همع الهوامع في شرح جمع الجوامع الْمصدر الْمُبْهم والمصدر الْمُخْتَص
(ص) ثمَّ إِن لم يفد زِيَادَة على عَامله فمبهم لتوكيد وَإِلَّا فمختص
لنَوْع وَعدد ويثنى وَيجمع دون الأول وَفِي النَّوْع خلف
(2/95)
(ش) الْمصدر نَوْعَانِ مُبْهَم وَهُوَ مَا
يُسَاوِي معنى عَامله من غير زِيَادَة كقمت قيَاما وَجَلَست جُلُوسًا
وَهُوَ لمُجَرّد التَّأْكِيد وَمن ثمَّ لَا يثنى وَلَا يجمع لِأَنَّهُ
بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْفِعْل فعومل مُعَامَلَته فِي عدم التَّثْنِيَة
وَالْجمع وَلذَا قَالَ ابْن جني إِنَّه من قبيل التَّأْكِيد
اللَّفْظِيّ وَقيل إِنَّه من التوكيد الْمَعْنَوِيّ لإِزَالَة الشَّك
عَن الْحَدث وَرفع توهم الْمجَاز وَعَلِيهِ الْآمِدِيّ وَغَيره وَقسم
هَؤُلَاءِ التوكيد الْمَعْنَوِيّ إِلَى قسمَيْنِ مَا لإِزَالَة الشَّك
عَن الْحَدث وَهُوَ بِالْمَصْدَرِ وَمَا لإزالته عَن الْمُحدث عَنهُ
وَهُوَ بِالنَّفسِ وَالْعين ومختص وَهُوَ مَا زَاد على معنى عَامله
فَيُفِيد نوعا أَو عددا نَحْو ضربت ضرب الْأَمِير أَو ضربتين أَو ضربات
ويثنى ذُو الْعدَد وَيجمع بِلَا خلاف وَأما النَّوْع فَفِيهِ قَولَانِ
أَحدهمَا أَنه يثنى وَيجمع وَعَلِيهِ ابْن مَالك قِيَاسا على مَا سمع
مِنْهُ كالعقول والألباب والحلوم وَالثَّانِي لَا وَعَلِيهِ الشلوبين
قِيَاسا للأنواع على الْآحَاد فَإِنَّهَا لَا تثنى وَلَا تجمع
لاختلافها وَنسبه أَبُو حَيَّان لظَاهِر كَلَام سِيبَوَيْهٍ قَالَ
والتثنية أصلح من الْجمع قَلِيلا تَقول قُمْت قيامين وَقَعَدت قعودين
وَالْأَحْسَن أَن يُقَال نَوْعَيْنِ من الْقيام ونوعين من الْقعُود
(2/96)
ناصب الْمصدر
(ص) وناصبه مثله وَصفَة وَفعل فَإِن كَانَ من لَفظه وَجرى عَلَيْهِ
قَالَ ابْن الطراوة بِفعل مُضْمر والسهيلي بمضمر مِنْهُ وَإِن لم يجز
فثالثها إِن غاير مَعْنَاهُ فبفعله الْمُضمر وَإِلَّا فبه أَو من غير
لفظ فالجمهور بمضمر وثالثهما إِن كَانَ لتوكيد أَو مُخْتَصًّا وَله فعل
(ش) ينصب الْمصدر بمصدر مثله نَحْو: {فَإِن جَهَنَّم جزاؤكم جَزَاء
موفورا} [الْإِسْرَاء: 63] وَعَجِبت من ضرب زيدٍ عمرا ضربا وبالوصف
اسْم فَاعل نَحْو: {والذاريات ذَروا} [الذاريات: 1] {وَالصَّافَّات
صفا} [الصافات: 1] {فالعاصفات عصفا} [المرسلات: 2] أَو اسْم مفعول
نَحْو أَنْت مَطْلُوب طلبا وبالفعل نَحْو: {وَمَا بدلُوا تبديلا}
[الْأَحْزَاب: 23] هَذَا إِن كَانَ من لَفظه وَهُوَ جَار عَلَيْهِ
كَمَا مثلنَا على مَذْهَب الْجُمْهُور وَنفي صَاحب الإفصاح فِيهِ
الْخلاف وَقَالَ ابْن الطراوة هُوَ مفعول بِهِ بِفعل مُضْمر لَا يجوز
إِظْهَاره وَالتَّقْدِير فِي قعد قعُودا فعل قعُودا وَقَالَ السُّهيْلي
كَذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ أنصبه بمضمر من لفظ الْفِعْل السَّابِق
فَإِذا قيل قعد قعُودا فَهُوَ عِنْده ب (قعد) أُخْرَى لَا يجوز إظهارها
(2/97)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا كُله تكلّف
وَخُرُوج عَن الظَّاهِر بِلَا دَلِيل فَإِن كَانَ من لَفظه وَهُوَ غير
جَار عَلَيْهِ نَحْو: {أنبتكم من الأَرْض نباتا} [نوح: 17] فَثَلَاثَة
مَذَاهِب أَحدهَا أَنه مَنْصُوب بذلك الْفِعْل الظَّاهِر وَعَلِيهِ
الْمَازِني وَالثَّانِي أَنه مَنْصُوب بِفعل ذَلِك الْمصدر الْجَارِي
عَلَيْهِ مضمرا وَالْفِعْل الظَّاهِر دَلِيل عَلَيْهِ وَعَلِيهِ
الْمبرد وَابْن خروف وَعَزاهُ لسيبويه وَالثَّالِث التَّفْصِيل فَإِن
كَانَ مَعْنَاهُ مغايرا لِمَعْنى الْفِعْل الظَّاهِر كالآية فنصبه
بِفعل مُضْمر وَالتَّقْدِير فنبتم نباتا لِأَن النَّبَات لَيْسَ
بِمَعْنى الإنبات فَلَا يَصح توكيده بِهِ وَإِن كَانَ غير مُغَاير
فنصبه بِالظَّاهِرِ كَقَوْلِه: 725 -
(وقَدْ تَطَوَّيْتُ انطِواءَ الحَضْبِ ... )
لِأَن التطوي والانطواء بِمَعْنى وَاحِد وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور
وَإِن كَانَ من غير لَفظه فَثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا وَعَلِيهِ
الْجُمْهُور أَنه مَنْصُوب بِفعل مُضْمر من لَفظه كَقَوْلِه:
(2/98)
726 -
(السّالِكُ الثُغْرةَ اليقظانَ كالِئُها ... مَشْيَ الْهَلُوكِ
عَلَيْهَا الخَيْعَلُ الفُضُلُ)
ف (مشي) مَنْصُوب بمضمر دلّ عَلَيْهِ السالك وَالثَّانِي أَنه مَنْصُوب
بِالْفِعْلِ الظَّاهِر لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ فتعدى إِلَيْهِ كَمَا لَو
كَانَ من لَفظه وَعَلِيهِ الْمَازِني وَالثَّالِث وَعَلِيهِ ابْن جني
التَّفْصِيل فَإِن أُرِيد بِهِ التَّأْكِيد عمل فِيهِ الْمُضمر الَّذِي
من لَفظه كقعدت جُلُوسًا وَقمت وقوفا بِنَاء على أَنه من قبيل
التَّأْكِيد اللَّفْظِيّ فَلَا بُد من اشتراكه مَعَ عَامله فِي
اللَّفْظ أَو بَيَان النَّوْع عمل فِيهِ الظَّاهِر لِأَنَّهُ
بِمَعْنَاهُ وَقَالَ ابْن عُصْفُور الْأَمر فِي التَّأْكِيد مَا ذكر
وَأما الَّذِي لغير التَّأْكِيد فَإِن وضع لَهُ فعل من لَفظه عمل فِيهِ
الْمُضمر أَيْضا كَقَوْلِه:
(2/99)
727 -
(وآلَتْ حَلْفةً لم تحَلّل ... )
فحلفة مَنْصُوبَة بحلفت مضمرة وَإِن لم يوضع لَهُ فعل انتصب
بِالظَّاهِرِ وَلَا يُمكن أَن يكون بِفعل من لَفظه لِأَنَّهُ لم يوضع
(ص) والاختصاص ب (أل) للْعهد وَالْجِنْس وَقيل لَا تدخله إِلَّا (أَن)
وصف ونعت وَإِضَافَة وَلَا تعاقبه (أَن) وَالْفِعْل خلافًا للأخفش
وينوب مُضَافَة ككل وَبَعض وَضمير وَنَوع وهيئة وَعدد وَإِشَارَة
وَأوجب ابْن مَالك وصفهَا بِهِ وَوقت ونعت وَمَا استفهامية وشرطية
وَآلَة لَا مَا لم يعْهَد وَمِنْه علم كسبحان وبرة وفجار وَاسْتعْمل
نَحْو عَطاء وثواب مصدرا وَلَا يُقَاس وَالْأَكْثَر لَا ينصب مصدرين
مؤكدا ومبينا وَقيل يجوز وَثَلَاثَة (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى
الِاخْتِصَاص فِي الْمصدر يكون ب (أل) إِمَّا عهدية نَحْو ضربت
الضَّرْب تُرِيدُ ضربا معهودا بَيْنك وَبَين الْمُخَاطب أَي الضَّرْب
الَّذِي تعلم أَو جنسية نَحْو زيد يجلس الْجُلُوس مرِيدا الْجِنْس
والتنكير وَيكون بالنعت نَحْو قُمْت قيَاما طَويلا أَو بِالْإِضَافَة
نَحْو قُمْت قيام زيد وَالْأَصْل قيَاما مثل قيام زيد حذف الْمصدر ثمَّ
صفته وَقَامَ مقامهما الْمصدر فأعرب بإعرابه الثَّانِيَة لَا يجوز أَن
تقع أَن وَالْفِعْل فِي موقع الْمصدر فَلَا يجوز ضَربته أَن أضربه
لِأَن (أَن) تخلص الْفِعْل للاستقبال والتأكيد إِنَّمَا يكون
بِالْمَصْدَرِ الْمُبْهم وَعلله بَعضهم بِأَن (أَن يفعل) يُعْطي محاولة
الْفِعْل ومحاولة الْمصدر لَيست بِالْمَصْدَرِ فَلذَلِك لم يسغْ لَهَا
أَن تقع مَعَ صلتها موقع الْمصدر وَحكى عَن الْأَخْفَش إجَازَة ذَلِك
(2/100)
الثَّالِثَة: يقوم مقَام الْمصدر الْمُبين
مَا أضيف إِلَيْهِ من كل، وَبَعض نَحْو {فَلَا تميلوا كل الْميل}
[النِّسَاء: 129] لمته بعض اللوم وَمَا أُدي مَعْنَاهُمَا نَحْو ضربت
أَي ضرب {وَلَا تضرونه شَيْئا} [هود: 57] وَضمير نَحْو {لَا أعذبه أحدا
من الْعَالمين} [الْمَائِدَة: 115] وَنَوع نَحْو {والنازعات غرقا}
[النازعات: 1] وَرجعت الْقَهْقَرِي وَقَعَدت القرفصاء وهيئة نَحْو
مَاتَ ميتَة سوء وعاش عيشة مرضية وَعدد نَحْو ضربت ثَلَاثِينَ ضَرْبَة
وَاسم إِشَارَة نَحْو ضربت ذَلِك الضَّرْب قَالَ ابْن مَالك وَلَا بُد
من جعل الْمصدر تَابعا لاسم الْإِشَارَة الْمَقْصُود بِهِ ذَلِك
الْمصدر ورده أَبُو حَيَّان بِأَن من كَلَامهم ظَنَنْت ذَلِك يشيرون
بِهِ إِلَى الْمصدر وَلذَلِك اقتصروا عَلَيْهِ إِذْ لَيْسَ مَفْعُولا
أول وَلم يذكرُوا بعده الْمصدر تَابعا لَهُ وعَلى هَذَا خرجه
سِيبَوَيْهٍ وَوقت نَحْو 728 -
(ألم تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلةَ أَرْمَدا ... )
أَي اغتماض لَيْلَة أرمد ونعت نَحْو {وَاذْكُر رَبك كثيرا} [آل عمرَان:
41] وَمَا الاستفهامية نَحْو مَا تضرب زيدا أَي أَي ضرب تضرب زيدا
وَمَا الشّرطِيَّة نَحْو مَا شِئْت فَقُمْ أَي أَي قيام شِئْت والآلة
نَحْو ضَربته سَوْطًا ورشقته سَهْما وَالْأَصْل ضَرْبَة سَوط ورشقة سهم
(2/101)
ويطرد فِي جَمِيع أَسمَاء آلَات الْفِعْل،
فَلَو قلت: ضَربته خَشَبَة، ورميته آجرة لم يجز لِأَن الآجرة لم تعهد
آلَة للرمي والخشبة لم تعهد آلَة للضرب الرَّابِعَة من الْمصدر مَا
هُوَ علم للمعنى كسبحان علم للتسبيح وبرة علم للمبرة وفجار علم للفجرة
ويسار علم للميسرة يُقَال بره برة وفجر بِهِ فجار وَهُوَ مُعَلّق على
الْجِنْس الْخَامِسَة استعملوا الْعَطاء مصدرا بِمَعْنى الْإِعْطَاء
وَالثَّوَاب مصدرا معنى الإثابة قَالَ الشَّاعِر 729 - ( ... وَبعد
عَطَائِكَ المِائَة الرِّتاعَا ... )
وَقَالَ تَعَالَى: {ثَوابًا من عِنْد الله} [آل عمرَان: 195] وَذَلِكَ
مسموع لَا يُقَاس عَلَيْهِ السَّادِسَة: منع الْأَخْفَش والمبرد وَابْن
السراج وَالْأَكْثَرُونَ عمر الْفِعْل فِي مصدرين: مُؤَكد ومبين
(2/102)
وَذهب السيرافي وَابْن طَاهِر إِلَى أَنه
يجوز أَن ينصبهما وَأَن ينصب ثَلَاثَة إِذا اخْتلف مَعْنَاهَا نَحْو:
ضربت ضربا شَدِيدا ضربتين وَعلي الأول الثَّانِي بدل وَمن المسموع فِي
ذَلِك قَوْله: 730 -
(وَوَطِئْتَنَا وطْئاً على حَنَق ... وَطْء المُقَيّدِ يَابِس الهَرْم)
وَلَا يَصح فِيهِ الْبَدَلِيَّة، لِأَن الثَّانِي غير الأول، فَيخرج
على إِضْمَار فعل
حذف عَامل الْمصدر
(ص) مَسْأَلَة يحذف عَامله لقَرِينَة وَيجب فِي مَوَاضِع مِنْهَا مَا
كَانَ بَدَلا من فعله وَيقدر معنى مَا لَا فعل لَهُ ك " دفرا "
وَالأَصَح أَن بهرا فعل وَأَنه لَا يُقَاس فِي الدُّعَاء وَثَالِثهَا
يُقَاس إِن كَانَ لَهُ فعل وَجَاز رفع بَعْضهَا وقبح إضافتها وَمَا
أضيف نصب وَمِمَّا أفرد وأضيف وَيْح وويس وويب ويختار الرّفْع فِي
وَيْح مُفردا عكس تب وَقيل يجب وَفِي عطف وَيْح على تب وَعَكسه خلف
وَعلي الْجَوَاز
(2/103)
ينصب وَيْح وَتب على حَاله وَيُقَال ويله
وويل لَهُ وويل طَوِيل وَبِالنَّصبِ فيهمَا وعول وعولة وَلَا يفرد
عَنهُ ومضافها للتبيين ك (لَك) بعد سقيا وَالْأَحْسَن فِي الْمُعَرّف
الرّفْع وَهُوَ سَماع فِي الْأَصَح (ش) يجوز حذف عَامل الْمصدر
لقَرِينَة لفظية كَقَوْلِك حثيثا لمن قَالَ أَي سير سرت أَو معنوية
نَحْو تأهبا ميمونا لمن رَأَيْته يتأهب لسفر وحجا مبرورا لمن قدم من حج
وسعيا مشكورا لمن سعى فِي مثوبة وَيجب الْحَذف فِي مَوَاضِع مِنْهَا
حَيْثُ كَانَ الْمصدر بَدَلا من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ سَوَاء كَانَ فعل
مُسْتَعْملا كسقيا ورعيا أَو مهملا أَي غير مَوْضُوع فِي لِسَان
الْعَرَب ك (دفرا) بِمَعْنى (نَتنًا) وأفة وَهِي وسخ الْأذن وتفة وَهِي
وسخ الْأَظْفَار فَيقدر للثَّلَاثَة فعل من مَعْنَاهَا وَجعل ابْن
عُصْفُور من ذَلِك (بهرا) بِمَعْنى غَلَبَة وَمِنْه 731 -
(ثمَّ قَالُوا تُحِبُّها قلت بَهْراً ... )
(2/104)
أَي غلبني حبها غَلَبَة وَقَالَ أَبُو
حَيَّان حكى ابْن الْأَعرَابِي وَغَيره أَنه يُقَال للْقَوْم إِذا دعِي
عَلَيْهِم بهرهم الله فَيكون مَنْصُوبًا بِفعل مُسْتَعْمل لَا مهمل
وَاخْتلف هَل يقْتَصر على مَا سمع من هَذِه الْأَلْفَاظ فِي الدُّعَاء
للْإنْسَان أَو عَلَيْهِ كسقيا ورعيا وجدعا وعقرا وبعدا وَسُحْقًا
وتعسا ونكسا وبؤسا وخيبة وتبا أَو يُقَاس عَلَيْهَا فسيبويه على الأولى
والأخفش والمبرد على الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَنْبَغِي أَن
يفصل فَيُقَال مَا كَانَ لَهُ فعل من لَفظه يُقَاس وَمَا لَا فَلَا
وَقد جَاءَ بَعْضهَا فِي الشّعْر مَرْفُوعا قَالَ 732 -
(أَقَامَ وَأقوى ذاتَ يَوْم وخَيْبَةٌ ... لأوّل من يَلْقى وشرٌّ
مُيَسَّرُ)
فالمجرور خبر لَهُ
(2/105)
وَلَا تسْتَعْمل هَذِه المصادر مُضَافَة
إِلَّا فِي قَبِيح من الْكَلَام وَإِذا أضيفت فالنصب حتم وَمِمَّا
جَاءَ مُضَافا بعْدك وسحقك وَأنْشد الْكسَائي: 733 -
(إِذا مَا المَهَارَى بلْغَتْنَا بلادَنَا ... فَبُعْدَ المَهَارَى من
حَسير ومُتْعَبِ)
وَمِمَّا اسْتعْمل مُفردا ومضافا قَوْلهم للمصاب المرحوم وَيْح فلَان
وويحه وويح لَهُ وللمتعجب مِنْهُ ويبا لَهُ وويبك وويب غَيْرك وويسك
وويسه قَالَ الْجُزُولِيّ وَهُوَ استصغار واستحقار وَقَالَ ابْن طَاهِر
وَيْح كلمة تقال رَحْمَة وويس كلمة تقال فِي معنى رأفة وَهِي مُضَافَة
إِلَى الْمَفْعُول وَمَتى أضفتها لَزِمت النصب وَلَا يجوز فِيهَا
الرّفْع لِأَنَّهُ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ فَإِذا أفردت جَازَ الرّفْع
وَالنّصب تَقول وَيْح لَهُ وويحا لَهُ وويل لَهُ وويلا لَهُ وَلَا يقوى
النصب فِي هَذَا قوته فِي غَيره لِأَن هَذَا مصدر لَا فعل لَهُ
وَإِنَّمَا يقوى النصب فِي الْمصدر الَّذِي لَهُ فعل نَحْو حمدا وشكرا
فالرفع فِي نَحْو (وَيْح) و (ويل) قوي وَالْغَالِب على (وَيْح) الرّفْع
وَعلي (تب) النصب إِذا أفرد نَحْو تَبًّا لَهُ وَيجوز تَبًّا لَهُ
وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع تَبًّا لَك الْتزم نَصبه وويح لَك الْتزم
رَفعه
(2/106)
وَفِي ويل لَك وَجْهَان وَلَو قسنا لساوينا
وَلَكِن لَا نتعدى السماع فَإِن عطف (وَيْح) على (تب) نصبته وَلَا يجوز
رَفعه لِأَنَّهُ لَا خبر لَهُ وَإِن عطف تب على (وَيْح) فكحاله قبل
الْعَطف وَيكون جملتان فعلية على اسمية لتساويهما فِي الْمَعْنى
وَيُقَال تَبًّا لَهُ وويح لَهُ فَلَا يكون فِي (وَيْح) إِلَّا الرّفْع
كحاله قبل الْعَطف انْتهى وَمنع الْمَازِني عطف (وَيْح) على (تب)
وَعَكسه قَالَ لِأَن (وَيْح) رَحْمَة لَهُ و (تب) بِمَعْنى خسران لَهُ
فَكيف يتَصَوَّر أَن يَدْعُو لَهُ وَعَلِيهِ فِي حِين وَاحِد (وَأجِيب)
بِأَن (وَيْح) حِينَئِذٍ أخرج مخرج الدُّعَاء وَلَيْسَ مَعْنَاهُ
الدُّعَاء أَو تَبًّا أَيْضا دُعَاء لَهُ على حد قَاتله الله مَا أشعره
وَيُقَال للمصاب المغضوب عَلَيْهِ ويله وويل لَهُ وويلا لَهُ وويل
طَوِيل لَهُ وويلا طَويلا فَيجب النصب فِي الْإِضَافَة وَيجوز هُوَ
وَالرَّفْع فِي الْإِفْرَاد وَيُقَال عول وعولك وَلَا يفرد وَإِنَّمَا
يسْتَعْمل تَابعا لويل ومضافها للتبيين ك (لَك) فِي سقيا لَك وَأما
الْمُعَرّف ب (أل) فالرفع فِيهِ أحسن من النصب لِأَنَّهُ صَار معرفَة
فقوي فِيهِ الِابْتِدَاء نَحْو الويل لَهُ والخيبة لَهُ لَكِن إِدْخَال
(أل) لَيْسَ مطردا فِي جَمِيعهَا وَإِنَّمَا هُوَ سَماع نَص عَلَيْهِ
سِيبَوَيْهٍ فَلَا يُقَال السَّقْي لَك والرعي
(2/107)
وَقَالَ الْفراء والجرمي بقياسه ووهاه
أَبُو حَيَّان (ص) وَمِنْه الْمُثَنَّاة كلبيك وَسَعْديك تَابِعَة
وحنانيك ودواليك وهذاذيك وحجازيك وحذاريك وحواليك وَلَا تتصرف وَتلْزم
الْإِضَافَة وإضافتها لظَاهِر قَالَ ابْن مَالك شَاذَّة لغَائِب
وَخَالفهُ أَبُو حَيَّان فَإِن أفردت تصرفت وَزعم يُونُس (لبا) مُفردا
قلبت أَلفه وتثنيتها للتكثير وَقيل للشفع وزعمه السُّهيْلي فِي حنانيك
خَاصَّة وَالْكَاف فِي مَا هُوَ خبر مفعول وَطلب فَاعل وَقَالَ الأعلم:
حرف خطاب وَسمع (لب) كأمس (ش) من الْوَاجِب حذف عَامله لكَونه بَدَلا
من فعله قَوْلهم فِي إِجَابَة الدَّاعِي لبيْك وَسَعْديك أَي إِجَابَة
بعد إِجَابَة وإسعادا بعد إسعاد أَي كلما دعوتني وأمرتني أَجَبْتُك
وساعدتك وَلَا يسْتَعْمل سعديك وَحده بل تَابعا للبيك كعوله بعد ويله
(2/108)
وَيجوز أَن يسْتَعْمل حنانيك وَحده وَمِنْه
قَوْلهم حنانيك أَي تحننا بعد تَحَنن وَقد نطق بِفِعْلِهِ قَالَ 734 -
(نحنّن على هدَاك الملِيكُ ... فإنّ لكلّ مقَام مَقالاَ)
ودواليك من المداولة قَالَ 735 -
(إِذا شُقّ بُرْدٌ شُقّ بالبُرْد مِثْلُه ... دَوَالَيْكَ حَتَّى
كُلُّنَا غيرُ لاَبسِ)
(2/109)
أَي تداولنا دواليك كَانَ الرجل فِي
الْجَاهِلِيَّة إِذا أَرَادَ أَن يقْعد مَعَ امْرَأَته شقّ كل وَاحِد
مِنْهُمَا ثوب الآخر ليؤكد الْمَوَدَّة وهذاذيك قَالَ 736 -
(ضَرْباً هَذَاذَيْكَ وطَعْناً وَخْضَا)
أَي: تهذ هذاذيك وحجازيك أَي تحجز حجازيك أَي تمنع وحذاريك أَي تحذر
أَي ليكن مِنْك حذر بعد حذر
(2/110)
زَاد صَاحب الْبَسِيط حواليك أَي إطاقة بعد
إطاقة وَهَذِه المصادر كلهَا لَا تتصرف وَهِي مُلْتَزم فِيهَا
الْإِضَافَة والتثنية فَإِن أفرد مِنْهَا شَيْء كَانَ متصرفا كَقَوْلِه
737 -
(فَقَالَت: حَنَانٌ مَا أَتَى بكِ هَا هُنا ... )
وَاخْتلف فِي تثنيتها أَهِي تَثْنِيَة يشفع بهَا الْوَاحِد وَهل
المُرَاد إِجَابَة مَوْصُولَة بِأُخْرَى ومساعدة مَوْصُولَة بِأُخْرَى
وحنان مَوْصُول بآخر أم تَثْنِيَة يُرَاد بهَا التكثير على قَوْلَيْنِ
أصَحهمَا الثَّانِي وَقَالَ السُّهيْلي بِالْأولِ فِي حنانيك خَاصَّة
قَالَ المُرَاد رَحْمَة فِي الدُّنْيَا وَرَحْمَة فِي الْآخِرَة ورد
بِأَن من الْعَرَب من اسْتَعْملهُ وَهُوَ لَا يعْتَقد الْآخِرَة قَالَ
طرفَة
(2/111)
738 -
(حَنَانَيْكَ بعضُ الشّرّ أَهْون من بَعْض ... )
وَذهب يُونُس إِلَى أَن لبيْك اسْم مُفْرد وَأَصله قبل الْإِضَافَة لبا
مَقْصُورا قلبت أَلفه يَاء لأضافته إِلَى الضَّمِير كَمَا قلبوا فِي
لديك وَعَلَيْك وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْخَلِيل وسيبويه
وَالْجُمْهُور أَنه تَثْنِيَة لب كَمَا أَن حنانيك تَثْنِيَة حنان
لِأَنَّهُ سمع لب وَلم يسمع لبا وَذكر ابْن مَالك أَن إِضَافَة لبيْك
إِلَى الظَّاهِر شَاذَّة كإضافتها إِلَى الضَّمِير الْغَائِب قَالَ 739
-
(فَلَبّىْ يَدَىْ مِسْور ... )
(2/112)
وَقَالَ 740 -
(لَبَّيْهِ لمَنْ يَدْعُوني ... )
(2/113)
ورده أَبُو حَيَّان بِأَن سِيبَوَيْهٍ
قَالَ فِي كِتَابه يُقَال لبي زيد وسعدي زيد فساق ذَلِك مساق المنقاس
المطرد وَالْكَاف فِي نَحْو لبيْك وَسَعْديك وحنانيك الْوَاقِع موقع
الْفِعْل الَّذِي هُوَ خبر فِي مَوضِع الْمَفْعُول لِأَن الْمَعْنى
لُزُوما وانقيادا لإجابتك ومساعدة لما تحبه وَمعنى قَوْلهم: سُبْحَانَ
الله وحنانيه أسبحه وأسترحمه وَالْكَاف فِي نَحْو هَذَا ذيك ودواليك
وحنانيك إِذا وَقعت موقع الطّلب فِي مَوضِع الْفَاعِل كَأَنَّهُ قَالَ
هذك ومداولتك وتحننك وَزعم الأعلم أَن الْكَاف حرف خطاب لَا مَوضِع
لَهَا من الْإِعْرَاب كهي فِي (أبصرك) و (النجاك) و (ذَلِك) وحذفت
النُّون لشبه الْإِضَافَة وَلِأَن الْكَاف تطلب الِاتِّصَال بِالِاسْمِ
كاتصالها باسم الْإِشَارَة وَالنُّون تمنعها من ذَلِك فحذفت ورد بِأَن
وُقُوع الِاسْم الظَّاهِر وَضمير الْغَائِب مَوضِع الْكَاف يبطل
كَونهَا حرفا وَسمع مُفْرد لبيْك لب بِالْكَسْرِ وَهُوَ مصدر بِمَعْنى
إِجَابَة مَنْصُوب مَبْنِيّ كأمس وغاق لقلَّة تمكنه كَذَا نَص عَلَيْهِ
سِيبَوَيْهٍ ورد بِهِ أَبُو حَيَّان على ابْن مَالك حَيْثُ قَالَ
إِنَّه اسْم فعل بِمَعْنى أجبْت (ص) وَمِنْه سُبْحَانَ الله ومعاذ الله
وريحانه وَيلْزم سُبْحَانَ الله فِي الْأَصَح وَلَا يتَصَرَّف وَيلْزم
الْإِضَافَة وَعرف سُبْحَانَ الله ب (أل) فِي الشّعْر وأفرد منونا
وَغَيره وَقيل إِنَّه مَبْنِيّ (ش) من الْبَدَل عَن فعله سُبْحَانَ
الله أَي بَرَاءَة لَهُ من السوء وَلَيْسَ مصدرا لسبح بل سبح مُشْتَقّ
مِنْهُ كاشتقاق حاشيت من حاشي ولويت من لَوْلَا
(2/114)
وصهصهت وأففت وسوفت وبأبأت ولبيت من صه وأف
وسوف وبأبأ ولبيك وَلَا يُقَال: سبح مخففا فَيكون سُبْحَانَ مصدرا لَهُ
وَيلْزم الْإِضَافَة وَلَا يتَصَرَّف وَقد يفرد فِي الشّعْر منونا إِن
لم تنو الْإِضَافَة كَقَوْلِه 741 -
(سبحانَهُ ثمَّ سُبْحاناً نعوذُ بِهِ ... )
وَغير منون إِن نَوَيْت كَقَوْلِه 742 -
(سُبْحان من عَلْقَمَة الفاخر ... )
(2/115)
أَرَادَ سُبْحَانَ الله فَحذف الْمُضَاف
إِلَيْهِ وأبقي الْمُضَاف بِحَالهِ وَعرف ب (أل) فِي الشّعْر قَالَ 743
-
(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَان ... )
وَمن ذَلِك (معَاذ الله) (بِمَعْنى عياذا بِاللَّه) وَيلْزم أَيْضا
الْإِضَافَة وَلَا يتَصَرَّف وَمِنْه ريحَان الله بِمَعْنى استرزاق
الله وَيلْزم أَيْضا الْإِضَافَة وَلَا يتَصَرَّف وَلم ينْطق لَهُ
بِفعل من لَفظه فَيقدر من مَعْنَاهُ أَي استرزقه وَلَا يسْتَعْمل
مُفردا بل مقترنا مَعَ (سُبْحَانَ الله) وَقيل: يسْتَعْمل وَحده لِأَن
سِيبَوَيْهٍ لم يذكرهُ مقترنا مَعَ سُبْحَانَ الله وَلَا نبه على ذَلِك
وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن سُبْحَانَ علم للتسبيح مَمْنُوع الصّرْف وَقيل:
هُوَ مَبْنِيّ، لِأَنَّهُ لَا يتَصَرَّف وَلَا ينْتَقل عَن هَذَا
الْموضع فَأشبه الْحَرْف (ص) وَمِنْه سَلاما وحجرا وَمِنْه عجبا وحمدا
وشكرا لَا كفرا وَهل هُوَ خبر أَو إنْشَاء أَو يلْزم اجْتِمَاعهمَا
خلاف وَمِنْه أَفعلهُ وكرامة ومسرة
(2/116)
ونعمة عين وحبا ونعام عين وَلَا أَفعلهُ
وَلَا كيدا وَلَا هما ولأفعلنه ورغما وَهَوَانًا وَجَاء رفع بَعْضهَا
وطرده ابْن عُصْفُور وَمِنْه صلفا وكرما فِي التَّعَجُّب وَهل مِنْهُ
غفرانك خلاف (ش) من الْبَدَل عَن فعله سَلاما بِمَعْنى بَرَاءَة
مِنْكُم لَا خير بَيْننَا وَلَا شَرّ وَلَا يتَصَرَّف بِخِلَاف (سَلام)
بِمَعْنى التَّحِيَّة فَإِنَّهُ يتَصَرَّف وَمِنْه حجرا بِكَسْر
الْحَاء يُقَال للرجل أتفعل هَذَا فَيَقُول حجرا أَي منعا أَي أمنع
نَفسِي وأبعده وَأَبْرَأ مِنْهُ وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ أَي سترا
وَبَرَاءَة من هَذَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ حجرا
مَحْجُورا} [الْفرْقَان: 22] وَلَا يتَصَرَّف إِذا كَانَ مشابا معنى
المبادأة والتعوذ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ على أَصله من الْمَنْع أَو
السّتْر من غير أَن يشاب هَذَا الْمَعْنى فَإِنَّهُ متصرف كَقَوْلِه
تَعَالَى {لذِي حجر} [الْفجْر: 5] وَمن ذَلِك عجبا وحمدا وشكرا لَا
كفرا قَالَ ابْن مَالك وَهِي إنْشَاء قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا
قَالَ الشلوبين أَيْضا فَقَالَ إِن قلت كَيفَ يكون هَذَا مِمَّا لَا
يظْهر فعله وَلَا شكّ أَنه يجوز أَن تَقول حمدت الله حمدا وأحمده حمدا
فَالْجَوَاب إِنَّمَا تكلم سِيبَوَيْهٍ فِي (حمد) الَّذِي هُوَ نفس
الْحَمد أَعنِي الَّذِي هُوَ صِيغَة الْإِنْشَاء للحمد وَهَذَا لَا
يظْهر مَعَه الْفِعْل بل يتعاقبان وَالَّذِي أوردهُ الْمُعْتَرض
إِنَّمَا هُوَ مَحْض الْخَبَر عَن الْحَمد لَا نفس الْحَمد قَالَ أَبُو
حَيَّان: وَالَّذِي ذكره ابْن عُصْفُور أَن هَذِه الْأَلْفَاظ خبر
فَإِنَّهُ قَالَ عجبا وحمدا وشكرا ثلاثتها مصَادر قَائِمَة مقَام
أفعالها الناصبة لَهَا أَي أعجب عجبا وَأحمد حمدا وأشكر شكرا وتفارق
ويله وَأَخَوَاتهَا فِي أَن معنى هَذِه الْخَبَر وَمعنى تِلْكَ
الدُّعَاء وتفارق سُبْحَانَ الله وأخواته وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا
الْخَبَر من جِهَة أَنَّهَا تتصرف فتستعمل مَرْفُوعَة كَقَوْلِه 744 -
(عجبٌ لتلكَ قَضِيّةٌ وإقامتي ... فيكُمُ على تِلْك القَضِيّة
أَعْجَبُ)
(2/117)
وَتلك لَا تتصرف وَقد سردها سِيبَوَيْهٍ
مَعَ مَا هُوَ خبر فَقَالَ (هَذَا بَاب مَا ينْتَصب على إِضْمَار
الْفِعْل الْمَتْرُوك إِظْهَاره من ذَلِك قَوْلك حمدا وشكرا لَا كفرا
وعجبا وأفعل ذَلِك وكرامة ومسرة ونعمة عين وحبا ونعام عين وَلَا أفعل
ذَلِك وَلَا كيدا وَلَا هما وَلَأَفْعَلَن ذَلِك ورغما وَهَوَانًا
فَإِنَّمَا ينْتَصب هَذَا على إِضْمَار الْفِعْل كَأَنَّك قلت أَحْمد
الله حمدا وأشكر الله شكرا وأعجب عجبا وأكرمك كَرَامَة وأسرك مَسَرَّة
وَلَا أكاد كيدا وَلَا أهم هما وأغرمك رغما ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ
وَقد جَاءَ بعض هَذَا رفعا يبتدأ ثمَّ يَبْنِي عَلَيْهِ كَقَوْلِه عجب
لتِلْك قَضِيَّة الْبَيْت قَالَ وَسَمعنَا بعض الْعَرَب يُقَال لَهُ
كَيفَ أَصبَحت فَيَقُول حمد الله وثناء عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يَقُول
أَمْرِي وشأني حمد الله وثناء عَلَيْهِ انْتهى قَالَ أَبُو عَمْرو بن
بَقِي قَول سِيبَوَيْهٍ حمدا وشكرا لَا كفرا لَهُ كَذَا تكلم
بِالثَّلَاثَةِ مجتمعة وَقد تفرد وعجبا مُفْرد عَنْهَا
(2/118)
وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا يسْتَعْمل كفرا
إِلَّا مَعَ حمدا وشكرا وَلَا يُقَال أبدا حمدا وَحده وشكرا إِلَّا أَن
يظْهر الْفِعْل على الْجَوَاز وَلَا يلْزم الْإِضْمَار إِلَّا مَعَ لَا
كفرا فَهَذِهِ الْأُمُور لما جرت مجْرى الْمثل يَنْبَغِي أَن يلْتَزم
فِيهَا مَا التزمته الْعَرَب وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا يسْتَعْمل
(أفعل ذَلِك وكرامة) إِلَّا جَوَابا أبدا وَكَأن قَائِلا قَالَ أفعل
ذَلِك أَو أتفعله فَقلت أَفعلهُ وأكرمك بِفِعْلِهِ كَرَامَة وأسرك
مَسَرَّة بعد مَسَرَّة وَلَا يسْتَعْمل مَسَرَّة إِلَّا بعد كَرَامَة
وَكَذَا نعمى عين بعد (حبا) لَا يُقَال مَسَرَّة وكرامة وَلَا نعمي عين
وحبا وكرامة هَذَا اسْم مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر الَّذِي هُوَ
الْإِكْرَام وَكَذَا نعْمَة عين ونعام عين اسمان فِي معني إنعام ونعام
عين بِضَم النُّون وَكسرهَا وَفتحهَا وَأنكر الشلوبين الْفَتْح و
(أكاد) الَّذِي قدره سِيبَوَيْهٍ فِي كيدا اخْتلف فِيهِ فَقَالَ الأعلم
هِيَ النَّاقِصَة وَالْمعْنَى وَلَا أكاد أقَارِب الْفِعْل وَحذف
الْخَبَر للْعلم بِهِ وَقَالَ ابْن طَاهِر هِيَ التَّامَّة وَالْمعْنَى
وَلَا مقاربة وهما من هَمَمْت بالشَّيْء وَلَأَفْعَلَن ذَلِك ورغما
جَوَاب لمن قَالَ أَفعلهُ وَإِن رغم أَنفه رغما وَإِن هان هوانا قَالَ
أَبُو حَيَّان وَقَول سِيبَوَيْهٍ وَقد جَاءَ بعض هَذَا رفعا فِيهِ
دَلِيل على أَنه لَا يطرد وَبِه صرح صَاحب الْبَسِيط وَهُوَ مُخَالف
لكَلَام ابْن عُصْفُور أَنَّهَا تسْتَعْمل مَرْفُوعَة انْتهى وَمن
ذَلِك قَوْلك فِي التَّعَجُّب كرما وصلفا قَالَ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ
صَار بَدَلا من أكْرم بِهِ وأصلف قَالَ بَعضهم وَيقدر ناصبه كرم كرما
وصلف صلفا لِأَن أبنية التَّعَجُّب لَيْسَ مِنْهَا مَا لَهُ مصدر
إِلَّا فعل وَمن ذَلِك (غفرانك) عدَّة ابْن مَالك تبعا للزجاجي فِيمَا
هُوَ بدل من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ وَقيل هُوَ من قبيل مَا يجوز
إِظْهَار ناصبه واضطرب كَلَام ابْن عُصْفُور فِي ذَلِك فَمرَّة قَالَ
بِالْأولِ وَمرَّة قَالَ بِالثَّانِي
(2/119)
وَاخْتلف هَل الْفِعْل الناصب لَهُ
بِمَعْنى الطّلب أَو بِمَعْنى الْخَبَر فَذهب الزّجاج إِلَى الأول
وَأَن التَّقْدِير أَغفر غفرانك وَعَزاهُ السجاوندي إِلَى سِيبَوَيْهٍ
وَذهب الزَّمَخْشَرِيّ إِلَى الثَّانِي وَأَن التَّقْدِير نستغفرك
غفرانك وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه مَنْصُوب على الْمَفْعُول بِهِ أَي
نطلب أَو نسْأَل غفرانك وَجوز بَعضهم فِيهِ الرّفْع على الِابْتِدَاء
أَو إِضْمَار الْخَبَر أَي غفرانك مطلوبنا
مَوَاضِع وجوب حذف عَامل الْمصدر
(ص) وَمِنْهَا الْوَاقِع فِي توبيخ مَعَ اسْتِفْهَام أَو لَا للنَّفس
أَو غَيرهَا أَو تَفْصِيل عَاقِبَة طلب أَو خبر أَو نَائِبا عَن خبر
اسْم عين بتكرير أَو حصر أَو مُؤَكد جملَة لَا تحْتَمل غَيره وَيُسمى
مُؤَكد نَفسه أَو تحْتَمل فمؤكد غَيره وَيلْزم فِيهِ معرفَة الْبَتَّةَ
وَلَا يقدم عَلَيْهَا فِي الْأَصَح إِلَّا نَحْو أجدك لَا تفعل
اللَّازِم للإضافة لمناسب الْفَاعِل وإيلائه غَالِبا (لَا) أَو (لم)
أَو (لن) وَجوز الزّجاج توسيطه وسيبويه رَفعه والمبرد الْبَاقِي
وَمِنْهَا الْمُشبه بِهِ مشعرا بحدوث بعد جملَة مُشْتَمِلَة على
مَعْنَاهُ وَصَاحبه دون صَالح للْعَمَل وَيجوز إتباعه قَالَ ابْن خروف
بِضعْف وَابْن عُصْفُور سَوَاء وَهُوَ أولى إِن خلت الْجُمْلَة (ش) من
الْمَوَاضِع الَّتِي يجب فِيهَا حذف عَامل الْمصدر مَا وَقع فِي توبيخ
سَوَاء مَعَ اسْتِفْهَام كَقَوْلِه:
(2/120)
745 -
(أَذُلاًّ إِذا شبّ العِدَى نارَ حَرْبهمْ ... وزَهْواً إِذا مَا
يَجْنَحُونَ إِلَى السّلم)
أم دونه كَقَوْلِه: 746 -
(خُمولاً وإهمالاً وَغَيْرك مُولَعٌ ... بتثبيت أَسبَاب السِّيادة
والمَجْدِ)
سَوَاء كَانَ التوبيخ للمخاطب كَمَا مثل وَكَقَوْلِه: 747 -
(أطَرَباً وأَنْت قِنَّسْريُّ ... )
(2/121)
أم للنَّفس كَقَوْل عَامر بن الطُّفَيْل
يُخَاطب نَفسه أغدة كَغُدَّة الْبَعِير وموتا فِي بَيت سَلُولِيَّة
وَمِنْهَا مَا وَقع تَفْصِيل عَاقِبَة طلب أَو خبر فالطلب نَحْو:
{فشدوا الوثاق فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} [مُحَمَّد: 4]
وَالْخَبَر نَحْو: 748 -
(لأجْهَدَنَّ فإمّا دَرْءُ واقعةٍ ... تُخْشَى وَإِمَّا بُلُوغ
السُّؤْل والأمَل)
وَمِنْهَا مَا وَقع نَائِبا عَن خبر اسْم عين بتكرير أَو حصر فالتكرير
نَحْو زيد سيرا سيرا أَي يسير وَكَقَوْلِه: 749 -
(أنَا جدًّا جدًّا ولَهْوُكَ يَزْدَادُ ... إِذن مَا إِلَى اتِّفاق
سَبيلُ)
(2/122)
أَي أجد جدا والحصر نَحْو إِنَّمَا زيد
سيرا وَمَا زيد إِلَّا سيرا أَي يسير وَكَقَوْلِه: 750 -
(ألاَ إِنَّمَا المُسْتَوْجُبون تفضُّلاً ... بدَاراً إِلَى نَيْل
التّقدّم فِي الفَضْل)
أَي يبادرون بدارا جعل أحد اللَّفْظَيْنِ فِي التكرير عوضا من ظُهُور
الْفِعْل وَقَامَ مقَامه فِي الْحصْر (إِنَّمَا) أَو (مَا) و (إِلَّا)
فَلَو كَانَ الْمخبر عَنهُ اسْم معنى وَجب رفع الْمصدر خَبرا عَنهُ
نَحْو جدك جد عَظِيم وَإِنَّمَا بدارك بدار حَرِيص وَمِنْهَا مَا وَقع
مؤكدا لمضمون جملَة فَإِن كَانَ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهَا احْتِمَال
يَزُول بِالْمَصْدَرِ سمي مؤكدا لنَفسِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة
تَكْرِير الْجُمْلَة فَكَأَنَّهُ نفس الْجُمْلَة نَحْو (لَهُ على
دِينَار اعترافا) وَإِن كَانَ مَفْهُوم الْجُمْلَة يتَطَرَّق إِلَيْهِ
احْتِمَال يَزُول بِالْمَصْدَرِ سمي مؤكدا لغيره لِأَنَّهُ لَيْسَ
بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْجُمْلَة فَهُوَ غَيرهَا لفظا وَمعنى نَحْو
أَنْت ابْني حَقًا
(2/123)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْمصدر
الْمُؤَكّد بِهِ فِي ضربيه يجوز أَن يَأْتِي نكرَة وَمَعْرِفَة
بِاللَّامِ وبالإضافة فالنكرة نَحْو هَذَا عبد الله حَقًا وقطعا ويقينا
وَهُوَ عَالم جدا والمعرفة نَحْو هَذَا عبد الله الْحق لَا الْبَاطِل
وَالْيَقِين لَا الشَّك والمضاف نَحْو صنع الله ووعد الله وصبغة الله
وَكتاب الله وَقد الْتزم فِي بَعْضهَا التَّعْرِيف فَقَط نَحْو
الْبَتَّةَ كَقَوْلِك لَا أَفعلهُ الْبَتَّةَ وَمَعْنَاهُ الْقطع وَلَا
أَعُود إِلَيْهِ الْبَتَّةَ وَأَنت طَالِق الْبَتَّةَ ثمَّ هَذَا
الْمصدر الْمُؤَكّد بضربيه لَا يجوز تَقْدِيمه على الْجُمْلَة
الْمُؤَكّدَة على الصَّحِيح وَسَببه أَن الْعَالم فِيهِ فعل يفسره
مضمونها من جِهَة الْمَعْنى إِن التَّقْدِير فِي لَهُ على دِينَار
اعترافا أعترف بذلك اعترافا وَفِي هُوَ ابْني حَقًا أحقه حَقًا فَأشبه
مَا الْعَامِل فِيهِ معنى الْفِعْل فَلم يجز تَقْدِيمه قِيَاسا
عَلَيْهِ وَأَجَازَ الزّجاج توسطيه فَيُقَال هَذَا حَقًا عبد الله
قَالَ لِأَنَّهُ إِذا تقدم جُزْء فقد تقدم مَا يدل على الْفِعْل
وَاسْتشْهدَ بقوله: 751 -
(وكَذَاكُمْ مَصِيرُ كُلّ أُنَاس ... سَوف حَقًّا تُبْلِيهمُ الأيّامُ)
وَقَوله: 752 -
(إِنِّي وَرَبِّ الْقَائِم المَهْدِيّ ... مَا زلْتُ حقًّا يَا بني
عَدِيّ)
(أَخا اعتِلال وَعلَى أَدِيِّ ... )
أَي سفر وَأَجَازَ قوم تَقْدِيمه وَاسْتَدَلُّوا بقَوْلهمْ أحقا زيد
منطلق وأوله المانعون على أَن حَقًا هُنَا نصب على الظّرْف لَا على
الْمصدر أَي أَفِي حق زيد منطلق نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ قَالَ ابْن
مَالك رَحمَه الله وَأما قَوْلهم أجدك لَا تفعل فَأجَاز فِيهِ
الْفَارِسِي تقديرين
(2/124)
أَحدهمَا أَن يكون لَا تفعل فِي مَوضِع
الْحَال وَالثَّانِي أَن يكون أَصله أجدك أَن لَا تفعل ثمَّ حذفت أَن
وَبَطل عَملهَا وَزعم الشلوبين أَن فِيهِ معنى الْقسم وَلذَلِك قدم
انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان قد أدخلهُ سِيبَوَيْهٍ فِي الْمصدر
الْمُؤَكّد لما قبله وَهُوَ بِمَنْزِلَة أحقا وَلَا تفعل كَذَا وَلَا
تسْتَعْمل إِلَّا مُضَافا وغالبا بعد لَا أَو لم أَو لن قَالَ فِي
النِّهَايَة وَالِاسْم الْمُضَاف إِلَيْهِ (جد) حَقه أَن يُنَاسب فَاعل
الْفِعْل الَّذِي فِي التَّكَلُّم وَالْخطاب والغيبة نَحْو أجدي أكرمتك
وأجدك لَا تفعل وأجدك لم تفعل وأجده لم يزرنا وَعلة ذَلِك أَنه مصدر
يُؤَكد الْجُمْلَة الَّتِي بعده فَلَو أضفته لغير فَاعله اخْتَلَّ
التوكيد قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت كَيفَ أَدخل سِيبَوَيْهٍ هَذَا
فِي الْمصدر الْمُؤَكّد لما قبله وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّك إِذا فرضته
مؤكدا فَإِنَّمَا يكون مؤكدا لما بعده قلت إِنَّمَا هُوَ جَوَاب لمن
قَالَ أَنا لَا أفعل كَذَا وَأَنا أفعل كَذَا فبلا شكّ أَن
الْمُتَكَلّم يحمل كَلَامه على الْجد فَهُوَ يَقُوله فَإِذا قلت أتجد
ذَلِك جدا فَهُوَ مُؤَكد لما قبله وَجوز سِيبَوَيْهٍ رفع هَذَا
النَّوْع كُله أَي الْمصدر الْمُؤَكّد بجملة على تَقْدِير الِابْتِدَاء
وَيكون لَازِما الْإِضْمَار كالفعل فَصنعَ الله مثلا على إِضْمَار
(هُوَ) أَو (ذَلِك) و (لَهُ على ألف) اعْتِرَاف كَذَلِك وَجوز الْمبرد
رفع الْبَاقِي الْخَبَر المكرر والمحصور فَيُقَال زيد سير سير
وَإِنَّمَا أَنْت سير
(2/125)
وَمن الْمَوَاضِع الَّتِي يجب فِيهَا حذف
عَامل الْمصدر مَا وَقع مشبها بِهِ مشعرا بحدوث بعد جملَة حاوية فعله
وفاعله معنى دون لفظ وَلَا صَلَاحِية للْعَمَل فِيهِ كَقَوْلِك مَرَرْت
بِهِ فَإِذا لَهُ صَوت صَوت حمَار وَله صُرَاخ صارخ الثكلى وَقَوله:
753 -
(لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ الْقَعْوِ بِالْمَسَد ... )
واحترزنا بقولنَا مشعرا بحدوث عَمَّا لَا يشْعر بِهِ نَحْو لَهُ ذكاء
ذكاء الْحُكَمَاء فَلَا يجوز نَصبه لِأَن نصب صَوت وَشبهه إِنَّمَا
يكون لكَون مَا قبله بِمَنْزِلَة يفعل مُسْندًا إِلَى فَاعل إِذْ
التَّقْدِير فِي (وَله صَوت) وَهُوَ يصوت فاستقام نصب مَا بعده
لِاسْتِقَامَةِ تَقْدِير الْفِعْل فِي مَوْضِعه وَذَلِكَ لَا يُمكن فِي
(لَهُ ذكاء) فَلم يستقم النصب وبقولنا بعد جملَة عَمَّا بعد مُفْرد
نَحْو صَوته صَوت حمَار فَلَا يجوز نَصبه وبقولنا حاوية إِلَى آخِره
عَن نَحْو فِيهَا صَوت صَوت حمَار وَعَلِيهِ نوح نوح الْحمام فالنصب
فِي ذَلِك ضَعِيف لِأَنَّهُ لم يشْتَمل على صَاحب الصَّوْت فَلم يُمكن
تَقْدِيره ب (يصوت) فَوجه النصب على ضعفه أَن الصَّوْت يدل على المصوت
وبقولنا وَلَا صَلَاحِية للْعَمَل عَمَّا لَا يصلح للْعَمَل فِي
الْمصدر نَحْو هُوَ مصوت صَوت حمَار فَإِن صَوت حمَار هُنَا ينْتَصب
(بمصوت) لَا بمضمر
(2/126)
ثمَّ إِذا اجْتمعت الشُّرُوط فَإِن كَانَ
معرفَة تعين فِيهِ مَا ذكر من النصب على المصدرية نَحْو لَهُ صَوت صَوت
الْحمار وَإِن كَانَ نكرَة جَازَ فِيهِ مَعَ ذَلِك الحالية بِتَقْدِير
فعل أَي يبديه ويخرجه صَوت حمَار وَيجوز الرّفْع فِي الْمعرفَة والنكرة
على الإتباع بَدَلا فيهمَا ونعتا فِي النكرَة وَعلي الخبرية بِتَقْدِير
الْمُبْتَدَأ فيهمَا وَجعل ابْن خروف النصب فِي هَذَا النَّوْع أقوى من
الرّفْع قَالَ لِأَن الثَّانِي لَيْسَ بِالْأولِ فيدخله الْمجَاز
والاتساع وجعلهما ابْن عُصْفُور متكافئين لِأَن فِي الرّفْع الْمجَاز
وَفِي النصب الْإِضْمَار والإتباع أولى من النصب إِن خلت الْجُمْلَة
عَن صَاحبه كَمَا تقدم
مَا يَنُوب عَن الْمصدر
(ص) مَسْأَلَة أنابوا عَنهُ صِفَات كعائذا بك وهينا وأقائما وَقد قعدوا
وأعيانا كتربا وجندلا وفاها لفيك وأأعور وَذَا نَاب وَلَا يُقَاس وَفِي
الصِّفَات خلف وَالأَصَح أَنَّهَا أَحْوَال والأعيان مفعولات وَسمع رفع
ترب وقاس سِيبَوَيْهٍ رفع أَعْيَان غير الدُّعَاء (ش) أنابوا عَن
الْمصدر اللَّازِم إِضْمَار ناصبه صِفَات كعائذا بلك وهنيا لَك
وأَقائما وَقد قعد النَّاس وأقاعدا وَقد سَار الركب وَهِي أَسمَاء
فاعلين وهنيء من هنؤ كشريف من شرف قَالَ بعض المغاربة وَهِي مَوْقُوفَة
على السماع وَزعم بَعضهم أَن ذَلِك مقيس عِنْد سِيبَوَيْهٍ يُقَال لَك
من لَازم صفة دائبا عَلَيْهَا نَحْو أضاحكا وأخارجا
(2/127)
وأنابوا عَنهُ أَيْضا أَسمَاء أَعْيَان
قَالُوا تربا وجندلا فِي معنى تربت يَدَاهُ أَي لَا أصَاب خيرا والترب
التُّرَاب والجندل الْحِجَارَة وَقَالُوا فاها لفيك أَي فالداهية
وَيسْتَعْمل هَذَا فِي معنى الدُّعَاء أَي دهاه الله وَقيل ضمير (فاها)
للخيبة وَقَالُوا (أأعور وَذَا نَاب) والمقصور بِهِ الْإِنْكَار
وَأَصله أَن بني عَامر لما قَاتلُوا بني أَسد جعلُوا فِي مقدمتهم عِنْد
اللِّقَاء جملا أَعور مُشَوه الْخلق ذَا نَاب وَهُوَ السن فَقَالَ بعض
الأسديين ذَلِك مُنْكرا عَلَيْهِم وَلَا يُقَاس هَذَا النَّوْع
إِجْمَاعًا لَا يُقَال أَرضًا وَلَا جبلا وَرَأى الْأَكْثَرين أَن نصب
الصِّفَات الْمَذْكُورَة على الحالية الْمُؤَكّدَة لعاملها الْمُلْتَزم
إضماره وَالتَّقْدِير أعوذ وأتقوم وأتقعد وَنصب الْأَعْيَان على
المفعولية بِفعل مُقَدّر وَالتَّقْدِير أطعمك الله أَو ألزمك تربا
وجندلا وألزمك الله فاها لفيك وأتستقبلون أعو وَذَا نَاب وَذهب الْمبرد
إِلَى إِن هَذِه الصِّفَات مَنْصُوبَة على أَنَّهَا مصَادر جَاءَت على
فَاعل كالمالح والعافية وَذهب الشلوبين وَغَيره إِلَى أَن تربا وجندلا
انتصاب انتصاب الْمصدر بِدَلِيل جَوَاز دُخُول اللَّام فَيُقَال تربا
لَك كَمَا يُقَال سقيا لَك وَذهب ابْن عُصْفُور وَابْن خروف إِلَى أَن
أَعور وَذَا نَاب حَال وَالتَّقْدِير أتستقبلونه أَعور وَسمع رفع (ترب)
على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر قَالَ: 754 -
(فَتُرْبٌ لأفْواهِ الوُشاةِ وجِنْدَلُ ... )
(2/128)
قَالَ ابْن حَيَّان وَلَا ينقاس الرّفْع
فِي أَسمَاء الْأَعْيَان الَّتِي يَدعِي بهَا لَو قلت فوها لفيك على
قصد الدُّعَاء لم يجز وَأما غير الْمَدْعُو بهَا فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ
لَو قَالَ أَعور وَذُو نَاب كَانَ مصيبا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ
مُبْتَدأ خَبره مُقَدّر أَي مستقبلكم أَو مصادفكم
(2/129)
الْمَفْعُول لَهُ
[شُرُوطه]
(ص) الْمَفْعُول لَهُ شَرطه أَن يكون مصدرا خلافًا ليونس مُعَللا قيل
وَمن أَفعَال الْبَاطِن وَشرط الْمُتَأَخّرُونَ والأعلم مشاركته لَفظه
وقتا وفاعلا والجرمي والمبرد والرياشي تنكيره وَالأَصَح أَن نَصبه نصب
الْمَفْعُول بِهِ المصاحب فِي الأَصْل جارا لأنواع الْمصدر وَلَا بِفعل
من لَفظه وَاجِب الْإِضْمَار فَإِن فقد شَرط جر بِاللَّامِ أَو من أَو
الْبَاء قيل أَو فِي إِلَّا مَعَ أَن وَأَن وَيكثر مَعهَا مَقْرُونا ب
(أل) ويقل مُجَردا وَمنعه الْجُزُولِيّ ويستويان مُضَافا وَيجوز
تَقْدِيمه خلافًا لقوم لَا تعدده وَلَو مجرورا (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان
تظافرت نُصُوص النَّحْوِيين على اشْتِرَاط المصدرية فِي الْمَفْعُول
لَهُ وَذَلِكَ أَن الْبَاعِث إِنَّمَا هُوَ الْحَدث لَا الذوات وَزعم
يُونُس أَن قوما من الْعَرَب يَقُولُونَ أما العبيد فذو عبيد بِالنّصب
وتأوله على الْمَفْعُول لَهُ وَإِن كَانَ العبيد غير مصدر
(2/130)
وأوله الزّجاج بِتَقْدِير التَّمَلُّك
ليصير إِلَى معنى الْمصدر كَأَنَّهُ قيل أما تملك العبيد أَي مهما
تذكره من أجل تملك العبيد وَشَرطه أَن يكون مُعَللا بِخِلَاف المصادر
الَّتِي لَا تَعْلِيل فِيهَا كقعد جُلُوسًا وَرجع الْقَهْقَرَى وَشرط
بعض الْمُتَأَخِّرين فِيهِ أَن يكون من أَفعَال النَّفس الْبَاطِنَة
نَحْو جَاءَ زيد خوفًا ورغبة بِخِلَاف أَفعَال الْجَوَارِح الظَّاهِرَة
نَحْو جَاءَ زيد قتالا للْكفَّار وَقِرَاءَة للْعلم فَلَا يكون
مَفْعُولا لَهُ وَشرط الأعلم والمتأخرون مشاركته لفعله فِي الْوَقْت
وَالْفَاعِل نَحْو ضربت ابْني تأديبا بِخِلَاف مَا لم يُشَارِكهُ فِي
الْوَقْت نَحْو 755 -
(وَقد نَضَّت لنَوْم ثِيَابَها ... )
لِأَن النض لَيْسَ وَقت النّوم أَو الْفَاعِل نَحْو:
(2/131)
756 -
(وإنّي لَتَعْرُوني لذِكراك هَزّة ... )
وفاعل (تعروني) (هزة) وفال (ذكرى) الشَّاعِر أَي لذكراي إياك فيجران
بِاللَّامِ وَلم يشْتَرط ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَلَا أحد من المقدمين
فَيجوز عِنْدهم أكرمتك أمس طَمَعا غَدا فِي مَعْرُوفك وَجئْت حذر زيد
وَمِنْه: {يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا} [الرَّعْد: 12] ففاعل
الْإِرَادَة هُوَ الله وَالْخَوْف والطمع من الْخلق وَشرط الْجرْمِي
والمبرد والرياشي كَونه نكرَة وَأَنه إِن وجدت فِيهِ (أل) فزائدة
لِأَنَّهُ المُرَاد ذكر ذَات السَّبَب الْحَامِل فَيَكْفِي فِيهِ
النكرَة فالتعريف زِيَادَة لَا يحْتَاج إِلَيْهَا ورده سِيبَوَيْهٍ
وَالْجُمْهُور فَإِن السَّبَب الْحَامِل قد يكون مَعْلُوما عِنْد
الْمُخَاطب فيحمله عَلَيْهِ فيعرفه ذَات السَّبَب وَأَنَّهَا
الْمَعْلُومَة لَهُ وَلَا تنَافِي بَينهمَا فمجموع الشُّرُوط
بِاتِّفَاق وَاخْتِلَاف سِتَّة وَبَقِي سَابِع وَهُوَ أَلا يكون من لفظ
الْفِعْل فَإِن كَانَ فمفعول مُطلق لِأَن الشَّيْء لَا يكون عِلّة
لنَفسِهِ وَهَذَا الشَّرْط رَاجع إِلَى معنى الشُّرُوط الْمَذْكُورَة
كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان فَلِذَا لم أصرح بِهِ
(2/132)
وَاخْتلف فِي ناصبه فَالصَّحِيح وَعَلِيهِ
سِيبَوَيْهٍ والفارسي أَن ناصبه مفهم الْحَدث نصب الْمَفْعُول بِهِ
المصاحب فِي الأَصْل حرف جر لِأَنَّهُ جَوَاب لَهُ وَالْجَوَاب أبدا
على حسب السُّؤَال فقولك فِي جَوَاب لم ضربت زيدا ضَربته تأديبا أَصله
للتأديب إِلَّا أَنه أسقط اللَّام وَنصب وَلِهَذَا تُعَاد إِلَيْهِ فِي
مثل ابْتِغَاء الثَّوَاب تَصَدَّقت لَهُ لِأَن الضَّمِير يرد
الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه ينْتَصب
انتصاب المصادر وَلَيْسَ على إِسْقَاط حرف الْجَرّ وَلذَلِك لم يترجموا
لَهُ اسْتغْنَاء بِبَاب الْمصدر عَنهُ وَكَأَنَّهُ عِنْدهم من قبيل
الْمصدر الْمَعْنَوِيّ فَإِذا قلت ضربت زيدا تأديبا فكأنك قلت أدبته
تأديبا وَذهب الزّجاج فِيمَا نقل ابْن عُصْفُور عَنهُ إِلَى أَنه
ينْتَصب فعل مُضْمر من لَفظه فالتقدير فِي جِئْت إِكْرَاما لَك أكرمتك
إِكْرَاما لَك حذف الْفِعْل وَجعل الْمصدر عوضا من اللَّفْظ بِهِ
فَلذَلِك لم يظْهر وَمَتى فقد شَرط من الشُّرُوط الْمُتَقَدّمَة وَجب
جَرّه بِاللَّامِ وَامْتنع النصب فمثال فقد المصدرية جئْتُك للْمَاء
وللعشب وللسمر وَمِثَال فقد الْمُشَاركَة البيتان السابقان وَقد يجر
بِمن أَو الْبَاء لِأَنَّهُمَا فِي معنى اللَّام نَحْو: {خَاشِعًا
متصدعا من خشيَة الله} [الْحَشْر: 21] {فَبَظٌ لْمٍ مِنَ الَّذِينَ
هَادُواْ} [النِّسَاء: 160] قيل وَقد يجر ب (فِي) السَّبَبِيَّة نَحْو
(دخلت امْرَأَة النَّار فِي هرة) وَلَا يتَعَيَّن الْجَرّ مَعَ أَن
وَأَن وَإِن كَانَا غير مصدرين لِأَنَّهُمَا يقدران بِالْمَصْدَرِ
وَإِن لم يتَّخذ فيهمَا الْفَاعِل أَو الْوَقْت لِأَن حرف الْجَرّ يحذف
مَعَهُمَا كثيرا نَحْو أزورك أَن تحسن إِلَيّ أَو أَنَّك تحسن إِلَيّ
(2/133)
وَلَا يتَعَيَّن النصب أَيْضا عِنْد
اسْتِيفَاء الشُّرُوط بل يجوز مَعَ الْجَرّ ثمَّ إِن كَانَ مُجَردا من
اللَّام وَالْإِضَافَة فالنصب أَكثر ويقل الْجَرّ كالأمثلة السَّابِقَة
وَيجوز ضَربته لتأديب وَذهب الْجُزُولِيّ إِلَى تعين نَصبه وَمنع جَرّه
قَالَ الشلوبين 757 - لَا أقعدُ الجُبْنَ عَن الهَيْجَاء وَلَا سلف
لَهُ فِي ذَلِك وَإِن كَانَ مُعَرفا بِاللَّامِ فالجر أَكثر ويقل النصب
كَقَوْلِه: 758 -
(شَنُّوا الإغارةَ فُرْسَانًا ورُكْبَانا ... )
(2/134)
وَيجوز للجبن وللإغارة وَإِن كَانَ مُضَافا
اسْتَوَى نَصبه وجره قَالَ تَعَالَى: {يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ابْتِغَاء
مرضات الله} [الْبَقَرَة: 265] وَقَالَ: {لِإِيلَافِ قُرَيْش}
[قُرَيْش: 1) وَيجوز تَقْدِيم الْمَفْعُول لَهُ على عَامله وَمنعه
ثَعْلَب وَطَائِفَة ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 759 -
(فَمَا جَزَعاً ورَبِّ النّاس أَبْكِي ... )
وَقَالَ: 760 -
(طَربْتُ وَمَا شَوْقاً إِلَى الْبيض أَطْرَبُ ... )
(2/135)
وَلَا يجوز تعدد الْمَفْعُول لَهُ
مَنْصُوبًا كَانَ أَو مجرورا وَمن ثمَّ منع فِي قَوْله تَعَالَى:
{وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} [الْبَقَرَة: 231] فَتعلق {لتعتدوا}
ب {تمسكوهن} على جعل: {ضِرَارًا} مفعول لَهُ وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بِهِ
على جعل (ضِرَارًا) حَالا
(2/136)
الْمَفْعُول فِيهِ
(ص) وَهُوَ مَا ضمن من اسْم وَقت معني (فِي) باطراد لوَاقِع فِيهِ
وَلَو مُقَدرا ناصب لَهُ وَيصْلح لَهُ مُبْهَم الْوَقْت ومختصه فَإِن
جَازَ أَن يخبر عَنهُ أَو يجر بِغَيْر (من) فمتصرف إِمَّا منصرف ك
(حِين) أَو لَا ك (غدْوَة) و (بكرَة) علمين وَإِلَّا فَعير منصرف
كبعيدات بَين وَمَا عين من بكرَة وسحير وضحى وضحوة وصباح وليل ونهار
وعتمة وعشاء وَعَشِيَّة وَقد تمنع وَجوز الكوفية تصرف ضحى وعتمة وليل
أَو مَمْنُوع ك (سحر) معينا مُجَردا (ش) الْمَفْعُول فِيهِ الَّذِي
يُسمى ظرفا مَا ضمن من اسْم وَقت أَو مَكَان معنى (فِي) باطراد لوَاقِع
فِيهِ مَذْكُور أَو مُقَدّر ناصب لَهُ فَمَا ضمن جنس يَشْمَل الظّرْف
وَالْحَال أوالسهل والجبل من قَول الْعَرَب مُطِرْنَا السهل والجبل
وَقَوْلنَا من اسْم وَقت أَو مَكَان يخرج الْحَال وَقَوْلنَا باطراد
يخرج السهل والجبل من الْمِثَال الْمَذْكُور فَإِنَّهُ لَا يُقَاس
عَلَيْهِ لَا فِي الْفِعْل وَلَا فِي الْأَمَاكِن فَلَا يُقَال أخصبنا
السهل والجبل وَلَا مُطِرْنَا
(2/137)
القيعان والتلول بل يقْتَصر فِيهِ على مورد
السماع بِخِلَاف مَا ينصب على الظَّرْفِيَّة فَإِنَّهُ يجوز أَن يخلف
الِاسْم وَالْفِعْل غَيرهمَا تَقول جَلَست خَلفك فَيجوز قعدت خَلفك
وَجَلَست أمامك والناصب للْمَفْعُول فِيهِ هُوَ الْفِعْل الْوَاقِع
فِيهِ ظَاهرا نَحْو قُمْت يَوْم الْجُمُعَة وَقمت أمامك فالقيام وَاقع
فِي يَوْم الْجُمُعَة وَفِي الْأَمَام وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ أَو
مُقَدرا نَحْو زيد أمامك والقتال يَوْم الْجُمُعَة فالعامل فيهمَا
(كَائِن) أَو (مُسْتَقر) وَهُوَ مُقَدّر لَا ملفوظ بِهِ وبدأت فِي
الْمَتْن بالْكلَام على ظرف الزَّمَان فَلِذَا اقتصرت فِي الْحَد على
ذكره وَهُوَ أوسع من الْمَكَان لِأَن جَمِيع أَسمَاء الزَّمَان
صَالِحَة للنصب على الظَّرْفِيَّة مُبْهمَة كَانَت أَو مُخْتَصَّة
وَالسَّبَب فِي تعدِي الْفِعْل إِلَى جَمِيع ظروف الزَّمَان قُوَّة
دلَالَته عَلَيْهِ من جِهَة أَن الزَّمَان أحد مدلولي الْفِعْل كَمَا
أَن السَّبَب فِي تعديته إِلَى جَمِيع ضروب المصادر قُوَّة الدّلَالَة
عَلَيْهَا من حَيْثُ يدل عَلَيْهَا من جِهَة الْمَعْنى وَاللَّفْظ
فالمبهم مَا وَقع على قدر من الزَّمَان غير معِين كوقت وَحين وزمان
وَينصب على جِهَة التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ لِأَنَّهُ لَا يزِيد على
دلَالَة الْفِعْل وَمِنْه: {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الْإِسْرَاء: 1]
لِأَن الْإِسْرَاء لَا يكون إِلَّا بِاللَّيْلِ قَالَ بَعضهم وَلَا
يُنكر التَّأْكِيد فِي الظَّرْفِيَّة كَمَا لَا يُنكر فِي الْمصدر
وَالْحَال والمختص قِسْمَانِ مَعْدُود وَهُوَ مَا لَهُ مِقْدَار من
الزَّمَان مَعْلُوم كَسنة وَشهر ويومين وَالْمحرم وَسَائِر أَسمَاء
الشُّهُور والصيف والشتاء
(2/138)
وَلَا يعْمل فِيهِ من الْأَفْعَال إِلَّا
مَا يتَكَرَّر ويتطاول فَلَا يُقَال مَاتَ زيد يَوْمَيْنِ وَمن ثمَّ
قدر فِي {فأماته الله مائَة عَام} [الْبَقَرَة: 259] (فألْبَثَهُ)
وَغير مَعْدُود وَهُوَ أَسمَاء الْأَيَّام كالسبت والأحد وَمَا يخصص
بِالْإِضَافَة كَيَوْم الْجمل أَو ب (أل) كَالْيَوْمِ وَاللَّيْلَة أَو
بِالصّفةِ كقعدت عنْدك يَوْمًا قعد عنْدك فِيهِ زيد وَمَا أضافت
إِلَيْهِ الْعَرَب لفظ (شهر) من أَعْلَام الشُّهُور وَهُوَ رَمَضَان
وربيع الأول وربيع الآخر خَاصَّة ثمَّ ظرف الزَّمَان قِسْمَانِ
أَحدهمَا متصرف وَهُوَ مَا جَازَ أَن يسْتَعْمل غير ظرف كَأَن يكون
فَاعِلا أَو مُبْتَدأ أَو خَبرا أَو ينْتَصب مَفْعُولا بِهِ أَو ينجر
بِغَيْر (من) كسرني يَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة مبارك
وَالْيَوْم يَوْم الْجُمُعَة وأجئت يَوْم الْجُمُعَة و {ليجمعنكم إِلَى
يَوْم الْقِيَامَة} [النِّسَاء: 76] ثمَّ هُوَ نَوْعَانِ منصرف كحين
وَوقت وَسَاعَة وَشهر وعام ودهر وَغير منصرف كغدوة وبكرة علمين قصد
بهما التَّعْيِين أم لَا لِأَنَّهُ علميتهما جنسية فيستعملان
اسْتِعْمَال أُسَامَة فَكَمَا يُقَال عِنْد قصد التَّعْمِيم أُسَامَة
شَرّ السِّباع وَعند التَّعْيِين هَذَا أُسَامَة فاحذره يُقَال عِنْد
قصد التَّعْمِيم غدْوَة أَو بكرَة وَقت نشاط وَعند قصد التَّعْيِين
لأسيرن اللَّيْلَة إِلَى غدْوَة أَو بكرَة وَقد يخلوان من العلمية
لِأَن ينكرا بعْدهَا فينصرفان ويتصرفان وَمِنْه {وَلَهُم رِزْقُهُمْ
فِيهَا بُكّرًَ وعَشِيًا} [مَرْيَم: 62] قَالَ أَبُو حَيَّان جعلت
الْعَرَب (غدْوَة) و (بكرَة) علمين لهذين الْوَقْتَيْنِ وَلم تفعل
ذَلِك فِي نظائرها كعتمة وضحوة وَنَحْوهمَا وَذكر بَعضهم أَن (بكرَة)
فِي الْآيَة إِنَّمَا نونت لمناسبة (عشيا) الثَّانِي غير متصرف بِأَن
لَا يخبر عَنهُ وَلَا يجر بِغَيْر (من) بل يلْزم النصب على
الظَّرْفِيَّة أَو يجر ب (من) وَإِنَّمَا لم يحكموا بِتَصَرُّف مَا جر
ب (من) وَحدهَا كعند وَقبل لِأَن (من) كثرا زيادتها فَلم يعْتد
بِدُخُولِهَا على الظّرْف الَّذِي لَا يتَصَرَّف وَهُوَ أَيْضا
نَوْعَانِ
(2/139)
مَمْنُوع الصّرْف كسحر إِذا كَانَ من يَوْم
بِعَيْنِه وجرد من أل وَالْإِضَافَة نَحْو أزورك يَوْم الْجُمُعَة سحر
وجئتك سحر وَأَنت تُرِيدُ بذلك من يَوْم بِعَيْنِه بِخِلَاف مَا إِذا
كَانَ نكرَة فَإِنَّهُ ينْصَرف ويتصرف نَحْو: {نجيناهم بِسحر}
[الْقَمَر: 34] وَكَذَا إِن عرف ب (أل) أَو الْإِضَافَة نَحْو سير بزيد
يَوْم الْجُمُعَة السحر مِنْهُ أَو من سحره ومنصرف (كبعيدات بَين) بعض
أَوْقَات غير مُتَّصِلَة وَهِي جمع (بعيد) مصغرة وَمَعْنَاهُ لَقيته
مرَارًا مُتَفَرِّقَة قَرِيبا بَعْضهَا من بعض فَجمع بعيد يدل على مَا
أُرِيد من المرار وتصغيره يدل على مَا أُرِيد من تقاربها لِأَن
تَصْغِير الظّرْف المُرَاد بِهِ التَّقْرِيب وَمِنْه مَا عين من
(بكرَة) و (سحير) وضحى وضحوة وصباح وَمَسَاء وليل ونهار وعتمة وعشاء
وَعَشِيَّة فَهَذِهِ الْأَسْمَاء نكرات أُرِيد بهَا أزمان مُعينَة
فَوضعت مَوضِع المعارف وَإِن كَانَت نكرَة وَلذَلِك لَا تتصرف وتوصف
بالنكرة تَقول أَتَيْتُك يَوْم الْخَمِيس ضحي مُرْتَفعَة ولقيتك يَوْم
الْجُمُعَة عتمة مُتَأَخِّرَة وَقد يمْنَع (عَشِيَّة) الصّرْف فَتَصِير
إِذْ ذَاك علما جنسيا كغدوة وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ تصرف مَا عين من
عتمة وضحوة وليل ونهار فَتَقول سير عَلَيْهِ عتمة وضحوة وليل ونهار
(2/140)
(ص) وَمِنْه مَا لم يضف من مركب الأحيان
كصباح مسَاء أَي كل صباح وَمَسَاء ويساويه الْمُضَاف معنى خلافًا
للحريري فِي تَخْصِيصه الْفِعْل بِالْأولِ وَذُو وَذَات مضافين لوقت
إِلَّا فِي لُغَة وأنكرها السُّهيْلي فِي (ذَات) ويقبح تصرف وصف حِين
عرض قِيَامه وَلم يُوصف (ش) ألحق بالممنوع التَّصَرُّف فِي الْتِزَام
النصب على الظَّرْفِيَّة مَا لم يضف من مركب الأحيان كفلان يزورنا صباح
مسَاء وَيَوْم يَوْم أَي كل صباح وَمَسَاء وكل يَوْم قَالَ: 761 -
(ومَنْ لَا يَصْرفِ الواشَينَ عَنْهُ ... صَباحَ مَساءَ يضنوه خَبالا)
وَقَالَ: 762 -
(آتٍ الرِّزقُ يَوْمَ يَوْمَ فَأجْمِل ... طَالبا وابْغ للقيامة زادًا)
(2/141)
وَهُوَ مَبْنِيّ حِينَئِذٍ لتَضَمّنه معنى
حرف الْعَطف كخمسة عشر بِخِلَاف مَا إِذا أضيف الصَّدْر إِلَى الْعَجز
فَإِنَّهُ يتَصَرَّف فَيَقَع ظرفا وَغير ظرف كَقَوْلِه: 763 -
(وَلَوْلَا يومُ يَوْم مَا أردنَا ... )
وَقَوله: 764 -
(وَقد علاك مشِيبٌ حِينَ لَا حِين ... )
وَكَذَا إِذا لم يركب بل عطف نَحْو فلَان يتعاهدنا صباحا وَمَسَاء
(2/142)
وَزعم الحريري فِي درة الغواص أَنه فرق
بَين قَوْلك يأتينا صباح مسَاء على الْإِضَافَة وصباح مسَاء على
التَّرْكِيب وَأَن الْخَواص يهمون فِي ذَلِك فَلَا يفرقون بَينهمَا
وَأَن الْفرق هُوَ أَن المُرَاد بِهِ مَعَ الْإِضَافَة إِنَّه يَأْتِي
فِي الصَّباح وَحده إِذْ تَقْدِير الْكَلَام يأتينا فِي صباح مسَاء
وَالْمرَاد بِهِ عِنْد تركيب الاسمين وبنائهما على الْفَتْح أَن
يَأْتِي فِي الصَّباح والمساء لِأَن الأَصْل صباحا وَمَسَاء فَحذف
العاطف ورد عَلَيْهِ ابْن بري بِأَن هَذَا الْفرق لم يقلهُ أحد بل صرح
السيرافي بِأَن سير عَلَيْهِ صباح مسَاء وصباح مسَاء وصباحا وَمَسَاء
معناهن وَاحِد ثمَّ قَالَ وَلَيْسَ سير عَلَيْهِ صباح مسَاء مثل قَوْله
ضربت غُلَام زيد فِي أَن السّير لَا يكون إِلَّا فِي الصَّباح كَمَا
شهر أَن الضَّرْب لَا يَقع إِلَّا بِالْأولِ وَهُوَ الْغُلَام دون
الثَّانِي لِأَنَّك إِذا لم ترد أَن السّير وَقع فيهمَا لم يكن فِي
مجيئك بالمساء فَائِدَة وَهَذَا نَص وَاضح وَألْحق الْعَرَب أَيْضا
بالممنوع التَّصَرُّف فِي الْتِزَام النصب على الظَّرْفِيَّة (ذَا) و
(ذَات) مضافين إِلَى زمَان نَحْو لَقيته ذَا صباح وَذَا مسَاء وَذَات
مرّة وَذَات يَوْم وَذَات لَيْلَة قَالَ: 765 -
(إِذا شَدّ العِصابة ذَاتَ يَوْم ... )
(2/143)
إِلَّا فِي لغية لخثعم فَإِنَّهَا أجازت
فِيهَا التَّصَرُّف فَيُقَال سير عَلَيْهِ ذَات لَيْلَة بِرَفْع (ذَات)
وَقَالَ بعض الخثعميين: 766 -
(عزَمتُ على إقامةِ ذِي صَباح ... )
وَزعم السُّهيْلي أَن (ذَات مرّة) و (ذَات يَوْم) لَا تتصرف لَا فِي
لُغَة خثعم وَلَا فِي غَيرهَا وَأَن الَّذِي يتَصَرَّف عِنْدهم
إِنَّمَا هُوَ (ذُو) فَقَط ورده أَبُو حَيَّان بتصريح سِيبَوَيْهٍ
وَالْجُمْهُور بِخِلَاف ذَلِك وَالسَّبَب فِي عدم تصرف (ذَا) و (ذَات)
فِي لُغَة الْجُمْهُور أَنَّهُمَا فِي الأَصْل بِمَعْنى صَاحب وصاحبة
صفتان لظرف مَحْذُوف وَالتَّقْدِير فِي (لَقيته ذَا صباح وَمَسَاء)
وَقت صَاحب هَذَا الِاسْم و (ذَات يَوْم) قِطْعَة ذَات يَوْم فَحذف
الْمَوْصُوف وأقيمت صفته مقَامه فَلم يتصرفوا فِي الصّفة لِئَلَّا يكثر
التَّوَسُّع
(2/144)
وَعبارَة ابْن أبي الْعَافِيَة فضعف لذَلِك
وَلم يسْتَعْمل إِلَّا ظرفا وَلِأَن إضافتهما من قبيل إِضَافَة
الْمُسَمّى إِلَى الِاسْم وَهِي قَليلَة فِي كَلَام الْعَرَب فَلم
يتصرفوا فِيهَا لذَلِك واستقبح جَمِيع الْعَرَب التَّصَرُّف فِي صفة
حِين عرض قِيَامهَا مقَامه وَلم تُوصَف كَقَوْلِك سير عَلَيْهِ قَدِيما
أَو حَدِيثا أَو طَويلا فَهَذِهِ أَوْصَاف عرض حذف موصوفها وانتصب على
الظَّرْفِيَّة فَلم تصرف فِيهَا فَقيل سير عَلَيْهِ قديم أَو حَدِيث
أَو طَوِيل قبح ذَلِك فَإِن لم يعرض قِيَامهَا مقَامه بل اسْتعْمل ظرفا
وَهِي فِي الأَصْل صفة نَحْو (قريب، وملي) حسن فِيهَا التَّصَرُّف
نَحْو سير عَلَيْهِ قريب وسير عَلَيْهِ ملي من النَّهَار أَي قِطْعَة
من النَّهَار وَلَو وصفت حسن فِيهَا أَيْضا التَّصَرُّف نَحْو سير
عَلَيْهِ طَوِيل من الدَّهْر لِأَنَّهَا لما وصفت ضارعت الْأَسْمَاء
(ص) وَمَا صلح جَوَاب كم أَو مَتى وَهُوَ اسْم شهر لم يضف إِلَيْهِ شهر
قيل أَو أضيف قَالَ ابْن خروف وَكَذَا شهر مُفْرد وأعلام الْأَيَّام
أَو كَانَ الْأَبَد والدهر وَاللَّيْل وَالنَّهَار مَقْرُونا بأل لَا
لمبالغة فالفعل وَاقع فِي كُله تعميما أَو توزيعا وَيجوز فِي غَيرهَا
التَّعْمِيم والتبعيض إِن صلح وتعريف جَوَاب كم خلافًا لِابْنِ السراج
وَإِضَافَة شهر إِلَى كل الشُّهُور وفَاقا لسيبويه وَخِلَافًا
للمتأخرين وَقيل نصب الْمَعْدُود والموقت نصب الْمَفْعُول نِيَابَة عَن
الْمصدر وَقيل على حذف الْمصدر (ش) مَا صلح أَن يَقع جَوَابا لكم وَلَا
يصلح أَن يكون جَوَابا لمتي وَهُوَ مَا كَانَ مؤقتا غير معرف وَلَا
مُخَصص بِصفة نَحْو ثَلَاثَة أَيَّام ويومين فَإِنَّهُ يصلح أَن يكون
جَوَاب كم سرت فَهَذَا النَّوْع يكون الْفِعْل فِي جَمِيعه إِمَّا
تعميما وَإِمَّا تقسيطا فَإِذا قلت سرت يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة
أَيَّام فالسير وَاقع فِي الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَة من الأول
إِلَى الآخر وَقد يكون فِي كل وَاحِد من الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَة
وَإِن لم يعم من أول الْيَوْم إِلَى آخِره
(2/145)
وَمن التَّعْمِيم صمت ثَلَاثَة أَيَّام
وَمن التقسيط أَذِنت ثَلَاثَة أَيَّام وَمن الصَّالح لَهما تهجدت
ثَلَاث لَيَال وَلَا يجوز أَن يكون الْفِعْل فِي أحد الْأَيَّام أَو
اللَّيَالِي وَيكون جَوَاب كم نكرَة كَمَا ذكر وَمَعْرِفَة كاليومين
المعهودين وَأنكر ابْن السراج أَن يرد جَوَاب كم معرفَة لِأَنَّهُ من
جَوَاب مَتى إِذْ يُرَاد مِنْهَا الْوَقْت وبكم الْعدَد وَمَا صلح أَن
يَقع جَوَابا لمتى فَإِذا كَانَ اسْم شهر غير مُضَاف إِلَيْهِ لَفظه
(شهر) فَكَذَلِك يكون الْفِعْل وَاقعا فِي جمعيه تعميما أَو تقسيطا
نَحْو سرت الْمحرم وسرت صفر يحْتَمل الْأَمريْنِ واعتكفت الْمحرم
للتعميم وأذنت صفر للتقسيط وَكلهَا تصلح جَوَاب مَتى سرت وَمَتى اعتكفت
وَمَتى أَذِنت وَإِن كَانَ غير اسْم شهر فَالْعَمَل مَخْصُوص بِبَعْضِه
نَحْو مَتى قدمت فَيُقَال يَوْم الْجُمُعَة فَيكون الْقدوم فِي بعضه
وَكَذَا إِن كَانَ اسْم شهر مُضَافا إِلَيْهِ لفظ (شهر) فَإِنَّهُ يجوز
أَن يكون فِي بعضه وَفِي جَمِيعه نَحْو قدم زيد شهر رَمَضَان وَصمت شهر
رَمَضَان هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَزعم الزّجاج أَنه لَا فرق بَين
الْمُضَاف إِلَيْهِ (شهر) وَغَيره وَأَنه يجوز أَن يكون الْعَمَل فِي
بعضه وَأَن يكون فِي جَمِيعه قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ خلاف نَص
سبيويه قَالَ والتفرقة بَين ذَلِك بالاستقراء وَالسَّمَاع وَلَيْسَ
للْقِيَاس فِيهِ مجَال وَزعم ابْن خروف أَن الْفرق بَين رَمَضَان وَشهر
رَمَضَان من جِهَة أَن (رَمَضَان) علم و (شهر) لَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا
هُوَ معرفَة بإضافته إِلَى رَمَضَان وَكَذَلِكَ سَائِر أَسمَاء
الشُّهُور وَالْعلم وَاقع على الشَّخْص بِجَمِيعِ صِفَاته فَكَذَلِك
أَسمَاء الشُّهُور كالأعلام فَلَا تقع على بعض الشَّهْر قَالَ وَلَيْسَ
كالشهر لِأَنَّهُ وقاع على جُزْء من الشَّهْر مُتَفَرقًا أَو مجتمعا من
جِهَة أَنه لَيْسَ علما فَأجَاز أَن يُقَال سرت الشَّهْر وَأَنت
تُرِيدُ أَن السّير فِي بعضه وَأَجَازَ أَن يعْمل فِي الشَّهْر مَا لَا
يَتَطَاوَل نَحْو لقيتك الشَّهْر وَكَذَا زعم فِي أَعْلَام الْأَيَّام
أَنَّهَا كأعلام الشُّهُور فَإِذا قلت سرت السبت أَو سرت الْخَمِيس لم
يكن الْعَمَل إِلَّا فِي جميعهما لِأَنَّهُمَا علمَان فَإِذا أضفت
إِلَيْهِ يَوْم أَو لَيْلَة فَقلت
(2/146)
سرت يَوْم السبت أَو لَيْلَة السبت جَازَ
أَن يكون السّير فِي بعضه وَفِي جَمِيعه لِأَن تَعْرِيفه بِالْإِضَافَة
وَأَجَازَ لذَلِك أَن يعْمل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِمَا مَا لَا
يَتَطَاوَل نَحْو لقيتك يَوْم الْخَمِيس وَلم يجزه فِي الْخَمِيس
وَسَائِر أَيَّام الْأُسْبُوع فَلَا يُقَال لقيتك الْخَمِيس وَلَا
لقيتك السبت قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا زَعمه بَاطِل لِأَن الِاسْم
يتَنَاوَل مُسَمَّاهُ بجملته نكرَة أَو معرفَة علما أَو غَيره
وَإِنَّمَا التَّفْرِقَة بَين أَسمَاء الشُّهُور أذا أضيف إِلَيْهَا
شهر وَبَينهَا إِذا لم يضف إِلَيْهَا شهر من جِهَة أَنه إِذا انْفَرد
الشَّهْر وَلم يضف فَالْعَمَل فِي جَمِيعه لِأَنَّهُ يُرَاد بِهِ
ثَلَاثُونَ يَوْمَانِ وَلَا يجوز أَن يكون فِي بعضه وَكَذَلِكَ أَسمَاء
الْأَيَّام يجوز أَن يكون فِي كلهَا وَفِي بَعْضهَا لِأَنَّهَا من قبيل
الْمُخْتَص غير الْمَعْدُود وَيعْمل فِيهِ المتطاول وَغَيره فَسَوَاء
أضيف إِلَيْهِ يَوْم أم لَا انْتهى وَكَذَا إِذا كَانَ جَوَاب متي
الْأَبَد والدهر وَاللَّيْل وَالنَّهَار مقرونة بِالْألف وَاللَّام
فَإِنَّهَا مثل رَمَضَان إِذا لم يضف إِلَيْهِ (شهر) يكون للتعميم
نَحْو سير عَلَيْهِ اللَّيْل وَالنَّهَار والدهر والأبد وَلَا يُقَال
لَقيته اللَّيْل وَالنَّهَار وَأَنت تُرِيدُ لقاءه فِي سَاعَة من
السَّاعَات وَلَا لَقيته الدَّهْر والأبد وَأَنت تُرِيدُ يَوْمًا فِيهِ
فَإِن قصدت الْمُبَالغَة جَازَ إِطْلَاقه على غير الْعَام نَحْو سير
عَلَيْهِ الْأَبَد تُرِيدُ الْمُبَالغَة مجَازًا لَا تَعْمِيم السّير
فِي جَمِيع الْأَبَد وَمَا سوى مَا ذكر من جَوَاب مَتى من أَعْلَام
الشُّهُور غير الْمُضَاف إِلَيْهَا والأبد وَنَحْوه وَذَلِكَ نَحْو
الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَيَوْم كَذَا وَلَيْلَة كَذَا وَأَسْمَاء
الْأَيَّام وأشبه ذَلِك يجوز فِيهِ التَّعْمِيم والتبغيض إِن صلح لَهُ
فَالْأول نَحْو قَامَ زيد الْيَوْم وَالثَّانِي نَحْو لقِيت زيدا
الْيَوْم ويحتملهما نَحْو سَار زيدا الْيَوْم وَكَون مَا يكون الْعَمَل
فِي جَمِيعه هُوَ ظرف وانتصب انتصاب الظروف هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين
وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنه لَيْسَ بظرف وَأَنه ينْتَصب انتصاب الْمُشبه
بالمفعول لِأَن الظّرْف عِنْدهم مَا انتصب على تَقْدِير فِي وَإِذا عَم
الْفِعْل الظّرْف لم يتَقَدَّر عِنْدهم فِيهِ (فِي) لِأَن (فِي)
يَقْتَضِي عِنْدهم التَّبْعِيض وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ مشبها بالمفعول
لَا مَفْعُولا بِهِ لأَنهم رَأَوْهُ ينْتَصب بعد الْأَفْعَال
اللَّازِمَة
(2/147)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذَهَبُوا
إِلَيْهِ بَاطِل لأَنهم بنوه على أَن (فِي) تَقْتَضِي التَّبْعِيض
وَإِنَّمَا هِيَ للوعاء قَالَ تَعَالَى {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا
صَرْصَرًا فِي أَيَّام نحسات} [فصلت: 16] فَأدْخل (فِي) على الْأَيَّام
وَالْفِعْل وَاقع فِي جَمِيعهَا بِدَلِيل: {سخرها عليم سبع ليالٍ
وَثَمَانِية أيامٍ حسومًا} [الحاقة: 7] وَقَالَ {فترى الْقَوْم فِيهَا
صرعى} [الحاقة: 7] فَأدْخل (فِي) على ضمير الْأَيَّام والليالي مَعَ
أَن الرُّؤْيَة مُتَّصِلَة فِي جَمِيعهَا وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى
أَن مَا كَانَ من الظروف معطيا غير مَا أعْطى الْفِعْل كالظروف
المعدودة والموقتة فنصبها نصب الْمَفْعُول على تَقْدِير نيابتها عَن
الْمصدر فَفِي سرت يَوْمَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ سرت سيرا مُقَدرا بيومين
لِأَنَّهُ لَا دلَالَة للْفِعْل عَلَيْهِ وَقيل هُوَ بِمَنْزِلَة
ضَربته سَوْطًا أَي سير يَوْمَيْنِ فَحذف وَالصَّحِيح أَنه يتَعَدَّى
إِلَيْهِ بعد حذف الْجَار فينصبه وَالْقَوْلَان المحكيان فِي آخر
القولة راجعان إِلَى أصل الظّرْف لَا إِلَى مَسْأَلَة التَّعْمِيم وهما
مقابلان لقولي فِي أول الْبَاب (لوَاقِع فِيهِ ناصب لَهُ) وَبَقِي
مَسْأَلَة إِضَافَة شهر إِلَى أَسمَاء الشُّهُور قَالَ أَبُو حَيَّان
ظَاهر كَلَام التسهيل جَوَاز إِضَافَة (شهر) إِلَى كل أَسمَاء
الشُّهُور وَلَيْسَ كَذَلِك فَلم تسْتَعْمل الْعَرَب من أَسمَاء
الشُّهُور مُضَافا إِلَيْهِ شهر إِلَّا رَمَضَان وربيع الأول وربيع
الآخر وَأما غير هَذِه الثَّلَاثَة فَلَا يُضَاف إِلَيْهِ شهر لَا
يُقَال شهر الْمحرم وَلَا شهر صفر وَلَا شهر جُمَادَى قَالَ إِلَّا أَن
فِي كَلَام سِيبَوَيْهٍ مَا يُخَالف هَذَا فَإِنَّهُ أضَاف (شهر) إِلَى
ذِي الْقعدَة قَالَ وَبِهَذَا أَخذ أَكثر النَّحْوِيين فأجازوا
إِضَافَة (شهر) إِلَى سَائِر أَعْلَام الشُّهُور وَلم يخصوا ذَلِك
بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكرنَاهَا انْتهى
أَنْوَاع مَا يصلح للظرفية من الْأَمْكِنَة
(ص) مَسْأَلَة يصلح للظرفية من الْأَمْكِنَة مَا دلّ على مُقَدّر وَفِي
كَونه مُبْهما خلاف وَمَا لَا يعرف إِلَّا بِإِضَافَة أَو جرى مجْرَاه
باطراد وَمنعه الكوفية إِلَّا بِإِضَافَة لَا تخْتَص إِلَّا بفي
وَنَحْوهَا وَألْحق بِهِ مَا قرن بدخلت
(2/148)
وَقيل هُوَ مفعول بِهِ وَقيل اتساع وَقيل
يجب النصب إِن اتَّسع الْمَدْخُول لَا إِن ضَاقَ قَالَ الْفراء وَكَذَا
ذهبت وَانْطَلَقت وَابْن الطراوة وَالطَّرِيق مُطلقًا وَألْحق بِهِ
قِيَاسا مَا اشتق من الْوَاقِع فِيهِ وسماعا عِنْد سِيبَوَيْهٍ
وَالْجُمْهُور مَا دلّ على قرب أَو بعد كَهُوَ مني مزجر الْكَلْب (ش)
الَّذِي يصلح للظرفية وَيَتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل من الْأَمْكِنَة
أَرْبَعَة أَنْوَاع أَحدهَا مَا دلّ على مِقْدَار ويعبر عَنهُ بمقدر
قَالَ أَبُو حَيَّان وهما متقاربان نَحْو ميل وفرسخ وبريد وغلوة
وَهَذَا النَّوْع اخْتلف فِيهِ هَل هُوَ دَاخل تَحت حد الْمُبْهم أم
لَا فالشلوبين على الثَّانِي لِأَن الْمُبْهم مَا لَا نِهَايَة لَهُ
وَلَا حُدُود محصورة وَهَذِه الظروف الْمقدرَة لَهَا نِهَايَة
مَعْرُوفَة وحدود محصورة لِأَن الْميل مِقْدَار مَعْلُوم من الْمسَافَة
وَكَذَا الْبَاقِي والفارسي وَغَيره على الأول لِأَنَّهُ إِنَّمَا يرجع
تقديرها إِلَى السماع أَلا تري أَن الغلوة مائَة بَاعَ والميل عشرَة
غلاء والفرسخ ثَلَاثَة أَمْيَال والبريد أَرْبَعَة
(2/149)
فراسخ والباع لَا يَنْضَبِط إِلَّا بتقريب
لِأَنَّهُ يزِيد وَينْقص فَيلْزم أَن تكون هَذِه المقدرات غير مُحَققَة
النِّهَايَة وَالْحُدُود بل تحديدها على جِهَة التَّقْرِيب قَالَ أَبُو
حَيَّان وَالصَّحِيح أَنه شَبيه بالمبهم وَلذَلِك وصل إِلَيْهِ
الْفِعْل بِنَفسِهِ وَمَا ذكر من أَن هَذَا الْمِقْدَار ينصبه الْفِعْل
نصب الظّرْف هُوَ قَول النَّحْوِيين إِلَّا السُّهيْلي فَإِنَّهُ زعم
أَن انتصاب هَذَا النَّوْع انتصاب المصادر لَا انتصاب الظروف لِأَنَّهُ
لَا يقدر بفي وَلَا يعْمل فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ فِي معنى الْمَشْي
وَالْحَرَكَة لَا يُقَال قعدت ميلًا وَلَا رقدت ميلًا والظرف يَقع
فِيهِ كل ناصب لَهُ فَهُوَ اسْم لخطى مَعْدُودَة فَكَمَا أَن سرت
خطْوَة مصدر فَكَذَلِك سرت ميلًا وَنَحْوه الثَّانِي مَا لَا تعرف
حَقِيقَته بِنَفسِهِ بل مَا يُضَاف إِلَيْهِ كمكان وناحية ووراء وَأما
وَوجه وجهة وكجنابتي فِي قَوْلهم (هما خطان جنابتي أنفها) يعنون خطين
اكتنفا جَنْبي أنف الظبية و (كجنبي) فِي قَوْله: 767 -
(جنْبَيْ فُطَيْمةَ لَا ميلٌ وَلَا عُزُلُ ... )
وكأقطار فِي قَوْلهم قَوْمك أقطار الْبِلَاد وَسَوَاء فِي جَوَاز نصب
مَا ذكر على الظّرْف الْمُبْهم والمبين
(2/150)
وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه لَا يجوز
نصب الْمُبْهم لعدم الْفَائِدَة بل لَا بُد من وصف يخصصه وَمَا فِي
حكمه نَحْو قعدت مَكَانا صَالحا وَكَذَلِكَ فِي الْجِهَة وَلَا يُقَال
قعدت قداما وَلَا خلفا إِلَّا على الْحَال كَأَنَّك قلت مُتَقَدما
ومتأخرا فَإِن خصصت بِالْإِضَافَة جَازَ نَحْو قعدت قدامك وخلفك
الثَّالِث مَا جرى مجْرَاه باطراد قَالَ ابْن مَالك وَذَلِكَ صفة
الْمَكَان الْغَالِبَة نَحْو هم قَرِيبا مِنْك وشرقي الْمَسْجِد ومصادر
قَامَت مقَام مُضَاف إِلَيْهَا تَقْديرا نَحْو قَوْلهم قرب الدَّار
وَوزن الْجَبَل وزنته قَالَ وَالْمرَاد بالاطراد أَلا تخْتَص ظرفيته
بعامل مَا كاختصاص ظرفية الْمُشْتَقّ من اسْم الْوَاقِع فِيهِ وَجعل
أَبُو حَيَّان من ذَلِك قبلك ونحوك وقرابتك بِمَعْنى قَرِيبا إِلَّا
أَنه أَشد مُبَالغَة قَالَ وشرقي مَنْسُوب إِلَى الشرق وَمَعْنَاهُ
الْمَكَان الَّذِي يَلِي الشرق قَالَ وَذكر سِيبَوَيْهٍ من هَذَا
النَّوْع هُوَ قصدك وَهُوَ صددك وَهُوَ صقبك وَسَوَاء فِي هَذَا
النَّوْع وَمَا قبله النكرَة والمعرفة هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَأما
الْكُوفِيُّونَ فَلَا يكون ظرف الْمَكَان عِنْدهم إِلَّا معرفَة
بِالْإِضَافَة فَإِن كَانَ نكرَة فَلَيْسَ بظرف نَحْو قَامَ عبد الله
خلفا ووراء بِمَعْنى مُتَأَخِّرًا وقداما أما الْمُخْتَص وَهُوَ
الَّذِي لَهُ اسْم من جِهَة نَفسه كَالدَّارِ وَالْمَسْجِد والحانوت
وَقيل هُوَ مَا كَانَ لَفظه مُخْتَصًّا بِبَعْض الْأَمَاكِن دون بعض
وَقيل مَا كَانَ لَهُ أقطار تحصره ونهايات تحيط بِهِ فَلَا يتعدي
إِلَيْهِ الْفِعْل إِلَّا بِوَاسِطَة (فِي) إِذا أُرِيد معنى
الظَّرْفِيَّة كجلست فِي الدَّار إِلَّا مَا سمع من ذَلِك بِدُونِهَا
فَإِنَّهُ يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَهُوَ كل مَكَان مُخْتَصّ مَعَ
(دخلت) نَحْو دخلت الدَّار وَالْمَسْجِد
(2/151)
فمذهب سِيبَوَيْهٍ والمحققين أَنه مَنْصُوب
على الظّرْف تَشْبِيها للمختص بِغَيْر الْمُخْتَص وَذهب الْفَارِسِي
وَمن وَافقه إِلَى أَنه مِمَّا حذف مِنْهُ (فِي) اتساعا فانتصب على
الْمَفْعُول بِهِ وَذهب الْأَخْفَش وَجَمَاعَة إِلَى أَنه مِمَّا
يتَعَدَّى بِنَفسِهِ فَهُوَ مفعول بِهِ على الأَصْل لَا على الاتساع
وَذهب السُّهيْلي إِلَى أَنه اتَّسع الْمَدْخُول فِيهِ حَتَّى يكون
كالبلد الْعَظِيم كَانَ النصب لَا بُد مِنْهُ كدخلت الْعرَاق ويقبح أَن
يُقَال دخلت فِي الْعرَاق وَإِن ضَاقَ بعد النصب جدا لِأَن الدُّخُول
قد صَار ولوجا وتقحما كدخلت فِي الْبِئْر وأدخلت أُصْبُعِي فِي
الْحلقَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَسكت عَن الْمُتَوَسّط وَقِيَاس
تَفْصِيله أَنه يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ التَّعَدِّي بِنَفسِهِ وبواسطة
(فِي) وَألْحق الْفراء ب (دخلت) (ذهبت) و (انْطَلَقت) فَقَالَ الْعَرَب
عدت إِلَى أَسمَاء الْأَمَاكِن دخلت وَذَهَبت وَانْطَلَقت وَحكي أَنهم
يَقُولُونَ دخلت الْكُوفَة وَذَهَبت الْيمن وَانْطَلَقت الشَّام قَالَ
أَبُو حَيَّان وَهَذَا شَيْء لم يحفظه سِيبَوَيْهٍ وَلَا غَيره من
الْبَصرِيين وَالْفراء ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ وَقَالَ الْمبرد ذهبت
لَيْسَ من هَذَا الْبَاب بل هُوَ مِمَّا أسقط مِنْهُ حرف الْجَرّ
وَهُوَ (إِلَى) لَا (فِي) وَمِمَّا سمع نَصبه (الطَّرِيق) قَالَ: 768 -
(كَمَا عَسَل الطّريقَ الثّعْلَبُ ... )
(2/152)
أَي فِي الطَّرِيق وَهُوَ ضَرُورَة
كَقَوْلِه: 769 -
(قَالَا خَيْمَتَىْ أُمّ مَعْبَدِ ... )
أَي فِي خَيْمَتي وَذهب بَعضهم إِلَى أَن انتصاب (الطَّرِيق) ظرفا يجوز
فِي الِاخْتِيَار وَأَنه مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَمقيس
وَاخْتَارَهُ ابْن الطراوة النَّوْع الرَّابِع مَا دلّ على مَحل
الْحَدث الْمُشْتَقّ هُوَ من اسْمه كمقعد ومرقد ومصلى ومعتكف نَحْو
قعدت مقْعد زيد وقعودي مقْعد زيد أَي فِيهِ وَهُوَ مقيس بِشَرْط أَن
يكون الْعَامِل فِيهِ أَصله الْمُشْتَقّ مِنْهُ وَلَا يجوز أَن يعْمل
فِيهِ غَيره فَلَا يُقَال ضحِكت مجْلِس زيد أَي فِيهِ وَمَا سمع من نصب
ذَلِك يقْتَصر فِيهِ على السماع وَلَا يُقَاس نَحْو هُوَ مني مقْعد
(2/153)
الْقَابِلَة ومقعد الْإِزَار ومنزلة الْوَلَد أَي فِي الْقرب ومناط
الثريا ومزجر الْكَلْب أَي فِي الِارْتفَاع والبعد وَأَشْبَاه ذَلِك
مِمَّا دلّ على قرب أَو بعد وَمَا ذَكرْنَاهُ من الِاقْتِصَار فِيهِ
على السماع هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور فَلَا يُقَال هُوَ
مني مجلسك ومتكأ زيد ومربط الْفرس ومعقد الشرَاك وَلَا هُوَ مني مقْعد
الْقَابِلَة ومزجر الْكَلْب بِمَعْنى الْمَكَان الَّذِي يقْعد فِيهِ
ويزجر لِأَن الْعَرَب لم تستعملها إِلَّا على معنى التَّمْثِيل للقرب
والبعد وَذهب الْكسَائي إِلَى أَن ذَلِك مقيس |