شرح ألفية ابن مالك للحازمي

عناصر الدرس
* مواضع زيادة الألف
* مواضع زيادة الياء والواو
* مواضع زيادة الهمزة والميم
* مواضع زيادة النون
* مواضع زيادة التاء والسين
* مواضع زيادة الهاء اللام
* لا يحكم بزيادة الحرف إلا بدليل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
قد سبق أنَّ النَّاظم رحمه الله تعالى بَيَّن معرفة الحرف الزائد من الأصلي بقوله:
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَم فَأَصْلٌ وَالَّذِي ... لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ مِثْلَ تَا احْتُذِي

قلنا حينئذٍ المراد بالزائد: ما سقط في أصل الوضع تحقيقاً أو تقديراً، (تحقيقاً) يعني: بأن لم يوضع ثُم زِيد عليه، (أو تقديراً) بأن وضع مع أصول الكلمة، ولكنَّه لا يسقط وهو في نِيَّة السقوط، مثل: كوكب قلنا: الواو هذه لازمة لا تسقط بحال من الأحوال، ولذلك نقول: وزنه (فَوْعَل) لكن ليس عندنا (كَكَب) يعني: كافين وباء بدون واو، حينئذٍ عُومِلَت معاملة الأصل، لكنها في أصل الوضع على نِيَّة السقوط.
(وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَم فَأَصْلٌ) يعني: فهو أصلٌ.
. . . . . . . . . . . . . وَالَّذِي ... لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ مِثْلَ تَا احْتُذِي

ابن هشام في (التوضيح) له تحرير في معرفة الزائد من الأصلي، حيث قال: " وتحليل المقام فيما يعرف به الزوائد أن يقال: إنه لا يحكم على حرفٍ بالزيادة حتى تزيد بقية أحرف الكلمة على أصلين" يعني: لا نحكم على كملة بأن هذا الحرف زائد إلا إذا زادت على أصلين، وهذا معلومٌ، لأن أصل الوضع في الأسماء وفي الأفعال مما يكون على ثلاثة أحرف، حينئذٍ إذا كان معها حرفان لا نحكم على الثالث بأنه زائد إلا إذا كان معها حرفٌ وحرف أصليان.
حتى تزيد بقية أحرف الكلمة على أصلين، ثُم الزائد نوعان: تَكرارٌ لأصلٍ وغيره، يعني: إمَّا أن يكرر أصلٌ وهو فاء الكلمة، أو عين الكلمة، أو لام الكلمة، يُعبَّر عنه هذا بـ: مضاعفة الأصل، هذا يُسمَّى تكراراً، أو ليس بتكرار وإنما هو حرفٌ زائدٌ مغاير للفاء، أو مغاير للعين، أو مغاير للام، فالأول الذي هو التكرار لأصلٍ لا يختص بنوعٍ من أنواع الحروف، بل كل حرفٍ من حروف الهجاء يصح تكرارها، يعني: لا يشترط فيه مثل الحرف الزائد.
الحرف الزائد لا يصح أن يكون زائداً إلا إذا كان من حروف (سألتمونيها) وهي عشرة، فما لم يكن كذلك حينئذٍ لا يصح زيادته، فالأول لا يختص بأحرفٍ بعينها، وشرطه -الذي هو التكرار- أن يماثل اللام كـ: جَلْبَبَ وجِلْبَاب، سبق (جِلْبَب) أن الباء هنا ليست من حروف: (سألتمونيها) وحينئذٍ هي زائدة، وهي زائدة لا شك.
وسبب زيادتها: أنها مضاعفة للام .. لإلحاقها بباب: (فَعْلَلَ)، جلببَ على وزن: فعلَلَ، ولذلك الأصل فيه أنه على وزن: (فَعَلَ) .. (جَلَبَ) أريد إلحاقه بـ: (فَعْلَلَ) ليكون موازياً له في الفعل والمصدر والمضارع والأمر ونحو ذلك، فقيل: جَلْبَبَ يُجَلْبِب جَلْبَبةً وجِلْبَاباً، كما تقول: دَحْرَج يُدَحْرِج دَحْرَجةً ودِحْرَاجاً، فهو ملحقٌ به.
إذاً: كُرِّرت وضُوعِفَت اللام، أو العين، إمَّا مع اتصال أو انفصال، يعني: تُضعَّف العين إمَّا مع الاتصال أو مع الانفصال:
- اتصال وهو المضعف (فَعَّلَ) كـ: (قَتَّلَ)، هنا ضُعِّفَت العين ولكنها مع اتصال، ولذلك أدْغِم الأول في الثاني، فقيل: (قَتَّلَ) على وزن: (فَعَّلَ).


- أو مع الانفصال، يعني: تُكرَّر العين ويكون بينهما حرفٌ فاصل، ومَثَّل له بـ: عَقَنْقَلَ، عَقَنْقَلَ هنا كُرِّرَت العين التي هي القاف، (عَقَنْقَل) .. (فَعَنْعَل) النون هذه زائدة كما سيأتي، وقعت بين أربعة أحرف متساوية، حينئذٍ ضُوعِفَت هنا العين مع الانفصال فقيل: (عَقَنْقَل).
- أو تماثُلِ الفاء والعين نحو: َمرْمَريِس - كما سبق - َمرْمَريِس قلنا: هنا ضُوعِفَت الفاء ففصل بينهما بحرفٍ وهو الراء،
- أو العين واللام، نحو: صَمَحْمَح، أين العين؟ الميم الأولى: صَمَحْـ (فَعَلْعَل)، والميم الثانية هي اللام، هنا حصل تماثل بين الفاء واللام.
- وأمَّا الذي يُماثل الفاء وحدَها نحو: قَرْقَفٍ وَسُنْدُسٍ.
- أو العين المفصولة بأصلٍ نحو: حَدَرْدٍ، هذا يعتبر أصلياً.
هذا النوع الأول الذي يكون فيه التكرار، إمَّا أن يكون للفاء، أو العين، أو اللام، ولا يختص بحروفٍ دون غيرها، بل كل حرفٍ يصح أن يكون مُضَعَّفاً للفاء أو العين أو اللام.
والنوع الثاني الذي هو لغير تكرار، هذا مُختصٌّ بأحرفٍ عشرة مجموعة في قولهم: (سألتمونيها) جمعها ابن مالك أربع مرات في بيت واحد:
هَنَاءٌ وَتَسْلِيمٌ تَلاَ يَوْمَ أُنْسِهِ ... نِهَايَةُ مَسْئُولٍ أَمَانٌ وَتَسْهِيلُ

(هَنَاءٌ وَتَسْلِيمٌ) هذا جمعٌ لها، (تَلاَ يَوْمَ أُنْسِهِ) هذا الثاني، (نِهَايَةُ مَسْئُولٍ) هذا الثالث، (أَمَانٌ وَتَسْهِيلُ)، هذه حروف عشرة لا يمكن أن يكون حرفٌ زائد لا لتكرار إلا وهو واحدٌ من هذه الحروف الزائدة، ولا يلزم أنَّه كلما وجد حروفٌ منها أن يُحكم عليه بأنه زائد، (سأل) الهمزة هذه من حروف (سألتمونيها)، والسين من حروف (سألتمونيها)، هل هي زائدة؟ لا، ليست بزائدة .. أصل.
إذاً قوله: (سألتمونيها) الحروف، إنْ كان زائدٌ وجد، حينئذٍ لا يخرج عن واحدٍ من هذه الحروف العشرة، وليس كلما وجد حرفٌ من هذه الحروف العشرة حكمنا عليه بكونه زائد، وإنما إن وجد زائد فهو لا يخرج عن هذه الحروف العشرة، ثُم نفسها الحروف قد تكون زائدة وقد تكون أصلية، (أكل) الهمزة أصلية هنا وليست بزائدة، سين (سأل)، (نَمِر) النون هذه أصل وليست بزائدة، الميم في (نَمِر) كذلك.
حينئذٍ نقول: كلما وجد زائد فلا يخرج عن هذه الحروف، وليس كلما وجد حرفٌ من هذه الحروف حكمنا عليه بكونه زائد لا، قد يكون أصلاً.
فإذا لم يكن الزائد من حروف (أَمَانٌ وَتَسْهِيل) فهو ضِعْف أصلٍ، يعني: إذا جاءت باء، ولذلك نقول (جَلْبَبَ): الباء قطعاً بأنها للتَّكْرَار، لأنها ليست من حروف (سألتمونيها) وهي ليست من أصل الكلمة، لأن أصله (جَلَبَ) .. (فَعَلَ)، حينئذٍ نحكم عليه بكونه تكرار .. قطعاً، لكون الباء ليست من حروف (سألتمونيها).
وإن كان من هذه الحروف العشرة قد يكون ضِعْفاً، وقد يكون غير ضِعْفٍِ، يحتمل هذا ويحتمل ذاك، أمَّا إذا لم يكن من حروف (سألتمونيها) فهو قطعاً نحكم عليه بأنه تكرار .. تَضْعِيف، مثل: جَلْبَبَ، وكذلك: اغْدَوْدَن .. (افْعَوْعَل)، قلنا: العين .. الدال الثانية هذه قطعاً أنها تضعيف، لأنها ليست من حروف (سألتمونيها) .. الدال ليست من حروف (سألتمونيها) وإذاً: هي تكرار .. فنحكم عليها بأنها مُكررة.


إذاً: إذا لم يكن الزائد واحداً من هذه الحروف، لأن ما كان لتكرار فهو زائد، ولذلك الحرف الزائد أعم من الزائد، الزائد قد يكون خاصَّاً بحروف (سألتمونيها) لا لتكرار، وإذا كان لتكرار فهو زائدٌ وزيادة، (زائد) لأنه ليس أصلاً، و (زيادة) أنه أفاد تكرار، ولذلك يُقابَل في الوزن بِمَا ضُوعِف به: إن كان عيناً فعين .. لاماً فلام .. فاءً ففاء.
فإذا لم يكن الزائد من حروف (أمَانٌ وَتَسْهِيل) فهو ضعف أصلٍ كـ: الباء في (جَلْبَبَ)، والدال في (اغْدَوْدَن)، وإن كان منها قد يكون ضِعْفاً نحو: (سَأَّلَ) قطعاً تضعيف، لماذا؟ (سَأَّلَ) على وزن (فَعَّلَ) تضعيف قطعاً، لماذا؟ لأنه من جنس العين، وقلنا: هذا حقيقة التَّضْعِيف: أن يُزاد حرفٌ من جنس الفاء أو العين أو اللام، فإن كان كذلك وهو من حروف (سألتمونيها) حكمنا عليه بكونه تضعيفاً.
وقد يكون غير ضِعْفٍ بل صورته صورة الضِّعْف، ولكن دَلَّ دليلٌ على أنَّه لم يقصد به تضعيف فيقابَل في الوزن بلفظه، نحو: سَمْنَان، (سَمْنَان) هذا اختلف فيه الصرفيون اختلاف طويل .. أخذ صفحات عندهم، (سَمْنَان) هل وزنه: (فَعْلَان) أو (فَعْلَال)؟ قيل: (فَعْلَان) وهذا المرَجَّح، لماذا؟ لأنك لو لم تحكم عليه بأنه زائد، فحكمت عليه بأنه مُضَعَّف لقلت: وزنه (فَعْلَال)، و (فَعْلَال) هذا نادر في لسان العرب، و (فَعْلَان) كثير.
إذاً: حمله على الكثير أولى من حمله على النَّادر، فنقول: (سَمْنَان) النون الثانية هذه هل هي تضعيفٌ للعين أم أنها زائدة؟ نقول: هي زائدة وليست بتضعيف، لأنك لو قلت: تضعيف لقلت: وزنه (فَعْلَال)، حينئذٍ خَرَجْت بهذه اللفظة إلى ما لا نظير له، أو لِمَا قَلَّ نظيره في لسان العرب، حينئذٍ تحكم عليه بأنه زائد.
إذاً: هذا محتمل، صورته صورة التضعيف لأنه مُكرَّر للعين، حينئذٍ لَمَّا كانت صورته صورة التضعيف وقع فيه النِّزَاع بين الصرفيين.
أو قد يكون غير ضعفٍ بل صورته صورة الضِّعْف، ولكن دَلَّ دليل على أنه لم يقصد به تضعيف، وهذا الدليل كون (فَعْلَال) نادراً في لسان العرب، هذا الدليل، الذي جعلنا نحكم بكون (فَعْلَان) النون الثانية هذه للزِّيَادة لا للتضعيف، لأننا لو قلنا بالتضعيف لقلنا وزنه: (فَعْلَال) وهذا نادر، وحمل اللفظ على ما هو شائع كثير أولى من حمله على ما هو نادر، و (فَعْلَان) كثير في لسان العرب، سواءً كان في الأسماء، أو في الصفات كـ: عُثْمَان .. (فَعْلَان) سَكْرَان وحَسَّاَن، على خلافٍ في (حسان) أيضاً.
إذاً: (سَمْنَان) وزنه: (فَعْلَان) لا (فَعْلَال)؛ لأن (فَعْلَال) بناءٌ نادرٌ.
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَم فَأَصْلٌ وَالَّذِي ... لاَ يَلْزَمُ الزَّائِدُ مِثْلُ تَا احْتُذِي

ثُم قال:
بِضِمْنِ فِعْلٍ قَابِلِ الأُصُولَ فِي ... وَزْنٍ وَزَائِدٌ بِلَفْظِهِ اكْتُفِي

يعني: يُقابل الأصل بالأصل، والزائد بالزائد، وحينئذٍ كما ذكرنا استُثْنَي من الزائد نوعان لا يُعبَّر عنهما بلفظهما:
- المبدل من تاء الافتعال، وهذا سيذكر في آخر النَّظم ضبطه.


- والثاني الذي ذكرناه الآن: المُكرَّر للإلحاق، فإنَّه يُقابل بِمَا يقابل به الأصل، نقول (جَلْبَبَ) .. (فَعْلَلَ) قابلته باللام مع كون اللام لا يقابل بها إلا الأصل .. لا يقابل بها الزائد، والباء الثانية هذه زائدة، فكيف قابلتها باللام وهي تُقابَل بالأصل؟ لكونه للتَّكْرَار، كذلك (اغْدَوْدَن) .. (افْعَوْعَل) الدال الثانية زائدة وقابلتها بالعين، والعين إنما تُقابَل بها أصلٌ، فلماذا قابلت الدال وهي زائدة بالعين؟ نقول: لأنه للتَّكرَار.
إذاً: ما كان للتَّكرَار ضُوعِف بمثله.
وَضَاعِفِ اللاَّم إِذَاَ أَصْلٌ بِقِي ... كَرَاءِ جَعْفَرٍ وَقَافِ فُسْتُقِ

هذا فيما يَتعلَّق بالخماسي والرباعي.
وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلِ ... فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلأَصْلِ

يعني: ما جعلته للفاء والعين واللام من حروف فِعلٍ، وإذا كان في الموزون تحويل أو حذف أتيت بمثله في الميزان، عرفنا أنَّ (وَزَائدٌ بِلَفْظِهِ اكْتُفِي) تأتي بالزائد، لكن لو كان في الموزون .. الكلمة التي تريد وزنها فيها تحويل، يعني: انتقال حرف من مكان إلى مكان، يُسمُونه: قلباً مكانياً.
(أو حذف) أتيت بِمثله في الميزان فتقول في (ناءٍ): نَاءٍ على وزن (فَلَع)، لأنه مأخوذٌ من (النأي)، والهمزة هنا وقعت .. أين وقعت الهمزة في (ناءٍ)؟ لاماً .. في الظاهر أنها لام، لكن في الحقيقة هي عين الكلمة، حينئذٍ حصل قلب مكاني .. تحويل، فأُخِّرَت العين وقُدِّمَت اللام - لها تفصيل طويل عندهم لا يعنينا الآن -.
حينئذٍ نقول: (نَاءٍ) وزنه (فلع) بتأخير العين عن اللام .. بتقديم اللام على العين، لأنه من (نأى)، وفي (الحادي) كما سبق نقول: وزنه (عَالِف)، (حَادِي) قلنا: الياء هذه منقلبة عن واو كما سبق في (حادي عشر)، قلنا: الياء هذه منقلبة عن واو، وإذا كانت منقلبة عن واو الواو هي فاء الكلمة لأنه من (الوِحْدَة) .. (فِعْلَة)، إذاً: الفاء هي واو الكلمة، وإذا قلت: (حاديو) صارت لام الكلمة، حينئذٍ تقول: الوزن (عَالِف)، الحاء هذه عين الكلمة والواو تأَخَّرَت فقلبت ياءً، إذاً: (حَادِي) وزنه (عَالِف).
وتقول في (يَهَبْ) على وزن (يَعَلْ) لماذا؟ لأنه من (وَهَبَ)، وقلنا: الواو إذا وقعت فاء الكلمة حينئذٍ إذا كان من باب: (يَفْعِل)، وعند بعضهم (يَفْعَل) يُقَلَب إلى باب (يَفْعِل) تحذف الواو، صار وزن (يَهَبْ) (يَعَلْ).
وفي: (بِعْ) وزنه: (فِلْ)، (بِيعْ) حذفت العين، فتقول وزنه: (فِلْ) بحذف العين، وفي (قَاضْ): (فَاعْ) تحذف العين.
إذاً الخلاصة: أنَّه إذا حصل تحويل في الموزون حصل كذلك في الوزن، (تحويل) يعني: قلب مكاني، وأمَّا إذا كان ثَمَّ قلب حرف لحرف مثل: قَالَ، قَالَ تقول وزنه: (فَعَلَ) باعتبار الأصل، إذا حصل إعلال بالقلب حينئذٍ نقول: (قَالَ) وزنه (فَعَلَ)، (بَاعَ) وزنه (بَيَعَ) بالنظر إلى الأصل.


(شَدَّ) وزنه (فَعَلَ) ولا تقل: (فَعَّ) أو (فَلَّ) لا، تقول وزنه: (فَعَلَ) باعتبار أصله، أمَّا التحويل المكاني .. القلب المكاني فلا، تقلب في الوزن ما قُلب في الموزون، وإذا كان ثَمَّ حذفٌ لعِلَّة تَصرِيفيَّة كذلك يحذف، وأمَّا القلب الذي هو إعلالٌ بالقلب .. الواو تقلب ألفاً أو الإدغام فيبقى على أصله .. مراعاةً للأصل، ثُم إنَّ ما تَكرَّرَ فيه الفاء والعين من الرباعي.
وَاحْكُمْ بِتَأْصِيلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ ..
(سِمْسِمِ) هنا ماذا حصل؟ تَكرَّرَ فيه الفاء والعين من الرباعي (سِمْسِم) السين والسين، تَكرَّرَ فيه الفاء والعين من الرباعي، وهذا على نوعين:
- الأول: ما لا يدل فيه الاشتقاق على زيادة أحد الحروف، يعني: لا يسقط .. المُكرَّر أو أحد المكرَّرين ليس صالحاً للسقوط .. هذا نوع، وأشار إليه بنحو (سِمْسِم).
- والنوع الثاني: ما دَلَّ الاشتقاق على زيادة أحد حروفه، قلنا: معرفة الزائد من غيره كما نَصَّ النَّاظم .. هو في الجملة صحيح لا إشكال فيه: أنَّه ما سقط في بعض الاشتقاقات .. في بعض تصاريف الكلمة يسقط الحرف .. حكمنا عليه بكونه زائداً، (سِمْسِمِ) لا يسقط أبداً، هذا النوع الأول.
حينئذٍ أحدهما زائد لأنَّه مُضعَّف وليس صالحاً للسقوط، سيأتي أننا نحكم عليه بكون كل الحروف أصولاً.
النوع الثاني: كذلك مُضعَّف .. فاؤه وعينه من جنسٍ واحد، ودَلَّ الاشتقاق على سقوط أحد المكرَّرين في بعض الاشتقاقات والتصاريف، الأول أشار إليه بقوله: (سِمْسِمِ) والثاني (كَلِمْلِمِ) .. (لَمْلِمِ)، أمر: (لَمْلَم) ضبطوه بالماضي: (أوْلَمْلِم).
وَاحْكُمْ بِتَأْصِيلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ ..
هذا أشار به للنوع الأول: ما لا يَدلُّ فيه الاشتقاق على زيادة أحد الحروف، (وَاحْكُمْ بِتَأْصِيلِ) أصول (حُرُوفِ سِمْسِمِ وَنَحْوِهِ) من كل رباعيِّ تَكَرَّرَت فيه - في اللفظ - فاؤه وعينه، ولم يكن أحد المُكرَّرَين صالحاً للسقوط، كما قلنا في (كَوْكَب): قد يكون زائداً ونحكم عليه بكونه زائداً، ولا يمكن إسقاطه في بعض التَّصاريف .. ليس عندنا (كَكَبْ) أبداً، لا يُقال إلا: كَوْكَب .. يُوكَوْكِب .. كَوْكبةً .. مُكَوكِب .. مُكَوْكَب .. كلها، التصاريف كلها ما يسقط منها الواو.
إذاً الأصل أن نقول: أنه أصل، لكن يكاد يكون اتفاق على أنَّه زائد، ولذلك وزنه (فَوْعَل)، هنا (سِمْسِمِ) فيه مكرر الذي هو الثاني أو الأول، هل نحكم عليها بكونها كلها أصول، أو نقول هو شأنه كشأن (كَوْكَب) بأنَّه زائد في الأصل وإن لم يكن ساقطاً في بعض المواضع؟ هذا مَحل وفاق بينهم فيما سيأتي.
يعني: أنَّ نحو (سِمْسِمِ) يُحكم على حروفه كلها بأنَّها أصول، -الثاني الذي فيه خلاف-. بأنَّها أصول وأنه راباعي لأنَّ أصالة أحد المضعَّفين واجبة تكميلاً لأقل الأصول، وليست أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر فحُكم بأصالتهما معاً (سِمْسِمِ) .. (فِعْلِل)، أُرِيد أن يكون على وزن (فِعْلِل) فقيل: (سِمْسِمِ).


حينئذٍ إمَّا أن يكون الأول هو الزائد أو الثاني هذا مُحتمل، حينئذٍ لَمَّا احتمل أن يكون أحد المضعَّفَيْن زائداً مع عدم إمكان إسقاطه في بعض التصاريف بل في التصاريف كلها، قالوا: ليس أحدهما أولى بالحكم بالزيادة من الآخر فحكموا عليه بكونه أصلاً.
إذاً: كلُّ ما كان على هذا النوع من وزن (سِمْسِمِ) ولم يسقط فكلها أصول ولو كان مُضعَّفاً، هذا أشبه ما يكون بالاستدراك مِمَّا سبق، لأنَّه قال:
وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلِ ... فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلأَصْلِ

حينئذٍ نقول: إلا الرباعي - (إلا) يستثنى - إلا الرباعي إذا كُرِّرَت فيه فاؤه وعينه ولم يسقط واحدٌ من هذين المكررين في تصريفٍ من التصاريف البَتَّة حكمنا عليها بكونها كلها أصولاً، لماذا؟ لأن أحد هذين المضعَّفَيْن زائد من أجل تكميل الوزن، وأيهما الذي زيد؟ إن قلنا الأول ولم يكن هو جَنَيْنَا عليه، وإن قلنا الثاني ولم يكن هو جَنَيْنَا عليه، ودفعاً لهذا قالوا: إذاً نحكم عليها بكونها كلها أصولاً.
إذاً: إذا كان الرباعي تَكَرَّرَت فاؤه وعينه - انظر! الحكم هنا على السين ليست على الميم -، تَكَرَّرَت فاؤه وعينه ثُم نظرنا الثاني مُكرَّر والأول مثله، أيهما زِيد؟ ليس عندنا ثَبَتْ .. ليس عندنا حجة .. دليل، لو كان عندنا دليل مثل (جَلْبَبَ) قلنا: أصله (جَلَبَ)، إذاً: الباء الأولى أصل والثانية زائدة .. مُكرَّرة قطعاً، فما جَنَيْنَا على الباء الأولى .. حكمنا بأصالتها، أمَّا (سِمْسِمِ) ليس عندنا ثَبَتْ، وإذا لم يكن عندنا دليل بالحكم على الحرف بكونه زائداً فالأصل الأصالة.
وهنا لم يمكن تحديد أيُّ الحرفين هو الزائد، فحكمنا عليها بكونها أصولاً، لأنَّ الثاني إنما زيد أو الأول .. زيد تكميلاً لكونه رباعياً، ليأتي على وزن (فِعْلِل) .. (سِمْسِمِ)، وأمَّا إذا كان كذلك قلنا: هذا أصل.
إذاً: أن نحو (سِمْسِمِ) يُحكم على حروفه كلها بأنها أصول مع كونه مُضعَّف، وسبق:
وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلِ ... فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلأَصْلِ

نقول: هذا استثناء، انتبه!
وأنه رباعي لأن أصالة أحد المضعَّفيْن واجبة .. لا بُدَّ أن يكون واجب، لماذا؟ واحد من السِّينَين لا بُدَّ أن يكون أصلاً، لأنه لا ينقص عن ثلاثة أحرف، لا بُدَّ أن يكون واجباً، لأن عندنا ميمان حكمنا عليهما بأنهما أصلان، إذاً: لا بُدَّ واحد من السينين أصل، لأنه لا يقل عن ثلاثة أحرف، إذاً: أيُّ هذا الذي يكون أصلاً؟ من باب المنَّة نحكم على الحرفين بأنهما أصلان، لأن أصالة أحد المضعَّفيْن واجبة تكميلاً لأقل الأصول لأنَّه رباعي، وليست أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر فحُكِم بأصالتهما معاً.
إذاً ضابط هذا النوع: أنَّه إذا كانت العين والفاء من الرباعي مُضعَّفتين ولم يسقط الحرف .. أحد هذين المضعَّفيْن لم يسقط في تصريفٍ من التصاريف حكمنا على الحروف بكونها أصولاً.
وَاحْكُمْ بِتَأْصِيْلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ ... وَنَحْوِهِ. . . . . . . . . . . .

مِمَّا جاء على مثله، يعني: أراد به ضابط، ليست الكلمة هنا وحدها بل لا، كل ما كان على هذا المثال.


(وَالْخُلْفُ فِي كَلَمْلَمِ) .. (لَمْلِمِ)، الأكثر على ضبطه بأنَّه فعل أمر (لَمْلِم)، (لَمْلَمَ) هذا فعل ماضي، (لَمْلِمْ) هذا فعل أمر، وأشار إلى الثاني بقوله: (وَالْخُلْفُ) اختلاف .. مبتدأ، (وَاحْكُمْ) هذا فعل أمر، (بِتَأْصِيلِ) هذا جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (احْكُمْ)، (تَأْصِيلِ) مضاف، و (حُرُوفِ) مضاف إليه على حذف مضاف، يعني: أصول حروف، (سِمْسِمِ) .. (حُرُوفِ) مضاف، و (سِمْسِمِ) مضاف إليه، و (نَحْوِهِ) معطوف على (سِمْسِمِ).
(وَالْخُلْفُ) هذا مبتدأ، (فِي كَلَمْلَمِ) الكاف هنا اسْميَّة، (فِي كَلَمْلِمِ) إذاً (فِي) هنا دخلت على الكاف وهي اسْميَّة، يعني: (فِي مِثْل لَمْلِم) فعل أمر، وأشار إلى النوع الثاني وهو ما تَكَرَّرت فيه الفاء والعين من الرباعي، وأحد المُكرَّرين صالحٌ للسقوط، هل هو كـ: (سِمْسِمِ) أو لا؟ هذا فيه خلاف.
(وَالْخُلْفُ) في الرباعي المذكور الذي أحد المكررين فيه صالحٌ للسقوط كـ: (لَمْلِم)، يعني: أنَّ فيما كان نحو (لَمْلِم) فعل أمر من (لَمْلَمَ) مما في اشتقاقه دليلٌ على زيادة أحد المضعَّفيْن خلافاً .. وقع خلافٌ بين النُّحاة، فمذهب البصريين أنَّ حروفه كلها أصول، مثل (سِمْسِمِ) .. ألحقوه بـ: (سِمْسِمِ) فوزنه حينئذٍ (فَعْلِل) .. (لَمْلِم) قابلوا الثاني باللام، هذا الذي ينبني عليه: أنه يُقابل باللام.
ومذهب الكوفيين: أنَّ الأصل (لَمَّمَ) ثلاث ميمات، فأُبدل من ثاني المضعَّفيْن لامٌ كراهة التَّضْعِيف، لتوالي ثلاثة أمثال، فأبدل من أحدهما حرفٌ يُماثل الفاء، إذاً: عند الكوفيين أنه ليس بأصلٍ، يعني: ليس الحرف الزائد بأصلٍ .. لا يُعامل مُعاملة (سِمْسِمِ) وإنما أصل: (لَمْلَم): (لَمِّمْ)، عندنا كم ميم؟ ثلاث ميمات.
كراهة التوالي .. ثلاث ميمات أبدلت الثانية لاماً فقيل: (لَمْلِم)، إذاً: اللام الثانية هذه أصلها ميم .. مُبْدلة عن ميمٍ، إذاً: ليست بأصل، ولذلك هو مأخوذٌ من (لَمَّ)، (لَمَّ) على ثلاثة أحرف، و (لَمِّمْ) هذا على أربعة أحرف، إذاً: سقط الحرف الثالث الذي هو أحد الميمين، فدل على أنَّه ليس بأصلٍ، بل هو زائد.
إذاً: (وَالْخُلْفُ فِي كَلَمْلِمِ) (لَمْلِم) عند البصريين أنَّه محمولٌ على (سِمْسِمِ) وإنْ دَلَّ الاشتقاق على سقوط أحد المضعَّفيْن وهو الميم الثانية، وعند الكوفيين لا (لَمْلِم) اللام الثانية مُبدَلَة عن ميمٍ، حينئذٍ لا تأخذها في الأصل كما هو، إذا قيل: (لَمْلِم) حينئذٍ هل حصل عندنا تضعيف على مذهب الكوفيين؟ (لَمْلِم) قلنا: ما تَكرَّرَت عينه وفاؤه، على مذهب البصريين نعم فيه تضعيف، وعلى مذهب الكوفيين ليس عندنا تضعيف، لأن اللام الثانية إنما هي مُبدَلَة عن الميم وليست هي أصل لتضعيف اللام .. اللام الأولى .. فاء الكلمة، لا، وإنما هي مُبدَلَة عن ميمٍ.
إذاً:
وَاحْكُمْ بِتَأْصِيلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ ... وَنَحْوِهِ وَالْخُلْفُ فِي كَلَمْلِمِ

قال الشَّارح: " المراد بـ: (سِمْسِمِ) الرباعي الذي تَكرَّرَت فاؤه وعينُه " قلنا: هذا على نوعين: ما تَكرَّرت فاؤه وعينه من الرباعي كـ: (سِمْسِمِ وَنَحْوِهِ) نقول: هذا على نوعين:


- ما لا يدل الاشتقاق وتصريف الكلمة على سقوط أحد المُضعَّفيْن، لأنَّه لَمَّا قال: تَكرَّرت فاؤه وعينه، علمنا أنه من باب المُضعَّف.
النوع الأول: ما لا يدلُّ الاشتقاق على سقوط أحد المُضعَّفيْن، أشار إليه بـ: (سِمْسِمِ).
- الثاني: دل الاشتقاق على سقوطه، حينئذٍ انضبط عليه حَدُّ الزائد فصار زائداً، هذا هو الأصل.
ولم يكن أحد المكرَّرين صالحاً للسقوط، فهذا النوع يحكم على حروفه كلها بأنها أصول، فإذا صلح أحد المكررين للسقوط .. لم يحك فيه خلافاً هنا، وإنما جعل الخلاف في الثاني، فدلَّ على أن الأول متفقٌ عليه، لأنَّه لَمَّا قال: (وَالْخُلْفُ فِي كَلَمْلِمِ) وسكت عن الأول دَلَّ على أنَّه متفقٌ عليه.
إذاً: ما كان نحو (سِمْسِمِ) مِمَّا ضُوعفت الفاء والعين من الرباعي ولم يسقط في أحد التصاريف حكمنا عليه بأنَّ حروفه كلها أصول على مذهب البصريين والكوفيين، وأمَّا الثاني فهو محل الخلاف، فإذا صلح أحد المُكرَّرين للسقوط ففي الحكم عليه بالزيادة خلافٌ، وذلك نحو (لَمْلِمِ) أمرٌ من (لَمْلَمَ)، و (كَفْكِفْ) أمرٌ من (كَفْكَفَ) .. (فَعْلَلَ) على مذهب البصريين.
فاللام الثانية (لَمْلِمِ) والكاف الثانية من (كَفْكِفْ) صالحان للسقوط، لماذا؟ بدليل صِحَّة (لَمَّ) و (كَفَّ)، (لَمَّ) فعل ماضي .. فيه ميمان، و (كَفَّ) كذلك .. لم توجد الكاف الثانية، و (لَمَّ) لم توجد اللام الثانية، إذاً: سقطت في بعض التصاريف، وهذا ضابط الزيادة، فاختلف الناس في ذلك .. كل الناس؟!
النُّحاة أو الصرفيون، هذا من إطلاق العام وأريد به الخاص .. فاختلف الناس في ذلك، وما كان لهم أن يختلفوا.
فقيل: إنَّه كالنوع الأول - هذا القول الأول -، كالنوع الأول، حروفه كلها محكومٌ بأصالتها، وهما مادتان، يعني: كلٌّ منهما منفصلٌ عن الثاني، وليس (كَفْكَف) من (كَفَّ)، ولا (لَمْلَم) من (لَمَّ) كلٌّ منهما موضوعٌ له وضع أصلي، ليس أحدهما مأخوذاً من الآخر.
إذاً: حجة البصريين - وهذا مذهب البصريين .. القول الأول حكاه ابن عقيل مذهب البصريين - إذاً: حجة البصريين في كون (لَمْلِمِ) اللام الثانية أصل أو أنها مُضَعَّف، أو حملت على الأصليَّة كـ: (سِمْسِمِ) أنَّها ليست مرتبطة بـ: (لَمَّ)، هل (لَمْلِمِ) مأخوذةٌ ومُشتقةٌ من (لَمَّ)؟ البصريين قالوا: لا، إذاً: فكُّوها عنها، إذاً: ليس ثَمَّ اشتقاق يَدلُّ على صحة سقوط الحرف الثاني الذي هو العين، حينئذٍ حملوه على (سِمْسِمِ).
لكن إذا قيل بهذا حينئذٍ أصل المسألة اختلف فيه، لأنَّه إذا قيل: كلٌّ منهما مادة مُستقلة، نحن فرضنا المسألة .. النوع الثاني فيما كُرِّرَت فاؤه وعينه وصلح أحد المُكرَّرين للسقوط في الحكم عليه بالزيادة خلاف، إذا جعلنا كلاًّ من (لَمَّ) و (لَمْلَم) أصل، ولا نرد الثاني إليه كيف صحت أصل المسألة؟


نحن صَوَّرنا المسألة الثانية .. النوع الثاني فيما دَلَّ الاشتقاق على إسقاط أحد المضعَّفيْن، وإذا نازع البصريون في كون (لَمَّ) من (لَمْلَم) وحينئذٍ كيف جاءت أصل المسألة؟ نحن فرضناها فيما دَلَّ الدليل على أنَّ أحد المُضعَّفيْن يسقط في بعض التصاريف، فإذا قلنا: هذه مادة وهذه مادة ليس أحدهما مُشتقاً من الآخر، ما الدليل على إسقاط أحد الحرفين؟
إذاً: يصير على هذا عند البصريين لا فرق بينهما .. لا فرق بين النوعين، وإنما يصلح أن يكون التقسيم الثنائي هذا للرباعي إذا كانت عينه وفاؤه مُكرَّرتين مطلقاً .. لم يدلَّ دليل على إسقاط أحد المُضعَّفيْن، هذا محل إشكال.
إذاً قيل: هما مادتان، يعني قيل: كالنوع الأول مثل (سِمْسِمِ) حروفه كلها محكومٌ بأصالتها، وهما مادتان، وليس (كَفْكَفَ) من (كَفَّ)، ولا (لَمْلَم) من (لَمَّ) .. (كَفْكِفَ) من (كَفَّ)، ولا (لَمْلِم) من (لَمَّ)، فلا تكون اللام والكاف زائدتين، وهذا مذهب البصريين.
وعليه: فالنوع واحد ليس اثنان .. على مذهب البصريين ليس عندنا إلا نوعٌ واحد، وحينئذٍ حكاية الخلاف من النَّاظم هنا هذا مبناه على مذهب الكوفيين وليس على مذهب البصريين، هذا الظاهر والله أعلم.
هما مادتان، فلا تكون اللام والكاف زائدتين، وقيل: إنَّ الصَّالح للسقوط زائدٌ واللام زائدة، وكذا الكاف، وحينئذٍ وزنُه: (فَعْكِل) .. على هذا القول وزنُه: (فَعْكِل)، وقيل: هما بدلان من حرفٍ مُضاعف، والأصل: (لَمِّمْ) و (كَفكِفْ)، (لَمِّمْ) ثلاث ميمات، و (كَفِّفْ) ثلاث فاءات، كراهةً لتوالي الأمثال في الميمات أو الفاءات قلبوا الفاء الثانية كافاً لمناسبة الفاء (كَفْكِفْ)، إذاً: الكاف .. التي هي الكاف الثانية مُنقلبة عن فاء، وكذلك (لَمِّمْ) الميم الثانية انقلبت لاماً، إذاً: ليست بتضعيفٍ.
ثُم أبدل من أحد المُضعَّفيْن لامٌ في (لَمْلِم) وكاف في (كَفْكِفْ) وهذا مذهب الكوفيين، والأول مذهب البصريين، وما وسَّطَه ابن عقيل مذهب الزَّجَّاج، يعني: اللام زائدة والكاف زائدة؛ لأنها صالحة للسقوط، وإذا اعتبرنا أن كلاًّ منهما مُضعَّف، وأنَّه يسقط تقول: (لَمْلِم) من (لَمَّ)، و (كَفْكِف) من (كَفَّ)، وسقط أحد المُضعَّفَيْن في بعض التصاريف حكمنا عليه بأنَّه زائد، هذا هو الأصل.
إذاً خلاصة البحث: أنَّ ما كان على أربعة أحرف وهو مُضعَّف الفاء والعين، حينئذٍ إمَّا أن يسقط في بعض التصاريف أو لا، الأول كلها أصول، والثاني فيه نزاع: مذهب البصريين إلحاقه بالأول كـ: (سِمْسِمِ) وهذا ليس بظاهر، ومذهب الكوفيين أنه ليس مُضعَّفاً وإنَّما هو مُبدلٌ من زائدٍ.
ثُم شرع النَّاظم في بيان ما تَطَّرِد زيادته من الحروف العشرة: (سألتمونيها)، سيذكر كل حرف له ضابط، متى نحكم عليه بأنَّه زائد؟ وهذه لها تفاصيل طويل عريضة عندهم واستثناءات وإلى آخره، لكن نذكر ما يذكره النَّاظم هنا.
ثُم شرع النَّاظم في بيان ما تَطَّرِد زيادته من الحروف العشرة، وبدأ بالألف فقال:
فَأَلِفٌ أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَينِ ... صَاحَبَ زَائِدٌ بِغَيْرِ مَيْنِ


(فَأَلِفٌ) الفاء هنا فاء الفصيحة، أو تفريع لِمَا سبق، (أَلِفٌ) هذا مبتدأ، (أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَينِ صَاحَبَ): صَاحَب أكْثَر مِن أصْلين، (زَائِدٌ) خبر المبتدأ، وجملة: (صَاحَب أكْثَر مِن أصْلين) صفة لـ: (أَلِفٌ) ألفٌ مُصاحبٌ أكْثَر مِن أصْلين، إذاً: (أَكْثَرَ) هذا مفعول مُقدَّم لقوله: (صَاحَبَ)، و (مِنْ أَصْلَينِ) جار ومجرور مُتعلِّق بـ: (أَكْثَرَ) لأنه أفعل التفضيل، (صَاحَبَ) فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الألف، (زَائِدٌ) هذا خبر، (أَلِفٌ) مبتدأ.
(بِغَيْرِ مَيْنِ) بغير كذب .. شك، يعني: كأن هذا الحكم مجمعٌ عليه - وهو كذلك -، (زَائِدٌ بِغَيْرِ مَيْنِ) .. (بِغَيْرِ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (زَائِدٌ) وهو مضاف، و (مَيْنِ) مضاف إليه، يعني: إذا صحبت الألف ثلاثة أحرفٍ أصول حُكِم بزيادتها .. كل ألفٍ وُجدت مع ثلاثة أحرف أصول حينئذٍ تحكم بأنها زائدة، ولذلك قال: (أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَينِ) و (أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَينِ) ثلاثة فأكثر.
فإن صحبت أصلاً واحداً فهي أصلية، وإن صاحبت أصلين فهي أصليَّة، متى نحكم عليها بأنها زائدة؟ إذا صاحبت أكثر من أصلين:
فَأَلِفٌ أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَينِ ... صَاحَبَ زَائِدٌ بِغَيْرِ مَيْنِ

لأن (أَكْثَرَ) فيما صحبت الألف فيه أكثر من أصلين الزيادة، هذا بالاستقراء، يعني: نظروا .. بحثوا في المفردات، هذا استقراء، يعني: الحكم هذا ما جاء هكذا ثُم بَحثوا، لا بَحثوا ثُم قَعَّدُوا، نظروا في أنَّ الألف إذا صاحبت أكثر من أصلين تكون زائدةً، حينئذٍ ما لم يُعلم حملوه على ما عُلِم .. من باب القياس، هذا يُسمَّى: الاستقراء، لَكنَّه استقراء ناقص.
لأن (أَكْثَرَ) فيما صحبت الألف فيه أكثر من أصلين الزيادة، حكمنا عليها بكونها زائدة بالنظر، وقد عُلِمَت زيادتها بالاشتقاق، يعني: سقوطها في بعض التصاريف، فحُمِل عليه ما سواه، يعني: نظروا النُّحاة الصرفيون في الألف، فوجدوا أنها إذا صاحبت أكثر من أصلين: ثلاثة فصاعداً .. وجدوا أنها زائدة، وإنما علموا زيادتها بالاشتقاق فحمل عليه غيره، فقالوا قاعدة عامَّة:
إذا صحبت الألف أكثر من أصلين فاحكم عليها بأنها زائدة، وفُهِم منه: أنَّ الألف إذا صحبت أصلين فقط ليست بزائدة نحو: باب، (بَابٌ) الباء الأولى زائدة أو أصل؟ أصل، والباء الثانية أصل، فالألف صحبت أصلين فقط هنا، نحكم عليها بأنها زائدة؟ الجواب: لا، إذاً: هي أصلٌ .. نحكم عليها بأنَّها أصل مباشرة لأنها صحبت أصلين وهو كذلك، لأن الألف هذه منقلبة عن واو، كذلك نحو: قَالَ، صحبت أصلين: القاف واللام، نحكم عليها بأنَّها أصلاً وليست بزائدة.
بل هي في الأسماء المُتمكِّنة والأفعال بدلٌ من ياء، لكن إذا صحبت أصلين فقط تكون أصلاً لكن لا بذاتها، يعني: منقلبة عن أصلٍ، (لا بذاتها) يعني: ليست منقلبة، وإنما تكون منقلبة عن واو أو ياء، هذا الأصل فيها.


بل هي في الأسماء المُتمكِّنَة والأفعال بدلٌ من ياءٍ كـ: ألف (بَاعَ) و (رَمَى) بَاعَ .. بَيَعَ، الألف هذه منقلبة عن ياء، أصله: بَيَعَ، إذاً: هي أصلٌ وليست بأصل، (أصلٌ) باعتبار كونها مُنقلبة عن أصل، و (ليست أصلاً) باعتبار كونها ليست منقلبة عن أصل، لا تكون زائدة هكذا ليست مُنقلبة.
لا توجد الألف في الأسماء مُتمكِّنَة والأفعال ثلاثي وهي أصلٌ بنفسها .. لا تكون، بل هي مُنقلبة عن أصلٍ إمَّا واو أو ياء، فألفُ (باع) هذه مُنقلِبة عن ياء، وألف (رمى) مُنقلِبة عن ياء، (بَاعَ) .. (بَيَعَ) وقعت الألف هنا عيناً .. عين الكلمة، هي مُنقلِبة عن ياء.
(رَمَىَ) .. (رَمَيَ) وقعت الألف هنا لاماً .. لام الكلمة (فَعَلَ) حينئذٍ هي منقلبة عن ياء، و (نَابَ) و (فَتَى)، (نَابَ) فعل ماضي (نَيَبَ) مثل (بَيَعَ)، و (نَابٌ) و (فتَىَ) .. (نَابْ) جمعه: أنياب، تصغيره: نُيَيب، إذاً: الألف هذه منقلبة عن ياء في الاسم، وكذلك نحو: فَتَى، تقول: فَتَيَان .. فِتْيَة، إذاً: الألف هذه منقلبة عن ياء.
أو من واوٍ كـ: ألف (قاَلَ) و (دَعَا) و (تَابَ) و (عَصَا)، (قَالَ) .. قَوَلَ، و (دَعَا) .. دَعَوَ، و (تَابَ) من التوبة وهو وَاويَّة، و (عَصَا) .. عصوَ .. عَصَوَان تقول.
إذاً: إذا صاحبت الألف أصلين حكمت عليها بكونها أصليَّة، ثُم إنْ كانت ثُلاثية في ثلاثي فاحكم عليها بأنَّها منقلبة إمَّا عن واو، وإمَّا عن ياء، سواءً كانت عيناً أو لاماً، ولا تقع فاءً البَتَّة، لأنَّه تقع الياء فاء، وتقع الواو فاءً، لكن لا يُمكن أن يوجد فيها شرط قلب الواو أو الياء ألفاً، لأنَّه يُشترط انفتاح ما قبلها من نفس الكلمة - هذا سيأتي بحثه -.
ولا تُزاد الألف أولاً .. لا تقع في أول الكلمة زائدة، وتُزَاد ثانياً كـ: ضَارِب، وتُزَاد ثالثاً كـ: عِمَاد، عِمَاد وقعت ثالثةً، وتُزَاد رابعةً كـ: شِمْلَال، شِمْلَال الألف وقعت رابعة، وخامساً كـ: قرقاء؟؟؟ الألف وقعت خامسة، وسادسةً كـ: قَبَعْثَرَى، قلنا: الألف للتكثير، (قَبَعْثَرَى) ليس بجمعٍ هذا .. هي للتَّكثير وليست للتَّكسير.
إذاً: تقع ثانياً، وتقع زائدةً ثالثاً ورابعاً وخامساً وسادساً، ولا تقع أولاً البَتَّة.
فَأَلِفٌ أَكْثَرَ مِنْ أَصْلَينِ ... صَاحَبَ زَائِدٌ بِغَيْرِ مَيْنِ

وأمَّا المبنيَّات والحروف فلا وجه للحكم بزيادتها فيها، يعني: إذا وقعت الألف في المبنيات والحروف هل نحكم بأنَّها زائدة؟ لا، لأنَّا ما نحكم عليها بأنَّها زائدة إلا بالاشتقاق:
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَمْ فَأَصْلٌ وَالَّذِي ... لاَ يَلْزَمُ. . . . . . . . . . . . . . . .

فليس بأصلٍ .. الزَّائِدُ.
حينئذٍ لا نحكم بكون الألف زائدة أو لا إلا بالاشتقاق، في كونها تسقط في بعض التصاريف، والمبني لا يُتصرَّف فيه، والحرف لا يُتصرَّف فيه، إذاً: لا تكون زائدةً .. لا نحكم عليها بالزيادة.
وأمَّا المبنيَّات والحروف فلا وجه للحكم بزيادتها فيها، لأن ذلك إنما يعرف بالاشتقاق وهو مفقودٌ هنا، وكذلك الأسماء الأعجمية كـ: إبراهيم وإسحاق، كل ما خرج عن التصريف لا يُحكم عليه بكون هذا الحرف زائد ونحو ذلك.


وتزاد في الفعل ثانيةً نحو: قَاتَل، وثالثةً نحو: تَغَافل، ورابعةً نحو: سَلْقَى، وخامسةً نحو: إجْأَوَى، وسادسةً نحو: اغْرَنْدَى.
قال الشَّارح هنا: " إذا صَحِبَت الألف ثلاثة أحرف أصولٍ حُكم بزيادتها، نحو: ضاربٍ " وقعت مع ثلاثة أحرف أصول الضاء والراء والباء، والألف وقعت ثانيةً، و (غَضْبَى) وقعت رابعةً.
" فإنْ صحبت أصلين فقط فليست زائدة، بل هي إمَّا أصلٌ كـ: إِلَى " (إِلَى) هذه وقعت في أول الكلام .. لا تكون منقلبة عن أصلٍ أبداً، (إِلَى) بكسر الهمزة .. بزنة: (رِضَى) .. (نِعْمَى) وهو واحد الآلاء.
" وإمَّا بدلٌ من أصلٍ وذلك كـ: قَالَ وبَاعَ " (قَالَ) منقلبة عن واو، و (بَاعَ) منقلبة عن ياء.
ويستثنى من كلامه نحو: عَاعَ وضَوْضَى، من مُضاعف الرُّباعي، فإنَّ الألف فيه بدلٌّ من أصلٍ وليست زائدة.
وَالْيَا كَذَا وَالْوَاوُ إِنْ لَمْ يَقَعَا ... كَمَا هُمَا فِي يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا

(وَالْيَا كَذَا) كذا الياء، يعني مثل الألف: إن صاحبت أكثر من أصلين حكمت عليها بأنَّها زائدة، (وَالْوَاوُ) كذا: كذلك إنْ صاحبت أكثر من أصلين حكمت عليها بالزيادة.
(وَالْيَا) مبتدأ .. قصره للضَّرورة، (كَذَا) هذا جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف خبر، (وَالْوَاوُ) مبتدأ حذف خبره (والواو كذلك) يعني: أنَّ الواو والياء كالألف في الحكم عليهما بالزيادة إنْ صحبت أكثر من أصلين، (إِنْ لِمْ يَقَعَا) مُكرَّرَين، (يَقَعَا) الألف هذه تَثْنِيَة .. ألف الاثنين فاعل، (كَمَا هُمَا فِي يُؤْيُؤٍ) هنا (يُؤْيُؤْ) وقعت مُكرَّرة، الياء والياء الثانية، الياء الأولى (يُؤْيُؤْ) وقعت مُكرَّرة .. الفاء والعين، (وَعْوَع) وقعت الواو مُكرَّرة.
إذا وقعت مُكرَّرة في الثنائي فحينئذٍ لا نحكم عليها بكونها زائدة، هذا استثناء مِمَّا سبق، فهذا النوع يُحكم فيه بأصالة حروفه كلها كما حُكم بأصالة حروف (سِمْسِمِ)، (يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا) هذا من باب: (سِمْسِمِ) فيما سبق. إلا إذا تَكرَّرت في اسمٍ ثُنائيٍ مُكرَّر في نحو: (يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا)، (وَوَعْوَعَا) هذا مصدر: وعوع السبع إذا صَوَّتْ، و (يُؤْيُؤْ) هذا اسم طائر.
إذاً: إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرفٍ أصول فإنَّه يُحكم بكونها زائدة، إلا في الثنائي المُكرَّر فإنَّه يكون من باب: (سِمْسِم)، وباب: (سِمْسِم) كما علمنا أنَّه إذا ضوعفت عينه وفاؤه على مذهب البصريين حكمنا عليه بكون حرفين أصليين، فالأول كـ: صَيْرَف على وزن: (فَيْعَل) فالصاد أصلية والراء والفاء.
إذاً: صحبت الياء أكثر من أصلين .. ثلاثة أصول حكمنا على الياء بكونها زائدة، و (يَعْمَل) من العمل (يَفْعَل)، إذاً: الياء هذه زائدة، و (جَوْهَر) .. (فَوْعَل)، و (عَجُوز) .. (فَعُول)، حينئذٍ حكمنا على الواو في هذين الموضعين بكونها زائدة؛ لأنَّها صحبت أكثر من أصلين.
إذاً الشرط الأول في الحكم على الياء والواو بكونهما زائدتين: أن يصطحبا أكثر من أصلين، والشرط الثاني: ما أشار إليه بقوله:
. . . . . . . إِنْ لَمْ يَقَعَا ... كَمَا هُمَا فِي يُؤْيُؤٍ. . . . .

يعني: ألا تكون الكلمة من باب: (سِمْسِمِ) في الواو والياء، وهو ما أشار إليه بقوله:
. . . . . . .


إِنْ لَمْ يَقَعَا ... كَمَا هُمَا فِي يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا

الشرط الثالث: ألا تتصدر الواو مطلقاً على رأي الجمهور، يعني: لا نحكم على الواو بكونها زائدة إذا وقعت في أول الكلام، فنحكم عليها زائدة إذا لم تكن أولاً .. لم تتصدَّر في الكلام، ولا الياء قبل أربعة أصولٍ في غير مضارعٍ.
إذاً الشروط ثلاثة:
- أولاً: أن تصحب أكثر من أصلين .. ثلاثة أصول فصاعداً.
- الثاني: ألا تكون من باب: (سِمْسِم)، (يُؤْيُؤٍ) في الياء (وَعْوَعَا) في الواو.
- الثالث: ألا تتصدر الواو مطلقاً، وهذا مذهب الجمهور، ولا الياء قبل أربعة أصولٍ في غير مضارعٍ.
وفهم من قوله (وَالْيَا كَذَا وَالْوَاوُ): أنَّهما إذا صحبا أصلين حكم بأصالتهما كالألف، (كَذَا وَالْوَاوُ) يعني: مثل الألف، إذا صاحبت أكثر من أًصلين: ثلاثة فصاعداً فهي زائدة، إذا صحبت أصلين فهي أصلٌ نحو: بَيْعٌ، صاحبت الباء والعين إذاً الياء هنا أصلية، و (يَوْم) الواو أصلية لأنها صحبت أصلين .. (بيت) و (سوط) نقول: هنا أصلية لأنها صحبت أصلين.
وَالْيَا كَذَا وَالْوَاوُ إِنْ لَمْ يَقَعَا ... كَمَا هُمَا. . . . . . . . .

(إِنْ) هذا حرف شرط، و (لَمْ) نافية جازمة، (يَقَعَا) يقعان .. فعل مضارع مجزومٌ بـ: (لِمْ) وجزمه حذف النون، والألف هذه فاعل، تعود إلى الياء والواو، فهم منه: أنهما إذا صحبا أكثر من أصلين حكم عليهما نحو: صَيْرف؟؟؟
(إِنْ لِمْ يَقَعَا كَمَا هُمَا) .. (كَمَا هُمَا) هذا في موضع الحال من الألف .. ألف الاثنين، (فِي يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا) حينئذٍ (فِي يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا) نقول: هذا من باب (سِمْسِمِ).
قال الشَّارح هنا: " أي: كذلك إذا صحبت الياء أو الواو ثلاثة أحرف أصول، فإنَّه يُحكم بزيادتهما إلا في الثنائي المكرَّر، لأنَّه بالتَّكرَار صار من باب (سِمْسِمِ) فحكمه كما سبق، فالأول كـ: صَيْرَفٍ ويَعْمَلٍ وجَوْهَرٍ وعَجُوز، والثاني كـ: (يُؤْيُؤٍ) .. الثنائي المُكرَّر، (يُؤْيُؤٍ) لطائر ذي مخلب، (وَوَعْوَعَة) مصدر: وَعْوَعَ إذا صَوَّت.
وتزاد الياء أولاً نحو: (يَرْمَعَ) اسمٌ للحصباء البيضاء، وثانياً كـ: صَيْرف، مَثَّل له الشَّارح هنا، ومثله: ضَيْغَم، والأولى كذلك: يَلْمَع، زادت أولى، وثالثةً نحو: قضيب، ورابعةً نحو: حِذْرِية، وخامسةً نحو: سُلْحَفِيَة بتخفيف الياء، وقيل وسادسة نحو: مغناطيس، لكن هذا على القول بأنَّه مُعرَّب، أمَّا إذا قيل أنه لا .. وسابعة على خلاف فيها.
ولا تزاد الواو أولاً وتزاد ثانياً كـ: جَوْهَر، وثالثاً كـ: جَهْوَر، ورابعة كـ: عصفور، وخامسة نحو: قمحذوة اسمٌ لمُؤخَّر القفا.
ثُم قال:
وَهكَذَا هَمْزٌ وَمِيْمٌ سَبَقَا ... ثَلاَثَةً تَأْصِيلُهَا تَحَقَّقَا

(وَهكَذَا) يعني: مثل ما سبق .. خبر مُقدَّم، (هَمْزٌ) هذا مبتدأ، (وَمِيمٌ) عطفٌ عليه، (سَبَقَا ثَلاَثَةً) أي: يُحكم على الهمزة والميم بكونهما زائدين إذا تَقَدَّمتَا على ثلاثة أحرف أصول .. (إذا سبقا) يعني: سبقت الهمزة .. ابتدأت، ثُم تلاها ثلاثة حروف أصول، حكمنا على الهمزة بكونها زائدة: (أحمد) الحاء والميم والدال أصول، وسبقت هنا الهمزة، إذاً: حكمنا على الهمزة بكونها زائدة.


كذلك: (مُكْرِم) الكاف والراء والميم أصول وسبقت الميم هنا .. الميم الأولى، (مُكْرِم) على وزن (مُفْعِل)، إذاً: حكمنا على هذه الميم بكونها زائدة.
(ثَلاَثَةً تَأْصِيلُهَا تَحَقَّقَا) يعني: لا شَكَّ فيه .. يعني: مُحقَّقٌ كونها أصلية، وأمَّا إذا لم يكن كذلك فالأمر فيه احتمال، يعني: أنًّ الهمزة والميم متساويتان في أنَّه إذا تأخَّر عنهما ثلاثة أحرفٍ مقطوعٌ بأصالتها حُكم عليهما بالزيادة، لدلالة الاشتقاق في أكثر الصُّور على زيادتهما، يعني: أكثر ما اسْتُقْرِئ من كلام العرب في المفردات: أنَّ الهمزة الميم إذا سبقت ثلاثة أحرف أصول فهي زائدة، وحُمل عليه ما لم يستقرأ نحو: أفْضَل، الفاء والضاد واللام هذه أصول، وسبقت الهمزة .. أفْعَل تفضيل، حكمنا عليها بكونها زائدة، و (أحمد) و (مكرم) و (منطلق).
وحمل عليه ما سواه نحو: أفْكَل، نقول: الهمزة هذه زائدة لأنَّ الفاء والكاف واللام أصول، إذاً: حكمنا عليها بكونها زائدة، و (مِخْلَف) نحكم عليها بكونها زائدة .. نحكم عليه بكونها زائدة ولو لم تسقط، يعني (مُكْرِم) ممكن تقول: كَرُمَ، سقطت الميم .. حكمنا على الميم بكونها زائدة، لكن (أفْكَل) ليس عندنا (فَكَلَ)، فنحكم على هذه الألف بكونها زائدة لأنَّ الألف إذا وقعت أولاً وتلاها ثلاثة أحرف أصول حكمنا عليها بكونها زائدة، هذا المراد بالحمل هنا.
يعني: لا يُشترط في (أفْكَل) أننا ننزع الهمزة لا .. مثل: أحمد ومكرم ومنطلق، نقول: هناك لو نزعنا الهمزة: أحمد .. حَمِد نقول: محمود، المادة ليس فيها همزة، حينئذٍ كذلك في: مُكْرِم .. أكرم .. يكرم فهو مكرم، إذاً: الميم سقطت.
(أفْكَل) جاءنا (أفْكَل)، هل الألف .. الهمزة هذه زائدة أم أصل؟ نقول: الأكثر في لسان العرب أن تكون الهمزة إذا تبعها ثلاثة أصول أنها زائدة، فنحكم عليها أنها زائدة، ولو لم تسقط في التصاريف، كذلك نحو: مَخْلب.
وفهم من قوله (سَبَقَا): أنهما لا تَطَّرِد زيادتهما في غير الأول .. هذا في الجملة، وفُهِم من قوله (تَأْصِيلُهَا تُحِقِّقَا): أنَّ الثلاثة الأحرف الواقعة بعدهما .. بعد الميم والهمزة، إذا لم تَتَحقَّق أصالتها لم يُحكم بزيادتهما إلا بدليل .. لا بُدَّ من دليل.
إذاً: القاعدة العامة هذه فيما إذا لم تسقط، إذا سقطت في بعض التصاريف لا إشكال فيه .. واضح أنَّ الهمزة زائدة، وأن الميم زائدة، لكن الإشكال فيما إذا لم تسقط حينئذٍ نحكم عليها بالزيادة، فإذا لم يكن ثَمَّ ما بعدها مقطوعٌ بأصالة الحروف الثلاثة، حينئذٍ لا نحكم بزيادتها إلا بدليل إلا بثبت، يعني: اشتقاقها.
لم يحكم بزيادتهما إلا بدليل نحو: أيْدَع، هنا الهمزة هل هي أصلٌ والياء زائدة، أم العكس: الهمزة زائدة والياء أصلٌ؟ هذا مُحتمل، لأنَّه يَحتمل أن تكون الهمزة فيها أصلية، فيكون وزنه (فَيْعَل) .. يحتمل أن تكون الهمزة أصليَّة، (أَيْدَع) الهمزة أصليَّة، فيكون وزنه (فَيْعَل)، إذا كانت الهمزة أصليَّة حكمنا على الياء بكونها زائدة فوزنه (فَيْعَل) نحو: (صَيْرَف)، ويحتمل أن الياء أصلية فيكون وزنه (أَفْعَل).


إذاً: (أَيْدَع) محتمل بين أن يكون وزنه (أَفْعَل) وبين أن يكون وزنه (فَيْعَل)، وأيهما أكثر؟ (أَفْعَل)، إذاً: نحكم على الهمزة بكونها أصل، والكثرة عندهم من الأدلة، مثل (فَعْلَان) و (فَعْلَال) السابق (سَمْنَان)، قلنا: الدليل هو كون (فَعْلَال) باللام قليل نادر، وحمله على الكثير هذا أولى.
إذاً: رَجَّحنا أن النون هناك زائدة بالكثرة، وهنا كذلك، فيكون وزنه (أَفْعَل) ولكنَّ الهمزة فيه زائدة، لأن باب (أَفْعَل) أكثر من باب (فَيْعَل)، والحمل على الأكثر هو المطلوب.
وَهكَذَا هَمْزٌ وَمِيمٌ سَبَقَا ..
(هَمْزٌ) مبتدأ، و (وَمِيمٌ) معطوفٌ عليه، (سَبَقَا) .. (سَبَق) فعل ماضي والألف هذه فاعل .. يعود على الهمز والميم، (سَبَقَا ثَلاَثَةً) مفعول: (سَبَقَا)، (تَأْصِيلُهَا تُحُقِّقَا) .. (تَأْصِيلُهَا) مبتدأ، (تُحُقِّقَا) فعل ماضي مُغيَّر الصيغة، والألف هذه للإطلاق، والضمير يعود على (تَأْصِيلُهَا) لأن الجملة خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر صفة لـ: (ثَلاَثَةً).
تُزَاد الميم بثلاثة شروط: وهي أنْ تَتَصدَّر، ويتأخَّر عنها ثلاثة أصول فقط، وألا تلزم في الاشتقاق.
وهذه كلها يمكن أخذها من كلام النَّاظم، وذلك نحو: مسجد ومنسِج، وتزاد الهمزة المتصدرة بالشرطين الأولين: كونها مُتَصدِّرة وأنْ يتأخَّر عنها ثلاثة أصول فقط نحو: أفْكَل وأفْضَل، وما لم يكن كذلك فلا، إذاً: (أَكَلَ) الهمزة أصلية أو زائدة؟ أصلية لأنَّه تلاها حرفان فقط .. أصلان.
قال الشَّارح هنا: " كذلك يُحكم على الهمزة والميم بالزيادة إذا تَقدَّمتا على ثلاثة أحرف أصول كـ: أحمد ومُكْرِم " فإن سبقا أصلين حُكِم بأصالتهما كـ: إِبِل ومَهْد، (مَهْد) الميم هنا أصليَّة لأنَّها وإن سبقت إلا أنَّه لم يتلوها ثلاثة أصول، كذلك (إِبِل) مثل: أَكَل وأَخَذ.
تُزَاد الهمزة في الاسم أولاً .. في أول الكلمة كـ: أحمر، وثانية كـ: شَأمَل، وثالثة كـ: شَمْأَل، ورابعة نحو: حُطائِط، وخامسة كـ: حَمْراء، وسادسة كـ: عَقْرَباء وهي بلد، وسابعة كـ: بَرْنَساء وهو الناس.
والميم تُزاد أولى كـ: مَرْحَب، وثانية كـ: دَمْلَص، وثالثة كـ: دُلمُص بِضمِّ اللام، ورابعة كـ: زَرْقَم، وخامسة كـ: ضُبَارم، إذاً: تقع ثانياً وتقع أولاً.
كَذَاكَ هَمْزٌ آخِرٌ بَعْدَ أَلِفْ ... أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ لَفْظُهَا رَدِفْ

يعني: أنَّ الهمزة تَطَّرِد زيادتها إذا وقعت آخراً بعد ألف، يعني: قبلها ألف، وقبل الألف ثلاثة أحرف فصاعداً.
(كَذَاكَ هَمْزٌ) محكوم عليه بأنَّه زائد، (آخِرٌ) إذاً قوله: (هَمزٌ سَبَقا) حُكمٌ على الهمزة الزَّائدة المُتَصدِّرة في أول الكلام، (كَذَاكَ هَمْزٌ آخِرٌ) يعني: مُتأخِّرة .. مُتطرِّفة (بَعْدَ أَلِفْ) وقعت بعد ألف، (أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ لَفْظُهَا رَدِفْ) لَفْظُهَا رَدِفْ أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ، يعني ثلاثة فصاعداً.


إذاً: تَطَّرِد زيادة الهمزة إذا وقعت آخراً بعد ألف، وقبل الألف ثلاثة أحرف فصاعداً، يعني: تُسبق تلك الألف بأكثر من أصلين نحو: حمراء، (حمراء) الهمزة هذه وقعت مُتطرِّفَة وهي زائدة، وقد سبقها ألف (حمراء) وقبلها ثلاثة أحرف أصول: الحاء والميم والراء، ومثلها (عِلْبَاء) و (أرْبِعَاء) و (عاشوراء).
وفُهِم من هذا البيت والذي قبله: أنَّ الهمزة لا تَطَّرِد زيادتها وسَطاً ولا آخراً بعد غير الألف، وأمَّا بعد الألف فهي مُطَّرِدة، وفُهِم منه: أنَّه إنْ تَقدَّم على الألف أقل من ثلاثة أحرف حُكم بأصالتها نحو: كساء .. (كِسَاء) همزة قبل ألف .. قبل الألف أصلان، والشرط أن تكون ثلاثة أصول، إذاً (كساء) نحكم على الهمزة بأنَّها أصل، بل هي مبدلة عن واوٍ .. عن أصلٍ، و (رِدَاء) مثلها .. (مَاء) قبل الألف حرفٌ واحدٌ.
إذاً: قوله: (أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ) يعني: ثلاثة فصاعداً، فإن كانا حرفين وهما أصلان حكمنا بالأصالة كـ: كساء ورداء، أو حرف واحد كذلك حكمنا بالأصالة نحو: ماء.
(كَذَاكَ هَمْزٌ) .. (هَمْزٌ) مبدأ، و (كَذَاكَ) خبر، (آخِرٌ) نعت (هَمْز)، (بَعْدَ أَلِفْ) .. (بَعْدَ) مضاف، و (أَلِفْ) مضاف إليه، و (بَعْدَ) منصوب على الظَّرفيَّة مُتعلِّق بِمحذوف نعت ثاني لـ: (هَمْز).
أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ لَفْظُهَا رَدِفْ ..
(لَفْظُهَا) مبتدأ، والضمير هنا يعود على الألف .. لفظ الألف (رَدِفْ)، ردف الألف (أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ) يعني: كان رديفاً تابعاً لأكثر من حرفين، يعني: ثلاثة فصاعداً وكلها أصول، فإن ردف حرفين أصلين فهي أصليَّة، أو حرفٍ فهي أصلٌ.
قال الشَّارح: " أي: كذلك يُحكم على الهمزة بالزيادة إذا وقعت آخراً بعد ألفٍ تَقدَّمها أكثر من حرفين، نحو: حمراء وعاشوراء وقاصعاء وأربِعاء، فإنْ تَقدَّم الألف حرفان فالهمزة غير زائدة نحو: كِسَاء ورِداء، فالهمزة في الأول بدلٌ عن واو، وفي الثاني بدلٌ من ياء " (بناء) و (رداء) رداء الهمزة هنا بدلٌ عن ياء، و (كِسَاء) بدلٌ عن واوٍ، والمشهور (بناء).
" وكذلك إذا تَقدَّم على الألف حرفٌ واحد كـ: (ماء) .. (داء) " تَقدَّم الدال فقط، و (ماء) تَقدَّم الميم فقط.
وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ وَفِي ... نَحْوِ غَضَنْفَرٍ أَصَالَةً كُفِي

(وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ) يعني: أن تكون بعد ألفٍ وتَقدَّم عليها أكثر من ثلاثة أصول، يعني: أنَّ النون يُحكم بزيادتها أنْ تكون آخراً بعد ألفٍ، قبل هذه الألف أكثر من حرفين .. ثلاثة حروف فصاعداً، وهو الذي عناه بقوله: (كَالْهَمْزِ) .. لأنه قال: (كَالْهَمْزِ) شَبَّهها بالهمز، وقوله: (فِي الآخِرِ) احترازاً مِمَّا إذا وقعت في الأثناء، لأنه فيما سبق قال:
كَذَاكَ هَمْزٌ آخِرٌ بَعْدَ أَلِفْ ... أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَينِ لَفْظُهَا رَدِفْ


هذا الشرط بعينه في النون المُتطَرِّفة .. في النون التي وقعت آخراً، يعني: إذا وقعت النون آخراً بعد ألف تَقدَّمها أكثر من حرفين -ثلاثة فأكثر- حكم عليها بالزيادة، كما حكم على الهمزة حين وقعت كذلك، وذلك نحو: زَعْفَران، النون هنا وقعت بعد ألف، وسبق الألف ثلاثة حروف .. زعفران، و (سكران) النون هنا وقعت بعد ألف وسبقها ثلاثة أحرف وهي كلها أصول، و (عثمان) و (غضبان)، بخلاف نحو: (أمان) النون وقعت مُتطَرِّفة آخراً وقبلها ألف، إلا أنَّه تَقدَّما أصلان (أمان) الهمزة والميم، و (سِنَان) النون وقعت مُتطَرِّفة قبلها ألف وتَقدَّمها حرفان (سنان) السين والنون، كذلك (بيان).
(وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ) قلنا: (النُّونُ) مبتدأ، و (فِي الآخِرِ) هذا مُتعلِّق بِمحذوف قَدَّرَه المكودي: أعْنِي .. أعْنِي في الآخر، يعني: فصله .. صار جملةً مُستقلة، وقَدَّره غيره بأنَّه مُتعلِّق بما تَعلَّق به قوله: (كَالْهَمْزِ)، يعني: مُتعَلَّق الخبر، لأنَّ (كَالْهَمْزِ) هذا جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف كائنٌ، والنون كائنٌ كالهمز (فِي الآخِرِ) مُتعلِّق بـ: كائن، كما تَعلَّق به (كَالْهَمْزِ).
إذاً: الموضع الأول الذي يحكم على النون بزيادتها: أن تقع آخراً بعد ألفٍ قبل الألف أكثر من حرفين، يعني ثلاثة فصاعداً.
والموضع الثاني أشار إليه بقوله: (وَفِي نَحْوِ غَضَنْفَرٍ) انظر! (غَضَنْفَرٍ) وقعت النون هنا زائدة، إذاً: وقعت بين أربعة أحرف .. توسَّطَت بين حرفين مُتقدِّميْن وحرفين مُتأخِّرَيْن، وكل ما كان كذلك فاحكم على النون بأنَّها زائدة: أن تقع وسطاً وقبلها حرفان وبعدها حرفان.
(وَفِي نَحْوِ غَضَنْفَرٍ كُفِي أَصَالَةً) يعني: النون .. (كُفِي) هو أي: النون، (كُفِي) هذا مُغيَّر الصيغة، والمفعول الأول هو الضمير نائب الفاعل، و (أَصَالَةً) هذا المفعول الثاني لـ: (كُفِي) كُفِي أَصَالَةً، كأنَّه قال: منع الحكم عليه بالأصالة بل هو زائد، إذا كفي الأصالة تَعيَّنَت الزيادة.
(وَفِي نَحْوِ غَضَنْفَرٍ) .. (فِي نَحْوِ) جار ومَجرور مُتعلِّق بقوله: (كُفِي)، و (كُفِي أَصَالَةً) يعني: النون في (نَحْوِ غَضَنْفَرٍ) فاحكم عليه بالزِّيادة.
قال الشَّارح هنا: "إذا وقعت آخراً بعد ألفٍ تَقدَّمها أكثر من حرفين " فإنْ تَقدَّمها حرفان فاحكم عليها بالأصالة (قِنْطَار) تَقدَّمها حرفٌ واحد، (قِنْدِيل) .. (عُنْقُود) هذه في أنَّها أصل .. نحكم عليها بأنَّها أصل إلا بدليل .. لا بُدَّ من دليل .. من ثَبَتْ، مثل: عَنْبَسَ، هنا وقعت النون .. تَقدَّمها حرف واحد، والنون قالوا هنا: زائدة، لأنَّ (عَنْبَسَ) مأخوذٌ من العبوس، إذاً: سقطت النون.
و (حَنْضَلَة) حَضَلَت الإبل، سقط النون، إذاً: نحكم عليها بكونها زائدة، وما عدى ذلك إذا لم يكن دليل حكمنا عليها بالأصالة، إذاً: إذا تقدمها أكثر من حرفين، فإنْ تَقدَّمها حرفٌ واحد فهي أصليَّة إلا بِثَبَت، حُكم عليها بالزيادة كما حُكم على الهمزة حين وقعت كذلك، وذلك نحو: زَعْفَرَان وسَكْران وما إلى ذلك.


فإنْ لم يسبقها ثلاثةٌ فهي أصليَّة نحو: مكان وزمان وأمان وسنان وبيان، ويُحكم أيضاً على النون بالزِّيادة إذا وقعت بعد حرفين وبعدها حرفان كـ: (غَضَنْفَرٍ) و (عَقَنْقَل) و (جَحَنْفَل)، بخلاف: (عَنْبَر) عَنْبَر وقع بعدها حرفان، ولم يقع قبلها حرفان، فنحكم عليها بالأصالة.
و (غُرْنَيْق)، غُرْنَيْق مثل (غَضَنْفَر)؟ .. (غَضَنْفَر) النون ساكنة، و (غُرْنَيْق) النَّاظم هنا لم ينُص على سكونها ولكن بالمثال قد يستنبط الشرط الثاني أو الثالث: أن تكون ساكنة، فإن لم تكن ساكنة ولو وقعت قبلها حرفان وبعدها حرفان، فلا نحكم عليها بكونها زائدة؛ لكونها مُتحرِّكة.
إذاً: (غَضَنْفَر) سكون النون هو الشَّرط الثاني.
الشرط الثالث: أنْ تكون غير مُدْغَمة.
إذاً: ذكر ابن عقيل شرطَاً واحداً فحسب.
ويحكم أيضاً على النون بالزيادة إذا وقعت بعد حرفين وبعدها حرفان كـ: (غَضَنْفَرٍ) بقي عليه شرطان: أن تكون ساكنة، وأن تكون غير مُدْغَمة.
ويشترط أيضاً لزيادة النون مع ما ذُكر -السابق-: أن زيادة ما قبل الألف على حرفين ليست بتضعيف أصلٍ، يعني: على النوع الأول (وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ).
يشترط لزيادة النون مع ما ذكر: أن زيادة ما قبل الألف على حرفين ليست بتضعيف أصلٍ، لأننا لو قلنا بتضعيف الأصل حينئذٍ صار مثل (سِمْسِمِ)، و (سِمْسِمِ) هناك حكمنا عليه بكون كلها أصول.
حينئذٍ نحو: جِنْجَان، الجيم الثانية هذه مُضعَّفة عن الفاء، إذاً: لا يُحكم بكون هذا الثاني .. الجيم أصلاً، هذا على مذهب الكوفيين، لأنَّ الثاني مُضعَّف عن الأول ويسقط في بعض الاشتقاقات.
وكذلك تُزاد النون مُصدَّرة في المضارع، ما ذكرها النَّاظم لكنَّها معلومةٌ مِمَّا سبق: نَضْرِب، النون وقعت مُصدَّرة هنا وهي زائدة، وفي: (الانْفِعَال) انطلق .. ينطلق .. انْطِلَاقاً، وقعت زائدة في الصدر كالانطلاق، (الافْعِنْلال) كالاحْرِنْجام.
ولم يذكر النَّاظم هنا التنوين مع كونه نون زائدة، ونون التَّثنية، ونون الجمع، وعلامة الرفع في الأمثلة الخمسة، ونون الوقاية مع كونها زائدة، ونون التوكيد، لأن هذه زيادةٌ مُتميِّزة، ومقصوده هنا: تمييز الزيادة المحتاجة إلى تمييز لاختلاطها بأصول الكلمة حتى صارت جزءً منها.
إذاً: لا يَرِد على النَّاظم أنَّه لم يذكر نون الوقاية، ولا التنوين، ولا نون التوكيد، نقول: هذه مُتميِّزة بنفسها، كل طالب ولو كان مبتدئاً يعلم أنَّ نون التوكيد زائدة على أصل الكلمة، إذا كان ذكياً يعلم ذلك ولا يحتاج أن نقول: هذه زائدة.
فهنا أراد أنْ يُميِّز لنا النون التي تختلط (غَضَنْفَرٍ) هذه داخلة في حشو الكلمة، إذاً: يحتاج الطالب أن يحكم له ويُبيَّن له أنَّ هذه النون زائدة.
والنون تُزَاد أولى كما في: نَضْرِب، وثانية كما في: حَنْظَل، وثالثة كما في: (غَضَنْفَر)، ورابعة كما في: رَعْشَن، وخامسة كما في: عُثْمان، وسادسة كما في: زَعْفَرَان، وسابعة كما في: عَبَوْثَران.
وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ وَفِي ... نَحْوِ غَضَنْفَرٍ أَصَالَةً كُفِي

يعني: كُفِي أَصَالَةً، فحكم عليه بالزيادة.


إذا وقعت النون أولاً، النَّاظم هنا قال: (وَالنُّونُ فِي الآخِرِ كَالْهَمْزِ) ثُم قال: وفي (غَضَنْفَرٍ)، نحن زدنا النون المُصدَّرة في أول المضارع، لو كانت في نحو (نَهْشَل) وقعت أولاً، القاعدة: أنَّه في الأصل ألا يزاد حرفٌ في أول الكلمة .. هذا الأصل، فلا يُحكم على حرفٍ بأنَّه زائد في أول الكلمة إلا بِثَبَتٍ .. بدليل .. بحجة، ولذلك نقول: إذا كانت النون أولاً، كون النَّاظم قال: (وَالنُّونُ فِي الآخِرِ) ثُم قال: (غَضَنْفَرٍ).
إذاً مفهوم كلامه: أنَّ النون إذا وقعت أولاً فهي أصليَّة كما في: نَهْشَل، إلا إذا دَلَّ دليل مثل: نَرْجِس، (نَرْجِس) النون هنا زائدة وليست بأصليَّة، إذاً تُزاد النون في موضعين:
- أن تكون آخراً بعد ألفٍ قبل أكثر من حرفين، وهو الذي عناه بقوله: (كَالْهَمْزِ).
- والآخر أن تقع وسطاً وقبلها حرفان وبعدها حرفان، وزدنا عليها بعض الشروط.
(وَالتَّاءُ) انتقل إلى التاء، والتاء تكون زائدة في أربعة مواضع:
وَالتَّاءُ فِي التَّأْنِيْثِ وَالْمُضَارَعَهْ ... وَنَحْوِ الاِسْتِفْعَالِ وَالْمُطَاوَعَهْ

يعني: أن التاء تكون زائدة، وتَطَّرِد زيادتها، ونحكم عليها بكونها زائدة (فِي التَّأْنِيْثِ) وهذا واضح مثل: مسلمة وفاطمة وعائشة، كل تاء تأنيث مربوطة أو مفتوحة مع الفعل حكمنا عليها بكونها زائدة (قامت) التاء هذه زائدة.
إذاً: (وَالتَّاءُ فِي التَّأْنِيْثِ) .. (وَالتَّاءُ) مبتدأ، أين الخبر؟ يدل عليه السياق، أولاً .. القاعدة أنك تقول: (وَالتَّاءُ) تنظر في الملفوظ، (فِي التَّأْنِيْثِ) هل يصلح أن يكون خبراً .. هو ماذا يريد؟ الحكم على التاء بكونها زائدة، إذاً: تستصحب هذا المعنى: والتاء كائنةٌ في التأنيث، معلوم هذا كائنة في التأنيث، (وَالْمُضَارَعَهْ) معطوف على (التَّأْنِيْثِ)، (وَنَحْوِ الاِسْتِفْعَالِ) معطوف على (التَّأْنِيْثِ)، (وَالْمُطَاوَعَهْ) معطوف على (التَّأْنِيْثِ).
أين الخبر؟ إذاً: ليس ملفوظاً به، حينئذٍ تقول: والتاءُ تَطَّرِد زيادتها، أو: التاءُ زائدةٌ في التأنيث، إذاً: (فِي التَّأْنِيْثِ) هذا الموضع الأول نحو: قائمة وقامت، (وَالْمُضَارَعَهْ) تاء المضارعة: هندٌ تقوم، هذا واضح، وهنا نَصَّ على المضارعة ولم ينص على النون فيما سبق، هذا محل إشكال!
وفي (وَالْمُضَارَعَهْ) نحو: هندٌ تقوم، وفي (الاِسْتِفْعَالِ) .. (وَنَحْوِ الاِسْتِفْعَالِ) يعني نحو المصادر: الاستفعال، والتفعيل، وما صُرِّفَ منها: الاستفعال والاقتدار (استفعال) التاء هنا تقول على وزن .. (الاستفعال) مثل (الاستخراج) وزنه: (استفعال) ذكرت التاء، لأنَّها من حروف: (سألتمونيها).
إذاً: كلُّ ما كان من الاستفعال والتفعيل وما صُرِّف منها كـ: التِّفْعَال، والتَّفْعَال، والاقتدار، فالتاء فيها زائدة.
(تاء التأنيث) هذه تاءٌ منفصلة .. الحكم على التاء، لا تستصحب تقول: (استفعال) أين تاء التأنيث؟ لا، تاء التأنيث انتهت .. هي الموضع الأول، ثُم تاءٌ أخرى تقع في أول الفعل المضارع: تقوم هندٌ .. هي، ثُم انتقل إلى تاء زائدة تقع في (الاستفعال) وما كان على شاكلته من (الافتعال) .. (الاقتدار) ونحو ذلك، فالتاء تكون فيه زائدة.


(وَنَحْوِ الاِسْتِفْعَالِ) هذا فُهِم منه: أنَّ السين تُزاد مع التاء (استفعال) يعني: يمكن أن نأخذ أيضاً .. لأنه لم ينص على السين هنا، لأنه ذكر بعض الحروف وترك بعضها، إذاً: السين تُزَاد مع التاء في (الاستفعال) فهما زائدان، لأنَّه ذكر والوزن، وذكر الزائد بلفظه، و (الاِسْتِفْعَالِ) لم يقل: استخراج، لو قال: الاستخراج لوقعنا في وهَمْ: هل السين زائدة أم لا؟ لكن قال: (الاِسْتِفْعَالِ) أتى بالوزن.
ومعلوم أنَّه حكم أولاً: (وَزَائِدٌ بِلَفْظِهِ) الزائد يذكر بلفظه، وذكر هنا السين والتاء، فدل على أن التاء في هذا الموضع تكون زائدة، (وَالْمُطَاوَعَهْ) وهو التَّعَلُّم، والتَّفَعُّل، والافتعال، وفروع كلٍ: تَعَلَّمَ .. تَدَحْرَج، هذه التاء تاء المطاوعة، تاء المطاوعة تعتبر زائدة.
(وَالتَّاءُ) قلنا: هذا مبتدأ محذوفٌ خبره، تزاد في أربعة مواضع: (فِي التَّأْنِيْثِ) مُتعلِّق بالخبر السابق، (وَالْمُضَارَعَهْ) هذا الموضع الثاني، وكان ينبغي أن يذكر زيادة النون والهمزة والياء في المضارعة نحو: يقوم، إذ لا فرق، وإنَّما نَصَّ على الياء دون الهمزة ولم يذكرها: (أقوم) لأنَّها تُزَاد في أول المضارع، والنون (نقوم) تُزَاد في أول المضارع.
وَنَحْوِ الاِسْتِفْعَالِ وَالْمُطَاوَعَهْ ..
قال الشَّارح هنا: " تُزَاد التاء إذا كانت للتأنيث كـ: قائمة، وللمضارعة نحو: أنت تفعل .. تفعل أنت، أو مع السين في (الاستفعال) - يعني: تُزَاد التاء مع السين - في الاستفعال وفروعه نحو: اسْتِخْرَاج، ومُستَخْرَج، واستَخْرَج " كل ما دَلَّ .. كل ما تُصرِّفَ من هذه الكلمة.
أو مطاوعة (فَعَّلَ) نحو: عَلَّمْته .. تَعَلَّمَ، دَحْرَجْتُه .. تَدَحْرَج (فَعْلَلَ)، كل ما سبق معنا في المطاوعة نقول: ما كان مبدوءً بالتاء فهو زائد.
وَالْهَاءُ وَقْفَاً كَلِمَهْ وَلَمْ تَرَهْ ... وَاللاَّمُ فِي الإِشَارَةِ الْمُشْتَهِرَةْ

(وَالْهَاءُ) مبتدأ كذلك محذوف الخبر، (وَالْهَاءُ) زائدةٌ، أو تَطَّرِد زيادتها، والمراد بِها: هاء السَّكْت، وسبق بيان مواضعها الثلاث، نحكم عليها بكونها زائدة.
(وَالْهَاءُ وَقْفَاً) هذا حال، أي: واقفاً، أو بنزع الخافض: في وقْفٍ، (كَلِمَهْ) .. (لِمَهْ) قلنا: (مَا) الاستفهاميَّة تُجَر بحرف الجر فتُحذف ألفها، ففي الوقف يُوقَف عليه بـ: هاء السَّكْت، الهاء هذه زائدة (كَلِمَهْ)، هنا المكُودِي يقول: " اجتمع في هذه اللفظة (كَلِمَهْ) ثلاثة أحرف " وألْغَزَ فيه .. جاء بلغز:
(كَلِمَهْ) الكاف كاف التَّشبِيه، ولام الجر، وهاء السَّكْت، واسمٌ وهو (مَا) الاستفهاميَّة، (كَلِمَهْ) هذه ثلاثة أحرف واسمٌ .. (ثلاثة أحرف) الكاف واللام .. لام الجر، وهاء السَّكْت، و (مَا) الاستفهامية.
(وَالْهَاءُ وَقْفَاً) يعني: في وقفٍ .. هاء السَّكْت تُزَاد في الوقف (كَلِمَهْ)، (وَلَمْ تَرَهْ) .. (تَرَهْ) سبق أنَّ الفعل المضارع المجزوم على رأي النَّاظم أنَّه يجب في الوقف أن يُوقَف عليه بهاء السكت، قلنا: الصواب أنَّه يجوز.
وَاللاَّمُ فِي الإِشَارَةِ الْمُشْتَهِرَةْ ..


(اللاَّمُ) مبتدأ، و (زائدة) خبرها محذوف، (فِي الإِشَارَةِ) هذا مُتعلِّق بالمحذوف، (الْمُشْتَهِرَةْ) الشهيرة يعني: اسم الإشارة، تقول .. تزيد اللام: ذلك، وتلك، تقول: (تلك) اللام زائدة للإشارة، و (ذلك) اللام زائدة في الإشارة.
قال هنا الشارع: " تُزَاد الهاء في الوقف نحو: لِمَه، ولم تره، وقد سبق في باب الوقف بيان ما تُزَاد فيه، وهو (مَا) الاستفهاميَّة المجرورة، والفعل المحذوفُ اللامِ للوقف، نحو: رَهْ، أو المجزوم نحو: لم تره، وكل مبنيٍ على حركةٍ نحو: كيفه، إلا ما قطع عن الإضافة كـ: قبل، وبعد، واسم (لا) التي لنفي الجنس، نحو: لا رجل، والمنادى نحو: يا زيد، والفعل الماضي نحو: ضرب - كما سبق -، واطَّرَد أيضاً زيادة اللام في أسماء الإشارة: ذلك، وتلك، وهنالك ".
وَامْنَعْ زِيَادَةً بِلاَ قَيْدٍ ثَبَتْ ... إِنْ لَمْ تَبَيَّنْ حُجَّةٌ كَحَظِلَتْ

يعني: الأصل عدم الزيادة، لو قيل بأنَّ (سألتمونيها) حروف الزيادة، ليس المراد أنَّه كلما وجد حرفٌ ولو كان مُحتملاً للزيادة حكمت عليه بأنَّه زائد، نقول: لا، الأصل في الحرف أنَّه أصل، حينئذٍ لا تحكم على الحرف بكونه زائداً إلا بِثَبَتْ .. بدليل، يعني: سقوطها في بعض الاشتقاقات والتصاريف.
أو أنَّ إثباتها قد يوهم بناءً لم يسمع أو قَلَّ نظيره .. لو أثبتنا هذا الحرف لكان وزنه كذا، وهذا الوزن لا نظير له في لسان العرب، إذاً: نحكم على هذا الحرف بكونه زائداً مباشرة، أو أخرجنا إلى ما قَلَّ نظيره، حينئذٍ حمله على الكثير يكون هو المُرَجَّح ونحكم عليه بالزيادة.
(وَامْنَعْ) فعل أمر، والفاعل أنت، (زِيَادَةً) هذا مفعولٌ به، (بِلاَ قَيْدٍ) هذا مُتعلِّق به، (بِلاَ قَيْدٍ ثَبَتْ) ثابت يعني، (ثَبَتَ) هو، أي: هذا القيد، (إِنْ لَمْ تَبَيَّنْ) تَتَبيَّن .. حذف إحدى التاءين: ((نَاراً تَلَظَّى)) [الليل:14] تَتَلظَّى، هكذا .. حذفت إحدى التاءين جوازاً.
(حُجَّةٌ) هذا فاعل (تَبَيَّنْ) .. (تَبَيَّنْ) هذا فعل مضارع مجزوم بـ: (لَمْ)، (حُجَّةٌ) هذا فاعل، (كَحَظِلَتْ) بحذف النون، قلنا: هذا (الحنظل) النون زائدة، لأنَّه يُقال: حظلت الإبل، (حَظِلَت) إذاً سقطت النون، فدل على أنها زائدة.
يعني: أنَّ كل ما خالف المواضع المذكورة في هذا الباب في اطِّرَاد الزِّيادة تَمتَنع زيادته إلا إذا قام على زيادته دليل من اشتقاق أو غيره، فيحكم على نون (حَنْظَل) بالزيادة، وإن لم تكن في مواضع اطِّرَاد زيادة النون لقولهم: حَظِلَت الإبل، فسقوط النون في (حَظِلَ) دليلٌ على زيادتها في (حَنْظَل).
قال الشَّارح هنا: " إذا وقع شيءٌ من حروف الزيادة العشرة التي يجمعها قولك: (سألتمونيها) خالياً عَمَّا قُيِّدَت به زيادته فاحكم بأصالته، إلا إن قام على زيادته حجةٌ بيِّنَه واضحة كسقوط همزة: شَمْأل، في قولهم: (شَمِلَت الرِّيح شُمُولاً) إذا هَبَّتْ شَمالاً، وكسقوط نون: حَنْظَل، في قولهم: (حَظِلَت الإبل) إذا آذاها أكل الحنظل، وكسقوط تاء: مَلَكُوت، في الملك " (مَلَكُوت) التاء هذه قيل هذه سماعاً .. ليس بقياسي.
إذاً:
وَامْنَعْ زِيَادَةً بِلاَ قَيْدٍ ثَبَتْ ... إِنْ لَمْ تَبَيَّنْ حُجَّةٌ. . . .


والمراد بالحجة: سقوطها في بعض المواضع من تصاريف الكلمة، أو إذا لم تسقط أدَّى ثبوتها في الوزن إلى إثبات وزنٍ لا نظير له.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ... !!!