همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

الْمصدر
(الْمصدر) أَي هَذَا مَبْحَث إعماله (يعْمل كَفِعْلِهِ) لَازِما ومتعديا إِلَى وَاحِد فَأكْثر أصلا لَا إِلْحَاقًا كَمَا فِي شرح الكافية لِأَنَّهُ أَصله وَلذَا لم يتَقَيَّد عمله بِزَمَان (إِن كَانَ مُفردا مكبرا غير مَحْدُود وَكَذَا) إِن كَانَ (ظَاهرا على الْأَصَح) فَلَا يعْمل مثنى فَلَا يُقَال عجبت من خبربتك زيدا وَلَا مجموعا وَلَا مُصَغرًا كعرفت ضربيك زيدا وَلَا محدودا بِالتَّاءِ كعجبت من ضربتك زيدا وشذ قَوْله: 1455 -
(بضرْبة كفيه الملا نَفْسَ راكبِ ... )
وَلَا مضمرا كضربك زيدا حسن وَهُوَ المحسن قَبِيح لِأَن كلا مِمَّا ذكر يزِيل الْمصدر عَن الصّفة الَّتِي هِيَ أصل الْفِعْل خُصُوصا الْإِضْمَار فَإِن ضمير الْمصدر لَيْسَ بمصدر حَقِيقَة كَمَا أَن ضمير الْعلم لَيْسَ بِعلم وَلَا ضمير اسْم الْجِنْس اسْم جنس وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بِجَوَاز إِعْمَال الْمصدر وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 1456 -
(وَمَا الحرْبُ إلاّ مَا عَلِمتم وذُقْتُمُ ... وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ المُرَجَّم)
أَي وَمَا الحَدِيث عَنْهَا والبصريون تأولوه على أَن (عَنْهَا) مُتَعَلق بأعنى مُقَدرا (وَثَالِثهَا) يعْمل فِي الْمَجْرُور فَقَط) دون الْمَفْعُول الصَّرِيح قَالَه الْفَارِسِي وَابْن جني قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس قَوْلهمَا إعماله فِي الظّرْف إِذْ لَا فرق بَينهمَا وَقد أجَازه

(3/54)


جمَاعَة (وَجوزهُ قوم فِي الْجمع المكسر) وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهُ وَإِن زَالَت مَعَه الصِّيغَة الْأَصْلِيَّة فَالْمَعْنى مَعهَا بَاقٍ ومتضاعف بالجمعية لِأَن جمع الشَّيْء بِمَنْزِلَة ذكره متكررا بعطف وَقد سمع (تركته بملاحس الْبَقر أَوْلَادهَا) وَقَالَ الشَّاعِر: 1457 -
(مواعيد عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بيَثْربِ ... )
قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمُخْتَار الْمَنْع وَتَأْويل مَا ورد من ذَلِك على النصب بمضمر أَي لحست أَوْلَادهَا ووعد أَخَاهُ (وَيقدر بِأَن) المصدرية مُخَفّفَة أَو غَيرهَا (قيل) أَي قَالَ بَعضهم زِيَادَة (أَو مَا المصدرية) وَالْفِعْل ف (أَن) غير المخففة للماضي كَقَوْلِه: 1458 -
(أمِنْ بَعْد رَمْي الغانِياتِ فؤَادَهُ ... )
والمستقبل كَقَوْلِه:

(3/55)


1459 -
(فَرُمْ بيديْكَ هَل تَسْطِيعُ نَقْلاً ... جبالاً من تهامَةَ راسِيَاتِ)
و (مَا) للماضي وَالْحَال كَقَوْلِه: {كَذِكرِكُمءَابَاءَكُم} [الْبَقَرَة: 200] وَقَوله: {تخافونهم كخيفتكم} [الرّوم: 28] والمخففة للثَّلَاثَة كَقَوْلِه: 1460 -
(عَلِمْتُ بَسْطك للمعروف خَيْر يَد ... )
وَقَوله: 1461 -
(لَو علمنَا إخْلافكم عِدَة السّلم ... )
وَقَوله: 1462 -
(لَو عملتْ إيثارَي الَّذِي هَوَتْ ... )
قَالَ ابْن مَالك وتقدر المخففة بعد الْعلم وَغَيرهَا بعد لَوْلَا أَو فعل كَرَاهَة أَو إِرَادَة أَو خوف أَو رَجَاء أَو منع أَو نَحْو ذَلِك

(3/56)


ثمَّ هَذَا التَّقْدِير قَالَ الْجُمْهُور (دَائِما وَقيل) أَي قَالَ ابْن مَالك (غَالِبا) قَالَ وَمن وُقُوعه غير مُقَدّر قَول الْعَرَب (سمع أُذُنِي زيدا يَقُول ذَلِك) وَقَول أَعْرَابِي (اللَّهُمَّ إِن استغفاري إياك مَعَ كَثْرَة ذنُوب للؤم وَإِن تركي الاسْتِغْفَار مَعَ علمي بسعة عفوك لغي) وَقَول الشَّاعِر: 1463 -
(ورَأيُ عينيَّ الْفَتى أباكا ... يُعْطِي الجزيل فَعَلَيْك ذاكا)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذكره مَمْنُوع (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَون هَذَا الْمصدر مُقَدرا بِحرف مصدري وَالْفِعْل أَي من أجل ذَلِك (لم يقدم معموله عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ كالموصول ومعموله كالصلة والصلة لَا تتقدم على الْمَوْصُول ويؤول مَا أَوْهَمهُ على إِضْمَار فعل كَقَوْلِه: 1464 -
(وَبَعْضُ الحِلْم عِنْد الجهْل ... للذلّة إذْعانُ)
(خلافًا لِابْنِ السراج) فِي قَوْله بِجَوَاز تَقْدِيم (الْمَفْعُول عَلَيْهِ) فَأجَاز يُعجبنِي عمرا ضرب زيد (و) من ثمَّ أَيْضا (لَا يفصل من معموله بتابع أَو غَيره) كَمَا لَا يفصل بَين الْمَوْصُول وصلته وَشَمل التَّابِع النَّعْت وَغَيره خلافًا لقَوْل التسهيل وَلَا منعوت قبل تَمَامه فَلَا يُقَال عجبت من ضربك الشَّديد زيدا وَلَا من شربك وأكلك اللَّبن بل يجب تَأْخِيره كَقَوْلِه: 1465 -
(إِن وجْدي بك الشّديد أَرَانِي ... )
وَأما قَوْله: 1466 -
(أزْمَعْتُ يأسًا مُبيناً من نَوالِكُم ... )

(3/57)


فمؤول على إِضْمَار يئست من نوالكم وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّه على رجعه لقادر يَوْم تبلى السرائر} [الطارق: 8، 9] يقدر يرجعه يَوْم (وَلَا يتَقَدَّر عمله بِزَمَان) بل يعْمل مَاضِيا وَحَالا ومستقبلا كَمَا تقدم (خلافًا لِابْنِ أبي الْعَافِيَة فِي) قَوْله لَا يعْمل فِي (الْمَاضِي) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَعَلَّه لَا يَصح عَنهُ (وَلَا يحذف) الْمصدر (بَاقِيا معموله فِي الْأَصَح) لِأَنَّهُ مَوْصُول والموصول لَا يحذف وَقيل يجوز لدَلِيل لِأَنَّهُ كالمنطوق كَمَا يحذف الْمُضَاف لدَلِيل وَيبقى عمله فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ قبل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {هَل تَسْتطيعُ رَبَّكَ} [الْمَائِدَة: 112] أَي سُؤال رَبك إِذْ لَا يَصح تَعْلِيق الِاسْتِطَاعَة بِغَيْر فعل المستطيع (وإعماله مُضَافا أَكثر) من إعماله منونا استقراء وَعلله ابْن مَالك بِأَن الْإِضَافَة تجْعَل الْمُضَاف إِلَيْهِ كجزء من الْمُضَاف كَمَا يَجْعَل الْإِسْنَاد الْفَاعِل كجزء من الْفِعْل وَيجْعَل الْمُضَاف كالفعل فِي عدم قبُول أل والتنوين فَقَوِيت بهَا مُنَاسبَة الْمصدر للْفِعْل (ثمَّ) إعماله (منونا) أَكثر من إعماله مُعَرفا بأل لِأَن فِيهِ شبها بِالْفِعْلِ الْمُؤَكّد بالنُّون الْخَفِيفَة (وَأنْكرهُ الكوفية) أَي إعماله منونا وَقَالُوا إِن وَقع بعده مَرْفُوع أَو مَنْصُوب فبإضمار فعل يُفَسر الْمصدر من لَفظه كَقَوْلِه تَعَالَى: (أَو إِطعَامٌ فِي يَومٍ ذِي

(3/58)


مَسغَبَةٍ يَتِيماً} [الْبَلَد: 14، 15] التَّقْدِير يطعم ورد بِأَن الأَصْل عَدمه (ثمَّ) يَلِيهِ (إعماله مُعَرفا ب (أل)) كَقَوْلِه: 1467 -
(ضَعِيفُ النكاية أعداءَه ... )
وَقَوله:

(3/59)


1468 -
(فَلم أنْكُلْ عَن الضّرْب مِسْمَعا ... )
(وَأنْكرهُ كَثِيرُونَ) والبغداديون وَقوم من الْبَصرِيين كالمنون وقدروا لَهُ عَاملا (وَثَالِثهَا أَنه قَبِيح) أَي يجوز إعماله على قبح (وَرَابِعهَا إِن عَاقَبت) (أل) (الضَّمِير عمل) نَحْو إِنَّك وَالضَّرْب خَالِدا لمسيء إِلَيْهِ

(3/60)


(وَإِلَّا) بِأَن لم تعاقبه (فَلَا) يجوز إعماله نَحْو عجبت من الضَّرْب زيدا عمرا وَهُوَ قَول ابْن طَلْحَة وَابْن الطراوة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان وَقَوْلِي مُعَرفا تَصْرِيح بِأَن (أل) فِيهِ للتعريف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نعلم فِي ذَلِك خلافًا إِلَّا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب (الْكَافِي) من أَنَّهَا زَائِدَة كَمَا فِي الَّذِي وَالَّتِي وَنَحْوهمَا لِأَن التَّعْرِيف فِي هَذِه الْأَشْيَاء بِغَيْر أل فَلَا وَجه إِلَّا ادِّعَاء زيادتها إِذْ لَا يجْتَمع على الِاسْم تعريفان قَالَ وَهُوَ فِي حَالَة التَّنْوِين معرفَة لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا (وَقَالَ الزّجاج) إِعْمَال (الْمنون أقوى) من الْمُضَاف لِأَن مَا شبه بِهِ نكرَة فَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون نكرَة ورد بِأَن إعماله لَيْسَ للشبه بل بالنيابة عَن حرف مصدري وَالْفِعْل والمنوب عَنهُ فِي رُتْبَة الْمُضمر (و) قَالَ (ابْن عُصْفُور) إِعْمَال (الْمُعَرّف) أقوى من إِعْمَال الْمُضَاف فِي الْقيَاس (وَقيل الْمُضَاف والمنون) فِي الإعمال (سَوَاء) قَالَ أَبُو حَيَّان وَترك إِعْمَال الْمُضَاف وَذي أل عِنْدِي هُوَ الْقيَاس لِأَنَّهُ قد دخله خَاصَّة من خَواص الِاسْم فَكَانَ قِيَاسه أَلا يعْمل فَكَذَلِك الْمنون لِأَن الأَصْل فِي الْأَسْمَاء أَلا تعْمل فَإِذا تعلق اسْم باسم فَالْأَصْل الْجَرّ بِالْإِضَافَة (ويضاف للْفَاعِل مُطلقًا) أَي مَذْكُورا مَفْعُوله ومحذوفا كَقَوْلِه: {كَذِكرِكُمءَاباءَكُم} [الْبَقَرَة: 200] وَقَوله: {يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} [الرّوم: 4، 5] (و) يُضَاف (للْمَفْعُول فيحذف) الْفَاعِل كَقَوْلِه: {لاَّ يَسئَمُ الإنسَانُ مِن دُعَاءِ الخَيرِ} [فصلت: 49] أَي دُعَائِهِ الْخَيْر وَبِذَلِك يُفَارق الْفِعْل لِأَن الْمُوجب للْمَنْع فِيهِ تَنْزِيله إِذا كَانَ ضميرا مُتَّصِلا كالجزء مِنْهُ بِدَلِيل تسكين آخِره وللفصل بِهِ بَين الْفِعْل وَإِعْرَابه فِي يفْعَلَانِ وَحذف الْجُزْء من الْكَلِمَة لَا يجوز بِقِيَاس وَحمل عَلَيْهِ الْمُنْفَصِل وَالظَّاهِر والمصدر لَا يتَّصل بِهِ ضمير فَاعل فَلم تكن نِسْبَة فَاعله مِنْهُ نِسْبَة

(3/61)


الْجُزْء من الْكَلِمَة (وَقَالَ الكوفية) لَا يحذف بل (يضمر) فِي الْمصدر كَمَا يضمر فِي الصِّفَات والظرف (و) قَالَ أَبُو الْقَاسِم خلف بن فرتون (ابْن الأبرش ينوى) إِلَى حَيْثُ الْمصدر قَالَ وَلَا يجوز أَن يُقَال إِنَّه مَحْذُوف لِأَن الْفَاعِل لَا يحذف وَلَا يضمر لِأَن الْمصدر لَا يضمر فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة اسْم الْجِنْس (وَيجوز إبقاؤه) أَي الْفَاعِل مَعَ الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول (فِي الْأَصَح) نَحْو قَوْله تَعَالَى: فِي قِرَاءَة يحيى بن الْحَارِث الذمارِي عَن ابْن عَامر: {ذكر رَحْمَة رَبك عَبده زَكَرِيَّا} [مَرْيَم: 2] وَقَوله
:
(وَحج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) وَقَول الشَّاعِر:

(3/62)


1469 -
(قَرْعُ القواقيز أفواهُ الأباريق ... )
وَقيل لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر

(3/63)


(و) يُضَاف (لظرف فَيعْمل فِيمَا بعده رفعا ونصبا) كالمنون نَحْو عرفت انْتِظَار يَوْم الْجُمُعَة زيد عمرا قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن منع من ذكر الْفَاعِل والمصدر منون منع هَذِه الْمَسْأَلَة (ويؤول الْمنون بالمبني للْمَفْعُول فيرفع) مَا بعده على النِّيَابَة عَن الْفَاعِل نَحْو عجبت من ضرب زيد وَقَالَ الْأَخْفَش لَا يجوز ذَلِك بل يتَعَيَّن النصب أَو الرّفْع على الفاعلية وَاخْتَارَهُ الشلوبين (وَثَالِثهَا) قَالَ أَبُو حَيَّان يجوز (إِن لزمَه) أَي الْبناء للْمَفْعُول (فعله) أَي فعل ذَلِك الْمصدر نَحْو عجبت من جُنُون بِالْعلمِ زيد بِخِلَاف مَا لَيْسَ كَذَلِك (ويحذف مَعَه) أَي بالمنون (الْفَاعِل وأوجبه الْفراء) فَقَالَ لَا يجوز ذكر الْفَاعِل مَعَ الْمصدر الْمنون أَلْبَتَّة لِأَنَّهُ لم يسمع (فالأقوال الثَّلَاثَة) السَّابِقَة فِيهِ أهوَ مَحْذُوف أم مُضْمر أم منوي تَأتي هُنَا (وَرَابِعهَا) قَالَه السيرافي (لَا يقدر) الْفَاعِل هُنَا (أَلْبَتَّة) بل ينْتَصب الْمَفْعُول بِالْمَصْدَرِ كَمَا ينْتَصب التَّمْيِيز فِي عشْرين درهما من غير تَقْدِير فَاعل ورد بِأَنَّهُ إِن قَالَ إِن الْفَاعِل غير مُرَاد فَبَاطِل بِالضَّرُورَةِ إِذْ لَا بُد للإطعام مثلا فِي قَوْله أَو إطْعَام من مطعم من جِهَة الْمَعْنى وَإِن قَالَ إِنَّه مُرَاد فقد أقرّ بِأَن الْمصدر يَقْتَضِيهِ كَمَا يَقْتَضِي الْفِعْل بِخِلَاف عشْرين درهما فَيلْزمهُ تَقْدِيره وَإِن لم يَصح إضماره مَسْأَلَة (يذكر) بعد الْمصدر (الْبَدَل من فعله معموله) نَحْو ضربا زيدا وسقيا زيدا (وعامله) الناصب لَهُ (الْمصدر) عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لِأَنَّهُ صَار بَدَلا من الْفِعْل فورث الْعَمَل الَّذِي كَانَ لَهُ وَصَارَ الْفِعْل نسيا منسيا (وَقيل) عَامله الْفِعْل (الْمَحْذُوف) الناصب للمصدر (فَعَلَيهِ) أَي على هَذَا القَوْل (يجوز تَقْدِيمه) أَي الْمَعْمُول على الْمصدر نَحْو زيد ضربا (وَكَذَا) يجوز التَّقْدِيم (على) القَوْل (الأول) أَيْضا (فِي الْأَصَح) لِأَنَّهُ نَاب عَن فعله فَهُوَ أقوى مِنْهُ إِذْ كَانَ غير نَائِب وَلِأَنَّهُ غير مُقَدّر بِحرف مصدري حَتَّى يشبه

(3/64)


الْمَوْصُول فِي الِامْتِنَاع وَقيل لَا يجوز التَّقْدِيم على القَوْل بِأَنَّهُ الْعَامِل قِيَاسا على الْمصدر السَّابِق قَالَ أَبُو حَيَّان والأحوط أَلا يقدم على التَّقْدِيم إِلَّا بِسَمَاع (وَفِي تحمله) أَي هَذَا الْمصدر (الضَّمِير خلف) صحّح ابْن مَالك أَنه يتَحَمَّل كاسم الْفَاعِل وَقَالَ ...

(3/65)


اسْم الْمصدر
مَسْأَلَة (يعْمل كمصدر اسْمه) أَي اسْم الْمصدر (الميمي لَا الْعلم بِإِجْمَاع) فيهمَا أما الأول فَلِأَنَّهُ مصدر فِي الْحَقِيقَة كَقَوْلِه: 1470 -
(أظلوم إِن مُصابكم رَجُلاً ... أهْدى السّلام تحيّة ظُلْم)
فمصابكم مصدر بِمَعْنى إصابتكم وَأما الثَّانِي وَهُوَ مَا دلّ على الْمصدر دلَالَة مغنية عَن أل لتضمن الْإِشَارَة إِلَى حَقِيقَته كيسار وبرة وفجار فَلِأَنَّهَا خَالَفت المصادر الْأَصْلِيَّة بِكَوْنِهَا لَا يقْصد بهَا الشياع وَلَا تُضَاف وَلَا تُوصَف وَلَا تقع موقع الْفِعْل وَلَا موقع مَا يُوصل بِهِ وَلَا تقبل أل وَلذَلِك لم تقم مقَامهَا فِي توكيد الْفِعْل وتبيين نَوعه أَو مراته (وَأما) اسْم الْمصدر (الْمَأْخُوذ من حدث لغيره) كالثواب وَالْكَلَام وَالعطَاء أخذت من مواد الْأَحْدَاث وَوضعت لما يُثَاب بِهِ وللجملة من القَوْل وَلما يعْطى (فَمَنعه) أَي إعماله (البصرية) إِلَّا فِي الضَّرُورَة (وَجوزهُ) قِيَاسا (أهل الْكُوفَة وبغداد) إِلْحَاقًا لَهُ بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِه: 1471 -
(وَبعد عَطائِك المائَة الرّتاعا ... )
وَقَوله: 1472 -
(فَإِن ثوَاب اللهِ كُلَّ مُوحِّدٍ ... )

(3/66)


وَقَوله: 1473 -
(فَإِن كَلَامهَا شِفاء لما بيا ... )
(قَالَ الْكسَائي) إِمَام أهل الْكُوفَة إِلَّا ثَلَاثَة أَلْفَاظ (الْخبز والدهن والقوت) فَإِنَّهَا لَا تعْمل فَلَا يُقَال عجبت من خبزك الْخبز وَلَا من دهنك رَأسك وَلَا من قوتك عِيَالك وَأَجَازَ ذَلِك الْفراء وَحكى عَن الْعَرَب مثل أعجبني دهن زيد لحيته قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي أذهب إِلَيْهِ فِي المسموع من هَذَا النَّوْع أَن الْمَنْصُوب فِيهِ بمضمر يفسره مَا قبله وَلَيْسَ باسم الْمصدر وَلَا جرى مجْرى الْمصدر فِي الْعَمَل لَا فِي ضَرُورَة وَلَا فِي غَيرهَا

(3/67)


اسْم الْفَاعِل
أَي هَذَا مَبْحَث إعماله وَذكر مَعَه أَمْثِلَة الْمُبَالغَة وَاسم الْمَفْعُول (هُوَ مَا دلّ على حدث وَصَاحبه) فَمَا دلّ جنس وَقَوله على حدث يخرج الجامد وَالصّفة المشبهة وأفعل التَّفْضِيل وَصَاحبه يخرج الْمصدر وَاسم الْمَفْعُول (وَيعْمل عمل فعله مُفردا أَو غَيره) أَي مثنى ومجموعا جمع سَلامَة وَجمع تكسير (وَمنع قوم) عمل (المكسر و) منع (سِيبَوَيْهٍ) والخليل إِعْمَال (الْمثنى وَالْجمع) الصَّحِيح (الْمسند الظَّاهِر) لِأَنَّهُ فِي مَوضِع يفرد فِيهِ الْفِعْل فخالفه فَلَا يُقَال مَرَرْت بِرَجُل ضاربين غلمانه زيدا وَأَجَازَ الْمبرد إعماله لِأَن لحاقه حِينَئِذٍ بِالْفِعْلِ قوي من حَيْثُ لحقه مَا يلْحقهُ (وَقيل) لَا ينصب اسْم الْفَاعِل أصلا بل (الناصب فعل مُقَدّر مِنْهُ) لِأَن الِاسْم لَا يعْمل فِي الِاسْم حَكَاهُ ابْن مَالك فِي التسهيل وَبِه يرد على ابْنه فِي دَعْوَاهُ نفي الْخلاف فِي عمله (وَشرط البصرية) لإعماله (اعْتِمَاده على) أَدَاة (نفي) صَرِيح نَحْو مَا ضَارب زيد عمرا أَو مؤول نَحْو غير مضيع نَفسه عَاقل (أَو) أَدَاة (اسْتِفْهَام) اسْما أَو حرفا ظَاهرا أَو مُقَدرا كَقَوْلِه: 1474 -
(أناوٍ رجالُك قتل امْرِئ ... )
(أَو) على (مَوْصُوف) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل ضَارب عمرا وَلَو تَقْديرا هُوَ رَاجع

(3/68)


للاستفهام والموصوف مَعًا كَقَوْلِه: 1475 -
(لَيْت شِعْري مُقِيمٌ العُذْر قومِي ... ليَ أم هُمْ فِي الحُبّ لِي عاذِلونا)
أَي أمقيم وَقَوله: 1476 -
(وَمَا كُل مُؤْتٍ نُصْحَه بلبيبِ ... )
أَي رجل مؤت (أَو مَوْصُول) وَذَلِكَ إِذا وَقع صلَة أل (أَو) على (ذِي خبر) نَحْو هَذَا ضَارب زيدا وَكَانَ زيد ضَارِبًا عمرا وَإِن زيدا ضَارب عمرا وظننت زيدا ضَارِبًا عمرا (أَو) على ذِي (حَال) نَحْو جَاءَ زيد رَاكِبًا فرسه (قيل أَو) على (إِن) نَحْو إِن قَائِما زيد فقائما اسْم إِن وَزيد الْخَبَر وَلم يشْتَرط الْكُوفِيُّونَ وَوَافَقَهُمْ الْأَخْفَش الِاعْتِمَاد على شَيْء من ذَلِك فأجازوا إعماله مُطلقًا نَحْو ضَارب زيدا عندنَا (و) شَرط البصرية (كَونه مكبرا) فَلَا يجوز هَذَا ضويرب زيدا لعدم وُرُوده ولدخول مَا هُوَ من خَواص الِاسْم عَلَيْهِ فَبعد عَن شبه الْمُضَارع بتغيير بنيته الَّتِي هِيَ عُمْدَة الشّبَه وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا الْفراء وَوَافَقَهُمْ النّحاس يعْمل مُصَغرًا بِنَاء على مَذْهَبهم

(3/69)


أَن الْمُعْتَبر شبه للْفِعْل فِي الْمَعْنى لَا الصُّورَة قَالَ ابْن مَالك فِي التُّحْفَة هُوَ قوي بِدَلِيل إعماله محولا للْمُبَالَغَة اعْتِبَارا بِالْمَعْنَى دون الصُّورَة وقاسه النّحاس على التكسير (وَثَالِثهَا يعْمل) المصغر (الملازم التصغير) الَّذِي لم يلفظ بِهِ مكبرا كَقَوْلِه: 1477 -
(فَمَا طَعْمُ رَاح فِي الزّجاج مُدَامة ... تَرقْرقُ فِي الْأَيْدِي كميتٍ عَصيرُها)
فِي رِوَايَة جر كميت (أما الْمَاضِي فَالْأَصَحّ يرفع فَقَط) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل قَائِم أَبوهُ أَو ضَارب أَبوهُ أمس وَلَا ينصب لِأَنَّهُ لَا يشبه الْمُضَارع إِلَّا إِذا كَانَ بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَقَالَ الْكسَائي وَهِشَام وَوَافَقَهُمَا قوم ينصب أَيْضا اعْتِبَارا بالشبه معنى وَإِن زَالَ الشّبَه لفظا وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى: {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد} [الْكَهْف: 18] وتأوله الْأَولونَ على حِكَايَة الْحَال (وَمنع قوم رَفعه الظَّاهِر وَقوم) رَفعه (الْمُضمر) أَيْضا قَالَه ابْن طَاهِر وَابْن خروف وَهُوَ يرد دَعْوَى ابْن عُصْفُور الِاتِّفَاق على أَنه يرفعهُ ويتحمله (و) قَالَ (قوم يعْمل) النصب (إِن تعدى لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة) نَحْو هَذَا معطي زيدا درهما أمس لِأَنَّهُ قوي شبهه بِالْفِعْلِ هُنَا من حَيْثُ طلبه مَا بعده وَغير صَالح للإضافة إِلَيْهِ لاستثنائه بِالْإِضَافَة إِلَى الأول وَالْأَكْثَرُونَ قَالُوا هُوَ مَنْصُوب بِفعل مُضْمر قَالَ ابْن مَالك وَيَردهُ أَن الأَصْل عَدمه (فَإِن كَانَ) اسْم الْفَاعِل (صلَة أل فالجمهور) أَنه (يعْمل مُطلقًا) مَاضِيا وَحَالا ومستقبلا لِأَن عمله حِينَئِذٍ بالنيابة فنابت (أل) عَن الَّذِي وفروعه وناب اسْم الْفَاعِل عَن الْفَاعِل الْمَاضِي فَقَامَ تَأَوَّلَه بِالْفِعْلِ مَعَ تَأَول أل بِالَّذِي مقَام مَا فَاتَهُ من

(3/70)


الشّبَه اللَّفْظِيّ كَمَا قَامَ لُزُوم التَّأْنِيث بِالْألف وَعدم النظير فِي الْجمع مقَام السَّبَب الثَّانِي فِي منع الصّرْف ومثاله مَاضِيا قَوْله: 1478 -
(وَالله لَا يذهب شَيْخِي بَاطِلا ... حَتَّى أُبير مالِكاً وكَاهِلا)

(القاتِلينَ الملِكَ الحُلاحِلا ... )
قَالَ الْأَخْفَش: وَلَا يعْمل بِحَال وأل فِيهِ معرفَة كهي فِي الرجل لَا مَوْصُولَة وَالنّصب بعده على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ (وَثَالِثهَا) قَالَه الرماني وَجَمَاعَة يعْمل (مَاضِيا فَقَط) لَا حَالا وَلَا مُسْتَقْبلا ورد بِأَن الْعَمَل حِينَئِذٍ أولى وَمن وُرُوده حَالا قَوْله تَعَالَى: {والحافظين فروجهم والحافظات} [الْأَحْزَاب: 35] وَقَالَ الشَّاعِر: 1479 -
(إِذا كُنت مَعْنِّياً بمجد وسُؤدَدٍ ... فَلَا تَكُ إِلَّا المُجِْمَلَ القوْلَ والفِعْلا)
(ويضاف لمفعوله) جَوَازًا نَحْو: {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} [الْمَائِدَة: 95] {إِنَّك جَامع النَّاس} [آل عمرَان: 9] {غير محلي الصَّيْد} [الْمَائِدَة: 1] قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ أَن النصب أولى من الْجَرّ وَقَالَ الْكسَائي هما سَوَاء وَيظْهر لي أَن الْجَرّ أولى لِأَن الأَصْل فِي الْأَسْمَاء إِذا تعلق أَحدهمَا بِالْآخرِ الْإِضَافَة وَالْعَمَل إِنَّمَا هُوَ بِجِهَة الشبة للمضارع فالحمل على الأَصْل أولى (وَتجب) الْإِضَافَة (إِن كَانَ مَاضِيا) نَحْو ضَارب زيد أمس إِذْ لَا يجوز النصب كَمَا تقدم (أَو) كَانَ (الْمَفْعُول ضميرا) مُتَّصِلا بِهِ نَحْو زيد مكرمك (وَقيل) وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَهِشَام مَحَله نصب وَزَالَ التَّنْوِين أَو النُّون فِي مكرماك

(3/71)


ومكرموك للطافة الضَّمِير لَا للإضافة قَالَا لِأَن مُوجب النصب المفعولية وَهِي مُحَققَة وَمُوجب الْجَرّ الْإِضَافَة وَلَيْسَت مُحَققَة إِذْ لَا دَلِيل عَلَيْهَا إِلَّا الْحَذف الْمَذْكُور وَلم يتَعَيَّن سَببا لَهُ ورد بِالْقِيَاسِ على الظَّاهِر فَإِنَّهُ لَا يحذف التَّنْوِين فِيهِ إِلَّا للإضافة وَيتَعَيَّن النصب لفقد شَرط الْإِضَافَة بِأَن كَانَ فِي اسْم الْفَاعِل (أل) وخلا مِنْهَا الظَّاهِر والمضاف إِلَيْهِ ومرجع الضَّمِير وَيجوز تَقْدِيم معموله أَي اسْم الْفَاعِل عَلَيْهِ نَحْو هَذَا زيدا ضَارب لَا إِن جر بِغَيْر حرف زَائِد من إِضَافَة أَو حرف فَلَا يُقَال هَذَا زيدا غُلَام قَاتل وَلَا مَرَرْت زيدا بضارب بِخِلَاف مَا جر بِالزَّائِدِ فَيجوز التَّقْدِيم عَلَيْهِ نَحْو لَيْسَ زيد عمرا بضارب قيل أَو جر بِهِ أَي زَائِد أَيْضا فَلَا يقدم كَغَيْرِهِ وَجوزهُ قوم إِن أضيف إِلَيْهِ (حق) أَو (غير) أَو (جد) فأجازوا هَذَا زيدا غير ضَارب وَكَذَا الْآخرَانِ وَقد تقدم ذَلِك فِي مَبْحَث الْإِضَافَة (و) يجوز تَقْدِيم معموله (على متبدئه) الَّذِي هُوَ خير عَنهُ نَحْو زيدا هَذَا ضَارب وَقيل لَا يجوز إِن كَانَ اسْم الْفَاعِل خبر مُبْتَدأ سببي أَي من سَبَب الْمُبْتَدَأ نَحْو زيد أَبوهُ ضَارب عمرا أَو كَانَ الْمَعْمُول لسببه نَحْو زيد ضَارب أَبوهُ عمرا وَأَجَازَ ذَلِك البصريون وَوَافَقَهُمْ الْكسَائي فِي الْأَخِيرَة لَا تَقْدِيم صفته أَي اسْم الْفَاعِل عَلَيْهِ أَي الْمَعْمُول (و) لَا تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ وعَلى صفته مَعًا فَلَا يُقَال هَذَا ضَارب عَاقل زيدا وَلَا هَذَا زيدا ضَارب أَي ضَارب خلافًا للكسائي فِي إِجَازَته التَّقْدِيم فِي الصُّورَتَيْنِ وَيجوز وفَاقا تَأْخِير الْوَصْف عَن الْمَعْمُول نَحْو هَذَا ضَارب زيدا عَاقل وَالْفرق أَنه إِذا وصف قبل أَن يَأْخُذ معموله زَالَ شبهه للْفِعْل بِالْوَصْفِ الَّذِي هُوَ من خَواص الْأَسْمَاء بِخِلَاف مَا إِذا تَأَخّر الْوَصْف لِأَن صفته تحصل بعد تَمام عمله وَمن الْوَارِد فِي ذَلِك قَوْله:

(3/72)


1480 -
(وتَخْرُجْن من جَعْد ثَراهُ مُنَصّبِ ... )

(3/73)


3 - صِيغ الْمُبَالغَة
مَسْأَلَة (يعْمل بِشَرْطِهِ وفَاقا وَخِلَافًا مَا حول مِنْهُ للْمُبَالَغَة إِلَى فعال ومفعول ومفعال وفعيل وَفعل) قَالَ: 1481 -
(أَخا الحرْب لبّاساً إِلَيْهَا جلالَها
( ... وَسمع أما الْعَسَل فَأَنا شراب وَقَالَ: 1482 -
(ضَروبٌ بنَصْل السّيفِ سُوقَ ... )
وَسمع إِنَّه لمنحار بوائكها و (إِن الله سميع دُعَاء من دَعَاهُ) وَقَالَ: 1483 -
(أَتَانِي أَنهم مزقون عِرْضى ... )

(3/74)


ولدلالتها على الْمُبَالغَة لم تسْتَعْمل إِلَّا حَيْثُ يُمكن الْكَثْرَة فَلَا يُقَال موَات وَلَا قتال زيدا بِخِلَاف قتال النَّاس أما إِذا لم تدل عَلَيْهَا فَلَا تعْمل كَأَن كَانَت للنسب كنجار وَطعم أَو كَانَ بِنَاء الْوَصْف عَلَيْهَا ككريم وَفَرح (وَأنكر الكوفية الْكل) أَي إِعْمَال الْخَمْسَة لِأَنَّهَا زَادَت على معنى الْفِعْل بالمبالغة إِذْ لَا مُبَالغَة فِي أفعالها ولزوال الشّبَه الصُّورِي أَيْضا فَمَا ورد بعْدهَا مَنْصُوبًا فبإضمار فعل يفسره الْمِثَال (و) أنكر (أَكثر الْبَصرِيين الْأَخيرينِ) أَي فعيل وَفعل لقلتهما (و) أنكر (الْجرْمِي فعل دون فعيل) لِأَنَّهُ أقل ورودا حَتَّى إِنَّه لم يسمع إعماله فِي نثر (وَقَالَ أَبُو عَمْرو يعْمل) فعل (بِضعْف) (و) قَالَ (أَبُو حَيَّان لَا يتَعَدَّى فيهمَا السماع) بل يقْتَصر عَلَيْهِ بِخِلَاف الثَّلَاثَة الْأُخَر فيقاس فِيهَا وَقد سقتها فِي الْمَتْن على ترتيبها فِي الْعَمَل فأكثرها فعال ثمَّ فعول ومفعال ثمَّ فعيل ثمَّ فعل وَادّعى ابْن طَلْحَة تفاوتها فِي الْمُبَالغَة أَيْضا ف (فعول) لمن كثر مِنْهُ الْفِعْل و (فعال) لمن صَار لَهُ كالصناعة و (معفال) لمن صَار لَهُ كالآلة و (فعيل) لمن صَار لَهُ كالطبيعة و (فعل) لمن صَار لَهُ كالعادة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يتَعَرَّض لذَلِك المتقدمون

(3/75)


(وأعمل ابْن ولاد وَابْن خروف فعيلا) بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد فأجازوا زيد شريب الْخمر وطبيخ الطَّعَام قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد سمع إِضَافَة شريب إِلَى معموله فِي قَوْله: 1484 -
(لَا تَنْفُري يَا ناقُ مِنْهُ فإنّهُ ... شِرِّيبُ خَمْر مِسْعرٌ لحروب)
فعلى هَذَا لَا يبعد عمله نصبا وَفهم من مُسَاوَاة الْأَمْثِلَة لاسم الْفَاعِل جَوَاز إعمالها غير مُفْردَة كَقَوْلِه: 1485 -
(ثمَّ زادوا أنّهم فِي قَوْمِهم ... غُفُرٌ ذَنْبُهُم غَيْرُ فُخُرْ)
وَقَوله: 1486 -
(خَوارجَ ترّاكين قَصْدَ المخارج ... )
وَقَوله: 1487 -
(شُمٍّ مهَاوينَ أبْدانَ الجُزور مخاميص ... العَشِيّاتِ لاخُور وَلَا قَزَم)

(3/76)


وَذهب ابْن طَاهِر وَابْن خروف إِلَى جَوَاز إعمالها مَاضِيَة وَإِن عريت من أل وَإِن لم يَقُولَا بذلك فِي اسْم الْفَاعِل لما فِيهَا من الْمُبَالغَة وَلم أحتج إِلَى ذكره لِأَنَّهُ رَأْي محكي فِي اسْم الْفَاعِل فَدخل فِي التَّشْبِيه

(3/77)


اسْم الْمَفْعُول
مَسْأَلَة (كَهُوَ أَيْضا) فِي الْعَمَل والشروط وَالْأَحْكَام وفَاقا وَخِلَافًا (اسْم الْمَفْعُول فيرفع مَرْفُوع فعله) أَي الْمَفْعُول لِأَن فعله لما لم يسم فَاعله قَالَ: 1488 -
(وَنحن تَركْنا تَغْلِب ابْنَةَ وَائِل ... كمضرُوبَةٍ رجْلاَهُ مُنْقَطع الظّهْر)
(وَتجوز إِضَافَته) أَي اسْم الْمَفْعُول (إِلَيْهِ) أَي إِلَى مرفوعه (دونه) أَي اسْم الْفَاعِل فَإِنَّهُ لَا يجوز فِيهِ ذَلِك نَحْو زيد مَضْرُوب الظّهْر قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَن الْإِضَافَة فِي مثل ذَلِك من نصب لَا من رفع وَأَصله (مَضْرُوب الظّهْر) وَقَالَ شَيْخه الشاطبي لم يذكر هَذَا الحكم غير ابْن مَالك واعتنى بِذكرِهِ فِي سَائِر كتبه وَقَيده فِي الألفية بالقلة وَلم يُقَيِّدهُ بهَا فِي التسهيل وَالْأول أحسن قَالَ ثمَّ إِنَّمَا يجوز بِشَرْطَيْنِ أَن يكون اسْم الْمَفْعُول من مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِد فَلَا يجوز من لَازم وَلَا من مُتَعَدٍّ إِلَى أَكثر وَأَن يقْصد ثُبُوت الْوَصْف ويتناسى فِيهِ الْحُدُوث ثمَّ كَمَا تجوز الْإِضَافَة يجوز النصب على التَّشْبِيه بالمفعول أَو التَّمْيِيز نَحْو هَذَا مَضْرُوب الْأَب أَو أَبَا وَهُوَ أقل من الْإِضَافَة (وَلَا يعْمل) كعمل اسْم الْمَفْعُول (مَا جَاءَ بِمَعْنَاهُ) من فعل وَفعل وفعيل (كذبح وَقبض وقتيل) فَلَا يُقَال مَرَرْت بِرَجُل كحيل عينه وَلَا قَتِيل أَبوهُ (خلافًا لِابْنِ عُصْفُور) حَيْثُ أجَاز ذَلِك قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج فِي منع ذَلِك وإجازته إِلَى نقل صَحِيح عَن الْعَرَب

(3/78)


الصّفة المشبهة
مَسْأَلَة (كَهُوَ) أَيْضا (الصّفة المشبهة بِهِ عملا لَكِن) تخَالف فِي أَنَّهَا (لَا تعْمل مضمرة وَلَا فِي أَجْنَبِي) بل فِي سببي (وَلَا فِي سَابق) عَلَيْهَا بل فِي مُتَأَخّر عَنْهَا (وَلَا) فِي (مفصول) بَينهَا وَبَينه بل فِي مُتَّصِل بهَا قَالَ الْخفاف فِي شَرحه لم يفصلوا بَين الصّفة المشبهة ومعمولها فيقولوا كريم فِيهَا حسب الْآبَاء إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَمَا قَالَ: 1489 -
(والطِّيبون إِذا مَا يُنْسَبُون أَبَا ... )
(وَلَا مرَادا بهَا غير الْحَال) وَاسم الْفَاعِل يعْمل مضمرا نَحْو أَنا زيدا ضاربه تَقْدِيره أَنا ضَارب زيدا ضاربه كَمَا يعْمل مظْهرا وَفِي أَجْنَبِي كَمَا يعْمل فِي سببي وَفِي مُتَقَدم عَلَيْهِ كَمَا يعْمل فِي مُتَأَخّر عَنهُ وَفِي مفصول كَمَا يعْمل فِي مُتَّصِل ومرادا بِهِ الِاسْتِقْبَال كَمَا يعْمل فِي مُرَاد بِهِ الْحَال وَقَوْلِي (فِي الْأَصَح فيهمَا) رَاجع إِلَى الْأَخيرينِ قَالَ أَبُو حَيَّان ذكر صَاحب الْبَسِيط أَنه يجوز الْفَصْل بَين هَذِه الصّفة وَبَين معمولها إِذا كَانَ مَرْفُوعا أَو مَنْصُوبًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب} [ص: 50] قَالَ وَلم يتَعَرَّض ابْن مَالك فِي التسهيل لزمان هَذِه الصّفة وَذكر ذَلِك فِي أرجوزته فَقَالَ:
(وصَوْغُها من لَازم لحاضِر ... )

(3/79)


وَفِي الْمَسْأَلَة خلاف ذهب أَكثر النَّحْوِيين إِلَى أَنه لَا يشْتَرط أَن تكون بِمَعْنى الْحَال وَذهب أَبُو بكر بن طَاهِر إِلَى أَنَّهَا تكون للأزمنة الثَّلَاثَة وَأَجَازَ أَن تَقول مَرَرْت بِرَجُل حَاضر الابْن غَدا فَيكون بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل وَذهب السيرافي إِلَى أَنَّهَا أبدا بِمَعْنى الْمَاضِي وَهُوَ ظَاهر كَلَام الْأَخْفَش قَالَ وَالصّفة لَا يجوز تشبيهها إِلَّا إِذا سَاغَ أَن يَبْنِي مِنْهَا قد فعل وَذهب ابْن السراج والفارسي إِلَى أَنَّهَا لَا تكون بِمَعْنى الْمَاضِي وَهُوَ اخْتِيَار الشلوبين قَالَ وساء رفعت أَو نصبت لِأَنَّك إِذا قلت مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه فَحسن الْوَجْه ثَابت فِي الْحَال لَا تُرِيدُ مضيا وَلَا اسْتِقْبَالًا لِأَنَّهَا لما شبهت باسم الْفَاعِل لم تقو قوته فِي عَملهَا فِي الزمانين وَقد جمع بعض أَصْحَابنَا بَين قَول السيرافي وَقَول ابْن السراج بِأَن قَالَ لَا يُرِيد السيرافي بقوله إِنَّهَا للماضي أَن الصّفة انْقَطَعت وَإِنَّمَا يُرِيد أَنَّهَا تثبتت قبل الْإِخْبَار عَنْهَا ودامت إِلَى وَقت الْإِخْبَار وَلَا يُرِيد ابْن السراج أَنَّهَا إِنَّمَا وجدت وَقت الْإِخْبَار فَلَا فرق بَين الْقَوْلَيْنِ على هَذَا وَفِي الْبَسِيط قَالَ بَعضهم الصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل تُفَارِقهُ فِي أَنَّهَا لَا تُوجد إِلَّا حَالا وَتقدم أَن ذَلِك لَيْسَ على جِهَة الشَّرْط بل إِن وَضعهَا كَذَلِك لكَونهَا صفة دَالَّة على الثُّبُوت والثبوت من ضَرُورَته الْحَال وَأما على جِهَة الشَّرْط فَتكون حِينَئِذٍ يَصح تَأْوِيلهَا بِالزَّمَانِ وَلَا يشْتَرط إِلَّا الْحَاضِر لِأَنَّهُ الْمُنَاسب انْتهى (ثمَّ هِيَ إِمَّا صَالِحَة للمذكر والمؤنث مُطلقًا) أَي لفظا وَمعنى كحسن وقبيح (أَو لفظا لَا معنى) كحائض وَخصي لَفْظهمَا من حَيْثُ الْوَزْن بفاعل وفعيل صَالح للمذكر والمؤنث وَلَكِن معنى الْحيض مُخْتَصّ بالمؤنث وَمعنى الخصاء مُخْتَصّ بالمذكر (أَو عَكسه) أَي معنى لَا لفظا ككبر الألية فَإِنَّهُ معنى مُشْتَرك فِيهِ لَكِن خص الْمُذكر بِلَفْظ آلى والمؤنث بِلَفْظ عجزاء

(3/80)


(أَو لَا) تصلح لَهما بل تخْتَص بِأَحَدِهِمَا كآدر وأكمر لَفْظهمَا ومعناهما خَاص بالمذكر ورتقاء وعفلاء لَفْظهمَا ومعناهما خَاص بالمؤنث (وتجري الأولى على مثلهَا وضدها) أَي يجْرِي مذكرها على الْمُذكر والمؤنث ومؤنثها على الْمُؤَنَّث والمذكر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الَّذِي يعبر عَنهُ النحويون بِأَنَّهُ يشبه عُمُوما تَقول مَرَرْت بِرَجُل حسن الْأَب وبرجل حسن الْأُم وبامرأة حَسَنَة الْأُم وبامرأة حَسَنَة الْأَب (دون الْبَاقِي) فَإِنَّهَا إِنَّمَا تجْرِي على مثلهَا فَقَط وَلَا تجْرِي على ضدها (فِي الْأَصَح) تَقول مَرَرْت بِرَجُل خصي الابْن وبامرأة خائص الْبِنْت وبرجل آلى الابْن وبامرأة عجزاء الْبِنْت وبرجل آدر الابْن وبامرأة رتقاء الْبِنْت قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا يعبر عَنهُ النحويون بِأَنَّهُ يشبه خُصُوصا وَأَجَازَ الْكسَائي والأخفش جَرَيَان هَذِه الصّفة على ضدها فِي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة فَتَقول بِرَجُل حَائِض بنته وبامرأة خصي ابْنهَا وبرجل عجزاء بنته وبامرأة آلى ابْنهَا وبرجل رتقاء بنته وبامرأة آدر ابْنهَا هَكَذَا حكى ابْن مَالك الْخلاف فِي الثَّلَاثَة ونازعه أَبُو حَيَّان بِأَن بعض المغاربة نقل الِاتِّفَاق على الْمَنْع فِي قسمَيْنِ مِنْهَا وَأَن الْخلاف خَاص بقسم وَاحِد

(3/81)


وَهِي الصّفة الْمُشْتَركَة من جِهَة الْمَعْنى وَاللَّفْظ مُخْتَصّ (وتعمل مَعَ أل) مقترنة بهَا (ودونها رفعا) على أَن يعرب الْمَرْفُوع بهَا (فَاعِلا) بهَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ والبصريون (أَو بَدَلا) من الضَّمِير المستكن فِيهَا قَالَه الْفَارِسِي (ونصبا) على أَنه يعرب (مشبها بالمفعول) بِهِ فِي الْمعرفَة) (أَو تمييزا) فِي النكرَة (وجرا بِالْإِضَافَة وَفِي مراتبها خلاف فِي مُجَرّد ومقرون بأل ومضاف لَهُ) أَي لمقرون بأل (أَو لمُجَرّد أَو لضمير أَو لمضاف لَهُ) أَي للضمير فَتلك سِتَّة وَثَلَاثُونَ حَاصِلَة من ضرب اثْنَيْنِ وَهِي حالتا اقترانها ب (أل) وَعَدَمه فِي ثَلَاثَة وَهِي وُجُوه عَملهَا الرّفْع وَالنّصب والجر تبلغ سِتَّة ثمَّ ضرب السِّتَّة الْمَذْكُورَة فِي أَحْوَال الْمَعْمُول السِّتَّة وَهِي تجريده واقترانه بأل وإضافته للأربعة الْمشَار إِلَيْهَا فتبلغ مَا ذكر وَهَذِه أمثلتها على التَّرْتِيب رَأَيْت الرجل الْحسن وَجه وَالْحسن وَجها وَالْحسن وَجه وَالْحسن الْوَجْه وَالْحسن الْوَجْه وَالْحسن الْوَجْه وَالْحسن وَجه الْأَب وَالْحسن وَجه الْأَب وَالْحسن وجهِ الْأَب وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجه أَبِيه وَالْحسن وَجه أَبِيه وَالْحسن وَجه أَبِيه وَرَأَيْت رجلا حسنا وَجهه وحسنا وَجها وَحسن وَجه وحسنا الْوَجْه وحسنا الْوَجْه وَحسن الْوَجْه وحسنا وَجه الْأَب وَحسن وَجه الْأَب وَحسن وَجه الْأَب وحسنا وَجه أَب وحسنا وَجه أَب وَحسن وَجه أَب وحسنا وَجه وحسنا وَجهه وَحسن وَجهه وحسنا وَجه أَبِيه وحسنا وَجه أَبِيه وَحسن وَجه أَبِيه ... هَذَا سردها وَلَيْسَت

(3/82)


كلهَا بجائزة على مَا تبين (لَكِن تجب الْإِضَافَة) حَال كَونهَا (مُجَرّدَة) من أل (إِلَى ضمير مُتَّصِل بهَا فِي الْأَصَح) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه جميلَة وَلَا يجوز نصب هَذَا الضَّمِير وَجوزهُ الْفراء فَيُقَال جميل إِيَّاه ورد بِأَنَّهُ لَا يفصل الضَّمِير مَا قدر على اتِّصَاله فَإِن لم تباشره مُتَّصِلَة بِهِ أَو قرنت ب (أل) لم تجب الْإِضَافَة بل يتَعَيَّن النصب بِاتِّفَاق فِي حَالَة الْفَصْل نَحْو قُرَيْش نجباء النَّاس وكرامهموها وعَلى أحد الْقَوْلَيْنِ للنحاة فِي حَالَة الاقتران بأل نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن وَجها الجميلة وَالْقَوْل الثَّانِي أَن الضَّمِير فِي مَوضِع جر فَلَو كَانَت الصّفة غير متصرفة فِي الأَصْل وقرنت ب (أل) نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه الْأَحْمَر فَالضَّمِير فِي مَوضِع نصب عِنْد سِيبَوَيْهٍ وجر عِنْد الْفراء (وتمتنع) الْإِضَافَة حَال كَون الصّفة (مَعَ أل) إِلَى مَعْمُول (عَار مِنْهَا أَو من إِضَافَة لذيها) أَي لذِي أل (أَو) إِلَى (ضمير ذيها) فَلَا يجوز من الْأَمْثِلَة السَّابِقَة الْحسن وَجه وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجه أَبِيه لما تقرر فِي بَاب الْإِضَافَة من أَنه لَا تجوز الصّفة المقترنة ب (أل) إِلَى الْخَالِي من أل وَمن إِضَافَة لما فِيهِ أل وَمِثَال الْمُضَاف إِلَى ضمير مَا فِيهِ أل رَأَيْت الْكَرِيم الْآبَاء الغامر جودهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ نَادِر (وتقبح) الْإِضَافَة حَال كَون الصّفة دون أل (إِلَى مُضَاف لضمير) وَهُوَ مِثَال حسنن وَجهه (ومنعها سِيبَوَيْهٍ اخْتِيَارا) وَخص جَوَازهَا بالشعر كَقَوْل الشماخ: 1490 -
(أمِنْ دِمْنَتْين عرَّج الركْبُ فيهمَا ... بحَقْل الرُّخامي قد عَفا طَللاهُما)

(أَقَامَت على رَبْعيْهما جارَتا صفا ... كميْتا الأعالي جَوْنَتا مُصْطَلاهما)

(3/83)


(و) منعهَا (الْمبرد مُطلقًا) فِي الشّعْر وَغَيره وَتَأَول الْبَيْت الْمَذْكُور على أَنَّهُمَا من قَوْله مصطللاهما عَائِد على الأعالي لِأَنَّهَا مثناة فِي الْمَعْنى قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيّين جَائِز فِي الْكَلَام كُله وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن مثله قد ورد فِي حَدِيث أم زرع: (صفر وشاحها) وَفِي حَدِيث الدَّجَّال (أَعور عينه الْيُمْنَى) وَفِي وصف النَّبِي
: (شثن أَصَابِعه) قَالَ وَمَعَ هَذَا فِي جَوَازه ضعف وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان (وَكَذَا) يقتح (رَفعهَا مُطلقًا) أَي مَعَ أل ومجردة (العاري من الضَّمِير وأل وَالْإِضَافَة

(3/84)


إِلَى أَحدهمَا) وَذَلِكَ مِثَال الْحسن وَجه وَحسن وَجه وَالْحسن وَجه أَب وَحسن وَجه أَب (وَمنع أَكثر البصرية حسن وَجه) وَهُوَ الْمِثَال الثَّانِي من هَذِه الْأَرْبَعَة لخلو الصّفة من ضمير مَذْكُور يعود على الْمَوْصُوف وَاخْتَارَهُ ابْن خروف وَمَا تقدم من جَوَازه بقبح مَذْهَب الْكُوفِيّين وَأَجَازَهُ ابْن مَالك وَمن شواهده قَوْله: 1491 -
(بِثَوْب ودينار وشاةٍ وَدِرْهَم ... فَهَل أَنْت مَرْفوْعٌ بِمَا هَاهنا راسُ)
وَقَوله: 1492 -
(ببُهْمةٍ مُنِيتُ شَهْم قلْبُ ... مُنَجَّذٍ لَا ذِي كَهام يَنْبُو)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول ابْن هِشَام الخضراوي فِي نَحْو هَذَا لَا يجوز الرّفْع فِي قَول أحد إِذْ لَا ضمير فِي السَّبَب وَلَا مَا يسد مسده لَيْسَ بِصَحِيح إِذْ جَوَازه محكي عَن الْكُوفِيّين وَبَعض الْبَصرِيين (وَيتبع معمولها) أَي الصّفة المشبهة بِجَمِيعِ التوابع وتجري على حسب لَفظه لَا مَوْضِعه وَأَجَازَ الْفراء أَن يتبع الْمَجْرُور على مَوْضِعه من الرّفْع كَمَا جَازَ (مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه نَفسه) و (هَذَا قوي الْيَد وَالرجل) بِرَفْع (نَفسه) (وَالرجل) مَعَ جر الْمَعْمُول وَقد صرح سِيبَوَيْهٍ بِمَنْع ذَلِك وَأَنه لم يسمع مِنْهُم فِي هَذَا الْبَاب

(3/85)


وَأما أَن يعْطف على معمولها الْمَجْرُور نصبا فنصبوا على أَنه لَا يجوز لَا يُقَال (هَذَا حسن الْوَجْه وَالْبدن) بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل (وَقيل) يتبع بِكُل التوابع (إِلَّا بِالصّفةِ) قَالَ أَبُو حَيَّان هَكَذَا قَالَ الزّجاج وَزعم أَنه لم يسمع من كَلَامهم فَلَا يجوز (جَاءَنِي زيد الْحسن الْوَجْه الْجَمِيل) قَالَ وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث فِي صفة الدَّجَّال (أَعور عينه الْيُمْنَى) فاليمين صفة لعَينه وعينه مَعْمُول الصّفة فَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي ذَلِك قَالَ وَعلل منع ذَلِك بعض شُيُوخنَا بِأَن مَعْمُول الصّفة محَال أبدا على الأول فَأشبه الْمُضمر لِأَنَّهُ قد علم أَنَّك لَا تَعْنِي من الْوُجُوه إِلَّا وَجه زيد فِي نَحْو مَرَرْت بزيد الْحسن الْوَجْه قَالَ وَحكى لي هَذَا التَّعْلِيل أَيْضا الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس عَن عبد الْمُنعم الإسْكَنْدراني من تلاميذ ابْن بري قَالَ لي وَقد كَانَ ظهر لي مَا يشبه هَذَا وَهِي أَن الصّفة هِيَ فِي الْحَقِيقَة للْوَجْه وَإِن أسندت إِلَى زيد مثلا فقد تبين الْوَجْه بِالصّفةِ فَلَا يحْتَاج إِلَى تَبْيِين قلت لَهُ الصّفة قد تكون لغير التَّبْيِين كالمدح والذم وَغَيرهمَا فَهَلا جَازَ أَن يُوصف بِصِفَات هَذِه الْمعَانِي فَقَالَ أصل الصّفة أَن تَأتي للتبيين ومجيئها لما ذكرت هُوَ بِحَق الْفَرْع وَإِذا امْتنع الأَصْل فأحرى أَن يمْتَنع الْفَرْع وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا امْتنع ذَلِك لِأَنَّهَا ضَعِيفَة فِي الْعَمَل فَلم تقو أَن تعْمل فِي الْمَوْصُوف وَالصّفة مَعًا ويضعف هَذَا بعملها فِي الْمُؤَكّد والتوكيد إِلَّا أَن فرق بَينهمَا بِأَن الْمُؤَكّد والتوكيد كَأَنَّهُمَا شَيْء وَاحِد لِأَن التوكيد لم يدل على معنى زَائِد فِي الْمُؤَكّد

(3/86)


بِخِلَاف الصّفة (وَإِذا كَانَ مَعْنَاهَا) أَي الصّفة المشبهة (لسابقها) أَي للموصوف (رفعت ضَمِيره مُطَابقَة) لَهُ فِي الْإِفْرَاد والتذكير وضدهما نَحْو مَرَرْت بِرَجُل عَاقل وَرجلَيْنِ عاقلين وبامرأة عَاقِلَة (أَو) كَانَ مَعْنَاهَا (لغيره وَلم ترفعه فَكَذَلِك) أَي تطابق الصّفة الْمَوْصُوف قبلهَا نَحْو مَرَرْت برجلَيْن حسنين الغلمان وبامرأة حَسَنَة الْغُلَام وبنساء حسان الغلمان (وَإِلَّا) بِأَن رفعته (فكالفعل) فَلَا يُطَابق إِلَّا على لُغَة أكلوني البراغيث نَحْو مَرَرْت برجلَيْن حسن غلاماهما وبرجال حسن غلمانهم وبامرأة حسن غلامها (وتكسيرها حِينَئِذٍ) أَي حِين رفعت السببي مُسندَة إِلَى جمع (إِن أمكن أولى من الْإِفْرَاد فِي الْأَصَح) سَوَاء كَانَ الْمَوْصُوف جمعا أم مثنى أم مُفردا نَحْو مَرَرْت بِرِجَال حسان غلمانهم وَرجلَيْنِ حسان غلمانهما وبرجل حسان غلمانه هَذَا قَول الْمبرد وَنَصّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي بعض نسخ كِتَابه وَأَجَازَهُ الْجُزُولِيّ وَصَاحب التَّمْهِيد وَبِه جزم ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب بعض شُيُوخنَا إِلَى أَن الْإِفْرَاد أحسن من التكسير قَالَ لِأَن الْعلَّة فِي ذَلِك أَنه قد ينزل منزلَة الْفِعْل إِذا رفع الظَّاهِر وَالْفِعْل لَا يثنى وَلَا يجمع فَانْتفى أَن تكون الصّفة مُفْردَة قَالَ نعم التكسير أَجود من جمع السَّلامَة إِذْ لَا تلْحقهُ عَلامَة جمع فَهُوَ كالمفرد لِأَنَّهُ مُعرب بالحركات مثله بِخِلَاف جمع السَّلامَة وَإِلَّا فالفعل لَا يجمع لَا جمع سَلامَة وَلَا جمع تكسير فَكيف يكون أَحدهمَا أحسن من الْإِفْرَاد قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذكره هُوَ الْقيَاس لكنه ذهل عَن نقل سِيبَوَيْهٍ فِي ذَلِك ثمَّ ذكر أَبُو حَيَّان بعد سطر أَن هَذَا القَوْل هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَاخْتِيَار الشلوبين وَشَيْخه الأبذي

(3/87)


(وَثَالِثهَا إِن تبِعت جمعا) فالتكسير أولى مشاكلة لما قبله وَلما بعده نَحْو مَرَرْت بِرِجَال حسان غلمانهم وَإِن تبِعت مُفردا فالإفراد أولى من التكسير لِأَنَّهُ تكلّف جمع فِي مَوضِع لَا يحْتَاج إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا رفع فقوته قُوَّة الْفِعْل وَطَرِيق الْجمع فِي الْفِعْل مَكْرُوه فَكَذَا فِي الِاسْم نقل ذَلِك أَبُو حَيَّان عَن بعض من عاصره فَإِن لم يُمكن التكسير فَوَاضِح أَنه لَيْسَ إِلَّا الْإِفْرَاد نَحْو مَرَرْت بِرَجُل شراب آباؤه (وأوجبه) أَي جمع التكسير (الكوفية فِيمَا لم يصحح) أَي لم يجمع جمع تَصْحِيح بِالْوَاو وَالنُّون نَحْو مَرَرْت بِرِجَال عور آباؤهم (وَكَذَا) أوجبوا فِيهِ الْمُطَابقَة فِي (التَّثْنِيَة) نَحْو مَرَرْت برجالين أعورين أبواهما وَمنعُوا الْإِفْرَاد فيهمَا بِخِلَاف مَا جمع الجمعين فجوزوا فِيهِ الْإِفْرَاد والتكسير أحسن نَحْو مَرَرْت بِرَجُل كريم أَعْمَامه وكرام أَعْمَامه ويضيف كريمين أَعْمَامه (وَأجْرِي كعملها) فِي رفع السببي ونصبه وجره (اسْم مفعول الْمُتَعَدِّي لوَاحِد وفَاقا) كَقَوْلِه: 1493 -
(فَهَل أَنْت مَرْفوعٌ بِمَا هاهُنا راسُ)
وَقَوله: 1494 -
(لما بَدَت مَجْلُوَّةً وجَنَاتِها ... )
وَقَوله: 1495 -
(تمنّى لِقائي الجَوْنُ مَغْرورَ نَفْسه ... )
قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول السُّهيْلي الْأَصَح يدل على خلاف فِي المسالة وَلَا نعلم

(3/88)


أحدا منعهَا فَلذَلِك قلت وفَاقا (و) أجري كَذَلِك أَيْضا (الجامد المضمن معنى الْمُشْتَقّ) نَحْو (وردنا منهلا عسلا مَاؤُهُ وَعسل المَاء) أَي حلوا وَقَالَ الشَّاعِر: 1496 -
(لأُبْتَ وأنتَ غِرْبالُ الإهابِ ... )
وَقَالَ آخر: 1497 -
(فَراشهُ الحِلْم فرعونُ العذَاب وَإِن ... تَطْلُبْ نداه فكَلْبٌ دونه كَلِبُ)
أَي مثقب وطائش ومهلك (وَمنع أَبُو حَيَّان قِيَاسه وَكَذَا اسْم الْفَاعِل) الْمُتَعَدِّي لوَاحِد (إِن أَمن اللّبْس) نَحْو (زيد ظَالِم العبيد خاذلهم رَاحِم الْأَبْنَاء ناصرهم) إِذا كَانَ لَهُ عبيد ظَالِمُونَ خاذلون وَأَبْنَاء راحمون ناصرون كَذَا (هَذَا ضَارب الْأَب زيدا) فِي (هَذَا ضَارب أَبوهُ زيدا) فَإِن لم يُؤمن اللّبْس لم يجز (وَقَالَ ابْن عُصْفُور وَابْن أبي الرّبيع) إِنَّمَا يجوز (إِن حذف الْمَفْعُول اقتصارا) فَإِن لم يحذف أصلا لم يجز وَكَذَا إِن حذف اختصارا لِأَنَّهُ كالمثبت

(3/89)


فَيكون الْوَصْف إِذا ذَاك مُخْتَلف التَّعَدِّي والتشبيه وَهُوَ وَاحِد وَذَلِكَ لَا يحوز وَبَيَانه أَنه من حَيْثُ نصب السببي أَو جَرّه يكون مشبها باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي وَمن حَيْثُ نصب الْمَفْعُول بِهِ يكون اسْم فَاعل مُتَعَدِّيا مشبها بالمضارع فاختف جِهَة تَعديَة وجهة تشبيهه من حَيْثُ صَار شَبِيها بِأَصْل فِي الْعَمَل شَبِيها بفرع فِي الْعَمَل فَصَارَ فرعا لأصل وفرعا لفرع وَلَا يكون الشَّيْء الْوَاحِد فرعا لشيئين ثمَّ إِنَّه لما سمع اسْتِعْمَال الْمُتَعَدِّي صفة مشبهة حَيْثُ حذف الْمَفْعُول اقتصارا نَحْو: 1498 -
(مَا الرَّاحِمُ القَلْبِ ظلاّماً وَإِن ظُلِمَا ... )
قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا تَفْصِيل حسن (و) قَالَ (أَبُو عَليّ) الْفَارِسِي يجوز (مُطلقًا) وَلم يُقيد بأمن اللّبْس قَالَ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل وَالصَّحِيح أَن جَوَاز ذَلِك مُتَوَقف على أَمن اللّبْس قَالَ وَيكثر أَمن اللّبْس فِي اسْم فَاعل غير الْمُتَعَدِّي فَلذَلِك سهل فِيهِ الِاسْتِعْمَال الْمَذْكُور وَمِنْه قَول ابْن رَوَاحَة: 1499 - (تباركُت إِنِّي من عَذابك خائفٌ ... وَإِنِّي إِلَيْك تائب النَّفس راجعٌ)
وَقَالَ آخر: 1500 -
(وَمن يَك منحل العزائم تَابعا ... هَوَاهُ فَإِن الرشد مِنْهُ بعيد)
وَمن وُرُوده فِي المصوغ من مُتَعَدٍّ قَوْله:

(3/90)


1501 -
(مَا الرّاحم القلبِ ظلاماً وإنْ ظُلِما ... وَلَا الْكَرِيم بمنّاع وَإِن حُرما)
انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وإطلاقه يدل على جَوَاز ذَلِك فِي كل مُتَعَدٍّ سَوَاء تعدى لوَاحِد أم لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَلَا خلاف أَنه لَا يجوز فِي الْمُتَعَدِّي لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة (وَمنعه الْأَكْثَر مُطلقًا وَتوقف أَبُو حَيَّان) فَقَالَ الْأَحْوَط أَلا يقدم على جَوَاز ذَلِك حَتَّى يكثر فِيهِ السماع فَيُقَال على الْكثير لِأَن الْقَلِيل يقبل الشذوذ مَعَ أَن الْبَيْت السَّابِق يحْتَمل التَّأْوِيل (فَإِن تعدى بالحرف فَلَا) يجوز فِيهِ ذَلِك (فِي الْأَصَح) وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَجوزهُ الْأَخْفَش وَابْن عُصْفُور نَحْو (مَرَرْت بِرَجُل مار الْأَب) يُرِيد بِنصب الْأَب أَو جَرّه واستدلا بقَوْلهمْ (هُوَ حَدِيث عهد بالوجع) فَقَوْلهم (بالوجع) مُتَعَلق ب (حَدِيث) وَهُوَ صفة مشبهه وَالْجُمْهُور تأولوا ذَلِك على أَنه مُتَعَلق ب (عهد) لَا بِالصّفةِ فَإِن جَاءَ من كَلَامهم: مَرَرْت بِرَجُل غَضْبَان الْأَب على زيد عَلقُوا (على زيد) بِفعل مَحْذُوف تدل عَلَيْهِ الصّفة أَي غضب على زيد

(3/91)


3 - أفعل التَّفْضِيل
أَي هَذَا مبحثه (يرفع) أفعل التَّفْضِيل (الضَّمِير غَالِبا وَالظَّاهِر فِي لُغَة) ضَعِيفَة نَحْو: مَرَرْت بِرَجُل أفضل مِنْهُ أَبوهُ أَي أَزِيد عَلَيْهِ فِي الْفضل أَبوهُ حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ وَغَيره (وَالْأَحْسَن حِينَئِذٍ تقدم من) (وَيكثر) رَفعه الظَّاهِر (إِن كَانَ مفضلا على نَفسه باعتبارين وَاقعا بَين ضميرين ثَانِيهمَا لَهُ وَالْآخر للموصوف والوارد) فِي ذَلِك عَن الْعَرَب (كَونه بعد نفي) والمثال الْمَشْهُور لذَلِك قَوْلهم (مَا رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد) وَبِه عرفت الْمَسْأَلَة بِمَسْأَلَة (الْكحل) وأفردت بالتآليف فالكحل فَاعل بِأَحْسَن وَهُوَ مفضل بِاعْتِبَار كَونه فِي عين زيد على نَفسه حَالا فِي عين غَيره وواقع بَين ضميرين ثَانِيهمَا لَهُ وَهُوَ الضَّمِير فِي (مِنْهُ) وَالْأول للموصوف وَهُوَ الضَّمِير فِي عينه وَقد تقدم النَّفْي أول الْجُمْلَة وَمثله الحَدِيث:
(مَا من أَيَّام أحب إِلَى الله فِيهَا الْعَمَل مِنْهُ فِي عشر ذِي الْحجَّة) وَقَول الشَّاعِر: 1502 -
(مَا علمت امرْءًا أحَبَّ إِلَيْهِ البذْلُ ... مِنْهُ إِلَيْك يَا ابْنَ سِنان)

(3/92)


قَالَ ابْن مَالك وَالسَّبَب فِي رَفعه الظَّاهِر فِي هَذِه الْحَالة تهيؤه بالقرائن الَّتِي قارنته لمعاقبته الْفِعْل إِيَّاه على وَجه لَا يكون بِدُونِهَا أَلا ترى أَنه يحسن فِي الْمِثَال أَن يُقَال بدله مَا رَأَيْت رجلا يحسن فِي عينه الْكحل كحسنه فِي عين زيد وَلَا يخْتل الْمَعْنى بِخِلَاف قَوْلك فِي الْإِثْبَات رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد فَإِن إِيقَاع الْفِعْل فِيهِ موقع أفعل يُغير الْمَعْنى فَكَانَ رفع (أفعل) للظَّاهِر لوُقُوعه موقعا صَالحا للْفِعْل على وَجه لَا يُغير الْمَعْنى بِمَنْزِلَة إِعْمَال اسْم الْفَاعِل الْمَاضِي معنى إِذا وصل بِالْألف وَاللَّام فَإِنَّهُ كَانَ مَمْنُوع الْعَمَل لعدم شبهه بِالْفِعْلِ الَّذِي فِي مَعْنَاهُ فَلَمَّا وَقع صلَة قدر بِفعل وفاعل ليَكُون جملَة فَإِن الْمُفْرد لَا يُوصل بِهِ مَوْصُول فانجبر بِوُقُوعِهِ موقع الْفِعْل مَا كَانَ فائتا من الشّبَه فَأعْطِي الْعَمَل بعد أَن مَنعه (وقاس ابْن مَالك) على النَّفْي (النَّهْي والاستفهام) فَقَالَ لَا بَأْس بِاسْتِعْمَالِهِ بعد نهي أَو اسْتِفْهَام فِيهِ معنى النَّفْي كَقَوْلِك (لَا يكن غَيْرك أحب إِلَيْهِ الْخَيْر مِنْهُ إِلَيْك) و (هَل فِي النَّاس رجل أَحَق بِهِ الْحَمد مِنْهُ بمحسن لَا يمن) وَإِن لم يرد ذَلِك مسموعا (وَمنعه أَبُو حَيَّان) قَائِلا إِذا كَانَ لم يرد هَذَا الِاسْتِعْمَال إِلَّا بعد نفي وَجب اتِّبَاع السماع فِيهِ والاقتصار على مَا قالته الْعَرَب وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ مَا ذكر من الْأَسْمَاء لَا سِيمَا وَرَفعه الظَّاهِر إِنَّمَا جَاءَ فِي لُغَة شَاذَّة فَيَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِي ذَلِك

(3/93)


على مورد السماع قَالَ على أَن إلحاقها بِالنَّفْيِ ظَاهر فِي الْقيَاس وَلَكِن الأولى اتِّبَاع السماع (وأعرب الأعلم مثله) أَي هَذَا التَّرْكِيب مَعَه أَي (مَعَه) الْوَجْه الَّذِي تقدم تَقْرِيره (مُبْتَدأ وخبرا) (وَقد يحذف الضَّمِير الأول) إِذا كَانَ مَعْلُوما سمع (مَا رَأَيْت قوما أشبه بعض بِبَعْض من قَوْمك) وَقَالَ ابْن مَالك تَقْدِيره (مَا رَأَيْت قوما أبين فيهم شبه بعض بِبَعْض مِنْهُ فِي قَوْمك) (و) قد يحذف الضَّمِير (الثَّانِي وَتدْخل (من) على الظَّاهِر) نَحْو مَا رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل من كحل عين زيد (أَو) على (مَحَله) كَقَوْلِك فِي الْمِثَال الْمَذْكُور من عين زيد بِحَذْف (كحل) الَّذِي هُوَ الْمُضَاف (أَو) على (ذِي مَحَله) كَقَوْلِك فِيهِ من زيد بِحَذْف (كحل) و (عين) وإدخاله على صَاحب الْعين وَمن إِدْخَاله على الْمحل قَوْلهم (مَا رَأَيْت كذبه أَكثر عَلَيْهَا شَاهد من كذبه أَمِير على مِنْبَر) وَالْأَصْل من شُهُود كذبة أَمِير فَحذف شُهُود وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه (وَلَا ينصب) أفعل التَّفْضِيل (مَفْعُولا بِهِ على الْأَصَح) بل يتَعَدَّى إِلَيْهِ بِاللَّامِ إِن كَانَ الْفِعْل يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد نَحْو زيد أبذل للمعروف فَإِن كَانَ الْفِعْل يفهم علما أَو جهلا تعدى بِالْبَاء نَحْو زيد أعرف بالنحو وأجهل بالفقه وَإِن كَانَ مَبْنِيا على من فعل الْمَفْعُول تعدى بإلى إِلَى الْفَاعِل معنى نَحْو زيد أحب إِلَى عَمْرو من خَالِد وَأبْغض إِلَى بكر من عبد الله وب (فِي) إِلَى الْمَنْقُول نَحْو زيد أحب فِي عَمْرو من خَالِد وَأبْغض فِي عَمْرو من جَعْفَر قَالَ ابْن مَالك وَإِن كَانَ مُتَعَدٍّ إِلَى اثْنَيْنِ عدي إِلَى أَحدهمَا بِاللَّامِ وأضمر ناصب الثَّانِي نَحْو هُوَ أكسى للْفُقَرَاء الثِّيَاب أَي يكسوهم الثِّيَاب قَالَ أَبُو حَيَّان

(3/94)


وَيَنْبَغِي أَلا يُقَال هَذَا التَّرْكِيب إِلَّا إِن كَانَ مسموعا من لسانهم وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه ينصب الْمَفْعُول بِهِ إِن أول بِمَا لَا تَفْضِيل فِيهِ حَكَاهُ ابْن مَالك فِي التسهيل قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الرَّأْي ضَعِيف لِأَنَّهُ وَإِن أول بِمَا لَا تَفْضِيل فِيهِ فَلَا يلْزم مِنْهُ تَعديَة كتعدية وللتراكيب خصوصيات وَفِي شرح الكافية لِابْنِ مَالك أَجمعُوا على أَنه لَا ينصب الْمَفْعُول بِهِ فَإِن ورد مَا يُوهم جَوَاز ذَلِك جعل نَصبه بِفعل مُقَدّر يفسره أفعل كَقَوْلِه تَعَالَى: {الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} [الْأَنْعَام: 124] فَحَيْثُ هُنَا مفعول بِهِ لَا مفعول فِيهِ وَهِي فِي مَوضِع نصب بِفعل مُقَدّر يدل عَلَيْهِ (أعلم) زَاد فِي شرح التسهيل وَالتَّقْدِير وَالله أعلم يعلم مَكَان جعل رسالاته قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد فرضناه نَحن على أَن تكون (حَيْثُ) بَاقِيَة على بَابهَا من الظَّرْفِيَّة لِأَنَّهَا من الظروف الَّتِي لَا تتصرف (وَلَا) تنصب مَفْعُولا (مُطلقًا وفَاقا) ذكره (وَتلْزَمهُ من وَلَو تَقْديرا إِن جرد) من أل وَالْإِضَافَة نَحْو زيد أفضل من عَمْرو قَالَ تَعَالَى: {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} [الْأَحْزَاب: 6] وَمِثَال تقديرها: {وَأُلُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعْضٍ فيِ كِتَابِ اللهِ} [الْأَنْفَال: 75] {وَالْآخِرَة خير وَأبقى} [الْأَعْلَى: 17] (و) يلْزمه (الْإِفْرَاد والتذكير إِن جرد أَو أضيف لنكرة) سَوَاء كَانَ تَابعا لمذكر أم مؤنث لمفرد أم مثنى أم مَجْمُوع نَحْو زيد أفضل من عَمْرو وَهِنْد أفضل من دعد والزيدان أفضل من عَمْرو والزيدون أفضل من عَمْرو والهندان أفضل من دعد والهندات أفضل من دعد وَنَحْو زيد أفضل رجل وهما أفضل رجلَيْنِ وهم أفضل رجال وَهِي أفضل امْرَأَة وَهن أفضل نسَاء (خلافًا للفراء فِي

(3/95)


الثَّانِي) حَيْثُ أجَاز فِيمَا أضيف لنكرة مدناة من الْمعرفَة فَصله وَاقْتضى حِينَئِذٍ أَن يؤنث ويثنى نَحْو هِنْد فضلى امْرَأَة تقصدنا والهندان فضلتا امْرَأتَيْنِ تزوراننا (و) على الأول يلْزم (مطابقتها هِيَ) أَي النكرَة الْمُضَاف إِلَيْهَا كَمَا تقدم فِي الْأَمْثِلَة (خلافًا لِابْنِ مَالك فِي) النكرَة (المشتقة) حَيْثُ قَالَ يجوز فِيهَا الْإِفْرَاد مَعَ جمعية مَا قبل الْمُضَاف وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ} [الْبَقَرَة: 41] قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس قَوْله جَرَيَان ذَلِك فِيمَا قبله مثنى نَحْو الزيدان أفضل مُؤمن قَالَ وَالْحق تَأْوِيل الْآيَة على حذف مَوْصُوف هُوَ جمع فِي الْمَعْنى أَي أول فريق كَافِر (و) على الْأَقْوَال يلْزم (كَونهَا من جنس الْمسند إِلَيْهِ أفعل) كَمَا تبين (وَجوز) أَبُو بكر (ابْن الْأَنْبَارِي جرها إِن خالفته) فِي الْمَعْنى مَعَ تجويزه نصبها نَحْو أَخُوك أوسع دَار أَو دَارا وأبسط جاه وجاها قَالَ فالجر على إِضَافَة أفعل إِلَى الْمُفَسّر وَالنّصب على إِرَادَة (من) إِذْ لَو ظَهرت لم يكن إِلَّا النصب (والمعرف بأل يُطَابق) فِي الْإِفْرَاد والتذكير وضدهما حتما نَحْو زيد الْأَفْضَل والزيدان الأفضلان الزيدون الأفضلون وَهِنْد الفضلي والهندان الفضليان والهندات الفضليات أَو الْفضل (وَفِي الْمُضَاف لمعْرِفَة الْوَجْهَانِ) الْمُطَابقَة وَعدمهَا وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله
:
(أَلا أخْبركُم بأحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مجَالِس يَوْم الْقِيَامَة أحاسنكم أَخْلَاقًا) (وَأوجب ابْن السراج الْإِفْرَاد والتذكير) وَمنع من مُطَابقَة مَا قبله قَالَ أَبُو حَيَّان ورد عَلَيْهِ بِالسَّمَاعِ وَالْقِيَاس قَالَ تَعَالَى: {ولتجدنهم أحرص النَّاس على حَيَاة} [الْبَقَرَة 96] وَقَالَ: {جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها} [الْأَنْعَام: 123] فأفرد (أحرص) وَجمع (أكَابِر) وَأما الْقيَاس فشبهه بِذِي الْألف وَاللَّام أقوى من شبهه بالعاري من حَيْثُ اشتراكهما

(3/96)


فِي أَن كلا مِنْهُمَا معرفَة فإجراؤه مجْرَاه فِي الْمُطَابقَة أولى من إجرائه مجْرى العاري فَإِنَّهُ لم يُعْط الِاخْتِصَاص بجريانه مجْرَاه فَلَا أقل من أَن يُشَارك (وعَلى الأول فِي الْأَفْصَح خلف) قَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي الْإِفْرَاد والتذكير أفْصح اسْتغْنَاء بتثنية مَا أضيف إِلَيْهِ وَجمعه وتأنيثه عَن تَثْنِيَة أفعل وَجمعه وتأنيثه قَالَ وَهَذَا القَوْل عَن الْعَرَب وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الجواليقي الْأَفْصَح من الْوَجْهَيْنِ الْمُطَابقَة (وَلَا يجرد) أفعل (من) معنى (التَّفْضِيل حِينَئِذٍ وَيكون بعض الْمُضَاف إِلَيْهِ) كَمَا تقدم (وَقَالَ الكوفية) الْإِضَافَة فِيهِ (على تَقْدِير من فَإِن لم يقْصد بِهِ التَّفْضِيل طابق) وجوبا كالمعرف ب (أل) لتساويهما فِي التَّعْرِيف وَعدم اعْتِبَار معنى من وَلَا يلْزم كَونه بعض مَا أضيف إِلَيْهِ قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية فَلَو قيل يُوسُف أحسن إخْوَته امْتنع عِنْد إِرَادَة معنى الْمُجَرّد وَجَاز عِنْد إِرَادَة معنى الْمُعَرّف ب (أل) لما ذكرت لَك وَلما قرر فِي بَاب الْإِضَافَة من أَن (أيا) بِمَعْنى بعض إِن أضيف إِلَى معرفَة وَمعنى (كل) إِن أضيف إِلَى نكرَة وأفعل التَّفْضِيل مثلهَا فِي ذَلِك وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان إِذا كَانَ أفعل جَارِيا على من أطلق لَهُ التَّفْضِيل فَلَا ينوى مَعَه (من) وَإِذا أول بِمَا لَا تَفْضِيل فِيهِ لَزِمت الْمُطَابقَة فِي الْحَالين وَلَا يلْزم أَن يكون فيهمَا بعض الْمُضَاف إِلَيْهِ مِثَال الأول (يُوسُف أحسن إخْوَته) أَي أحْسنهم أَو الْأَحْسَن من بَينهم فَهَذَا على الإخلاء من معنى (من) وإضافته إِلَى مَا لَيْسَ بَعْضًا مِنْهُ لِأَنَّهُ إخْوَة يُوسُف لَا ينْدَرج فيهم يُوسُف وَمِثَال الثَّانِي زيد أعلم بِالْمَدِينَةِ تُرِيدُ عَالم الْمَدِينَة قَالَ وَهَذَا النَّوْع ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ وَاسْتَدَلُّوا على وُقُوعه بقوله تَعَالَى: {هُوَ أعلم بكم} [النَّجْم: 32] {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} [الرّوم: 27] قَالُوا التَّقْدِير هُوَ عَالم بكم إِذْ لَا مشارك لَهُ فِي علمه وَهُوَ هَين عَلَيْهِ إِذْ لَا تفَاوت فِي نسب المقدورات إِلَى قدرته

(3/97)


(وَفِي قِيَاس ذَلِك خلف) فَقَالَ الْمبرد هُوَ مقيس مطرد وَقَالَ ابْن مَالك فِي التسهيل الْأَصَح قصره على السماع قَالَ أَبُو حَيَّان لقلَّة مَا ورد من ذَلِك (وَلَا يَخْلُو) أفعل التَّفْضِيل (الْمُجَرّد) من أل وَالْإِضَافَة المقرون ب (من) (من مُشَاركَة الْمفضل) فِي الْمَعْنى (غَالِبا وَلَو تَقْديرا) قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِذا قيل سِيبَوَيْهٍ أنحى من الْكسَائي فالكسائي مشارك لسيبويه فِي النَّحْو وَإِن كَانَ سِيبَوَيْهٍ قد زَاد عَلَيْهِ فِي النَّحْو وَالْمرَاد بقلونا (وَلَو تَقْديرا) مشاركته بِوَجْه مَا كَقَوْلِهِم فِي البغيضين هَذَا أحب إِلَيّ من هَذَا وَفِي الشريرين هَذَا خير من هَذَا وَفِي الصعبين هَذَا أَهْون من هَذَا وَفِي القبيحين هَذَا أحسن من هَذَا وَفِي التَّنْزِيل: {قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} [يُوسُف: 33] وَتَأْويل ذَلِك هَذَا أقل بغضا وَأَقل شرا وأهون صعوبة وَأَقل قبحا وَمن غير الْغَالِب قَوْله الْعَسَل أحلى من الْخلّ والصيف أحر من الشتَاء (وتحذف من والمفضول لقَرِينَة) كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِنَّهُ يعلم السِّرّ وأخفى} [طه: 7] (وَيكثر) الْحَذف (لكَون أفعل خَبرا) لمبتدأ أَو نَاسخ نَحْو: {ذالكم أقسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقوَمُ للِشَّهَادةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرتَابُوا} [الْبَقَرَة: 282] {وَالله أعلم بِمَا وضعت} [آل عمرَان: 36] {وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر} [آل عمرَان: 118] {والباقيات الصَّالِحَات خير عِنْد رَبك ثَوابًا وَخير أملا} [الْكَهْف: 46] {تَجِدُوهُ عِنْد الله هُوَ خيرا وَأعظم أجرا} [المزمل: 20] وَقَالَ الشَّاعِر: 1503 -
(ولكِنَه كَانُوا على الموْت أصْبَرا ... )

(3/98)


(أَو صفة) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل أفضل (وَمنع الرماني مَعهَا) وَقَالَ لَا يجوز الْحَذف إِلَّا فِي الْخَبَر (وَثَالِثهَا) الْحَذف مَعَ الصّفة (قَبِيح وَجوزهُ البصرية مَعَ) أفعل إِذا كَانَ فِي مَوضِع (فَاعل أَو اسْم إِن) نَحْو جَاءَنِي أفضل وَإِن أكبر وَمنعه الْكُوفِيُّونَ (وَفِي تَقْدِيمهَا) أَي من ومجرورها على أفعل أَقْوَال أَحدهَا الْجَوَاز (ثَانِيهَا) الْمَنْع (ثَالِثهَا) وَهُوَ (الْأَصَح يجب إِن وصلت باستفهام) نَحْو (مِمَّن أَنْت خير) و (من أَي النَّاس زيد أفضل) و (مِمَّن كَانَ زيد أفضل) وَمِمَّنْ طننت زيدا أفضل و (من وَجه من وَجهك أجمل) (وَإِلَّا) بِأَن كَانَت فِي الْخَبَر (منع اخْتِيَارا) وَجَاز فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 1504 -
(فَقَالَت لنا أهْلاً وسَهْلاً وزَوَّدَتْ ... جَنى النّحْل أَو مَا زَوَّدَتْ مِنْهُ أطيب)

(3/99)


 (وتفصل) من مَعَ مجرورها من أفعل (بمعمول) لَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} [الْأَحْزَاب: 6] (وَقل) الْفَصْل بَينهَا وَبَينه (بِغَيْرِهِ) أَي بِغَيْر الْمَعْمُول كَقَوْلِه: 1505 -
(ولَفُوك أطيَبُ لَوْ بَذَلْتِ لَنا ... من مَاء مَوْهَبَةٍ على خَمْر)
وَقَوله: 1506 -
(لم ألْق أخْبثَ يَا فرزدَقُ مِنْكُم ... لَيْلًا وأخْبَث بالنّهار نهارَا)
(ويعدى أفعل كالتعجب) أَي بالحروف الَّتِي يعدى بهَا قَالَ ابْن مَالك فَيُقَال زيد أَرغب فِي الْخَيْر من عَمْرو وَأجْمع لِلْمَالِ من زيد وأرأف بِنَا من غَيره مسالة (خرج عَن الأَصْل آخر) وَهُوَ وصف على (أفعل) (مُطَابق) وَمَا هُوَ لَهُ (مُطلقًا) فِي الْإِفْرَاد والتذكير والتنكير وأضدادها نَحْو مَرَرْت بزيد وَرجل آخر وَرجلَيْنِ آخَرين أَو رجَالًا آخَرين وَكَانَ مُقْتَضى جعله من بَاب أفعل التَّفْضِيل أَن يلازمه فِي التنكير لفظ الْإِفْرَاد والتذكير وَألا يؤنث وَلَا يثنى وَلَا يجمع إِلَّا مُعَرفا كَمَا كَانَ أفعل التَّفْضِيل فَمنع هَذَا الْمُقْتَضى وَكَانَ بذلك معدولا عَمَّا هُوَ بِهِ أولى فَلذَلِك منع من التَّصَرُّف (وَلم تدخله من) لِأَنَّهُ لَا دلَالَة فِيهِ على تَفْضِيل لنَفسِهِ وَلَا بِتَأْوِيل (وَالصَّحِيح) أَنه (يسْتَعْمل فِي غير الآخر)

(3/100)


(أما أول الْوَصْف فكغيره) من سَائِر أفعل التَّفْضِيل فيفرد مُجَردا ومضافا لنكرة ويطابق مُعَرفا ب (أل) ويضاف لمعْرِفَة قَالَ تَعَالَى: {إِن أول بَيت وضع} [آل عمرَان: 96] {وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} [الْأَعْرَاف: 143] (وَيَقَع بعد عَام مُضَافا) هُوَ (إِلَيْهِ وتابعا) لَهُ (ومنصوبا ظرفا) قَالَ فِي الْبَسِيط تَقول الْعَرَب على مَا قَالَه اللحياني مضى عَام الأول بِمَا فِيهِ وَالْعَام الأول وعام أول بِمَا فِيهِ وعام أول بِمَا فِيهِ وعام أول وعام أول فتضيف الْعَام إِلَى أول فتصرف وَلَا تصرف وترفعه على النَّعْت فتصرف وَلَا تصرف لِأَن أول يكون معرفَة ونكرة وَيكون ظرفا واسما تَقول ابدأ بِهَذَا أول فتبنيه على الضَّم وَالْحَمْد لله أَولا وآخراً يعرب وَتصرف نكرَة وَفعلت ذَلِك عَاما أَولا وعام أول وَأول وَاحْترز بِأول الْوَصْف عَن الِاسْم وَهُوَ الْمُجَرّد عَن الوصفية فَإِنَّهُ مَصْرُوف نَحْو مَا لَهُ أول وَلَا آخر قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي محفوظي أَن مؤنث هَذَا أَوله

(3/101)


أَسمَاء الْأَفْعَال
أَي هَذَا مبحثها هِيَ أَسمَاء قَامَت مقَامهَا أَي مقَام الْأَفْعَال فِي الْعَمَل غير متصرفة لَا تصرف الْأَفْعَال إِذْ لَا تخْتَلف أبنيتها لاخْتِلَاف الزَّمَان وَلَا تصرف الْأَسْمَاء إِذا لَا يسند إِلَيْهَا فَتكون مُبتَدأَة أَو فاعلة وَلَا يخبر عَنْهَا فَتكون مَفْعُولا بهَا أَو مجرورة وَبِهَذَا الْقَيْد خرجت الصِّفَات والمصادر فَإِنَّهَا وَإِن قَامَت مقَام الْأَفْعَال فِي الْعَمَل إِلَّا أَنَّهَا تتصرف تصرف الْأَسْمَاء فَتَقَع مُبتَدأَة وفاعلا ومفعولا وَأما قَول زُهَيْر 1507 -
(دُعِيَتْ نَزَال ولُجَّ فِي الدُّعْر ... )
فَمن الْإِسْنَاد اللَّفْظِيّ وَقَوْلِي فِي صدر الْحَد هِيَ أَسمَاء أحسن من قَول (التسهيل) هِيَ أَلْفَاظ إِلَى آخِره لِأَنَّهُ يدْخل فِيهِ إِن وَأَخَوَاتهَا فَإِنَّهَا أَلْفَاظ قَامَت مقَام أَفعَال فَعمِلت غير متصرفة تصرفها وَلَا تصرف الْأَسْمَاء وَهِي حُرُوف لَا أَسمَاء أَفعَال وَلذَا احْتَاجَ إِلَى إخْرَاجهَا فَزَاد فِي الكافية قَوْله (وَلَا فضلَة) وَقَالَ فِي شرحها إِنَّه أخرج الْحُرُوف لِأَن الْحَرْف أبدا فضلَة فِي الْكَلَام وَحكمهَا غَالِبا فِي التَّعَدِّي واللزوم وَغَيرهمَا كإظهار فاعلها وإضماره حكم موافقها معنى ف (رويد) مُتَعَدٍّ لِأَن فعله أمْهل فَيُقَال رويد زيدا وصه لَازم لِأَن فعله اسْكُتْ وفاعل كليهمَا مُضْمر وجوبا كفعليهما ومظهر فِي هَيْهَات

(3/102)


زيد كَمَا تَقول بعد زيد وَاحْترز بغالبا من آمين فَإِنَّهُ بِمَعْنى استجب وَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلم يحفظ لَهَا مفعول وَكَذَا (إيه) بِمَعْنى زِدْنِي لَكِن يُخَالِفهُ فِي أَنَّهَا لَا يبرز مَعهَا ضمير بل يستكن فِيهَا مُطلقًا بِخِلَاف الْفِعْل فَتَقول صه للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع وللمذكر والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد وَلَا يتَقَدَّم معمولها عَلَيْهَا فَلَا يجوز أَن يُقَال زيدا عيك وَلَا زيدا رويد لِأَنَّهَا فرع فِي الْعَمَل عَن الْفِعْل فضعفت وَلَا تضمر أَي لَا تعْمل مضمرة بِأَن تحذف وَيبقى معمولها فِي الْأَصَح فيهمَا وَجوز الْكسَائي أَن يتَصَرَّف فِيهَا بتقدم معمولها عَلَيْهَا إِجْرَاء لَهَا مجْرى أُصُولهَا وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كتاب الله عَلَيْكُم} [النِّسَاء: 24] وَقَول الشَّاعِر 1508 -
(يَا أيُّها المائحُ دَلْوي دُونَكَا ... )

(3/103)


وَجوز ابْن مَالك إعمالها مضمرة وَخرج عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْت فَجعل (دلوي) مَفْعُولا ب (دُونك) مضمرا لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ وزعمها الكوفية أفعالا لدلالتها على الْحَدث وَالزَّمَان وزعمها ابْن صابر قسما رَابِعا زَائِدا على أَقسَام الْكَلِمَة الثَّلَاثَة سَمَّاهُ الْمُخَالفَة ثمَّ على الأول وَهُوَ قَول جُمْهُور الْبَصرِيين باسميتها اخْتلف فِي مسماها قيل مدلولها لفظ الْفِعْل لَا حدث وَلَا زمَان بل تدل على مَا يدل على الْحَدث وَالزَّمَان وَقَالَ بل تفيدهما قَالَ فِي الْبَسِيط ودلالتها على الزَّمَان بِالْوَضْعِ لَا بالطبع وعَلى هَذَا فَهِيَ اسْم لِمَعْنى الْفِعْل قيل وَهُوَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ وَالْجَمَاعَة وَقيل هِيَ أَسمَاء للمصادر ثمَّ دَخلهَا معنى الْفِعْل وَهُوَ معنى الطّلب فِي الْأَمر أَو معنى الْوُقُوع بِالْمُشَاهَدَةِ وَدلَالَة الْحَال فِي غير الْأَمر فَتَبِعَهُ الزَّمَان وَمَا نون مِنْهَا لُزُوما نَحْو واها وإيها وويها أَو جَوَازًا كصه ومه وإيه فَهُوَ نكرَة بِمَعْنى أَنه إِذا وجد دلّ على تنكير الْحَدث الْمَفْهُوم من اسْم الْفِعْل

(3/104)


وَغَيره أَي مَا لم ينون إِمَّا جَوَازًا كَمَا ذكر أَو لُزُوما كآمين وبله معرفَة وَقيل كلهَا معارف لَا نكرَة فِيهَا ثمَّ اخْتلف فِي تَعْرِيفهَا من أَي قبيل هُوَ فَقيل من قبيل تَعْرِيف الْأَشْخَاص بِمَعْنى أَن كل لفظ من هَذِه الْأَسْمَاء وضع لكل لفظ من هَذِه الْأَفْعَال وَقيل هِيَ أَعْلَام أَجنَاس وأكثرها أوَامِر كصه بِمَعْنى اسْكُتْ وَيُقَال صاه ومه وإيها وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى انكفف كَذَا فِي التسهيل خلاف قَول كثيرين أَن (مَه) بِمَعْنى اكفف لِأَن اكفف مُتَعَدٍّ و (مَه) لَا يتَعَدَّى وَهَا بِمَعْنى خُذ وفيهَا لُغَتَانِ الْقصر وَالْمدّ وتستعمل مُجَرّدَة فَيُقَال للْوَاحِد الْمُذكر وَغَيره هَا وهاء ومتلوها بكاف الْخطاب بِحَسب الْمُخَاطب فَيُقَال هاك وهاك وهاكما وهاكم وهاكن ومقتصرا على تصرف الْهمزَة فَيُقَال هَاء وهاؤما وهاؤم وهاءون وَهَذِه أفْصح اللُّغَات فِيهَا وَبهَا ورد الْقُرْآن ورويد وتيد وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى أمْهل وَقد يردان مصدرين معربين نَحْو رويدك وتيدك ورويد زيد وهيت بِفَتْح الْهَاء وَكسرهَا وَضمّهَا وهيه بِفَتْح الْهَاء وَكسرهَا مَعَ تَشْدِيد الْيَاء فيهمَا وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى أسْرع وَقد قرئَ قَوْله تَعَالَى {وَقَالَت هيت لَك} [يُوسُف: 23] بالأوجه الثَّلَاثَة

(3/105)


صفحة فارغة

(3/106)


وإيه بِمَعْنى حدث وآمين بِالْمدِّ وَالْقصر بِمَعْنى استجب وَقد تدل على حدث مَاض كهيهات بِمَعْنى بعد وَقد حكى فِيهَا الصَّنْعَانِيّ سِتا وَثَلَاثِينَ لُغَة هَيْهَات وأيهات وهيهان وأيهان وهيهاه وأيهاه كل وَاحِدَة من هَذِه السِّتَّة مَضْمُومَة الآخر ومفتوحتة ومكسورته وكل وَاحِدَة مِنْهَا منونة وَغير منونة وَحكى غَيره أيهاك وأيها وإيها وهيهاتا بِالْألف وإيهاء بِالْمدِّ فزادت على الْأَرْبَعين وشتان بِمَعْنى افترق وسرعان ووشكان مثلثا أَولهمَا بِمَعْنى سرع وعَلى حدث حَاضر كأوه بِمَعْنى أتوجع وفيهَا لُغَات أشهرها فتح الْوَاو الْمُشَدّدَة وَسُكُون الْهَاء وَمِنْهَا كسر الْهَاء وَكسر الْوَاو فيهمَا وأوه بِسُكُون الْوَاو وَكسر الْهَاء وأف بِمَعْنى أتضجر وفيهَا نَحْو أَرْبَعِينَ لُغَة وإخ وكخ بِكَسْر الْهمزَة وَالْكَاف وَتَشْديد الْخَاء سَاكِنة ومكسورة بِمَعْنى أتكره وواها ووى بِمَعْنى أعجب وَقد تضمن نفيا كَقَوْلِهِم همهام بِمَعْنى فني وَلَو بِلَا النافية كَقَوْلِهِم لَا لعا لَهُ لَا إِقَالَة ونهيا كَقَوْلِهِم وَرَاءَك بِمَعْنى تَأَخّر لِأَنَّهُ بِمَعْنى لَا تتقدم واستفهاما كَقَوْلِهِم مَهيم أَي أحدث لَك شَيْء وَقيل مَعْنَاهُ مَا وَرَاءَك وتعجبا كَقَوْلِهِم بطآن هَذَا الْأَمر بِمَعْنى بطؤ وَفِيه معنى التَّعَجُّب وَقَوله 1509 -
(وَا، بِأبي أنْتِ وفُوكِ الأشنَبُ ... كأنّما ذُرَّ عَليه الزَّرْنَبُ)

(3/107)


وَغَيرهَا كالاستعظام فِي قَوْلهم بخ بخ والتندم فِي قَوْله 1510 -
(سالتاني الطّلاقَ أنْ رأتَانِي ... قلَّ مَالِي قد جئْتُمانِي بنُكْر)

(وَيْ كَأنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَب يُحْبَبْ ... وَمن يَفْتَقِر يعشْ عَيْش ضُرِّ)
وَمِنْهَا مَا أَصله ظرف أَو جَار مجرور قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَهَذَا النَّوْع لَا يسْتَعْمل إِلَّا مُتَّصِلا بضمير مُخَاطب كمكانك بِمَعْنى اثْبتْ وعندك ولديك ودونك الثَّلَاثَة بِمَعْنى خُذ ووراءك بِمَعْنى تَأَخّر وأمامك بِمَعْنى تقدم وَإِلَيْك بِمَعْنى تَنَح وَعَلَيْك بِمَعْنى الزم وَلَا تقاس هَذِه فِي الْأَصَح بل يقْتَصر فِيهَا على السماع

(3/108)


وَأَجَازَ الْكسَائي أَن يُوقع كل ظرف ومجرور موقع فعل قِيَاسا على مَا سمع ورد بِأَن ذَلِك إِخْرَاج لفظ عَن أَصله وَقيل إِن الْكسَائي يشرط كَونه على أَكثر من حرفين بِخِلَاف نَحْو بك وَلَك وَمحل الضَّمِير الْمُتَّصِل بِهَذِهِ الْكَلِمَات فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا رفع وَعَلِيهِ الْفراء ثَانِيهَا نصب وَعَلِيهِ الْكسَائي ثَالِثهَا وَهُوَ الْأَصَح وَمذهب الْبَصرِيين جر لِأَن الْأَخْفَش روى عَن عرب فصحاء (عَليّ عبد الله زيدا) بجر عبد الله فَتبين بذلك أَن الضَّمِير مجرور الْموضع لَا مرفوعه وَلَا منصوبه قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَمَعَ ذَلِك فَمَعَ كل وَاحِد من هَذِه الْأَسْمَاء ضمير مستتر مَرْفُوع الْموضع بِمُقْتَضى الفاعلية فلك أَن تَقول فِي التوكيد عَلَيْكُم كلكُمْ زيدا بِالْجَرِّ توكيدا للموجود الْمَجْرُور وبالرفع توكيدا للمستكن الْمَرْفُوع وَقَالَ ابْن بابشاذ الْكَاف الْمُتَّصِلَة بِهَذِهِ الظروف حرف خطاب لَا ضمير فَلَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَمِنْهَا مَا هُوَ مركب مزجا كحيهل اسْم مركب من حَيّ بِمَعْنى أقبل وهلا بِمَعْنى قر وَتقدم فَلَمَّا ركب حذف ألفها وَكثر اسْتِعْمَالهَا لاستحثاث الْعَاقِل تَغْلِيبًا ل (حَيّ) وَقد يستحث بهَا غَيره تَغْلِيبًا ل (هلا) وتستعمل بِمَعْنى قدم نَحْو حيهل الثَّرِيد وَبِمَعْنى عجل مُتَعَدٍّ بِالْبَاء نَحْو حيهل بِكَذَا وب (إِلَى) نَحْو حيهل إِلَى كَذَا وَبِمَعْنى أقبل فيتعدى ب (على) نَحْو حيهل على كَذَا وفيهَا لُغَات وهلم الحجازية نقل بَعضهم الْإِجْمَاع على تركيبها وَفِي كيفيته خلاف قَالَ البصريون مركبة من (هاه) التَّنْبِيه وَمن (لم) الَّتِي هِيَ فعل أَمر من قَوْلهم لم الله شعته أَي جمعه كَأَنَّهُ مثل اجْمَعْ نَفسك إِلَيْنَا فَحذف ألفها تَخْفِيفًا

(3/109)


ونظرا إِلَى أَن أصل لَام لم السّكُون وَقَالَ الْخَلِيل ركبا قبل الْإِدْغَام فحذفت الْهمزَة للدرج إِذْ كَانَت همزَة وصل وحذفت الْألف لالتقاء الساكنين ثمَّ نقلت حَرَكَة الْمِيم الأولى إِلَى اللَّام وأدغمت وَقَالَ الْفراء مركبة من (هَل) الَّتِي للزجر و (أم) بِمَعْنى اقصد خففت الْهمزَة بإلقاء حركتها على السَّاكِن قبلهَا وصرفت فَصَارَ هَلُمَّ قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَقَول الْبَصرِيين أقرب إِلَى الصَّوَاب قَالَ فِي الْبَسِيط وَيدل على صِحَّته أَنهم نطقوا بِهِ فَقَالُوا هالم وَيَأْتِي هَلُمَّ بِمَعْنى أحضر فيتعدى وَمِنْه {هَلُمَّ شهداءكم} [الْأَنْعَام: 150] أَي أحضروهم وهلم الثَّرِيد أَي أحضرهُ وَبِمَعْنى أقبل فيتعدى بإلى نَحْو {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الْأَحْزَاب: 18] وَقد تعدى بِاللَّامِ نَحْو هَلُمَّ للثريد هَذِه لُغَة الْحجاز من جعلهَا اسْم فعل وَأما بَنو تَمِيم فَهِيَ عندههم فعل تتصل بهَا الضمائر فيقولن هَلُمِّي وهلما وهلموا وهلممن أما قَول النَّاس هَلُمَّ جرا فتوقف الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام فِي عربيته قَالَ فِي رِسَالَة لَهُ

(3/110)


أَسمَاء الْأَصْوَات
مَسْأَلَة أَسمَاء الْأَصْوَات مَا وضع لزجر لما لَا يعقل كهلا بِوَزْن أَلا لزجر الْخَيل عَن البطء أَو دُعَاء لما لَا يعقل كأو بِلَفْظ (أَو) العاطفة لدعاء الْفرس أَو حِكَايَة صَوت لحيوان أَو اصطكاك أجرام كغاق بغين مُعْجمَة وَكسر الْقَاف لحكاية صَوت الْغُرَاب وطاق بطاء مُهْملَة وَكسر الْقَاف لحكاية صَوت الضَّرْب وَفِيه أَي فِي هَذَا النَّوْع أَيْضا كَمَا فِي أَسمَاء الْأَفْعَال الْمركب المزجي كخاق بَاقٍ بإعجام وَكسر الْخَاء القافين لحكاية صَوت الْجِمَاع وقاش ماش بِكَسْر الشينين المعجمتين لحكاية صَوت القماش قَالَ ابْن قَاسم وَحصر أَسمَاء الْأَصْوَات وضبطها من علم اللُّغَة وحظ النَّحْوِيّ أَن يتَكَلَّم على بنائها وَقد تقدم فِي بَاب المعرب والمبني أَنَّهَا كلهَا مَبْنِيَّة لشبهها بالحروف الْمُهْملَة فِي أَنَّهَا لَا عاملة وَلَا معمولة وشذ إِعْرَاب بَعْضهَا لوُقُوعه موقع مُتَمَكن كَقَوْلِه 1511 -
(إِذا لِمّتي مِثْلُ جَنَاح غاق ... )
أعرب (غاق) لوُقُوعه موقع غراب

(3/111)


وتنكيرها بِالتَّنْوِينِ كَمَا فِي أَسمَاء الْأَفْعَال وأصل بنائها على السّكُون كقب وسع وَحج ووح وَحل وَمَا سكن وَسطه من ثلاثي كسر على أصل التقاء الساكنين كغاق وطاق وهاب وهاج وعاج وجاه وحوب وعوه وقوس وهيج وعيط وطيخ وَعبر بمض بِالْمِيم وَالضَّاد الْمُعْجَمَة عَن صَوت يخرج من بَين الشفتين مغن عَن لَا مَبْنِيّ لسد مسد الصَّوْت وَكَانَ من حَقه الْإِعْرَاب وَمن بنائِهِ قَول الراجز 1512 -
(سألْتُ هَلْ وصْلٌ فَقَالَت مِضَّ ... وحرّكت لي رأسهَا بالنّغْص)

(3/112)


الظّرْف وَالْمَجْرُور
أَي هَذَا مبحثهما إِذا اعْتمد كالوصف على نفي أَو اسْتِفْهَام أَو مَوْصُوف أَو مَوْصُول أَو صَاحب خبر أَو حَال رفعا مَا بعدهمَا فَاعِلا نَحْو مَا فِي الدَّار أحد وأفي الدَّار زيد ومررت بِرَجُل مَعَه صقر وَجَاء الَّذِي فِي الدَّار أَبوهُ وَزيد عنْدك أَخُوهُ ومررت بزيد عَلَيْهِ جُبَّة ثمَّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ بِوُجُوبِهِ لِأَن الأَصْل عدم التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَقَالَ قوم هُوَ رَاجِح وَيجوز مَعَ ذَلِك كَونه مُبْتَدأ مُؤَخرا والظرف خبر مقدم وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَقَالَ قوم الرَّاجِح فِيهِ الابتدائية وَيجوز كَونه فَاعِلا وأوجبها أَي الابتدائية السُّهيْلي فَهَذِهِ أَرْبَعَة مَذَاهِب وَاخْتلفُوا على الأول هَل الْعَامِل للرفع على الفاعلية الْفِعْل الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ متعلقهما الْمُقدر باستقر أَو الْعَامِل هما نِيَابَة عَنهُ لقربهما مِنْهُ باعتمادهما على قَوْلَيْنِ قَالَ فِي المغنى وَالْمُخْتَار الثَّانِي بِدَلِيل امْتنَاع تَقْدِيم الْحَال فِي نَحْو زيد فِي الدَّار جَالِسا وَلَو كَانَ الْعَامِل الْفِعْل لم يمْتَنع وَاخْتَارَ ابْن مَالك الأول لِأَن الأَصْل فِي الْعَمَل الْفِعْل ولتعادل المرجحين فِي الْإِمَامَة أرْسلت الْخلاف من غير تَرْجِيح فَإِن لم يعتمدا على شَيْء مِمَّا ذكر نَحْو فِي الدَّار أَو عنْدك زيد فالابتدائية وَاجِبَة خلافًا للأخفش والكوفية فِي إجازتهم الْوَجْهَيْنِ لِأَن الِاعْتِمَاد عِنْدهم لَيْسَ بِشَرْط يجب تعليقهما أَي الظّرْف وَالْمَجْرُور حَيْثُ وَقعا بِفعل أَو شبهه وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم} [الْفَاتِحَة: 7] أَو مَا فِيهِ رَائِحَته كَقَوْلِه

(3/113)


1513 -
(أَنا أَبُو المِنهال بَعْضَ الأحيانْ ... )
وَقَوله 1514 -
(أَنا ابنُ ماويّة إِذْ جَدَّ النقرْ ... )
فَيتَعَلَّق (بعض) و (إِذْ) بالاسمين العلمين لما فيهمَا من معنى قَوْلك الشجاع أَو الْجواد وَتقول فلَان حَاتِم فِي قومه فَتعلق الظّرْف لما فِي حَاتِم فِي معنى الْجُود وَلَو مُقَدرا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا} [الْأَعْرَاف: 73] فَإِنَّهُ مُتَعَلق ب (أرسلنَا) مُقَدرا وَلم يتَقَدَّم ذكر الْإِرْسَال وَلَكِن ذكر النَّبِي والمرسل إِلَيْهِم يدل عَلَيْهِ وَفِي أحرف الْمعَانِي هَل يتعلقان بهَا أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ الْمَشْهُور الْمَنْع مُطلقًا ثَانِيهَا الْجَوَاز مُطلقًا ثَالِثهَا يتَعَلَّق بِهِ إِن نَاب عَن فعل حذف وَيكون ذَلِك على سَبِيل النِّيَابَة لَا الْأَصَالَة وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن جني قَالَا فِي نَحْو يَا لزيد إِن اللَّام مُتَعَلقَة ب (يَا) وَقَالَ المجوزون مُطلقًا فِي قَول كَعْب

(3/114)


1515 -
(وَمَا سعادُ غداةَ البَيْن إِذْ رَحلوا ... إلاّ أغَنُّ غَضِيضُ الطّرف مكحولُ)
غَدَاة الْبَين ظرف للنَّفْي أَي انْتَفَى كَونهَا فِي هَذَا الْوَقْت إِلَّا كأغن وَلَا يتَعَلَّق من حُرُوف الْجَرّ زَائِد كالباء و (من) فِي {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} [الْفَتْح: 28] {هَل من خَالق غير الله} [فاطر: 3] وَذَلِكَ لِأَن معنى التَّعَلُّق الارتباط الْمَعْنَوِيّ وَالْأَصْل أَن أفعالا قصرت عَن الْوُصُول إِلَى الْأَسْمَاء فأعينت على ذَلِك بحروف الْجَرّ وَالزَّائِد إِنَّمَا دخل فِي الْكَلَام تَقْوِيَة وتوكيدا وَلم يدْخل للربط إِلَّا اللَّام المقوية فَإِنَّهَا تتَعَلَّق بِالْعَمَلِ المقوي نَحْو {مُصدقا لما مَعَهم} 6 [الْبَقَرَة: 91] {فعال لما يُرِيد} [هود: 107] {إِن كُنتُم لِلرُّءيَا تَعبُرُون} [يُوسُف: 43] لِأَن التَّحْقِيق أَنَّهَا لَيست بزائدة مَحْضَة لما تخيل فِي الْعَامِل من الضعْف الَّذِي نزل منزلَة الْقَاصِر وَلَا معدية مَحْضَة لاطراد صِحَة إِسْقَاطهَا فلهَا منزلَة بَين منزلتين وَقَول الحوفي فِي إعرابه إِن الْبَاء فِي {أَلَيسَ اللهُ بِأَحكَمِ الحَاكِمِينَ} [التِّين: 8] مُتَعَلق وهم أَي غلط نَشأ عَن ذُهُول وَلَا تتَعَلَّق لَعَلَّ الجارة فِي لُغَة عقيل لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْحَرْف الزَّائِد أَلا ترى أَن مجرورها فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ بِدَلِيل ارْتِفَاع مَا بعْدهَا على الخبرية فِي قَوْله 1516 -
(لعلّ أبي المغَوار مِنكَ قَريبُ ... )
وَلَا لَوْلَا إِذا جرت الضَّمِير لِأَنَّهَا أَيْضا بِمَنْزِلَة لَعَلَّ فِي أَن مَا بعْدهَا مَرْفُوع الْمحل بِالِابْتِدَاءِ

(3/115)


وَلَا حُرُوف الِاسْتِثْنَاء خلا وَعدا وحاشا إِذا خفضن لِأَنَّهُنَّ لتنحية الْفِعْل عَمَّا دخلن عَلَيْهِ كَمَا أَن إِلَّا كَذَلِك وَذَلِكَ عكس معنى التَّعْدِيَة الَّتِي هِيَ إِيصَال معنى الْفِعْل إِلَى الِاسْم قَالَ الْأَخْفَش وَابْن عُصْفُور وَلَا الْكَاف الَّتِي للتشبيه قَالَا إِنَّه إِذا قيل زيد كعمرو فَإِن كَانَ الْمُعَلق اسْتَقر فالكاف لَا تدل عَلَيْهِ بِخِلَاف (فِي) من نَحْو زيد فِي الدَّار وَإِن كَانَ فعلا مناسبا للكاف وَهُوَ (أشبه) فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ لَا بالحرف قَالَ فِي الْمُغنِي وَالْحق أَن جَمِيع الْحُرُوف الجارة الْوَاقِعَة فِي مَوضِع الْخَبَر وَنَحْوه تدل على الِاسْتِقْرَار وَيجب حذفه أَي مَا يتعلقان بِهِ إِذا وَقعا صلَة نَحْو {وَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن عِنْده لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 19] أَو صفة نَحْو {أَو كصيب من السَّمَاء} [الْبَقَرَة: 19] أَو خَبرا نَحْو زيد عنْدك أَو فِي الدَّار أَو حَالا نَحْو {فَخرج على قومه فِي زينته} [الْقَصَص: 79] أَو مثلا كَقَوْلِهِم للمعرس بالرفاء والبنين أَي أعرست وَجوز ابْن جني إِظْهَار الْمُتَعَلّق فِي الْخَبَر وَاسْتدلَّ بقوله 1517 -
(فأنتَ لَدَى يَحْبُوحَةِ الهُون كائِنُ ... )
وَجوزهُ ابْن يعِيش إِن لم يحذف وينقل إِلَيْهِ ضَمِيره نَحْو زيد مُسْتَقر عَنْك فَإِن حذف وَنقل ضَمِيره إِلَى الظّرْف لم يجز إِظْهَاره لِأَنَّهُ قد صَار أصلا مرفوضا وَأنكر الكوفية وَابْن طَاهِر وَابْن خروف التَّقْدِير للمتعلق فِيهِ أَي فِي الْخَبَر ثمَّ عِنْدهم أَي الكوفية ينصبه أَمر معنوي وَهُوَ الْخلاف أَي كَونهمَا مخالفين للمبتدأ

(3/116)


وَعِنْدَهُمَا ينصبه الْمُبْتَدَأ وزعما أَنه يرفع الْخَبَر إِذا كَانَ عينه نَحْو زيد أَخُوك وينصبه إِذا كَانَ غَيره وَيقدر الْكَوْن الْمُطلق نَحْو زيد فِي الدَّار فَيقدر كَائِن أَو مُسْتَقر ومضارعها إِن أُرِيد الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال نَحْو الصَّوْم الْيَوْم أَو غَدا أَو كَانَ أَو اسْتَقر أَو وصفهما إِن أُرِيد الْمَعْنى نبه عَلَيْهِ ابْن هِشَام وَقَالَ إِنَّهُم أغفلوه إِلَّا لدَلِيل فَيقدر الْكَوْن الْخَاص {الْحر بِالْحرِّ} [الْبَقَرَة: 178] الْآيَة فَيقدر فِيهَا (يقتل) وَيقدر مقدما كسائل العوامل من معمولاتها إِلَّا لمَانع كَمَا فِي نَحْو إِن فِي الدَّار زيدا فَيقدر مُؤَخرا حتما لِأَن إِن لَا يَليهَا مرفوعها ويرجح ذَلِك فِي نَحْو فِي الدَّار زيد لِأَن الأَصْل تَأْخِير الْخَبَر وَالْمُخْتَار وفَاقا لأهل الْبَيَان تَقْدِيره فِي الْبَسْمَلَة فعلا مُؤَخرا مناسبا لما جعلت هِيَ مبدأ لَهُ فَيقدر فِي أول الْقِرَاءَة بِسم الله أَقرَأ وَفِي الْأكل باسم الله آكل وَفِي السّفر باسم الله أرتحل وَعَلِيهِ قَوْله
فِي ذكر النّوم
(بِاسْمِك رَبِّي وضعت جَنْبي وباسمك أرفعه) وَذهب البصريون إِلَى أَنه يقدر فِيهَا فِي كل مَوضِع ابْتِدَاء كَائِن باسم الله فَيكون خبر الْمُبْتَدَأ (إِمَّا) مُقَدّر وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه يقدر أبتدئ باسم الله

(3/117)


التَّنَازُع فِي الْعَمَل
أَي هَذَا مبحثه إِذا تعلق عاملان فَأكْثر كثلاثة وَأَرْبَعَة من الْفِعْل وَشبهه كالوصف وَاسم الْفِعْل اتَّحد النَّوْع أَو اخْتلف بِخِلَاف الْحُرُوف كَإِن وَأَخَوَاتهَا باسم بِأَن طلبا فِيهِ رفعا أَو نصبا أَو جرا بِحرف أَو أَحدهمَا رفعا وَالْآخر خِلَافه عمل فِيهِ أَحدهمَا السَّابِق أَو الثَّانِي بِاتِّفَاق الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ الْفراء كِلَاهُمَا يعملان فِيهِ إِن اتفقَا فِي الْإِعْرَاب الْمَطْلُوب نَحْو قَامَ وَقعد زيد فَجعله مَرْفُوعا بالفعلين كَمَا يسند للمبتدأ خبر إِن وكما يرفع (منطلقان) فِي زيد وَعَمْرو منطلقان بالمعطوف والمعطوف عَلَيْهِ مَعًا لِأَنَّهُمَا يقتضيانه وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك حذرا من اجْتِمَاع مؤثرين على أثر وَاحِد وَذَلِكَ مَفْقُود فِي الْخَبَرَيْنِ عَن مُبْتَدأ كَمَا هُوَ وَاضح فِي مَسْأَلَة زيد وَعَمْرو منطلقان لِأَن الِاثْنَيْنِ فيهمَا كل وَاحِد مِنْهُمَا جُزْء عِلّة فالعلة مجموعهما بِخِلَاف مَسْأَلَة الْفِعْلَيْنِ إِذْ لَا يَصح إِسْنَاد كل مِنْهُمَا وَحده إِلَى زيد وَلَا يَصح إِسْنَاد كل من زيد وَعَمْرو وَحده إِلَى منطلقان وعَلى الأول الْأَقْرَب من العاملين أَو العوامل أَحَق بِالْعَمَلِ فِي الِاسْم من الأسبق عِنْد البصرية لقُرْبه ولسلامته من الْفَصْل بَين الْعَامِل ومعموله والأسبق عِنْد الكوفية أَحَق لسبقه ولسلامته من تَقْدِيم مضمره على مفسره فَإِن ألغي الثَّانِي من الإعمال فِي الِاسْم بِأَن أعمل فِيهِ الأول حَال كَون الثَّانِي رَافعا سَوَاء كَانَ الأول رَافعا أَيْضا أم لَا أضمر فِيهِ أَي الثَّانِي إِذْ لَا يجوز حذف مَرْفُوع الْفِعْل ضميرا مطابقا للاسم فِي الْإِفْرَاد والتذكير وفروعهما لِأَنَّهُ مفسره والمطابقة بَين الْمُفَسّر والمفسر ملتزمة نَحْو قَامَ وَقعد زيد قَامَ وقعدا الزيدان قَامَ وقعدوا الزيدون قَامَت وَقَعَدت هِنْد ضربت وضربني زيدا ضربت وضرباني الزيدين ضربت وضربوني الزيدين ضربت وضربتني هندا

(3/118)


مَا لم تُؤَد الْمُطَابقَة إِلَى مُخَالفَة مخبر عَنهُ فالإظهار حِينَئِذٍ وَاجِب لتعذر الْإِضْمَار بِلُزُوم مُخَالفَة الْمخبر عَنهُ إِن طوبق الْمُفَسّر والمفسر إِن طوبق الْمخبر عَنهُ وكل مِنْهُمَا مَمْنُوع نَحْو ظَنَنْت وظناني قَائِما الزيدين قَائِمين يظْهر ثَانِي ظناني لِأَنَّهُ لَو أضمر مُفردا فَقيل (إِيَّاه) طابق الْيَاء الْمخبر عَنهُ لَا قَائِمين الْمُفَسّر أَو مثنى فَقيل (إيَّاهُمَا) فبالعكس وَقد خرجت الْمَسْأَلَة بالإظهار عَن بَاب التَّنَازُع لِأَن كلا من العاملين عمل فِي ظَاهر وَجوز الكوفية مَعَ الْإِظْهَار وَجْهَيْن آخَرين حذفه لدلَالَة مَعْمُول الآخر عَلَيْهِ كَمَا جَازَ مثل ذَلِك فِي الِابْتِدَاء نَحْو 1518 -
(نَحْن بِمَا عِنْدنا وَأَنت بمَا ... عِنْدك رَاض والرأي مُخْتلفُ)
أَي رضوَان وإضماره مُؤَخرا عَن مَعْمُول الآخر مطابقا للمخبر عَنهُ نَحْو ظَنَنْت وظناني الزيدين قَائِمين إِيَّاه فَيدل عَلَيْهِ الْمثنى لِأَنَّهُ يتَضَمَّن الْمُفْرد وَجوز قوم من الْبَصرِيين وَجها آخر إضماره مقدما فِي مَحَله مطابقا للمخبر عَنهُ نَحْو ظَنَنْت وظنني إِيَّاه الزيدين قَائِمين وَكَذَا إِذا كَانَ الثَّانِي غير رَافع يضمر فِيهِ إِذا أعمل الأول اخْتِيَارا فِي الْأَصَح نَحْو قَامَ أَو ضَرَبَنِي وضربته زيد وَقَامَ أَو ضَرَبَنِي وضربتهما الزيدان وَقيل يجوز حذفه كَقَوْلِه 1519 -
(بعكاظ يُعْشِي الناظرين ... إِذا هُمُ لَمحوا شَعاعُهْ)

(3/119)


أَي لمحوه وَأجِيب بِأَنَّهُ ضَرُورَة أَو ألغي الأول من الْعَمَل فِي الِاسْم بِأَن أعمل فِيهِ الثَّانِي أضمر فِي الأول الْمَرْفُوع كَقَوْلِه 1520 -
(خالفَاني وَلم أُخالِف خليلَيْيَ ... وَلَا خَيْر فِي خلاف الْخَلِيل ... )
وَقَوله 1521 -
(جَفَوْني وَلم أجْفُ الأخِلاّء إنّني ... )
وَقَوله 1522 -
(هَوَيْنَني وَهَوَيْتُ الخُرَّدَ العُرُبا)
وَقَالَ الْكسَائي وَهِشَام والسهيلي وَابْن مضاء يحذف بِنَاء على رَأْيهمْ من إجَازَة حذف الْفَاعِل وَحسنه هُنَا الْفِرَار من الْإِضْمَار قبل الذّكر الَّذِي هُوَ خَارج عَن الْأُصُول وَقَالَ أَبُو ذَر الْأَحْسَن إِعْمَال الأول حِينَئِذٍ فِرَارًا من حذف الْفَاعِل وَمن الْإِضْمَار قبل الذّكر وَقَالَ الْفراء فِيمَا نَقله عَنهُ الْجُمْهُور لَا تصح الْمَسْأَلَة إِلَّا بِهِ فَأوجب

(3/120)


إِعْمَال الأول حِينَئِذٍ وَعنهُ قَول آخر محكي فِي (الْبَسِيط) أَنه يقْتَصر فِي مُقَابل ذَلِك على السماع وَلَا يكون قِيَاسا وَحكي عَنهُ قَول آخر حَكَاهُ ابْن مَالك أَنه يجوز إِعْمَال الثَّانِي قِيَاسا ويضمر فِي الأول بِشَرْط تَأَخّر الضَّمِير نَحْو ضَرَبَنِي وَضربت زيدا هُوَ قَالَ الْبَهَاء بن النّحاس وَلم أَقف على هَذَا النَّقْل عَن الْفراء من غير ابْن مَالك ويحذف الضَّمِير غير الْمَرْفُوع فَلَا يضمر فِي الأول لكَونه فضلَة لم يحْتَج فِيهِ إِلَى الْإِضْمَار قبل الذّكر قَالَ تَعَالَى {ءَاتُونِي أُفرِغ عَلَيهِ قِطراً} [الْكَهْف: 96] وَقَالَ {هآؤُمُ اقرَءُوا كِتَابِيَه} [الحاقة: 19] وَهُوَ مِمَّا تنَازع فِيهِ الْفِعْل واسْمه مَا لم يلبس حذفه فَيجب إضماره كَقَوْلِك مَال عني وملت إِلَى زيد إِذْ لَو حذف عني لتوهم أَن المُرَاد مَال إِلَيّ وَكَذَا رغب فِي ورغبت عَن زيد وَجوز قوم إِظْهَاره اخْتِيَارا وَإِن لم يلبس وَعَلِيهِ ابْن مَالك كَمَا فِي إِلْغَاء الثَّانِي وَدفع بِالْفرقِ بَين الْإِضْمَار قبل الذّكر وَبعده وَلَا خلاف فِي جَوَازه ضَرُورَة كَقَوْلِه 1523 -
(إِذْ كنتَ تَرْضِيه ويُرْضِيك صاحِبٌ ... )

(3/121)


فَإِن كَانَ الْعَامِل من بَاب ظن أضمر قبل الذّكر نَحْو ظناني إِيَّاه وظننت الزيدين قَائِمين أَو أضمر مُؤَخرا نَحْو ظناني وظننت الزيدين قَائِمين إِيَّاه أَو حذف أصلا أَو أُتِي بِهِ اسْما ظَاهرا حذرا من عدم مُطَابقَة الْمخبر عَنهُ أَو الْمُفَسّر نَحْو ظناني قَائِما وظننت الزيدين قَائِمين وَبِه تخرج الْمَسْأَلَة من بَاب التَّنَازُع كَمَا سبق هَذِه أَقْوَال تقدم نظيرها فِي إِلْغَاء الثَّانِي وَالْجُمْهُور على إخيرها وَالْمُخْتَار أَنه إِن وجدت قرينَة حذف لجَوَاز حذف أحد مفعولي ظن لدَلِيل وَإِلَّا بِأَن لم تكن قرينَة جِيءَ بِهِ اسْما ظَاهرا كَمَا قَالَ الْجُمْهُور حذرا من الْمُخَالفَة الْمَذْكُورَة وَمنع ابْن الطراوة الْإِضْمَار فِي بَاب ظن مُطلقًا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَغَيرهَا فَلم يجز مَا أدّى إِلَيْهِ من مسَائِل التَّنَازُع واستبشع من النَّحْوِيين إجَازَة ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ للمضمر مُفَسّر يعود عَلَيْهِ أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت ظننته وظننت زيدا قَائِما لم تكن الْهَاء عَائِدَة على قَائِم إِذْ يصير الْمَعْنى وظنني ذَلِك الْقَائِم الْمَذْكُور

(3/122)


وَلَيْسَ هُوَ إِيَّاه لِأَن الْقَائِم هُوَ زيد وَأجِيب بِأَنَّهُ يعود على قَائِم من حَيْثُ اللَّفْظ لَا الْمَعْنى وَذَلِكَ شَائِع فِي سان الْعَرَب كَمَا قَالُوا عِنْدِي دِرْهَم وَنصفه أَي نصف دِرْهَم آخر فَأَعَادَ ذكره على دِرْهَم الْمَذْكُور من حَيْثُ اللَّفْظ فَقَط وَتوقف أَبُو حَيَّان فَقَالَ الَّذِي يَنْبَغِي الرُّجُوع إِلَى السماع فَإِن استعملته الْعَرَب فِي (ظن) فِي هَذَا الْبَاب اتبع وَإِلَّا توقف فِي إِجَازَته لِأَن عود الضَّمِير على شَيْء لفظا لَا معنى قَلِيل وَخلاف الأَصْل فَلَا يَجْعَل أصلا يُقَاس عَلَيْهِ وَالأَصَح أَنه لَا تنَازع فِي نَحْو مَا قَامَ وَقعد إِلَّا زيد وَقَول الشَّاعِر 1524 -
(مَا صاب قلبِي وأضْناه وتَيّمه ... إِلَّا كواعِبُ من ذهل بن شيبانا)
وَقَوله 1525 -
(مَا جادَ رَأيا وَلَا أجدى مُحاولةً ... إِلَّا امْرُؤ لم يُضِعْ دُنْيا وَلَا دِينَا)
بل هُوَ من بَاب الْحَذف الْعَام لدلَالَة الْقَرَائِن اللفظية وَالتَّقْدِير (أحد) حذف وَاكْتفى بِقَصْدِهِ وَدلَالَة النَّفْي وللاستثناء على حد {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} [الصافات: 164] وَقيل إِنَّه من بَاب التَّنَازُع وَلَيْسَ كالآية الْمَذْكُورَة لِأَن الْمَحْذُوف فِيهَا مُبْتَدأ وَهُوَ جَائِر الْحَذف بخلافة فِي الْمِثَال والبيتين فَإِنَّهُ فَاعل وَلَا يجوز حذفه فَتعين أَن يكون من التَّنَازُع وَالأَصَح أَيْضا أَنه لَا تنَازع فِي قَول امْرِئ الْقَيْس 1526 -
(فَلَو أَن مَا أسعى لأدْنى مَعيشة ... كفانِي وَلم أطلب قليلٌ من المَال)

(3/123)


خلافًا لمن جعله من بَاب التَّنَازُع وَاسْتدلَّ بِهِ على حذف الْمَنْصُوب من الثَّانِي الملغي أَي أطلبه بل هُوَ فعل لَازم لَا مفعول لَهُ أَي كفاني قَلِيل وَلم أسع بِدَلِيل قَوْله فِي صَدره (فَلَو أَن مَا أسعى) وَمنعه أَي التَّنَازُع الْجُمْهُور فِي الْعَامِل الْمُؤخر وشرطوا تقدم العاملين وَتَأَخر مَا يطلبانه عَنْهُمَا فَلَو قلت (ضربت زيدا وضربني) أَو (أَي رجل قد ضربت أَو شتمت) لم يكن من الْبَاب وَجوزهُ الْفَارِسِي فِي تَأَخّر أحد العاملين وَبَعض المغاربة فِي تأخرهما واستغرب أَبُو حَيَّان الْقَوْلَيْنِ وَمنعه الْجُمْهُور فِي الْعَامِل غير الْمُتَصَرف كنعم وَبئسَ قَالَ فِي الْبَسِيط فَلَو قلت نعم فِي الْحَضَر وَبئسَ فِي السّفر الرجل زيد على إِعْمَال الثَّانِي لَكُنْت قد أضمرت فِي الأول وَلم تفسر وَهُوَ لَازم التَّفْسِير إِذا أضمر وَلَو أضمرت لم يكن متنازعا لِأَنَّهُ استوفى جَمِيع مَا لَهُ على النَّحْو الْمَطْلُوب وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا (حبذا) لَا يكون فِيهَا التَّنَازُع بالِاتِّفَاقِ لعدم الْفَصْل لِأَنَّهُ صَار كالمركب مَعَ الْإِشَارَة قَالَ وَكَذَا فعل التَّعَجُّب فِي ظَاهر مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لما يلْزم فِيهِ من الْفَصْل بَينه وَبني معموله على إِعْمَال الأول وَقيل يجوز فِي التَّعَجُّب مُطلقًا ويقتصر الْفَصْل لامتزاج الجملتين بِحرف الْعَطف واتحاد مَا يَقْتَضِي العاملان وَعَلِيهِ الْمبرد وَرجحه الرضي وَقيل يجوز فِيهِ بِشَرْط إِعْمَال الثَّانِي ليزول مَا ذكر من الْفَصْل الْمَحْذُور وَعَلِيهِ ابْن مَالك نَحْو مَا أحسن وأجمل زيدا أَو أحسن بِهِ وأعقل بزيد ورده أَبُو حَيَّان بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ من بَاب التَّنَازُع إِذْ شَرطه جَوَاز إِعْمَال أَيهمَا شِئْت فِي الْمُتَنَازع فِيهِ قَالَ فَإِن ورد بذلك سَماع جَازَ وَمنعه ابْن مَالك وَوَافَقَهُ الْبَهَاء ابْن النّحاس وَابْن أبي الرّبيع فِي الْعَامِل المكرر الْمَعْنى لغَرَض التَّأْكِيد نَحْو

(3/124)


1527 -
(أتاكَ أتاكَ اللاَّحِقُون ... )
1528 -
(فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ العيقيقُ وأهْلُهُ ... )

(3/125)


لِأَن الثَّانِي فِي حكم السَّاقِط فَلَا يعْتد بِهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُصَرح بِالْمَنْعِ فِي ذَلِك أحد سواهُم بل صرح الْفَارِسِي فِي الْمِثَال الثَّانِي بِأَنَّهُ من التَّنَازُع والإضمار فِي أَحدهمَا وَمنعه الْجرْمِي فِيمَا تعدد مَفْعُوله إِلَى اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَخَصه بالمتعدي إِلَى وَاحِد قَالَ لِأَنَّهُ لم يسمع من الْعَرَب فِي ذَوَات الثَّلَاثَة وَبَاب التَّنَازُع خَارج عَن الْقيَاس فَيقْتَصر فِيهِ على المسموع وَالْجُمْهُور قَالُوا سمع فِي الِاثْنَيْنِ حكى سِيبَوَيْهٍ مَتى رَأَيْت أَو قلت زيدا مُنْطَلقًا وَيُقَاس عَلَيْهِ الثَّلَاثَة كَمَا جَازَ توالي المبتدآت وَإِن لم يسمع لِأَنَّهُ قِيَاس أصولهم فَيُقَال فِي إِعْمَال الأول أعلمني وأعلمته إِيَّاه زيد عمرا قَائِما وَفِي إِعْمَال الثَّانِي أعلمني وأعملته زيدا عمرا قَائِما إِيَّاه إِيَّاه هَذَا وَجوزهُ بَعضهم فِي لَعَلَّ وَعَسَى قَالَ فِي الارتشاف تَقول لَعَلَّ وَعَسَى زيد أَن يخرج على إِعْمَال الثَّانِي وَلَو أعمل الأول لقَالَ لَعَلَّ وَعَسَى زيدا خَارج وَجوزهُ السيرافي فِي مصدرين نَحْو قَوْلهم 1529 -
(أرواحٌ مُوَدِّعٌ أم بُكُورُ ... أَنْت فَانْظُر لأيِّ ذَاك تَصِير)
وَمِنْه الْجُمْهُور قَالَ فِي النِّهَايَة فَإِذا قلت سرني إلزامك وزيارتك زيدا وَجب نصب زيدا بالتالي وَلَا يجوز بِالْأولِ للفصل بَين الْمصدر ومعموله وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف يَنْبَغِي أَن يجوز فِيمَا بِمَعْنى الْأَمر أَو بِمَعْنى الْخَبَر بإعمال أَيهمَا شِئْت وَيَقَع التَّنَازُع فِي كل مَعْمُول إِلَّا الْمَفْعُول لَهُ والتمييز وَكَذَا الْحَال لِأَنَّهَا لَا تضمر خلافًا لِابْنِ معط

(3/126)


قَالَ فِي الارتشاف فَإِنَّهُ جوز التَّنَازُع فِيهَا وَلَكِن يَقُول فِي مثل إِن تزرني ألقك رَاكِبًا على إِعْمَال الأول إِن تزرني أزرك فِي هَذِه الْحَال رَاكِبًا على معنى إِن تزرني رَاكِبًا ألقك فِي هَذِه الْحَال وَلَا يجوز الْكِنَايَة بضمير عَنْهَا والأجود إِعَادَة لفظ الْحَال كَالْأولِ انْتهى وَمنعه ابْن خروف وَابْن مَالك فِي سببي مَرْفُوع قَالَا فَلَا تنَازع فِي نَحْو زيد منطلق مسرع أَخُوهُ وَقَول كثير 1530 -
(وعزّة مَمْطولٌ معنىّ غريمُها ... )

(3/127)


صفحة فارغة

(3/128)


لِأَنَّك لَو قدرته لأسندت أحد العاملين إِلَى السببي وأسندت الآخر إِلَى ضَمِيره فَيلْزم عدم ارتباطه بالمبتدأ لِأَنَّهُ لم يرفع ضَمِيره وَلَا مَا لابس ضَمِيره وَذَلِكَ مَمْنُوع فَيحمل الْبَيْت على أَن الْمُتَأَخر مُبْتَدأ مخبر عَنهُ بالعاملين الْمُتَقَدِّمين وَفِي كل مِنْهُمَا ضميرهما وَمَا بعدهمَا خبر عَن الأول بِخِلَاف السببي الْمَنْصُوب فَيكون فِي التَّنَازُع نَحْو زيد اكرم وَأفضل إِيَّاه لِأَنَّهُ يحذف وَلَا يضمر قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا قَالَاه لم يذكرهُ مُعظم النَّحْوِيين وَمنعه قوم فِي الْمُضمر قَالَ فِي الارتشاف وَأَجَازَهُ أَكْثَرهم

(3/129)