شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

الاستغاثة

تعريف الاستغاثة وكيفية نداء الاستغاثة

عطف مستغاث على مستغاث آخر

حذف اللام من المستغاث وإبدالها ألفاً

  

تعريف الاستغاثة وكيفية نداء الاستغاثة

  

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الاستغاثة ]. الاستغاثة: هي طلب إزالة الشدة، إذا وقع الإنسان في شدة وطلب من أحد أن ينقذه منها سمي هذا الطلب: استغاثة. إذاً: هي طلب إزالة الشدة والإنقاذ منها. ومن الناحية الشرعية هي جائزة بغير الله تعالى فيما يقدر عليه، وفيما لا يقدر عليه لا تجوز. وعندنا في الاستغاثة: مستغيث، ومستغاث به، ومستغاث له، فالمستغيث هو المتكلم، والمستغاث به هو المنادى، والمستغاث له هو الواقع في شدة وطلب تخليصه منها. قال المصنف رحمه الله تعالى: [ إذا استغيث اسم منادى خفضا باللام مفتوحاً كيا للمرتضى ]. إذا أردت أن تنادي شخصاً مستغيثاً به فلا تقول: يا زيد، بل تقول: يا لزيد، فتجره بلام مفتوحة. ولماذا عدلنا عن يا زيد، إلى: يا لزيد؟ السبب: كأنه أتي باللام الدالة على الاختصاص والتنبيه، فكأن قائلاً يقول: أين يتجه نداؤك؟ فتقول: لزيد، فهي أبلغ من (يا زيد)، لأن (يا زيد) تعني أدعو زيداً، لكن (يا لزيد)، أبلغ كأني أقول: أنا أوجه طلبي وندائي إلى زيد، فهو أشد في الحث والإسراع. والمنادى -المستغاث به- ندخل عليه حرف الجر اللام المفتوحة ونجره بها فنقول: يا لزيد، والمستغاث له يؤتى به بعد المستغاث به مجروراً باللام المكسورة، هذا الأصل، فتقول: يا للمرتضى، للمكروب، تنادي رجلاً مرتضى مقبول الشفاعة لشخص مكروب لا تقبل شفاعته، فتقول: يا لَلمرتضى لِلمكروب، وتستغيث بالله سبحانه وتعالى فتقول: يا لله لِلمسلمين. نقول في إعرابها: يا: حرف استغاثة. واللام: حرف جر. الله: لفظ الجلالة مجرور باللام وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره. للمسلمين: اللام حرف جر، والمسلمين: اسم مجرور باللام وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة لأنه جمع مذكر سالم. والجار والمجرور لا بد له من متعلق، فأين متعلق الجار والمجرور هنا؟ قيل: اللام هنا نائبة مناب أدعو، فصار الجار والمجرور متعلقاً بها، وقيل: إنها محذوفة والتقدير: يا الله أدعوك للمسلمين، أو أستغيثك للمسلمين، فيكون الجار المجرور الأخير متعلقاً بفعل محذوف يدل عليه سياق الكلام، ولا يهمنا المتعلق أكثر مما يهمنا صورة اللفظ. فإذا أردت أن تستغيث بشيء لشيء فاجعل المنادى مجروراً باللام المفتوحة، واجعل المستغاث له مجروراً باللام المكسورة حسب الأصل؛ لأنه ربما تدخل اللام في المستغاث له على شيء يجب أن تكون مفتوحة معه، مثل (لك) فتفتح، تقول: يالله لك، أو يقول لك إنسان مثلاً: فلان وقع في شدة، فتقول: يالله له؛ لأنه إذا دخل الضمير تكون اللام مفتوحة. ونقول في إعراب: يا لزيد: يا: حرف استغاثة. لزيد: اللام: حرف جر، وزيد: مستغاث منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهروها اشتغال المحل بحركة حرف الجر. قوله: (كيا للمرتضى) أصلها بدون استغاثة يا مرتضى، أو: يا أيها المرتضى، إذا أبقينا أي.

 

 

 

 

عطف مستغاث على مستغاث آخر

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وافتح مع المعطوف إن كررت يا وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا ]. قوله: (وافتح مع المعطوف) أي: إذا عطفت مستغاثاً آخر على المستغاث الأول، فإن كررت (يا) فافتح اللام في المعطوف، تقول: يا لَزيد ويا لعمرو لِبكر، هنا المستغاث اثنان: زيد وعمرو، والمستغاث له بكر. قال: (وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا) عندنا الآن: المستغاث المقرون بيا -سواء كان أصيلاً أو معطوفاً- تفتح فيه اللام، فهنا صورتان: الأولى: مستغاث واحد قرن باللام. الثانية: مستغاث آخر معطوف عليه بتكرير (يا)، فهاتان الصورتان نفتح اللام فيهن. (وفي سوى ذلك) يشمل صورتين أيضاً: الأولى: المستغاث له، والثانية: المستغاث المعطوف على مستغاث بدون تكرير (يا)، تقول: يا لَزيد ولِعمرو لِبكر، فهنا لم تتكرر (يا) مع المعطوف، ولذلك كسرت لام (لعمرو)، وكذلك تكسر لام المستغاث له وهو بكر، فنقول: يا لزيد ولِعمر ولِبكر.

 

 

 

 

 

حذف اللام من المستغاث وإبدالها ألفاً

  

 

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولام ما استغيث عاقبت ألف ومثله اسم ذو تعجب ألف ]. قوله: (لام ما استغيث عاقبت ألف) (ألف) أصلها: ألفاً، لكن حذف الألف إما للروي، وإما على لغة ربيعة؛ لأن ربيعة من العرب يقفون على المنصوب بحذف الألف، فيقولون: رأيت زيد. قوله: (ولام ما استغيث عاقبت ألف) بمعنى: أنها قد تحذف اللام ويأتي بعدها ألف بدلها، فتقول في: يا لزيدٍ لعمرٍو: يا زيدا لعمرٍو، ونقول: إن الألف بدلاً عن اللام، كما قال ابن مالك : (عاقبت ألف). قوله: (ومثله) أي: مثل المستغاث في كونه يختم بالألف (اسم ذو تعجب ألف) أي: جيء به للتعجب، مثل أن تقول في: يا للعجب لمن ينام، يا عجبا لمن ينام، فتبدل اللام ألفاً، وقد يقال: واعجبا لمن ينام، وكثير من الناس يقرءونها: يا عجباً لمن ينام، بالتنوين فهل نلحن من يقول: وا عجباً، أو يا عجباً بالتنوين؟ الجواب: نعم، نلحنه إذا أراد أن يتعجب، أما إذا أراد أن ينادي عجباً، وقال: أنا أقول: يا عجباً، مثل قول الأعمى: يا رجلاً، وقصدي أن أنادي عجباً أي عجب، فهذا قد نصحح كلامه، لكن لا شك أن اللغة الفصيحة أن يقال: (وا عجبا) وأنا أسمع كثيراً من الوعاظ يقولون في مواعظ رمضان: وا عجباً لمن ينام، بالتنوين، والصواب أن يقال: وا عجبا لمن ينام؛ لأن هذه الألف بدل عن اللام.


 

شرح ألفية ابن مالك[57]

 

الندبة من أنواع النداء، وهي النداء للتفجع أو التوجع، ويلحق الاسم المندوب ألف وهاء، ويجوز حذف الهاء، على تفصيل يذكره العلماء.