شرح ألفية ابن مالك للحازمي عناصر الدرس
* شرح مختصر لحد الكلام مع بعض الإضافات.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين، أما بعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى:
الكلام وما يتألف منه:
كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ... وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ
حَرْفٌ الْكَلِمْ
أراد أن يبين في هذا الباب أمرين اثنين، عنون لهما بقوله: الكلام وما
يتألف منه، الكلام: عرفنا حقيقته في لغة العرب: أنه القول وما كان
مكتفياً بنفسه، والكلام الاصطلاحي عرفه بقوله: لفظ مفيد.
وما يتألف منه: الضمير في يتألف: فاعل يعود إلى الكلام، والأصل فيه أنه
يعود إلى أقرب مذكور، ولذلك يقال فيه: أنه جرى على غير ما هو له،
وسيأتي أن مذهب البصريين وجوب الإبراز:
وأبرزنه مطلقاً حيث تلا ..
وأما عند الكوفيين: إن أمن اللبس حينئذٍ جاز عدم الإبراز، وإلا فالأصل
أنه موافق للبصريين.
وما يتألف: وما: اسم موصول بمعنى: الذي يصدق على الأشياء .. التي
يتألف، والمراد بالأشياء هنا: الاسم والفعل والحرف، لأن الكلام لا يخرج
عند التركيب عن هذه الثلاثة الأمور، وهي أقسام للكلمة.
منه: الضمير هنا يعود إلى: ما، وقلنا: لفظ ما: مذكر، ومعناها مؤنث،
فيجوز فيه الأمران، نقول: وما يتألف منه .. وما يتألف منها.
كَلامُنَا: قلنا: بالإضافة هنا أراد ماذا؟ أراد أن يبين أن الكلام له
حقيقتان: حقيقة لغوية، وحقيقة اصطلاحية، ولذلك قال ابن عقيل: وإنما قال
المصنف: كلامنا، ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين
لا في اصطلاح اللغويين، وهو في اللغة: اسم لكل ما يتكلم به مفيداً كان
أو غير مفيد، وهذا يؤكد ما ذكرناه اليوم من أن الإضافة هنا ليست
للاحتراز عند كلام الصرفيين أو كلام المناطقة والأصوليين، أو نحو ذلك،
وإنما المراد التمييز عن اصطلاح اللغويين باصطلاح النحاة، فبينهما فرق
كما ذكرنا.
كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ، يعني: ما اشتمل على أمرين: كونه لفظاً،
وكونه مفيداً.
واللفظ كما ذكرنا: جنس هنا اشتمل على أمرين: المهمل، والمستعمل، وأخرج
به الدوال الأربع وما كان من جنسها، فحينئذٍ اشتمل أخرج وأدخل، وهذا
شأن الجنس: أنه يدخل ويخرج.
ثم تأتي الفصول بعد ذلك، فصل أو فصلان يخرج به من الجنس ما قد دخل فيه
وليس داخلاً في المحدود، حينئذٍ هل المهمل داخل في حد الكلام؟ الجواب:
لا، احتجنا إلى إخراجه بقوله: مفيد، وهل المفرد المستعمل .. هل هو داخل
في حد الكلام ويصدق عليه أنه كلام؟ الجواب: لا، إذاً: نحتاج إلى
إخراجه، فقال: مفيد.
وبعض المركبات كذلك لا يصدق عليها أنها
كلام، كالمركب الإضافي، والمركب المزجي، والتوصيفي، والإسنادي المسمى
به، والإسنادي المقصود لغيره، فبقي معنا شيء واحد، هذه كلها خرجت
بقوله: مفيد؛ لأنها وإن أفادت إلا أن إفادتها قاصرة، والذي يشترط في حد
الكلام: أن يكون مفيداً فائدة تامة، وهذه الفائدة التامة إنما تكون
بالتركيب، يعني: تستلزم التركيب، حينئذٍ إذا قيل: غلام زيد، وزيد ..
وإن قام زيد .. والإنسان حيوان ناطق، ونحو ذلك، هل هذه مفيدة أم لا؟
نقول: نعم، مفيدة .. في نفسها مفيدة، زيد مفيد؛ لأنه علم، وأفاد
الدلالة على ذات مشخصة مشاهدة في الخارج، إذاً: فيه فائدة، لكن هذه
الفائدة فائدة جزئية ناقصة، بمعنى: أنها دون الفائدة المشترطة في حد
الكلام.
وكذلك قولنا: غلام زيد، هذا مركب إضافي، وأفاد .. أفاد نسبة الغلام
لزيد، غلام لزيد، حينئذٍ نقول: هذا فيه فائدة، لكن هذه الفائدة ليست
تامة وإنما هي قاصرة، وقل كذلك في سائر الأنواع التي خرجت بقوله: مفيد.
حينئذٍ نقول: النحاة لهم حقيقة عرفية أو اصطلاح خاص في إطلاق لفظ
المفيد، فإنما يعنون به: الفائدة التامة التي يحسن السكوت عليها من قبل
المتكلم، بحيث لا يصير السامع منتظراً لشيء آخر انتظاراً تاماً، هذا
مراد النحاة، فكل ما كان قاصراً عن هذه الفائدة ففائدته جزئية وناقصة،
وهذه الفائدة التامة قد يعبر عنها بعض أرباب الحواشي بالفائدة
الكلامية، حينئذٍ عندنا لفظان: فائدة تامة، وفائدة كلامية، معناهما
واحد.
وأما الفائدة الجزئية، والفائدة الناقصة، والفائدة التركيبية، هذه دون
الفائدة التامة، الفائدة التركيبية قد تجتمع مع التامة، وقد تكون أعم
.. قد تكون معها وقد تكون أعم، إن قام زيد قمت .. نقول: هذا كلم وكلام؛
لأنه مؤلف من أكثر من ثلاث كلمات، وهو مفيد فائدة تامة، إذاً: هو كلم
وكلام، هل هو مفيد فائدة تامة؟ نعم، يحسن السكوت عليها؟ نعم، إن قام
زيد وسكت .. إن: حرف شرط يفيد التعليق، إن قام زيد .. قام زيد: فعل
وفاعل، وهل جملة: قام زيد، مفيدة فائدةً تامة؟ الجواب: لا؛ لأنها وإن
كانت مركباً إسنادياً إلا أنه مقصود لغيره.
بمعنى: أن هذه الفائدة .. لأنك تقول: قام زيد، هكذا ابتداءً، كلام أو
لا؟ كلام، أفاد فائدة تامة أو لا؟ أفاد فائدة تامة، استقلالاً دون جعله
جزء جملة هو مفيد فائدة تامة، لكن لما وضع في ضمن هذه الجملة الشرطية
حينئذٍ نقصت الفائدة ونقصت الدلالة، فصار مكملاً لغيره ولا يستقل
بالفائدة التي اشترطها النحاة.
حينئذٍ قام زيد، هل هو مفيد؟ نعم، مفيد لا شك، وفائدته في هذا التركيب
تامة أم ناقصة؟ في هذا التركيب: إن قام زيد .. فائدته تامة أم ناقصة؟
ناقصة لماذا؟ لأنه جعل متمماً لغيره، وشرط الفائدة أن تكون مستقلةً
بذاتها، فإن جعلت الجملة مكملةً لغيرها كجملة الشرط أو الجواب أو الخبر
أو الصلة أو الحال أو القسم نقصت دلالتها، وصارت فائدتها فائدة ناقصة
ليست بفائدة تامة.
حينئذٍ إذا قيل: فائدة تركيبية: إن قام زيد
قمت، فائدة تركيبية أو لا؟ فائدة تركيبية، إن قام زيد .. وسكت، فائدة
جزئية، وفائدة ناقصة، وفائدة تركيبية؟ تركيبية نعم، إذاً: التركيبية
هذه لا تكون في المفردات، وإنما تكون في المركبات، ثم المركبات قد تكون
كلماً وكلاماً فتجتمع مع التامة، وقد تكون كلماً دون الكلام، يعني: غير
مفيد، فيصدق عليه أنه مفيد فائدة تركيبية لا تامة، إذاً: كل فائدة تامة
تركيبية ولا عكس، لماذا؟ لأن التركيبية هي الفائدة التي أخذت من
الإسناد، وهذا قولنا: إن قام زيد، فيه إسناد ولا شك، وهو مفيد، وهذه
الفائدة أخذت من التركيب؛ لأن قام فعل وأسند إلى الفاعل ثم علق فهو
مفيد، إن: بذاتها حرف والحرف ما دل على معنىً في غيره، وهنا قد دل على
معنىً في غيره وهو التعليق، إن: حرف شرط، وقام: لوحده أفاد فائدةً وهو
دلالته على ثبوت القيام في الزمن الماضي، وزيد: كذلك دل وأفاد فائدةً
جزئية ناقصة، وهي دلالته على الذات المشخصة، قام زيد: إسناد الفعل
والحدث إلى زيد، هذا أيضاً دلالة أخرى لكون قام حدث، والحدث يستلزم
محدثاً، فلا بد له من محدث.
كون هذا الحدث لم يقع، وقع أو لم يقع؟ إن قام زيدٌ، إن: هذه تصرف الفعل
الماضي من دلالته في المعنى والزمن على الماضي إلى المستقبل، فهو ماضٍ
لفظاً لا معنىً، فحينئذٍ هذه كلها فوائد استفدناها من هذا التركيب، لكن
هل فائدة تامة؟ الجواب: لا، لما قال: لفظ مفيد، قلنا: أخرج المهمل
وأخرج المفرد وأخرج بعض الكلم الذي هو غير مفيد، لماذا؟ لأنه وإن أفاد
فائدةً جزئية ناقصة تركيبية إلا أنه لفقد الفائدة التامة نقصت دلالته
ونزل عن حد الكلام، إذاً: التام نقول: هذا يستلزم .. أو الفائدة التامة
تستلزم التركيب، والتركيب قد يكون أعم من التامة لصدقه على: إن قام
زيد، ولانفراد التامة بقوله: إن قام زيد قمت، هنا اجتمعا وانفردا،
التركيبية بماذا؟ إن قام زيد، دون قمت، إذاً: يجتمعان بينهما العموم
والخصوص المطلق.
نحتاج إلى مادتين: مادة الاجتماع، ومادة الافتراق .. مادة الاجتماع: إن
قام زيد قمت، اجتمع فيه الفائدة التامة والتركيبية، ومادة الافتراق:
افتراق الأعم عن الأخص، والأخص لا يفترق عن الأعم، والأعم هنا الفائدة
التركيبية، فنحتاج إلى مثال، وهو: إن قام زيد، ونقف على هذا، قمت
حينئذٍ صارت الفائدة فائدة تامة.
فقوله: مفيد هنا، أراد به الإشارة إلى المعنى الذي ذكرناه سابقاً.
ترك قيدين لم يذكرهما ابن مالك رحمه الله تعالى، وهما التركيب والقصد،
أما التركيب: فهذا لا شك في اشتراطه .. لا بد من اشتراطه؛ لأن الكلام
لا يكون إلا بإسناد، والإسناد نسبة حكم إلى اسم إيجاباً أو سلباً
فحينئذٍ يقتضي مسنداً، ومسنداً إليه، فالمسند إليه لا يكون إلا اسماً،
والمسند قد يكون فعلاً وقد يكون اسماً، ولا يكون الحرف مسنداً ولا
مسنداً إليه، هذا الإسناد يقتضي ماذا؟ مسنداً ومسنداً إليه، إذاً: لا
بد من اشتراط التركيب، وأقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو اسم وفعل كا
ركبوا كما قال ذاك.
فحينئذٍ هل ترك المصنف هذين القيدين أم أنه
ضمن ما ذكره من حد الكلام اشتراط هذين الشرطين؟ هذا محل نزاع كما
ذكرناه اليوم، فقوله: كاستقم، هل هو متمم للحد أم أنه مجرد مثال؟ هذا
محل نزاع، والأصح أنه متمم للحد، ثم هل أراد به اشتراط التركيب أو
القصد؟ قولان للشراح:
منهم من جعل قوله: كاستقم، المراد به اشتراط التركيب، قال:
كلامنا لفظ مفيد، يعني: فائدةً تركيبية كفائدة استقم، أو: كلامنا لفظ
مفيد، وكونه مقصوداً .. موضوعاً .. مقصوداً كما قصد قوله: استقم،
حينئذٍ تكون الكاف للتمثيل، والثاني هذا مشى عليه السيوطي رحمه الله في
شرحه على الألفية.
وهنا ذكر محيي الدين في قوله: وكأنه قال كلام النحاة هو اللفظ الموصوف
بوصفين أحدهما الإفادة والثاني التركيب المماثل لتركيب استقم، حينئذٍ
جعله قيداً ثالثاً، والذي أراد به بهذا القيد هو اشتراط التركيب، وهذا
إلى هنا لا إشكال فيه، وأما جعله أن المراد به القصد فنقول: الأصح أنه
لا يشترط في الكلام أن يكون مقصوداً، لماذا؟ لأن القصد ما هو؟ إرادة
المتكلم إفادة السامع، فإذا اشترطنا في الكلام أن يكون مقصوداً حينئذٍ
خرج كلام النائم والساهي والمجنون ومن جرى على لسانه ما لا يقصده، هذه
كلها خرجت، لماذا؟ لأنهم وإن نطقوا ولا نقول: تكلموا على هذا .. لأنهم
وإن نطقوا بمسند ومسند إليه بلفظ مفيد، لو قال: استقم .. لو قال: أنتِ
طالق، كالمجنون ونحوه فحينئذٍ هذا الكلام يعتبر مركباً .. لفظاً مفيداً
مركباً، وهو مفيد فائدةً تامة، لكن لفقد القصد حينئذٍ هل يشترط في
الكلام أن يكون مقصوداً؟ نقول: الصواب أنه لا يشترط.
لأنه يلزم من ذلك أن يكون الكلام الواحد موصوفاً بكونه كلاماً وغير
كلام، لا هذا ليس في هذا الموضع، وإنما هذا في تجديد الفائدة، نقول: لا
يشترط القصد، لماذا؟ لأن اللفظ هنا هو الذي ينصب عليه حكم النحاة ..
بحث النحاة وأهل اللغة إنما يكون في اللفظ، وأما كونه مقصوداً أو غير
مقصود هذا خارج عن اللفظ ودلالته، وليس بحث النحاة في المقاصد، بل هذا
مبحث الفقهاء وغيرهم، وإنما يبحثون في مجرد ما ينطلق ويلفظ به اللسان،
فما كان موافقاً للفظ العربي الصحيح، فحينئذٍ يعتبر كلاماً، وما لم يكن
حينئذٍ لا يعتبر كلاماً.
فيخرج باشتراط القصد كلام النائم ومن عطف عليه، ويدخل معنا كلام البربر
والترك ونحو ذلك من اللغات الأجنبية، فعلى اشترط القصد نقول: هذا يسمى
في لغة العرب كلاماً أو لا؟ يسمى كلاماً، والصواب إخراجه؛ لأنه يشرط في
الكلام أن يكون موضوعاً بالوضع العربي، فثم أربعة شروط لا بد من توفرها
في صحة صدق الكلام على اللفظ:
أن يكون ملفوظاً .. أن يكون مفيداً .. أن
يكون مركباً .. أن يكون موضوعاً بالوضع العربي، والصواب: أنه لا يشترط
فيه القصد ولا تجدد الفائدة، إذاً قوله: لفظ مفيد كاستقم، وهذا هو الذي
جرى عليه هنا في الألفية بأنه عبر باللفظ، وفي الكافية التي هي أصل
للألفية عبر بالقول، فخرج باللفظ: الخمس الدوال أو الدوال الأربع
المذكورة سابقاً، وخرج بالمفيد: الكلمة وبعض المركبات وهو الذي لا
يفيد، يعني: لا يفيد فائدةً تامة، وهو الذي أشار إليه ابن عقيل ببعض
الكلم، والمراد بالمفيد: ما يفهم معنىً يحسن السكوت عليه، والمراد
بالسكوت ترك الكلام مع القدرة عليه، هذا المراد بالسكوت .. ترك الكلام
مع القدرة عليه، فإن ترك الكلام لا مع القدرة فهو أخرس .. ترك الكلام
مع القدرة عليه، نقول: هذا سكوت، وأما تركه لا مع القدرة عليه: هذا
خرس.
وهل المراد سكوت المتكلم أو السامع أو هما؟ أقوال: أرجحها الأول، يعني:
المراد سكوت المتكلم؛ لأنه خلاف التكلم، فكما أن التكلم صفة المتكلم
كذلك السكوت صفته أيضاً، والمراد بحسن السكوت عليه ألا يكون محتاجاً في
إفادته للسامع كاحتياج المحكوم عليه إلى المحكوم به أو عكسه، فلا يضره
احتياجه إلى المتعلقات من المفاعيل ونحوهما.
وهذا ما ذكرناه من اشتراط التركيب بأن المراد به وجود المسند والمسند
إليه بقطع النظر عن الظروف والمتعلقات، وهذا المراد به على جهة التخصيص
إدخال الفعل المتعدي الذي لم يذكر مفعوله، ضرب زيد .. قام زيد، هذا فعل
لازم، وزيد فاعله، الكلام تام انتهى، قام: هذا لا يحتاج إلى ما يتمم
معناه، قام زيد .. ضرب زيد، عمرواً كالأول، ضرب زيد، أين المضروب؟ لم
يذكر، هل احتاج: ضرب إلى شيء يبين معناه؟ نقول: نعم؛ لأن ضرب فعل
متعدٍ، يعني: يتعدى من الفاعل إلى المفعول به، فحينئذٍ لا بد من محل
يقع عليه ذلك الحدث، فقولنا: ضرب، ضرب فاعل ومفعول، لا بد من شيء يقع
عليه الضرب، فلما قال: ضرب زيد احتجنا إلى إيضاح محل هذا الضرب، فهو
محتاج إلى المفعول به، لكن عدم ذكره هل يخرجه عن كونه كلاماً؟ الجواب:
لا، بل هو كلام لوجود المسند والمسند إليه، فالمسند: ضرب، والمسند
إليه: زيد، فحينئذٍ تم الكلام.
فمتى ما وردت الجملة الاسمية بطرفيها المبتدأ والخبر، والجملة الفعلية،
الفعل وفاعله أو نائبه، حينئذٍ تم الكلام ووجدت الفائدة التامة، لكن
يبقى إشكال في ماذا؟ في الفضلات التي قد لا يصح أو يفسد الكلام بدونها،
هل هي داخلة في مسمى الكلام أو لا؟ هذا محل بحث ونظر، لو قال .. ـ وهو
عنده زوجات ـ، قال: نسائي طوالق إلا هنداً، نسائي طوالق: مبتدأ وخبر،
تم الكلام أو لا؟ تم الكلام، لو قال: نسائي طوالق وسكتنا .. الكل، إلا
هنداً، يغير المعنى أو لا؟ يغير المعنى من أصله، هذه الفضلات ذكر
الصبان أنها داخلة في مسمى الكلام، يعني: يستثنى في الاحتياج والافتقار
إلى المفعولات ونحوها إن كان يفسد الكلام بحذفها فهي داخلة في مسمى
الكلام، وإن لم يفسد الكلام بحذفها فحينئذٍ ليست داخلةً في الكلام، وهي
ثلاثة أقوال، هذا الثالث الذي رجحه الصبان في حاشيته.
وهل يشترط إفادة المخاطب شيئاً يجهله،
يعني: هل يشترط بقوله: المفيد، أن يكون مفيداً فائدةً متجددة، جديدة؟
لو قلت: السماء فوقنا والأرض تحتنا، وأنا أمامكم، وأنتم أمامي، هذا فيه
جديد؟! هل يسمى كلاماً؟ هذا محل نزاع بين النحاة، بعضهم يشترط ذلك: أنه
لا بد من تجدد الفائدة، يعني: أخبرك بشيء لا تعلمه، فإن أخبرتك بشيء
تعلمه حينئذٍ لا يسمى كلاماً، فخرج أكثر كلامنا، لو اشترطنا تجدد
الفائدة، هل يشترط إفادة المخاطب شيئاً يجهله؟ قولان:
الأول: نعم، وجزم به ابن مالك، فلا يسمى نحو: السماء فوق الأرض، والنار
حارة، وتكلم الرجل كلاماً، هل فيه فائدة جديدة؟ ما فيه فائدة لا بد أن
تفصل ما هو هذا الكلام، حينئذٍ لعدم وجود فائدة من هذا الكلام جديدة
على ذهن السامع، قال: لا يسمى كلاماً.
والثاني: لا، يعني: لا يشترط وصححه أبو حيان، رد على ابن مالك، قال:
وإلا كان الشيء الواحد كلاماً وغير كلام إذا خوطب به من يجهله فاستفاد
مضمونه ثم خوطب به ثانياً، يعني: قلت لك: الفاعل مرفوع، كلام جديد ..
يعتبر كلام، قلت بعدها: الفاعل مرفوع، إذاً: صار الأول كلاماً والثاني
ليس بكلام، بل في محل واحد يتكلم المتكلم، هذا يعرف أن الفاعل مرفوع،
أقول: الفاعل مرفوع، هذا يعلم وهذا لا يعلم، نفس الكلام: الفاعل مرفوع،
يعتبر كلاماً؟ ليس بكلام، كلاماً باعتبار زيد لأنه يجهله، وليس بكلام
باعتبار عمرو؛ لأنه يعلمه.
إذاً: صار اللفظ الواحد .. التركيب الواحد كلاماً وليس بكلام، ونظرُ
النحاة كما قلنا للفظ والمعنى فحسب، وأما المقاصد فهذه ليست محل بحث
للنحاة، قال الصبان هنا: فالمراد بإفادة اللفظ فائدةً يحسن السكوت
عليها دلالته على النسبة الإيجابية أو السلبية، النسبة التي هي
الارتباط والتعلق بين الموضوع والمحمول، أو المسند والمسند إليه هي
المرادة بالإفادة، سواء كانت حاصلةً عند السامع أو لا .. قصد بها
المتكلم الكلام أو لا .. طابق كلامه الواقع أو لا، لا ينظر إلى شيء
خارج عن النسبة الإيجابية أو السلبية البتة، وإنما ينظر إلى عين
التركيب فحسب، فعل وفاعل .. مبتدأ وخبر، ما عدى ذلك لا يلتفت إليه عند
النحاة.
وإلا لو كان الأمر كذلك لقلنا، أيضاً نقيده: إن لم يطابق الواقع لا
يسمى كلاماً، فإن طابق الواقع يسمى كلاماً، أليس كذلك؟ نقول: هذا ليس
بوارد، لماذا؟ لأن مطابقة الواقع وعدم مطابقة الواقع شيء خارج عن مجرد
اللفظ والمعنى، وكذلك القصد مثله، أمر خارج عن مجرد اللفظ والمعنى ..
عن مجرد التركيب، فإذا ورد التركيب من المسند والمسند إليه تم الكلام
ولا ننظر إلى شيء آخر عن القصد.
وهل يشترط في الكلام .. - الكلام فيما سبق في القصد والفائدة الجديدة-
وهل يشترط في الكلام القصد، وهو إرادة المتكلم إفادة السامع؟ لا بد أن
يريد أن يفيد المتكلم السامع، فإن انتفى ذلك القصد حينئذٍ لا يسمى
كلاماً، هذا فيه قولان أيضاً للنحاة:
الأول: نعم، وجزم به ابن مالك فلا يسمى ما
ينطق به النائم كلاماً كما ذكرنا، وعلى هذا يزاد في الحد مقصود، وهل
أراده ابن مالك هنا في هذا الحد الذي ذكره في الألفية؟ قيل: نعم أراده،
إما بتضمين أو استلزام المفيد للقصد، وإما بجعلك استقم متمماً للحد
والمراد به القصد، يعني: له وجهان، في إدخال هذا الشرط في كلام ابن
مالك رحمه الله تعالى، قيل: لفظ مفيد ولا يكون مفيداً إلا إذا حسن
السكوت، ومتى يحسن السكوت؟ إذا قصده المتكلم، إذاً: صار مقصوداً، وقيل:
لا، المفيد لا يدل عليه، وإنما يجعل متعلق كاستقم، شرطاً لاشتراط القصد
في حد الكلام، وقلنا: هذا فيه تكلف، وعلى هذا يزاد في الحد مقصود،
والثاني لا، يعني: لا يشترط القصد، وصححه أبو حيان؛ لأن المراد بالكلام
النسبة الإيجابية أو السلبية فحسب، ولا نظر للنحاة فيما عدا ذلك البتة،
فكل ما كان خارجاً عن اللفظ والمعنى ليس بمقصود، ولا علاقة له في صحة
الكلام وعدمه، بل النظر إلى الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر.
وهل يشترط فيه اتحاد الناطق؟ قولان: اتحاد الناطق، يعني: المتكلم واحد،
أنا أقول: زيد، هذا يقول: قائم، أنت تسمعه، هل هذا كلام أم لا؟ هذا فيه
خلاف: إن اشترطنا اتحاد الناطق المتكلم أن يكون واحداً، المسند والمسند
إليه صدرا من متكلم واحد حينئذٍ لا يسمى كلاماً، فإن لم تشترط حينئذٍ
يسمى كلاماً .. إذا لم نشترط اتحاد الناطق يسمى كلاماً، هل يشترط فيه
اتحاد الناطق؟ قولان:
الأول: نعم، يشترط ذلك، فلو اصطلح رجلان على أن يذكر أحدهما فعلاً
والآخر فاعلاً، اصطلحا، أنا أقول: قام، وأنت تقول: زيد، أو مسند مبتدأ،
مثلاً يقول: زوجتي، الثاني يقول: طالق، حينئذٍ تقع مشكلة، فلو اصطلح
رجلان على أن يذكر أحدهما فاعل والآخر فعل أو مبتدأ والآخر خبر لم يسم
ذلك كلاماً؛ لأن الكلام عمل واحد، فلا يكون عامله إلا واحداً.
وعلى هذا يزاد في الحد: من ناطق واحد.
والثاني: لا يشترط، وصححه ابن مالك وأبو حيان، كما أن اتحاد الكاتب لا
يعتبر في كون الخط خطاً، والصحيح في هذه المسألة أنه لا يتصور فيه
افتراق الناطق البتة، هذا غير متصور، ولذلك قال ابن أم قاسم في شرحه
على الألفية: صدور الكلام من ناطقين لا يتصور .. صدور الكلام من
متكلمين ناطقين لا وجود له؛ لأن كل واحد منهما إنما اقتصر على كلمة
واحدة اتكالاً على نطق الآخر بالأخرى، فهي مقدرة في كلامه، يعني: لو
قلت: أنا أقول الفاعل، أو الفعل، وأنت تقول: الفاعل، إذا قلت: قام، أنا
نويت الكلمة الثانية، وأنت إذا قلت: زيد، فقد نويت الكلمة الأولى وهي:
قام، إذاً: لا يتصور وجوده من واحد.
وعليه لو اشترط اتحاد الناطق، قيل: يشترط أو لا يشترط، لو قال أحدهم:
زوجتي، وقال الثاني: طالق، تطلق أو لا؟ هذا كما ذكرناه في النائم،
والمجنون إذا قال: زوجتي طالق، لا تطلق، لماذا؟ لعدم وجود القصد، لكن
القصد اعتباره هنا من جهة الشرع لا من جهة اللغة، كذلك في هذا المثال
الذي ذكرناه.
فقول الناظم رحمه الله تعالى: كاستقم، هنا .. كلامنا لفظ مفيد كاستقم:
ذكرنا أنه اختلف فيه: هل هو تمثيل فقط أو
تتميم للحد أيضاً؟ قال الأشموني هنا: يجوز في قوله: كاستقم، أن يكون
تمثيلاً وهو الظاهر، يعني: أنه مثال فقط، ليس تتميماً للحد، لماذا؟
قال: وإنما كان ظاهره التمثيل فقط؛ لأن الناظم اقتصر في شرح الكافية
على ذلك في حد الكلام، والألفية خلاصة الكافية، فلما أنه لم يشترط
القصد في الكلام عندما عرف الكلام في الكافية وهي أصلها .. أصل
الألفية، لما اختصرها يبقى على الأصل: أنه لم يشترطه، فإذا كان ثم ما
يوهم الاشتراط حينئذٍ رجعنا إلى الأصل، وهذ طريقة الأشموني في أول
الكتاب إلى آخره: أنه إذا أشكل شيء في الألفية رجع إلى الكافية؛ لأنها
أصلها.
لكن لا، قد يقال: بأنه قد يخالف، ولذلك ذكرنا أنه في حد الكلام هنا
اختار اللفظ، وهناك اختار القول، وثم فرق بين الاختيارين، قد يكون رجع
أو صحح أو نحو ذلك، إن ثبت أنه انتهى من الكافية ثم مباشرةً اختصرها قد
يقال بما ذهب إليه الأشموني، وأما إذا جلس وقتاً وزمن وفاصل حينئذٍ قد
يكون رجع عن بعض أقواله وصحح ما قد يميل إليه في الكافية.
هنا لم يذكر التركيب والقصد نظراً إلى أن الإفادة تستلزمهما؛ لأن
المفيد الفائدة المذكورة لا يكون إلا مركباً كما ذكرناه، ولا ترد
الأعداد المسرودة لما تقدم من أن المراد بالإفادة الدلالة على النسبة
الإيجابية والسلبية، وحسن السكوت .. سكوت المتكلم يستدعي أن يكون
قاصداً لما تكلم به، لكنه في التسهيل صرح بهما، يعني: بالتركيب والقصد،
وهذا أولى على من اشترطه؛ لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام.
ولذلك جعل ابن الناظم قوله: كاستقم، تتميماً للحد، أي: من جهة الدلالة
به على أمرين يتضمنهما معتبرين في الكلام، أي: وتمثيلاً أيضاً من جهة
الإيضاح به للمحدود لا تمثيلاً فقط، وعلى كونه تتميماً للحد كاستقم، ما
إعرابه؟ إذا قيل: كونه تتميماً للحد، أو مجرد تمثيل على قول ابن
الناظم، حينئذٍ: كاستقم جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف،
وذلك كاستقم.
وأما إذا جعل تتميماً للحد حينئذٍ لا بد من متعلق يتعلق به، يجعل إما
صفةً للفظ أو لمفيد، والثاني محل نزاع، يعني: لا بد أن يجعل متمماً
للحد، فنقول: كلامنا لفظ، كلامنا: مبتدأ، ولفظ: خبر، مفيد: نعت للفظ،
كاستقم: على أنه تتميم للحد تقول: جار ومجرور، متعلق بمحذوف صفة، إما
للفظ أو لمفيد، وجعله للفظ أولى، ولذلك هناك في البسط يقدمون التركيب
على المفيد، فيقولون: الكلام هو اللفظ المركب المفيد، وهذا أجود،
لماذا؟ لأنه بالمفيد أخرج بعض المركب الذي هو ليس بالمفيد، أو أخرج
المهمل من المركبات إن سلم بوجود مهمل في المركبات؛ لأن اللفظ المفرد
كما سبق معنا: أن اللفظ يكون مهملاً ويكون مستعملاً، مهمل ومثلنا له
بـ: ديز، هذا موجود قطعاً في المفردات، وهل هو موجود في المركبات؟ محل
نزاع بين أهل اللغة، هل هو موجود أم لا؟ إن سلمنا بوجوده حينئذٍ نحتاج
إلى إخراجه، إن لم نسلم بوجوده فحينئذٍ لا نحتاج إلى إخراجه، والشيخ
الأمين رحمه الله في نثر الورود قال بوجوده ومثل له بكلام الهذيان.
إذاً: وعلى كونه تتميماً للحد كاستقم: ظرف مستقل، نعت ثان للفظ.
كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ...
وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ
واحده: كلمة، هذه الجملة من ابن مالك رحمه الله تعالى أتعبت الشراح،
وستتعبون معي إن شاء الله تعالى.
واسم وفعل ثم حرف الكلم ..
واحده: كلمة، الآن: الكلم ظاهره ماذا؟ هل المراد به الكلم الاصطلاحي
الذي هو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر، أفاد أم لان، الكلم الاصطلاحي:
ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر، فيشترط فيه العدد، ولا تشترط فيه الإفادة
فحينئذٍ: قام زيد، كلم؟ لا، كلام؟ نعم، قام زيد مؤلف من كلمتين، إن قام
زيد قمت، كلام؟ نعم، كلم؟ نعم، إن قام زيد، كلم؟ لا كلام، إذاً: الكلم
الاصطلاحي ما تركب من ثلاث كلمات، فا النظر فيه يكون للعدد دون
الإفادة، فـ: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) [المؤمنون:1] نقول: هذا
كلم وكلام، قام زيد: كلام وليس بكلم، إن قام زيد قمت: كلام وكلم، إن
قام زيد، نقول: هذا كلم وليس بكلام، عرفنا هذا الكلم الاصطلاحي.
وقد يراد بالكلم: اسم جنس جمعي، يعني: جمع، مثل رجل ورجال، لكن نوعه:
أنه اسم جنس جمعي، وهو الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء، فالمفرد
كلمة، والجمع أو اسم الجنس الجمعي له، وليس جمعاً خلافاً للجرجاني، اسم
الجنس الجمعي: كلم بإسقاط التاء، فُرِّقَ بينه وبين واحده بالتاء،
التاء موجودة في المفرد وساقطة في الجمع، مثل: شجر وشجرة، بقرة وبقر،
بقر: هذا جمع، اسم جنس جمعي، وبقرة بالتاء: هذا المفرد.
هل هذا فيه معنىً اصطلاحي؟ لا، ليس معنى اصطلاحي، عرفتم الفرق بين
النوعين؟
هل مراد ابن مالك رحمه الله تعالى هنا بقوله: وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ
حَرْفٌ الْكَلِمْ، هل المراد به الكلم الاصطلاحي، أم المراد به جمع:
كلمة .. نقول: جمع، من باب التقريب؟ قيل وقيل، يعني: قيل بأن المراد به
الكلم الاصطلاحي، وقيل: المراد به ليس الكلم الاصطلاحي، بل هو اسم جنس
جمعي للكلمة، ولذلك قال: واحده: كلمة.
قيل المراد الاصطلاحي، فحينئذٍ الكلم: مبتدأ مؤخر مرفوع، ورفعه، هه؟
ضمة، أين هي؟ مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بسكون الروي
أو الوقف، في الكلام تقول: وقف، هنا تقول: الروي.
واسم: هذا خبر مقدم، اسم وما عطف عليه خبر مقدم؛ لأن الأمر إذا دار بين
نكرة ومعرفة فحينئذٍ الأصل جعل المعرفة مبتدأً والنكرة خبر، وهنا دار
إما أن نجعل اسم معرفة، ونؤول له .... إما أن نجعل الاسم مبتدأ ونقدر
له صفة، وهذا فيه تكلف، وإما أن نجعل الاسم هنا وهو نكرة خبراً مقدماً
وهو الأصل في الخبر أن يكون نكرة، ونجعل الكلم لكونه معرفةً .. نجعله
مبتدأً.
إذاً: على القول بأن الكلم المراد به الكلم الاصطلاحي حينئذٍ نقول:
الكلم مبتدأ مؤخر واسم وما عطف عليه خبر مقدم، فأورد عليه حينئذٍ أن
الكلم في الاصطلاح ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر، هذا الكلم في
الاصطلاح، أليس كذلك؟ إذا قلنا: الكلم -الكلم الاصطلاحي- .. ينقسم إلى:
اسم وفعل وحرف، نقول: القسمة .. قسمة الشيء إلى أشياء لها طريقان لا
ثالث لهما:
إما أنه من تقسيم الكلي إلى جزئياته.
وإما أنه من تقسيم الكل إلى أجزائه.
وكل منهما لا يصح هنا البتة، لماذا؟ قال:
وتقسيم الناظم لا يصح أن يكون من تقسيم الكلي إلى جزئياته؛ لأن علامته
.. علامة صحة هذا التقسيم، صحة إطلاق اسم المقسوم على كل واحد من
جزئياته كانقسام الإعراب إلى رفع ونصب وخفض وجزم، وحينئذٍ تنظر إلى
الاسم المقسوم.
الإعراب أربعة أنواع: رفع ونصب وخفض وجزم، إذا أردت أن تعرف وتتأكد أن
هذا من تقسيم الكلي بالياء، إلى جزئياته تأتي إلى القسم، وهو؟ الرفع
والنصب تجعله مبتدأً، وتأتي إلى المقسوم وهو الإعراب فتجعله خبراً إن
صح الكلام فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته، إن لم يصح فهو من النوع
الثاني.
هنا إذا قيل: الرفع إعراب، صحيح أو لا؟ صحيح .. النصب إعراب .. الخفض
إعراب .. الجزم إعراب، صح أو لا؟ صح، الكلمة: اسم وفعل وحرف، أين الاسم
المقسوم؟ كلمة، أين الأقسام؟ اسم وفعل وحرف.
الاسم كلمة، صحيح؟ .. الفعل كلمة .. الحرف كلمة، هذا من تقسيم الكلي
إلى جزئياته.
هنا هل يصح أن يقال: .. الاسم كلم .. الحرف كلم .. الفعل .. كلم؟ لا
يصح .. لا يصح ذلك، فإذا لم يصح حينئذٍ ننظر في القسمة الثانية.
هنا قال: فالرفع وحده يقال له: إعراب، والنصب كذلك وهكذا، وكانقسام
الحيوان إلى إنسان وفرس، الحيوان اسم جنس هذا يصدق على ماذا .. لفظ:
الحيوان؟ على كل ما فيه حياة .. حيوان فعلان، يصدق على الإنسان، فيقال:
الإنسان حيوان، ويصدق على الفرس، فيقال: الفرس حيوان، والجراد حيوان،
وهلم جرا، نقول: هذا التقسيم من تقسيم الكلي إلى جزئياته، وهنا لا يصح
إطلاق اسم المقسوم على كل واحد من الثلاثة، فلا يقال: الاسم كلم،
والفعل كلم، والحرف كلم.
كما قال ابن آجروم: .. هناك ابن آجروم قال: الكلام هو اللفظ المركب
المفيد بالوضع وأقسامه، أي: الكلام: ثلاثة: اسم وفعل وحرف، قال: وهذا
لا يصح أن يكون من تقسيم الكلي إلى جزئياته، لماذا؟ لأنه لا يصح أن
يقال الاسم كلام، والفعل كلام، والحرف كلام، الاسم مفرد، والكلام يشترط
فيه أن يكون مركباً، فكيف يخبر عن المفرد بالمركب؟! إذاً: لا يصح أن
يكون من باب تقسيم الكلي إلى جزئياته.
هذا الذي هو الطريق الأول: إذا قلنا: الكلم المراد به المعنى
الاصطلاحي، ثم قسمناه إلى اسم وفعل وحرف، نقول: هذا التقسيم من أي
النوعين؟ نظرنا فإذا به لا يصح أن يكون من تقسم الكلي إلى جزئياته،
حينئذٍ هل يصح أن يكون من باب تقسيم الكل إلى أجزائه؟ ولا يصح أن يكون
من تقسيم الكلي إلى أجزائه؛ لأن علامته عدم صحة إطلاق اسم المقسوم على
كل واحد من أجزائه، بل لا يصح إطلاقه إلا إذا اجتمعت أجزاؤه التي تركب
منها، وهنا لا يصح، لماذا؟
لأننا نقول: تقسيم الكل إلى أجزائه لا بد أن يصدق اسم المقسوم على كل
الأجزاء مجتمعة، يعني: الكلم: اسم وفعل وحرف، هو الكلم، اسم وفعل وحرف
الكلم؛ لأنه أتى بواو العطف المقتضية للجمع.
فحينئذٍ يقتضي هذا أنه لا يسمى كلماً
اصطلاحياً إلا إذا اشتمل على فعل واسم وحرف، لا بد أن يوجد فيه هذه
الأنواع الثلاثة، فإن نقص منها واحد لا يسمى كلماً اصطلاحياً وهذا حق
أو باطل؟ باطل، واللازم باطل؛ لأنه يقتضي أنه لا يقال له: كلم، إلا إذا
اجتمعت الثلاثة نحو: قد قام زيد .. ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ))
[المؤمنون:1] وأما إذا اجتمع اثنان منها نحو: قام غلام زيد، هذا اجتمع
منها اثنان، قام: فعل، غلام زيد: اسمان، أين الحرف؟ غير موجود، هل هو
كلم اصطلاحي؟ نعم، قام غلام زيد .. ترددتم لماذا؟ قام غلام زيد: مركب
هذا من كلمتين: غلام زيد كلمتان، تحسب الثنتين، وأما: قام، فهي كلمة،
إذاً: ثلاثة ألفاظ، فحينئذٍ هو كلم اصطلاحاً، لكن على هذا التقسيم ..
إذا جعلناه من تقسيم الكل إلى أجزائه لا يكون كلمة، لماذا؟ لعدم وجود
الحرف، أو واحد نحو أبو زيدٍ قائمٌ، هذه كلم أو لا؟ كلم، أين الفعل؟ لا
فعل .. أين الحرف؟ لا حرف، الثلاث الكلمات كلها من النوع الأول وهو
الاسم.
إذا قلنا: من تقسيم الكل إلى أجزائه خرج النوع الأول: قام غلام زيد،
وخرج الثاني، أبو زيدٍ قائمٌ، فلا يقال له: كلم، وليس الأمر كذلك، فبان
بهذا بطلان القسمة من حيث هي، إذاً: التقسيم باطل على النوعين، إذا
جعلنا ماذا؟ إذا جعلنا الكلم بالمعنى الاصطلاحي وهو مبتدأ، واسم وفعل
وحرف: هذا خبره، لا يصح أن يكون من باب القسمة أنه تقسيم الكلي إلى
جزئياته، ولا الكل إلى أجزائه لوجود اللازم الباطل.
حينئذٍ ماذا نصنع؟ أجاب المكودي بجواب، لكنه فاسد، أقبح مما .. يعني:
أورد عليه أقبح مما أورد على ابن مالك رحمه الله تعالى، قال: بأن قوله:
اسم وفعل وحرف، من أجل أن يحصل التطابق ويصح التقسيم، قال: هذا من
إطلاق المفرد وإرادة الجمع، أي: الكلم: أسماء وأفعال وحروف، وهذا فاسد،
لماذا؟ لأن الواو إن كانت على بابها فحينئذٍ أقل الجمع في الأسماء
ثلاثة، وأقل الجمع في الأفعال ثلاثة: ستة، وأقل الجمع في الحروف ثلاثة:
هذه تسعة، لا يصدق عليه أنه كلم إلا إذا كان مؤلفاً من تسع كلمات، وهذا
باطل.
وإن كانت الواو بمعنى: أو، حينئذٍ الكلم إما أسماء فقط، أو أفعال فقط،
أو حروف فقط، فإذا وجد من الاسم والفعل والحرف كما هو الشأن في: ((قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) [المؤمنون:1] هذا لا يسمى كلماً، وهذا فاسد،
كما يقول العامة: أراد أن يكحلها أعماها! يعني: أراد أن يجيب على
الاعتراض ويرفع الإشكال فوقع في إشكال أقبح مما أورد على الناظم.
ويرد على هذا الجواب ما هو أقبح مما ورد على عبارة الناظم؛ وذلك إما أن
تبقى الواو في قوله: والأفعال والحروف على بابها، فيفهم منه أن الكلم
لا يطلق إلا على ما تركب من تسع كلمات فأكثر؛ لأن أقل الجمع ثلاثة،
وهذا باطل .. أقل الجمع في الأسماء ثلاثة، وفي الأفعال وفي الحروف
كذلك، وهذا باطل.
وإما أن تجعل الواو بمعنى: أو، فيفهم منه: أن الكلم لا يكون إلا من
الأسماء وحدها، أو من الأفعال وحدها، أو من الحروف وحدها، وأما من
اثنين أو من ثلاثة منها فلا يكون وهذا باطل أيضاً، فبان عدم صحة هذا
الجواب.
إذاً: القول بكون الكلم مبتدأ والمراد به:
الكلم الاصطلاحي، واسم وفعل: هذا خبر مقدم، هذا لا يصح البتة، بهذا
التعبير وبهذا الإعراب لا يصح.
ابن هشام رحمه الله ساهم في دفع الإشكال ورفعه بتوجيه إعراب آخر له
وجهه، وهو مسلم وصحيح في نفسه، إلا أنه بعيد عن عبارة المصنف رحمه الله
تعالى، وقيل: يرتفع الإشكال بجعل الكلم في النظم مبتدأً أول .. واسم
وفعل ثم حرف، الكلمُ: مبتدأ أول، واحده: مبتدأ ثان، كلمة: خبر المبتدأ
الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.
إذاً: فصل الجملة عن سابقها، واسم وفعل ثم حرف: مستقل، الكلم واحده:
كلمة، صحيح أو لا؟ الكلم من حيث اللفظ واحده: كلمة، وهي: اسم وفعل
وحرف، فجعل الاسم خبراً لمبتدأ محذوف، فحينئذٍ استطاع بهذا الإعراب أن
يجعل التقسيم .. تقسيم الاسم والفعل والحرف أقساماً للكلمة، فردها إلى
أصلها، فقال: الكلم: هذا مبتدأ أول، واحده: كلمة، هذا جملة اسمية خبر
المبتدأ الأول، وهي: اسم .. الضمير يعود إلى الكلمة، إذاً اسم: هذا خبر
المبتدأ محذوف تقديره هي.
وقيل: يرتفع الإشكال بجعل الكلم في النظم مبتدأً أول، وواحده: مبتدأ
ثان، وكلمة: خبر عن الثاني، والثاني وخبره خبر عن الأول، ويكون: اسم
وفعل خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: وهي، أي: الكلمة اسم.
وهذا جيد أولى من ذاك: أسماء وأفعال وحروف، هذا التخريج صحيح أم لا؟
صحيح، لأن المعنى صحيح أو لا؟ المعنى صحيح، الكلم واحده: كلمة، وهي اسم
وفعل وحرف، رده إلى المشهور عند النحاة، فيكون قوله: واسم إلى آخره:
تقسيماً للكلمة لا للكلم فانفصلت الجملة.
فيكون من باب تقسيم الكلي إلى جزئياته، أو الكل إلى أجزائه؟ كلي، أو
الكل؟ من الكلي، لماذا؟ لصحة الإخبار:
إن صح إخبار بمقسم فذا
أو لم يصحا فهو كل قد قسم ... تقسيم كلي بجزئي خذا
بغير ياء أي لأجزا قد علم
إذاً: إن صح الإخبار حينئذٍ فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته،
إن صح إخبار بمقسم فذا
أو لم يصحا فهو كل قد قسم ... تقسيم كلي بجزئي خذا
بغير ياء أي لأجزا قد علم
يعني: لا تقل كلي: بالياء، بل هو كل.
فحينئذٍ إذا لم يصح الإخبار باسم المقسوم عن كل قسم على حده، فهو تقسيم
كل إلى أجزائه، وهذا الجواب ظاهر في نفسه لكنه بعيد من كلام الناظم
رحمه الله تعالى.
والقول الثاني: .. القول الأول ما هو؟ أن الكلم: المراد به الكلم
الاصطلاحي، وفيه توجيهان من حيث الإعراب: هه! واضحة أو نعيد؟ القول
الأول: أن المراد بالكلم: الكلم الاصطلاحي، وهو: ما تركب من ثلاثة
كلمات فأكثر، وهذا فيه إعرابان، يعني: في كلام الناظم:
إما أن يكون مبتدأً وما قبله خبر، وهذا فاسد، وإما أن يكون مبتدأً أول
وواحده كلمة: خبر عنه، واسم وفعل: هذا خبر لمبتدأ محذوف، وهي: فيكون
تقسيماً للكلمة لا للكلم، وهذا له اعتباره وله وجهه لكنه بعيد من كلام
الناظم.
القول الثاني: أن المراد بالكلم ليس المراد
به الكلم الاصطلاحي، والقول الثاني -وهو الأحق .. الصواب-: أن الكلم:
مبتدأ، خبره: ما قبله، وأنه ليس المراد به معناه الاصطلاحي، ليس المراد
به المعنى الاصطلاحي وهو: ما تركب من كلمتين .. من ثلاث كلمات فأكثر،
بل المراد به: الكلمات: اسم جنس جمعي، يعني: المراد به المعنى اللغوي،
وليس المراد به المعنى الاصطلاحي، بل المراد به الكلمات، أي: أشخاصها،
فإنها وإن كثرت لا تخرج عن هذه الثلاثة، لا تخرج عن .. خالد وعمرو،
وقام وضرب، إلى آخره، مهما عددت من الأفعال والأسماء والحروف لا تخرج
عن هذه الأنواع الثلاثة، أي: الكلم: الذي يتألف منه الكلام ينقسم
باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع .. الكلم: الذي يتألف منه الكلام .. على
هذا التقدير .. التفسير بأنه: ليس المراد به الكلم الاصطلاحي، نقول:
الكلم الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده، على هذا التقدير؛
لأنه قال: واحده كلمة، أشار إلى أن واحد الكلم: كلمة.
والذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف هو الكلم، إذاً: الكلم
الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع: نوع
الاسم، ونوع الفعل ونوع الحرف، فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته.
فالمراد بالكلم في كلام الناظم: الكلمات، أي: الأنواع الثلاثة للكلمة،
فالمراد به حينئذٍ: المعنى الجنسي للكلمة، لا المعنى المصطلح عليه؛ لأن
المعنى الجنسي: الذي هو قول مفرد مستقل أو منوي معه .. لأن المعنى
الجنسي هو الذي يصح الحكم بالاسم والفعل والحرف عليه، ولقوله: واحده
كلمة، هذا دليل على أنه أراد بالكلم: المعنى اللغوي لا الاصطلاحي؛ لأن
الكلم المصطلح عليه يتألف من أجزاء، فلو كان مراده الكلم الاصطلاحي
لقال:
وجزؤه كلمة ..
هذا أنسب؛ لأن: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) [المؤمنون:1] قد:
جزء، وأفلح: جزء، والمؤمنون: جزء، ولذلك نقول: الكل والأجزاء، والكلي
والجزئيات، فالجزء حينئذٍ لا يعبر عنه بالواحد؛ لأن الواحد قد يفهم
استقلالاً دون غيره، وأما الجزء فلا ينفك عن غيره على الأصل.
فحينئذٍ لقوله: واحده كلمة، وإلا لقال: جزؤه كلمة أو نحوه؛ ولأن المقام
يقتضي بيان أقسام الكلمة، هذا هو الأصل، وجرت عادة النحاة أنهم في هذا
المقام يقسمون الكلمة ولا يقسمون الكلم المصطلح عليه .. ولأن المقام
يقتضي بيان أقسام الكلمة لا أجزاء الكلم المصطلح؛ لأن الباب معقود
للكلام وما يتألف منه، وهو الكلم الثلاث التي هي أقسام الكلمة، ولذلك
قال: الكلام وما يتألف منه، يعني: وما يتألف الكلام منه، أي: والأشياء
التي يتألف الكلام منه، وهذا المراد به ماذا؟ الاسم والفعل والحرف، فدل
على أن مراده هنا بيان الكلام لا الكلم.
وحشر الكلم هنا المصطلح عليه هذا من باب الاجتهاد والنظر.
إذاً: وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ
الْكَلِمْ، منحصرة في ثلاثة أقسام .. الكلمة منحصرة في ثلاثة أنواع:
الاسم والفعل والحرف، ويستفاد الحصر في تقديم الناظم الخبر، فيكون فيه
الرد على من زاد رابعاً وسماه: خالفةً، وهو اسم الفعل كما سيأتي،
حينئذٍ: أل، في قوله: الكلم على هذا المعنى تكون للعهد، تكون عهدية؛
لأنها قال في الترجمة ماذا؟ وما يتألف منه، ثم قال: الكلم، يعني:
والمعهود الذي يتألف منه الكلام، فدل على أن هذه الأشياء التي عنون لها
في الترجمة هي التي أراد بيانها في هذا الشطر: واسم وفعل ثم حرف الكلم.
أل: للعهد، والمعهود: ما صدق عليه لفظ: ما، وهو الأشياء التي يتألف
منها الكلام.
وأل، في الكلم على هذا القول الأخير بالعهد: والمعهود ما وقعت عليه:
ما، في الترجمة، فيصير تقدير الكلمات الثلاثة المؤلف منها الكلام: اسم
وفعل وحرف، والصبان له توجيه يجمع بين القولين، يقول: يمكن اعتبار
الكلم أنه مراداً به المعنى الاصطلاحي، ويمكن أن يحمل على المعنى
اللغوني، يعني: باعتبارين، وهذا ما يسمى بالاستخدام عند البيانيين.
وخرجه الصبان على أن تجعل الكلم في كلام الناظم بمعنى: الكلمات، على ما
ذكرناه، ويبقى قوله: واحده: كلمة، قال: الضمير هنا رجع إلى الكلم لا
باعتبار الكلمات، وإنما باعتبار الكلم المصطلح عليه، وهذا فيه تكلف، بل
الصواب: أن الضمير هنا يعود إلى الكلم، وهو اسم جنس جمعي، ويجوز فيها
.. _في إعادة الضمير وجهان-، كما قال ابن معطي: واحدها كلمة .. أنث،
وهنا ذكر، ويجوز فيه الوجهان: التأنيث والتذكير كما سيأتي معنا.
خرجه على ماذا؟ قال: أن تجعل الكلم في كلام الناظم بمعنى الكلمات،
وترجع الضمير في: واحده، إلى الكلم بمعنى: الكلم الاصطلاحي على
الاستخدام لا بمعنى الكلمات، وإلا لأنث الضمير، فيصير المعنى: واسم
وفعل ثم حرف الكلمات، أي: الأنواع الثلاثة للكلمة، وواحد الكلم
الاصطلاحي: كلمة، وهذا فيه تكلف، بل الصواب أن: واحده، يعود إلى اللفظ
باعتبار المعنى اللغوي، وهذا لا مانع منه، ويجوز في عود الضمير على
الجمع تذكيراً وتأنيثاً.
هنا سيأتي معنا في قوله: أنها اسم جنس جمعي.
إذاً قوله: واسم وفعل ثم حرف الكلم، إذاً: الكلمة تنقسم إلى ثلاثة
أقسام: اسم وفعل وحرف، ولا يخرج عن هذه القسمة لفظ رابع، أي: لا يزيد
عليها لفظ رابع، ودليل التقسيم والحصر في الثلاثة، أمران:
دليل نقلي: وهو ما أثر عن علي رضي الله تعالى عنه لما شكا إليه أبو
الأسود الدؤلي العُجْمَ، يعني: الناس اعوجت ألسنتهم، فقال له علي بن
أبي طالب: انح لهم نحواً، ولذلك سمي: نحواً، انح لهم نحواً واقسم
الكلام ثلاثة أشياء: اسماً وفعلاً وحرفاً جاء لمعنى ... هكذا أورده
السيوطي في: الأشباه والنظائر، والله أعلم ثابت عنه أم لا؟
حينئذٍ هذا دليل نقلي .. صح عن صحابي: أن الكلمة تنقسم إلى ثلاثة
أشياء: اسم وفعل وحرف.
وكذلك دليل عقلي: وهو ماذا؟ وهو النظر
الصحيح: أن الكلمة إما أن تصلح ركناً للإسناد أو لا، وسبق أن الإسناد
المراد به: المسند والمسند إليه، هذه عبارات المسند والمسند إليه ..
المحكوم والمحكوم عليه، والمبتدأ والخبر، وأيضاً الموضوع والمحمول، هذه
أربعة ألفاظ .. أربعة أقسام، ومصدقها واحد، ولكن الاختلاف باختلاف
الفنون.
زيد قائم، زيد: مبتدأ عند النحاة .. محكوم عليه عند الأصوليين .. موضوع
عند المناطقة .. مسند إليه عند البيانيين.
قائمٌ: خبر عند النحاة .. محكوم به عند الأصوليين .. محمول عند
المناطقة .. مسند عند البيانيين.
هذه أربعة أقسام .. نقف على هذا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا
محمد وأصحابه أجمعين ...
|