الخصائص
الكبرى بَيَان سَبَب ظلمَة اللَّيْل وضوء
النَّهَار ومخرج السَّحَاب وَمَوْضِع النَّفس من الْجَسَد
وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قدم
خُزَيْمَة بن حَكِيم السّلمِيّ ثمَّ الْبَهْزِي على خَدِيجَة ابْنة خويلد
مرّة فَأحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبا شَدِيدا فَقَالَ لَهُ
خُزَيْمَة يَا مُحَمَّد إِنِّي أرى فِيك اشياء مَا أَرَاهَا فِي أحد من
النَّاس وَإنَّك لصريح فِي ميلادك أَمِين فِي أنفس قَوْمك وَإِنِّي أرى
عَلَيْك من النَّاس محبَّة وَإِنِّي لأظنك الَّذِي يخرج بتهامة فَقَالَ
لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي مُحَمَّد رَسُول الله
قَالَ أشهد أَنَّك لصَادِق وَإِنِّي قد آمَنت بك ثمَّ انْصَرف إِلَى
بِلَاده وَقَالَ يَا رَسُول الله إِذا سَمِعت بخروجك أَتَيْتُك ثمَّ قدم
يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ يَا رَسُول الله اخبرني عَن ظلمَة اللَّيْل وضوء
النَّهَار وحر المَاء فِي الشتَاء وبرده فِي الصَّيف ومخرج السَّحَاب وَعَن
قَرَار مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة وَعَن مَوضِع النَّفس من الْجَسَد
وَمَا شراب الْمَوْلُود فِي بطن امهِ وَعَن مخرج الْجَرَاد فَقَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أما ظلمَة اللَّيْل وضوء النَّهَار فَإِن الله خلق خلقا من غثاء المَاء
بَاطِنه أسود وَظَاهره أَبيض وطرفه بالمشرق وطرفه بالمغرب تمده
الْمَلَائِكَة فَإِذا أشرق الصُّبْح طردت الْمَلَائِكَة الظلمَة حَتَّى
تجعلها فِي الْمغرب وينسلخ الجلباب وَإِذا أظلم اللَّيْل طردت
الْمَلَائِكَة الضَّوْء حَتَّى تحله فِي طرف الْهَوَاء فهما كَذَلِك
يتراوحان لَا يبليان وَلَا ينفذان
(1/443)
واما إسخان المَاء فِي الشتَاء وبرده فِي
الصَّيف فَإِن الشَّمْس إِذا اسقطت تَحت الارض سَارَتْ حَتَّى تطلع من
مَكَانهَا فَإِذا اطال اللَّيْل فِي الشتَاء كثر لبثها فِي الأَرْض فيسخن
المَاء لذَلِك فَإِذا كَانَ الصَّيف مرت بِسُرْعَة لَا تلبث تَحت الأَرْض
لقصر اللَّيْل فَثَبت المَاء على حَاله بَارِدًا
وَأما السَّحَاب فينشق من طرف الْخَافِقين بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فيطل
عَلَيْهِ الْغُبَار يلتف من المزاد المكفوف حوله الْمَلَائِكَة صُفُوف
تخرقه الْجنُوب والصباء وتلحمه الشمَال وَالدبور
وَأما قَرَار مَاء الرجل فَإِنَّهُ يخرج مَاؤُهُ من الإحليل وَهُوَ عرق
يجْرِي من ظَهره حَتَّى يسْتَقرّ قراره فِي الْبَيْضَة الْيُسْرَى واما
مَاء الْمَرْأَة فَإِن ماءها فِي التريبة يتقلقل لَا يزَال يدنو حَتَّى
يَذُوق عسيلتها
وَأما مَوضِع النَّفس فَفِي الْقلب وَالْقلب مُعَلّق بالنياط والنياط
تَسْقِي الْعُرُوق فَإِذا هلك الْقلب انْقَطع الْعُرُوق
واما شراب الْمَوْلُود فِي بطن أمه فَإِنَّهُ يكون نُطْفَة أَرْبَعِينَ
لَيْلَة ثمَّ علقَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة ومشيحا أَرْبَعِينَ لَيْلَة وعميسا
أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ مُضْغَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ الْعظم حنيكا
أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ جَنِينا فَعِنْدَ ذَلِك يستهل وينفخ فِيهِ الرّوح
وتجتلب عَلَيْهِ عروق الرَّحِم
وَأما مخرج الْجَرَاد فَإِنَّهُ نثره حوت فِي الْبَحْر
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن
جَابر بن عبد الله وَزَاد فِيهِ وَعَن الرَّعْد والبرق وَعَن مَا للرجل من
الْوَلَد وَمَا للْمَرْأَة وَفِيه فَقَالَ واما الرَّعْد فَإِنَّهُ ملك
بِيَدِهِ مِخْرَاق يدني القاصية وَيُؤَخر النائية فَإِذا رفع برقتْ وَإِذا
زجر رعدَتْ وَإِذا ضرب صعِقَتْ وَأما مَا للرجل من الْوَلَد وَمَا
للْمَرْأَة فَإِن للرجل الْعِظَام وَالْعُرُوق والعصب وللمرأة اللَّحْم
وَالدَّم وَالشعر
(1/444)
بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة حنين من
المعجزات
اخْرُج الشَّيْخَانِ عَن الْبَراء انه قيل لَهُ أَفَرَرْتُم عَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَالَ لَكِن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لم يفر إِن هوَازن كَانُوا قوما رُمَاة فَلَمَّا
لَقِينَاهُمْ وحملنا عَلَيْهِم انْهَزمُوا فَأقبل النَّاس على الْغَنَائِم
فَاسْتَقْبلُوا بِالسِّهَامِ فَانْهَزَمَ النَّاس فَلَقَد رَأَيْت رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث آخذ
بلجام البغلة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول
(أَنا النَّبِي لَا كذب ... انا ابْن عبد الْمطلب)
وَأخرج مُسلم وَأَبُو عوَانَة وَالنَّسَائِيّ عَن الْعَبَّاس قَالَ اخذ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين حَصَيَات فَرمى بهَا فِي
وُجُوه الْكفَّار ثمَّ قَالَ انْهَزمُوا وَرب مُحَمَّد فوَاللَّه مَا هُوَ
إِلَّا أَن رماهم بحصياته فَمَا زلت أرى حَدهمْ كليلا وَأمرهمْ مُدبرا
وَأخرج مُسلم عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ لما غشوا رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين نزل عَن بغلته ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب من
الأَرْض ثمَّ اسْتقْبل بِهِ وُجُوههم فَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه فَمَا خلق
الله مِنْهُم انسانا الا مَلأ عَيْنَيْهِ تُرَابا بِتِلْكَ القبضة فَوَلوا
مُدبرين
واخرج احْمَد وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابي عبد الرَّحْمَن الفِهري
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين اخذ حفْنَة من تُرَاب
فَحَثَا بهَا فِي وُجُوه الْقَوْم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه فَأخْبرنَا
انهم قَالُوا مَا بَقِي منا أحد إِلَّا امْتَلَأت عَيناهُ وفمه من
التُّرَاب وَسَمعنَا صلصلة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض كمر الْحَدِيد على
الطست فَهَزَمَهُمْ الله
وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ
كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين فولى النَّاس
عَنهُ فَقَالَ ناولني كفا من تُرَاب فناولته فَضرب بِهِ وُجُوههم فامتلأت
أَعينهم تُرَابا فولى الْمُشْركُونَ ادبارهم
(1/445)
واخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن
سعد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِيَاض بن الْحَارِث النصري قَالَ
أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين كفا من حَصى فَرمى
بهَا وُجُوهنَا فَانْهَزَمْنَا
واخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن سُفْيَان
الثَّقَفِيّ قَالَ قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين
قَبْضَة من الْحَصَى فَرمى بهَا فِي وُجُوهنَا فَانْهَزَمْنَا فَمَا خيل
إِلَيْنَا إِلَّا ان كل حجر أَو شجر أَو فَارس يطلبنا واخرج ابْن عَسَاكِر
عَن الْحَارِث بن بدل مثله
واخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن عَامر
السوَائِي وَكَانَ شهد حنينا مَعَ الْمُشْركين ثمَّ أسلم قَالَ اخذ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَبْضَة من الأَرْض فَرمى بهَا
فِي وُجُوه الْمُشْركين وَقَالَ ارْجعُوا شَاهَت الْوُجُوه فَمَا اُحْدُ
يلقاه اخوه إِلَّا وَهُوَ يشكو قذى فِي عَيْنَيْهِ وَيمْسَح عَيْنَيْهِ
وَأخرج عبد وَالْبَيْهَقِيّ عَنهُ أَيْضا أَنه سُئِلَ عَن الرعب الَّذِي
القى الله فِي قُلُوبهم يَوْم حنين كَيفَ كَانَ فَكَانَ يَأْخُذ الْحَصَاة
فَيَرْمِي بهَا فِي الطست فتطن فَيَقُول كُنَّا نجد فِي أجوافنا مثل هَذَا
واخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد
الرَّحْمَن مولى ام برثن قَالَ حَدثنِي رجل كَانَ فِي الْمُشْركين يَوْم
حنين قَالَ لما الْتَقَيْنَا نَحن واصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لم يقومُوا لنا حلب شَاة إِن كفتناهم فَبَيْنَمَا نَحن نسوقهم فِي
أدبارهم إِذا الْتَقَيْنَا إِلَى صَاحب البغلة الْبَيْضَاء فَإِذا هُوَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتلقتنا عِنْده رجال بيض حسان
الْوُجُوه فَقَالُوا لنا شَاهَت الْوُجُوه ارْجعُوا فرجعنا وركبوا اكتافنا
وَكَانَت اياها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي امية بن
عبد الله بن
(1/446)
عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه حدث ان
مَالك بن عَوْف بعث عيُونا فَأتوهُ وَقد تقطعت اوصالهم فَقَالَ وَيْلكُمْ
مَا شَأْنكُمْ فَقَالُوا أَتَانَا رجال بيض على خيل بلق فوَاللَّه مَا
تماسكنا ان أَصَابَنَا مَا ترى
وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا لما انْتهى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حنين بعث مَالك بن عَوْف ثَلَاثَة
نفر يأتونه بِخَبَر اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَجَعُوا
إِلَيْهِ وَقد تَفَرَّقت اوصالهم من الرعب وَذَلِكَ لَيْلًا قبل الْقِتَال
وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن جُبَير بن مطعم قَالَ
إِنَّا لمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَالنَّاس
يقتتلون إِذْ نظرت الى مثل البجاد الْأسود يهوي من السَّمَاء حَتَّى وَقع
بَيْننَا وَبَين الْقَوْم فَإِذا نمل منثور قد مَلأ الْوَادي فَلم يكن
إِلَّا هزيمَة الْقَوْم فَمَا كُنَّا نشك انها الْمَلَائِكَة
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي ابراهيم بن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل عَن
أَبِيه قَالَ قَالَ النَّضر ابْن الْحَارِث خرجت مَعَ قُرَيْش إِلَى حنين
وَنحن نُرِيد ان كَانَت دبرة على مُحَمَّد ان نعين عَلَيْهِ فَلم يمكنا
ذَلِك فَلَمَّا صَار بالجعرانة وَإِنِّي لعلى مَا أَنا عَلَيْهِ تَلقانِي
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّضر قلت لبيْك قَالَ
هَذَا خير مِمَّا أردْت يَوْم حنين مِمَّا حَال الله بَيْنك وَبَينه
فَأَقْبَلت سَرِيعا فَقلت اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا الله واشهد ان
مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقَالَ اللَّهُمَّ زده ثباتا قَالَ فوالذي بَعثه
بِالْحَقِّ لكأن قلبِي حجر ثباتا فِي الدّين وبصيرة بِالْحَقِّ اخرجه ابْن
سعد وَالْبَيْهَقِيّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق صدفة بن سعيد عَن مُصعب بن
شيبَة ابْن عُثْمَان الحجي عَن أَبِيه قَالَ خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَالله مَا خرجت إسلاما وَلَكِن خرجت إتقاء ان
تظهر هوَازن على قُرَيْش فوَاللَّه إِنِّي لواقف مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قلت يَا نَبِي الله إِنِّي لأرى خيلا بلقا قَالَ يَا
شيبَة إِنَّه لَا يَرَاهَا إِلَّا كاقر قَالَ فَضرب بِيَدِهِ صَدْرِي
فَقَالَ اللَّهُمَّ اهد شيبَة فَفعل ذَلِك ثَلَاثًا فَمَا رفع النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يَده عَن صَدْرِي الثَّالِثَة حَتَّى مَا اجد من خلق
الله احب
(1/447)
الي مِنْهُ قَالَ فالقى الْمُسلمُونَ فَقتل
من قتل ثمَّ أقبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعمر آخذ باللجام
وَالْعَبَّاس آخذ بالثفر فَنَادَى الْعَبَّاس ايْنَ الْمُهَاجِرُونَ أَيْن
اصحاب سُورَة الْبَقَرَة بِصَوْت عَال هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَأقبل النَّاس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قدماها
(انا النَّبِي غير كذب ... انا ابْن عبد الْمطلب)
فَأقبل الْمُسلمُونَ فاصطكوا بِالسُّيُوفِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم الْآن حمي الْوَطِيس
وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الْملك بن عبيد وَغَيره قَالُوا
كَانَ شيبَة ابْن عُثْمَان يحدث عَن اسلامه قَالَ لما كَانَ عَام الْفَتْح
وَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة عنْوَة قلت أَسِير مَعَ
قُرَيْش إِلَى هوَازن بحنين فَعَسَى ان اختلطوا أَن أُصِيب من مُحَمَّد
غرَّة فَأَكُون أَنا الَّذِي قُمْت بثأر قُرَيْش كلهَا وَأَقُول لَو لم
يبْق من الْعَرَب والعجم أحذ إِلَّا اتبع مُحَمَّدًا مَا اتبعته ابدا فَكنت
مرْصدًا لما خرجت لَهُ لَا يزْدَاد الْأَمر فِي نَفسِي إِلَّا قُوَّة
فَلَمَّا اخْتَلَط النَّاس اقتحم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن
بغلته وأصلت السَّيْف ودنوت أُرِيد مَا أُرِيد مِنْهُ وَرفعت سَيفي حَتَّى
كدت أسوره فَرفع لي شواط من نَار كالبرق كَاد يمحشني فَوضعت يَدي على
بَصرِي خوفًا عَلَيْهِ والتفت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فناداني يَا شيبَة ادن مني فدنوت فَمسح صَدْرِي ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اعذه
من الشَّيْطَان قَالَ فوَاللَّه لَهو كَانَ ساعتئذ احب الي من سَمْعِي
وبصري وَنَفْسِي وأذهب الله مَا كَانَ بِي ثمَّ قَالَ ادن فقاتل فتقدمت
أَمَامه اضْرِب بسيفي الله يعلم اني احب أَن أقيه بنفسي كل شَيْء وَلَو
لقِيت تِلْكَ السَّاعَة أبي لَو كَانَ حَيا لأوقعت بِهِ السَّيْف حَتَّى
رَجَعَ إِلَى مُعَسْكَره فَدخل خباءه فَدخلت عَلَيْهِ فَقَالَ يَا شيبَة
الَّذِي اراد الله بك خيرا مِمَّا أردْت بِنَفْسِك ثمَّ حَدثنِي بِكُل مَا
اضمرت فِي نَفسِي مِمَّا لم اذكره لأحد قطّ فَقلت بِأبي أشهد ان لَا إِلَه
إِلَّا الله وانك رَسُول الله ثمَّ قلت اسْتغْفر لي يَا رَسُول الله قَالَ
غفر الله لَك
(1/448)
وَأخرج ابو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ
وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن الْمُبَارك
عَن ابي بكر الْهُذلِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ قَالَ شيبَة بن عُثْمَان لما
غزا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين تذكرت أبي وَعمي قَتلهمَا
عَليّ وَحَمْزَة فَقلت الْيَوْم أدْرك ثَأْرِي من مُحَمَّد فَجِئْته فَإِذا
انا بِالْعَبَّاسِ عَن يَمِينه فَقلت عَمه لن يَخْذُلهُ فَجِئْته عَن
يسَاره فَإِذا أَنا بِأبي سُفْيَان بن الْحَارِث فَقلت ابْن عَمه لن
يَخْذُلهُ فَجِئْته من خَلفه فدنوت حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا ان اسوره
سُورَة السَّيْف رفع لي شهَاب من نَار كالبرق فخفته فكنصت الْقَهْقَرَى
فَالْتَفت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تعالي يَا شيب
فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على صَدْرِي فاستخرج الله
الشَّيْطَان من قلبِي فَرفعت إِلَيْهِ بَصرِي وَهُوَ أحب إِلَيّ من سَمْعِي
وبصري وَمن كَذَا فَقَالَ لي يَا شيب قَاتل الْكفَّار ثمَّ قَالَ يَا
عَبَّاس أصرخ بالمهاجرين الَّذين بَايعُوا تَحت الشَّجَرَة وبالأنصار
الَّذين آووا ونصروا قَالَ فَمَا شبهت عطفة الانصار على رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا عطفة الْإِبِل على أَوْلَادهَا حَتَّى ترك
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ فِي حرجة قَالَ فلرماح
الْأَنْصَار كَانَت أخوف عِنْدِي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
من رماح الْكفَّار ثمَّ قَالَ يَا عَبَّاس ناولني من الْحَصْبَاء قَالَ
وأفقه الله البغلة كَلَامه فانخفضت بِهِ حَتَّى كَاد بَطنهَا يمس الأَرْض
قَالَ فَتَنَاول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْبَطْحَاء
فَحَثَا فِي وُجُوههم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه حم لَا ينْصرُونَ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن انس قَالَ انهزم الْمُسلمُونَ بحنين وَرَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بغلته الشَّهْبَاء وَكَانَ اسْمهَا دُلْدُل
فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دُلْدُل الْبَدِيِّ
فألزقت بَطنهَا بِالْأَرْضِ فَأخذ حفْنَة من تُرَاب فَرمى بهَا فِي
وُجُوههم وَقَالَ حم لَا ينْصرُونَ فَانْهَزَمَ الْقَوْم وَمَا رمينَا
بِسَهْم وَلَا طَعنا بِرُمْح
وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق حشرج بن عبد الله
بن حشرج عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ عَائِذ بن عمر وأصابتني رمية يَوْم
حنين فِي جبهتي
(1/449)
فَسَالَ الدَّم على وَجْهي وصدري فسلت
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّم بِيَدِهِ عَن وَجْهي وصدري إِلَى
ثندوتي ثمَّ دَعَا لي فَرَأَيْنَا أثر يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إِلَى مُنْتَهى مَا مسح من صَدره فَإِذا غرَّة سابلة كغرة الْفرس
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن أَزْهَر ان خَالِد بن
الْوَلِيد جرح يَوْم حنين فتفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
جرحه فبرأ
وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الله بن الزبير قَالَ شهد صَفْوَان بن أُميَّة
حنينا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ كَافِر ثمَّ رَجَعَ
إِلَى الْجِعِرَّانَة فَبَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يسير فِي الْغَنَائِم ينظر إِلَيْهَا وَمَعَهُ صَفْوَان فَجعل صَفْوَان
ينظر إِلَى شعب مَلأ نعم وَشاء ورعاء فأدام النّظر إِلَيْهِ فَقَالَ أَبَا
وهب يُعْجِبك هَذَا الشّعب قَالَ نعم قَالَ هُوَ لَك وَمَا فِيهِ فَقَالَ
صَفْوَان عِنْد ذَلِك مَا طابت نفس اُحْدُ بِمثل هَذَا الا نفس نَبِي
فَأسلم مَكَانَهُ
وَأخرج ابو نعيم عَن عَطِيَّة السَّعْدِيّ انه كَانَ مِمَّن كلم النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سبي هوزان فَكلم رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم اصحابه فَردُّوا عَلَيْهِ سَبْيهمْ إِلَّا رجلا فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اخس سَهْمه فَكَانَ يمر
بالجارية الْبكر وبالغلام فيدعه حَتَّى مر بِعَجُوزٍ فَقَالَ إِنِّي آخذ
هَذِه فَإِنَّهَا أم حَيّ فسيفدونها مني بِمَا قدرُوا عَلَيْهِ فَكبر
عَطِيَّة وَقَالَ اخذها وَالله مَا فوها ببارد وَلَا ثديها بناهد وَلَا
وافرها بِوَاحِد عَجُوز يَا رَسُول الله سَيِّئَة بتراء مَا لَهَا اُحْدُ
فَلَمَّا رأى انه لَا يعرض لَهَا اُحْدُ تَركهَا
واخرج ابو نعيم عَن سَلمَة بن الاكوع قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم هوزان فأصابنا جهد شَدِيد فَدَعَا بنطفة من مَاء فِي
أداوة فَأمر بهَا فصبت فِي قدح فَجعلنَا نتطهر بِهِ حَتَّى تطهرنا جَمِيعًا
(1/450)
بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة الطَّائِف من
المعجزات
اخْرُج الزبير بن بكار وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن سعيد بن عبيد
الثَّقَفِيّ قَالَ رَأَيْت أَبَا سُفْيَان بن حَرْب يَوْم الطَّائِف
قَاعِدا فِي حَائِط ابْن يعلى يَأْكُل ثَمَرَة فرميته فأصيبت عينه فَأتى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذِه عَيْني
أُصِيبَت فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن
شِئْت دَعَوْت الله فَردَّتْ عَلَيْك وَإِن شِئْت فالجنة قَالَ الْجنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة قَالَ اسْتَأْذن عُيَيْنَة
بن حصن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِي اهل الطَّائِف
يكلمهم لَعَلَّ الله ان يهْدِيهم فَأذن لَهُ فَأَتَاهُم فَقَالَ تمسكوا
بمكانكم وَالله لنَحْنُ أذلّ من العبيد وَأقسم بِاللَّه لَو حدث بِهِ حدث
لتمسن الْعَرَب عزا ومنعة فَتمسكُوا بحصنكم وَإِيَّاكُم ان تعطوا بأيدكم
وَلَا يتكاثرون عَلَيْكُم قطع هَذِه الشَّجَرَة ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَهُ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاذَا قلت لَهُم قَالَ قلت لَهُم
وأمرتهم بالاسلام ودعوتهم إِلَيْهِ وحذرتهم النَّار ودللتهم إِلَى الْجنَّة
قَالَ كذبت بل قلت لَهُم كَذَا وَكَذَا فَقَالَ صدقت يَا رَسُول الله
أَتُوب إِلَى الله وَإِلَيْك من ذَلِك قَالَ وَأَقْبَلت خَوْلَة بنت حَكِيم
فَقَالَت يَا رَسُول الله مَا يمنعك ان تنهض إِلَى اهل الطَّائِف قَالَ لم
يُؤذن لنا حَتَّى الْآن فيهم وَمَا أَظن ان نفتحها الْآن فَقَالَ عمر بن
الْخطاب أَلا تَدْعُو الله عَلَيْهِم وتنهص إِلَيْهِم لَعَلَّ الله يفتحها
قَالَ لم يُؤذن لنا فِي قِتَالهمْ ثمَّ قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم رَاجعا وَقَالَ حِين ركب قَافِلًا اللَّهُمَّ اهدهم واكفنا مؤونتهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق نَحوه وَزَاد فَجَاءَهُ وفدهم
فِي رَمَضَان فأسلموا قَالَ ابْن اسحاق وَبَلغنِي ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَهُوَ محاصر ثقيفا إِن رَأَيْت اني اهديت
لي قعبة مَمْلُوءَة زبدا فنقرها ديك فأهراق مَا فِيهَا فَقَالَ أَبُو بكر
يَا رَسُول الله مَا اظن ان تدْرك مِنْهُم يَوْمك هَذَا مَا تُرِيدُ قَالَ
وَلَا انا مَا ارى ذَلِك
(1/451)
وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ حاصر
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل الطَّائِف فَقَالَ عمر يَا نَبِي
الله ادْع على ثَقِيف قَالَ إِن الله لم يَأْذَن لي فِي ثَقِيف قَالَ فَكيف
نقْتل فِي قوم لم يَأْذَن الله فيهم فارتحلوا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وابو نعيم عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حِين خرجنَا مَعَه إِلَى الطَّائِف فمررنا
بِقَبْر فَقَالَ هَذَا قبر أبي رِغَال وَهُوَ أَبُو ثَقِيف وَكَانَ من
ثَمُود وَكَانَ بِهَذَا الْحرم يدْفع عَنهُ فَلَمَّا خرج اصابته النقمَة
الَّتِي اصابت قومه بِهَذَا الْمَكَان فَدفن فِيهِ وَآيَة ذَلِك انه دفن
مَعَه غُصْن من ذهب إِن انتم نَبَشْتُمْ عَنهُ اصبتموه فَابْتَدَرَهُ
النَّاس فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ الْغُصْن
وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم اعْتَمر من الْجِعِرَّانَة وَقَالَ اعْتَمر مِنْهَا سَبْعُونَ نَبيا
بَاب مَا وَقع فِي سَرِيَّة قُطْبَة وَذَلِكَ فِي صفر سنة تسع
اخْرُج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا بعث رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُطْبَة بن عَامر فِي عشْرين رجلا إِلَى خثعم
بِنَاحِيَة تبَالَة وَأمره ان يَشن الْغَارة عَلَيْهِم فَخَرجُوا فَشُنُّوا
عَلَيْهِم الْغَارة فَاقْتَتلُوا قتالا شَدِيدَة وَقتل قُطْبَة من قتل
وَسَاقُوا النعم وَالشَّاء وَالنِّسَاء إِلَى الْمَدِينَة وَجَاء سيل اتى
فحال بَينه وَبينهمْ فَمَا يَجدونَ إِلَيْهِ سَبِيلا
بَاب آيَة فِي غَزْوَة أُخْرَى
اخْرُج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي طَلْحَة قَالَ كُنَّا مَعَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فلقي الْعَدو فَسَمعته
يَقُول يَا مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين فَلَقَد
رَأَيْت الرِّجَال تصرع تضربها الْمَلَائِكَة من بَين يَديهَا وَمن خلفهَا
(1/452)
بَاب مَا وَقع فِي غَزْوَة تَبُوك من
المعجزات
اخْرُج ابْن اسحاق وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ
لما سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك تخلف رجال ثمَّ
لحقه أَبُو ذَر فَنظر نَاظر من الْمُسلمين فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا
رجل يمشي على الطَّرِيق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن
أَبَا ذَر فَلَمَّا تَأمله الْقَوْم قَالُوا يَا رَسُول الله هُوَ وَالله
أَبُو ذَر فَقَالَ يرحم الله أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث
وَحده فَضرب الدَّهْر من ضربه وسير أَبُو ذَر الى الربذَة فَمَاتَ بهَا
وَعِنْده امْرَأَته وَغُلَامه فَوضع على قَارِعَة الطَّرِيق فَاطلع ركب
فيهم ابْن مَسْعُود فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل جَنَازَة أبي ذَر فَبكى ابْن
مَسْعُود وَقَالَ صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يرحم الله
أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده ثمَّ نزل فَوَلِيه
بِنَفسِهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن اسحاق حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر بن
حزم أَن أَبَا خَيْثَمَة لحق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدركه
بتبوك حِين نزلها فَقَالَ النَّاس هَذَا رَاكب على الطَّرِيق مقبل فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن أَبَا خَيْثَمَة فَقَالُوا هُوَ
وَالله ابو خَيْثَمَة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن عُرْوَة ان النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم حِين نزل بتبوك وَكَانَ فِي زمَان قل مَاؤُهَا فِيهِ فاغترف
غرفَة بِيَدِهِ من مَاء فَمَضْمض بهَا فَاه ثمَّ بصقه فِيهَا ففارت عينهَا
حَتَّى امْتَلَأت فَهِيَ كَذَلِك حَتَّى السَّاعَة
وَأخرج مُسلم عَن معَاذ بن جبل أَنهم خَرجُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عَام تَبُوك فَقَالَ انكم ستأتون غَدا إِن شَاءَ الله عين
تَبُوك وانكم لن تأتوها حَتَّى يُضحي النَّهَار فَمن جاءها فَلَا يمس من
مَائِهَا شَيْئا فَأَتَاهَا وَالْعين مثل الشرَاك تبض بِشَيْء من مَاء فغرف
من الْعين قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى اجْتمع فِي شَيْء ثمَّ غسل فِيهِ وَجهه
وَيَديه ثمَّ اعاده فِيهَا فجرت الْعين بِمَاء كثير فاستقى النَّاس ثمَّ
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوشك يَا معَاذ ان طَالَتْ بك
حَيَاة ان ترى مَا هَا هُنَا قد ملئ جنَانًا
(1/453)
وَأخرج ابْن اسحاق نَحوه وَفِيه فانخرق من
المَاء حَتَّى كَانَ يَقُول من سَمعه ان لَهُ حسا كحس الصَّوَاعِق وَذَلِكَ
المَاء فوارة تَبُوك الْيَوْم
واخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن جَابر قَالَ انْتهى النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك وعينها تبض بِمَاء يسير مثل الشرَاك
فشكونا الْعَطش فَأَمرهمْ فَجعلُوا فِيهَا سهاما دَفعهَا إِلَيْهِم
فَجَاشَتْ بِالْمَاءِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ
يُوشك يَا معَاذ ان طَالَتْ بك حَيَاة ان ترى مَا هَا هُنَا قد ملئ جنَانًا
واخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما كَانَ يَوْم غَزْوَة تَبُوك أصَاب
النَّاس مجاعَة فَقَالُوا يَا رَسُول الله لَو اذنت لنا نَنْحَر نواضحنا
فأكلنا وادهنا فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله ان فعلت قل الظّهْر وَلَكِن
أَدَعهُ بِفضل أَزْوَادهم وادع الله لَهُم فِيهَا بِالْبركَةِ لَعَلَّ الله
ان يَجْعَل فِي ذَلِك بلاغا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نعم فَدَعَا بنطع فبسطه ثمَّ دَعَا بِفضل ازوادهم فَجعل الرجل يَأْتِي بكف
ذرة وَيَجِيء الآخر بكف تمر وَيَجِيء الآخر بكسرة حَتَّى اجْتمع على النطع
من ذَلِك شَيْء يسير فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ لَهُم خُذُوا فِي اوعيتكم حَتَّى مَا تركُوا فِي
الْعَسْكَر وعَاء إِلَّا ملأوه فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وفضلت فضلَة
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا
الله واني رَسُول الله لَا يلقِي الله بهَا عبد غير شَاك فيحجب عَن
الْجنَّة
واخرج ابْن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عمر
بن الْخطاب قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
غَزْوَة تَبُوك فاصابنا جوع شَدِيد فَقلت يَا رَسُول الله خرج الينا الرّوم
وهم شباع وَنحن جِيَاع وأرادت الْأَنْصَار ان ينحروا نواضحهم فَنَادَى فِي
النَّاس من كَانَ عِنْده فضل من زَاد فليأتنا فحزرنا جَمِيع مَا جاؤوا بِهِ
فوجدوه سبعا وَعشْرين صَاعا فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِلَى جنبه فَدَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ يَا أَيهَا النَّاس
خُذُوا وَلَا تنتهبوا فَأخذُوا فِي الجرب والعرائر حَتَّى جعل الرجل يعْقد
قَمِيصه فَيَأْخُذ فِيهِ حَتَّى صدرُوا وَإنَّهُ نَحْو مَا كَانُوا يحزرون
(1/454)
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
اشْهَدْ ان لَا إِلَه إِلَّا الله واني رَسُول الله لَا يَأْتِي بهما عبد
محق إِلَّا وَقَاه الله حر النَّار
وَأخرج ابو نعيم من طَرِيق ابي خَالِد الْخُزَاعِيّ يزِيد بن يحيى عَن
مُحَمَّد بن حَمْزَة ابْن عَمْرو الاسلمي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرج
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى غَزْوَة تَبُوك وَكنت على النحي
ذَلِك السّفر فَنَظَرت إِلَى نحي السّمن قد قل مَا فِيهِ وَهَيَّأْت
للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَوضعت النحي فِي الشَّمْس ونمت
فانتهبت بخرير النحي فَقُمْت فَأخذت رَأسه بيَدي فَقَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم ورآني لَو تركته لَسَالَ الْوَادي سمنا
وَأخرج ابْن سعد عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ لما كُنَّا
بتبوك وَنَفر المُنَافِقُونَ بِنَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فِي الْعقبَة حَتَّى سقط بعض مَتَاع رَحْله قَالَ حَمْزَة فنول لي فِي
أصابعي الْخمس فأضأن حَتَّى جعلت ألقط مَا شَذَّ من الْمَتَاع السَّوْط
وَالْحَبل وأشابه ذَلِك
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن الْعِرْبَاض بن
سَارِيَة قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتبوك
فَقَالَ لَيْلَة لِبلَال هَل من عشَاء فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ
لقد نفضنا جربنَا قَالَ انْظُر عَسى ان تَجِد شَيْئا فَأخذ الجرب ينفضها
جرابا جرابا فَتَقَع التمرة وَالتَّمْرَتَانِ حَتَّى رَأَيْت فِي يَده سبع
تمرات ثمَّ دَعَا بصحفة فَوضع التَّمْر فِيهَا ثمَّ وضع يَده فِيهَا على
التمرات وَقَالَ كلوا بِسم الله فأكلنا ثَلَاثَة أنفس فاحصيت اربعا وَخمسين
تَمْرَة أعدهَا عدا نَوَاهَا فِي يَدي الْأُخْرَى وصاحباي يصنعان كَذَلِك
فشبعنا ورفعنا أَيْدِينَا فَإِذا التمرات السَّبع كَمَا هِيَ فَقَالَ يَا
بِلَال ارفعها فَإِنَّهُ لَا يَأْكُل مِنْهَا اُحْدُ إِلَّا نهل مِنْهَا
شبعا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد دَعَا بِلَال بالتمرات فَوضع يَده
عَلَيْهِنَّ ثمَّ قَالَ كلوا باسم الله فأكلنا حَتَّى شبعنا وانا لعشرة
ثمَّ رفعنَا ايدينا وَإِذا التمرات كَمَا هِيَ فَقَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا اني
(1/455)
استحيي من رَبِّي لأكلنا من هَذِه التمرات
حَتَّى نرد الْمَدِينَة عَن آخِرنَا وأعطاهن غُلَاما فولى وَهُوَ يلوكهن
وَأخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ قَالَ رجل من بني سعد جِئْت رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتبوك وَهُوَ فِي نفر من اصحابه وَهُوَ
سابعهم فَأسْلمت فَقَالَ يَا بِلَال اطعمنا فَبسط نطعا ثمَّ جعل يخرج من
حميت لَهُ فَأخْرج شَيْئا من تمر معجون بالسمن والأقط فَقَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلوا فأكلنا حَتَّى شبعنا فَقلت يَا رَسُول الله
إِن كنت لآكل هَذَا وحدي ثمَّ جِئْته من الْغَد فَإِذا عشرَة نفر حوله
فَقَالَ أطعمنَا يَا بِلَال فَجعل يخرج من جراب تَمرا بكفه قَبْضَة قَبْضَة
فَقَالَ اخْرُج وَلَا تخف من ذِي الْعَرْش اقتارا فجَاء بالجراب فنثره
فحزرته مَدين فَوضع النَّبِي يَده على التَّمْر ثمَّ قَالَ كلوا بِسم الله
فَأكل الْقَوْم وأكلت مَعَهم حَتَّى مَا أجد لَهُ مسلكا وَبَقِي على النطع
مثل الَّذِي جَاءَ بِهِ كأنا لم نَأْكُل مِنْهُ تَمْرَة وَاحِدَة ثمَّ
غَدَوْت من الْغَد وَعَاد نفر عشرَة وَيزِيدُونَ رجلا أَو رجلَيْنِ فَقَالَ
يَا بِلَال اطعمنا فجَاء بذلك الجراب بِعَيْنِه فنثره فَوضع يَده وَقَالَ
كلوا بِسم الله فأكلنا ثمَّ رفع مثل الَّذِي صب فَفعل ذَلِك ثَلَاثَة
أَيَّام
وَأخرج الْوَاقِدِيّ وابو نعيم عَن أبي قَتَادَة قَالَ بَينا نَحن مَعَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسير فِي الْجَيْش إِذْ لحقهم عَطش
كَادَت تقطع أَعْنَاق الرِّجَال وَالْخَيْل والركاب عطشا فَدَعَا بركوة
فِيهَا مَاء فَوضع أَصَابِعه عَلَيْهَا فنبع المَاء من بَين أَصَابِعه
فاستقى النَّاس وفاض المَاء حَتَّى ترووا وأرووا خيلهم وركابهم وَكَانَ فِي
الْعَسْكَر اثْنَا عشر الف بعير وَالنَّاس ثَلَاثُونَ ألفا وَالْخَيْل إثنا
عشر ألف فرس قَالَ وَكَانَ فِي تَبُوك أَرْبَعَة أَشْيَاء فَبينا رَسُول
الله يسير منحدر الْمَدِينَة وَهُوَ فِي قيظ شَدِيد عَطش الْعَسْكَر بعد
الْمَرَّتَيْنِ الْأَوليين عطشا شَدِيدا حَتَّى لَا يُوجد مَاء قَلِيل
وَلَا كثير فَأرْسل أسيد بن حضير فَخرج فِيمَا بَين تَبُوك وَالْحجر فَجعل
يضْرب فِي كل وَجه فيجد راوية من مَاء من امْرَأَة من بلي فكلمها وَجَاء
بهَا فَدَعَا فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبركَةِ ثمَّ
قَالَ هلموا اسقيكم فَلم يبْق سقاء إِلَّا ملأوه ثمَّ دَعَا
(1/456)
بركابهم وخيولهم فسقوها حَتَّى نهلت
وَيُقَال إِنَّه امْر بِمَا جَاءَ بِهِ أسيد فَصَبَّهُ فِي قَعْب عَظِيم
فَأدْخل يَده فِيهِ وَغسل وَجهه وَرجلَيْهِ وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رفع
يَده مدا ثمَّ انْصَرف وان الْقَعْب ليفور فَقَالَ ردوا واتسع المَاء
وانبسط النَّاس حَتَّى يصف عَلَيْهِ الْمِائَة والمائتان فارووا وَإِن
الْقَعْب ليجيش بِالرَّوَاءِ
وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ
وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس انه قيل لعمر بن الْخطاب حَدثنَا من شَأْن
السَّاعَة الْعسرَة فَقَالَ خرجنَا إِلَى تَبُوك فِي قيظ شَدِيد فنزلنا
منزلا منزلا اصابنا فِيهِ عَطش حَتَّى ظننا ان رقابنا ستنقطع حَتَّى ان
كَانَ الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه وَيجْعَل مَا بَقِي على كبده
فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله ان الله قد عودك فِي الدُّعَاء خيرا
فَادع الله فَرفع يَدَيْهِ فَلم يرجعهما حَتَّى قَالَت السَّمَاء فأظلت
ثمَّ سكبت فملأوا مَا مَعَهم ثمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُر فَلم نجدها جَازَت
الْعَسْكَر
وَأخرج ابو نعيم عَن عَبَّاس بن سُهَيْل قَالَ اصبح النَّاس وَلَا مَاء
مَعَهم فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا
الله فَأرْسل الله سَحَابَة فأمطرت حَتَّى ارتوى النَّاس وَاحْتَملُوا
حَاجتهم من المَاء
وَأخرج ابْن ابي حَاتِم عَن ابي خزرة قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من
الانصار فِي غَزْوَة تَبُوك ونزلوا الْحجر فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ان لَا يحملوا من مَائِهَا شَيْئا ثمَّ ارتحل ثمَّ نزل
منزلا آخر وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فشكوا ذَلِك الى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا فَأرْسل الله
سُبْحَانَهُ فأمطرت عَلَيْهِم حَتَّى استقوا مِنْهَا فَقَالَ رجل من
الْأَنْصَار لآخر من قومه يتهم بالنفاق وَيحك قد ترى مَا دَعَا النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمْطر الله علينا السَّمَاء فَقَالَ انما
مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ
تكذبون}
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نيعم من طَرِيق ابْن اسحاق عَن عَاصِم بن عمر
بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد عَن رجال من بني عبد الْأَشْهَل قَالُوا
أصبح النَّاس وَلَا مَاء
(1/457)
مَعَهم فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا الله فَأرْسل سَحَابَة فأمطرت حَتَّى ارتوى
النَّاس وَاحْتَملُوا حَاجتهم من المَاء قَالَ عَاصِم وَأَخْبرنِي رجال من
قومِي ان رجلا من الْمُنَافِقين كَانَ مَعْرُوفا نفَاقه فَلَمَّا أمْطرت
السحابة وارتوى النَّاس قُلْنَا لَهُ وَيحك هَل بعد هَذَا من شَيْء قَالَ
سَحَابَة مارة ثمَّ ضلت نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ الْمُنَافِق أَلَيْسَ مُحَمَّد يزْعم انه نَبِي وَيُخْبِركُمْ خبر
السَّمَاء وَهُوَ لَا يدْرِي أَيْن نَاقَته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده عمَارَة بن حزم إِن رجلا قَالَ هَذَا مُحَمَّد
يُخْبِركُمْ انه نَبِي وَيُخْبِركُمْ بِأَمْر السَّمَاء وَهُوَ لَا يدْرِي
أَيْن نَاقَته وَإِنِّي وَالله مَا أعلم إِلَّا مَا عَلمنِي الله وَقد
دلَّنِي الله عَلَيْهَا هِيَ بالوادي من شعب كَذَا قد حبستها الشَّجَرَة
بزمامها فَانْطَلقُوا فَجَاءُوا بهَا فَرجع عمَارَة إِلَى رَحْله
فَحَدثهُمْ عَمَّا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خبر الرجل
فَقَالَ رجل كَانَ فِي رَحل عمَارَة انما قَالَ الْمُنَافِق وَالله هَذِه
الْمقَالة قبل أَن تَأتي
وَأخرج مُسلم عَن أبي حميد قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فاتينا وَادي الْقرى على حديقة
لامْرَأَة فَقَالَ اخرصوها فخرصناها وخرصها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم عشرَة أوسق وَقَالَ احصيها حَتَّى نرْجِع إِلَيْك إِن شَاءَ الله
تَعَالَى فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قدمنَا تَبُوك فَقَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم ستهب عَلَيْكُم اللَّيْلَة ريح شَدِيدَة فَلَا يقم
فِيهَا أحد مِنْكُم وَمن كَانَ لَهُ بعير فليشد عقاله فَهبت ريح شَدِيدَة
فَقَامَ رجل فَحَملته الرّيح حَتَّى ألقته بجبل طَيء ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى
قدمنَا وَادي الْقرى فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْمَرْأَة عَن حديقتها كم بلغ تمرها فَقَالَت بلغ عشرَة أوسق
وَأخرج ابْن سعد بِسَنَد صَحِيح عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَنه سُئِلَ هَل
أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اُحْدُ من هَذِه الامة غير أبي بكر
قَالَ نعم كُنَّا فِي سفر فَلَمَّا كَانَ من السحر انْطلق وَانْطَلَقت
مَعَه حَتَّى تبرزنا عَن النَّاس فَنزل عَن رَاحِلَته فتغيب عني حَتَّى مَا
أرَاهُ فَمَكثَ طَويلا ثمَّ جَاءَ فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ وَمسح
خفيه ثمَّ ركبنَا فَأَدْرَكنَا النَّاس وَقد اقيمت الصَّلَاة فتقدمهم عبد
الرَّحْمَن بن عَوْف وَقد صلى بهم رَكْعَة وهم فِي الثَّانِيَة فَذَهَبت
أؤذنه فنهاني فصلينا الرَّكْعَة الَّتِي أدركنا وقضينا الَّتِي سبقتنا
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى خلف عبد الرَّحْمَن بن
عَوْف مَا قبض نَبِي قطّ
(1/458)
حَتَّى يُصَلِّي خلف رجل صَالح من أمته
قَالَ ابْن سعد ذكرت هَذَا الحَدِيث لِلْوَاقِدِي فَقَالَ كَانَ هَذَا فِي
غَزْوَة تَبُوك
واخرج الْبَزَّار عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قبض نَبِي حَتَّى يؤمه رجل من أمته
وَأخرج ابْن اسحاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ ان
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين نزل بِالْحجرِ لَا يخْرجن
اُحْدُ مِنْكُم اللَّيْلَة إِلَّا وَمَعَهُ صَاحب لَهُ فَفعل النَّاس مَا
امرهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا رجلَيْنِ خرج احدهما
لِحَاجَتِهِ وَخرج الآخر فِي طلب بعير لَهُ فَأَما الَّذِي ذهب لِحَاجَتِهِ
فَإِنَّهُ خنق على مذْهبه وَأما الَّذِي ذهب فِي طلب بعيره فاحتملته الرّيح
حَتَّى طرحته بجبل طَيء فاخبر بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ ألم انهكم ان يخرج رجل الا وَمَعَهُ صَاحب لَهُ ثمَّ دَعَا للَّذي
اصيب فِي مذْهبه فشفي وَأما الآخر فَإِنَّهُ وصل إِلَى رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قدم من تَبُوك
لِقَاء إلْيَاس مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَيَان ارْتِفَاع
قامته عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه وَأَبُو
الشَّيْخ فِي العظمة عَن أنس قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى اذا كُنَّا عِنْد الْحجر إِذا نَحن بِصَوْت يَقُول
اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد المرحومة المغفور لَهَا المستجاب
لَهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أنس انْظُر مَا هَذَا
الصَّوْت فَدخلت الْجَبَل فَإِذا رجل عَلَيْهِ ثِيَاب بَيْضَاء أَبيض
الرَّأْس واللحية طوله اكثر من ثَلَاثمِائَة ذِرَاع فَلَمَّا رَآنِي قَالَ
أَنْت رَسُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت نعم قَالَ ارْجع
إِلَيْهِ فاقرأه السَّلَام وَقل لَهُ هَذَا أَخُوك إلْيَاس يُرِيد ان يلقاك
فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فجَاء
يمشي وَأَنا مَعَه حَتَّى اذا كُنَّا مِنْهُ قَرِيبا تقدم النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وتأخرت انا فتحدثا طَويلا فَنزل عَلَيْهِمَا من
السَّمَاء شَيْء شبه السفرة وَدَعَانِي فَأكلت مَعَهُمَا فَإِذا فِيهَا
كمأة ورمان وحوت وتمر وكرفس فَلَمَّا
(1/459)
أكلت قُمْت فتنحين ثمَّ جَاءَت سَحَابَة
فَحَملته وَأَنا أنظر إِلَى بَيَاض ثِيَابه فِيهَا تهوي بِهِ قبل السَّمَاء
وَأخرج ابْن شاهين وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول عَن وَاثِلَة بن
الْأَسْقَع قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة
تَبُوك حَتَّى إِذا كُنَّا بِبِلَاد جذام وَكَانَ قد اصابنا عَطش فَإِذا
بَين أَيْدِينَا اناء وعنب فسرنا ميلًا فَإِذا بغدير حَتَّى إِذا ذهب ثلث
اللَّيْل اذا نَحن بمناد يَقُول اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد
المرحومة فَذكر الحَدِيث نَحْو مَا تقدم إِلَّا أَنه قَالَ فِي طوله أَعلَى
منا بذراعين أَو ثَلَاث
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن فضَالة بن عبيد ان رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزا غَزْوَة تَبُوك فجهد الظّهْر جهدا شَدِيدا
فشكوا إِلَيْهِ ذَلِك ورآهم يزجون ظهْرهمْ فَوقف فِي مضيق وَالنَّاس
يَمرونَ فِيهِ فَنفخ فِيهَا وَقَالَ اللَّهُمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا فِي
سَبِيلك فانك تحمل على الْقوي والضعيف وَالرّطب واليابس فِي الْبَحْر
وَالْبر فاستمرت فَمَا دَخَلنَا الْمَدِينَة إِلَّا وَهِي تنازعنا ازمتها
يزجون بزاي وجيم يسوقون
واخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ كَانَ النَّاس بغزوة تَبُوك فعارضهم
فِي مَسِيرهمْ حَيَّة عَظِيمَة الْخلق فانصاح النَّاس عَنْهَا فاقبلت
حَتَّى وقفت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على رَاحِلَته
طَويلا وَالنَّاس ينظرُونَ اليها ثمَّ التوت حَتَّى اعتزلت الطَّرِيق
فَقَامَتْ قَائِمَة فَأقبل النَّاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم تَدْرُونَ من هَذَا قَالُوا الله وَرَسُوله اعْلَم قَالَ هَذَا أحد
الرَّهْط الثَّمَانِية من الْجِنّ الَّذين وفدوا إِلَى يَسْتَمِعُون
الْقُرْآن فَرَأى عَلَيْهِ من الْحق حِين الم رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بِبَلَدِهِ ان يسلم وَهَا هُوَ يقرئكم السَّلَام فَقَالَ
النَّاس وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله
وَأخرج ابو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن غَزوَان أَنه نزل بتبوك فَإِذا رجل
مقْعد فَسَأَلته عَن امْرَهْ فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم نزل بتبوك إِلَى نَخْلَة فصلى إِلَيْهَا فَأَقْبَلت أَنا وَغُلَام
اسعى حَتَّى مَرَرْت بَينه وَبَينهَا فَقَالَ قطع صَلَاتنَا قطع الله
أَثَره فَمَا قُمْت عَلَيْهَا إِلَى يومي هَذَا
(1/460)
وَأخرج ابو نعيم عَن الْوَاقِدِيّ أَن عبد
الله ذَا البجادين خرج مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى
تَبُوك فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع لي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ
إِنِّي احرم دَمه على الْكفَّار إِنَّك اذا خرجت فِي سَبِيل الله فأخذتك
حمى فقتلتك فَأَنت شَهِيد فَلَمَّا نزلُوا تَبُوك أَقَامُوا بهَا أَيَّامًا
ثمَّ توفى عبد الله ذُو البجادين
واخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْعَلَاء بن مُحَمَّد
الثَّقَفِيّ عَن أنس قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بتبوك فطلعت الشَّمْس بضياء وشعاع وَنور لم أرها طلعت فِيمَا مضى
فَأتى جبرئيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا جبرئيل
مَالِي أرى الشَّمْس الْيَوْم طلعت بضياء وَنور وشعاع لم أرها طلعت فِيمَا
مضى قَالَ ذَاك ان مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة اللَّيْثِيّ مَاتَ
بِالْمَدِينَةِ الْيَوْم فَبعث الله إِلَيْهِ سبعين الف ملك يصلونَ
عَلَيْهِ قَالَ وفيم ذَلِك قَالَ كَانَ يكثر قِرَاءَة {قل هُوَ الله أحد}
بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَفِي ممشاه وقيامه وقعوده فَهَل لَك ان أَقبض لَك
الأَرْض فَتُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ نعم فصلى عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عَطاء بن
أبي مَيْمُونَة عَن أنس قَالَ جَاءَ جبرئيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد مَاتَ
مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة الْمُزنِيّ افتحب ان تصلي عَلَيْهِ قَالَ نعم
فَضرب بجناحيه فَلم يبْق من شَجَرَة وَلَا اكمة الا تضعضعت لَهُ وَرفع لَهُ
سَرِيره حَتَّى نظر إِلَيْهِ فصلى عَلَيْهِ وَخَلفه صفان من الْمَلَائِكَة
فِي كل صف سَبْعُونَ الف ملك قَالَ قلت يَا جبرئيل بِمَا نَالَ هَذِه
الْمنزلَة من الله قَالَ بحبه {قل هُوَ الله أحد} يقْرؤهَا قَائِما
وَقَاعِدا وذاهبا وجائيا وعَلى كل حَال
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن مندة فِي الصَّحَابَة من طَرِيق ابْن اسحاق
حَدثنِي يزِيد ابْن رُومَان وَعبد الله بن أبي بكر ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى أكيدر رجل من كِنْدَة كَانَ
ملكا على دومة وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لخَالِد انك ستجده يصيد الْبَقر فَخرج خَالِد حَتَّى إِذا كَانَ من
حصنه منظر الْعين فِي لَيْلَة مُقْمِرَة صَافِيَة وَهُوَ على سطح وَمَعَهُ
امْرَأَته فَأَتَت الْبَقر تحك بقرونها بَاب الْقصر فَقَالَت لَهُ
امْرَأَته هَل رَأَيْت مثل هَذَا قطّ قَالَ لَا وَالله قَالَت فَمن ترك مثل
هَذَا قَالَ لَا أحد فَنزل فَأمر بفرسه فأسرج وَركب مَعَه نفر من أهل بَيته
(1/461)
فَخَرجُوا بمطاردهم فتلقتهم خيل رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخَذته فَقَالَ رجل من طي يُقَال لَهُ
بجير بن بجرة فِي ذَلِك شعرًا
(تبَارك سائق الْبَقَرَات إِنِّي ... رَأَيْت الله يهدي كل هاد)
(فَمن يَك حائدا عَن ذِي تَبُوك ... فَإنَّا قد أمرنَا بِالْجِهَادِ)
فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضض الله فَاك فَأتى
عَلَيْهِ تسعون سنة فَمَا تحرّك لَهُ ضرس وَلَا سنّ
وَأخرج ابْن مندة وَابْن السكن وَأَبُو نعيم كلهم فِي الصَّحَابَة من
طَرِيق أبي المعارك الشماخ بن معارك بن مرّة بن صَخْر بن بجيرة بن بجرة
الطَّائِي حَدثنِي أبي عَن جدي عَن أَبِيه بجير بن بجرة قَالَ كنت فِي جَيش
خَالِد بن الْوَلِيد حِين بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى
اكيدر دومة فَقَالَ لَهُ إِنَّك تَجدهُ يصيد الْبَقر فوافقناه فِي لَيْلَة
مُقْمِرَة وَقد خرج كَمَا نَعته رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فأخذناه فَلَمَّا اتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنشدته أَبْيَات
مِنْهَا
(تبَارك سائق الْبَقَرَات إِنِّي ... رَأَيْت الله يهدي كل هاد)
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضض الله فَاك فَأَتَت
عَلَيْهِ تسعون سنة وَمَا تحرّك لَهُ سنّ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة قَالَ لما توجه رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك قَافِلًا إِلَى الْمَدِينَة بعث خَالِد بن
الْوَلِيد فِي أَربع مائَة وَعشْرين فَارِسًا إِلَى اكيدر دومة الجندل
فَقَالَ خَالِد يَا رَسُول الله كَيفَ بدومة الجندل وفيهَا اكيدر
وَإِنَّمَا نأتيها فِي عِصَابَة من الْمُسلمين قَالَ لَعَلَّ الله يلقيك
أكيدر يقتنص فتقبض الْمِفْتَاح وتأخذه فَيفتح الله لَك دومة فَسَار خَالِد
حَتَّى إِذا دنا مِنْهَا نزل فِي أدبارها لذكر رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّك تَلقاهُ يصطاد فَبَيْنَمَا خَالِد وَأَصْحَابه فِي
مَسِيرهمْ لَيْلًا إِذْ أَقبلت الْبَقر حَتَّى جعلت تَحْتك بِبَاب الْحصن
واكيدر يشرب ويتغنى فِي حصنه بَين امرأتيه فاطلعت إِحْدَى امرأتيه فرأت
الْبَقر تَحْتك بِالْبَابِ وبالحائط فَركب على فرس وَركب غلمته وَأَهله
حَتَّى مر بِخَالِد وَأَصْحَابه فَأَخَذُوهُ وَمن كَانَ مَعَه وأوثقوهم
(1/462)
وَذكر خَالِد قَول رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ أكيدر وَالله مَا رَأَيْتهَا قطّ جاءتنا
إِلَّا البارحة يَعْنِي الْبَقر وَلَقَد كنت أضمر لَهَا إِذا اردت اخذها
فأركب لَهَا الْيَوْم واليومين
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن بِلَال بن يحيى قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر على الْمُهَاجِرين إِلَى دومة الجندل وَبعث
خَالِد بن الْوَلِيد على الْأَعْرَاب مَعَه وَقَالَ انْطَلقُوا فَإِنَّكُم
سَتَجِدُونَ اكيدر دومة يقتنص الْوَحْش فَخُذُوهُ اخذا فَابْعَثُوا بِهِ
إِلَيّ فَانْطَلقُوا فوجدوه كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَأَخَذُوهُ وبعثوا بِهِ واخرجه ابْن مندة فِي الصَّحَابَة من طَرِيق
بِلَال بن يحيى عَن حُذَيْفَة مَوْصُولا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة قَالَ رَجَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق مكر برَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاس من أَصْحَابه فتآمروا ان يطرحوه من
عقبَة فِي الطَّرِيق واستعدوا لذَلِك وتلثموا فَلَمَّا بلغُوا الْعقبَة
امْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُذَيْفَة ان يردهم
فَاسْتَقْبَلَهُمْ حُذَيْفَة بمحجن فَضرب وُجُوه رواحلهم وأبصرهم وهم
مُتَلَثِّمُونَ فرعبهم الله وظنوا ان مَكْرهمْ قد ظهر عَلَيْهِ فَأَسْرعُوا
حَتَّى خالطوا النَّاس وَأَقْبل حُذَيْفَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم هَل علمت مَا كَانَ شَأْنهمْ وَمَا ارادوا قَالَ لَا
قَالَ فَإِنَّهُم مكروا ليسيروا معي حَتَّى إِذا طلعت فِي الْعقبَة طرحوني
مِنْهَا
واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن اسحق نَحوه وَزَاد ان الله قد أَخْبرنِي
باسمائهم واسماء آبَائِهِم وسأخبرك بهم فَسمى لَهُ اثْنَي عشر رجلا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ كنت
آخِذا بِخِطَام نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقُود بِهِ
وعمار يَسُوقهُ حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْعقبَةِ فَإِذا انا بِاثْنَيْ عشر
رَاكِبًا قد اعْترضُوا فِيهَا فَأَنْبَهْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَصَرَخَ بهم فَوَلوا مُدبرين فَقَالَ هَل عَرَفْتُمْ الْقَوْم
قُلْنَا لَا كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ قَالَ هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ إِلَى
يَوْم الْقِيَامَة هَل تَدْرُونَ مَا أَرَادوا قُلْنَا لَا قَالَ أَرَادوا
ان يزحموا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة فَيُلْقُوهُ
مِنْهَا ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اِرْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ قُلْنَا وَمَا
الدُّبَيْلَة قَالَ شهَاب من نَار يَقع على نِيَاط قلب احدهم فَيهْلك
(1/463)
وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة ان النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أَصْحَابِي اثْنَا عشر منافقا لَا
يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط ثَمَانِيَة مِنْهُم
تكفيهم الدُّبَيْلَة سراج من النَّار يظْهر بَين اكتافهم حَتَّى ينجم من
صُدُورهمْ
بَاب غَزْوَة الْأسود
قَالَ سيف فِي كتاب الرِّدَّة حَدثنَا المستنير بن يزِيد عَن عُرْوَة بن
غزيَّة الدثني عَن الضَّحَّاك بن فَيْرُوز عَن جشيش الديلمي قَالَ قدم
علينا وبرة بن يحنس بِكِتَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا
فِيهِ بِالْقيامِ على ديننَا والنهوض فِي الْحَرْب وَالْعَمَل على الْأسود
الْكذَّاب فقاتلناه حَتَّى قتلت الْأسود وألقيت إِلَيْهِم رَأسه وشننا
الْغَارة وكتبنا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالْخبر وَهُوَ
حَيّ فناداه الْوَحْي من ليلته وَأخْبر اصحابه بذلك وقدمت رسلنَا بعده على
أبي بكر الصّديق فَهُوَ الَّذِي أجابنا عَن كتبنَا
وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ اتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْخَبَر من السَّمَاء فِي اللَّيْلَة الَّتِي قتل فِيهَا الاسود الْعَنسِي
فَخرج علينا وَقَالَ قتل الْأسود البارحة قَتله رجل مبارك من أهل بَيت
مباركين قيل وَمن هُوَ قَالَ فَيْرُوز فَازَ فَيْرُوز
(1/464)
|