همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

حُرُوف الْقسم
حُرُوف الْقسم الجارة أَي هَذَا مبحثها وأفردت بترجمة لاخْتِصَاص الْقسم بِأَحْكَام وفروع
بَاء الْقسم
أَحدهَا الْبَاء وَهِي الأَصْل أَي أصل أحرفه وَإِن كَانَت الْوَاو أَكثر اسْتِعْمَالا مِنْهَا لِأَنَّهَا للإلصاق فَهِيَ تلصق فعل الْقسم بالمقسم بِهِ وَمن ثمَّ أَي من هُنَا وَهُوَ كَون الْبَاء الأَصْل اخْتصَّ بهَا الطّلب والاستعطاف فَلَا يقسم فيهمَا بغَيْرهَا نَحْو بِاللَّه أَخْبرنِي وَبِاللَّهِ هَل قَامَ زيد أَي أَسأَلك بِاللَّه مستحلفا وَجَاز إِظْهَار الْفِعْل أَي فعل الْقسم مَعهَا نَحْو {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} [النُّور: 53] كَمَا يجوز إضماره نَحْو: {فبعزتك لأغوينهم} [ص: 82] بِخِلَاف غَيرهَا (و) جَازَ حذفهَا لَا غَيرهَا من أحرفه فينصف تَالِيهَا بإضمار فعل الْقسم قَالَ ابْن خروف وَابْن عُصْفُور أَو فعل آخر ك (الزم) وَنَحْوه وَيرْفَع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَرُوِيَ بهما قَوْله: 1160 -
(فَقلت يمينُ اللهِ أبْرَحُ قَاعِداً ... )
وَلَا تجر خلافًا لمن جوز الْجَرّ بالحرف الْمَحْذُوف وهم الْكُوفِيُّونَ وَبَعض الْبَصرِيين أَو منع النصب إِلَّا فِي حرفين قَضَاء الله وكعبة الله وَهُوَ بعض أَئِمَّة

(2/477)


الْكُوفِيّين قَالَ لِأَن فعل الْقسم لَا يعْمل ظَاهرا إِلَّا بِحرف فيكف يكون مضمرا أقوى مِنْهُ مظْهرا وَأجِيب باتساعهم فِي هَذَا الْبَاب كثيرا أما الحرفان الْمَذْكُورَان فجوز نصبهما وَأنْشد: 1161 -
(لَا كَعْبَةَ الله مَا هَجَرْتُكُم ... إلاّ وَفِي النَّفس مِنْكُمُ أرَبُ)
فَإِن كَانَ الْمقسم بِهِ الله وَعوض عَن حذف الْبَاء هَاء محذوفة الْألف لالتقاء الساكنين أَو ثَابِتَة لِأَن الثَّانِي مشدد فَنزل منزلَة دَابَّة مَعَ وصل أَلفه وقطعها نَحْو هَا الله هَا ألله هألله هالله أَو عوض همزَة ممدودة مَفْتُوحَة نَحْو آللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ قَالَ أَبُو حَيَّان وأصحابنا يعبرون عَن هَذِه الْهمزَة بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَلَيْسَ استفهاما حَقِيقَة وَقَالَ الرضي بل هُوَ اسْتِفْهَام حَقِيقِيّ وَقد يكون إنكارا أَو لم يعوض وَلَكِن قطع أَلفه نَحْو الله لَأَفْعَلَنَّ جر ويقل الْجَرّ فِيهِ بِدُونِهِ أَي التعويض حكى سِيبَوَيْهٍ (آللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ) وَحكى غَيره (كلا الله لأخْرجَن) وأنشدوا: 1162 -
(أَلا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّه لَك نَاصح ... )
وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك فِي هَذَا اللَّفْظ فَقَط لِأَن اسْتِعْمَاله فِي الْقسم أَكثر من غَيره وَلِهَذَا لحقه أَنْوَاع من التَّغْيِير قَالُوا (وَله لَا أفعل) وَهل هُوَ أَي الْجَرّ حَال التعويض بِالْعِوَضِ أَي بِالْعِوَضِ من الْهمزَة أَو (هَا) (أَو) بالحرف الْمَحْذُوف مِنْهُ فالأخفش وَجَمَاعَة من الْمُحَقِّقين على الأول فِي شرح الكافية وَهُوَ قوي لِأَنَّهُ شَبيه بتعويض الْوَاو من الْبَاء وَالتَّاء من الْوَاو وَلَا خلاف فِي كَون الْجَرّ بهما فَكَذَا يَنْبَغِي فِي هَا والهمزة وَصحح فِي التسهيل وَشَرحه الثَّانِي وَإِن

(2/478)


كَانَ لَا يلفظ بِهِ كَمَا كَانَ النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو وَاو وكي وَاللَّام بِأَن المحذوفة وَإِن كَانَت لَازِمَة الْحَذف وَعَزاهُ فِي الْبَسِيط إِلَى الْكُوفِيّين وَمُقْتَضى كَلَام شرح الكافية تَضْعِيفه وَلم يُصَرح أَبُو حَيَّان بترجيح وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ أَو عوض غَيره أَي غير لفظ (الله) شَيْئا مِمَّا ذكر نصب حتما نَحْو الْعَزِيز لَأَفْعَلَنَّ بِهِ
تَاء الْقسم
الثَّانِي أَي ثَانِي حُرُوف الْقسم (التَّاء وتختص بِاللَّه) نَحْو: {تالله تفتؤا} [يُوسُف: 85] فَلَا تجر غَيره لَا ظَاهرا وَلَا مضمرا لفرعيتها وشذت فِي الرَّحْمَن وَرب الْكَعْبَة وربي وحياتك سمع تالرحمن وترب الْكَعْبَة وتربي وتحياتك
لَام الْقسم
الثَّالِث أَي الثَّالِث من حُرُوف الْقسم (اللَّام يكون لما فِيهِ معنى التَّعَجُّب) وَغَيره كَقَوْلِهِم لله لَا يُؤَخر الْأَجَل أَي تالله وَقَوله: 1163 -
(لله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد)

وَاو الْقسم
الرَّابِع أَي الرَّابِع من حُرُوف الْقسم (الْوَاو وتختص) بِالظَّاهِرِ فَلَا تجر ضميرا بِخِلَاف الْبَاء قَالَ (بك رب أقسم لَا بغيرك) وَلَا يظْهر مَعهَا الْفِعْل أَي فعل الْقسم بل يضمر وجوبا نَحْو: {وَالْقُرْآن الْحَكِيم} [يس: 2ٍ] {وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين} [الْأَنْعَام: 23] خلافًا لِابْنِ كيسَان من تجويزه إِظْهَار

(2/479)


الْفِعْل مَعَ الْوَاو فَيُقَال حَلَفت وَالله لأقومن قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يحفظ ذَلِك فَإِن جَاءَ فمؤول على أَن حَلَفت كَلَام تَامّ ثمَّ أُتِي بعده بالقسم وَلَا يَجْعَل وَالله مُتَعَلقَة بحلفت (وَلَا) يظْهر الْفِعْل أَيْضا (مَعَ التَّاء وَاللَّام) بِلَا خلاف بل يجب إضماره كَمَا تقدم (وَهل هِيَ) أَو الْوَاو (العاطفة أَو بدل من الْبَاء أَو التَّاء) بدل مِنْهَا خلاف فَجزم الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن مَالك فِي شرحي الكافية والتسهيل وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن الْجُمْهُور بِأَنَّهَا بدل من الْبَاء لتقارب مَعْنَاهُمَا لِأَن الْوَاو جمع وَالْبَاء للإلصاق وَهُوَ جمع فِي المعني وَلِأَنَّهُمَا من حُرُوف مقدم الْفَم وَأَن التَّاء بدل من الْوَاو كَمَا أبدلت مِنْهَا فِي نَحْو اتَّصل واتصف وتراث وتجاه وَقَالَ السُّهيْلي وَغَيره بل الْوَاو هِيَ العاطفة كواو (رب) عطفت على مُقَدّر ويقويه أَنَّهَا لَا تدخل على مُضْمر وَكَذَلِكَ العاطفة وَأَنَّهَا لَو كَانَت بَدَلا من الْبَاء لم يختلفا فِي الْحَرَكَة كَمَا لم تخْتَلف حَرَكَة الْهمزَة المبدلة من الْوَاو فِي إشاح ووشاح وَأَنَّهَا لم تُوجد قطّ بَدَلا مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيست من مخرجها وَلما بَينهمَا من المضادة إِذْ فِي الْوَاو لين وَفِي الْبَاء شدَّة قَالَ ويضعف عِنْدِي أَن تكون التَّاء بَدَلا من الْوَاو لما فِيهَا من معنى الْعَطف وَلَيْسَ ذَلِك فِي التَّاء وَلِأَن التَّاء إِنَّمَا أبدلت مِنْهَا حَيْثُ كثرت زيادتها فِي تصاريف الْكَلِمَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يقوم دَلِيل على صِحَة شَيْء من هَذِه الْمذَاهب وَلَو كَانَ أَصْلهَا الْعَطف لم يدْخل عَلَيْهَا وَاو الْعَطف فِي قَوْله: 1164 -
(أرقْتُ وَلم تَهْجَع لعَيْنِي هَجْعَةٌ ... وَوَاللَّه مَا دهري بعُسْر وَلَا سَقَمْ)
قَالَ وَمِمَّنْ ذهب إِلَى أَن التَّاء حرف مُسْتَقل غير بدل من الْوَاو قطرب وَغَيره

(2/480)


أَيمن
الْخَامِس أَي الْخَامِس من حُرُوف الْقسم (أَيمن) بِفَتْح الْهمزَة وَضم الْمِيم وَيُقَال فِيهِ (إيمن) بالكسرة فالضم (وأيمن) بفتحهما (وإيمن) بِالْكَسْرِ فالفتح (وإيم) بِالْكَسْرِ وَالضَّم لُغَة لسليم (وأيم) بِالْفَتْح وَالضَّم لُغَة لتميم (وإيم) بكسرتين (وهيم) بِفَتْح الْهَاء مبدلة من الْهمزَة وَالضَّم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي أغرب لغاتها (وإيم) بكسرتين (وَأم) بِفتْحَتَيْنِ (وَأم) بِالْفَتْح وَالضَّم (وَأم) بِالْفَتْح وَالْكَسْر (وإم) بِالْكَسْرِ وَالضَّم لُغَة أهل الْيَمَامَة (وإم) بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح (وَمن مثلث الحرفين) أَي الْمِيم وَالنُّون أَي بفتحهما وكسرهما وضمهما (وم مثلثا) حكى الْفَتْح الْهَرَوِيّ وَالْكَسْر وَالضَّم الْكسَائي والأخفش وَأَن رجلا من بني العنبر سُئِلَ مَا الدهدران فَقَالَ م رَبِّي الْبَاطِل فَهَذِهِ عشرُون لُغَة حكى ابْن مَالك مِنْهَا بضع عشرَة وَالسَّبَب فِي كَثْرَة تصرفهم فِيهَا كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَالأَصَح أَنه اسْم وَقَالَ الرماني والزجاج هُوَ حرف جر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ خلاف شَاذ وَثَالِثهَا من وم بلغاتهما حرفان وليسا بَقِيَّة (أَيمن) وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي كِتَابه سبك المنظوم لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا مِنْهَا لم يستعملا إِلَّا مَعَ الله كأعين وَقد استعملتا مَعَ غَيره حكى من رَبِّي لَأَفْعَلَنَّ وَلِأَن الِاسْم المعرب لَا يجوز حذفه حَتَّى يبْقى على حرف وَاحِد ورد بِأَن كَثْرَة تصرفهم فِيهَا اقْتضى ذَلِك وَهُوَ أولى من إِثْبَات حرف جر لم يسْتَقرّ فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع (و) الْأَصَح أَن همزَة وصل بِدَلِيل سُقُوطهَا بعد متحرك كَقَوْلِه: 11650
(فَقَالَ فريقُ الْقَوْم لَا وفريقُهم ... نَعْم وفريقٌ لَيْمُنُ اللهِ لَا نَدْري)
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ قطع بِنَاء على أَنه عِنْدهم جمع يَمِين وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا مَفْتُوحَة وَلَا تكون همزَة وصل مَفْتُوحَة وإبدالها هَاء فِي بعض اللُّغَات وَأَجَابُوا عَن حذفهَا فِي الدرج بِأَنَّهُ تَخْفيف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا تبدل من الْوَصْل

(2/481)


وَثَالِثهَا همز (أيم قطع) بِخِلَاف (أَيمن) حكى عَن الْأَخْفَش قَالَ همزَة أَيمن قد علمت أَنَّهَا وصل وَلَا أحمل عَلَيْهَا (أيم) لِأَن همزَة الْوَصْل لَيست مطردَة فِي الْأَسْمَاء (و) الْأَصَح أَنه مُعرب لعدم سَبَب الْبناء قَالَ الْكُوفِيُّونَ مَبْنِيّ لشبهه الْحَرْف فِي عدم التَّصَرُّف إِذْ لم يسْتَعْمل فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا الْأَسْمَاء إِلَّا فِي الِابْتِدَاء خَاصَّة كالحرف وَثَالِثهَا إيم الْمَكْسُورَة مَبْنِيّ وَأَصله السّكُون كسر لالتقاء الساكنين وعَلى الأول هِيَ جَرّه إِعْرَاب بواو قسم مقدرَة وَرَابِعهَا من وم مبنيان لِأَنَّهُمَا على وضع الْحَرْف وحركة الثَّانِي لضَرُورَة الِابْتِدَاء وَالْأول لالتقاء الساكنين فِي الِاسْم بعْدهَا (و) الْأَصَح بِنَاء على الْإِعْرَاب (أَنه لَازم الرّفْع) إِذْ لم يرو عَن الْعَرَب إِلَّا بذلك وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه يجوز جَرّه بواو الْقسم (و) الْأَصَح على الرّفْع أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي قسمي وَقَالَ ابْن عُصْفُور هُوَ خبر والمحذوف مُبْتَدأ (و) الْأَصَح أَنه مُضَاف (لله والكعبة وَالْكَاف وَالَّذِي) وَالْأول هُوَ الْغَالِب وَالْبَاقِي كَقَوْلِهِم أَيمن الْكَعْبَة وَقَول عُرْوَة بن الزبير أيمنك لَئِن ابْتليت لقد عافيت وَقَوله
:
(وأيم الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) وَقَالَ الْفَارِسِي لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى الله والكعبة وَقَالَ ابْن هِشَام لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الله فَقَط أما أضافته لغير مَا ذكر فشاذ أنْشد الْكسَائي: 1166 -
(لَيْمُنْ أبيهمْ لَبِئْسَ الْعذرَة اعْتَذَرُوا ... )
(و) الْأَصَح (أَنه مُفْرد) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ جمع يَمِين على أفعل كأفلس لِأَن بِنَاء أفعل لَا يُوجد فِي الْأَسْمَاء مُفردا ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ جمعا للزمت همزته الْفَتْح وَالْقطع وميمه الضَّم ولجاء مَرْفُوعا ومنصوبا

(2/482)


(و) الْأَصَح على الْإِفْرَاد (أَنه مُشْتَقّ من الْيمن) وَبِه جزم ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَحكي ابْن طَاهِر عَن سِيبَوَيْهٍ أَنه مُشْتَقّ من الْيَمين (و) الْأَصَح (أَن م لَيست بَدَلا عَن الْوَاو وَلَا أَصْلهَا من وَلَا أَيمن) وَقيل هِيَ بدل من الْوَاو كالتاء لِكَوْنِهِمَا شفهيتين ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك للزمت الْفَتْح كالتاء وَبِأَن إِبْدَال التَّاء من الْوَاو مَعْرُوف مطرد كاتصف واتصل وَغير مطرد كتراث وتجاه وَلم تبدل الْمِيم مِنْهَا إِلَّا فِي مَوضِع شَاذ وَهُوَ فَم وَفِيه مَعَ شذوذه خلاف وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هِيَ من الدَّاخِلَة على رَبِّي حذفت نونها ورده ابْن مَالك بِأَنَّهَا لَو كَانَت لجَاز دُخُولهَا على رَبِّي كالأصل وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَنَّهُ قد سمع ذَلِك كَمَا تقدم وَقيل أَصْلهَا أَيمن حذف مِنْهَا حَتَّى بقيت الْمِيم
جملَة الْقسم
مَسْأَلَة الْقسم جملَة لفظا كأقسمت بِاللَّه أَو تَقْديرا ك (بِاللَّه) إنشائية كَمَا ذكر أَو خبرية كأشهد لعَمْرو خَارج وَعلمت لزيد قَائِم مُؤَكدَة لخبرية أُخْرَى تالية غير تعجب فَخرج بالمؤكدة لأخرى نَحْو زيد قَائِم زيد قَائِم فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهَا جملَة مُؤَكدَة لَيست أُخْرَى بل هِيَ هِيَ وبالخبرية غَيرهَا فَلَا تقع مقسمًا عَلَيْهَا وبالباقي التعجبية بِنَاء على الصَّحِيح أَنَّهَا خبرية وتتلقى أَي تسْتَقْبل بِمَعْنى تجاب فِي الْإِثْبَات بلام مَفْتُوحَة مَعَ الاسمية والفعلية مَعَ التَّنْفِيس أَو لَا نَحْو: {ثمَّ لنَحْنُ أعلم} [مَرْيَم: 70] {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا} [يُوسُف: 32] {ولسوف يعطيك رَبك} [الضُّحَى: 5] وَالله لسيقوم زيد وَقد تكسر مَعَ الْفِعْل فِي لُغَة نَحْو وَالله لتفعلن ومنعها أَي اللَّام الْفراء مَعَ السِّين لِأَنَّهُ لم يسمع بِخِلَاف (سَوف (وَالْفرق أَن اللَّام كالجزء مِمَّا تدخل عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي دُخُولهَا إِلَى توالي أَربع حركات فِيمَا هُوَ

(2/483)


كالكلمة الْوَاحِدَة وَهُوَ مرفوض فِي كَلَامهم وَأجِيب باغتفار ذَلِك كَمَا قَالُوا وَالله لكذب زيد (و) يتلَقَّى أَيْضا فِي الْإِثْبَات (بِأَن) الْمَكْسُورَة مثقلة ومخففة سَوَاء كَانَ فِي خَبَرهَا اللَّام نَحْو: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّآ} [اللَّيْل: 4] {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} [الطارق: 4] أم لَا وَقيل إِن كَانَ فِي خَبَرهَا اللَّام جَازَ تلقيه بِهِ وَإِلَّا فَلَا لَان الْقَصْد بذلك إِفَادَة التَّأْكِيد الَّذِي لأَجله الْقسم وَقيل لَام كي قَالَه الْأَخْفَش وَمثل بقوله: {يحلفُونَ بِاللَّه لكم ليرضوكم} [التَّوْبَة: 62] وَقَول الشَّاعِر: 1168 -
(إِذا قَالَ قدْني قلت بِاللَّه حِلْفةً ... لِتُغْنِي عني ذَا إنائك أجمعاً)
وَوَافَقَهُ الْفَارِسِي فِي العسكريات وَرجع فِي البصريات والتذكرة وَأجَاب عَن الْآيَة بِأَنَّهُ لم يرد الْقسم بل الْخَبَر فَإِنَّهُم يحلفُونَ بِاللَّه مَا عابوا النَّبِي ليرضوا الْمُؤمنِينَ وَعَن الْبَيْت بِأَنَّهُ كَذَلِك أَي حَلَفت لتغنيني عني أَو بِأَن الْجَواب مَحْذُوف لدلَالَة الْحل أَي لتشربن قيل وبل قَالَه بعض القدماء وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى: {وَالْقُرْآن ذِي الذّكر بل الَّذين كفرُوا} [ص: 1، 2] قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ رَأْي بَاطِل وَالْجَوَاب فِي الْآيَة مَحْذُوف أَو كم أهلكنا وَحذف اللَّام لطول الْفَصْل فِيهِ قيل وَأَن الْمَفْتُوحَة قَالَه ابْن عُصْفُور فِي المقرب وَاسْتدلَّ بقوله: 1168 -
(أما وَالله أَن لَو كنت حرًّا ... وَمَا بالحُرّ أَنْت وَلَا الْعَتِيق)
ورده ابْن الصَّائِغ وَقَالَ بل جَوَاب الْقسم جَوَاب لَو أَي مَا يكون جوابها لَوْلَا الْقسم قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رَجَعَ عَن ذَلِك ابْن عُصْفُور

(2/484)


(و) يتلَقَّى (فِي النَّفْي بِمَا وَلَا وَإِن) قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الاسمية والفعلية إِلَّا أَن الاسمية إِذا نفيت بِلَا وَقدم الْخَبَر أَو كَانَ الْمخبر عَنهُ معرفَة لزم تكرارها فِي غير الضَّرُورَة نَحْو وَالله لَا زيد فِي الدَّار وَلَا عَمْرو ولعمري لَا أَنا هاجرك وَلَا مهينك قَالَ أَبُو حَيَّان وَغلط فِي أَن الْجُمْلَة الاسمية لَا تَنْفِي بِلَا قَالَ وَلَا يَنْفِي بهَا أَيْضا الْمَاضِي فَلَا تَقول وَالله لَا قَامَ زيد لَكِن فِي شرح التسهيل والكافية لِابْنِ مَالك أَنه يَنْفِي بهَا كَقَوْلِه: 1169 -
(ردُوا فَوالله لَا ذُدْنَاكُمُ أبدا ... )
ومثاله ب (مَا) : {وَلَئِن أتيت الَّذين أُوتُوا الْكتاب بِكُل آيَة مَا تبعوا قبلتك} [الْبَقَرَة: 145] وب (إِن) : {وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد} [فاطر: 41] (قيل وَلنْ وَلم) فِي الفعلية كَقَوْل أبي طَالب: 1170 -
(وَالله لن يَصِلوا إِلَيْك بجَمْعِهِم ... )
وَحكى الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ لأعرابي أَلَك بنُون قَالَ نعم وخالقهم لم تقم عَن مثلهم منجبة وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا سلف لِابْنِ مَالك فِي تجويزه ذَلِك إِلَّا مَا حكى عَن ابْن جني أَنه زعم أَنه يتلَقَّى بهما فِي الضَّرُورَة وَهُوَ غلط من ابْن جني انْتهى فَظَاهره أَنه لَا يجوز عِنْده لَا فِي الضَّرُورَة وَلَا غَيرهَا فَنَشَأَ من ذَلِك قَول مفصل حكيته بِقَوْلِي: وَثَالِثهَا ضَرُورَة وَرَابِعهَا يجوز (بلم دون لن) نَقله أَبُو حَيَّان عَن مُحَمَّد بن خلصة الضَّرِير قَالَ وَلنْ وَإِن كَانَت ك (لَا) فِي نَفسِي الْمُسْتَقْبل إِلَّا أَنَّهَا نفي ل سيفعل فَلَمَّا كَانَت فِي مُقَابلَة السِّين لم يتلق بهَا كالسين

(2/485)


وَعِنْدِي عَكسه وَهُوَ جَوَاز التلقي بلن دون لم لِأَنَّهَا للماضي وَالْقسم بالمستقبل أَجْدَر وَلِأَن الْمِثَال السَّابِق يظْهر فِيهِ الْحمل على الِاسْتِئْنَاف وَتَمام الْكَلَام عِنْد وخالقهم وَالْبَيْت لَا يحْتَملهُ وَمَا قَالَه من إلحاقها بِالسِّين مَرْدُود لِأَن الْحَرْف المتلقى بِهِ جعل لتأكيد الْجُمْلَة الْمقسم عَلَيْهَا وَلَا تَأْكِيد فِي السِّين وَلنْ يُفِيد تَأْكِيد النَّفْي فالتلقي بهَا حسن حِينَئِذٍ (و) يتلَقَّى (فِي الطّلب بِهِ) أَي بِالطَّلَبِ أَدَاة أَو فعلا كَقَوْلِه: 1171 -
(برَبّكَ هَل للصّبَ عنْدك رأفة ... )
وَقَوله: 1172 -
(بعَيْنَيْك يَا سلْمَى ارْحَمي ذَا صبَابةٍ ... )
وَقَوله: 1173 -
(رُقَىَّ بعَمْركُم لَا تَهْجُرينا ... )
(أَو لما) نَحْو: 1174 -
(قالَتْ لَهُ بِاللَّه يَا ذَا البُرْدَيْنْ ... لمَّا غَنِثْتَ نفسا أَو اثْنَيْن)
(أَو إِلَّا) نَحْو: 1175 -
(بِاللَّه ربِّكِ إِلَّا قُلْتِ صادِقةً ... هَل فِي لقائِك لِلمشْغُوف من طَمع)

(2/486)


(أَو إِن وَتلْزم اللَّام مَعَ النُّون) الشَّدِيدَة أَو الْخَفِيفَة فِي مضارع مُسْتَقْبل كَمَا تقدم مِثَاله بِخِلَاف غير الْمُسْتَقْبل كالحال نَحْو وَالله لأظنك صَادِقا وَلَا حَاجَة إِلَى تَقْيِيده بالمثبت كَمَا فِي التسهيل لِأَن اللَّام لَا تدخل غَيره إِلَّا شذوذا كَمَا سَيَأْتِي والاكتفاء بِأَحَدِهِمَا أَي بِاللَّامِ أَو النُّون إِن لم يفصل بَينه وَبَين اللَّام ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1176 -
(تألّى ابنُ أوْس حِلْفةً لِيَرُدَّني ... )
وَقَوله: 1177 -
(وقتيل مُرَّةَ أثأَرنَّ فإنّه ... )
خلافًا لأبي عَليّ الْفَارِسِي والكوفية فِي تجويزهم ذَلِك فِي الِاخْتِيَار قَالَ أَبُو حَيَّان وَوهم الخضرواوي فَادّعى الْإِجْمَاع على الْمَنْع فَإِن فصل جَازَ وفَاقا إِمَّا بمعمول مقدم نَحْو {وَلَئِن متم أَو قتلتم لإلى الله تحشرون} [آل عمرَان: 158] أَو حرف تَنْفِيس نَحْو {ولسوف يعطيك} [الضُّحَى: 5] و (قد) نَحْو وَالله لقد أقوم غَدا (و) تلْزم (اللَّام مَعَ قد وَلَو مقدرَة فِي مَاض مُثبت غير جامد) نَحْو: {تالله لقد آثرك الله} [يُوسُف: 91] (وَلَو) كَانَ بَعيدا من الْحَال خلافًا لِابْنِ عُصْفُور

(2/487)


فِي مَنْعَة قد حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا للتقريب من زمن الْحَال أما الْمَنْفِيّ فَلَا تدخله اللَّام وَكَذَا الْخَالِي من قد إِذا لم تقدر كَخَبَر إِن الْمَاضِي والجامد لَا يقْتَرن بقد كَقَوْلِه: 1178 -
(يَميناً لَنِعْمَ السيِّدان وُجدْتُمَا ... )
(وشذ) دُخُول اللَّام (مَعَ رُبمَا وَبِمَا) فِي الْمَاضِي كَقَوْلِه: 1179 -
(لَئِن نَزَحَتْ دارٌ لِلَيْلى لرُبّما ... غَنينا بِخَير والديارُ جَمِيعُ)
1180 - (فلئن بَان أَهله ... بِمَا كَانَ يؤهل)
وأوله أَبُو حَيَّان على تَقْدِير فعل بعد اللَّام أَي لبان بِمَا (و) شَذَّ دُخُولهَا (مَعَ مضارع بِأحد الثَّلَاثَة) أَي قد وَرُبمَا وَبِمَا كَقَوْلِه: 1181 -
(لَئِن أمست رُبُوعهم يَباباً ... لقد تَدْعُو الوفودُ لَهَا وفُودا)
وَقَوله: 1182 -
(فلئن تغيّر مَا عَهدْتُ وأصْبَحت ... صَدفتْ فَلَا بَذْلٌ وَلَا مَيْسور)

(لَبما يُساعِفُ فِي اللِّقاء وَلِيها ... فَرحٌ بِقرب مَزارها مَسْرُورُ)
(و) شَذَّ دُخُولهَا مَعَ (منفي) كَقَوْلِه: 1183 -
(أما والّذي لَو شَاءَ لم يَخْلُق النّوَي ... لَئِن غِبْتِ عَن عَيْني لما غِبْتِ عَن قلبِي)

(2/488)


(و) شَذَّ حذفهما أَي اللَّام وَقد من الْمَاضِي ذِي الشُّرُوط (أَو) حذف أَحدهمَا أَي قد فَقَط إِذا لم يقدر أَو اللَّام فَقَط كَقَوْلِه: 11840
(حَلَفت لَهَا بِاللَّه حَلْفة فَاجر ... لنامُوا فَمَا إِن من حَدِيث وَلَا صَال)
وَقَوله: 1185 -
(تاللَّهِ قدْ علمت قيس إِذْ قذفت ... )
(أَو) حذف اللَّام من الاسمية كَقَوْل أبي بكر وَالله أَنا كنت أظلم مِنْهُ وَقَوْلِي حَيْثُ لَا طول رَاجع إِلَى الاسمية والماضي مَعًا فَإِن كَانَ فِي الْكَلَام طول حسن الْحَذف للام أَو قد أَو هما قَالَ تَعَالَى: {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} [الشَّمْس: 1] إِلَى قَوْله: {قد أَفْلح من زكاها} [الشَّمْس: 9] وَقَالَ: {وَالسَّمَاء ذَات البروج} [البروج: 1] إِلَى قَوْله: {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} [البروج: 4] وَقَالَ الشَّاعِر: 1186 -
(ورَبِّ السَّمَوَات العُلى وبروجها ... وَالْأَرْض وَمَا فِيهَا المُقدَّر كَائِنُ)
أَو نافيها أَي الاسمية كَقَوْلِه:

(2/489)


1187 -
(فوَاللَّه مَا نِلْتم وَلَا نيل مِنْكُم ... بمعتدل وفْق وَلَا مُتقَاربِ)
أَرَادَ مَا نلتم فَحذف مَا النافية وَأبقى الموصولة لدلَالَة الْبَاء والعطف عَلَيْهَا ونافي الْمَاضِي كَقَوْلِه: 1188 -
(فَإِن شِئُتِ آليتُ بَين المقَام ... والرُّكن وَالْحجر الْأسود)

(نَسيتُكِ مَا دَامَ عَقْلي معي ... أمدُّ بِهِ أَمَدَ السّرمَدِ)
أَرَادَ لَا نسيتك وَيجوز بِلَا شذوذ حذف لَا النافية مَعَ مضارع لم يُؤَكد بالنُّون نَحْو {تالله تفتؤأ} [يُوسُف: 85] أَي لَا تفتؤ للْعلم بِأَن الْإِثْبَات غير مُرَاد لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُرَاد لجيء بِاللَّامِ وَالنُّون بِخِلَاف الْمُؤَكّد بهَا لِأَنَّهُ يلتبس حِينَئِذٍ بالمثبت لَا (مَا) على الْأَصَح لعدم وُرُوده وَلما فِيهِ من الإلباس إِذا لم يعلم هَل الْقسم على النَّفْي فِي الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَقيل يجوز حملا على لَا وَتدْخل اللَّام كَأَن كَقَوْل إعرابي مَا هَذِه القنمة وَالله لكأنها على حششة القنمة الرَّائِحَة الرَّديئَة والحششة جمع حش (لَا إِن وَأَن) وَإِذا تقدم الْقسم (على لَو أَو لَوْلَا) وَلم يُؤْت إِلَّا بِجَوَاب وَاحِد فالمحذوف جَوَابه أَو جوابهما خلاف فَنقل أَبُو حَيَّان عَن الْجُمْهُور أَنه جوابهما وَأَن الْمَذْكُور جَوَابه كَمَا إِذا تقدم على أَدَاة الشَّرْط وَإِن لزم أَن يكون مَاضِيا لِأَنَّهُ مغن عَن جوابهما وَنقل عَن مُقْتَضى كَلَام التسهيل فِي الجوازم أَنه جَوَابه وَالْمَذْكُور جوابهما وَقد صرح بذلك فِي الكافية وَعَن مُقْتَضى كَلَامه هُنَا أَنه لَا حذف وَأَن (لَو)

(2/490)


و (لَوْلَا) ومدخولهما جَوَاب الْقسم حَيْثُ قَالَ وتصدر فِي الشَّرْط الِامْتِنَاع ب (لَو) أَو لَوْلَا وَنقل عَن بَعضهم أَنه إِن لم يصلح جَوَابا للقسم بِأَن نفي ب (لم) نَحْو وَالله لَو قَامَ زيد لم يقم عَمْرو أَو ب (مَا) مَعَ اللَّام نَحْو وَالله لَو قَامَ عَمْرو مَا قَامَ زيد تعين جعله للو وَهُوَ تَقْيِيد لمحل الْخلاف لَا قولا آخر وَمن أَمْثِلَة الْمَسْأَلَة قَوْله: 1189 -
(واللهِ لَوْلاَ اللهُ مَا اهْتَدَيْنا ... )
وَقَوله: 1190 -
(فواللهِ لَو كُنّا شُهوداً وغِبْتُمُ ... إِذن لَملأنَا جَوْفَ جيرَانِهم دَما)
أَو توالي شَرط وَقسم وتقدمهما طَالب خبر فَالْجَوَاب للشّرط تقدم أَو تَأَخّر ختما تَفْصِيلًا لَهُ بِلُزُوم الِاسْتِغْنَاء بجوابه عَن جَوَاب الْقسم لِأَن سُقُوطه مخل بِالْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ لمُجَرّد التَّأْكِيد نَحْو زيد وَالله إِن تقم وَزيد إِن يقم وَالله أقِم وَقيل جَوَازًا حَكَاهُ أَبُو حَيَّان فَيُقَال عَلَيْهِ زيد وَالله إِن قَامَ لأقومن وَقيل يجوز رَفعه وحذفهما حَكَاهُ (أَو لَا) أَي لم يتقدمهما طَالب خبر فَالْجَوَاب للسابق فِي الْأَصَح قسما كَانَ أَو شرطا وَجَوَاب الآخر مَحْذُوف نَحْو وَالله إِن قَامَ زيد لأقومن وَإِن يقم وَالله أقِم وَجوز الْفراء وَابْن مَالك جعل الْجَواب للشّرط وَإِن تَأَخّر كَقَوْلِه: 1191 -
(لَئِنْ كَانَ مَا حَدِّثتُهُ اليومَ صادِقاً ... أصُمْ فِي نَهَار القيظ للشمس باديًا)

(2/491)


وَجعل ابْن مَالك الْجَواب للقسم الْمُؤخر إِن اقْترن بِالْفَاءِ لدلالته على الِاسْتِئْنَاف كَقَوْلِه: 1192 -
(فإمَّا أعِشْ حَتَّى أَدُبُّ على الْعَصَا ... فوَاللَّه أَنْسَى لَيْلتي بالمَسَالِم)
ورده أَبُو حَيَّان بِأَن الْقسم مَعَ جَوَابه جَوَاب الشَّرْط وَلذَا اقْترن بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ جَوَاب الْقسم أَو سبق الْقسم وَحده طَالب خبر أَو طَالب صلَة بني على أَيهمَا شِئْت فَإِن بني عَلَيْهِمَا أَي طَالب الْخَبَر أَو الصِّلَة فَجَوَابه مَحْذُوف لدلَالَة الْخَبَر أَو الصِّلَة عَلَيْهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَجَوَابه الْخَبَر أَو الصِّلَة نَحْو زيد وَالله يقوم وَجَاءَنِي الَّذِي وَالله يقوم وَزيد وَالله ليقومن وَجَاءَنِي الَّذِي وَالله ليقومن وَحَيْثُ أُغني الْجَواب عَن جَوَاب الشَّرْط لزم كَونه مُسْتَقْبلا لِأَنَّهُ مغن عَن مُسْتَقْبل ودال عَلَيْهِ (و) لزم كَون (فعل الشَّرْط مَاضِيا وَلَو معني) كالمضارع الْمَنْفِيّ بلم غَالِبا لِأَن جَوَاب الشَّرْط لَا يحذف إِلَّا حَيْثُ كَانَ فعله كَذَلِك فَلَا يجوز أَن يُقَال وَالله إِن يقم زيد لأقومن وَلَا وَالله إِن لم يقم لأقومن وَلَا وَالله إِن قَامَ زيد لقمت إِلَّا أَن أوقع الْمَاضِي موقع الْمُسْتَقْبل كَقَوْلِه: {وَلَئِن أرسلنَا ريحًا فرأوه مصفرا لظلوا} [الرّوم: 51] أَي ليظللن وَإِذا كَانَ للمقسم عَلَيْهِ جَوَاب شَرط مُسْتَقْبل مَسْبُوق بقسم ملفوظ أَو مُقَدّر قرنت الأداة الشّرطِيَّة إِن أَو غَيرهَا بِلَا مَفْتُوحَة نَحْو: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن أَمرتهم ليخرجن} [النُّور: 53] {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} [الْأَحْزَاب: 60] وَهَذِه اللَّام تسمى الموطئة لِأَنَّهَا وطأت الْجَواب للقسم الْمَذْكُور قبلهَا أَي مهدته لَهُ والمؤذنة لِأَنَّهَا آذَنت بِأَن الْجَواب بعْدهَا مَبْنِيّ على قسم قبلهَا لَا على الشَّرْط أَي أعلمت بذلك وَيجوز حذفهَا مَا دَامَ لم يحذف الْقسم فَإِن حذف لم تحذف غَالِبا لتدل عَلَيْهِ وَمن الْقَلِيل: (وَإِنْ لَّمْ

(2/492)


يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ} [الْمَائِدَة: 73] {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ} [الْأَعْرَاف: 23] قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن كَانَ الْفِعْل الْوَاقِع جَوَابا منفيا (بِلَا) لم يجز أصلا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا دلَالَة فى اللَّفْظ على الْقسم الْمَحْذُوف وَلَا يُوجد فِي كَلَامهم إِن قَامَ زيد لَا يقوم زيد وَمن دُخُولهَا على غير إِن قَوْله: 1193 -
(ولَما رُزقْتَ ليأتِيَنّك سَيبُهُ ... )
وَقَوله: 1194 -
(لمتَي صَلحْتَ لَيُقْضَيَنْ لَك صالحٌ ... )
قَالَ وَقد شبه بَعضهم (إِذْ) ب (إِن) فَأدْخل عَلَيْهَا هَذِه اللَّام قَالَ: 1195 -
(غَضِبَتْ على وَقد شربت بجزَّة ... فلإذْ غَضِبْتِ لأشَرَبَنْ بخَرُوفِ)
وَالْجَوَاب المقرون بِمَا أَو إِن الْمُؤَكّدَة أَو اللَّام مَعَ اسْم لَا يقدم مَعْمُول عَلَيْهِ مُطلقًا بِلَا خلاف كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِذا قلت وَالله مَا يقوم زيد الْآن أَو وَالله إِن زيدا قَائِم الْآن أَو وَالله لزيد قَائِم الْآن لم يجز تَقْدِيم الْآن أَو هِيَ أَي اللَّام مَعَ مضارع فَكَذَلِك لَا يجوز التَّقْدِيم مُطلقًا صَححهُ أَبُو حَيَّان وَقيل يجوز مُطلقًا ظرفا كَانَ أَو مَفْعُولا وَهُوَ رَأْي الْفراء وَأبي عُبَيْدَة واستدلا بقوله {فَالْحَقُّ وَالْحَقُّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ} [ص: 84، 85] أَي حَقًا

(2/493)


وَثَالِثهَا يقدم الظّرْف وَالْمَجْرُور دون الْمَفْعُول وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى: {عَمَّا قَلِيل ليصبحن نادمين} [الْمُؤْمِنُونَ: 40] وَيَقَع الْقسم بَين منفيين توكيدا لنفي الْمَحْلُوف عَلَيْهِ كَقَوْلِه: 1196 -
(أَخِلاَّي لَا تَنْسوا مَواثيق بَيْنَنا ... فإنّيَ لَا وَالله مَا زلْتُ ذاكِرا)
وَقد يُغني النَّفْي السَّابِق عَن النَّفْي الْمُبَاشر للجواب كَقَوْلِه: 1197 -
(فَلَا واللهِ نادَى الحيُّ ضَيْفِي ... )
أَي مَا نَادَى ويغني عَنهُ أَي عَن الْقسم بِأَن يحذف الْجَواب لدَلِيل يدل عَلَيْهِ وَقيل وَعَلِيهِ ابْن مَالك إِن وَقع بعد لقد نَحْو {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} [آل عمرَان: 152] أَو لَئِن نَحْو: {لَئِن أخرجُوا لَا يخرجُون مَعَهم} [الْحَشْر: 12] أَو مصاحبا لإما مَفْتُوحَة ونونا للتوكيد نَحْو: {لأُغَذَّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيدا} [النَّمْل: 21] وَقيل وَعَلِيهِ أَبُو حَيَّان إِن كَانَ الْجَواب بِاللَّامِ أَو إِن الْمُشَدّدَة فَإِن كَانَ بِغَيْرِهِمَا ك (مَا) وَلَا وَإِن فَلَا (و) يُغني عَن الْجَواب بِحَذْف معموله نَحْو {والنازعات} [النازعات: 1] إِلَى قَوْله: {يَوْم ترجف الراجفة} [النازعات: 6] أَي ليبْعَثن وَقسم مَسْبُوق بِحرف جَوَاب نَحْو: {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بلَى وربنا} [الْأَحْقَاف: 34] وقولك لمن قَالَ أتفعل كَذَا أَي وَالله أَو نعم وَالله أَو أجل وَالله

(2/494)


1198 -
(قَالُوا قُهرْتَ فقلْتُ جَيْر لَيْعْلَمَنْ ... عمّا قَلِيل أيُّنا المقهورُ)
كسرا أَي مكسورا بِنَاء لالتقاء الساكنين وبفتح تَخْفِيفًا ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ اسْما لدُخُول التَّنْوِين عَلَيْهَا فِي قَوْله: 1199 -
(وقائلةٍ أسِيتَ فَقلت جَيْر ... )
بِمَعْنى حَقًا فَيكون مصدرا وَقيل أبدا فَيكون ظرفا كعوض وبنيت لقلَّة تمكنها إِذْ لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْقسم قَالَه صَاحب الملخص (و) قَالَ (قوم حرف جَوَاب) بِمَعْنى نعم وَصَححهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَن كل مَوضِع تقع فِيهِ يصلح أَن يَقع فِيهِ نعم وَلَيْسَ كل مَوضِع تقع فِيهِ يصلح أَن يَقع فِيهِ حَقًا فإلحاقها ب نعم أولى لِأَنَّهَا أشبه بهَا لفظا أَو اسْتِعْمَالا وَلذَلِك بنيت وَلَو وَافَقت حَقًا فِي الاسمية أعربت ولجاز أَن يصحبها الْألف وَاللَّام كَمَا أَن حَقًا كَذَلِك وَلَو لم تكن بِمَعْنى نعم لم تعطف عَلَيْهَا فِي قَوْله: 1200 -
(أبي كَرماً لَا آلِفاً جَيْر أَو نعم ... بِأَحْسَن إِيفَاء وأَنْجَز مَوْعدِ)
وَلم تؤكد فِي قَوْله: 1201 -
(وَقُلْنَ على البرْدِيّ أوَّلُ مَشْرَبٍ ... نَعْم جَيْر إنْ كانَت رواءَ أسافِله)
وَلَا قوبل بهَا (لَا) فِي قَوْله:

(2/495)


1202 -
(إِذا تَقول لَا ابْنة العُجَيْر ... تَصْدقُ لَا إِذا تَقول جَير)
قَالَ وَأما تنوينها فضرورة أَو ترنم زَاد الْفَارِسِي أَو شَاذ كتنوين اسْم الْفِعْل فِي قَوْلهم فدَاء لَك بِكَسْر الْهمزَة وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل أَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام والرضي وَقَالَ إِنَّمَا صَحَّ وُقُوعهَا قسما بِجَامِع أَن التَّصْدِيق توكيد وتوثيق كالقسم قَالَ ابْن الدماميني وَلقَائِل أَن يمْنَع لُزُوم الْإِعْرَاب لَو كَانَت بِمَعْنى حَقًا وَدخُول أل وَسَنَده مَا الَّتِي بِمَعْنى شَيْء وَنَحْوهَا وَسبب الْبناء حِينَئِذٍ موافقتا ل جير الحرفية لفظا وَكَونهَا مُؤَكدَة فِي الْبَيْت الْمَذْكُور لاحْتِمَال أَن يكون المعني نعم يحِق ذَلِك حَقًا وَأجَاب شَيخنَا الإِمَام الشمني عَن الأول بِأَن اللُّزُوم لعدم مشابهتها الْحَرْف حِينَئِذٍ بِوَجْه من الْوُجُوه الْمُقْتَضِيَة للْبِنَاء بِخِلَاف مَا بِمَعْنى شَيْء فَإِنَّهَا مشابهة لَهُ فِي الْوَضع قَالَ وَقَوله إِن سَبَب بنائها موافقتها لجير الحرفية فِيهِ نظر فَإِن الْقَائِل باسمية جير لَا يثبت جيرا أُخْرَى حرفا حَتَّى تكون هَذِه مشابهة لَهَا انْتهى (و) قَالَ قوم اسْم فعل حَكَاهُ صَاحب الملخص وَاخْتَارَهُ فِيمَا نقل أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَن تنوينها للتنكير وَهُوَ لَا يُوجد إِلَّا فِي اسْم الْفِعْل أَو الصَّوْت وتنوين ضَرُورَة كالبيت السَّابِق

(2/496)


وَقد يُجَاب بهَا دونه أَي دون قسم كَمَا يجب ب (نعم) و (أجل) كَقَوْلِه: 1203 -
(قَالَت أَرَاك هَارِبا للجوْر ... مِنْ هدّة السُّلطان قلت جَيْر)

لَا جرم
(و) يُغني عَن الْقسم أَيْضا (لَا جرم) حكى الْفراء أَن الْعَرَب تَقول لَا جرم لآتينك وَلَا جرم لقد أَحْسَنت فاستغنوا بهَا عَن الْقسم قَاصِدين بهَا معنى (حَقًا) وَأَصلهَا بِمَعْنى لَا بُد
عوض
قَالَ الكوفية ويغني عَن الْقسم أَيْضا عوض فَيُقَال عوض لَأَفْعَلَنَّ قَالَ أَبُو حَيَّان والبصريون لَا يعْرفُونَ الْقسم بِهِ وَإِن ذكره الزجاجي وَيجمع بَين أَيْمَان توكيدا سَوَاء اخْتلف حرف الْقسم أم لَا لَكِن إِن اخْتلف الْحَرْف لم يُؤْت بِالثَّانِي حَتَّى يوف الأول جَوَابه فَيُقَال تالله لَأَفْعَلَنَّ بِالْكَعْبَةِ لَأَفْعَلَنَّ خلافًا للأخفش فِي تجويزه الْمُوَالَاة فَيُقَال وَالله تالله بِاللَّه لَا أفعل كَمَا يُقَال وَالله وَالله لَا أفعل
الْقسم غير الصَّرِيح
مَسْأَلَة من الْقسم غير صَرِيح وَهُوَ مَا لَا يعلم بِمُجَرَّد لَفظه كَون النَّاطِق بِهِ مقسمًا كعلمت نَحْو: {علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} [الْبَقَرَة: 102] قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمِنْه قَوْلهم علم الله وَشهِدت نَحْو: {شهد الله أَنه} [آل عمرَان: 18] فِي رِوَايَة الْكسر {نشْهد إِنَّك لرَسُول الله}

(2/497)


[المُنَافِقُونَ: 1] وجاهدت وأوثقت وَأخذت وَمِنْه {وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِين أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ} [آل عمرَان: 187] وَهَذِه الْأَلْفَاظ فِي الْخَبَر ونشدتك الله وعمرتك الله بِالتَّشْدِيدِ وعمرك الله بِضَم الرَّاء وَفتحهَا مَعَ ضم الْعين وقعدك الله بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا وقعيدك الله وعزمت فِي الطّلب وَقد تقدم أَن جَوَاب الطّلب يتلَقَّى بِهِ أَو بلما أَو إِلَّا أَو إِن وَمن أمثلته هُنَا قَوْلهم أنْشدك الله إِلَّا فعلت وَفِي الصَّحِيح
(الله إِلَّا قضيت بَيْننَا بِكِتَاب الله) وَقَوله: 1204 -
(عَمَّرتُكِ الله إلاَّ مَا ذَكَرْتِ لنا ... هَل كُنْتِ جارَتنا أيّامَ ذِي سَلَم)
وَقَوله: 1205 -
(يَا عَمْرَكِ الله إلاَّ قُلْتِ صَادِقَة ... أصَادِقاً وصْفهُ الْمَجْنُون أَو كذبَّا)
وَقَوله: 1206 -
(عَمْرك اللهُ يَا سعادُ عِديني ... بَعْضَ مَا أَبتغي وَلَا تُؤْيسيني)
وَقَوله: 1207 -
(عَمرك الله أما تَعْرفُنِي ... أَنا حَرَّاثُ المنايا فِي الفَزعْ)
وَقَوله:

(2/498)


1208 -
(قعيدَكما اللهُ الَّذِي أَنْتُمَا لَهُ ... ألم تَسْمَعا بالبيضَتَيْن المناديا)
وَقَوله: 1209 -
(قعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعيني مَلامَةً ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الْفُؤَاد فَيَيْجَعَا)
وَيجوز حذف نشدت فَيُقَال بِاللَّه لما فعلت وَمِنْه قَوْله: 1210 -
(قَالَت لَهُ بِاللَّه يَا ذَا البُرُدَيْنْ ... لما غنثت نَفسًا أَو اثْنَيْن)
(و) يجوز حذف (الْبَاء فينتصب تَالِيهَا) نَحْو نشدتك الله لما فعلت وَالْأَصْل بِاللَّه وَمعنى نشدتك بِاللَّه إِلَّا فعلت أَقْسَمت بِهِ لَا ترى إِلَّا فَاعِلا أَي سَأَلتك وَطلبت مِنْك من نَشد الضَّالة طلبَهَا (و) معنى عمرك الله يعمرك أَي عمرك تعميرا وَهُوَ مخفف عمرتك الله بِحَذْف الزَّوَائِد سَأَلت بتعميرك أَي بإقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ كَمَا أَن عمرك الله أَحْلف بِبَقَاء الله ودوامه فَإِن لم يرد بهما الْقسم فَالْمَعْنى سَأَلت الله أَن يُطِيل عمرك وَقيل المُرَاد بِهِ ضد الْخُلُو من عمر الرجل منزلَة كَأَنَّهُ أَرَادَ تذكير الْقلب بِذكر الله تَأْكِيدًا للصدق وَالتَّقْدِير ذكرتك بِاللَّه تذكيرا يعمر الْقلب فَلَا يَخْلُو مِنْهُ (و) معنى (قعدك الله وقعيدك الله مَعَك) أَي رَقِيب عَلَيْك وحفيظ وَقيل مقاعدك وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَضمن الْقسم قَالَ فِي الصِّحَاح على معنى يصاحب الله الَّذِي هُوَ صَاحب كل نحوي

(2/499)


وَقيل هما مصدران بِمَعْنى المراقبة وَالتَّقْدِير أقسم بمراقبتك الله وَنصب (الْجَلالَة) فِي الْجَمِيع على إِسْقَاط الْجَار
المجرورات / الْإِضَافَة
(الْإِضَافَة) أَي هَذَا مبحثها هِيَ فِي اللُّغَة الإمالة وَمِنْه ضَاقَتْ الشَّمْس للغروب مَالَتْ أَو أضفت ظَهْري إِلَى الْحَافِظ أملته إِلَيْهِ مُضَاف السهْم عَن الهدف عدل وأضفته إِلَى فلَان ألجأته والمضاف فِي الْحَرْب المحاط بِهِ والمضاف الملزق بالقوم وضافه الْهم نزل بِهِ وتضايف الْوَادي تضايق كَأَنَّهُ مَال أحد جانبيه إِلَى الآخر وأضفت من الْأَمر أشفقت وَفِي الِاصْطِلَاح (نِسْبَة تقييدية بَين اسْمَيْنِ توجب لثانيهما الْجَرّ) فَخرج بالتقييدية الإسنادية نَحْو زيد قَائِم وَبِمَا بعده نَحْو قَامَ زيد وَلَا ترد الْإِضَافَة إِلَى الْجمل لِأَنَّهَا فِي تَأْوِيل الِاسْم وبالأخير الْوَصْف نَحْو زيد الْخياط وَتَصِح بِأَدْنَى مُلَابسَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها} [النازعات: 46] لما كَانَت العشية وَالضُّحَى طرفِي النَّهَار صحت إِضَافَة أَحدهمَا إِلَى الآخر وَقَوْلهمْ (كَوْكَب الخرقاء) أضيف إِلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَت تنتبه وَقت طلوعه (وَالأَصَح أَن الأول) هُوَ (الْمُضَاف وَالثَّانِي) هُوَ (الْمُضَاف إِلَيْهِ) وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ لِأَن الأول هُوَ الَّذِي يُضَاف إِلَى الثَّانِي فيستفيد مِنْهُ تَخْصِيصًا وَغَيره وَقيل عَكسه وَثَالِثهَا يجوز فِي كل مِنْهُمَا كل مِنْهُمَا (وتجري) هَذِه الْأَقْوَال (فِي الْمسند والمسند إِلَيْهِ) فَقيل الْمسند الأول مُبْتَدأ كَانَ أَو غَيره والمسند إِلَيْهِ الثَّانِي وَقيل عَكسه وَقيل يجوز أَن يُقَال كل مِنْهُمَا فِي الأول وَالثَّانِي وَالأَصَح قَول رَابِع أَن الْمسند الْمَحْكُوم بِهِ والمسند إِلَيْهِ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ (و) يجْرِي أَيْضا فِي (الْبَدَل والمبدل مِنْهُ) وَالأَصَح هُنَا أَن الثَّانِي الْبَدَل وَالْأول الْمُبدل مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذ من مبحثه

(2/500)


(و) الْأَصَح (أَن الْجَرّ) فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ (بالمضاف) قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَإِن كَانَ الْقيَاس أَلا يعْمل من الْأَسْمَاء إِلَّا مَا أشبه الْفِعْل وَالْفِعْل لَا حَظّ لَهُ فِي عمل الْجَرّ لَكِن الْعَرَب اختصرت حُرُوف الْجَرّ فِي مَوَاضِع وأضافت الْأَسْمَاء بَعْضهَا إِلَى بعض فناب الْمُضَاف مناب حرف الْجَرّ فَعمل عمله وَيدل لَهُ اتِّصَال الضمائر بِهِ وَلَا تتصل إِلَّا بعاملها وَقَالَ الزّجاج وَابْن الْحَاجِب هُوَ بالحرف الْمُقدر لِأَن الِاسْم لَا يخْتَص (و) قَالَ الْأَخْفَش بِالْإِضَافَة المعنوية قَالَ الْجُمْهُور وتقدر اللَّام قَالَ فِي شرح الكافية وَمَعْنَاهَا هُوَ الأَصْل وَلذَا يحكم بِهِ مَعَ صِحَة تقديرها وَامْتِنَاع تَقْدِير غَيرهَا نَحْو دَار زيد وَمَعَ صِحَة تقديرها وَتَقْدِير غَيرهَا نَحْو يَد زيد وَعند امْتنَاع تقديرها وَتَقْدِير غَيرهَا نَحْو عِنْده وَمَعَهُ وَمِنْه إِضَافَة كل إِلَى مَا بعْدهَا (و) قَالَ (قوم و) يقدر (من إِن كَانَ الأول بعض الثَّانِي وَصَحَّ الْإِخْبَار بِهِ عَنهُ) كَثوب خَز وَخَاتم فضَّة فالثوب بعض الْخَزّ والخاتم بعض الْفضة وَيصِح أَن يُطلق على كل اسْم الْخَزّ وَالْفِضَّة وَمِنْه إِضَافَة الْعدَد إِلَى الْمَعْدُود والمقدر إِلَى المقدرات على الصَّحِيح بِخِلَاف يَد زيد وَعين عَمْرو فبالإضافة فِيهِ بِمَعْنى اللَّام إِذْ لَا يَصح إِطْلَاق اسْم الثَّانِي فِيهِ على الأول (قيل أَو لم يَصح) ذَلِك اكْتِفَاء بِكَوْنِهِ بَعْضًا وَهُوَ رَأْي ابْن كيسَان والسيرافي واستدلا بظهورها فِي قَوْله: 1211 -
(فالْعَيْنُ مني كأنْ غَرْبٌ تُحطَّ بِهِ ... )
وَقَوله: 1212 -
(كأنَّ على الكفّين مِنْه إِذا انْتحي ... )

(2/501)


ورده ابْن مَالك بِأَن الْفضل ب (من) لَا يدل على أَن الْإِضَافَة بمعناها وَقد فصل بهَا مَا لَيْسَ بِجُزْء قَالَ: ذ 1213 -
(وإنَّ حَدِيثاً مِنْكَ لَو تعلمينه ... )
وَأنكر قوم الْإِضَافَة بِمَعْنى (من) أصلا وَقَالُوا الْإِضَافَة بِمَعْنى اللَّام لِأَن الْخَزّ مُسْتَحقّ للثوب كَمَا أَنه أَصله (و) قَالَ الْجِرْجَانِيّ وَابْن الْحَاجِب فِي كافيته وَابْن مَالك فِي كتبه (و) تقدر (فِي) حَيْثُ كَانَ ظرفا لَهُ قَالَ فِي شرحي الكافية والتسهيل قد أغفلها أَكثر النَّحْوِيين وَهِي ثَابِتَة فِي الفصيح كَقَوْلِه: {أَلد الْخِصَام} [الْبَقَرَة: 204] {مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} [سبأ: 33] {تربص أَرْبَعَة أشهر} [الْبَقَرَة: 226] {يَا صَاحِبي السجْن} [يُوسُف: 39، 40] وَفِي الحَدِيث:
(فَلَا تَجِدُونَ أعلم من عَالم المدنية) فَمَعْنَى (فِي) فِي هَذِه الْأَمْثِلَة ظَاهر وَلَا يَصح تَقْدِير غَيرهَا إِلَّا بتكلف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم أحدا ذهب إِلَى هَذِه الْإِضَافَة غَيره وَهُوَ مَرْدُود فقد قَالَ بهَا الْجَمَاعَة المذكورون مَعَه كَمَا صرحت بنقله عَنْهُم تَقْوِيَة لِابْنِ مَالك ورد الدعْوَة تفرده وَصرح ابْن الْحَاجِب فِي مقدمته بِأَن تَقْدِير (فِي) أقل من (اللَّام) و (من) وَكَذَا قَالَ ابْن مَالك وَزَاد أَن تَقْدِير (من) أقل من تَقْدِير (اللَّام) (و) قَالَ (الكوفية و) يقدر (عِنْد) نَحْو هَذِه نَاقَة رقود الْحَلب أَي رقود عِنْد الْحَلب وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَن هَذَا وَمَا قدر فِيهِ من بَاب الصّفة المشبهة وَالْأَصْل رَفعه على الفاعلية مجَازًا للْمُبَالَغَة (و) قَالَ أَبُو حَيَّان لَا تَقْدِير أصلا لَا للام وَلَا

(2/502)


لغَيْرهَا وَإِنَّمَا الْإِضَافَة تفِيد الِاخْتِصَاص وجهاته مُتعَدِّدَة بَين كل جِهَة مِنْهَا الِاسْتِعْمَال فَإِذا قلت غُلَام زيد وَدَار عَمْرو فالإضافة للْملك أَو سرج الدَّابَّة فاللاستحقاق أَو شيخ أَخِيك فلمطلق الِاخْتِصَاص وَيخْتَص التَّقْدِير عِنْد من قَالَ بِهِ بالمحضة وَقيل تقدر اللَّام فِي غَيرهَا لظهورها فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} [فاطر: 32] {حافظات للغيب} [النِّسَاء: 34] {مُصدق لما مَعَهم} [الْبَقَرَة: 89] {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] ورد بِعَدَمِ اطراده إِذْ لَا يسوغ فِي الصّفة المشبهة (و) الْمَحْضَة (هِيَ الَّتِي تفِيد تعريفا) إِذا كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ معرفَة أَو تَخْصِيصًا إِذا كَانَ نكرَة قَالَ أَبُو حَيَّان هَكَذَا قَالُوا وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهُ من جعل الْقسم قسيما وَذَلِكَ أَن التَّعْرِيف تَخْصِيص فَهُوَ قسم مِنْهُ وَالصَّوَاب أَنَّهَا تفِيد التَّخْصِيص فَقَط وَأقوى مراتبه التَّعْرِيف انْتهى وَهُوَ بحث لَفْظِي وَفِي مفَاد إِضَافَة الْجمل أَي الْإِضَافَة إِلَيْهَا احْتِمَالَانِ لصَاحب الْبَسِيط وَجه التَّخْصِيص أَن الْجمل نكرات وَوجه التَّعْرِيف أَنَّهَا فِي تَأْوِيل الْمصدر الْمُضَاف فِي التَّقْدِير إِلَى فَاعله أَو مَفْعُوله هَكَذَا حَكَاهُمَا أَبُو حَيَّان بِلَا تَرْجِيح ثمَّ قَالَ وَفِي التَّعْرِيف نظر لِأَن تَقْدِير الْمصدر تَقْدِير معنى كَمَا فِي همزَة التَّسْوِيَة فَلَا يلْتَفت إِلَى الْإِضَافَة فِيهِ كَمَا لَا يتعرف قَوْلك غُلَام رجل وَأَنت تُرِيدُ وَاحِدًا بِعَيْنِه وَأَيْضًا فَلَا يلْزم فِي الْمصدر أَن يقدر مُضَافا بل قد يقدر منونا عَاملا انْتهى وَغَيرهَا أَي غير الْمَحْضَة مَا لَا يُفِيد وَاحِدًا مِنْهُمَا بل تَخْفِيفًا فِي اللَّفْظ بِحَذْف التَّنْوِين وَشبهه فَمِنْهُ أَي من غير الْمَحْضَة إِضَافَة غير وَمثل وَشبه وخدن بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُهْملَة بِمَعْنى صديق وَنَحْو بِمَعْنى مثل وناهيك وحسبك من رجل أَي كافيك وَمَا فِي مَعْنَاهَا كترب بمعني لِدَة وَضرب وند فِي معنى مثل وشرعك وبجلك وقطك وقدك فِي معنى حَسبك فَهَذِهِ الْأَسْمَاء نكرات وَإِن أضيف إِلَى معرفَة إِمَّا لِأَنَّهَا على نِيَّة التَّنْوِين قصدا للتَّخْفِيف كالوصف كَمَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَهُوَ صَرِيح الْمَتْن وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي (حسب) وَنَحْوهَا لِأَنَّهَا مُرَاد بهَا اسْم الْفَاعِل أَو لِأَنَّهَا شَدِيدَة الْإِبْهَام كَمَا قَالَ ابْن السراج والسيرافي وَغَيرهمَا وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي غير وَمثل وَنَحْوهمَا لِأَنَّك إِذا قلت غير زيد فَكل شَيْء إِلَّا زيد غَيره وَمثل زيد فَمثله كثير

(2/503)


وَاحِد فِي طوله وَآخر فِي عمله وَآخر فِي صَنعته وَآخر فِي حسنه وَهَذَا لَا يكَاد يكون لَهُ نِهَايَة وَنقض هَذَا بِأَن كَثْرَة المتماثلين والمغايرين لَا توجب التنكير كَمَا أَن كَثْرَة غلْمَان زيد لَا توجب كَون غُلَام زيد نكرَة بل يجب بالوقوع على وَاحِد مَعْهُود للمخاطب وَقَالَ الْأَخْفَش يجوز أَن يكون السَّبَب فِي ذَلِك كَون أول أحوالها الْإِضَافَة لِأَنَّهَا لَا تسْتَعْمل مفصولة عَنْهَا لَا يُقَال هَذَا مثل لَك وَلَا غير لَك وَأول أَحْوَال الِاسْم التنكير فَلذَلِك كَانَت نكرَة مُطلقًا وَكَذَا وَاحِد أمه وَعبد بَطْنه وَأَبُوك فِي لُغَة لبَعض الْعَرَب حَكَاهَا أَبُو عَليّ فِي الْأَوَّلين والأصمعي فِي الْأَخير حَيْثُ أَدخل عَلَيْهَا (رب) فِي قَول حَاتِم 1214 -
(أماويّ إِنِّي رُبَّ وَاحِد أمّه ... )
وَقَوْلها رب أَبِيه رب أَخِيه قَالَ أَبُو حَيَّان كَأَنَّهُ لوحظ فِي وَاحِد أمة معنى مُفْرد أمه وَفِي عبد بَطْنه خَادِم بَطْنه وَالضَّمِير فيهمَا لَا يرجع إِلَى وَاحِد وَلَا عبد بل إِلَى غَيرهمَا مِمَّا تقدم وَفِي أَبِيه وأخيه مُنَاسِب لَهُ بالأبوة والأخوة وَالْأَشْهر اسْتِعْمَال مَا ذكر معرفَة وَقيل وَمِنْه أَيْضا الظروف سَوَاء أضيفت إِلَى مُفْرد أم جملَة حَكَاهُ أَبُو حَيَّان عَن بَعضهم وَيعرف مَا ذكر من (غير) وَمَا بعده إِن تعين المغاير والمماثل كَأَن وَقع (غير) بَين ضدين نَحْو {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} [الْفَاتِحَة: 7] وقولك مَرَرْت بالكريم غير الْبَخِيل والجامد غير المتحرك أَو قَارن مثلا مِمَّا يشْعر بمماثلة خَاصَّة وَقَالَ الْمبرد لَا يتعرف (غير) بِحَال لِأَن كل من خالفك فَهُوَ غَيْرك حَقِيقَة وَالَّذِي يماثلك من كل وَجه قد يتَعَيَّن أَن يكون وَاحِدًا قَالَ أَبُو حَيَّان ورد بِأَنَّهُ قد يكون معرفَة بِاعْتِبَار أَنه نِهَايَة فِي الْمُغَايرَة كَمَا يكون نِهَايَة فِي الْمثل وَمِنْه أَي غير الْمَحْضَة إِضَافَة الصّفة أَي اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وأمثلة الْمُبَالغَة وَالصّفة المشبهة إِلَى معمولها الْمَرْفُوع بهَا فِي الْمَعْنى أَو الْمَنْصُوب لِأَنَّهَا فِي تَقْدِير الِانْفِصَال وَلذَلِك وصف بهَا النكرَة فِي قَوْله تَعَالَى {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} [الْمَائِدَة: 95] وَوَقعت حَالا فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} [الْحَج: 9] وَدخل عَلَيْهِ رب فِي قَول جرير:

(2/504)


1215 -
(يَا رُبَّ غابطنا لَو كَانَ يَطْلُبُكُمْ ... )
وَذكر ابْن مَالك فِي نكته على الحاجية أَنَّهَا قد تفِيد التَّخْصِيص أَيْضا فَإِن ضَارب زيد أخص من ضَارب قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا سَهْو فَإِن ضَارب زيد أَصله ضَارب زيدا لَا ضَارب فَقَط فالتخصيص حَاصِل بالمعمول قبل الْإِضَافَة وَفهم من تَقْيِيد الْإِضَافَة بِكَوْنِهَا إِلَى الْمَعْمُول اشْتِرَاط كَونهَا بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال فَإِن كَانَت بِمَعْنى الْمَاضِي فإضافتها مَحْضَة لِأَنَّهَا لَيست فِي تَقْدِير الِانْفِصَال قيل وَمِنْه إِضَافَة الْمصدر إِلَى مَرْفُوعَة أَو مَنْصُوبَة قَالَه ابْن برهَان وَعلله بِأَن الْمَجْرُور بِهِ مَرْفُوع الْمحل أَو منصوبه فَأشبه الصّفة وَابْن الطراوة وَعلله بِأَن عمله بالنيابة عَن الْفِعْل فَهُوَ أقوى من الصّفة العاملة بالشبه بِدَلِيل اختصاصها بِبَعْض الأزمنه دونه وَإِذا كَانَ أقوى كَانَ أولى أَن يحكم لَهُ بِحكم الْفِعْل فِي عدم التَّعْرِيف وَالأَصَح لَا ورد الِاسْتِدْلَال لِأَنَّهُ لم ينب مناب الْفِعْل وَحده بل مَعَ أَن والموصول مَحْكُوم بتعريفه فَكَذَلِك مَا وَقع موقعه وبانتقاء لَوَازِم التنكير من دُخُول (رب) وَآل ونعته بالنكرة وبورود نَعته وتأكيده بالمعرفة فِي قَوْله

(2/505)


1216 -
(إنّ وَجْدِي بك الشّدِيدَ أَرَانِي ... )
وَقَوله: 1217 -
(فَلَو كَانَ حُبِّي أمَّ ذِي الوَدْع كُلَّهُ ... )
وَبِأَن تَقْدِير الِانْفِصَال فِي الصّفة للضمير الْمُسْتَتر فِيهَا وَهُوَ بِخِلَافِهِ (قيل و) مِنْهُ إِضَافَة اسْم التَّفْضِيل قَالَه الْكُوفِيُّونَ والفارسي وَأَبُو الْكَرم بن الدباس والجزولي وَابْن عُصْفُور وَابْن أبي الرّبيع قَالَ الْفَارِسِي لِأَنَّهُ يَنْوِي بهَا الِانْفِصَال لكَونهَا تُضَاف إِلَى جمَاعَة هُوَ أَحدهمَا وَإِلَّا لزم إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه إِذْ لَا يَنْفَكّ أَن يكون بعض الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا وَلِأَن فِيهِ معنى الْفِعْل وَلِهَذَا نصب الظّرْف وتعدى تَارَة بِنَفسِهِ وَتارَة بِحرف جر وَالأَصَح أَنَّهَا مَحْضَة إِذْ لَا يحفظ ووروده حَالا وَلَا تمييزا وَلَا بعد رب وأل قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْعَرَب لَا تَقول هَذَا زيد أسود النَّاس لِأَن الْحَال لَا يكون إِلَّا نكرَة وَثَالِثهَا إِن نوى معنى (من) فَغير مَحْضَة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي حكم الِانْفِصَال وَإِلَّا فمحضة قَالَ لَهُ ابْن السراج وَنزل قَول سِيبَوَيْهٍ على الثَّانِي وَقَول الْكُوفِيّين على الأول فَإِن قصد تَعْرِيفهَا أَي الصّفة المضافة إِلَى معمولها بِأَن قصد الْوَصْف بهَا من غير اخْتِصَاص بِزَمَان دون زمَان تعرفت وَلذَا وصف بهَا الْمعرفَة فِي قَوْله تَعَالَى:

(2/506)


{مَالك يَوْم الدّين} [الْفَاتِحَة: 4] {فالق الْحبّ والنوى} [الْأَنْعَام: 95] {غَافِر الذَّنب} [غَافِر: 3] (إِلَّا) الصّفة المشبهة فَلَا تتعرف لِأَن الْإِضَافَة فِيهَا نقل عَن أصل وَهُوَ الرّفْع بِخِلَافِهَا فِي غَيرهَا فَهِيَ عَن فرع وَهُوَ النصب وَلِأَنَّهُ إِذا قصد تَعْرِيفهَا أَدخل عَلَيْهَا اللَّام وَزعم الكوفية والأعلم فَقَالُوا إِنَّهَا تتعرف بِقَصْدِهِ إِذا الْإِضَافَة لَا تمنع مِنْهُ (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ أَن إِضَافَة الصّفة إِلَى معمولها لَا تفِيد تعريفا بل تَخْفِيفًا جَازَ اقتران هَذَا الْمُضَاف دون غَيره من المضافات (بأل) لِأَن الْمَحْذُوف فِي غَيره من اجْتِمَاع أداتي تَعْرِيف مُنْتَفٍ فِيهِ وَإِنَّمَا يقرن بهَا هَذَا (إِن كَانَ مثنى أَو جمعا على حَده) نَحْو الضاربا زيد والضاربو زيد قَالَ الشَّاعِر: 1218 -
(لَيْسَ الأخلاَّءُ بالمُصْغِي مَسامِعِهم ... )
وَقَالَ: 1219 -
(إِن يَغْنَيَا عَنّي المُسْتوطِنا عَدَن ... )
(أَو أضيف لمقرون بهَا) نَحْو الضَّارِب الرجل وَقَوله تَعَالَى: {والمقيمي الصَّلَاة} [الْحَج: 35] (أَو) أضيف إِلَى (مُضَاف إِلَيْهِ) أَي إِلَى مقرون بهَا نَحْو القاصد بَاب الْكَرِيم (وَكَذَا) إِن أضيف إِلَى (ضمير هِيَ فِي مرجعه على الْأَصَح) نَحْو الضَّارِب الرجل والشاتمة وَقَوله:

(2/507)


1220 -
(الودُّ أنْتِ المُسْتَحِقّة صَفْوهِ ... )
وَقَوله: 1221 -
(الْوَاهِب المائةِ الهجان وعَبْدِها ... )
وَمنع الْمبرد هَذِه الصُّورَة وَأوجب النصب قيل أَو إِلَى ضمير مَا نَحْو الضاربك والضاربي والضاربه قَالَه الرماني والمبرد والزمخشري وَمنع سِيبَوَيْهٍ والأخفش ذَلِك وَجعلا مَوضِع الضَّمِير نصبا كَمَا لَو كَانَ مَوْضِعه ظَاهرا فَإِنَّهُ يتَعَيَّن نَصبه قَالَ الْفراء أَو أضيف إِلَى (معرفَة) مَا نَحْو الضَّارِب زيد بِخِلَاف الضَّارِب رجل وَلَا مُسْتَند لَهُ فِي السماع (و) قَالَ الكوفية أَو أضيف عدد إِلَى مَعْدُود نَحْو الثَّلَاثَة الأثواب قَالَ ابْن مَالك وحجتهم السماع وَأما البصريون فاستندوا فِي الْمَنْع إِلَى الْقيَاس لِأَنَّهُ من بَاب الْمَقَادِير فَكَمَا لَا يجوز الرطل زَيْت لَا يجوز هَذَا الْجُمْهُور على أَنه لَا يُضَاف اسْم لمرادفه ونعته ومنعوته ومؤكده لِأَن الْمُضَاف يتعرف أَو يتخصص بالمضاف إِلَيْهِ وَالشَّيْء لَا يتعرف وَلَا يتخصص إِلَّا بِغَيْرِهِ والنعت عين المنعوت وَكَذَا مَا ذكر بعده (إِلَّا بِتَأْوِيل) كَقَوْلِهِم سعيد كرز أَي مُسَمّى هَذَا اللقب وخشرم دبر أَي الَّذِي لَهُ ذَا الِاسْم لِأَنَّهُمَا اسمان للنحل وَصَلَاة الأولى وَمَسْجِد الْجَامِع و {دين الْقيمَة} [الْبَيِّنَة: 5] أَي السَّاعَة الأولى وَالْيَوْم أَو الْوَقْت الْجَامِع وَالْملَّة الْقيمَة وسحق عِمَامَة وجرد قطيفة

(2/508)


الأَصْل عِمَامَة سحق وقطيفة جرد قدم وَجعل نوعا مُضَافا إِلَى الْجِنْس كخاتم فضَّة وَيَوْم يَوْم وَلَيْلَة لَيْلَة وَشرط الكوفية فِي الْجَوَاز اخْتِلَاف اللَّفْظ فَقَط من غير تَأْوِيل تَشْبِيها بِمَا اخْتلف لَفظه وَمَعْنَاهُ كَيَوْم الْخَمِيس و {شهر رَمَضَان} [الْبَقَرَة 165] و {وعد الصدْق} [الْأَحْقَاف: 16] و {حق الْيَقِين} [الْوَاقِعَة: 95] و {مَكْرَ السَّيِّيءِ} [فاطر: 43] و {يَا نسَاء الْمُؤْمِنَات} كَمَا جَاءَ ذَلِك فِي النَّعْت والعطف والتأكيد نَحْو: {وغرابيب سود} [فاطر: 27] 1222 -
(كَذِبًا ومَيْنا ... )
{كلهم أَجْمَعُونَ} [الْحجر: 30] (و) قَالَ أَبُو حَيَّان لَا يتَعَدَّى السماع بل يقْتَصر عَلَيْهِ فَلَا يُقَاس وَهل هِيَ أَي هَذِه الْإِضَافَة مَحْضَة أَو لَا أَو وَاسِطَة بَينهمَا أَقْوَال: الأول قَالَه جمَاعَة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان لِأَنَّهُ لَا يَقع بعد (رب) وَلَا (أل) وَلَا ينعَت بنكرة وَلَا ورد نكرَة فَلَا يحفظ (صَلَاة أولى) و (مَسْجِد جَامع) وَالثَّانِي قَالَه الْفَارِسِي وَابْن الدباس وَغَيرهمَا لشبهه بِحسن الْوَجْه وَأَمْثَاله لِأَن الأَصْل فِي (صَلَاة الأولى) وَنَحْوه (الصَّلَاة الأولى) على النَّعْت ثمَّ أزيل عَن حَده كَمَا أَن أصل حسن الْوَجْه (حسن وَجهه) فأزيل عَن الرّفْع وَالثَّالِث قَالَه ابْن مَالك قَالَ لِأَن لَهَا اعتبارين اتِّصَال من وَجه أَن الأول غير مفصول بضمير منوي وانفصاله من وَجه أَن الْمَعْنى لَا يَصح إِلَّا بتكلف خُرُوجه عَن الظَّاهِر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسْبقهُ أحد إِلَى ذكر هَذَا الْقسم الثَّالِث (ثمَّ تجْرِي) هَذِه الْأَقْوَال فِيمَا ألغي فِيهِ مُضَاف نَحْو:

(2/509)


1223 -
(إِلَى الحوْل ثُمّ اسْمُ السّلام عَلَيْكما ... )
أَو مُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: 1224 -
(أَقَامَ ببَغْدادِ العِراق وشَوْقُه ... لأهل دِمشْق الشّام شَوْقٌ مُبرِّحُ)
وَلَا يقدم على الْمُضَاف مَعْمُول مُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ من تَمَامه كَمَا لَا يتَقَدَّم الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف وَجوزهُ الْكسَائي على أفعل نَحْو أَنْت أخانا أول ضَارب وَاقْتصر فِي التسهيل على ذكر الْمِثَال وَأَن ثعلبا حَكَاهُ عَنهُ قَالَ أَبُو حَيَّان فَهَل هُوَ مُخْتَصّ بِلَفْظ (أول) أَو (عَام) فِي كل أفعل تَفْضِيل يحْتَاج إِلَى تَحْرِير النَّقْل فِي ذَلِك وَلَا يظْهر فَوق بَين (أول) وَغَيره فَيجوز هَذَا بِاللَّه أفضل عَارِف وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز شَيْء من ذَلِك لعدم سَماع ذَلِك من كَلَامهم ولمخالفة الْأُصُول وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن مَالك التَّقْدِيم على غير النافية مُطلقًا نَحْو: زيد عمرا غير ضَارب قَالَ: 1225 -
(فَتى هُوَ حَقًّا غيرُ مُلْغ فَرِيضَة ... وَلَا تَتّخِذْ يَوْمًا سواهُ خَلِيلًا)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز ذَلِك وَالْبَيْت نَادِر لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَجوزهُ قوم على غير (إِن كَانَ) الْمَعْمُول ظرفا أَو مجرورا لتوسعهم فِيهِ كَقَوْلِه:

(2/510)


1226 -
(إنَّ امْرَءًا خَصّني يَوْمًا مَوَدَّتَه ... على التّنائِي لَعِنْدي غَيرُ مَكْفُور)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح الْمَنْع لِاتِّحَاد الْعلَّة فِي ذَلِك وَفِي الْمَفْعُول أما (غير) الَّتِي لم يرد بهَا نفي فَلَا يجوز التَّقْدِيم عَلَيْهَا بِاتِّفَاق فَلَا يُقَال أكْرم الْقَوْم زيدا غير مشاتم وَجوز قوم التَّقْدِيم على حق كَقَوْلِه: 1227 -
(فإنْ لَا أكُنْ كُلَّ الشُجاع فإنّني ... بِضَرْب الطُّلَى والهام حقُّ عليم)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح الْمَنْع لندور هَذَا الْبَيْت وَإِمْكَان تَأْوِيله وَجوز قوم التَّقْدِيم على (مثل) نَقله ابْن الْحَاج نَحْو أَنا زيدا مثل ضَارب وَقد يكْتَسب الْمُضَاف من الْمُضَاف إِلَيْهِ تأنيثا وتذكيرا إِن صَحَّ حذفه وَلم يخْتل الْكَلَام بِهِ وَكَانَ بَعْضًا من الْمُضَاف إِلَيْهِ أَو كبعض مِنْهُ كَقَوْلِهِم قطعت بعض أَصَابِعه وَقُرِئَ: {يلتقطه بعض السيارة} [يُوسُف: 10] وَقَوله: 1228 -
(كَمَا شَرقَتْ صدْرُ القَنَاةِ من الدَّم ... )
وَقَوله:

(2/511)


1229 -
(رؤيةُ الْفِكر مَا يَؤُول لَهُ الأمْرُ ... مُعينٌ على اجْتناب التّواني)
بِخِلَاف مَا إِذا لم يَصح لَو حذف فَلَا يُقَال قَامَت غُلَام هِنْد وَلَا أمة زيد جَاءَ أَو صَحَّ وَلم يكن بَعْضًا وَلَا كبعض فَلَا يُقَال أعجبتني يَوْم الْجُمُعَة وَلَا جَاءَت يَوْم عَاشُورَاء
أَسمَاء لَازِمَة الْإِضَافَة
مَسْأَلَة فِي أَسمَاء لازمت الْإِضَافَة لاحتياجها إِلَيْهَا فِي فهم مَعْنَاهَا لزم الْإِضَافَة مُطلقًا حمادى وقصارى بِضَم أولاهما وقصرهما بِمَعْنى الْغَايَة يُقَال قصاراك أَن تفعل كَذَا أَي غايتك وَآخر أَمرك وَحكى الْجَوْهَرِي فِيمَا فتح الْقَاف وَقصر أَيْضا قَالَ: 1230 -
(قَصْرُ الْجَدِيد إِلَى بلَى ... والْعَيْشُ فِي الدّنيا انْقِطَاعُه)
(و) لزم الْإِضَافَة إِلَى ضمير وحد فَلَا يُضَاف إِلَى ظَاهر وَسَوَاء ضمير الْغَائِب وَغَيره وَتجب مطابقته لما قبله نَحْو: {إِذا دعِي الله وَحده} [غَافِر: 12] 1231 -
(والذّنْبَ أخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِي ... ... ... ... ... .)
1232 -
(وكُنْتَ إذْ كُنْتَ إلهي وحْدَكا ... )

(2/512)


وَقَوله: 1233 -
(أعاذِلَ هَل يَأْتِي القبائلَ حظَّها ... من الْمَوْت أم خُلِّي لنا الموتُ وَحْدنا)
لَازم النصب على الْمصدر لفعل من لَفظه حكى الْأَصْمَعِي وحد الرجل يحد إِذا انْفَرد وَقيل لم يلفظ بِفِعْلِهِ كالأبوة والأخوة والخؤولة وَقيل مَحْذُوف الزَّوَائِد من إيحاد وَقيل نَصبه على الْحَال لتأويله بموحد وَقيل على حذف حرف الْجَرّ وَالْأَصْل على وَحده (و) لَازم الْإِفْرَاد والتذكير لِأَنَّهُ مصدر (وَقد يثنى) شذوذا أَو يجر بعلى سمع جلسا على وحديهما وَقُلْنَا ذَلِك وحدينا واقتضيت كل دِرْهَم على حَده وَجلسَ على وَحده أَو إِضَافَة نَسِيج وقريع بِوَزْن كريم وجحيش وعيير مصغرين إِلَيْهِ ملحقات بالعلامات على الْأَصَح يُقَال هُوَ نَسِيج وَحده وقريع وَحده إِذا قصد قلَّة نَظِيره فِي الْخَيْر وَأَصله فِي الثَّوْب لِأَنَّهُ إِذا كَانَ رفيعا لم ينسج على منواله والقريع السَّيِّد وَهُوَ جحيش وَحده وعيير وَحده إِذا قصد قلَّة نَظِيره فِي الشَّرّ وهما مصغر عير وَهُوَ الْحمار وجحش وَهُوَ وَلَده يذم بهما الْمُنْفَرد بِاتِّبَاع رَأْيه وَيُقَال (هما نسيجا وَحدهمَا) و (هم نسجاء وحدهم) و (هِيَ نسيجة وَحدهَا) وَهَكَذَا وَقيل لَا يتَّصل بنسيج وإخواته العلامات فَيُقَال هما نَسِيج وَحدهمَا وَهَكَذَا و (قريع) لم يذكرهَا فِي التسيهل وَذكرهَا أَبُو حَيَّان وَشَيْخه الشاطبي (رجيل وَحده) وَلزِمَ الْإِضَافَة إِلَى معرفَة مثناة لفظا أَو (معنى تفريقه) مَعْطُوفًا بِالْوَاو فَقَط (ضَرُورَة كلا وكلتا) نَحْو: وكلا الرجلَيْن {كلتا الجنتين} [الْكَهْف: 33] 1234 -
(كِلانا غنِيٌّ عَن أَخِيه حَياتَهُ ... )

(2/513)


1235 -
(إنّ للخير وللشرّ مَدًى ... وكِلا ذَلِك وَجْهٌ وقَبَلْ)
وَمن تفريقه بِالْوَاو: 1236 -
(كلا أخي وخليلي وَاجدِي عَضُدًا ... )
وَقَالَ الكوفية أَو نكرَة محدودة بِنَاء على جَوَاز توكيدها سمع: (كلتا جاريتين عنْدك مَقْطُوعَة يَدهَا وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَإِلَى مُفْرد إِن كررت كلا نَحْو كلاي وكلاك محسنان (و) لزم الْإِضَافَة ذُو وفروعه أَي ذَوا وذوو وَذَات وذاتا وَذَوَات (وألوا وَأولَات إِلَى اسْم جنس) قِيَاسا كذي علم وَذي حسن ( {وَأشْهدُوا ذَوي عدل} [الطَّلَاق: 2] {ذواتا أفنان} [الرَّحْمَن: 48] وَإِلَى علم سَمَاعا نَحْو ذُو يزن وَذُو رعين وَذُو الكلاع وَذُو سلم وَذُو عَمْرو وَذُو تَبُوك وَقيل قِيَاسا قَالَه الْفراء وَالْغَالِب إلغاؤها أَي كَونهَا ملغاة أَي زَائِدَة حِينَئِذٍ وَقد لَا تلغى نَحْو (أَنا الله ذُو بكة) أَي صَاحب (بكة) وَالْمُخْتَار جَوَازهَا أَي إضافتها إِلَى ضمير كَمَا يفهم من كَلَام أبي حَيَّان أَن الْجُمْهُور عَلَيْهِ كَقَوْلِه:

(2/514)


1237 -
(إنّما يَعْرفُ ذَا الفَضْل ... من النّاس ذَوُوهُ)
وَقَوله: 1238 -
(أبار ذَوي أرُومَتِها ذَوُوهُ ... )
وَقَوله: 1239 -
(رجوناه قُدْمًا من ذَويك الأفاضل ... )
خلافًا للكسائي والنحاس والزبيدي والمتأخرين فِي مَنعهم ذَلِك إِلَّا فِي الشّعْر وَجزم بِهِ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح وَفِي رُؤُوس الْمسَائِل بعد نَقله الْمَنْع عَن الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين وَأَجَازَهُ غير هَؤُلَاءِ وَقد اسْتعْمل جمع (ذِي) مَقْطُوعًا عَن الْإِضَافَة إِلَى فِي قَوْله: 1240 -
(فَلَا أعْنِي بذَلك أسفليكمْ ... ولكنّي أُرِيد بِهِ الذَّوينا)
وَجمع مَا تقدم لزم الْإِضَافَة معنى ولفظا (و) لزم الْإِضَافَة معنى لَا لفظا فَيجوز الْقطع على نِيَّتهَا

(2/515)


أل
(آل) وَأَصله أول قلبت واوه ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا بِدَلِيل قَوْلهم أويل وَقيل أهل أبدلت هاؤه همزَة ثمَّ الْهمزَة ألفا لسكونها بعد همزَة مَفْتُوحَة بِدَلِيل أهيل وَإِنَّمَا يُضَاف (إِلَى علم عَالم غَالِبا) كَقَوْلِه: 1241 -
(نَحن آلُ اللهِ فِي بَلْدَتنَا ... لم نَزْل آلاً على عهد إِرَمْ)
وَمن إِضَافَته إِلَى علم غَيره: 1242 -
(من الجُرْد من آل الْوَجِيه ولاحق ... )
وهما علما فرس وَإِلَى الْجِنْس آل الصَّلِيب وَالصَّحِيح جَوَازه إِلَى ضمير كَقَوْلِه: 1243 -
(وانصُر على آل الصَّليبِ ... وعابديه اليومَ آلَكْ)
وَقيل لَا يجوز وعزي للكسائي والنحاس والزبيدي
كل وَبَعض
وَلزِمَ الْإِضَافَة معنى أَيْضا (كل وَبَعض وَالْجُمْهُور) على (أَنَّهُمَا) عِنْد التجرد مِنْهَا (معرفتان بنيتها) لِأَنَّهُمَا لَا يكونَانِ أبدا إِلَّا مضافين فَلَمَّا نَوَيْت تعرف من جِهَة الْمَعْنى (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَونهمَا عِنْد الْقطع معرفتين بنيتها أَي من أجل ذَلِك (امْتنع وقوعهما حَالا وتعريفهما بَال خلافًا للأخفش وَأبي عَليّ) الْفَارِسِي

(2/516)


وَابْن درسْتوَيْه فِي قَوْلهم بِأَنَّهُمَا نكرتان وأنهما معرفان بأل وينصبان على الْحَال قِيَاسا على نصف وَسدس وَثلث فَإِنَّهَا نكرات بِإِجْمَاع وَهِي فِي الْمَعْنى مضافات وحكوا مَرَرْت بهم كلا بِالنّصب على الْحَال وَهَذَا القَوْل مَشْهُور عَن الْأَوَّلين وظفرت بنقله عَن ابْن درسْتوَيْه أَيْضا فِي كتاب (لَيْسَ) لِابْنِ خالويه فَذَكرته تَقْوِيَة لَهما
أَي
(و) لزم الْإِضَافَة معنى أَيْضا (أَي) بأقسامها فَتكون نفس مَا تُضَاف إِلَيْهِ (وَهِي مَعَ النكرَة ككل وَمَعَ الْمعرفَة كبعض وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَونهَا مَعَ الْمعرفَة كبعض أَي من أجل ذَلِك (لم تضف لمفرد معرفَة إِلَّا مكررة أَو منويا بهَا الْأَجْزَاء) ليَصِح فِيهَا معنى البعضية نَحْو: 1244 -
(أيِّي وأَيُّكَ فارسُ الأحْزابِ ... )
وَنَحْو أَي زيد حسن أَي أَي أَجْزَائِهِ فَإِن لم يكن تعين إضافتها إِلَى نكرَة أَو مثنى نَحْو أَي رجل وَأي الزيدين عنْدك هَذَا حكم شَامِل لأي بأنواعها وَتقدم مَا يخْتَص بِكُل نوع مِنْهَا فِي مَبْحَث الْمَوْصُول (وَمر كثير) مِمَّا لزم الْإِضَافَة فِي المصادر والظروف وَالِاسْتِثْنَاء (فَلم نعده) حذرا من التّكْرَار مَسْأَلَة أضيف للْفِعْل آيَة بِمَعْنى عَلامَة مَعَ (مَا) المصدرية أَو النافية ودونهما تَشْبِيها لَهَا بالظرف كَقَوْلِه:

(2/517)


1245 -
(بآيةِ تُقْدِمون الْخيل شُعْثًا ... )
وَقَوله: 1246 -
(أَلِكْنِي إِلَى سَلْمى بآيةِ أوْمأتْ ... )
وَقَوله: 1247 -
(بآيةِ مَا تُحبُّون الطّعاما ... )
وَقَوله: 1248 -
(بآيةِ مَا كَانُوا ضعافاً وَلَا عُزْلا ... )

(2/518)


وَقيل هُوَ على حذف مَا المصدرية وَالْإِضَافَة إِلَى الْمصدر المؤول قَالَ ابْن جني وعَلى الأول (مَا) الْمَوْجُودَة زَائِدَة وَيُؤَيِّدهُ عدم تصريحهم بِالْمَصْدَرِ أصلا وإضافتها إِلَى الْجُمْلَة الاسمية فِي قَوْله: 125 -
(بِآيَة الخالُ مِنْهَا عِنْد بُرْقُعِها ... )
وَقيل لَا يطرد ذَلِك بل يقْتَصر فِيهِ على السماع قَالَه الْمبرد (و) أضيف إِلَيْهِ أَيْضا (ذُو فِي قَوْلهم اذْهَبْ) بِذِي تسلم (أَو افْعَل بِذِي تسلم) وَهِي بِمَعْنى صَاحب (أَي بِذِي سلامتك) وَالْمعْنَى فِي وَقت ذِي سَلامَة فالباء بِمَعْنى فِي وَقيل للمصاحبة أَي أَفعلهُ مقرنا بسلامتك كَمَا تَقول افعله بسعادتك وَقيل للقسم أَي بِحَق سلامتك وهلا هُوَ خبر فِي معنى الدُّعَاء أَي وَالله يسلمك و (قيل ذُو مَوْصُولَة) أعربت على لُغَة و (تسلم) صلتها وَالْمعْنَى اذْهَبْ فِي الْوَقْت الَّذِي تسلم فِيهِ ثمَّ حذف الْجَار اتساعا فَصَارَ تسلمه ثمَّ الضَّمِير (وَيلْحق الْفِعْلَيْنِ الْفُرُوع) فَيُقَال اذْهَبَا بِذِي تسلمان واذهبوا بِذِي تسلمون واذهبي بِذِي تسلمين مَسْأَلَة (يحذف الْمُضَاف لدَلِيل) جَوَازًا نَحْو: {أَو كصيب} [الْبَقَرَة: 19] أَي كأصحاب صيب {أَو كظلمات فِي بَحر} [النُّور: 40] أَي كذل ظلمات بِدَلِيل {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم} [الْبَقَرَة: 19] {يَغْشَاهُ موج} [النُّور: 40] ودونه ضَرُورَة كَقَوْلِه: 125 -
(عَشِيَّة فَرَّ الحارثيُّون بَعْدَمَا ... قضى نَحْبه فِي ملتقى الْقَوْم هوْبرُ)
يُرِيد ابْن هوبر

(2/519)


وَإِنَّمَا يُقَاس إِذا لم يستبد الثَّانِي بِنِسْبَة الحكم نَحْو: {واسأل الْقرْيَة} [يُوسُف: 82] أَي أَهلهَا {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل} [الْبَقَرَة: 93] أَي حبه فَإِن جَازَ استبداده بِهِ اقْتصر فِيهِ على السماع وَلم يقس خلافًا لِابْنِ جني فِي قَوْله بِالْقِيَاسِ مُطلقًا فَأجَاز جَلَست زيدا على تَقْدِير جُلُوس زيد وَقد يحذف متضايفان وَثَلَاثَة نَحْو: {فَإِنَّهَا من تقوى الْقُلُوب} [الْحَج: 32] أَي فَإِن تعظيمها من أَفعَال ذَوي تقَوِّي {قَبْضَة من أثر الرَّسُول} [طه: 96] أَي أثر حافر فرس الرَّسُول {فَكَانَ قاب قوسين} [النَّجْم: 9] أَي مِقْدَار مَسَافَة قربه مثل قاب ثمَّ الْأَفْصَح نِيَابَة الثَّانِي أَي الْمُضَاف إِلَيْهِ عَن الْمُضَاف فِي أَحْكَامه من الْإِعْرَاب كَمَا تقدم والتذكير نَحْو: 1251 -
(يَسْقُون مَنْ وَرَدَ البَريصَ عَلَيْهمُ ... بَرَدَى يُصفّقُ بالرّحيق السّلسَل)
أَي مَاء بردى وَإِلَّا لقَالَ تصفق وَهُوَ نهر بِدِمَشْق أَلفه للتأنيث والتأنيث نَحْو: 1252 -
(والمسْكُ من أرْدانِها نافِحَهْ ... )
أَي رَائِحَته وعود ضَمِيره نَحْو: {وَتلك الْقرى أهلكناهم} [الْكَهْف: 59] أَي أَهلهَا وَغير ذَلِك كَحَدِيث:
(إِن هذَيْن حرَام على ذُكُور أمتِي) أَي اسْتِعْمَال هذَيْن

(2/520)


وَفِي نيابته عَنهُ فِي التنكير إِذا كَانَ الْمُضَاف الْمَحْذُوف مثلا خلف فَقَالَ ابْن مَالك تبعا للخليل نعم وَلذَلِك نصب على الْحَال نَحْو (تفَرقُوا أيادي سبأ) أَي مثلهَا أَو ركب مَعَ (لَا) كَحَدِيث:
(إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده) وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ لَا وَيجوز إبْقَاء جَرّه إِن عطف على مماثل للمحذوف أَو مُقَابل لَهُ فَالْأول نَحْو: 1253 -
(أَكُلَّ امْرئ تَحْسبين امْرَءًا ... ونار تَوقَّدُ باللّيل نَارا)
أَي وكل نَار وَالثَّانِي نَحْو: {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة} [الْأَنْفَال: 67] أَي مَا فِي الْآخِرَة وَشرط ابْن مَالك للْجُوَاز اتِّصَال العطب كَمَا مثل أَو فَصله بِلَا نَحْو 1254 - {وَلم أَرَ مِثْلَ الْخَيْر يَتْركُهُ الْفَتى ... وَلَا الشرِّ يَأْتِيهِ امرؤٌ وَهُوَ طائِعُ}
وَلم يَشْتَرِطه الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة (و) شَرط قوم سبق نفي أَو اسْتِفْهَام كَمَا تقدم فِي الْأَمْثِلَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح جَوَازه مَعَ عدمهما كَقَوْلِه:

(2/521)


1255 -
(لَوَ أنَّ طَبِيب الْإِنْس والجنِّ دَاوَيا الّذِي ... بِي من عَفْراءَ مَا شَفَيَاني)
وَقَوله: 1256 -
(كل مُثْر فِي رهطه ظاهِرُ العِزْز ... وَذي غُرْبَةٍ وفقر مَهينُ)
(و) الْجَرّ (دون عطف ضَرُورَة) كَقَوْلِه: 1257 -
(الآكِلُ المالَ الْيَتِيم بَطَرَا ... )
أَي مَال الْيَتِيم خلافًا للكوفية فِي تجويزهم ذَلِك فِي الِاخْتِيَار حكوا أطعمونا لَحْمًا سمينا شَاة أَي لحم شَاة فقاسوا عَلَيْهِ نَحْو يُعجبنِي ضرب زيد أَي ضرب زيد والبصريون حملُوا ذَلِك على الشذوذ ويحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ منويا وَيكثر هَذَا الْحَذف فِي الْأَسْمَاء التَّامَّة ويقل فِي غَيرهَا كقبل وَبعد وَنَحْوهمَا وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا يُقَاس إِلَّا فِي مُفْرد مضافه زمَان وَقد يبْقى الْمُضَاف بِلَا تَنْوِين إِن عطف هُوَ على مُضَاف لمثله أَو عطف عَلَيْهِ مُضَاف لمثله فَالْأول نَحْو حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي بَرزَة:
(غزوت مَعَ رَسُول الله
سبع غزوات أَو ثَمَانِي) بِفَتْح الْيَاء بِلَا تَنْوِين وَالثَّانِي نَحْو حَدِيث أَنه
قَالَ
(تحيضين فِي علم الله سِتَّة أَو سَبْعَة أَيَّام) وَخَصه الْفراء بالمصطحبين كَالْيَدِ وَالرجل نَحْو قطع الله يَد وَرجل من قَالَهَا ... وَالنّصف وَالرّبع وَقبل وَبعد بِخِلَاف نَحْو دَار وَغُلَام فَلَا يُقَال اشْتريت دَار وَغُلَام زيد

(2/522)


قَالَ ابْن مَالك وَقد ينفى بِلَا تَنْوِين من غير عطف كَقِرَاءَة ابْن مُحَيْصِن ( {فَلَا خوف عَلَيْهِم} [الْبَقَرَة: 38] أَي لَا خوف شَيْء عَلَيْهِم وَقَوله: 1258 -
(سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخر ... )

الْفَصْل بَين المتضايفين
مَسْأَلَة لَا يفصل بَين المتضايفين أَي الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ اخْتِيَارا لِأَنَّهُ من تَمَامه ومنزل مِنْهُ منزلَة التَّنْوِين إِلَّا بمفعوله وظرفه على الصَّحِيح كَقِرَاءَة ابْن عَامر: {قتل أَوْلَادهم شركاؤهم} [الْأَنْعَام: 137] وَقُرِئَ {مخلف وعده رسله} [إِبْرَاهِيم: 47] وَحَدِيث البُخَارِيّ:
(هَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي) وَقَوله: (ترك يَوْمًا نَفسك وهواها سعي لَهَا فِي رداها) وَقَوله: 1259 -
(كناحِتِ يَوْماً صَخْرةٍ بعسِيل ... )

(2/523)


وَقيل لَا يجوز بهما وعَلى الْمَفْعُول أَكثر النَّحْوِيين ورد فِي الظّرْف بِأَنَّهُ يتوسع فِيهِ وَفِي الْمَفْعُول بِثُبُوتِهِ فِي السَّبع المتواترة وَحسنه كَون الْفَاصِل فضلَة فَإِنَّهُ يصلح بذلك لعدم الِاعْتِدَاد وَكَونه غير أَجْنَبِي من الْمُضَاف ومقدر التَّأْخِير وَخرج بمفعوله وظرفه الْمَفْعُول والظرف الأجنبيان فالفصل بهما ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1260 -
(تُسْقي امتياحاً ندي المسواكَ ريقتِها ... )

(2/524)


وَقَوله: 1261 -
(كَمَا خْطَّ الكتابُ بكفِّ يًوْماً ... يَهُوديٍّ ... ... ... ... ... . .)
وَقَوله:

(2/525)


1262 -
(هما أخَوا فِي الحرْب من لَا أَخا لَهُ ... )
وَجوزهُ أَي الْفَصْل الكوفية مُطلقًا بالظرف وَالْمَجْرُور وَغَيرهمَا (و) جوزه يُونُس بالظرف وَالْمَجْرُور غير المستقل وَجوزهُ ابْن مَالك بقسم حكى الْكسَائي هَذَا غُلَام وَالله زيد وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة إِن الشَّاة لتجتر فَتسمع صَوت وَالله رَبهَا وَإِمَّا كَقَوْلِه: 1263 -
(هما خُطّتا إمّا إسار ومِنّهٍ ... وَإِمَّا دَم والمَوْتُ بالحُرِّ أجْدرُ)
ذكرهَا فِي الكافية وَالْأول فِي الْخُلَاصَة وَلَا ذكر لَهما فِي التسهيل وَيجوز الْفَصْل ضَرُورَة لَا اخْتِيَارا بنعت نَحْو: 1264 -
(منِ ابْن أبي شيْخ الأباطِح طَالِبِ ... )

(2/526)


ونداء قَالَ فِي شرح الكافية كَقَوْلِه: 1265 -
(كأنّ برْذَوْن أَبَا عِصام ... زيدٍ حمارٌ دُقَّ باللِّجام)
أَرَادَ كَأَن برذون زيد يَا أَبَا عِصَام وَقَالَ ابْن هِشَام يحْتَمل أَن يكون (أَبَا) هُوَ الْمُضَاف إِلَيْهِ على لُغَة الْقصر وَزيد بدل أَو عطف بَيَان وَمثله أَبُو حَيَّان بقول زُهَيْر 1266 -
(وفاقُ كَعْبُ بُجَير منْقِذ لَكَ مِنْ ... تَعْجيل تَهْلكَةٍ والخُلْدِ فِي سَقَرا)
أَي يَا كَعْب وفاعل يتَعَلَّق بالمضاف أَو غَيره كَقَوْلِه: 1267 -
(مَا إنْ وَجدْنا لِلْهَوى من طِبِّ ... وَلَا عَدِمْنا قَهْرَ وَجْدٌ صَبِّ)
وَقَوله: 1268 -
(أنْجَبَ أيّامَ والِدَاهُ بِهِ ... إذْ نَجَلاهُ فَنِعْم مَا نَجَلا)

(2/527)


وَفعل ملغي كَقَوْلِه: 1269 -
(بأيِّ تراهُمُ الأرضينَ حَلُّوا ... )
أَي بِأَيّ الْأَرْضين تراهم حلوا ومفعول لَهُ أَي من أَجله كَقَوْلِه:

(2/528)


1270 -
(أشمُّ كأنّهُ رجُلٌ عَبوسُ ... مُعاودُ جُرْأةً وَقْتِ الهوادي)
أَي معاود وَقت الهوادي جرْأَة