شرح نظم المقصود عناصر الدرس
* تعريف الرباعي وأنواعه وبابه فعلل.
* سبب تقديم الملحق على المزيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه
ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:-
فانتهينا من الدرس الماضي أو الدروس السابقة ما يتعلق بالفعل الثلاثي
المجرَّد, وسبق أن الفعل نوعان: مجرَّدٌ ومزيدٌ فيه. المُجرَّد: ما
تجرَّد ماضيه عن الزائد. - احفظوا هذا - ما تجرَّد ماضيه عن الزائد هذا
هو المُجرَّد، والتجريد هو التخلية والتعرِّي، مجرد يعني مخلاً ومعرى
عن حرفٍ زائد، فإذا جرد الفعل عن الحرف الزائد أو الكلمة قيل: هذا
مجرد، هذا يستوي في الأسماء وفي الأفعال. إذاً ما تجرد ما تعرى ماضيه
عن الزائد عن الحرف الزائد فهو فعلٌ مُجرد، وهذا يشمل نوعين: الثُلاثي
والرُباعي. والمزيد فيه -كما سيأتي- (زَيْدُ الثُّلاَثِي): ما اشتمل
ماضيه على الزائد. يعني نظرنا في الفعل الماضي فإذا به قد اشتمل على
حرف من حروف الزائدة، ومعرفة الزائد من عدمه كما سبق القاعدة العامة
كما قال ابن مالك:
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَمْ فَأَصْلٌ وَالَّذِيْ ... لاَ يَلْزَمُ
الزَّائِدُ مِثْلُ تَا احْتُذِيْ
هذا ضابط عام، متى ما وجد الحرف واطّرد في
جميع التصاريف الماضي والمضارع واسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان
واسم المكان وأفعل التفضيل نقول: هذا الحرف أصليٌ وليس بزائد، وإن سقط
في بعض التصاريف لعلة، نقول: هذا السقوط لا يمنع على الحكم بكون الحرف
أصلياً. لماذا؟ لأن المعتبر في السقوط بكون الحرف زائداً - يعني بوجوده
في بعض التصاريف دون بعض - هو السقوط لغير علة تصريفية. إذاً نقول:
الفعل نوعان: مجرد ومزيدٌ فيه. المجرد نوعان باستقراء كلام العرب:
ثُلاثيٌ ورُباعيٌ. وسبق أن النسبة الصحيحة أن يُقال: ثَلاثيٌ وأربعيٌ.
الثُلاثي: ما كان ماضيه على ثلاثةِ أحرفٍ أصول. والرُباعي: ما كان
ماضيه على أربعة أحرف أصول. لابد من كلمة أصول، لماذا؟ لأن الثُلاثي
قطعاً نوع واحد أنه مجرد، لا يحتمل أن يكون مزيداً فيه، لِمَ؟ لأن أقل
ما يوضع عليه الفعلُ كم؟ ثلاثة أحرف. إذاً لا يكونُ الثلاثي مزيدا فيه
وهو على ثلاثة أحرف، وإنما يُزاد على الثلاثي فيصير أربعة أحرف، أو
خمسة أحرف، أو ستة أحرف. إذاً الثلاثيُ لا يكون إلا مجردًا، وحدُّه: ما
كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول. الرباعي: ما كان ماضيه على أربعة أحرف
أصول أيضاً. وهذا يحتمل؛ لذلك نقول: لابد من القيد في الرباعي دون
الثلاثي؛ لأن الرباعي نوعان: رباعيٌ مجرد، ورباعيٌ مزيدٌ فيه. الرباعي
المجرد: ما كان ماضيه على أربعة أحرُفٍ أصول. يعني لو نظرت في الأربعة
لوجدتها كلَّها أصولاً، لا يوجد فيها حرفٌ زائد. الرباعي غير المجرَّد:
ما كان ماضيه على أربعةِ أحرفٍ بزيادة. يعني هو في الأصل ثلاثيٌ مجرد،
وزيد عليه حرفٌ فصار العدد أربعة أحرف، فمثلاً دحرج نقول: هذا رُباعيٌ
مجرد، لماذا؟ لأنه مؤلف من أربعة أحرف وكلُّها أصول، لا تسقط في بعض
التصاريف مطلقاً، ولو نظرت في أكرم وأخرج لوجدتها مؤلفة من أربعة أحرف،
لكن هل هو رباعيٌ أصول؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأن أخرج في الأصل ثلاثيٌ
مجرد وهو خرج، وزيدت عليه الهمزة همزة التعدية فصار أربعةً بالزيادة لا
بالأصل. إذاً الثلاثي لا يكون إلا مجرداً، والرباعيُ لابد من تقييده
وهو الرباعي المجرد، احترازاً من الثلاثي الذي زيد عليه حرفٌ فصار
بالزيادة أربعة أحرف. وهذا التقسيم ثُلاثي ورُباعي كما سبق أن القسمة
عقلية؛ لأن أقل ما يتألف منه الفعل ثلاثة أحرف: حرفٌ يُبتدأ به، وحرف
يوقف عليه، ولا يبتدأ بساكن وإنما يبتدأ بمتحرك، ولا يوقف على متحرك
وإنما يوقف على ساكن، إذاً الحرف الأول متحركٌ قطعاً، والحرف الثالث
الذي هو الثاني في الأصل ساكن قطعا، والانتقال من الحركة إلى السكون
انتقالٌ من الشيء إلى ضده، وهذا فيه عسرٌ، فلذلك احتاجوا أن يفصلوا بين
الضدين بحرفٍ وسط، فصار أقلّ ما يتألف منه الفعل هو ثلاثة أحرف للعلة
المذكورة. أكثر ما يتألف منه الفعل وهو مُجرَّد الأصول على مذهب
البصريين أربعة، لِمَ؟ لأن الفعل أكثر ما يكون أصولاً أربعة أحرف،
بخلاف الاسم؛ الاسم يكون ثلاثيًا مجرداً، ويكون رباعيًا مجردًا، ويكون
خماسياً مجرداً، ويكون سداسياً وسباعياً بالزيادة.
أما الفعل فيقف فيه التجرد عند أربعة أحرف،
لماذا؟ قالوا: لأنه لو وضع على خمسة أحرف وهم عندهم قاعدة: أن الاسم
أعلى وأشرف من الفعل، والفعل لا يعلو على الاسم، لذلك قيل: سُمي الاسم
اسمًا لعلوه على أخويه الفعل والحرف، فأقلّ أو أكثر ما يكون عليه الاسم
من التجرد خمسة أحرف، وأكثر ما يكون عليه الفعل من التجرد أربعة أحرف،
أيهما أعلى؟ الاسم، لو وضع الفعل على خمسة أحرف أصول، ثم بهذا الوضع
صار مساوياً للاسم، فإذا اتصل ضمير رفعٍ بالفعل الخماسي المجرد الأصول
لو وضع - ومن المعلوم أن الفاعل مع فعله كالجزء من الكلمة - ينبني على
هذا أنه إذا كان كالجزء من الكلمة صار كأنه أصلاً من الكلمة، فصار
الخماسيُ الأصول في الفعل سداسياً، فعَلاَ على الاسم، وهم عندهم قاعدة:
أن الاسم لا يعلو عليه الفعل، الفعل يقول له الاسم مكانكِ تُحمدي، يعني
ابقَ في مكانك ولا تعلو علي بوزنٍ تكون به أفضل مني، فلذلك وقف الفعل
عند الرباعي، وهذا أقول عند البصريين. يعني تقييداً واحترازاً عن مذهب
الكوفيين، فإنَّ الكوفيين يرون أقل أو أكثر ما يكون عليه الفعل بالتجرد
هو ثلاثة أحرف، ليس عندهم فعلٌ مجرد الحروف وحروفه كلها أصول إلا
الثلاثي، فما زاد على ذلك كدحرج وسرهف وزلزل ووسوس هذه عندهم ثلاثيٌ
مزيدٌ بحرف. إذاً لا وجود للرباعي المجرد الأصول عند الكوفيين، بل هو
ثلاثيٌ مزيدٌ بحرف، واختلفوا في هذا الحرف الزائد دحَرْج على وزن
فَعْلَلَ، ما هو الحرف الزائد؟ ذهب الكسائي إلى أن الحرف الأخير دحرج
الجيم هو الحرف الزائد، وذهب الفرّاء إلى أن ما قبل الأخير هو الحرف
الزائد، دحرج الراء عند الفرّاء هو الحرف الزائد، والجيم عند الكسائي
هو الحرف الزائد, لكن المُرجَّح أن مَذهب البصريين أولى، لِمَ؟ لأن من
ضابط الحرف الزائد أنه يسقط في بعض التصاريف، ووجدنا أن الجيم والراء
هذه لاتسقط في نوعٍ من تصاريف الفعل، دحرج يدحرج دحرجةً ودحراجاً
ومُدحرِجٌ ومُدحرَجٌ هذه كلها تصاريف للفعل فالحرف لازمٌ.
وَالْحَرْفُ إِنْ يَلْزَمْ فَأَصْلٌ وَالَّذِيْ ... لاَ يَلْزَمُ
الزَّائِدُ مِثْلُ تَا احْتُذِيْ
وهذا يلزم، إذاً هو أصلٌ. إذاً القسمة قسمة الفعل المجرد إلى ثُلاثي
ورباعي هذا عند منْ؟ عند البصريين، أما عند الكوفيين فليس ثمَّ إلا
ثلاثيٌ مجرد، وما زاد على الثُلاثي فهو ثلاثيٌ مزيدٌ فيه، واختلفوا في
الحرف الزائد، قيل: الأخير، وقيل: ما قبل الأخير. والمرجّح هو مذهب
البصريين, ذكر الناظم فيما سبق أبنية الفعل الثلاثي المجرد فقال:
فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ إِذَا يُجَرَّدُ ... أَبْوَابُهُ سِتٌّ كَمَا
سَتُسْرَدُ
ثم سرد لنا الأبواب الستة، ونوّع لنا الفعل
الماضي إلى فعَل وفعِل وفعُل، وذكر أنواع كل بناء من الفعل المضارع له،
فعَل يأتي على ثلاثة أبواب، وفعِل يأتي على بابين، وفَعُل يأتي على باب
واحد. فلما انتهى من سرد هذه الأبواب، انتقل إلى النوع الثاني من الفعل
المجرد وهو الرباعي، وقدّم الثلاثي كما سبق على الرباعي لذلك أشار بـ
(ثُمَّ)، و (ثُمَّ) تفيد الترتيب الذِكري، وأن ثَمَّ تدرجاً في
الارتقاء من الأول إلى الثاني، و (ثُمَّ) هذه تدل وتشير على أن حق
مدخولها أن يُذكر بعد متبوعها، ما هو مدخول (ثُمَّ) هنا؟ (ثُمَّ
الرُّبَاعِيُّ) هذا مدخولها، أما متبوعها (فعلٌ ثُلاثيٌ)، فتشير ثُم
وتدل على أن حق مدخولها أن يُذكر بعد متبوعها، وعليه لِمَ قدَّم
الصرفيون الثلاثي على الرباعي؟ قيل: لإحدى علتين: أولاً: أن الثلاثي
موافقاً للطبع؛ لأن النفس والطبائع تستحضر الثلاثي أو ما رُكِّبَ من
ثلاثة قبل أن تستحضر ما رُكِّبَ من أربعة، هذا في النفس في نفس كل
إنسان يستحضر الاثنين قبل الثلاثة، لذلك إذا قيل: ثُلاثي، قد يتبادر
إلى الذهن ثنائي، وإذا قيل: ثنائي، يتبادر إلى الذهن أُحادي، وهلّم
جرا. فإذا قيل: رُباعي يتبادر إلى الذهن ثُلاثي، إذاً قُدم الثلاثي على
الرباعي ليوافق الوَضْعُ الطَبْعَ. المقصود بالوَضْع: الكتابة في
التأليف وفي التدريس، إذا أراد أن يُعلِّم أو يدرس يُقدم الثلاثي على
الرباعي، لماذا؟ لأنك تضع أمامك أو في كلامك ما يوافق ما جرى عليه
طبعك،
إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ تَصَوُّرًا عُلِمْ ... وَدَرْكُ نِسْبَةٍ
بِتَصْدِيقٍ وُسِمْ
وَقَدِّمِ الأَوَّلَ عِنْدَ الْوَضْعِ
..............................
لذلك يقولون: التصورات مقدمة على التصديقات، لم؟ لأن التصورات متعلقة
بالمفردات، والتصديقات متعلقة بالمركبات، والعلمُ بالمفردات سابقٌ
ومقدمٌ على العلمِ بالمركبات. أمور عقلية منطقية, (إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ
تَصَوُّرًا عُلِمْ) يعني عُلِم تصوراً، (وَدَرْكُ نِسْبَةٍ) يعني درك
وقوع نسبة (بِتَصْدِيقٍ وُسِمْ). إذاً التصور مقدّم على التصديق؛ لذلك
قال:
وَقَدِّمِ الأَوَّلَ عِنْدَ الْوَضْعِ ... لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ
بِالطَّبْعِ
كل ما قُدِّم بالطبعِ فلابد من موافقة الوضع للطبع، لذلك قُدِّم
الثلاثي على الرباعي. وقيل: لأن الثلاثي أصلٌ للرباعي، بالنسبة للرباعي
الثلاثي أصل للرباعي، فأصل الرباعي هو ثلاثيٌ مجرد، فزيد عليه حرفٌ
أصلي فصار أربعة أحرف، فإذا كان أصلاً له إذاً الأصل حقه أن يتقدم على
الفرع. إذاً هذه العلة التي أشار إليها الناظم بقوله: (ثُمَّ)؛ لأن
(ثُمَّ) تدل على الترتيب الذكري، يعني حق ما بعدها أن يُذكر بعد
متبوعها، يعني بعد ما قبلها.
ثُمَّ الرُّبَاعِىُّ بِبَابٍ وَاحِدِ ... ..........................
(ثُمَّ الرُّبَاعِىُّ) قلنا: هذا فيه
شذوذات ثلاث: أولاً: إسقاط الهمزة. وثانياً: ضم الرَّاء (رُ). وثالثاً:
المَدة التي بعد الباء رُبَا، الألف هذه شاذة، وضم الراء شاذ، وسقوط
الهمزة شاذ، لماذا؟ لأن أصله منسوبٌ إلى أربعة، والنسبة إلى أربعة أن
يقال: أَرْبَعيٌّ، لا رُبَاعيٌ. إذاً هو شاذ. إذاً من جهة اللفظ نقول:
الصواب أن يُقال: أربعيٌّ؛ ليوافق القواعد الصرفية في النسبة؛ لأنه من
شأن المنسوب أن يبقى على ما كان عليه قبل النسبة هذا هو الأصل. وهو من
جهة الاصطلاح: -كما سبق- ما كان ماضيه على أربعة أصول. والمراد
بالرباعي هنا الرباعي المجرد، بدليل قوله: (وَالْحِقْ بِهِ) إذاً لا
يشمل الرباعي الذي أصله ثلاثيٌ مجرد فزيد عليه حرفٌ فصار أربعة أحرف
بالزيادة؛ لأن الرباعي نوعان، الرباعي نوعان، لابد من تقييد الرباعي
بكونه مجرداً، نقول: هنا حصل القيد بالسياق، لماذا؟ لأنه في مقام ذكر
تقسيم الفعل المجرد، فقال: (فِعْلٌ ثُلاثيٌ إذا يُجردُ)، ثم قال: (ثم
الرباعيُ ببابٍ). إذاً مُرادهُ بالرباعي هُنا: الرباعي المجرد، مجردٌ
عن أي شيء؟ مجرد عن الزيادة، هل هناك رُباعي ليس مجردًا عن الزيادة؟
نعم، هناك رُباعي ليس مجردًا عن الزيادة، هل هو الذي يقصده الناظم بهذا
البيت؟ الجواب: لا، - هذا سيأتينا إن شاء الله -. إذاً (ثم الرباعي)
يعني ثم الفعلُ الرباعي، (الرباعي) هذا نعربه مبتدأ، لكنه في المعنى
صفة لموصوفٍ محذوف، ودائماً في حل الأبيات تُذكر الألفاظ والموصوفات من
أجل بيان المعنى، وعليه لا يُغير الإعراب فيبقى الإعراب على ما هو
عليه، كما يقال: هذا على حذف مضاف أو على تقدير مضافين، نقول: الإعراب
يبقى كما هو، أما عند حل المعاني فلابد من التقدير، وهنا (الرُباعي)
الرباعي هذا صفة؛ لأنه يُوصف به الفعل، فنقول: (الرباعي) صفة لموصوف
محذوف هذا الأصل ثم الفعل الرباعي، لكن عند الإعراب هذا من جهة حل
المعنى، عند الإعراب تقول: (ثم الرباعيُ) (الرباعي) مبتدأ مرفوع
بالابتداء، ورفعه ضمة ظاهرة على آخره. إذاً (ثم الرباعي) يعني الفعل
الرباعي المجرَّد عن أحرف الزيادة وهو ما كان ماضيه على أربعة أحرف
أصول، احترازاً من الرباعي المزيد الذي أصله ثُلاثي مجرد فزيد عليه
حرفٌ فصار بالزيادة أربعة أحرف، كأكرم وأخرج. (ثم الرباعي) قال: (بباب
واحدٍ)، (بباب) هذا جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر؛ لأن الرباعي مبتدأ،
أين خبره؟ الجار والمجرور، هذا هو الخبر أم الخبر محذوف؟ أين الخبر؟
ملفوظٌ أم محذوف؟ فيه ثلاثة أقوال،
وَأَخْبَرُوا بظَرْفٍ اوْ بِحَرْفِ جَرْ ... نَاوِينَ مَعْنَى كَائِنٍ
أَوِ اسْتَقَرْ
هل الخبر هو المحذوف فقط، أم المذكور فقط
على قولٍ، أم المحذوف مع المذكور؟ فيه ثلاثة أقوال، والصواب أنه
المحذوف فقط، وهذا مرّ معنا في الملحة، وبعضهم يرى وهذا مذهب جمهور
البصريين ونخالف جمهور البصريين، لماذا؟ لأن عند البصريين أنّ المحذوف
مع المذكور هو الخبر كائنٌ ببابٍ، نقول: لا يلزم هذا، بدليل اتفاق
البصريين أن متعلَّق الجار والمجرور إذا كان خاصاً أن الخاص هو الخبر
وحده، يقولون: زيدٌ مسافرٌ غداً، أو زيدٌ مسافرٌ بالطائرة مثلاً، جار
ومجرور مثل الذي معنا رباعي كائنٌ ببابٍ، زيدٌ مسافرٌ بالطائرة، كائن
بباب كائن هذا عام، مسافرٌ خاص، اتفقوا يعني البصريون على أن الخبر في
زيدٌ مسافرٌ بالطائرة هو مسافرٌ فقط، والجار والمجرور متمم للخبر،
ولذلك قد يكون الخبر آخذاً للمعنى من وصفه، لذلك {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ
عَادُونَ} [الشعراء:166]، {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}
[النمل:55]، - نأتي بالقرآن حتى تستفيدوا - (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ
تَجْهَلُونَ)، (أنتم قومٌ) (أنتم) مبتدأ, (قومٌ) خبر، (بل أنتم قوم)
(قوم) هذا مفهوم من قوله: (أنتم) هل تمت الفائدة؟ لا، قد تتم الفائدة
فائدة الخبر بموصوفه، أو بالبدل، أو بالجار والمجرور، أو بالظرف، يعني
بعض أنواع الخبر - وهذا ليس بكثير لكنه ورد في أفصح الكلام وهو القرآن
- قد تتم فائدة الخبر بصفتهِ، أما نفسُ الخبر أما نفس الخبر قد لا
يستفيدُ منه السامعُ فائدةً زائدة على المبتدأ، مثاله الآية: (بل أنتُم
قومٌ (لو لم يأت (تجهلون) إعرابه صفة لقوم؛ لأن الجمل بعد النكرات
صفات. إذاً (تجهلون) ليست هي الخبر، بل هي صفة، (بل أنتم قوم) ما حصلت
الفائدة التامة،
وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الْفَائِدَهْ ...
................................
نقول هنا: بعض أنواع الخبر قد يحصُل أو
تحصل فائدته بتابعه وهو الوصف، أو الجار والمجرور، كون الخبرِ تحصل
فائدته بتابعه نأخذ من هذا أنه لا يلزم إذا كان الخبر محذوفاً وهو عام
أن يتركب من المحذوفِ والمذكور للتتم الفائدة؛ لأنهم يقولون: ثم
الرباعي كائنٌ ببابٍ، لو قلت: كائن بباب الرباعي كائنٌ ما حصلت
الفائدة. إذاً كائن ليس هو الخبر لوحده، لابد من ضميمة قوله: (ببابٍ).
إذاً كائن ببابٍ كله الخبر هذا عند البصريين، نقول: هذا لا يلزم؛ بدليل
أنه في متعلق الخبر الخاص أن الخبر الخاص هو وحده الخبر، زيدٌ مسافر،
مسافرٌ خبر وهو خاصٌ تعلق به بالطائرة؛ نقول: بالطائرة لا مدخل له إلا
في تتميم المعنى فقط، أما هل لابد أن يكون داخلاً في حيّّّّز الخبر حتى
يصّح الإخبار بالخبر عن المبتدأ؟ الجواب: لا. إذاً (ثم الرباعي ببابٍ)
نقول: (ببابٍ) جار ومجرور متعلق بمحذوف، المحذوف هو الخبر وليس المذكور
على الصحيح. (ثم الرُباعي) (الرُباعي) مبتدأ، (ببابٍ) نقول: متعلق
بمحذوف خبر، (ببابٍ واحدِ) (ببابٍ) قلنا: الباب هنا بمعنى النوع
والقسمة، ليس الباب الذي نذكره باب الطهارة، بواب تحركت الواو والباب
لغة كذا وفي الاصطلاح كذا، بل الباب هنا بمعنى النوع. (أبوابه ستٌ)
يعني أنواعه وأقسامه ستٌ, (ببابٍ واحدٍ) إذاً اختص الفعل الماضي
الرباعي المجرد ببابٍ واحد فقط وهو فَعْلَل؛ لذلك لعدم التباسه وللعلم
به لم ينص عليه كما نصّ على الفعل الثلاثي المجرد؛ لأن الفعل الثلاثي
المجرد ثلاثة أبواب: (فعَل, فعِل, فعُل) لا يمكن أن يُميز بينها إلا
بالتنصيص عليها، أما الرباعي فهو نوعٌ واحد فلذلك أجمله، ولم يذكُر
أيضاً مضارعه لأنه لا يلتبس كما تلتبس أبنية الفعل الثلاثي المجرد
ببابٍ واحد، ما دليله؟ الاستقراء والتتبع.
وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّي اسْتُدِلْ ... فَذَا
بِالِاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ
يعني نظر أهل الصرف وأهل اللغة في كلام
العرب فلم يجدوا فعلاً رُباعياً إلا على وزن فَعْلَلَ فقط، ولَمَّا
نظروا في الفعل الثلاثي المجرد وجدوا ثلاثة أبنية: (فعَل فعِل فعُل)،
والخلاف بين الأبنية هو حركة العين - تنبه لهذه - حركة العين هي التي
غايرت بين الأبنية، وإلا الفاء تلزم حالة واحدة، واللام لا مدخل
للصرفيين فيها؛ لأنها مبنية بالفتح الظاهر أو المقدر مطلقاً يعني،
والعين لاختلاف حركتها تعددت الأبنية. أما فَعْلَلَ الرباعي المجرد
الأصول نظر الصرفيون في لغة العرب فلم يجدوا إلا هذا الوزن فقط هذا
بالاستقراء، أما بالقسمة العقلية فيقتضي أن يكون للرباعي المجرد الأصول
ثمانيةً وأربعين باباً، لكن لم يُسمع منها إلا باب واحد والحمد لله
كفونا، كيف يقتضي العقل أن يكون فَعْلَلَ على ثمانية وأربعين باباً؟
قالوا: الفاء هذه لا يمكن أن تكون ساكنة، لماذا؟ لأنه لا يُبتدأ بساكن.
إذاً يحتمل أن تكون مفتوحةً أو مكسورةً أو مضمومة، هذه ثلاثة احتمالات
للفاء، ننتقل للحرف الثاني وهو العين يحتمل أن يكون ساكناً، ويحتمل أن
يكون مكسوراً أو مفتوحاً أو مضموماً هذه أربعة، إذاً ثلاث احتمالات
للفاء، وأربعة احتمالات للعين، اللام الأولى أيضاً يحتمل أنها ساكنة،
ويحتمل أنها مكسورة وأنها مفتوحة وأنها مضمومة هذه أربعة احتمالات،
اللام الأخيرة لا مدخل للصرفيين فيها.
إذاً عندنا ثلاثة احتمالات للفاء، وأربعة
احتمالات للعين، وأربعة احتمالات للام، ثلاث في أربعة باثني عشر، اثني
عشر في أربعة بثمانية وأربعون، لكن لم يُسمع إلا (أسقطوا الكسرة والضمة
من جميع الأحوال، لماذا؟ لأن الفعل الرباعي ثقيل، والكسر والضم ثقيل،
ولا يجتمع ثقيلٌ مع ثقيل؛ لأن قاعدة العرب الكبرى: التماس الخفة؛
فالتماس الخفة دعتهم إلى أن يُسقطوا الكسر والضم من باب فَعْلَلَ، لِمَ
كان الفعل الرباعي المجرد الأصول لِمَ كان ثقيلاً؟ قالوا: فعَل خفيف،
فعِل وهو ثُلاثي فَعِل أخو فَعَل إلا أنه حُركت العين بالكسر، كان
مفتوحاً فحُرك بالكسر فصار فيه ثِقل، بمجرد تحريك العين أو نقل العين
من الفتح إلى الكسرِ صار ثقيلاً مع أنه لم يزدد حرفاً رابعاً، ثم لما
ضُمَّت العين ماذا صار؟ ازداد ثقلاً على ثقله، ازداد ثقلاً بأي شيء؟
بحرفٍ زائد؟ لا، بالضمة بالحركة، إذا كان الفعل يتأثر بتغيير الحركة
فما بالك إذا زيد عليه حرفٌ أصلي، فيكون بابُ فَعْلَلَ أثقل من باب
فَعُل، لذلك لما ثَقُل فَعِل قلّ استعماله، ولما نُقلت الحركة من الكسر
إلى الضم قلّ بالنسبة إلى فعِل، ولما زِيْد حرفٌ على الثلاثي على القول
بأن أصل الرُباعي هو الثُلاثي فزيد عليه حرفٌ أصلي لما زيد حرفٌ صار
فَعْلَلَ أقل استعمالاً من فعُل، لماذا؟ لثقله، ما وجه الثقل هنا؟
زيادة حرفٍ فإذا كان الثقل يوجد في الثلاثي المجرد بمجرد تغيير الكسر
إلى الضم أو من الفتح إلى الكسر أو إلى الضم نقول: فمن بابٍ أولى أن
يحصل الثقل في الفعل بزيادة حرفٍ أصلي، ولذلك التزموا فيه الفتحات، فتح
الفاء وفتح العين وفتح اللام الأولى، هذا الأصل فيه، التزموا فيه
الفتحات، لماذا؟ ليعادل الفتح وهو خفيف أخفّ الحركات ليعادل الفتح ثقل
الفعل، فلما ثقُل الفعل بكثرة حروفه التزموا فتحه في جميع حروفه،
فالأصل في فَعْلَلَ: فَعَلَلَ بفتح الفاء والعين واللام الأولى واللام
الأخيرة للبناء، لكن هذا أوقعهم في إشكالٍ آخر: وهو لمّا التزموا الفتح
في جميع الأحرف قالوا: هذه رُباعية أربعة أحرف، والقاعدة أن لغة العرب:
أو أن العرب يكرهون توالي أربعِ متحركات فيما هو كلمة واحدة، وفَعَلَلَ
هذا كلمة واحدة، ويكرهون توالي المتحركات، فإذا كان الفعل ثقيل والحركة
التي هي الفتح ثقيل فتوالي الحركات زاد الثِقَل ثِقلاً، فقالوا: إذاً
لابد من تسكين حرفٍ من هذه الثلاثة الأحرف، فاختلفوا قيل: الفاء، ولكن
الفاء أبت أن تُسقط حركتها؛ لأنه لابد من تسكين حرف لتحصل الخفة، أبت
الفاء لِمَ؟ لسببين, أولاً: لأنها في الصدر، وإسقاطُ حركة الصدر ممتنعٌ
كإسقاط الحرف. ولذلك لَمَّا اختلف البصريون والكوفيون في اسمٍ هل هو من
سِموٌ أو وَسْمٌ؟ قلنا: الأرجح أنه من سموٌ، لماذا؟ لأنه اختلف في
المحذوف هل هو من الأول الصدر أو من العجز الأخير؟ نقول: الأكثر في لغة
العرب أن الحذف يكون من العجز، وإذا دار الأمر بين الحذف أن يكون من
الصدر أو العجز نقول: حمله على الأكثر أولى وأرجح، هذا يعتبر من
المرجّحات عندهم. إذاً الفاء هنا لا يمكن إسقاط حركة الفاء يعني من
الفتح إلى السكون؛ لأنه له الصدارة، والصدر قويٌ بذاته وبحركته.
ثانياً لو أُسقط الحركة وهي الفتحة وسكن لا
يُمكن أن يُبتدأ بساكن. إذاً لا يمكن أن تُسَكَّن الفاء، أحالتنا الفاء
على اللام الأولى؛ لأنه إما الصدر وإما العجز، اللام الأخيرة لا مدخل
لنا بها، اللام الأولى فَعْلَ اللام الأولى هذه لا يمكن إسقاطُ الفتحِ
يعني لا يمكن تسكينُها، لماذا؟ لأن فَعْلَلَ فعلٌ ماضي، والفعل الماضي
إذا اتصل به ضميرُ رفعٍ متحرك سُكن آخره، دَحرجْتُ الجيم ساكنة وهي
اللام الثانية من باب فَعْلَلَ، لماذا سُكنت اللام الثانية؟ لاتصال
ضمير رفعٍ متحرك، فلو سُكنت اللام الأولى مع تسكين اللام الثانية إما
أن يُحرك وإما أن يُسقط، ويمتنع الأمران، التحريك لأننا لو حركنا
لحركناه إما بالكسرِ أو الضم، ونحن أسقطنا الحركة الأصلية حركة البنية،
لماذا؟ التماساً للخفة، فكيف نأتي بحركة عارضة؟! إذاً يمتنع أن يُحرك
التقاء الساكنين هنا بالكسر أو الضم، نُحركه بالفتح، نقول: نحن عدلنا
من الفتح إلى السكون طلباً للخفة بدفع توالي أربع متحركات. إذاً امتنع
الفتح وامتنع الكسر وامتنع الضم لو التقى ساكنان. نعدل إلى الأمر
الثاني: وهو الإسقاط وهو حرفٌ صحيح والأصل أنه لا يُسقط، ثم لو أسْقِط
لأدى إلى إبطال البناء. إذاً امتنع أن يُسكّن الحرفُ الثالث الذي هو
اللام الأولى من باب فَعْلَلَ. إذاً امتنعت الفاء، وامتنعت اللام
الأولى، ولم يَبْقَ عندنا إلا العين - وما حيلةُ المضطرِ إلا ركوبها -
فنُسَكِّن العين دفعاً لتوالي أربع متحركات، فصار فَعْلَلَ. إذاً نقول:
فَعْلَلَ هو وزن واحدٌ وبناءٌ واحد للفعل الرُباعي المجرد الأصول، ولم
يأتِ على غير هذا البناء. يأتي لازماً ويأتي متعدياً، يعني يكون لازماً
لا ينصبُ مفعولاً به، ويأتي متعدياً، حَصْحَصَ {الْأَنَ حَصْحَصَ
الْحَقُّ} [يوسف:51]، حَصْحَصَ على وزن فَعْلَلَ، حَصْحَصَ الحق يعني
بان وظهر، هل هو متعدي؟ لا هو لازم, كذلك يأتي متعدي نحو دحرجتُه يعني
الحجر، دحرجته هذا يتعدى إلى مفعول به. إذاً دحرج هذا متعدي، وبرهن
أيضاً برهنتُ المسألة هذا متعدي، واللازم مثل حَصْحَصَ، ودَرْبَخَ إذا
ألقى رأسهُ بين يديه، وبرهم يُبرهم هذا أيضاً لازم. إذاً يكون لازماً
ويكون متعدياً وأيهما الأكثر؟ قالوا: التعدي فيه أكثر من اللزوم؛ لأنه
بناءٌ واحد، وليس لنا ثانٍ. فَعْلَلَ هذا كما قيل في فعَل وفعِل وفعُل
يكون صحيحاً، ويكون معتلاً، ويكون مضاعفاً، ويكون مهموزاً، ولكن بحث
الصرفيين في فعَل الثُلاثي المُجرد من هذه الحيثية أكثر، لماذا؟ يعني
لا يتعرضون لتقسيم الفعل الرُباعي المجرد الأصول إلى هذه القسمة كما
فعلوا في الفعل الثُلاثي المجرد، لماذا؟ لأنه لا يكاد يكون لهذا
التقسيم أثرٌ في الفعل الرباعي، أما الثلاثي فنعم لكثرة الاعتلالات
والحذف والقلب والإبدال يتعرضون لهذه الأمثلة، فنقول: دحرج هذا صحيح،
وهل هو سالم؟ نقول: نَعم؛ لأن السالم: هو ما خلت حروفه أو أصوله من
حروف العلة ومن الهمز. إذاً دحرج نقول: هذا صحيحٌ سالم. صحيحٌ لماذا؟
لخلوه من حروف العلة، يعني الفاء والعين واللام ليست حرفاً من حروف
العلة. هو سالم؟ نعم؛ لخلوه من الهمزِ.
المضاعف أو المهموز نحو طَمْأَن فَعْلَلَ،
طمأن اللام الأولى همزٌ. إذاً هذا مهموزٌ لماذا؟ لكون لامه الأولى
همزةً. زَلْزَلَ هذا مُضاعف؛ لأن المضاعف نوعان: مُضعف ثُلاثي: ومُضعف
رُباعي. المضعف الثُلاثي: ما كانت عينه ولامه من جنسٍ واحد، كشدّ ومدّ
ودبّ. والمُضعف الرُباعي: ما كانت فاءه ولامهُ الأولى من جنسٍ واحد
وعينه ولامهُ الثانية من جنسٍ واحد، نحو زَلْزَلَ زَلْزَ الفاء واللام
الأولى زَاء والعين واللام الثانية لام زلزل هذا رُباعيٌ وهو مضاعف.
وهل يكون رباعي معتلاً؟ نقول: نعم، وَسْوَسَ، الفاء وقعت واواً واللام
الأولى وقعت واواً إذاً هو معتل، لماذا؟ لكون فائه حرفاً من حروف
العلة، ولكون لامه الأولى حرفا من حروف العلة. - واضح هذا -. إذاً ثم
الرُباعي كائنٌ بابٍ واحدٍ لا مزيد عليه، يعني ليس عندنا رُباعي مجرد
الأصول إلا على وزنِ فَعْلَلَ، ويأتي لازماً ويأتي متعدياً - كما سبق
بيانه -. مضارعهُ لم يذكر هنا كما ذكر في الفعل الثلاثي المجرد، لماذا؟
لأنه لا يلتبس، إذا كان هو ماضيه على وزنٍ واحد، إذاً بالتالي سيكون
مضارعهُ على وزنٍ واحد، إذاً لا التباس فيه، بخلاف الثلاثي المجرد لأنه
على فعَل فعِل فعُل، وفَعَلَ له أوزان مختلفة تختلف عن فَعِل، وفَعِل
يختلف عن فعُل. إذاً لابد من التنصيص على كل نوع، أما هنا لم يذكر
المضارع. ووزنه يُفَعْلِلُ، دَحْرَجَ يُدَحَرِجُ، ماذا صنعنا؟ أضفنا
وزدنا حرف المضارعة في أولهِ وهي الياء، ولا يلزم أن يكون الياء، واحدة
من نأيتُ أو أنيتُ يُدَحْرِجُ أُدَحْرِجُ نُدَحْرِجُ تُدَحْرِجُ، هذه
كلها فعل مضارع زيدت الياء أو أحدِ حروف نأيتُ في أوله وكُسِر ما قبل
آخره، تقول: يُدَحْرِجُ أُدَحْرِجُ، إذاً وزنٌ واحد لمضارعه
يُفَعْلِلُ، والضمة في أوله هذا ضابط من ضوابط حركة حروف نأيتُ؛ لأنها
إما أن تُضم وإما أن تُفتح في اللغة الفصحى، وهناك لغةٌ تُكسر. إن كان
ماضيه ثُلاثياً أو خماسياً أو سداسياً تُفتح حركة حرف المضارعة، يَذهبُ
لأنه ذهب تقول: يَذْهب بفتح الياء، انطلق خماسي يَنطلق بفتح الياء،
استخرج يَستخرج بفتح الياء. إذاً إذا كان المضارع ماضيه ثُلاثياً أو
خماسياً أو سداسياً تفتح حركة حرف المضارعة، إن كان رباعياً تُضمُ.
وضُمَّهَا مِنْ أَصْلِهَا الرُّبَاعِي ... مِثْلُ يُجِيبُ مِنْ أَجَابَ
الدَّاعي
أجاب يُجيب
وَمَا سِوَاهُ فَهِيَ مِنْهُ تُفْتَتَحْ ... وَلاَ تُبَلْ أَخَفَّ
وَزْناً أَمْ رَجَحْ
مِثَالُهُ يَذْهَبُ زَيْدٌ وَيَجِي
وَيَسْتَجِيشُ تَارَةً وَيَلْتَجِي
إذاً ذهب يَذهبُ، انطلق يَنطلق، واستخرج يَستخرج، هذه بالفتح في
الجميع، إلا لذلك قال: (وَلاَ تُبَلْ أَخَفَّ وَزْناً) يعني قلّ وزنه
عن الرباعي وهو الثلاثي (أَمْ رَجَحْ) أم زاد عن الرُباعي؛ لذلك نقول:
باب الفعل الماضي المجرد وهو على أربعة أحرف أصول بابه في المضارع بابٌ
واحد وهو يُفعْللُ بضم حركة المضارعة وكسر ما قبل آخره، والأمر منه
فَعْلِلْ دَحرِج.
ثُمَّ الرُّبَاعِىُّ بِبَابٍ وَاحِدِ ... وَالْحِقْ بِهِ سِتَاً
بِغَيْرِ زَائِدِ
انتقل إلى بيان ما يسمى عند الصرفيين
الملحق بالرباعي؛ الرباعي أُلحقت به بعض الأوزان، والمراد بالإلحاق
هنا: جعلُ كلمة مثل كلمة أخرى، يعني زيادةٌ لأجل إلحاق بناء ببناء وزن
بوزن، وهذه الزيادة التي تكون بسبب زيادة حرفٍ أو أكثر تجعل المزيد فيه
مساوياً للملحَقِ به، تجعلُ وتُصيِّرُ الكلمة المزيدة فيها مساوية
للمُلحَق به، فعندنا مُلحَق ومُلحَقٌ به، الكلام في الملحَق، المُلحَق
به الرباعي المجرد دحرج، ولا كلام لنا فيه. المُلحق به دحرج الفعل
الرباعي المجرد. الملحق هو الذي نعنيه هو أن يزاد على فعلٍ ثلاثيٍ مجرد
الأصول أن يزاد عليه حرفٌ فيصير مَلْحَقاً بالرباعي المجرد. سبب هذا
الإلحاق أن يُراد ويُقصد من الكلمة التي زيد عليها حرفٌ أو أكثر نقول:
أكثر لأنه قد يُلحق بالمزيد بالرباعي الأصول، تدحرج أو احرنجم، لكن
الكلام هنا في الرباعي المجرد، يعني خاصٌ بالثلاثي الذي زيد عليه حرفٌ
واحد، ثم صار بهذه الزيادة ملحقاً بالرباعي، يعني كيف مُلحقٌ بالرباعي؟
يعني صار عدد حروفه كعددِ حروف دحرج، وصارت حركاته المُعينة كحركاتِ
دحرج المُعينة، وسكناته مثلَ سكنات دحرج، فلذلك يُشترط في هذا إذا كان
مُلحقاً به في العدد عدد الحروف وفي الحركات المعيَّنة وفي السكنات
يشتَرط اتحاد المصدرين: مصدر المُلحَق ومصدر الملحَق به، دحرج له
مصدران، دحرج يُدحرِج دَحْرَجَةً وَِدِحْرَاجاً، دَحْرَجَةَ فَعَلَلَةً
هذا المصدر الأول، دِحْرَاجاً فِعْلاَلاً هذا هو المصدر الثاني. إذاً
نزيد في الثلاثي المجرد حرفاً واحداً، وهذا الحرفُ يصير به موازياً
للرباعي المجرد، هل كُل ثُلاثي مُجرد زيد عليه حرفٌ صار ملحقاً
بالرباعي المجرد؟ الجواب: لا، لابد من الاستواء في عدد الحروف، وهذا
يستوي أكرم وحوقل الذي سيأتينا، وأكرم ليس ملحقاً، وحوقل مُلحق مع أنها
أربعة أحرف، وحوقل زيدت فيه الواو وأكرم زيدت فيه الهمزة، لكنهما لا
يستويان، لماذا؟ لأنه يُشترط في المُلحق أن يكون مساوياً للمُلحق به
دحرج في عدد الحروف والحركات والسكنات واتحاد المصدر، وزيادة على ما
ليس معنا أن يكون موافقاً للمُلحق به أصالة وزيادة، فإذا زيد حرفٌ في
المُلحق به لا بد أن يكون هناك زيادة مثلها في المُلحَق.
أمثلة: دحرج يُدحرج دحرجة ودِحراجاً، هذا هو الأصل الذي تُلحق به
الثلاثي المجرد الذي زيد عليه حرفاً. قالوا: شَمْلَلَ على وزن
فَعْلَلَ، شَمْلَلَ اللام الثانية زائدة، وجلبب اللام الثانية زائدة،
والزيادة هنا للإلحاق، والإلحاق هذا كما سبق في أول الدروس الميزان
الصرفي أن الزيادة قد تكون لغرضٍ لفظي لا تعود إلى المعنى، وقد تكون
لغرضٍ معنوي. بابُ الإلحاق كلُّهُ هذا من الغرض اللفظي في الأصل، ولو
وُجد معنىً فهو معنى مختص باللفظ الذي زِيد فيه لا يطّرد، ولذلك حروف
الإلحاق لا تختص بحروف سألتمونيها،
وَالْأَحْرُفُ التِّيْ تُزَادُ فِي الْكَلِمْ ... مَجْمُوعُهَا
قَوْلُكَ سَائِلْ ......
سألتمونيها هذه الأحرف الأصل أنها تُزاد
بدلالة على معنى في الكلمة التي زيدت فيها، ولكنها تطّرد، يعني لا تختص
بالفعل الذي زيد فيه، أخرج أكرم الهمزة زيدت هنا للتعدية، هل هي مُختصة
بكَرُم أَكْرَم أم كلَّما وُجدت الهمزة التي للتعدية أفادت التعدية؟
نقول: كلما وُجدت، أخرج أنقذ ألفى إلى آخره نقول: هذه الهمزة تدل على
التعدية كلما وجدت، فهذا الحرف يدل على معنى مُطّرد، أما الحرف الذي
يُزاد للإلحاق إن دلّ على معنى - والأصل أنه لا يدل على معنى – إن دل
على معنى فهو معنى خاص بالكلمة ولا يطّرد - تنبه لهذا -. نقول:
شَمْلَلَ جَلْبَبَ اللام الأولى زائدة للإلحاق لا تدل على معنى، اللام
الثانية في شَمْلَلَ زيدت للإلحاق، جلبب الباب الثانية - وقيل: الأولى،
وقيل: سواء، الباء الثانية - على المشهور أنها زائدة للإلحاق. لم زيدت؟
لإلحاق بناءٍ ببناء، أن يكون جلبب وأصله جَلَبَ - أن يأتيَ بشيء من أجل
أن يبيعه جلب - إذاً فهو ثُلاثي فزيدت عليه الباء الثانية، شَمْلَلَ من
شمِل زيدت عليه اللام الثانية أصله ثُلاثي، لم زيد؟ قيل: ليكون موازناً
لدحرج، في أي شيء؟ في عدد الحروف. شملل إذاً عدده أربعة، جلبب عدده
أربعة، شَمْلَلَ بفتح أوله وثالثه وإسكان ثانيه، جَلْبَبَ بفتح أوله
وثالثه وإسكان ثانيه، إذاً مثل دَحْرج، فيستوي هذا هو باب الإلحاق،
النتيجة هذا مقدمة النتيجة يستوي المُلحَق وهو شَمْلَلَ مع الملحَق به
دَحْرَجَ في جميع تصاريفه، فيأتي الماضي شَمْلَلَ على وزن دَحْرَجَ،
ويأتي المضارع من شَمْلَلَ مثل ما يأتي من دَحْرَجَ، تقول: دَحْرَجَ
يُدَحْرِجُ، شَمْلَلَ يُشَمْلِلُ، دَحْرَجَ يُدَحْرِجُ دحرجةً المصدر
الأول، شَمْلَلَ يُشَمْلِلُ شمللةً المصدر الأول، شَمْلَلَ يُشَمْلِلُ
شَمْلَلَةً مثل دَحْرَجَة، الأصل أنه ما يأتي على شمللةً، لكن زدنا
الحرف من أجل أن نأتي به على شَمْلَلَة شملالاً, جلبب كدحرج يُجلببُ
كيُدحرج جلببةً كدحرجة جِلباباً كدِحراجاً. هذا هو باب الإلحاق، تزيد
في كلمة على ثلاثة أحرف حرفاً واحداً من أجل أن يكون مساوياً له في عدد
الحروف والحركات والسكنات، ويُشترط اتحاد المصدر، أيُّ المصدرين الأول
أم الثاني؟ الأول – تنبه - الأول فعللةً؛ لأن بعض الثلاثي الذي زيد
عليه حرفٌ للإلحاق يأتي منه فَعْلَلَةً فقط ولا يأتي منه فِعلالا،
عَرْبد - ساء خُلقه - يُعربِدُ عَرْبَدَةً وليس عندنا عرباداً، هل
نقول: عربد هذا ليس مُلحقاً؟ مُلحق مع كونه لا يأتي منه عِرباداً الذي
هو المصدر الثاني، نقول: اتحاد المصدرين الذي هو شرط الإلحاق المقصود
به المصدر الأول دون الثاني، لماذا؟ لأن الثاني لا يطّرد مع جميع
الأفعال، قحطب يُقحطبُ قَحْطَبَةً، وليس عندنا قِحطاباً. إذاً قحطب هذا
وعَرْبَد نقول: مزيدٌ وهو مُلحقٌ بدحرج، إذاً هو من باب المُلحق
بالرباعي المُجرَّد. ما هي الأوزان التي يكون عليها باب المُلْحَق؟
يعني ليس مفتوحاً هكذا، وإنما هي محصورة في باب الثلاثي المُجرد فعِل
فعُل فعَل ويفعُل ويفعَل ويفعِل نقول: كذلك المزيد والإلحاق ما حكمه؟
أنه محصور في أبواب معينة.
واضح الإلحاق أن تزيد حرفاً، وهذا الحرف لا
يختص بسألتمونيها، لماذا؟ لأن الزيادة في باب الإلحاق لغرضٍ لفظي،
ولذلك معنى الكلمة بعد الإلحاق أن يكون معنى الكلمة بعد زيادة الإلحاق
كمعناها قبل الإلحاق، الأكثر في المُلحقات أن يكون معنى الكلمة بعد
زيادة الإلحاق كمعناها قبل الإلحاق، جلبَبَ جَلَبَ ما زاد المعنى،
المعنى هو هو، شملل وشمِل المعنى هو هو ما زاد، - واضح - لكن قد تكون
الزيادة مؤثرة في المعنى، مثّلوا في الأسماء لأن الإلحاق يكون في
الأفعال ويكون في الأسماء كوكب، الواو هذه مختلفٌ فيها، قيل: هي زائدة
وزيادتها للإلحاق، كوكب الزيادة هذه أثرت في المعنى، لماذا؟ لأنه قبل
لو حذفت الحرف صار ككب، ليس عندنا في اللغة ككب، كوكب صار لها معنى قبل
الزيادة؟ لا معنى لها، بل لا وجود لها كما يقول بعض الصرفيين. إذاً هنا
أثّر لكن هذا قليل، لذلك يقول الصرفيون: وربما أفادت الكلمة معنى بعد
زيادة الإلحاق لم تفده قبل الإلحاق ولكنه قليل. مثّل له بكوكب, ككوكب
إلحاقاً لجعفر ليكون موازياً له في التصغير والجمع، جعفر كوكب زدناه
فصار موازياً له في الحركات وعدد الحروف والسكنات. جَعْفَر جُعَيفر هذا
تصغير، كوكب كُوْيكِب، جَعَافر كَوَاكِب صار موازياً له. إذاً قد يؤثر
في المعنى لكنه قليل، والذي تتنبه له أنه لا يُشترط في أحرف الإلحاق أن
يكون من حروف سألتمونيها، حروف سألتمونيها الزيادة تكون لمعنى لغرض
معنوي، والإلحاق الغرض منه غرضٌ لفظي. لذلك يقولون: لا يُعَلُّ ولا
يُدغم. جلبب اجتمع عندنا مثلان الباء والباء، يمكن أن تقول: نُسقط حركة
الباء الأولى إلى اللام جلْ ساكنة ونُدغم الباء في الباء، لكن نقول:
هذا لا يجوز، لِمَ؟ لأننا لو أدغمنا لفات الغرض من زيادة الحرف؛ لأننا
ما زدنا الحرف إلا من أَجل الإلحاق, والإلحاق الأصلي أن يكون في اللفظ
ملفوظاً به، وجَلَبَّ غير ملفوظ به. إذاً لا يجوز أن يدغم وإن وجد موجب
الإدغام.
(وَالْحِقْ بِهِ سِتَاً بِغَيْرِ زَائِدِ)
(وَالْحِقْ) وصل الهمزة هنا للضرورة، والأصل أنه من باب ألحق يُلحق،
الأمر منه أَلْحِق، هَمزة الرباعي وأمره ومصدره هَمزةُ قَطْع، أَكَرْم
يُكرْم إكرْاماً، والأمر منه أَكَرِم، الهمزة في أكرِم هَمزةُ قطع،
وألحق يُلحق إلحاقاً إذاً الأمر منه ألحِق همزة قطع، هنا سَهَّلَهَا
قال: (وَالْحِقْ) ولم يقل: وأَلْحِق، لِمَ؟ للوزن، إذاً (وَالْحِقْ به)
(والحق) أيها الصرفيُ يعني سَوِّي حكم المُلحق بالرباعي المجرد فيما
يُذكرُ من الأبواب، (والحق به) الباء هنا الجار والمجرور متعلق بقوله:
(الحق) والهاء الضمير يعود على الفعل الرباعي المجرد، (ستاً بغيرِ
زائدِ) (ستاً) هذا منصوب بـ (الحق) مفعولٌ به، والأصل ستة أبوابٍ، أسقط
التاء هنا مع كون المعدود مُذكَّراً، والأصل التخالف أن يؤنث العدد؛
لتذكير المعدود، والأصل أن يُقال: وألحق به ستةً، ولكن سهَّل حذفها حذف
المعدود، والقاعدة تطّرد إذا ذُكر المعدودُ، إذا ذكر المعدود يجب ذكر
التاء، أما إذا حُذف أو تقدم يجوز الوجهان وإن كان الأولى عند الصرفيين
إثباتها. (والْحق به ستاً)، (ستاً) من أي أبواب؟ يعني ستا أبواب من
الثلاثي المجرد، متى؟ إذا زِيْد عليه حرفٌ واحد، (بغير زائد) يعني
كائنةً حال كون الستة كائنة بغير باب زائدٍ عليه، فيرى الناظم أن باب
المُلحقات محصورة في ستة أبواب، وزيد عليها سابعٌ، وزيد عليها ثامنٌ.
يعني قيل: سبعة، وقيل: ثمانية، والناظم هنا اختار أنها ستة (بغيرِ
زائدِ) يعني حال كونها الستة الأبواب بغير بابٍ زائدٍ عليها. ما هي هذه
الأبواب؟ قال: أولها: (فَوْعَلَ). (فوعل) هذا خبر مبتدأ محذوف تقديره:
أولها أو أحدها أو هي (فوعل) يجوز، (فوعل) بَابُه حوقل، يعني له مثال،
حوقل أصلُه حقل بمعنى ضعُف أو كبُر، وليست هي حوقل إذا قال: لا حول ولا
قوة إلا بالله. هذيك بابٌ آخر باب النحت، وهنا حوقل أصلُها حَقَل من
الضعف والكِبَر، فزيدت عليه الواو بين الحاء والقاف يعني بين الفاء
والعين زيدت حقل زد الواو بعد الفاء التي هي الحاء وقبل القاف التي هي
العين، صار وزنه حوقل فوعل, فنقول: حوقل هذا مُلحق بالرباعي المُجرَّد،
لماذا؟ لأَنَّه زِيْد عليه حرفٌ فصار بالحرفِ مساوياً لدَحْرَجَ، في
أيّ شيءٍ؟ في عدد الحروف والحركات والسكنات واتحاد المصدر، فتقول:
حَوْقَل كتدحرج، يُحَوقِل يُدحرِج، حَوْقَلَةً دَحْرَجَةً، حِوْقالاً
دِحْراجاً، حِوْقالاً سكنت الواو وكُسِر ما قبلها فقلبت الواو ياءً
حيقالاً هذا هو المصدر الثاني. إذاً استوى بمعنى تعادل حَوْقَل مع
دَحْرَج، فنقول: حوقل هذا مُلحق بالرباعي وهو لازمٌ، نقول: حوقل زيدٌ
يعني ضَعُف حوقل زيدٌ. إذاً حوقل موازناً لدحرج لأنه يأتي في جميع
التصرفات الماضي والمضارع والمصدر مثل دحرج فهو مساوي له، جعْل كلمة
مثلُ كلمةٍ أخرى بسبب زيادة حرفٍ. واتحد المصدران هنا حوقلةً دحرجةً،
حيقالاً دحراجاً، حيقالاً أصلها أصل الياء هنا واواً قُلبت ياءً
لسكونها إثر كسرٍ هذا هو الوزن الأول ما كان على وزن فوعل. مثله
جَوْرَبَ وهوجل.
الوزن الثاني: (فَعْوَل) هذا معطوفٌ على
(فوعل) بحذفِ حرف العطف، وهو جائزٌ اتفاقاً في النظم، مختلفٌ فيه في
النثرِ وأجازه ابن مالك -رحمه الله-. إذاً (فوعل) هو الوزن الأول
المُلحق بالرباعي. الثاني: (فَعْوَل) بابه جَهْوَر، أصلُه: جَهَرَ رفع
صوته، جهر زَيْد وهذا متعدي، زيدت عليه الواو بين العينِ واللاَّم يعني
بين الهاء والراء، جه فع، ور جهور فعول، إذاً أين زيد الحرف الذي صارت
به الكلمة مُلحقاً؟ بين العين واللام، بهذه الزيادة صار جَهْوَر
موازناً لدَحْرَجَ في الحركات والسكنات وعدد الحروف واتحاد المصدر،
أهمُ أمر اتحاد المصدر، جَهْوَر دَحْرَج، يُجَهْوِر يُدَحْرِج،
جَهْوَرةً دَحْرَجَةً، جِهْوَاراً دِحْرَاجَاً صار موازياً له، دَحْرِج
هذا الأمر جَهْوِر هذا الأمر صار موازياً مثله، هذا الثاني. الثالث:
قال: (كَذَاكَ) - جَهْوَر مثله هَرْوَل وَرَهْوَك – (كَذَاكَ
فَيْعَلاَ) يعني مثل (فوعل) و (فَعْول) من كونه ثلاثياً مجرداً زيد
عليه حرف فصار به موازياً لدَحْرَجَ في جميع تصرفاته (فيعلا)، (فيعلا)
الألف للإطلاق، وهو مبتدأ مؤخر قُصِد لفظه، وهذه تحتاج إلى شرح نُحيلكم
على المُلحة، (فيعلا) نقول: مبتدأ مؤخر قُصد لفظه، (كذاك) الكاف إن
كانت اسمية فهي خبر، إن كانت حرفية فهي متعلقة بمحذوف خبر مقدم، (كذاك
فيعلا) والألف للإطلاق، بابه: بَيْطَرَ دَحْرَجَ، أصله: بَطر يعني
شَقَّ وهذا متعدي، (فوعل) الأول لازم، (فعول) (فيعلا) متعديان، (فيعلا)
نقول: نحو بَيْطَر أصله بطر إذاً ثلاثيٌ مُجرد زيد عليه حرفٌ للإلحاق
بين الفاء والعين وهو الياء فصار بيطر على وزنِ فيعل، موازناً لدحرج في
جميع تصرفاتِهِ بَيْطَر دَحْرَجَ، يُبيطر يُدحرج، بَيْطَرَةً دحرجة،
بِيْطاراً دِحْرَاجاً، بَيْطِر دَحْرِج. واضح. هذا الوزن الثالث أو
البناء الثالث، بيطر ومثله سيطر.
(فَعْيَلاَ) و (فعيلا) هذا على حذف حرف العطف، نحو عثير، أصله عثر بابه
عثير، (فعيلا) بابه عثير، أصله من الثلاثي المجرد عثر بمعنى سقط، زيدت
الياء بين العين واللام فقيل: عَثْيَر على وزن فَعْيَلا، بهذه الزيادة
وهو لازمٌ صار موازياً ومساوياً لدَحْرَجَ في جميع تصرفاته، نقول: عثير
دحرج، يُعثيرُ يُدحرجُ، عَثْيَرَة دَحْرَجَةً، عِثْيَاراً دِحْرَاجاً.
إذاً موازن له في جميع التصرفات واتحد معه المصدر.
(فَعْلَى) يعني و (فعلى) بحذف حرف العطف،
(فعلى) بابه: سلقى، أصله: سَلَقَ، يُقال سَلَقَه بالكلام إذا شَدَّدَ
عليه آذاه بشدة القول، سَلَقه بالكلام سلقه بكلامه، وهذه موجودة إلى
الآن سَلَقه بكلامه إذا شدّ عليه وآذاه بالقولِ، وسَلْقَيْتُ زيداً
دفعته على قفاه، سَلَقَ زِيد عليه الياء في آخره زيد عليه الياء سلقيَ
تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً صار سلقى، إذاً كتابة الياء
أو الألف بهذه الصورة على الياء دليلٌ أنها مُنقلبة عن الياء، إذاً
الحرف الذي زيد للإلحاق هو الياء، لماذا نلَفِظُ به ألفاً؟ نقول:
للإعلال؛ لأنه تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، سلقيَ دحرج،
يُسلقيُ يُدحرجُ استُثقلت الضمة عليها فَسَقَطَت يُسَلْقِيْ بإسكان
الياء لكن الأصل أنها مضمومة، لأنها كيُدحرج، يُدحرجُ يسلقيُ،
دَحْرَجَة سَلْقية، دِحراجاً سِلقاياً بالياء، ثم تطرفت الياء يعني
وقعت بعد ألفٍ زائدة فقلبت همزةً سِلْقَاءً بالهمز، وأصل الهمز هنا
ياء، وإنما قُلبت الياء همزةً لوقوعها بعد ألف زائدة، كما قيل: في صائي
هنا وسبق هذا. إذاً (فعلى) هذا هو الوزن الخامس.
(وَكَذَاكَ فَعْلَلاَ) الألف هنا للإطلاق،
(وكذاك فَعْلَلاَ) نقول في إعرابه مثل ما قلنا في (كذاك فيعلا)،
(كَذَاك فعللا) (كذاك) هذا خبر مُقدم إن كانت الكاف اسمية، أو متعلق
بمحذوف إن كانت الكاف حرفية، و (فعللا) هذا قُصد لفظه مبتدأ مؤخر.
(فعللا) موزونه: جَلْبَبَ وشَمْلَلَ، خذوا مثال جَلْبَبَ ما الذي زيد
ما أصله؟ جَلَبَ ثلاثيٌ مُجرد زيد عليه حرفٌ وهو الباء الثانية وقيل
الأولى، وجَوَّزَ سيبويه واحداً منهما يعني لم يُشدد الأولى أم
الثانية، نقول: زيدت الثانية إذاً صار بهذه الزيادة انظر جلبب الباء
هذه هل هي من حروف سألتمونيها؟ ليست من حروف سألتمونيها، لماذا؟ لأنه
لا يُشترط في الحرف الذي يُزاد للإلحاق أن يكون من حروف سألتمونيها،
إذاً شَمْلَلَ اللام من حروف سألتمونيها قد تكون وقد لا تكون، جَلْبَبَ
بهذه الزيادة صار موازناً لدَحْرَجَ في عدد الحروف والحركات المُعيَّنة
والسكنات واتحد المصدر، جَلْبَبَ دَحْرَجَ، يُجلببُ يُدحرجُ، جلببة
دَحْرجة، جِلباباً دِحراجاً، هذه ستة أبوابٍ تُسمى المُلحَقَة بالرباعي
المُجرد، لما كانت متحدة لأنه قد يقول: سيأتي (أَوَّلُهَا الرُّبَاعِي
مِثْلُ أَكْرَمَا) وهذا رُباعي مزيد وهذا رُباعي مزيد، لماذا قَدَّم
المُلحق على الرباعي المزيد الذي سيأتي؟ نقول: لاتحاد المَصدر هنا مع
المصدر الأصلي الرُباعي المُجرد كان له مزيّة وأعلى درجة، ولذلك يُسمى
المُلحَق بالرباعي، وهنا لا يسمى الملحق بالرباعي المُجرد واضح لذلك
قدّم قوله: (والحق به ستاً) يعني بالباب الواحد الذي هو الرباعي المجرد
الأصول، ولم يؤخره إلى قوله: (أولها الرباعي) لأن هذا له مزيّة وهو
اتحاد مصدره مع الرباعي المُجرد، أما أَكْرم لا يتحد، وإن قيل إنه
متحدٌ في المصدر الثاني باب أكرم يُكرم إكراماً الإِفعال كدِحْرَاج،
إذاً كونه متحد معه في الثاني لا يلزم أن يكون من باب الإلحاق. زِيْد
سابعاً وهو فَعْنَل سَلْنَقَ، فعنل أصله سلقى فزيدت النون بين العين
واللام. وزيد فَنْعَل سَنْبَل هذان الوزنان ذكرهم الناظم فيما سيأتي،
ولكن بعضهم جعلها من المُلحق بالرباعي، فَنْعَل وفَعْنَل سَلْنَقَ
وسَنْبَل، واضح هذا. فَنْعَل فاء نون عين لام كدحرج، سنبل الزرعُ إذا
أظهر سُنبله، فَعْنَل سلنق، سلنق إذا استلقى على ظهره، قَلْنس ليس
سلنق، قلنس إذا لبس القلنسوة بضم القاف أو بفتحها مع فتح اللام وكسر
السين، وهذا سيأتينا إن شاء الله، ولكن المذكور هنا ستة، والوزنان
الأخيران سيأتينا مع المزيد الرباعي أو الخماسي ونقف على هذا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|