شرح متن البناء عناصر الدرس
* النوع الثاني: ما زيد فيه حرفان على الثلاثي المجرد.
* أبوابه: انْفَعَلَ ـ افْتَعَلَ ـ افْعَلَّ ـ تَفَعَّلَ ـ تَفَاعَلَ
وعلاماتها.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله
وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ذكرنا أن الفعل الثلاثي نوعان: ثلاثيٌ مجرد، وثلاثيٌ مزيدٌ فيه.
وذكرنا أن الثلاثي المزيد فيه منحصرٌ في ثلاثة أنواع لأنه بالاستقراء
والتتبع أن الزيادة إما أن تكون بحرفٍ واحدٍ فقط، وإما بحرفين اثنين،
وإما بثلاثة أحرف، فصارت حينئذٍ الأنواع ثلاثة لأن لكل نوعٍ أوزان
تخصه.
شرعنا في النوع الأول وهو ما زيد فيه حرفٌ واحد عن الثلاثي المجرد وهو
ثلاثة أبواب:
الباب الأول: الذي يسمى باب الإِفْعَال، هكذا يعبر عنه الصرفيون قد يمر
بك أنت تقول هذا مصدره من باب الإفعال، يعني: من باب أَفْعَلَ يُفْعِلُ
إِفْعِالاً، فتعلم أن ماضيه على أربعة أحرف وهو أَفْعَلَ، قلنا سواءٌ
كانت الأربعة الأحرف أَفْعَل كلها أصول أم فيها ما هو زائد، هذا في
مُفْعِل لَيْسَ في أَفْعَل، أَفْعَل حينئذٍ لا يكون إلا مزيدًا
أَفْعَلَ لا يكون إلا مزيدًا يُفْعِلُ إِفْعَالاً، أَفْعَلَ يُفْعِلُ
إِفْعَالاً.
والباب الثاني: قلنا: إِفْعَالاً هذا فيه تفصيل من جهة كونه للصحيح،
وأما إن كان معتلاً أجوف فحينئذٍ له تغيرات تطرأ عليه.
الباب الثاني: باب التَّفْعِيل، يُسَمَّى باب التَّفْعِيل لأن ماضيه
فَعَّلَ يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً، والتَّفْعِيل هذا ذكرنا أنه للصحيح غير
المهموز وما عداه فيه تفصيل.
والباب الثالث: الْمُسَمَّى باب الْمُفَاعَّلَة الذي عنون له بقوله:
فَعَّلَ يُفَعِّلُ مُفَاعَلَةً وذكر أنه ثلاثة أنواع من المصادر
مُفَاعَلَة، وفِعَالاً، وفِيعَالاً، وذكرنا أن الأصل مُفَاعَلَة، هذا
هو القياس وما عداه فهو سماعي، بل قيل: إن فِعَال هذا كاد أن يكون
كالقياس لكثرته، والفيعال هذا هو فرعٌ عن الأول لماذا؟
لأنه إشباع الكسرة، أراد به إشباع كسرة الفاء فِيعَال، ولذلك الذي يدل
على أنه سماعي أن ما كان على وَزْنِ فَاعَلَ فهو مطردٌ في
الْمُفَاعَلَة، وبعضها مما كان على وَزْنِ فَاعَلَ سُمِعَ فيه
الْمُفَاعَلَة وهو القياس وبعضها وقف عنده ولم يسمع فيه انْفِعَال ولا
انْفِيعَال، كوَاعَدَ يُوَاعِدُ مُوَاعَدَةً، وقف هنا ولم يُسمع فيه
وِعَاد ولا وِيعَاد بالياء لم يسمع هذا ولا ذاك، وسُمِعَ فيه
مُوَاعَدَة فقط فدل على ماذا؟ دل على أن الْمُفَاعَلَة هو القياس وما
عداه ليس بقياس، وبعضها سُمِعَ فيه الْفِعَال ولم يُسْمَعْ فيه
الْفِيعَال مثل جَاهَدَ يَجُاهِدُ مُجَاهَدَةً، هذا القياس، وسُمِعَ
فِعَال جِهَاد ولم يُسمعْ جِيهَاد، فدل على أنه سماعي وليس بقياسي،
وبعضها سُمِعَ فيه ثلاثة كقَاتَل يُقَاتِل مُقَاتَلَةً وقِتَالاً
وقِيتَالاً قِيتَالاً هذه نقول ماذا؟ الْقِتَال والْقِيتَال قِيتَال
هذا إشباع الياء هذه إشباعٌ لكسرة القاف قِيتَال كأنه صَيَّرَهَا ياءً.
إذًا دلَّ على ماذا؟
دَلَّ على أن القياس هو الأول مُفَاعَلَة،
وما عداه وهو الْفِعَال، والْفِيعَال هذا سماعي وليس بقياسي،
وانْفِعَال يَرِدُ في النَّثْرِ وفي الشِّعْرِ، والْفِيعَال بالكسرة
قيل هذا خاصٌ بالشِّعْرِ، لكن المشهور عند الصرفيين إطلاقه إذ لا
يقيدونه بالشعر، لكن شيخ مثل الحسن # 4.47 يقول: لا بد بتقييده بالشعر
ولا يعمم.
والْمُفَاعَلَة هذا الْمُفَعَالَة وزن أو مصدرٌ مقيسٌ في الصحيح
كَاتَبَ يُكَاتِبُ مُكَاتَبَةً، ومثل الصحيح المهموز سَائَلَ يُسَائِلُ
مُسَائَلَةً، ومثله المثال الوَاوِيّ وَاعَدَ، يُوَاعِدُ، مُوَاعَدَةً،
ومثله الأَجْوَف قَاوَمَ يُقَاوِمُ مُقَاوَمَةً، هذه كلها لا تختلف لم
يطرأ عليها أي تغيير وإنما طرأ تغيير في الناقص فقط في الناقص، رَابَى
يُرَابِي مُرَابَاةً، مُرَابَاة، والأصل مُرَابَيَةٌ تحركت الياء
وانفتح ما قبلها فقلب الياء ألفًا. إذًا حصل إعلالٌ بالقلب حَابَى
يُحَابِي، مُحَابَاةٌ، مُحَابَاة هذا مُفَاعَلَة كيف جاء؟
تقول: أصله مُحَابَيَةٌ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء
ألفًا، قلبت الياء ألفًا.
إذًا باب يُفَاعَلَ يستوي فيه جميع الأنواع أنواع الفعل الصحيح
والمهموز والمثال الواوي والأجوف، ويبقى ماذا؟ الناقص يحصل إعلالٌ
بالقلب، وهو قلب الياء ألفًا، هذا ما يتعلق بباب المُفَاعَلَة.
النوع الثاني: من الأنواع الثلاثة التي هي ما زيد على الثلاثي - قلنا
ثلاثة أنواع: ما زاد أو زيد عليه حرفٌ واحدٌ، وهذا ثلاثة أبواب، وشرع
في بيان ما زِيد فيه حرفان على الثلاثي.
النوع الثاني: من الأنواع الثلاثة: (وَهُوَ مَا) أي الفعل الذي (زِيدَ
فِيهِ حَرْفَانِ عَلَى الثُّلاثِيِّ الْمُجَرَّدِ) فصار به، بهذه
الزيادة خمسة أحرف، إذًا هذا الخماسي والذي هو النوع الأول الرباعي
وذكرنا أن الرباعي نوعان: رباعي مجرد، ورباعي مزيدٌ فيه، وهنا الخماسي
كم نوع؟ [نوعان]؟ كيف نوع واحد؟ ... قلنا الخماسي قلنا: الرباعي نوعان:
رباعيٌ مجرد، ورباعيٌ مزيدٌ فيه، وهو الثلاثي الذي زيد عليه حرفٌ، وهنا
الخماسي نوعان صحيح؟ نوعٌ واحد لماذا؟
لأن الفعل ليس فيه خماسيٌ مجرد. كل فعلٍ على خمسة أحرف فاحكم بأن حرفًا
منها زائد، وإنما هذا في الأسماء فقط، الفعل الأصول الذي لا حرف فيه
زائد نوعان فقط ولا ثالث لهم:
إما ثلاثة أحرف.
وإما أربعة أحرف.
وأما خمسة أحرف فلا وجود له في الفعل، إذًا النوع الثاني هذا خماسي ولا
يكون إلا مزيدًا فيه (وَهُوَ) أي النوع الثاني وهو الخماسي (خَمْسَةُ
أَبْوَابٍ) يعني معدودةٍ بالخمسة، (خَمْسَةُ أَبْوَابٍ) الباب هنا
المراد به النوع بحسب الاستقراء والتتبع لو قال قائل ما الدليل على
أنها محصورةٌ في خمسة؟
نقول: هذا هو المشهور في لسان العرب بحسب التتبع الاستقراء نظر
الصرفيون في ما نُقِلَ عن العرب فإذا به لا يكون إلا واحدًا من هذه
الخمسة الأبواب.
(البَابُ الأَوَّلُ) باب الانْفِعَال
يُسَمَّى باب الانْفِعَال دائمًا تُسَمَّى بالمصادر، الأبواب كلها باب
الإِفْعَال، وباب التَّفْعِيل، وباب الْمُفَاعَلة تضاف إلى المصادر
لماذا؟ لأن المصدر هو الأصل بدلاً من أن يقال باب فَعَّلَ، وفَعَّلَ
هذا فعلٌ ماضي ومعلومٌ عن البصريين أن الفعل مشتقٌ من المصدر
والمصدرُ الأصلُ وأيُّ أصلِ ... ومنهُ يا صاحِ اشتقاقُ الفعلِ (1)
وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهَذَيْنِ انْتُخِبْ (2)
إذًا المصدر أصل والفعل فرع، والمشهور أنه يذكر ثالثًا فَعَّلَ
يُفَعِّلُ تَفْعِيْلاً، أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَاْمًا يذكر في اللفظ
ثالثًا لكنه من جهة الاشتقاق هو الأول، ولذلك يصح أن يقال مُفَاعَلَةً
فَاعَل يُفَاعِلُ يصح أن تأتي بالمصدر أولاً، ... بل هو هذا الأصل ولكن
طرد البصريون أو جَرَوا على ما جَرَى عليه الكوفيون من ذكر المصدر
ثالثًا، وهو الذي يُذكر ثالثًا في تصريف الفعل، يذكر من جهة الذكر فقط
وليس المراد أنه يكون مُشتقًا مما سبق، فإذا قيل ضَرَبَ يَضْرِبُ
ضَرْبًا ليس المراد أن ضَرْبًا هذا مشتق من ضَرَبَ، وإنما يذكر ثالثًا،
ولذلك لو قيل الضَّرْبَ ضَرَبَ يَضْرِبُ لصح ولا إشكال، فحينئذٍ هنا
يقال باب الانْفِعَال بالإضافة إلى المصدر يعني: يسمى الباب بالمصدر،
لأنه الأصل في الاشتقاق، المصدر هو الأصل في الاشتقاق فحينئذٍ
(انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ) هذان الفعلان مشتقان من الانْفِعَال.
(البَابُ الأَوَّلُ) باب الانْفِعَال (انْفَعَلَ) أصله فَعَلَ، الفاء
والعين واللام أصول وقد زيد عليهم حرفان وهو الهمزة همزة الوصل والنون،
إذًا زيد عليه حرفان من أوله الهمزة همزة الوصل والنون، (يَنْفَعِلُ)
بفتح الياء للقاعدة أن الفعل المضارع حرف المضارعة الأصل فيه أنه ساكن
فحينئذٍ لا بد من تحريكه لأنه يُبتدئ بساكن فينظر إلى ماضيه إن كان
ثلاثيًا أو خماسيًا، أو سداسيًا حينئذٍ تُفتح أو يُفتح حرف المضارعة
فيقال ذَهَبَ يَذْهَبُ بفتح الياء، ... و (انْفَعَلَ) انْطَلَقَ
يَنْطَلِقُ بفتح الياء، وكذلك في السداسي اسْتَغْفَرَ يَسْتَغْفِرُ
أَسْتَغْفِرُ نَسْتَغْفِرُ يَسْتَغْفِرُ كلها بفتح حرف المضارعة ولا
يستثنى إلا الرباعي فقط إذا كان ماضيه رباعيًا فحينئذٍ تُضم أو يُضم
حرف المضارعة
وَضمُّهَا مَنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مثلُ نُجِيبُ مِنْ أَجَابَ
الدَّاعِي
وما سواه
ما سوى الرباعي
وَمَا سِوَاهُ فَهْيَ مِنْهُ تُفْتَتَحْ ... ولا تُبَلْ أَخَفَّ
وَزْنًا أَمْ رَجَحْ (3)
إذًا إذا قيل: (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ) ليس هو كَأَفْعَلَ يُفْعِلُ
الحرف حرف المضارعة واحد ضُمَّ هناك ولم يُضَمّ هنا بل فُتِحَ نقول:
هذا طردًا للقاعدة، وهو أن الحرف المضارعة إذا كان ماضيه ثلاثيًا أو
خُماسيًا أو سُداسيًا يُفتح، والرباعي يُضم.
__________
(1) ملحة الإعراب باب المصدر البيت 133.
(2) الألفية بيت 287.
(3) ملحة الإعراب البيتان 38، 39.
(انْفِعَالاً) انْفِ بكسر الهمزة همزة
الوصل وكسر الفاء كانت مفتوحة في الماضي انْفَ كانت مفتوحة في الماضي
يَنْفَ في المضارع كذلك انْفِ بكسر الثالث ولذلك يقال ما كان في أوله
همزة وصلٍ فمصدره يكون حينئذٍ بزيادة همزة الوصل أيضًا مع كسر ثالثه
وزيادة حرف مدٍ قبل آخره، هذه قاعدة عامة هنا في باب الانْفِعَال
والافْتِعَال والاسْتِفْعَال قاعدة واحدة، كل فعلٍ ماضٍ افتُتِح بهمزة
الوصل فحينئذٍ المصدر يكون بماذا؟ بكسر ثالثه ويبقى كما هو بهمزة الوصل
بكسر ثالثه مع زيادة حرف مدٍ قبل آخره، انظر (انْفِعَال) انفِ
(انْفَعَلَ) انظر (انْفَعَلَ) اكسر الفاء انفِ ثم زد ألفًا بين العين
واللام فصار (انْفِعَالاً) صار الانفعال، هذا هو الضابط في الخماسي
والسداسي، وكذلك باب افْتَعَلَ يكون المصدر على زنة ماضيه يعني:
مفتتحًا بهمزة الوصل ويكسر ثالثه مع زيادة حرف مدٍ قبل آخره، فقيل
(انْفِعَالاً) انظر (انْفَعَلَ) و (انْفِعَالاً) هذا المصدر والفعل
الماضي كما هو بهمزة الوصل ولم يتغير، ولذلك نقول الهمزة في
(انْفَعَلَ) والانْفِعَال كذلك في الأمر والمصدر والماضي كلها نقول على
أنها همزة وصل وليست بهمزة قطع، ولذلك يقال انْفَعَلَ انْفَعِلْ،
انْطَلِقْ نقول هذه الهمزة همزة وصلٍ لماذا؟ لأن الماضي ننظر إلى
الماضي إن كان مفتتحًا بهمزة وصلٍ فحينئذٍ نحكم عليه في ماضيه $ 16.06
ومضارعه إن كان وخماسييه ومصدره.
في الماضي الذي هو خماسي انْفَعَلَ وفي الأمر وفي المصدر ثلاثة أشياء،
في الماضي وفي الأمر منه انْطَلِقْ وفي المصدر، ثلاثة أشياء، وأما
المضارع فهمزته همزة قطع أَنْطَلِقُ، هذه الهمزة همزة قطع لماذا؟
لأن الهمزة التي للمتكلم تزاد في ((أنيت)) نقول: هذه الهمزة همزة قطع
وليست بهمزة وصلٍ، إذًا نقول القاعدة ما كان مفتتحًا وهو ماضي ما كان
مفتتحًا بهمزة الوصل فأمره ومصدره مع ماضيه همزته همزة وصل، وأما
المضارع فلا فتكون همزته همزة قطعٍ.
(انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً) هذا باب الانْفِعَال وهو هذا
البناء لا يتعدى البتة وإنما يكون لازمًا لا يكون مُتَعَدِّيًّا وإنما
يكون ملازمًا للزوم فلا ينصب مفعولاً به.
(مَوْزُونُهُ) يعني: ما يُوزَنُ ذلك ميزان (انْكَسَرَ) موزنه أي موزون
... (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً)، (انْكَسَرَ يَنْكَسِرُ
انْكِسَارًا) هذا مثال، وليس المراد الحصر في هذا وإنما عنون الصرفيون
لكل باب مثالاً يَخْتَصُ به فإذا أطلق فحينئذٍ انصرف إليه فإذا قيل هذا
من باب انكسر أو من باب الانكسار تعلم أنه من باب (انْفَعَلَ
يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً) وإن كان (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ) هو الأصل لأنه
هو الميزان هو الذي يوزن به الشيء وانكسر هذا موزونه، والأصل في
التقعيد أنما يُعلم الميزان أو الموزون؟
الميزان هذا هو الأصل، إنما يذكر الموزون مثالاً فقط، مثال ولذلك لا
يذكر في كتب النحاة وفي كتب الصرفيين والبيانيين أيضًا لا يكثرون من
الأمثلة لأن هذا من شأن الطالب، إنما يُذكر له التأصيل وتُذكر له
القاعدة ويُمَثَّلُ له بمثالٍ واحدٍ فقط بمثالٍ فقط ولا يشترط أن يأتي
بمثالين أو ثلاث
مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ ...
إِنْ قُلْتَ زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنْ اعْتَذَرْ (1)
في مثال واحد ولا يطلب التعدد لماذا؟
لأنه لو جاء بمثالين أو ثلاثة وأربعة في الكتب لخرجت عن أصلها من جهة
الاختصار وإنما هذا من شأن الطالب، وليس من شأن المعلم أيضًا أن يُكثر
من الأمثلة - كما أُلام في النحو وفي غيره - ليس من شأن المعلم أن يكثر
من الأمثلة وإنما من شأن الطالب يأخذ القواعد الصرفية والبيانية
والنحوية ثم يذهب في بيته ويستخرج سواء كان من نصوص شعرية، من نصوص
نثرية يأخذ صورة ويطبق عليها قواعده الصرفية قواعده النحوية قواعده
البيانية .. إلى آخره.
(مَوْزُونُهُ انْكَسَرَ يَنْكَسِرُ انْكِسَارًا. وَعَلاَمَتُهُ) التي
تُمَيِّزُ هذا الباب عن غيره من الأبواب (أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى
خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية ... وحرفان زائدان، (عَلَى خَمْسَةِ
أَحْرُفٍ) يعني: معدود بالأحرف، ولذلك جاء بأَفْعُل ولم يقل حروف لأنه
جمع قِلَّة وما كان على خمسة أحرف حينئذٍ يعبر عنه بجمع القلة وهو أولى
ويصح أن يقال خمسة حروف على الصحيح وهو أن مبدأ جمع القلة وجمع الكثرة
الثلاثة وباعتبار الانتهاء [لا نهاية] جمع الكثرة لا نهاية له وجمع
القلة يقف عند العشرة، والمشهور عن النحاة أهل اللغة أن جمع الكثرة
يبدأ من أحد عشر وجمع القلة يبدأ من الثلاثة، وهذا خلاف الصواب
(وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) يعني:
ثلاثة أصلية وحرفان زائدان، (بِزِيَادَةِ)، (عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ
بِزِيَادَةِ) الباء سببية يعني: كان على خمسة أحرف بسبب ليست أصلية
كلها وإنما بسبب زيادة (الهَمْزَةِ) همزة الوصل (فِي أَوَّلِهِ)
(وَالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ) يعني: على جهة التتابع وإلا الأول هو
الهمزة همزة الوصل والثاني هو النون، إذًا ... (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ
وَالنُّونِ فِي أَوَّلِهِ) يعني: في محلٍ قريبٍ من أوله، ليس في الأول
لأن الأول هو الطاء وإذا زدت الألف والنون في الأول يعني محل الأول هو
الطاء هل أزلت الطاء وجئت بالألف والنون؟
__________
(1) الألفية البيت 113.
الجواب: لا. إنما في المحل القريب من أوله
هكذا ذكر الشراح، (وَبِنَاؤُهُ لِلمُطَاوَعَةِ) بفتح الواو
(وَبِنَاؤُهُ) أي: بناء هذا الوزن (لِلمُطَاوَعَةِ)، ... (وَبِنَاؤُهُ)
يعني: هذه الصيغة لما جعلها العرب زِيدت على الثلاثي المجرد الألف
والنون في أوله الهمزة والنون فقيل (انْفَعَلَ) بأي شيءٍ جعلوا هذا
الوزن قال: (لِلمُطَاوَعَةِ). (وَبِنَاؤُهُ) أي صيغته كائنٌ لأن يكون
مطاوعًا، وهي عبارةٌ عما لم يمنع عن قبول الأثر، (وَمَعْنى
المُطَاوَعَةِ) هنا فسرها في اللغة الموافقة مطاوعة طاوعه يعني وافقه
(وَمَعْنى المُطَاوَعَةِ) في اللغة الموافقة، وأما في الاصطلاح عندهم
عند الصرفيين إذا أطلق الصرفيٌ لفظ المطاوعة فحينئذٍ ينصرف إلى ما ذكره
المصنف وهو (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ
المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ). (حُصُولُ) بمعنى إيجاد (أَثَرِ الشَيْءِ)
الذي هو مدلول الفعل المطاوَعة بفتح الواو (عَنْ تَعَلُّقِ) هذا جار
مجرور متعلق بقوله: (حُصُولُ). (عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي)
الذي هو الإيجاد والتأثير كالكسر (بِمَفْعُولِهِ) بمفعول الفعل
المطاوعة، مثاله - بالمثال يتضح المقال - (نَحْوُ: كَسَرْتُ الزُّجَاجَ
فَانْكَسَرَ) انكسر هو انفعل هو محل الشاهد هو الذي وقع مطاوعًا وانكسر
هو المطاوِع و (كَسَرْتُ) هو المطاوَع بفتح الواو، إذًا عندنا مطاوِع
ومطاوَع أليس كذلك (كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) انكسر هذا دل على
قبول وتأخير الفعل الذي هو كَسَرْتُ في محله الكسر أين محله؟
(الزُّجَاجَ) لو قيل لك هل كل كسرٍ يُؤَثِّر؟ قد لا يؤثر يأتي ضعيف
يكسر الخشب فلا ينكسر، أقول: كسرته فلا ينكسر إذًا لم يقبل أثر قولي
كسرته لأن ليس كل حدث حينئذٍ يحصل يكون متعديًا فيكون المحل الذي نزل
به الحدث يكون قابلاً له، إن قَبِلَ وتأثر فحينئذٍ سمي مطاوعًا، نقول:
... (كَسَرْتُ الزُّجَاجَ) الكسر معلومٌ معناه وقع على أي شيء على
الزجاج قد تكسر الزجاج من أول مرة فلا ينكسر اشمعنى لا ينكسر؟ يعني لا
يقبل الكسر، إذا قبل الكسر حينئذٍ نقول: تأثر الزجاج فقبل ماذا؟ الحدث
الذي عَبَّرَ عنه بقوله: (كَسَرْتُ). (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) ما هو
أثر الشيء هنا الذي هو التأثر والقبول، (حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) وجود
وقبول وتأثير (عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي) مثل كسرت الزجاجة
(بِمَفْعُولِهِ) بالزجاج، فحينئذٍ إذا ترتب الأثر لكسرت على المفعول به
نقول: انكسر الزجاج، والمعتدي الأول كَسَرْتُه هذا متعدي وانكسر الزجاج
هذا لازمٌ، والمطاوِع لا يكون إلا لازمًا فدل على أن الذي قَبِلَ الأثر
أثر الكسر هو الذي يُعَبَّر عنه بكونه مطاوعًا، و (كَسَرْتُ) هذا
مطاوَعًا فتحت الباب فلم ينفتح يصح الكلام؟ فتحت الباب ولم ينفتح يصح؟
يصح الكلام لماذا؟ الباب قد يقبل الفتح وقد لا يقبل، فحينئذٍ هل طاوَع
فعلي فتحت، هل طاوَع؟ هل قبل الأثر؟ لم يقبل الأثر. فَتَحْتُ الْبَابَ
فانْفَتَحَ الْبَاب، إذًا قبل التأثير أو لا؟ قبل.
هذا هو المراد بالمطاوَعة هذا المراد
بالمطاوِع إن كان الحدث الذي نزل على المفعول به تقبله المفعول به وصار
متأثرًا وقابلاً لذلك الحدث سمي مطاوِعًا وإلا فلا يسمى مطاوِعًا.
(حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) قال الأول: (بِنَاؤُهُ لِلمُطَاوَعَةِ)
(بِنَاؤُهُ) أي بناء هذه الصيغة (انْفَعَلَ) (لِلمُطَاوَعَةِ) المراد
وعرفننا الآن المطاوعة حقيقتها إذًا قوله: (وَبِنَاؤُهُ
لِلمُطَاوَعَةِ) أي للدلالة على التأثر وقبول الأثر، فإن قبل أثر الفعل
المتعدي سمي مطاوِعًا وإلا فلا (وَمَعْنى المُطَاوَعَةِ: حُصُولُ
أَثَرِ الشَيْءِ عَنْ تَعَلُّقِ الفِعْلِ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ)
(حُصُولُ أَثَرِ الشَيْءِ) هو هذا التأثير هو هذا القبول ما سبب هذا
الحصول؟ ما سبب هذا القبول؟ هذا التأثير؟ (تَعَلُّقِ الفِعْلِ
المُتَعَدِّي) كسرت تعلق بماذا؟ (بِمَفْعُولِهِ) الذي هو الزجاج لأنه
إذا قيل كسرت وإذا لم يتعلق بشيء لا يمكن أن يحصل انكسار، هل يمكن؟ ما
يمكن، فتحتُ، فتحت ماذا؟ لا بد من مفعولٍ به يقبل هذ الفتح، فحينئذٍ
(كَسَرْتُ الزُّجَاجَ) لا بد أن يكون متعديًا وانكسر الزجاجُ لا يكون
إلا لازِمًا (نَحْوُ: كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) هذا محل الشاهد
وهو المطاوِع بكسر الواو و (كَسَرْتُ) هذا مطاوَع (تَعَلّقِ) ماذا؟
(كَسَرْتُ) بـ (الزُّجَاجَ) لماذا؟ لأنه مفعول به له، وانكسر هذا حصل
أثر الشيء عن تعلق الفعل المتعدي بمفعوله، أثر. إذًا (كَسَرْتُ) مؤثر
(الزُّجَاجَ) مُتَأَثِرْ (فَانْكَسَرَ) هذا هو الأثر (كَسَرْتُ) هذا
مؤثر (الزُّجَاجَ) هذا محلٌ لقبول الأثر أو المتأثر (فَانْكَسَرَ) أي
قبل الأثر (فَانْكَسَرَ ذَلِكَ الزُّجَاجُ، فِإِنَّ انْكِسَارَ
الزُّجَاجِ أَثَرٌ) مترتبٌ وحاصلٌ (عَنْ تَعَلُّقِ الكَسْرِ الَّذِي
هُوَ الفِعْلُ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ) لأن القاعدة العامة أنه ليس
كل فعلٍ متعدٍ يتأثر به مفعوله، ليس كل فعلٍ متعدٍ ينصب مفعولاً به
فحينئذٍ يقبل المفعول أثر ذلك الحدث، لا، قد يقبل وقد لا يقبل، إذا قبل
فحينئذٍ نقول: هذا المطاوِع وإلا فلا (عَنْ تَعَلُّقِ الكَسْرِ الَّذِي
هُوَ الفِعْلُ المُتَعَدِّي بِمَفْعُولِهِ.) وذلك الحصول هو المطاوَعة
وقد يعبر عنها بالتأثر وقبول الأثر، إذًا نقول المطاوَعة التي بُنِيَ
لها الفعل (انْفَعَلَ يَنْفَعِلُ انْفِعَالاً) صار بها لازمًا وملازمًا
للفاعل فلا يتعداه إلى مفعولٍ به. لا يبنى هذا الفعل في المطاوَعة إلا
في الأفعال العلاجية يُعبر عنها بالأفعال العلاجية لأنه إذا قيل انكسر،
كسرت الزجاجة فانكسر أمرٌ حسي أو معنوي؟ حسي، إذا هناك كانت هناك علاج
كسرتُ فانكسر فتحتُ فانفتح، قد لا ينفتح من مرة واحدة أليس كذلك؟ إذًا
لا بد من معالجة وهذه المعالجة تكون باليد بالرجل .. إلى آخره بالحواس
تكون حسية أمور ظاهرة، (انْفَعَلَ) مبنيٌ على ..
إذا كانت المطاوعة في الأفعال العلاجية
الحسية الظاهرة البيّنة، وأما الأمور المعنوية التي لا تُدرك بالحس فلا
يأتي المطاوِع إلى وزن انفعل بل له أوزانٌ أُخر، عَلَّمْتُهُ لا يقال
فانعلم عَلَّمْتُهُ إذًا هذا مثل فتحتُ وكسرتُ عَلَّمْتُ زيدًا هل
يتعلم أو لا يتعلم؟ يحتمل عَلَّمْتُه سنين فلم يتعلم يحتمل أو لا؟
يحتمل، وعَلَّمْتُهُ فتعلم، فتعلم هذا سيأتي أنه مطاوِعٌ لعَلَّمَ
فَعَّلَ، لكن لا يأتي منه فانعلم لماذا؟ لأن العلم أمرٌ معنوي هو مثل
(كَسَرْتُ الزُّجَاجَ فَانْكَسَرَ) من جهة كون ماذا؟ كون المفعول به
يقبل التأثير فزيد هذا محلٌ لإلقاء العلم يتلقى العلم عنده إدراكات،
فحينئذٍ إذا عَلَّمْتُ زيدًا مثل كسرتُ الزجاجَ فانْكَسَرَ هنا جاء على
وزن انْفَعَلَ لماذا؟ لأن العلاج هنا أمر حسي ولكن هل يقال عَلَّمْتُهُ
فانْعَلَمَ مثل انْفَعَلَ هناك في انْكَسَرَ؟ الجواب: لا، لا لكون لا
يقبل المطاوعة، لا يقبل المطاوعة لأنه قد يتأثر زيد فيتعلم وقد لا
يتأثر، قد يقبل وقد لا يقبل مثل الزجاج ينكسر ولا ينكسر، لكن لما كان
العلم من الأمور المعقولة والمعنوية وهذه المطاوَعة إذا كانت في الأمور
المعنوية التي لا تُدرك بالعلاج بالحس فلا يأتي على وزن انْفَعَلَ.
فحينئذٍ نقول: المطاوَعة نوعان:
- مطاوَعةٌ في الأفعال العلاجية الحسية.
- ومطاوعةٌ في الأمور المعنوية التي لا تدرك بالحس وإنما تكون من قبيل
المعقول.
باب انفعل بناؤه للمطاوَعة مطلقًا للنوعين؟ نقول: لا، بل بالنوع الأول
وهو الذي يكون بالعلاج، الأفعال العلاجية، إذًا انْفَعَلَ لا يُبْنَى
في غير الأفعال العلاجية التي لها آثار ظاهرةٌ للحسِ لأن وضعه لَمَّا -
هكذا علل الصرفيون - لأن وضعه لَمَّا كان بمعنى التأثير خصوه بفعلٍ
يظهر أثره تقويةً للمعنى الموضوع له، فلا يقال انْعَلَمَ عَلَّمْتُ
زيدًا فانْعَلَمَ ولذلك خَطَّئوا انْعَلَمَ، عَلَّمْتُهُ يعني ممكن
تعلمها # 33.50 ... إلى آخره، تقول: فانعدم؟ قالوا: لا لأن الانعدام
إذا عبر عنه بهذا أمرٌ معنوي أمرٌ معقول وليس بحسي لأنه إذا عدم الشيء
خرج من الوجود إلى العدم والعدم لا يدرك بالحس وإنما يُدْرَكُ بالعقل
لا يدرك بالحس فلذلك خطئوا أن يقال انْعَدَمَ، ولا يقال انْعَلَمَ ولا
يقال فَهَّمْتُ زيدًا فانْفَهَمَ لماذا؟ لأن هذه كلها أمور غير حسية
فلا يقال انْعَلَمَ ومن ثم قيل انْعَدَمَ خطأٌ. إذا عرفنا أن انْفَعَلَ
يأتي مطاوِعًا يعني يُطلق الفعل فيأتي انْفَعَلَ في مقابلته، هل كل
فعلٍ يطاوِعه انْفَعَلَ أم أنه خاص؟ خاص بثلاثة أفعال المشهور، يعني
تقول: انْفَعَلَ مطاوِعٌ لثلاثة أبوابٍ أو أنواع، يأتي مطاوِعًا لباب
فَعَلَ بفتح العين فَعَلَ كَسَرْتُهُ فانْكَسَرَ، إذًا انْكَسَرَ جاء
مطاوِعًا، ما هو المطاوَع؟ كَسَرَ على وزن ماذا؟ على وزن فَعَلَ الآن
كلامنا في فَعَلَ نفسه، هل انْفَعَلَ يكون مطاوِعًا لكل فِعْلٍ لكل
وَزْنٍ؟ الجواب: لا، وإنما يغلب في ثلاثة أبواب: كَسَرْتُهُ
فانْكَسَرَ، إذًا انْكَسَرَ وقع مطاوِعًا لباب فَعَلَ، صَرَفْتُهُ
فانْصَرَفَ، قَطَعْتُهُ فانْقَطَعَ هذه كلها من باب فَعَلَ.
الثاني: فَعَّلَ عَدَّلْتُهُ فَانْعَدَلَ.
فَانْعَدَلَ يكون غير مستقيم تقول: عَدَّلْتُهُ فَانْعَدَلَ، ثم تراه
مستقيمًا إذًا انْعَدَلَ هذا أمر حسي تراه بعينك مستقيم، عَدَّلْتُهُ
من باب فَعَّلَ فَانْعَدَلَ إذًا وقع انْفَعَلَ مطاوِعًا لباب فَعَّلَ،
ويأتي على قلة مطاوِعًا لباب أَفْعَلَ أَزْعَجْتُهُ فَانْزَعَجَ،
أَفْجَرْتُهُ فَانْفَجَرَ، أَغْلَقْتُ الباب فانْغَلَقَ.
إذًا هذه ثلاثة أبواب فَعَلَ وهذا هو الأكثر والشائع في لسان العرب أن
يكون انْفَعَلَ مطاوِعًا لباب فَعَلَ، وقد يكون لباب فَعَّلَ، وقد يكون
لباب أَفْعَلَ.
إذًا عرفنا أن باب الانْفِعَال هنا إنما يكون مطاوِعًا ولا يُبنَى في
غير الأفعال العلاجية التي تدرك بالحس، ومثل هنا المصنف بالكسر
والانكسار. الكسر هذا مصدر والانكسار هذا أيضًا مصدر، الكَسْر هذا
مصدرٌ لكَسَرَ والانْكِسَار مصدرٌ لانْكَسَرَ. الكسر هذا مصدرٌ بمعنى
الإيقاع والتأثير فهو مطاوِع، والانْكِسَار هو التأثر وقبول الأثر فهو
مطاوَعٌ هذا هو الباب الأول.
قال: (البَابُ الثَّانِي). من الأبواب الخمسة (افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ
افْتِعَالاً) ... (افْتَعَلَ) الفاء أصلية والعين أصلية واللام أصلية،
فحينئذٍ زيد عليه حرفان - هذه ثلاثة أحرف - زيد عليه حرفان الهمزة همزة
الوصل في أوله والتاء بين الفاء والعين، فصار خمسة أحرف فسمي خُماسيًا
بهذا، (يَفْتَعِلُ) هذا هو المضارع بفتح حرف المضارعة لما ذكرناه لأنه
خماسي (افْتِعَالاً) بكسر ثالثه أليس كذلك؟ افتِ كسر الثالث افْتِعَا
زيدت الْمَدَّ قبل آخره اللام، وهذا هو المصدر، ومثله أو هذا مثل باب
انْفَعَلَ في كون ماضيه همزتُه همزة وصل وكذلك الأمر منه والمصدر، وهذه
قاعدة عامة في كل فعلٍ ماضٍ مبدوءٍ بهمزة وصل، الأمر منه والمصدر يكون
بهمزة الوصل.
(البَابُ الثَّانِي: افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ
افْتِعَالاً، مَوْزُونُهُ اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتِمَاعًا).
(اجْتَمَعَ) على وزن افْتَعَلَ، زِيدت الهمزة والتاء وأصله جَمَعَ من
باب فَتَحَ، جَمَعَ الشَّمْلَ، جَمَعَ الْفُرْقَة .. إلى آخره
(يَجْتَمِعُ) هذا المضارع (اجْتِمَاعًا وَعَلاََمَتُهُ أَنْ يَكُونَ
مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وحرفان زائدان.
(بِزِيَادَةِ) هذه الباء سببية يعني: صار خمسة أحرف بسبب زيادة
(الهَمْزَةِ) همزة الوصل (فِي أَوَّلِهِ) في محلٍ أو مكانٍ قريبٍ من
أوله (وَالتَاءِ) يعني وزيادة حرف التاء (بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ)
والتاء هذه لها أحكامٌ كثيرة في باب الصرف (وَبِنَاؤُهُ) أي: هذا الوزن
افْتَعَلَ (بِنَاؤُهُ لِلمَطَاوَعَةِ) وعرفنا معنى المطاوَعة، حصول أثر
الشيء عن تعلق الفعل المعتدي بمفعوله، لكن هذا يزيد على الباب السابق
أن المطاوَعة هنا عامة يعني: ليست خاصة بالأمور العلاجية، ولذلك قيل
لما كان باب انْفَعَلَ هو الأصل في المطاوعة #40.18 لذلك ليس له إلا
معنًى واحد لم نذكر له معاني مثل ما ذكرنا في فَعَّلَ وَفَاعَل
وأَفْعَلَ، وكما سنذكره في باب افْتَعَلَ لماذا؟ لأنه ليس له إلا معنًى
واحد وهو المطاوَعة فهو لازمٌ لهذا المعنى، وأما باب افْتَعَلَ فلا، لم
يوضع أصلاً - وإن كان أصله في وضعه هو المطاوعة - لكن خرج عن المطاوعة
في معانٍ أخر سيأتي ذكرها وعُمِّمَ من جهة المعنى في المطاوَعة فصار
يأتي لماذا الأفعال العلاجية وغيرها.
(اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتِمَاعًا) هذا
أمرٌ حسي أو معنوي؟ حسي ولذلك قال: (جَمَعْتُ الإِبْلَ فَاجْتَمَعَتْ).
إذًا هذا أمرٌ حسي لكن غَمَمْتُهُ فاغْتَمَّ هذا أمرٌ معنوي حينئذٍ جاء
للمطاوَعة في العلاجيات التي تدرك بالحس وجاء في المطاوعة التي لا تدرك
بالحس وإنما تدرك بالمعنى والعقل. (وَبِنَاؤُهُ لِلمَطَاوَعَةِ
أَيْضًا) كما بُنِيَ باب انْفَعَلَ، ولكن باب انْفَعَلَ لَمَّا لم يكن
بغير العلاجيات قيل وُضِعَ له هذا الباب مكملاً للباب السابق، ولذلك
بعضهم يُعَبِّرُ يقول: يُغْنِي عن انْفَعَلَ في ما كان غير علاجي باب
افْتَعَلَ يغني عن باب انْفَعَلَ فيما كان غيرَ علاجيًا لأن العلاجي
هناك وُضِعَ له باب انْفَعَلَ وباب افْتَعَلَ جاء مكملاً لأنه يَرِدُ
السؤال إذا كان انْفَعَلَ خاصًا بمطاوَعة العلاجي طيب إذا أردنا غير
العلاجي وحصلت المطاوَعة ماذا نصنع؟ لا بد به، معنى هذان أن يوضع له
لفظ في لغة العرب فوضع له باب افْتَعَلَ فجاء للمعنيين معًا.
(وَبِنَاؤُهُ) أي بناء هذا الوزن (افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ افْتِعَالاً)
(لِلمَطَاوَعَةِ أَيْضًا) كما وُضِعَ انْفَعَلَ (أَيْضًا) آضَ يَئِيضُ
أَيْضًا، أيضًا هذه دائمًا تعرب على أنها مفعولٌ مطلق لا تأتي أيضٌ ولا
أيضٍ وإنما تكون ملازمةٌ للنقل والعامل فيها فعلٌ محذوفٌ وجوبًا تقديره
آضَ يَئِيضُ أَيْضًا بمعنى رجعنا إلى ذكر المطاوَعة كما ذكرناها في باب
انْفَعَلَ فنذكرها هنا. (نَحْوُ) مثل ... (جَمَعْتُ الإِبْلَ)،
(جَمَعْتُ الإِبْلَ) فعل وفاعل ومفعولٌ به (فَاجْتَمَعَتْ) أكثر النسخ
الموجود فاجتمع ذلك الإبل (فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ الإِبِلُ) والأصح ...
(فَاجْتَمَعَتْ) ولا داعي إلى ذكر أيضًا الفاعل وإنما نقول: فَتَحْتُ
البابَ فانْفَتَحَ ولا نحتاج أن نقول: انْفَتَحَ الباب يعني: الأصل
بإضمار لا الإظهار، فالأصل الإضمار لا الإظهار، فتقول: كَسَرْتُ
الزُّجاجَ فانْكَسَرَ، وإذا قلت كَسَرْتُ الزجاجَ فانْكَسَرَ الزجاجُ
هذا صار عجمة صار لكنة غير موافق للغة العرب، الفصيح حذف الفاعل لأنه
دُلَّ عليه من السابق، وحذف ما يعلم جائزٌ، بل قد يكون الأبلغ الحذف
ومثله هذا الموضع الذي معنا، فحينئذٍ الفعل المطاوِع إذا ذكر في سياق
الكلام - وهذا هو الأصل فيه - الأصل أن لا يُظهر الفاعل وإنما يُضمر،
وإذا أظهر كما هو معنا هنا حينئذٍ لا بد أن يكون مطابقًا للسابق
(جَمَعْتُ الإِبْلَ). (الإِبْلَ) هذا اسم جمعٍ لا واحد له من لفظه
المشهور عند الصرفيين أن عود الضمير عليه لا بد أن يكون مؤنثًا وحينئذٍ
(فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ الإِبِلُ) الأصل أن نقول: فاجتمعتْ تلك الإبل،
لماذا؟ لأن الضمير يعود على الإبل وهي اسم جمعٍ لا واحد له من لفظه
هكذا قال الشارح.
(نَحْوُ: جَمَعْتُ الإِبْلَ فَاجْتَمَعَ
ذَلِكَ الإِبِلُ) يعني فاجتمعتْ وهذا حاصل به في ما كان حسي أو معنوي؟
حسي، لكن قوله (مَوْزُونُهُ اجْتَمَعَ يَجْتَمِعُ اجْتِمَاعًا) هنا مثل
بماذا؟ بالحسي والأصل فيه أن بمثل بماذا؟ بالمعنوي لأنه يفارق الباب
السابق، لذلك لو مثل بغَمَمْتُه فاغْتَمَّ لكان أولى لأن هذا الباب في
أصل وضعه أنه يُغني عن باب انْفَعَلَ في غير العلاجي، فحينئذ لا يؤتي
بمثال المطابق لباب الانْفِعَال، وإنما يؤتي بمثال ينفردُ به باب
افْتَعَلَ عن غيره، ولكن أجيب بأن ذكر الشيء لا ينافي ما عداه لكن يبقى
الأولوية، ذكر الشيء لا ينافي ما عداه يعني إذا قلنا باب افْتَعَلَ
للمُطَاوَعة عام حسية أو معنوية ومَثَّلَ بالحسي هل يلزم منه أن غير
الحسي منفي؟ لا يلزم، فذكر الشيء حينئذٍ لا ينافي ما عداه لكن نقول في
التأصيل والتقعيد أن هذا الباب مكمل للباب السابق فحينئذ يُمَثَّل في
الأولوية يُمَثَّلُ بما انفرد به هذا الباب عن الباب الثاني، إذا عرفنا
أن باب افْتَعَلَ يأتي لماذا؟ للمطاوعة. هل هو منحصر في باب المطاوعة
فقط؟ الجواب: لا. فالمعنى الأول الذي يأتي له باب افْتَعَلَ المطاوعة
ويطاوع الثلاثي سواء أكان دالاً على علاج أم لا كما ذكرناه، جَمَعْتُهُ
فاجْتَمَعَ ويُطَاوِع باب أَفْعَلَ أَنْصَفْتُهُ فانْتَصَفَ. ويطاوِع
باب فَعَّلَ قَرَّبْتُهُ فاقْتَرَبَ.
إذًا كم باب؟ يطاوِع افْتَعَلَ يطاوع ثلاثة أبواب جَمَعْتُهُ جَمَعَ
قلنا من باب فَتَحَ يطاوِع فَعَلَ ويطاوِع أَفْعَلَ ويطاوِع فَعَّلَ.
هل افترق عن باب انْفَعَلَ؟
باب انْفَعَلَ يطاوِع كم؟ ثلاثة أبواب فَعَلَ وفَعَّلَ وأَفْعَلَ، إذًا
لم يغايره فصار مثل باب انْفَعَلَ، باب افْتَعَلَ في كونه يطاوِع
فَعَلَ وأَفْعَلَ وفَعَّلَ متحدة.
المعنى الثاني الذي يجيء له باب افْتَعَلَ زيادة على المطاوَعة، ولذلك
يُقَيَّدُ هناك ويأتي بالمطاوعة أيضًا لكنه غالبًا، ومن عادة المصنف
هنا في هذا الكتاب أنه يذكر المعنى الأشهر والأغلب والأكثر ويطلقه فيظن
الظان أنه لم يأتِ إلا لهذا المعنى، ولكن الأولى أن يُقَيَّدُ هناك
فيقال: (وَبِنَاؤُهُ لِلمَطَاوَعَةِ) غالبًا أيضًا بخلاف باب انْفَعَلَ
فحينئذ باب انْفَعَلَ لا يأتي إلا للمطاوَعة وباب افْتَعَلَ في الغالب
يأتي للمطاوعة، وقد يأتي لغير المطاوعة كما في المعنى الثاني الذي
نذكره الآن.
الثاني: اتخاذ فاعله ما تدل عليه أصول الفعل. اشْتَوَى أي اتَّخَذْتُ
... شِواءً، تَخَتَّمْتُ أو تَخَتَّمَ زيد تَخَتَّمْتُ نقول: هذا بمعنى
اتَّخَذْتُ خَاتَمًا خَاتِمًا خَاتَمًا وجهان.
إذًا اتِّخَاذ فاعله ما تدل عليه أصول الفعل اشتوى واخْتَتَمَ بمعنى
اتَّخَذَ خَاتَمًا واتَّخَذَ شِوَاءً.
الثالث: التشارك اخْتَصَمَ زيدٌ وعمروٌ اخْتَصَمَ على وزن افْتَعَلَ
زيدٌ وعمرو الأول فاعل في الاصطلاح والثاني معطوف عليه وفاعل في
المعنى، إذا حصل تشارك في مادة هذا الفعل وهو الاخْتِصَام.
الرابع: التصرف باجتهاد وعمل ومبالغة. مثل
ماذا؟ اكْتَسَبَ افْتَعَلَ، دلَّ على ماذا؟ على أن الكسب هنا حصل بعمل
وجُهد وبذل وسعة .. إلى آخره. واكْتَسَبَ أيضًا دلَّ على أن الفعل هنا
قد حصل باجتهاد وعمل.
الخامس: الدلالة على الاختيار. اصْطَفَى، اصْطفى طاء هذه الطاء هي
أصلها التاء قلبت طاءً. واجْتَبَى، وانْتَقَى كلها دالة على ماذا؟
على الاختيار.
هذا أشهر ما يُذكر في معاني افْتَعَلَ، خمسة معاني.
وقد جاء افْتَعَلَ بمعنى فَعَلَ وهو قليل. الأصل في الفعل الثلاثي
المطلق والمزيد الأصل في أن يغاير المعنى الثلاثي المجرد، هذا هو
الأصل، فإذا جاء مساويًا له نقول: جاء على خلاف الأصل، أليس كذلك؟
لماذا نقول الأصل المباينة والمفاصلة بين المعنيين؟
لأن زيادة المبني تدل على زيادة المعنى، فحينئذ لما قال العربي:
كَرُمَ، وقيل أَكْرَمَ زادوا عليه همزة، لا بد أن تكون هذه الهمزة لها
معانٍ، أما إذا كَرُمَ وأَكْرَمَ صارا بمعنى واحد حينئذ صارت الهمزة
هذه حشو، ولماذا نثقل اللسان بحرف زائد ولا معنى له؟ كذلك فَعَّلَ
خَرَجَ وخَرَّجَ لا يمكن أن يستويا في المعنى، زيادة المبنى تدل على
زيادة المعنى، فحينئذ إذا جاء فَعَّلَ بمعنى فَعَلَ، نقول: هذا على
خلاف الأصل، لكنه دائمًا يكون على قلة، وهنا جاء افْتَعَلَ بمعنى
فَعَلَ على قولٍ ومَثَّلُوا له بكَسَبَ واكْتَسَبَ يعني قد يطلق هذا
اللفظ اكْتَسَبَ ولا يراد به التصرف باجتهاد وعمل ومبالغة، بل المراد
به أحداث وإيجاد الكسب فقط، وكَحَلَ واكْتَحَلَ، كَحَلَ واكْتَحَلَ
قالوا بمعنى واحد لكنه قليل ولا يسمع ولا يقاس عليه.
الباب الثالث من النوع الثاني: وهو المزيد بحرفين. (افْعَلَّ يَفْعَلُّ
افْعِلَالاً) وهذا الباب لا يكون إلا لازمًا لا يكون متعدِّيًا لأنه لا
يأتي إلى من الأفعال الدال على الألوان والعيوب هذا الباب مخصص للأفعال
الدالة على الألوان والعيوب لغرض واحد وهو قصد المبالغة فيها وإظهار
قوتها. هذا الباب خاص بماذا؟ بالأفعال الدالة على العيوب والألوان ما
المقصود بها؟
المبالغة في، قصد المبالغة فيها وإظهار قوتها، إذًا [افْعَالَّ لا ليس
افْعَالَّ] (افْعَلَّ) [افْعَالَّ سيأتينا] (افْعَلَّ) (احْمَرَّ) ليس
هو كحَمِرَ حَمِرَ وَجْه زَيْدٍ يعني فيه نوع حُمْرَة فإذا قلت:
(احْمَرَّ) هذا فيه مبالغة، فيه زيادة أليس كذلك؟ فحينئذ نقول: باب
(افْعَلَّ) هذا موضوع للدلالة على الألوان أو هو مأخوذ من الأفعال
الدالة على الألوان والعيوب، ما المراد به؟ المبالغة، مبالغة في الفعل
اللازم حَمِرَ وَجْه زيد أردنا مبالغة في الفعل اللازم حَمِرَ فجيء
باحْمَرَّ وحينئذ إذا كان فرعًا عن اللازم فلا يكون هو إلا لازمًا، ما
كان لمبالغة اللازم لا يمكن أن يكون متعدِّيًا لأن أصله لازم فحينئذ
يكون الفرع لازمًا.
(البَابُ الثَّالِثُ: افْعَلَّ يَفْعَلُّ
افْعِلالاً، مَوْزُونُهُ احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا). (احْمَرَّ)
هذا بإدغام الراء الأولى في الثانية، وهذا البناء لا يتعدَّى يعني لا
يكون إلا لازمًا (وَعَلاََمَتُهُ) التي تميزه عن غيره من أبواب (أَنْ
يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ) يعني معدودًا بخمسة أحرف
ثلاثة الأصول وحرفان زائدان. (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ) بسبب زيادة
الهمزة يعني حصل أو صار خمسة أحرف بسبب الزيادة، (زِيَادَةِ
الهَمْزَةِ) همزة الوصل (فِي أَوَّلِِهِ) يعني في مكان قريب من أوله
(وَحَرْفٍ) يعني وزيادة حرف آخر من جنس لام فعله في آخره، ذكر لك اثنين
في هذا القيدين (وَحَرْفٍ آخَرَ) يعني وزيادة حرف آخر (مِنْ جِنْسِ
لاَمِ فِعْلِهِ) والمراد بالجنس هنا المثل يعني: إذا كان راء فهو راء،
وليس المراد الجنس لأن الجنس أعم فيشمل ما اشتركا في الصفة ولو كان من
مخرج واحد، مثل الثاء والتاء هذا من جنس لكن صفتهما مختلفة، وأما ما
يريده المصنف هنا مراده المثل الذي يدغم فيه الأول في الثاني،
(وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ) يعني من مثل لام فعله، فننظر في اللام
حَمِرَ ... [زِيد في أوله] أو زِدْ في أوله همزة وصل وزِدْ قال حرف آخر
من جنس لام فعله، ما هو حَمِرَ لامه الراء من جنس يعني مثل الراء يعني
راءً ثانية زده راءً ثانية، لكن أين موضعها إذا قيل احْمَرَّ حينئذٍ
السماع هكذا احْمَرَّ سُمِعَ من لغة العرب إذا عندنا راءان أيهما اللام
وأيهما الحرف المزيد، المصنف قال: (فِي آخِرِهِ). دل على ماذا؟ على أن
الحرف الثاني الراء الثانية من احْمَرَّ هي الزائدة وليست الأولى
لماذا؟ لِمَا سبق من الزيادة أنسب بالآخر الزيادة دائمًا تكون في
الأخير وليست في الأوائل هذا أولى ما يقال، إذ كان عندنا حرفان أحدهما
زائد فالحكم بكون الثاني زائدًا أولى من الحكم بكون الأول هو الزائد،
وهنا اختار أن يكون الثاني.
(بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِِهِ
وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ) يعني من مثل (لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ)
فاختار المصنف هنا أن الزائد هو اللام الثانية لأن الزيادة بالآخر
أولى، (وَبِنَاؤُهُ لِمُبَالَغَة الَّلازِمِ) يعني: بناء هذا الفعل
لِمَا وضعته العرب لِمَا بُنِيَ لِمَا صِيغَ لِمَا رُكِّبَ على هذه
التركيبة افْعَلَّ يَفْعَلُّ افْعِلَلاً لمبالغة اللازم وبنائه مختص
لمبالغة الفعل اللازم لمبالغة اللازم يعني الفعل اللازم هذا صيغة
المنصوب المحذوف، وما يكون لمبالغة اللازم حينئذٍ يكون هو في عينه
لازمًا، بذلك هذا الباب لا يَتِعَدَّى لِمَاذا؟ لأن أصل وضعه
لِمُبَالَغة في اللازم، فلا يكون مُتَعَدِّيًّا قَطْعًا، (وَقِيْلَ:
لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) نحن ذكرنا سابقًا أن أصل وضع هذا الباب
لمبالغة الأفعال الدالة على العيوب والألوان، هنا قال (وَقِيْلَ) هذا
إما أنه تصحيف والمراد به ويَغْلِبُ أو ويَكْثُرُ، وإمَّا ثَمَّ قول
آخر وهو أنه وضع للألوان والعيوب من غير ملاحظة المبالغة، وهذا خطأ،
ولذلك ضعفه المصنف هنا، (وَقِيْلَ) هذا صيغة تضعيف، لِمَا ضعف المصنف
هذا قول (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) مع أن أصل وضعه يقول
(احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا) ثم يقول: ... (وَقِيْلَ:
لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) كيف هذا ما يجتمعان؟
أما أن نقول: أن قوله (قِيْلَ) هذا تصحيف،
والأصل ويَكْثُرُ ويَغْلِبُ وهذا اختيار [الأستاذ حسن ## ... 58.51]
ويَغْلِبُ ويَكْثُرُ، وإما أن يقال وهو أجود: يقال النسخة كما هي
(وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) ونقول (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ
وَالعُيُوبِ) من غير ملاحظة المبالغة، فحينئذٍ يستوي احْمَرَّ وحَمِرَ،
وهذا خطأ ليست بصواب فحينئذٍ تمريره لهذا القول في محله في محله، فهمتم
النكتة؟ ها (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) قلنا أصل وضع هذا
الباب افْعَلَّ للدلالة على ماذا؟ المبالغة في ألألوان والعيوب، هذا هو
أول الصحيح لا إشكال في هذا نفي كلمة المصنف هنا قال (وَقِيْلَ:
لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) مع كونه مَثَّلَ لِمَا ذكرناه أولاً لأنه
قال (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا). إذًا وقال: (وَبِنَاؤُهُ
لِمُبَالَغَة الَّلازِمِ) إذًا لا إشكال، إلى هناك هو معنا، لكن قال:
... (وَقِيْلَ) وهذا صيغة تَضْعِيف. (وَقِيْلَ) أي قيل هذا الباب
مَبْنِيٌ وموضوع ومساق للدلالة على الألوان والعيوب. إذًا نقض أصل
الباب من أوله فلا بد من تأويل، إما أن نقول حصل تصحيف، فقيل أي ويكثر
ويغلب (لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ)، وإما أن نقول هذا قول ثاني ليس في
القول الذي ذكرناه، وهو أنه وضع هذا الباب (لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ)
من غير ملاحظة المبالغة، وهذا خطأ لأنه يلزم منه أنه حَمِرَ واحْمَرَّ
بمعنى واحد، وهذا باطل ليس بصواب، حَمِرَ واحْمَرَّ ليسا بمعنى واحد بل
هما مختلفان ... (وَقِيْلَ: لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) بل الصواب أن
نقول هو لمبالغة الفعل اللازم، لذلك قيل لا يَتَعَدَّى لأنه يختص
بالألوان والعيوب، والألوان والعيوب هذه لا تتعدى أليس كذلك؟ إذا
اعْوَرَّ زيدٌ هل إن اعْوَرَّ يَتَعَدَّى؟ ما يتعدى، وإذا قيل احْمَرَّ
عَمْرو الاحمرار لا يَتَعَدَّى، إذًا لا يمكن أن يُتَصور هذا الفعل
افْعَلَّ وهو دال على الألوان والعيوب أن يكون مُتَعَدِّيَّا لأن
المعاني التي أُخِذَ منها لازمة، وما لَزِمَ لَزِمَ، ما لَزِمَ من جهة
المعنى لَزِمَ من جهة العمل كما ذكرناه في باب فَعُلَ.
مثال الفعل الدال للألوان نحو هو مثل للألوان ويقول: (وَقِيْلَ:
لِلأَلْوَانِ وَالعُيُوبِ) هذا غريب، مثال الفعل الدال نحو (احْمَرَّ
زَيْدٌ) هذا لازم، أصله حَمِرَ بُولِغَ في وجود هذه الحمرة فقيل
(احْمَرَّ) وسيأتي إِحْمَارَّ من باب إِفْعَالَّ، حَمِرَ يدل على وجود
الْحُمْرَةِ في الجملة يعني قلة حَمِرَ زيدٌ، حَمِرَ وجه زيدٌ، وإذا
أريد المبالغة أنها ازدادت قليلاً ولم تنتهِ للغاية قيل ... (احْمَرَّ
زَيْدٌ) يعني الحمرة قد زادت فيه على حَمِرَ وإذا أريد النهاية التي ما
بعدها فيقال: احْمَارَّ زيد بالألف، ولذلك مذهب سيبويه أن هذا الباب
ليس مستقلاً، وإلا ما هو مقصور من باب إِفْعَالَّ بحذف الألف، لكن
جمهور الصرفيين على خلاف مذهب سيبويه، ولذلك ذكره المصنف هنا بابًا
مستقلاً، لأنه لو كان مقصورًا ومأخوذًا من باب إِفْعَالَّ بحذف الألف
لَمَا صح جعله بابًا مستقلاً لأنه يكون داخلاً في الباب الآتي الذي
سيأتي معنا.
نحو (احْمَرَّ زَيْدٌ)، ومثال العيوب نحو
احْمَرَّ واخْضَرَّ واسْوَدَّ وابْيَضَّ .. إلى آخره (وَمِثَالُ
العُيُوبِ نَحْوُ: اعْوَرَّ زَيْدٌ) عَوِرَ زيدٌ فإذا اشتد الْعَوَر
يقال اعْوَرَّ زيدٌ هذا أشد، وإذا بلغ النهاية إِعْوَارَّ زيدٌ، لكن
الناس ما يقولون هذا، واعْمَشَّ عَمْرو اعْمَشَّ عَمَشَ أو عَمِشَ [$
هل تترك على التخيير] واعْمَشَّ عَمْرو هذا يظهر من العيوب، هذا الباب
الثالث.
(البَابُ الرَّابِعُ: تَفَعَّلَ
يَتَفَعَّلُ تَفَعُّلاً، مَوْزُونُهُ تَكَلَّمَ يَتَكَلَّمُ
تَكَلُّمًا.)، (تَفَعَّلَ) ما الذي زيد التاء في أوله وحرف آخر من جنس
عين فعله، ما الدليل على أنه من جنس عين فعله، الإدغام التكرار تكرار
العين لأن ما كان من جنس الحرف هذا في الميزان ماذا نعطيه؟ ها يُضَعَّف
ماذا؟ إن كان من جنس العين كُرِّرَتِ العين وإن كان من جنس اللام
كُرِّرَتِ اللام (احْمَرَّ) كررت اللام حينئذٍ وزن افْعَلَّ اللام
مدغمة، إذا لام في مقابلة الراء الأصلية، ولام في مقابلة الراء
الزائدة، لماذا قابلناها باللام ولم نقابلها بالراء وقد قيل به؟ لأنه
من جنس الحرف السابق، فلَمَّا كان من جنس حرف أصلي عينه مثله أَكْرَمُ،
ليس كـ أَكْرَمَ مثلاً أفعل، الهمزة ليست من جنس الفاء ولا العين ولا
اللام، فلما كان احْمَرَّ الراء الزائدة من جنس اللام واللام حرف أصلي
فحينئذٍ في الميزان يقابل بما قوبل به ذاك الحرف الأصلي، كذلك هناك
العين مضاعفة فدل على ماذا؟ على أن الحرف الذي زيد إنما هو من جنس
العين وقد يكون بين الفاء والعين أو بين العين واللام. (يَتَفَعَّلُ)
هذا الفعل المضارع مبدوء بالياء يتفعل وإذا كان مبدوءًا بالهمزة كذلك
لا إشكال، وبالنون لا إشكال، وإنما الإشكال في إذا بُدِءَ بالتاء يجتمع
عندنا تاءان، تاء الفعل وتاء المضارعة، فقيل مثلاً تَعَلَّمَ
تَتَعَلَّمُ يا زيد تَتَعَلَّمُ اجتمع عندنا تاءان فأحدث ثِقَلاً في
اللسان فجوز أهل العربية حذف إحدى التائين جَوَّزُوا حذف إحدى التائين،
{فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس: 6] أي تتصدى حذفت التاء {نَاراً
تَلَظَّى} [الليل: 14] أي: نارًا تتلظى حذفت أحد التاءين النحو مهم،
{تَلَظَّى} تتلظى و {تَصَدَّى} [عبس: 6] وتتصدى هذا فعل مضارع،
تَصَدَّى فعل مضارع لا تقل فعل ماضي، أين التاء؟ تاء المضارعة؟
{تَلَظَّى} أين تاء المضارعة. تَعَلَّمُ أين تاء المضارعة؟ قيل: لا بد
من قبيل التخفيف حذف إحدى التاءين، واختلف هل هي تاء الفعل أم تاء
المضارعة؟ على قولين: قيل هذا وقيل هذا والأولى أن يقال: إن المحذوف هي
الأصل التي من الفعل، وليس التاء التي هي حرف المضارعة لماذا؟ لأن التي
من الفعل، الْفعل الماضي ولو كانت زائدة في أصل الفعل الماضي هي حرف
مبنى وليست حرف معنى، وأما أحرف المضارعة فكلها حروف معنى يعني مثل في
وعن والباء واللام .. إلى آخره فهي قسيمة الفعل والاسم في باب الكلمة،
فنقول: الكلمة اسم وفعل وحرف، حرف جاء لمعنى وهذا قيد لبيان الواقع لا
نحتاجه لماذا؟ هكذا يقولون: أقسامه ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى.
جماهير الشراح يقولون: جاء لمعنى هذا من باب الاحتراز. وأنا أقول: خطأ،
هذا ليس من باب الاحتراز وإنما لبيان الواقع لأن الحرف الذي يكون
قسيمًا للاسم والفعل هو حرف المعنى وليس حرف المبنى، فلما قيل الكلمة:
لا بد من مراعاة مفهوم الكلمة وهي أنها قول مفرد أو لفظ (ها) دل على
معنى مفرد فحينئذٍ خرج حرف الذي يقال عنه أنه حرف مبنى، تقييدًا للكلمة
اسم وفعل وحرف، فلم يدخل معنا حرف المبنى، فلم يدخل حرف المبنى.
إذًا أحرف المضارعة هذه من حروف المباني،
وإذا دار الأمر بين كون المحذوف حرفًا أصليًا من ذات الكلمة جزء الكلمة
الذي هو حرف مبنى، وبين حرف المعنى فالقول بحذف الأول أولى، القول بأن
الذي حُذف هو جزء من أجزاء الكلمة وليس بكلمة مستقلة فهو أولى، فحينئذٍ
{فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس: 6] تَتَصَدَّى التاء هذه حرف مضارعة،
وتَتَ الثانية هي التي حذفت تخفيفًا {نَاراً تَلَظَّى} [الليل: 14]
تتلظى التاء الثانية هي التي حذفت وليست التاء الأولى لماذا؟ دفعًا
للثقل (تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ تَفَعُّلاً)، ... (تَفَعُّلاً) ما الفرق
بين المصدر هنا والفعل الماضي؟ ضم العين فقط، ضم العين يعني من جهة
الحركات وإلا الأول فعل والثاني اسم ولذلك نون (تَفَعَّلَ) هذا مبني
على الفتح (يَتَفَعَّلُ تَفَعُّلاً) (تَفَعُّلاً) بضمها فرقًا بين
الماضي والمصدر، لأنه لو قيل: تَفَعَّلَ يَتَفَعَّلُ تَفَعَّلاً هذا ما
يستقيم التفريق بين المصدر والماضي، لكن لما ضمت العين دل على أن ثَمَّ
فرقًا بين الماضي والمصدر، لكن هل هو مطرد تَفَعُّلاًّ في كل فعل؟
الجواب: لا، يعني نقول: (تَفَعُّلاً) هذا حكم المصدر لكن في غير الفعل
الناقص وأما الفعل الناقص فيكون بكسر العين، أما الضم فهذا يستوي فيه
الصحيح والمهموز والأجوف .. إلى آخره أما الناقص فلا، فبكسر العين
لتُجانس الياء، التَّمَنِّي تَمَنَّى يَتَمَنَّى تَمَنِّيًّا بضم
النون؟! لا يمكن، لماذا؟ لأنه لو ضمت النون وسكنت الياء لوجب قلب الياء
واوًا لأن القاعدة أن الياء إذا سكنت وضم ما قبلها وجب قلب الياء واوًا
فرارًا عن هذا قالوا: إذا نقلب الضم إلى الكسر حفاظًا على الناقص، إذًا
(تَفَعُّلاً) بضم العين يُستثنى منه الناقص فتكسر العين مثل
التَّمَنِّي والتَّجَنِّي والتَّمَشِّي ..
إلى آخره، فنقول هنا: بكسر التَّرَجِّي
والتَّعَدِّي والتَّمَنِّي بكسر العين (مَوْزُونُهُ تَكَلَّمَ
يَتَكَلَّمُ تَكَلُّمًا)، وبعضهم زاد على التَّفَعُّل تِفِعَّال نحو
تِمِلاَّق تِفِعَّال بكسر الأول التاء والفاء وتشديد العين تِفِعَّال
لكنه غير مشهور، نحو تَمَلَّقَ يَتَمَلَّقُ تَمَلُّقًا وتِمِلاَّقًا،
تِمِلاَّقًا بكسر التاء والميم والتشديد، موزونه أي تَفَعَّلَ
تَكَلَّمَ يَتَكَلَّمُ تَكَلُّمًا بضم اللام مع التشديد، وعلامته أن
يكون ماضيه على خمسة أحرف بزيادة التاء في أوله، يكون ماضيه على خمسة
أحرف ثلاثة أصلية وحرفان زائدان، بزيادة يعني بسبب زيادة التاء في
أوله، وقد تحذف فيما إذا كان الفعل المضارع مفتتحًا بتاء المضارعة، لأن
هذه حرف التاء نقول: زائدة على الأصل ولكنها لَمَّا زِيدَتْ لِمَعْنى
لزمت بزيادة تاء في أوله يعني في مكان أو محل قريب من أوله، وحرف آخر
من جنس الجنس المراد به المثل هنا، من مثل عين فعله يعني ضُعِّفَتْ
العين بين الفاء والعين حدد لك محل الزيادة بين الفاء والعين فحينئذٍ
تَكَلَّمَ أين الزيادة؟ التاء في أوله، واللام الأولى التي تقع بين
الكاف، اللام الثانية ولا الأولى؟ وحرف آخر من جنس عين فعله بين الفاء
والعين، (ها) تَكَلَّمَ أين فاؤه؟ الكاف، طيب التاء زيدت في أوله
تَكَلَّمَ أين عينه؟ اللام، نقول: تَفَعَّلَ هنا زيدت اللام قال: بين
الفاء والعين، إذًا الميم هي اللام، الميم تَكَلَّم على وزن تَفَعَّلَ
ميم تَكَلَّمَ هي لام الكلمة، أين عينها؟ هي اللام، تَكَلَّمَ هي عين
الكلمة، زيدت اللام قال: بين الفاء والعين، فحدد لك أن اللام الأولى هي
الزائدة، وقيل اللام الثانية هي الزائدة، ومذهب سيبويه يجوز الوجهين
لتعارض الدليلين، لكن إذا قيل بأن الثاني هو أنسب لمحل الزيادة وهو
الزائد فهو أولى، إذًا لزيادة التاء في أوله وحرف آخر من جنس عين فعله
من مثل عين فعله كاللام هنا بين الفاء والعين، حَدَّدَ لك محل الزيادة،
إذًا زيد حرفان، فَسُكِّنَ الأول وأدغم في الثاني على القاعدة التي
ذكرناها سابقًا، (وَبِنَاؤُهُ) لِمَ بُنِيَ هذا الفعل تَفَعَّلَ؟ قال:
(لِلتَّكَلُّفِ) - يعني للدلالة على التكلف -، والتكلف هذا تَفَعُّل
وهو في اللغة التَّجَشْم، يقال: تَكَلَّفْتُ الشيءَ أو للشيءِ إذا
تَجَشَّمْتُهُ، وكَلَّفَهُ تَكْلِيفًا أمره بما يَشُقُّ، على الأصل في
التكليف عند الأصوليين، ومعنى التَّكَلُّف في الاصطلاح عند الصرفيين
(تِحْصِيلُ المَطْلُوبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ)، تَفَعُّل هذا يدل على
التَّكَلُّف تحصيل الشيء يعني تمام و (تِحْصِيلُ المَطْلُوبِ) أي تحصيل
تمام المطلوب وكماله، (شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ)، أي يقع شيئًا بعد شيءٍ،
ولأن الحدث قد يقع دفعة واحدة وقد يقع على دَفَعَات، والثاني ما يسمي
بالمصادر السيالة، كالكلام مثلاً تقول: التَّكْلِيم والكلام هذا من
المصادر السيالة، ما معنى السيالة؟ يعني التي توجد شيئًا فشيئًا، لا
يوجد الكلام هكذا دَفْعَة واحدة في ثانية واحدة، وإنما تقول: تَكَلَّمَ
كَلِمَةً، والكلمة هذه جاءت في ساعة تقريبًا لها أول ولها آخر، فحينئذٍ
نقول: التَّكلم والكلام من المصادر
السيالة لماذا؟ لأنه تدل على حصول الشيء
مرة بعد مرة، أفراده لا يقع دفعة واحدة، تَعَلَّمْتُ الْعِلْم [ها]
دفعةً واحدة؟ ما يأتي وإنما حصل شيئًا بعد شيء، حصل العلم شيئًا بعد
شيء، أفرادًا بعد أفراد، وجدتْ بعض أحاده ثم بعض أحاده ثم بعض أحاده ..
حتى كمل. إذًا والتَّكلف المراد به هنا في باب التَّفَعُّل وهو معاني
مقصودة في وضع وبناء هذا الباب تحصيل المطلوب مثل ماذا؟ العلم تحصيل
المطلوب كماله وتمامه شيئًا بعد شيء يعني شيئًا من أفراده أو تحصيل
شيئًا من أفراده بعد تحصيل شيء آخر، مثاله (تَعَلَّمْتُ العِلْمَ
مَسْأَلَةً بَعْدَ مَسْأَلَةٍ)، مسألة بعد مسألة الظاهر أنه إيضاح وليس
المراد أن المسألة بعد مسألة هذا هو المعنى الذي وُضِعَ له اللفظ، لا،
لأن التكلف هنا مسألة بعد مسألة هذا صريح وليس هو مفهوم ضمني في ضمن
الفعل، وإنما (تَعَلَّمْتُ العِلْمَ) مباشرة تفهم ماذا؟ أن التَّعلم
هنا تَفَعُّل بمعنى أن العلم الذي هو المطلوب حصل شيئًا بعد شيءٍ ولم
يحصل دفعة واحدة، أما (مَسْأَلَةً بَعْدَ مَسْأَلَةٍ) نقول: هذا الظاهر
أنه من باب الإيضاح، هذا معنى من المعاني التي وضع لها هذا الباب.
وقد يَرِدُ لِمعان أخر أولها مطاوعة فَعَلَ، وعرفنا معنى المطاوعة يعني
يأتي تَفَعَّلَ مُطَاوِعًا لمعنى فَعَّلَ، خَرَّجْتُهُ فَتَخَرَّجَ،
عَلَّمْتُهُ فَتَعَلَّمَ، أَدَّبْتُهُ فتَأَدَّبَ، إذا قبل الأدب
أَدَّبْتُهُ فتَأَدَّبَ قبول أو ليس بقبول؟ قد يقبل وقد لا يقبل فإذا
قَبِلَ نقول: هذا المطاوعة، كَسَّرْتُهُ فَتَكَسَّرَ، إذًا الكسر فيه
المطاوعة، كَسَّرْتُهُ فانْكَسَرَ، كَسَّرْتُهُ فَتَكَسَّرَ، تَكَسَّرَ
هذا الْمُطَاوِع، وانْكَسر مُطَاوِع، وجَمَعْتُهُ فاجْتَمَعَ،
اجْتَمَعَ مُطَاوِع، إذًا المطاوعة هذه معنى لا يختص به بناء دون بناء،
لكن الأصل في وضع انْفَعَلَ بالمطاوعة فقط، وغيره يُشاركه غيره، غَيره
يعني غير انْفَعَل يشاركه غيرها غير باب انْفَعَلَ باب [المطاوعة $
1.19.49] غير المطاوعة، ولكن التَّكلف الذي ذكره المصنف هنا الذي
(تِحْصِيلُ المَطْلُوبِ شَيْئًا بَعْدَ شَيءٍ)، تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ
يعني مسألة بعد مسألة، تَكَرَّمَ زيد هذا تَكَلَّفَ، وتَحَلَّمَ
وتَصَبَّرَ يعني وقع التَّصَبُّر شيئًا بعد شيء، ويأتي للاتخاذ وهي
للدلالة على أن الفاعل قد اتخذ المفعول فيما يدلُّ عليه أصل الفعل،
تَوَسَّدت يَدِي يعني اتخذتها وسادة، فدل تَوَسَّدت هنا تَفَعَّلَ على
الاتخاذ، اتخاذ ماذا؟ اتخاذ المفعول به تَوَسَّدت يَدِي فيَدِي هي التي
صارت وسادة.
الرابع: التَّجَنُّب. التَّجَنُّب أي أن الفاعل قد ترك أصل الفعل تحرجت
يعني تركت الحرج، تَأَثَّمْتُ يعني تَرَكْتُ الإثم، ولذلك جاء في
الحديث (فأخبر بها معاذ تَأَثُّمًا) ما معنى. يعني يريد الإثم أو
بُعدًا عن الإثم؟ بعدًا عن الإثم، هذا هو التَّجَنُّب، تَهَجَّدتُ أي
تركتُ الوُجُودَ وهو النوم.
الخامس: الدلالة على أن الفعل قد وجد مرة
بعد مرة. هكذا يقوله الصرفيون والظاهر أنه داخل في التَّكَلُّف. لكن
التَّكَلُّف قد يُزاد فيه نوع القصد والمبالغة في إيجاد العمل، وأما
تَجَرَّعْتُ الدواء يعني تجرعته يعني أخذته مرة بعد مرة، تَجَرَّعْتُ
الدواء ما الفرق بينه وبين تَعَلَّمْتُ؟ على كلٍّ يخصون هذا بمعنى وهذا
بمعنى، تَفَهَّمْتُ المسألة [ها] هذا بمعنى ماذا؟ دلال على أن الفعل قد
وجد مرة بعد مرة تَفَهَّمْتُ المسألة يعني أَحْدَثْتُ الْفَهْمَ مرة
بعد مرة.
ويأتي المعنى السادس والأخير: وهو الطلب. تَعَظَّمَ هذا متى؟ إن طلب أن
يكون كبيرًا وعظيمًا، تَكَبَّرَ إن طلب أن يكون كبيرًا، تَعَظَّمَ إن
طلب أن يكون عظيمًا، ويجيء تَفَعَّلَ بمعنى فَعَّلَ نحو وَلَّى
وتَوَلَّى.
(البَابُ الخَامِسُ: تَفَاعَلَ يَتَفَاعَلُ
تَفَاعُلاً)، (تَفَاعَلَ) بزيادة التاء في أوله والألف بين الفاء
والعين، (يَتَفَاعَلُ) بفتح حرف المضارعة لِمَا ذُكِرَ لأنه خماسي
(تَفَاعُلاً) بضم العين ويقال فيه ما قيل في التَّفَعُّل أن العين ضمت
هنا فرقًا بين الماضي والمصدر، (تَفَاعَلَ يَتَفَاعَلُ تَفَاعُلاً) ضمت
العين هنا في المصدر فرقًا بينها وبين الماضي، وأما في الناقص فتكسر
كما في باب التَّفَعُّل تكسر في الناقص للعلة السابقة وهي لئلا تنقلب
الياء واوًا لأن الياء إذا سكنت وضم ما قبلها وجب قلب الياء واوًا، مثل
التَّوَانِي تَوَانَى يَتَوَانَى تَوَانِيًّا بكسر النون تَوَانِيًّا،
كذلك التَّجَافِي تَجَافَى يَتَجَافَى تَجَافِيًّا، ليست بضم الفاء
للعلة السابقة، (تَفَاعَلَ يَتَفَاعَلُ تَفَاعُلاً مَوْزُونُهُ
تَبَاعَدَ) وبَعُدَ (تَبَاعَدَ يَتَبَاعَدُ تَبَاعُدًا)، وهذا البناء
مشترك بين اللازم والْمُتَعَدِّي، يعني يكون مُتَعَدِّيًّا ويكون
لازمًا، (وَعَلاَمَتُهُ) التي تميزه عن غيره من الأبنية (أَنْ يَكُونَ
مَاضِيهِ عَلَى خَمْسَةِ أَحْرُفٍ)، ثلاثة الأصول وحرفين زائدين، بسبب
زيادة (التَّاءِ فِي أَوَّلِهِ)، في أوله يعني في محل قريب من أوله
(وَالأَلِفِ بَيْنَ الفَاءِ وَالعَيْنِ)، (وَبِنَاؤُهُ لِلْمُشَارَكَةِ
بِيْنَ الاِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا)، يعني أصل وضع هذه البنية وهذه الصيغة
للدلالة على المشاركة، والمراد بالمشاركة هنا التَّشارك والاشتراك، لأن
ثَمَّ فرقًا بين المشاركة والتَّشارك، وهنا نحمله على الاشتراك
والتشارك وليس المشاركة، فالمشاركة أي التشارك بين الاثنين في أصل
الفعل مع تساويهما فيه، المشاركة والاشتراك، المشاركة هذه سبقت في باب
فَاعَلَ في باب فَاعَلَ ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، وشَارَكَ زيدٌ
عَمْرًا، ما الفرق بينهما؟ لو قيل: ضَارَبَ زيد عَمْرًا كل منهما
ضَارِبٌ ومَضْرُوب حصلت المشاركة في أصل الفعل أو لا؟ حصلت المشاركة،
لكن شَارَكَ زَيْدٌ عَمْرًا هل فيها معنى المشاركة بالمعني السابق؟
شارك زيد عَمْرًا، إذا عَمْرًا هو الأصل وزيد قد شاركه في أصل الحدث،
ولذلك فرقوا بين المشاركة والتشارك، وهنا المراد به التشارك، تَبَاعَدَ
زيد وعَمْروٌ، ليس عندنا مشاركة بمعنى ضَارَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، فهناك
حصل أو وقع الحدث من كل منهما ولذلك قيل: أُسْنِدَ إلى الفاعل صراحة
وهو في نفس الوقت هو مفعول، ضَارَبَ زيدٌ، زيد هذا أُسْنِدَ إليه
ضَارَبَ وهو فاعل صراحةً يعني يعرب فاعلاً في الاصطلاح وهو في نفس
الوقت مفعول به في المعنى ضمنًا، وعَمْرًا هذا لم يسند إليه الفعل
فحينئذٍ يُعرب مفعولاً به وفي المعنى هو فاعل أيضًا لأنه أحدث شيئًا من
الضرب، أما تَبَاعَدَ زيدٌ وعَمْرو هذا ليس في كل منهما مشاركًا للآخر
في أصل الفعل، (وَبِنَاؤُهُ لِلْمُشَارَكَةِ بِيْنَ الاِثْنَيْنِ)،
المشاركة قال هنا: لا تضاف إلا إلى الفاعل أو المفعول يقال: أعجبتني
مشاركة زيدٍ عَمْرًا، إذًا أحدهما مُشَارِك والآخر مُشَارَك، ولا يلزم
أن يكون كل منهما قد بذل في أصل الفعل ما يصدق عليه الحدث بخلاف
الاشتراك والتشارك فإنهما يضافان إليهما معًا، ولذلك
فرق بينهما بعض بما سيأتي.
[نكمل الموضوع] (وَبِنَاؤُهُ لِلْمُشَارَكَةِ بِيْنَ الاِثْنَيْنِ
فَصَاعِدًا)، فَصاعدًا هذه ماذا إعرابها؟ حال ... # 1.27.56 فذهب
الاشتراك صاعدًا فذهب الاشتراك حال كونه آخذًا في الزيادة إلى ثلاثة
وأربعة وخمسة .. إلى آخره، لا يُحَدُّ بحد، (مِثَالُ المُشَارَكَةِ
بَيْنَ الاِثنَيْنِ نَحْوُ: تَبَاعَدَ زَيْدٌ وعَمْرو) الأصل عن
عَمْرٍو وليس بصواب، تباعد زيدٌ وعَمْرٌو، تَبَاعَدَ هنا الاشتراك حصل
بين أجزاء الفعل كل من زيد قد أحدث بعض أجزاء الفعل تَبَاعَدَ زيدٌ
وعَمْرٌو، زيد أحدث بعض أجزاء التَّبَاعد، وعَمْرٌو أحدث بعض أجزاء
التباعد، إذًا الاشتراك هنا بين أجزاء الفعل.
(وَمِثَالُ المُشَارَكَةِ بَيْنَ الاِثنَيْنِ فَصَاعِدًا نَحْوُ:
تَصَالَحَ) على وزن تَفَاعَلَ، (تَصَالَحَ الْقَوْمُ)، هنا ليست بين
فردين كما يقال تَبَاعَدَ زَيدٌ وعَمْرٌو، وإنما يقال: تَصَالَحَ
القومُ، القوم هذا اسم [أقل الجمع (1)] أقل معنى الجمع كم؟ ثلاثًا، وهل
القوم جمع؟ اسم جمع، وكيف نقول: أقل معنى الجمع؟ مدلوله الجمع، لذلك
قلت: أقل معنى الجمع ولم أقل الجمع الاصطلاحي، أقل معنى الجمع يعني ما
يدل على الجمع وهو ست أشياء - ذكرناها في الملحة - ست أشياء تدل على
الجمع منها: اسم الجمع، وهو ما دل على معنى الجمع ولا واحد له من لفظه،
قوم دل على معنى الجمع أقله ثلاثة هل له واحد من لفظه؟ ليس له واحد،
مثل نساء ورهط هذا يدل على أقل ما يدل عليه الجمع هو ثلاثة، فحينئذٍ
نقول: تصالح القوم أي ثلاثة فصاعدًا، إذًا فظهر الفرق بين
الْمُفَاعَلَةِ الذي هو مصدر فَاعَلَ أو التَّفَاعُل والتَّفَاعُل.
ذكر بعض الصرفيين قال: لأن باب أو بناء الْمُفَاعَلِة، مُفَاعَلَ هذا
مصدر فَاعَلَ، بِنَاءُ الْمُفَاعَلَةِ، [لا #1.30.30] نريد الفرق بين
فَاعَلَ وتَفَاعَلَ، ما الفرق بينهما؟
__________
(1) سبق لسان.
نقول: بناء الْمُفَاعَلَة التي هي مصدر
فَاعَلَ يكون لنسبة أصل الفعل إلى أحد الشريكين، أصل الفعل منسوب إلى
أحد الشريكين، الذي يُعرب فاعلاً في الاصطلاح ضَارَبَ زيدٌ: زيدٌ هذا
أُسند إليه الفعل أحد الشريكين، وتعلقه بالآخر صريحًا فيلزم عكسه
ضِمْنًا، فحينئذٍ لَمَّا تعلق من جهة الاصطلاح ضَارَبَ زيدٌ لا بد أن
يُنسب هذا إلى الآخر من جهة المعنى في الضمن فحينئذٍ له فاعلان ضَارَبَ
زيدٌ عَمْرًا له فاعلان، أُسند إلى الأول أحد الشريكين صراحة وإلى
الثاني ضمنًا، لأن كل منهما فاعل ضَارَبَ زيد عَمْرًا، ضَارَبَ فعل
ماضي، زيدٌ فاعل، عَمْرًا مفعول به هذا من جهة الظاهر، لكن من جهة
المعنى ضَارَبَ أُسند إلى زيد على أنه فَاعِلٌ له وتعلق بالثاني الذي
هو في اللفظ مفعول به لكنه في المعنى هو فاعلٌ أيضًا، لذلك قالوا هنا
نص الصرفيين بهذه العبارة: أن يكون باب الْمُفَاعَلَة لنسبة أصل الفعل
إلى أحد الشريكين لأنه فَاعِلٌ صراحة، وتعلقه بالآخر صريحًا فيلزم عكسه
ثانية فيتعلق بالأول على أنه فاعل وبالثاني على أنه مفعول به، وكلاهما
صريح، إذا أعربت الأول فاعل فهو فاعل صريح، وإذا أعربت الثاني مفعولاً
به فهو مفعول به صريح، لكن من جهة المعنى الأول مفعول به ضمنًا والثاني
فاعل ضمنًا، واضح تعكسها الأول فاعل صريح وهو مفعول ضمنًا، والثاني
مفعول صريح وهو فاعلٌ ضمنًا، لكن من جهة الإسناد أُسند إلى أحد
الشريكين هذا من جهة الاصطلاح لأنه لا يتعدد الفاعل اصطلاحًا وإنما
واحد فقط، بخلاف الخبر وبناء باب التَّفَاعُلِ يكون لإفادة الشَّرِكَة
تَشَارُك، ليست السابق الذي ذكرناه في المشاركة يُشارك هو مدلوله
الْمُفَاعَلَة، وهنا نقول: باب التَّفَاعُل يكون لإفادة الشركة بين
أجزاء الفاعل في أصل الفعل، تَبَاعَدَ زَيدٌ وعَمْرٌو، زَيدٌ وعَمْرٌو
هما الفاعل اشتركا في أجزاء الفعل، وهذا مراده ليس المراد أجزاء
الفاعل، الفاعل الاصطلاحي تَبَاعَدَ تَضَارَبَ زَيْدٌ وعَمْرٌو،
ضَارَبَ واضح، تَضَارَبَ زيد وعَمْرٌو، ليس عندنا كالأول فاعل ومفعول،
عندنا زيدٌ وعَمْرٌو فاعل كلاهما في المعنى فاعل اشتركا في أجزاء
التَّضارب، ففرق بين المشاركة والتشارك والاشتراك لِمَا ذكرناه، ولذا
نقص تفاعل مفعولاً عن فَاعَل، فما كان مُتَعَدِّيًّا لواحد في باب
فَاعَلَ وجيء به على وزن تَفَاعَلَ فحينئذٍ لزم الثاني ولا يَتَعَدَّى،
وإذا كان الأول مُتَعَدِّيَّا للاثنين تَعَدَّى الثاني إلى الأول، يعني
مادة واحدة مثل ضَارَبَ وتَضَارَبَ، ضَارَبَ زيدٌ عَمْرًا تَعَدَّى أو
لا؟ تَعَدَّى إلى واحد، إذا جئت ضَارَبَ زيدٌ عَمْرًا إذا جئت به على
الباب الذي معنى تَفَاعَلَ تنقصه المفعول، تحذفه فتقول: تَضَارَبَ زيدٌ
وعَمْرٌو، أين المفعول به؟ ليس له مفعول، لماذا؟ لأن باب تَفَاعَلَ
مبني على باب فَاعَلَ، فما تَعَدَّى هناك إلى واحد لزم هنا، وما تعدَّى
هناك إلى اثنين هنا تعدَّى إلى واحد، ولذا قالوا: لذا نقص تَفَاعَلَ
مفعولاً عن فَاعَلَ، [فإن كان تَفَاعَلَ (1)]
__________
(1) سبق لسان ..
فإن كان لِفَاعَلَ مفعول واحد نحو ضَارَبَ
زيدٌ عَمْرًا كانت تَفَاعَل لازمًا نحو تَضَارَبَ زيدٌ وعَمْرٌو، فاعل
واحد في المعنى اشتركا في أجزاء التضارب، وإن كان له مفعولان نحو
جَاذَبَ زيدٌ عَمْرًا الثَّوب، جَاذَبَ فعل ماضي على وزن فَاعَلَ، زيدٌ
فاعل، عَمْرًا مفعول أول، الثوب مفعول ثاني. إذا بنيت جاذب على وزن
تَفَاعَلَ تقول: تَجَاذَبَ زيدٌ وعَمْرٌو الثوب، تعدَّى إلى واحد، أين
المفعول الأول؟ صار في المعنى فاعلاً.
والخلاصة أن تَفَاعَلَ يدل على المشاركة في الفعل بين الاثنين صراحةً،
وفَاعَلَ يدل على أحدهما صراحة ويدل على أن الثاني فاعل ضِمْنًا.
هذا الفرق بين باب تَفَاعَلَ وفَاعَلَ.
النوع الثالث: وهو ما زيد فيه ثلاثة أحرف على الثلاثي، وهو أربعة
أبواب.
نقف على هذا.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
|