شرح نظم المقصود

عناصر الدرس
* تكملة الإعلال بالقلب.
* تعريف الناقص وذكر أنواعه وشروطه وأحكامه.

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيرا .. أما بعد: قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَاوًا اوْ يًا حُرِّكَا اقْلِبْ أَلِفَا ... مِن بَعْدِ فَتْحٍ كَغَزَا الَّذِيْ كَفَى

(واواً أو ياً حركا اقلب ألفا) يعنى واواً أو ياءاً محركين، (اقلب) الواو أو الياء المحركين ألفاً لينةً، متى؟ حال كونهما كائنين (من بعد فتح)، قلنا: (واواً أو ياً حركا) هذه قد تقيد بها بعض الشروط، (واواً أو ياً حركا) محركين بمطلق الحركة؛ لذلك أطلق ولم يخصص حركة معينة، (حركا) بحركتين أصليتين أو بحركة أصلية، (من بعد فتحٍ) أيضاً (فتحٍ) أصلي مباشرٍ في نفس الكلمة، خص الفتحة احترازاً من الكسر أو الضم، عِوَضٌ هل نقول: تحركت الواو وتحرك ما قبلها فيجب قلب الواو ألفاً؟ نقول: لا، لِمَ؟ لأن الجزء الأول من العلة ثابت وهو تحرك الواو تحركت الواو نعم تحركت الواو لكن لابد من تمام الشرط وهو أن يفتح ما قبلها فإذا كسر لا تقلب الواو ألفاً، دُوَل لا نقول: تحركت الواو بالفتح فيجب قلبها، لِمَ؟ لأن جزء العلة لم يتم وهو انفتاح ما قبلها، إذاً (من بعد فتحٍ) هنا قيد أن ما قبل الواو أو الياء يجب أن يكون مفتوحاً، فلو كان مكسوراً أو مضموماً تعين تصحيح الواو أو الياء يقال فيه: سلمت الياء أو صحت الياء، كما قيل في عَوِرَ وحَيِدَ نعبر هنا صحت الياء، ليس المراد أنها حرف صحيح، وإنما سلمت وصحت عن القلب، يقابل القلب التصحيح والسلامة، إذا قيل: سلمت الواو، يعني لم تقلب ألفاً لم تقلب ياءاً، سلمت الياء يعني لم تقلب واوًا ولم تقلب ولم تقلب ألفًا. (كَغَزَا الَّذِيْ كَفَى) (غَزَا) هذا مثالٌ لناقص واوي، و (كَفَى) هذا مثالٌ لناقص يائي، والواو والياء قد تكون عيناً وقد تكون لاماً، الواو والياء كل منهما قد يكون عينًا للكلمة وقد يكون لامًا، وهنا مثَّل بمثالين لما كانت اللام حرفَ علة وهو واو في الأول وياء في الثاني، (غزا) أصله غَزَوَ، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت الواو ألفاً مع بقية الشروط، (كفى) أصله كَفَيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً لوجود المقتضي مع بقية الشروط. ثم قال الناظم رحمه الله تعالى:
ثُمَّ غَزَوْا وَغَزَتَا كَذَا غَزَتْ ... وَأَلِفٌ للسَّاكِنَيْنِ حُذِفَتْ
وَالقَلْبُ فِي جَمْعِ الإِنَاثِ مُنْتَفِي ... وَغَزَوَا كَذَا غَزَوْتُ فَاقْتَفِي


هذا هو ابتداء درسنا الليلة (ثم غَزَوْا) هذا إشارة منه إلى محل الواو والياء، الواو والياء تكون عيناً وتكون لاماً، وهل تكون فاءاً؟ نقول: نعم، لكن لا يتعلق بها القلب، لذلك قلنا: المثال المشهور عندهم إنَّ عمرَ وجدَ يَزيد في السوق، إن عمر وجد وجدَ هذا مثالٌ واوي، تحركت الواو وانفتح ما قبلها وهو راء عمر لا نقول: بالقلب هنا، لِمَ؟ لأن شرط القلب أن تكون الفتحة السابقة على حرف العلة متصلة بنفس الكلمة، وهنا منفصلة عنها عمرَ وَجد، كذلك وجدَ يَزيد ياء مسبوقة بدال مفتوحة، هل نقول: تحركت الياء وانفتح ما قبلها؟ الجواب: لا، إذاً سقط المثال الواوي واليائي، يتعلق به بعض أنواع الصرف كما سيأتي كما في الإعلال بالحذف وَعَدَ يَعِدُ، نقول: هذا حذف هذا إعلال تغير، هذا نسميه إعلالاً بالحذف لكن الإعلال بالقلب نقول: لا يتعلق بفاء الكلمة، لِمَ؟ لعدم وجود المقتضي، ما هو المقتضي؟ انفتاح ما قبل الواو أو الياء، فيَسَرَ لا يمكن أن تقلب الياء ألفاً ممتنع لا يمكن أبداً، لِمَ؟ لأن الياء هي أول وشرط القلب أن تسبق بحرف مفتوح وهنا لا يوجد عندنا حرف. إذاً يبقى الكلام محصوراً في ما كانت عينه واواً أو ياءاً وما كانت لامه واواً أو ياءاً، بدأ الناظم رحمه الله تعالى بالناقص، وهو ما كانت لامه واواً أو ياءاً، وقدَّم النَّاقص على الأجوف وهو ما كانت عينه واواً أو ياءاً لِمَ؟ لأن اللام طرفٌ فإذا وقعت الواو أو الياء طرفاً كان التغيير فيها أكثر، كان التغيير وطرو المغيرات لها أكثر مما لو وقعت عيناً؛ لأنه كما سبق أنَّ العين متحصنة بالفاء واللام، وأما اللام، وقعت طرفاً، وإذا وقعت طرفاً كانت للتغيير أقرب، والصرف مبحثه ما هو؟ لِمَ سمي الصرف صرفاً؟ ما معنى الصرف لغة: التغيير، ولذلك قيل: التصريف التاء للمبالغة؛ لكثرة التغيرات الطارئة. إذاً أيهما أقرب لفن الصرف؟ ما كان معتل اللام، فإذا كا معتل اللام أقرب إلى فن الصرف لوجود وطرو التغيرات عليه فهو أولى بالتقديم من الأجوف الذي قد يتغير نعم لكنه أقل تغيراً من معتل اللام. إذاً الناقص كما سبق معنا هو ما كانت لامه واواً أو ياءاً. والواو والياء في الناقص لها أحوال، لا يمكن أن تكون الألف أصلية في فعلٍ ثلاثي بل تكون منقلبة عن أصل، والأصل هذا إما أن يكون واواً أو ياءاً، إذاً اللام قد تكون واواً وقد تكون ياءاً، بالتتبع لأنواع الناقص نقول: أنواعه ستة: لِمَ؟ لأنه إما أن يكون ناقصاً واوياً، وإما أن يكون ناقصاً يائياً، هذان النوعان هما الأساس إما أن يكون ناقصًا واويًا يعني لامه واو، وإما أن يكون ناقصًا يائيًا، ولكلٍ من هذين النوعين ثلاثة أحوال، ثلاثة في اثنين بستة.


أولاً نقول: ما كان ناقصاً واوياً قد تصح الواو، يعني تسلم من القلب فنقول: في مثل هذا ناقص واوي صحت لامه، يعني لم تقلب ألفاً ولم تقلب ياءاً، بَذُوَ على وزن فَعُلَ سَرُوَ بَذُوَ نقول: هذا ثلاثي وهو ناقص ولامه واوٌ لم تقلب ألفاً ولا يجوز قلبها ألفاً، ولم تقلب ياءاً ولا يجوز قلبها ياءاً، أما عدم جواز قلبها ألفاً لعدم وجود المقتضي بَذُوَ تحركت الواو ومتى تقلب الواو ألفاً؟ إذا تحركت وانفتح ما قبلها، وهل فتح ما قبلها هنا؟ لم يفتح، إذاً سقط ماذا؟ قلبها ألفاً، هل يمكن قلبها ياءاً؟ الجواب: لا، لِمَ؟ لأن شرط قلب الواو ياءاً إذا وقعت طرفاً يعني لام الكلمة كما سيأتي عندهم قاعدة عامة: كل واوٍ وقعت طرفاً يعني آخر الكلمة لام الكلمة إثر كسرٍ يعني بعد كسر وجب قلب الواو ياءاً، إذا وقعت الواو لام الكلمة وانكسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءًا. وهل هذا الشرط متحقق في سَرُوَ؟ نقول: لا؛ لأن الواو نعم وقعت طرفاً، ولكن لم ينكسر ما قبلها، إذاً امتنع قلبها ألفاً وامتنع قلبها ياءاً فصحَّت وسَلِمت من القلب، فنقول: هذه الحالة الأولى للواو، أن تصحَّ وتسلم من قلبها ألفاً أو ياءً لعدم وجود المقتضي في قلبها ألفًا، ولعدم وجود المقتضي في قلبها ياءًا. النوع الثاني: أن تقلب الواو ألفاً في نحو غزا، أصله غَزَوَ، هنا تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت الواو ألفاً، إذاً هو ناقص واوي وقلبت الواو ألفاً فيه، ليس كالأول، فنقول: غَزَا أصله غَزَوَ، دَعَا أصله دَعَوَ، سما أصله سَمَوَ، عَلاَ أصله عَلَوَ، تحركت الواو في الجميع وانفتح ما قبلها فوجب قلب الواو ألفاً، هذا النوع الثاني مما كانت لامه واواً أنه يجب قلب الواو ألفاً إذا تحقق الشرط وهو تحركها وانفتاح ما قبلها مع بقية الشروط، وهي موجودة في كل واوي على وزن فَعَلَ كما سيأتي.


الثالث: أن تكون اللام واواً وتقلب ياءاً نحو رَضِيَ، هذا من الرضوان، الرضوان مصدر على وزن فِعْلاَن، رضوا فعلا إذاً اللام واو رِضْوَا فِعْلاَ إذاً الواو هي لام الكلمة فإذا نظرت في المصدر وجدت أن اللام هي واو الكلمة، فإذا جئت في الفرع المشتق وهو الماضي وجدت رضي أين الواو؟ لا يوجد عندنا واو في اللفظ، لكن نستدل بالمصدر على أن رَضِيَ الياء هذه ليست ياء أصلية، وإنما هي منقلبة عن واوٍ بدليل المصدر فتقول: أصل رَضِيَ رَضِوَ على وزن فَعِلَ، رَضِوَ كيف قلبت الواو ياءاً؟ نقول: القاعدة العامة: أنَّ كل واوٍ وقعت متطرفة أو طرفاً أو لام كلمة سمّ ما شئت كل واو وقعت لام كلمة وكسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءاً، فتقول: رَضِوَ وقعت الواو طرفاً لام الكلمة وانكسر ما قبلها فوجب قلب الواو ياءاً، رَضِيَ إذاً هذه الياء منقلبة عن واو وليست ياء أصلية، مثله قَوِيَ على وزن فَعِلَ هذه الياء ليست أصلية، ما الذي أدراك؟ تقول: المصدر القوة، قوة عينه ولامه واوان أدغمت الأولى في الثانية، إذاً لامه واوٌ أين هي من قَوِيَ؟ تقول: إذاً هذه الياء ليست ياءاً أصلية وإنما هي منقلبة عن واو بدليل المصدر ويقوى هذا فعل مضارع، ويُستدل به على المنقلب فقوي أصله قَوِوَ فَعِلَ، وقعت الواو طرفاً يعني لام الكلمة وانكسر ما قبلها فوجب قلب الواو ياءاً فصار قوي، إذاً قوي هذا من جهة الأصل هل هو ناقص واوي أم يائي؟ واوي باعتبار الأصل، لِمَ؟ لأن لامه في الأصل واو لأنه مأخوذٌ من القوة، حَظِيَ لو نظرت في المصدر فإذا به الحظوة الفَعْلَةُ، إذاً لامه واو تستدل بالمصدر على أن حَظِيَ على وزن فَعِلَ أن هذه الياء ليست أصلية، وإنما هي منقلبة عن واو، أصله حَظِوَ، وقعت الواو طرفاً إثر كسر فوجب قلبها ياءاً. إذاً إذا وقعت الواو لاماً لها ثلاثة أحوال: إما أن تصحَّ يعني تسلم من قلبها ألفاً أو ياءاً، وإما أن تقلب ألفاً، وإما أن تقلب ياءاً. النوع الثاني وتحته ثلاثة أنواع إن وقعت الياء لام الكلمة: إما أن تصحَّ، وإما أن تقلب ألفاً، وإما أن تقلب واواً، على سنن ما مضى، إما أن تصح، يعني تسلم من القلب، رَقِيَ على وزن فَعِلَ، هذه الياء أصلية بدليل رقيت؛ لأن اتصال الفعل بضمير رفع متحرك يردُّه إلى أصله، دعا الألف هذه منقلبة عن واو، ما الدليل؟ دعوتُ، من أين جاءت هذه الواو؟ تقول: اتصال الضمير ضمير الرفع بالفعل يرد اللام إلى أصلها، إن كانت ألفاً منقلبة عن واو رجعت دَعَوْتُ، رَمَى رَمَيْتُ رجعت الياء، هنا تقول: رَقيت سلمت الياء، فدل على أن الياء هذه أصلية. إذاً رَقِيَ وبَقِيَ نقول: هذا على وزن فَعِلَ وهو ناقص يائي وصحَّت ياؤه، لم تقلب ألفاً ولم تقلب واواً، أما كونها لم تقلب ألفاً لعدم وجود المقتضي وهو أن الياء قد تحركت وهذا جزء علة، وهل انفتح ما قبلها؟ لا، إذاً سقط جواز قلب الياء ألفاً؛ لأنه لا تقلب الياء ألفاً إلا إذا تحركت وانفتح ما قبلها، وبقيَ ورقيَ هنا لم يُفتح ما قبل الياء، إذاً لا يمكن أن تقلب ألفاً، لا يمكن أن تقلب واواً؛ لأن القاعدة - انتبهوا للقواعد هذه، هذه أهم ما يذكر لأن القاعدة - كلُّ ياءٍ وقعت طرفاً بعد ضمٍ أو إثر ضمٍ وجب قلبها واواً.


كل ياءٍ وقعت طرفاً عكس الواو التي وقعت طرفاً كل ياءٍ وقعت طرفاً يعني لام الكلمة إثر ضمٍ يعني قبلها ضمة وجب قلب الياء واواً. وهنا في رَقِيَ وقعت الياء طرفاً ولم يضم ما قبلها إذاً لا يمكن قلبها واواً. إذاً الحالة الأولى من الناقص اليائي: أن تسلم وتصح الياء؛ لعدم وجود المقتضي لقلبها ألفاً ولعدم وجود المقتضي لقلبها واواً. الحالة الثانية: أن تقلب الياء ألفاً، نحو رَمَيَ، هذا من باب فَعَلَ وهو يائي تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلب الياء ألفاً، كَفَى كَفَيَ، سَعَى أصله سَعَيَ سعيت إذاً رجعت الياء فكل ناقصٍ يائي تحقَّق فيه الشرط وهو تحرك الياء وانفتاح ما قبلها مع بقية الشروط وجب قلب الياء ألفاً، هذه الحالة الثانية للناقص اليائي أن تقلب الياء ألفاً. الحالة الثالثة لليائي والسادسة باعتبار الناقص النوع السادس: أن تقلب الياء واواً، وهذا ليس له مثال في العربية إلا لفظٌ واحد: نَهُوَ على وزن فَعُلَ، نون هاء واو، أصله نَهُيَ بالياء وقعت الياء طرفاً إثر ضمٍ، نَهُوَ من باب فَعُلَ، كل ما كان من باب فَعُلَ وهو يائي اللام وجب قلب يائه واواً كما سيأتي، نَهُيَ نقول: وقعت الياء طرفاً يعني لام الكلمة، وضم ما قبلها أو إثر ضمٍ فوجب قلب الياء واواً، فقيل: نَهُوَ، ليس له مثالٌ ثانٍ إلا من باب النقل لأنه من باب فَعُلَ، قاعدة هذا الباب أنَّ كل ما كان من باب فَعُلَ وهو يائي اللام وجب قلب يائه واواً، فإذا قلت: قَضَى، قَضَى هذا ألفه منقلبة عن ياء قَضَى على وزن فَعَلَ، كل ما كان على وزن فَعَلَ يجوز نقله إلى باب فَعُلَ للدلالة على التعدد وأنه صار صفة لازمة أو كاللازمة، فإذا أردت أن تنقل قضى إلى باب فَعُلَ تقول قَضُيَ فَعُلَ، طبق القاعدة وقعت الياء طرفاً يعني لام الكلمة وضم ما قبلها أو إثر ضمٍ فوجب قلب الياء واواً، فتقول: قَضُوَ، سعى ماذا تقولون؟ سَعُوَ، كيف جاء سَعُوَ؟ تقول: سعى الألف هذه منقلبة عن ياء، نقلته إلى باب فَعُلَ صار سَعُيَ، وقعت الياء لاماً إثر ضمٍ فوجب قلب الياء واواً صار سَعُوَ. إذاً ستة أنواع للناقص: إما أن تصح الواو، وإما أن تقلب ألفاً الواو، وإما أن تقلب الواو ياءاً، وإما أن تصح الياء، وإما أن تقلب الياء ألفاً، وإما أن تقلب الياء واواً، هذا نسميه ناقصاً ويدخل تحته هذه الأنواع الستة. الناقص الفعل الماضي الناقص له حالان كما ذكره الناظم هنا، هو ذكر الحالة الثانية وترك الحالة الأولى، له حالان: الحالة الأولى: تجرده عن إسناده إلى الضمائر، مجرد يعني لا يسند إلى ضمير رفع ساكن أو متحرك. الثاني: إسناده إلى الضمائر. ولكلٍ منهما أحكام، أما الفعل الماضي الناقص قبل إسناده إلى الضمائر فنقول: له حالان: إما أن يكون ثلاثياً مجرداً، وإما أن يزيد على الثلاثي. إما أن يكون ثلاثيا مجردًا هذا تجعله قسمًا برأسه، وإما أن يكون مزيدًا على الثلاثي يعني رباعياً وخماسياً وسداسياً، إن كان الناقص رباعياً أو خماسياً أو سداسياً سواءٌ كان واوي اللام أو يائي اللام وجب قلب لامه ألفاً.


كل لامٍ اعتلَّت في الرباعي وجب قلبها ألفاً سواءٌ كانت اللام واواً أو ياءاً، وكل لامٍ في الخماسي وجب قلبها ألفاً سواءٌ كانت اللام واواً أو ياءاً، وكل لامٍ في السداسي يجب قلبها ألفاً سواءٌ كانت اللام واواً أو ياءاً، لِمَ؟ قيل: لأنه بالاستقراء والتتبع لا تقع الياء والواو لاماً لواحدٍ من هذه الصيغ إلا وهي محركة الأصل مفتوح ما قبلها مع بقية الشروط. إذاً كل واوٍ أو ياءٍ وقعت لاماً للرباعي أو الخماسي أو السداسي فلابد أن تكون محركة الأصل مفتوح ما قبلها، فحينئذٍ وجد الشرط في قلبها ألفاً فتقلب ألفاً، سواءٌ كانت واواً أو ياءاً، أعطى نادى اهتدى اصطفى استدعى كلها، سلقى قلسى، سلقى أصله سَلْقَيَ، تحركت الياء وهي رابعة وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً سلقى، قلسى أصله قَلْسَيَ، تحركت الياء وهي رابعة وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، اصطفى أصلها اصْطَفَوَ، ثم قلبت الواو ياءاً فصارت اصْطَفَيَ، ثم تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ماذا؟ فقلبت ألفاً، استدعى أصلها استدعَوَ، ثم قلبت الواو ياءاً ثم قلبت الياء ألفاً. الحاصل أن القاعدة في كل ناقصٍ رباعي أو خماسي أو سداسي يجب قلب لامه سواء كانت واواً أو ياءاً يجب قلب لامه ألفاً، إلا أنه يقال: إذا كانت لامه ياءاً قلبت ألفاً مباشرة بدون واسطة، وإذا كانت واواً هناك واسطة بين قلب الواو ألفاً وهي قلب الواو أولاً ياءاً ثم تقلب الياء ألفاً، أعطى هذا رباعي وهو ناقص، أعطى الألف هذه منقلبة عن ياء لكن هل هذه الياء أصل؟ نقول: لا، بل هي منقلبة عن واو أصلها أَعْطَوَ على وزن أحسن، أَعْطَوَ كيف قلبت الواو ياءاً هنا؟ نقول: قاعدة كل واو وقعت رابعة فصاعداً وجب قلبها ياءاً.


قاعدة كل واوٍ سواءٌ كانت مفتوحة مضمومة مكسورة وقعت طرفاً وقعت رابعة يعني اللام، بقطع النظر عن حركة ما قبلها فصاعداً وجب قلب الواو ياءاً، يعني قد تكون اللام واواً في الرباعي فيجب قلبها ياءاً، قد تكون اللام أو الواو وقعت لاماً في الخماسي فيجب قلبها ياءاً، لِمَ وجب قلبها؟ لكونها خامسة، ليس عندنا علة إلا هذه لكونها خامسة، إذا وقعت اللام سادسة وجب قلبها ياءاً، أعطى أصله أَعْطَوَ وقعت الواو رابعة فوجب قلبها ياءاً، فصار أَعَطْيَ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفاً، هذا مثالٌ لما وقعت الواو رابعة، لما وقعت خامسة اصطفى، اصطفى خماسي من الصفوة، أين الواو؟ نقول: اصطفى أصله اصطفوَ وقعت الواو خامسة، وكل واو وقعت رابعة فصاعداً وجب قلبها ياءاً، اصطفيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت الياء ألفاً، استدعى من الدعاء، دعا أصله دعا يدعو، إذاً الألف هذه منقلبة عن واو وهي لام الكلمة، إذاً أصل استدعى استدعوَ، وقعت الواو طرفاً سادسة هذا مثالٌ للسداسي، وقعت الواو لاماً سادسة فوجب قلب الواو ياءاً، استدعيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، إذاً الرباعي والخماسي والسداسي ما كانت لامه ياءاً قلبت ألفاً مباشرة بدون واسطة، وما كانت لامه واواً قلبت ياءاً أولاً ثم تقلب الياء ألفاً، إذاً قلبت إلى الألف بواسطة قلبها ياءاً، وتعتبر هذه القاعدة تحفظها كل واو وقعت رابعة فصاعداً وجب قلبها ياءاً، هذا في المجرد قبل اتصاله بالضمائر قبل إسناد الضمائر إليه وهو غير ثلاثي، أما الثلاثي المجرد فنقول: له أبنية ثلاثة: إما أن يكون من باب فَعَلَ أو فَعِل أو فَعُل، أما الباب الأول وهو فَعَلَ إن وقعت اللام واواً أو ياءاً مطلقاً بدون تفصيل وجب قلب الواو أو الياء ألفاً, ما كان من باب فَعَل وهو ناقص يائي أو واوي وجب قلب اللام ألفاً، لِمَ؟ لوجود المقتضي، غزا أصله غَزَوَ، هذا ناقصٌ واوي ومن باب فَعَلَ وهو ثلاثي مجرد من باب فعل، لامه واو، نقول: تحركت الواو وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، إذاً وجد المقتضي في باب فَعَلَ وهو واوي اللام، رمى أصله رَمَيَ من باب فَعَل وهو ناقصٌ يائي، وجد المقتضي لقلب الياء ألفاً وهو تحرك الياء وانفتاح ما قبلها مع بقية الشروط، رَمَيَ تحركت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلب الياء ألفاً، هذا باب فَعَل، إذاً الضابط في باب فَعَل نقول: إن كانت لامه واواً أو ياءاً بدون تفصيل وجب قلب الياء أو الواو ألفاً. واضح؟.


الباب الثاني وهو باب فَعِل بكسر العين نقول: هنا نفصِّل لأن اللام قد تكون واواً وقد تكون ياءاً، إن كانت ياءاً صحت وخذ المثال السابق رَقِيَ بَقِيَ هذا على وزن فَعِل، وعلى وزن فَعِلَ وهو يائي اللام، امتنع قلب الياء ألفاً لعدم وجود المقتضي وهو انفتاح ما قبل الياء، امتنع قلب الياء واواً لعدم وجود المقتضي وهو ضم ما قبل الياء، رَقِيَ نقول: يجب أن تصح الياء هنا؛ لأن الياء إما أن تقلب ألفاً وإما أن تقلب واواً ليس عندنا حال ثالثة، إذا لم تقلب ألفاً ولم تقلب واواً لعدم وجود المقتضي لهذين القلبين نقول: صحت، يعني يجب أن تبقى على حالها وتسلم من القلب، إذاً رَقِيَ وبَقِيَ نقول: على وزن فَعِلَ وهو ناقصٌ يائي صحت ياؤه لعدم وجود المقتضي لقلب الياء ألفاً أو واواً. ما كان على وزن فَعِلَ وهو واوي اللام نقول هنا: يجب قلب الواو ياءاً، فرَضِيَ أصله رضِوَ، وحَظِيَ أصله حَظِوَ، وقوي أصله قَوِوَ، إذاً هو على وزن فَعِلَ وهو واوي اللام وجب قلب الواو ياءاً، لِمَ؟ لوجود المقتضي، ما هو المقتضي لقلب الواو ياءاً هنا؟ تطرفت الواو متطرفة، يعني صارت طرفاً لام الكلمة إثر كسر، هذه التي ذكرها في البيت رقم (88)
وَإِنْ تُحَرَّكْ وَهْيَ لاَمُ كِلْمَةِ ... كَذَا ......................


أي مثل الذي سبق أنها تقلب ياءاً، فرضِوَ نقول: تطرفت الواو ولا ننظر لحركتها، هي مبنية على الفتح لكن الحركة هنا لا أثر لها، إنما كونها لام الكلمة مع انكسار ما قبلها؛ لأنهم كرهوا نترك العلل لأنهم كرهوا اجتماع كسر مع واو، الانتقال من كسرٍ إلى واو رَضِو والا رَضِيَ أيهما أخف؟ رضي خفيفة على اللسان، أما رضِوَ تحتاج إلى سلم رَضِوَ على وزن فَعِلَ، فنقول: يجب قلب الواو ياءاً لمناسبة الكسرة؛ لأن الياء يناسبها كَسرُ ما قبلها. إذاً ما كان باب فَعِلَ نقول: ننظر في لامه، إن كانت ياءاً صحت، وإن كانت واواً ماذا؟ قلبت ياءاً. الباب الثالث: وهو ما كان على وزن فَعُلَ بضم العين، إما أن تكون لامه واواً أو ياءاً، إن كانت لام فَعُلَ واواً صحت، سَرُوَ بَذُوَ رَقُوَ على وزن فَعُلَ، صحَّت اللام وهي واوٌ لعدم وجود المقتضي لقلبها ألفاً وهو انفتاح ما قبلها مع تحركها، وصحت الواو هنا لعدم وجود المقتضي لقلبها ياءاً وهو كسر ما قبلها، إذاً صحَّت وسلمت من قلبها ألفاً ومن قلبها ياءاً، فنقول: سَرُوَ ورَقُوَ هذا ناقصٌ واوي، صحت واوه سلمت من قلبها ألفاً أو ياءاً، ما كان على وزن فَعُلَ وهو يائي اللام يجب قلب الياء واواً، وقلنا: هذا ليس له إلا مثالٌ واحد وهو نَهُوَ، أو يكون من باب النقل قَضُوَ سَعُوَ رَمُوَ، رَمُوَ أصله رَمَيَ، نقلته إلى باب فَعُلَ رَمُيَ، نقول: تطرفت الياء وقعت لام الكلمة وضم ما قبلها إثر ضم فوجب قلب الياء واواً، هذا الثلاثي المجرد قبل إسناده إلى ضمائر. إذاً إذا أردنا ترتيب الأبواب هذه نقول: باب فَعَلَ كله يُقْلب ألفاً، إذاً يكون مختوماً بالألف، وطبعًا الألف فَعَل نقول: مختوم بالألف، وهذه الألف إما منقلبة عن واو أو ياء، باب فَعِلَ كله مختوم بالياء، قد تكون الياء أصلية وقد تكون الياء منقلبة عن واو، باب فَعُلَ كله مختوم بالواو، وقد تكون هذه الواو أصلية وقد تكون هذه الواو منقلبة عن ياء، وهذه ستة أنواع هي أنواع الناقص التي ذكرناها أولاً.


إذا أسند الفعل الماضي إلى الضمائر نقول: إذا أسند الماضي إلى الضمائر إن كان الضمير متحركاً مثل تاء ضربتُ ضربتِ ضربتَ ضربنَا إذا أسند الناقض إلى هذا الضمير ما صحت واوه وياؤه تسلم كالصحيح، ما صحت واوه سرو أسنده إلى تاء الفاعل سرُوْتُ كضربت ليس بينهما فرق، سَرُو سروْتُ سَرُو بفتح الواو، لِمَ؟ لأنه مبني على الفتح، وإذا اتصل به ضمير رفع متحرك بني معه على السكون، إذاً سكون الواو هنا سكون بناء على قول الجمهور، سرُوْتُ بَذُوْتُ رقُوْتُ، فنقول: أسند إلى التاء فصحَّت الواو كأنه لم يسند إليها، سَرُونا مثل ضَرَبْنا، سكنت الواو هنا لاتصالها بضمير رفع متحرك، إذاً إذا أسند الفعل الماضي الناقص إلى ضمير متحرك ما صحت واوه وياؤه سلمت هنا، تقول: بقيَ بقيت رَقِيَ رَقِيْت رَقِيْنا بقينا الياء هنا ساكنة لكونها متصلة بضمير رفع متحرك، ثم إن أسند الناقص الذي انقلبت ياؤه أو واوه ألفاً وقلنا: هذا في بابين، متى تقلب لامه ألفاً؟ ما زاد على الثلاثي هذا نوع كامل وهو الرباعي والخماسي والسداسي، والثلاثي الذي من باب فَعَلَ، واضح هذا؟ إذا أسند الفعل الماضي الناقص وكان مختوماً بالألف وهذا إما أن يكون رباعياً خماسياً سداسياً أو من باب فَعَلَ، ما كان رباعياً أو خماسياً أو سداسياً قلبت ألفه ياءاً مطلقاً، أعطى أعطيت، اقتدى اقتديت، اصطفى اصطفيت، نادى ناديت نادينا، أعطينا قلبت الألف ياءاً، بقي ماذا؟ الثلاثي المجرد الذي على وزن فَعَل، فنقول: الثلاثي المجرد الذي على وزن فَعَل الذي قلبت ياؤه ألفاً أو واوه ألفاً عند اتصاله بضمير رفع متحرك وجب رد الألف إلى أصلها، فإن كانت الألف منقلبة عن واو رجعت الواو، وإن كانت الألف منقلبة عن ياء رجعت الياء، غزا ماذا تقول: غزوت، غزا أنت أسندت إلى غزوت أو غزا أيهما؟ إلى غَزَوَ إلى الأصل فقلت غزوْت، سكنت الواو لاتصال الفعل بضمير رفع متحرك هو يمكن قلب الواو ألفاً؟ لا، (وَاوًا اوْ يًا حُرِّكَا) وهنا هل تحركت الواو؟ لم تتحرك الواو، إذاً لانتفاء المقتضي لقلب الواو ألفاً سلمت الواو وصحت الواو، فتقول: غزوت دعوت سموت علوت، وهذه لو لم يتصل بها الضمير لقلبت الواوات هذه إلى ألفات، إن كانت الألف منقلبة عن ياء وجب رد الألف ياءاً، فتقول: رميت سعيت، قضى قضيت، أليس كذلك؟ قضى قضيت قاضيان، أليس كذلك؟ قاضيان تقول: قضى الألف هذه منقلبة عن ياء، فإذا اتصل بها ضمير رفع متحرك رجعت إلى أصلها، إذاً نقول: الفعل الماضي الناقص إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك إن صحَّت واوه وياؤه سلمت، وإن كان آخره ألف إما أن يكون رباعياً أو خماسياً أو سداسياً قلبت الألف مطلقاً، سواء كانت منقلبة عن واو أو ياء قلبت الألف ياءاً، أعطيت أعطينا استدعيت استدعينا اهتديت اهتدينا، وإن كان ثلاثياً وجب رد الألف إلى أصلها، دعوت ورميت.


الحالة الثانية: أن يتصل بالفعل تاء التأنيث الساكنة، إن اتصلت تاء التأنيث الساكنة بالفعل الماضي الناقص إن صحت واوه وياؤه سلمتا وانفتحتا، سرو ماذا تقول؟ سَرُوَتْ، هند سَرُوَتْ، هل تغيرت الواو؟ بقيت على حالها صحت، ولكن فتحت من أجل التاء، في الأصل ساكنة سرُوَت فتحت لأي شيء؟ سَرُوَ ايش إعرابه؟ فعل ماضٍ مبني على الفتح سرو ضرب تقول: ضربت هند إذاً الفتح هذا على أصله، هذا إن صحت واوه وياؤه، أما إن كان مختوماً بالألف فتحذف الألف في جميع أنواع الفعل سواء كان ثلاثياً أم رباعياً أم خماسياً أم سداسياً، وإن كانت اللام ألفاً حذفت في الثلاثي وغيره، دعا تقول: دعت حُذفت الألف، لِمَ؟ للتخلص من التقاء الساكنين، دعت، رمى رمت حذفت الألف وهي منقلبة عن ياء، دعت حذفت الألف وهي منقلبة عن واو، دعت ما وزنه؟ فعت حذفت اللام، فعت هذا وزن دعت ورمت، إذًا سقطت اللام تسقط من الوزن، أعطى أعطت، اهتدى اهتدت, نادى نادت، تحذف الألف مطلقاً. إذا أسند الماضي إلى الضمير الساكن، إما أن يكون ألفاً وإما أن يكون واواً - ألف الاثنين أو واو الجماعة - أما إن أسند ما صحت واوه أو ياؤه إلى ألف الاثنين سلمتا، سرو تقول: سَرُوَا، هذا يعامل معاملة الصحيح كالسالم سروا، بقي بقيا إذاً لم يحصل تغيير، إذا أسند الفعل الناقص الذي صحت واوه وياؤه إلى ألف الاثنين نقول: سلم، يعني لم تقلب الواو ولم يحصل حذف ولا غيره، وإن كانت لامه ألفاً قلبت ياءاً فيما عدا الثلاثي، وردت إلى أصلها في الثلاثي، أعطى تقول: أعطيا، تقلب الألف ياءاً، اهتدى اهتديا تقلب الألف ياءاً، اصطفى اصطفيا، استدعى استدعيا.


إذاً ما كان رباعياً أو خماسياً أو سداسياً نقول: قلبت الألف ياءاً، ما كان ثلاثياً يعامل معاملة التاء هناك، ردت الألف إلى أصلها غزا، تقول: غَزَوَ، رمى رَمَيَ، إذاً رجعت الألف إلى أصلها، إن أسند إلى واو الجماعة نقول: في جميع ما تقدم يجب حذف اللام، ما صحت واوه أو ياؤه، ما قلبت واوه ياءاً أو ياؤه واواً، أو قلبتا ألفاً في الجميع يجب حذف اللام، وما كان مفتوحاً قبل الألف بقي على فتحه، غزا أسنده إلى واو الجماعة غَزَوْا اشتروا؛ لأن ما قبل الألف مفتوح فيبقى على فتحه للدلالة على الألف المحذوفة؛ لأنه لا يجوز الحذف إلا إذا بقي دليل يدل عليه، فإذا كان قبل الألف مفتوحاً وجب أن يبقى على فتحه للدلالة على المحذوف، وإن كان آخره واواً أو ياءاً وقد صحتا نقول: أيضاً تحذف، سَرُوَ تقول: سَرُوا، إذاً سَرُوَ إذا أسندناه إلى واو الجماعة نقول: سَرُوا نحذف اللام التي هي الواو وتبقى الواو الساكنة وهي الفاعل ويضم ما قبله لمناسبة الواو، كذلك ما كان على وزن فَعِلَ رَضِيَ نقول: تحذف الياء إذا أسند إلى واو الجماعة ويضم ما قبلها، الأصل رَضِو يعني كسر فواو، وهنا لو بقيت الواو على حالها يجب قلبها ياءاً، أما نقول: إذا تطرفت الواو وكُسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءاً، إذاً رَضِو كسر ما قبل الواو ووقعت الواو طرفاً نقول: فراراً من هذا لئلا يقلب الواو ياءاً فيلتبس بنات الواو ببنات الياء كما يقال فراراً من هذا قلبت الكسرة ضمة، إذاً كل فعلٍ ماض ناقص سواءٌ كان يائياً أو واوياً أو مختوماً بالألف وجب حذف اللام، وما كان قبل الألف مفتوحاً يبقى على فتحه مثل غَزَوا ورموا، وما كان مضموماً وجب بقاء ضمه، وما كان مكسوراً وجب تحويل الكسر إلى الضم لتسلم الواو من قلبها ياءاً، وأظن سبق معنا في الملحة نظم للسجاعي لهذه القاعدة، ما هي؟
وَاوُ الضَّمِيرِ إِنْ بِفِعْلٍ تَتَّصِلْ ... مُعْتَلَّ لَامٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ قُبِلْ
فَإِنْ يَكَنْ مَا قَبْلَهَا قَدْ فُتِحَا ... أَوْ ضُمَّ فَابْقِهِ كَمَا قَدْ وَضَحَا
وَاضْمُمْهُ حَتْماً إِنْ يَكُنْ ذَا كَسْرِ ... كَقَولِنَا رَضُوْا بِكُلِّ يُسْرِ

ما كان قبل اللام مفتوحاً أو مضموماً بقي على أصله سَرُوا دَعَوا غزوا، ما كان مكسوراً وجب قلب الكسر ضمة لتسلم الواو من قلبها ياءاً.
ثُمَّ غَزَوْا وَغَزَتَا كَذَا غَزَتْ ... وَأَلِفٌ للسَّاكِنَيْنِ حُذِفَتْ


(ثم غزوا) (ثم) نقول في الناقص بعد إذا تقرر لديك أن الواو أو الياء إذا حركا قلبت ألفاً (من بعد فتحٍ)، وهذه قد تقع لاماً فيكون الفعل ناقصاً، (ثم) نقول في الناقص المسند لجمع المذكر الغائب: (غَزَوْا)، ماذا صنعنا؟ حذفنا الألف وأبقينا الفتحة قبل الواو، مع أن الواو يناسبها ما قبلها أن يكون مضموماً، لِمَ لم نقلب الفتحة ضمة؟ لأن الفتحة دليل على الألف المحذوفة، ولا يجوز الحذف إلا إذا بقي دليل يدل عليه، فلو قيل: غَزُو، لما بقي ما يدل على الألف المحذوفة. إذاً (غزوا) هذا إسناد الفعل الناقص الواوي إلى واو الجماعة، سقطت لامه وبقي ما قبل اللام مفتوحاً دلالة على الألف المحذوفة، (وغزتا) أي نقول في الناقص المسند إلى المثنى المؤنث: (غزتا)، ما أصله غزا؟ أصله غَزَوَتا على الأصل، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت الواو ألفاً غزاتا، التاء ساكنة أصالةً والفتحة هذه عارضة والعارض في حكم المعدوم، التقى ساكنان الألف وتاء التأنيث الساكنة فحذفنا الألف تخلصاً من التقاء الساكنين، لا تقل: التاء مفتوحة هنا، وإنما العبرة بالأصل، والحركة العارضة في حكم المعدوم، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ - قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل:1 - 2] (قم الليل) (قم) هذا فعل أمر أين عينه؟ محذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، أين الساكنان؟ الميم ليست ساكنة؟ في الأصل، إذاً الحركة هذه الكسرة لا عبرة بها، لو كانت معتبرة ولها اعتبار ولها وجود ولها تسويغ ولها التفات لرجعت العين؛ لأنه لم يبق عندنا ساكنان. إذاً (قم الليل) الأصل أن الميم ساكنة، فالتقى ساكنان حذفت العين التي هو الواو (قم الليل) أصلها قوم، تحركت الميم للتخلص من التقاء الساكنين، لم يلتفت إلى هذه الحركة العارضة، فتقول: حركة الميم كحركة التاء هنا، كما أن الميم هناك الحركة لم يلتفت إليها في إرجاع عين الفعل لأنها حركة عارضة والعارض في حكم المعدوم، كذلك غزاتْ تقول هنا التاء وإن حركت لمناسبة الألف لأن الألف تدل على الاثنين نقول: لا عبرة بهذه الحركة لأنها حركة عارضة.


إذاً (غزتا) هذا أسند إلى المثنى المؤنث، (كذا غزت) أي مثل الذي ذكر من إسناد الناقص إلى واو الجماعة أو المثنى المؤنث (غَزَتْ) وهو ما أسند أو ما اتصل، لا نقول: أسند، ما اتصل به تاء التأنيث، وإن شئت أن تعبر بالإسناد تقول: ما أسند إلى ضمير المفردة الغائبة هند غزت يصح هذا، هند غزت هي فأسند إلى ضمير المفردة الغائبة؛ لأنه في مثل هذا التركيب يجب التأنيث، (غزت) أصله غزاتْ، التقى ساكنان الألف والتاء فحذفت الألف، في هذه الثلاثة المواضع (غَزَوْا) (غزتا) (غزت) في الأول أسند الناقص إلى واو الجماعة، والثاني إلى المثنى المؤنث، والثالث اتصل به تاء التأنيث، (وألفٌ) يعني فيما ذكر من السابق يعني (للساكنين حذفت)، (وألفٌ) الألف هذه ليست أصلية، وإنما مبدلة فيما سبق من واوٍ أو ياءٍ في غير هذا المثال، كَفَوْا كَفَتا كَفَت، كفوا ما الذي حذف؟ الألف منقلبة عن ياء، كفتا حذفت الألف وهي منقلبة عن ياء، كفت حذفت الألف وهي منقلبة عن ياء، كما حذفت الألف في هذه المواضع الثلاث وهي منقلبة عن واو، إذاً (وألفٌ) هذا إعرابه مبتدأ، (للساكنين) (وألفٌ) مبدلة من واوٍ أو ياءٍ (للساكنين) يعني لدفع التقاء الساكنين، ليس لوجود الساكنين فقط، وإنما لدفع التقاء الساكنين (حذفت)، (حذفت) هذا فعل ماضٍ مغير الصيغة ونائبه ضمير مستتر يعود على (ألف)، والجملة من الفعل والفاعل في موضع رفع خبر (ألفٌ). إذًا، (ثم غزوا وغزتا كذا غزت) نقول: تحذف اللام (غَزَوْا) ما وزنه؟ فَعَوْا، هذه اللام محذوفة أين هي؟ محذوفة. (غزتا) ما وزنه؟ فعتا، (غزت)؟ فعت.
وَالقَلْبُ فِي جَمْعِ الإِنَاثِ مُنْتَفِي ... وَغَزَوَا كَذَا غَزَوْتُ فَاقْتَفِي

(والقلب) يعني لواو الناقص ويائه ألفاً، (والقلب) لواو الناقص وياء الناقص (منتفي) الياء هذه للإشباع، لِمَ؟ لأنه اسم فاعل انتفى ينتفى منتفٍ،
وَنَوِّنِ الْمُنَكَّرَ الْمَنْقُوصَا ... فِي رَفْعِهِ وَجَرِّهِ خُصُوصَا


وهنا خبر وقع، الأصل (والقلب في جمع الإناث منتفٍ)، (والقلب) مبتدأ، (منتفٍ) خبره مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، لِمَ؟ لأنه منقوص منَكَّر، وإذا كان منقوصاً منكراً وجب تنوينه إذا لم يحل بأل، وجب تنوينه فإذا نُوِّن التقى ساكنان الياء والتنوين فحذفنا الياء، إذاً القلب منتفٍ في جمع الإناث يعني في الفعل المسند لضمير الإناث، يعني تصحَّ الواو وتصح الياء إذا أسند الناقص الواوي أو اليائي إذا أسند إلى جمع الإناث، فتقول في غزا: النسوة غَزَوْنَ، غزون صحَّت الواو لِمَ؟ لم صحَّت الواو؟ لسكونها، إذاً لعدم وجود المقتضي هكذا تعبر، لعدم وجود المقتضي، ما هو المقتضي؟ تحرك الواو وانفتاح ما قبلها، هل وجد انفتاح الواو هنا وتحرك الواو؟ لم يوجد، إذاً غزون، كفين ماذا نقول؟ سلمت الياء هنا والقلب منتفٍ، يعني لا تقلب الياء ألفاً كما أنها لا تقلب الواو هناك غزون ألفاً لماذا؟ لعدم وجود المقتضي، رمينَ كفين سكنت الياء، ولابد أن تكون الياء محركة (واواً أو ياً حركا) وهنا لم تحرك، قلنا: قول وبيع لا يجوز قلب الواو أو الياء ألفاً، لِمَ؟ لسكونهما، هنا غزون ورمين أو كفين سكنت الواو والياء فلا يجوز قلبهما، ولذلك قال: (والقلب) يعني قلب الواو ألفاً في الناقص أو قلب الياء ألفاً في الناقص في الفعل المسند لضمير جمع الإناث (منتفٍ) يعني ممتنع، لماذا؟ لسكونهما، الياء هذه (منتفي) نقول: للإشباع؛ لأن الياء ياء المنقوص هنا يجب حذفها، (وغَزَوَا كذا) (وغزوا) يعني والقلب منتفٍ في الناقص المسند إلى ضمير المثنى المذكر، (وغَزَوَا كذا) أي مثل ما ذكر من امتناع أو انتفاء قلب الناقص المسند إلى جمع الإناث كذلك ينتفي قلب الواو أو الياء في الناقص المسند إلى ضمير المثنى المذكر، (غَزَوَا) أصله غزا، (غَزَوَا) لِمَ؟ هنا وجد المقتضي أم لا؟ وجد المقتضي وهو تحرك الواو وانفتاح ما قبلها هذا الأصل، إذاً وجد المقتضي، لِمَ لم تقلب الواو ألفاً هنا؟ لوجود المانع، لابد من وجود المقتضي وانتفاء المانع حتى تقلب، وهنا وجد المقتضي ولكن وجد مانع، والمانع مقدم على المقتضي عندهم هنا، (غَزَوَا) لو قلبت الواو ألفاً اجتمع ألفان ساكنان حذفت الأولى صار غزا، غزا هل هو مفرد أو مثنى؟ الظاهر أنه مفرد، وهو يريد الإفراد أو التثنية؟ يريد التثنية، إذاً حصل اللبس، وهذا الباب كله من أوله إلى آخره قواعده مقررة ومقعدة على وفق عدم اللبس، كل قلبٍ أو حذفٍ أدى إلى وقوع لبسٍ نقول: لا تطبق القاعدة، ويعتبر اللبس مانعاً من تطبيق القاعدة.


إذاً (وغزوا) السابق (القلب في جمع الإناث منتفي) لعدم وجود المقتضي، (وغَزَوَا كذا) انتفى قلب الواو ألفاً لوجود المانع قيام المانع، (وغزوا كذا غَزَوْتُ) (غزوت) هنا ماذا حصل؟ أسند إلى ضمير رفع متحرك، وقلنا: إذا أسند الفعل الناقص إلى ضمير رفع متحرك إن كان ثلاثياً أو رباعياً أو خماسياً أو سداسياً قلبت الألف ياءاً، أعطيت استدعيت ناديت اقتديت اقتفيت قُلبت الألف ياءاً، إن كان ثلاثياً لا تقلب الألف ياءاً هكذا قاعدة مطلقة، وإنما تُرَدُّ الألف إلى أصلها، فإن كان أصلها واواً رجعت، غَزَوْتُ أصله غزا، ثلاثي آخره ألفٌ اتصل أو أسند إليه ضمير رفع متحرك نقول: ننظر في أصل هذه الألف، ما أصلها؟ منقلبة عن واو لأنه من الغزو وهذا مصدر، والمصدر يدل على المقلوب، إذاً غزا الألف هذه منقلبة عن واو فتقول: غَزَوْتُ غَزَوْنَا، كما تقول: كفيتُ وكفينا، (فاقتفي) هذا أمر بالاقتفاء أي الإتباع، يعني اتبع ولا تبتدع، والياء هذه للإشباع. إذاً بين لنا أحكام الفعل الماضي الناقص سواءٌ كان واوياً أو يائياً، وعلى الحالة الثانية وهي حالة إسناده إلى الضمائر، وترك الأولى لَعَلَّه لأنها لا تحتاج إلى تنصيص كما هو في الحالة الثانية، ويحال على الموَقِّفِ، يقولون في الشروح إذا ترك بعض المسائل لوضوحها يقولون: أحال الناظم للمُوَقِّف، من هو الموقف؟ المدرس للمدرس، فأحال علينا الحالة الأولى ونظم الحالة الثانية، ثم ذكر الأجوف، وهذا يحتاج إلى مزيد إيضاح وبيان.
وغداً بإذن الله تعالى إن شاء الله غدًا في درس
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.