شرح الآجرومية لحسن حفظي الدرس الثالث عشر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحابته أجمعين.
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته.
أرحب بكم في بداية هذه الحلقة وننتقل إلى موضوع جديد من الموضوعات التي
أشار إليها أو ذكرها ابن آجروم رحمه الله تعالى وهو أول باب من أبواب
التوابع وهو باب النعت والتوابع لفظ
يشمل عدد من الأمور يتبع فيها المتأخر المتقدم في إعرابه، يعني أنه
يأخذ حركته رفعاً كانت أو نصباًَ أو خفضاًَ أو جزما، وسيتبين ذلك إن
شاء الله تعالى من الأمثلة التي سنذكرها ومما نتحدث فيه بإذن الله
تعالى.
أول هذه الأبواب التي ذكرها المصنف رحمه
الله قوله (باب النعت، النعت تابع للمنعوت في رفعه ونصبه وخفضه وتعريفه
وتنكيره، تقول قام زيد العاقل ورأيت زيداً العاقل ومررت بزيد العاقل)
وهذا كما ترون يا أيها الأحباب كلمة عاقل هي النعت بعضهم يسمي هذا
الباب باب الصفة، بعضهم يسميه باب النعت وهذه تسميات واصطلاحات ولا
مشاحة في الاصطلاح قلت كلمة العاقل صفة لزيد أهلا بك وسهلاً قلت كلمة
العاقل نعت لزيد أهلا به وسهلا، الغالب في النعت أن يكون وصفاً وأن
يكون مشتقاً، الغالب في النعت أن يكون وصفاً والوصف المقصود به اسم
الفاعل اسم المفعول، الصفة المشبهة أفعال التفضيل ما شاكل ذلك هذا
المقصود بالوصف وأما كونه مشتقاً فهذا هو الغالب والكثير وقد يأتي
جامداً قد يأتي جامداً ولكنه قليل ولابد أن تؤوله بمشتق، وإلا فلا يصح
فمثلاً إذا قلت مررت برجل عدل، عدل هذا جامد لأنه مصدر فلابد أن تؤوله
بأنك تقصد المبالغة في كونه عادلاً وعادل هذا مشتق، فإذاً لا يقع النعت
إلا إما مشتق وإما مؤول في المشتق إذا كان جامداً فهو مؤول بالمشتق
وهذا متعارف عليه عند النحويين بعضهم يعرف النعت بقوله النعت تابع يدل
على معنى في متبوعه، يدل على معنى في متبوعه، فأنت إذا قلت مثلاً في
مثال المصنف هنا، قام زيد العاقل، فالنعت هو كلمة العاقل وهي تدل على
معنى في كلمة زيد وهو المتبوع، وهو المتبوع فهذا هو تعريف النعت عند
بعضهم المصنف هنا لم يعرف النعت وإنما قال هو تابع للمنعوت في رفعه
يعني بيّن لنا حكم النعت أنه يأخذ حكم المنعوت رفعاً ونصباًَ وخفضاً
ولم يذكر لنا جزم وربما ذكره فيما بعد، وربما ذكره فيما بعد، لكن طبعاً
أظهر ما يظهر أو ظهر شيء في هذا هو يعني التبيعة في الاسم بحيث يكون إن
الاسم مرفوعاً صار مرفوعا، منصوباً صار منصوباً، مجروراً صار مجروراً،
أما في الأفعال فقد يكون بعضها يعني تكرر معه الجازم وربما تبين لنا من
ذلك يعني من بعض
الأمثلة التي ستأتي إن شاء الله تعالى
الأمثلة التي ذكرها المصنف هي صالحة طابعة للرفع وللنصب وللخفض وهو
الجر كما يعبر به بعضهم وأما كونه كون النعت تابعاً للمتبوع في حركاته
الإعرابية فهذا لا خلاف فيه ولابد أن يكون حاصلاً سواء كان نعتاً
حقيقياً أم كان نعتاًَ سببياً، وسنبين الفرق بينهما يعني إذا قلت قام
زيد العاقل، فالعاقل هذه نعت حقيقي لكلمة زيد لكن لو قلت قام زيد
العاقل أبوه فهذا نعت سببي لأنك وصفته بشيء له علاقة به له علاقة به
هذا يختلف في بعض الأحكام لكنه من ناحية الحركة إلزامي فالجميع سواء
كان النعت حقيقياً أم كان النعت سببيا لابد أن يوافق وأيضاً لابد أن
يوافق النعت منعوتة تعريفاً وتنكيرا، إذا كان المنعوت معرفة فلابد أن
يكون النعت معرفة وإذا كان نكرة تقول مررت برجل صالحٍ ولا يجوز أن تقول
مررت برجل الصالح مثلاً وتقول رأيت الرجل الصالح ولا يجوز أن تقول رأيت
الرجل صالحاً إلا على معناً آخر، على أن تكون صالحاً هذه ليست نعتاً
وإنما هي حال فإذاً اتفقنا على أمرين:
الأمر الأول: أن النعت يتبع منعوته في حركاته الثلاث رفعاً ونصباً
وخفضاً.
والأمر الثاني: أنه يتبع منعوته في تعريفه وفى تنكيره، وهذا يعني شبه
مجمع عليه الثاني، شبه مجمع عليه، ولم يخالف إلا الأخفش فقد خالف
مخالفة يسيرة لا أريد التطويل في الحديث عنها وعند الرجوع إلى كتاب
معاني القرآن وجدنا فيه غير ما ينسبون إليه، غير ما ينسبون إليه، في
هذا الموضوع لأنه قال: إنه يجوز أن تنعت النكره بالمعرفة إذا كان النعت
ثانياً، يعني تنعت أول شيء بنكرة ثم تنعت بعد هذا بمعرفة هذا يقولون أو
ينسبون إليه أن هذا الكلام موجود في كتابه وعند العودة إلى كتابه لم
نجده في كتاب معاني القرآن للأخفش.
النعت السببي يا أيها الأحباب، هو مثل قولك
مررت برجل مسلمة أمه، مررت برجل مسلمة أمه، انظر رجل هذا مذكر ولما
ذكرت يعني النعت السببي جعلت التذكير والتأنيث تابعاً لما بعده وليس
تابعاً له، فإذاً عندنا عدد من الأمور خمسة لابد أن يوافق فيها النعت
المنعوت مطلقاً، وخمسة أحياناً يوافق وأحياناً لا يوافق، فأما النعت
الحقيقي فيوافق في كل شيء الخمسة الباقية هي الإفراد والتثنية والجمع
والتذكير والتأنيث، إذا كان النعت حقيقياً لابد من الموافقة في كل شيء
وإن كان النعت سببياً لابد من الموافقة في الخمسة الأول وهي الحركات
الثلاث والتعريف والتنكير أما التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية
والجمع، فهو تابع لما بعده وانظر إلى قولنا الذي ذكرناه قبل قليل مررت
برجل مسلمة أمه انظر إلى الحركة موافقة ومسلمة هذه جاءت مؤنثة مع أن
المنعوت مذكر لماذا قال لأنها رفعت كلمة أم وأم هذه مؤنث فأنت تنظر لما
بعده وكذلك في الإفراد والتثنية والجمع فإنه ينظر لما بعده في النعت
السببي، ممرت برجل مسلمة أمه وتقول أيضاً رأيت طالبة مسلماً أبوها
مسلماً نعت لطالبة ولكنه نعت سببي فأنت نظرت حينئذ إلى ما بعده فذكرته
تبعاً لما بعده ولم تنظر إلى ما قبله.
أحياناً بالنسبة للإفراد والتثنية والجمع،
أحياناً لا تستطيع أن تطابق ما بعده فتقول مثلاً جاء الرجل المجتهد
إخوانه، المجتهد هذا واحد وإخوانه هؤلاء جماعة يجوز لك طبعاً أن تقول
المجتهدون إخوانه لكن الأولى في هذا ويترجح أن تفرد تبعاً لكلام الذي
قلناه في نحو قول الله تعالى ? ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ
مِنْهُمْ? [المائدة:71] لأن هذا المتأخر مرفوع على أنه فاعل لكلمة
المجتهد والأصل في مثل هذا ألا تُلحق به ما يدل على أن الفاعل مثنى أو
مجموع فهذا هو يعني الذي يمكن أن يتوقف فيه، من حيث أنه في بعض الأحيان
لا يترجح أما الجواز هو جائز لكن لا يترجح مطابقته لما بعده في الإفراد
والتثنية والجمع نذكر الصفات مرة ثانية نعددها:
واحد: الرفع، النصب، الخفض.
ثلاثة بل أربعة: التذكير، والتأنيث هذه
لابد من الموافقة فيها سواء أكان النعت حقيقياً أم سببياً، ثم بعد هذا
هناك خمسة أخرى يمكن أن توافق ويمكن ألا توافق، وذلك في النعت السببي،
فالنعت السببي هذا تنظر فيه من ناحية التذكير والتأنيث تطابق لما بعده
ومن ناحية الإفراد والتثنية والجمع أيضاً تنظر لما بعده ولكنه ليس
دائماً، يجوز لك المطابقة بالنسبة للإفراد والتثنية والجمع لما بعده
خوفاً من الوقوع في اللغة التي قلنا إنها قليلة طبعاً ولكنها جائزة في
نحو قول الرسول صلى الله عليه وسلم (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل
وملائكة بالنهار) ، فهذا هو الذي يقال عن النعت والمصنف هنا ذكر بعد
النعت شيئاً متعلقاً بالنعت وهو أنواع المعارف ولعله ذكر ليبين أنه إذا
كان المنعوت معرفة فلابد أن يكون النعت معرفة، وإذا كان المنعوت نكرة
فلابد أن يكون النعت نكرة فمن أجل هذا ذكر أنواع المعارف بعده وسيطول
الحديث فيها لذلك يعني سيطول الحديث فيها لأنها أبواب متعددة وليست
باباً واحداً لذلك سيتأخر الحديث عن بقية التوابع حتى ننتهي من
المعارف، حتى ننتهي من المعارف، ولذلك قال الصنف والمعرفة خمسة أشياء،
بعض النحويين يجعلها ستة، بعض النحويين يجعل المعارف ستة وبعضهم يجعلها
سبعة، وصاحبنا هنا اكتفى بستة بل اكتفى بخمسة الذي يذكره معظم النحويين
يجعلونها ستة أنواع فيقولون المعارف هي: الضمير، والعلم، واسم الإشارة،
والاسم الموصول، والمعرف بـ ال، والمضاف إلى واحد من هذه الخمسة، معظم
النحويين، بعض النحويين يزيد واحداً نوعاً من المعارف وهو النكرة
المقصودة بالنداء، يعني إذا كان أمامك رجل وأنت تقصد هذا الرجل فتناديه
فتقول يا رجل، هذه بعضهم يلحقها بباب المعارف ويقول إنها اكتسبت
التعريف من قصدها بالنداء، من قصدها بالنداء ولكن بعضهم لا يذكرها
ومعظم النحويين لا يذكر هذا، أيضاً معظم النحويين، لا يجعل المعارف
خمسة كما ذكر صاحبنا هنا
وهو قد أسقط الاسم الموصول، صاحبنا أسقط
الحديث عن الاسم الموصول وبدأ بالحديث عن الضمائر فقال الاسم والمعرفة
خمسة أشياء، الاسم المضمر نحو أنا وأنت، والضمير فيه كلام طويل جداً
ولكن نبدأ بتعريفه ثم نذكر لكم بعض تقسيماته ولن نطيل الحديث فيها إن
شاء الله تعالى، لكن تعريفه هو ما دل على متكلم كأنا أو مخاطب كأنت أو
غائب كهو هذا هو الضمير، هذا هو الضمير ما دل على متكلم كأنا أو مخاطب
كأنت أو غائب كهو ثم بارك الله فيك يقسمون الضمير عدة تقسيمات أول هذه
التقسيمات أنه ينقسم إلى مستتر وبارز فأما المستتر فهو الذي لا صورة له
باللفظ الموجود عندك كقولك مثلاً قم فإن فيه ضميراً مستتراً، وأما
البارز فهو ما كان له صورة في اللفظ كقولك أنا مؤمن أو قولك كنت فإن
التاء ضمير وهو بارز مذكور هذا هو التقسيم الأول التقسيم الثاني يقسمون
الضمير من ناحية الاتصال والانفصال فيقولون الضمير إما متصل وإما
منفصل، والضمير المتصل هو الذي لا يبتدأ به الكلام ولا يقع بعد إلا،
الضمير المتصل هو الذي لا يبتدأ به الكلام ولا يقع إلا بعد إلا الضمير
المنفصل، هو الذي يمكن أن يبتدأ به الكلام ويمكن أن يكون في آخر الكلام
مثلا لا مانع أقول، الضمير المنفصل هو الذي يمكن أن يبتدأ به الكلام
ويمكن أن يقع بعد إلا قال الله عزّ وجلّ? اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ ? [البقرة: 255] وقال سبحانه وتعالى? أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
إِيَّاهُ? [يوسف: 40] هذا ضمير منفصل منصوب في إياه وهذا ضمير منفصل
مرفوع في قوله عزّ وجلّ ?إِلَّا هُوَ ? ففى كل هذه الأمور إذا كان
للضمير يبتدأ به كقولك أنا مسلم أو يقع بعد إلا فهو ضمير منفصل، وإن
كان لا يبتدأ به ولكن له صورة في اللفظ تراه أمامك تتحدث به تتكلم به
فهذا ضمير متصل لا يبتدأ به ولا يقع إلا بعد إلا قال الله عزّ وجلّ
?وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى? [طه:13] أنا هنا ضمير
رفع منفصل ثم هناك تفسير آخر
يقسمون الضمير المنفصل بل قبل هذا نأخذ
الضمير المتصل يقسمون الضمير المتصل من حيث المواقع الإعرابية ثلاثة
أقسام، الضمير المتصل له من حيث المواقع الإعرابية ثلاثة أقسام القسم
الأول ما لا يقع إلا في محل رفع، وهو خمسة ضمائر الألف يعني ألف
الاثنين، وواو الجماعة وياء المخاطبة ونون النسوة وتاء الفاعل مرة
ثانية هذه الضمائر الخمسة لا تقع إلا في محل رفع وهي ألف الاثنين، وواو
الجماعة وياء المخاطبة ونون النسوة وتاء الفاعل سواء كانت للمتكلم أم
للمخاطبة أم لغيره انتهينا من هذا.
ننتقل إلى النوع الثاني من الضمائر المتصلة وهو ما لا يقع في محل رفع
بل يقع إما في محل نصب أو في محل جر وهو ثلاثة ضمائر وهي ياء المتكلم
وهاء الغائب وكاف المخاطبة مرة ثانية هذه الضمائر لا تقع في محل رفع بل
إما أن تقع في محل نصب وإما أن تقع في محل جر وهي ياء المتكلم وكاف
المخاطب وهاء الغائب لا تقع في محل رفع أبداً.
النوع الثالث بارك الله فيكم، هو ما يقع في محال الإعراب الثلاثة
أحياناً يقع في محل رفع وأحياناً يقع في محل نصب وأحياناً يقع في محل
جر وهو ناء المتكلمين خاصة قال الله عزّ وجلّ ?رَبَّنَا إِنَّنَا
سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ ? [آل عمران:193] فـ "نا"
في ربنا في محل خفض مضاف إليه وإننا في محل نصب وسمعنا في محل رفع.
وهذا تقسيم الضمائر المتصلة المتصلة من ناحية الإعراب أو من ناحية
المواقع الإعرابية بعضها لا يقع إلا في محل رفع وبعضها يقع في محل رفع
أو في محل نصب وبعضها يقع في محل الإعراب الثلاثة وهو ضمير واحد وهو
"نا".
أما الضمائر المنفصلة يا أيها الأحباب
فإنها أيضاً لها تقسيم من الناحية الإعرابية فإن بعضها يقع في محل رفع
فقط، وبعضها يقع في محل نصب فقط ولا يوجد ضمير منفصل يقع في محل جر،
مرة ثانية الضمائر المنفصلة إما أن تكون في محل رفع وهي يسمونها بضمائر
الرفع المنفصلة وإما أن تكون في محل نصب وهي التي يسمونها بضمائر النصب
المنفصلة ولا يوجد عندنا ضمائر جر منفصلة، لا يوجد عندنا ضمائر جر
منفصلة.
نبدأ بضمائر الرفع المنفصلة، هي اثنا عشر ضميراًُ، أولها ضميران
للمتكلم وهما أنا ونحن أما أنا فللواحد
وأما نحن فلمن عاداه وأيضاً يوجد ضمائر رفع للمخاطب وهي خمسة أنت
للمخاطب وأنتِ للمخاطبة وأنتما للمخاطبين وللمخاطبتين وأنتم للمخاطبين
وأنتن للمخاطبات وأظن هذا واضح وكل هذه ضمائر رفع منفصلة بقي خمسة
ضمائر للغائب وهي: هو للغائب الواحد وهي للغائبة، وهما للغائبين
وللغائبتين، وهم للغائبين وهن للغائبات وأمثلتها لا تحصى من القرآن
الكريم ومن غيره.
هذه ضمائر الرفع المنفصلة، أما ضمائر النصب
المنفصلة فكذلك هي اثنا عشر لفظاً قلت هنا لفظاً وقلت هناك اثنا عشر
ضميراً لماذا؟ لأن قولي هنا لفظاً مبني على خلاف، ما نوع الضمير فيها
وهل كل واحد منها ضمير ما يخصه أو أن الضمير لفظة واحدة فيها سننظر إن
شاء الله بعد الانتهاء من سردها سنذكر هذه الضمائر ضمائر النصب
المنفصلة اثنان للمتكلم وهما إياي للواحد وإيانا لمن عداه وأما المخاطب
فله خمسة ضمائر وهي إياك للواحد وإياك للمخاطبة وإياكما للمخاطبين
وللمخاطبتين وإياكم للمخاطبين وإياكن للمخاطبات هذه ألفاظ بعد قليل
سنرى هل هي ضمائر فعلاً أو بعضها ضمير، أما الغائب فإن الواحد يقال عنه
إياه والواحدة يقال إياها غائبة والغائبان والغائبتان يقال إياهما
والغائبين يقال إياهم والغائبات يقال إياهن، ثم نعود إلى ما وعدتكم به
وهو النظر أين الضمير من هذه معظم الأقوال ترى أن الضمير هو إياه واحدة
وأن ما لحق به مثل الياء في إياي أو الكاف في إياك إنما هي حروف تدل
على نوعية صاحب الضمير أهو متكلم أم مخاطب أم غيره بعضهم يرى العكس يرى
أن إي إنما هي عامود وإنما الضمير هو الياء في إياي أو الكاف في إياك
وهذا إنما جاء ليعتمد عليه هذا الضمير لأنه سيصير ضميراً متصلاً
والضمير المتصل كما ذكرنا لا يعتمد على نفسه ولا يبتدأ به الكلام.
قول ثالث: أن إي هي الضمير وأن الياء ضمير أيضاً وقد أضيف أحدهما إلى
الآخر، يعني صار عندنا ضميران بعضهم يقول لا إي اسم والهاء ضمير وقد
أضيف الاسم إلى الضمير والصواب في ذلك والله أعلم أن إياي كلها ضمير
ولماذا تفرعون وتكثرون الكلام علينا فنحن نرى أن إياي كلها أو إياك أو
إياه أو إياهما كلها ضمير واحد وهو ضمير نصب متصل.
سؤال: قلتم لا يوجد ضمير جر منفصل، أنا
أقدم السؤال قبل أن تسألوني فأسأل نفسي هذا السؤال إذا كان عندنا مثلا
توكيد التوكيد تعرفون أنه يتبع ما قبله فأنا أريد أن أؤكد ضميراً في
محل جر فماذا أفعل؟ ما عندي ضمير منفصل يمكن أن أؤكد به، تقول جئت أنت،
أنت توكيد للتاء ورأيتك أنت، أنت توكيد للكاف مع أن أنت ضمير رفع
والكاف ضمير نصب، مررت بك ماذا تفعل به؟ مثله، أكدت بضمير الرفع
المنفصل أي ضمير متصل يعني سواء كان في محل رفع أو في محل نصب أو في
محل جر، أكدت بضمير الرفع المنفصل كل ضمير متصل على أي حالة إعرابية
كان، فإذاً لسنا بحاجة إلى ضمير جر منفصل، السبب في هذا يا أيها
الأحباب أنا لم نجد بكلام العرب شيئاً، ليس في كلام العرب ضمير جر
منفصل فلذلك اكتفينا بأن نؤكد إذا احتجنا لضمير يكون في محل جر أن نأتي
بضمير الرفع وهو يغني، ولكن هل يجوز أن تقول مررت بك إياك، بعضهم أجاز
وقالوا إن النصب قريب من الجر، النصب قريب من الجر فلا بأس أن تؤكد به
لكن الأولى كما ذكرت لكم وهذا موجود في كلام العرب أن تؤكد بضمير الرفع
المنفصل، أن تؤكد بضمير الرفع المنفصل في قول الله عزّ وجلّ ? يَا
بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ?
[البقرة:40] هذا ضمير نصب منفصل، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اليد
العليا خير من اليد السفلى) فاليد العليا هي المنفقة والسفلى هي
السائلة وقوله هي هذا ضمير رفع منفصل وقال الله عزّ وجلّ ? إِيَّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? [الفاتحة:5] فإياك ضمير نصب منفصل
وقال الله عزّ وجلّ ?وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ? [النساء:131] هذا
ضمير نصب منفصل وقال سبحانه وتعالى ? أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
إِيَّاهُ? [يوسف: 40]
هذا ضمير نصب منفصل والأمثلة والشواهد على
ذلك كثيرة الأمثلة والشواهد على ضمائر الرفع المنفصلة وعلى ضمائر النصب
المنفصلة كثيرة أما شواهد الضمائر المتصلة فنحو قول الله عزّ وجلّ ?
يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ
الرَّاكِعِينَ ? [آل عمران:43] الياء في هذه المواضع الثلاثة ضمير متصل
مبني في محل رفع وقال صلى الله عليه وسلم مازال جبريل يوصيني بالجار
حتى ظننت أنه سيورثه يوصيني الياء هنا ضمير متصل في محل نصب بيوصي ?
قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ? [لأعراف: 156] الياء هنا
في محل جر مضاف إليه وقال الله سبحانه وتعالى ? قَالَ إِنِّي عَبْدُ
اللَّهِ ? [مريم:30] الياء هنا في محل نصب وقال سبحانه وتعالى ? مَا
وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى? [الضحى:3] فالكاف في ودعك في محل نصب
وفى ربك في محل جر ما ودعك ربك لأنها مضاف إليه وقال سبحانه وتعالى ?
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ? [الكهف: 37] له الهاء هنا
في محل جر صاحبه في محل جر مضاف إليه يحاوره في محل نصب وقال الله
سبحانه وتعالى كما ذكرت لكم قبل ?رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا
مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ ? فجاءت نا هنا في هذه المواضع
الثلاثة مختلفة الإعراب في قوله سبحانه ربنا هذه في محل جر مضاف إليه
إننا في محل نصب سمعنا في محل رفع هذه هي الضمائر المتصلة والضمائر
المنفصلة وقد ذكرت لكم بعض الأمثلة المتعلقة بها في قول الله عزّ وجلّ
? وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وَإِيَّاكُمْ ? [الإسراء: 31] هذا من الضمائر المنفصلة ومنه قول الله
عزّ وجلّ ? وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
? [يونس: 28] هذه من ضمائر النصب المنفصلة وقال سبحانه وتعالى ?
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ
خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ? [لأعراف: 89]
هذه من ضمائر الرفع المنفصلة وقال سبحانه
وتعالى ? إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ? [الحجر:9] إنا نحن أما إنا فضمير متصل أما نحن فضمير
منفصل هذه أنواع الضمائر.
أشير إلى نقطة الضمير يا أيها الأحباب يُؤتى به للإيجاز والاختصار،
فالأصل أنه كلما أمكنك أن تأتي بالضمير متصل فلا تعدل إلى المنفصل لا
تعدل إلى المنفصل يعني مثلا تقول نعبدك يا ربي ولا يجوز أن نعبد
إياك يا ربي لأنه أمكن المجيء بالضمير المتصل لكن لو قدمت هذه الكاف
وهو لا يبتدأ بها فلا يمكن الابتداء بها فإنك حينئذ تقول إياك نعبد
فتأتي بالضمير المنفصل فإذاً كلما أن تأتي بالضمير متصلاً فلا تعدل إلى
أن تأتي به منفصلاً كلما أمكنك ذلك ويستثنى من ذلك مسألتان:
المسألة الأولى: أن يكون العامل عاملاً في ضميرين، أولهما أعرف وليس
مرفوعا أولهما أعرف من الثاني وليس مرفوعاًَ وذلك نحو قول الله عزّ
وجلّ ? أَنُلْزِمُكُمُوهَا ? [هود:28] فهنا يجوز لك لو في غير
القرآن الكريم أن تقول أنلزمكم إياها لا مانع.
المسألة الثانية: هو أن يكون الضمير خبراً لكان أو لإحدى أخواتها فإنك
مخير بين أن تأتي به متصلاً أو تأتي به منفصلاً، فتقول الصديق كانه
زيد، تأتي به متصل ويجوز أن تقول الصديق كان إياه زيد، فإذاً أعيد
القاعدة مرة أخيره أنه كلما أمكنك المجيء بالضمير متصلاً فلا تعدل إلى
انفصاله لا تذهب إلى انفصاله إلا في هذين الموضعين الذين ذكرتهما لكم
وفى الضمير تفصيلات كثيرة لم أحب أن أتطرق إليها لأنها ستخرج بنا عن
مستوى شرح هذا أو هذه المقدمة، فاكتفيت بذكر ما ذكرته لكم من الحديث عن
الضمير وبعد هذا إن شاء الله تعالى سننتقل إلى نوع أو إلى باب جديد من
أبواب المعارف وهو باب العلم لكنه سيكون إن شاء الله في لقاءنا القادم
فأما الآن فأترك لكم الفرصة لتقديم الأسئلة وأرى الأسئلة الأيدي مرتفعة
ومحتشدة، فتفضل يا شيخ.
سأل أحد الطلبة:
ما معنى إياك وهل هناك فرق بين إياك التي
تكلمنا عنها وإياك للتحذير مثل إياك أن تفعل ذلك؟
أجاب الشيخ:
بارك الله فيك سؤال جيد، أما إياك التي يقصد منها التحذير فهي في الأصل
كاف المخاطب، هي في الأصل التي يقصد منها التحذير هي في الأصل كاف
المخاطب ولكنها فصلت عن فعل التحذير لأنه مضمر لأن تقدر أحذرك فلما
فصلت امتنعت أن تبقى بها لأنها ضمير متصل ففصلتها فصارت إياك، هذه في
التحذير، أما في إياك نعبد وإياك نستعين فهي نفسها هي الضمير لكن الفرق
بينهما أن تلك كانت متصلة بالفعل والفعل أمر وجوباً لأن صيغة التحذير
هذه هي وأما في إياك نعبد فأنت قدمت المؤخر أصله نعبدك
لكن قدمته لغرض القصد إياك نعبد، يعني نعبدك وحدك.
سأل الطالب:
ويفعل نفس الفعل في الإعراب؟
أكمل الشيخ:
والعمل هو هو يعني هي معمولة لفعل طبعاً إياك نعبد معمولة للفعل
المتأخر أما إياك أن تعمل كذا وكذا، فهي معمولة للفعل المقدر، بارك
الله فيك، تفضل.
سأل أحد الطلبة:
جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ، قلتم فضيلتك أن النكرة المقصودة بالنداء
بعضهم يلحقها
بالتعريف.
أكمل الشيخ:
نعم بالمعارف، يعني يجعلها من أنواع المعارف، صحيح.
أكمل الطالب:
فهل هذا القول صحيح؟
أكمل الشيخ:
نعم هو صحيح.
أكمل الطالب:
وإن كان صحيحاً فكيف يعربون مثلت فضيلتك قلت يا رجل، فكيف لو قلنا يا
رجل المهام الصعبة، فيكون رجل هنا معرفة وبعدها معرف فكيف يعربونها؟
أجاب الشيخ:
يا رجل إذا سكت فهي نكره لكن لو قلت يا رجل المهام الصعبة فأنت الآن
عرفتها ولكن ليس التعريف بواسطة النداء، في المثال الثاني وإنما هو
باسط الإيضاح لأنك أضفتها إلى معرفة بارك الله فيك، نعم
تفضل.
سأل أحد الطلبة:
فضيلة الشيخ جزاكم الله خير في الاسم
المضمر ثم جاء بالاسم العلم قدم الاسم المضمر على الاسم العلم، ونعرف
أن الاسم العلم يدل على شيخ مثلا تقول محمد، فلماذا كان الاسم المضمر
أعرف من الاسم العلم؟
أجاب الشيخ:
بارك الله فيك هذا سؤال جيد، طبعاً أنا ما أحببت أن أتحدث عن ترتيب
المعارف ولكن كان سيأتي ترتيبها يعني تلقائياً لكن هم فعلاً بدءوا
ومعظم النحويين يبدءون بالضمير ويقولون إن الضمير أعرف المعارف ويليه
في التعريف العلم ويليهما اسم الإشارة ثم الاسم الموصول، ثم المعرف بـ
ال ثم المضاف إلى واحد من هذه المعارف بحسب ما أضيف إليه ما عدا المضاف
إلى الضمير أو المضاف إلى العلم فإنهما في مرتبة واحدة، أما الباقي
فعلى نفس الترتيب فالنحويون يرون أن هذا هو ترتيب المعارف أنه يبدأ
بالضمير وهو أعرف المعارف عندهم، والعلم يليه إلا لفظاً واحداً وهو لفظ
الجلالة، فهو أعرف من الضمائر ومن غيرها، فهذا الذي يقال في هذا
الجانب، يعني ترتيبها هو كذلك، ونكتفي اليوم بهذا القدر.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
الدرس الرابع عشر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحابته أجمعين.
أيها الأخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نواصل الحديث بإذن الله تعالى في شرح ما يتيسر من الآجرومية وقد
انتهينا في لقاءنا الماضي عن أول نوع من أنواع المعارف وهو الضمير.
واليوم نتحدث بإذن الله تعالى في باب العَلَمِ.
والعلَمُ لا يشمله تعريف واحد لأنه قسمان رئيسان لا يدخل بعضهما في
بعض، فأما القسم المشهور المعروف فهو العلم الشخصي.
والقسم الثاني يسمى بالعلم الجنسي.
والثاني ليس مشهوراً وليس متداولاً لكن سنعطي لمحة يسيره عنه.فأما
العلم الشخصي يا أيها الأحباب فهو الذي يعني يعرّفونه بقولهم هو الذي
يعين مسماه تعيناً مطلقاً، فقولهم في التعريف يعين مسماه يدخل في جميع
المعارف لأنها كلها تعين مسماها وقولهم تعييناًَ مطلقاً يخرج كل
المعارف الأخرى غير العلم لماذا؟
لأن المعارف الأخرى لا تعين مسماها أو ما تطلق عليه تعريفاً مطلقاً بل
تحتاج إلى قرينة ثانية حتى تعرفه، ومن أجل هذا من أجل أنه يتعرف مباشرة
تعريفاً مطلقاً رأى بعضهم تقديم العلم وجعله في أول المعارف، والحق أن
يعني أكثر النحويين يقدمون الضمير على العلم، المهم أن تعريف العلم
بقولهم هو الذي يعين مسماه تعييناً مطلقاً يخرج بقية المعارف بقوله
تعييناً مطلقاً لماذا؟
قال لأن الضمير إما أن يدل على تكلم أو خطاب أو غيبة فهو يعين مسماه
بأمرين بكونه ضميراً وبالخطاب أو بالغيبة أو بالتكلم هذا مثلاً أيضاً
اسم الإشارة يتعرف بكونه اسم إشارة وبالإشارة إليه بالحضور، أيضاً
الاسم الموصول يتعرف أيضاً بواسطة صلته، ذو الأداة أو ما دخلت عليه
"أل" يتعرف بسبب "أل" فكلها أنواع المعارف الأخرى يعني تحتاج إلى أمرين
إلى التعريف، أما هذا العلم الشخصي فإنه لا يحتاج إلا إلى أمر واحد حتى
يعين مسماه تعيناً مطلقاً، تقول لي إذا قلنا محمد فمحمد ليس واحد وإنما
هو يطلق على عدد كبير جداً من الناس، أقول لك إن بينك وبين المخاطب أو
بينك وبين الحاضرين واحد فقط هو المقصود بقولك محمد ولذلك يتعين مباشرة
بمجرد ما تقول محمد أو تقول عبد الله أو تقول زين العابدين أو نحو ذلك،
هذا هو الذي جعلهم يجعلون العلم يعين مسماه تعييناً مطلقاً فهذا هو أول
تقسيم له.
أما العلم الجنسي فسأذكر لمحة موجزة عنه
يسيره، هو أيضاً يعين مسماه لكن ليس تعييناً مطلقاً بل كتعيين ما دخلت
عليه “أل” الجنسية، وذلك أنك تقول أسامة تقصد به واحداً من الأسود لا
تقصد به أسداً بعينه، فهو مثل ما تقول الرجل يبين لك هذا الجنس ولذلك
سموه بالعلم الجنسي ونكتفي بهذا القدر في العلم الجنسي ثم نعود إلى
تقسيمات العلم الأخرى، يقسمون العلم عدة تقسيمات سنأخذ بعضها التقسيم
الأول أنه ينقسم إلى مرتجل ومنقول.
فأما المرتجل فهو الذي وضع من أول أمره علماً يمثلون له بكلمة سعاد
فإنها ليست منقولة عن شيء آخر، ويمثلون بكلمة أدد فإنه ليس منقولا عن
شيء آخر، هذا هو المرتجل.
أما المنقول فكثير وهو الغالب، فقد يكون منقولاً عن مصدر لقولهم فضل،
لأنه مصدر فَضُلَ يَفْضُلُ فَضْلاً، وقد يكون منقولاً عن اسم فاعل
كقولهم سالم أو مجاهد، أو مكرم، أو نحو ذلك، وقد يكون منقولاً عن اسم
مفعول كقولهم مثلاً محمد أو محمود، وقد يكون منقولاً عن أفعل تفضيلا أو
اسم تفضيل كقولهم أكرم، وقد يكون منقولاً عن فعل إما ماضٍ كسحر أو سجى،
وقد يكون منقولاً عن فعل مضارع كيزيد وتغلب ويشكر، وقد يكون منقولاً عن
جملة والجملة التي سمعت عن العرب هي الجملة الفعلية قالوا مثلاً تأبط
شراً هذا اسم علم ولكنه لم يسمع النقل عن الجملة الاسمية لكن لا مانع.
قياساً على ما ورد من الجملة الفعلية هذا هو العلم المنقول وهذه
أنواعه، هذه أنواع العلم المنقول.
ننتقل إلى تقسيم آخر مهم في هذا الباب وهو أنهم يقسمون العلم قسمين:
قسم مفرد، وقسم مركب، فأما المفرد فنحو حسن وصالح ومحمد وزيد وعبيد وما
شاكل هذا كله مفرد وأما المركب فيقسمونه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: هو المركب الإضافي وهو كثير
كعبد الله وعبد الرحمن وزين العابدين وأبي بكر، وإلى آخره وأم كلثوم
وما شاكل ذلك هذه كلها مركبات تركيباً إضافياً سنعود له بعد قليل إذا
تبين كيف نعربه.
الثاني: هو المركب المزجي، والمركب المزجي يقسمونه قسمين:
قسم منه مختوم بكلمة "ويه" وقسم منه غير مختوم بكلمة "ويه" فأما
المختوم فنحو سيبويه نفطويه وخمرويه، وأما غير المختوم فنحو معدي كرب
وبعلبك وحضرموت وما شاكلها هذا هو العلم المركب تركيباً مزجياً وسنعود
له إن شاء الله.
أما الأخير: فهو المركب تركيباً إسنادياً والمقصود به هو ما تكون من
جملة والغالب في هذه الجملة أن تكون فعلية لأن هذا هو المسموع عن العرب
أما الجملة الاسمية فلم تسمع عن العرب لم يسمع التسمية بالجملة الاسمية
يعني ما سمعناه أنهم سموا شخصاً مثلاً بزيد مجتهد ما سمعنا بهذا.
لكننا سمعناهم يسمون بتأبط شراً، جد ثدياها وكذا وكذا وإلى آخره،
مجموعة من الأسماء جمل فعلية انتهينا؟ لا بل نعود أقول المركب الإضافي
يعني علامة الإعراب فيه تكون على الجزء الأول منه وأما الجزء الثاني
فهو مجرور دائماً بالإضافة، تقول مثلاً: هذا عبد الله ورأيت عبد الله
ومررت بعبد الله، فرأيت من الحركة الإعرابية على القسم الأول منه أما
المركب تركيباً مزجياً، فهو في استعمالهم قسمان قسم منه يعرب إعراب
الممنوع من الصرف يعني يرفع بالضمة وينصب ويجر بالفتحة ولا ينون وهو
غير المختوم بكلمة "ويه" نحو معدي كرب وبعلبك وحضرموت وما شاكل هذا
تقول هذه حضرموتُ وزرت حضرموتَ ونظرتُ إلى حضرموتَ.
وأما القسم الثاني: فهو المختوم بكلمة "ويه"، وأغلب العرب يبنونه على
الكسر فيقولون مثلاً جاء سيبويه ورأيت سيبويه ومررت بسيبويه، لو سألت
عن سبب بنائه، تقول: لأنه مختوم بكلمة ويه مما جعله أشبه بأسماء
الأصوات وأسماء الأصوات مبينة.
نأتي إلى المركب تركيباً إسنادياً، أما
المركب تركيباً إسنادياً بارك الله فيكم فنحو تأبط شراً هذا يقولون
يلزم حالة واحدة ويعرب بحركات مقدرة على آخره فتقول جاء تأبط شراً
ورأيت تأبط شراً وممرت بتأبط شراً وعند الإعراب نأخذ واحدة صورة منها
مررت بتأبط شراً مررت فعل وفاعل والباء حرف جر تأبط شراً اسم مجرور
بالباء وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل
بحركة الحكاية لأنه يلزم صورة واحدة.
ما دام يلزم صورة واحدة لما لم تقولوا إنه مبني؟ قال لأنه اسم والأسماء
الأصل فيها الإعراب ولا تبني إلا إذا أشبهت الحروف وليس بينه وبين
الحروف أي شبه، وأظن هذا الكلام واضح ولا نحتاج إلى مزيد.
بقي تقسيم أخير في باب العلم، وهو أنهم يقسمونه ثلاثة أقسام: يقسمونه
إلى اسم، ولقب، وكنية، فيقولون إذا بُدِأت الكلمة بأب أو أم فهي كنية،
إذا دل على رفعة المسمى أو على ضعته فهو لقب، إذا لم يكن على أي صورة
من هاتين الصورتين فإنه الاسم، يعني مثلاً كلمة زيد هذه اسم، كلمة أبي
بكر هذه كنية، كلمة زين العابدين هذه لقب لكونها تضمنت مدحاً، كلمة كرز
وهو خرج الراعي لو سميته سقفاً بكرز هذا يقولون إنه لقب، المهم أنه متى
تضمنت الكلمة مدحاً أو ذماً أو دلالة على رفعة المسمى أو على ضعته فهي
لقب، متى بدأت الكلمة بكلمة أب أو بكلمة
أم فهي كنية، متى خلت من ذلك فهي اسم لعل
الأرجح في هذا التقسيم أن يقال ينظر إلى ما سمى به الولد الوالد ولده
عند ولادته فإن كان مبدوءاً بلفظ أب مثلاً أنه سمى ولده أبو بكر في
بداية أول ما ولد فهل نعد هذه كنية أو نعده اسماً؟ الصواب في رأيي أو
الأرجح على الأقل، الأرجح أن تقول ما سمى الوالد به ولده عند ولادته هو
الاسم، ثم بعد هذا إذا أُطلق عليه بأن كُني بأبي عبد الله أو أبي زيد
أو أبي عمرو أو إلى آخره هذه كنية أو اشتهر بشيء ما فمُدح به أو ذم به
هذا هو اللقب هذا هو الأرجح، وإن كانوا يقسمون على التقسيم الأول الذي
ذكرت لكم فيقولون ما بُدأ بأب أو أم فهو كنية، ما دل على رفعة المسمى
أو ضعته فهو لقب، ما لم يكن كذلك فهو اسم ولكم أن تختاروا واحداً من
هذه الخيارات الموجودة عندكم، انتهينا من العلم باختصار.
ننتقل إلى اسم الإشارة، أما اسم الإشارة
فله ألفاظ محدودة وهو النوع الثالث من أنواع المعارف، يشار إلى المفرد
المذكر بهذا، ويشار إلى المفردة المؤنثة بهذه وهاته وذي وتي وذه وته،
أما المثني المذكر فيقال فيه في حالة الرفع هذان ويقال فيه في حالتي
النصب والجر هذين، وأما المثنى المؤنث فيقال فيه في حالة الرفع هاتان
ويقال فيه في حالتي النصب والجر هاتين، وأما جماعة الذكور وجماعة
الإناث فيشار إليهم بلفظ واحد وهو أولاء أو هؤلاء، وبالمناسبة فإن
الهاء الموجودة في بعض أسماء الإشارة ليست من اسم الإشارة، وإنما هي
حرف للتنبيه وأما الاسم الإشارة فهو ما عداها فمثلاً في الإشارة إلى
المفرد الحقيقة أن الإشارة إليه بكلمة ذا، يشار إليه بكلمة ذا، أما
وجود هذه الهاء فإنما هي للتنبيه، حتى أنك لا تجدها في بعض الأحيان ?
أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
? [البقرة:5] المهم أن أولئك هنا جاءت بدون هاء، وهكذا فإن الهاء ليست
لازمة في اسم الإشارة وإنما اسم الإشارة هو بدونها، فيما يتحدث عنه في
أسماء الإشارة أن هؤلاء خاصة بالعقلاء ولا تقول مثلا هؤلاء الأبواب،
ولا تقول أكرمكم الله هؤلاء الحمر لا، وإنما تشير إليها بلفظ المفردة
المؤنثة وتقول هذه الأبواب، وتقول هذه الحمر إلى آخره.
المهم أن لفظ أولاء خاص بالعقلاء سواء أكانوا مذكرين أم كن مؤنثات هذا
خاص بهم أما قول الشاعر:
ذم المنازل بعد منزلة اللوى...... والعيش بعد أولئك الأيام
فقد أشار بأولئك إلى الأيام مع أنها غير عاقلة فالصحيح في روايته أنه
بعد أولئك الأقوام، وحينئذ تبقى على الأصل، حتى لو قلنا إنها الرواية
الصحيحة أولئك الأيام فنقول هذا استعمل في الشعر ولا يعتد به ولا يجرى
عليه.
مما يتحدث عنه في باب أسماء الإشارة أن
الإشارة نوعان إما قريب وإما بعيد، فالإشارة إلى القريب تقول هذا أو
تقول ذا، أما الإشارة إلى البعيد فتقول فيها ذاك أو تقول ذلك ? ذَلِكَ
الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ ? هذا دلالة على بعد منزلته وعلوها، ممكن
أن تكون باللام وممكن أن تكون بدون لام تقول ذاك أو ذلك وبعضهم يجعل
مراتب الإشارة ثلاثة:
إشارة إلى القريب.
وإشارة إلى المتوسط.
وإشارة إلى البعيد.
فأما الإشارة إلى القريب فهي ذا.
وأما الإشارة إلى المتوسط فهي ذاك.
وأما الإشارة إلى البعيد فهي ذلك.
ولك الحرية في ذلك، هذه اللام تمتنع أحياناً ذلك أنه إذا كان اسم
الإشارة مبدوءاً بالهاء امتنعت.
اثنين: أنها تمتنع في المثنى مطلقاً سواء أكان مبدوءاً باللام أم غير
مبدوء.
ثلاثة: أنها تمتنع في الجمع على لغة من مده، لأن بعضهم يرى أنه يمكن أن
تقول أولى مقصورًا وتقول أولاء ممدوداً فعلى لغة من مد تمتنع اللام.
وهذا كل ما يقال في أسماء الإشارة، المصنف رحمنا الله وإياه، أهمل
الحديث عن الاسم الموصول ولكننا مع ذلك ما قرأنا حديثه عن الاسم العلم،
ولم نقرأه في اسم الإشارة، فأما الاسم العلم فقال: (والاسم العلم نحو
زيد ومكة) زيد هذا علم على رجل، ومكة هذا علم على بلد، وهذا طبعاً من
تقسيمات الأعلام أيضاً قد تكون على البلدان وقد تكون على القرى وقد
تكون على الحيوانات حتى أيضاً يكون عند واحد، وقد تكون على ما لا يعقل
من الجمادات.
ثم انتقل بعد هذا إلى الحديث في اسم
الإشارة فقال (والاسم المبهم) ثم قال (نحو هذا وهذه وهؤلاء) المقصود
بالمبهم يا أيها الأحباب الغامض في الأصل، وبعضهم يدخل في المبهم أمرين
الأمر الأول أسماء الإشارة والأمر الثاني الأسماء الموصولة المصنف هنا
اكتفى بالحديث عن أسماء الإشارة ومع ذلك فله عذره لأنه قال (والاسم
المبهم نحو) لما قال نحو، معناه أن هناك شيئاً آخر غيره (نحو هذا وهذه
وهؤلاء) ثم بعد هذا لم يتحدث المصنف عن الاسم الموصول ولكننا سنتحدث
عنه لأهميته، أما تعريف الاسم الموصول أولاً هو النوع الرابع من أنواع
المعارف، النوع الرابع من أنواع المعارف هو الاسم الموصول.
ثانياً تعريفه: هو الاسم الذي يفتقر إلى صلة وعائد، يفتقر دائما محتاج
إلى صلة ولا تتم الفائدة من الاسم الموصول إلا بصلته والصلة هذه لابد
أن يكون فيها عائد، هذا هو الاسم الموصول، وهو ينقسم قسمين:
قسم منه يسمى بالموصول الخاص، وهو أن يكون لكل نوع لفظ خاص به وقسم
يسمى بالموصول المشترك وهو أن يكون اللفظ صالحاً للمذكر والمؤنث
والمفرد والمثنى والمجرور فأما الأسماء الموصولة الخاصة فهي: الذي
للمفرد، والتي للمفردة، واللذان رفعاً للمثنى المذكر، واللذين نصباً
وجراً للمثنى المذكر، واللتان للمثنى المؤنث رفعاً واللتين نصباً وجراً
للمثنى المؤنث والذين لجماعة الذكور واللاتي واللائي لجماعة الإناث.
هذه الأسماء الموصولة الخاصة لأن كل واحد منها يخص فئة معينة أما
الأسماء الموصولة المشتركة فهي، بعضهم يكثرها وبعضهم يقللها ولكن نذكر
لكم الأسماء الموصولة المشتركة هي لفظ "من" و"ما" وبعضهم يدخل معها
"أل" ولفظ "أي" فهي اسم موصول مشترك ولفظ "ذو" عند الطائيين خاصةً فهم
يستعملونه اسماً موصولاً مشتركاً نمثل على واحد من هذه الأسماء
الموصولة المشتركة ونترك الباقي ولكم أن تقيسوا عليه.
أما الواحد هذا الذي سنمثل عليه فهو "من"،
فتقول جاء من أحبه، وجاءت من أحبها، وجاء من أحبهما، سواء أقصدت مذكرين
أم قصدت مؤنثين، فتقول جاءت من أحبهما وتقول جاء من أحبهم وجاء من
أحبهن، فـ"من" هذا موصول مشترك عمَّ الجميع وتميز نوعه بواسطة صلته؛
لأن فيها ضميراً يدلك على المقصود من الاسم الموصول، هذا هو الموصول
المشترك.
والموصول الخاص جاء الذي أحبه وجاءت التي أحبها وجاء اللذان أحبهما،
وجاءت اللتان أحبهما أيضاً، وجاء الذين أحبهم، وجاء اللاتي أحبهن، وهذا
بيّن وواضح بالنسبة للأسماء الموصولة الخاصة أن كل واحد منها يأتي معه
يعني ما يبينه، وهذا الاسم الخاص كل واحد منها خاص بفئة معينه ولا يطلق
على غيره ولا يطلق على غير هذه الفئة، نحن اشترطنا في أول ما بدأنا في
الحديث عن الاسم الموصول قلنا هو ما يفتقر إلى صلة وعائد.
فأما الصلة يا أيها الأحباب فالأصل فيها أن
تكون: إما جملة فعلية، وأما جملة اسمية، ولكن قد تكون أيضاً جاراً
ومجروراً، وقد تكون ظرفاً، فأما الجملة فيشترط فيها أن تكون خبرية،
يشترط في الجملة أن تكون خبرية، ولا يصح أن تكون إنشائية، فيجب أن تقول
مثلاً جاء الذي أكرمته، ولا يصح أن تقول جاء الذي أكرمه لأنها إنشائية
هذه، أما إن كانت خبرية فلا مانع هذا جانب. الجانب الثاني أنها تحتاج،
أن الجملة هذه لابد أن تشتمل على ضمير يربطها بالاسم الموصول فأنت إذا
قلت جاء الذي أكرمته، فإن الهاء هذه عائدة على الاسم الموصول ومبينة
لحاله، وبخاصة إذا كان الاسم الموصول مشتركاً فلابد من هذه الصلة لتبين
نوع هذا الموصول أهو واحد أو اثنان مذكر أو مؤنث جماعة، لابد من الصلة
أن تكون موجودة معه وهذا كما يعني بينت لكم، فصلة الموصول الأصل فيها
أن تكون إما جملة فعلية وإما جملة اسمية، جاء الذي أبوه مجتهد أو أبوه
مخلص أو أبوه مسافر وهكذا، يمكن أن تقيس على هذه العبارة يمكن أن تقيس
على هذه العبارة هذا بالنسبة لصلة الموصول لابد أن تكون إما جملة فعلية
وإما جملة اسمية.
هل تكون غير ذلك؟ نعم، جاء الذي عندك أو عند عبد الله هذه ظرفية مكانية
جاء الذي في المسجد أو رأيت الذي في المسجد، هذا جار ومجرور لا مانع،
الجار والمجرور هنا والظرف ما متعلقه؟ الصواب أن متعلقة فعل لابد أن
يتعلق بفعل لماذا؟ قال لأن الأصل في صلة الموصول أنها لابد أن تكون
جملة، والجملة لابد أن يكون فيها فعل فلذلك إذا وردنا صلة للموصول
وكانت هذه ظرفاً أو جاراً ومجروراً فلابد أن نعلقها بفعل هذا الحديث عن
الأسماء الموصولة.
أما المعرف بـ "أل" فقد ذكره المؤلف، ولم
يترك الحديث عنه كما ترك الحديث في باب الاسم الموصول، اكتفاءً منه
بنوع واحد من المبهمات أو من المبهمين وهما اسم الإشارة والاسم
الموصول؛ لأنه اكتفى بالحديث في اسم الأشارة، فأما المعرف بـ "أل" -يا
أخي العزيز- فهو قال عنه المصنف (الاسم الذي فيه الألف واللام نحو
الرجل والغلام) هذا كل حديثه عن الاسم المعرف بـ "أل" وهو النوع الخامس
من أنواع المعارف.
أنواع المعارف مرة ثانية: الضمير، العلم، اسم الإشارة، الاسم الموصول
المعرف بـ "أل" هذا هو النوع الخامس منها وأما "أل" الداخلة على الاسم
فيقسمها النحويون ثلاثة أقسام، لأنها إما للعهد أولتعريف الجنس أو
للاستغراق، والعهد قد يكون عهداً ذكرياً وقد يكون عهداً ذهنياً وقد
يكون عهداً حضورياً، نمثل لكل واحدة منها أما العهد الذكري فهو لابد أن
يكون سبق لما دخلت عليه ذكره في الكلام السابق قال الله عزّ وجلّ ?
إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا
أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ?15? فَعَصَى فِرْعَوْنُ
الرَّسُولَ ? [المزمل:15-16] أي رسول؟ هو المذكور سابقاً فـ "أل"
الموجودة هنا هي "أل" التي للعهد الذكري، أما "أل" التي للعهد الذهني
فنحو قولك مثلاً جاء الأستاذ تصلح لكل أستاذ لكن إذا كان بينك وبين
المخاطب عهد في أستاذ معين فإنه لا ينصرف الذهن إلا إليه هذه "أل"
المسماه بـ "أل" التي للعهد الذهني لأنه مخزون في الذهن أما العهد
الحضوري فمنه قول الله عزّ وجلّ ? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ
دِينَكُمْ ? [المائدة: 3] فإن "أل" في اليوم للعهد الحضوري يعني اليوم
الذي نحن فيه الآن هذه "أل" العهدية.
أما “أل” الجنسية أيها الأحباب فيطلق عليها
بعضهم “أل” التي تدل على الماهية، ومن ذلك نحو قول الله عزّ وجلّ ?
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ? [الأنبياء: 30] وجعلنا
من الماء يعني من هذا الجنس فـ“أل” هنا تدل على الجنس.
أما “أل” الاستغراقية التي تدل على الاستغراق فالاستغراق نوعان:
إما استغراق حقيقي، وهو ما له أفراد يشملهم.
وإما استغراق مجازي، وهو ما ليس له أفراد في الخارج ولكنك تطلقه على
سبيل المبالغة.
فأما الاستغراق الحقيقي فنحو قول الله عزّ وجلّ ? وَالْعَصْرِ ?1?
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ?2? إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ ? [العصر:1-3]
انتبه رحمك الله الإنسان هنا لو حذفت كلمة ال ووضعت مكانها كلمة كل
فإنه يستقيم الكلام، لو قلت إن كل إنسان لفي خسر، ودليلك على ذلك أنه
استثنى منه الإنسان واحد واستثنى منه جماعة هو قوله سبحانه وتعالى ?
إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ? وهذا واضح في هذا الأمر ?
وَالْعَصْرِ ?1? إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ? هذه “أل” التي
للاستغراق الحقيقي، أما “أل” التي للاستغراق المجازي وهو ما بولغ فيه
مبالغة فهي نحو قولك: أنت الرجل علماً، كأنك قلت أنت كل رجل، يعني لو
وصف أي رجل في العالم بالعلم فأنت تجمع صفات العلم الموجودة فيه وهذا
على سبيل المبالغة، ف “أل” الموجودة هذه “أل” التي تسمى التي للاستغراق
المجازي أما الأولى في قول الله عزّ وجلّ ? وَالْعَصْرِ ?1? إِنَّ
الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ? فهي للاستغراق الحقيقي.
ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن المعرفة
بالإضافة، يعني أن يكون الاسم نكرة فتضيفه إلى معرفة فيتعرف بالإضافة،
وإذا أضفته إلى واحد مما مضى فهو الذي يمسى معرفة بالإضافة، قال المصنف
(وما أضيف إلى واحد من هذه الأربعة) هو طبعاً اكتفى بذكر أربعة، الأصل
في الكلمة أن تكون نكره ثم تضيفها إلى الضمير فتتعرف فمثلاً عندك كلمة
قلم نجرب عليها نقول هذا قلمك، قلم نكرة أضفتها إلى الضمير تعرفت
بالإضافة، هذا قلم محمد أضفتها إلى العلم تعرفت بواسطة هذه الإضافة،
هذا قلم هذا أضفتها إلى اسم الإشارة، هذا قلم الذي رأيته أمس أضفتها
إلى اسم الموصول، هذا قلم الأستاذ أضفتها إلى المعرف بـ "أل" تعرفت
بواسطة الإضافة إلى واحد من هذه الخمسة وليس كما قال المصنف رحمه الله
إلي واحد من الأربعة.
قال صلى الله عليه وسلم (من سره أن يبسط له رزقه وينسئ له في أثره
فليصل رحمه) رزقه هنا رزق نكره، أضفتها إلى الضمير فتعرفت بالإضافة
وقال الله عزّ وجلّ ? لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ
أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ? [النحل: 103] فلسان
نكره وأضفتها إلى الاسم الموصول فتعرفت وقول الله عزّ وجلّ ? وَمِنْ
قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً ? [هود: 17] كتاب نكره
أضفتها إلى العلم فتعرفت بسبب الإضافة وقال الله عزّ وجلّ ?إِنَّ
أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا
النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ?
[آل عمران:68] النكرة هي كلمة ولي والمعرفة التي أضيفت إليها واكتسبت
منها التعريف هي كلمة المؤمنين وهي معرفة بـ "أل".
هذا عن ما أضيف إلى واحد من هذه الأربعة ننتقل إلى حديث المصنف عن
النكرة قال المصنف (والنكرة كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون
آخر، وتقريبه كل ما صلح دخول الألف واللام عليه، نحو الرجل والفرس) .
ولكننا لن نبدأ في شرحها لأن الوقت أوشك
فسنترك المجال لكم لتوجيه الأسئلة، وإذا لم تسألوا سألت أنا إن شاء
الله فيما مضى، تفضلوا بارك الله فيكم.
سأل أحد الطلبة:
جزاكم الله خير، لقد تخلل شرحكم ذكر أسماء الأصوات فما تعريفها مع
التمثيل والإعراب؟
أجاب الشيخ:
بارك الله فيكم، أولاً أسماء الأصوات هذه يقولون من الأسماء المبينة
وهذه أسماء يعني يعبر بها عنصوتٍ معين فمثلاً يعبرون عن صوت الغراب
مثلا بغاق، وعن صوت شيء كسرته أو أُلقى على الأرض كلمة قب، هذه بعض
أسماء الأصوات المبنية وليس المقصود بها مثلاً صوت فحيح الأفعى أو رغاء
الإبل أو ثغاء الشاة أو ما شاكل ذلك، ليس هذا هو المقصود وإنما المقصود
التعبير عن بعض الأصوات للحيوانات أو للأشياء التي تستعملها وتتعامل
معها وهذا كما مثلت لك قبل قليل.
سأل الطالب:
وكيف تعرب أسماء الأصوات؟
أكمل الشيخ:
عفواً هي تلزم حالة واحدة لأنها مبنية أشبهت الحروف فبنيت، نعم تفضل.
سأل أحد الطلبة:
فضيلة الشيخ جزاكم الله خير، قلتم الضمير أظهر في المعرفة من الاسم
العلم لأنه يدل على المراد بنفسه لمشاهدة مدلوله ألا نقول اسم الإشارة
كذلك يكون أعرف من اسم العلم؟
أجاب الشيخ:
أما ترتيب المعارف على حسب الأعرفية أيها
أعرف فقد اختلفوا فيه لكن أغلبهم يرتبون بادئين بالضمير فيقولون هو
أعرف المعارف ثم يلونه بالعلم ثم يلونه بأسماء الإشارة، أنا وجدت بعضهم
يقدم اسم الإشارة لأنه حاضر معك ولأن تعريفه بالإشارة إليه، فهذا قد
يكون صحيحاً لكن الأولى فيه تصور أن يقدم الضمير على أنه أعرف المعارف
لأن فيه شيئاً أو نوع واحد منها مثلاً وهو ضمير المتكلم وليس هناك شيء
يكون أعرف من الشخص بنفسه، فهو يعرف نفسه أكثر مما يعرفه أي شيء أو
أكثر مما يعرف أي شيئاً آخر فمن أجل هذا قدمه بعضهم لعله من أجل هذا
قدم الحديث عن الضمير وجعل في أول أنواع المعارف، نعم تفضل.
سأل أحد الطلبة:
نعم جزاكم الله خير نريد إعراب قول الله عزّ وجلّ في سورة آل عمران ?
هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ ? [آل عمران:119] .
أجاب الشيخ: ? هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ ? أما هاء فهذه
للتنبيه حرف للتنبيه لا محل له من الإعراب، لعلنا في لقاء آخر إن شاء
الله يا أخي نعربها لك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحابته أجمعين.
الدرس الخامس عشر
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحابته أجمعين.
أيها الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أذكر أنك سألتني
في حلقة ماضية عن إعراب قول الله عزّ وجلّ ? هَا أَنْتُمْ أُولاءِ
تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ ? فنبدأ بالحديث عنها ثم نعود إلى
محاضرتنا إن شاء الله تعالى، أما هاء فهي حرف للتنبيه لا محل له من
الإعراب، وأَنْتُمْ مبتدأ وهو ضمير مبني في محل رفع، أُولاءِ هذا اسم
إشارة وهو بدل من أنتم ويمكن أن خبراً لها أَنْتُمْ أُولاءِ أما
تحبونهم فهي جملة، وهي في الأصل فعل مضارع من الأفعال الخمسة مرفوع
وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل، الجملة هذه إن جعلت أولاء بدلاً
من أنتم فتحبونهم خبرٌ لأنتم وإن جعلت أولاء خبرٌ لأنتم فتحبونهم خبر
ثان، هذا الذي نريد أن نقوله.
ثم نعود بعون الله تعالى إلى حديث المصنف
عن النكرة قال المصنف (والنكرة كل اسم شائع في جنسه لايختص به واحد دون
آخر وتقريبه كل ما صلح دخول الألف واللام عليه نحو الرجل والفرس) بعض
النحويين يعرف النكرة: بأنها كل اسم شاع في جنس موجود أو مقدر، شاع
بمعنى انتشر، في جنس يعني له أفراد، موجود قد يكون هذا الجنس موجوداً
وقد يكون مقدراً، أما الجنس الموجود فكلمة رجل فإنه يطلق على كل إنسان
ذكر بالغ فإذا قلت رجل فهذا واحد من هذا الجنس، وأما الجنس المقدر يعني
ليس له أفراد فنحو كلمة شمس فإنها نكرة ولا يوجد منها إلا فرد واحد ومع
ذلك عدوها نكرة، قال لماذا؟ قال لأن الأصل أن كل كوكب يظهر نهاراً
ويزيل ضوءه ظلام الليل يطلق عليه شمس لكن ما عندنا إلا واحد من هذا
النوع ومثله كلمة قمر، المهم أن هذا يا أيها الأحباب النكرة قد تكون في
جنس الموجود الذي له أفراد، وقد تكون في جنس لا يوجد منه إلا فرد واحد
قال الله عزّ وجلّ ? وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ
يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ
اللَّهُ ? [غافر:28] رجل هنا نكرة ورجلاً أيضاً الثانية نكرة، وهي
عبارة عن فرد من أفراد جنس موجودين، وقد قربها المصنف لنا بقوله (يمكن
تقريبها بأن النكرة كل كلمة كل اسم يصلح دخول "أل" عليه) وقوله كل اسم
هنا حتى إنه لم يقل كل اسم، لكننا قلنا كل اسم لأن تعريف الكلمة بأنها
نكرة أو بأنها معرفة هذا خاص بالأسماء ولا يقال للفعل إنه نكرة ولا
يقال إنه معرفة ولا يقال للحرف إنه نكرة ولا يقال عنه إنه معرفة.
هذا كل ما يقال في النكرة والمعرفة سبق أن
أنهينا الحديث عنها، وقد ذكرت لكم في أول ما بدأنا في المعارف أن
المصنف إنما ذكر هذه الأنواع في باب النعت ذكر أنواع المعارف في باب
النعت؛ ليبين لكم أن المنعوت إذا كان نكرة فلابد في النعت أن يكون
نكرة، وإذا كان المنعوت معرفة فلابد أن يكون النعت معرفة؛ فاضطر إلى
بيان أنواع المعارف فقال لكم المعارف هي كذا وكذا وقد أطلنا في الحديث
في باب المعارف وننتقل إلى الباب الثاني
من أبواب التوابع التي ذكرها المصنف وهو
باب العطف.
قال المصنف: (وَحُرُوفُ اَلْعَطْفِ عَشَرَةٌ وَهِيَ: اَلْوَاوُ,
وَالْفَاءُ, وَثُمَّ, وَأَوْ, وَأَمْ, وَإِمَّا, وَبَلْ, وَلَا,
وَلَكِنْ, وَحَتَّى فِي بَعْضِ اَلْمَوَاضِعِ) أما
باب العطف فهو التابع المتوسط بينه
وبين متبوعه واحد من حروف العطف، مرة ثانية العطف هو التابع أو المعطوف
المتوسط بينه وبين متبوعه واحد من حروف العطف فأقول جاء محمد وعبد
الله، عبد الله هذا معطوف وهو تابع لمحمد لأنه توسط بينهما حرف من حروف
العطف وهو الواو حرف من حروف العطف وهو الواو قال الله عزّ وجلّ ?
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي
ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ? [الحديد:26] انتبه بارك
الله فيك أشير إلى أمر مهم وهو أن الواو في الصحيح لمطلق الجمع ولا
تقتضي الترتيب لا تقتضي الترتيب وقد يعطف بها متقدم وقد يعطف بها مساوٍ
وقد يعطف بها متأخر.انظر إلى قول الله عزّ وجلّ ? وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ ? عطف إبراهيم على نوح وإبراهيم متأخر عن نوح،
الثاني قد يرد العكس قال الله عزّ وجلّ ? كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ
وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ ? [الشورى:3] انتبه بارك الله فيك يُوحِي إِلَيْكَ الكاف
هنا المقصود به محمد صلى الله عليه وسلم وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكَ عطف بالواو المتقدم على المتأخر، وقد يعطف المصاحب ومنه قول
الله عزّ وجلّ ? فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ?
[العنكبوت:15] وهم نجو مع بعض هذا كل ما يقال عن الواو.
ننتقل إلى الفاء، أما الفاء يا أيها الأحباب فهي تقتضي الترتيب
والتعقيب لابد من دلالة الترتيب فيها، والترتيب هذا يعني مباشرة يجيء
بعده ليس بينهما وقت طويل، والتعقيب كل شيء بحسبه أحياناً تقول جاء
محمد فخالد وليس بينهما إلا وقت يسير جداً ولكنه يجوز لك أن تقول تزوج
فلان فولد له، فالتعقيب هذا على كل شيء بحسبه في المدة التي يصلح أن
يكون ما بين الزواج والولادة له ممكن أن تعطف بالفاء لأن كل تعقيب
بحسبه.
أحياناً وهو الغالب في الفاء أن تدل على السببية أن تكون مقتضية
السببية ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ ? فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى
عَلَيْهِ ? [القصص: 15] القضاء عليه بسبب هذه الوكزة، أما الترتيب فقد
اعترض عليه بعضهم يعني نحن ألزمنا أنه لابد من الترتيب اعترض عليه بنحو
قول الله عزّ وجلّ ? وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا
بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ? [الأعراف:4] وجه الاعتراض
أن الإهلاك بعد مجيء البأس، في حين أن مجيء البأس مذكور هنا بعد
الإهلاك وقد أجيب عنه بأن المراد بقوله أهلكنا أردنا إهلاكها.
الحرف الثالث هو حرف ثم، لكن نحن ما ذكرنا
لكم الأحرف التي ذكرها المصنف لا بأس أن نقرأها ثم نعود إلى تفصيل
الحديث عنها يقول المصنف، قال المصنف رحمه الله (حروف العطف عشرة هي
الواو والفاء وثم وأو وأم وإما وبل ولا ولكن وحتى في بعض المواضع) وحتى
في بعض المواضع وهو يريد بهذا أن يبين أنه ليست في كل الأوقات حتى تكون
عاطفة؛ لأنها كما ذكرت لكم أكثر من مرة أن لها أنواعاً متعددة وأن
الفراء رحمه الله قال: "أموت وفى نفسي شيء من حتى".
ننتقل إلى الحديث عن ثم، أما ثم فهي في اقتضاء الترتيب مثل الفاء
ولكنها بين المعطوف والمعطوف عليه مدة أطول من الفاء فيسمونه الترتيب
والتراخي، من شواهدها قول الله عزّ وجلّ ? أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ
أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ
ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ
فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً? [الزمر:21] انتبهوا
رحمكم الله عطف بثم في هذه المواضع وهي بين كل فترة والثانية مدة قد
تكون طويلة.
ذكر بعض النحويين أن الفاء وثم يحل أحدهما محل الآخر، واستشهدوا بذلك
بنحو قول الله عزّ وجلّ ? وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ?4?
فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ? [الأعلى:4-5] لأن جعل المرعى غثاء أحوى
يحتاج إلى ثم، لكن يحل يعني تتناوب ثم والفاء ولكن هذا ليس الغالب،
الغالب أن الفاء للترتيب والتعقيب يعني مباشرة وأن ثم للترتيب والتراخي
يعني بينهما مدة طويلة.
ننتقل إلى الحرف الرابع وهو أو، ولا يخلو
الكلام الذي ترد فيه أو عاطفة من أن يكون خبراً أو إنشاءً فإذا كان
الكلام خبراً، فأحياناً يكون معناها الشك كقول الله عزّ وجلّ قالوا
?قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ? [الكهف: 19] وقد يراد
بها الإبهام يعني تبهم على السامع وأن تعرف لكنك تبهم ومنه قول الله
عزّ وجلّ ? وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ
مُبِينٍ ? [سبأ: 24] أما إن كان الكلام إنشاءً فإن "أو" قد تدل على
التخيير وقد تدل على الإباحة، ما الفرق بينهما، الإباحة تجيز لك الجمع
بين الاثنين والتخيير تجعلك ملزماً بواحد منهما، فأما الإباحة فنحو
قولك جالس عبد الله أو محمد يمكن أن تجالس الاثنين ويمكن أن تختص بواحد
منهما، وأما التخيير فنحو قولك تزوج هنداً أو أختها ليس لك أن تجمع
بينهما فأنت تخيره في واحد منها، مما وردت فيها أو دالة على الإباحة
نحو قول الله عزّ وجلّ ? وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا
بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ? [النساء:86] لك أن تردها هي
بنفسها أو تزيد عليها هذا هو الحرف الخامس وقد انتهينا منه.
وأما الحرف السادس فقد ذكره المصنف فهو "إما"، وكثير من النحويين ما
يذكرون "إما" في حروف العطف، لماذا؟ قال لأنهم إذا قلت جاء إما زيد
وإما عمرو فإن قلت إن إما الأولى عاطفة وقلت إنها عاطفة فأين المعطوف
عليه وقلت إن إما الثانية هي العاطفة فماذا تفعل بالواو فالصواب أنها
ليست داخلة معنا، ولكن لأن المصنف ذكرها هنا فنحن نذكرها أو نتحدث عنها
قد تدل على الشك كقولك قابلت اليوم إما صالحاً وإما سعيداً وأنت شاك في
ذلك، وقد تدل على الإبهام أيضاً فقولك أنت إما على حق وإما على باطل،
وأنت تعرف أنه على حق أو على باطل لكنك تريد أن تبهم عليه، وقد تكون
للتقسيم وذلك قولهم مثلاً الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف.
هذا حديث المصنف عن إما، هو ذكر إما وحدها
ولكننا ذكرنا لكم بعض التفصيلات عنها أم، "أم" فهي الحرف السادس من
الحروف التي ذكرها المصنف وهي سواء وهي من أمثلتها قول الله عزّ وجلّ ?
سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ ? [البقرة:6] ومن ذلك قول الشاعر:
ولست أبالي بعد فقدي مالكاً...... أموتي ناء أم هو الآن واقع
"أم" في هذين الموضوعين هي أم المتصلة، لأنهم يقسمون أم قسمين أم متصلة
وأم منقطعة، أما أم المتصلة فهي التي تأتي بين متساويين، وأما أم
المنقطعة فهي التي تكون بمعني الإضراب في الغالب، فالمتصلة هي التي
مثلتها لكم قبل قليل، وأما المنقطعة فهي التي تأتي بمعني بل، وقد تكون
المتصلة مسبوقة باستفهام، وقد لا تكون مسبوقة بالاستفهام ففي قول الله
عزّ وجلّ ?سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ
? هذه سبقت باستفهام وكذلك في قول الشاعر:
ولست أبالي بعد فقدي مالكاً...... أموتي ناء أم هو الآن واقع
كذلك وقعت بعد استفهام ونحو قول الله عزّ وجلّ ? أَأَنْتُمْ أَشَدُّ
خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَ? [النازعات:27] كذلك وقعت بعد
الاستفهام وهكذا، وقد تقع بين جملتين اسميتين كقول الشاعر:
لعمرك ما أدري وإن كنت دارياً..... شعيث بن سهم أم شعيث بن منكر
هنا لم يذكر قبلها الاستفهام، وقد وقعت بين
جملتين اسميتين ننتقل إلى أم المنقطعة وهي الخالية من همزة التسوية لا
تسبقها همزة التسوية ولا همزة الاستفهام وهي دائماً تدل على الإضراب،
وبعضهم يجعلها بمنزلة بل والهمزة، يعني بمنزلة حرفين، ويستشهدون له
بنحو قول الله عزّ وجلّ ? أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ?
[الطور:39] يقولون التقدير فيها بل أله البنات، وأحياناً لا تدل على
الاستفهام، ومنه قول الله عزّ وجلّ ? أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ
وَالنُّورُ ? [الرعد: 16] هنا أم لاتدل على الاستفهام أما في الأول في
قول الله عزّ وجلّ ? أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ? فقد
دلت على الاستفهام.
أما الأداة السابعة التي ذكرها المصنف فهي بل، وبل حرف عطف لكن يشترط
لها للدلالة على العطف أمران: الأمر الأول: أن تكون مسبوقة إما بإيجاب
أو بأمر أو بنهي أو بنفي يعني لابد أن تكون مسبوقة بواحد من هذه الأمور
إما أن تكون مسبوقة بكلام موجب أو بأمر أو بنهي أو بنفي، الثاني: أن
يكون المعطوف بها مفرداً يعني فلا تعطف الجمل، ما تعطف الجمل، الأمثلة:
قولك قام محمد بل علي هذه بعد كلام موجب، ليقم محمد بل علي هذه بعد
أمر، لا يقم محمد بل علي هذه بعد نهي، ما قام محمد بل علي هذه بعد نفي،
هذه بل العاطفة وكما رأيتم في الأمثلة التي ذكرناها المعطوف بها مفرد،
وبعضهم يمنع دخولها بعد النفي ولكن الصحيح أنها يجوز أن تكون إما بعد
إيجاب يعني كلام موجب وإما بعد أمر وإما بعد نهي وإما بعد نفي، وهذا
النفي هو قد عارض فيه المبرد رحمه الله فقال: "لا يجوز أن تأتي بل بعد
النفي" فلا يجوز عنده أن تقول ما قام محمد بل علي، لا يجوز عنده أن
تكون بل هذه؛ لما تتضمنه من معنى الإضراب.
العاطف الثامن الذي ذكره المصنف هو لا،
كلمة لا تعد حرف عطف أحياناً ويشترط النحويون شروطاً لجعلها عاطفة بعض
هذه الشروط متفق عليه وبعضها مختلف فيه، نكتفي بذكر المتفق عليه،
اتفقوا على اشتراط كونها مسبوقة بإيجاب أو أمر، وعلى كون معطوفها لابد
أن يكون مفرداً فلا يكون جملة، من ذلك قولك هذا زيد لا عمرو، هذا كلام
موجب والمسبوقة بالأمر كقولك اضرب زيداً لا عمرًا، وهذا المعطوف في
الجملتين مفرد وهو كلمة عمرو ومسبوقة في الكلام الأول بكلام موجب وهو
قوله هذا زيد ومسبوقة في الثاني بأمر وهو قوله اضرب زيداً.
أما العاطف التاسع الذي ذكره المصنف فهو لكن كلمة لكن واشترطوا أيضاً
لكونها عاطفة شروطاً:
1- أن يكون المعطوف بها مفرداً.
2- أن تسبق بنفي أو بنهي.
3- ألا تقترن بالواو، فإن اقترنت بالواو كان العطف للواو، وكانت هي
حرفاً دالاً على الإضراب فقط ولابد أن تكون إما مسبوقة بنفي أو بنهي،
ولابد أن يكون المعطوف بها مفرداً لابد أن يكون المعطوف بها مفرداً من
أمثلتها قولك ما مررت برجل لكن امرأة وقولك من أمثلتها أيضاً لا يقوم
عمرو لكن بكر.
في نحو قول الله عزّ وجلّ ? مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ
رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ?
[الأحزاب:40] لكن هنا ليست حرف عطف وإنما العطف هو للواو لأن الواو
أقوى منها في العطف ما دامت اقترنت بالواو فإنها لا تعتبر عاطفة.
أما الحرف الأخير الذي ذكره المصنف من حروف العطف فهو حتى والعطف بها
قليل، لأن الغالب والكثير فيها أن تكون حرف جر ومن ذلك قول الله عزّ
وجلّ ? سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ? [القدر:5] فهي هنا حرف
جر ولذلك اشترطوا لها أن يكون المعطوف بها اسماً ظاهراً فلا يصح أن
يكون ضميراً الثاني: أن يكون المعطوف بها بعضاً من المعطوف عليه.
الثالث: أن يكون غاية في زيادة أو في
نقصان، المثال قولك مات الناس حتى الأنبياء الآن توافرت الشروط كلها.
واحد أن المعطوف بها اسم ظاهر وهم الأنبياء.
اثنين أنه بعض من المعطوف عليه لأن الأنبياء بعض الناس.
الثالث أنه غاية إما في زيادة وإما في نقصان وهو غاية في الزيادة هنا،
وأما الغاية في النقصان فقولك مثلاً غلبك الناس حتى الصبيان، فالصبيان
هنا غاية ولكنه غاية في النقص، وقد ذكرنا شروط حتى وما يتعلق بها.
ننظر إلى قول المصنف، رحمه الله بعد أن ذكر هذه الأدوات وبينا ما فيها
وكيف تكون عاطفة، ننتقل إلى شرح قول المصنف (فإن عطفت على مرفوع رفعت
أو على منصوب نصبت أو على مخفوض خفضت أو على مجزوم جزمت) هذا هو حق
المعطوف أن تتبعه أو أن تعطيه حركة المعطوف عليه رفعاً أو نصباً أو
خفضاً أو حتى جزماً، قال (تقول قام زيد وعمرو) هذا عطفت مرفوعاً على
مرفوع (ورأيت زيداً وعمراً) هذا عطفت فيه منصوباً على منصوب (ومررت
بزيد وعمرو) هذا عطفت فيه مجروراً على مجرور أو مخفوضاً على مخفوض.
أما قوله (وزيد لم يقم ولم يقعد) ففي نفسي منها شيء لأنه كرر لم فلعل
جزم الفعل الثاني بلم وليس جزماً بسبب العطف، والمثال الصحيح في رأيي
أن يقال لم يقم زيد ويقعد، لم يقم ويقعد حينئذ يكون العمل للعاطف، أما
إذا كررت لم فإنه سيكون العمل لها وهذا آخر ما يقال في باب العطف.
ننتقل بعده إلى
باب التوكيد وهو باب من أبواب التوابع.
التوكيد قال المصنف عنه (التوكيد تابع للمؤكد في رفعه ونصبه وخفضه
وتعريفه) المصنف هنا لم يعرف لنا التوكيد وإنما ذكر لنا حكم التوحيد،
والتوكيد يا أيها الأحباب قسمان: قسم منه يسمى بالتوكيد اللفظي ولم
يذكره المصنف، والقسم الثاني وسيذكره المصنف هو التوكيد المعنوي. أما
التوكيد اللفظي يا أيها الأحباب فهو أن تكرر اللفظ الأول بعينه سواء
أكان اللفظ الأول اسما أو فعلا أو حرفا أو جملة هذا كله يسمى بالتوكيد
اللفظي كله يسمى بالتوكيد اللفظي، والتوكيد اللفظي جائز وسائغ وموجود،
إذا قلت جاء محمد محمد فقد أكدت الفاعل هنا وأتبعت هنا وإذا قلت جاء
جاء محمد فقد أكدت المجيء، وإذا قلت إن محمداً إن محمداً مجتهد فقد
أكدت التوكيد إن محمداً إن محمداً مجتهد، ألا يجوز أن تقول إن إن محمد
مجتهد الصحيح أنه لا يجوز في الحروف توكيدها توكيداً لفظياً إلا أن
تلحق معها ما اتصل بها إلا إذا كان الحرف هذا حرف جواب كأن يقول مثلاً
نعم أولا أو أجل أو ما شاكل ذلك، ومن ذلك مما ورد فيه توكيد الحرف الذي
هو حرف جوابي قول الشاعر:
لا لا أبوح بحب بثينة إنها أخذت علي مواثقاً وعهود باح ولا ما باح يا
أخوان؟ باح هو يقول لا لا أبوح، وأنت بحت يقول لأنها أخذت علي مواثقاً
وعهودا أنا لا أبوح، ومع ذلك باح رحمنا الله وإياهم، المهم أن قوله لا
لا فيها توكيد لفظي والتوكيد هنا لحرف جوابي لا مانع لكن لو كان الحرف
ليس جوابياً كأن كان من حروف الجر أو إن وأخواتها أو نحو ذلك فلابد أن
تعيد معه ما اتصل به تقول مثلاً في توكيد حرف الجر مررت بك بك ولا تقول
مررت ببك، لا، لابد أن تقول مررت بك بك فتعيد معه ما اتصل به وكذلك لعل
محمداً لعل محمداً مجتهد تكرر معه ما اتصل به هذا إذا كان حرفاً.
ما توكيد الجملة؟ مثاله، مثال توكيد الجملة أو شاهده قول الله عزّ وجلّ
? أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ?34? ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ?
[القيامة:34-35] هذه فيها توكيد لفظي للجملة، وهذا آخر ما يقال عن
التوكيد اللفظي.
ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن التوكيد
المعنوي لكن قبله أشير إلى أن مراد المؤلف في قوله في بداية باب
التوكيد (التوكيد تابع للمؤكد في رفعه ونصبه وخفضه وتعريفه) هذا بارك
الله فيكم خاص قوله وتعريفه خاص بالتوكيد المعنوي، أما بقية الأشياء
وهي الرفع والنصب والخفض فإنها تنفعنا في باب التوكيد اللفظي والتوكيد
اللفظي لا يشترط فيه أن يكون المؤَكَّد معرفة أو أن يكون المؤَكِّد
معرفة، لا، بل التوكيد المعنوي هو الذي يشترط فيه ذلك فننتقل إلى كلام
المصنف هنا وهو قوله (ويكون بألفاظ معلومة وهي النفس والعين وكل وأجمع
وتوابع أجمع، وهي أكتع وأبتع وأبصع) كل هذه الثلاثة كلمات أكتع وأبتع
وأبصع تعني ما تعني كلمة أجمع قال (تقول قام زيد نفسه، ورأيت القوم
كلهم ومررت بالقوم أجمعين) وكلام المصنف كله عن التوكيد المعنوي،
والتوكيد المعنوي يا أيها الأحباب إنما هو بألفاظ محدودة، أما التوكيد
اللفظي فكما ذكرت لكم ليس له ألفاظ محدودة بل كل لفظ سواء كان اسماً أم
فعلاً أم حرفاً أم جملة يجوز لك أن تؤكده توكيداً لفظياً، أما التوكيد
المعنوي فهو خاص ببعض الألفاظ وهي التي ذكرها المصنف في قوله (النفس
والعين وكل وأجمع وتوابع أجمع وهي أكتع وأبتع وأبصع) ويقال أيضاً جمعاء
وكتعاء وبتعاء وبصعاء مع هذه، يعني مؤنثات هذه الألفاظ هي داخلة وجميع
أيضاً من ألفاظ التوكيد وعامة أيضاً من ألفاظ التوكيد، هنا مسائل:
المسألة الأولي: حكم التوكيد المعنوي من ناحية الإعراب هذا بينه المصنف
من أن التوكيد المعنوي يتبع المؤكد رفعاً ونصباً وخفضاً، تقول جاء محمد
نفسه ورأيت محمدًا نفسه ومررت بمحمد نفسه فتبعه في حركاته كلها.
المسألة الثاني: قول المصنف تعريفه، المؤكد
هنا في الأمثلة المذكورة كلها معرفة فهل يجوز في التوكيد المعنوي مجيء
المؤَكَّد، المؤكَّد ما هو المؤكِّد؟ المؤكَّد مجيئه نكرة هذا قد ورد
ولكنه قليل، ويشترطون للتوكيد المعنوي إذا كان المؤكد نكرة أن يكون
محدوداً محصوراً كأن يكون سنة مثلاً حول (سنة) ساعة، يوم، أسبوع ما
شاكل ذلك، ويستشهدون له بقول الشاعر:
لكنه شاقه أن قيل ذا رجب....... يا ليت عدة حول كله رجب
فكل هنا توكيد معنوي وقد جاء المؤكد هنا كلمة حول وهي نكرة وهذا قليل.
المسألة الثالثة: التوكيد بلفظي النفس والعين، كيف نؤكد بهما؟
يؤكد بهذين اللفظيين الواحد، تقول جاء محمد نفسه، ويؤَكَّد بهما أيضاً
الجماعة، تقول جاء الرجال أنفسهم، ولا يؤَكَّد بها المثنى، لأن المثنى
له لفظ خاص به، وهو لفظ كلا وكلتا يؤكد المثني المذكر بكلا ويؤكد
المثنى المذكر بكلتا، فلذلك ما يؤكد بالنفس والعين إلا هذان الأمران
وهما المفرد تقول جاء محمد نفسه والجماعة فتقول جاء الرجال أنفسهم
وتقول في جماعة الإناث جاءت الهندات أنفسهن.
المسألة الرابعة: أنه يجوز إدخال الباء على لفظي النفس والعين، فتقول
جاء محمد بنفسه وجاء محمد بعينه، وجاء القوم بأنفسهم وجاء النساء
بأنفسهن، ولابد من وجود ضمير يبين المؤكد أو له علاقة بالمؤكد إما مفرد
أو مثني أو مجموع جمع مذكر أو جمع مؤنث، قف المثنى لا، المثنى سيأتي
بيانه إن شاء الله.
المسألة الخامسة: التوكيد بلفظ كل الغرض
منه إفادة العموم، وكل هذه لا يؤكد بها المثنى أيضاً وإنمايؤكد بها
المفرد الذي له أجزاء تصلح للانفصال بعضها عن بعض وإلا فلا، يعني ما
يجوز أن تقول جاء زيد كله لكنك تقول اشتريت الأرض كلها، الأرض واحدة
وزيد واحد لكن زيد ما يتجزأ في المجيء، زيد لا يتجزأ في المجيء لكنك
تقول أيضاً يجوز لك أن تقول بعت زيداً كله، هذا إذا كان زيد مملوك لك،
لأنه يمكن أن تبيع بعضه فأنت تنظر إلى الجملة كلها فإن كان تصلح
للتجزئة فلا مانع أن تذكر فيها لفظ يعني التوكيد بلفظ كل وإلا فلا، هذا
بالنسبة لتوكيد المفرد أما بالنسبة لتوكيد الجماعة فإنه جائز أن تقول
جاء القوم كلهم، وجاء النساء كلهن، وهكذا هذا ما دام يدل على الجماعة.
المسألة السادسة: التي تذكر في لفظ أو في باب التوكيد هو شيء تركه
المصنف وهو التوكيد بلفظ كلا وكلتا وهذان اللفظان خاصان بالمثنى يعني
يؤكد بكلا المثنى المذكر ويؤكد بكلتا المثنى المؤنث، لكن انتبه لابد أن
يكونا مقترنين بالضمير أما إذا كان مضافين إلى غير الضمير فليس توكيداً
تقول جاء كلا المحمدين هذه ليس فيها توكيد لكن تقول جاء المحمدان
كلاهما، وجاءت الهندان كلتاهما فحينئذ أكدت بلفظ كلا وكلتا مضفين إلى
الضمير فإن كانا مضافين إلى اسم ظاهر فإنه لا يكون توكيد بهما.
المسألة الثامنة: الألفاظ التي ذكرها
المصنف وهي أجمع وأكتع وأبتع وأبصع وما شاكلها هذه ألفاظ قد تأتي
للتوكيد بها وحدها فتقول جاء القوم أجمعون، ويمكن أيضاً أن تأتي بها
بعد لفظ كل فتقول جاء القوم كلهم أجمعون، وانظروا إلى قول الله عزّ
وجلّ ? فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ? [الحجر:30] فقد
أكد بهذين اللفظين المتتاليين، أما توابع أجمع فهي يطلق عليها الحكم
نفسه الذي ذكرناه مع أجمع، وهي أكتع وأبتع وأبصع وهل تأتي وحدها أو
لابد أن تكون مع أجمع يجوز لك أن تأتي بها وحدها ولكن الأولى أن تكون
مسبقة بكلمة أجمع والوجهان جائزان لكن هذا أفضل وأرجح.
ونقف عند هذا الحد وهو نهاية باب التوكيد لنستمع إلى أسئلتكم إذا
أردتم، تفضل.
سأل أحد الطلبة:
جزاكم الله خير، لقد قسم بعضهم العطف إلى عطف بيان وعطف نسق فما تعريف
كليهما مع التمثيل.
أجاب الشيخ:
أولاً بارك الله فيك هذا سؤال جيد، وهذا الحديث أو الكلام في هذا
الموضع أهمله المصنف فلم يتحدث عن عطف البيان، وهو واحد من التوابع
وإهماله هو محق فيه، لأن البدل هو عطف البيان، عطف البيان والبدل
بينهما تشابه كبير ولكنهم اشترطوا في البدل أن يصح حلوله محل المتبوع،
محل المبدل منه ولذلك يجعلون العطف عطف البيان هذا في المواضع التي
يمتنع فيها البدل، ولكن المصنف أهمله وبعض النحويين أهمله والصواب أن
كل ما يصلح أن يعرب بدلاً يصح إعرابه عطف بيان، عطف البيان لا يشترط
فيه حرف العطف وهذا الفرق بينها وبين عطف النسق الذي تحدثنا عنه فإن
عطف النسق لابد أن يتوسط بين التابع والمتبوع واحد من الحروف العشرة
التي ذكرنها وهي: الواو أو الفاء أو ثم أو إلى آخر الحروف التي ذكرنها
وهذا سؤال جيد وأحسنت بذكره، وقد أعطينا لمحة موجزة عن عطف البيان، فلا
نحتاج إلى إعادته، نعم، تفضل.
سأل أحد الطلبة:
فضيلة الشيخ أثابكم الله، بعض النحاة
يكتبون "أل" وبعضهم الألف واللام فما سبب الخلاف؟
أجاب الشيخ:
هذا سهل في الحقيقة بعضهم يعتمد على لفظ الحرف نفسه، ولا يفصله تفصيلاً
فيقول هذا باب "أل" التعريف وبعضهم يقول هذا باب الألف واللام المعرفة
والمسألة في هذا سهلة ولا مشاحة في الاصطلاح، يعني هذا اصطلاح من بعض
النحويين، بعضهم يكتفي بوجود كلمة "أل" وبعضهم يرى يقول الألف واللام،
وهي واحدة ما في فرق بينهما.
سأل أحد الطلبة:
فضيلة الشيخ جزاكم الله خير قلت: إنه لابد أن يأتي بعد بل مفرد فإذا
جاءت بعدها جملة فما يكون إعرابها؟
أجاب الشيخ:
هذه تكون استئنافية ولا تكون عاطفة، نعم تكون استئنافية ولا تكون عاطفة
وإنما يتبين العطف والإتباع في وجود المفرد بعدها.
نكتفي بهذا القدر اليوم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
|