شرح متن البناء

عناصر الدرس
* النوع الثالث: ما زيد فيه ثلاثة أحرف على الثلاثي المجرد.
* أبوابه: اسْتَفْعَلَ ـ افْعَوْعَلَ ـ افْعَوَّلَ ـ افْعَالَّ وعلاماتها.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى: (النَّوْعُ الثَّالِثُ). لا زال الحديث في الثلاثي المزيد، الثلاثي المزيد قلنا: هذا على ثلاثة أنواع، لأنه يعني تنوع إلى ثلاثة لأنه بالاستقراء الزيادة على الثلاثي المجرد إما أن تكون بحرف أو بحرفين أو بثلاثة، ما كان بحرف هو النوع الأول، وما كان بحرفين هو النوع الثاني، وقد أخذنا ما يتعلق بهما، ثم قال: (النَّوْعُ الثَّالِثُ). وهذا ما يتعلق بزيادة ثلاثة أحرف على الثلاثي المجرد.
(النَّوْعُ الثَّالِثُ)


القسم الثالث من الأنواع الثلاثة المتشعبة عن الثلاثي المجرد لأنه بسبب الزيادة صار ثَمَّ نوعًا ثالثًا، (وَهُوَ) أي: النوع الثالث. (مَا زِيدَ فِيهِ ثَلاَثَةُ أَحْرُفٍ)، (مَا) اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل، يعني: فعل زِيدَ (فِيهِ) يعني على ماضيه، (ثَلاَثَةُ أَحْرُفٍ) وهذه الحروف الثلاثة كلها زائدة وبها صار الثلاثي المجرد سداسيًا بالمزيد، صار الثلاثي سداسيًّا بالمزيد، لأنه بالاستقراء لا يزيد الفعل على ستة أحرف، أما كونه سداسيًّا مجردًا هذا باستقراء كلام العرب لا وجود له، فإذا انتفى وجود الخماسي المجرد فمن باب أولى وأحرى انتفاء السداسي المجرد، وإنما يَرِدُ التعليل لِمَا لم يوجد في الفعل خماسي مجرد كما وجد في الاسم وقد سبق ذكر التعليل، (ثَلاَثَةُ أَحْرُفٍ) بسبب هذه الثلاثة الأحرف سُمِّيَ الثلاثي المجرد سداسيًا على الثلاثي المجرد، لا بد من زيادة كلمة المجرد يعني ما تجرد ماضيه عن الزائد، (وَهُوَ) أي: النوع الثالث (أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ) باستقراء كلام العرب يعني لا يوجد سداسي إلا وهو من هذه الأبواب الأربعة، لا يخرج عنها أبدًا، يعني يقصد به المشهور، ما اشتهر عن ألسنة العرب، وأما ما هو شاذ أو قليل أو نادر هذا قد يوجد قليل، لذلك ذكرنا أن الملحق بالرباعي ذكر هو خمسة أو ستة أوصلها بعضهم إلى السبعين، وبعضهم إلى الثمانين، وبعضهم إلى التسعين، فيدل على ماذا هذا؟ يدل على تشعب الأوزان. حينئذٍ لو نُظِرَ إلى كل هذه الثمانين أو التسعين لم # 2.50 ضبط الصرف لو كل وزن شاذ أو قليل أو نادر جعل أصلاً ثم جُعِلَ باب له ثم جعلت له أمثلة لتشعب فن الصرف ولم يمكن ضبطه، ولذلك المشهور عند الصرفيين أن جمع التكسير لكثرت أوزانه لا يمكن ضبطها، وإنما الذي يضبط مسائل معدودة وما عداه فهو سماعي، حكموا عليه بأنه سماعي لماذا؟ لكونه لا ينضبط لكثرة الأمثلة، كذلك - فيما سبق معنا وسيأتي معنا إن شاء الله الليلة - أن الثلاثي المجرد فَعَلَ أو فَعِلَ أو فَعُلَ هل مصدره قياسي أو سماعي؟ هذا فيه خلاف ما سبب الخلاف؟ عدم الانضباط. وبعضهم جعله مقيسًا بماذا؟ قالوا: سماعي لعدم الانضباط. وبعضهم جعله مقيسًا لماذا؟ لكون الغالب والأكثر كونه جاء على وزن كذا، فَفَعَلَ المتعدِّي الأكثر جاء على وزن فَعْل كضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا، فضربًا هذا مصدر من فَعَلَ قالوا: فَعَلَ هذا لا يطرد فيه كونه على وزن فَعْل، ولكن الأكثر أنه يأتي على وزن فَعْل، منه ما جاء على الأكثر والأغلب جعله مقيسًا وما عداه فهو سماعي، ومنه قال: لا، كونه أكثر ولم يطرد في كل وزن هذا لا يمكن أن نجعله قياسًا، وإنما نجعل الباب كله سماعي، هذا سبب الخلاف بين الصرفيين في الثلاثي المجرد هل مصدره قياسي أو سماعي.


إذًا وهو أربعة أنواع أو أربعة أبواب الذي هو النوع الثالث بالاستقراء ونقول: المراد بالاستقراء هنا ليس نفي ما عدا هذه الأربعة وإنما استقراء كلام العرب فيما اشتهر على ألسنة العرب فوجدوا أنها هذه الأربعة، ولا يلزم منه نفي أنه لا يوجد من السداسي إلا على هذه الأربعة ويقال مثل ما قيل في هذا النوع كذلك في النوع الثاني والنوع الثالث بل يكاد يكون مطرد في أبواب التصريف كلها، وهو أربعة أبواب بالاستقراء.
أربعة أبواب: باب الاسْتِفْعَال، وباب الإفْعِيعَال، وباب الإفْعِوَّال، وباب الإفْعِيلال. هذه الأربعة تنسب إلى المصادر وما عداها فهو ليس مشهورًا.
(البَابُ الأَوَّلُ) أي: النوع من هذا النوع الثالث وهو السداسي للزيادة (اسْتَفْعَلَ) هذا ماضي (اسْتَفْعَلَ)، مضارعه (يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) سبق من وزن الاثنين تعرف ما الزائد وما الأصلي، لأنه تقرر أن الميزان الصرفي يكون في مقابلة الحرف الأصلي الأول الفاء والثاني العين والثالث اللام، خَرَجَ على وزن فَعَلَ فالخاء هي فاء الكلمة، والراء هي عين الكلمة، والجيم هي لام الكلمة، حينئذٍ إذا وجدت الفاء والعين واللام في وزن فتحكم بأن ما يأتي في موضع هذه الفاء أو يأتي في موضع هذه العين أو اللام فتحكم ... بأنه أصلي [أحسنت]، فَاسْتَفْعَلَ نزلت الهمزة كما هي في الوزن؛ لأن هذا ميزان صرفي، والسين نزلت كما هي نطقت بلفظها ((وزائد بلفظه))، والتاء كذلك نزلت بنفسها، إذًا الهمزة همزة وصل، والسين، والتاء في هذا الوزن الذي هو اسْتَفْعَلَ تحكم بأنها زائدة من نفس الوزن، ما الدليل؟ أنها نُطِقَ بلفظها، وما كان أصليًّا لا ينطق بلفظه وإنما ينطق بالفاء أو العين واللام، فلما قيل: (اسْتَفْعَلَ). حكمت بأن الأول والثاني والثالث زوائد، وما يقابل الفاء والعين واللام أصول، فلو قيل: اسْتَغْفَرَ على وزن اسْتَفْعَلَ حكمت بأن اسْتَغْفَرَ الغين والفاء والراء أصول وبأن الهمزة والسين والتاء زوائد من أين أخذت هذا؟ من الميزان الصرفي نفسه، فحينئذٍ يطرد في كل الأبواب السابقة تستطيع أن تأخذ الحرف انْفَعَلَ تأخذ الحرف الزائد بأنه الهمزة والنون، أَفْعَلَ تأخذ بأن الحرف الزائد هو همزة القطع .. وهلم جرا.
(اسْتَفْعَلَ) إذًا بزيادة الألف الهمزة والسين والتاء على الثلاثي المجرد فَعَلَ وغَفَرَ صار بها سداسيًّا كان ثلاثيًّا فصار سداسيًّا، كان ثلاثيًّا مجردًا عن الزيادة فلما زيدت عليه الألف والسين والتاء صار العدد كم؟ ستة، فحينئذٍ سمي سُداسيًّا نسبة إلى عدد الحروف الزوائد والأصول معًا، فلا يفرق بينهما. (يَسْتَفْعِلُ) بفتح الياء حرف المضارعة لماذا؟ لأنه سداسي وأحرف المضارعة لأن ماضيه سداسي وأحرف المضارعة حكمها أنها إذا زيدت على ماضي سداسي حكمها الفتح وكذلك الثلاثي وكذلك الخماسي، والرباعي؟ لا، الرباعي تضم.
وَضُمَّهَا مِنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مثل يُجِيبُ مَنْ أَجَابَ الدَّاعِي
وَمَا سِوَاهُ فَهِيَ مِنْهُ يُفْتَتَحْ ... وَلا تُبَلْ أَخَفَّ وَزْنًا أَمْ رَجَحْ


مِثَالُهُ يَذْهَبُ زَيْدٌ وَيَجِي ... وَيَسْتَجِيشُ تَارَةً وَيَلْتَجِي (1)

إذًا الثلاثي والخماسي والسداسي حرف المضارعة يكون مفتوحًا، والرباعي يكون مضمومًا، (يَسْتَفْعِلُ) هذا المضارع، (اسْتِفْعَالاً) قلنا: المصدر يكون من السداسي بكسر ثالثه وزيادة مدة قبل آخره هذا في باب كل ماضي ابْتُدِئَ بهمزة الوصل فالمصدر منه بكسر ثالثه وزيادة مدةً حرف ألف قبل آخره، انْطَلَقَ هذا بُدِئَ بهمزة الوصل تقول: انْطِ بكسر الطاء لأنها الثالث انْطِلاقًا، زدت قبل القاف ألفًا أليس كذلك؟ (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ) اسْتِ بكسر التاء (اسْتِخْرَاجًا) زدت قبل الجيم ألفًا هنا قال: (اسْتِفْعَالاً). ماذا صنع؟ الهمزة والسين والتاء كما هي في المصدر وإنما لما كانت التاء مفتوحة في الماضي (اسْتَفْعَلَ) كُسِرَتْ في المصدر فقيل: (اسْتِفْعَالاً). زيدت المدة قبل ماذا؟ قبل اللام التي هي بين العين واللام، وهذا (اسْتِفْعَالاً) (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا) لذا قال: (مَوْزُونُهُ). يعني: ما يوزن به هذا الوزن أو الباب الأول من النوع الثالث (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا) هذا تطبيق للوزن، (اسْتَخْرَجَ) زيدت الهمزة والسين والتاء وأصله خَرَجَ على وزن فَعَلَ ثلاثي مجرد، خَرَجَ من ثلاثة أحرف وكلها أصول بدليل أنها فِعْل وأقل الفعل ثلاثة أحرف، وبدليل أنه يقابل الخاء بالفاء، والراء بالعين، والجيم باللام فقيل: خَرَجَ. على وزن فَعَلَ فدل على أن (اسْتَخْرَجَ) الهمزة والسين والتاء زوائد (يَسْتَخْرِجُ) هذا المضارع (اسْتِ) بكسر التاء (اسْتِخْرَاجًا) قبل الجيم زيدت الألف.
لماذا ينصب اسْتِفْعَالاً واسْتِخْرَاجًا؟ (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ) لماذا لا يقال: اسْتِفْعَالٌ أو (اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجٌ) إعرابه على ماذا؟ مفعول مطلق [نعم أحسنت] على أنه مفعول مطلق، لماذا؟ (اسْتَفْعَلَ)، ... (اسْتِفْعَالاً) ضَرَبَ زَيْدٌ ضَرْبًا، ضَرْبًا هذا مفعول مطلق (اسْتَخْرَجَ اسْتِخْرَاجًا) هذا مفعول مطلق، إذًا لا يرفع لكن لو رفع لأن المقام هنا ليس مقام معنى وإنما المقام هنا مقام إيضاح للفظ فلو قيل: (اسْتَخْرَجَ) - وهذا من عندي - لو قيل اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجٌ وهو أي المصدر على أنه [ ... # 12.37 المحذوف] في ظني أنه جائز ولا يجب اللفظ، لأنه ليس كـ ضَرَبْتُ زَيْدًا ضَرْبًا يجب اللفظ لأن المراد المعنى وهنا ليس المراد المعنى، وإنما تضطرب أبواب النحو كلها بحركاتها وحروفها وإعرابها وبنائها إذا أريد بها المعنى، وإذا أريد بها اللفظ صارت مجردةً عن المعنى وإذا صارت مجردة عن المعنى حينئذٍ لا يلزم تطبيق القواعد النحوية عليها، لأن النحو إنما ينطبق على أي شيء الذي هو الإعراب والبناء؟ على المعاني مع الألفاظ ولذلك أجمعوا على أنه ماذا؟ أن الكلمة لا توصف بكونها معربة حقيقةً أو مبنيةً حقيقة إلا بعد التركيب وأما قبل التركيب فهذا فيه نزاع.
__________
(1) ملحة الإعراب الأبيات 38: 40 ص 27 طبعة دار الأمل - الأردن.


(مَوْزُونُهُ اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا) إذًا عرفنا أن المصدر هنا ... (اسْتِفْعَالاً) والباب هو (اسْتَفْعَلَ) ونقول: هذا البناء (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) مشترك كما سيذكره المصنف بين اللازم والْمُتَعَدِّي، يعني يكون تارة مُتَعَدِّيًا ينصب مفعولاً به، وتارة يكون لازمًا يرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً به، والتَّعَدِّي فيه أكثر من اللزوم، (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) نقول: (اسْتِفْعَالاً) هذا المصدر إذا كان صحيحًا على هذا الوزن، وأما إذا كان معتل العين الأجوف هذا يطرأ عليه نوع تغيير كما قيل في أَفْعَلَ يُفْعِلُ إِفْعَالاً، أَقَامَ يُقْوِمُ إِقْوَامًا مثله (اسْتَفْعَلَ) لو كانت العين معتلة حرف علة فحينئذٍ يطرأ على هذا الباب ما طرأ على باب الإِفْعَال، فحينئذٍ نقول ماذا؟ (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) اسْتِفْعَالاً إذا كان معتل العين فيطرأ عليه ما طرأ على باب الإِفْعَال من كون العين محركة تنقل إلى ما قبلها حركتها يعني وما قبلها في الأصل ساكن، فحينئذٍ نقول: تحرك الحرف بالنظر إلى السابق وفُتِحَ ما قبله بالنظر إلى الآن فقلبت العين ألفًا (اسْتَفْعَلَ) (اسْتَخْرَجَ) هذا الصحيح (يَسْتَخْرِجُ) أيضًا هذا من الصحيح (اسْتِخْرَاجًا) هذا من الصحيح وليس فيه ثَمَّ إعلال، لكن لو قيل: اسْتَفْعَلَ، اسْتَقْوَمَ يَسْتَقْوِمُ اسْتِقْوَامًا اسْتَفْعَلَ، اسْتَقْوَمَ نحن لا نقول: اسْتَقْوَمَ.


اسْتَقْوَمَ هذا هو الأصل ونحن نقول: اسْتَقَام، طيب لما نقول: اسْتَقَامَ العرب لم تنطق بـ اسْتَقْوَمَ على المشهور عند الصرفيين وإن جوز بعضهم كالشارح الأساس جوز أنه في هذا الباب يُنطق بالوجهين لكن المشهور هو اسْتَقَامَ ولا ينطق بـ اسْتَقْوَمَ هذا المشهور، وجوز الشارح تبعًا لغيره اسْتَقْوَمَ واسْتَقَامَ يجوز فيه الوجهان لكن اسْتَقْوَمَ لا إشكال فيه اسْتَقْوَ حينئذٍ نقول تحركت الواو لأنه يرد السؤال لماذا نطق بنفسه اسْتَقْوَمَ؟ نقول: هنا تحركت الواو وسكن ما قبلها فلم توجد علة القلب حينئذٍ بقي الحرف على هيئته اسْتَقْوَمَ لا إشكال فيه لأن العلة التي هي موجبة لقلب الواو ألفًا مركبة من شيئين لا بد من وجودهما تقديرًا أو حقيقةً فـ اسْتَقْوَمَ اسْتَقْ القاف هذه ساكنة والواو مفتوحة ومتى تقلب الواو ألفًا؟ إذا تحركت الواو وانفتح ما قبلها وهنا لم ينفتح ما قبلها إذًا بقيت على أصلها، واسْتَقَامَ إذًا قلبت الواو ألفًا وعللنا أيهما أصل وأيهما فرع اسْتَقْوَمَ أصل، فإذا كانت أصل فحينئذٍ اسْتَقَامَ صارت فرعًا، فإذا انتفى علة قلب الواو ألفًا في الأصل كيف قلبت الواو ألفًا في الفرع؟ فورد إشكال عند الصرفيين حينئذٍ لا بد من التماس حكمة قد يقبلها العقل قد لا يقبلها، قد يضحك منها البعض، قد يستأنس منها البعض يختلف الناس فيها، فحينئذٍ قالوا: إما أن نقول: الأصل اسْتَقْوَمَ اسْتَقْوَ نقلت حركة الواو إلى القاف فصار عندنا نظران نظر أولي، ونظر ثانوي، اسْتَقْوَ هذا الأصل تحركت الواو، هذا في الأصل تحركت الواو اسْتَقْوَ ثم لما نقلنا الحركة حركة الواو إلى ما قبلها، قلنا: تحركت باعتبار الأصل قبل النقل وفتح ما قبلها الآن فقلبت الواو ألفًا. قبلته أو لا، لا بد من التعليل أو كما يقول شيخي الأستاذ حسن يقول: الأولى أن نقول اكتفاءً بجزء العلة. بدلاً من التكلف نقول: ما دام أن العرب قلبت الواو ألفًا فحينئذٍ اكتفت بهذا الموضع بماذا؟ بجزء العلة وهو تحرك الواو فقط. لكن هذا لا يطرد في كل واو يعني: الاكتفاء بجزء العلة هذا توجد الأصول تنقل لغة العرب ثم بعد ذلك نطلب الحكمة في مثل هذا لا إشكال، لكن لو وُلِّدَتْ بعض الكلمات أو المسائل أو في باب التمارين لا يصلح الاكتفاء بجزء العلة.


إذًا اسْتَفْعَلَ اسْتَقْوَمَ صار اسْتَقَامَ أليس كذلك؟ اسْتَقَامَ قلبت الواو ألفًا، المصدر منه اسْتِقْوَامًا زيدت الألف قبل آخره كُسر الثالث اسْتِ كسرت التاء وزيدت الألف المدة قبل لامه فقيل: اسْتِقْوَامًا. تحركت الواو العرب ما قالت: اسْتِقْوَامًا. لم تنطق بهذا وإنما قالت: اسْتِقَامَةً بالتاء وألف واحدة فحينئذٍ لا بد من التخريج، نخرجها على ما خرجنا به باب الإفعال فنقول: اسْتِقْوَامًا. نُقْلَتْ تحركت الواو ثم نقلت حركة الواو إلى ما قبلها، إذًا عندنا نظران تحركت الواو باعتبار الأصل اسْتِقْوَا ثم نقلت حركة الواو إلى ما قبلها فصار بالنظرين كلمتين تقول: تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا يعني ستجعل لك نظرين هكذا، اسْتِقْوَا تحركت الواو ثم بعد النقل تنقل حركت الواو إلى القاف فتقول: تحرك ما قبلها وقلبت الواو ألفًا فاجتمع عندنا ألفان: الألف المنقلبة عن الواو وهي عين الكلمة، والألف التي جيء بها إلى المصدرية. لا بد من حذف إحداهما لماذا؟ لأنه التقى ساكنان، وإذا التقى ساكنان الأصل تحريك ما؟ الساكن الأول وهنا يمتنع تحريك الألف، فحينئذٍ نلجأ إلى الطريقة الثانية وهي حذف الساكن الأول لكن بشرط أن يكون حرف لين وأن يكون ما قبله دليل عليه يعني بعد حذفه. فحذفت إحدى الألفين وعُوِّضَ عنها تاء التأنيث فقيل: اسْتِقَا. هذه ألف واحدة اسْتِقَامَةً التاء هذه المنونة التاء هذه تاء التأنيث بدل عن الألف المحذوفة وهي المرجحة لمذهب من يرى أن المحذوف الألف هي المنقلبة عن الواو وليست الألف المصدرية لماذا؟ لأن الألف الأولى المنقلبة عن العين حرف مبنى، والألف التي جيء بها للمصدرية للدلالة على أن الكلمة مصدر هذه حرف معنى كلام وفي وعن، وإذا دار الأمر بين حذف حرف المبنى وحرف المعنى فالأولى القول بحذف حرف المبنى وليس المعنى، هذا أولاً في ترجيح أن المحذوف هو حرف المبنى وهو العين أو الألف المنقلبة عن عين الكلمة.


الدليل الثاني: أن المحذوف هو الألف المنقلبة عن الواو التعويض بالتاء لأنه من المعلوم أن العرب إذا حذفت أصلاً عَوَّضَتْ عنه حرفًا وهو من أدلة الكوفيين في القول بأن اسم مأخوذ من السمة لأنه أصل من وَسِمَ لكن مردود بأوجه أخرى لكن الذي هو أظهر وأوضح عِدَةٌ أصله من الوعد حذفت الواو التي فاء الكلمة وعُوِّضَ عنها تاء التأنيث، على مذهب البصريين وهو أصح لَمَّا حذفت سِمْو#22.56 حذف الواو وهو لام الكلمة لم يعوض عنها شيء لماذا؟ لأن قاعدة العرب أنه إذا حُذف ما حُذف اعتباطًا هذا يجعل نَسْيًا مَنْسِيًّا ولا يُلتفت إليه ولا يُجعل في حكم المقدر أبدًا وإنما الذي يحذف لعلة تصريفية هذا يقال فيه ((الْمُقَدَّر كالثابت)) الحرف المحذوف لعلة تصريفية كالثابت حينئذٍ لا بد من التعويض عنه، فالتاء هذه دليل على أن الألف المحذوفة هي المنقلبة عن الواو يعني الألف الأولى. فاسْتِقَامَ وجهه اسْتِفَالَة هذا هو الصواب إذًا قوله: (اسْتِفْعَالاً). نقول: هذا مصدر الصحيح وأما مصدر معتل العين فحينئذٍ يجري فيه ما جرى في باب الإِفْعَال ويقال فيه اسْتِقَامَة اسْتِفَالَة (مَوْزُونُهُ اسْتَخْرَجَ يَسْتَخْرِجُ اسْتِخْرَاجًا. وَعَلاَمَتُهُ) أي: دليله الذي يدل على أن الكلمة من هذا الباب أن يكون ماضيه (أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) يعني معدود بأحرف ستة، ثلاثة أصلية وهي الثلاثي المجرد، وثلاثة زوائد أو زائدات (عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) كيف صارت ستةً قال: (بِزِيَادَةِ). باء هذه باء السببية يعني بسبب زيادة صار ستةً ونحن نقول هذا الكلام في الثلاثي المجرد كيف صارت ستة أحرف (بِزِيَادَةِ) يعني بسبب زيادة (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ) همزة وصل (وَالسِّيْنِ) التي تلي همزة الوصل (وَالتَّاءِ) على التوالي رتبها لك لأن الألف تكون سابقة، ثم السين، ثم التاء ولا يجوز تقديم وتأخير لماذا؟ هل يجوز التقديم والتأخير، نقدم السين على الألف ما دام أن الزائد ثلاثة أحرف الهمزة والسين والتاء إذًا نقدم ونؤخر يجوز أو لا يجوز؟ لا يجوز ما الدليل؟
..
عدم الوقوع، لأن اللغة توقيفية ومبناها على النقل، أما العقل ليس له مجال إلا بالاستنباط نستنبط كما قلنا قلبت ألف تحركت ... إلى آخره هذا باستنباط العقل أما في التأصيل والحكم على الكلمة بتقديم حرف على حرف ابتداءً دون تعليل أو التماس حكمة فهذا موقوف على العرب أنفسهم.
وعرفت بالنقل لا بالعقل فقط بل استباطه بالنقل
واللغة الرب لها قد وضعا ... وعزوها للاصطلاح سُمعا (1)
__________
(1) مراقي السعود البيت 167.


إذًا الصواب أن اللغة توقيفية وعليه لا يجوز أن نقول: (اسْتَفْعَلَ). ساتفعل مثلاً ونقصد به التقديم والتأخير هنا، (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ وَالسِّيْنِ وَالتَّاءِ فِي أَوَّلِهِ) يعني في محل قريب من أوله، وقد تحذف التاء سماعًا في بعض المواضع نحو: اسْطَاعَ. أصلها اسْتِطَاعَ حذفت التاء للتخفيف فقيل: اسْطَاعَ يَسْطِيعُ أصلها اسْتِطَاعَ حذفت التاء للتخفيف، هذه إذا كانت الهمزة مكسورة وأما إذا فتحت اسْطَاعَ فحينئذٍ صار من باب الإفْعَالَ، اسْطَاع وصارت السين زائدة لأن أصله أَطَاعَ وقيل: أَطَاعَ بفتح الهمزة فحينئذٍ يكون من باب أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا، وقد زيدت السين على غير قياس يعني: يوقف على السماع. إذًا نقول: قوله: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ وَالسِّيْنِ وَالتَّاءِ). أن التاء قد تحذف في بعض المواضع من باب التخفيف مثاله: اسْطَاعَ. أين التاء؟ حذفت لما حذفت؟ للتخفيف نقول: هذا إذا كان بكسر الهمزة اسْطَاعَ أما أَسْطَاعَ فحينئذٍ نقول: هذا من باب أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا من باب الإِفْعَال، وحينئذٍ تكون هذه السين أصلها طاع والسين زيدت على غير قياس (وَبِنَاؤُهُ) أي بناء هذا الباب (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)، (اسْتَخْرَجَ) قيل: هذا نُزِّلَ منزلة أَخْرَجَ، وَأَخْرَجَ هذا مُتَعَدِّي وأصله خَرَجَ وهو لازم، فلما زيدت الهمزة أَخْرَجَ صار اللازم مُتَعَدِّيًا، مثله: (اسْتَخْرَجَ). إذًا صار ماذا؟ صار للتعدية، اسْتَيْقَنَ قالوا: هذا بمنزلة أَيْقَنَ. وَأَيْقَنَ هذا متعدي إلى واحد، ... (وَبِنَاؤُهُ) أي هذا الباب (اسْتَفْعَلَ) (لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ لاَزِمًا)، (قَدْ) هذا احتراز من قوله: (غَالِبًا). وهذا تصريح بما علم من مفهوم السابق لأن قوله: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا). يعني في الأكثر. إذًا في غير الأكثر يكون ماذا؟ يكون لازمًا، لأن القسمة ثنائية إذا أثبتت التعدية في الأكثر لزم من ذلك من جهة المفهوم أن اللازم يكون كذلك لكنه على جهة القلة، وصرح بذلك فقال: (وَقَدْ يَكُونُ). أي باب اسْتَفْعَلَ (لاَزِمًا) فيرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً به (مِثَالُ المُتَعَدِّي) المثال كما سبق معنا مرارًا جزئي يذكر لإيضاح القاعدة، والشامل جزئي يذكر لإثبات القاعدة فرق بينهما، (مِثَالُ المُتَعَدِّي نَحْوُ: اسْتَخْرَجَ زَيْدٌ المَالَ)، (اسْتَخْرَجَ) على وزن (اسْتِفْعَالاً) وهنا نصب مفعولاً به فدل على ماذا؟ على أن باب الاستفعال قد ينصب مفعولاً به (اسْتَخْرَجَ) فعل ماضي مبني على الفتح لا محل له من الإعراب فـ (زَيْدٌ) فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهره على آخره و (المَالَ) منصوب، والعامل فيه (اسْتَخْرَجَ). إذًا اسْتَخْرَجَ رفع ونصب لأنه بمعنى أَخْرَجَ، أصله خَرَجَ وهو لازم فلما دخلت عليه الهمزة همزة التعدية عداه إلى مفعول واحد، كذلك (اسْتَخْرَجَ) بمعنى أَخْرَجَ، وَاسْتَيْقَنَ بمعنى أَيْقَنَ .. وهلم جرا.


(وَمِثَالُ الَّلازِمِ) الذي يرفع فاعلاً ولا ينصب مفعولاً (نَحْوُ: اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) (اسْتَحْجَرَ) (اسْتَفْعَلَ) الحاء والجيم والراء أصول والهمزة والسين والتاء هذه زوائد فحينئذٍ (اسْتَحْجَرَ) على وزن (اسْتَفْعَلَ)، (الطِّيْنُ) (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أين المفعول به؟ ليس عندنا مفعول به لأن المراد هنا تحول الطين إلى الحجرية (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) بمعنى تحول إلى الحجرية ويلزم منه الصيرورة لماذا؟ لأن (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) دل على التحول بالبنية والزنة والصيرورة المشهور أنها يدل عليها بالسين فقط ونحن نبحث ماذا؟ نبحث ما يدل عليه البناء أو ما يدل عليه حرف من أحرف البناء؟ نحن نبحث عن ماذا؟ عن ما دل عليه البناء بمجموع الحروف بزيادة لما صار (اسْتَخْرَجَ) خَرَجَ فلما زيدت عليه الهمزة والسين والتاء صار ماذا؟ صار ستة أحرف بمجموعه يدل على معنى، هذا الذي يبحث عنه الصرفيون في مثل هذه المعاني، وليس المراد أن السين لوحدها تدل على كذا لأنه صار من ماذا؟ صار من مبحث الحروف المعاني، صار المبحث مبحث حروف المعاني وليس المراد هو هذا في هذا المقام وإنما ما يدل عليه البنية الميزان أو الوزن أو الصيغة بمجموعها ستة أحرف ولذلك نقول: (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) في مثل هذا المقام نقول: (اسْتَحْجَرَ) يعني: تحول (الطِّيْنُ) إلى حجرٍ، ويلزم منه الصيرورة ولا مانع أن يقال أيضًا: السين تدل على الصيرورة، لا مانع أن يقال: إن السين أيضًا تدل على الصيرورة كما سيأتي في الطلب (نَحْوُ: اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي تحول الطين إلى الحجرية ويلزمه الصيرورة، (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ)، (وَقِيلَ) هذه لِمَ أتى بالقيل هنا؟ لماذا؟ للتضعيف، إذًا مجيء (اسْتَفْعَلَ) لطلب الفعل عند المصنف هنا ضعيف مع أن المشهور أن (اسْتَفْعَلَ) للطلب، لماذا ضَعَّفَهَ المصنف هنا؟ (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) بعضهم يصحح يقول: ويكثر لطلب الفعل. يقول: (وَقِيلَ) هذا فيه خطأ من النُّسَّاخ والصواب أنه ويكثر لطلب الفعل. وهذا لا بأس به أيضًا لأن الأكثر في باب (اسْتَفْعَلَ) أنه للطلب، ما المراد بطلب (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) يعني بناؤه موضوعٌ لطلب الفعل، أي لطلب فاعل من مفعوله أصل الفعل، إذا قيل: اسْتَغْفِرِ اللهَ مطلوب منك ماذا؟ إيجاد أصل الفعل وهو الاستغفار طلب المغفرة، هذا المراد بطلب فعل، هنا قال: (وَقِيلَ) لماذا مَرَّضَهُ؟ لعل وجه التمريض - كما ذكر الشراح هنا - وجه التمريض أن طلب الفعل المشهور أنه بالسين فقط يعني: مأخوذ من ماذا؟ (اسْتَفْعَلَ) اسْتَغْفِرِ اللهَ أو (أَسْتَغْفِرُ اللهَ) أطلب مغفرة الله، ما الذي دل على الطلب هنا المشهور هو السين، السِّين فقط فهل البحث هنا في - كما في ذكرناه سابقًا الآن - هل البحث في بنية الكلمة وما تدل عليه أو البحث فيما يدل عليه بعض أحرف البنية؟


الأول فحينئذٍ التمريض يكون على وزنه، لكن لا ينفي أن يكون ماذا؟ أن يكون أكثر باب اسْتَفْعَلَ للطلب ولو كان بحرف لماذا؟ لأن الكلمة لو ضعت على وزن اسْتَفْعَلَ بمجموع هذه الأحرف الستة تدل على التعدية تعدية معنى الفعل إلى المفعول به بعد ماذا؟ بعد تلبس الفاعل به، هذا معنى من المعاني يوضع له الفعل ولا بأس به، ولذلك يذكره كثيرًا المصنف فيما مضى، هذا معنى مأخوذ من ماذا؟ من بعض الحروف أو من البنية نفسها؟ من البنية نفسها، لكن الطلب هذا ليس مأخوذًا من البنية نفسها وإنما هو مأخوذ من السين وليس البحث فيه، فحينئذٍ قوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ). ليس المراد به أن باب اسْتَفْعَلَ لا يأتي للطلب، وإنما يأتي للطلب لكن بواسطة حرف من الحروف التي زيدت على أصل الفعل الثلاثي المجرد، والبحث هنا فيما وضع له البناء بنفسه بمجموع الأحرف الستة، واضح هذا؟ إذًا (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) هذا تمريض ولا بأس به يعني محق المصنف هنا أن يمرض هذا القول. لماذا؟ لأن طلب الفعل لم يفهم من الصيغة كلها (أَسْتَغْفِرُ) نقول: الطلب فُهِمَ من السين فقط وليس من البنية (أَسْتَغْفِرُ) وبحثنا في ماذا؟ في البنية وما وضعت له في لغة العرب، فَثَمَّ فرقٌ بينهما، فإذا قيل: البنية وضعت لطلب الفعل. نقول: ليس بصواب، واضح ليس بصواب، وإن كان هذا المشهور عند كثير من الصرفيون يفسرون (أَسْتَغْفِرُ) يقول: السين لطلب الفعل. لكن السين لوحدها والهمزة والتاء على أي شيء تدل؟ نقول: البنية كلها هي التي توضع لها المعنى لذلك المصنف مرض هذا القول وقيل بناؤه لطلب الفعل ولعل وجه تمريضه أن هذا البناء يكون متعديًا غالبًا ولازمًا تارةً بجميع حروفه الأصول والزوائد، لكونه يعد بمجموعها من السداسي، وأما معنى الطلب فمفهوم من السين فقط لا من مجموع البناء، هكذا ذكره الشارح، (نَحْوُ) أي مثال ما ذكر أنه لطلب الفعل (أَسْتَغْفِرُ اللهَ أَيْ: أَطْلُبُ المَغْفِرَةَ مِنَ اللهِ تَعَالَى) إذًا الطلب من أي شي فُهِمَ؟ نقول: من السين وليس من مجموع البناء مجموع الحروف الزائدة والأصلية.


وبعضهم يرى أن (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) أن ثَمَّ معارضة بين التعدية وطلب الفعل لأنه قال في الأول: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ غَالِبًا)، (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) هذا عطف على ما سبق هل بينهما تعارض؟ لو قيل: وبناؤه (لِلتَّعْدِيَةِ) وبناؤه (لِطَلَبِ الفِعْلِ) هل بينهما تعارض؟ ليس بينهما تعارض، حينئذٍ لا يصح أن يُجعل قوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ). لكونه في أصله وُضِعَ للتعدية، نقول: لأن التعدية هذا وضع عليه البناء من جهة العمل، وكونه لطلب الفعل وضع له البناء من جهة المعنى فلا تعارض، لا تعارض بينهما فليس حينئذٍ قوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ). لكون قرر أولاً قوله: (وَبِنَاؤُهُ لِلتَّعْدِيَةِ). بل مراده أنه اشتهر عند الصرفيين وكثير من النحاة أن (اسْتَفْعَلَ) للطلب وليس كذلك بل الذي دل على الطلب هو السين وليست هي البنية، (أَسْتَغْفِرُ) هذه الهمزة همزة ماذا؟ همزة قطع لأن الفعل المضارع الهمزة فيه همز قطع مطلقًا من الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي مطلقًا (أَسْتَغْفِرُ) هذا من السداسي والهمزة فيه همزة قطع، إذًا نقول: من المعاني التي يَرِدُ عليها أو لها باب (اسْتَفْعَلَ) ما ذكره المصنف بقوله: (وَقِيلَ: لِطَلَبِ الفِعْلِ) وهو المراد به في قول بعضهم أنه يأتي للطلب وهذا هو الغالب على الصيغة لكنه بواسطة السين لا من جهة البنية، نحو (أَسْتَغْفِرُ اللهَ) كما ذكره المصنف، وَاسْتَفْهَمْتُهُ يعني: طلبت الفهم. اسْتَشَرْتُهُ يعني: طلبت مشورته وهذا الطلب يكون حقيقة، وقد يكون مجازًا اسْتَخْرَجْتُ الذَّهَبَ من الأرض هنا طلب من الأرض قالوا: هذا مجاز. اسْتَوْقَدْتُ النار يعني: طلبت من النار أن تَتَقِدْ حينئذٍ قالوا: هذا مجاز.
النوع الثاني: المعنى الثاني الذي يَرِدُ له (اسْتَفْعَلَ) التحول الذي ذكرناه فيما سبق أي: أن الفاعل قد انتقل من حالته إلى الحالة التي يدل عليها الفعل (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي: تحول من الطين إلى الحجرية، ومَثَّلَ أيضًا الصرفيون بِاسْتَنْوَقَ الجمل إذا تخلق بأخلاق الناقة، اسْتَنْوَقَ على وزن اسْتَفْعَلَ اسْتَنْوَقَ الجمل أي: تخلق بأخلاق الناقة، وهذا على وجه التشبيه وقد يكون التحول حقيقةً كما ذكرناه في (اسْتَحْجَرَ الطِّيْنُ) أي: صار حجرًا أو تحول إلى الحجرية ويلزمه الصيرورة.
الثالث: المصادفة. معنى الثالث المصادفة ومعناه أن الفاعل قد وجد المفعول على معنى ما صيغ منه الفعل، اسْتَكْرَمْتُهُ أي: وجدته كريمًا. يعني: يُنسب إلى المفعول ما اشْتُقَّ منه الفعل وهو الكرم اسْتَكْرَمْتُهُ أي: وجدته كريمًا. اسْتَعْظَمْتُهُ أي: وجدته عظيمًا.
الرابع: اختصار حكاية الجمل. نحو: اسْتَرْجَعَ. إيش معنى اسْتَرْجَعَ؟ قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون. هذا اختصار مثل: هَلَّلَ، وكَبَّرَ، وسَبَّحَ.
الخامس: مطاوعة أَفْعَلَ. السابق أَكْرَمَ قد يأتي اسْتَفْعَلَ مطاوِعًا له، أَحْكَمْتُهُ فَاسْتَحْكَمَ إذًا وقع مطاوِعًا له. أَقَمْتُهُ فَاسْتَقَامَ وقد يجيء اسْتَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ وهذا على خلاف القياس لماذا على القياس؟
.. نعم ....


الأصل فيما أنه زيد على الثلاثي المجرد هذه قاعدة في الثلاثة الأنواع الأبواب السابقة كلها، الأصل فيما زيد على الثلاثي المجرد سواء زيد عليه حرف واحد فتدخل الأبواب السابقة، أو حرفان، أو ثلاثة، الأصل مغايرة المعنى في الثلاثي المزيد عن الثلاثي المجرد، هذا هو الأصل، وهذا هو القاعدة بناءً على ماذا؟ على أن زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى، فإذا جاء اسْتَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ لِمَ زيدت الألف والسين والتاء؟ إذا جاء أَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ لِمَ زيدت الهمزة صارت حشوًا، حينئذٍ نقول: إذا زيدت، زيد عليه حرف أو حرفان وجاء بمعنى فَعَلَ نقول: هذا قليل ويحكم بالسماع فقط، وقد يجيء اسْتَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ أَنِسَ وَاسْتَأْنَسَ قالوا: بمعنى واحد. أَنِسَ وَاسْتَأْنَسَ، وَهَزَأَ به وَاسْتَهْزَأَ به، هزأ به فَعَلَ واسْتَهْزَأَ به قيل هذه بمعنى واحد إذًا ما الفائدة من الزيادة؟ نقول: هذا مرجعه إلى السماع، وهذا هو الأصل من صعب عليه النحو من جهة التعليلات والصرف يأخذها سماعًا ولا يعلل، لأنه الأصل لأن التعليلات هذه يعني كما يقال عند الصرفيين والنحاة لتشحيذ الذهن فقط، يعني الذهن إذا كان مغلق الدراسات النظامية أغلقت أشياء كثيرة فتأتي هذه العلل تيسر الطريق تفتح الطريق لأن التَّفَكُّرْ والتَّفْكِير والتأمل والتدبر في دقائق المعاني هذه تجعل الذهن يتوقف مباشرة، ولذلك الذي يكثر من هذه ابتداءً في شهرين أو ثلاثة الذهن عنده يفتح كثيرًا فتسهل عليه المصائب التي يسمعها.
إذًا عرفنا المعاني التي يأتي لها باب اسْتَفْعَلَ، وباب اسْتَفْعَلَ هذا ينفرد عن النوع الثالث الأربعة الأبواب لماذا؟ لأنه كل الأبواب التي ستأتي الثاني والثالث والرابع تدل على معنى واحد، وهو: قوة المعنى وزيادته على أصله، وأما باب اسْتَفْعَلَ هو الذي انفرد بالمعاني الخمس التي ذكرناها.


الباب الثاني من الأبواب الأربعة في النوع الثالث مما زيد فيه حرفان ... (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ افْعِيْعَالاً)، (افْعَوْعَلَ) كلما صعبت الكلمة في النطق قل استعمال العرب لها، وكلما خفت الكلمة على اللسان كثر استعمال العرب لها، ولذلك الثلاثي أكثر من الرباعي بكثير في لسان العرب يعني لغة العرب، ولو فتحت المعاجم القاموس ولسان العرب ونحوها لو جدت أن أكثر ما يذكره المصنف هو الثلاثي أكثر من الرباعي لماذا؟ لأن الرباعي بزيادة حرف واحد صار ثقيلاً عن الثلاثي فقل استعماله فكيف (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ افْعِيْعَالاً)؟ (افْعَالَّ يَفْعَالُّ) نقول: هذا قليل جدًا هذا قليل. لذلك لا يستصعب الصرفي مثل هذا (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ افْعِيْعَالاً)، ... (افْعَوْعَلَ) هنا عندنا ماذا من الوزن إذا أردنا أن نأخذ الحرف الزائد همزة الوصل والواو هذه ماذا؟ نطق بها بلفظها فقيل: افْعَوْ الواو نزلت في اللفظ كما هي والهمزة همزة الوصل نزلت في الوزن كما هي، لكن بقي ماذا؟ تكرار العين، العين مكررة فدل على أن الحرف الثالث الذي زِيد على الثلاثي المجرد من جنس عينه فحينئذٍ يقابل في الوزن بماذا؟ بالعين نفسها حينئذٍ هذه ثلاثة أحرف الهمزة والواو وإحدى العينين الأولى أو الثانية ... (افْعَوْعَلَ يَفْعَوْعِلُ) يَفْعَوْ بفتح الياء لأنه من السداسي (افْعِيْعَالاً) افْعِوْعَالاً هذا الأصل سكنت الواو وانكسر ما قبلها أو كُسِرَ ما قبلها فوجب قلب الواو ياءً لأنه يرد السؤال (افْعَوْعَلَ) الواو موجودة (يَفْعَوْعِلُ) الواو موجودة وفي المصدر أين ذهبت هربت؟! نقول: قلبت هي الياء المذكورة الموجودة افْعِي وقعت افْعَوْعَ وقعت الواو بين العينين أليس كذلك؟ ثم تنظر (افْعِيْعَالاً) بين العينين ياء من أين جاءت هذه الياء؟ قلبت الواو ياءً لماذا؟ لسكونها وانكسار ما قبلها لأن القاعدة أن السداسي كالخماسي المبدوء بهمزة الوصل أنه في المصدر يكسر ثالثه، وثالثه افْعَوْ التي هي العين أليس كذلك؟ كسرت العين في المصدر وبعدها ماذا؟ بعدها واوٌ ساكنة فلزم ماذا؟ سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلب الواو ياءً، مثل مِيعَ أصلها مِوْعَ واو ساكنة قبلها ميم مكسورة فوجب قلب الواو ياء، مِوْزَان مِيزَان، نقول: مِيزَان من الوزن أيضًا أين الواو؟ نقول: أصلها مِوْ سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلبها ياءً، وهذا مما يدل على أن اللغة توقيفية ولا يمكن أن تكون بهذه القواعد اصطلاحية، هذا يعجز عنها البشر أن يطرد يكون الأصل مطردًا كل ما وجدت الواو ساكنة انكسر ما قبلها إذًا لماذا وضعتها هكذا ضعوها مباشرة ميزان ولا تقول منقلبة عن واو ولا يكون لها أصل، يجعل أصلها واوي ويائي، لكن هذا يدل على ماذا؟ على أن الراجح وهو مذهب الأكثرين أن اللغة توقيفية، (افْعِيْعَالاً) إذًا عرفنا أن هذه الياء منقلبة عن واو (مَوْزُونُهُ: اعْشَوْشَبَ يَعْشَوشِبُ اعْشِيْشَابًا)، (اعْشَوْشَبَ) ما الذي زِيد؟ أصله عَشَبَ أو عَشُبَ هذا وجدتُ خلاف فيه أهو عَشَبَ أو عَشِبَ أو عَشُبَ بعضهم يرى أنه عَشُبَ كالشارح المتن وبعضهم يضبطه عَشَبَ ووجدت مثال للعرب يقول: ولا يقال عَشَبَتِ الأَرْضُ.


وما استطعت أن أبحثها، لكن نأخذ المثال وتبحثون أنتم (مَوْزُونُهُ: اعْشَوْشَبَ) الهمزة همزة الوصل زائدة والواو والشين الثانية يعني: الواو وقعت بين عينين هنا بين عينين، العين الأولى الشين الأولى عين أصلية، والعين الثانية التي بعد الواو هذه عين زائدة وليست بأصلية وإنما هو حرف زيد من جنس عين الفعل، عَشَبَ الشين هي العين حينئذٍ لما زيدت الواو بين الشين العين وبين الباء التي هي اللام كررت العين قيل: (اعْشَوْشَبَ). إذًا ثلاثة أحرف (اعْشَوْشَبَ) وزائده ثالث ثاني المتجانسين اتفاقًا وسيأتي (يَعْشَوشِبُ اعْشِيْشَابًا) عندكم العين مفتوحة أليس كذلك؟ خطأ هذا اعْشِ بكسر الشين الأولى التي هي ثالث الفعل وقلب اعْشِوْ هذا أصلها اعْشِوْشَابًا سكنت الواو وانكسر ما قبلها فوجب قلبها ياءً (اعْشِيْشَابًا) أصلها اعْشِوْشَابًا فقلبت الواو ياء، (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وثلاثة زائدة لأن أصله ما زيد على الثلاثي المجرد (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ)، الباء هنا للسببية يعني: كيف صار ستة أحرف، (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) وبزيادة حرف (آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) ليس المراد الجنس الذي هو عند أرباب التجويد وإنما المراد من جنس عينيه يعني: من مثل عينيه نفس الحرف الشين هو عينه الشين والراء هو عينه الراء والتاء هو عينه التاء .. وهلم جرا، (مِنْ جِنْسِ عَيْنِ) يعني: من مثل عينه. أو حرف زائدًا مماثلاً لعينه (وِالوَاوِ) هذا الحرف الثالث هنا قال: (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ). ولم يبين موضعه فأبهم أليس كذلك؟ يَرِدُ السؤال (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) بَيَّنَ محل الزيادة هنا ليست متتالية كاسْتَفْعَلَ، لا، الزيادة هنا متفرقة، فحينئذٍ قال: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ). بَيَّنَ الزيادة (وَحَرْفٍ آخَرَ) يعني: بزيادة حرف آخر. (مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) وأين هذا الزيادة؟ نقول: قبل اللام قيدها قبل اللام ... (وِالوَاوِ) يعني: وبزيادة حرف وهو: الواو. (بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) وحينئذٍ الشين تكون بعد الواو التي هي مكررة من عين الفعل (اعْشَوْشَبَ) صارت الشين بعد الواو أليس كذلك؟ فحينئذٍ الواو إذا أردنا من باب التقريب الواو زيدت بين العينين صحيح؟ الواو زيدت بين العينين، لكن العينين ليست أصلية وإنما إحداهما أصلية والثانية زائدة [أو قل: تقليد].


فالشين الأولى هي الأصلية والثانية هي الزائدة، فحينئذٍ يكون التثنية ليست على حقيقتها وهذا لا بأس به أن يقال: زيدت محل زيادة الواو بين العينين والقول كما قال المصنف هنا (وِالوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) أيضًا لا حرج فيه لماذا؟ لأن مراده بالعين العين الأصلية واللام التي هي مقابلة للحرف الأخير حينئذٍ صح أن الواو زائدة بين العين واللام، كذلك (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ) قبل اللام وبعد الواو، وزيادة الواو بين العينين لك أن تعبر هكذا، وزيادة الواو بين العين واللام ولا إشكال واضح هذا؟ إذا قيل: (اعْشَوْشَبَ) اخْشَوْشَنَ، اغْدَوْدَنَ، (اعْشَوْشَبَ) على المثال الذي ذكره المصنف الهمزة زيدت في أوله ولا إشكال قال: (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ) عينه، ما هي عين فعل (اعْشَوْشَبَ) الشين، أين زيدت الشين هذه اتفاقًا أن الثانية هي المزيدة أين زيدت؟ أي جاوبوا أنتم.
..
[واحد يجيب كيف أسمع من يجيب ها يا نبيل].
بين الواو واللام [أحسنت]، ويصح أن تقول: بين الواو واللام ... (اعْشَوْشَبَ) اعْشَوْ الواو ثم شَبَ الباء التي هي اللام إذًا زيدت الحرف الثاني من جنس عين الفعل زيدت بين الواو واللام، والواو أين زِيدت؟ بين العينين هذا لا إشكال بين العينين وكونها بين العينين نقول: لا ينافي ما ذكره المصنف لأن بعض أهل العلم يغلط المصنف هنا يقول: (وِالوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) هذا خطأ ليس بصواب. نقول: لا، صواب، ولك أن تعبر بزيادة الواو بين العينين وتكون العين الأولى أصلية والثانية هي المزيدة، وأن تقول: والواو بين العين الأصلية واللام وتكون الواو قبل العين الزائدة، لا إشكال في هذا ولا في ذلك، ولا نغلط المصنف، إذًا قوله: (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَحَرْفٍ آخَرَ). يعني: بزيادة حرف آخر من جنس أي: مماثل لعين فعله أين مكان الزيادة؟ نقول: قبل اللام نزيد، أو تجعله معطوف أو ما بعده معطوفًا عليه (وَحَرْفٍ آخَرَ) (وِالوَاوِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) ولا إشكال أيضًا على هذا، (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ عَيْنِ فِعْلِهِ وِالوَاوِ) والواو هذا معطوف على قوله حرفٍ آخر، إذًا بَيَّنَ لك أنه يزاد بعد الهمزة حرفٍ من جنس عين فعله (وِالوَاوِ) ثم بين لك محل الزيادتين فقال: (بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ). ولا إشكال أيضًا في هذا الوجه الثاني، فعبارة المصنف على أي وجهٍ صحيحان ولا داعي للتغلط. (وَبِنَاؤُهُ) أي: هذا الوزن أو هذا البناء مختص (لِمُبَالغَةِ الَّلازِمِ) لمبالغة في اللازم. يعني مبالغة في الفعل اللازم، يعني للدلالة على ماذا؟ على قوة المعنى وزيادته على أصله، هذا المراد بالمبالغة أنه أكثر معنًى من المعنى السابق، ولذلك أن يكون ماذا؟ يكون هذا الباب كله لازمًا ولا يكون متعديًا (وَبِنَاؤُهُ لمُبَالغَةِ) في الفعل (الَّلازِمِ) فيكون فرعًا عن اللازم وما كان فرعًا عن اللازم فهو لازم (لأَنَّهُ) أي: الحالة والشاهد (يُقَالُ عَشُبَ الأَرْضُ) ويصح عَشُبَتِ الأَرْضُ على ما ذكره المصنف بأنه من باب فَعُلَ، عَشُبَتِ الأَرْضُ عَشُبَ الأرض يجوز الوجهان الثأنيث لازم أو جائز؟ جائز، لماذا؟


لأنه مؤنث مجازي الأرض مؤنث مجازي لا فرج لها، فحينئذٍ نقول: يجوز عَشُبَتِ الأَرْضُ وَعَشُبَ الأرض لأنه يقال في لسان العرب: عَشُبَ من العْشُبِ وهو النبات الر#57.56 ... عَشُبَتِ الأَرْضُ أو عَشُبَ الأرض (إِذَا) ماذا؟ (إِذَا نَبَتَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فِي الجُمْلَةِ) عَشُبَ الأرض عَشُبَتِ الأَرْضُ إذا نبت يعني العشب الذي هو الكلأ. (نَبَتَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) وجه هذا قيل إمَّا إنه زائد على الأرض وإما أنه وزن القول بزيادة الأسماء هذا خلاف الأصل، وإنما القياس يكون في الحروف، إما أن يكون على الأرض وتكون وجه هذا مزيد زائد وهو اسم خلاف الأصل وإما أن يكون (عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) بمعنى على ظهر الأرض أو على سطح الأرض يعني: يجوز أن يكون له معنًى مستقل ويكون (عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ) يعني: على سطح الأرض. (فِي الجُمْلَةِ) يقال في الجملة وبالجملة، في الجملة هذا يقال في القلة، وبالجملة بالباء هذا يقال في الكثرة، إذا كان الحكم #59.03 .... مثل المجموع والجميع، (فِي الجُمْلَةِ) يعني في البعض. وبالجملة يعني: في الكثير الذي يكاد أن يكون مستوفٍ من الكل مثل الجميع والمجموع عند المناطقة، (فِي الجُمْلَةِ) أي المعنى، المعنى إذا قيل في الجملة نبت النبات على الأرض نباتًا كائنًا في الجملة فيكون حاصل المعنى صار الأرض ذا نبات قليل لماذا؟ لأنه قال: (فِي الجُمْلَةِ). إذا قيل: عَشُبَتِ الأَرْضُ. بمعنى النبات قد طرأ على وجه الأرض لكنه قليل إذا كان النبات هذا كثير كيف تصنع في لغة العرب؟ تأتي به على وزن (افْعَوْعَلَ) تنقله من فَعُلَ إلى باب (افْعَوْعَلَ) فحينئذٍ تقول: اعْشَوْشَبَتِ الأَرْضُ. يعني: صار النبات فيها كثير مبالغة للأول لماذا؟ لأن الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى، فإذا كان قوله: عَشُبَتِ الأَرْضُ. دلت على أن الأرض سطح الأرض أو وجه الأرض قد طرأ عليه الكلأ فحينئذٍ إذا زيد على الفعل ثلاثة أحرف يدل على أن المعنى قد ازداد وأن المعنى قد قوي على وجه الأرض وهو النبات هنا وهو النبات، ... (وَيُقَالُ اعْشَوْشَبَ الأَرْضُ) اعْشَوْشَبَت أيضًا (إِذَا كَثُرَ نَبَاتُ وَجْهِ الأَرْضِ) (إِذَا كَثُرَ) إذًا فيه مبالغة أو لا؟ فيه مبالغة، عَشُبَتِ الأَرْضُ هذا فيه هذا لازم ولما قيل: اعْشَوْشَبَتِ الأَرْضُ هذا فيه زيادة معنى على الأول، إذًا يقال في الجملة ويستعمل في القلة وبالجملة يستعمل في الكثرة لو قال في الثاني: إذا كثر نبات وجه الأرض بالجملة. لكان جيدًا (وَيُقَالُ اعْشَوْشَبَ) الشين هذه زائدة أليس كذلك؟ حكمنا عليه بأنها زائدة وحرف الزيادة عند الصرفيين ((سألتمونيها)) أو ((اليوم تنساه)) مجموعة في هذا هل منها الشين؟ ليست منها الشين كيف حكمنا بأنها زائدة؟

نعم

التكرير وإذا كانت للتكرير.
..


[أحسنت] إذا لكانت للتكرير الحرف المزيد لأن الزيادة كما سبق إما أن تكون بأصل الوضع وهذه ليست داخلة معنا، وإما أن تكون للإلحاق أو للتكرير أو لغيرهما، إن كانت لغيرهما هي التي تكون محصورة في ((اليوم تنساه))، لا يجوز الزيادة إلا من هذه الأحرف العشرة ((اليوم تنساه))، ((سألتمونيها))، وأما ما زيد للإلحاق أو للتكرير إذا كان من جنس العين أو من جنس اللام فهذا يزاد فيه أي حرف ولا نتقيد بهذه الحرف.


(البَابُ الثَّالِثُ: افْعَوَّلَ يَفْعَوِّلُ افْعِوَّالاً) (افْعَوَّلَ) بزيادة همزة الوصل وبزيادة واوين بين العين واللام ثلاثة أحرف، وصار بها ستة سداسي مزيد، (افْعَوَّلَ) الفاء أصل، والعين أصل، واللام أصل، ما الذي زِيد؟ الواوان عندنا مدغم هذه الواو ساكنة والثانية متحركة وهمزة الوصل في أوله (يَفْعَوِّلُ افْعِوَّالاً) (يَفْعَوِّلُ) أيضًا يقال فيه بفتح حرف المضارعة (افْعِوَّالاً) هذا المصدر يكون بماذا؟ بكسر ثالثه، قاعدة عامة كل ما كان من الماضي مبدوءً بهمزة وصل فالمصدر مباشرة كسر الثالث وزده مدة قبل آخره قبل اللام، قاعدة مطردة ولذلك لما انتفى الاطراد عن الثلاثي هناك قيل بأنه سماعي، يعني الثلاثي وسيأتي أنه قياسي (افْعِوَّالاً) إذًا كسر ماذا؟ العين كسرت العين وزيدت مدةً قبل اللام فقيل افْعِوَّا هذه المدة زيدت لماذا؟ مدة المصدر، هنا يَرِدُ سؤال يقال: (افْعِوَّالاً) الواو الأولى عندنا واوان الأولى ساكنة أليس كذلك؟ الحرف المدغم في جنسه الأول ساكن والثاني متحرك، إذًا الواو الأولى ساكنة وكُسِرَ ما قبلها صحيح؟ افْعِ كسرت العين والقاعدة أنه إذا سكنت الواو وانكسر ما قبلها وجب قلبها ياءً وهنا لم تقلب ياءً، إذًا الواو الأولى هكذا قال بعضهم الواو الأولى ساكنة وكسر ما قبلها فلم تقلب ياءً على القاعدة لماذا؟ لأنها بإدغامها استعصت على القاعدة صارت قوية بأختها لأنها دخلت في الحرف المتحرك فقيل: الحرف الساكن الأول تلى ساكن، فلذلك تقوت واستعصت على القاعدة، فحينئذٍ لا نستطيع أن نطبق القاعدة لأن الحرف الذي قلنا إن الواو الأولى ساكنة وانكسر ما قبلها ليس ساكنًا بمعنى كلمة ساكن فليس السكون هنا خالص فلما أدغمت في الواو المتحركة وهي من جنسها قويت فصارت عندها قوة واستعصت على القاعدة خرجت عن القاعدة فحينئذٍ انفردت بكونها لم تقلب الواو ياءً فاستعصت على القاعدة ولأن أختها متحركة (مَوْزُونُهُ اجْلَوَّذَ يَجْلَوِّذُ اجْلِوَّاذًا) هذا أصله جَلَذَ الإبل إذا سار بسرعةً إذا سار أو نوع من السير نوع من سير الإبل، (اجْلَوَّذَ) البعير مثلاً (يَجْلَوِّذُ) على وزن (يَفْعَوِّلُ افْعِوَّالاً) وهذا الباب على صعوبة النطق به لذلك قيل لم يسمع إلا ثلاثة كلمات اجْلَوَّذَ وَاعْلَوَّطَ وَاخْرَوَّطَ، اعْلَوَّطَ الفرس إذا ركبه بغير سراج، وَاخْرَوَّطَ الطريق إذا ماذا؟ إذا طال وامتد اخْرَوَّطَ الطريق إذا طال وامتد، وَاعْلَوَّطَ البعيرَ إذًا ليس لازمًا دائمًا قد يأتي لمبالغة المتعدي مثل اعْلَوَّطَ البعيرَ وهو بعير؟ لا، اعْلَوَّطَ الفرس ركبه بغير سراج، وَاجْلَوَّذَ هذا لازم، وَاخْرَوَّطَ الطريقُ هذا لازم بعضهم يقول: لا أعرف رابعةً لهذه الكلمات، على كلٍّ لو جد فهي خمسة أو ست أو سبعة لا تصل إلى عشرة.


(وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) ثلاثة أصلية وثلاثة زائدة (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ) بيان لمحل الزيادة (وِالوِاوَيْنِ) زيدتا معًا، فأدغمت الأولى في الثانية (بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ) هذا بيان لمحل زيادة الواوين، (وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا لِمُبَالَغَةِ الَّلازِمِ) بناؤه أيضًا آضَ يَئِيضُ أَيْضًا يعني كما بُنِيَ الباب السابق وهو (افْعَوْعَلَ) لمبالغة في اللازم كذلك الباب الثالث بني لمبالغة اللازم أي لإفادة المبالغة والكثرة في أصل الفعل اللازم لأن ما يكون لمبالغة اللازم يكون لازمًا أصلاً وفرعًا كما ذكرناه سابقًا.
(وَبِنَاؤُهُ أَيْضًا) مختص (لِمُبَالَغَةِ) الفعل (الَّلازِمِ لأَنَّهُ) لأن الحال والشأن يقال في لسان العرب وفي لغة العرب (جَلَذَ الإِبِلُ) وهو نوع من السير (إِذَا سَارَ سَيْرًا بِسُرْعَةٍ) يعني فيه نوع السرعة ليست السرعة التامة وإنما نوع السرعة فإذا أسرع البعير أو الإبل قيل: (جَلَذَ الإِبِلُ). هكذا ثلاثي فإذا زاد سرعة شوي أو بلغ الغاية في السرعة يقال: اجْلَوَّذَ الْبَعِيرُ. ويقال: اجْلَوَّذَ الإِبْلُ إذا سار سيرًا بزيادة السرعة (إِذَا سَارَ) هذا يقال فيه ما قيل في السابق إذا سارت الإبل بالتأنيث سيرًا بزيادة سرعةٍ يعني: سار سيرًا سريعًا لا سرعة فوقها، إذًا يقال: (جَلَذَ الإِبِلُ). وهذا فيه دلالة على أنه سار سيرًا بسرعة ولكن في الجملة، وإذا زاد السرعة على ما سبق كيف تعبر عنه؟ تقول: اجْلَوَّذَ الإِبْلُ. يعني: بلغ المنتهى في السرعة.
(البَابُ الرَّابِعُ: افْعَالَّ يَفْعَالُّ افْعِيعَالاً) عندكم افْعِيعَالاً هكذا في النسخ افْعِيعَالاً والصواب افْعِيلالاً يعني: تجعل العين الثانية لامًا، افْعِيلالاً، ولذلك من أخذ عن الكتب يقولون: لم يفلح. يقرأ هكذا (افْعَالَّ يَفْعَالُّ افْعِيعَالاً) فيُدَرِّس هكذا (افْعِيْعَالاً) وهو خطأ افْعِيلالاً أصله (افْعَالَّ) زيدت ماذا؟ الهمزة في أوله والألف بين العين واللام وحرف من جنس لامه، ولذلك صار اللام مدغمًا هنا، لماذا أدغم اللام في الوزن؟ لأن زيادة الحرف الثالث من جنس اللام، إذًا الهمزة في أوله، والألف بين العين واللام، وتكرار اللام، يعني: زيادة حرفٍ من جنس للامه، افْعِي (يَفْعَالُّ) أيضًا يقال فيه بأنه بفتح حرف المضارعة افْعِيلالاً أين الألف التي زيدت بين العين واللام؟ هي التي قلبت ياء لأن الياء هذه من أين جاءت دائمًا في المصدر إذا جاءت واو ولم تكن في الفعل الماضي نقول: من أين جاءت هذه الواو لا بد من علة، وإذا كانت هناك [عين] واوًا في الماضي ثم صارت ياءً لا بد من السؤال، ودائمًا إذا كانت الواو في الماضي وجاءت الياء في المصدر فالواو منقلبة ياء وإذا كان العكس فحينئذٍ تكون الياء منقلبة عن واو، وهنا (افْعَالَّ) الألف وليست عندنا واو ولا ياء فكيف صارت افْعِيلالاً؟ نقول: الألف إذا كُسر أو ضم ما قبلها وجب قلب الأف بحرف من جنس الحركة التي قبلها، فإذا كسر ما قبلها وجب قلب الألف ياءً، وإذا ضم ما قبلها وجب قلب الألف واوًا، وإذا فتح ما قبلها؟
...
كيف؟
.


ماذا يحصل؟ إذا فُتِحَ ما قبل الألف نقلبها ماذا؟ ألفًا ما تُقلب شيء، لماذا؟ لأن الألف لا يناسبها ما قبلها إلا مفتوحًا فإذا كان مفتوحًا حينئذٍ وجب إبقاء الألف على ما هي عليه، وأما لو ضم أو كسر فحينئذٍ يتعذر النطق بألف قبلها كسرة أو قبلها ضمة، فوجب قلب الألف واوًا أو ياءً، فحينئذٍ هنا افْعِ قلنا على القاعدة كسر الثالث لأنه فعل ماضي مبدوء بماذا؟ بهمزة الوصل فمصدره بكسر ثالث مع زيادة ألف المد قبل لامه.


وهنا كسر افْعِ جاءت الألف لا يمكن النطق بألف قبلها كسرة فوجب قلب الألف ياءً فقيل افْعِيلالاً قلبت الألف في المصدر ياءً بعد كسر عينه حملاً على قلب الواو ياءً في مصدر (افْعَوْعَلَ) والقاعدة الأولى هي الأصح لأن الألف إذا كُسر ما قبلها تقلب من حركة جنس ما قبلها وهذا خاص بالكسر والضمة، وأما إذا كانت مفتوحة فتبقى على أصلها. (مَوْزُونُهُ احْمَارَّ يَحْمَارُّ احْمِيرَارًا) (احْمَارَّ) ما الذي زِيد هنا؟ ما الذي زيد؟ همزة الوصل والألف بين العين واللام وتكرار اللام (احْمَارَّ) أصلها احمارر، اجتمع مثلان فوجب إدغام الأول في الثاني ولو كان الأول ساكنًا لا إشكال ولو كان الأول متحركًا وجب إسقاط حركة الأولى ليتمكن من الإدغام، فهنا قيل: (احْمَارَّ) في الماضي وجب الإدغام لوجود شرطه - وسيأتي في آحر الكتاب مبحث الإدغام - (يَحْمَارُّ) أيضًا وجد شرطه وهو اجتماع مثلين وسكن أولهما سواء ابتداءً أو إسقاطًا للحركة للتمكن من الإدغام (احْمِيرَارًا) احْمِ هذه الألف التي زيدت قلبت ياءً لانكسار ما قبلها افْعِ قلنا الياء منقلبة عن [ألف المصدر] (1) عن الألف عفوًا عن الألف وهنا (احْمِيرَارًا) أين ألف المصدر؟ إيش فيكم يا إخوان؟ التي بين الراءين هي ألف المصدر والألف الأولى التي انقلبت ياءً ما نوعها؟ هي الحرف الزائد، أما نقول في الأول: (افْعَالَّ) يزاد فيه تكرار اللام والهمزة همزة الوصل والألف بين العين واللام، هل هذه الثلاث الزيادات موجودة في المصدر؟ موجودة؟ احْ الهمزة، مِي الألف بين العين واللام، رَارًا كررت اللام موجودة أو لا؟ وزيد عليه ماذا؟ ألف المصدر فصار في احْمِرَارًا كم حرف زائد؟ أربعة أحرف لماذا؟ لأن المصدر لا بد من علامة تدل عليه وجعلوا له المدة قبل اللام، إذًا ... (احْمِيرَارًا) هنا فيه أربعة زيادات الزيادات الثلاث التي في الماضي موجودة كما هي في المصدر مع قلب الألف ياءً لوجود المقتضِي وهو كسر ما قبلها، وزيدت مدة وهي ألف المصدر بين اللامين اللام الأصلية واللام الزائدة، ولذلك فُك الإدغام لماذا قيل: (احْمَارَّ يَحْمَارُّ) بالإدغام ثم قيل: ... (احْمِيرَارًا)؟ لعدم وجود المقتضِي أين المثلان اللذان اتصلا بعضهما ببعض، لَمَّا وجدت الألف، ألف المصدر فصلت بين الراءين فامتنع الإدغام امتنع الإدغام، (وَعَلاَمَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَحْرُفٍ) ستة أحرف يعني: سداسي ثلاثة أصلية وثلاثة زائدة (بِزِيَادَةِ الهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَالأَلِفِ)، (فِي أَوَّلِهِ) هذا بيان محله (وَالأَلِفِ بَيْنَ العَيْنِ وَالَّلامِ، وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ) يعني: بتكرار اللام، وعليه حدد لك الموضع وهو أن محل الزيادة هي اللام الثانية، فاحْمَارَّ الراء الثانية هي الزائدة وليست الراء الأولى لأنه قال: (فِي أَوَّلِهِ). وقال: (وَحَرْفٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ لاَمِ فِعْلِهِ فِي آخِرِهِ).
__________
(1) سبق لسان استدركه الشيخ.


فالثاني هو الزائد (وِبِنَاؤُهُ) البناء هذا البابي (افْعَالَّ) مختص (لمُبَالَغَةِ الَّلازِمِ) (لمُبَالَغَةِ) في الفعل (الَّلازِمِ) وعليه يكون الأصل لازمًا الذي جيء هذا الباب للدلالة على المبالغة ويكون الفرع كذلك لازمًا، لأن هذا الباب فرع أصله حَمِرَ زَيْدٌ، حَمِرَ هذا حَمِرَ زَيْدٌ لازم أريد المبالغة إذًا ما هو الأصل حَمِرَ ثم جاء الفرع وهو (احْمَارَّ) صار (احْمَارَّ) هذا فرع عن حَمِرَ إذا كان الأصل لازمًا فالفرع يكون لازمًا من باب أولى (وِبِنَاؤُهُ لمُبَالَغَةِ الَّلازِمِ؛ لَكِنْ) هذا استدراك لماذا؟ لأنه قد يتحد إلى هنا قد يفهم اتحاد البابين (افْعَلَّ) السابق (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا) (افْعَلَّ يَفْعَلُّ) و (افْعَالَّ يَفْعَالُّ) وقلنا: مذهب سيبويه هو أن ذاك الباب مقصور من هذا الباب وعليه فهو باب واحد، لأن احْمَر أصله (احْمَارَّ) قُصِرَ منه وهذا لا بأس به قلنا بحذف بعض الكلمة أو حرف منها فيكون فرعًا وله أصل، فعند سيبويه باب (افْعَلَّ) و (افْعَالَّ) واحد، ولكن المشهور عند الصرفيين وهم الجمهور أن ثَمَّ فرقًا بين البابين ولكن التفريق عسير، ولذلك عنون هناك باب (افْعَلَّ) وباب (افْعَالَّ) لماذا؟ لأن كلاً منهما مستقل بمعنًى يزيد عن الآخر، نظروا إلى شدة المبالغة فجعلوه بابًا مستقلاً (لَكِنْ) هذا حرف استدراك والاستدراك هو تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه وهنا قد يُتوهم ماذا؟ استواء البابين، فقال لك: (لَكِنْ).


يتوهم المتوهم أن باب (افْعَلَّ) هو عينه باب (افْعَالَّ) فقال لك: (لَكِنْ) لا، الوهم هذا لا بد من طرده لا بد من إخراجه (لَكِنْ هَذَا البَابُ) دفع التوهم بناء (هَذَا البَابُ أَبْلَغُ) باب افْعَالَّ بالمد (أَبْلَغُ مِنْ بَابِ الاِفْعِلاَلِ) الذي هو باب (احْمَرَّ يَحْمَرُّ احْمِرَارًا) هذا الباب أبلغ من ذلك الباب أي: أن هذا الباب أكثر مبالغة أبلغ هذا اسم تفضيل، إذًا هذا الباب أكثر مبالغةً من باب الإِفْعِلال لماذا؟ لأن باب الإِفْعِلال من الخماسي وهذا من السداسي، وزيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى فلذلك فصلوه عن سابقه، وسيبويه يرى أن باب (افْعَلَّ) خماسي فرعًا لا أصلاً وأصله سداسي، فلا فرق بينهما عنده، لكن هذا الباب أي: باب (افْعَالَّ) (أَبْلَغُ) يعني: أكثر مبالغةً (مِنْ بَابِ الاِفْعِلاَلِ) لأن زيادة البناء تدل على زيادة في المعنى (لأَنَّهُ يُقَالُ) في لسان العرب (حَمِرَ زَيْدٌ) من الثلاثي حَمِرَ على وزن فَعِلَ لأن ما كان من الألوان من الثلاثي يأتي على وزن فَعِلَ (لأَنَّهُ) يعني: لأن الحال والشأن الضمير ضمير الشأن (يُقَالُ) في لسان العرب (حَمِرَ زَيْدٌ) من الثلاثي (حَمِرَ) يعني: إذا كان له حمرة في الجملة يعني قليلة في الجملة عرفنا أنه يستعمل في القلة، (إِذَا كَانَ لَهُ) إذا حصل لزيد له لزيد (حُمْرَةٌ فِي الجُمْلَةِ) قليلة ... (وَيُقَالُ) في لسان العرب (احْمَرَّ زَيْدٌ) احْمَرَّ على وزن افْعَلَّ الذي هو الباب ذكر في أنواع الخماسي (إِذَا كَانَ) لزيد (حُمْرَةٌ مُبَالغَةً) أي: كثيرة بنوع كثرة لم تبلغ النهاية وإنما كثيرة باعتبار ما قبلها، (وَيُقَالُ) أيضًا في لسان العرب (احْمَارَّ) من هذا الباب سداسي (احْمَارَّ زَيْدٌ) من هذا الباب (إِذَا كَانَ لَهُ حُمْرَةٌ زِيَادَةَ مُبَالَغَةٍ) أي أكثر مبالغة من السابق، إذًا ارتفاعًا من القلة إلى الكثرة تقول: حَمِرَ زَيْدٌ احْمَرَّ زَيْدٌ احْمَارَّ زَيْدٌ، احْمَارَّ زَيْدٌ حَمِرَ زَيْدٌ على جهة التنزه لكن هذا ليس بموجب أن يجعل باب مستقلاً لأن تميز المبالغة بعضها عن بعض هذا نسبي، وإذا كان نسبيًا حينئذٍ لا نحتاج إلى وضع باب مستقل، لكن المشهور هذا أنه باب مستقل، والمشهور أنه أيضًا يكون تَفْعَلَّ كباب الإِفْعِلال يعني: يكون خاصًا بالألوان والعيوب، وإذا سُمِعَ من باب (افْعَلَّ) أو (افْعَالَّ) من غير العيوب والألوان فيجعلونه قليلاً يعني: الأصل القياس المطرد أن يكون باب (افْعَلَّ) و (افْعَالَّ) للألوان والعيوب، وإذا جاء من غير الألوان والعيوب فيجعلونه قليلاً، ولذلك يقال: اقْطَارَّ النبت أي: ولى وأخذ يجف. اقْطَارَّ النبت ويقال: ابْهَارَّ الليل. إذا اشتدت ظلمه، وَابْهَارَّ القمر إذا كثر ضوؤه، واضح هذا؟
إذًا سُمِعَتْ بعض الكلمات ليست من الألوان وهي على وزن (افْعَالَّ) كـ اقْطَارَّ وَابْهَارَّ - وابْهَارَّ هذا من ظلمة الليل # 1.23.44الليْل إذا اشتدت ظلمته وَابْهَارَّ القمر إذا كثر ضوؤه، كيف كثر ضوؤه واشتد ظلمته؟ وهذا من الألفاظ التي تُستعمل باب التضاد وإنما تميز بموصوفها.


إذًا عرفنا النوع الثالث وهو: ما زيد على أصله [حرفان] ثلاثة أحرف، وصار بها سداسيًّا، وبهذا نختم مبحث الثلاثي المجرد والمزيد، لأن المجرد المراد به ما كان على ثلاثة أحرف فقط، والمزيد ما كان أصله ثلاثيًّا مجردًا فزيد عليه إما حرف أو حرفان أو ثلاثة، وذكرنا من المسائل التي نص عليها أو نبه وأشار إليها المصنف بذكر المصادر أو ذكر مصادر المزيد مزيد ثلاثي لماذا؟ بناءً على أنه من باب القياس وأسقط مصادر الثلاثي باب فَعَلَ فَعِلَ فَعُلَ لم يذكر المصادر قال: (فَعَلَ يَفْعُلُ) كـ (نَصَرَ يَنْصُرُ) و (فَعَلَ يَفْعِلُ) كـ (ضَرَبَ يَضْرِبُ). وأسقط المصادر لماذا؟ جريًا على المشهور عند الصرفيين بأن مصادر الثلاثي سماعية وليست قياسية لماذا؟ لأنها غير مطردة عندهم شرط أن المصدر لا يخرج عنه فرد من أفراد كما هو في القاعدة ... (اسْتَفْعَلَ يَسْتَفْعِلُ اسْتِفْعَالاً) كل المصادر التي على وزن (اسْتَفْعَلَ) ماضيها (اسْتَفْعَلَ) فلا تخرج عن كسر الثالث وزيادة مدته قبل لامه، أما فَعَلَ وَفَعِلَ وَفَعُلَ هذا غير مطرد ولكن المشهور كما ذكرنا - وهو مذهب سيبويه -المشهور أنها سماعية، والمشهور عند المتأخرين وخاصة بعد ابن مالك لأنه جعلها قياسية نص عليه.
فَعْلٌ قياس مصدر المعدى.
نص عليه
فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى ... مِنْ ذِي ثَلاثَةٍ كَرَدَّ رَدّا (1)
__________
(1) الألفية البيت 440.


فذهب كثير ممن تابع ابن مالك رحمه الله وهو منسوب لسيبويه أنها قياسية، وهذا هو الأصح أنها قياسية وما خرج عن القياس يحفظ ولا يقاس عليه، وكل قاعدة لها مستثنيات فكون الأكثر في باب فَعَلَ المتعدي يأتي على فَعْل أكثر الأوزان مصادر تأتي على وزن فَعْل، فإذا خرج بعضها عن وزن فَعْل فحينئذٍ لا نحكم بكون فعل هذا ليس بقياس وإنما هو سَمَاع؟ لا، نقول: هو قياس وما عداه فهو محفوظ، والذي ينبني على هذا ذكرنا في السابق أن اللغة كلها نقلية، فحينئذٍ ما الفائدة إذا قيل هذا قياس وهذا سماعي؟ لأن مرد القياس الحقيقةً مرده إلى السماعي لأنه لا يجوز إذا سُمِعَ في لغة العرب فَعَلَ سَخِطَ سُخْطًا، سَخِطَ هذا لا يأتي على السُّخْط هل لك أن تأتي به على القياس فتقول: فَعِلَ سَخِطَ زَيْدٌ. إذًا كان فَعِلَ اللازم لا يأتي فَرِحَ فَرَحًا يأتي على وزن ماذا؟ على فَعَلٍ بتحريك الفاء والعين، إذا قيل فَعِلَ اللازم قياسه فَرَحُ طيب سَخِطَ سُخْط فحينئذٍ لا نأتي به على القياس ونقول: هذا سماعي وما جاء على قياس لا يصح إخراجه عن القياس كما أن ما خرج عن القياس لا يصح إجرائه على القياس، فحينئذٍ يصير المرجع في النوعين إلى السماع، وإنما الفائدة التي يستفيدها الطالب والناظر أنه إذا سمع فِعْلاً ثلاثيًّا ولم يقف على مصدره فيأتي به مباشرة على الوزن يأتي به يعني مثلاً ما يعرف ضَرَبَ أنه على وزن الضَّرْب لكن يعرف أن ضَرَبَ فَعَلَ متعدي وقياس مصدر فعل المتعدي على فَعْلٍ فيأتي به ولو لم يرجع إلى المراجع، فيقول وزنه أي مصدره على وزن فَعْلٍ بسكون العين وفتح الفاء، فلو ثبت أنه أخطأ فحينئذٍ يجب التصويب من كتب اللغة، فحينئذٍ صار المرجع إلى السماع، وإنما الفائدة فيما يقال في إنه قياسي الفائدة فيه أنه مباشرة يأتي به على الوزن الذي يعرفه، يعني لا يحتاج أنه كل كلمة تسمعها لا بد أن تفتح اللسان وتبحث، كل كلمة مصدر تريد أن تنطق به فتفتح اللسان والقاموس والمختار .. إلى آخره، فتنظر كيف نطق به العرب ثم تنطق نقول: هذا صعب وإنما اللغة أقيسة وأصول وقواعد عامة فحينئذٍ تأتي به على ما عرفت أنه قياسي ولو قيل إنه سماعي للزم أن كل فعل لا بد أن نقف على العرب ماذا نطقت به، لا بد أن تقف فتقول: ضرب لا بد أن تقف على اللسان فتقول: نطقت العرب بكذا. وهذا متعذر ما يمكن، مثله مثل الفعل نقول: ما كان على وزن فَعَلَ نأتي به على وزن يَفْعُلُ أو يَفْعَلُ أو يَفْعِلُ لكن لكل لها شروط، فحينئذٍ تأتي بالفعل المضارع مباشرةً دون نظر إلى سماع تلك الكلمة بعينها من لغة العرب، وإلا ما الفائدة من دراسة الصرف والقواعد والنحو ... إلى آخره، أن الفائدة أنك تقيس ما تسمعه على ما أُصِّلَ وقُعِّدَ عند النحاة وبعد ذلك إذا تبين لك أخطاء فتصحح الخطأ.


نقول: الصواب أن الثلاثي المجرد مصادره قياسية هذا هو الصواب - عشر دقائق وننتهي منها - فَفَعَلَ وهو الأصل الغالب الكثير في لغة العرب فَعَلَ وَفَعِلَ هذا يأتي بعده منزلة لثقله ثم فَعُلَ بضم العين، فَعَلَ وَفَعِلَ المتعدِّي لأن فَعَلَ يأتي متعدي ولازم والأكثر أنه يأتي متعدي، وَفَعِلَ بكسر العين يأتي لازم ويأتي متعدي إذًا المتعدي من باب فَعَلَ وفَعِلَ يأتي على وزن فَعْلٍ بفتح الفاء وإسكان العين، هذا هو القياس فيه قال ابن مالك:
فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى (1)
__________
(1) الألفية البيت 440.


الْمُعدَّى أطلق هناك المعدَّى هذا عام يشمل ما كان من باب فَعَلَ وما كان من باب فَعِلَ ولا يدخل فَعُلَ لأنه لا يكون متعديًا، إذًا لا يكون متعديًا وإنما يكون لازمًا دائمًا، إذًا فَعَلَ وفَعِلَ المتعدي يكون مصدره على وزن فَعْلٍ ضَرَبَ ضَرْبًا وَرَدَّ رَدًّا وَفَهِمَ فَهْمًا وَأَمِنَ أَمْنًا، إذًا أَمِنَ على وزن فَعِلَ أَمِنَ زَيْدٌ الْعَدُوَّ إذًا هو متعدي وهو على وزن فَعِلَ تأتي به على وزن أَمْنٍ فَعْلٍ وسواء كان معتل الفاء كـ وَعِدَ وَعْدًا أو أجوف كـ بَاعَ بَيْعًا وَقَالَ قَوْلاً، أو كان ناقصًا كـ غَزَى غَزْوًا وَرَمَى رَمْيًا مطلقًا يأتي على وزن فَعْلٍ يعني: ليس خاصًا بالصحيح، بل يشمل المثال الواوي ويشمل الأجوف الواوي واليائي بَاعَ بَيْعًا وَقَالَ قَوْلاً، ويشمل الناقص سواء كان واوًا كـ غَزَى غَزْوًا واليائي رَمَى رَمْيًا، هذا المتعدي، بقي فَعِلَ وَفَعَلَ اللازم، فَعِلَ اللازم وفَعَلَ اللازم، لأن كل منهما قسمان من حيث التعدي واللزوم، باب فَعِلَ اللازم يأتي أو قياس مصدره على فَعَلٍ بفتح الفاء والعين، فَرِحَ زَيْدٌ تقول في المصدر فَرَحًا بفتح الراء، كانت مكسورة فَرِحَ زَيْدٌ هذا فعل المصدر فَرِحَ زَيْدٌ فَرْحًا هذا مصدر وهو مفعول مطلق وَجَوِيَ جَوًا وَشَلَّتْ يَدُهُ شَلَلاً شَلَّتْ يَدُهُ، هناك لحن مشهور يقال شُلَّتْ يَدُهُ وهذا خطأ شُلَّتْ يَدُهُ خطأ وإنما يقال شَلَّتْ يَدُهُ شَلَلاً، هذا فَعِلَ إذًا فَعِلَ اللازم يأتي على وزن ماذا؟ على وزن فَعَلٍ فَرِحَ فَرَحًا، وفَعِلَ المتعدي يأتي على وزن فَعْلٍ، فَعَلَ المتعدي يأتي على وزن فَعْلٍ، فَعَلَ اللازم يأتي على وزن فُعُول قَعَدَ زَيْدٌ هذا على وزن ماذا؟ فَعَلَ وهو لازم وليس بمتعدي فيأتي حينئذٍ قياسه المطرد فُعُول، جَلَسَ زَيْدٌ نقول: هذا على وزن فَعَلَ وهو لازم. جُلُوس على وزن فُعُول وَقَعَدَ زَيْدٌ على وزن فَعَلَ وهو لازم تقول: قُعُود على وزن فُعُول. هذا قياس مطرد ما لم يدل على ما أحد المعاني التي ستذكر، يعني: يستثنى من قاعدة فَعَلَ اللازم أنه يأتي على وزن فُعُول يُستثنى منه أن يكون مصدره على وزن فِعَال أو فَعْلال أو فُعَال يستثنى منه أن يأتي مصدره لا على فُعُول وإنما يأتي على فِعَال ويأتي على فَعْلال أو فُعَال متى يأتي على وزن فِعَال، إذا دل على امتناع أَبَى إِبَاءً على وزن فِعَال لماذا جاء على هذا الوزن وخرج عن الأصل؟ لأنه دال على امتناع أَبَى إِبَاءً، وَنَفَرَ نِفَارًا على وزن فِعَال، ويأتي على وزن فَعْلال إذا دل على تقلبٍ غَلايَان طَافَ طَوفَانًا، طَافَ أصله طَوَفَ وهو لازم فحينئذٍ الأصل أن يأتي على وزن فُعُول لكن لم يرد على وزن فُعُول وإنما جاء على وزن فَعْلال طَافَ طَوَفَانًا وَجَالَ جَوَلانًا، نقول: هذا لكون دالاً على تقلبٍ. وما يأتي على وزن فُعَال كل فعل دل على داع أو صوت، سَعَلَ سُعَال تقول: سُعَال. سُعَال هذا على وزن فُعَال والأصل أنه جاء مصدرًا لِسَعَلَ وَسَعَلَ هذا على وزن فَعَلَ وهو لازم والأصل في باب فَعَلَ اللازم أن يأتي على فُعُول كيف خرج؟ تقول: لكونه دالاً على الداء.


ومَشَى بطنه مُشَاءً، مُشاءً على وزن ماذا؟ على وزن فُعَال، وكذلك ما دل على صوت يأتي على وزن فُعَال نَعَقَ نُعَاقًا وَنَعَبَ الْغُرَابُ نُعابًا وَأَذَّتِ الْقِدْرُ أُذَاذًا أَذِيذًا وَأُذَاذًا فُعَالاً، ويأتي الفعيل دالاً على الصوت نحو: نَعَبَ نَعِيبًا، وَأَذَّت أَذِيذًا، وَصَهَلَتِ الْخَيْلُ صَهِيلاً. ويدل على السير أيضًا زَمَلَ زَمِيلاً وَرَحِلَ رَحِيلاً.
إذًا نقول: القاعدة في باب فعل اللازم أنه يأتي على وزن فُعُول إلا إذا دل على داءٍ أو صوت أو تقلب فحينئذٍ يأتي على فُعَال أو فَعَلال أو فِيعَال، حينئذٍ هذه ثلاثة الأوزان لا بد أن تكون دالت على معاني معينة، وأما باب فَعُلَ فيكون مصدره المقيس على فُعُولَةٍ أَوْ فَعَالاً، فُعُولة بضم الفاء والعين أو فَعَالَة سَهُلَ الأَمْرُ سُهُولَةً على وزن فُعُولَةً، سَهُلَ عن باب فُعُلَ سَهُلَ الأَمْرُ سُهُولَةً وَصَعُبَ الأَمْرُ صُعُوبَةً وَعَذُبَ الأَمْرُ عُذُوبَةً، وعَذُبَ الشَّايُ عُذُوبَةً، جَزُلَ جَزَالةً على وزن فَعَالَ، فَصُحَ زَيْدٌ فَصَاحَةً، ضَخُمَ الأَمْرُ ضَخَامَةً وما عدا ذلك فهو سماعي، كل ما لم يذكر في هذه الأوزان المذكورة السابقة فهو سماعي ليس بمقيس، سَخِطَ سُخْطًا وَرَضِيَ رِضًا وَذَهَبَ ذَهَبَ زَيْدٌ الأصل يأتي على وزن فُعُول لكن لو ما سمع سُمع ذَهَابًا حينئذٍ قُوعَدًا نقول: هذا مصدر مقيس، وذَهَابًا هذا مصدر سماعي، وَشَكَرَ شُكْرًا شُكْر فُعْل هذا ليس من الأوزان السابقة فحينئذٍ يكون ماذا؟ يكون سماعيًا، وَعَظُمَ عَظَمَةً ليس عندنا عَظَمَ ليس من المقيس لأنه إما من باب فَعْلٍ أو فَعَلٍ أو فُعُولة أو فَعَالَة أو فِعَال أو فَعْلَلال أو فُعَال هذه كلها مقيسة وما عداه فهو سماعي.
وبهذا نكون ختمنا كلام المصنف على الثلاثي، ونشرع إن شاء الله غدًا في الرباعي المجرد ثم المزيد.
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.