تعجيل الندى بشرح قطر الندى

باب المستثنى
قوله: (والمُسْتَثْنَى بـ (إِلا) مِنْ كَلام تامٍّ مُوجَبٍ نحْوُ: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (4) فَإِنْ فُقِدَ الإيجَابُ تَرَجَّحَ البَدَلُ في المُتَّصِلِ نحْوُ: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (5) والنَّصْبُ في المُنْقَطِع عِنْدَ بَنِي تَمِيم، ووَجَبَ عِنْدَ الحِجَازِيِّينَ نحْوُ: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} (6)) .
__________
(1) راجع باب نعم وبئس في الكتب المطولة.
(2) وقعة بين بكر وتغلب من ربيعة. والبسوس. اسم امرأة.
(3) سورة التوبة، آية: 36.
(4) سورة البقرة، آية: 249.
(5) سورة النساء، آية: 66.
(6) سورة النساء، آية: 157.


قوله: (والمستثنى) الظاهر أنه معطوف على (التمييز) . وعبر المصنف - رحمه الله - بالمستثنى؛ لأنه هو الذي من المنصوبات فهو أولى من التعبير بـ (الاستثناء) ؛ لأنه يحتاج للتأويل؛ لأنه مصدر بمعنى اسم المفعول.
والمستثنى: هو الاسم المذكور بعد (إلا) أو إحدى أخواتها مخالفًا في الحكم لما قبلها، نحو: حضر الأصدقاءُ إلا علياً. فـ (علياً) مستثنى. و (الأصدقاء) مستثنى منه، وهو المحكوم عليه بالحضور، أما عليٌُّ فلم يثبت له هذا الحكم الذي ثبت لبقية الأصدقاء. فهو مستثنى منهم مخالفٌ لهم في الحكم.
وأما حكم المستثنى من حيث الإعراب ففيه تفصيل.
فالمستثنى بـ (إلا) يجب نصبه على الاستثناء في الأغلب (1) بشرطين:
الأول: أن يكون الكلام تامًا (وهو أن يكون المستثنى منه مذكورًا) .
الثاني: أن يكون الكلام موجبًا (وهو أن يكون خالياً من نفي أو نهي أو استفهام) ولا فرق في ذلك بين الاستثناء المتصل (وهو أن يكون المستثنى بعضًا من المستثنى منه) والمنقطع (وهو: ألا يكون المستثنى بعضًا من المستثنى منه) .
مثال المتصل: قرأت الكتابَ إلا صفحةً. فـ (صفحةً) مستثنى منصوب بالفتحة. والكلام تام. موجب. وهو متصل. ومنه قوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (2) فـ (قليلاً) مستثنى بـ (إلا) منصوب بالفتحة.
ومثال المنقطع: جاء القومُ إلا سيارةً فـ (سيارةً) مستثنى منصوب، وهو منقطع؛ لأنه ليس بعضًا مما قبله.
__________
(1) قد ورد المستثنى بعد الكلام التام الموجب مرفوعًا في النثر والشعر فمن النثر ما ورد في صحيح البخاري: " فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم ": وحديث " كل أمتي معافى إلا المجاهرون" متفق عليه (وقد ورد منصوبًا في بعض الروايات فيهما) ، وتخريج الرفع على أنه مبتدأ مذكور الخبر كما في الأول، ومحذوفه كما في الثاني، راجع كتاب (التوضيح لابن مالك ص41) .
(2) سورة البقرة، آية: 249.


فإن فقد الشرط الأول وهو: التمام فسيأتي حكمه إن شاء الله، وإن فقد الثاني وهو الإيجاب - بأن اشتمل الكلام على نفي أو شبهه - فلا يخلو من حالتين: -
الحالة الأولى: أن يكون الاستثناء متصلاً، فيجوز فيه وجهان:
الأول: نصبه على الاستثناء.
الثاني: إعرابه بإعراب المستثنى منه، على أنه بدلٌ منه، بدلُ بعض من كل، للمشاكلة في الإعراب، تقول: لا تعجبني الكتبُ إلا النافعُ. بنصب (النافع) على الاستثناء، أو رفعه على أنه بدل من (الكتب) ، وبدل المرفوع مرفوع، ومنه قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (1) فقد قرأ السبعة - إلا ابن عامر - برفع (قليل) على أنه بدل من الواو في قوله تعالى: (ما فعلوه) . أما ابن عامر فقد قرأ بالنصب على الاستثناء.
ولم يصرح المصنف - رحمه الله - بالنصب - وهو الوجه الأول - لكنه لما قال: (ترجح البدل) علم منه جواز النصب، لكن الاتباع على أنه بدل أرجح.
الحالة الثانية: أن يكون الاستثناء منقطعًا. فيجب النصب على الاستثناء عند الحجازيين نحو: ما حضر القوم إلا فرسًا. بنصب (فرسًا) على الاستثناء. ومنه قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} (2) (3) فقد قرأ السبعة بالنصب على الاستثناء. وهو استثناء منقطع - على قول الجمهور - لأن اتباع الظن ليس بعضاً من العلم.
ويجوز عند بني تميم اتباعه لما قبله في إعرابه فتقول: ما حضر القومُ إلا فرسٌ. بالرفع على أنه بدل من (القوم) ، وبدل المرفوع مرفوع، والنصب عندهم أرجح.
__________
(1) سورة النساء، آية: 66.
(2) سورة النساء، آية: 157.
(3) ما لهم: (ما) نافية لا عمل لها (لهم) خبر مقدم (به) متعلق بمحذوف حال من (علم) أو من الضمير المستتر في الخبر المحذوف (من علم) من: حرف جر زائد إعرابًا لا معنى. (علم) مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ...


وقول المصنف: (والنصب في المنقطع) معطوف على ما تقدم والتقدير: (وترجح النصب ... الخ) .
قوله: (مَا لمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِمَا فالنَّصْبُ نحْوُ قَوْلِهِ:
وَمَا لِيَ إِلا آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ ……وَمَا لِيَ إِلا مَذْهَبَ الْحَقِّ مَذْهَبُ)
أي: إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه - فيهما - أي في تقدم المتصل والمنقطع، إذا كان الكلام تاماً غير موجب وجب النصب. وامتنع الإبدال. نحو: ما حضر إلا عليًا الضيوف، ما قدم إلا فرسًا القوم، ومنه قوله الشاعر:
(1) وما لي إلا آل أحمد شيعة ……وما لي إلا مذهب الحق مذهب (1)
فقد نصب الشاعر المستثنى في الموضعين، لأنه مقدم على المستثنى منه، والأصل وما لي شيعةٌ إلا آلَ أحمدَ، وما لي مذهبٌ إلا مذهبَ الحقِّ، وإنما امتنع إعرابه بدلاً؛ لأنه لو رفع على البدلية لزم منه تقدم التابع (علياً) - كما في المثال - على المتبوع (الضيوف) أو يتغير الحال فيصير التابع متبوعًا. وكلاهما ممنوع.
قوله: (أوْ فُقِدَ التَّمَامُ فَعَلَى حَسَبِ العَوَامِلِ نحْوُ: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ} (2) ويُسَمَّى مُفَرَّغًا) .
__________
(1) شيعة: أنصار وأشياع. مذهب الحق: طريق الحق.
إعرابه: ما: نافية بطل عملها (لي) خبر مقدم (إلا) أداة استثناء (آل) مستثنى (أحمد) مضاف إليه (شيعة) مبتدأ مؤخر. والشطر الثاني مثله.
(2) سورة القمر، آية: 50.


تقدم أن المستثنى يجب نصبه إذا كان الكلام تامًا موجبًا. وأن التام هو: ما ذكر فيه المستثنى منه، وذكر هنا أنه إذا فُقِدَ التمام - بأن لم يذكر المستثنى منه - فإن الاسم الواقع بعد (إلا) يعرب على حسب العوامل قبلها، كما لو كانت (إلا) غير موجودة، وتعرب (إلا) أداة استثناء ملغاة لا عمل لها. نحو: لا يسدي النصيحةَ إلا المخلصون، لا تصاحبْ إلا الأخيارَ. لا يصلح الناسُ إلا بالدين. فـ (المخلصون) في المثال الأول فاعل. و (الأخيار) في المثال الثاني مفعول به. و (الدين) في المثال الثالث مجرور متعلق بالفعل (يصلح) . ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) } (2) فـ (أمرنا) مبتدأ. و (نا) مضاف إليه و (إلا) أداة استثناء ملغاة (واحدة) خبر المبتدأ مرفوع. وهذا مثال الرفع. والنصب كقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} (1) فـ (الحقَّ) مفعول به منصوب للفعل (تقولوا) ، والجر كقوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) فـ (التي) متعلق بالفعل قبله.
ويسمى هذا الاستثناء مفرغاً، لأن ما قبل (إلا) تفرغ للعمل فيما بعدها، كما في الأمثلة.
وشرط الاستثناء المفرغ أن يتقدمه نفي أو شبهه (3) ، كالاستفهام في قوله تعالى: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}
t (4) فـ (القوم) نائب فاعل. وإنما شُرِطَ ذلك؛ لأن الإثبات يؤدي إلى الاستبعاد، فلو قلت: رأيت إلا خالدًا، لزم منه أنك رأيت جميع الناس إلا خالدًا، وذلك محال عادة نظرًا للظاهر.
قوله: (ويُسْتَثْنَى بـ (غَيْرِ وَسُوىً) خَافِضَيْنِ مُعْرَبَيْنِ بِإعْرَابِ الاسْمِ الَّذِي بَعْدَ (إِلاَّ)) .
__________
(1) سورة النساء، آية: 171.
(2) سورة العنكبوت، آية: 46.
(3) انظر: شرح الألفية للمؤلف (1/437) .
(4) سورة الأحقاف، آية: 35.


الأدوات التي يستثنى بها غير (إلا) ثلاثة أقسام: ما يخفض دائمًا وما ينصب دائمًا. وما يخفض تارة وينصب أخرى.
فأما الذي يخفض دائماً فـ (غير) (1) و (سوى) (2) ومعنى (غير) : إفادة المغايرة. أي: الدلالة على أن ما بعدها مغاير لما قبلها في الحكم، وفيها بحثان:
1-بحث في المستثنى بعدها. وحكمه: الجر بها لإضافتها إليه.
2-بحث في إعرابها، لأنها اسم، وحكمها: أنها تعرب بما كان يعرب المستثنى بعد (إلا) على التفصيل السابق. فتقول: حضر الضيوف غيرَ خالدٍ، بنصب (غير) على الاستثناء؛ لأنه كلام تام موجب. كما تقول: حضر الضيوفُ إلا خالدًا. وتقول: ما حضر الضيوفُ غيرُ خالدٍ أو غيرَ خالدٍ. بالاتباع والنصب وتقول: ما حضر غيرُ خالد. برفع (غير) وجوباً؛ لأنه مفرغ، وتقول: ما حضر الضيوف غيرَ سيارة. بنصب (غير) عند الحجازيين، وجواز الاتباع عند بني تميم.
وهكذا حكم (سوى) فهما متماثلان في المعنى والإعراب تقول: حضر الضيوف سوى خالدٍ. فـ (سوى) منصوب على الاستثناء.
قوله: (وبِخَلا، وَعَدَا، وَحَاشَا، نَوَاصِبَ وَخَوَافِضَ. وَبِمَا خَلا، وَبِمَا عَدَا، وَلَيْسَ، وَلاَ يَكُونُ، نَوَاصِبَ) .
__________
(1) استعمال (غير) في باب الاستثناء قليل. والأصل في استعمالها أن تقع صفة لنكرة كقوله تعالى: {نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} أو ما يشبه النكرة وهو المعرفة المراد به الجنس كالاسم الموصول في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وتقع مبتدأ وخبراً لناسخ وغير ذلك.
(2) أرجح الأقوال في (سوى) قول الكوفيين واختاره ابن مالك كما في الكافية. وهو أنها مثل (غير) فتأتي مرفوعة ومنصوبة ومجرورة لكثرة الشواهد من النثر والنظم على تأثرها بالعوامل المختلفة خلافاً لمن قال: إنها لا تكون إلا ظرفاً. راجع شرح المؤلف على الألفية (1/444) .


هذا القسم الثاني والثالث من أدوات الاستثناء - غير إلا - فالثاني ما ينصب فقط، وهو أربعة: ليس، ولا يكون، وما خلا، وما عدا، فأما (ليس) (ولا يكون) فإن المستثنى بهما يجب نصبه؛ لأنه خبرهما نحو: قرأت الكتاب ليس صفحةً، أو: لا يكون صفحةً، أما اسمهما فضمير مستتر وجوبًا تقديره: (هو) يعود على البعض المفهوم من الكل السابق الذي هو المستثنى منه، فمعنى: قرأت الكتاب ليس صفحة. أن المقروء كلٌّ استثنى بعضُه، أي قرأت الكتابَ ليس بعضُ الكتاب المقروء صفحةً، وجملة الاستثناء (ليس صفحة) في محل نصب حال، أو مستأنفة فلا محل لها من الإعراب. ويبقى ارتباطها بما قبلها من الناحية المعنوية فقط.
وأما (خلا وعدا) فلهما حالتان كما ذكر المصنف:
الأولى: أن تتقدمهما (ما) المصدرية. فيجب نصب المستثنى بهما على أنه مفعول به. والفاعل ضمير مستتر وجوبًا - كما تقدم في (ليس) تقول: نجح الطلاب ما عدا جابرًا. فـ (ما) مصدرية، و (عدا) فعل ماض. وفاعله ضمير مستتر و (جابرًا) مفعول به منصوب. و (ما) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مؤول بمشتق يقع حالاً أو ظرف زمان، والتقدير: نجح الطلاب مجاوزين جابرًا، أو وقت مجاوزتهم (1) جابرًا.
الثانية: ألا تتقدمهما (ما) فيجوز نصب المستثنى بهما على أنه مفعول به، باعتبار أنهما فعلان، ويجوز جره باعتبار أنهما حرفا جر. تقول: نجح الطلاب عدا جابرًا بالنصب. أو جابرٍ، بالجر، فـ (عدا) حرف جر، و (جابرٍ) اسم مجرور بـ (عدا) ، وفي الجملة ما تقدم من جواز كونها في محل نصب على الحال أو مستأنفة لا محل لها. وأما الجار والمجرور فهو متعلق بالفعل قبله.
__________
(1) إنما قدر اسم الفاعل والمصدر بـ (مجاوزين ومجاوزة) ؛ لأن فعل الاستثناء جامد لا يدخل بنفسه في صياغة المصدر المؤول. وإنما يؤول الفعل الذي بمعناه وهو (جاوز) والحرف المصدري لا يدخل على فعل جامد إلا في هذا الباب.


وأما القسم الثالث فهو ما يخفض تارة، وينصب أخرى وهو (حاشا) والمستثنى بها منصوب على أنه مفعول به باعتبارها فعلاً، أو مجرور باعتبارها حرفًا، نحو: نجح الطلاب حاشا جابرًا، أو جابرٍ. والإعراب كما تقدم. ولا تسبقها (ما) على الأرجح.
باب مخفوضات الأسماء
قوله: (يُخْفَضُ الاِسْمُ إِمَّا بِحَرْفٍ مُشْتَركٍ وَهُوَ مِنْ، وَإِلَى، وَعَنْ، وَعَلَى، وَفِي، وَالَّلاَمُ، والْبَاءُ لِلْقَسم وَغَيْرِهِ، أَوْ مُخْتَصٍّ بالظَّاهِرِ: وَهُوَ، رُبّ، ومُذْ، ومُنْذُ، والكافُ، وَحَتَّى، وَوَاوُ القَسمِ وَتَاؤُهُ) .
لما فرغ المصنف - رحمه الله - من المرفوعات والمنصوبات، ذكر المجرورات، وهي ثلاثة أقسام:
الأول: مجرور بالحرف.
الثاني: مجرور بالإضافة.
الثالث: مجرور بالتبعية لمتبوع مجرور، وهذا موضعه التوابع، وبدأ بالمجرور بالحرف؛ لأنه الأصل.
(1) وحرف الجر نوعان: (1)
الأول: مشترك بين الاسم الظاهر والمضمر، وهو سبعة، وقد ذكرها المصنف.
الثاني: مختص بالاسم الظاهر. وهو سبعة ذكرها المصنف أيضًا وهي أربعة أقسام:
1-ما يختص بالنكرات وهو: (رُبَّ) .
2-ما يختص بالزمان وهو (مذ) و (منذ) .
3-ما يختص بلفظ الجلالة وهو (التاء) .
4-ما لا يختص بظاهر بعينه وهو: (الكاف) و (حتى) و (الواو) .
__________
(1) حرف الجر من حيث الأصالة وعدمها ثلاثة أقسام: -
1-حرف جر أصلي وهو: ماله معنى خاص، ويحتاج إلى متعلَّق مذكور، أو محذوف والمتعلَّق هو: ما يوضح الجار والمجرور ويبينه كقولك: جئت من البيت، فالتعلق نوع من الارتباط الذي يوضح المعنى ويتممه. وهو ينعقد بين شبه الجملة - الظرف والجار والمجرور - وما قبلهما من فعل أو شبهه.
2-حرف جر زائد وهو: ما ليس له معنى خاص، وإنما يؤتى به للتوكيد، وليس له متعلق. نحو: ما جاء من أحد.
3-حرف جر شبيه بالزائد وهو ما له معنى خاص، كالحرف الأصلي وليس له متعلق كالزائد مثل: رُبَّ.


فالمشترك الذي يجر الاسم الظاهر والضمير سبعة وهي:
1-مِنْ: ولها معانٍ منها:
بيان الجنس، وعلامتها: صحة وقوع الموصول موقعها مع ضمير يعود على ما قبلها إن بَيَّنت معرفة، كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} (1) أي: الذي هو الأوثان. لأن الرجس جنس عام يشمل الأوثان وغيرها. فإن بَينت نكرة فعلامتها: أن يقع موقعها الضمير وحده، كقوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} (2) أي: هي ذهب.
ومنها: التبعيض: أي الدلالة على البعضية وعلامتها: صحة وقوع (بعض) موقعها كقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ} (3) .
ومنها: ابتداء الغاية في الأمكنة كثيرًا. وفي الأزمنة أحيانًا على الصحيح، وهذا هو الغالب عليها، والمارد بالغاية: المسافة، كقوله تعالى: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (4) وقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} (5) (6) إلى غير ذلك من معانيها التي تؤخذ من الكتب المطولة مثل: (مغني اللبيب) وغيره.
2- إلى: ومن معانيها:
__________
(1) سورة الحج، آية: 30.
(2) سورة الكهف، آية: 31.
(3) سورة البقرة، آية: 8.
(4) سورة الإسراء، آية: 1.
(5) سورة التوبة، آية: 108.
(6) وقيل إن (من) ليست لابتداء الغاية بل هي بمعنى (في) انظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم (1/3/324) وأوضح مثال للغاية الزمانية: حديث (فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة) .


انتهاء الغاية مطلقاً - زمانية أو مكانية - وهو الغالب عليها كقوله تعالى: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (1) وقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (2) وتأتي للمصاحبة، بأن يصحَّ وضع كلمة (مع) موضعها، كقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (3) .
3- عن: وأشهر معانيها:
المجاوزة. ومعناها: ابتعاد شيء مذكور أو غير مذكور عما بعد حرف الجر بسبب شيء قبله. فالأول نحو: رميت السهم عن القوس، أي: جاوز السهم القوس بسبب الرمي.
ومنه قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} (4) والثاني نحو: أبو بكر رضي الله عنه. أي جاوزته المؤاخذة بسبب الرضى، ومنه قوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} (5) وتأتي للبعدية، كقوله تعالى: {طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} (6) . أي: حالاً بعد حال.
4- على: وأشهر معانيها:
الاستعلاء. أي: العلو، حسياً كان نحو قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) } (7) أو معنويًا كقوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (8) وتأتي للتعليل كقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (9) أي: لهدايته إياكم. وتأتي للظرفية بمعنى (في) إذا جَرَّت الظرف كقوله تعالى: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} (10) أي: في حين غفلة.
5- في: وأشهر معانيها:
__________
(1) سورة الإسراء، آية: 1.
(2) سورة البقرة، آية: 187.
(3) سورة النساء، آية: 2.
(4) سورة يوسف، آية: 29.
(5) سورة التوبة، آية: 43.
(6) سورة الانشقاق، آية: 19.
(7) سورة المؤمنون، آية: 22.
(8) سورة البقرة، آية: 253.
(9) سورة البقرة، آية: 185.
(10) سورة القصص، آية: 15.


الظرفية، ومعناها: احتواءُ الشيء في داخله شيئاً آخر، كما يحتوي الظرف المظروف؛ نحو: القلم في الحقيبة، وقد يكون مجازًا إذا فقد الاحتواء، نحو: خالد في البرية. قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) } (1) .
6- اللام: وأشهر معانيها:
المِلْكُ، وذلك إذا وقعت بين ذاتين الثانية منهما تملك حقيقة نحو: الكتاب لخالد. قال تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (2) ومن معانيها: الاستحقاق، وهي الواقعة بين معنى وذات كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} (3) ، ومن معانيها: التقوية للعامل بسبب ضعفه، إما لتأخره، كقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (4) أو لكونه فرعًا عن غيره كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) } (5) لأن (فَعَّالٌ) صيغة مبالغة، وهي فرع عن الفعل في العمل.
7- الباء: وأشهر معانيها:
الإلصاق وهو مطلق التعلق، وهو حسي، نحو: أمسكت بزيد، أو معنوي نحو: طفت بالكعبة.
أما القسم الثاني المختص بالاسم الظاهر فهو كما يلي:
1-رُبَّ:
__________
(1) سورة القمر، آية: 54.
(2) سورة البقرة، آية: 284.
(3) 10) سورة الفاتحة، آية 2. وكون اللام في الآية للاستحقاق ذكره ابن هشام في المغني ص (275) .
(4) سورة يوسف، آية: 43.
(5) سورة هود، آية: 107.


وهو حرف جر شبيه بالزائد موضوع للتكثير والتقليل حسب القرينة، والأول أكثر. نحو رُبَّ رجلٍ عالمٍ لقيت، فـ (رُبَّ) حرف جر شبيه بالزائد، (رجلٍ) مبتدأ مرفوع بضمةً مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، (عالم) صفة، وجملة (لقيت) خبر المبتدأ. وهو خاص بجر النكرة. ولابد أن يأتي بعدها نعت مفرد أو جملة أو شبهها، فالمفرد كما مثل. والجملة نحو: رب رجلٍ لازمك عرفته. وشبه الجملة: رب جالس عندك عرفته. ويجوز تخفيف الباء كما في قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) } (1) في قراءة نافع وعاصم. وشدد الباقون. وهي هنا مكفوفة عن العمل بـ (ما) الزائدة إعرابًا المؤكدة معنى.
2-مُذْ، مُنْذُ:
ولا يجر بهما من الاسم الظاهر إلا الزمن المعين نحو: ما رأيته منذُ يومِ السبت، أو مُذْ يومِ السبت. ويجوز رفع ما بعدهما على أنهما اسمان نحو: ما رأيته مذ يومُ السبت. فـ (مذ) مبتدأ (يومُ السبت) خبره.
3-الكاف:
وأشهر معانيها التشبيه كقوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) } (2) وتأتي للتعليل كقوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (3) وكقولنا في التشهد "كما صليت على إبراهيم" على أحد القولين. (4)
4-حتى:
__________
(1) سورة الحجر، آية: 2.
(2) سورة الشورى، آية: 32.
(3) سورة البقرة، آية: 198.
(4) وهذا القول يسلم من الإيرادات التي ترد على القول الثاني وهو المشهور عند كثير من أهل العلم وهو أن الكاف للتشبيه. والقول بأنها للتعليل ذكره الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري (11/161) ط: السلفية. وفيه بقية هذا الموضوع فراجعه إن شئت.


ومعناها الدلالة على انتهاء الغاية نحو: سهرت الليلة حتى السحر. والأصل دخول الغاية في حكم ما قبلها إلا إذا وجد قرينة. بخلاف (إلى) فإن الغاية لا تدخل معها كقوله تعالى: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (1) إلا بقرينة كقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (2) أي: مع المرافق بدليل السنة. (3)
5-واو القسم وتاء القسم.
والواو لا تختص بظاهر معين نحو: والله لأفعلن الخير أو: والرازق أو والذي نفسي بيده ونحو ذلك. ولا يجوز القسم إلا بالله تعالى أو صفة من صفاته، وأما التاء فلا يجر بها إلا لفظ الجلالة كقوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (4) .
الإضافة
قوله: (أَوْ بِإضَافَةٍ إِلَى اسْم عَلَى مَعْنَى الَّلام كَغُلامِ زَيْدٍ، أَوْ مِنْ كَخَاتِمِ حَدِيدٍ، أَوْ فِي كـ {مَكْرُ اللَّيْلِ} (5) وَتُسَمَّى مَعْنَويَّةً لأنَّهَا لِلتَعْرِيفِ، أَوِ التَّخْصِيص، أَوْ بَإضَافَةِ الوَصْفِ إِلَى مَعْمُولِهِ كَـ (بَالِغَ الكَعْبَةِ. وَمَعْمُورِ الدَّارِ. وَحَسَنِ الوَجْهِ) . وَتُسَمَّى لَفْظِيَّةً لأنَّهَا لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ) .
لما فرغ من ذكر المجرور بالحرف ذكر المجرور بالإضافة.
وقوله: (أو بإضافة اسم) معطوف على قوله (بحرف) أي: يخفض الاسم بالحرف، أو بسبب إضافة اسم إليه، لأن العامل في المضاف إليه هو المضاف - على الأصح - لاتصال الضمير المضاف إليه به. والضمير لا يتصل ِإلا بعامله نحو: كتابك جديد، لا الإضافة نفسها، كما هو ظاهر عبارة المصنف - رحمه الله - (6) .
والإضافة نوعان:
__________
(1) سورة البقرة، آية: 187.
(2) سورة المائدة، آية: 6.
(3) إعراب القرآن للعكبري (1/421) . وانظر: حديث رقم (246) في صحيح مسلم.
(4) سورة الأنبياء، آية: 57.
(5) سورة سبأ، آية: 33.
(6) المضاف عامل لفظي. والإضافة عامل معنوي. وتقدم ذلك في أول الكتاب.


النوع الأول: إضافة معنوية. وهي ما أفادت المضاف تعريفاً أو تخصيصًا، ولا يكون المضاف فيها وصفًا مضافًا إلى معموله.
مثال ذلك: كتابُ خالدٍ جديدٌ. فكلمة (كتاب) إذا أخذت وحدها دلت على كتاب غير معين؛ لأنه (نكرة) فإذا قلت: كتابُ خالدٍ ... بالإضافة فقد عينته وعَرَّفته.
وإذا قلت: أسمعُ بكاءً، من غير إضافة، كان لفظ البكاء عاماً يشمل بكاء الطفل وبكاء المرأة وبكاء الرجل ... ، فإذا أضفته إلى نكرة وقلت: أسمع بكاءَ طفلٍ، فقد خصصته وضيقت عمومه.
وسميت الإضافة في المثالين (معنوية) ، لأنها أفادت المضاف أمرًا معنويًا هو التعريف في المثال الأول؛ لأن المضاف إليه معرفة. أو التخصيص في المثال الثاني؛ لأن المضاف إليه نكرة (1) وهذه الإضافة ثلاثة أقسام:
__________
(1) هناك أسماء مسموعة عن العرب ملازمة للتنكير لا تفيدها الإضافة تعريفًا ولا تخصيصاً. مثل (غير) تقول: جاءني رجل غيرك. فتصف بها النكرة مع إضافتهما للضمير. إلا إذا وقعت بين ضدين. لا قسيم لهما مثل: العلم غير الجهل، فإنها تتعرف إن كان ما أضيف إليه معرفة. ومنه قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} فوقعت (غير) صفة للموصول وهو معرفة. وقد وقعت بين متضادين لأن المنعم عليه والمغضوب عليه متضادان. أو يقال الاسم الموصول لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم فهو قريب من النكرة. ومن الألفاظ التي لا تقبل التعريف: (حسب) نحو: هذا خالد حسبك من رجل. بالنصب على حال من (خالد) والحال لا يكون إلا نكرة. ومنها: مثل نحو: مررت برجل مثلك، ومنها ناهيك. بمعنى: حسبك وكافيك = = نحو: ناهيك بألفية ابن مالك والمعنى: ألفية ابن مالك ناهيك عن طلب غيرها لكفايتها في النحو: فـ (ناهيك) خبر مقدم (بألفية ... ) الباء حرف جر زائد. وألفية: مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ مؤخر.


1-أن تكون الإضافة بمعنى (من) البيانية، وذلك إذا كان المضاف إليه جنساً للمضاف، نحو: هذا خاتمُ حديدٍ، أي: خاتم من حديد.
2-أن تكون الإضافة بمعنى (في) الظرفية. وذلك إذا كان المضاف إليه ظرفًا واقعًا فيه المضاف، مكانيًا نحو: عثمان - رضي الله عنه - شهيد الدار. أي: شهيد في الدار. أو زمانيًا كقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (1) أي مكر في الليل والنهار. (2)
3-أن تكون الإضافة بمعنى (اللام) وهذا إذا لم يصلح تقدير (من) ولا (في) نحو: هذا غلام زيد أي: غلام لزيد.
النوع الثاني: من نوعي الإضافة: الإضافة اللفظية، وإليها أشار بقوله: (أو بإضافة الوصف) فهو عطف على قوله: (أو بإضافة اسم) أي: يخفض الاسم بإضافة الاسم - كما مر - أو بإضافة الوصف العامل عمل الفعل إلى معموله.
فالإضافة اللفظية: هي التي يكون فيها المضاف وصفًا عاملاً - وهو كل اسم فاعل أو مفعول بمعنى الحال أو الاستقبال. أو صفة مشبهة. ولا تكون إلا للدوام غالبًا.
مثال ذلك: صانعُ المعروفِ مشكورٌ. فـ (صانعُ) مضاف. وهو اسم فاعل للحال أو الاستقبال. وقد أضيف إلى معموله، فإن المضاف إليه هنا مفعول به في المعنى للمضاف وهو (صانع) ، ومثل ذلك اسم المفعول نحو: محمودُ الخصالِ ممدوحٌ. والصفة المشبهة نحو: كثيرُ الكلامِ مذمومٌ، ومنه قوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (3) .
__________
(1) سورة سبأ، آية: 33.
(2) أي: بل مكركم بنا بالليل والنهار هو الذي جعلنا نكفر بالله. قالوه رداً على قولهم لهم (بل كنتم مجرمين) . وأصل المكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة فإن تحرى بذلك فعلاً جميلاً فهو ممدوح وإلا فهو مذموم، قاله الراغب في مفرداته (ص471) .
(3) سورة المائدة، آية: 95.


وهذا النوع لا يستفيد فيه المضاف من المضاف إليه تعريفًا ولا تخصيصًا، أما الدليل على أنها لا تفيد المضاف تعريفًا فهو وقوع هذا المضاف نعتًا للنكرة في قوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (1) ، ولو كان المضاف (بالغَ) اكتسب التعريف من المضاف إليه ما صح وقوعه نعتًا للنكرة (هديًا) ، لأن المعرفة لا تكون نعتًا للنكرة.
وأما الدليل على أنها لا تفيد المضاف تخصيصاً، فلأن تخصيص الصنع بالمعروف في: (صانعُ المعروفِ) ليس بجديد، لحصوله قبل الإضافة في نحو: فلانٌ صانعٌ معروفاً.
وإنما فائدتها - كما قال المصنف رحمه الله -: (التخفيف) ومراده التخفيف اللفظي، بحذف التنوين أو النون كما سيأتي، ولهذا سميت الإضافة في هذا النوع لفظية، لأن فائدتها ترجع إلى اللفظ لا إلى المعنى كما في النوع الأول.
قوله: (وَلا تُجَامِعُ الإضَافَةُ تَنْوِينًا، وَلا نُونًا تَالِيةً لِلإعْرَابِ مُطْلَقًا وَلا أَلْ إِلا فِي نَحْوِ: الضَّارِبَا زَيْدٍ، وَالضَّارِبُو زَيْدٍ، والضَّارِبُ الرَّجُلِ وَالضَّارِب رَأسِ الرَّجُلِ، وَبِالرَّجُلِ الضَّارِبِ غُلامِهِ) .
ذكر المصنف الأحكام المترتبة على الإضافة وهي أحكام كثيرة ذكر منها أربعة:
1-كون المضاف إليه مجرورًا دائمًا، والعامل فيه الجر هو المضاف وهذا تقدم.
2-وجوب حذف التنوين إن وجد في آخر المضاف قبل إضافته، مثل: ركبت سيارةَ خَليلٍ. فحُذِفَ التنوين من (سيارة) ولو زالت الإضافة لعاد التنوين نحو: ركبت سيارةً جديدةً.
__________
(1) سورة المائدة، آية، 95.


3-وجوب حذف نون المثنى ونون الجمع المذكر السالم وملحقاتها إن وقع أحدهما مضافًا مختومًا بالنون. وهي النون التي تلي حرف الإعراب نحو: يسير الناس على جانبي الشارع، حاملو (1) العلم محترمون.
فإن كانت النون ليست للتثنية ولا لجمع المذكر السالم وهي النون التي لا تلي الإعراب لم يجز حذفها مثل: المحافظة على الصلاة عنوانُ الاستقامِة، فلا تحذف النون؛ لأن علامة الإعراب وهي الضمة وقعت بعدها لا قبلها.
وقوله: (مطلقًا) أي أن حذف التنوين والنون التالية للإعراب مطلق عن التقييد فلا يستثنى منه شيء، بخلاف ما سيأتي في حذف (ال) من المضاف فإنه يستثنى منه بعض المسائل.
4-وجوب حذف (ال) من صدر المضاف نحو: الكتاب جديد. فتقول: كتابُ القواعدِ جديدٌ. بحذف (ال) من المضاف، وهذا عام في الإضافة المعنوية واللفظية، ويستثنى من الإضافة اللفظية أربع مسائل. يجوز فيها الجمع بين (ال) والإضافة، وهي:
الأولى: أن يكون المضاف مثنى نحو: الحافظا دروسِهما مكافآن.
الثانية: أن يكون المضاف جمع مذكر سالمًا نحو: المتقنو أعمالِهم رابحون.
الثالثة: أن توجد (ال) في المضاف والمضاف إليه معاً نحو: المنصفُ الناسِ محبوبٌ.
الرابعة: أن يكون المضاف إليه مضافاً لما فيه (ال) نحو: المحبُ فعلِ الخيرِ سعيدٌ.
__________
(1) لا تكتب الألف بعد الواو إلا إذا كانت ضميرًا وهي واو الجماعة نحو: المصلون خرجوا ولم ينتظروا. أما واو الفعل نحو: يدعو. وواو الاسم كالمثال المذكور فلا تكتب بعدهما الألف. وسنذكر ذلك إن شاء الله في آخر الكتاب.


الخامسة: أن يكون المضاف إليه مضافًا إلى ضمير يعود على لفظ مشتمل على (ال) نحو: العلم أنتم المدركو قيمتِه. بجرِّ (قيمته) وفيه ضمير يعود على (العلم) وهو مشتمل على أل. و (العلم) مبتدأ أول و (أنتم) مبتدأ ثان (المدركو) خبر المبتدأ الثاني مرفوع بالواو، وحذفت النون للإضافة، وهو مضاف و (قيمة) مضاف إليه. وهو مضاف والهاء مضاف إليه. والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.