شرح الدرة اليتيمة

عناصر الدرس
* ذكر المرفوعات من الأسماء.
* الفاعل حده ومايحترزمنه وأحكامه.
* نائب الفاعل.
* المبتدأ والخبر وحدهما وذكر ما يتعلق بهما من أحكام.
* اسم كان وأخواتها وخبر إن وأخواتها.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
(بَابُ الْمَرْفُوْعَاتِ مِنَ الأَسْمَاءِ)
بعد أن ذكر لنا مرفوعات الأفعال وهو الفعل المضارع ذكر حالة رفعه وأنه إذا خلا من ناصب وجازم ثم ثنى بحالة نصبه، وهي الحالة الثانية له، ثم ثَلَّثَ بالباب الثالث مما يتعلق بالفعل المضارع وهو باب الجوازم.
شرع في بيان ما يتعلق بالأسماء فقال: (بَابُ الْمَرْفُوْعَاتِ مِنَ الأَسْمَاءِ). ثم عنون (بَابُ الْمَنْصُوبَاتِ مِنَ الأَسْمَاءِ) ثم ثلث باب الجر من الأسماء أو (بَابُ الْجَرِّ) إذًا ما يتعلق بالفعل ثلاثة أمور: الرفع، النصب، الجزم. ما يتعلق بالأسماء: الرفع، النصب، الجر. ولكلٍّ باب، ولكنه في هذين البابين المرفوعات من الأسماء والمنصوبات من الأسماء أجحف أيما جحف لأن الفاعل مثلاً باب واسع مسائله عديدة متناثرة، فهو لم يورد إلا حد الفاعل أو أنه حكمه كذا، كذلك المبتدأ واسم كان وإن، وهذه يعني #1.24 ..... نحتاج إلى اتصال وأجود ما يكون # ..... 1.31.
(بَابُ الْمَرْفُوْعَاتِ مِنَ الأَسْمَاءِ)، (بَابُ) أي: هذا الباب بيان ... (الْمَرْفُوْعَاتِ) جمع مرفوعة (مِنَ الأَسْمَاءِ) احترازًا من مرفوعات الأفعال وهو الفعل المضارع، وهنا ليست ذات، ليست صفة افتراضية لأنه ذكر أولاً المرفوع من الأفعال فلا داعي لهذا القيد.
قال: (يُرْفَعُ مِنْ كُلِّ الأَسَامِي الْفَاعِلُ ** وَلَوْ مُؤَوَّلاً). هذا هو المرفوع الأول وهو: الفاعل. قدمه على المبتدأ، وهناك خلاف عند النحاة أي المرفوعات أصلاً هل هو الفاعل أم [المفعول] (1)؟ ولذلك تجد بعض النحاة يقدم المبتدأ على الفاعل، وبعضهم يقدم الفاعل على المبتدأ، هذا التقديم والتأخير في التصنيف مبناه على هذا الخلاف أي المرفوعات أصل في الأسماء؟ هل هو الفاعل أم [المبتدأ]؟ المشهور أنه المبتدأ الجمهور على هذا، لذلك ابن مالك قدم الابتداء على الفاعل، وابن هشام كذلك في ((قطر الندى)) قدم المبتدأ على الفاعل، وهنا عكس قدم الفاعل على المبتدأ لعله يميل إلى أن الفاعل أصل والمبتدأ فرع. (يُرْفَعُ مِنْ كُلِّ الأَسَامِي الْفَاعِلُ)، (يُرْفَعُ) هذا فعل مضارع مغير للصيغة (الْفَاعِلُ) نائب الفاعل (مِنْ كُلِّ الأَسَامِي) أسامي جمع اسم، وهذه الياء منقلبة عن واو أصلها سَامِوٌ وقعت الواو رابعة فصاعدًا، والقاعدة أن الواو إذا وقعت رابعة فصاعدًا وجب قلبها ياءً، مصطفى أصلها مُصْطَفَوٌ وقعت الواو خامسةً فيجب قلبها ياءً، فقلبت ياءً فصار مُصْطَفَيَ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألف.
(وَلَوْ مُؤَوَّلاً) هذا بيان لأن الفاعل قد يكوم صريحًا وقد يكون مؤولاً بالصريح (كَقَامُ الْعَادِلُ) هذا مثال من الناظم تبرع به للتطبيق القاعدة.
__________
(1) سبق والمقصود المبتدأ كما بعده بأسطر.


نقول: الفاعل في اللغة من أوجد الفعل. فكل من أوجد الفعل فهو فاعل، وعليه يشمل المبتدأ، المبتَدأ الاصطلاحي داخل في حد الفاعل لغةً، لماذا؟ لأنك إذا قلت: مُحَمَّدٌ قَائِم. مُحَمَّدٌ مبتدأ قَائِم خبره، مُحَمَّدٌ قَائِم عندنا حدث وهو القيام ما الذي أحدث القيام؟ مُحَمَّدٌ، إذًا كل من أوجد الفعل الحدث فهو فاعل، إذًا مُحَمَّدٌ فاعل لغةً مبتدأ اصطلاحًا، مُحَمَّدٌ قَائِم نقول: مُحَمَّدٌ هذا فاعل لغةً مبتدأ اصطلاحًا. واضح هذا؟ فالفاعل هذا حدث، وأما في الاصطلاحي فنقول: اسم صريح أو مؤول بالصريح، أُسند إليه فعل أو مؤول به، مقدم عليه بالأصالة واقعًا منه أو قائمًا فيه. اسم صريح أو مؤول بالصريح، الاسم كما سبق في بيان حروف الجر أنه قد يكون الاسم صريحًا يعني: ملفوظًا به منطوقًا به، مَرَرْتُ بِزَيْد، زيد هذا اسم صريح لأنه لفظ به، أَشَرْتُ إِلَيْهِ بِأَنْ قُمْ، قلنا: أن هذه حرف ودخلت عليها باء الجر، وباء الجر من علامات الأسماء فيما دخلت على أن، نقول: دخلت على اسم ولكنه ليس صريحًا وإنما هو مؤول بالصريح، لأن أن حرف مصدري تأول مع ما بعدها بمصدر، وهذا الذي يسمى الموصول الحرفي، والموصول نوعان:
موصول اسمي.
وموصول حرفي.
الموصول الحرفي هذا خمسة أو ستة على نزاع.
موصل الحرفي ما أول مع ... صلته لمصدر كيف وقع

ما أول مع ** صلته لمصدر، بأن قم، أن حرف مصدري، قم هذا فعل أمر، أن وما دخلت عليه في تأويل المصدر، والمصدر لا يكون إلا اسمًا. إذًا أَشَرْتُ إِلَيْهِ بِالْقِيَام، بأن قم، أن قم في قوة قولك: الْقِيَام. إذًا دخل حرف الجر على الاسم تأويلاً لأن مرد أن قم إليه، واضح هذا؟ فنقول: الفاعل قد يكون اسمًا صريحًا لا يحتاج إلى تأويل، لا يحتاج إلى موصول الحرفي، مثل: قام زيد. زيد هذا فاعل وهو اسم صريح، ويشمل هنا لمقابلته بالمؤول، يشمل الضمير كما شمل الاسم الظاهر قَامَ زَيْدٌ، زيد من قولك: قَامَ زَيْدٌ. كذلك يشمل الضمير البارز مَا قَامَ إِلا أَنَا، أنَا هذا فاعل، كذلك يشمل الضمير المستتر وجوبًا قم، الفاعل ضمير مستتر، كذلك يشمل الفاعل إن كان ضميرًا مستترًا جوازًا هِنْدٌ تَقُومُ أي: هي. إذًا اسم صريح دخل تحته الاسم الظاهر كزيد قولك: قَامَ زَيْد، ودخل تحته الضمير البارز، وقولك: مَا قَامَ إِلا أَنَا. قام فعل ماضي وإلا # .. 7.12، وأنا فاعل وهو ضمير بارز وليس اسمًا ظاهرًا، كذلك دخل الضمير المستتر وجوبًا قم، وكذلك دخل كذلك الضمير المستتر جوازًا هِنْدٌ تَقُومُ أو زَيْدٌ يَقُوم أي: هو.
اسم صريح أو مؤول بالصريح، مؤولاً هذه أشار إليه بقوله: (وَلَوْ مُؤَوَّلاً). (يُرْفَعُ مِنْ كُلِّ الأَسَامِي) هذا اسم الصريح (وَلَوْ مُؤَوَّلاً)، (مُؤَوَّلاً) إيش إعرابه؟ خبر كان المحذوفة مع اسمها.
ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرًا لاشتهر


«التمس ولو خاتمًا من حديد». (مُؤَوَّلاً) هذا خبر لكان المحذوفة مع اسمها، ولو كان الاسم مؤولاً، مثاله: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ} [الحديد: 16] يعني: {أَلَمْ يَأْنِ} الهمزة للاستفهام لم حرف نفي وجزم وقلب {يَأْنِ} فعل مضارع مجزوم بلم، وجزمه حذف حرف العلة [أحسنت] لأنه معتل الآخر ناقص ياء، ... {لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ} إذا قيل: {يَأْنِ} فعل مضارع، وكل فعل لا بد له من فاعل، أين فاعله؟ تقول: {أَن} حرف مصدري ناصب و {تَخْشَعَ} فعل مضارع منصوب بـ {أَن}، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل، ألم يأن خشوع الذين آمنوا، إذًا هذا مؤول بالاسم الصريح ليس اسمًا صريحًا وإنما هو مؤول بالاسم الصريح، أُسند إليه فعل، أخرج ما أسند إليه اسم، أو جملة، زَيْدٌ أَخُوكَ، زَيْدٌ هذا اسم صريح أُسند إليه اسم جامد وهو: أَخُوكَ. كذلك ما أسند إليه جملة زَيْدٌ قَامَ أَبُوهُ، أُسند إليه جملة نقول: هنا أسند إليه فعل، قَامَ زَيْدٌ، عندنا مسند ومسند إليه، قَامَ زَيْد، قَامَ فعل ماضي وَزَيْد فاعل، الفاعل عند النحاة فاعل اسمه فاعل، لكن عند البيانيين يعبرون بالمسند إليه، والفعل عند النحاة فعل، ولكنه عند البيانيين يعبرون بالمسند، إذًا قَامَ زَيْدٌ أين المسند؟ قَامَ. أين المسند إليه؟ زَيْدٌ. هنا الفاعل أُسند إليه فعل، ولذلك عبارة # .... 10.10 المذكور قبله فعل هذا المراد، أسند إليه فعل أخرج ما أسند إليه اسم أو جملة، أو مؤول به قَامَ زَيْدٌ زيد فاعل أسند إليه قَامَ، يَقُومُ زَيْدٌ زيد فاعل أسند إليه فعل مضارع، {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [فاطر: 28]، {أَلْوَانُهُ} إيش إعرابه؟ فاعل {مُخْتَلِفٌ} هل هو فعل أم اسم؟ اسم إذًا كيف نقول: فاعل {أَلْوَانُهُ} وهنا {مُخْتَلِفٌ} الذي هو العامل اسم؟ هذا المؤول بالفعل اسم الفاعل هذا في قوة الفعل، ولذلك في المبتدأ يقولون: أَقَائِم الزَّيْدَانِ، قَائِم هذا مبتدأ، الزيدان فاعل سد مسد الخبر، لماذا هو فاعل؟ نقول: العامل قائم هو اسم فاعل، لكنه متصل من جهة المعنى بالفعل، ولذلك يعبر ابن هشام رحمه الله أنه في قوة قولك: أَيَقُومُ الزَّيْدَان. لأن المشتقات متضمنة للحدث كما أن الفعل متضمن للحدث، لذلك هي أشبه بالفعل منها إلى الأسماء، ولذلك فيها شبهان، من جهة المعنى هي أفعال لأنها تدل على زمن وحدث، ومن جهة اللفظ هي أسماء لأنها تقبل أن، وتقبل التنوين وتقبل الإضافة .. إلى آخره، إذًا العامل للفاعل هذا الخلاصة، العامل في الفاعل قد يكون فعلاً، وقد يكون اسم فاعل، قَامَ زَيْدٌ العامل اسم الفعل، أَقَائِم الزَّيْدَانِ هذا فاعل سد مسد الخبر والعامل فيه قَائِم لذلك قال: أُسند إليه فعل صريح أو مؤول به، إيش معنى مؤول به؟ التأويل الرجوع إلى الشيء، إذًا يرجع في المعنى إلى الفعل، مقدم عليه إذًا زَيْدٌ قَامَ، زيد هذا لا يكون فاعل، لماذا؟ لأنه قد تقدم على الفعل، وعند البصريين خلافًا للكوفيين لا يجوز تقديم الفاعل على عامله، فحينئذٍ قوله: مقدم عليه. أخرج نحو زَيْدٍ من قولك: زَيْدٌ قَام.


زيد هذا مبتدأ وقام فعل ماضي، وفاعله ضمير مستتر، والجملة خبر المبتدأ هذا على مذهب البصريين، وعند الكوفيين يجوز أن تقول: زيد مبتدأ وقام خبر الجملة. ويجوز أن تقول: زيد فاعل مقدم على الفعل لكنه خلاف المرجح، مقدم عليه بالأصالة [أخرج نحو: زيد. من قولك: زَيْد قَامَ] (1) عفوًا أخرج نحو: قَائِمٌ زَيْدٌ في الظاهر أن قَائم هذا اسم فاعل والذي يليه فاعل أليس كذلك؟ قَائِمٌ زَيْدٌ زيد هذا فاعل لقائم نقول: لا، الأصل زَيْدٌ قَائِمٌ، قَائم هذا خبر تقدم على المبتدأ، هل هو مقدم على المبتدأ أو على زيد في هذا الترتيب هل هو مقدم عليه بالأصالة أم بالعرض؟ نقول: بالعرض. لماذا بالعرض؟ لأن الأصل في الخبر أن يتأخر عن المبتدأ، وهنا قَائِمٌ زَيْدٌ خبر ومبتدأ، قَائِمٌ هذا خبر مقدم وزَيْدٌ هذا مبتدأ مؤخر، وأصل التركيب زَيْدٌ قَائِم فتقدم الخبر على المبتدأ، والعبرة بالأصل لا بالفرع، لذلك قال ابن مالك:
والأصل في الفاعل أن يتصلا ... والأصل في المفعول أن ينفصلا

* * *
والأصل في الأخبار أن تؤخرا ... وجوزوا التقديم إذ لا ضررا

والأصل في الأخبار أن تؤصلا هذا الأصل، وقد يكون خلاف الأصل، اسم صريح أو مؤول به أُسند إليه فعل أو مؤول به مقدم عليه بالأصالة، وتعممه أو قائم به، هذا يشير إلى أن المسألة اصطلاحية وليست حقيقية، لماذا؟ لأن من أحدث الحدث لا شك أنه فاعل لغةً واصطلاحًا، ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا زَيْدٌ فاعل أحدث الضرب أوجد الضرب لكن عَلِمَ زَيْدٌ قام به العلم، مات عَمْرو، مات فعل ماضي، وعَمْروٌ هذا فاعل، مَاتَ عَمْروٌ هل أحدث فعل الموت؟ لا، ما أحدثه، ولكنه قام به، هذا التركيب مَاتَ زَيْدٌ، مَاتَ عَمْروٌ مقصودهم أنه وُجد فيه هذه الشروط، لذلك يُسمى فاعل وإن كان في الحقيقة هو ليس بفاعل، ولكنه اسم صريح أسند إليه فعل مقدم عليه بالأصالة واقعًا منه أو قائمًا به، واقعًا منه أو قائمًا به أخرج نائب الفاعل، ضُرِبَ زَيْدٌ، زيد هذا هل قام به الضرب؟ أو وقع عليه؟ وقع عليه، وهذا الذي يُعد فاعلاً لا بد أن يكون قائمًا به أو واقعًا منه، وهذا قد وقع عليه. إذًا الفاعل - كما ذكرنا - اسم صريح أو مؤولاً به - كما قال الناظم (وَلَوْ مُؤَوَّلاً) أسند إليه فعل أو مؤول به مقدم عليه بالأصالة واقعًا منه أو قائمًا به.
إذا عرفنا حقيقة الفاعل ما حكمه؟ نقول: حكمه الرفع لفظًا أو تقديرًا أو محلاً، لفظًا نحو: جَاءَ زَيْد كما قال هنا: (كَقَامُ الْعَادِلُ). العادل هنا فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة، جَاءَ الْفَتَى الفتى فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة لأنه اسم مقصور فتقدر عليه الضمة. قالت حذامِ.
إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِقُوهَا ... فَإِنَّ القَولَ ما قَالتْ حَذَامِ

حذامِ في الموضعين فاعل أين الضمة؟ لا، ليست مقدرة تقول: هذا حذامِ مبني والمبنيات إعرابها ليس لفظيًا ولا تقديرًا إنما إعراب محلي، حذامِ تقول: اسم مبني على الكسر في محل رفع فاعل، والإعراب هنا محلي. كذلك لا يضر لو جر لفظ الفاعل {مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ} [المائدة: 19]، {مَا جَاءنَا} جاء أين فعلها؟ {بَشِيرٍ} وبشير هذه مجرورة، فكيف قلنا الفاعل مرفوع؟
__________
(1) سبق.


نقول: هنا مجرورًا لفظًا مرفوع تقديرًا على الصواب أن إعراب الحرف أو إعراب الاسم المجرور بحرف جر زائد أن إعرابه تقديري لا محلي {مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ} تقول: {مِن} حرف جر زائد {بَشِيرٍ} فاعل مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. هذا حكم الفاعل أنه مرفوع.


الحكم الثالث أو الحكم الثاني أنه يجب تجريده من علامة تثنية أو جمع أنه يجب تجريد عامله من علامة تثنية أو جمع إذا كان الفاعل مثنًى أو مجموعًا تقول: قَامَ زَيْدٌ. زَيْدٌ هذا فاعل وهو مفرد، وقام هذا مفرد، إذا كان الفاعل مثنى الزيدان يجب حينئذٍ تجريد العامل الذي هو قام من علامة تدل على تخلية الفاعل قَامَ الزَّيْدَان قام هذا مفرد كما تقول: قَامَ زَيْدٌ قَامَ الزَّيْدَان. لا يحتاج إلى علامة تدل على تثنية الفاعل كما يحتاج إلى علامة تدل على تأنيث الفاعل قَامَت هِنْد يجب أن تتصل به في مثل هذا التركيب تاء تأنيث ساكنة تدل على أن الفاعل مؤنث، أما إذا كان الفاعل مثنى فلا نحتاج في لغة جماهير العرب إلى علامة تتصل بالفعل لتدل على أن الفاعل مثنى، تقول: قَامَ الزَّيْدَان. ولا يصح أن تقول: قَامَا الزَّيْدَان. وتقول: قَامَ الزَّيْدُونَ. بتجريد العامل من علامة تدل على أن الفاعل جمع، هذه اللغة المشهورة وسمع في لغة بني حارث إسناد الفعل إلى المثنى وإلحاق العامل علامة تدل على تثنية الفاعل فيقولون: قَامَا الزَّيْدَان. قَامَا فعل ماضي والألف علامة تثنية تدل على تثنية الفاعل، والزيدان فاعل، قَامُوا الزَّيْدُونَ، قام فعل ماضي والواو علامة تدل على جمع الفاعل، والزيدون هذا فاعل، لكن هذا [مرجح عند أو] (1) مرجوح عند جماهير النحاة لماذا؟ لأنها لغة قليلة ويجب تخريجها على وجه صحيح، ولذلك يقال فيها: إن كان الفعل قد أسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة فلا إشكال، كيف هذا؟ قَامَا الزَّيْدَان، قَامَا فعل ماضي يحتمل أن تجعل الألف هي الفاعل، قَامَا الزَّيْدَان كأنك قلت: الزَّيْدَانِ قَامَا. ويحتمل أن تجعل الواو قَامُوا الزَّيْدُونَ فكأنك قلت: الزَّيْدُون قَامُوا. على هذا الوزن لا إشكال ويزيده جميع العرب إنما الإشكال فيما أسند الفعل إلى الاسم الظاهر، أو في حالة التثنية، أو أفرد الفعل إلى الاسم الظاهر في حالة الجمع، وعليه نقول: إذا سمع من كلام العرب ما ظاهره هذا المثال وجب أن يُجعل الفعل مسندًا إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة، وعليه نعرب قَامَا الزَّيْدَان قَامَا فعل وفاعل، والجملة خبر مقدم والزَّيْدَانِ هذا مبتدأ مؤخر. قَامُوا الزَّيْدُونَ، قَامُوا فعل فاعل والجملة خبر مقدم والزَّيْدُونَ هذا مبتدأ مؤخر، أو قَامَا فعل وفاعل والزيدان بدل بعض من كُلٍّ أو بدل كل [من الكل] من الألف، قَامُوا الزَّيْدُونَ فعل فاعل قَامُوا الواو فاعل والزَّيْدُونَ هذا بدل كل من كل وعليه لا إشكال، فإذا جاء ما ظاهره على لغة أكلوني البراغيث تُسمى هذه ما جاء ظاهره في القرآن وجب تأويله، ولذلك عند الجماهير أنه لا يجوز أن يُنَزَّل القرآن على لغة ضعيفة أو نادرة {وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} [الأنبياء: 3] هذا ظاهره قَامَا الزَّيْدَانِ {وَأَسَرُّواْ} بالواو {النَّجْوَى} هذا مفعول به {الَّذِينَ ظَلَمُواْ} هذا الظاهر نقول: لا يجوز تخريجه على أنه فاعل، لماذا؟ لأنك لو جعلته فاعلاً لأسر لجعلت الواو علامة تدل على أن الفاعل جمع وهذه لغة ضعيفة، ولذلك عبر عنها ابن مالك:
__________
(1) سبق.


وقد يقال سَعِدَ وَسَعِدوا ... والفعل للظاهرِ بعد مسندِ

والأصل:
وجرد الفعل إذا ما أسندَا ... لاثنين أو جمع كَفَازَ الشهدا

إذًا {وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى} فعل وفاعل ومفعول به، والجملة خبر مقدم {الَّذِينَ ظَلَمُواْ} مبتدأ مؤخر، {فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ} [المائدة: 71] عموا بالواو والأصل عَمِيَ وصمَّ كثير نقول: نخرجه على أنها عموا هذه الجملة خبر مقدم، كثير هذا مبتدأ مؤخر، والذي سوغ الابتداء {كَثِيرٌ مِّنْهُمْ} نعته وصفه أو تقديم الخبر على المبتدأ.
هذا هو الحكم الثاني يجب تجريد العامل من علامة تدل على التثنية أو الجمع فيما إذا كان الفاعل مثنًى أو مجموعًا.
الحكم الثالث: أنه يؤنث العامل لتأنيث الفاعل يعني: إذا كان الفاعل مؤنثًا حينئذٍ تلحق الفعل تاء تأنيث الساكنة، تاء التأنيث الساكنة تلحق العامل إذا كان العامل فعل قَامَتْ هِنْدٌ، وتاء التأنيث المتحركة إن كان العامل صفة زَيْدٌ قَائِمَةٌ أُمُّهُ، قَائِمَةٌ أُمُّهُ مثل أَقَائِم الزَّيْدَانِ قَائِمَةٌ هذا اسم فاعل، أمه هذا فاعل مؤنث؟ مؤنث، هل اتصل بالعامل ما يدل على تأنيث الفاعل؟ نقول: نعم، هي تاء التأنيث المتحركة، ثم التأنيث هذا قد يكون لازمًا وقد يكون جائزًا، يعني: قد يجب تأنيث العامل وقد يجوز، يعني: يجوز التأنيث ويجوز شرط التأنيث. متى يجوز.
يجوز في أربعة مواضع:
الأول: أن يكون الفاعل مؤنثًا تأنيثًا مجازيًّا، لأن الفاعل المؤنث قد يكون مؤنثًا حقيقيًّا وضابطه ما له فرد، أو يكون مؤنثًا مجازيًّا وهو ما لا فرد له، إذًا الحالة الأولى أن يكون الفاعل مؤنثًا تأنيثًا مجازيًّا، حينئذٍ يجوز الوجهان التأنيث وعدمه تقول: طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَطَلِعَ. الشَّمْس مذكر أم مؤنث؟
..
ما الدليل؟
..
نعم.
..
{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} [يس: 38]، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] عاد الضمير مؤنث، فنقول: الشمس هذا مؤنث تأنيثًا مجازيًّا يجوز حينئذٍ تأنيث العامل وتركه والتأنيث أرجح، {قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ} [يونس: 57] {فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ} [الأنعام: 157] {مَّوْعِظَةٌ} هذا مؤنث تأنيثًا مجازيًّا و {بَيِّنَةٌ} أيضًا مؤنثًا تأنيثًا مجازيًّا، أُنِّثَ الفعل في {جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ} وذُكِرَ في {فَقَدْ جَاءكُم بَيِّنَةٌ}.
الموضع الثاني: أن يكون الفاعل مؤنثًا تأنيثًا حقيقيًّا يعني له فرد، ولكنه فصل عن عامله بغير علة. تقول: حَضَرَتْ هِنْدُ الْقَاضِية. هذا يجب التأنيث، إذا فصلت بالمفصول بين العامل والفاعل وهو مؤنث حقيقي جاز التأنيث وتركه، إذا قلت: حَضَرَتْ الْقَاضِيَة هِنْدُ. هنا فصلت بغير علة بين العامل والمؤنث الحقيقي الذي هو الفاعل يجوز الوجهان حَضَرَتْ الْقَاضِيَة هِنْدُ ويجوز حَضَرَ الْقَاضِيَة هِنْدُ {إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ} [الممتحنة: 12] بترك التأنيث هذا هو الموضع الثاني والتأنيث أرجح.
الموضع الثالث الذي يجوز فيه التأنيث وتركه. أن يكون العامل نعم وبئس.


نِعْمَتُ الْمَرْأَة هِنْد، نِعْمَ الْمَرْأَة هِنْدُ يجوز الوجهان التأنيث وترك التأنيث، لماذا مع أن المرأة هذا مؤنث حقيقي؟
لأن المقصود هنا جنس المرأة، وإذا قصد الجنس صار في معنى الجمع، والجمع يجوز تأنيثه وتركه، لأن المقصود نعم جنس المرأة التي هند منها، إذًا نِعْمَتُ الْمَرْأَةُ هند ونعم المرأة هند يجوز فيه الوجهان.
والحذف في نعم الفتاة استحسنوا ... لأن قد قصد الجنس فيه بين

هكذا قال ابن مالك.
الموضع الرابع: أن يكون الفاعل جمعًا. والمراد بالجمع هنا فيما سوى جمع المؤنث السالم وجمع المذكر السالم، لأن ما كان الفاعل جمع مذكر سالم يعامل معاملة المفرد، زيدٌ الزيدون، الزَّيدون هذا جمع مذكر سالم مفرد ما هو؟ زيد، هل يجوز تذكيره وتأنيثه أم يجب تذكيره؟ يجب تذكيره تقول: قَامَ زَيْدٌ. إذًا يجب التذكير ولا يجوز قامت زيد وهو مذكر، كذلك جمعه يجب أن تقول: قَامَ الزَّيْدُون. ولا تقول: قامت الزيدون. هذا على قول، ما جمع بألف وتاء كهندات نقول: ننظر ففي المفرد وهو هند فإذا اتصل الفاعل وهو مؤنث حقيقي بعامل ولم يكن بينهما فاصل، فقيل: قَامَتْ هِنْدُ، هل يجب التأنيث؟ يجب التأنيث، إذًا كذلك إذا جمع بألف وتاء واتصل بعامله وجب التأنيث فنقول: جاءت الهندات. إذًا جمع المذكر السالم يعامل معاملة المفرد فيجب تذكيره ولا يجوز تأنيثه، جمع ما جمع بألف وتاء يعامل معاملة المفرد المتصل بعامله وهو أنه يجب تأنيثه ولا يجوز تذكيره، ما عدا هذين الجمعين يجوز التذكير والتأنيث، جمع التكسير قَالَتِ الصَّحَابَة قَالَ الصَّحَابَة يجوز أن تقول قَالَتِ الصَّحَابَة وَقَالَ الصَّحَابَة، لماذا؟ لأن الصَّحَابة جمع تكسير، وإذا أنث فعلى معنى الجماعة، قَالَت جَمَاعَة الصَّحَابة، وإذا ذُكِّرَ فعلى معنى الجمع، يعني لا بد من تأويل، قَالَ جَمْعُ الصَّحَابة {قَالَتِ الْأَعْرَابُ} [الحجرات: 14]- هذا السؤال الذي يتردد منذ يومين - {قَالَتِ الْأَعْرَابُ} قَالَ الأَعْرَابُ يجوز الوجهان، قَالَ نِسْوَةٌ {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: 30] البعض يسأل لماذا {وَقَالَ نِسْوَةٌ}؟ نقول: {نِسْوَةٌ} هذا اسم جمع، واسم الجمع ليس جمع تصحيح ولا جمع بألف وتاء فيجوز فيه التذكير والتأنيث، لا إشكال فيه {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} [الشعراء: 105] وكذَّبَ قومُ نُوح يجوز الوجهان لأنه اسم جمع، وكل جمع أو دل على الجمع وليس جمع تذكير جمع مذكر سالم وليس جمع مؤنث سالم فيجوز فيه الوجهان هذه أربعة مواضع يجوز فيه التذكير والتأنيث يعني: لا يلزم.
ما يلزم فيه التأنيث موضعان:
الموضع الأول: أن يُسند إلى ضمير راجع إلى مؤنثٍ مطلقًا، سواء كان حقيقي التأنيث أو مجازي التأنيث، هِنْدٌ كَتَبَت، كَتَبَ أسند إلى ضمير يعني: فاعله ضمير. مرجع الضمير مؤنث كَتَبَت هي، هِي يرجع على أي شيء؟ إلى هند وهي المؤنث فيجب حينئذٍ التأنيث، الشَّمْسُ طَلَعَت هنا يجب التأنيث لو قلت: طَلَعَتِ الشَّمْسُ. جاز الوجهان لماذا؟ لأن طَلَعَ أُسند إلى مؤنث مجازًا، وهنا أسند إلى ضمير يرجع إلى مؤنث مجازي، فحينئذٍ يجب أن يؤنث.


إذًا الموضع الأول فيما يلزم في التأنيث أن يكون الفعل قد أُسند إلى ضمير يرجع إلى مؤنث مطلقًا سواء كان حقيقيّ التأنيث أو مجازيّ التأنيث.
الموضع الثاني: أن يُسند إلى مؤنث حقيقي التأنيث وليس العامل نِعْمَ وبِئْسَ ولم يفصل بين العامل والفاعل.
قَامَت هِنْد أُسند قام إلى هند، [هل قام] قلنا: وليس العامل نعم وبئس، لماذا؟ لأن العامل لو كان نِعْمَ وبِئْسَ [وجب] (1) جاز فيه التأنيث وتركه، وليس مفصولاً عن عامله، لأنه لو كان مفصولاً عن عامله جاز التأنيث وتركه.
إذًا لا بد من قيود احترازًا مما يجوز فيه التأنيث وتركه. هذان الموضعان مما يجب فيه التأنيث.
الموضع الأول: أن يُسند العامل إلى ضمير يعود إلى مؤنث مطلقًا، هِنْدُ كَتَبَت، الشَّمْسُ طَلَعَت.
الموضع الثاني: أن يُسند إلى مؤنث حقيقي التأنيث وليس العامل نعم وبئس ولم يفصل بين العامل والفاعل بفاصل، قَامَت هِنْدٌ.
هذا هو الحكم الثاني في ما يتعلق بالفاعل.
الفاعل هذا قد يحذف.
يرفع من كل الأسامي فاعل ... ولو مؤولاً كقام العامل
__________
(1) سبق.


قد يحذف الفاعل لغرض ما، إما أن يكون لفظيًّا أو معنويًا أو بالجهل به. تقول: سُرِقَ الْمَتَاعُ. هنا حذف الفاعل لماذا؟ لأنك لا تدري من السارق، قد يحذف لغرض معنوي للعلم به {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} [النساء: 28] حذفت الفاعل من الخالق؟ الله لا يحتاج إلى تنصيص عند المسلمين، {وَخُلِقَ الإِنسَانُ} معلوم أن الخالق هو الله عز وجل، إذًا حذف الفاعل هنا للعلم به، قد يُحذف لغرض معنوي كخشية اختلال السجعة مثلاً، من طابت سريرته حمدت سيرته، من طابت سريرته حمد الناس سيرته، لو قيل: حمد الناس سيرته اختلت السجعة، وهذا غرض معنوي، يحذف الفاعل فيقام المفعول به مقامه، ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا احذف الفاعل، ضَرَبَ عَمْرًا حذفت الفاعل، ضَرَبَ عَمْرًا أقم المفعول به مُقام الفاعل، إذا أقمته المفعول به منصوب فسيصير مرفوعًا، المفعول به فضلاً والفاعل عمدة، إذا فيصير عمدة بعد أن كان فضلةً، المفعول به لا يُرى عن جهة التعيين وعدم التعيين إذا ناب عن الفاعل إذًا فيكون العبرة بتأنيث العامل وفي ترك التأنيث. ضرب زيد هند إذا قلت حذفت الفاعل ضرب وأقمت هند مقام الفاعل إذا لا بد تأنيث العامل، كذلك إذا ضربت هندٌ زيدًا، إذا حذفت الفاعل وأقمت المفعول به وهو مذكر وجب تذكير العامل، ضرب زيد إذا أقمت [الفاعل] (1) المفعول به مقام الفاعل وصار هذا الرتيب هكذا بعد الحذف ضرب زيد عمرو حذفت الفاعل صار ضرب عمرو حينئذٍ التبس الفاعل بالمفعول به، لماذا لأن العامل واحد ضرب، زيد عَمْرًا حذفت الفاعل فأقمت المفعول مقامه فارتفع فصار ضرب عمرو، من الذي يُمَيِّز إذا سمع أن هذا مسند إلى الفاعل أو مسند إلى المفعول؟ قالوا: إذًا لا بد من قرينة لفظية تدل على أن الفعل هذا قد أُسند إلى نائب الفاعل لا إلى الفاعل، وحصل عملية تغيير في الفعل. فقالوا: إذا كان ماضيًا نضم أوله ونكسر ما قبل آخره ليدل على أن هذا العامل مبني لِمَا [لم] (2) يُسمَّ فاعله، فقيل: ضُرِبَ عَمْروٌ، إذا سمعت القائل يقول: ضُرِبَ عَمْرُو، عرفت أن الفعل قد أُسند إلى نائب الفاعل لا إلى الفاعل، أما إذا بقي على أصله ضرب عَمْرًا ثبت الفاعل بنائبه، إذًا إذا كان الفعل ماضيًا ضم أوله وكسر ما قبل آخره، وإذا كان مضارعًا ضم أوله وفتح ما قبل آخره، يُضْرَبُ عَمْروٌ، هذا فيما إذا في الماضي فيما إذا لم يبتدئ بفاعل أو همز، إن ابْتُدِئ بفاعل مطلقًا سواء كانت المطاوعة أو غيره ضم ثانيه كأوله إذا قلت: تَعَلَّمَ زيدٌ المسألةَ، احذف زيد تَعَلَّمَ المسألة. المسألةُ ارتفع وهي مؤنث إذا نحتاج إلى تأنيثها تقول تضم أوله وهو التاء، وتكسر ما قبل آخره، ولما كان مفتتحًا بالتاء وجب إتباع ثانيه أوله فتقول: تُعُ، تُعُلِّمَتِ المسألة، تسلم زيد أو تقول: تضارب زيد وعمرو، تقول: تُضُورب، تضارب البناء للمفعول يكون تُضُورب بضم الأول والثاني، إذا كان مفتتحًا بهمزة الوصل انطلق مثلاً تضم الأول وتكسر ما قبل الآخر على الأصل وتتبع الثالث الأول.
__________
(1) سبق.
(2) سقطت.


إذًا الفعل الماضي إما أن يكون مفتتحًا بالتاء، أو الهمزة، أو لا مفتتحًا بالتاء، ولا الهمزة، إن لم يكن مفتتحًا بالتاء ولا الهمزة همزة الوصل، ضم أوله وكسر ما قبل آخره هذا إن كان صحيح العين، إن كان مفتتحًا بالتاء أتبع ثانيه أوله تُعُلِّمَ تُكُلِّمَ تُضُورِبَ تُجُوهِلَ .. إلى آخره.
إن كان مفتتحًا بالهمزة تقول: انْطُلِقَ إتباع الثالث للأول، اسْتُخرِج استُغْفِر تتبع الثالث للأول.
إن كان معتل العين الثلاثي معل العين مثل قال، حينئذٍ يكسر أوله وتبدل الألف ياء فيقال: قِيلَ وبِيعَ، ويجوز فيه الإشمام وهو الإتيان بحركة بين الضم والكسر ويجوز فيه إطلاق الضم فقال: بُوعَ وقِيل على تفصيل عندهم.
إذًا إذا أريد المفعول به عن الفاعل أخذ أحكامه ولا بد من تغيير يحصل بالعامل، لا بد من تغيير يلحق العامل ليتميز العامل المسند إلى الفاعل من العامل المسند إلى المفعول به.
ويُنَبّه إلى أن بعض المعربين يقولون فيما قد يرد في القرآن # ... 40.24: وهذا فعل مبني بالمجهول. وهذا خطأ، قد يكون الفاعل محذوفًا وهو الله عز وجل أو يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الملائكة ونحو ذلك. ولذلك التعبير بالمبني أو المغير الصيغة هذا أولى، {خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} [النساء: 28]، تقول: خُلِقَ فعل ماضي مُغَيّر الصيغة، ولا تقل مبني للمجهول، (وَنَائِبٍ عَنْهُ) يعني: عن الفاعل (كَبِيْعَ الذَّهَبُ)، (بِيْعَ) أصلها بَاعَ ضُمَّ أوله وكُسِرَ ما قبل آخره، بُيِعَ استثقلت الكسرة على الياء فنُقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركتها فصار بيع (الذَّهَبُ)، كذلك قِيلَ أصلها قُوِلَ كضُرِبَ هذا الأصل ضُمّ أوله وكُسِرَ ما قبل آخره [استثقلت الضمة على الكسرة] (1) استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركتها، فصارت قِوْلَ سكنت الواو وانكسر ما قبلها فقلبت الواو ياءً، {وَقُضِيَ الأَمْرُ} [هود: 44] أصلها قَضَى الله الأمر مثلاً ... {وَقُضِيَ الأَمْرُ} قضى الله الأمر قضي {وَقُضِيَ الأَمْرُ}، {وَقُضِيَ} هذا فعل ماضي مغير الصيغة، الأمر هذا نائب الفاعل (وَيُعْطَى الأَرَبُ) أي الحاجة (يُعْطَى) هذا فعل مضارع مغير الصيغة، قُضِيَ ضُمّ أوله وكُسِرَ ما قيل آخره، و (يُعْطَى) فعل مضارع ضُمَّ أوله وفتح ما قبل آخره.
ثم قال:
وَالْمُبْتَدَا الصَّرِيْحُ وَالْمُؤَوَّلُ ... وَالْخَبَرُ الْمُفِيْدُ كَابْنِي مُقْبِلُ

يعني: المرفوع الثالث هو المبتدأ، والمرفوع الرابع هو الخبر. المبتدأ عندهم هو الاسم المجرد عن العوامل اللفظية للإسناد. الاسم هذا يشمل الصريح والمؤول بالصريح كالفاعل يكون صريحًا ويكون مؤول بالصريح، زيد قائم زيد هذا اسم صريح {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 184]، {أَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} خير هذا خبر، أين مبتدأه {أَن تَصُومُواْ}، {أَن تَصُومُواْ} هذا في اللفظ ليس اسمًا، تقول: أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ، صيامك أو صومكم خير لكم وأن تغفروا خيرٌ لكم، {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} تقول: هذه كلها مبتدآت مؤولة بالصريح.
__________
(1) سبق.


الاسم المجرد عن العوامل اللفظية هذا أخرج الاسم الذي تقدمه عامل لفظي، نحو كان زيد يصلي، فكان زيد قائمًا، زيد هذا اسم مرفوع ولكنه لم يتجرد عن العامل اللفظي، والمبتدأ ينبغي ويجب أن يتجرد عن العامل اللفظ، وهنا قال: العوامل اللفظية إذا احترازًا من العوامل المعنوية، وليس عندنا في العربية عامل معنوي إلى اثنان الابتداء في المبتدأ، والتجرد في الفعل المضارع، تقول: لتجرده عن الناصب والجازم، وهذان عاملان معنويان، المجرد أي: الخالي عن العوامل اللفظية للإسناد هذا ليشمل المبتدأ بنوعيه.
المبتدأ قسمان:
- مبتدأ له خبر: زيد قائم. زيد هذا مُسند إليه في مثل هذا التركيب وقائم مبتدأ.
- ومبتدأ لا خبر له، وإنما له مرفوع اكتفى به عن الخبر، ولذلك نقول: أقائم الزيدان؟ قائم هذا مسند إليه أم مسند؟
مسند، زيد قائم، زيد هذا مبتدأ، مسند إليه أم مسند؟ مُسند إليه، إذا يكون المبتدأ مسندًا إليه كما في قولك: زيد قائم. ويكون المبتدأ مسندًا إلى ما بعده كما في قوله أقائم الزيدان. لأن الزيدان هذا فاعل سد مسد الخبر، الاسم المجرد عن العوامل اللفظية من إسناد ليشمل نوعي المبتدأ، فيما إذا أُسند إلى ما بعده، أو أسند إليه ما بعده.
الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة ولا يجوز أن يكون نكرة إلا إذا أفاد، لذلك قال ابن مالك:
ولا يجوز الابتدا بالنكرة ... ما لم تفد ......

وتفيد إن عمت الخبر، ما رجل في الدار، رجل هذا مبتدأ، في الدار جار مجرور متعلق بمحذوف خبر، كيف وقع الابتداء بالنكرة هنا؟
نقول: لأن النكرة في سياق النفي تعم {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} [النمل: 64]، {أَإِلَهٌ}، {إِلَهٌ} هذا مبتدأ وهو نكرة - في هذا اللفظ يعني - {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ}، {إِلَهٌ} هذا مبتدأ وهو نكرة، كيف ابتُدِئ به ولا يجوز الابتداء بنكرة؟
نقول: لوقوعه في سياق الاستفهام، وعند الأصوليين أن النحاة إذا وقعت في سياق النفي أو الاستفهام أو الشرط فإنها من صيغ العموم. {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ} [البقرة: 221] {وَلَعَبْدٌ} عبد هذا مبتدأ وهو نكرة، ما الذي سوغ الابتداء به، وصفه {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ}، "" خمس صلوات كتبهن الله ". خمس هذا مبتدأ وهو نكرة ما الذي صوغ الابتداء به؟ الإضافة. إذًا الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة ولا يجوز أن يكون نكرة، لماذا؟
لأن النكرة مجهولة غالبًا، ولأن المبتدأ محكوم عليه، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، لا بد أن يكون معلوم عند المتكلم.
(وَالْخَبَرُ الْمُفِيْدُ كَابْنِي مُقْبِلُ) والخبر حَدُّه عند النحاة الْمُسند الذي تتم به مع المبتدأ فائدة.
والخبر الجزء المتم الفائده ... كالله بَرّ والأيادي شاهده

الْمُسند أخرج الفاعل من نحو قولك: أقائم الزيدان. قائم هذا مسند أم مسند إليه؟ مسند. الزيدان مسند إليه، والخبر يكون مسندًا ولا يكون مسندًا إليه. إذًا الزيدان من قولك: أقائم الزيدان، هذا ليس خبر وإنما هو فاعل سدَّ مَسَدّ الخبر. الذي تتم به مع المبتدأ فائدة. تقول: قام زيد. قام هذا مسند أم مسند إليه؟
مسند، تمت به فائدة، ولكن مع الفاعل مع المبتدأ.


الأصل في الخبر أن يكون مُسندًا، والأصل فيه أن يكون مفردًا، كما مثل الناظم (كَابْنِي مُقْبِلُ) قد يكون وصفًا، وقد يكون اسمًا، مقبل قد يكون اسمه مقبلاً (ابْنِي مُقْبِلُ) هذا خبر، والأصل في الخبر أن يكون مفردًا.
ومفردًا يأتي
وقد يأتي جملة، وشبه جملة. وإن كان الأصل فيه أن يكون مفردًا، قد يأتي جملةً، يعني جملةً اسمية أو جملةً فعلية، زيد أخوك، أخوك هذا خبر وهو مفرد، زيد قام أبوه، زيد هذا مبتدأ وقام أبوه فعل وفاعل والجملة فعلية في محل رفع خبر المبتدأ.
زيد أبوه قائم، زيد مبتدأ أول، وأبوه مبتدأ ثانٍ، وقائم خبر المبتدأ الثاني، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
زيد أبوه قائم إذًا وقع الخبر جملة اسمية ووقع الخبر جملة فعلية، ويشترط فيها أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ، لا بد من ضمير، هذا الأصل في الربط، أن يكون ضميرًا، وقد ينوب عنه اسم الإشارة، زيد أبوه قائم، أبوه الضمير هذا هو الرابط، زيد قائم أبوه، أبوه الضمير هذا هو الرابط فقد ينوب عنه اسم الإشارة {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]، {وَلِبَاسُ} هذا مبتدأ أول {ذَلِكَ خَيْرٌ} مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ الأول، أين الرابط؟ ليس عندنا ضمير؟ اسم الإشارة، قد يكون الرابط الذي ينوب على الضمير إعادة المبتدأ بلفظه {الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2] {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1، 2] إيش ماذا إعرابها الأولى؟ مبتدأ، {مَا الْقَارِعَةُ}، {مَا} اسم استفهام في محل رفع مبتدأ {الْقَارِعَةُ} خبر المبتدأ الثاني، الجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول، أين الرابط؟
إعادة المبتدأ بلفظه. قد يكون الرابط عموم يدخل فيه المبتدأ، زيد نعم الرجل، زيد مبتدأ، نعم الرجل فعل وفاعل، وجملة خبر المبتدأ، أين الرابط؟
نعم الرجل، (أل) في الرجل للاستغراق، وزيد فرد من أفراد الرجل، إذا حصل الربط بالعموم.
إذًا نقول: [المبتدأ] الخبر قد يكون جملة فعلية وقد يكون جملة اسمية ولا بد لها من رابط، وقد يكون شبه جملة يعني ظرفًا أو جارًا ومجرورًا، زيد في الدار، زيد مبتدأ، في الدار جار ومجرور، لا بد أن يكون متعلقًا بمحذوف، اختلفوا فيه هل هو اسم أم فعل؟ جوز ابن مالك الوجهين:
وأخبروا بظرف أو بحرف جر ... ناوين معنى كائن أو استقر

وأخبروا أي العرب، وأخبروا بظرف أو بحرف جرّ ناوين معنى كائن أو استقر.
إذًا زيد في الدار، زيد كائن في الدار، زيد إن كان في الدار أو يكون، زيد ثابت في الدار، زيد ثَبَتَ في الدار، زيد عندك {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ} [الأنفال: 42] {أَسْفَلَ} هذا منصوب على الظرفية وهو متعلق بمحذوف خبر، {وَالرَّكْبُ} كائن {أَسْفَلَ}.
{الْحَمْدُ للهِ} [الفاتحة: 2] {الْحَمْدُ} مبتدأ {للهِ} جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، كل جار ومجرور، كل جارّ أصلي احتراز من الزائد وشبه الزائد لا بد أن يكون له متعلق يتعلق به: إما فعل، أو ما فيه رائحة الفعل.
لا بُدَّ للجَارِّ مِنَ التَّعَلُّقِ ... بفِعْلٍ أوْ مَعْناهُ نَحْوِ مُرْتَقِي


وَاسْمٌ لِكَانَ مَعْ نَظِيْرِهَا وَمَا ... كَلَيْسَ مِثْلُ: كَانَ زَيْدٌ قَائِمَا
وَمَا لِنَحْوِ إِنَّ كَلا مِنْ خَبَرِ ... كَإِنَّ ذَا الْحَزْمِ دَقِيْقُ النَّظَرِ

المبتدأ قد يدخل عليه ما ينسخ حكمه، هناك ما يسمى بالنواسخ، جمع ناسخ مأخوذ من النقل والإزالة.
النسخ نقل أو إزالة كما ... حكوه عن أهل اللسان فيهما

نسخت الشمس الظل إذا أزالته، والمقصود به في باب المبتدأ والخبر الناسخ ما يرفع حكم المبتدأ والخبر، يعني يزيل حكم المبتدأ، ما حكم المبتدأ؟
الرفع، ما حكم الخبر؟ الرفع، قد يزيله ويثبت رفعًا غيره أو يثبت .. #52.41 غير الرفع، هذا الناسخ على ثلاثة أنحاء:
- ما يرفع المبتدأ وينصب الخبر، وهو كان وأخواتها.
- ما ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، وهو إن وأخواتها.
- ما ينصب المبتدأ والخبر على أنهما مفعولان، وهو ظن وأخواتها.
هنا قال (وَاسْمٌ لِكَانَ مَعْ نَظِيْرِهَا) إذا مما يُحكم عليه بالرفع من الأسماء ما كان اسمًا لكان، كان زيدٌ قائمًا، أصل التركيب قبل دخول كان (زيدٌ قائمٌ)، كان زيدٌ قائمًا، زيد قبل دخول كان مرفوع، وبعد دخول كان مرفوع، هذا الرفع الذي بعد دخول كان هو عين الرفع الذي كان قبل دخول كان؟
هذا فيه خلاف، البصريون على أنه رفع متجدد، وعند الكوفيون على أنه على سابقه، وإنما كان نصبت الخبر ولم ترفع ماذا؟ الاسم، وهذا ضعيف لأن ليس له نظير في العربية أن عاملاً ينصب ولا يرفع، لا يوجد عامل في العربية ينصب ولا يرفع، لا بد أنه يرفع ثم ينصب، أو يرفع ويكتفي، أما أنه ينصب ولا يرفع لا نظير لها، وحمل الشيء على ما له نظير أولى من حمله على شيء لا نظير له، إذًا كان زيدٌ رفع زيد هذا مرفوع بكان، قائمًا هذا منصوب بكان. قال: (مَعْ نَظِيْرِهَا) يعني: أخواتها مع أخواتها، وكلها عددها ثلاثة عشر لفظًا:
- منها ما يعمل بلا شرط.
- ومنها ما يعمل بشرط. تقدم نفي أو شبهه.
- ومنها ما يعمل بشرط أن تتقدمهما المصدرية الظرفية، وهو #54.49 ...
(كان، وأنت، وأصبح، وأضحى، وظن، وبات، وصار، وليس) هذه ثمانية هذه تعمل بلا شرط، وهي الأصل حملاً على كان.
وهناك أربعة ما تعمل بشرط تقدم نفي أو شبهه (زال، فتئ، برح، أنفك) هذه أربعة لا تعمل هذا العمل رفع المبتدأ ونصب الخبر إلا إذ تقدمها نفي {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118]، {وَلاَ} نافية {يَزَالُونَ} هذا فعل مضارع نافص من زال {يَزَالُونَ} أين اسمها الذي رفعته؟ الواو [أحسنت] الواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم يزال، يزال هذا فعل مضارع ناقص مرفع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو اسمها {مُخْتَلِفِينَ} خبرها.


{لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91] {لَن نَّبْرَحَ}، {نَّبْرَحَ}، {لَن} حرف نفي هذا يفيد النفي {نَّبْرَحَ} فعل مضارع ناقص منصوب بلن أليس كذلك؟ أين اسمه؟ لا تقل فاعل، تقول: اسمه ضمير مستتر وجوبًا لأنه مبتدأ بالنون {عَاكِفِينَ} هذا خبر [يزال] {لَن نَّبْرَحَ} [نعم أحسنت] خبر {لَن نَّبْرَحَ} منصوب وعلامة نصبه الياء نيابةً عن الفتحة لأنه جمع مذكر سالم. [{عَاكِفِينَ}] جمع عاكف. المراد باسم النفي هنا النهي والدعاء. صاح # ... 56.43 ولا تزل ذاكرَ الموت فنسيانه ضلال مبين، ولا تزل، لا ناهية، تزل فعل مضارع ناقص مجزوم بلا، وجزمه سكون آخره، تزل أنت اسم تزل أنت ضمير مستتر تقديره أنت، ذاكرَ الموت ذاكر هذا خبرها.
ألا يا اسْلمي يا دارَ مَيَّ على البِلى ... ولا زال مُنْهَلاً بِجَرْعائِكِ القَطْرُ

ولا زال هذا دعاء، ولا زال مُنْهَلاً بِجَرْعائِكِ القَطْرُ، أين اسم زال؟ اسمها منصوب أو مرفوع؟ ولا زال مُنْهَلاً بِجَرْعائِكِ القَطْرُ، القطرُ هذا اسم زال، ومُنْهَلاً خبرها متقدم عليها. هذا ما يعمل بشرط تقدم نفي أو شبهه. - عشر دقائق -
الثالث: ما يشترط فيه أن تتقدم عليه ما المصدرية الظرفية. وهي دام {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [مريم: 31]، {مَا} هذه مصدرية ظرفية، مصدرية لأنها تأول ما بعدها بالدوام، وهو المصدر، وظرفية لأنها تضاف إلى الظرف مدة دوام. {مَا دُمْتُ} التاء هذه اسمها {حَيًّا} خبرها. (وَاسْمٌ لِكَانَ مَعْ نَظِيْرِهَا)، (مَعْ نَظِيْرِهَا) يعني مع أخواتها (وَمَا ** كَلَيْسَ)، (مَا) قد تكون حجازية وقد تكون تميمية (مَا) التي بمعنى ليس، ليس من أخوات كان إذا تُحمل عليها ما فتنصب وترفع.
لذا قال الحريري:
وما التي تَنفي كليسَ النَّاصِبَهْ ... في قولِ سُكّانِ الحِجَازِ قَاطِبَهْ
فقولُهُم ما عَامِرٌ مُوَافِقَا ... كقولِهِم ليسَ سعيدٌ صَادِقَا

ليس سعيد صادقًا، ليس فعل ماضي ناقص، سعيد اسمها صادقًا خبرها، ما عامر موفقًا مثلها {مَا هَذَا بَشَراً} [يوسف: 31]، {مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2].
إذًا تعمل عمل ليس فترفع المبتدأ على أنه اسم لها، وتنصب الخبر على أنه خبر لها.
مثل كان زيد قائمًا، وهذا في لغة الحجازيين، ويشترط فيها ألا يفصل بينهما فاصل يعني ألا يتقدم الخبر على المبتدأ، وألا يشترط النفي، وألا تلتحق أو تتصل بها إن.
بليغ دانة ما إن أنتوا ذهب ** ولا ... بل أنتم الخبث ## 59.29
بليغ دانة ما إن أنتموا ذهب، ما هذه الحجازية، اتصلت بها إن فأبطلت عملها كذلك لو دخلت عليها إلا {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [آل عمران: 144] دخلت عليها إلا أبطلت النفي، كان زيد قائمًا هذا مثال لاسم كان.
(وَمَا لِنَحْوِ إِنَّ كَلا مِنْ خَبَرِ)، (وَمَا لِنَحْوِ إِنَّ) إِنَّ هذه هي الناسخ الثاني الذي ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، وهي ستة أحرف:
لإن أن ليت لكن لعل ... كأن عكس ما لكان من عمل

إذًا عملها عكس ما لكان من عمل فتنصب الاسم على أنه اسم لها، وترفع الخبر على أنه خبر لها، والصواب مذهب البصريين أن الخبر مرفوع بأن خلافًا للكوفيين. هذه يشترط فيها ألا تتصل بها ما حرفية، ماذا؟


لأن إن وأخواتها إذا اتصلت بها ما الحرفية كفتها عن الدخول على جملة الاسمية فدخلت على الجملة الفعلية {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} [الأنفال: 6] {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى} [الأنبياء: 108] إِنَّ الأصل فيها أنها تدخل على الجملة الاسمية من خواص المبتدأ والخبر، لما دَخَلَتْ عليها ما دَخَّلَتْهَا على الفعل، يعني: أدخلتها الحملة الفعلية كإنما {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى}، {يُوحَى} جملة فعلية فلما كفتها عن العمل زال اختصاصها بالجملة الاسمية فزال عملها. (وَمَا لِنَحْوِ إِنَّ كَلا مِنْ خَبَرِ) لا هذه نافية للجنس وهي محمولة على إِنَّ في العمل يعني تنصب المبتدأ الذي هو اسمها وترفع الخبر، ولكن تنصبه إذا كان مضافًا أو شبيهًا بالمضاف، يعني تنصبه لفظًا، وتنصبه محلاً إذا كان مفردًا. المفرد يقصدون به في هذا الباب ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف، لا صاحبَ علمٍ منقوص. لا هذه نافية للجنس، صاحب هذا اسمها منصوب بها، لِمَ نصب؟ لكونه مضافًا، وصاحب مضاف، وعلمٍ مضاف إليه، ومنقوص هذا خبرها.
الشبيه بالمضاف ما اتصل به شيء من تمام معناه، يعني: ما كان عاملاً في غيره، لا قبيحًا فِعْلُهُ ممدوحًا، لا نافية للجنس، قبيحًا هذا شبيه للمضاف، لماذا؟
لأنه رفع ما بعده، ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف هو المفرد، فيكون بناؤه على ما ينصب عليه لو كان معربًا، رجل هذا لو نصب بماذا يكون؟ بالفتحة. تقول: لا رجلَ في الدار مبني على الفتح في محل نصب، رجال هذا ينصب بالفتحة فتقول: لا رجالَ في الدار مبني على الفتح في محل نصب، لا مُسْلِمَيْنِ في الدار هذا مبني على الياء لأنه لو نصب، نصب بالياء، لا مُسْلِمِينَ في الدار، مبني على الياء في محل نصب، لا مسلماتِ لا مسلماتَ في ما جمع بألف وتاء يجوز فيه الوجهان، والخبر في الغالب يكون محذوفًا.
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر ... إذ المراد مع سقوطه ظهر

(كَإِنَّ ذَا الْحَزْمِ دَقِيْقُ النَّظَرِ) هذا مثال لأي شيء، لأن (إِنَّ ذَا الْحَزْمِ)، (ذَا الْحَزْمِ) إيش إعرابه أصلاً؟
اسم إن، مرفوعٌ أو منصوب، ذا
بذا لمفرد مذكر أشر
منصوب؟ ذا هذه اسم إشارة أو لا؟ من الأسماء الخمسة، قلنا: زدناه هذه صارت ستة:
وسِتّةٌ تَرفَعُهَا بالواوِ ... في قولِ كُلّ عَالمٍ ورَاوِي

إذا هذه ليست إشارة، وإنما هي اسم من الأسماء الستة بمعنى الصاحب (كَإِنَّ - صاحب - الْحَزْمِ دَقِيْقُ النَّظَرِ) ذا اسم إن منصوب بها، ونصبه الألف نيابةً عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة، (ذَا) مضاف، و (الْحَزْمِ) مضاف إليه (دَقِيْقُ النَّظَرِ) هذا خبر إِنَّ.
هذا ما يتعلق بهذه الأبواب، وكل باب يحتاج إلى درسين وثلاثة، ولكن الحال معلوم.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.