زينة العرائس من الطرف والنفائس في تخريج الفروع الفقهية
على القواعد النحوية القاعدة الحادية
والسبعون
قاعدة: "الواو العاطفة" تشرك في الحكم بين المعطوف والمعطوف عليه.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق وطالق وطالق، طلقت
ثلاثا، إن كانت مدخولا بها، وإن كانت غير مدخول بها بانت بالأولى ولم
يلزمه ما بعدها. وإن نوى في المدخول بها الإفهام ونحوه وقع واحدة، وإن
ادعاه دين. وهل يقبل في الحكم؟ على الخلاف.
ومنها: إذا قال: أنت طالق اليوم وغدا وبعد غد، فهل تطلق ثلاثا أو
واحدة؟ على وجهين. أطلقهما في "المقنع" وجزم في "الوجيز" أنها تطلق
واحدة، إلا أن ينوي في كل يوم.
ومنها: إذا قال: له علي كذا وكذا درهم، فتارة يأتي بالدرهم "مرفوع"
فيلزمه درهم. وتارة يأتي به "مجرور" فيلزمه بعض درهم. وتارة يأتي به
منصوبا، فقال ابن حامد: يلزمه درهم، وقال أبو الحسن التميمي يلزمه
درهمان، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: له علي ألف ودرهم، أو ألف ودينار، أو ألف وثوب، أو ألف
وفرس، أو درهم وألف، أو دينار وألف. فقال ابن حامد والقاضي: الألف من
جنس ما عطف عليه، وجزم به في "الوجيز"، وقدمه في "الفروع" وقال التميمي
وأبو الخطاب: يرجع في تفسير "الألف" إليه، قال في "الفروع" وقيل تفسيره
مع العطف، وذكر الأزجي أنه بلا عطف لا يفسره باتفاق الأصحاب، وقال: مع
العطف لا بد أن يفسره ومنها: إذا قال: له علي ألف وخمسون درهما، أو
خمسون وألف درهم، فالجميع دراهم. قدمه في "المقنع"، وجزم به في
"الوجيز"، قال في "المقنع": "ويحتمل على قول التميمي أنه يرجع في
تفسير"الألف" إليه".
ومنها: إذا قال: له علي اثنى عشر درهما ودينار، فإن رفع الدينار فواحد،
واثنى عشر "درهم"، وإن رضيه نحوي فمعناه: الاثنى عشر دراهم ودنانير،
حكاه في "الفروع" عن الشيخ تقي الدين رضي الله عنه.
ومنها: إذا قال: وقفت على زيد وعمر وبكر، اشترك جميعهم في الوقف، والله
أعلم.
ومنها: إذا قال: له علي درهم ودرهم، لزمه درهمان، جزم به في "المقنع".
ومنها: في "الخلع" إذا قال: أنت طالق وطالق وطالق بألف، فإنها تبين
بالأولى، ولا يلزمها ما بعدها، قدمه في "الفروع"،سواء كان قبل الدخول
أو بعده فيعامل بها.، وقيل: وقيل تبين بالثلاث. وقيل: إن أتى بالألف
بعد الثانية بانت بها، ووقع الأولى رجعية ولغت الثالثة.
القاعدة الثانية والسبعون
قاعدة: "واو العطف" تفيد الترتيب قاله بعض البصريين، وجماعة من
الكوفيين والمعروف عند البصريين أنها لا تدل عليه.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لزوجته: إن دخلت الدار وكلمت
زيدا، فأنت طالق، فلا فرق بين أن يتقدم "الكلام" أو "الدخول".
ومنها: إذا قال في مرض الموت: أعتقت زيدا وعمرا، وضاق عنهما الثلث، فإن
يعتق من الاثنين بقدر الثلث، ولا يقدم المتقدم في اللفظ، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: خذ مالي من زوجتي وخالعها، فإنه لا يشترط تقدم أخذ
المال، والله أعلم.
ومنها: إذا حلف لا يدخل الحمام ولا يدخل الدار، أو حلف لا يلبس الثوب
والجبة، أو حلف ونحوه.
ولا يخفي عليك أصول هذه المسألة، والله
الموفق.
القاعدة الثالثة والسبعون
قاعدة: "الفاء" تدل على الترتيب وعلى التعقيب مثل: تزوج فولد له، وعلى
السببية كقوله تعالى: (فوكزه موسى فقضى عليه) .
إذا علمت هذا، فمن فروع هذه القاعدة: إذا قال: له علي درهم فدرهم، لزمه
درهمان، جزم به في "الوجيز"، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنت طالق فطالق، طلقت طلقتين، جزم به في "المقنع".
القاعدة الرابعة والسبعون
قاعدة: "الألف" المفردة تأتي حرفا ينادى به القريب كقول الشاعر:
مهلا بعض هذا التدلل
وذكر ابن الخباز عن شيخه أنها للمتوسط، وأن الذي للقريب "يا" وتكون
للاستفهام، وتكون للاستنكار.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا كان اسم امرأته "سلمى"، واسم
امرأة أخرى "سلمى"، فقال: أسلمى أنت طالق، فإن أراد امرأته طلقت، وإن
أراد الأجنبية لم تطلق وإن ادعاه دين. وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على
روايتين.
ومنها: إذا قال: أسلمى، فأجبته امرأة أخرى له، فقال: أنت طالق، يظنها
المناداة، طلقتا في إحدى الروايتين، والأخرى تطلق التي ناداها. وإن قال
علمت أنها غيرها، وقال: أردت طلاق المناداة، طلقتا معا، وإن قال: أردت
طلاق الثانية، طلقت وحدها.
ومنها: إذا لقي اجنبية فظنها امرأته، فقال: أسلمى أنت طالق، طلقت
امرأته. جزم به في "الوجيز"، وأطلق في المحرر روايتين. وكذلك حكم
العتق.
ومنها: إذا قال لزوجته وهي في بلاد بعيدة عنه: أفاطم أنت طالق، طلقت،
وكذا العتق، وهو مخالف للقاعدة.
ومنها: إذا قال: أقف، أو أطلق، أو أعتق، لم يصر وقفا بذلك، ويعتق بذلك،
ولا تطلق، والله أعلم.
ومنها: إذا أخبر أنه تطلق زوجته، وكان الخبر منها، فآتاها، فقال: أنت
طالق، لم تطلق بذلك، وكذا في العتق، لأنه لفظ استنكار.
القاعدة الخامسة والسبعون
قاعدة: "إذن" حرف، وقيل اسم، وعلى الأول فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة
قال سيبويه: "معناها الجواب والجزاء"، وقال الفارسي: "وقد تتمحض
للجواب"، والأكثر على الأول، قاله ابن هشام في "المغني" إذا علمت هذا،
فمن فروع القاعدة: إذا قيل له: تطلق امرأتك؟ فقال: إذن، أو قالت له
طلقني؟ فقال: إذن، فالذي ينبغي أن تكون من كنايات الطلاق الخفية، يقع
بها ما نواه.
وكذا إذا قال لعبده: أنت حر إذن، فإنه يعتق بلا خلاف فيه.
فإن قال لزوجته: إنت طالق إذن، طلقت أيضا.
ولا يخفى عليك ما يتعلق بهذه القاعدة من الفروع، والله الموفق.
القاعدة السادسة والسبعون
قاعدة: "ام" تكون متصلة كقول الشاعر:
ما أدري وسوف إخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء
وتكون منقطعة كقوله تعالى: (تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين،
أم يقولون افتراه) . وتكون زائدة كقوله: (أم أنا خير من هذا الذي هو
مهين) وتكون للتعريف كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس من أمبر
أمصيام في أمسفر" إذا علمت هذا، فيتفرع على القاعدة فروع: منها: إذا
قال: أنت حرم أم طالق، فإن نوى بهذا الطلاق، فالظاهر أنه كناية فيه،
وإن لم ينو به الطلاق لم يقع شيء. وإن قال لعبده: أنت حر أم عبد، لم
يعتق به، والله أعلم بالصواب.
ومنها: إذا قال: أنت طالق أم هذه، فالظاهر أن هذا اللفظ تخيير لا يقع
به الطلاق، فإن نوى طلاق الأولى وقع، وإن نوى طلاقهما معا وقع. ويحتمل
أن نقل: لما قال للأولى: أنت طالق وقع، فلما قال أم هذه، فالثاني لغو،
ويقع بالأولى.
ومنها: إذا قال: أنت طالق أم لا، لم يقع الطلاق، كما صرح به أكثر
الأصحاب، ويحتمل أن يقع.
القاعدة السابعة والسبعون
قاعدة: "اي" - بالكسر والسكون - حرف جواب بمعنى "نعم"، و"أي" - بالفتح
السكون - حرف نداء للقريب أو البعيد أو المتوسط - على خلاف فيه - قال
الشاعر:
ألم تسمعي أي عبد في رونق الضحى ... بكاء حمامات لهن هدير
وفي الحديث "أي رب" ويكون حرف تفسير، تقول:
"عندي عسجد أي ذهب، وغضنفر أي أسد". و"أي" - بالفتح وتشديد الباء -
تكون شرطية، نحو قوله تعالى: (إيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي) ،
واستفهاما كقوله عز وجل: (فبأي حديث بعده يؤمنون) ، وموصولا نحو قوله
تعالى: (ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد) . وتكون دالا على معنى الكمال،
كقولك: "زيد رجل أي رجل". وتكون واصلة إلى نداء ما فيه "أل" نحو "يا
أيها الرجل".
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قيل له: أطلقت امرأتك؟ فقال: إي -
بالكسر - طلقت، لأنها بمعنى نعم، وإن قال بالفتح فكذلك إذا قيل: إنها
حرف تفسير، وإلا لم تطلق، وإن قال - بالتشديد - لم تطلق، لأنها
استفهام. وكذا العتق.
ومنها: إذا قال الخاطب للولي: أزوجت؟ فقال: إي، وقال للمتزوج أقبلت:
فقال: إي - بالكسر والفتح - خرجت على القولين في "نعم" وإن قال
بالتشديد لم يصح.
|