همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

التصغير
(ص) المصغر هُوَ المصوغ لتحقير أَو تقليل أَو تقريب أَو تعطف قَالَ الكوفية أَو تَعْظِيم بِضَم أَوله وَفتح ثَانِيه وَزِيَادَة يَاء سَاكِنة بعده قيل أَو ألف (ش) فَوَائِد التصغير خمس أَحدهمَا تحقير شَأْن الشَّيْء وَقدره نَحْو رجيل وزييد تُرِيدُ تحقير قدره والوضع مِنْهُ الثَّانِي التقليل إِمَّا لذاته نَحْو كُلَيْب أَو لكميته نَحْو دريهمات الثَّالِث التَّقْرِيب إِمَّا لمنزلته نَحْو صديقَة أَو لزمانه ومسافته نَحْو قبيل وبعيد وفويق وتحيث ودوين

(3/377)


الرَّابِع التعطف نَحْو يَا أخي يَا حَبِيبِي الْخَامِس التَّعْظِيم أثْبته الْكُوفِيُّونَ وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 1779 -
(وكُلُّ أٌ نَاس سَوف تَدْخُل ... دُوَيْهية تَصْفَرُّ مِنْهَا الأنامِلُ)
والبصريون تأولوا ذَلِك وَيكون تَصْغِير الِاسْم بِضَم أَوله وَفتح ثَانِيه وَزِيَادَة يَاء سَاكِنة بعده أَعنِي بعد الثَّانِي واعتل السيرافي لضم أول المصغر بِأَنَّهُم لما فتحُوا من التكسير لم يبْق إِلَّا الْكسر وَالضَّم فَكَانَ الضَّم أولى بِسَبَب الْيَاء وَالْكَسْر بعْدهَا فِي الْأَكْثَر وَهِي أَشْيَاء متجانسة وتجانس الْأَشْيَاء مِمَّا يستثقل وَقَالَ أَبُو بكر بن طَاهِر جعلُوا الْألف وَالْفَتْح فِي الْجمع لِأَنَّهُ أثقل فطلبوا فِيهِ الخفة والضمة وَالْيَاء للمصغر لِأَنَّهُ أخف وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا ضم أول المصغر لِأَنَّهُ ثَان للمكبر وتال لَهُ فَلَمَّا كَانَ بعده جرى مجْرى الْفِعْل الَّذِي لم يسم فَاعله قَالُوا وَإِنَّمَا فتح مَا قبل الْيَاء لِأَن الْيَاء فِي التصغير وَالْألف فِي شبه مفاعل متقابلان لِأَن التصغير والتكسير من بَاب وَاحِد فَكَمَا أَن مَا قبل الْألف مَفْتُوح فَكَذَلِك مَا قبل هَذِه الْيَاء الْمُقَابلَة لَهَا وَإِنَّمَا كَانَت عَلامَة التصغير يَاء لِأَن الأولى بِالزِّيَادَةِ حُرُوف الْمَدّ واللين وَالْجمع قد أَخذ الْألف فأرادوا حرفا يُخَالِفهُ ويقاربه ليَقَع الْفَصْل فَجَاءُوا بِالْيَاءِ لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الْألف وَزعم بعض الْكُوفِيّين وَصَاحب (الْغرَّة) أَن الْألف قد تجْعَل عَلامَة للتصغير

(3/378)


كَقَوْلِهِم هدهد وتصغيره هداهد ودابة وشابة والتصغير دوابة وشوابة بِالْألف وَأجِيب بِأَن الأَصْل دويبة وشويبة فأبدلت الْألف من الْيَاء وَبِأَن هداهد اسْم مَوْضُوع للتصغير لَا أَنه تَصْغِير هدهد 0 ص) ويحذف أول ياءين ولياها وتقلب يَاء وَاو سكنت أَو اعتلت أَو كَانَت لاما وجوبا أَو تحركت فِي مُفْرد وَجمع اخْتِيَارا وواو ثَان فتح للتصغير مُنْقَلب عَنْهَا أَو ألف زَائِدَة أَو مَجْهُولَة أَو بدل همزَة تَلِيهَا لَا يَاء ومنقلب عَنْهَا فِي الْأَصَح وَيجْرِي ذَلِك فِي الْجمع الموازن مفاعل أَو مفاعيل (ش) إِذا ولي يَاء التصغير ياءان حذف أولاهما لتوالي الْأَمْثَال وَإِن وَليهَا وَاو قلبت يَاء وجوبا إِن سكنت كعجوز وعجيز أَو اعتلت كمقام أَصله مقوم ومقيم أَو كَانَت لاما كغزو وغزي وغزوة وغزية وعشوا وعشيا واختيارا إِن تحرّك لفظا فِي إِفْرَاد وتكسير وَلم يكن لاما كأسود وأساود وَأسيد وجدول وجداول وجديل وَيجوز فِي الْإِقْرَار وَترك الْقلب فَيُقَال أسيود وجديول وَجه الأول الجري على قَاعِدَة اجْتِمَاع يَاء وواو سبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ من قلب الْوَاو يَاء وإدغامها فِي الْيَاء وَوجه الثَّانِي الإجراء على حَدهَا فِي التكسير لِأَنَّهُمَا من بَاب وَاحِد فَإِن تحركت فيهمَا وَهِي لَام قلبت فِي التصغير وجوبا وَلم يلْتَفت إِلَى الْجمع نَحْو كروان وكراوين وكريان ويقلب ثَانِي المصغر المفتوح للتصغير واوا وجوبا إِن كَانَ منقلبا عَنْهَا كديمة ودويمة وَقِيمَة وقويمة وريح ورويحة وميزان ومويزن وَمَال ومويل وريان ورويان وشذ من هَذَا الأَصْل قَوْلهم عيد وعييد وَكَانَ قِيَاس عويدا لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من الْعود وَكَذَا قَوْلهم فِي الْجمع أعياد وقصدوا بذلك الْفرق بَينه وَبَين تَصْغِير عود وَجمعه

(3/379)


أَو كَانَت ألفا زَائِدَة كضارب وضويرب وكاهل وكويهل وقاصعاء وقويصعاء وخاتام وخويتيم وجاموس وجويميس أَو كَانَت ألفا مَجْهُولَة الأَصْل كعباب وصويب وعاج وعويج وآوى وأوي أَو كَانَت ألفا بدل همزَة كآدم وأويدم أَصله أأدم لِأَنَّهُ أفعل من الأدمة فأبدلت الْهمزَة ألفا وَلَا تقلب إِن كَانَت يَاء كبيت وَشَيخ وميت وَسيد أَو كَانَ منقلبا عَن يَاء كَنَابِ للسن فِي الْأَصَح الَّذِي هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين بل يجب إِقْرَار الْيَاء فِي الْحَالين فَيُقَال بييت وشييخ ومييت وسييد ونييب وَجوز الْكُوفِيُّونَ الْإِقْرَار وَالْقلب واوا كَرَاهَة اجْتِمَاع الياءات وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك فَيُقَال بويت وشويخ ومويت وسُويد ونويب وَسمع فِي بَيْضَة بويضة بِالْوَاو وَفِي نَاب للمسنة من الْإِبِل نويب وَذَلِكَ عِنْد الْبَصرِيين شَاذ لَا يعْمل بِهِ وعَلى مَذْهَبهم الْأَحْسَن ضم مَا قبل الْيَاء وَيجوز كسرهَا فَيُقَال شييخ وَهَكَذَا ويجرى مَا ذكر من الْقلب فِي الْجمع على مِثَال مفاعل أَو مفاعيل فَيُقَال فِي الْأَمْثِلَة السَّابِقَة عَجَائِز وروائح وموازين وضوراب وكراهل وقواصع وخواتيم وجواميس وأوادم (ص) وَيكسر تالي يَاء التصغير لَا آخرا أَو مُتَّصِلا بهاء التَّأْنِيث أَو ألفيه أَو ألف أَفعَال أَو ألف وَنون مزيدتين (ش) إِذا كَانَ تالي يَاء التصغير مكسورا بَقِي على كسر كزبرج وزبيرج قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نقُول إِن الكسرة الْأَصْلِيَّة زَالَت وَجَاءَت كسرة التصغير لِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَى دَعْوَى ذَلِك قَالَ وَيُشبه ذَلِك الكسرة فِي نَحْو شرب فَإِنَّهُ إِذا بني للْمَفْعُول ضم أَوله وَلَا يُقَال إِن كَسرته زَالَت وَجَاء غَيرهَا قَالَ وَلم قيل إِن الكسرة فِي زبرج وَشرب زَالَت وَجَاءَت كسرة أُخْرَى لَكَانَ وَجها كَمَا قَالُوا فِي من زيد فِي الْحِكَايَة على أحد الْقَوْلَيْنِ وَفِي يَا منص إِذا رخم مَنْصُور على لُغَة من لَا ينْتَظر فَإِنَّهُم زَعَمُوا أَنَّهَا ضمة بِنَاء غير الضمة الأصلة أهـ وَإِن كَانَ تالي يَاء التصغير غير مكسور كسر للمناسبة بَين الْيَاء والكسرة كجعيفر

(3/380)


وبريثن ودريهم إِلَّا أَن يكون آخرا كرجيل لِأَن الآخر مَشْغُول بحركة الْإِعْرَاب وَهِي متبدلة عَلَيْهِ فَلم يُمكن كَسره أَو مُتَّصِلا بهاء التَّأْنِيث كطليحة فَإِن كَانَت الْهَاء فِيهِ وَلم يتَّصل بهَا كسر كدحرج ودحيرجة أَو مُتَّصِلا بِمَا هُوَ منزل منزلَة هَاء التَّأْنِيث كبعيلبك فَلَا تكسر اللَّام أَو بِأَلف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة أَو الممدودة ككسيرى وحميراء بِخِلَاف ألف الْإِلْحَاق كعلقى وعلباء فَإِنَّهُ يكسر مَا هِيَ فِيهِ فَيُقَال عليق عليب أَو مُتَّصِلا بِأَلف أَفعَال جمعا كأتراب وأنياب وأسقاط وأسباط أَو مُفردا كَأَن يُسمى بأجمال فَيُقَال أجيمال أَو مُتَّصِلا بِالْألف وَالنُّون المزيدتين ك (سكيران) بِخِلَاف مَا نونه أَصْلِيَّة فَإِنَّهُ يكسر فِيهِ مَا قبل الْألف 0 ص) والثنائي حذفا برد مَا حذف وضعا يُزَاد آخِره يَاء قيل أَو يضعف من جنسه وَلَا يعْتد بِالتَّاءِ وَلَا يرد مَحْذُوف تَأتي بِدُونِهِ فعيل على الْأَصَح (ش) يتَوَصَّل إِلَى مِثَال فعيل فِي الثنائي برد مَا حذف مِنْهُ إِن كَانَ منقوضا سَوَاء كَانَ الْمَحْذُوف مِنْهُ الْفَاء أَو الْعين أَو اللَّام مِثَال الْفَاء عدَّة وزنة وشية وسعة وَصفَة وصلَة وجهة ولدة وَخذ وكل وَمر وعد مُسَمّى بهَا فَإِذا صغرت هَذَا النَّوْع رددت الْمَحْذُوف فِي مَوْضِعه فَتَقول وَعِيد وأخيذ وأعيد وَكَذَا بَاقِيهَا وَمِثَال الْعين سه ومذ وسل وقم وَمر وبع مُسَمّى بهَا فَتَقول ستيهة ومنيذ وسويل وقويم وبييع وَمِثَال اللَّام يَد وَدم وشفة ودد وحر وفوك وقط وفل فَتَقول يَدَيْهِ وَدمِي وشفيهة وددين وحريح وفويهك وقطيط وفلين وَإِن لم يكن منقوصا بل كَانَ ثنائي الْوَضع زيد فِيهِ يَاء فَيُقَال فِي (من) و (عَن) و (إِن) مُسَمّى بهَا مني وعني وَأَنِّي وَذكر ابْن مَالك فِيهِ وَجْهَيْن أَحدهمَا هَذَا وَالْآخر أَنه يُضَاعف الْحَرْف الْأَخير من جنسه فَيُقَال فِي عَن عنين وَلَا يعْتد بتاء التَّأْنِيث فَلَا يُقَال فِي شفة مثلا أَنه ثلاثي بل هُوَ ثنائي وَكَذَا بنت وَأُخْت وَكَيْت وذيت وهنت ومنت فَكلهَا ثنائية فَإِذا صغرت رددت

(3/381)


الْمَحْذُوف فَقلت شفيهة وبنية وأخية وكيية وذيية وهنية ومنية لِأَن لامها مُخْتَلف فِيهِ عِنْد الْعَرَب وَمَا اخْتلف فِي لامه الْمَحْذُوف فَكَانَ حرفا فِي لُغَة وحرفا غَيره فِي لُغَة جَازَ تصغيره على كل مِنْهُمَا فَإِن تَأتي فعيل بِمَا بَقِي من مَنْقُوص لم يرد إِلَى أَصله كهار وميت وشاك وَخير وَشر وناس فَيُقَال هوير ومييت وشويك وخيير وشرير ونويس هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَنقل ابْن مَالك عَن أبي عَمْرو أَنه يرد الْمَحْذُوف فَيُقَال هوير ومويت وشويك وأخير وأشير وأنيس وَفِي يرى علما يريئ وَنقل غَيره هَذَا الْمَذْهَب عَن يُونُس (ص) ويحذف الْوَصْل خلافًا لثعلب وَشرط الْمَازِني وزانه للأسماء (ش) تزَال ألف الْوَصْل عِنْد تَصْغِير مَا هِيَ فِيهِ سَوَاء كَانَ ثنائيا كَابْن وَاسم أم أَكثر كافتقار وانطلاق واستضراب واشهيباب واعديدان واقعنساس واعلوط واضطراب لزوَال الْحَاجة إِلَيْهَا بتحريك أول المصغر فَيُقَال بنى وَسمي وفتيقير ونطيليق وشهيبيب وعديدين وقعيسيس وعلييط وضتيريب وَسَوَاء بَقِي على مِثَال الْأَسْمَاء أم لَا هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَأثبت ثَعْلَب همزَة الْوَصْل فِي الْأَسْمَاء فِي حَال التصغير وَلم يُسْقِطهَا فَيُقَال فِي اضْطِرَاب أضيريب فَحذف الطَّاء لِأَنَّهَا بدل من تَاء افتعل وَهِي زَائِدَة وَأبقى همزَة الْوَصْل لِأَنَّهَا فضلتها بالتقدم وَمنع الْمَازِني من تَصْغِير انفعال وافتعال فَلم يجز فِي انطلاق نطيليق وَلَا فِي افتقار فتيقير لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهما مِثَال فِي الْأَسْمَاء بل يحذف حَتَّى يصير إِلَى مِثَال الْأَسْمَاء فَيُقَال طليق وفقير قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ خلاف الْمَازِني مُخْتَصًّا بانفعال وافعتال فَقَط بل يشْتَرط فِي المصغر كُله أَن يكون على مِثَال الْأَسْمَاء (ص) ويتوصل إِلَى فعيعل وفعيعيل فِي التصغير بِمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى مفاعل ومفاعيل حذفا وإبقاء لَكِن لَا تحذف هُنَا التَّاء وَالْألف الممدودة وياء النّسَب وَالْألف وَالنُّون الزائدتان بعد أَربع وَلَا يعْتد بِهن ويحذف وَاو جَلُولَاء وَشبههَا فِي الْأَصَح

(3/382)


(ش) يتَوَصَّل إِلَى مِثَال فعيعل فعيعيل فِي التصغير بِمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى مفاعل ومفاعيل فِي التكسير لِأَنَّهُمَا من وَاد وَاحِد فَكَمَا تَقول فِي خدب خداب وَفِي بهْلُول بهاليل وَفِي عطرد عُطَارِد وعطاريد فَكَذَا تَقول خديب وبهيليل وعطيريد والحذف وَالتَّرْجِيح والتخيير فِي الزيادتين هُنَا كَمَا هُنَاكَ فَكَمَا تَقول عطاميس ومطاليق وتخاريج ودحاريج تَقول عطيميس ومطيليق وتخيريج ودحيريج وكما تَقول فِي سفرجل سفاريج تَقول سفيريج وكما تَقول فِي حبنطي وعفرني وقندأو حباطي وحبانط وعفاري وعفارن وقنادي وقداين تَقول حبينط وحبيطي وعفيرن وعفيرى وقنيدى وقدينى لَكِن خَالف التصغير التكسير فِي أَنه لَا يحذف فِيهِ هَاء التَّأْنِيث وَإِن حذفت فِي الْجمع فَيُقَال فِي دحرجة دحيرجة وَالْجمع دحارج وَلَا تحذف فِيهِ أَلفه الممدودة وَيُقَال فِي قاصعاء قويصعاء وَالْجمع قواصع بحذفها وَلَا تحذف فِيهِ يَاء النّسَب فَيُقَال فِي لوذعي لويذعي وَالْجمع لواذع بحذفها وَلَا يحذف فِيهِ الْألف وَالنُّون الزائدتان بعد أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا فَيُقَال فِي زعفران زعيفران وَالْجمع زعافر بحذفهما وَفِي عرنقصان عريقصان وَالْجمع عراقص بحذفهما فَإِن كَانَتَا بعد ثَلَاثَة أحرف لم يحذفا لَا هُنَا وَلَا هُنَاكَ وَكَذَا لَو كَانَت النُّون أَصْلِيَّة ثبتَتْ فِي الْبَابَيْنِ كأسطوانة وأساطين وأسيطينة وَلَو كَانَت ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة حذفت فِي الْبَابَيْنِ كقرقرى وقراقر وقريقر وَلَا يعْتد بِهَذِهِ الْأُمُور الْأَرْبَعَة أعنى هَاء التَّأْنِيث وألفه الممدودة وياء النّسَب وَالْألف وَالنُّون المزيدتين بل يصغر الِاسْم على أحد المثالين وَفِيه اللواحق الْمَذْكُورَة وَمذهب سِيبَوَيْهٍ فِي وَاو (جَلُولَاء) وَشبههَا وَالْمرَاد بِهِ ألف براكاء وياء قريثاء أَنَّهَا تحذف عِنْد التصغير فَيُقَال جليلاء وبريكاء وقريثاء لِأَن لِأَلف التَّأْنِيث

(3/383)


الممدودة شبها بهاء التَّأْنِيث وشبها بألفه الْمَقْصُورَة فاعتبرنا الشّبَه بِالْهَاءِ فِي عدم الْحَذف لَهَا واعتبرنا الشّبَه بالمقصورة فِي إِسْقَاط الْوَاو وَالْألف وَالْيَاء لِأَنَّهَا كالألف فِي حيارى وَخَالفهُ الْمبرد فأثبتها وأدغمها بعد الْقلب فَقَالَ جليلاء وبريكاء وقريثاء كَمَا لم تحذف وَاو فروقة وَألف رِسَالَة وياء صحيفَة وَلم يعْتَبر إِلَّا أحد الشبهين فَقَط 0 ص) وَيرد إِلَى الأَصْل هُنَا وَفِي مفاعل ومفاعيل وأفعال وأفعلة وفعال ذُو الْبَدَل آخرا مُطلقًا وَغَيره إِن كَانَ لينًا بدل غير همزَة تلِي همزَة الِاسْتِفْهَام لَا تَاء (مُتَعَدٍّ) وَنَحْوه خلافًا للزجاج وَلَا ذُو الْقلب وَمَا خَالف فشاذ أَو مَادَّة أُخْرَى (ش) يرد إِلَى أَصله فِي التصغير وَفِي التكسير على مِثَال مفاعل أَو مفاعيل أَو أَفعَال أَو أفعلة أَو فعال ذُو الْبَدَل الْكَائِن آخرا مُطلقًا سَوَاء كَانَ حرف لين نَحْو ملهى أم غير حرف لين نَحْو مَاء فَإِن الْألف فِي ملهى بدل من الْوَاو لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من اللَّهْو والهمزة فِي مَاء بدل من الْهَاء لقَولهم مياه فمثال التكسير على مفاعل ملاهي وعَلى مفاعيل صحاري وعَلى أَفعَال أمواه وعَلى أفعلة أسقية وعَلى فعال مياه وَيُقَال فِي تصغيرها مليهى ومويه وَسَقَى لِأَن التصغير والتكسير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا فَإِن لم يكن ذُو الْبَدَل آخرا فَيشْتَرط فِيهِ شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن يكون حرف لين وَالثَّانِي أَن يكون بَدَلا من حرف لَا يكون ذَلِك الْحَرْف همزَة تلِي همزَة أُخْرَى مِثَاله مَال وَقيل وريان وميزان وموقن فَيُقَال مويل وقويل ورويان ومويزين ومييقين وَإِنَّمَا رَجَعَ فِي هَذِه الأَصْل لزوَال مُوجب الْبَدَل لِأَن الْوَاو إِنَّمَا أبدلت فِي نَحْو مَال لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَفِي قيل وميزان لكسر مَا قبلهَا وَفِي رَيَّان لاجتماعها مَعَ الْيَاء وَسبق إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ وَفِي موقن أبدلت الْيَاء بِضَم مَا قبلهَا وَقد زَالَ الْمُوجب فِي التصغير وَسَوَاء كَانَ اللين بَدَلا من لين

(3/384)


كَمَا مثلنَا أم من غَيره كقيراط وديباج فَيُقَال فِيهِ قريريط ودبيبيج وقراريط ودبابيج وَيُقَال فِي ذِئْب ذُؤَيْب وَفِي آل أهيل فَلَو انخرم الشَّرْط الأول بِأَن كَانَ حرفا صَحِيحا بَدَلا من حرف صَحِيح أَو من حرف لين لم يرد إِلَى أَصله بل يصغر على حَاله كتخمة وتخيمة وتراث وتريث وأباب فِي عباب وأبيب وقائم وقويم بِالْهَمْز وَكَذَا لَو انخرم الشَّرْط الثَّانِي بِأَن كَانَ بَدَلا من همزَة تلِي همزَة كآدم فَيُقَال أويدم من غير رد الْألف إِلَى أَصْلهَا من الْهَمْز بل تقلب واوا كَمَا تقدم لضمة مَا قبلهَا أما مَا فِيهِ تَاء الافتعال كمتعد ومتسر فسيبويه يحذف مِنْهُ تَاء الافتعال مَعَ تَاء أُخْرَى مبدلة من حرف لين عِنْد التصغير فَيَقُول متيعد ومتيسر كَمَا يَقُول فِي مكتسب مكيسب وَتبقى التَّاء المبدلة على حَالهَا من غير رد إِلَى الأَصْل وَذهب قوم مِنْهُم الزّجاج إِلَى أَنه يرد إِلَى أَصله فَيُقَال مويعد ومييسر لِأَنَّهُمَا من الْوَعْد واليسر قَالَ صَاحب (الإفصاح) إِنَّمَا كَانَ الْمَحْذُوف تَاء الافتعال لِأَنَّهُ لَا بُد من حذف وَهِي زَائِدَة وَالزَّائِد أَحَق بالحذف من الْأَصْلِيّ وَأما ذُو الْقلب فَإِنَّهُ لَا يرد فِي الْبَابَيْنِ إِلَى أَصله بل يصغر وَيكسر على لَفظه كجاه أَصله وَجه لِأَنَّهُ من الوجاهة فَقلب فَيُقَال فِي تصغيره جويه لَا وجيه لعدم الِاحْتِيَاج إِلَى الرَّد إِلَى الأَصْل وَيجمع أينق على أيانق ويصغر على أيينق وَيُقَال فِي شَاك وَأَصله شائك شواك وشويك وَمَا ورد بِخِلَاف مَا قَرَّرْنَاهُ من رد ذِي الْبَدَل إِلَى أَصله فإمَّا شَاذ كَقَوْلِهِم فِي عيد عييد وأعياد أَو من مَادَّة أُخْرَى كَقَوْلِهِم فسيتيط فَهُوَ تَصْغِير فستاط لُغَة فِي فسطاط وفسيطيط بِالطَّاءِ لتصغر فسطاط فهما مادتان لَا أَنه رد أَحدهمَا إِلَى الآخر (ص) وتلحق التَّاء غَالِبا إِذْ لَا لبس فِي مؤنث عَار ثلاثي أَو رباعي بِمدَّة قبل لَام معتلة لَا غَيره وَقد تعوض من ألف تَأْنِيث خَامِسَة أَو سادسة مَقْصُورَة قيل

(3/385)


أَو ممدودة وَلَا يعْتَبر فِي الْعلم مَا نقل مِنْهُ فِي الْأَصَح وتحذف بِلَا عوض من بنت علم مُذَكّر (ش) تلْحق تَاء التَّأْنِيث غَالِبا عِنْد تَصْغِير مؤنث بِلَا عَلامَة بِشَرْطَيْنِ الأول أَلا يلبس فَإِن حصل لبس لم تلْحقهُ كخمس وَنَحْوه من عدد الْمُؤَنَّث إِذْ لَو لحقته لألبس بِعَدَد الْمُذكر وكشجر وبقر إِذْ لَو لحقته لالتبس بتصغير شَجَرَة وبقرة الثَّانِي أَن يكون ثلاثيا كدار ودويرة نَار ونويرة أَو رباعيا بِمدَّة قبل لَام معتلة كسماء وَسُميَّة بِخِلَاف رباعي لَيْسَ كَذَلِك كزينب وسعاد وعناق وعقرب فَيُقَال زيينب وَسَعِيد وعنيق وعقيرب بِلَا تَاء وَبِخِلَاف مَا زَاد على الرباعي إِلَّا مَا حذف مِنْهُ ألف تَأْنِيث مَقْصُورَة خَامِسَة أَو سادسة فَإِنَّهُ يجوز لحاقه التَّاء كحبارى يجوز تصغيره بِإِقْرَار الْألف فَيُقَال حبيرى وبحذفها فَيجوز حِينَئِذٍ لحاق التَّاء تعويضا فَيُقَال حبيرة كَمَا يجوز تَركهَا فَيُقَال حبير وكلغيزى يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ دون إِقْرَار الْألف ك (لغيغيزة) ولغيغيز وشذ ترك التَّاء فِي تَصْغِير قَوس وَحرب وَدرع الْحَدِيد وَنصف لمتوسطة السن وخود وعرب وَفرس ونعل وناب للمسن من الْإِبِل وعرس وشول وَنحل وضحى قَالَ أَبُو حَيَّان هَذِه جملَة مَا حفظ مِمَّا شَذَّ من ذَلِك وشذ لحاقها للرباعي والخماسي بِدُونِ شَرط كَقَوْلِهِم فِي وَرَاء وأمام وَقُدَّام وريئة وَأُمَيْمَة (وقديديمة) وَهَذَانِ المحترز عَنْهُمَا بِقَوْلِي غَالِبا وجور ابْن الْأَنْبَارِي أَن تحذف ألف التَّأْنِيث الممدودة خَامِسَة أَو سادسة كباقلاء وبرنساء وتعوض مِنْهَا التَّاء قِيَاسا على الْمَقْصُورَة وَلَا يجوز عِنْد غَيره إِلَّا الْإِقْرَار فَيُقَال بويقلاء وبرينساء وَذهب أَيْضا إِلَى أَنه يعْتَبر فِي الْعلم مَا نقل عَنهُ فَإِن كَانَ علم الْمُؤَنَّث مَنْقُولًا من مُذَكّر كرمح علم امْرَأَة لم تدخله التَّاء رِعَايَة لأصله الَّذِي نقل مِنْهُ فَيُقَال رُمَيْح وَغَيره منع ذَلِك وَقَالَ لما سمي بِهِ مؤنث صَار اسْما خَاصّا بالمؤنث

(3/386)


فيصغر كَمَا يصغر مؤنث الأَصْل اعْتِبَارا بِمَا آل [إِلَيْهِ من التَّأْنِيث] وَكَذَا لَو كَانَ علم الْمُذكر مَنْقُولًا من مؤنث كأذن علم رجل فَإِن الْجُمْهُور على أَنه لَا تدخله التَّاء إِذا صغر اعْتِبَارا بِمَا آل إِلَيْهِ من التَّذْكِير وَذهب يُونُس إِلَى أَنَّهَا تدخله اعْتِبَارا بِأَصْلِهِ وَاحْتج بقَوْلهمْ عُرْوَة بن أذينة وَمَالك بن نُوَيْرَة وعيينة بن حصن فَإِنَّهَا أَسمَاء مذكرين أَعْلَام قد دَخَلتهَا التَّاء وَأَصلهَا مؤنث وَأجِيب بِأَن كلا من هَؤُلَاءِ لم يسم بأذن وَلَا بِنَار وَلَا بِعَين ثمَّ حقر بعد التَّسْمِيَة وَإِنَّمَا هِيَ أَسمَاء أَعْلَام سمي بهَا بعد أَن صغرت وَهِي نكرات فَإِن سمي مُذَكّر ببنت وَأُخْت ثمَّ صغر بعد التَّسْمِيَة حذفت التَّاء وَردت لَام الْكَلِمَة من غير تعويض بتاء تَأْنِيث فَيُقَال بني وَأخي بِخِلَاف مَا إِذا سمي بهما مؤنث فتحذف هَذِه التَّاء ويعوض عَنْهَا تَاء التَّأْنِيث فَيُقَال بنية وأخية إِجْرَاء لَهما حَال العلمية مجراهما حَال التنكير (ص) مَسْأَلَة يصغر اسْم الْجمع وَالْعلَّة بِلَفْظِهِ ورد الْأَخْفَش نَحْو (ركب) لواحده لَا الْكَثْرَة بل يرد إِلَى قلَّة أَو تَصْحِيح الْمُذكر إِن كَانَ لعاقل وَإِلَّا فالإناث وَجوزهُ الكوفية فِيمَا لَهُ نَظِير فِي الْآحَاد وَمَا لَهُ وَاحِد مهمل قياسي رد إِلَيْهِ لَا إِن كَانَ لَهُ مُسْتَعْمل خلافًا لأبي زيد (ش) تصغر أَسمَاء الجموع وجموع الْقلَّة على لَفظهَا فَيُقَال فِي ركب ركيب وَفِي قوم قويم وَفِي رَهْط رهيط وَفِي أجمال أجيمال وَفِي أكلب أكيلبة وَفِي أرغفة أريغفة وَفِي غلمة غليمة قَالَ أَبُو حَيَّان ويندرج اسْم الْجِنْس تَحت اسْم الْجمع فَيُقَال فِي تمر تمير ورد الْأَخْفَش بَاب ركب لواحده فَيُقَال رويكبون وصويحبون وطويمرات بِنَاء على قَوْله إِن فعلا جمع وَقَول الْجُمْهُور مَبْنِيّ على أَنه اسْم جمع وَأما جمع الْكَثْرَة فَلَا يصغر على لَفظه عِنْد الْبَصرِيين فَلَا يُقَال فِي رغفان رغيفان لِأَن التَّثْنِيَة تدل على الْكَثْرَة والتصغير يدل على الْقلَّة فيتنافيا بل يرد إِلَى جمع الْقلَّة إِن كَانَ لَهُ جمع قلَّة فَيُقَال فِي تَصْغِير فلوس أفيلس رد إِلَى أفلس وَفِي

(3/387)


عنق أعينق رد إِلَى أعنق وَإِلَى جمع تَصْحِيح الْمُذكر إِن كَانَ لمذكر عَاقل سَوَاء كَانَ مفرده مِمَّا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون أم لَا فَإِن التصغير يُوجب الْجمع بِالْوَاو وَالنُّون حَيْثُ لَا يجوز فِي المكبر فَيُقَال فِي تَصْغِير زيود حَال الرَّد زييدون وَفِي تَصْغِير رجال وغلمان وفتيان رجيلون وغليمون وفتيون وَإِن كَانَ رجل وَغُلَام وفتى لَا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون والأمران جائزان فِيمَا لَهُ جمع قلَّة وَإِن لم يكن لَهُ جمع قلَّة وَلَا هُوَ لمذكر عَاقل بِأَن كَانَ لمذكر لَا يعقل أَو لمؤنث مُطلقًا وَجب الرَّد إِلَى جمع تَصْحِيح الْإِنَاث سَوَاء كَانَ مفرده مِمَّا يجمع بِالْألف وَالتَّاء أم لَا فَيُقَال فِي تَصْغِير دَرَاهِم دريهمات وَفِي سكارى جمع سكرى سكيرات وَفِي حمر جمع حَمْرَاء حميروات وَفِي جوَار جويريات وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ تَصْغِير جمع الْكَثْرَة إِذا كَانَ لَهُ نَظِير فِي الْآحَاد كرغفان صغروه على رغيفان كعثيمان وَزَعَمُوا أَن أصيلانا تَصْغِير أصلان جمع أصيل فَإِن كَانَ جمع الْكَثْرَة مكسرا على وَاحِد مهمل وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد مُسْتَعْمل بِأَن لم ينْطق لَهُ بمفرد أصلا لَا قياسي وَلَا غير قياسي يرد عِنْد التصغير إِلَى مفرده القياسي المهمل فَيُقَال فِي (تفرق إخْوَتك شماطيط) تفَرقُوا شميطيطين وَفِي (تَفَرَّقت جواريك شماطيط) تَفَرَّقت شميطيطات وَإِن كَانَ مكسرا على وَاحِد مهمل وَله وَاحِد مُسْتَعْمل رد إِلَى الْوَاحِد الْمُسْتَعْمل لَا إِلَى المهمل القياسي خلافًا لأبي زيد فَيُقَال فِي ملاميح ومذاكير لميحات وذكيرات ردا إِلَى لمحة وَذكر لَا إِلَى ملمحة ومذكار لأَنا حِينَئِذٍ صغرنا لفظا عَرَبيا وَلَو رددناه إِلَى المهمل كُنَّا قد صغرنا لفظا لم تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب من غير دَاعِيَة إِلَى ذَلِك وَكَأن أَبَا زيد لما لم ينْطق لَهُ بِوَاحِد قياسي جعل ذَلِك الْوَاحِد الَّذِي لَيْسَ على قِيَاس كَالْمَعْدُومِ فِي لسانهم فسوى بَين ملاميح وشماطيط (ص) وَقد يكون للاسم تصغيران قياسي وشاذ وَقد يَسْتَغْنِي مصغر عَن مكبر أَو مهمل عَن مُسْتَعْمل أوأحد المترادفين عَن الآخر قَالَ ابْن مَالك ويطرد إِن جَمعهمَا أصل وَاحِد وَتوقف أَبُو حَيَّان

(3/388)


(ش) قد يكون للاسم تصغيران قياسي وشاذ كصبية وغلمة قَالُوا فيهمَا صبية وغليمة وَهَذَا هُوَ الْقيَاس لِأَنَّهُمَا جمعا قلَّة وجموع الْقلَّة تصغر على لَفظهَا وَقَالُوا أصيبية وأغيلمة وَهَذَا هُوَ الشاذ وَكَأَنَّهُم صغروا أغلمة وأصبية وَإِن لم يسْتَعْمل فِي الْكَلَام وَقد جَاءَت أَسمَاء على صُورَة المصغر وَلم ينْطق لَهَا بمكبر نَحْو الْكُمَيْت من الْخَيل الْحمر والكعيت وَهُوَ البلبل والثريا للنجم الْمَعْرُوف فِي أَلْفَاظ كَثِيرَة استوعبتها فِي كتاب (المزهر) فِي علم اللُّغَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَكثر مَجِيء المصغر دون المكبر فِي الْأَسْمَاء الْأَعْلَام كقريظة وجهينة وبثينة وطهية وحنين وعرين وفرين وَأم حبين وهذيل وسليم وَقد يسْتَغْنى بتصغير مهمل عَن تَصْغِير مُسْتَعْمل كَقَوْلِهِم فِي مغرب الشَّمْس مغيربان وَفِي عَشِيَّة عشيشة وَفِي الْعشَاء عشيان وَفِي لَيْلَة لييلية وَفِي رجل رويجل وَفِي بنُون أبينون كَأَنَّهُ تَصْغِير مغربان وعشاة وعشيان وليلاة وراجل وَابْن وَهَذَا التصغير الَّذِي جَاءَ على خلاف المكبر نَظِير جمع التكثير الَّذِي جَاءَ على خلاف تَكْثِير الْمُفْرد نَحْو لَيَال وبابه وَقد يسْتَغْنى بتصغير أحد المترادفين عَن تَصْغِير الآخر قَالُوا أَتَانَا قصرا أَي عشيا وَلم يصغروا قصرا اسْتغْنَاء عَنهُ بتصغير عشيا قَالَ ابْن مَالك ويطرد ذَلِك فيهمَا جَوَازًا إِن جَمعهمَا أصل وَاحِد نَحْو جليس بِمَعْنى مجَالِس فلك أَن تَسْتَغْنِي بتصغير أَحدهمَا عَن الآخر لِأَنَّهُمَا جَمعهمَا أصل وَاحِد وَهُوَ اشتقاقهما من الْجُلُوس لِأَن مَادَّة كل مِنْهُمَا (ج ل س) فلك أَن تَسْتَغْنِي بتصغير مجَالِس وَهُوَ مجيلس عَن تَصْغِير جليس وَلَك أَن تَسْتَغْنِي بتصغير جليس وَهُوَ جليس عَن تَصْغِير مجَالِس وَتوقف فِي ذَلِك أَبُو حَيَّان قَالَه فِي الارتشاف (ص) مَسْأَلَة لَا يصغر مبْنى إِلَّا أوه والمنادى والمزج وَذَا وتا وَالَّذِي وفروعهما لَا اللَّاتِي واللواتي واللائي فِي الْأَصَح فَيبقى أَولهَا مَفْتُوحًا وَيُزَاد آخرهَا ألف وَقد يضم اللذيا واللتيا

(3/389)


وَفِي التَّعَجُّب ثَالِثهَا الصَّحِيح يصغر أفعل فَقَط وَلَا عَامل عمل الْفِعْل وَفِي الْمصدر ثَالِثهَا مَا يقبل الْقلَّة وَالْكَثْرَة وَلَا غير وَسوى وغد والبارحة وحسبك ومختص بِالنَّفْيِ ومعظم شرعا ومنافيه وكل وَبَعض وَمَعَ وَأي وظرف غير مُتَمَكن ومحكي ومصغر وَشبهه وَأَسْمَاء الشُّهُور وَفِي الْأَيَّام ثَالِثهَا يجوز فِي الرّفْع دون النصب وَرَابِعهَا عَكسه (ش) أطلق ابْن مَالك وَغَيره أَنه لَا تصغر الْأَسْمَاء المبنية قَالَ أَبُو حَيَّان وَيرد عَلَيْهِ أَن بعض المبنيات يصغر وَذَلِكَ الْأَسْمَاء المركبة تركيب المزج فِي لُغَة من بنى كبعلبك وعمرويه فَيُقَال بعيلبك وعميرويه والأسماء المبنية بِسَبَب النداء يُقَال يَا زبيد وَيَا جعيفر قَالَ وَقد احْتَرز بَعضهم عَن هذَيْن النَّوْعَيْنِ فَقَالَ لَا تصغر الْأَسْمَاء المتوغلة فِي الْبناء وَهِي الَّتِي لم تعرب قطّ فَإِن هذَيْن النَّوْعَيْنِ لَهما حَالَة يعربان فِيهَا قَالَ وَمَعَ ذَلِك يرد عَلَيْهِ الْمركب الَّذِي آخِره ويه فَإِنَّهُ لَا يعرب قطّ على أصح الْقَوْلَيْنِ وَمَعَ ذَلِك يصغر قَالَ وَلنَا نوع ثَالِث لم يعرب قطّ ويصغر ذكره صَاحب الْبَسِيط قَالَ وَيُقَال أويه من كَذَا وَهُوَ تَصْغِير أوه كَمَا قَالُوا فِي المبهمة كَالَّتِي وَالَّذِي وَالضَّم الَّذِي فِيهَا لَا يمْنَع من التحقير كَمَا لم يمنعهُ فِي رويد زيدا وَهُوَ اسْم الْفِعْل لِأَنَّهُ على حد أَسمَاء الفاعلين وَيسْتَثْنى من المبنيات اسْم الْإِشَارَة والموصول فيصغران لِأَنَّهُ صَار فيهمَا شبه بالأسماء المتمكنة من حَيْثُ أَنَّهُمَا يوصفان ويوصف بهما وَقد خُولِفَ بهما قَاعِدَة التصغير حِين أُبْقِي أَولهمَا على الْفَتْح وَزيد فِي آخرهما ألف عوضا عَمَّا فَاتَ من ضم الأول فَقَالُوا فِي ذَا ذيا وَفِي تا تيا وَفِي أولى أليا وَفِي ذان وتان ذيان وتيان وَفِي الَّذِي وفروعه اللذيا واللتيا واللذيان واللتيان واللذيون بِضَم الْيَاء وَقيل بِفَتْحِهَا وَكَذَا اللَّذين بِكَسْرِهَا وَقيل بِفَتْحِهَا واللتيات واللوتيا فِي اللَّاتِي واللوياء واللويئون فِي اللائي واللائين وَضم لَام اللذيا واللتيا لُغَة لبَعض الْعَرَب

(3/390)


قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ دَلِيل على أَن الْألف لَيست عوضا من ضم الأول إِذْ لَا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض مِنْهُ قَالَ وَلم يصغروا من أَلْفَاظ إِشَارَة الْمُؤَنَّث سوى (تا) وَتركُوا تَصْغِير تي وَذي وذهي وذه اسْتغْنَاء بتصغير (تا) أَو خوفًا من الالتباس بالمذكر قَالَ وإجازة تَصْغِير اللَّاتِي واللواتي واللاء واللائي مَذْهَب الْأَخْفَش قَالَه قِيَاسا وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا يجوز تصغيرها اسْتغْنَاء بِجمع الْوَاحِد المحقر وَهُوَ اللتيات جمع اللتيا قَالَ وَمذهب سِيبَوَيْهٍ هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ لم يثبت عَن الْعَرَب وَلَا يَقْتَضِيهِ قِيَاس لِأَن قِيَاس هَذِه الْأَسْمَاء أَلا تصغر فَمَتَى صغرت الْعَرَب مِنْهَا شَيْئا وقفنا فِيهِ مَعَ مورد السماع وَلَا نتعداه وَقد دخل فِي المبنيات الْحُرُوف وَالْأَفْعَال فَلَا تصغر لِأَن التصغير وصف فِي الْمَعْنى والحرف وَالْفِعْل لَا يوصفان فَلَا يصغران وَقد سمع تَصْغِير فعل التَّعَجُّب قَالَ: 1780 -
(يَا مَا أميلح غزلاناً شَدَنَّ لنا ... )
وَفِي قِيَاسه خلاف وَلَا تصغر الْأَسْمَاء العاملة عمل الْفِعْل وَفِي تَصْغِير اسْم الْفَاعِل مَعَ عمله خلاف وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان لَا تصغر الْأَسْمَاء المصغرة وَلَا المشبهة بهَا ككميت وَنَحْوه وَلَا غير وَسوى وَسوى بِمَعْنى غير وَلَا البارحة وَلَا أمس وغد وَقصر بِمَعْنى عَشِيَّة وَلَا حَسبك وَلَا الْأَسْمَاء المختصة بِالنَّفْيِ وَلَا الْأَسْمَاء الْوَاقِعَة على مُعظم شرعا كأسماء الله تَعَالَى وَلَا الْأَسْمَاء المنافية لِمَعْنى التصغير ككبير وجسيم وَلَا كل وَلَا بعض وَلَا أَي وَلَا الظروف غير المتمكنة نَحْو ذَات مرّة وَلَا الْأَسْمَاء المحكية وَلَا أَسمَاء شهور السّنة كالمحرم وصفر وباقيها وَلَا أَسمَاء الْأُسْبُوع كالسبت والأحد وباقيها على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَاخْتَارَهُ ابْن كيسَان

(3/391)


وَمذهب الْكُوفِيّين والمازني والجرمي جَوَاز تَصْغِير أَيَّام الْأُسْبُوع وَزعم بعض النَّحْوِيين أَنَّك إِذا قلت الْيَوْم الْجُمُعَة وَالْيَوْم السبت فَرفعت الْيَوْم جَازَ تَصْغِير الْجُمُعَة والسبت وَإِن نصبت لم يجز تصغيرهما وَزعم بَعضهم أَنه يجوز التصغير فِي النصب وَيبْطل فِي الرّفْع وَأَجَازَ الْمَازِني تصغيرهما فِي الرّفْع وَالنّصب أه
مَسْأَلَة
(ص) مَسْأَلَة تَصْغِير التَّرْخِيم تحذف فِيهِ الزَّوَائِد وَرُبمَا حذف أصل يُشبههُ وَلَا يَسْتَغْنِي عَن التَّاء مؤنث وَالأَصَح أَنه لَا يخْتَص بِالْعلمِ وَأَنه يُقَال فِي غير التَّرْخِيم فِي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل بريهيم وسميعيل وَمِنْه بريه وَسميع وفَاقا (ش) من التصغير نوع يُسمى تَصْغِير التَّرْخِيم وَذَلِكَ بِحَذْف الزَّوَائِد مَعَ إِعْطَاء مَا يَلِيق بِهِ من فعيل أَو فعيعل كَقَوْلِك فِي أَزْهَر زُهَيْر وَفِي أسود سُوَيْد وَفِي منطلق طليق وَفِي مستخرج خريج وَفِي مدحرج دحيرج وَفِي زعفران زعيفر وَلَا فرق فِي جَوَاز تَصْغِير التَّرْخِيم بَين الْأَعْلَام وَغَيرهَا عِنْد الْبَصرِيين وَزعم الْفراء وثعلب أَنه يخْتَص بالأعلام كحارث وأسود علمين فَيُقَال فيهمَا حُرَيْث وسُويد بخلافهما وصفين فَلَا يُقَال إِلَّا حويرث وأسيود أَو أسيد فَإِن كَانَ المصغر اسْما لمؤنث عَارِيا من التَّاء وَجب دُخُول التَّاء مُطلقًا فَيُقَال فِي زَيْنَب وسعاد وحبلى زنيبة وسعيدة وحبيلة قَالَ أَبُو حَيَّان نعم الصِّفَات الَّتِي للمؤنث نَحْو طَالِق وحائض لَا تلحقها التَّاء فِي تَصْغِير التَّرْخِيم بل يُقَال طليق وحييض وَقد يحذف لتصغير التَّرْخِيم أصل يشبه الزَّائِد مِثَاله مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل فِي تَصْغِير إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل تَصْغِير ترخيم بريه وَسميع بِحَذْف الْمِيم وَاللَّام من آخرهما وهما أصل بِاتِّفَاق لَكِن لما كَانَا مِمَّا يزادان من كَلَامهم ذَهَبُوا بهما مَذْهَب الزِّيَادَة فحذفوهما وَحسن ذَلِك طول الِاسْم وكونهما آخرا تحذف الْهمزَة مِنْهُمَا وَهِي أصل فِي قَول الْمبرد زَائِدَة فِي قَول سِيبَوَيْهٍ

(3/392)


حجَّة الْمبرد أَن الْهمزَة لَا تكون زَائِدَة أَولا إِلَّا وَبعدهَا أَرْبَعَة أصُول وَحجَّة سِيبَوَيْهٍ أَن الْعَرَب حِين صغرت هذَيْن الاسمين تَصْغِير ترخيم حذفت الْهمزَة وَيَنْبَنِي على هَذَا الْخلاف تصغيرهما تَصْغِير غير التَّرْخِيم فَذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى حذف الْهمزَة فَيصير مَا بَقِي على (فعيعيل) خماسيا رابعه حرف مد ولين فَلَا يحذف مِنْهُ شَيْء وَتقول بريهيم وسميعيل وَذهب الْمبرد إِلَى إبْقَاء الْهمزَة لأصالتها عِنْده وَإِلَى حذف الْمِيم وَاللَّام كَمَا تحذف آخر الخماسي الْأُصُول فَيُقَال أبيريه وأسيميع كَمَا يُقَال فِي سفرجل سفيرج قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَهَكَذَا صغر الْعَرَب فِيمَا رَوَاهُ أَبُو زيد وَغَيره
الْمَنْسُوب
(ص) الْمَنْسُوب هُوَ الْمَجْهُول حرف إعرابه يَاء مُشَدّدَة يكسر متلوها ويحذف تَاء التَّأْنِيث وعلامة التَّثْنِيَة والتصحيح فَإِن لحق الْمُؤَنَّث تَغْيِير وَهُوَ غير علم رد إِلَى مُفْرد وَإِلَّا أبقى إِلَّا نَحْو سدرات وَعجز الْمركب والمضاف إِن لم يفد تعريفا تَحْقِيقا أَو تَقْديرا وَلم يلبس وَإِلَّا فصدره وَجوز الْجرْمِي حذف صدر المزج وَالْجُمْلَة وَنسب أَبُو حَاتِم إِلَى الجزأين والأخفش إِن ألبس (ش) يَجْعَل حرف الْإِعْرَاب من الْمَنْسُوب يَاء مُشَدّدَة تزاد فِي آخِره وَيكسر لأَجلهَا مَا قبلهَا كهاشمي ومالكي وَإِنَّمَا كسر تَشْبِيها بياء الْإِضَافَة وَهَذَا أحد التغييرات اللاحقة للاسم الْمَنْسُوب إِلَيْهِ إِذْ يلْحقهُ ثَلَاث تغييرات لَفْظِي وَهُوَ كسر مَا قبل الْيَاء وانتقال الْإِعْرَاب إِلَيْهَا ومعنوي وَهُوَ صَيْرُورَته اسْما لما لم يكن لَهُ وحكمي وَهُوَ رَفعه لما بعده على الفاعلية كالصفة المشبهة نَحْو مَرَرْت بِرَجُل

(3/393)


قرشي أَبوهُ كَأَنَّك قلت منتسب إِلَى قُرَيْش أَبوهُ ويطرد ذَلِك فِيهِ وَإِن لم يكن مشتقا وَإِن لم يرفع الظَّاهِر رفع الضَّمِير المستكن فِيهِ كَمَا يرفعهُ اسْم الْفَاعِل الْمُشْتَقّ وَلما كَانَ فِيهِ هَذِه التغيرات كثر فِيهِ التَّغَيُّر وَالْخُرُوج عَن الْقيَاس إِذْ التَّغْيِير يأنس بالتغيير ويحذف لهَذِهِ الْيَاء آخر الِاسْم إِن كَانَ تَاء تَأْنِيث كَقَوْلِك فِي النّسَب إِلَى مَكَّة وَفَاطِمَة مكي وفاطمي حذرا من اجْتِمَاع تاءي تَأْنِيث عِنْد نِسْبَة مُؤَنّثَة فِي نَحْو مَكِّيَّة وفاطمية إِذْ لَو بقيت لقيل مكيتة وفاطميتة قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول النَّاس (دِرْهَم خليفتي لحن) أَو كَانَ عَلامَة تَثْنِيَة أَو جمع تَصْحِيح بواو وَنون أَو بِأَلف وتاء كَقَوْلِك فِي النّسَب إِلَى عَبْدَانِ وعبدين وزيدان وزيدين واثنين ومسلمين ومسلمات وَعشْرين عَبدِي وزيدي واثني ومسلمي وعشري حذارا من اجْتِمَاع إعرابين فِي اسْم وَاحِد لَو لم تحذف فِيمَا عدا (مسلمات) وَمن اجْتِمَاع حرفي تَأْنِيث فِي مسلمات فَإِن نسب إِلَى مَا جمع بِالْألف وَالتَّاء وَكَانَ فِي الْجمع تَغْيِير بحركة لَازِمَة كجفنات أَو جَائِزَة كسدرات وغرفات فَإِن لم يكن علما رَددته إِلَى مفرده فَتَقول جفني وسدري وغرفي بِسُكُون عين الْكَلِمَة وَإِن كَانَ علما أبقيت الْحَرَكَة فَتَقول جفني وسدرى وغرفي فَإِن كَانَ التَّغْيِير كسرة كسدرات رَددتهَا فَتْحة وَنسب إِلَيْهِ كَمَا ينْسب إِلَى الْإِبِل فَتَقول سدري كَمَا تَقول إبلي وتحذف لهَذِهِ الْيَاء أَيْضا عجز الْمركب تركيب جملَة أَو مزج أَو عدد إِجْرَاء لَهُ مجْرى تَاء التَّأْنِيث فَيُقَال فِي النّسَب إِلَى تأبط شرا وبعلبك وَخَمْسَة عشر تأبطي وبعلي وخمسي

(3/394)


قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَانَ مُقْتَضى الْقيَاس أَن الْجُمْلَة لَا ينْسب إِلَيْهَا كَمَا أَنَّهَا لَا تثنى وَلَا تجمع وَلَا تعرب وَلَا تُضَاف وَلَا تصغر وَإِنَّمَا جَازَ النّسَب إِلَى الصَّدْر مِنْهَا تَشْبِيها بالمركب تركيب مزج قَالَ وَيدخل تَحت قَوْلنَا عجز الْمركب النِّسْبَة إِلَى لَوْلَا وحيثما وشبههما فَيُقَال لوي بتَخْفِيف الْوَاو وحيثي بِحَذْف عجزهما لجريانهما مجْرى الْجُمْلَة الَّتِي تحكي وَتقول فِي النِّسْبَة إِلَى كنت كوني بِحَذْف تَاء الضَّمِير ورد الْوَاو لزوَال مُوجب الْحَذف وَهُوَ اجتماعها مَعَ النُّون الساكنة لأجل التَّاء وَقد نسبوا إِلَى الْجُمْلَة بأسرها فَقَالُوا كنتي لَكِن فِي الشّعْر قَالَ الْأَعْشَى: 1781 -
(فَأَصْبَحت كنتيًّا وأَصْبَحْتُ عاجنا ... )
وَقَالَ آخر: 1782 -
(إِذا مَا كُنْتَ مُلْتَمِساً لقُوتٍ ... فَلَا تَصْرخْ بكُنْتيّ يُجيبُ)
قَالَ وَلَو سمي بجملة زَائِدَة على كَلِمَتَيْنِ كَأَن تسمي رجلا (يخرج الْيَوْم زيد) حذف مَا زَاد على الْجُزْء الأول وَقيل خرجي وَجوز الْجرْمِي فِي الْجُمْلَة والمزج النّسَب إِلَى الْجُزْء الأول أَو الثَّانِي فَتَقول تأبطي أَو شري وبعلي أَو بكي

(3/395)


وَجوز أَبُو حَاتِم السجسْتانِي النّسَب إِلَيْهِمَا مَعًا مقترنين فَيُقَال تأبطي شري وبعلي بكي ورامي هرمزي وَفِي الْعدَد إحدي عشري وَقَالَ الْأَخْفَش فِي (الْأَوْسَط) وَإِن خفت الإلباس قلت رامي هرمزي ويحذف أَيْضا لهَذِهِ الْيَاء عجز الْمركب تركيب إِضَافَة إِن لم يتعرف الأول بِالثَّانِي تَحْقِيقا وَلَا تَقْديرا وَلم يخف لبس كَقَوْلِهِم فِي النّسَب إِلَى امْرِئ الْقَيْس امرئي ومرئي فامرؤ الْقَيْس لم يتعرف الأول فِيهِ بِالثَّانِي لَا تَحْقِيقا وَلَا تَقْديرا لِأَنَّهُ لم تسبق لَهُ إِضَافَة قبل اسْتِعْمَاله علما كَمَا سبقت لأبي بكر مثلا وَإِن تعرف الأول بِالثَّانِي تَحْقِيقا أَو تَقْديرا أَولا وَلَكِن خيف لبس حذف الصَّدْر وَنسب إِلَى الْعَجز مِثَال الأول قَوْلهم فِي ابْن عمر وَابْن الزبير وَابْن كرَاع وَابْن دعْلج عمري وزبيري وكراعي ودعلجي وَمِثَال الثَّانِي قَوْلهم فِي أبي بكر بكري فَأَبُو بكر لم يتعرف فِيهِ الأول بِالثَّانِي تَحْقِيقا لِأَن الِاسْم لَا يكون مُعَرفا من جِهَتَيْنِ العلمية وَالْإِضَافَة لكنه تعرف بِهِ تَقْديرا لِأَنَّهُ قبل العلمية كَانَ (أَبُو) مُعَرفا ببكر تَحْقِيقا وَمِثَال الثَّالِث قَوْلهم فِي عبد منَاف وَعبد الْأَشْهَل منافي وأشهلي لأَنهم لَو قَالُوا عَبدِي لالتبس بِالنِّسْبَةِ إِلَى عبد الْقَيْس فَإِنَّهُم قَالُوا فِي النِّسْبَة إِلَيْهِ عَبدِي فرقوا بَين مَا يكون الأول مُضَافا إِلَى اسْم يقْصد قَصده ويتعرف الْمُضَاف الأول بِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِك غَالب أَو طرأت عَلَيْهِ العلمية نَحْو ابْن عمر وَأبي بكر وَعبد منَاف وَعبد الْأَشْهَل وَعبد الْمطلب وَكَذَا كل مَا كَانَ فِيهِ ابْن أَو أَب أَو أم وَبَين مَا لَيْسَ كَذَلِك نَحْو امْرِئ الْقَيْس وَعبد الْقَيْس فَإِن الْقَيْس لَيْسَ بِشَيْء مَعْرُوف بِغَيْر إِضَافَة امْرِئ إِلَيْهِ أَو عبد وَقَالُوا فِي الرجل من بني عبد الله بن دارم دارمي وَمن بني عبد الله بن الدئل دئلي نسبوا إِلَى الْجد قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمرَاد بالمضاف فِي الْمَسْأَلَة الَّذِي يكون علما أَو غَالِبا بِحَيْثُ يكون مَجْمُوعه لِمَعْنى مُفْرد لَا الْمُضَاف على الْإِطْلَاق فَإِن مثل غُلَام زيد إِذا لم يكن كَذَلِك ينْسب فِيهِ إِلَى زيد أَو إِلَى غُلَام وَيكون إِذْ ذَاك من قبيل النِّسْبَة إِلَى الْمُفْرد لَا إِلَى الْمُضَاف لِأَن كلا من جزأيه بَاقٍ على مَعْنَاهُ

(3/396)


(ص) وياء المنقوص إِلَّا الثلاثي فَترد وتقلب واوا والمشددة بعد أَكثر من حرفين وَقد تقلب واوا فِي مرموي فَإِن كَانَ حرفان حذفت أولى الياءين وقلبت الثَّانِيَة أَو حرف فالقلب وشذ غَيره خلافًا لأبي عَمْرو وَألف التَّأْنِيث رَابِعَة أَو فَوْقهَا مُطلقًا وَالْوَاو تلو ضم ثَالِث فَصَاعِدا وَالْيَاء الْمَكْسُورَة المدغم فِيهَا الموصولة بِالْآخرِ (ش) يحذف للنسب يَاء المنقوص غير الثلاثي فَيُقَال فِي قَاض ومعتل ومستدع قَاضِي ومعتلي ومستدعي بِخِلَاف الثلاثي كعم وشج فَإِنَّهُ ترد لامه وتقلب واوا سَوَاء كَانَت فِي الأَصْل واوا أم يَاء كَرَاهَة اجْتِمَاع الْأَمْثَال فَيُقَال عموي وشجوي وَقد يَقع ذَلِك فِي الرباعي أَيْضا فَيُقَال قاضوي لكنه شَاذ وتحذف أَيْضا الْيَاء الْمُشَدّدَة بعد أَكثر من حرفين سَوَاء كَانَت من بنية الْكَلِمَة أم دخلت للنسبة ككرسي ويحني ومرمي وشاهي فتحذف ياءاتها وَيثبت مَكَانهَا يَاء النّسَب فَتَصِير كلفظها كَرَاهَة اجْتِمَاع أَربع ياءات وَلِأَنَّهُ لَا يُوجد فِي آخر اسْم أَربع زَوَائِد من جنس وَاحِد وَقد يُقَال فِي مرموي بِحَذْف الْيَاء الزَّائِدَة المنقلبة عَن الْوَاو الزَّائِدَة فِي اسْم الْمَفْعُول وقلب الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْكَلِمَة واوا كَمَا يُقَال فِي عَليّ علوي فَإِن كَانَ قبل الْيَاء الْمُشَدّدَة حرفان فَقَط كقصي حذفت أولى الياءين وقلبت الثَّانِيَة واوا فَيُقَال قصوي أَو حرف وَاحِد كحي وطي قلبت الثَّانِيَة واوا وَصحت الأولى محركة بِالْفَتْح فَيُقَال حيوي لِأَنَّهُ لَو نسب إِلَيْهِمَا على لَفْظهمَا لاجتمع فِي آخر الِاسْم أَربع ياءات وَذَلِكَ مستثقل فِي كَلَامهم وشذ قَوْلهم حييي وَكَانَ أَبُو عَمْرو يختاره لِأَن لَيْسَ فِيهِ زَائِد يحذف وتحذف أَيْضا ألف التَّأْنِيث رَابِعَة أَو فَوْقهَا فَيُقَال فِي جمزى وحبلى جمزي وحبلي بِخِلَاف ألف الْإِلْحَاق كعلقى أَو لَام الْكَلِمَة كملهى كَمَا سَيَأْتِي وتحذف أَيْضا الْوَاو تلو مضموم ثَالِث فَصَاعِدا فَيُقَال فِي عرقوة وترقوة وقمحدوة عرقي وترقي وقمحدي بِخِلَافِهَا بعد مضموم ثَان كرموه من الرَّمْي فَلَا تحذف

(3/397)


وتحذف أَيْضا الْيَاء الْمَكْسُورَة المدغم فِيهَا الموصولة بِالْآخرِ فِرَارًا من توالي ياءات بَينهَا كسر فَيُقَال فِي سيد وميت سَيِّدي وميتي بِالتَّخْفِيفِ حذفا للياء المدغم فِيهَا الْيَاء الأولى وشذ قَوْلهم طائي بقلب الْيَاء ألفا الْمَكْسُورَة الْقيَاس طيئي فَلَو كَانَت الْيَاء غير مَكْسُورَة كهبيخ لم تحذف بل يُقَال هبيخي وَكَذَا لَو كسرت وَلم توصل بِالْآخرِ كمهيم تَصْغِير مهيام مفعال من هام فَيُقَال مهيمي بِلَا خلاف لِأَن الْيَاء الْمَكْسُورَة المدغم فِيهَا مفصولة من الآخر بياء التعويض (ص) وتقلب واوا ألف ثَالِثَة أَو رَابِعَة لإلحاق أَو أصل وَقد تحذف أَو تقلب رَابِعَة لتأنيث فِيمَا سكن ثَانِيه مثل [حبلوي] أَو خَامِسَة تلو مشدد وَقد تزاد ألف قبل بدل رَابِعَة مُطلقًا وهمزة تَأْنِيث غَالِبا وَفِي غَيرهَا وَجْهَان (ش) تقلب فِي النّسَب واوا ألف ثَالِثَة كفتوي وعصوي فِي فَتى وعصا أَو رَابِعَة لغير تَأْنِيث كالإلحاق فِي علقى وَلَام الْكَلِمَة فِي ملهى فَيُقَال فيهمَا علقوي وملهوي وَقد تحذف هَذِه أَعنِي الرَّابِعَة لغير تَأْنِيث تَشْبِيها لَهَا بِأَلف التَّأْنِيث فَيُقَال علقي وملهي وَقد تقلب الرَّابِعَة الَّتِي للتأنيث فِيمَا سكن ثَانِيه فَيُقَال فِي حُبْلَى حبلوى حملا على ملهى وعلقى بِخِلَاف مَا تحرّك ثَانِيه كجمزى فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْحَذف وَقد تزاد ألف قبل بدل الْألف الرَّابِعَة مُطلقًا سَوَاء كَانَت للتأنيث كَمَا نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ أَو للإلحاق كَمَا ذكره أَبُو زيد أَو منقلبة عَن أصل كَمَا ذكره السيرافي فَيُقَال حبلاوي وعلقاوي وملهاوي فَإِن وَقعت الْألف خَامِسَة وَهِي منقلبة عَن أصل بعد مشدد نَحْو مصلى ومثنى فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور الْحَذف كحالها إِذا وَقعت خَامِسَة منقلبة عَن أصل وَلَيْسَ قبلهَا مشدد كمشترى فَإِنَّهُ لَا خلاف فِي حذفهَا وَمذهب يُونُس جعله

(3/398)


مثل معطى وملهى فيجيز فِيهِ الْقلب كَمَا يُجِيز الْحَذف وتقلب أَيْضا واوا همزَة أبدلت من ألف التَّأْنِيث فَيُقَال فِي حَمْرَاء وصفراء حمراوي وصفراوي وَمن الْعَرَب من يَقُول حمرائي وصفرائي فتقر الْهمزَة من غير قلب تَشْبِيها بِأَلف كسَاء قَالَ فِي التوشيح وَذَلِكَ قَلِيل رَدِيء نَقله أَبُو حَاتِم فِي كتاب التَّذْكِير والتأنيث وَفِي همزَة غَيرهَا تالية ألف وَجْهَان الْإِقْرَار وَالْقلب سَوَاء كَانَت أَصْلِيَّة كقراء ووضاء أَو مُلْحقَة بِأَصْل كعلباء أَو منقلبة عَن أصل ككساء فَيُقَال قرائي وقراوي ووضائي ووضاوي وعلبائي وعلباوي وكسائي وكساوي والتصحيح فِي الْأَصْلِيَّة أَجود من الْقلب قَالَه ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان فيفهم مِنْهُ أَن الْقلب فِي الْأَخيرينِ أَجود قَالَ وَالَّذِي ذكره غَيره أَن الْقلب فِي بَاب علْبَاء أحسن وَالْإِقْرَار فِي بَاب كسَاء أحسن بِنَاء لباب النّسَب على بَاب التَّثْنِيَة قَالَ وَقد قَالُوا فِي بَاب التَّثْنِيَة كسايان فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ النّسَب فَيُقَال كسايي بِالْيَاءِ أه (ص) وَيُقَال فِي فعيلة فعلي وفعلية وفعولة فعلي مَا لم يكن مضاعفا أَو أجوف صَحِيح اللَّام قَالَ ابْن مَالك أَو تعدم الشُّهْرَة وشذ نَحْو سليمي وقاس أَبُو البركات بن الْأَنْبَارِي نَحْو الْحَنَفِيّ فِي الْمَذْهَب وَأثبت الْأَخْفَش وَاو فعولة وحذفها ابْن الطراوة وَأبقى الضمة ويقاسان فِي فعيل وفعيل معتلي اللَّام لَا صَحِيحَيْنِ فِي الْأَصَح وَثَالِثهَا يقاسان فِي يَاء ثَالِثَة وَرَابِعهَا فِي فعيل فَقَط (ش) يُقَال فِي النّسَب إِلَى فعيلة بِضَم الْفَاء وَفتح الْعين فعلي كَذَلِك بِحَذْف الْيَاء الزَّائِدَة وتاء التَّأْنِيث نَحْو جُهَيْنَة جهين وضبيعة وضبعي وشذ ردينة ورديني بِإِثْبَات الْيَاء وَيُقَال فِي فعيلة بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين فعلي بفتحهما وَحذف الْيَاء وَالتَّاء

(3/399)


كحنيفة وحنفي وَرَبِيعَة ورِبْعِي وشذ قَوْلهم فِي سليم سليمي وَفِي عميرَة عميري وَفِي السليقة سليقي بِإِثْبَات الْيَاء من غير تَغْيِير وقاس الْكَمَال أَبُو البركات عبد الرَّحْمَن بن الْأَنْبَارِي الْحَنَفِيّ فِي النِّسْبَة إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة فرقا بَينه وَبَين الْمَنْسُوب إِلَى قَبيلَة بني حنيفَة حَيْثُ يُقَال فِي حنيفي كَمَا فرقوا بَين الْمَنْسُوب إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور فَقَالُوا فِي الأول مدنِي وَفِي الثَّانِي مديني وَيُقَال فِي فعولة فعلي بحذ الْوَاو وَالتَّاء وَفتح الْعين سَوَاء كَانَت اللَّام صَحِيحَة كحمثولة وحملي وركوبة وركبي أم معتلة كعدوة وعدوي هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْأَخْفَش والجرمي والمبرد إِلَى أَنه ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه كَقَوْلِهِم فِي أَزْد شنُوءَة شنوي وَذهب ابْن الطراوة إِلَى أَنه تحذف الْوَاو وَيتْرك مَا قبلهَا على الضَّم فَيُقَال حملي وركبي فَإِن ضوعفت الثَّلَاثَة كعديدة وضريرة تَصْغِير الْعدة والضرة وشديدة وقديدة وضرورة لم تحذف الْيَاء وَلَا الْوَاو كَرَاهَة اجْتِمَاع المثلين لَو حذفا فَإِنَّهُ كَانَ يصير عددي وضرري وشددي وقددي وضرري فَهَرَبُوا إِلَى الْفَصْل بَين المثلين بِالْيَاءِ وَالْوَاو وَالنِّسْبَة إِلَيْهِمَا على لَفظهَا فَقَالُوا عديدي وشديدي وضروري وَكَذَا إِن اعتلت عينهَا وَاللَّام صَحِيحَة لَا تحذف كلويزة ولويزي وطويلة وطويلي وقوولة وقوولي فَإِن اعتلت هِيَ وَاللَّام أَيْضا حذفت كطويه وطووي وحيية وحيوي وطهية وطهوي وَيُقَال فِي فعيل وفعيل صحيحي اللَّام أَو معتلين فُعَلِيّ وفَعَليّ بِحَذْف الْيَاء مِثَال الصَّحِيحَيْنِ هُذَيْل وهذلي وَثَقِيف وثقفي وَمِثَال المعتلين قصي وقصوي وَعلي وعلوي وَفِي قِيَاس ذَلِك أَقْوَال أَصَحهَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ يُقَال فِي المعتلين دون الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُمَا ينْسب إِلَيْهِمَا على لَفْظهمَا ككليب وكليبي وَتَمِيم وتميمي وَمَا جَاءَ من الْحَذف يحمل على الشذوذ

(3/400)


وَالثَّانِي يُقَاس الصحيحان قِيَاسا مطردا كالمعتلين وَعَلِيهِ الْمبرد وَالثَّالِث إِن كَانَت الْيَاء ثَالِثَة حذفت نَحْو قُرَيْش وقرشي وهذيل وهذلي قَالَه المهاباذي قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا خلاف لمَذْهَب سِيبَوَيْهٍ ولمذهب الْمبرد أَيْضا وَالرَّابِع يُقَاس فِي فعيل لِكَثْرَة مَا جَاءَ فِيهِ سمع غير مَا تقدم ضبري من بني ضبير وفقمي من بني فقيم (كنَانَة) وملحي فِي مليح خُزَاعَة وقرمي فِي قريم وسلمي فِي سليم بِخِلَاف فعيل فَإِنَّهُ لم يحذف مِنْهُ إِلَّا ثَقِيف وثقفي فَالْقِيَاس على هَذِه اللَّفْظَة الْوَاحِدَة فِي غَايَة الْبعد والضعف أما فعول فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا النِّسْبَة على لَفظه من غير تَغْيِير وفَاقا كعدو وعدوي (ص) وَيفتح غَالِبا كسر فعل مثلث الْفَاء وجوبا وَقيل جَوَازًا وَبَاب تغلب سَمَاعا وَقيل قِيَاسا لَا بَاب جندل وفَاقا (ش) إِذا نسبت إِلَى فعل بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين أَو فعل بِكَسْر الْفَاء وَالْعين أَو فعل بِضَم الْفَاء وَكسر الْعين فتحت الْعين من الثَّالِثَة كنمر ونمري وإبل وإبلي ودئل ودئلي وَكَذَا مَا ختم بتاء التَّأْنِيث من ذَلِك كشقرة وشقري وحبرة وحبري وشذ قَوْلهم فِي الصَّعق صعقي بِكَسْر الْعين وَالصَّاد قبلهَا إتباعا وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم خلافًا فِي وجوب فتح الْعين فِي نَحْو نمر وإبل ودئل إِلَّا مَا ذكره طَاهِر الْقزْوِينِي فِي مُقَدّمَة لَهُ أَن ذَلِك على جِهَة الْجَوَاز وَأَنه يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ وَقد تفتح الْعين الْمَكْسُورَة من الرباعي كتغلب وتغلبي ويثرب ويثربي ومشرق ومغرب ومشرقي ومغربي وَقد اخْتلف فِي قِيَاس ذَلِك على قَوْلَيْنِ أصَحهمَا وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه أَنه شَاذ يحفظ مَا ورد مِنْهُ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ

(3/401)


وَالثَّانِي أَنه مطرد ينقاس وعزي إِلَى الْمبرد وَابْن السراج والرماني والفارسي والصيمري وَجَمَاعَة قَالَ أَبُو حَيَّان هَكَذَا نقل الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بعض أَصْحَابنَا وَذهب أَبُو مُوسَى إِلَى توَسط بَين الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَن الْمُخْتَار أَلا يفتح قَالَ وَهَذَا مُخَالف لقَوْل سِيبَوَيْهٍ من أَنه شَاذ وَلقَوْل الْمبرد أَنه مطرد وَلَا يخْتَار الْكسر قَالَ وَنقل أَبُو الْقَاسِم البطليوسي فِي شَرحه لكتاب سِيبَوَيْهٍ أَن الْجُمْهُور على جَوَاز الْوَجْهَيْنِ فِيهِ وَأَنه إِنَّمَا خَالف فِيهِ أَبُو عَمْرو فَأوجب الْكسر قَالَ وَهَذَا مُخَالف للنَّقْل السَّابِق وَلَا يُغير بَاب جندل وعلبط ودردم وهدهد وعجلط وسلسة مِمَّا توالت حركاته وَلم يسكن ثَانِيه وَكسر مَا قبل آخِره بل ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه من غير تَحْويل كَسرته فَتْحة بِلَا خلاف (ص) وَلَا يرد من الْمَحْذُوف الْفَاء أَو الْعين إِلَّا المنقوص وَترد اللَّام إِن كَانَ أجوف أَو جبر فِي التَّثْنِيَة أَو جمع الْمُؤَنَّث وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فَإِن عرض الْوَصْل جَازَ حذفه وَالرَّدّ وَعَكسه وتفتح عين المجبور وَقيل يسكن مَا أَصله السّكُون وَلَا يحذف الْوَصْل من غير مَا ذكر (ش) لَا يرد فِي النّسَب مَا حذف من فَاء أَو عين إِن كَانَت اللَّام صَحِيحَة فَيُقَال فِي عدَّة عدي وَفِي سه سهي وَفِي مذ مُسَمّى بهَا مذي وَيرد إِن كَانَت اللَّام معتلة فَيُقَال فِي شية وشوي وَفِي (يرى) مُسَمّى بهَا يرئي يرد الْفَاء وَالْعين وَأما الْمَحْذُوف اللَّام فَيرد إِن كَانَ معتل الْعين سَوَاء كَانَت اللَّام المحذوفة حرف عِلّة كذي بِمَعْنى صَاحب فَيُقَال ذووي أم حرفا صَحِيحا كشاة أَصْلهَا شوهة بِسُكُون الْوَاو كصحفة فَلَمَّا حذفت الْهَاء باشرت تَاء التَّأْنِيث الْوَاو فَانْقَلَبت الْفَاء لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فالمحذوف هَاء وَهُوَ حرف صَحِيح فَيُقَال فِي

(3/402)


النِّسْبَة إِلَيْهِ على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ شاهي برد اللَّام وإبقاء الْألف المبدلة وعَلى مَذْهَب الْأَخْفَش شوهي برد الْوَاو أَيْضا إِلَى أَصْلهَا فَإِن كَانَ صَحِيح الْعين وَجب رد اللَّام أَيْضا إِن جبر بردهَا فِي التَّثْنِيَة كأب وَإِخْوَته فتقولء ابوي وأخوي كَمَا تَقول أَبَوَانِ وَأَخَوَانِ وَتقول فموي على لُغَة من يَقُول فموان أَو فِي الْجمع بِالْألف وَالتَّاء كعضة وهنة وَسنة فَتَقول عضوي وهنوي وسنوي على لُغَة من جعل الْمَحْذُوف مِنْهَا الْوَاو أَو عضيهي وهنهي وسنهي على لُغَة من جعل الْمَحْذُوف مِنْهَا الْهَاء كَمَا تَقول سنوات وسنهات وَإِن لم يجْبر برد لامه فِي التَّثْنِيَة وَلَا فِي الْجمع بِالْألف وَالْيَاء جَازَ فِيهِ وَجْهَان الرَّد وَتَركه نَحْو حر فَقَالَ حرحي أَو حري وشفة فَيُقَال شفهي أَو شفي فَإِن كَانَ الْمَحْذُوف اللَّام وَعوض فِي أَوله همز الْوَصْل جَازَ حذف الْهمزَة وَالرَّدّ وإبقاء الْهمزَة وَترك الرَّد فَيُقَال فِي ابْن وَاسم بنوي وسموي أَو ابْني واسمي وَلَا يجمع بَين الْهمزَة وَالرَّدّ لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض وَيُقَال فِي ابْن ابنمي أَو ابْني أَو بنوي وتفتح عين المجبور مُطلقًا سَوَاء كَانَ أَصْلهَا السّكُون أم الْحَرَكَة كالأمثلة السَّابِقَة كلهَا تفتح عينهَا وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَقَالَ الْأَخْفَش إِن كَانَ أَصْلهَا السّكُون سكنت يُقَال فِي النّسَب إِلَى شَاة شوهي بِسُكُون الْوَاو قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مِنْهُ قِيَاس مصادم للنَّص فَهُوَ من فَسَاد الْوَضع قَالَ وَقد رَجَعَ فِي الْأَوْسَط إِلَى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَذكره سَمَاعا عَن الْعَرَب وَلَا تحذف همزَة الْوَصْل من غير مَا ذكر فَيُقَال فِي النِّسْبَة إِلَى (امْرِئ) امرئي وَإِلَى استغاثة استغاثي وَالرَّاء وَالنُّون من امْرِئ وابنم تابعان فِي الْكسر لما بعدهمَا فِي غير النّسَب (ص) ويضعف ثَانِي الثنائي وضعا جَوَازًا إِن صَحَّ ووجوبا إِن اعتل إِلَّا بِالْألف فيهمز (ش) إِذا نسب إِلَى الثنائي وضعا فَإِن كَانَ آخِره حرف صَحِيح جَازَ تَضْعِيفه وَعدم تَضْعِيفه فَيُقَال فِي كم كمي بِالتَّشْدِيدِ أَو كمي بِالتَّخْفِيفِ وَإِن كَانَ آخِره يَاء أَو واوا وَجب تَضْعِيفه فَيُقَال فِي كي وَلَو كيوي ولووي كحيوي

(3/403)


وَإِن كَانَ آخِره ألف ضعف بِالْهَمْز فَيُقَال فِي لَا لائي وَيجوز لاوي لما تقدم من أَن الْهمزَة لغير التَّأْنِيث يجوز فِيهَا الْإِقْرَار وَالْقلب واوا (ص) وتبدل يَاء سِقَايَة وحولايا همزَة أَو واوا وتزيد (غَايَة) الْإِقْرَار لَا يُغير ثلاثي سَاكن الْعين صحيحها لامه وَاو أَو يَاء فَإِن أنث بِالتَّاءِ فثالثها يقر مَا قبل الْوَاو وتقلب فِي بَاب بنت ثَالِثهَا حذف التَّاء وَإِقْرَار مَا قبل (ش) النّسَب إِلَى سِقَايَة وحولايا بإبدال الْيَاء همزَة فَيُقَال سقائي وحولائي لِأَن التَّاء وَالْألف يحذفان فتتطرف الْيَاء وَقبلهَا ألف زَائِدَة فتبدل همزَة كَمَا هُوَ قَاعِدَة بَاب الْإِبْدَال وَقد تجْعَل هَذِه الْهمزَة واوا فَيُقَال سقاوي وحولاوي أما نَحْو سقاوة فَتبقى الْوَاو فِيهِ على حَالهَا وَلَا تقلب همزَة فَيُقَال سقاوي لِأَن الْعَرَب قد تقلب الْهمزَة واوا فَإِذا حذفت لم يجز فِيهَا إِلَّا الْإِثْبَات وَأما غَايَة وَنَحْوهَا كطاية وثاية مِمَّا ثالثه يَاء بعد الْألف فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه النِّسْبَة إِلَيْهِ على لَفظه فَيُقَال غايي وإبدال الْيَاء همزَة كَمَا قلبت فِي سِقَايَة فَيُقَال غائي وإبدال الْهمزَة المبدلة من الْيَاء واوا فَيُقَال غاوي والهمزة أَجود لِأَن فِيهِ سَلامَة من استثقال الياءات وإبدال أخف من إبدالين وَلَا يُغير ثلاثي سَاكن الْعين صحيحها لامه يَاء أَو وَاو أَو خَال من تَاء التَّأْنِيث كظبي وغزو بِاتِّفَاق فَيُقَال ظبيي وغزوي فَإِن أنث بِالتَّاءِ كظبية ودمية وزبية وَعُرْوَة وركوة ورشوة فَفِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل أَنه لَا يُغير أَيْضا بل ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه بعد حذف التَّاء سَوَاء كَانَ من ذَوَات الْوَاو أَو من ذَوَات الْيَاء وَالثَّانِي أَنه ينْسب إِلَيْهِ كَمَا ينْسب إِلَى المنقوص الثلاثي فتقلب الْيَاء واوا فِي اليائي وَيفتح مَا قبل الْوَاو فِيهَا وَفِي الواوي فَيُقَال ظبوي وعروي وَعَلِيهِ يُونُس وَاخْتَارَهُ الزّجاج وَالثَّالِث التَّفْرِقَة بَين ذَوَات الْيَاء فتفتح مَا قبلهَا وَتَقَلُّبهَا واوا كالثلاثي المنقوص وَبَين ذَوَات الْوَاو فتبقيه سَاكِنا وَتقول عروي وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَفِي النّسَب إِلَى بنت وَأُخْت وثنتان وكلتا وَكَيْت وذيت مَذَاهِب

(3/404)


أَحدهَا وَعَلِيهِ الْخَلِيل وسيبويه أَنه تحذف التَّاء وينسب إِلَيْهَا كمذكراتها فَيُقَال بنوي وأخوي وثنوي وكلوي وكيوي وذيوي كَسَائِر الْأَلْفَاظ المؤنثة بِالتَّاءِ وَالثَّانِي وَعَلِيهِ يُونُس أَنه ينْسب إِلَيْهَا على لَفظهَا بإبقاء التاءن فَيُقَال بِنْتي وأختي وثنتي وكلي أَو كلتوي وكيتي وذيتي فِرَارًا من اللّبْس وَهُوَ اخْتِيَاري وَالثَّالِث وَعَلِيهِ الْأَخْفَش أَنه تحذف التَّاء ويقر مَا قبلهَا على سكونه وَمَا قبل السَّاكِن على حركته وَيرد الْمَحْذُوف فَيُقَال بنوي وأخوي وثنتي وكلوي وكيوي وذيوي (ص) وينسب لاسم الْجمع وَالْجمع الْمُسَمّى بِهِ وَالْغَالِب وَمَا لَا وَاحِد لَهُ وَإِلَّا فَالْأَصَحّ ينْسب لمفرده إِن لم يلبس وَثَالِثهَا إِن كَانَ غير شَاذ (ش) إِذا نسب إِلَى اسْم الْجمع أَو الْجمع الْمُسَمّى بِهِ أَو الْجمع الْغَالِب أَو الْجمع الَّذِي واحده مهمل نسب إِلَيْهِ على لَفظه كَمَا ينْسب إِلَى الْوَاحِد فَيُقَال فِي قوم وتمر قومِي وتمري وَفِي كلاب وضباب وأنمار أَسمَاء قبائل كلابي وضبابي وأنماري لِأَنَّهَا بالعلمية لم يبْق يلحظ بهَا مُفْرد أصلا وَفِي الْأَنْصَار أَنْصَارِي لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ بَاقِيا على جمعيته لم يخرج عَنْهَا لكنه غَالب على قبائل بأعيانهم فنسب إِلَيْهِ على لَفظه كَالْعلمِ وَفِي شماطيط وعباديد شماطيطي وعباديدي إِذْ لَيْسَ لَهُ وَاحِد معِين يرجع إِلَيْهِ وَأما الْجمع الْبَاقِي على جمعيته وَله وَاحِد مُسْتَعْمل فَإِنَّهُ ينْسب إِلَى الْوَاحِد مِنْهُ فَيُقَال فِي الْفَرَائِض فَرضِي وَفِي الحمس أحمسي وَفِي الْفَرْع أفرعي قَالَ أَبُو حَيَّان بِشَرْط أَلا يكون رده إِلَى الْوَاحِد يُغير الْمَعْنى فَإِن كَانَ كَذَلِك نسب إِلَى لفظ الْجمع كأعرابي إِذْ لَو قيل فِيهِ عَرَبِيّ رد إِلَى الْمُفْرد لالتبس الْأَعَمّ بالأخص لاخْتِصَاص الْأَعْرَاب بالبوادي وَعُمُوم الْعَرَب وَأَجَازَ قوم أَن ينْسب إِلَى الْجمع على لَفظه مُطلقًا وَخرج عَلَيْهِ قَول النَّاس فرائضي وكتبي وقلانسي

(3/405)


وَذهب هَؤُلَاءِ إِلَى أَن الْقمرِي والدبسي مَنْسُوب إِلَى الْجمع من قَوْلهم طيور قمر ودبس وَعند الْأَوَّلين هُوَ مَنْسُوب إِلَى القمرة وَهِي الْبيَاض والدبس أَو مثل كرْسِي مِمَّا بني على الْيَاء الَّتِي تشبه يَاء النّسَب وَأَجَازَ أَبُو زيد فِي مَا لَهُ وَاحِد شَاذ كمذاكير ومحاسن أَن ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه كَالَّذي واحده مهمل فَيُقَال مذاكيري ومحاسني وسيبويه ينْسب إِلَى مفرده الشاذ فَيَقُول ذكري وحسني لِأَنَّهُ قد نطق لَهُ بِوَاحِد فِي الْجُمْلَة وَمن الشاذ على الأول وَقَوْلهمْ كلابي الْخلق وَالْقِيَاس كَلْبِي وَقَوْلهمْ فِي الْجمع الْمُسَمّى بِهِ فرهودي نِسْبَة إِلَى الفراهيد وَالْقِيَاس فراهيدي وَإِذا سمي بِنَحْوِ تمرات وأرضين وسنين ثمَّ نسب إِلَيْهَا فتحت عين تمرات وأرضين وَكسر فَاء سِنِين فرقا بَين النِّسْبَة إِلَيْهَا حَال العلمية وَبَين النِّسْبَة إِلَيْهَا حَال الجمعية فَإِنَّهُ فِي كلا الْحَالين يلْزم حذف الْألف وَالتَّاء وَالْيَاء وَالنُّون فَلَو أسكنت الْعين وَفتحت الْفَاء لالتبس فَيُقَال فِي الْعلم تمري وأرضي وسني وَفِي الْجمع تمري وأرضي وسنوي أَو سنهي
شواذ النّسَب
(ص) شواذ النّسَب الْمُخَالفَة لما ملا لَا تحصى وَمِنْهَا بِنَاء فعلل من جزئي الْمركب ولحاق الْيَاء لأبعاض الْجَسَد مَبْنِيَّة على فعال أَو مُلْحقًا بهَا ألف وَنون للْمُبَالَغَة وَالْفرق بَين الْوَاحِد وجنسه وَالزِّيَادَة والإغناء عَنْهَا بفعال من الحرفة وفاعل وَفعل بِمَعْنى صَاحب الشَّيْء وَإِقَامَة أَحدهمَا مقَام الآخر أَو غَيرهمَا وقاس الْمبرد بَاب فعال وتخفف الْيَاء فيعوض قبل اللَّام ألف وَلَا يجمعان إِلَّا شذوذا (ش) مَا سمع من النّسَب مغيرا لم يذكر فِي هَذَا الْبَاب أَو متروكا فِيهِ التَّغْيِير الْمُقَرّر فِيهِ لم يقس عَلَيْهِ وعد فِي شواذ النّسَب الَّتِي تحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا وَهِي كَثِيرَة لَا تحصى فَمن المغير قَوْلهم فِي النّسَب إِلَى السهل سهلي بِضَم السِّين

(3/406)


وَهُوَ خلاف مَا تقرر فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُقَال فِي كلب كَلْبِي بِضَم الْكَاف وَقَوْلهمْ فِي الشتَاء شتوي وَقِيَاسه شتائي على لَفظه وَقَوْلهمْ فِي الْبَصْرَة بَصرِي بِكَسْر الْبَاء وَقِيَاسه فتحهَا وللشيخ الْهم دهري بِضَم الدَّال نِسْبَة إِلَى الدَّهْر وَقِيَاسه فتحهَا وَفِي خُرَاسَان خرسي وخراسي وَفِي الرّيّ رازي وَفِي مرو مروزي وَفِي دراب جرد دراوردي وَفِي دَار الْبِطِّيخ دريخي وَفِي سوق اللَّيْل سقلي وَمن الْمَتْرُوك تَغْيِيره وَالْقِيَاس أَن يُغير قَوْلهم كلب عميري فِي النّسَب إِلَى عميرَة وَمن شواذ النّسَب بناؤهم فعلل من جزئي الْمركب كَقَوْلِهِم فِي عبد شمس عبشمي وَفِي عبد الدَّار عبدري وَفِي امْرِئ الْقَيْس مرقسي وَعبد الْقَيْس عبقسي وَفِي حَضرمَوْت حضرمي وَمِنْهَا لحاق يَاء النّسَب أَسمَاء أبعاض الْجَسَد مَبْنِيَّة على فعال أَو مزيدا فِي آخرهَا ألف وَنون للدلالة على عظمها كَقَوْلِهِم أنافي للعظيم الْأنف ورآسي للعظيم الرَّأْس وعضادي للعظيم الْعَضُد وفخاذي للعظم الْفَخْذ وَفِي الَّذِي طوله أَو عرضه شبر أحادي أَو شبران ثنائي أَو ثَلَاثَة ثلاثي وَهَكَذَا رباعي وخماسي وسداسي وسباعي فَلَا يُقَاس على شَيْء من ذَلِك بِحَيْثُ يُقَال فِي الْعَظِيم الكبد أَو الْوَجْه كبادي أَو جاهي بل يقْتَصر على مَا سمع وكقولهم فِي الْعَظِيم الرَّقَبَة والجمة واللحية وَالشعر رقباني وجماني ولحياني وشعراني فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُقَال فِي الْعَظِيم الرَّأْس رأساني وَمِنْهَا لحاق الْيَاء عَلامَة للْمُبَالَغَة كَقَوْلِهِم رجل أعجمي وأشعري وأحمري أَو للْفرق بَين الْوَاحِد وجنسه كزنج وزنجي ومجوس ومجوسي ويهود ويهودي وروم ورومي أَو زَائِدَة إِمَّا لَازِمَة ككرسي وحواري وكلب زبني فَهَذِهِ الْيَاء لَيست للنسب بل هِيَ زَائِدَة فبنيت الْكَلِمَة عَلَيْهَا أَو غير لَازِمَة كَقَوْلِه: 1783 -
(والدّهر بالإنسان دوّاريُّ ... )
وَلَا يُقَال إِنَّهَا زَائِدَة للْمُبَالَغَة لِأَنَّهَا قد استفيدت من بنائِهِ على فعال وَلَا يُقَاس على شَيْء مِمَّا ذكر وَمِنْهَا الإغناء عَن يَاء النّسَب بصوغ فعال من الحرفة كخباز وقزاز وسقاء

(3/407)


وَبَقَاء وزجاج وبزاز وبقال وخياط ونجار وبصوغ فَاعل وَفعل بِمَعْنى صَاحب الشَّيْء كتامر وَلابْن ونابل أَي صَاحب تمر وَلبن ونبل وَطعم وَلبن وَعمل أَي صَاحب طَعَام وَلبن وَعمل وَقد يُقَام فعال مقَام فَاعل كنبال بِمَعْنى نابل أَي صَاحب نبل وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} [فصلت: 46] أَي بِذِي ظلم وَقد يُقَام فَاعل مقَام فعال كحائك فِي معنى حواك لِأَن الحياكة من الْحَرْف وَقد يُقَام غَيرهمَا مقامهما نَحْو امْرَأَة معطار أَي ذَات عطر وناقة محضير وكل هَذَا مَوْقُوف على السماع وَلَا يُقَاس شَيْء مِنْهُ وَإِن كَانَ قد كثر فِي كَلَامهم قَالَ سِيبَوَيْهٍ فَلَا يُقَال لصَاحب الْبر برار وَلَا لصَاحب الشّعير شعار وَلَا لصَاحب الدَّقِيق دقاق وَلَا لصَاحب الْفَاكِهَة فكاه والمبرد يقيس بَاب فَاعل وفعال لِأَنَّهُ فِي كَلَامهم أَكثر من أَن يُحْصى وَقد تخفف يَاء النّسَب بِحَذْف إِحْدَى ياءيها فيعوض مِنْهَا ألف قبل لَام الْكَلِمَة كَقَوْلِهِم فِي يمني يماني وَفِي شَامي شآمي وَيصير الِاسْم إِذا ذَاك منقوصا تَقول قَامَ الْيَمَانِيّ وَرَأَيْت الْيَمَانِيّ ومررت باليماني وَلأَجل كَون هَذِه الْألف عوضا من الْيَاء المحذوفة لَا يَجْتَمِعَانِ إِلَّا شذوذا فِي الشّعْر
التقاء الساكنين
(ص) التقاء الساكنين الْغَالِب أَنه لَا يكون فِي الْوَصْل إِلَّا فِي حرف لين مَعَ مدغم مُتَّصِل وَقد يُغير بإبدال الْألف همزَة وَأَنه فِيمَا عداهُ يحذف الأول إِن كَانَ مدا أَو نون توكيد أَو لدن وَألا يُحَرك مَا لم يكن الثَّانِي آخر كلمة فَهُوَ وَإنَّهُ يُحَرك بِالْكَسْرِ وَقد يفتح أَو يضم لموجب فَإِن الْوَاو بعد فتح لجمع تضم وَلغيره تكسر وَإِن نون (عَن) تكسر مُطلقًا و (من) مَعَ غير اللَّام وتفتح مَعهَا وتحذف إِن لم تُدْغَم بِكَثْرَة وفَاقا لأبي حَيَّان وَقَالَ ابْن مَالك بقلة وَابْن عُصْفُور ضَرُورَة وَحذف التَّنْوِين وضمه لتلو ضم لَازم لُغَة 0 ش) لَا يَخْلُو التقاء الساكنين من حذف أَحدهمَا أَو تحريكه وَهُوَ الأَصْل لِأَنَّهُ أقل إخلالا وَلذَلِك لَا يعدل إِلَيْهِ إِلَّا بعد تعذره بِوَجْه مَا

(3/408)


وأصل التَّخْفِيف أَن يكون من السَّاكِن الْمُتَأَخر لِأَن الثّقل يَنْتَهِي عِنْده وَلذَلِك لَا يكون التَّغَيُّر فِي الأول إِلَّا لوجه يرجحه وَقيل الأَصْل تَحْرِيك السَّاكِن الأول لِأَن بِهِ التَّوَصُّل إِلَى النُّطْق بِالثَّانِي فَهُوَ كهمزة الْوَصْل وَقَالَ قوم الأَصْل تَحْرِيك مَا هُوَ طرف الْكَلِمَة أَو الساكنين كَانَ أَو ثَانِيهمَا لِأَن الْأَوَاخِر مَوَاضِع التَّغْيِير وَلذَلِك كَانَ الْإِعْرَاب آخرا والتقاء الساكنين من الْأَحْوَال الْعَارِضَة للكلمة ثمَّ تَارَة يكون السَّاكِن أَصله الْحَرَكَة وَتارَة لَا ويلتقيان فِي الْوَقْف مُطلقًا سَوَاء كَانَ الأول حرف عِلّة أم لَا نَحْو يعلمُونَ وَصرف وَلَا يَلْتَقِيَانِ فِي الْوَصْل إِلَّا وأولهما حرف لين وَثَانِيهمَا مدغم مُتَّصِل نَحْو دَابَّة ودويبة والضالين بِخِلَاف الْمُنْفَصِل فيحذف لَهُ الأول وَرُبمَا ثَبت كَقِرَاءَة {عَنهُ تلهى} [عبس: 10] {مَا لكم لَا تناصرون} [الصافات: 25] وَرُبمَا فر من التقائهما فِي الْمُتَّصِل بإبدال همزَة مَفْتُوحَة من الْألف وَقُرِئَ {فَيَومئِذٍ لاَّ يُسئَلُ عَن ذَنبِهِ أِنسٌ وَلاَ جأَنُ} [الرَّحْمَن: 39] {وَلاَ الظّألين}

(3/409)


[الْفَاتِحَة: 7] وَقَالَ الشَّاعِر: 1784 -
(وللأرْض أَمَّا سُودُها فَتَحجَّلّتْ ... بَياضاً وَأما بيضُها فادْهَأَمَتِ)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا ينقاس شَيْء من ذَلِك إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر على كَثْرَة مَا جَاءَ مِنْهُ فَإِن لم يكن الثَّانِي مدغما حذف الأول إِن كَانَ حرف مد أَو نون توكيد خَفِيفَة أَو نون (لدن) كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقيل ادخلا النَّار مَعَ الداخلين} [التَّحْرِيم: 10] {يَقُولُوا الَّتِي} [الْإِسْرَاء: 53] {أَفِي الله شكّ} [إِبْرَاهِيم: 10] وَتقول اضْرِب الرجل تُرِيدُ اضربن ورأيته لدا الصَّباح أَي لدن وشذ إِثْبَات الْألف فِي قَوْلهم الْتَقت حلقتا البطال وَقَوْلهمْ فِي الْقسم هَا الله وإي الله بِإِثْبَات الْألف وَالْيَاء وَكسر نون لدن كَقَوْلِه: 1785 -
(تَنْتَهضُ الرِّعْدَةُ فِي ظُهَيري ... من لَدُن الظُّهْر إِلَى العُصَيْر)
وَإِن كَانَ غير ذَلِك حرك أَعنِي الأول نَحْو اضْرِب الرجل إِلَّا أَن يكون الثَّانِي آخر كلمة فيحرك هُوَ أَي الثَّانِي كأين وَكَيف وأمس وَحَيْثُ ومنذ وَإِذا كَانَ الأول تنوينا فَالْأَصْل فِيهِ عِنْد التقاء الساكنين الْكسر نَحْو مَرَرْت بزيد الظريف فَإِن كَانَ بعد السَّاكِن مضموم ضما لَازِما فَمن الْعَرَب من يضم إتباعا نَحْو هَذَا زيد اخْرُج إِلَيْهِ وَفِيهِمْ من يكسر فَإِن كَانَت الضمة عارضة فَلَيْسَ إِلَّا الْكسر نَحْو زيد ابْنك وَزيد اسْمك وَقَالَ الْجرْمِي حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين مُطلقًا لُغَة وَعَلَيْهَا قرئَ {أحد الله الصَّمد} [الْإِخْلَاص: 1، 2] {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} [يس: 40] وَقَالَ

(3/410)


1786 -
(وَلَا ذاكِر اللهَ إِلَّا قلِيلا ... )
وأصل مَا حرك من الساكنين الْكسر لِأَنَّهَا حَرَكَة لَا توهم إعرابا إِذْ لَا يكون فِي كلمة لَيْسَ فِيهَا تَنْوِين وَلَا مَا يُعَاقِبهُ من أل وَالْإِضَافَة بِخِلَاف الضَّم وَالْفَتْح فَإِنَّهُمَا يكونَانِ إعرابا وَلَا تَنْوِين مَعَهُمَا قَالَ صَاحب (الْبَسِيط) هَذَا قَول النَّحْوِيين قَالَ وَيحْتَمل أَن يُقَال الْفَتْح الأَصْل لِأَن الْفراء من الثّقل وَالْفَتْح أخف الحركات فَكَانَ أصلا أَو يُقَال لَا أصل فِي الالتقاء لحركة بل يَقْتَضِي التحريك خَاصَّة وَتَعْيِين الْحَرَكَة يكون لوجوه تخص ويعدل عَن الْكسر إِمَّا للتَّخْفِيف كأين وَكَيف لِأَن الْكسر مجانس للياء فثقل اجْتِمَاعهمَا وأشبه اجْتِمَاع مثلين وَمِنْه {آلمَ اللهُ} [آل عمرَان: 1 - 2] بِفَتْح الْمِيم

(3/411)


أَو للجبر كقبل وَبعد لِأَنَّهُمَا لما حذف مَا أضيفا إِلَيْهِ وبنيا صَار لَهما بذلك دهن فجبرا بِأَن بنيا على الضَّم لتخالف حَرَكَة بنائهما حَرَكَة إعرابهما أَو للإتباع تمّ تَارَة يكون إتباعا لحركة مَا قبل وَتارَة يكون لما بعد كمنذ ضمة الذَّال قبلهَا إتباعا لضمة الْمِيم قبلهَا وَنَحْو {قل ادعوا} [الْإِسْرَاء: 110] ضمت لَام (قل) إتباعا لضمة الْعين بعْدهَا أَو ردا إِلَى الأَصْل نَحْو مذ الْيَوْم تحرّك بِالضَّمِّ لِأَن أَصله مُنْذُ فَيرد إِلَى أَصله وتجنبا للبس كَانَت و (اضربن) لخطاب الْمُذكر حركا بِالْفَتْح لِئَلَّا يلتبس بخطاب الْمُؤَنَّث أَو حملا على نَظِير ك (نَحن) حرك بِالضَّمِّ على (هم) وَالْوَاو أَو إيثارا للتجانس نَحْو (إسحار) مُسَمّى بِهِ إِذا رخم فَإِنَّهُ تحذف راؤه الْأَخِيرَة فَيبقى آخر الْكَلِمَة رَاء سَاكِنة بعد ألف سَاكِنة فَتحَرك بِالْفَتْح لمجانسة الْألف وَالْغَالِب فِي نون (من) أَنَّهَا تفتح مَعَ حرف التَّعْرِيف وتكسر مَعَ غَيره نَحْو {وَمن النَّاس} [الْبَقَرَة: 204، وَغَيرهَا] {من الَّذين فرقوا دينهم} [الرّوم: 32] (من ابْنك) وَقل عَكسه أَي الْكسر مَعَ حرف التَّعْرِيف وَالْفَتْح مَعَ غَيره وَكَذَا حذفهَا مَعَ حرف التَّعْرِيف كَقَوْلِه 1787 -
(كأنهُما مِلآن لمْ يَتغيّرا ... )
أَي من الْآن وَقد جعل ابْن مَالك هَذَا قَلِيلا وَجعله ابْن عُصْفُور وَغَيره من الضرورات ونازعهما أَبُو حَيَّان فَقَالَ إِنَّه حسن شَائِع لَا قَلِيل وَلَا ضَرُورَة

(3/412)


قَالَ وَلَو تتبعنا دواوين الْعَرَب لاجتمع من ذَلِك شَيْء كثير فَكيف يَجْعَل قَلِيلا أَو ضَرُورَة بل هُوَ كثير وَيجوز فِي سَعَة الْكَلَام قَالَ وطالما بنى النحويون الْأَحْكَام على بَيت وَاحِد أَو بَيْتَيْنِ فَكيف لَا يَبْنِي جَوَاز حذف نون (من) فِي هَذِه الْحَالة وَقد جَاءَ مِنْهُ مَا لَا يُحْصى كَثْرَة قَالَ نعم لجوازه شَرط وَهُوَ أَن تكون اللَّام ظَاهِرَة غير مدغمة فِيمَا بعْدهَا فَلَا تَقول فِي من الظَّالِم م الظَّالِم وَلَا فِي (من اللَّيْل) (م اللَّيْل) قَالَ وَنَظِير ذَلِك حذف نون (بني) فَإِنَّهُم لَا يحذفونها إِلَّا إِذا كَانَ بعْدهَا لَام ظَاهِرَة فَيَقُولُونَ فِي بني الْحَارِث بلحارث وَلَا يَقُولُونَ فِي بني النجار بلنجار قَالَ وَوَقع فِي شعر المؤرخ التغلبي حذف نون (من) عِنْد لَام التَّعْرِيف المدغم فِي النُّون إِلَّا أَنه حِين حذف النُّون أظهر لَام التَّعْرِيف قَالَ 1789 -
(المطعمين لَدَى الشِّتاء ... سدائفاً مِلْنِيبِ غُرَّا)
انْتهى وَالْغَالِب فِي نون (عَن) أَنَّهَا تكسر مُطلقًا مَعَ لَام التَّعْرِيف وَمَعَ غَيره نَحْو رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ وَعَن ابْنك وَقد تضم مَعَ اللَّام حكى الْأَخْفَش (عَن الْقَوْم) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ لَهَا وَجه من الْقيَاس وَالْغَالِب فِي الْوَاو المفتوح مَا قبلهَا الضَّم إِن كَانَت للْجمع نَحْو اخشوا النَّاس وَالْكَسْر إِن لم تكن للْجمع نَحْو لَو استطعنا وَقد ترد بِالْعَكْسِ فتكسر وَاو الْجمع وتضم وَاو غَيره وَقد تفتح وَاو الْجمع قرئَ {اشْتَروا الضَّلَالَة} [الْبَقَرَة: 16] بِالْفَتْح

(3/413)


3 - الإمالة
(ص) الإمالة هِيَ أَن تنحي الصَّوْت جَوَازًا بِالْألف نَحْو الْيَاء لكَونهَا بدلهَا فِي طرف أَو آيلة إِلَيْهَا أبدل عين مَا يُقَال فِيهِ (فَلت) أَو تلوها يَاء أَو قبلهَا وَلَو مفصولة بِحرف أَو حرفين ثَانِيهمَا هَاء أَو تلوها كسرة أَو قبلهَا بِحرف أَو حرفين أَولهمَا سَاكن أَو بَينهمَا هَاء (ش) الْمَقْصُود بالإمالة تناسب الصَّوْت وَذَلِكَ أَن الْألف وَالْيَاء وَإِن تقاربا فِي وصف وَقد تباينا من حَيْثُ أَن الْألف من حُرُوف الْحلق وَالْيَاء من حُرُوف الْفَم فقاربوا بَينهمَا بِأَن نَحوا بِالْألف نَحْو الْيَاء وَلَا يُمكن أَن ينحي بهَا نَحْو الْيَاء حَتَّى ينحي بالفتحة نَحْو الكسرة فَيحصل بذلك التناسب وَنَظِير ذَلِك اجْتِمَاع الصَّاد وَالدَّال واجتماع السِّين وَالدَّال فَإِن كلا من الصَّاد وَالسِّين يشرب صَوت حرف قريب من الدَّال وَهُوَ صَوت الزَّاي لِأَن الصَّاد مستعل مطبق مهموس رخو وَالدَّال بِخِلَاف ذَلِك وَالسِّين مهموس فأشربا صَوت الزَّاي لموافقته للدال فِي كَونهَا مجهورة شَدِيدَة وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك ليتقارب مَا تبَاعد من الْحُرُوف ثمَّ الإمالة جَائِزَة لَا وَاجِبَة بِالنّظرِ إِلَى لِسَان الْعَرَب لِأَن الْعَرَب مُخْتَلفُونَ فِي ذَلِك فَمنهمْ من أمال وهم تَمِيم وَأسد وَقيس ويمامه أهل نجد وَمِنْهُم من لم يمل إِلَّا فِي مَوَاضِع قَليلَة وهم أهل الْحجاز وَبَاب الإمالة الِاسْم وَالْفِعْل بِخِلَاف الْحَرْف فَإِنَّهُ وَإِن أميل مِنْهُ شَيْء فَهُوَ قَلِيل جدا بِحَيْثُ لَا ينقاس بل يقْتَصر فِيهِ على مورد السماع وَأَسْبَاب الإمالة فِيمَا ذكر أَبُو بكر بن السراج استخراجا من كتاب سِيبَوَيْهٍ سِتَّة وَهِي كسرة تكون قبل الْألف أَو بعْدهَا وياء قبلهَا وانقلاب الْألف عَن الْيَاء وتشبيه ألف بِالْألف المنقلبة عَن الْيَاء وكسرة تعرض فِي بعض الْأَحْوَال وَذَلِكَ مَا

(3/414)


لم يمْنَع من ذَلِك مَانع على مَا تبين وَشرح فِيهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد زَاد سِيبَوَيْهٍ ثَلَاثَة أَسبَاب شَاذَّة وَهِي شبه الْألف بِالْألف المشبهة بِالْألف المنقلبة وَفرق بَين الِاسْم والحرف وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال اه فَتَقول إِذا كَانَت الْألف متطرفة منقلبة عَن الْيَاء وأصلية نَحْو فَتى وَرمى وملهى ومرمى سَوَاء كَانَت فِي اسْم أَو فعل وَسَوَاء كَانَت ألفا منقبلة عَن يَاء أصليه أم عَن يَاء منقلبة عَن وَاو نَحْو ملهى وَأعْطى وَكَذَا إِن كَانَ مآلها إِلَى الْيَاء فَإِنَّهَا تمال مِثَاله ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة فَإِنَّهَا تؤول إِلَى الْيَاء فِي حَال التَّثْنِيَة وَالْجمع بِاتِّفَاق من الْعَرَب وَقَيده فِي التسهيل بقوله دون ممازجة زَائِد احْتِرَازًا من نَحْو قفا وقطا لِأَن أَلفه تؤول إِلَى الْيَاء مَعَ يَاء الْإِضَافَة فِي لُغَة هُذَيْل وتقرأ ألفا فِي لُغَة غَيرهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الْمَسْأَلَة أَعنِي إِذا كَانَت الْألف لَا تؤول إِلَى الْيَاء إِلَّا بممازجة زَائِد فِيهَا خلاف فَالظَّاهِر من مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَنه يُسَوِّي فِيمَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من بَنَات الْوَاو بَين الِاسْم وَبَين النَّقْل وَلَا يفرق بَينهمَا فِي جَوَاز الإمالة قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَقد يتركون الإمالة فِيمَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من بَنَات الْوَاو نَحْو قفا وعصا قَالَ أَرَادوا أَنِّي يفصلوا بَينهَا وَبَين بَنَات الْيَاء وَهُوَ قَلِيل وَفرق النحويون الْفَارِسِي وَغَيره بَين الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فيطردون الإمالة فِي الْفِعْل ويجعلونها شَاذَّة فِي الِاسْم قَالَ وَإِنَّمَا غر النَّحْوِيين فِي ذَلِك وَالله أعلم مَا حُكيَ من أَن الْقُرَّاء السَّبْعَة اتّفقت فِيمَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من الِاسْم وألفه منقلبة عَن وَاو على الْفَتْح والقراءات سنة متبعة وَقد يتفقون على الْجَائِز وَلَا يقْدَح اتِّفَاقهم إِذا سلم فِي نقل سِيبَوَيْهٍ انْتهى وَكَذَا تمال الْألف إِذا كَانَت مبدلة من عين مَا يُقَال فِيهِ (فَلت) قَالَ أَبُو حَيَّان وَعبر بَعضهم عَن هَذَا السَّبَب بالإمالة لكسرة تعرض من بعض الْأَحْوَال

(3/415)


قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَمِمَّا يميلون كل شَيْء كَانَ من بَنَات الْيَاء وَالْوَاو مِمَّا هِيَ فِيهِ عين إِذا كَانَ أول (فعلت) مكسورا نَحوا لكسره كَمَا نَحوا نَحْو الْيَاء فِيمَا كَانَت أَلفه فِي مَوَاضِع الْيَاء وَهِي لُغَة لبَعض الْحجاز اه وَذَلِكَ نَحْو خَافَ وطاب وَزَاد وَجَاء فَتَقول خفت وطبت وزدت وَجئْت فتحذف الْعين إِذا لحقت تَاء الضَّمِير وَيصير إِذْ ذَاك إِلَى فَلت وَاحْترز من أَن يصير إِلَى (فَلت) بِضَم الْفَاء نَحْو قلت فَإِنَّهُ لَا يمال قَالَ وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا يَاء فِيهِ وَلَا كسرة تعرض وَكَذَا تمال الْألف إِذا كَانَت مُتَقَدّمَة على يَاء تَلِيهَا نَحْو بَايع أَو مُتَأَخِّرَة عَنْهَا مُتَّصِلَة بهَا كالسيال ل (شَجَرَة) والضياح للبن الممزوج قَالَ أَبُو حَيَّان والإمالة فِي بياع وكيال أقوى لِأَن الْيَاء مضعفة أَو مُنْفَصِلَة بِحرف نَحْو شَيبَان والإمالة إِذا كَانَت الْيَاء سَاكِنة أقوى مِنْهَا إِذا كَانَت متحركة نَحْو الْحَيَوَان لِأَن الانخفاض فِي الساكنة أظهر لقربها من حُرُوف الْمَدّ أَو مُنْفَصِلَة بحرفين ثَانِيهمَا هَاء نَحْو (بَيتهَا) وَرَأَيْت جيبها قَالَ أَبُو حَيَّان وَأطلق صَاحب التسهيل فِي ذَلِك وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يقْصد بألا يفصل بَين الْهَاء وَالْيَاء ضمة نَحْو بَيتهَا فَإِنَّهُ لَا يجوز الإمالة لِأَن الضمة فِيهَا ارْتِفَاع فِي النُّطْق والإمالة فِيهَا انخفاض فتدافعا قَالَ وَإِنَّمَا شَرطه أَن يكون ثَانِيهمَا هَاء لخفائها فَكَأَنَّهُ لَيْسَ بَين الْيَاء وَالْألف إِلَّا حرف وَاحِد قَالَ وَاعْلَم أَن الْيَاء وَإِن كَانَت من أقوى أَسبَاب الإمالة فَإنَّا لم نجدها سَببا مُوجبا للشَّيْء مِمَّا أمالت الْقُرَّاء إِلَّا فِي نَحْو {الْخيرَات} [الْبَقَرَة: 148] و {حيران} [الْأَنْعَام: 71] فِي قِرَاءَة ورش وَإِلَّا فِي مَذْهَب قُتَيْبَة وَحده فَإِن الإمالة مَوْجُودَة فِي قِرَاءَته لذَلِك

(3/416)


وَكَذَا تمال الْألف لكَونهَا مُتَقَدّمَة على كسرة تَلِيهَا نَحْو مَسَاجِد أَو مُتَأَخِّرَة عَنْهَا بِحرف نَحْو عماد أَو حرفين أَولهمَا سَاكن نحون شملال بِخِلَاف مَا إِذا كَانَا متحركين نَحْو أكلت عنبا وَمَا إِذا تقدم ثَلَاثَة أحرف فَإِنَّهُ لَا يجوز الإمالة إِلَّا أَن تكون أَحدهَا الْهَاء نَحْو (درهماك) وَيُرِيد أَن (يَنْزِعهَا) لخفاء الْهَاء وَشَرطه أَلا يكون إِحْدَى الحركتين ضمة فَلَا يجوز إمالة (هُوَ يضْربهَا) لحجر الضمة بَين الكسرة وَالْألف وَحكم الكسرة فِي وسط الِاسْم حكمهَا فِي أَوله (فالاسوداد) مثل (عماد) وكل مَا كَانَت الكسرة أقرب إِلَى الْألف كَانَت الإمالة أولى (فكتاب) أولى من (جِلْبَاب) وَكلما كثرت الكسرات كَانَت الإمالة أولى وَقد انْتهى أَسبَاب الإمالة وملخصها أَنَّهَا ترجع إِلَى شَيْئَيْنِ الْيَاء والكسرة وَقد اخْتلف فِي أَيهمَا أقوى فَذهب ابْن السراج إِلَى أَن الْيَاء أقوى من الكسرة لِأَنَّهَا حرف والكسرة بَعْضهَا وَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَن الكسرة أقوى لِأَنَّهَا تجلب الإمالة ظَاهِرَة ومقدرة وَهُوَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ وَاسْتدلَّ لَهُ من جِهَة السماع بِأَن أهل الْحجاز يمليون الْألف للكسرة وَلَا يمليونها للياء وَمن جِهَة الْمَعْنى بِأَن الاستثقال فِي النُّطْق بالكسرة أظهر مِنْهُ فِي النُّطْق بِالْيَاءِ الَّتِي لَيست مُدَّة وَإِن كَانَت مُدَّة فالكسرة مَعهَا نَحْو ديماس فَلَا شكّ أَن إمالة مثل هَذَا أقوى من إمالة سربال وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي الْيَاء الَّتِي لَيست مَعهَا كسرة (ص) ويغلب الْيَاء والكسرة غير المنويتين تَأَخّر مستعل وَلَو بِحرف أَو حرفين لَا ثَلَاثَة وتقدمه غير مكسور أَو سَاكن إثره وَرَاء مَفْتُوحَة أَو مَضْمُومَة ويكف كسر الرَّاء كل مَانع إِن لم يتباعد وَلَا يُؤثر سَبَب فِي كلمة أُخْرَى وَرُبمَا

(3/417)


أثر الْمَانِع مُنْفَصِلا وَالْكَسْر منويا فِي مَوْقُوف ومدغم فَإِن كَانَ الْإِدْغَام من كَلِمَتَيْنِ أثر على الصَّحِيح (ش) يغلب الْيَاء والكسرة الموجودتين إِلَّا المنويتين تَأَخّر حرف من حُرُوف الاستعلاء السَّبْعَة مُتَّصِل بهَا نَحْو باخل أَو مُنْفَصِل بِحرف نَحْو ناهض أَو بحرفين نَحْو مناشيط فَلَا يمال شَيْء من ذَلِك فِي الْأَفْصَح وَنقل سِيبَوَيْهٍ إمالة نَحْو مناشيط عَن قوم من الْعَرَب لتراخي حرف الاستعلاء قَالَ وَهِي قَليلَة فَإِن كَانَ الْفَصْل بِثَلَاثَة أحرف لم يغلب لتراخيه نَحْو يُرِيد أَن يضْربهَا بِسَوْط وَبَعض الْعَرَب غلب حرف الاستعلاء وَإِن بعد وَمَا صدرت بِهِ من التَّعْبِير تبِعت فِيهِ التسهيل وَقد تعقبه أَبُو حَيَّان قَائِلا أما تَمْثِيل حرف الاستعلاء بالمتأخر عَن الْألف الَّتِي من شَأْنهَا أَن تمال لأجل الْيَاء لَوْلَا ذَلِك الْحَرْف فيقتضيه كَلَام المُصَنّف قَالَ وغلبته للكسرة وَاضح وَأما غَلَبَة الْيَاء فَلم نجد ذَلِك فِيهَا لَا فِي تَأَخّر حرف الاستعلاء عَن الْألف وَلَا فِي تقدمه عَلَيْهَا إِنَّمَا يمْنَع مَعَ الكسرة فَقَط قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْله الموجودتين لَا المنويتين غلط لِأَنَّهُ لَيْسَ لنا يَاء منوية تمال الْألف لأَجلهَا لَا مُتَقَدّمَة على الْألف وَلَا مُتَأَخِّرَة وَإِنَّمَا الكسرة هِيَ الَّتِي تكون مَوْجُودَة ومنوية قَالَ فَذكر الْيَاء هُنَا غلط وَصَوَابه أَن يُقَال تقلب الكسرة الْمَوْجُودَة لَا المنوية وَمِثَال مَا الكسرة فِيهِ منوية وَبعد الْألف حرف الاستعلاء (هَذَا مَاض) فِي الْوَقْف ومررت بماض قيل اصله ماضض فأدغم انْتهى وَكَذَلِكَ يغلب حرف الاستعلاء إِن تقدم على الْألف فَلَا تجوز الإمالة نَحْو قَاعد وغانم وصاعد وطائف وضامن وظالم إِلَّا أَن يكون مكسورا نَحْو غلاب أَو سَاكِنا بعد مكسور نَحْو مِصْبَاح فَإِنَّهُ تجوز الإمالة وَمَتى اتَّصَلت بِالْألف رَاء مَفْتُوحَة أَو مَضْمُومَة منعت الإمالة قَالَ أَبُو حَيَّان سَوَاء تقدّمت نَحْو رَاشد وفراش أَو تَأَخَّرت نَحْو هَذَا كَافِر وحمار وَرَأَيْت حمارا

(3/418)


وَبَعض الْعَرَب يمِيل وَلَا يلْتَفت إِلَى الرَّاء فَإِن كسرت الرَّاء كفت الْمَانِع كقارب وغارم فَإِن حرف الاستعلاء وَلَو لم تكن الرَّاء الْمَكْسُورَة بعد الْألف يمْنَع من الإمالة لَكِن الرَّاء الْمَكْسُورَة نزلت منزلَة حرفين مكسورين فَقَوِيت فِي جَانب الإمالة حَتَّى غلبت المستعلى وَإِنَّمَا قويت هَذِه الألفات لِأَنَّك تستعلي بلسانك ثمَّ تنحدر وَذَلِكَ سهل فَحَيْثُ قوي الْمُوجب التزموه وَلذَلِك لم يغلب الرَّاء الْمَكْسُورَة حرف الاستعلاء إِذا كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا نَحْو فَارق لِأَن ذَلِك لَو أميل إصعاد بعد انحدار وَهُوَ صَعب فَإِن كَانَت هَذِه الرَّاء غير مُتَّصِلَة بِالْألف نَحْو {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر} [الْقِيَامَة: 40] لم تغلب الْقَاف لبعدها إِلَّا فِي لُغَة شَاذَّة قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي قَول التسهيل كفت الْمَانِع اخْتِصَار حسن وَذَلِكَ أَن الْمَانِع يَشْمَل حرف الاستعلاء ويشمل الرَّاء الْمَفْتُوحَة الَّتِي تنزلت منزلَة حرف الاستعلاء فَإِذا اتَّصَلت بِالْألف الرَّاء الْمَكْسُورَة كفت مَا منع من الإمالة وَهُوَ حرف الاستعلاء نَحْو غَارِم وَالرَّاء الْمَفْتُوحَة نَحْو قرارك لِأَن الرَّاء الْمَفْتُوحَة لَيست فِي بَاب الْمَنْع بأقوى من حرف الاستعلاء اه فَلذَلِك زِدْت فِي التَّصْرِيح بِقَوْلِي كل مَانع وَبَعض الْعَرَب يَجْعَل الرَّاء الْمَكْسُورَة مَانِعَة من الإمالة كالمفتوحة والمضمومة وَلَا يُؤثر سَبَب الإمالة إِلَّا وَهُوَ بعض مَا الْألف بعضه فَلَو كَانَ السَّبَب من كلمة وَالْألف من أُخْرَى نَحْو هَذَا قَاضِي سَابُور وَرَأَيْت يَدي سَابُور لم يجز إمالة ألف سَابُور لِأَن الْيَاء والكسرة الموجبين للإمالة من كلمة وَالْألف من كلمة أُخْرَى وَكَذَلِكَ لَو قلت 1790 -
(هَا إنَّ ذِي عِذرَة ... )

(3/419)


لم تمل ألف هَا لأجل كسرة همزَة إِن لِأَن ألف (هَا) من كلمة والكسرة من كلمة أُخْرَى قَالَ أَبُو حَيَّان وَيسْتَثْنى من هَذِه مَسْأَلَة بَينهَا وَعِنْدهَا وَلنْ يضْربهَا فَإِن الْهَاء ألفها الَّتِي تمال من كلمة وَالسَّبَب الَّذِي هُوَ الْيَاء أَو الكسرة من كلمة قَالَ وَقد مضى تَعْلِيل اغتفار ذَلِك فِي الْهَاء وَكَأَنَّهَا مفقودة لخفائها قَالَ وَقد نصوا على أَن الكسرة إِذا كَانَت مُنْفَصِلَة من الْكَلِمَة الَّتِي فِيهَا الْألف فَإِنَّهَا قد تمال الْألف لَهَا وَإِن كَانَت أَضْعَف من الكسرة الَّتِي تكون مَعهَا فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ سمعناهم يَقُولُونَ لزيد مَال فأمالوا للكسرة وشبهوا بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة اه وَقد يُؤثر مَانع الإمالة وَهُوَ فِي كلمة أُخْرَى غير الْكَلِمَة الَّتِي فِيهَا الْألف نَحْو يُرِيد أَن يضْربهَا قبل فالألف من كلمة وَالْمَانِع هُوَ الْقَاف من كلمة أُخْرَى وَرُبمَا أثرت الكسرة منوية فِي مَوْقُوف عَلَيْهِ أَو مدغم نَحْو هَذَا حَاج وَهَؤُلَاء حواج وَالْأَكْثَر فِي لِسَان الْعَرَب أَن مَا كَانَت الكسرة ذَاهِبَة مِنْهُ للإدغام أَنه لَا تمال أَلفه قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر قَول التسهيل فِي مدغم يَشْمَل إدغام مَا كَانَ فِي كلمة نَحْو حاد وإدغام مَا كَانَ فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم} [الانفطار: 13] وَقد حكى صَاحب كتاب التَّفْصِيل خلافًا فِي إمالة الْألف الَّتِي قبل الرَّاء المدغمة فِي مثلهَا أَو فِي اللَّام نَحْو {مَعَ الْأَبْرَار رَبنَا} [آل عمرَان: 193 - 194] {وَالنَّهَار لآيَات} [آل عمرَان: 190] فَقَالَ بَعضهم يمْنَع الإمالة فِي ذَلِك لذهاب الجالب لَهَا وَهِي الكسرة بِالْإِدْغَامِ وَهَذَا مَذْهَب ناشىء من النَّحْوِيين الْبَصرِيين وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الإمالة ثَابِتَة فِي ذَلِك مَعَ الْإِدْغَام كثبوتها مَعَ غَيره وَذَلِكَ أَن تسكين الْحَرْف للإدغام عَارض بِمَنْزِلَة تسكينه للْوَقْف إِذا هُوَ بصدد أَلا يدغم وَلَا يُوقف عَلَيْهِ والعارض لايعتد بِهِ وَإِلَى هَذَا ذهب أَحْمد بن يحيى

(3/420)


قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ عِنْدِي الصَّحِيح لِأَن الإمالة قد حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ فِي نَحْو حاد وَإِن كَانَ الْأَفْصَح أَلا تمال فَإِذا كَانَ قد جَازَ ذَلِك فِي مثل حاد مَعَ أَن كَسرته لَا تظهر إِلَّا أَن اضْطر شَاعِر ففك فَلِأَن يجوز مَعَ هَذَا أولى لِأَن هَذَا الْإِدْغَام لَيْسَ بِوَاجِب وَهُوَ زائل إِذا وقفت وَلَا سِيمَا إِذا قُلْنَا بِأَن المدغم فِي شَيْء يشار إِلَى حركته إِشَارَة لَطِيفَة فَكَأَن الْحَرَكَة إِذْ ذَاك مَوْجُودَة لَكِنَّهَا ضعفت (ص) وأميل بِلَا سَبَب للمجاورة والفواصل قيل وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال (ش) من أَسبَاب الإمالة فِيمَا عري من الْأَسْبَاب السِّتَّة السَّابِقَة مُجَاوزَة الممال قَالَ سِيبَوَيْهٍ قَالُوا (رَأينَا عمادا) فأمالوا للإمالة كَمَا أمالوا للكسرة وَقَالُوا مغزانا فِي قَول من قَالَ عمادا فأمالوهم جَمِيعًا وَذَا قِيَاس انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد قَرَأَ القرآء بالإمالة للإمالة فِي عدَّة كلم من ذَلِك صَاد {وَالنَّصَارَى} [الْبَقَرَة: 62] وتاء {واليتامى} [الْبَقَرَة: 83] وسين {أُسَارَى} [الْبَقَرَة: 85] و {كسَالَى} [النِّسَاء: 142] وكاف {سكارى} [النِّسَاء: 43] أمالها بعض الْقُرَّاء لإمالة مَا بعْدهَا وَقَوْلنَا مجاورة الممال يَشْمَل مَا أميل لتقدم الإمالة عَلَيْهِ وَمَا أميل لتأخر الإمالة عَنهُ وَمن أَسبَابهَا مُرَاعَاة الفواصل كإمالة {وَالضُّحَى وَالَّيلِ إِذَاس سَجَى} [الضُّحَى: 1 - 2] بمراعاة قلى وَمَا بعده من رُءُوس الْآي وعد قوم مِنْهُم صَاحب البديع والبهاباذي من أَسبَاب الإمالة كَثْرَة الِاسْتِعْمَال كإمالة الْأَعْلَام نَحْو الْحجَّاج والعجاج اسْم الراجز مَرْفُوعا ومنصوبا قَالَ أَبُو حَيَّان

(3/421)


كَثْرَة الِاسْتِعْمَال من الْأَسْبَاب الشاذة الَّتِي أميلت الْألف لأَجلهَا (ص) والفتحة قيل رَاء مَكْسُورَة أَو هَاء تَأْنِيث لَا سكت على الصَّحِيح (ش) أميل من الفتحات نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا تلته رَاء مَكْسُورَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الإمالة مطردَة وَلها شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن تكون الرَّاء الْمَكْسُورَة تلِي فَتْحة فِي غير يَاء أَو يكون بَينهمَا حرف سَاكن غير الْيَاء نَحْو (من عَمْرو) وخبط ريَاح أَو مكسور نَحْو يَاسر وَسَوَاء كَانَت الفتحة فِي حرف الاستعلاء نَحْو من الْبَقر أم فِي رَاء نَحْو (شرر) أم فِي غَيرهمَا نَحْو (من الْكبر) أم كَانَت الرَّاء والفتحة فِي كلمة كَمَا مثلنَا أم فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو رَأَيْت خبط ريَاح إِلَّا أَن الْمُتَّصِلَة أقوى فِي إِيجَاد الإمالة من الْمُنْفَصِلَة فَهِيَ فِي من الْبَقر أقوى مِنْهَا فِي خبط ريَاح فَإِن كَانَت الفتحة فِي يَاء نَحْو من الْغَيْر أَو السَّاكِن الْفَاصِل بَين الفتحة وَالرَّاء يَاء نَحْو لغير امْتنعت الإمالة فِيهِ الشَّرْط الثَّانِي أَلا يكون بعد الرَّاء الْمَكْسُورَة حرف استعلاء فَإِنَّهُ لَا تجوز الإمالة وَذَلِكَ نَحْو الشرق والصرط النَّوْع الثَّانِي مَا يَلِيهِ هَاء تَأْنِيث مَوْقُوف عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان سَبَب الإمالة لهاء التَّأْنِيث من الْأَسْبَاب الشاذة وَهُوَ أَنَّهَا شبهت بِالْألف المشبهة بِالْألف المنقلبة قَالَ سِيبَوَيْهٍ سَمِعت الْعَرَب يَقُولُونَ ضربت ضَرْبَة وَأخذت أَخْذَة شبهت الْهَاء بِالْألف فأمال مَا قبلهَا كَمَا يمِيل قبل الْألف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يبين سِيبَوَيْهٍ بِأَيّ ألف شبهت وَالظَّاهِر أَنَّهَا شبهت بِأَلف التَّأْنِيث لاشْتِرَاكهمَا فِي معنى التَّأْنِيث قَالَ وكل هَاء تَأْنِيث فَإِن الإمالة جائرة فِي

(3/422)


الفتحة الَّتِي قبلهَا وَلَا تمال الْألف قبلهَا نَحْو الْحَيَاة والنجاة وَالزَّكَاة إِلَّا إِن كَانَ فِيهَا مَا يُوجب الإمالة نَحْو إمالة (مرضاة) و (تقاة) وَسَوَاء كَانَت هَذِه الْهَاء للْمُبَالَغَة نَحْو عَلامَة ونسابة أم لَا لِأَنَّهَا كلهَا تَاء تَأْنِيث فَإِن كَانَت الْهَاء للسكت نَحْو {مَا هيه} [القارعة: 10] فَذهب ثَعْلَب وَابْن الْأَنْبَارِي إِلَى جَوَاز ذَلِك وَقد قَرَأَ بِهِ أَبُو مُزَاحم الخاقاني فِي قِرَاءَة الْكسَائي قَالَ أَبُو الْحسن بن الباذش وَوجه إمالة ذَلِك الشّبَه اللَّفْظِيّ الَّذِي بَينهَا وَبَين هَاء التَّأْنِيث اه (ص) وَلَا يمال مَبْنِيّ الأَصْل غير (هَا) و (نَا) و (ذَا) و (مَتى) و (أَنى) وَلَا حرف غير مُسَمّى بِهِ إِلَّا (بلَى) وَلَا فِي (إِمَّا لَا) قيل وَالْجَوَاب قَالَ قوم وَحَتَّى وَالْفراء وَلَكِن وَغير مَا مر مسموع أَو غير فصيح (ش) لَا يمال من الْأَسْمَاء إِلَّا المتمكن وأميل من غير المتمكن أَي من الْمَبْنِيّ الْأَصْلِيّ (هَا) و (نَا) نَحْو مر بهَا وَنظر إِلَيْهَا وَمر بِنَا وَنظر إِلَيْنَا وَذَا اسْم الْإِشَارَة سمع (ذَا قَائِم) بالإمالة وإمالته شَاذَّة وَوجه إمالته أَن أَلفه يَاء وَأَنه قد تصرف فِيهِ بِالتَّصْغِيرِ وَإِن كَانَ التصغير لَا يدْخل نَظَائِره فتصرف فِيهِ بالإمالة وأمالت الْعَرَب (مَتى) فِي كلتا حالتيها من الِاسْتِفْهَام وَالشّرط وَكَذَلِكَ أَنى وإمالة ألفها إِنَّمَا هِيَ لشبهها بِالْألف المشبهة بِالْألف المنقلبة

(3/423)


وَاخْتلف فِي وَزنهَا فَقيل فعلى وَإِلَيْهِ ذهب الْأَهْوَازِي وَاخْتَارَهُ ابْن مُجَاهِد وَجوز أَن يكون أفعل وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحسن بن الباذش لِأَن زِيَادَة الْهمزَة أَولا عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَكثر من زِيَادَة الْألف آخرا وَخرج بِمني الأَصْل مَا عرض بِنَاؤُه كالمنادي نَحْو يَا فَتى وَيَا حُبْلَى فَإِن أمالته مطردَة وإمالة الْفِعْل الْمَاضِي مطردَة وَإِن كَانَ المبنى الأَصْل وَأما الْحُرُوف فَلم يمل مِنْهَا إِلَّا (بلَى) لِأَنَّهَا تنوب عَن الْجُمْلَة فِي الْجَواب فَصَارَ لَهَا بذلك مزية على غَيرهَا وَلَا فِي (إِمَّا لَا) لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة مَوضِع الْجُمْلَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل لِأَن الْمَعْنى إِن لم تفعل كَذَا فافعل كَذَا وَلَو أفردت من (إِمَّا) لما صحت إمالة ألف (لَا) وَحكى ابْن جني عَن قطرب إمالة (لَا) فِي الْجَواب لكَونهَا مُسْتَقلَّة فِي الْجَواب كالاسم قَالَ الخضراوي وَالْأَحْسَن أَن يُقَال كالفعل لِأَنَّهَا اسْتَقَلت لنيابتها عَن الْفِعْل قَالَ أَبُو حَيَّان وَحكى صَاحب (الغنية) وَهُوَ أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن الْحسن الاستراباذي فِي هَذَا الْكتاب عَن أبي بكر بن مقسم أَن بعض أهل نجد وَأكْثر أهل الْيمن يميلون ألف (حَتَّى) لِأَن الإمالة غلابة على ألسنتهم فِي أَكثر الْكَلَام

(3/424)


وَعَامة الْعَرَب والقراء على فتحهَا قَالَ أَبُو يَعْقُوب وَقد رُوِيَ إمالتها عَن حَمْزَة وَالْكسَائِيّ إمالة لَطِيفَة وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَأَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي والمهاباذي وَغَيرهم إِلَى منع إمالة حَتَّى قَالَ أَبُو حَيَّان وهم محجوجون بِنَقْل ابْن مقسم قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَإِنَّمَا كتبت بِالْيَاءِ وَإِن كَانَت لَا تمال فرقا بَين دُخُولهَا على الظَّاهِر والمكي فلز الْألف فِيهَا مَعَ المكنى حِين قَالُوا حتاي وحتا وحتاه وَانْصَرف إِلَى الْيَاء مَعَ الظَّاهِر حِين قَالُوا حَتَّى زيد انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَاخْتلف أَيْضا فِي إمالة (لَكِن) فَذهب إِلَى جَوَاز ذَلِك الْفراء تَشْبِيها لألفها بِأَلف فَاعل وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز الإمالة لِأَنَّهَا لم تسمع فِيهَا وَالْأَصْل فِي الأدوات أَلا تمال وَمَا أميل مِنْهَا فَإِن ذَلِك فِيهَا على طَريقَة الشذوذ فَلَا يتَعَدَّى مورد السماع وَمَا سمي بِهِ من الْحُرُوف دَخلته الإمالة لِخُرُوجِهِ عَن حيّز الحرفية إِلَى حيّز الْأَسْمَاء كَقَوْلِهِم فِي حُرُوف المعجم بَاء تَاء ثاء يَاء وَكَذَا أَوَائِل السُّور الَّتِي آخرهَا ألف كالراء فَإِن لم يكن كصاد وقاف فَلَا خلاف فِي فتحهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد حكوا إمالة ألف يَا فِي النداء وَوجه ذَلِك أَنَّهَا عاملة فِي الْمُنَادِي فِي قَول ونائبة عَن الْعَامِل فِي قَول فَصَارَ لَهَا بذلك مزية على غَيرهَا من الْحُرُوف وشبهت أَيْضا بِمَا أميل من كَلَام المعجم نَحْو إمالتهم ألف بَاء وتاء وَرَاء وَغير مَا تقدم تَقْرِيره فِي الْبَاب شَاذ مسموع أَو لُغَة ضَعِيفَة لقوم من الْعَرَب لم يوثق بفصاحتهم وَقد تقدم فِي الشَّرْح الْإِشَارَة إِلَى بعض ذَلِك
3 - الْوَقْف
(ص) الْوَقْف إِذا وقف على سَاكن لم يُغير إِلَّا المهمل خطا فيحذف إِلَّا التَّنْوِين فِي غير الْهَاء فَالْأَصَحّ إِبْدَاله فِي الْفَتْح ألفا وحذفه فِي غَيره وَفِي الْمَقْصُور الْمنون

(3/425)


ثَالِثهَا الْأَصَح كَالصَّحِيحِ والمنقوص غير الْمَنْصُوب إِن حذف فاؤه أَو عينه فبالباء حتما وَإِلَّا فَالْأَصَحّ إِن نون الْحَذف وَإِلَّا فالإثبات خلافًا ليونس فِي الْمُنَادِي وياء الْمُتَكَلّم الساكنة وصلا والمحذوفة وَالْيَاء وَالْوَاو المتحركتان كَالصَّحِيحِ والساكنان لَا يحذفان اخْتِيَارا خلافًا للفراء وَكَذَا ألف الْمَقْصُور وَضمير الغائبة وفَاقا لأبي حَيَّان وَيجوز إِبْدَال ألف الْمَبْنِيّ همزَة وإقرارها ولحوق الْهَاء وإبدال الْألف مُطلقًا همزَة أَو يَاء أَو واوا لُغَة وَالْمُخْتَار وفَاقا للمبرد والمازني وَابْن عُصْفُور وَخِلَافًا لِلْجُمْهُورِ الْوَقْف على (إِذن) بالنُّون وَفِي (كَائِن) خلف وَترد نون (لم يَك) وَمنعه الْفراء (ش) إِذا كَانَ آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ سَاكِنا ثَبت بِحَالهِ فِي الْوَقْف كحاله فِي الدرج وَذَلِكَ نَحْو لم وَمن وَالَّذِي وَلم يقم وَلم يقوما وَسَوَاء كَانَ مَبْنِيا أم معربا إِلَّا أَن يكون آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ حرفا أهمل فِي الْخط أَي لم تجْعَل لَهُ صُورَة فِي الْخط فَصَارَ يلفظ بِهِ وَلَا يصور لَهُ شكل وَهُوَ التَّنْوِين وَنون (إِذن) على مَذْهَب من يرى كتبهَا بِالْألف وَنون التوكيد بعد فَتْحة أَو ألف فَإِنَّهُ يحذف إِلَّا تَنْوِين مَفْتُوح مُعرب أَو مَبْنِيّ غير مؤنث بِالْهَاءِ فَإِنَّهُ يُبدل ألفا فِي الْإِعْرَاب فِي لِسَان الْعَرَب نَحْو رَأَيْت زيدا وويها وإيها فَإِن كَانَ مؤنثا بِالْهَاءِ نَحْو رَأَيْت قَائِمَة فَإنَّك لَا تبدل من التَّنْوِين فِيهِ ألف هَذَا أَيْضا على الأعرف من لِسَان الْعَرَب وهم الَّذين يقفون بإبدال التَّاء هَاء وَأما من يقف بِالتَّاءِ وهم بعض الْعَرَب فَإِنَّهُ يُبدل من التَّنْوِين فِي هَذَا النَّوْع ألفا فَيَقُولُونَ رَأَيْت قائمتا قَالَ 1791 -
(إذَا اغْتَزَلَتْ من بُقام الفَرير ... فيا حُسْنَ شَمْلِتَها شَمْلَتا)

(3/426)


وَخرج بالمؤنث بِالْهَاءِ الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ نَحْو بنت وَأُخْت فَإِنَّهُ يُبدل فِيهِ التَّنْوِين ألفا كَغَيْر الْمُؤَنَّث نَحْو رَأَيْت بِنْتا وأختا ولغة ربيعَة حذف التَّنْوِين من الْمَنْصُوب وَلَا يبدلون مِنْهُ ألفا فَيَقُولُونَ رَأَيْت زيد حملا لَهُ على الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور ليجري الْبَاب مجْرى وَاحِدًا قَالَ 1792 -
(أَلا حبَّذا غُنْمٌ وحُسْنُ حَدِيثها ... لقد تَرَكَتْ قلبِي بهَا هائماً دَنِفْ)
وَوجه الْحَذف فِي الرّفْع والجر استثقال الْإِبْدَال فِيهَا ولغة أَزْد السراة الْإِبْدَال فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة حكى أَبُو الْخطاب عَنْهُم أَنهم يبدلون فِي الرّفْع وَالنّصب والجر حرفا يُنَاسب الْحَرَكَة أَي واوا وألفا أَو يَاء وَكَأن الْبَيَان عِنْدهم أولى وَإِن لزم الثّقل وَمذهب سِيبَوَيْهٍ فِيمَا نقل أَكثر النَّحْوِيين أَن الْمَقْصُور الْمنون كَالصَّحِيحِ فِيمَا ذكر من أَن أشهر اللُّغَات فِيهِ حذف التَّنْوِين من المضموم والمكسور وإبداله ألفا من المفتوح نَحْو قَامَ فَتى ومررت بفتى وَرَأَيْت فَتى فَإِن الْعَرَب مجمعون على الْوُقُوف بِالْألف فَفِي حَالَة الضَّم وَالْكَسْر هِيَ الْألف الَّتِي كَانَت فِي آخر الْكَلِمَة وحذفت لالتقائها سَاكِنة مَعَ التَّنْوِين لِأَنَّهُ لما حذف التَّنْوِين عَادَتْ الْألف إِذْ قد زَالَ مُوجب الْحَذف وَأما فِي المفتوح فَإِنَّهَا بدل من التَّنْوِين وَبِهَذَا الْمَذْهَب قَالَ أَبُو عَليّ فِي أحد قوليه وَالْجُمْهُور وَابْن مَالك فِي التسهيل وَذهب الْمَازِني إِلَى إِبْدَال الْألف من تنوينه مُطلقًا رفعا وجرا ونصبا قَالَ لِأَن التَّنْوِين فِي الْأَحْوَال كلهَا قبله فَتْحة فَأشبه التَّنْوِين فِي رَأَيْت زيدا لأَنهم إِنَّمَا وقفُوا على رَأَيْت زيدا بالإبدال ألفا لِأَن الْألف لَا ثقل فِيهَا بِخِلَاف الْوَاو وَالْيَاء وَهَذِه الْعلَّة مَوْجُودَة فِي الْمَقْصُور الْمنون وَبِهَذَا الْمَذْهَب قَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء أَبُو عَليّ أَولا وَذهب أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ إِلَى عدم الْإِبْدَال فِيهِ مُطلقًا وَذَلِكَ أَنه يحذف التَّنْوِين رفعا وجرا ونصبا فتعود الْألف فِي الْأَحْوَال كلهَا وَهَذَا الْمَذْهَب قَالَه ابْن

(3/427)


كيسَان والسيرافي وَابْن برهَان وَابْن مَالك فِي الكافية وشرها وَعَزاهُ مكي بن ابي طَالب إِلَى الْكُوفِيّين وَعَزاهُ أَبُو أَبُو جَعْفَر بن الباذش فِي الْإِقْنَاع إِلَى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّه الْأَرْجَح وَأما المنقوص فَإِن حذف فاؤه ك وَفِي يَفِي علما ومثلما وقِي يقي أَو عينه ك مر اسْم فَاعل من أرأى يرئي علما فَإِنَّهُ يُوقف عَلَيْهِ برد الْيَاء حتما فِي الْأَحْوَال كلهَا إِذْ لَو وقف عَلَيْهِ بِدُونِهَا لزم الْإِخْلَال بِالْكَلِمَةِ إِذْ لم يبْق فِيهَا إِلَّا حرف وَاحِد وَإِن لم يحذف مِنْهُ فَاء وَلَا عين فَإِن كَانَ مَنْصُوبًا ثبتَتْ فِي الْيَاء فِي الْوَقْف وابدل من التَّنْوِين ألف نَحْو رَأَيْت القَاضِي وَرَأَيْت قَاضِيا وَإِن كَانَ مَرْفُوعا أَو مجروراً فالأفصح إِن كَانَ منونا حذف يائه نَحْو هَذَا قَاض ومررت بقاض وَإِن كَانَ غير منون إِثْبَات يائه وَتَحْت ذَلِك صور أَن يكون مُعَرفا بِاللَّامِ نحجو جَاءَ القَاضِي ومررت بِالْقَاضِي أَو بِالْإِضَافَة نَحْو جَاءَ قَاضِي مَكَّة وقاضي الْمَدِينَة أَو غير منصرف نَحْو هَؤُلَاءِ جواري أَو منادى نَحْو يَا قَاضِي وَاخْتِيَار إِثْبَات الْيَاء فِي الْوَقْف على المنادى وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَمذهب يُونُس اخْتِيَار حذفهَا نَحْو يَا قَاض قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ أقوى لِأَن النداء مَحل حذف أَلا تراهم رخموا فِيهِ الْأَسْمَاء وَمُقَابل الْأَفْصَح فِي الْمنون لُغَة قوم يثبتون الْيَاء فِيهِ نَحْو هَذَا قَاضِي وغازي وَبهَا قَرَأَ ابْن كثير وورش فِي أحرف وَمُقَابِله فِي الْمُعَرّف بِاللَّامِ لُغَة قوم يحذفون الْيَاء مِنْهُ وعَلى هَذِه اللُّغَة قَوْله {الْكَبِير المتعال} [الرَّعْد: 9] {يَوْم التناد} [غَافِر: 32] وهب جَارِيَة فِي الْمُضَاف الملاقي السَّاكِن نَحْو قَاضِي الْمَدِينَة إِذا وقف عَلَيْهِ وزالت الْإِضَافَة وَحكم يَاء الْمُتَكَلّم الساكنة وصلا والمحذوفة وَحكم الْيَاء وَالْوَاو المتحركين حكم الصَّحِيح فَيُوقف على الأولى بِالسُّكُونِ كَمَا هِيَ فِي الدرج نَحْو جَاءَ غلامي وَرَأَيْت غلامي ومررت بغلامي وعَلى الثَّانِيَة بإبقاء حذفهَا كحالها فِي

(3/428)


الْوَصْل نَحْو يَا قوم وعَلى الآخرين بِحَذْف الْحَرَكَة نَحْو لن يَرْمِي وَلنْ يَغْزُو وَأما يَاء الْمُتَكَلّم المتحركة فَإِنَّهُ يجوز الْوَقْف عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ وَيجوز الْهَاء مَعَ التحريك فَتَقول فِي قَامَ غلامي قَامَ غلامي وَقَامَ غلاميه وَأما الْيَاء وَالْوَاو الساكنتان فَيُوقف عَلَيْهِمَا بِالسُّكُونِ كحالهما فِي الْوَصْل نَحْو يَرْمِي وَيَدْعُو وَلَا يحذفان إِلَّا فِي فاصلة أَو قافية كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالَّيلِ إِذَا يَسرِ} [الْفجْر: 4] وَقَول الشَّاعِر 1793 -
(وأراك تَفْري مَا خلَقْتَ وَبَعض ... الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يَفْر)
وَأَجَازَ الْفراء الْحَذف فِي سَعَة الْكَلَام لِكَثْرَة مَا ورد من ذَلِك وَمِنْه {ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} [الْكَهْف: 64] قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا خلاف أَن الْمَقْصُور لَا تحذف أَلفه إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 1794 -
(رَهْطُ مَرجُوم ورَهْطُ ابْن المُعَلْ ... )
يُرِيد ابْن الْمُعَلَّى وَأما ألف ضمير الغائبة فَذكر ابْن مَالك أَنه قد يحذف مَنْقُولًا فَتحه اخْتِيَارا كَقَوْلِه (والكرامة ذَات أكْرمكُم الله بِهِ) يُرِيد بهَا فَحذف الْألف وَسكن الْهَاء وَنقل حركتها إِلَى الْيَاء وَلذَلِك فتحهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَامه قِيَاس ذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ اخْتِيَارا فعلى مَا ذكر يجوز أَن يقف على مِنْهَا وعنها وفيهَا مِنْهُ وَعنهُ وَفِيه قَالَ وَإِنَّمَا رُوِيَ مِنْهُ فِيمَا

(3/429)


علمناه هَذَا الْحَرْف الْوَاحِد على جِهَة الندور لبَعض الْعَرَب وَيَنْبَغِي فِي إِثْبَات ذَلِك إِلَى كَثْرَة توجب الْقيَاس قَالَ وكل مبْنى آخِره ألف نَحْو (هَا) و (هُنَا) يجوز فِيهِ ثَلَاثَة أوجه إبقاؤها ألفا كَمَا فِي الْوَصْل وإبدالها همزَة وإلحاق هَاء السكت بعْدهَا سمع (هُوَ أَحْرَى بهاء) بِالْهَمْزَةِ وَأما قلب الْألف هَاء كَقَوْلِه 1795 -
(من هَا هُنَا وَمن هُنهْ ... )
فشاذ إِلَّا فِي الِاسْم الْمَنْدُوب فَإِنَّهُ يتَعَيَّن فِيهِ الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ إِلْحَاق الْهَاء نَحْو يَا زيداه وَلَا يُوقف عَلَيْهِ بِالْألف فَقَط وَلَا تبدل أَلفه همزَة ولحوق هَذِه الْهَاء خَاص بالمبني فَلَا يُقَال موساه وَلَا عيساه حذرا من التباسه بالمضاف إِلَيْهِ وَرُبمَا قلبت الْألف الْمَوْقُوف عَلَيْهَا همزَة أَو يَاء أَو واوا نَحْو هَذِه أفعأ أَو أفعي أَو أفعو فِي هَذِه أَفْعَى وَهَذِه عصأ أَو عصى أَو عصو فِي عَصا الأولى والأخيرة لُغَة بعض طَيئ وَالثَّانيَِة لُغَة فَزَارَة وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على أَن هَذِه اللُّغَات الثَّلَاث فِي كل ألف فِي آخر اسْم سَوَاء كَانَت أَصْلِيَّة أَو غير أَصْلِيَّة وَحكى الْخَلِيل أَن بَعضهم يَقُول رَأَيْت رجلا فيهمز لِأَنَّهَا ألف فِي آخر الِاسْم وَاخْتلف فِي الْوَقْف على إِذن فمذهب أبي عَليّ وَالْجُمْهُور إِبْدَال نونها فِي الْوَقْف ألفا وَذهب طَائِفَة إِلَى أَنه يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون قَالَ أَبُو حَيَّان وَأما عَن وَلنْ وَأَن وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون إِذا اضْطر إِلَى ذَلِك لِأَنَّهَا حرف لَا يحسن الْوَقْف عَلَيْهَا بِخِلَاف إِذن فَإِنَّهُ يحسن الْوَقْف عَلَيْهَا والفصل قَالَ وَأما النُّون الْخَفِيفَة فَلَا خلاف أَنه يُوقف عَلَيْهَا بإبدال نونها ألفا إِذا انْفَتح مَا قبلهَا قَالَ وَاخْتلف فِي (كَائِن)

(3/430)


قَالَ وَإِذا حذف من الْفِعْل حرف صَحِيح لِكَثْرَة ذَلِك الِاسْتِعْمَال وَذَلِكَ الْمُضَارع من كَانَ نَحْو لم يَك ثمَّ وقف عَلَيْهِ فنص بعض أَصْحَابنَا أَنه لَا يكون فِيهِ الْوَقْف على الْكَاف وَلَا يجْرِي مجْرى (مَا أدر) فِي الْوُقُوف على الرَّاء لِأَن نون لم يَك لم تحذف عِنْد التقاء الساكنين بِلَا تحرّك فِيهِ بِخِلَاف يَاء (مَا أَدْرِي) فَإِنَّهَا تحذف عِنْد التقاء الساكنين فَلَمَّا خَالفه فِي الْوَصْل فِي هَذَا خَالفه فِي الْوَقْف وَلِأَنَّهُ لَو وقف عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ لَكَانَ إخلالا بِالْكَلِمَةِ فَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا مر قَالَ وَظَاهره أَنه ترد النُّون المحذوفة كَمَا ترد الْيَاء فِي مر وَأما الْقُرَّاء فَإِنَّهُم يقفون على الْكَاف وَلَا يردون الْمَحْذُوف قَالَ وعلامة الْجَزْم فِي (لم يَك) حذف الْحَرَكَة الَّتِي كَانَت على النُّون المحذوفة لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَصرح أَبُو عَليّ فِي (العسكريات بِأَنَّهُ حذفت الْحَرَكَة للجزم ثمَّ كثر استعمالهم لَهُ فحذفوا النُّون للجزم كَمَا تحذف حُرُوف الْعلَّة للجزم لِأَنَّهَا تشبهها فِي أُمُور مَعْلُومَة فَهُوَ جزم بعد جزم حذف بتدريج وَنَظِير لم يَك لم يكن انْتهى (ص) مَسْأَلَة يُوقف على حَرَكَة غير التَّاء بِالسُّكُونِ وَالروم مُطلقًا وَقيل لَا روم فِي الْفَتْح والإشمام فِي الضَّم والتضعيف إِن لم يكن همزَة أَو لينًا أَو تالي سُكُون أَو مَنْصُوبًا منونا وَنقل حركته لساكن قبله إِن قبلهَا وَلم يُوجب عدم النظير مَا لم يكن همزَة وَلَا ينْقل من غَيرهَا الْفَتْح فِي الْأَصَح ثمَّ يحذف وَيُوقف على الْمَنْقُول إِلَيْهِ ثَابتا لَهُ مَا مر فِي الْأَفْصَح وَالْمَنْقُول حَرَكَة الآخر وَقيل مثلهَا لالتقاء الساكنين وَقيل للدلالة على الْإِعْرَاب وَقيل لَهما (ش) إِذا كَانَ آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ متحركا غير تَاء التَّأْنِيث جَازَ فِي الْوَقْف عَلَيْهِ أُمُور أَحدهمَا السّكُون وَهُوَ الأَصْل فِي الْوَقْف على المتحرك وَذكروا أَنه لما كَانَ الأَصْل لشيئين أَحدهمَا أَن الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ مضاد للحرف الْمُبْتَدَأ بِهِ لِأَن الْوَقْف هُوَ الِانْتِهَاء والانتهاء مضاد للابتداء فَيَنْبَغِي أَن تكون صفته مضادة لصفته والابتداء لَا يكون إِلَّا بمتحرك فَيكون هَذَا سَاكِنا

(3/431)


وَالْآخر أَن الْوَقْف مَوضِع استراحة لِأَنَّهُ مَوضِع يضعف فِيهِ الصَّوْت فَاخْتَارُوا للحرف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أخف الْأَحْوَال وَهُوَ السّكُون وَجعلُوا علامته فِي الْخط حاء فَوق الْحَرْف وَصورتهَا هَكَذَا (ح) الثَّانِي الرّوم وَهُوَ إخفاء الصَّوْت بالحركة هَكَذَا شَرحه ابْن مَالك وَقَالَ بَعضهم هُوَ ضعف الصَّوْت بالحركة من غير سُكُون فَتكون حَالَة متوسطة بَين الْحَرَكَة والسكون وَتَكون فِي الحركات كلهَا فِي الْمَرْفُوع منونا كَانَ أَو غير منون وَهُوَ كجزء من الضمة وَفِي الْمَنْصُوب غير الْمنون وَفِي المفتوح وَفِي الْمَجْرُور بالكسرة وبالفتحة وَفِي المكسور وَهُوَ كجزء من الكسرة وَيحْتَاج فِي الْمَنْصُوب والمفتوح إِلَى رياضة لخفة الفتحة وَتَنَاول اللِّسَان لَهَا بِسُرْعَة وَلذَلِك لم يجزه الْفراء فِي الفتحة وَأم النحويون فمذهب الْجُمْهُور جَوَازه فِي الفتحة قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد بن خلف الْأنْصَارِيّ عرف بِابْن الباذش زعم أَبُو حَاتِم أَن الرّوم لَا يكون فِي الْمَنْصُوب لخفته وَالنَّاس على خِلَافه لِأَن الرّوم لَا يرفع حكمه حكم السّكُون لما فِيهِ من جري بعض الْحَرَكَة فِي الْوَقْف فَلَا يمْنَع أَن يكون الْفَتْح كَغَيْرِهِ اه وَأما الْمَنْصُوب الْمنون فَمن وقف عَلَيْهِ من الْعَرَب دون تَعْرِيض فَإِنَّهُ يقف بالإسكان وَالروم الثَّالِث الإشمام وَهُوَ الْإِشَارَة إِلَى الْحَرَكَة دون صَوت فَهُوَ لَا يدْرك إِلَّا بِالرُّؤْيَةِ وَلَيْسَ للسمع فِيهِ حَظّ وَلذَلِك لَا يُدْرِكهُ الْأَعْمَى ويدركه بالتعلم بِأَن يضم شَفَتَيْه إِذا وقف على الْحَرْف قَالَ أَبُو الْحسن الحصري فِي قصيدته: 1796 -
(يُرى رُوْمُنا والعُمْيُ تَسْمعُ صَوْتَهُ ... وإشْمَامُنَا مِثْلُ الإشَارة بالشّعْر)

(3/432)


وَذكر النحويون أَن الإشمام مُخْتَصّ بالضمة سَوَاء كَانَت إعرابا أم بِنَاء قَالُوا وَلَا يكون فِي الْمَنْصُوب وَالْمَجْرُور لِأَن الفتحة من الْحلق والكسرة من وسط الْفَم وَلَا تمكن الْإِشَارَة لموضعهما فالإشمام فِي النصب والجر لِأَنَّهُ لَا آله لَهُ بِخِلَاف الرّوم لِأَنَّهُ عمل اللِّسَان فَقَط فيلفظ بهما لفظا خَفِيفا وَيسمع قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَوْلهمْ فِي الرّوم إِنَّه عمل اللِّسَان لَا يتم إِلَّا فِي الْحُرُوف اللسانية وَهِي الَّتِي يكون للسان عمل فِي حركاتها أَلا ترى أَن الْحُرُوف الحلقية والشفهية لَا عمل للسان فِيهَا وَمَعَ ذَلِك فِيهَا الرّوم وَإِنَّمَا لم يكن الإشمام فِي الفتحة والكسرة لِأَن الْإِشَارَة إِلَيْهِمَا فِيهَا تَشْوِيه لهيئة الشّفة انْتهى الرَّابِع التَّضْعِيف وَيُقَال فِيهِ التثقيل تَارَة بِأَن تَجِيء بِحرف سَاكن من جنس الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فيجتمع ساكنان فيحرك الثَّانِي ويدغم فِيهِ الأول وَقَالَ بَعضهم التَّضْعِيف تَشْدِيد الحرفين فِي الْوَقْف نَحْو (هَذَا جَعْفَر) و (قَامَ الرجل) وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْهَمْز نَحْو (بِنَاء) لِأَن الْعَرَب تنكبت إدغام الْهمزَة فِي الْهمزَة إِلَّا إِذا كَانَت عينا نَحْو سَأَلَ ولال وَلَا فِي حرف لين نَحْو يعي وسرو وَلَا فِي تالي سَاكن نَحْو عَمْرو وَبكر وَيَوْم وَبَين وَلَا فِي مَنْصُوب منون لِأَنَّهُ يُوقف عَلَيْهِ فِي أشهر اللُّغَات بإبدال ألف من تنوينه وَلَا تَضْعِيف فِي الْألف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُؤثر الْوُقُوف بالتضعيف عَن أحد من الْقُرَّاء إِلَّا مَا رَوَاهُ عصمَة بن عُرْوَة عَن عَاصِم أَنه وقف على قَوْله تَعَالَى: (متسطر) [الْقَمَر: 53] فِي سُورَة الْقَمَر بتَشْديد الرَّاء وَذَلِكَ بِخِلَاف الإسكان الرّوم والإشمام فَإِن ذَلِك مَرْوِيّ عَنْهُم الْخَامِس النَّقْل بِأَن تنقل حَرَكَة الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِلَى الْحَرْف السَّاكِن قبله نَحْو قَامَ عَمْرو بِضَم الْمِيم ومررت ببكر بِكَسْر الْكَاف قَالَ 1797 -
(أَنا ابْنُ مَاويّة إِذْ جَدّ النَقَرْ ... )

(3/433)


وَقَالَ: 1798 -
(أرَتْنِيَ حِجْلاً على سَاقيهَا ... فهش الْفُؤَاد لذاك الحِجلْ)
وَقَالَ: 1799 -
(عَجبْتُ والدَّهْر كثير عَجَبُهُ ... من عَنَزيٍّ سَبَّنِي لم اَضْربُهْ)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُؤثر الْوُقُوف بِالنَّقْلِ عَن أحد من الْقُرَّاء إِلَّا مَا رُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ {وَتَوَاصَو بالصَّبِرْ} [الْعَصْر: 3] بِكَسْر الْبَاء وَقَرَأَ سَلام عَن السّديّ (والعصِر) بِكَسْر الصَّاد قَالَ وَالظَّاهِر من كَلَام ابْن مَالك أَن الْحَرَكَة الَّتِي كَانَت على الْحُرُوف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ هِيَ بِعَينهَا الَّتِي نقلت إِلَى السَّاكِن قبل الْحَرْف وَبِه قَالَ بعض النَّحْوِيين قَالَ نقلوا لِئَلَّا تذْهب حَرَكَة الْإِعْرَاب بِالْجُمْلَةِ وَقَالَ أَبُو عَليّ هَذِه الْحَرَكَة لالتقاء الساكين وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُم لم ينقلوا فِي زيد وَعون لِأَن الْيَاء وَالْوَاو احتملتا ذَلِك كَمَا احتملتا أَن يدغم مَا بعدهمَا فِي نَحْو ثوب بكر قَالَ أَبُو حَيَّان وينفصل عَن هَذَا بِمَا يلْزم من استثقال الْحَرَكَة فِي حرف الْعلَّة

(3/434)


قَالَ وَقَالَ أَبُو عَليّ أَيْضا وَلَيْسَ بتحريك لالتقاء الساكين مَحْضا أَلا ترى أَنه يدل على الْحَرَكَة المحذوفة من الثَّانِي فَدلَّ هَذَا على أَن النَّقْل جمع بَين التَّخَلُّص من التقاء الساكنين وَبَين الدّلَالَة على حَرَكَة الْإِعْرَاب وَقَالَ الْمبرد والسيرافي هَذَا النَّقْل للدلالة على الْحَرَكَة المحذوفة كَمَا راموا الْحَرْف وأشموه للدلالة واحتجا بِأَن الْوَقْف يحْتَمل فِيهِ الْجمع بَين ساكنين وَلَا يتَعَذَّر فَإِنَّمَا نقلوا لبَيَان حَرَكَة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ ثمَّ إِن النَّقْل لَا يكون إِلَّا إِلَى سَاكن فَإِن كَانَ مَا قبل الْحَرْف الآخر متحركا فَلَا يجوز النَّقْل فَلَا يُقَال مَرَرْت بِالرجلِ بِكَسْر الْجِيم نقلا لحركة اللَّام إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مَشْغُولَة بحركتها وَلِأَن النَّقْل إِنَّمَا كَانَ فِرَارًا من التقاء الساكنين وَهُوَ مَفْقُود فِي الَّذِي تحرّك مَا قبله ولغة لخم النَّقْل إِلَى المتحرك قَالَ: 1800 -
(منْ يأتمِرْ للحوم فِيمَا قَصدُهُ ... تُحْمدْ مسَاعيه ويُعْلَمْ رشَدُهُ)
وَشرط السَّاكِن أَن يكون صَحِيحا فَإِن كَانَ حرف عِلّة ك (دَار) و (عون) و (بَين) لم يجز النَّقْل إِلَيْهِ لاستثقال الْحَرَكَة على حرف الْعلَّة وَألا يكون مضاعفا نَحْو (العل) فَلَا يُقَال انتفعت بالعلل لِأَن ذَلِك مفض إِلَى فك المدغم وَقد اعْتَرَفُوا على إدغامه فَلَا يفك مثل هَذَا إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر وَشرط الْمَنْقُول مِنْهُ أَن يكون حرفا صَحِيحا فَلَا ينْقل من غَزْو لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى كَون الآخر واوا قبلهَا ضمة فِي الْمَرْفُوع وَذَلِكَ مرفوض وَإِلَى الْقلب والتغيير فِي المخفوض وَشرط النَّقْل أَلا يُؤَدِّي إِلَى عدم النظير فَلَا يجوز فِي انتفعت ببسر لِأَنَّهُ يصير على وزن فعل وَهُوَ مَفْقُود فِي الْأَسْمَاء وَلَا فِي هَذَا بشر لِأَنَّهُ يصير على وزن فعل وَهُوَ مَفْقُود فِي الْكَلَام بل يتبع فَيُقَال بسر وَهَذَا بشر وَيسْتَثْنى من هَذَا الشَّرْط المهموز فَإِنَّهُ يجوز النَّقْل فِيهِ وَإِن أدّى إِلَى عدم النظير وَيغْتَفر فِيهِ ذَلِك لِأَن الضَّرُورَة فِيهِ أخف من الْهَمْز السَّاكِن مَا قبله فَيُقَال هَذَا الردء ومررت بالبطء

(3/435)


وَشرط الْحَرَكَة المنقولة أَلا تكون فَتْحة فَلَا يُقَال قَرَأت الْعلم بِالنَّقْلِ بل الْعلم بالإتباع وَذكروا فِي امْتنَاع النَّقْل من الفتحة إِلَى السَّاكِن قبلهَا وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنهم لَو نقلوا فِي الْوَقْف وَسَكنُوا فِي الْوَصْل كَانُوا كَأَنَّهُمْ سكنوا فعل وَلَا يجوز تسكينه بِخِلَاف المضموم والمكسور قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا ضَعِيف لِأَن فِيهِ مُرَاعَاة الْحَالة الْعَارِضَة وَهِي النَّقْل فِي الْوَقْف فَصَارَ الْوَقْف كَأَنَّهُ أصل إِذْ خَافُوا أَن يكون فِي ذَلِك فعل إِذا وصلوا والوصل هُوَ الأَصْل وَهُوَ السّكُون وَالثَّانِي أَن الْمَنْصُوب إِن كَانَ منونا فيبدل من تَنْوِين ألف فَلَا يُمكن النَّقْل لِأَن مَا قبل الْألف تلْزمهُ الفتحة وَذَلِكَ بِخِلَاف الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور وَإِن كَانَ فِيهِ الْألف وَاللَّام فَهُوَ فِي حكم الْمنون لِأَنَّهَا بدل مِنْهُ وَلِأَن الْألف وَاللَّام لَا تلْزم فَكَانَ التَّنْوِين مَوْجُودا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا ضَعِيف لِأَن هَذِه الْعلَّة لَيست شَامِلَة أَلا ترى أَن من الْأَسْمَاء الْمَفْتُوحَة السَّاكِن مَا قبلهَا مَا لَا يكون منونا وَلَا فِيهِ ألف وَلَام وَذَلِكَ نَحْو جمل ودعد وَهِنْد إِذا منعن من الصّرْف وَنَحْو حضجر اسْم امْرَأَة فَلَا مَانع يمْنَع هَذَا النَّوْع من النَّقْل فِي النصب لارْتِفَاع تِلْكَ الْعلَّة الْمَانِعَة وَيسْتَثْنى من هَذَا الشَّرْط أَيْضا المهموز فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ نقل حرَّة الْهمزَة إِذا كَانَت فَتْحة إِلَى السَّاكِن الصَّحِيح قبلهَا فَيُقَال رَأَيْت الردء والخبء واغتفر فِيهِ ذَلِك كَمَا اغتفر فِيهِ الْأَدَاء إِلَى عدم النظير بل هَذَا أولى وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا الشَّرْط فأجازوا نقل الفتحة إِلَى السَّاكِن قبلهَا مُطلقًا وَإِن لم يكن مهموزا فَيَقُولُونَ رايت الْبكر فِي رَأَيْت الْبكر وَوَافَقَهُمْ الْجرْمِي قِيَاسا مِنْهُ لَا سَمَاعا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُؤثر ذَلِك عَن أحد من الْقُرَّاء وَفِي (الإفصاح) قد اتسعت الْقرَاءَات وَكثر فِيهَا الشاذ وَلم يسمع فِيهَا هَذَا الْوَقْف وَإِنَّمَا جَاءَ فِي الشّعْر وَإِذا نقلت حَرَكَة الْهمزَة حذفهَا الحجازيون واقفين على حَامِل حركتها كَمَا يُوقف علها مستبدا بهَا فَيُقَال هَذَا الرَّد وَرَأَيْت الرَّد ومررت بِالرَّدِّ فَيصير السَّاكِن الَّذِي يُحَرك آخر الْكَلِمَة فَيجْرِي عَلَيْهِ مَا جرى على الصَّحِيح إِذا وقف عَلَيْهِ فِي الْوُجُوه السِّتَّة الإسكان وَالروم والإشمام والإبدال حَيْثُ يكون والتضعيف

(3/436)


وحذفوها فِي الآخر وألقوا حركتها على مَا قبلهَا كَمَا حذفوها إِذا كَانَت حَشْوًا نَحْو أرؤس فَقَالُوا أرس وَكَانَ الْحَذف فِيهَا أولى لِأَن الْأَوَاخِر هِيَ مَحل التَّغْيِير وَأما غير الْحِجَازِيِّينَ فَإِنَّهُم يثبتون الْهمزَة بعد النَّقْل سَاكِنة فَيَقُولُونَ هَذَا الردء وَرَأَيْت الردء وَرَأَيْت البطا والخبا والردا ومررت بالبطي والخبي والردي أَو مُتبعا نَحْو هَذَا البطو وَرَأَيْت البطو ومررت بالبطو وَهَذَا الخبا وَرَأَيْت الخبا وَمَرَّتْ الخبا
وَهَذَا الرَّدِيء وَرَأَيْت الردي ومررت بالردي
إِبْدَال تَاء التَّأْنِيث هَاء
(ص) والأفصح إِبْدَال التَّاء فِي الِاسْم تلو حَرَكَة هَاء وسلامتها فِي جمع التَّصْحِيح وَشبهه وَفِي هَيْهَات ولات وَجْهَان وَالْأَحْسَن وفَاقا لأبي حَيَّان سَلامَة ربت وثمت ولعلت (ش) إِذا كَانَ آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ تَاء تَأْنِيث فِي اسْم فالأفصح إبدالها فِي الْوَقْف هَاء إِن تحرّك مَا قبلهَا لفظا كفاطمه وقائمه وطلحه وغلمه أَو تَقْديرا كالحياه والقناه فَإِن أصل هَذِه الْألف حرف عِلّة متحرك انقلبت عَنهُ وَاحْترز بِهَذَا الشَّرْط من نَحْو بنت وَأُخْت فَإِن تاءهما للتأنيث لَكِن لم يَتَحَرَّك مَا قبلهَا لفظا وَلَا تَقْديرا فَيُوقف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ لَا بِالْهَاءِ وَخرج بقولنَا فِي اسْم التَّاء الَّتِي تكون فِي الْفِعْل نَحْو قَامَت وَقَعَدت وبقولنا تَاء التَّأْنِيث تَاء التابوت والفرات فَإِنَّهُ مَشْهُور اللُّغَة الْوَقْف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ وَإِن كَانَ بعض الْعَرَب وقف عَلَيْهِمَا بِالْهَاءِ وَبَعض الْعَرَب لَا يُبدل وَإِن اجْتمعت الشُّرُوط قَالَ بَعضهم يَا أهل سُورَة البقرت فَقَالَ مُجيب لَا أحفظ فِيهَا وَلَا آيت وَقَالَ الراجز: 1810 -
(الله نَجّاك بكَفّيْ مُسْلِمَتْ ... من بَعْدِما وبَعْدما وبَعْدِمَتْ)

(3/437)


(كَانَت نُفُوسُ الْقَوْم عِنْد الغَلْصَمَتْ ... وكادت الحُرّة أَن تُدْعى أَمَتْ)
قَالَ أَبُو حَيَّان وعَلى هَذِه اللُّغَة كتب فِي الْمُصحف أَلْفَاظ بِالتَّاءِ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُومِ طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدُّخان: 43، 44] {أَهُم يَقسِمُونَ رَحمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف: 32] وَسَوَاء على اللُّغَة الفصحى كَانَت التَّاء فِي مُفْرد أَو جمع تكسير كَمَا مثل أما جمع التَّصْحِيح والمحمول عَلَيْهِ كالهندات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات وَأولَات فالأفصح الْوَقْف عَلَيْهِ بِالتَّاءِ وَيجوز إبدالها هَاء سمع (دفن البناه من المكرماه) و (كَيفَ الإخوه والأخواه) قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَانَ الْقيَاس أَن يكون الْوَقْف بِالْهَاءِ لِأَنَّهَا الَّتِي للتأنيث لكِنهمْ أَرَادوا التَّفْرِقَة بَينهَا وَبَين مَا تكون فِيهِ للْوَاحِد كالسعلاة وعلقاة لِأَن التَّاء فِي الْمُفْرد بِمَنْزِلَة شَيْء ضم إِلَى شَيْء وَالتَّاء فِي الْجمع قريبَة من تَاء الْإِلْحَاق تحو تَاء (عفريت) لِأَنَّهَا صَارَت مَعَ التَّأْنِيث تدل على الْجمع كالواو وَالنُّون فِي زيدين فَصحت لذَلِك

(3/438)


وَفِي الإفصاح مَا حَكَاهُ الْفراء وقطرب من الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَفِي كتاب اللوائح لأبي الْفضل الرَّازِيّ أَن الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ لُغَة طييء وَفِي هَيْهَات وَجْهَان إِقْرَار التَّاء وإبدالها هَاء وَقد وقف عَلَيْهَا بِالْوَجْهَيْنِ فِي السَّبْعَة وعَلى لات وَيَا أَبَت قَالَ أَبُو حَيَّان وَأما ثمت وربت ولعلت فَالْقِيَاس على لات سَائِغ فَيُوقف عَلَيْهِنَّ بِالتَّاءِ وَالْهَاء قَالَ وَقد ذهب إِلَى ذَلِك فِي ربت ابْن مَالك قَالَ وَالْأَحْسَن عِنْدِي الْوَقْف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ كالوصل
هَاء السكت
(ص) وَيُوقف السكت وجوبا على فعل حذف آخِره مَعَ فائه أَو عينه وَمَا الاستفهامية إِن جرت باسم وَإِلَّا فاختيارا وَيجوز فِي حَرَكَة لَا تشبه الإعرابية لَا مَبْنِيّ للنداء أَو قطع عَن الْإِضَافَة أَو اسْم لَا وَكَذَا الْمَاضِي فِي الْأَصَح وَثَالِثهَا تلْحق اللَّازِم (ش) مِمَّا يخْتَص بِهِ الْوَقْف زِيَادَة هَاء السكت فَيُوقف بهَا على الْفِعْل المعتل الآخر فِي الْجَزْم أَو فِي الْوَقْف فَإِن كَانَ مَحْذُوف الْفَاء نَحْو لَا تق زيدا وقِ عمرا مَحْذُوف الْعين نَحْو لَا تَرَ زيدا أَو ت بكرا ووقف عَلَيْهِ وَجب إِلْحَاق الْهَاء لِأَنَّهُ بَقِي على حرف وَاحِد كَمَا وَجب رد الْيَاء فِي نَحْو مر وَنَحْوه وَإِنَّمَا لم ترد هُنَا اللَّام المحذوفة لِأَن الْمُوجب لحذفها قَائِم مَوْجُود وَهُوَ الْجَزْم أَو الْوَقْف بِخِلَاف مر فَإِن الْمُوجب لحذف لامه قد زَالَ فِي الْوَقْف فَلذَلِك كَانَ الْحَرْف اللَّاحِق فِي ق وَنَحْوه الْهَاء وَكَانَ لُزُومهَا فِي الْوَقْف عوضا من الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ الْفَاء وَالْعين لَا اللَّام

(3/439)


وَإِن كَانَ غير مَحْذُوف الْفَاء وَلَا الْعين فيختار إِلْحَاق الْهَاء نَحْو ارمه واغزه وَلَا ترمه وَلَا تغزه وَيجوز تَركهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَكْثَر وَالِاخْتِيَار إِلْحَاق الْهَاء فِي هَذَا النَّوْع لِأَن الْكَلِمَة قد لحقها الاعتلال بِحَذْف آخرهَا فكرهوا أَن يجمعوا عَلَيْهَا حذف لامها وَحذف الْحَرَكَة وَوجه اللُّغَة الْأُخْرَى أَن الْكَلِمَة قويت بالاعتماد على كَونهَا على أَكثر من حرف فشبهت بِمَا لم يحذف مِنْهُ شَيْء والمدغم فِي ذَلِك كَغَيْرِهِ نَحْو لم يضل الْأَكْثَر فِيهِ لم يضله وَمَا الاستفهامية إِن جرت باسم نَحْو مَجِيء م جِئْت وَجب عِنْد الْوَقْف إلحاقها الْهَاء فَيُقَال مَجِيء مَه وَإِن جرت بِحرف نَحْو لم تفعل وَعم تسْأَل فَالْأَحْسَن إلحاقها الْهَاء فَيُقَال لمه وَعَمه وَيجوز لم وَعم بالإسكان وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا لِأَن الْجَار الْحرفِي مُتَّصِل كالجزء مِنْهَا فَصَارَت كَأَنَّهَا على حرفين فَأَشْبَهت ارمه وَأما الِاسْم فَلَيْسَ مُتَّصِلا بالشَّيْء كاتصال الْحَرْف فَلَزِمَ كَون الِاسْم على حرف وَاحِد فَأشبه قه وَالْوَقْف بِغَيْر هَاء فِيمَا حرف الْجَرّ مِنْهُ على أَزِيد من حرف وَاحِد نَحْو على م وَإِلَى م أقل مِنْهُ فِيمَا كَانَ على حرف وَاحِد نَحْو بِمَ وَلم قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد جَاءَ فِي السَّبْعَة الْوَقْف على مَا الاستفهامية المجرورة بالحرف وَإِن كَانَ أَكثر وقوفهم عَلَيْهَا بِغَيْر الْهَاء وَذَلِكَ بِاتِّبَاع رسم الْمُصحف وَالَّذين نقلوا اللِّسَان الْعَرَبِيّ ذكرُوا أَن الْأَكْثَر والأفصح الْوَقْف بِالْهَاءِ اه وَيجوز اتِّصَال الْهَاء بِكُل متحرك حَرَكَة غير إعرابية سَوَاء كَانَت بنائية نَحْو هوه وهيه وثمه وَإنَّهُ أم لَا نَحْو الزيدانه والمسلمونه وَيجوز فِي ذَلِك ترك الْهَاء وَالْوَقْف بِالسُّكُونِ وَلَا تتصل بمنادى مضموم وَلَا بمبني لقطعه عَن الْإِضَافَة نَحْو: {من قبل وَمن بعد} [الرّوم 4] وشذ قَوْله: 1802 -
(وأضحى من عَلهْ ... )

(3/440)


وَلَا باسم لَا نَحْو لَا رجل وَلَا بِفعل مَاض نَحْو ضرب وَعلة هَذِه أَن حركاتها وَإِن كَانَت بِنَاء فَهِيَ شَبيهَة بحركات الْإِعْرَاب لوجودها عِنْد مقتضياتها وانتفائها عِنْد عدمهَا ورجوعها إِلَى أَصْلهَا من الْإِعْرَاب وَأما حَرَكَة الْفِعْل الْمَاضِي وَإِن كَانَ مَبْنِيا بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ شَبيه بالمضارع كَمَا مر أول الْكتاب وَمَا ذكر من أَنَّهَا لَا تلْحق الْمَاضِي هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَقيل تلْحقهُ مُطلقًا لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على حَرَكَة لَازِمَة فلحقته قِيَاسا على غَيره من المبنيات وَقيل تلْحقهُ إِن لم يخف لبس وَلَا تحلقه إِن خيف فَيُقَال فِي قعد قعده وَلَا يُقَال فِي ضرب ضربه لِئَلَّا يلتبس بضمير الْمَفْعُول بِخِلَاف قعده فَإِنَّهُ لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعول فَلَا يلبس وَهُوَ معنى قولي وَثَالِثهَا تلْحق اللَّازِم أَي دون الْمُتَعَدِّي 0 ص) وَقد يُوقف على حرف موصلا بِأَلف أَو همزَة والأفصح الْوَقْف على الروي بِمدَّة وَيجْرِي الْوَصْل كالوقف ضَرُورَة كثيرا ودونها قَلِيلا 0 ش) مِثَال الْمَسْأَلَة الأولى قَوْله: 1803 -
(قد وَعَدَتني أُمُّ عَمْرو أنْ تا ... )
فَوقف على حرف المضارعة وَوَصله بِأَلف وَقَوله: 1804 -
(بِالْخَيرِ خَيْراتٍ وَإِن شرًّا فأا ... )

(3/441)


أَي فشر فَوقف على الْفَاء الَّتِي هِيَ جَوَاب الشَّرْط وَوَصلهَا بِهَمْزَة وَألف وَمِثَال الْوَقْف على الروي بِزِيَادَة مُدَّة مُطلقًا قصد الترنم أم لَا وَذَلِكَ لُغَة الْحِجَازِيِّينَ قَوْله: 1805 -
(وَأَنَّك مهما تأمري الْقلب يَفعلى ... )
والتميميون لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك إِلَّا إِذا ترنموا فَإِن لم يترنموا حذفوا الْمدَّة ثمَّ مِنْهُم من يقف بِالسُّكُونِ كَمَا يقف فِي الْكَلَام كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي شعر فَيَقُول: 1806 -
(أقلى اللّوم عاذِلَ والعِتابْ ... )
وَمِنْهُم من يعوض من الْمدَّة التَّنْوِين كَمَا تقدم أما الْمَقْصُور وَمَا شاكله فَلَا يحذف أحد مدَّته وَمِثَال إِجْرَاء الْوَصْل مجْرى الْوَقْف ضَرُورَة قَوْله: 1807 -
(يَا أَبَا الْأسود لِمْ خلَفتني ... )
سكن مِيم لم فِي الْوَصْل وَقَوله: 1808 -
(أتَوْا نَارِي فَقلت منون أَنْتُم ... )

(3/442)


وَإِنَّمَا تثبت الزِّيَادَة فِي الْوَقْف قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا كثير لَا يكَاد ينْحَصر ومثاله اخْتِيَارا قَوْله تَعَالَى: {لم يتسنه وَانْظُر} [الْبَقَرَة: 259] {فبهداهم اقتده} [الْأَنْعَام: 90] أثبت الْهَاء فِي الْوَصْل إِجْرَاء لَهُ مجْرى الْوَقْف

(3/443)


خَاتِمَة

لَا ابْتِدَاء بساكن
(ص) لَا ابْتِدَاء بساكن قَالَ ابْن جني وَأَبُو الْبَقَاء وَهُوَ محَال فِي كل لُغَة وَالسَّيِّد وَشَيخنَا الكافيجي مُمكن فِي غير الْألف فَإِن احْتِيجَ إِلَيْهِ جِيءَ بهمز الْوَصْل وَذَلِكَ فِي الْمَاضِي الخماسي والسداسي وَأمره ومصدره وَأم الثلاثي وأل وَأمر على قَول وحفظت فِي اسْم واست وايمن وابنم وَابْن واثنين وامرئ وفروعها وتكسر إِلَّا فِي ايمن وأل فتفتح وَإِلَّا متلو ساكنها ضمة أَصْلِيَّة فتضم على الْأَفْصَح وتشم لإشمامه فِي الْأَصَح وَلَا تثبت وصلا اخْتِيَارا وَاخْتلف هَل وضعت أَولا وصلا وَهل وضعت سَاكِنة وَإِذا تلت تلت همزَة الِاسْتِفْهَام مَفْتُوحَة فَقَالَ ابْن الباذش تسهل وَأَبُو عَليّ وَابْن الْحَاجِب تبدل ألفا وَابْن عَظِيمَة تحذف 0 ش) لَا يبتدأ بساكن وَهُوَ محَال فِي كل لُغَة أما فِي الْألف فبالإجماع وَأما فِي غَيرهَا فَكَذَلِك نَص عَلَيْهِ ابْن جني وَأَبُو الْبَقَاء العكبري وَذهب السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ وَشَيخنَا الْعَلامَة الكافيجي إِلَى أَنه مُمكن إِلَّا أَنه مستثقل فَإِذا احْتِيجَ إِلَى الِابْتِدَاء بالساكن توصل إِلَيْهِ باجتلاب همزَة الْوَصْل وَذَلِكَ فِي الْأَفْعَال الْمَاضِيَة الخماسية والسداسية كانطلق واستخرج وَفِي الْأَمر مِنْهَا كانطلق واستخرج وَفِي مصادرها كالانطلاق والاستخراج وَفِي فعل الْأَمر من الثلاثي كاضرب وَاعْلَم واخرج وَفِي أل الْمعرفَة على رَأْي من يَقُول إِن أَدَاة التَّعْرِيف اللَّام وَحدهَا أَو أل بجملتها وهمزتها وصل وَقد تقدم الْخلاف فِي ذَلِك وَفِي أم الْمعرفَة فِي لُغَة طَيئ وَلم تقع همزَة الْوَصْل فِي شَيْء من الْحُرُوف سوى أل وَأم المذكورتين وَلَا فِي الْأَسْمَاء إِلَّا فِي عشرَة أَسمَاء مَحْفُوظَة وَهِي اسْم واست وايمن وابنم وَابْن وَابْنَة وَاثْنَانِ وَاثْنَتَانِ وامرئ وَامْرَأَة وَهِي مَكْسُورَة فِي الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة إِلَّا

(3/444)


ايمن فَإِنَّهَا فِيهِ مَفْتُوحَة وتفتح أَيْضا فِي أل وَأم وَلَا رَابِع لَهَا وَهِي فِيمَا عدا ذَلِك مَكْسُورَة إِلَّا إِن تَلا السَّاكِن الَّذِي بعْدهَا ضمة أَصْلِيَّة فَإِنَّهَا تضم تبعا لَهُ فِي الْأَفْصَح وَسَوَاء كَانَت تِلْكَ الضمة مَوْجُودَة كاخرج فِي الْأَمر واستخرج فِي الْمَاضِي الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول أم مقدرَة كاغزي يَا هِنْد وادعي لِأَن أَصله اغزوي وادعوي فاستثقلت الكسرة على الْوَاو فنقلت ثمَّ حذف الْوَاو للساكنين وَاحْترز بالأصلية من الْعَارِضَة نَحْو امشووا واقضووا فَإِن الْهمزَة فِيهِ مَكْسُورَة وَمن الْعَرَب من يكسر همزَة الْوَصْل مَعَ الْأَصْلِيَّة أَيْضا على الأَصْل وَلَا يتبع وَهِي لُغَة شَاذَّة حَكَاهَا ابْن جني فِي الْمنصف وتشم الْهمزَة الضَّم قبل الضمة المشمة نَحْو انقيد واختير على لُغَة الإشمام وَلَا تثبت همزَة الْوَصْل غير مبدوء بهَا إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1809 -
(إِذْ جَاوز الإِثْنَيْن سرُّ فإنّهُ ... بنَثٍّ وتكثير الحديثِ قَمِينُ)
وَكثر قطعهَا فِي أَوَائِل أَنْصَاف الأبيات لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك كَأَنَّهَا فِي ابْتِدَاء الْكَلَام كَقَوْلِه: 1810 -
(لَا نسب الْيَوْم وَلَا خلة ... إتّسَعَ الخَرْقُ على الراقع)
وَقد اخْتلف فِي همزَة الْوَصْل هَل وضعت همزَة فَقَالَ ابْن جني نعم وَقيل يحْتَمل أَن يكون أَصْلهَا ألفا وَإِنَّمَا قلبت همزَة

(3/445)


لأجل الْحَرَكَة فَقَالَ الْفَارِسِي وَغَيره اجتلبت سَاكِنة وَكسرت لالتقاء الساكنين وَعلله الشلوبين بِأَن أصل الْحُرُوف السّكُون وَقيل اجتلبت متحركة لِأَن سَبَب الْإِتْيَان بهَا التَّوَصُّل إِلَى الِابْتِدَاء بالساكن فَوَجَبَ كَونهَا متحركة كَسَائِر الْحُرُوف المبدوء بهَا وأحق الحركات بهَا الكسرة لِأَنَّهَا راجحة على الضمة بقلة الثّقل وعَلى الفتحة بِأَنَّهَا لَا توهم استفهاما وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ حركتها للإتباع فَكسرت فِي إضرب إتباعاً للكسرة وضمت فِي أخرج إتباعا للضمة وَلم تتبع فِي المفتوح لِئَلَّا يلتبس الْأَمر بالْخبر وَإِذا وَقعت همزَة الْوَصْل الْمَفْتُوحَة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {ءَآلذَّكرَينِ حَرَّمَ} [الْأَنْعَام: 143] فقد كَانَ حَقّهَا أَن تحذف كَمَا يحذف غَيرهَا من همزات الْوَصْل إِذا وليت همزَة الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {أصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ} [الصافات: 153] لكنه كَانَ يعلم أَهِي همزَة الِاسْتِفْهَام أم همزَة أل لَو حذفت وبدئ بهَا فَعدل عَن ذَلِك إِلَى إبدالها ألفا أَو تسهيلها وَذهب أَبُو عَمْرو بن عَظِيمَة إِلَى أَن همزَة الِاسْتِفْهَام حذفت على الأَصْل وَأَن الْمدَّة لَيست بَدَلا مِنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ مُدَّة زَائِدَة للْفرق بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر وَيَردهُ وَجه التسهيل وَقَالَ المهاباذي إِذا دخلت همزَة الِاسْتِفْهَام على همزَة الْوَصْل حذفت إِلَّا أَن تكون مَفْتُوحَة كَالَّتِي مَعَ لَام التَّعْرِيف وأيمن وأيم فَإِنَّهَا تثبت ألفا فِي هَذِه الثَّلَاثَة

(3/446)