شرح نظم المقصود عناصر الدرس
باب فعِل يفعِل يفعَل ودواعيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى
الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد .. فلا زال
الحديث في الفعل وتقسيمات الفعل، سبق أن الفعل إما أن يكون مجرداً وإما
أن يكون مزيداً فيه، والمجرد: هو الذي تجرد ماضيه عن الزائد، والمزيد
فيه: هو الذي اشتمل ماضيه على الزائد. ثم المزيد سيأتي معنا إن شاء
الله، وقلنا: المجرد نوعان: ثُلاثي ورباعي؛ الثُلاثي الماضي المجرد
ثلاثة أبنية: فعَل، فعِل، فعُل باستقراء كلام العرب، وفَعَلَ يأتي منه
المضارع على ثلاثة أبواب: فعَل يفعُل، وفعَل يفعِل، وفعَل يفعَل.
وذكرنا لكل باب دواعيه، قلنا: فعلَ يفعُل له دواعي يعني موجبات
ومقتضيات إن وجِد واحد من هذه الأربعة أو الخمس حكمنا على أن مضارع
فعَل بفتح العين يكون بضمها في المضارع فعَل يفعُل، هذا الباب الأصل
فيه: الضم أن تُضم عين مضارعه إذا وجِد فيه داعي من الدواعي الخمس أو
الأربعة، والكسر فيه شاذٌ، يعني إذا وجِد فَعَلَ وقد اشتمل على داعٍ من
دواعي الضم ثم لم نجده قد ضُمت عينه في المضارع فنقول: هذا شاذٌ،
لماذا؟ لأنه على خلاف القياس، على خلاف القياس، وقلنا: الشاذ هذا
قسمان: شاذٌ مع القياس، وشاذٌ فقط. يعني سُمع فيه الوجهان إذا كان مع
القياس فعَل يفعُل على القياس وفعَل يفعِل على الشذوذ خلاف القياس يعني
سُمع فيه وجهان، مثل شدَّ يشُدُّ، شدّ يشُدُّه هذا مضاعف مُعدّى،
والقاعدة أنه إذا كان فَعَلَ مضاعفاً معدَّى فإن مضارعه يكون بالضم أو
بالكسر، بالضم
وَضُمَّ عَيْنَ مُعَدَّاهُ ...
إذاً يشُدُّه، شدَّ يشدُّه هذا على القياس، وجاء على شدّ يشِدُّهُ
بالكسر فنقول: فيه وجهان: الضمُ على القياس، والكسر على الشذوذ، هذا ما
يقال فيه أنه شاذٌ مع القياس، يعني سُمع فيه الأصل، وسُمع فيه الشذوذ،
وقد يكون شاذاً فقط، يعني سُمع فيه الكسر مع وجود داعي الضم ولم يسمع
فيه القياس، وهذا مثلوا له أو حصروه في فعلٍ واحد: وهو حَبَّ، وفيه
نزاع، حبّه يَحِبُّه، حبّهُ أصلها يُحِبه أو يَحُبه؟ حبّه يحَبه؛ لأنه
ليس من أحَبَّ، فيه لغتان أحب بالهمز وحب أحب يُحب لا إشكال، حَبَّ
يَحِب هذا هو الشاذ؛ لأن القياس أن يأتي حَبَّ يحُب بضم عين مضارعه،
فَذُو التَّعَدِّي بِكَسْرٍ (حَبَّهُ) ......
إذاً هو خلاف القياس، شاذُ فَعَلَ يفعُل قلنا: نوعان: شاذٌ مع القياس،
وهذه عدَدَها الصرفيون اثني عشر فعلاً، نظم ابن مالك منها في اللامية
خمسة:
..................... وَعِ ذَا ... وَجْهَيْنِ (هَرَّ) وَ (شَدَّ)
(عَلَّه عَلَلاَ)
وَ (بَتَّ) قَطْعًا وَ (نَمَّ) وَاضْمُمَنَّ مَعَ الْـ ... ـلُزُومِ
..........................
بتَّ يبِتُّ وبتَّ يبُتُّ، ونَمَّ ينِمُّ
ونمَّ ينُمُّ. إذاً فعَل يفعُل نقول: شاذهُ على مرتبتين: شاذٌ مع
القياس وهو اثنا عشر فعلاً، وشاذٌ فقط وهو فعل واحد وهو حبّ.
النوع الثاني: فعَل بفتح العين في الماضي يفعِل بكسرها في المضارع،
وهذا إذا وجِد فيه يعني في فَعَلَ واحدٌ من دواعي الكسر الخمس أو
الأربعة على الخلاف، منهم من يعدها أربعة بإسقاط الشُهرة وهذا الأكثر،
وبعضهم يعدها خمسة بعدِّ الشهرة كما في الضم أيضاً، بعضهم يعدها أربعة
بإسقاط الشهرة؛ لأنه ليس دعم لأنه ليس بأمر محسوس يقاس عليه، وإنما هو
مسموع من لغة العرب، ولذلك لابد من الرجوع إلى المعاجم، إذاً فَعَلَ
يَفْعِلُ إذا وجد فيه داعي من دواعي الكسر وجب أن يُوْقَفَ عند هذا
الداعي فيكسر، والضم فيه شاذ، الضم في فَعَل يفعِل شاذٌ، وشاذهُ قسمان:
شاذٌ مع القياس يعني سُمع فيه الوجهان فَعَل يفعِل وفعَل يفعُل؛ لأن
الضم هو الشاذ فيه، والقسم الثاني: شاذٌ فقط. الشاذُ فقط عده الصرفيون
بستة وأربعين فعلاً، نظم ابن مالك منها في اللامية ثمانيةً وعشرين،
والشاذ مع القياس ستةٌ وعشرون فعلاً، نظم ابن مالك منها في اللامية
ثمانية عشر, مرّ على وزن فَعَل، ما قياس عين مضارعه؟ الكسر، لماذا؟
لأنه مضاعف لازم، مرّ يمِرُّ هذا الأصل، لكن هل سُمع مرّ يمِرُّ؟
الجواب: لا, وإنما سُمِعَ مرّ يمُر بالضم شذوذاً ولم يُسمع فيه القياس،
صَدَّ هذا لازم بمعنى أعرض صَدَّ يَصِدُّ وصَدَّ يَصُدّ هذا نقول: سمع
فيه الكسرُ على القياس، وسُمِعَ فيه الضم على الشذوذ. واضح هذا؟.
فعل يفعَل بفتح عين ماضيه مع فتح عين مضارعه، وقلنا: هذا ليس من
الدعائم بل يعتبر الباب من أصله إما أن يقال: أنه نادر أو شاذ، والأول
فَعَل يفعُل وفَعَل يفعِل هذا من الدعائم ومن الأصول؛ لأنه جاء على
القياس وهو مخالفة عين مضارعه حركة عين مضارعه عن حركة عين ماضيه، هذا
هو الأصل، فإذا اتحدتا حركة عين المضارع مع حركة عين الماضي نقول: هذا
على خلاف القياس. إذاً فَعَل يفعَل اتحدت حركة عين المضارع مع حركة عين
الماضي فنقول: هذا شاذٌ أو نادر، ولذلك اشترط فيه أن يكون عينه أو لامه
حرفاً من حروف الحلق، وسبق بيان لِمَ عدل العرب عن فَعَل يفعُل وفَعَل
يفعِل فيما عينه أو لامه حرفٌ حلقي، وقلنا لماذا؟ لأن الحرف الحلقي
ثقيل والضمُ ثقيل والكسرُ ثقيل، فإذا ضُم حرف الحلقِ وهو ثقيل والضم
ثقيل فقد فأعطي الثقيل الثقيل وإذا كُسِر حرف الحلق وهو ثقيل والكسر
ثقيل أعطي الثقيل الثقيل وهذا مخالف لقاعدة العرب الكبرى وهي التماس
الخفة, فعدلوا عن الضمِ والكسرِ إلى الفتح، فكلما وجدت فَعَل يفعَل
بفتح عين المضارع مع فتح عين الماضي فاعلم أن لامه أوعينه حرفٌ من حروف
الحلق، وإذا جاء مفتوح العين في المضارع مع فتحها في الماضي وليست عينه
ولا لامُه حرفاً حلقياً فاحكم عليه بأنه شاذٌ أو من تداخل اللُّغات؛
لذلك قال: (سِوَى ذَا بِالشُّذُوذِ اتَّضَحَ) يعني ما كانت عينه أو
لامه ليست حرفاً حلقياً وجاء على فَعَل يفعَل نقول: هذا شاذٌ، مثل أبى
يأبى،
شَذَّ أَبَى يَأْبَى عَنِ الرَّوِيَهْ
أبى يأبى، أبَيَ هذا الأصل تحركت الياء
وانفتح ما قبلها فقُلبت ألفاً يأْبَيَ يَفْعَلُ يَأْبَيُ استثقلت الضمة
على الياء فأسقطت فصارت يأبى، نقول: أبى يَأْبَى عين الفعل باء وليست
من حروف الحلق، ولامُ أبى يَأْبَى أَبَيَ يَأْبَيُ نقول: اللام ياء
وليست الياء من حروف الحلق، إذاً لم فُتح عين مضارع يأبى مع فتحها في
الماضي مع كون اللام والعين ليست من حروف الحلق؟ نقول: هذا شاذٌ يُحفظ
ولا يقاس عليه، قيل: والذي سوّغ الفتح هُنا أنه بمعنى مَنَعَ يمنعُ أبى
يأبى، ما معنى أبى يعني منع، ومَنَعَ منع يمنع فَعَل يَفْعَلُ على
القياس، مَنَعَ يمنع لامُه حرفٌ حلقي، إذاً فتح عين مضارعه على القياس
أم لا؟ على القياس، فالذي سوغ فتح عين مضارع يأبى هو كونه بمعنى فعلٍ
لامه حرفٌ حلقي هكذا قيل, لكن نقول: هو شاذ، أما قَلَى يَقْلَى هذه
لغةٌ عامِرِيَّهْ،
شَذَّ أَبَى يَأْبَى عَنِ الرَّوِيهْ ... أَمّاَ قَلَى يَقْلَى
فَعَامِرِيَهْ
وَطَيِّءٌ تَقُولُ فِي يَلْقَى لَقِيْ ... يَلْقَى لَقَى وَهَكَذَا
فِيمَا بَقِيْ
لقِيَ يَلْقَى, لَقَى يَلْقَى من باب فَعَل يفعَل، إذاً فُتحت عين
المضارع مع فتحها في عين الماضي مثل مَنَعَ يمنع، والقاعدة أنه لا
يُفتح عين المضارع مع فتح عين الماضي إلا إذا كانت اللام أو العين
حرفاً حلقياً، وهنا ليست حرفاً حلقياً, لَقِيَ القاف هي العين وليست
حرفاً حلقياً، لقي والياء هي اللام وليست حرفاً حلقياً، إذاً كيف فُتح؟
نقول: هذه لغة طَيّ أن ما كان على زنة فَعِلَ ولامه ياء أرادوا أن
يتوصلوا - طبعاً لقِيَ هذا الأصل، أيهما أخف وأيهما أثقل لَقِيَ أو
لَقَى؟ الثاني - أرادوا أن يُخففوا لَقِيَ حتى يصير إلى لَقَى، فأبدلوا
كسرةَ عين الماضي من الكسر إلى الفتح تَوَصُّلاً إلى إبدال الياءِ
ألفاً؛ لأن لَقِيَ لا يمكن قلب الياء ألفاً، لماذا؟ لأن شرط قلب الياء
ألفاً تحرُكها مع انفتاح ما قبلها، فهنا وُجد جزء العلة ولم تتم العلة
كاملة، فأرادوا أن يتوصلوا إلى قلب الياء ألفاً فقلبوا الكسرة فتحة
فقالوا: لَقَيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفاً فصار
لقى؛ إذاً لَقَى يلقى هل هو من باب فَعَل يفعَل؟ لا، ليست من با ب فعل
يفعَل، وإنما من باب فعِل يفعَل علِم يعلَمُ، إذاً نقول: يَلْقَى
لَقِيْ لَقِيَ يَلْقَى هو أصل لَقَى يَلْقَى، فليست من باب التداخل
وليست من الشواذ، وإنما الذي يُحفظ وهو شاذ أبى يأبى. إذاً هذه ثلاثة
أنواع من مضارع فعَل.
النوع الثاني من الفعل الماضي المجرد: فعِل، الأول فعَل أشار إليه
الناظم بقوله:
فَالعَيْنُ إِنْ تُفْتَحْ بِمَاضٍ فَاكْسِرِ ... أَوْ ضُمَّ أوْ
فَافْتَحْ لَهَا فِي الغَابِرِ
(فَالعَيْنُ إِنْ تُفْتَحْ بِمَاضٍ)
(العَيْنُ) إن فتحت العين في الماضي لها في المضارع ثلاثة أوجه:
(فَاكْسِر) العين متى؟ إن وُجد داعي الكسر، (أَوْ ضُمَّ) العين في
المضارع متى؟ إن وجد داعي الضم، (أوْ فَافْتَحْ لَهَا فِي الغَابِرِ)
في المضارع إن وجد داعي الفتح، هذه ثلاثة أبواب وهي المشهورة، بعضهم
وزادهُ ابن مالك في اللامية باباً رابعاً ولكنه ليس أصلاً بنفسه وهو
باب فعَل يفعِل يفعُل، يعني يجوز فيه الكسر مع جواز الضم، عَتَلَ
عَكَفَ، عكف أوضح أقام على الشيء، عَكَفَ هل فيها داعي الكسر؟ الجواب:
لا، هل فيها داعي الضم؟ الجواب: لا، هل اُشْتُهِر؟ هل وجدت فيها داعي
الفتح؟ الجواب: لا، إذاً لم يوجد فيها، هي من باب فَعَلَ، عَكَفَ على
وزن فَعَلَ، ليس فيها داعي الضم، وليس فيها داعي الكسر، وليس فيها داعي
الفتح، ولم تشتهر بكسرٍ، ولم تشتهر بضمٍ، ماذا نقول في المضارع؟ موقوف؟
لا، لابد أن نحركه، قالوا فيما حاله أنه لم يوجد فيه داعي الضم إلى
آخره ما ذُكر: يجوز في عين مضارعه وجهان: الكسر والضم على السواء،
فقالوا: عَكَفَ يعكِف يعكُف يجوز، عَتَلَ - إذا أخذ الشيء بعنف -
يعتِله ويعتُله بالوجهين على السواء، لماذا؟ لأنه ليس من باب فعَل
يفعُل، ولا من باب فعَل يفعِل، ولا من باب فعَل يفعَل، فلابد له من
حركة عين مضارعه جوزوا فيه الوجهين.
عَيْنَ الْمُضَارِعِ مِنْ فَعَلْتَ حَيْثُ خَلاَ ... مِنْ جَالِبِ
الْفَتْحِ كَالْمَبْنِيِّ مِنْ عَتَلاَ:
فَاكْسِرْ أَوِ اضْمُمْ إِذَا تَعْيِينُ بَعْضِهِمَا ... لِفَقْدِ
شُهْرَةٍ اوْ دَاعٍ قَدِ اعْتَزَلاَ
هذا هو المقصود بالباب الرابع، لكنه يُذكر
تتميماً لا تأصيلاً، ثم النوع الثاني من الفعل الماضي المجرد ما كان
على زِنَةِ فعِل بكسر عين ماضيه، هذا له ثلاثة أبواب في الأصل في
القياس، لكن المسموع بابان، ليس كفعَل، فَعَل استوفى أبوابه الثلاث:
بضم العين وكسر العين وفتح العين، أما فعِل بكسر العين لكونه أقل
استعمالاً من فَعَلَ وأثقل على اللسان من فَعَلَ نزل درجة فأعطي بابين
وبُخس الثالث، لماذا؟ لكونه أقل استعمالاً من فعَل، والعرب كلما كثُر
الشيء أو درج على الألسنة أعطي أحكاماً واستثناءات لا تُعطى لغيره مما
قل استعماله، ففعِل لكسر العين والكسرة أثقل من الفتحة أعطي بابين فقط،
كما أنه أعطي اللزوم والتعدي إلا أن اللزوم فيه أكثر من تعديه، فقالوا:
فعِل يفعَل بكسر العين في الماضي مع فتحها في المضارع، وهذا هو القياس
فيه، فعِل يفعَل علِم يعلَمُ، فعِل لم يُسمع يفعُل بضم العين في
مضارعه، لماذا؟ أسقطوا هذا الباب فعِل يفعُل، ليس باباً قياسياً ولا
شاذاً من جهة المواد الكثيرة فيه كما في فعِل يفعِل، لماذا؟ قالوا:
لئلا يُحرك حرفٌ واحدٌ بالأثقل، فعِل بكسر العين في الماضي يفعُل بضم
العين في المضارع حُرك الحرف الواحد بحركتين ثقيلتين وهما الكسر والضم،
أو لئلا يُنتقل من الكسر إلى الضم؛ لأن الخروج عندهم من كسر إلى ضم أو
من ضم إلى كسر هذا فيه ثِقل، ولذلك يُجتنب كثيراً في الألفاظ، أما
يَضرِبُ هنا انتقال من كسرٍ إلى ضم يَضْرِبُ، كيف العرب تمنع انتقال
الكسر من الضم أو الضم إلى الكسر ثم يقولون: يضرِبُ؟! نقول: الضمة هذه
في معرض الزوال لذلك تسقُط بالجازم وبالناصب، وإنما كرِهوا الانتقال من
كسرٍ أصلي إلى ضمٍ أصلي، ويَضْرِبُ هذه الضمة عارضة يعني مُعرَّضَةٌ
للزوال إذا دخل عليها جازمٌ أو ناصبٌ، فضِل يفضُل هكذا سُمع، فضل يفضل
الجواب عنه أن يُقال: إنه ليس ببابٍ أصليٍ في باب فعِل، وإنما يُقال:
إما شاذ وإما من باب تداخل اللغات كما قيل في أبى يأبى, لكن يقولون:
التداخل هنا أو القول بالتداخل أولى، لماذا؟ لأن فضِل فيه لغتان غير
فضِل يفضُل من باب نصَر فضَل يفضُل، وفضِل يفضَل من باب علِمَ
يَعْلَمُ، ومن باب نصر ينصُر، هاتان لغتان على القياس، لغة قبيلة فضَل
يفضُل، ولغة قبيلة أخرى فضِل بكسر الضاد مع فتحها في المضارع من باب
علِم يعلَم، هل فيها فضِل يفضُل؟ الجواب: لا، قالوا: التداخل ما وجهه؟
من نطق بكسرِ عين الماضي فضِل بدلاً من أن يقول: فضِل يفضَل انتقل من
الكسر إلى اللغة الأخرى المضارع فقال: فضِل يفضُل، لذلك قيل: هذا تداخل
بين اللغتين، نطق بفعِل والأصل فيه أنه يقول: فعِل يفعَل على لغته،
ولكنه انتقل من كسر عين الماضي إلى ضم عين المضارع التي لفعَل فَضَلَ،
هذا يسمى بتداخل اللغات، فضِل يفضُل فنقول: فضِل يفضُل بدلاً من أن
يقال هو شاذ نقول: هو من تداخل اللغات؛ لأن فضَل فيه لغتان: فنَصر
وعلِم من باب نصَر وعلِم، كذلك نعِم على وزن فعِل، سمع نعِم ينعُم من
باب فعِل يفعُل، نقول هذا: هنا أيضاً إمَّا يقال إنه شاذ أو من تداخل
اللغات؛ لأن في نعِم أربع لغات: نعِم ينعَم فعِل يفعَل حسِب يحسَب على
الأصل، نعِم ينعِم على الشذوذ
حسِب يحسِب، ونعَم بفتح العين ينعُم من باب
نصَر ينصُر، ونعَم ينعِم من باب ضرَبَ يضرِبُ. إذاً أربع لغات ليس فيها
فَعِلَ يفعُل، إنما عندنا فعِل يفعَل، وفعِل يفعِل نعِم ينعِم، فقيل:
نطق الناطق بفعِل على الكسر ثم انتقل إلى اللغة الأخرى فقال: يفعُل
فعِل يفعُل، فنقول: هذا من باب تداخل اللغات، إذاً فعِل يفعَل هذا هو
القياس، وفعِل يفعُل هذا لم تنطق به العرب، وما سُمع من فضِل يفضُل أو
نعِم ينعُم ودوِم يدوُم فهذا من باب تداخل اللغات أو شاذ، والأمرُ
هينٌ.
الباب الثاني: فعِل يفعِل، هذا نقول: هل هو على القياس أم مخالف؟
مخالف، لماذا؟ لاتحاد حركة عين المضارع مع حركة عين الماضي، والأصل
التخالف، ولكن هذا لكثرة مواده جعلوه فرعاً، فعِل يفعِل مواده أكثر من
فعِل يفعُل، لأن تلك لعلَّها لا تصل إلى خمسة مفردات، لذلك لم تُجعل
باباً شاذاً كما جُعِل فعِل يفعِل. إذاً نقول: فعِل له بابان: قياسي
وسماعي، فعِل يفعَل هذا هو القياس، وفعِل يفعِل هذا شاذٌ أو نادر، هل
له شاذ؟ نقول: نعم إذا أُسقط فعِل يفعُل صار القياس فعِل يفعَل بالفتح
هو القياس وكل ما خالف الفتح فهو شاذ. إذاً الباب الثاني بابُ فعِل
يفعِل كله شاذ، ونقول: الشاذ في هذا الباب كالباب السابق نوعان: شاذٌ
مع القياس، وشاذ فقط. شاذٌ مع القياس يعني سمع فيه الفتح فعِل يفعَل مع
الكسر، هذه اختلفوا في عدِّها منهم من يرى أنها اثنا عشر فعلاً أو
ثلاثة عشر فعلاً الشاذُ مع القياس، نظم ابن مالك منها تسعة،
وَالضَّمَّ مِنْ فَعُلَ الْزِمْ فِي الْمُضَارِعِ وَافْـ ... ـتَحْ
مَوْضِعَ الْكَسْرِ فِي الْمَبْنِيِّ مِنْ فَعِلاَ
(وَافْتَحْ مَوْضِعَ الْكَسْرِ) من المضارع (فِي الْمَبْنِيِّ مِنْ
فَعِلَ) إذاً فعِل إذا أردت أن تبني منه المضارع (افْتَحْ مَوْضِعَ
الْكَسْرِ) وهو العين،
وَجْهَانِ فِيهِ مِنِ احْسِبْ مَعْ وَغِرْتَ وَحِرْ ... انْعِمْ
بَئِسْتَ يَئِسْتَ اوْلَهْ يَبِسْ وَهِلاَ
هذه تسعة حسِب يحسِب وحسِب يحسَب، (وَجْهَانِ فِيهِ مِنِ احْسِبْ مَعْ
وَغِرْتَ) حسِب يحسَب على القياس، وحسِب يحسِب على الشذوذ، وَغِر
يَوْغَرُ على القياس، لماذا لم تسقط الواو هنا كما في وعَد يعِد؟ وغِر
يَوْغَرُ ما سقطت الواو؟ لأنها وقعت بين فتحتين يوغَ يفعَ، والشرط أن
تقع بين فتحةٍ وكسرة يَوْعِد يَوعِ يَفعِ وقعت بين عدوتيها فسقطت
الواو، أما يفعَ يوعَ هذه ليست العلة كاملة وقعت بين فتحتين، والفتحتان
وإن كانتا عدوتين للواو لأنها جزء الألف إلا أنها من جنس واحد، والعدو
إذا كان من جنس واحد أقل ضرراً وأخفُ أثراً من العدو إذا كان من جنسين،
فيقال وغِر يَوْغَر على وزن فعِل يفعَل، ووغَرَ يوغِر هذا الأصل فوقعت
الواو بين عدوتيها فسقطت الواو فقيل يغِر، يوغَرُ لا تسقط الواو، يغِر
تسقط الواو. الحاصل المراد من هذا التنبيه على أن الشاذ في باب فعِل
على جهتين: شاذٌ مع القياس وهو اثنا عشر أو ثلاثة عشر فعلاً، ونظم ابن
مالك منها تسعة، (وَجْهَانِ فِيهِ مِنِ احْسِبْ) إلى آخره، النوع
الثاني: شاذٌ فقط، يعني سُمع فيه الكسر ولم يُسمع فيه الفتح وهذا عشرون
فعلاً أو تسعة عشر فعلاً، نظم منها ابن مالك تسعة،
وَأَفْرِدِ الْكَسْرَ فِيمَا منْ وَرِثْ
وَوَليْ ... وَرِمْ وَرِعْتَ وَمِقْتَ مَعْ وَفِقْتَ حُلاَ
وَثِقْتَ مَعْ وَرِيَ الْمُخُّ احْوِهَا وَأَدِمْ ... كَسْرًا
.........................
(وَأَفْرِدِ الْكَسْرَ فِيمَا مِنْ وَرِثْ) , ورِث على وزن فعِل، يقال
يرِثُ ولا يقال يَوْرَث، لم يُسمع يورَث، يقال على وزن يفعَل على
القياس، وإنما سمع فيه الشذوذ، إذاً فعِل يفعَل هو القياس، وفعِل يفعِل
هذا شاذٌ يُحفظ ولا يقاس عليه، ومنه نعِم ينعِم سمع فيه الوجهان.
الثالث: فعُل، لذلك قال الناظم هنا: (أَوْ تَنْكَسِرْ فَافْتَحْ)، في
الشطر الثاني من البيت الثاني: (وَإِنْ تُضَمَّ فَاضْمُمَنْهَا فِيْهِ
أوْ تَنْكَسِرْ) الضمير هنا يعود على (العَيْنُ)، تنكسر أين؟
(بِمَاضٍ)، هذا (بِمَاضٍ)، مقدر لابد من تقديره؛ لأنه دلّ عليه في
الأول (فَالْعَيْنُ إِنْ تُفْتَحْ بِمَاضٍ فَاكْسِرِ)، إذاً (أوْ
تَنْكَسِرْ) (أَوْ) هذه للتنويع والتقسيم يعني الباب الخامس ما كُسرت
عين ماضيه، (أوْ تَنْكَسِرْ) هي العين (بِمَاضٍ)، لابد من تقدير
(بِمَاضٍ)، (فَافْتَحْ) أين؟ افتح عين مضارعه أو افتح العين في
الغابرِ، لابد من التقدير حتى يتم الكلام. إذاً هذا هو الباب الخامس من
الأبواب الستة: وهو كون عين ماضي الفعل الثُلاثي المجرد مكسوراً، البيت
الأول اشتمل على ثلاثة أبواب، ثم قال: (وَإِنْ تُضَمَّ فَاضْمُمَنْهَا
فِيْهِ) هذا البيت الرابع، الخامس: (أوْ تَنْكَسِرْ) يعني ما كان على
باب فعِل يفعَل علِم يعلَمُ هذا هو القياس فيه، (أو تَنْكَسِرْ) يعني
العين هي (بِمَاضٍ)، (فَافْتَحْ) الفاء واقعه في جواب الشرط
(فَافْتَحْ) العين بمضارع، أو افتحها في الغابرِ، (وَكَسْراً عِيْهِ)
هذا أشار إلى الشاذ في باب فعِل، (وَكَسْراً عِيْه) واحفظ (كَسْراً)،
(عِيْهِ) من وعَى هذا أمر من وعى، وعى يَعِيْ، الأمر منه بإسقاط حرف
المضارعة الياء يَعي تُسقط حرف المضارعة وتُسقط الياء اللام؛ لأنه مبني
على حذف حرف العلة، بقي معك حرف واحد عِ، لا يمكن الوقوف على متحرك
ألحقوا به هاء السكت فقيل: عِهْ، قِهْ، ما كان على حرف واحد مختلف هل
يجب إلحاق هاء السكت أم لا؟ فيه نزاع، قِهْ وعِهْ هذه الهاء هاء السكت
ليست من جنس الكلمة، لكن هنا قال: (عِيْهِ) أثبت الياء إما أن تقول:
إنها إشباع الكسرة من أجل الوزن، وإما أن تقول: إنها زائدةٌ، يعني
أبقاها كما هي من أجل الوزن، يعني (عِيهِ) نقول: فعل أمر مبني على حذف
حرف العلة وهو الياء والكسرة دليلٌ عليها، والياء الظاهرة هذه نقول:
زائدة لضرورة أو إشباع للكسرة، (وَكَسْرًا عِيْهِ) (عيه) هذا يتعدى
فينصب مفعولاً به، الهاء هنا ضمير متصل مبني على الكسر في محل نصب،
(عِيهِ) فنقول: عي هذا يتعدى بنفسه فاشتغل بضميرٍ يعود على (كسراً)،
(كَسْراً) هذا اسمُ متقدم تلاهُ فعلٌ طلبيٌ اشتغل بضميرٍ يعود على
الاسم السابق لو أُسقط هذا الضمير لتسلط الفعل على الاسم السابق فنصبه
مباشرة،
إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِقٍ فِعْلاً شَغَلْ ... عَنْهُ بِنَصْبِ
لَفْظِهِ أَوِ الْمَحَلْ
فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفِعْلٍ أُضْمِرَا ... حَتْماً مُوَافِقٍ
لِمَا قَدْ أُظْهِرَا
إذاً (كَسْراً) هذا نقول: الحاصل أنه مفعول
به منصوب، والعامل فيه محذوف نُفسرهُ بالمذكور من لفظه ومعناه أو من
معناه، (وَكَسْراً) يعني واحفظ كسراً، وإذا قال الصرفي واحفظ كسراً
يعني اجعله شاذاً يحفظ ولا يقاس عليه. إذاً (أو تَنْكَسِرْ) في الماضي
(وَكَسْراً عِيهِ) يعني احفظ الكسر كسر عين مضارع فَعِلَ المكسور في
الماضي، ولابد من التقدير هنا (كَسْراً) يعني لعين المضارع، لابد من
جعل (كَسْراً) موصوفاً لصفة محذوفة، لماذا؟ (كَسْراً) لعين مضارع، لابد
أن نجعل (كَسْراً) موصوفاً لصفة محذوفة، لماذا؟ لأن من شرط الاشتغال
باب الاشتغال أن الاسم المشغول عنه يصح أن يُعرب مبتدأً وهنا نكرة، فلو
قيل: كسراً عيهِ كسرٌ
وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِي طَلَبْ
(وَاخْتِيرَ نَصْبٌ) مع جواز الرفع على أي شيء؟ على كونه مبتدأً،
وَلاَ يَجُوزُ الاِبْتِدَا بِالنَّكِرَهْ
إذاً الكسر لا يصح الابتداء به، إذاً ليس من باب الاشتغال، فنقول: لا،
هنا نُقدر من السياق ومن المعنى، (وَكَسْراً) لعين مضارع فعِل، (عِيهِ)
يعني احفظه، واحفظ كسراً عيهِ. إذاً الباب السادس الذي ختم به هذه
الأبواب: هو باب فعِل يفعِل من باب حسِب يحسِب، ونعِم ينعِم، يأتي
لازماً ويأتي متعدياً.
(وَإِنْ تُضَمَّ فَاضْمُمَنْهَا فِيْهِ)
هذا هو النوع الثالث من الفعل الماضي المجرد: فعُل بضم العين، القياس
أن يأتي مضارعه على ثلاثة أبواب أيضاً: فعُل يفعُل، فعُل يفعِل، فعُل
يفعَل في جميع الأبواب، قالوا: لأن حركة عين الماضي محركة، كما أن حركة
عين فعَل محركة فنقيس فعِل وفعُل على فعَل بجامع الحركة فيكون المضارع
من فعِل وفعُل ثلاثة أبواب كما جيء به من فَعَلَ، هكذا قيل، ولكن
المسموع غير ذلك، فعُل يفعُل هذا على القياس أو خلاف القياس؟ خلاف
القياس، إذاً هو سماعي وليس قياسياً، ولذلك يُؤخر، فعَل يُقدم، ثم
فعِل، ثم فعُل، يؤخر لأنه يعني بابه سماعي وليس قياسياً، لم يرد فعُل
يفعِل لماذا؟ لئلا يُنتقل من ضمٍ إلى كسر، ولئلا يُحرك حرفٌ واحد
بالأثقل والأثقل وهو الكسر والضم. إذاً فعُل يفعِل لم يرد، فعُل يفعَل
هذا لو كان مسموعاً لكان قياسا ولكنه لغة رديئة يقولون، جيدة لكنها
رديئة، لم يسمع إلا في كَوُدَ يَكْوَدُ، كَوُدَ فعُل يكوَد باب فعُل
يفعَل, فقيل: هذه لغة رديئة يعني تُحفظ ولا يقاس عليها، لم اتحدت حركة
عين المضارع مع حركة عين الماضي؟ قالوا: للدلالة على اللزوم من جهتين:
الجهة الأولى: العمل فعُل لازم لا يأتي متعدياً، رحُبَتك الدارُ شاذٌ
أو على الحذف والإيصال، شاذ رحُبتك فعُل، وفعُل لا يأتي إلا لازماً،
يعني لا ينصب مفعولاً به، وهنا رحُبتك الدار إذاً من باب فعُل ونصب
مفعولاً به فنقول: هذا شاذ يُحفظ ولا يقاس عليه، أو نقول: رحُب لازمٌ
ليس متعدياً - ليس شاذً - وإنما هو من باب الحذف والإيصال هذا في
البلاغة، مثاله: رحبت بك الدارُ هكذا الأصل، رحبت بك الكاف منفصلة عن
الفعل، لكثرة الاستعمال للاختصار أسقطت الباء فاتصل الضمير بالفعل،
إذاً لم يتصل به مباشرة، وإنما القياس أن يكون الكاف مدخولاً لحرف جر
محذوف حُذف اختصاراً، فرحبُتك نقول: إما أنه شاذ، يعني متعدي ولكنه
شاذ، والأصل فيه أنه يكون لازماً، أو نقول وهذا أحسن: على الحذف
والايصال الأصل رحبت بِكَ الدارُ. إذاً فعُل يفعُل هذا هو القياس هو
السماعي، وماعدا ذلك لم يرد نُطقه من جهة العرب, هل فيه شاذ؟ لا نقول:
كله شاذ كرُم وشرُف وحسُن! نقول: سماعي هل فيه شاذ يعني سُمع فعُل
يفعِل باباً كما قيل في فعِل يفعِل؟ الجواب: لا, لا شاذ له، وأشار إلى
ذلك الناظم بقوله: (وَإِنْ تُضَمَّ) ما الذي يُضم؟ العين، عين ماذا؟
(بِمَاضٍ)، إذاً لابد من التقدير (وَإِنْ تُضَمَّ) هي العين الضمير
نائب الفاعل يعود على (الْعَيْنُ)، (وَإِنْ تُضَمَّ) لابد من التقدير
(بِمَاضٍ) يعني في ماضٍ، ما حكمها في المضارع؟ (فَاضْمُمَنْهَا) الفاء
واقعة في جواب الشرط، (فَاضْمُمَنْهَا) أي العين، (فِيهِ) يعني في
المضارع تقول: فعُل يفعُل، ولا يكون إلا لازماً.
(وَلاَمٌ اوْ عَيْنٌ بِمَا قَدْ فُتِحَا حَلْقِيْ) (وَلاَمٌ) هذا مبتدأ
وهو نكرة،
وَلاَ يَجُوزُ الاِبْتِدَا بِالنَّكِرَهْ ... مَا لَمْ تُفِدْ
..............
لكن نقول هنا: أفادت، لماذا؟ لأنها موصوفة بقوله: (بِمَا) الباء هنا
ظرفيةٌ بمعنى (في)
وَزِيدَ وَالظَّرْفِيَةَ اسْتَبِنْ بِبَا ... وَفِي ..............
إذاً تأتي الباء للظرفية، (بِمَا قَدْ
فُتِحَ) ما اسم موصول بمعنى الذي يصدُق على فعل، يعني بما ولامٌ في
فعلٍ قد فُتح عيناً (قَدْ فُتِحَا) الألف للإطلاق، ما الذي فُتح؟ عينه
بماضٍ ومضارع؛ لأنه من باب فعَل يفعَل، ما حكمه؟ قال: (حَلْقِيٌ)،
(ولامٌ او عينٌ حلقيٌ) لابد، ومن شرطِ باب فعَل يفعَل أن تكون لامه أو
عينه حرفاً حلقياً، (حَلْقِيْ) بإسكان الياء للضرورة، (سِوَى ذَا) يعني
غير ذا، (سَِِوى) هذا مبتدأ مرفوع، على مذهب ابن مالك - رحمه الله - أن
(سِوى) مثل (غير)، (سِوَى) مبتدأ مرفوع ورفعه ضمةٌ مقدرةٌ على آخره،
(سِوَى) مضاف، (ذَا) ما نوعه؟ اسم إشارة، ذا الإشارية، (سِوَى) مضاف، و
(ذَا) اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. (سِوَى ذَا)
المشار إليه ما هو؟ فعَل يفعَل، هكذا قال الشارح فعَل يفعَل، يعني
(سِوَى ذَا) الذي عينه أو لامه ليست حرفاً حلقياً وسُمع فيه فعَل يفعَل
(بِالشُّذُوذِ اتَّضَحَا) يعني ظهر الحكم عليه بكونه شاذاً، يعني خرج
عن القياس دون الاستعمال، نقول: خرج عن القياس دون الاستعمال؛ لأن أبى
يأبى واردٌ في القرآن، وما ورد في القرآن لا يجوز أن يوصف بأنه شاذٌ
استعمالاً، وإنما يقال: هو شاذٌ قياساً. إذاً خرج عن قياسهم دون
استعمالهم (سِوَى ذا) هذا المبتدأ (سِوَى)، (اتَّضَحَا) فعل ماضٍ مبني
على الفتح والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الشاذ، الألف
للإطلاق، (بِالشُّذُوذِ) جار ومجرور متعلق بقوله: (اتَّضَحَا)، (سِوَى
ذَا) غير ذا مما عينه أو لامه ليست حرفاً حلقياً وفُتحت عين مضارعه مع
ماضيه اتَّضَحَ وظهر وصفه (بِالشُّذُوذِ) كونه خارجاً عن قياسهم دون
الاستعمال؛ لأن الشاذ في اللغة: هو المنفرد عن غيره، أو الذي نَفَرَ
كما هو عند أهل الحديث.
وَذُو الشُّذُوذِ مَا رَوَى الْمَقْبُولُ ... مُخَالِفاً أَرْجَحَ،
وَالْمَجْعُولُ
أَرْجَحَ مَحْفُوظٌ، وَقِيلَ: مَا انْفَرَدْ
لَوْ لَمْ يُخَالِفْ، قِيلَ: أَوْ ضَبْطاً فَقَدْ
ويحتمل لو أردنا أن نُعمم نقول: (سِوَى ذَا) يعني المذكور من أول
الأبواب: يعني ما قيل فيه (فَالعَيْنُ إِنْ تُفْتَحْ بِمَاضٍ
فَاكْسِرِ) هذا هو القياس، سواه وهو الضمُ (بِالشُّذُوذِ اتَّضَحَا)،
أو (فَالعَيْنُ إِنْ تُفْتَحْ بِمَاضٍ فَاكْسِرِ أَوْ ضُمَّ) ضمها يعني
فعَل يفعُل هذا هو القياس وفعَل يفعُل ما كان وجد فيه داعي الضم
فَكُسِرَ نقول: (سِوَى ذَا بِالشُّذُوذِ اتَّضَحَا) إلى آخر الأبواب،
يعني يحتمل أن تُعمم على الأبواب السابقة وأظنه هذا أحسن التعميم،
ويحتمل أنه كما ذكر الشارح أنه يعود على الأخير ونقف على هذا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
|