همع الهوامع في شرح جمع الجوامع 1 - الْكتاب السَّابِع فِي التصريف
الِاشْتِقَاق الْمِيزَان الصرفي حُرُوف الزِّيَادَة الْحَذف القياسي
والشاذ الْإِبْدَال النَّقْل الْإِدْغَام الْخط رسم الْمُصحف التنقيط
(3/447)
صفحة فارغة
(3/448)
1 - الْكتاب السَّابِع فِي التصريف
(ص) أَعنِي تَغْيِير الْكَلم بِالزِّيَادَةِ والحذف والإعلال وَيخْتَص
بِالِاسْمِ المعرب وَالْفِعْل الْمُتَصَرف (ش) التصريف لُغَة التقليب
من حَالَة إِلَى حَالَة وَهُوَ مصدر صرف أَي جعله يَنْقَلِب فِي أنحاء
كَثِيرَة وجهات مُخْتَلفَة وَمِنْه: {انْظُر كَيفَ نصرف الْآيَات}
[الْأَنْعَام: 46] {وَلَقَد صَرَّفنَا فِي هَذَا القُرءَانِ
لِيَذَّكَّرُوا} [الْإِسْرَاء: 41] أَي جَعَلْنَاهُ على أنحاء وجهات
مُتعَدِّدَة أَي لَيْسَ ضربا وَاحِدًا أما فِي اصْطِلَاح النُّحَاة
فَقَالَ فِي التسهيل هُوَ علم يتَعَلَّق ببنية الْكَلِمَة وَمَا
لحروفها من أَصَالَة وَزِيَادَة وَصِحَّة وإعلال وَشبه ذَلِك وَقَالَ
أَبُو حَيَّان علم النَّحْو مُشْتَمل على أَحْكَام الْكَلِمَة
وَالْأَحْكَام على قسمَيْنِ قسم يلْحقهَا حَالَة التَّرْكِيب وَقسم
يلْحقهَا حَالَة الْإِفْرَاد فَالْأول قِسْمَانِ قسم إعرابي وَقسم غير
إعرابي وَسمي هَذَانِ القسمان علم الْإِعْرَاب تَغْلِيبًا لأحد
الْقسمَيْنِ وَالثَّانِي أَيْضا قِسْمَانِ قسم تَتَغَيَّر فِيهِ
الصِّيَغ لاخْتِلَاف الْمعَانِي نَحْو ضرب وضارب وتضارب واضطراب
وكالتصغير والتكسير وَبِنَاء الْآلَات وَأَسْمَاء المصادر وَغير ذَلِك
وَهَذَا جرت عَادَة النَّحْوِيين بِذكرِهِ قبل علم التصريف وَإِن كَانَ
مِنْهُ وَقسم تَتَغَيَّر فِيهِ الْكَلِمَة لاخْتِلَاف الْمعَانِي
كالنقص والإبدال وَالْقلب وَالنَّقْل وَغير ذَلِك ومتعلق التصريف من
أَنْوَاع الْكَلِمَة الِاسْم الْعَرَب وَالْفِعْل الْمُتَصَرف فَلَا
مدْخل لَهُ فِي الْحُرُوف وَلَا فِي الْأَسْمَاء المبنية وَلَا
الْأَفْعَال الجامدة نَحْو لَيْسَ وَعَسَى
(3/449)
الِاشْتِقَاق
(ص) الِاشْتِقَاق أَصْغَر وَهُوَ رد لفظ إِلَى آخر لمناسبة فِي
الْمَعْنى والحروف الْأَصْلِيَّة وأكبر وَيجوز فِيهِ ترك التَّرْتِيب
وَلم يُثبتهُ غير أبي عَليّ وَابْن جني وَأنكر قوم الأول أَيْضا
وَقَالَ الزّجاج كل كلمة فِيهَا حرف من كلمة فَهِيَ مُشْتَقَّة مِنْهَا
وَعَزاهُ لسيبويه وَلَا بُد فِيهِ من تَغْيِير وَلَو تَقْديرا (ش)
الِاشْتِقَاق نَوْعَانِ أكبر وأصغر فالأكبر هُوَ عقد تقاليب الْكَلِمَة
كلهَا على معنى وَاحِد كَمَا ذهب إِلَيْهِ ابْن جني فِي مَادَّة ق ول
أَن تقاليبها السِّتَّة على معنى الخفة والسرعة نَحْو القَوْل والقلو
والولق والوقل واللوق واللقو وكما ذكر صَاحب الْمُحَرر فِي مَادَّة
الْكَلِمَة أَن خَمْسَة مِنْهَا مَوْضُوعَة لِمَعْنى الشدَّة
وَالْقُوَّة وَهِي الْكَلم والكمل واللكم والمكل وَالْملك وَالسَّادِس
مهمل وَهُوَ اللمك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يقل بِهَذَا الِاشْتِقَاق
الْأَكْبَر أحد من النَّحْوِيين إِلَّا أَبُو الْفَتْح بن جني وَحكي
عَن أبي عَليّ أَنه كَانَ يأنس بِهِ فِي بعض الْمَوَاضِع قَالَ
وَالصَّحِيح أَن هَذَا الِاشْتِقَاق غير معول عَلَيْهِ لعدم اطراده والاشتقاق
الْأَصْغَر هُوَ إنْشَاء مركب من مَادَّة يدل عَلَيْهَا وعَلى
مَعْنَاهُ وَهَذَا الِاشْتِقَاق أَيْضا فِيهِ خلاف ذهب الْخَلِيل
وسيبويه وَأَبُو عَمْرو وَأَبُو الْخطاب وَعِيسَى بن عمر والأصمعي
وَأَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة والجرمي وقطرب والمازني والمبرد والزجاج
وَالْكسَائِيّ وَالْفراء والشيباني وَابْن الْأَعرَابِي وثعلب إِلَى
أَن الْكَلم بعضه مُشْتَقّ وَبَعضه غير مُشْتَقّ وَذَهَبت طَائِفَة من
متأخري أهل اللُّغَة أَن الْكَلم كُله مُشْتَقّ وَقد نسب هَذَا
الْمَذْهَب للزجاج وَزعم بَعضهم أَن سِيبَوَيْهٍ كَانَ يرى ذَلِك وَزعم
قوم من أهل النّظر أَن الْكَلم كُله أصل وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْء اشتق من
غَيره وتفريع النَّاس إِنَّمَا هُوَ على القَوْل الأول قَالَ أَبُو
حَيَّان وَاعْلَم أَنه يعرض فِي اللَّفْظ الْمُشْتَقّ مَعَ الْمُشْتَقّ
مِنْهُ تغييرات تِسْعَة
(3/450)
الأول زِيَادَة حَرَكَة كضرب من ضرب
الثَّانِي زِيَادَة حرف كطالب من طلب الثَّالِث زِيَادَة حَرَكَة وحرف
كضارب من ضرب الرَّابِع نقص حَرَكَة كفرس من الْفرس الْخَامِس نقص حرف
كنبت من النَّبَات وَخرج من الْخُرُوج السَّادِس نقص حَرَكَة وحرف كنزا
من النزوات السَّابِع نقص حَرَكَة وَزِيَادَة حرف كغضبي من الْغَضَب
الثَّامِن نقص حرف وَزِيَادَة حَرَكَة كحرم من الحرمان التَّاسِع
زِيَادَة حَرَكَة وحرف ونقصان حَرَكَة وحرف نَحْو استنوق من النَّاقة
فالعين فِي النَّاقة سَاكِنة وَفِي استنوق متحركة وَالْفَاء فِي
النَّاقة متحركة وَفِي استنوق سَاكِنة وَالتَّاء فِي النَّاقة
مَوْجُودَة وَفِي استنوق مفقودة وَالسِّين فِي النَّاقة مفقودة وَفِي
استنوق مَوْجُودَة
الْمِيزَان الصرفي
(ص) مَسْأَلَة يُوزن أول الْأُصُول بِالْفَاءِ وَثَانِيها بِالْعينِ
وَثَالِثهَا بِاللَّامِ وتكرر للفائق وَحكم الكوفية بِزِيَادَة غير
الثَّلَاثَة ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْوَزْن وَصفته وَالزَّائِد
بِلَفْظِهِ إِلَّا المكرر فِيمَا تقدمه وَبدل تَاء افتعل فبالتاء ويحذف
من الزنة ويقلب كَهُوَ وَيعرف الزَّائِد بالاشتقاق وَشبهه وسقوطه من
نَظِير وَكَونه لِمَعْنى أَو فِي مَوضِع تلْزم فِيهِ زِيَادَته أَو
تكْثر واختصاصه بِبِنَاء لَا يَقع فِيهِ مَا لَا يصلح للزِّيَادَة
وَلُزُوم عدم النظير بِتَقْدِير أصالته فِيمَا هُوَ مِنْهُ أَو نَظِيره
(ش) اصْطلحَ النحويون على أَن يزنوا بِلَفْظ الْفِعْل لما كَانَ
الْفِعْل يعبر بِهِ عَن كل فعل وَكَانَت الْأَفْعَال لَهَا ظُهُور
الزِّيَادَة والأصالة بِأَدْنَى نظر ثمَّ حملُوا الْأَسْمَاء عَلَيْهَا
فِي أَن وزنوها بِالْفِعْلِ فَكَانَ أقل مَا تكون عَلَيْهِ الْكَلِمَة
الَّتِي يدخلهَا التصريف ثَلَاثَة أحرف فَجعلُوا حُرُوف الْفِعْل
مُقَابلَة لأصول الْكَلِمَة والحرف الزَّائِد منطوقا بِهِ
(3/451)
بِلَفْظِهِ ليمتاز الْأَصْلِيّ من
الزَّائِد فَإِن لم تغن الْأُصُول كررت عِنْد الْبَصرِيين فَيُقَال وزن
جَعْفَر فعلل وَوزن سفرجل فعلل لِأَن الْكَلِمَة تكون عِنْدهم ثلاثية
ورباعية وخماسية وَهِي مُجَرّدَة من الزَّوَائِد وَأما الْكُوفِيُّونَ
فَذَهَبُوا إِلَى أَن نِهَايَة أصل الْكَلِمَة ثَلَاثَة وَمَا زَاد على
الثَّلَاثَة حكمُوا بِزِيَادَتِهِ فيزنون مَا كَانَ ثلاثيا بِلَفْظ
الْفِعْل وَأما مَا زَاد نَحْو جَعْفَر وسفرجل فَاخْتَلَفُوا فِيهِ
فَمنهمْ من قَالَ لَا نزن شَيْئا من ذَلِك وَإِذا سُئِلَ عَن وَزنه
قَالَ لَا أَدْرِي وَمِنْهُم من يزن وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فَمنهمْ من
ينْطق بِلَفْظ مَا زَاد عَن الثَّالِث فَيَقُول وزن جَعْفَر فعلر وَوزن
سفرجل فعلجل وَمِنْهُم من يزن ذَلِك كوزننا فَيَقُول فعلل وفعلل مَعَ
اعْتِقَاد زِيَادَة مَا زَاد على الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو حَيَّان
فَإِن قلت مَا فَائِدَة وزن الْكَلِمَة بِالْفِعْلِ قلت فَائِدَته
التَّوَصُّل إِلَى معرفَة الزَّائِد من الْأَصْلِيّ على سَبِيل
الِاخْتِصَار فَإِن قَوْلك وزن اسْتِخْرَاج استفعال أخصر من أَن تَقول
الْألف وَالسِّين وَالتَّاء وَالْألف فِي اسْتِخْرَاج زَوَائِد وَإِذا
حذف من الْكَلِمَة شَيْء فلك أَن تزنه بِاعْتِبَار أَصله أَو اعْتِبَار
مَا صَار إِلَيْهِ فوزن شية وسه وَيَد بِاعْتِبَار الأَصْل فعلة وَفعل
وَفعل وَبِاعْتِبَار الْحَذف عِلّة وفل وفع وَإِذا وَقع فِي الْكَلِمَة
قلب قلب فِي الزنة فَيُقَال وزن أَشْيَاء لفعاء على رَأْي من يرى أَن
فِيهَا قلبا ويوزن المكرر للتضعيف بِمَا تقدمه لَا بِلَفْظِهِ فَيُقَال
وزن قردد فعلل لَا فعلد لِأَن الدَّال لما لم ترد مُنْفَرِدَة فِي
الأَصْل لم يجعلوها مُنْفَرِدَة فِي الْوَزْن وَيحصل الْفرق بَينه
وَبَين بَاب جَعْفَر بالموزون لَا بِالْوَزْنِ ويوزن الْمُبدل من تَاء
الافتعال بِالتَّاءِ لَا بالحرف الْمُبدل فَيُقَال فِي وزن اصْطفى
افتعل لَا افطعل وَجُمْلَة مَا يعرف بِهِ الزَّائِد تِسْعَة أَشْيَاء
أَحدهَا الِاشْتِقَاق فَإِن دلّ على أَن ألف ضَارب وهمز اضْرِب وَرَاء
ضرب زَوَائِد
(3/452)
الثَّانِي شبه الِاشْتِقَاق وَالْفرق بَينه
وَبَين مَا قبله أَن الأول فِيهِ سُقُوط من أصل وَهَذَا فِيهِ سُقُوط
من فرع مِثَاله ألف قذال وواو عَجُوز وياء كثيب فَإِنَّهَا تسْقط فِي
الْجمع وَهُوَ قذل وَعجز وكثب وَالْجمع فرع والإفراد أصل فَدلَّ على
زيادتها فِيهِ الثَّالِث سُقُوطه من نَظِير كإطل وأيطل وهما بِمَعْنى
فالياء من أيطل زَائِدَة لسقوطها فِي إطل الرَّابِع كَونه لِمَعْنى
فَإِن رَأَيْت حرفا فِي كلمة يفهم مِنْهُ معنى فاحكم بِزِيَادَتِهِ
كحروف المضارعة وَألف فَاعل وتاء افتعل وياء التصغير الْخَامِس كَونه
فِي مَوضِع تلْزم فِيهِ زِيَادَته كنون (عفنقس) بِالْفَاءِ وَهُوَ
الْعسر الْأَخْلَاق لَا يعف لَهُ اشتقاق وَحكم بِزِيَادَة نونه
لِأَنَّهَا وَقعت ثَالِثَة سَاكِنة وَبعدهَا حرفان وَلَيْسَت مدغمة
فِيمَا بعْدهَا وَمَا وجد من ذَلِك مِمَّا عرف لَهُ اشتقاق كَانَت
النُّون فِي زَائِدَة على جِهَة اللُّزُوم كجحنفل وحبنطى السَّادِس
كَونه فِي مَوضِع تكْثر فِيهِ زِيَادَته كهمزة أفكل وَهِي الرَّعْد لَا
يعرف لَهُ اشتقاق وَحكم بِزِيَادَة همزته لِكَثْرَة زِيَادَة الْهمزَة
أَولا قبل ثَلَاثَة أحرف السَّابِع اخْتِصَاصه بباء لَا يَقع موقعه
مِنْهَا مَا لَا يصلح للزِّيَادَة كنون حنطأو بِوَزْن فنعلو فَإِنَّهَا
زَائِدَة إِذْ لم يَجِيء مَكَان النُّون فِي نَحْو هَذَا الْبناء حرف
أُصَلِّي الثَّامِن وَالتَّاسِع لُزُوم عدم النظير بِتَقْدِير أصالته
فِيمَا هُوَ مِنْهُ أَو فِي نَظِير مَا هُوَ مِنْهُ مِثَال الأول ملوط
وَهِي مقرعة الْحَدِيد فالواو زَائِدَة وَالْمِيم أَصْلِيَّة ووزنه
فعول لِأَنَّهُ لَو عكس لَكَانَ وزن مفعلا ومفعل مَفْقُود وفعول
مَوْجُود نَحْو عتود وعسول وعلود وَمِثَال الثَّانِي وَالْمرَاد بِهِ
أَن يكون فِي الْكَلِمَة حرف لَا يُمكن إِلَّا زِيَادَته لكَون
الْكَلِمَة على بِنَاء مَخْصُوص لَا يكون إِلَّا من الْأَبْنِيَة
الْمَزِيد فِيهَا ثمَّ تسمع فِي تِلْكَ الْكَلِمَة لُغَة أُخْرَى
يتَعَيَّن فِيهَا حَرَكَة ذَلِك الْحَرْف فَيحْتَمل بتغيير تِلْكَ
الْحَرَكَة أَن يكون ذَلِك الْحَرْف أصلا وَأَن يكون زَائِدا فَيحمل
على الزِّيَادَة للْقطع بِأَنَّهُ زَائِد فِي اللُّغَة الْأُخْرَى
وَذَلِكَ (تَتْفُل) فَإِن فِيهِ لُغَات أَحدهَا بِفَتْح التَّاء الأولى
وَضم الْفَاء فَهَذَا وَزنه تفعل كتنضب فالتاء فِيهِ زَائِدَة لأَنا
لَو قدرناها أَصْلِيَّة لزم من ذَلِك عدم
(3/453)
النظير لِأَنَّهُ يكون وَزنه حِينَئِذٍ
فعللا وفعلل بِنَاء لم يَجِيء عَلَيْهِ شَيْء من الْكَلم واللغة
الْأُخْرَى تنفل بِضَم التَّاء وَالْفَاء فَهَذَا يحْتَمل أَن تكون
التَّاء فِيهِ أَصْلِيَّة وَيكون وَزنه (فعللا) كبرثن لكنه يلْزم من
ذَلِك عدم النظير فِي اللَّفْظ الَّذِي هُوَ ذَلِك الْحَرْف مِنْهُ
أَلا ترى أَن التَّاء فِي تَتْفُل المضموم أَوله موجوة فِي تفل المفتوح
أَوله فلزوم عدم النظير فِي تَتْفُل إِذا قدرناها أَصْلِيَّة دَلِيل
على الزِّيَادَة فِي تَتْفُل إِذْ هَذِه التَّاء هِيَ تِلْكَ وَلم
تَتَغَيَّر إِلَّا بالحركة
حُرُوف الزِّيَادَة
(ص) حُرُوف الزِّيَادَة (تَسْلِيم وهناء) فَمَتَى صَحِبت أَكثر من
أصلين ألف أَو يَاء أَو وَاو أَو غير مصدرة أَو همزَة مصدرة أَو مؤخرة
هِيَ أَو نون بعد ألف زَائِدَة أَو مِيم مصدرة فزائدة مَا لم يُعَارض
دَلِيل الْأَصَالَة كملازمة مِيم معد اشتقاقا والتقدم على أَرْبَعَة
أصُول فِي غير فعل أَو اسْم بشبهه (ش) حُرُوف الزِّيَادَة عشرَة وَقد
جمعهَا النَّاس فِي أَنْوَاع من الْكَلَام كَقَوْلِهِم (سألتمونيها) و
(الْيَوْم تنساه) و (أَمَان وتسهيل) و (تَسْلِيم وهناء) فَيحكم
بِزِيَادَة مَا صحب أَكثر من أصلين من ألف أَو يَاء أَو وَاو غير مصدرة
نَحْو كتاب وكثيب وعجوز بِخِلَاف مَا صحب أصلين فَقَط كدار وفيل وغول
فَلَيْسَ بزائد لِأَن أقل مَا تكون عَلَيْهِ الْكَلِمَة ثَلَاثَة أحرف
وَقَوْلِي غير مصدرة قيد فِي الْوَاو فَقَط لِأَن الْألف لَا تتصدر
لسكونها وَالْيَاء تتصدر وَهِي زَائِدَة وَمِثَال تصدر الْوَاو (ورنتل)
فَهِيَ أصل لَا زَائِدَة وَكَذَا يحكم بِزِيَادَة الْهمزَة إِذا صَحِبت
أَكثر من أصلين وَكَانَت مصدرة نَحْو أَحْمَر وأصفر أَو مؤخرة نَحْو
حَمْرَاء وصفراء فَإِن صَحِبت أصلين فَقَط كَانَت أصلا نَحْو أَبنَاء و
(أجأ) أَو بَدَلا من أصل نَحْو مَاء وَكسَاء وَكَذَا يحكم بِزِيَادَة
النُّون إِذا صَحِبت أَكثر من أصلين وَكَانَت مؤخرة بعد ألف زَائِدَة
نَحْو قطران وَعُثْمَان وسرحان وَكَذَا يحكم بِزِيَادَة الْمِيم إِذا
صَحِبت أَكثر من أصلين وَكَانَت مصدرة نَحْو منسج ومرحب فَإِن كَانَ
بعْدهَا أصلان فَقَط قضي عَلَيْهَا بِالْأَصَالَةِ إِذْ لَا أقل من
ثَلَاثَة أصُول
(3/454)
وَمحل الحكم بِالزِّيَادَةِ فِي جَمِيع
الْمَذْكُورَات أَعنِي الْألف وَالْيَاء وَالْوَاو والهمزة وَالنُّون
وَالْمِيم مَا إِذا لم يُعَارض الزِّيَادَة دَلِيل الْأَصَالَة كملازمة
مِيم معد فِي الِاشْتِقَاق فَإِنَّهُم حِين اشتقوا من معد فعلا قَالُوا
تمعدد وكالتقدم على أَرْبَعَة أصُول فِي غير فعل أم اسْم يُشبههُ نَحْو
يستعور وورنتل وإصطبل أما الْفِعْل وَشبهه فَإِن الزِّيَادَة تتقدم
فيهمَا على أَرْبَعَة أصُول نَحْو تدحرج ومتدحرج (ص) وزيدت النُّون فِي
نَفْعل وَانْصَرف واحرنجم والمثنى وَالْجمع وَنَحْو غضنفر (ش) النُّون
تزاد باطراد فِي أول الْمُضَارع وَفِي بَاب الانفعال والافعنلال
وفروعهما كالانصراف والاحرنجام وَفِي آخر التَّثْنِيَة وَالْجمع
كالزيدان والزيدون وساكنة مفكوكة بَين حرفين قبلهَا نَحْو غضنفر وجحنفل
وعقنقل بِخِلَاف المدغمة كعجنس وهجنف فَلَا يحكم عَلَيْهَا
بِالزِّيَادَةِ فوزنهما فعلل (ص) وَالتَّاء فِي تفعل وتفعلل وَتفعل
وتفاعل وافتعل ومسلمة وَالسِّين مَعهَا فِي الاشتقعال وفروعه وَالْهَاء
وَقفا أنكرها الْمبرد وَاللَّام فِي الْإِشَارَة (ش) تزاد التَّاء
باطراد فِي أول الْمُضَارع وَفِي بَاب التفعلل كالتدحرج والتفعل
كالتكسر والتفاعل كالتغافل والافتعال كالاكتساب وفروعها وَفِي صِفَات
المؤنثة كمسلمة وتزاد مَعَ السِّين فِي الاستفعال كالاستخراج وفروعه
وتزاد الْهَاء فِي الْوَقْف وَاللَّام فِي الْإِشَارَة على مَا مر فِي
بابهما وَأنكر الْمبرد زِيَادَة الْهَاء لِأَنَّهَا لم تأت فِي كلمة
مَبْنِيَّة على الْهَاء وَإِنَّمَا تلْحق لبَيَان الْحَرَكَة قَالَ
أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنَّهَا من حُرُوف الزِّيَادَة وَإِن
كَانَت زيادتها قَليلَة من ذَلِك أمهة وهبلع وهجرع وهركولة (ص) وتقل
زِيَادَة مَا ذكر خَالِيا من قيد وَلَا تقبل إِلَّا بِدَلِيل كهمزة
شمأل وهاء أُمَّهَات وأهراق وسين قدموس واسطاع فَإِن لم يثبت زِيَادَة
الْألف فبدل لَا أصل إِلَّا فِي حرف أَو شبهه أَو تَضَمَّنت كلمة
متماثلين ومتباينين لم تثبت زِيَادَة أَحدهَا فأحد المثلين زَائِد مَا
لم يماثل الْفَاء أَو الْعين المفصولة بِأَصْل فَإِن تماثلت أَرْبَعَة
وَلَا أصل للكلمة فَالْكل
(3/455)
أصُول وَثَالِثهَا إِن لم يفهم الْمَعْنى
بِسُقُوط الثَّالِث وَفِي الأولى بِالزِّيَادَةِ من المضاعف ثَالِثهَا
الثَّانِي فِي نَحْو اقعنسس وَالْأول فِي نَحْو علم والهمزة وَالنُّون
آخرا بعد الْألف بَينهَا وَبَين الْفَاء مشددأ وحرفان أَحدهمَا لين
يحْتَمل زيادتهما وَزِيَادَة أحد المثلين أَو اللين إِلَّا لمَانع (ش)
تقل زِيَادَة مَا ذكر من الْحُرُوف إِن خلا مِمَّا قيد بِهِ فِيمَا سبق
وَلَا تقبل زِيَادَته إِلَّا بِدَلِيل يحْكى من الدَّلَائِل التِّسْعَة
السَّابِق ذكرهَا كسقوط همزَة شمأل واحبنطأ فِي الشُّمُول والحبط
فَإِنَّهُ دَلِيل زيادتها مَعَ فقد شَرطهَا وَهُوَ التصدر أَو
التَّأَخُّر بعد ألف زَائِدَة وَسُقُوط هَاء أُمَّهَات فِي أمات وهاء
أهراق فِي أراق وسين قدموس وَهُوَ بِمَعْنى قديم زيدت فِيهِ السِّين
للإلحاق بعصفور وسين اسطاع فِي أطَاع فَإِن لم تثبت زِيَادَة الْألف
فَهِيَ بدل لَا أصل كالرحى والعصى إِلَّا فِي حرف كلا وبلى وَإِلَى أَو
شبهه كالأولى وَمَا الاسمية وَالضَّابِط أَن الْألف لَا تكون أصلا
إِلَّا فِي حرف أَو شبهه وَإِن تَضَمَّنت كلمة حرفين متباينين وحرفين
متماثلين وَلم تثبت زِيَادَة أحد المتباينين حكم على أحد المتماثلين
بِالزِّيَادَةِ نَحْو جليب وقردد فَإِن ثَبت زِيَادَة أحد المتباينين
لم يحكم على أحد المتماثلين بِالزِّيَادَةِ بل هُوَ أصل نَحْو مفر ومقر
فَإِن الْمِيم فيهمَا قد ثبتَتْ زيادتها وَكَذَا إِذا ماثل أحد المثلين
الْفَاء أَو الْعين المفصولة بِأَصْل فَإِنَّهُ لَا يحكم حِينَئِذٍ على
أحد المتماثلين بِالزِّيَادَةِ نَحْو كَوْكَب وقوقل فَإِنَّهُمَا تضمنا
حرفين متماثلين وهما القافان والكافان وحرفين متباينين وهما الْوَاو
وَالْبَاء وَالْوَاو وَاللَّام وَلَا يحكم على أحد المتماثلين الَّذِي
هُوَ الْقَاف وَالْكَاف بِالزِّيَادَةِ لمماثلة الْفَاء بل هما أصلان
وَنَحْو حَدْرَد فَإِنَّهُ تضمن حرفين متباينين وهما الْحَاء وَالرَّاء
وحرفين متماثلين وهما الدالان وَلَا يحكم على أحد الدالين
بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ قد ماثل أحد المتماثلين الْعين الَّتِي هِيَ
الدَّال وَفصل بَين المتماثلين بِأَصْل وَهُوَ الرَّاء الَّتِي هِيَ
لَام الْكَلِمَة الأولى
(3/456)
فَإِن فصل بَينهمَا بزائد كَانَ أحد
المتماثلين زَائِدا كحنفقيق اجْتمع فِيهِ مثلان وهما القافان ومتباينان
وهما الْخَاء وَالْفَاء وَقد ماثل المثلين عين الْكَلِمَة وَقد فصل
بَينهمَا بزائد فَيحكم على أحد المثلين بِأَنَّهُ زَائِد أَلا ترى أَنه
مَأْخُوذ من الخفق وَكَذَا لَو لم يَقع فصل أَلْبَتَّة نَحْو (مشمخر)
فأحد المثلين زَائِد فَإِن تماثلت أَرْبَعَة وَلَا أصل للكلمة غَيرهَا
نَحْو سمسم وقمقم وفلفل وزلزل فَالْكل أصُول هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين
لِأَنَّهُ إِن جعل كل من المثلين زَائِدا أدّى إِلَى بِنَاء الْكَلِمَة
على أقل من ثَلَاثَة أَو أَحدهمَا أدّى إِلَى بِنَاء مَفْقُود إِذْ
يصير وَزنهَا على تَقْدِير زِيَادَة أول الْكَلِمَة (عفعل) وعَلى
زِيَادَة الثَّانِي (فَلَعَلَّ) وعَلى زِيَادَة الثَّالِث (فعفل)
وَكلهَا مَفْقُود وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن هَذَا الْبَاب
وَنَحْوه ثلاثي أَصله فعل فاستثقل التَّضْعِيف فحالوا بَين المضاعفين
بِحرف مثل فَاء الْفِعْل وَقيل مَحل الْخلاف فِيمَا يفهم الْمَعْنى
بِسُقُوط ثالثه نَحْو كبكب بِخِلَاف غَيره فَإِن كَانَ للكلمة أصل غير
الْأَرْبَعَة حكم بِزِيَادَة أَحدهمَا نَحْو مرمريس فَإِنَّهُ ثلاثي
مَأْخُوذ من المرس فَلَا تعم الْحُرُوف الْأَصَالَة وَاخْتلف فِي
المثلين فِي نَحْو اقعنسس وَعلم أَيهمَا الزَّائِد فَذهب الْخَلِيل
إِلَى أَن الزَّائِد هُوَ الأول وَذهب يُونُس إِلَى أَن الثَّانِي هُوَ
الزَّائِد وَأما سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ حكم بِأَن الثَّانِي هُوَ
الزَّائِد ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك وكلا الْوَجْهَيْنِ صَوَاب وَمذهب
وَصحح الْفَارِسِي مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَصحح ابْن عُصْفُور مَذْهَب
الْخَلِيل وَقد بسطت أَدِلَّة ذَلِك فِي كتاب (الْأَشْبَاه والنظائر
النحوية) وَاخْتَارَ ابْن مَالك فِي التسهيل أَن الثَّانِي أولى
بِالزِّيَادَةِ فِي بَاب (اقعنسس) وَالْأول أولى فِي بَاب (علم) وَمَا
آخِره همزَة أَو نون بعد ألف بَينهَا وَبَين الْفَاء حرف مشدد نَحْو
(قثاء) و (رمان) أَو حرفان أَحدهمَا لين نَحْو (زيزاء) و (قوباء) و
(عقيان) و (عنوان) و (علوان) فَيحْتَمل أَصَالَة الْأَخير من الْهمزَة
أَو النُّون
(3/457)
وَزِيَادَة أحد المثلين فِي المشدد أَو
اللين فِي قسميه وَالْعَكْس أَي زِيَادَة الآخر وأصالة أحد المثلين أَو
اللين فوزن قثاء على الأول فعال ورمال وعَلى الثَّانِي فعلاء وفعلان
مَا لم يكن مَانع من أَدَاء إِلَى إهمال تِلْكَ الْمَادَّة أَو قلَّة
نَظِير فَيتَعَيَّن فِي (مزاء) زِيَادَة الْهمزَة لِأَن مَادَّة مزاء
مُهْملَة ومادة (مزز) مَوْضُوعَة بِدَلِيل قَوْلهم مزة وَفِي (لوذان)
زِيَادَة النُّون لِأَن مَادَّة (لذن) مُهْملَة ومادة (لوذ) مَوْضُوعَة
لقَولهم (لواذ) وَفِي سقاء زِيَادَة أحد المثلين لِأَن مَادَّة س ق ق
مُهْملَة ومادة س ق ي مَوْضُوعَة وَفِي قينان زِيَادَة الْيَاء لِأَن
مَادَّة ق. ي. ن مُهْملَة ومادة ق. ن. ن مَوْضُوعَة لقَولهم قنن وأقنان
مَعَاني الْحَرْف الزَّائِد
(ص) مَسْأَلَة الزَّائِد إِمَّا لِمَعْنى أَو إِمْكَان أَو بَيَان
حَرَكَة أَو مد أَو عوض أَو تَكْثِير أَو إِلْحَاق وَهُوَ بِمَا جعل
بِهِ ثلاثي أَو رباعي موازنا لما فَوْقه مُسَاوِيا لَهُ فِي حكمه وَلَا
تلْحق الْألف إِلَّا آخِره مبدلة من يَاء وَلَا الْهمزَة أَولا إِلَّا
مَعَ مساعد وَلَا إِلْحَاق أَو بِنَاء نَظِير من غير تدرب وامتحان
إِلَّا بِسَمَاع على أصح الْأَقْوَال (ش) الزَّائِد يكون لأحد سَبْعَة
أَشْيَاء الأول لِمَعْنى وَهُوَ أقوى الزَّائِد كحرف المضارعة
الثَّانِي الْإِمْكَان كهمزة الْوَصْل الثَّالِث لبَيَان الْحَرَكَة
كهاء السكت فِي الْوَقْف الرَّابِع للمد ككتاب وعجوز وقضيب الْخَامِس
للعوض كتاء التَّأْنِيث فِي زنادقة فَإِنَّهَا عوض من يَاء زنديق
وَلذَا لَا يَجْتَمِعَانِ
(3/458)
السَّادِس لتكثير الْكَلِمَة كألف (قبعثرى)
وَنون (كنهبل) السَّابِع للإلحاق كواو كوثر وياء (ضيغم) وَضَابِط
الَّذِي للإلحاق مَا جعل بِهِ ثلاثي أَو رباعي موازنا لما فَوْقه ك
(رعشن) نونه زَائِدَة للإلحاق لِأَنَّهُ من الارتعاش فَألْحق بِجَعْفَر
و (فردوس) واوه زَائِدَة للإلحاق (بجردحل) و (إنقحل) همزته ونونه
زائدتان للإلحاق لِأَنَّهُ من القحل فَألْحق (بجردحل) وَالْمرَاد
بالموازنة الْمُوَافقَة فِي الحركات والسكنات وَعدد الْحُرُوف
لِأَنَّهُ يُوزن كوزنه وبالمساواة فِي حكمه ثُبُوت الْأَحْكَام
الثَّابِتَة للملحق بِهِ للمحلق من صِحَة واعتلال وتجرد من حُرُوف
الزِّيَادَة وتضمن لَهَا وزنة الْمصدر الشَّائِع فَلَو قيل ابْن من
الضَّرْب مثل (جَعْفَر) يُقَال (ضربب) أَو مثل (برثن) يُقَال (ضربب)
أَو مثل (زبرج) يُقَال (ضربب) وَلَو قيل ابْن من البيع مثل (صعون)
يُقَال (بُيُوع) فَيصح وَلَا يدغم وَلَو قيل ابْن من القَوْل مثل
(طيال) يُقَال (قيال) فيعل وَلَو بني من سحك مثل (احرنجم) قيل اسحنكك)
فَيضمن النُّون الَّتِي هِيَ مزيدة فِي الملحق بِهِ وزيدت الْهمزَة
وَإِحْدَى الكافين للإلحاق وَلَو بنى من (دحرج) مثل (قبعثرى) قيل
(دحرحجى) فَيضمن الْألف الَّتِي هِيَ مزيدة الملحق وَزِيَادَة خَامِس
للإلحاق وَقيل فِي مصدر (بيطر) الملحق (بيطرة) كَمَا جَاءَ مصدر (دحرج)
على (دحرجة) وَلَا تلْحق الْألف إِلَّا آخِره مبدلة من يَاء (كعلقى)
فِي لُغَة من نون فَإِنَّهُ مُلْحق (بِجَعْفَر) و (ذفرى) فِي لُغَة من
نون فَإِنَّهُ مُلْحق بدرهم و (حبنطى) مُلْحق (بسفرجل) وَلَا تلْحق
حَشْوًا وَلَا آخرا مبدلة من وَاو
(3/459)
وَلَا تلْحق الْهمزَة أَولا إِلَّا مَعَ
مساعد أَي إِن كَانَ مَعهَا حرف آخر زَائِد للإلحاق أَيْضا كنون
(ألندد) الملحق بسفرجل وواو (إدرون) الملحق (بجردحل) فَإِن وَقعت أَولا
وَلَيْسَ مَعهَا حرف زَائِد لم تكن للإلحاق (كأفكل) وَإِن وَقعت
حَشْوًا أَو طرفا فَإِنَّهَا تكون للإلحاق وَلَا يحْتَاج إِلَى مساعد
من حرف زَائِد نَحْو شأمل مُلْحق بِجَعْفَر وَقد يكون مَعهَا حرف
زَائِد نَحْو علْبَاء مُلْحق بقرطاس وَلَا إِلْحَاق إِلَّا بِسَمَاع من
الْعَرَب إِلَّا أَن يكون على جِهَة التدرب والامتحان كالأمثلة الَّتِي
يتَكَلَّم بهَا النحويون متضمنة لحروف الْإِلْحَاق على طَريقَة أبنية
الْعَرَب يقصدون بذلك تمرين المشتغل بِهَذَا الْفَنّ وإجادة فكره
وَنَظره وَهَذَا الحكم جَار فِي كل مَا أردْت أَن تبني من كلمة نَظِير
كلمة أُخْرَى وَإِن لم يكن إِلْحَاق فَإِن ذَلِك لَا يجوز إِلَّا أَن
يكون على وَجه التدرب والامتحان هَذَا أصح الْمذَاهب فِي
الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ إِحْدَاث لفظ لم تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب
وَالثَّانِي يجوز مُطلقًا لِأَن الْعَرَب قد أدخلت فِي كَلَامهَا
الْأَلْفَاظ الأعجمية كثيرا سَوَاء كَانَت على بِنَاء كَلَامهَا أم لم
تكن فَكَذَلِك يجوز إِدْخَال هَذِه الْأَلْفَاظ المصنوعة هُنَا فِي
كَلَامهم وَإِن لم تكن مِنْهُ قِيَاسا على الأعجمية وَعَلِيهِ
الْفَارِسِي قَالَ لَو شَاءَ شَاعِر أَو متسع أَن يَبْنِي بإلحاق
اللَّام اسْما أَو فعلا أَو صفة لجَاز ذَلِك لَهُ وَكَانَ من كَلَام
الْعَرَب وَذَلِكَ قَوْلك حزجج أحسن من دخلل وضريب زيد ومررت بِرَجُل
كريم وضريب قَالَ ابْن جني فَقلت لَهُ أترتجل اللُّغَة ارتجالا قَالَ
لَيْسَ هَذَا ارتجالا لكنه مقيس على كَلَامهم أَلا ترى أَنَّك تَقول
طَابَ الخشكنان فتجعله من كَلَام الْعَرَب وَإِن لم تكن الْعَرَب قد
تَكَلَّمت بِهِ فرفعك إِيَّاه ونصبك صَار مَنْسُوبا إِلَى كَلَامهم
انْتهى ورد بِأَن اللَّفْظ الأعجمي لَا يصير بِإِدْخَال الْعَرَب لَهُ
فِي كَلَامهَا عَرَبيا بل تكون قد تَكَلَّمت بِهِ بلغَة غَيرهَا وَإِذا
تكلمنا نَحن بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ المصنوعة كناقد تكلمنا بِمَا لَا
يرجع إِلَى لُغَة من اللُّغَات
(3/460)
وَالْمذهب الثَّالِث التَّفْصِيل بَين مَا
تكون الْعَرَب قد فعت مثله فِي كَلَامهَا كثيرا واطرد فَيجوز لنا
إِحْدَاث نَظِيره وَإِلَّا فَلَا فَإِذا قيل ابْن من الضَّرْب مثل
جَعْفَر قُلْنَا ضربب فَهَذَا مُلْحق بِكَلَام الْعَرَب لِأَن الرباعي
قد ألحق بِهِ كثيرا من الثلاثي بالتضعيف نَحْو مهدد وقردد وَبِغير
التَّضْعِيف نَحْو شأمل ورعشن وَلَا فرق بَين قِيَاس اللَّفْظ على
اللَّفْظ وَالْحكم على الحكم عِنْد صَاحب هَذَا الْمَذْهَب وَالَّذين
قَالُوا بِالْقِيَاسِ فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء اخْتلفُوا فِي المعتل
وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا بَاب وَاحِد فَمَا سمع فِي أَحدهمَا فَلَيْسَ
عَلَيْهِ الآخر أَو هما بَابَانِ متباينان يجْرِي فِي أَحدهمَا مَا لَا
يجرى فِي الآخر فَذهب سِيبَوَيْهٍ وَجَمَاعَة إِلَى أَنَّهُمَا بَاب
وَاحِد وَذهب الْجرْمِي والمبرد إِلَى أَنَّهُمَا بَابَانِ
3 - الْحَذف القياسي والشاذ
(ص) الْحَذف يطرد فِي ألف مَا الاستفهامية المجرورة وَفَاء نَحْو وعد
فِي مضارعة وَأمره ومصدره محركة عينه بحركتها وهمز أفعل فِي مضارعه
ووصفية مَا لم تقلب هَاء أَو عينا وَعين فيعلولة خلافًا للكوفية وواو
فيعل وفيعلة وَفِي قِيَاس يائهما خلف وَفَاء (مر) لَا بعد وَاو أَو
فَاء وَخذ وكل وَمَا خرج عَن ذَلِك من حذف أَو إبْقَاء فشاذ وَمِنْه
خلافًا للشلوبين حذف عين وَقيل لَام أحس وظل وَمَسّ مَبْنِيا على
السّكُون مكسور أول الْأَخيرينِ ومفتوحا وَقل فِي أَمر ومضارع وَيَا
نَحْو استحيى وفروعه وَكثر فِي أُبَالِي جزما وَاللَّام واوا وَمِنْه
اسْم خلافًا للكوفية وَالْيَاء وَالْهَاء قَلِيل والهمزة وَالنُّون
وَفِي غير اللَّام أقل (ش) الْحَذف قِسْمَانِ مقيس وشاذ فالمقيس حذف
ألف مَا الاستفهامية المجرورة نَحْو {عَم يتساءلون} [النبأ: 1] {فيمَ
أَنْت من ذكرَاهَا} [النازعات: 43] {لم تؤذونني} [الصَّفّ: 5] (مَجِيء
م جِئْت) وشذ إبقاؤها فِي قَوْله: 1881 -
(على مَا قَامَ يَشتِمُني لَئِيمٌ ... )
(3/461)
وَقيل إِن ذَلِك لُغَة لبَعض الْعَرَب
وَخرج عَلَيْهَا بَعضهم قَوْله تَعَالَى {يَالَيتَ قَومِي يَعلَمُونَ
بَمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: 26 - 27] أَي بِأَيّ شَيْء قَالَ
الخضراوي وَهَذَا قَول مَرْغُوب عَنهُ وَخرج بالاستفهامية الموصولة
والشرطية فَلَا يحذف ألفها وَإِن دخل عَلَيْهَا الْجَار وَذكر أَبُو
زيد والمبرد أَن حذف ألف (مَا) الموصولة ثَبت لُغَة كثير من الْعَرَب
يَقُولُونَ (سل عَم شِئْت) لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاه وَخرج
بالمجرورة المرفوعة والمنصوبة فَلَا يحذف الْألف مِنْهَا إِلَّا فِي
الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 1812 -
(أَلا مَ تَقول الناعيات أَلا مَهْ ... )
وَلَو ركبت (مَا) الاستفهامية مَعَ (ذَا) لم تحذف أَيْضا نَحْو (على
مَاذَا يلْزَمنِي)
وَوجه الْحَذف من الاستفهامية التَّخْفِيف وَخص بهَا لِأَنَّهَا مستبدة
بِنَفسِهَا بِخِلَاف الشّرطِيَّة لِأَنَّهَا مُتَعَلقَة بِمَا بعْدهَا
وَبِخِلَاف الموصولة لافتقارها إِلَى الصِّلَة وَمن المطرد حذف الْوَاو
من مضارع ثلاثي فاؤه وَاو استثقالا لوقوعها فِي فعل بَين يَاء
مَفْتُوحَة وكسرة ظَاهِرَة كيعد أَو مقدرَة كيقع ويسع وَحمل على ذِي
الْيَاء أخواته كأعد وتعد ويعد وَالْأَمر كعد والمصدر الْكَائِن على
(فعل) محرك الْعين بحركة الْفَاء معوضا عَنْهَا تَاء تَأْنِيث كعدة
وَسَوَاء كَانَ الْمَاضِي على فعل كوعد أَو فعل كومق وَلَا يجوز
الْحَذف من مضارع رباعي كأوعد يوعد ويوعيد مِثَال يَقْطِين من الْوَعْد
(3/462)
وَلَا من الِاسْم كموعد لما فِيهِ لَو حذف
من توالي الْحَذف إِذْ قد حذف مِنْهُ الْهمزَة وَلِأَن ضمة الْيَاء قوت
الْوَاو وَلِأَن الْفِعْل أثقل مِنْهُ وَلَا إِذا وَقعت بَين يَاء
مَفْتُوحَة وضمة أَو فَتْحة نَحْو وضؤ يوضؤ وشذ وجد يجد بِالضَّمِّ
ويذر ويدع وَلَا مِمَّا فاؤه يَاء كيسر الرجل يسر ويعرت الشَّاة تَيْعر
وشذ يَئِسَ يَئِسُ وَمن المطرد حذف همزَة أفعل من مضارعه واسمي فَاعله
ومفعوله نَحْو أكْرم استثقالا لِاجْتِمَاع همزتين إِذْ كَانَ الأَصْل
أأكرم وَحمل عَلَيْهِ نكرم وتكرم وَيكرم ومكرم ومكرم طردا للباب وشذ
إِثْبَاتهَا فِي قَوْلهم أَرض مؤرنبة بِكَسْر النُّون أَي كثير الأرانب
وَكسَاء مؤرنب إِذا خلط صوفه بوبر الأرانب وَقَوله: 1813 -
(فإنهُ أهْلٌ لأنْ يُؤكَرمَا ... )
فَلَو قلبت همزَة أفعل هَاء أَو عينا لم تحذف للأمن من التقاء الهمزتين
نَحْو هراق المَاء يهريق فَهُوَ مهريق ومهراق وعيهل الْإِبِل يعيهلها
فَهُوَ معيهل وَالْإِبِل معيهلة أَي مُهْملَة وَمن المطرد حذف عين
فيعلولة سَوَاء كَانَت واوا نَحْو كينونة أَو يَاء نَحْو طيرورة
الأَصْل كيونونة وطيروورة اجْتمع فِي الأول يَاء وواو سبقت إِحْدَاهمَا
بِالسُّكُونِ فقلبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِيهَا وَفِي
الثَّانِي أدغمت الْيَاء المزيدة فِي الْيَاء الَّتِي هِيَ عين
الْكَلِمَة فَصَارَ كينونة وطيرورة ثمَّ حذفت عين الْكَلِمَة على جِهَة
اللُّزُوم فَصَارَ كينونة وطيرورة وَصَارَ الْوَزْن فيعولة هَذَا
مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي هَذِه المصادر أَن وَزنهَا فيعلولة
(3/463)
وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه لَا حذف
وَأَن الأَصْل فعلولة بِضَم الْفَاء ففتحت لتسلم الْيَاء من ذَوَات
الْيَاء وَحمل عَلَيْهَا ذَوَات الْوَاو وَمن المطرد حذف عين فعيل
وفيعلة قَالَ أَبُو حَيَّان أما ذَوَات الْوَاو فَلَا نعلم خلافًا فِي
قِيَاسه كسيد وسيدة يُقَال فِيهِ سيد وسيدة وَأما ذَوَات الْيَاء كلين
ولينة فَفِيهَا خلاف زعم أَبُو عَليّ وَتَبعهُ ابْن مَالك أَن تخفيفها
يحفظ وَلَا ينقاس قَالَ وَهُوَ مَرْجُوح وَالأَصَح أَنه مقيس لَا
مَحْفُوظ قَالَ وَفِي محفوظي أَن الْأَصْمَعِي حكى أَن الْعَرَب تخفف
مثل هَذَا كُله وَلم تفصل بَين ذَوَات الْوَاو وَذَوَات الْيَاء بل سرد
مثلا من هَذَا وَمن هَذَا قَالَ إِلَّا (حبذا) فَلم أسمع أحدا من
الْعَرَب يخففه أهـ وَقد عقدت لذَلِك تَرْجَمَة فِي كتابي (المزهر)
وَمن المطرد حذف فاءات خُذ وكل وَمر وَالْأَصْل أأخذ أأكل أأمر فالهمزة
الثَّانِيَة هِيَ فَاء الْفِعْل وَالْأولَى همزَة الْوَصْل فحذفت فَاء
الْكَلِمَة فانحذفت همزَة الْوَصْل لِأَن مَا بعد الْفَاء المحذوفة
محرك فَلَا حَاجَة إِلَى إِقْرَارهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يَجْعَل
سِيبَوَيْهٍ لهَذَا الْحَذف عِلّة سوى السماع الْمَحْض وَقد حكى أَبُو
عَليّ وَابْن جني أؤكل على الأَصْل إِلَّا أَنَّهَا فِي غَايَة الشذوذ
اسْتِعْمَالا فَإِن تقدم (مر) وَاو أَو فَاء فالإثبات أَجود نَحْو
(وَأمر) (فَأمر) وَلَا يُقَاس على هَذِه الثَّلَاثَة غَيرهَا إِلَّا
فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1814 -
(ت لي آل زيد وانَدُهُمْ لي جَماعَةَ ... )
يُرِيد أئت لي آل زيد وَمَا خرج عَمَّا تقدم فشاذ وَقد تقدم بعضه
وَمِنْه حذف أحد المثلين من أحس وظل وَمَسّ إِذا اتَّصل بتاء الضَّمِير
أَو نونه نَحْو أحست وَأحسن وظلت وظللن ومست ومسن
(3/464)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب مَا شَذَّ من
المضاعف وَذَلِكَ قَوْلهم أحست يُرِيدُونَ أحسست وَأحسن يُرِيدُونَ
أحسسن وَمثل ذَلِك (ظلت) و (مست) حذفوا وألقوا الْحَرَكَة على الْفَاء
كَمَا قَالُوا خفت وَلَيْسَ هَذَا الْحَذف إِلَّا شاذا وَالْأَصْل فِي
هَذَا عَرَبِيّ كثير وَذَلِكَ قَوْلك أحسست وظللت ومسست وَلَا نعلم
شَيْئا من المضاعف شَذَّ إِلَّا هَذِه الأحرف أهـ وَقَالَ أَبُو
حَيَّان وَقد نَص سِيبَوَيْهٍ فِي عدَّة مَوَاضِع على شذوذ هَذَا
الْحَذف وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي هَذَا فَذهب أَبُو عَليّ الشلوبين
إِلَى أَن ذَلِك مطرد فِي مِثَال هَذِه الْأَفْعَال كأحب وانهم وانحط
وَذهب ابْن عُصْفُور وَابْن الضائع إِلَى أَن ذَلِك لَا يطرد ثمَّ
الْمَحْذُوف من هَذِه الْأَفْعَال الثَّلَاثَة الْعين وَبِه جزم ابْن
مَالك وَغَيره وَيجوز فِي الْأَخيرينِ أَعنِي ظلّ وَمَسّ كسر أَولهمَا
بإلقاء حَرَكَة الْعين عَلَيْهِ وإبقاء فَتحه وَقل وُقُوع هَذَا
الْحَذف فِي الْأَمر والمضارع وَمِنْه {وَقرن فِي بيوتكن}
[الْأَحْزَاب: 33] وَالْأَصْل اقررن وَسمع الْفراء ينحطن فِي ينحططن
وَبَعض الْعَرَب يحذف إِحْدَى يائي {يستحي} [الْبَقَرَة ": 26] إِمَّا
اللَّام أَو الْعين وَهِي لُغَة تَمِيم وَبهَا قَرَأَ ابْن مُحَيْصِن
وَرويت عَن ابْن كثير ويستحيي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وَسَائِر
الْعَرَب وفروعه سَائِر الصِّيَغ من الْمَاضِي وَالْأَمر والمثنى
وَالْجمع والمؤنث وَالْوَصْف فَيَقُول التَّمِيمِيُّونَ استحيا استح
يستحيان يستحون يستحن مستح مستحى مِنْهُ
(3/465)
وَيَقُول غَيرهم استحيا استحي يستحيان
يستحيون يستحيين مستحِيٌّ مستحَيٌّ مِنْهُ وَكثر الْحَذف فِي أُبَالِي
إِذا جزم فَقَالُوا لم أبل وَالْأَصْل لم أبال لِكَثْرَة استعمالهم
إِيَّاه توهموا أَن اللَّام هِيَ الْأَخِيرَة فسكنوها للجازم فحذفت
الْألف لالتقاء الساكنين وَكثر حذف اللَّام فِي الْأَسْمَاء إِذا
كَانَت واوا (كأب) و (أَخ) و (حم) و (هن) و (ذِي) على مَذْهَب
الْخَلِيل وَابْن وَاسم على مَذْهَب الْبَصرِيين وَالْأَصْل عِنْدهم
سمو لِأَنَّهُ من السمو حذفت لامه وَعوض عَنْهَا همز الْوَصْل
والكوفيون يَقُولُونَ أَصله وسم من السمة حذفت فاؤه ورد بِأَن جمعه
أَسمَاء وتصغيره سمي وَلَو كَانَ كَمَا قَالُوا لَكَانَ أوساما ووسيما
لِأَن التصغير والتكسير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَقل حذف
اللَّام إِذا كَانَت يَاء كَلَام (يَد) و (دم) أَو هَاء كَلَام (شفة)
وعضة وفم وشَاة وَأَقل مِنْهُ حذفهَا إِذا كَانَت همزَة كَقَوْلِهِم
قوم برَاء وَالْأَصْل بُرَآء على وزن ظرفاء أَو نونا كدد وفل
وَالْأَصْل ددن وَفُلَان وَأَقل من ذَلِك حذفهَا إِذا كَانَت حاء كحر
أَصله حرح قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أحفظ من حذف الْحَاء غَيره وَأَقل
من ذَلِك حذف غير اللَّام إِمَّا الْفَاء كناس وَالْأَصْل أنَاس أَو
الْعين كسه وَالْأَصْل سته
3 - الْإِبْدَال
(ص) الْإِبْدَال أحرفه (طويت دَائِما) فتبدل الْهمزَة من كل يَاء أَو
وَاو طرفا وَلَو تَقْديرا بعد ألف زَائِدَة أَو بَدَلا من عين فَاعل
معلها وَمن أول واوين صدرتا وَلَيْسَت الثَّانِيَة مُدَّة فوعل أَو
مبدلة من همزَة وَمن وَاو خَفِيفَة ضمت لَازِما وَمن تالي ألف شبه
مفاعل مدا مزيدا أَو ثَانِي لينين اكتنفاها
(3/466)
وَيفتح هَذَا الْهمزَة مجعولا واوا إِن
كانتها اللَّام وسلمت فِي الْمُفْرد بعد ألف وياء إِن كَانَت غَيرهَا
أَو همزَة (ش) الْإِبْدَال قِسْمَانِ شَائِع وَغَيره فَغير الشَّائِع
وَقع فِي كل حرف إِلَّا الْألف وَألف فِيهِ أَئِمَّة اللُّغَة كتبا
مِنْهُم يَعْقُوب بن السّكيت وَأَبُو الطّيب عبد الْوَاحِد بن عَليّ
اللّغَوِيّ وَفِي كتابي (المزهر) نوع مِنْهُ حافل والشائع الضَّرُورِيّ
فِي التصريف أحرفه ثَمَانِيَة يجمعها قَوْلك طويت دَائِما
إِبْدَال الْوَاو وَالْيَاء همزَة
فتبدل الْهمزَة من كل يَاء أَو وَاو متطرفة بعد ألف زَائِدَة نَحْو
رِدَاء وَكسَاء الأَصْل رداي من الردية وكساو من الْكسْوَة وَسَوَاء
كَانَ تطرفها ظَاهرا أم تَقْديرا وَهِي الْمُتَّصِلَة بهاء التَّأْنِيث
الْعَارِضَة كصلاءة وعظاءة بِخِلَاف اللَّازِمَة وَهِي الَّتِي بنيت
الْكَلِمَة عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تبدل مِنْهَا همزَة كهداية وحماية
وإداوة وهراوة وَلَا إِبْدَال بعد ألف أَصْلِيَّة نَحْو آيَة وتبدل
الْهمزَة أَيْضا من كل يَاء أَو وَاو وَقعت عينا لما يوازن فَاعل
وفاعلة من اسْم معتز إِلَى فعل معتل الْعين نَحْو بَائِع وقائم وأصلهما
بَايع وقاوم وفعلهما بَاعَ وَقَامَ معل بِخِلَاف مَا لم يعل فعله كصيد
وعور فَهُوَ صايد وعاور فَلَا إِبْدَال فِيهِ وَبِخِلَاف مَا لم يوازن
فَاعِلا وَإِن أعل فعله كمنيل ومطيل من أَطَالَ وأنال وتبدل الْهمزَة
أَيْضا من أول واوين صدرتا وَلَيْسَت الثَّانِيَة مُدَّة فوعل وَلَا
مبدلة من همزَة كأواصل جمع واصلة أَصله وواصل استثقل اجْتِمَاع الواوين
فأبدل من أولاهما همزَة إِذْ لم يُمكن إبدالها يَاء للاستثقال كالواو
وَلَا ألفا لسكونها
(3/467)
فعدلوا إِلَى الْهمزَة إِذْ هِيَ أقرب
إِلَى الْألف لِكَوْنِهِمَا من مخرج وَاحِد من أَن الْهمزَة تقلب فِي
التسهيل واوا وياء فقد شاركت حُرُوف اللين بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ
ثَانِي الواوين مُدَّة فوعل كوورى وفى من وارى ووافى فَلَا إِبْدَال
فِيهِ وَكَذَا إِذا كَانَ مبدلا من همزَة كالوولى تَأْنِيث الأوأل
أَصله وؤلى فأبدلوا من الْهمزَة واوا لضمة مَا قبلهَا فَلَا تبدل
الْوَاو الأولى همزَة لِأَن الثَّانِيَة بدل مِنْهَا فَكَأَنَّهَا
مَوْجُودَة وَصَارَ مستثقلا كَمَا لَو قيل الأألى بهمزتين وتبدل
الْهمزَة أَيْضا من كل وَاو مَضْمُومَة لَازِمَة غير مُشَدّدَة كوجوه
ووقتت فَيُقَال أجوه وأقتت لِأَن الْوَاو إِذا كَانَت مَضْمُومَة
فَكَأَنَّهُ اجْتمع واوان فاستثقل وَاحْترز بِلُزُوم الضمة من نَحْو
اخشوا الله و {لتبلون} [آل عمرَان: 186] فَلَا إِبْدَال لعروضها
وَبِغير الْمُشَدّدَة من نَحْو تعوذ وتعود فَلَا إِبْدَال أَيْضا وَلَو
أمكن تَخْفيف الْوَاو بالإسكان نَحْو سُوُر وسُوْر فَلَا إِبْدَال
أَيْضا أوردهُ أَبُو حَيَّان على عبارَة التسهيل وَهُوَ عِنْدِي دَاخل
تَحت قَوْله ضمة لَازِمَة وتبدل الْهمزَة أَيْضا من تالي ألف شبه مفاعل
إِذا كَانَ مدا مزيدا كالقلائد والصحائف والعجائز بِخِلَاف مَا إِذا
كَانَ أَصْلِيًّا كمعايش ومفاوز فَإِن الْمَدّ فيهمَا عين الْكَلِمَة
وتبدل الْهمزَة أَيْضا من ثَانِي حرفي لين اكتنفا مُدَّة مفاعل كأوائل
جمع أول وينائف جمع نَيف وسيائد جمع سيد وتفتح هَذِه الْهمزَة فِي
هَذِه الصُّورَة وَالَّتِي قبلهَا مَجْهُولَة واوا فِي مَا لامه وَاو
سلمت فِي الْمُفْرد بعد ألف كهراوة وهراوى وإداوة كأداوى وَالْأَصْل
هراءي وأداءي ثمَّ صَار (هراءا) و (أداءا) ثمَّ أبدل من الْهمزَة وَاو
كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ بَينهمَا همزَة مَفْتُوحَة والهمزة
كَأَنَّهَا ألف فَكَأَنَّهُ اجْتمع ثَلَاث ألفات
(3/468)
ومجعولة يَاء إِن كَانَت اللَّام غير مَا
ذكر بِأَن تكون يَاء نَحْو هَدِيَّة وهدايا أَو واوا اعتلت فِي
الْمُفْرد وَلم تسلم كمطية ومطايا أَو كَانَت همزَة كخطيئة وخطايا
إِبْدَال الْهمزَة مُدَّة تجانس الْحَرَكَة
(ص) وتبدل الْهمزَة الساكنة بعد متحركة مُتَّصِلَة مُدَّة تجانس
والمتحركة يَاء إِن كسرت أَو تلته وَلم تضم أَو كَانَت لاما مُطلقًا
فِي غير ذَلِك فِي نَحْو أؤم وَجْهَان وأبدل الْمَازِني الْيَاء
مِنْهَا فَاء لأَفْعَل والأخفش مَضْمُومَة بعد كسر وَالْوَاو من عكسها
وتبدل تلو الساكنة يَاء إِن كَانَت مَوضِع اللَّام وَإِلَّا تصح وَلَو
تولى همزات أبدلت الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة وحقق الْبَاقِي (ش) تبدل
الْهمزَة الساكنة بعد همزَة متحركة مُتَّصِلَة مُدَّة تجانس الْحَرَكَة
فتبدل ألفا فِي آدم وياء فِي إِيمَان وواوا فِي أومن وَأَصلهَا أأدم
وإئمان وَأُؤْمِنُ فَإِن تحركت الهمزتان المتصلتان وَالْأولَى لغير
المضارعة أبدلت الثَّانِيَة يَاء إِن كسرت مُطلقًا سَوَاء تلت فتحا
نَحْو أيمة وَالْأَصْل أَئِمَّة أَو كسرا نَحْو أَيْن مضارع أَن
وَالْأَصْل أإن أَو ضما نَحْو أيم مِثَال أئم من الْأُم وَالْأَصْل
أأمم نقلت حَرَكَة مَا بعد الْهمزَة الساكنة إِلَيْهَا لأجل
الْإِدْغَام فَانْكَسَرت فأبدلت يَاء أَو تلت كسرا وَلم تضم نَحْو إيم
مثل إِصْبَع من الْأُم الأَصْل إأمم نقلت حَرَكَة الْمِيم إِلَى
الْهمزَة الساكنة لأجل الْإِدْغَام كَمَا تقدم أَو كَانَت لاما مُطلقًا
سَوَاء كَانَت فِي اسْم أَو فعل تلت فتحا أَو ضما أَو كسرا مِثَاله بعد
الْفَتْح قرأى وقرأى إِذا بنيت من الْقِرَاءَة اسْما مثل جَعْفَر
وَدِرْهَم وقرأى إِذا بنيت فعلا مثل دحرج الأَصْل قرأأ وقرأأ وقرأأ
(3/469)
ومثاله بعد الضَّم قرأي مثل برثن من
الْقِرَاءَة الأَصْل قرؤؤ فأبدل من الْهمزَة يَاء فَصَارَ فِي آخر
الِاسْم وَاو سَاكِنة قبلهَا ضمة فقلبت الضمة كسرة وَالْوَاو يَاء
فَصَارَ من بَاب المنقوص ومثاله بعد الْكسر قرإي مثل زبرج الأَصْل قرإأ
أبدلت الْهمزَة يَاء ثمَّ استثقل الضمة فِي الْيَاء فَصَارَ مثل قَاض
وتبدل الْهمزَة الثَّانِيَة واوا إِن فتحت بعد مَفْتُوحَة أَو
مَضْمُومَة نَحْو أوادم جمع آدم أَصله أءادم وأويدم تَصْغِير آدم أَصله
أأيدم أَو ضمت مُطلقًا سَوَاء تلت فتحا أَو ضما أَو كسرا كأوم مِثَال
أصْبع وأوم مثل أبلم وإوم مِثَال إِصْبَع من الْأُم نقلت فِيهَا
حَرَكَة الْمِيم إِلَى الْهمزَة الساكنة لأجل الْإِدْغَام فقلبت
الْهمزَة واوا من جنس حَرَكَة نَفسهَا وَفِي نَحْو أؤم وَجْهَان
وَخَالف الْمَازِني فِي مَسْأَلَة وَهِي مَا إِذا كَانَت الْهمزَة
الثَّانِيَة فَاء لأَفْعَل فَإِنَّهُ يبدلها يَاء كَأَن تبني أفعل من
الْأُم فَتَقول على رَأْيه (هَذَا أيم من هَذَا) وعَلى رَأْي
الْجَمَاعَة هَذَا أوم وَحجَّة الْمَازِني الْحمل على أيمة لِأَن
الفتحة أُخْت الكسرة فالأقيس أَن يكون حكم الْهمزَة الْمَفْتُوحَة
كَحكم الْمَكْسُورَة فِي الْإِبْدَال لَا كالمضمومة وَخَالف الْأَخْفَش
فِي مَسْأَلَتَيْنِ إِحْدَاهمَا مَسْأَلَة أإم مثل أصْبع فمذهبنا أَنه
تبدل الْهمزَة يَاء لمناسبة حركتها ومذهبه إبدالها واوا لمناسبة
حَرَكَة مَا قبلهَا فَتَقول أوم وَالثَّانيَِة مَسْأَلَة إأم مثل
إِصْبَع فمذهبنا إبدالها واوا لمناسبة حركتها ومذهبه إبدالها يَاء
لمناسبة حَرَكَة مَا قبلهَا فَيَقُول إيم وَالْحَاصِل أَن الْأَخْفَش
يُبدل الْمَكْسُورَة بعد الضَّم واوا والمضومة بعد الْكسر يَاء فَإِن
سكنت الْهمزَة الأولى أبدلت الثَّانِيَة يَاء إِن كَانَت مَوضِع
اللَّام وَإِلَّا صحت نَحْو قرأي مثل قمطر الأَصْل قرأأ أبدلت الْهمزَة
الثَّانِيَة يَاء فِرَارًا من الاستثقال لَو
(3/470)
بقيت وَمن مُخَالفَة الأقيسة لِأَنَّهُ
مَتى التقى مثلان وَالْأول سَاكن فِي كلمة وَجب الْإِدْغَام وَقد
أَجمعت الْعَرَب على ترك الْإِدْغَام فِي الهمزتين من كلمة إِلَّا إِذا
كَانَتَا عينين نَحْو سآل ولآل وَهَذَانِ مِثَال قولي (وَإِلَّا صحت)
وَخرج بِقَيْد الِاتِّصَال مَا لَو فصل بَين الهمزتين فَإِنَّهُمَا
يصحان نَحْو الآء وَهُوَ شجر وَلَو توالى أَكثر من همزتين حققت الأولى
وَالثَّالِثَة وَالْخَامِسَة وأبدلت الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة كَأَن
تبني من الْهمزَة مِثَال أترجة فَتَقول أُ أْ أُ أْ أَة فتبدل
الثَّانِيَة واوا لضمة مَا قبلهَا وَكَذَلِكَ الرَّابِعَة وَتحقّق
الأولى وَالثَّالِثَة وَالْخَامِسَة فَتَقول أُوْ أُوْ أَةٌ وَلَو بنيت
من الْهمزَة مثل قمطر قلت إيَأْ أٌ وَالْأَصْل إِ أَأْ أٌ فتبدل
الثَّانِيَة يَاء من جنس حَرَكَة مَا قبلهَا
تَخْفيف الْهمزَة المفردة الساكنة
(ص) مَسْأَلَة يجوز تَخْفيف الْهمزَة المفردة الساكنة بإبدالها مجانس
حَرَكَة متلوها والمتحركة بعد سَاكن بالحذف وَنقل حركتها إِلَيْهِ مَا
لم يكن مدا زَائِدا أَو يَاء تَصْغِير فتقلب وتدغم أَو نون انفعال فتقر
وألفا فتسهل بَينهَا ومجانس حركتها وَكَذَا مُثَلّثَة بعد فتح ومكسورة
ومضمومة بعد كسر أَو ضم فِي الْأَصَح وتقلب مَفْتُوحَة تلو كسر يَاء
وَضم واوا (ش) هَذَا فصل فِي تَخْفيف الْهمزَة المفردة إِذا كَانَت
الْهمزَة سَاكِنة فَإِن كَانَت مَا قبلهَا سَاكِنا لزم تحريكه لالتقاء
الساكنين بِحَسب مَا يجب من الحركات كَنَظِيرِهِ مَعَ غير الْهمزَة
وَإِن كَانَ مَا قبلهَا متحركا جَازَ أَن تخفف بإبدالها حرفا من جنس
حَرَكَة مَا قبلهَا فتبدل ألفا فِي كأس وياء فِي ذِئْب وواوا فِي بؤس
وَإِن تحركت الْهمزَة بعد سَاكن خففت بحذفها وَنقل حركتها إِلَى
السَّاكِن قبلهَا كقلولك فِي اسْأَل سل مَا لم يكن السَّاكِن قبلهَا
حرف مد زَائِد كخطيئة ومقروءة فَإِن الْهمزَة تقلب حرفا مثله وتدغم
فِيهِ فَيُقَال خطية ومقروءة أَو يَاء تَصْغِير فَكَذَلِك كحطيئة أَو
نون انفعال نَحْو انأطر فَإِن الْهمزَة تحقق فِيهِ حذرا من الإلباس أَو
ألفا مبدلة من أصل كالهباء فَإِن الْهمزَة تسهل يَجْعَلهَا بَين بَين
وَلَا حذف وَلَا نقل فِي الصُّور الْأَرْبَع
(3/471)
وَإِن تحركت الْهمزَة بعد متحرك خففت بالتسهيل بَينهَا وَبَين حرف
حركتها إِن كَانَت بعد فتح مُطلقًا مَفْتُوحَة كَانَت كسأل أَو
مَكْسُورَة كسئم أَو مَضْمُومَة كلؤم أَو كَانَت بعد كسر أَو ضم وَهِي
فِي الصُّورَتَيْنِ مَكْسُورَة أَو مَضْمُومَة كمئين وَسُئِلَ ويستهزئ
ورءوس فَإِن كَانَت مَفْتُوحَة قلبت بعد الْكسر يَاء كمير فِي مئر جمع
مئرة وَبعد الضَّم واوا كجون فِي جؤن جمع جؤنة وَرجل سولة فِي سؤلة
وَخَالف الْأَخْفَش فِي صُورَتَيْنِ وَهِي المضمومة بعد كسرة ك
(يستهزئ) والمكسورة بعد ضمة كسئل فأبدل الأولى يَاء وَالثَّانيَِة واوا |