زينة العرائس من الطرف والنفائس في تخريج الفروع الفقهية
على القواعد النحوية القاعدة الواحدة
والستون
قاعدة: تأتي "الباء" مكان اللام" كقوله تعالى: (ما خلقنا السماوات
والأرض ومابينهما إلا بالحق) . وتكون بمعنى"من" قال عز وجل: (عينا يشرب
بها) ، وتكون بمعنى "عن"، قال عز وجل: (فسئل به خبيرا) إذا علمت هذا،
فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق أكثر الطلاق بالسنة، فإن كان
مراده ب "الباء" إجراءها على معناها، فالسنة هي التي وردت عن النبي صلى
الله عليه وسلم، فنطلق أكثر ماوردت به السنة، سواء كان في زمن بدعة أو
سنة، وإن أراد بمعنى "اللام" فتطلق ثلاثا في طهر لم يصبها فيه. وعنه
تطلق في كل طهر واحدة. فالأولى طالق أكثر العدد الذي وردت به السنة،
والثاني أكثر الطلاق في زمن السنة.
ومنها:: إذا حلف لا شربت بالشربة، فإن كانت نيته ب "الباء" أجراءها على
ما هي، لم يحنث إذا شرب من ثملها، وغ، كان مراده بمعنى"من" حنث إن شرب
منه، وكذا إن حلف: لا أقمت بك.
ومنها: إذا حلف: لا دخلت بك، وإن كان مراده بإجراء "الباء" على
مقتضاها، حنث إن دخل بها، وإن كان مراده بمعنى "عن"، فيكون معناها: لا
دخلت عنك، وتجري على هذا أيضا التعاليق.
القاعدة الثانية والستون
قاعدة: تكون "عن" بمعنى "مِن" كقوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن
عباده) . وتكون بمعنى الباء كقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) .
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا حلف: لا أرحل عنك، فإنه يدخل في
هذه العبارة إدخال "عن" على ماهي، وبمعنى "من" أن منك، ومعنى "الباء"
أي بك.
ويدخل في هذه القاعدة جميع التعاليق.
القاعدة الثالثة والستون
قاعدة: "على" تكون بمعنى "من" قال الله عز وجل: (إذا اكتالوا على
الناس) ، وقال الشاعر:
متى تذكروها تعرفوها ... على إقراها علق بغيت
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا طلق امرأة، وكانت له امرأة أخرى
فقال عن المرأة المطلقة: طلاقها عليك، فإن نوى تطليقها طلقت، وإن نوى
"منك" لم تطلق، وإن ادعاه دين، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين.
وتنبني تعاليق كثيرة على هذه القاعدة.
القاعدة الرابعة والستون
قاعدة: "لام" الجر أصلها الفتح، وإنما كسرت مع الظاهر مناسبة لعملها،
وتدل - مع الفتح والضمير - على الجزاء، وترد الشيء إلى أصله.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا ادعى عليه شيئا، فقال: ما له علي،
فهي محتملة أن تكون "إقرار" ومحتملة أن تكون نافية، وأما من العالم
بها، فينبغي أن تكون "إقرار"، فإن قال "حق" بعدها - وبضم اللام - فإن
فهو إقرار، وإلا فلا.، وذكر الأسنوي أنه إن عرف العربية، فهو إقرار
وإلا فلا، وقال: إن أحمد بن فارس اللغوي في تصنيفه المنقول عن فتوى
ففيه العرب، أن أبا عبيد ابن حربويه من أصحابهم صرح بذلك.، وكذا إذا
قال: مالي عليه ونحوه، والله أعلم.
ومنها: إذا كان له مع عبده مال، فقال له: مالي سبيل عليك، فإن أراد
المال لم يعتق، ويدين فيه، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على الخلاف، وإن
كان يعرف أنه يعتق بهذا، وقاله عتق، وكذا إن لم يكن عليه مال.
وكذا إذا قال لامرأته: ما لي سبيل عليك، فإن لم ينو الطلاق، ونوى المال
لا يقع شيء، وإن نوى الطلاق فهي كناية خفية يقع بها ما نواه، من واحدة
وثلاث ونحوهم.
القاعدة الخامسة والستون
قاعدة: "إلى" حرف يدل لانتهاء الغاية زمانا
ومكانا، وإذا لم تقم قرينة على أن ما بعدها داخل فيما قبلها أو غير
داخل، ففي دخوله أقوال: دخوله مطلقا، وعكسه، والثالث: إن كان من جنس ما
قبله فيحتمل الدخول، وإلا فيحتمل الدخول وعدمه.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا حلف لا تخرج امرأته إلى العرس
فخرجت بقصده، ولم تصل إليه، فقال الأسنوي: "لايحنث"، والذي ينبغي
الحنث، لأنه إنما علق اليمين بالخروج، وقد وجد. وإن خرجت لغيره، ثم
عدلت إليه، فقال الأسنوي أيضا: لا يحنث، وقد صرح به الأصحاب في كتبهم
أنه إذا حلف: لا تخرج إلى غير الحمام إلا بإذنه، فخرجت إلى الحمام
وعدلت إلى غيره، طلقت، قدمه في "المقنع" وغيره، ويحتمل أن لا تطلق. قال
الأسنوي: "فإن قال: للعرس، طلقت بمجرد الخروج، لأن حرف "إلى" لم يوجد،.
. . كذا قاله القاضي أبو الطيب".
قال القاضي علاء الدين في "قواعده": " يحتمل أن يحنث إذا وصلت إلى
الحمام، ولم تدخل إليه بناء على المشهور من القاعدة.
ويحتمل أن يقال: إنها تخرج على مسألة الاكتفاء ببعض الصفة، ولأصحاب في
الاكتفاء ببعض الصفة في الطلاق والعتاق طرق ثلاثة: إحداهن: الاكتفاء
بذلك، كما يكتفي بذلك في اليمين على إحدى الروايتين، وهي طريقة القاضي،
واستثنى من ذلك "في" "الجامع" أن تكون الصفة معاوضة.
الثانية: لا يكتفي بها، وإن اكتفيا ببعض المحلوف عليه في اليمين.
والثالثة: إن كانت الصفة تقتضي حضا، أو منعا، أو تصديقا، فهي كاليمين،
وإلا فهي علة محضة، فلا بد من وجودها بكمالها، وهي طريقة صاحب
"المحرر".
فإذا تقرر هذا، فمتى خرجت لذلك طلقت، وصلت إلى الحمام أو لم تصل، بناء
على طريقة صاحب "المحرر".
وإذا إن قصد منعا، أو بناء على طريقة القاضي إن لم يقصد شيئا، والله
أعلم بالصواب.
ومنها: إذا أرسل شخص إلى بيت فلان، وعلم أنه لم يفعل، وحلف بالطلاق أنه
أرسله إلى بيت فلان، فينبغي عدم الوقوع، وهو منقول عن الرافعي، ونقله
الروياني، قال: هو الحق، وعلل بأنه يصدق أن يقال: أرسله فلم يمتثل
الأمر.، وحكى الأسنوي عندهم قوله بوقوع الطلاق، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنت طالق إلى مكة، ولم ينو بلوغها، طلقت في الحال،
وجزم به بعض المتأخرين من أصحابنا، وذكره القاضي علاء الدين في
"القواعد" قال: "ولكن نقول: ينبغي أن يحمل الكلام على جهة صحيحة، وهو
إما أن يحمل على معنى "أنت طالق إذا دخلت مكة"، أو إذا خرجت إلى مكة،
فلا تطلق إلا بالدخول إلى مكة، قال: وهو الأولى".، وإن حمل على معنى
"إن خرجت" فهي كمسألة الحمام، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: له علي من درهم إلى العشرة، أو ما بين درهم إلى
العشرة. لزمه تسعة. وهو الصحيح، بناء على أن ما بعد الغاية لا يدخل
فيها، وهو الدرهم العاشر. وقيل: عشرة.، وحكي رواية بناء على تناول ما
بعدها، وقيل: ثمانية، إلغاء للطرفين. وجزم به ابن شهاب وكما لو قال:
"من هذا الحائط إلى هذا الحائط". قال القاضي في "الجامع": إنما ألزمنا
الابتداء في العدد، لأنا نحتاج أن نبني عليه الثاني، ولا يصح البناء
على الثاني إلا بعد دخول الابتداء، وليس ذلك للغاية، لأنا لا نحتاج إلى
أن نبني عليها شيئا، فلم يجز إثباتها".
قال الشيخ تقي الدين: "والذي ينبغي أن يجمع بين الطرفين من الأعداد،
فإذا قال: من واحد إلى العشرة، لزمه خمسة وخمسون، إن أدخلنا الطرفين،
وخمسة وأربعون إذا أدخلنا المبتدأ فقط، وأربعة وأربعون إن أخرجناهما".
قال القاضي علاء الدين: "وما قاله ظاهر على قاعدته إن كان ذلك عرف
المتكلم، فإنه يعتبر في الإقرار عرف المتكلم، قال: والأصحاب قالوا:
يلزمه خمسة وخمسون إن أراد مجموع الأعداد. وطريق ذلك: أن يزيد أول
العدد وهو واحد على العشرة، ويضربها في نصف العشرة يكن المبلغ. فإن
قال: ما بين عشرة إلى عشرين، قال أبو البركات: "لزمه تسعة عشر على
الأول، وعشرون على الثاني. قال: وقياس الثالث: تسعة. والله أعلم.
ومنها: إذا أجل المديون إلى المحرم - مثلا - تعلق بأوله، جزم به
الأصحاب ويتخرج لنا وجه، أنه لا يحل إلا بانقضائه من مسألة الأيمان،
فيتيقن به. والله أعلم.
ومنها: إذا قال: لمن هذا الحائط، جزم
القاضي في "الجامع الكبير" أنه لا يدخل الحائطان. قال: لأن ذكر
الحائطين في الإقرار بالجهة التحديد، والحد لا يدخل في المحدود، مثل ما
إذا قال البائع: حده إلى الطريق، لم يدخل الطريق في البيع.
ومنها: لو قال الموصي: يعطى فلان من واحد إلى عشرة، فإن وصيته بعشرة
على التخيير فيما فوق واحد، ومن الناس من جعله على الخلاف كالأقارب،
قال الحارثي: "والأول أظهر". هذه الصيغة من الأمر والإذن يفهم منها
التخيير فوجب الحمل عليه، وأما الإقرار فلا يقبل التخيير في إيقاع واحد
منها فافترقا. والله أعلم.
ومنها: إذا حلف لا يفعل شيئا إلى يوم الفطر، فلما كان يوم الفطر فعله.
نقل أحمد بن محمد بن صدقة عن الإمام أحمد الحنث. ونقل محمد بن موسى
التبريزي عدمه. والله أعلم بالصواب.
ومنها: إذا قال له علي من درهم إلى عشرة فإنه يلزمه تسعة، قدمه في
"المقنع"، وجزم به في "الوجهين" ويحتمل أن يلزمه عشرة، وقيل يلزمه
ثمانية.
ومنها: إذا قال: أنت طالق من واحدة إلى الثلاث، فإنها تطلق اثنين، قدمه
في "المقنع"، ويحتمل أن تطلق ثلاثا، أشار لهما القاضي علاء الدين في
القواعد روايتين، وقال" ذكرهما أبو البركات، ثم قال: المذهب تطلق
اثنين، كما قدمه في "المقنع". فأذا لم ينو انتهاء الغاية، وإنما قال:
نويت واحدة، دين، وهل يقبل في الحكم؟ على روايتين، ذكره القاضي في
"الجامع". قال القاضي علاء الدين: "ويخرج وجه تطلق واحدة" وكذا
التعاليق مثل: حتى. . . إلى البصرة ونحوها.
ومنها: إدخال المرفقين والكعبين في الغسل واجب لقوله عز وجل (. . . إلى
المرافق. . . إلى الكعبين) ، وأما في الصيام فإنها بمعنى "مع" أي مع
الليل، والله أعلم.
القاعدة السادسة والستون
قاعدة: "في" للظرفية، وتكون لظرف الزمان والمكان.
فإذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لزوجته وهما في "الشام" أنت
طالق في مكة، فالذي ينبغي أن تطلق في الحال، لأن المطلقة في بلد مطلقة
في غيره. وقال البويطي من أصحاب الشافعي، وتبعه عليه في "الروضة"، ونقل
الأسنوي عن "طبقات العبادي" عن البويطي أنها لا تطلق حتى تدخل مكة،
وقواه الأسنوي. وقال: ذكر الرافعي عن إسماعيل البوشنجي مثله ايضا،
وأقره عليه، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: له عندي قص في خاتم، فهل يكون مقرا بهما أم لا؟ أطلق
في "المقنع" وجهان، وكذا "الفروع" وجزم في "الوجيز" أنه مقر بالثاني،
والله أعلم.
ومنها: إذا قال: له عندي تمر في جراب، أو سكين في قراب، أو ثوب في
منديل، ونحوه، فهل يكون مقرا بالظرف؟ قال في "المقنع": يحتمل وجهين،
وجزم في "الوجيز" أنه لا يكون مقرا به، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: له عندي درهم في عشرة، فإنه يلزمه درهم، إلا أن يريد
الحساب، فيلزمه عشرة. جزم به في "المقنع" و "الوجيز". فإن لم يعرف
الحساب لزمه الحكم.
ومنها: إذا قال: أنت طلق في اليوم، وفي غد، وفي بعده، فهل تطلق ثلاثا
أو واحدة؟ على وجهين.
ومنها: إذا قال: له علي درهم في دينار، لزمه درهم، جزم به في "المقنع"
و "الوجيز" وغيرهم، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنت طالق طلقة في اثنتين، ونوى طلقة مع طلقتين، طلقت
ثلاثا، وإن نوى موجبه عند الحساب وهو يعرفه طلقت طلقتين، وإن لم يعرفه
فكذلك عند أبي حامد، وعند القاضي تطلق واحدة.، وإن لم ينو وقع بامرأة
الحاسب طلقتان، وبغيرها طلقة، ويحتمل أن تطلق ثلاثا، وفي "المحرر" أذا
نوى به طلقة وقع ما نواه، وإن لم ينو وقع طلقتان عند أبي بكر، وقيل
طلقة.
القاعدة السابعة والستون
قاعدة: الظرفية المستفادة من "في" مطلقة، أو لا إشعار لها يكون "في"
أول الظرف أو وسطه أوآخره؟ إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: إذا وكله
في شراء بيت في البلد، فإن له أن يشتريه في أوله ووسطه وآخره، والله
أعلم.
ومنها: إذا قال: أنت طالق في رجب، أو في يوم السبت، طلقت بأول ذلك، جزم
به الأصحاب رحمهم الله تعالى، وكذا العتق والوقف.
ومنها: إذا كانوا قاصدين مكة، فقال: أنت طالق في مكة، طلقت بأول
دخولها، والله أعلم.
4- ومنها: إذا شرط في المسلم أن يؤديه إليه في الحصاد، أو في شهر كذا،
فإنه يكون في أوله، والله أعلم.
ولا يخفى عليك أصول هذه القاعدة
القاعدة الثامنة
والستون
قاعدة: "كاف التشبيه" تدل على مطلقه، ويتعين محل ذلك بالقرائن وقد يخرج
عن الحرفية إلى الاسمية، فتستعمل فاعلة ومفعولة ومجرورة وقال سيبويه:
لا تخرج إلى هذا إلا في ضرورة الشعر، وأجازه الأخفش وغيره في الكلام،
وقال بعضهم يكون اسما دائما، و"مثل" أيضا تدل على مطلق للتشبيه، وما
أخذ منها أيضا.
إذا علمت هذا، فيتفرع على القاعدة فروع: منها: إذا قال: أحرمت كإحرام
زيد، أو بمثل ما أحرم به فلان، صح، وانعقد إجرامه بمثله، جزم به أكثر
الأصحاب.
ومنها: إذا قال: أنت طالق كالثلج، أو كالنار، طلقت واحدة، وهو قول
الشافعية، وقال أبو حنيفة: إن أراد كالثلج في البياض، وكالنار في
الإضاءة طلقت للسنة، وإن أراد كالبرودة، وكالإحراق، طلقت للبدعة.
ومنها: إذا قال: أنت علي كالدم، وكالميتة، والخمر، والخنزير، وقع ما
نواه من الطلاق والظهار واليمين جزم به في "المقنع" و "الوجيز" فإن لم
ينو شيئا فهل يكون ظهارا أو يمينا؟ على وجهين أطلقهما في "المقنع"،
وجزم في "الوجيز" أنه ظهار. وقال الأسنوي: "إن أراد الاستقذار صدق، وإن
أراد الطلاق أو الظهار نفذ، وإن نوى التحريم لزمه الكفارة".، وإن أطلق،
فقال الرافعي: ظاهر النص أنه كالتحريم، وذكر البغوي أنه لا شيء عليه.
وكذا قال فيهم: "مثل الميتة" ونحوه، لأن "مثل" للتشبيه.
ومنها: إذا رأي امرأته تفعل شيئا، فقال: إن عدت لمثل هذا فأنت طالق،
طلقت إذا فعلت مثله والله أعلم ومنها: إذا قال: لعمرو علي كمالك أو مثل
مالك، فإن قال: أردت بهذا التهزئ لزمه حق لهما يفسره وقيل: لا يلزمه
شيء.
ومنها: إذا قال: أنت طالق كألف، أو مثل ألف، طلقت ثلاثا، جزم به في
"المقنع" وقدمه في "الفروع"، ولو نوى واحدة نص عليه، وإن نوى كألف في
صعوبتها، ففي قبلوه في الحكم الخلاف، فإذا أوقعتا الثلاث أتم بالزيادة
ذكره في "الانتصار" و "المستوعب"، والله أعلم.
ومنها: إذا قال لعبده: أنت حر مثل هذا العبد، أو كهذا العبد، وأشار إلى
عبد آخر، فلم أر لأصحابنا فيها كلاما، لكن ينبغي أن يعتق، أو أن
يعتقان، لأنه لما قال للأول: أنت حر عتق، ولما قال: مثل عتق الثاني،
لأنه مثل الحريتين، لأن معنى قوله: أنت حر مثل حرية هذا، ولا تمثل
الحرية على رق، وإنما تمثل بالحرية، فكأنه أعتق العبدين، وقال الروياني
من الشافعية: يحتمل أن لا يعتق المشبه لعدم حرية المشبه به، وتكون
الحرية في كلامه محمولة على حرية الخلق. قال: فلو لم يذكر العبد، بل
قال: أنت حر مثل هذا، فيحتمل أن يعتق. قال الأسنوي "والأصح أنهما لا
يعتقان، وقال النووي: ينبغي عتق المشبه في الصورة الأولى". قال:
"الصواب عتقهما في الثانية أيضا".
قال الأسنوي: "وما ذكره في الصورة الأولى واضح.. وما قاله في الثانية
ضعيف". قال: "والصواب فيها عتق الأول دون الثاني".
ومنها: إذا قال: أنت طالق كالحصي، أو كالقطر، أو كالملح، أو كالرمل، أو
كالبحار، أو كالجبال، ونحوه. فإن أراد العدد طلقت ثلاثا، كما لو قال:
كالثلح وتقدمت، وإن أراد غير العدد طلقت واحدة، كما لو قال: كالثلج،
وتقدمت.
ومنها: إذا قال: أنت علي ظهر أمي، كان مظاهرا، فإن قال: كأمي كان
مظاهرا، وإن قال: أردت في الكراهة دين، وهل يقبل في الحكم، يخرج على
روايتين.
القاعدة التاسعة والستون
قاعدة: إذا نصب المضارع ب "حتى" فمذهب البصريين أنها حرف جر، والنصب
بإضمار بعدها "أن" وقال الكوفيون: هي الناصب، وحين نصبت كانت للتعليل
وللغاية. وذكر ابن هشام وتبعه ابن مالك إنها تأتي بمعنى"إلا أن" فتكون
للاستثناء المنقطع إذا علمت هذا.. فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق
حتى يتم الثلاث، ولم أر لأصحابنا فيها شيء، وينبغي أن تطلق ثلاثا، كما
هو أحد الوجهين، في مذهب الشافعي، وكذا إذا قال: حتى أكمل الثلاث، أو
أوقع عليك ثلاثا.
ومنها: إذا قال لعبده: أنت حر حتى تكمل الحرية، فإن يصير حر بهذا،
والله أعلم.
ومنها: إذا حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي، فلم يوفه الجميع، حنث، وإن
هرب حنث، قدمه في "المقنع"، وقال: "نص عليه"، وقال في "المحرر": وهو
اختياره: "إن أمكنه متابعته وإمساكه، فلم يفعل، حنث، وإلا فلا"، وجزم
به في "الوجيز" وقال الخرقي: "إن هرب منه لم يحنث"، وإن فلسه الحاكم
وحكم عليه بفراقه، فخرجه الأصحاب على روايتين.، وإن كان حلفه: لا
افترقنا، فهرب منه، حنث قولا واحدا، والله أعلم.
ومنها: إذا حلف البائع لا يسلم المبيع حتى يقبض الثمن، وحلف المشتري لا
يسلم الثمن حتى يقبض المبيع، والثمن عين، فإنه يجعل بينهما عدل يقبض
منهما ويسلم عليهما، وإن كان دينا، أجبر البائع ثم يعطيه المشتري،
والله أعلم.
القاعدة السبعون
قاعدة: الحروف الناصبة للمضارع يجعله للاستقبال، وقيل بل هو باق على
احتمال الأمرين، والأول أصح.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لوكيله خلع زوجتى على أن تأخذ
مالي منها، فإنه يشترط تقدم أخذ المال، وهو المذكور نقله الرافعي من
الشافعية عن السرخسي. قال الأسنوي: "ثم رأيته في كلام إبي الفرج ...
قال الأسنوي: "وللقائل أن يقول: مقتضى ما سبق أن يكون الأخذ بعد الخلع. |