الْعَامِل كَانَ وَأَخَوَاتهَا إِن قُلْنَا إِنَّهَا تعْمل فِي الظّرْف حذرا من كَثْرَة الْمجَاز لِأَنَّهَا رفعت ونصبت لشبهها بِالْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي وَالْعَمَل بالشبه مجَاز فَإِذا نصبت الظّرْف على الاتساع وَهُوَ مجَاز أَيْضا كثر الْمجَاز فَيمْنَع مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ النّظر وَنَظِيره قَوْلهم دخلت فِي الْأَمر لَا يجوز حذف (فِي) لِأَن هَذَا الدُّخُول مجَاز ووصول (دخل) إِلَى الظّرْف بِغَيْر وساطة (فِي) مجَاز فَلم يجْتَمع عَلَيْهَا مجازان وَقَالَ ابْن عُصْفُور يجوز الاتساع مَعهَا كَسَائِر الْأَفْعَال أما إِن قُلْنَا بِأَنَّهَا لَا تعْمل فِي الظّرْف فَوَاضِح أَنه لَا توسع وَلَا يمْنَع التَّوَسُّع إِضَافَة الظّرْف إِلَى المظروف الْمَقْطُوع عَن الْإِضَافَة المعوض مِنْهُ التَّنْوِين نَحْو سير عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَمَا انتصب من المصادر نصب الظّرْف يجوز فِيهِ التَّوَسُّع وَمِنْه {لقد تقطع بَيْنكُم} [الْأَنْعَام: 94] وَأما صفة الظّرْف نَحْو سرت قَلِيلا فيضعف فِيهَا التَّوَسُّع إِلَّا إِن وصف
نِيَابَة الْمصدر عَن ظرفي الزَّمَان وَالْمَكَان
(ص) وينوب مصدر عَن مَكَان بقلة وزمان بِكَثْرَة وَقد يَجْعَل ظرفا دون تَقْدِير أَو اسْم عين مُضَاف إِلَيْهِ لَا مصدر مؤول خلافًا للزمخشري (ش) قد يَنُوب عَن الظّرْف مصدر إِذا كَانَ الظّرْف مُضَافا إِلَيْهِ فَحذف وَلَا بُد من كَونه معينا لوقت أَو مِقْدَار وَهُوَ كثير فِي ظرف الزَّمَان نَحْو جئْتُك صَلَاة الْعَصْر أَو قدوم الْحَاج وانتظرتك حلب نَاقَة وَقَلِيل فِي الْمَكَان نَحْو جَلَست قرب زيد أَي مَكَان قربه وَقد يَجْعَل الْمصدر ظرفا دون تَقْدِير مُضَاف كَقَوْلِهِم أحقا إِنَّك ذَاهِب أَي أَفِي حق

(2/170)


وَقد يكون النَّائِب اسْم عين نَحْو لَا ُأكَلِّمهُ القارظين وَالْأَصْل مُدَّة غيبَة القارظين وَلَا يَنُوب فِي ذَلِك الْمصدر المؤول وَهُوَ أَن وَالْفِعْل نَحْو {وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء: 127] إِذا قدر ب (فِي) خلافًا للزمخشري