الخصائص الكبرى

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

ذكر المعجزات الَّتِي وَقعت عِنْد انفاد كتبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُلُوك

واخرج الشَّيْخَانِ عَن الْحسن قَالَ كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى وَإِلَى قَيْصر وَإِلَى النَّجَاشِيّ وَإِلَى كل جَبَّار يَدعُوهُم إِلَى الله وَلَيْسَ بالنجاشي الَّذِي صلى عَلَيْهِ
وَقَالَ إِبْنِ أبي شَيْبه فِي المُصَنّف حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن يَعْقُوب عَن جَعْفَر بن عَمْرو وَقَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة نفر إِلَى أَرْبَعَة وُجُوه رجلا إِلَى كسْرَى ورجلا إِلَى قَيْصر ورجلا إِلَى الْمُقَوْقس وَبعث عَمْرو بن أُمِّيّه إِلَى النَّجَاشِيّ فَأصْبح كل رجل مِنْهُم يتَكَلَّم بِلِسَان الْقَوْم الَّذين بعث إِلَيْهِم
وَأخرج ابْن سعد عَن بُرَيْدَة وَالزهْرِيّ وَزيد بن رُومَان وَالشعْبِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عدَّة إِلَى عدَّة وَأمرهمْ بنصح عباد الله فَأصْبح الرُّسُل كل رجل مِنْهُم يتَكَلَّم بِلِسَان الْقَوْم الَّذين أرسل إِلَيْهِم فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (هَذَا أعظم مَا كَانَ من حق الله عَلَيْهِم فِي أَمر عباده)

(2/3)


بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَيْصر من الْآيَات

أخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا سُفْيَان أخبرهُ أَن هِرقل أرسل إِلَيْهِ فِي ركب من قُرَيْش وَكَانُوا تجارًا بِالشَّام فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماد فِيهَا أَبَا سُفْيَان وكفار قُرَيْش فأتوهم وهم بإيلياء فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسه وَحَوله عُظَمَاء الرّوم ثمَّ دعاهم ودعا بترجمانه فَقَالَ أَيّكُم أقرب نسبا بِهَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي فَقَالَ أَبُو سُفْيَان فَقلت أَنا أقربهم بِهِ نسبا فَقَالَ أدنوه مني وقربوا أَصْحَابه فأجعلوهم عِنْد ظَهره ثمَّ قَالَ لِترْجُمَانِهِ قل لَهُم إِنِّي سَائل هَذَا عَن هَذَا الرجل فَإِن كَذبَنِي فَكَذبُوهُ فو الله لَوْلَا الْحيَاء من أَن يأثروا عَليّ كذبا لكذبت عَنهُ ثمَّ كَانَ أول مَا سَأَلَني عَنهُ أَن قَالَ كَيفَ نسبه فِيكُم قلت هُوَ فِينَا ذُو نسب قَالَ فَهَل قَالَ هَذَا القَوْل مِنْكُم أحد قطّ قبله قلت لَا قَالَ فَهَل كَانَ من آبَائِهِ من ملك قلت لَا قَالَ فأشراف النَّاس يتبعونه أم ضُعَفَاؤُهُمْ قلت بل ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ أيزيدون أم ينقصُونَ قلت بل يزِيدُونَ قَالَ فَهَل يرْتَد أحد مِنْهُم سخطه لدينِهِ بعد أَن يدْخل فِيهِ قلت لَا قَالَ فَهَل كُنْتُم تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل أَن يَقُول مَا قَالَ قلت لَا قَالَ فَهَل يغدر قلت لَا وَنحن مِنْهُ فِي مُدَّة لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعل فِيهَا قَالَ وَلم يمكني كلمة أَدخل فِيهَا شَيْئا غير هَذِه الْكَلِمَة قَالَ فَهَل قاتلتموه قلت نعم قَالَ فَكيف كَانَ قتالكم إِيَّاه قلت الْحَرْب بَيْننَا وَبَينه سِجَال ينَال منا مِنْهُ قَالَ بِمَاذَا يَأْمُركُمْ قلت يَقُول أعبدوا الله وَحده وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا واتركوا مَا يَقُول آباؤكم ويأمرنا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة والصدق والعفاف والصلة فَقَالَ للترجمان قل لَهُ سَأَلتك عَن نسبه فَذكرت أَنه فِيكُم ذُو نسب وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبْعَث فِي نسب قَومهَا وَسَأَلْتُك هَل قَالَ أحد مِنْكُم هَذَا القَوْل فَذكرت أَن لَا فَقلت لَو كَانَ أحد قَالَ هَذَا القَوْل قبله لَقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله وَسَأَلْتُك هَل من آبَائِهِ من ملك فَذكرت أَن لَا قلت فَلَو كَانَ من آبَائِهِ من ملك قلت رجل يطْلب ملك أَبِيه وَسَأَلْتُك هَل كُنْتُم تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل

(2/4)


أَن يَقُول مَا قَالَ فَذكرت أَن لَا فقد أعرف أَنه لم يكن ليذر الْكَذِب على النَّاس ويكذب على الله وَسَأَلْتُك أَشْرَاف النَّاس اتَّبعُوهُ أم ضُعَفَاؤُهُمْ فَذكرت أَن ضُعَفَاؤُهُمْ اتَّبعُوهُ وهم آتباع الرُّسُل وَسَأَلْتُك أيزيدون أم ينقصُونَ فَذكرت أَنهم يزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمر الْأَيْمَان حِين يتم وَسَأَلْتُك أيرتد أحد سخطه لدينِهِ بعد أَن يدْخل فِيهِ فَذكرت أَن لَا وَكَذَلِكَ الْأَيْمَان حِين تخالط بشاشته الْقُلُوب وَسَأَلْتُك هَل يغدر فَذكرت أَن لَا وَكَذَلِكَ الرُّسُل لَا تغدر وَسَأَلْتُك بِمَا يَأْمُركُمْ فَذكرت أَنه يَأْمُركُمْ أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وينهاكم عَن عبَادَة الْأَوْثَان ويأمركم بِالصَّلَاةِ والصدق والعفاف فَإِن كَانَ مَا تَقول حَقًا فسيملك مَوضِع قدمي هَاتين وَقد كنت أعلم أَنه خَارج وَلم أكن أَظن أَنه مِنْكُم فَلَو أَنِّي أعلم أَنِّي اخلص إِلَيْهِ لتجشمت لقاءه وَلَو كنت عِنْده لغسلت عَن قَدَمَيْهِ ثمَّ دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي بعث بِهِ دحْيَة إِلَى عَظِيم بصرى فَدفعهُ إِلَى هِرقل فقرأه فَإِذا فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد عبد الله وَرَسُوله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام على من اتبع الْهدى أما بعد فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرَّتَيْنِ فَإِن توليت فَإِن عَلَيْك إِثْم الأريسيين وَيَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا من دون الله فَإِن توَلّوا فَقولُوا أشهدوا بِأَنا مُسلمُونَ
قَالَ أَبُو سُفْيَان فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفرغ من قِرَاءَة الْكتاب كثر عِنْده الصخب وَارْتَفَعت الْأَصْوَات واخرجنا فَقلت لِأَصْحَابِي حِين أخرجنَا لقد أمرأ ابْن أبي كَبْشَة أَنه يخافه ملك بني الْأَصْفَر فَمَا زلت موقنا أَنه سَيظْهر حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام وَكَانَ ابْن الناطور صَاحب إيلياء وهرقل أسقفا على نَصَارَى الشَّام يحدث

(2/5)


أَن هِرقل حِين قدم إيلياء أصبح خَبِيث النَّفس فَقَالَ بعض بطارقته قد استنكرنا هيئتك قَالَ ابْن الناطور وَكَانَ هِرقل حزاء ينظر فِي النُّجُوم فَقَالَ لَهُم حِين سَأَلُوهُ إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة حِين نظرت فِي النُّجُوم ملك الْخِتَان قد ظهر فَمن يختتن من هَذِه الْأمة قَالُوا لَيْسَ يختتن إِلَّا الْيَهُود فَلَا يهمنك شَأْنهمْ واكتب إِلَى مَدَائِن ملكك فليقتلوا من فيهم من الْيَهُود فَبَيْنَمَا هم على أَمرهم اتي هِرقل بِرَجُل أرسل بِهِ ملك غَسَّان يخبر عَن خبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا استخبره هِرقل قَالَ اذْهَبُوا فانظروا أمختتن هُوَ أم لَا فنظروا إِلَيْهِ فحدثوه انه مختتن وَسَأَلَهُ عَن الْعَرَب فَقَالَ هم يختتنون فَقَالَ هِرقل هَذَا ملك هَذِه الْأمة قد ظهر ثمَّ كتب إِلَى صَاحب لَهُ برومية وَكَانَ نَظِيره فِي الْعلم وَسَار هِرقل إِلَى حمص فَلم يرم حمص حَتَّى أَتَاهُ كتاب من صَاحبه يُوَافق رَأْي هِرقل على خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه نَبِي فَأذن هِرقل لعظماء الرّوم فِي دسكرة لَهُ بحمص ثمَّ أَمر بأبوابها فغلقت ثمَّ اطلع فَقَالَ يَا معشر الرّوم هَل لكم فِي الْفَلاح والرشد وَأَن يثبت ملككم فتبايعوا هَذَا النَّبِي فحاصوا حَيْصَة حمر الْوَحْش إِلَى الْأَبْوَاب فوجدوها قد غلقت فَلَمَّا رأى هِرقل نفرتهم وأيس من الْإِيمَان قَالَ ردوهم عَليّ وَقَالَ إِنِّي قلت مَقَالَتي آنِفا أختبر بهَا شدتكم على دينكُمْ فقد رَأَيْت فسجدوا لَهُ وَرَضوا عَنهُ فَكَانَ ذَلِك آخر شَأْن هِرقل
واخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة قَالَ خرج أَبُو سُفْيَان تَاجِرًا إِلَى الشَّام فَأرْسل إِلَيْهِ قَيْصر فَقَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن هَذَا الرجل الَّذِي خرج فِيكُم أكل مرّة يظْهر عَلَيْكُم قَالَ مَا ظهر علينا قطّ إِلَّا وَأَنا غَائِب قَالَ قَيْصر أتراه كَاذِبًا أَو صَادِقا قَالَ بل هُوَ كَاذِب قَالَ قَيْصر لَا تقل ذَلِك فَإِن الْكَذِب لَا يظْهر بِهِ أحد فَإِن كَانَ فِيكُم نَبِي فَلَا تقتلوه فَإِن أفعل النَّاس لذَلِك الْيَهُود
وَأخرج لأبو نعيم عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ قَالَ أَبُو سُفْيَان إِن أول يَوْم رعبت فِيهِ من مُحَمَّد ليَوْم قَالَ قَيْصر فِي ملكه وسلطانه وحضرته مَا قَالَ وحضرته

(2/6)


يتحادر جَبينه عرقا من كرب الصَّحِيفَة الَّتِي كتب إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا زلت مَرْعُوبًا من مُحَمَّد حَتَّى أسلمت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنِي أَسْقُف من النَّصَارَى وَقد أدْرك ذَلِك الزَّمَان قَالَ لما قدم دحْيَة بن خَليفَة على هِرقل بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام على من اتبع الْهدى أما بعد فَأسلم تسلم وَأسلم يؤتك الله أجرك مرَّتَيْنِ فَإِن أَبيت فَإِن إِثْم الأكارين عَلَيْك فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِ كِتَابه وقرأه أَخذه فَجعله بَين فَخذه وخاصرته ثمَّ كتب إِلَى رجل من أهل رُومِية كَانَ يقْرَأ من العبرانية مَا لَا يقْرَأ غَيره بِمَا جَاءَ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكتب إِلَيْهِ أَنه النَّبِي الَّذِي ينْتَظر لَا شكّ فِيهِ فَاتبعهُ فَأمر بعظماء الرّوم فَجمعُوا لَهُ فِي دسكرة ملكه ثمَّ أَمر بهَا فأغلقت عَلَيْهِم واطلع عَلَيْهِم من علية لَهُ وَهُوَ مِنْهُم خَائِف فَقَالَ لَهُم يَا معشر الرّوم إِنَّه جَاءَنِي كتاب أَحْمد وَأَنه وَالله النَّبِي الَّذِي كُنَّا ننتظره ونجد ذكره فِي كتَابنَا نعرفه بعلاماته وزمانه فاسلموا واتبعوه تسلم لكم آخرتكم ودنياكم فنخروا نخرة رجل وَاحِد وابتدروا أَبْوَاب الدسكرة فوجدوها مغلقة دونهم فخافهم فَقَالَ ردوهم عَليّ فردوهم عَلَيْهِ فَقَالَ يَا معشر الرّوم إِنِّي إِنَّمَا قلت لكم هَذِه الْمقَالة أغمزكم بهَا لأنظر كَيفَ صلابتكم فِي دينكُمْ فَلَقَد رَأَيْت مِنْكُم مَا سرني فوقعوا لَهُ سجدا ثمَّ فتحت لَهُم أَبْوَاب الدسكرة فَخَرجُوا
وَأخرج الْبَزَّار أَبُو نعيم عَن دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَيْصر صَاحب الرّوم بِكِتَاب فاستأذنت فَقلت أستذنوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإتي قَيْصر فَقيل إِن على الْبَاب رجلا يزْعم أَنه رَسُول رَسُول الله
ففزعوا لذَلِك وَقَالَ أدخلوه فادخلت عَلَيْهِ وَعِنْده بطارقته فأعطيته الْكتاب فقرىء عَلَيْهِ فَإِذا فِيهِ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى قَيْصر صَاحب الرّوم فنخر إِبْنِ أَخ لَهُ أَحْمَر أَزْرَق سبط الشّعْر فَقَالَ لَا تقْرَأ الْكتاب الْيَوْم لِأَنَّهُ بَدَأَ بِنَفسِهِ

(2/7)


وَكتب صَاحب الرّوم قَالَ فَقَرَأَ الْكتاب حَتَّى فرغ مِنْهُ ثمَّ أَمرهم قَيْصر فَخَرجُوا من عِنْده ثمَّ بعث إِلَى فَدخلت إِلَيْهِ فَأَخْبَرته فَبعث إِلَى الأسقف فَدخل عَلَيْهِ وَكَانَ صَاحب أَمرهم يصدرون عَن قَوْله ورأيه فَلَمَّا قَرَأَ الْكتاب قَالَ الأسقف هُوَ وَالله الَّذِي بشرنا بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم ومُوسَى الَّذِي كُنَّا ننتظره قَالَ قَيْصر فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ الأسقف أما أَنا فمصدقه ومتبعه فَقَالَ قَيْصر إِنِّي أعرف أَنه كَذَلِك وَلَكِن لَا أَسْتَطِيع أَن أفعل إِن فعلت ذهب ملكي وقتلتني الرّوم ثمَّ أرسل قَيْصر ان اطْلُبُوا رجلا من الْعَرَب وَكَانَ أَبُو سُفْيَان قدمهَا تَاجِرًا فَأتي بِهِ وَأدْخل عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَخْبرنِي عَن هَذَا الرجل الَّذِي خرج بأرضكم مَا هُوَ قَالَ هُوَ شَاب قَالَ كَيفَ حَسبه قَالَ هُوَ ذُو حسب فِينَا لَا يفضل عَلَيْهِ أحد قَالَ هَذِه آيَة النُّبُوَّة قَالَ من اتِّبَاعه قَالَ الشَّبَاب والسفلة قَالَ هَذِه آيَة النُّبُوَّة قَالَ أَرَأَيْت من يخرج مِنْكُم إِلَيْهِ هَل يرجع إِلَيْكُم قَالَ لَا قَالَ هَذِه آيه النُّبُوَّة قَالَ أَرَأَيْت من يخرج إِلَيْكُم من أَصْحَابه يرجع إِلَيْهِ قَالَ نعم قَالَ هَذِه آيَة النُّبُوَّة قَالَ هَل ينكب أَحْيَانًا إِذا قَاتل هُوَ وَأَصْحَابه قَالَ نعم قَالَ هَذِه آيَة النُّبُوَّة ثمَّ دَعَاني فَقَالَ ابلغ صَاحبك إِنِّي اعْلَم أَنه نَبِي وَلَكِن لَا أترك ملكي ثمَّ أَخذ الْكتاب فَوَضعه على رَأسه ثمَّ قبله وطواه فِي الديباج وَالْحَرِير وَجعله فِي سفط وَأما الأسقف فَإِن النَّصَارَى كَانُوا يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ كل يَوْم الْأَحَد فَيخرج إِلَيْهِم وَيذكرهُمْ ويقص عَلَيْهِم ثمَّ يدْخل فيقعد إِلَى يَوْم الْأَحَد فَكنت أَدخل عَلَيْهِ فيسألني فَلَمَّا أَن جَاءَ الْأَحَد انتظروه ليخرج إِلَيْهِم فَلم يخرج واعتل عَلَيْهِم بِالْمرضِ فَفعل ذَلِك مرَارًا حَتَّى كَانَ آخر ذَلِك أَن حَضَرُوا ثمَّ بعثوا إِلَيْهِ لتخْرجن أَو لندخلن عَلَيْك فَإنَّا قد أنكرناك مُنْذُ قدم هَذَا الْعَرَبِيّ قَالَ دحْيَة فَبعث إِلَيّ الأسقف أَن أذهب إِلَى صَاحبك فاقرأ عَلَيْهِ السَّلَام واخبره إِنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنه رَسُول الله ثمَّ خرج إِلَيْهِم فَقَتَلُوهُ
واخرج أَبُو نعيم عَن أبي سُفْيَان قَالَ جمع هِرقل بطارقته وأشرافهم فَجَلَسَ على مجْلِس مُرْتَفع لَا ينالونه ثمَّ أَمر الْكَنِيسَة فغلقت ثمَّ خطبهم فَقَالَ إِن هَذَا النَّبِي

(2/8)


الَّذِي بشركم بِهِ عِيسَى فَاتَّبعُوهُ وآمنوا بِهِ فنخروا نخرة وَاحِدَة ثمَّ استجالوا فِي الْكَنِيسَة فوجدوها مغلقة وَلم تنله أَيْديهم فَلَمَّا رأى ذَلِك مِنْهُم قَالَ إجلسوا إِنَّمَا أردْت أَن ابلوكم وخشيت أَن يخدعكم عَن دينكُمْ فقد سرني مَا رَأَيْت مِنْكُم فَقَالَ قاضيه أشهد أَنه رَسُول الله فَأَخَذُوهُ فَمَا زَالُوا يضربونه ويعضونه حَتَّى قَتَلُوهُ
واخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى صَاحب الرّوم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل صَاحب الرّوم فَلَمَّا أَتَاهُ الْكتاب قَرَأَهُ فَقَامَ أَخ لَهُ فَقَالَ لَا تقْرَأ هَذَا الْكتاب بَدَأَ بِنَفسِهِ قبلك وَلم يسمك ملكا وجعلك صَاحب الرّوم فَقَالَ أَن يكن بَدَأَ بِنَفسِهِ فَهُوَ الَّذِي كتب إِلَيّ وان كَانَ سماني صَاحب الرّوم فَأَنا صَاحب الرّوم لَيْسَ لَهُم صَاحب غَيْرِي فَجعل يقْرَأ الْكتاب وَهُوَ يعرف جَبينه من كرب الْكتاب وَهُوَ فِي شدَّة القر فَقَالَ من يعرف هَذَا الرجل فارسل إِلَيّ أبي سُفْيَان فَقَالَ تعرف هَذَا الرجل قَالَ نعم قَالَ مَا نسبه فِيكُم قَالَ من أوسطنا نسبا قَالَ فَأَيْنَ دَاره من قريتكم قَالَ فِي وسط قريتنا قَالَ هَذِه من آيَاته وَذكر الْبَاقِي نَحْو مَا تقدم وَفِيه قتل الأسقف
واخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن الْمسيب قَالَ لما قَرَأَ قَيْصر كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا كتاب لم أسمعهُ بعد سُلَيْمَان بن دَاوُد فَدَعَا أَبَا سُفْيَان والمغيرة بن شُعْبَة فَسَأَلَهُمَا عَن بعض شَأْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ ليملكن مَا تَحت قدمي
واخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن ابْن عمر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من يذهب بكتابي إِلَى طاغية الرّوم وَله الْجنَّة) فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار يدعى عبيد الله بن عبد الْخَالِق فَقَالَ أَنا فَانْطَلق بِكِتَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بلغ الطاغي فَقَالَ أَنا رَسُول رَسُول رب الْعَالمين فَإِذن لَهُ فَدخل عَلَيْهِ فَعرف طاغية الرّوم أَنه قد جَاءَ بِالْحَقِّ من عِنْد نَبِي مُرْسل فَعرض عَلَيْهِ كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجمع الرّوم عِنْده ثمَّ عرض عَلَيْهِم فكرهوا مَا جَاءَ بِهِ وآمن بِهِ رجل مِنْهُم فَقتل عِنْد إيمَانه ثمَّ أَن الرجل رَجَعَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْهُ وَمَا كَانَ من قتل الرجل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك (يَبْعَثهُ الله أمة وَحده لذَلِك الْمَقْتُول)

(2/9)


واخرج ابْن عَسَاكِر عَن دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ وجهني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ملك الرّوم بكتابه وَهُوَ بِدِمَشْق فناولته كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ففك خَاتمه وَوَضعه تَحت شَيْء كَانَ عَلَيْهِ قَاعِدا ثمَّ نَادَى فَاجْتمع البطارقة وَقَومه فَقَامَ على وسائد ثنيت لَهُ وَكَذَلِكَ تقوم فَارس الرّوم لم يكن لَهما مَنَابِر ثمَّ خطب أَصْحَابه فَقَالَ هَذَا كتاب النَّبِي الَّذِي بشرنا بِهِ الْمَسِيح من ولد إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم فنخروا نخرة فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَن اسكنوا ثمَّ قَالَ إِنَّمَا جربتكم كَيفَ نصرتكم النَّصْرَانِيَّة قَالَ فَبعث إِلَيّ من الْغَد سرا فَأَدْخلنِي بَيْتا عَظِيما فِيهِ ثَلَاث مائَة وَثَلَاث عشرَة صُورَة فَإِذا هِيَ صور الْأَنْبِيَاء الْمُرْسلين قَالَ أنظر أَيْن صَاحبك من هَؤُلَاءِ فَرَأَيْت صُورَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ ينْطق قلت هَذَا قَالَ صدقت فَقَالَ صُورَة من هَذَا عَن يَمِينه قلت رجل من قومه يُقَال لَهُ أَبُو بكر قَالَ فَمن ذَا عَن يسَاره قلت رجل من قومه يُقَال لَهُ عمر قَالَ أما أَنا نجد فِي الْكتاب أَن بصاحبيه هذَيْن يتمم الله هَذَا الدّين فَلَمَّا قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته فَقَالَ (صدق بِأبي بكر وَعمر يتمم الله هَذَا الدّين بعدِي وَيفتح)
واخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَن هِشَام بن الْعَاصِ قَالَ بعثت أَنا وَرجل من قُرَيْش زمن أبي بكر إِلَى هِرقل صَاحب الرّوم نَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام فخرجنا حَتَّى قدمنَا الغوطة يَعْنِي دمشق فنزلنا على جبلة بن الْأَيْهَم الغساني فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَإِذا هُوَ على سَرِير لَهُ فَأرْسل إِلَيْنَا برَسُول نكلمه فَقُلْنَا وَالله لَا نُكَلِّم رَسُولا إِنَّمَا بعثنَا إِلَى الْملك فَإِن أذن لنا كلمناه وَإِلَّا لم نُكَلِّم الرَّسُول فَرجع إِلَيْهِ الرَّسُول فَأخْبرهُ فَأذن لنا فَكَلمهُ هِشَام وَدعَاهُ إِلَى الْإِسْلَام وَإِذا عَلَيْهِ ثِيَاب سَواد فَقَالَ لَهُ هِشَام مَا هَذِه الَّتِي عَلَيْك قَالَ لبستها وَحلفت أَن لَا أَنْزعهَا حَتَّى أخرجكم من الشَّام قُلْنَا ومجلسك هَذَا فو الله لنأخذنه مِنْك ولنأخذن ذَلِك الْملك الْأَعْظَم إِن شَاءَ الله أخبرنَا بذلك نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَسْتُم بهم بل هم قوم يَصُومُونَ بِالنَّهَارِ ويفطرون بِاللَّيْلِ فَكيف صومكم فَأَخْبَرنَاهُ فملىء وَجهه سوادا فَقَالَ قومُوا وَبعث مَعنا رَسُولا إِلَى الْملك فَدَخَلْنَا على أرواحلنا متقلدين سُيُوفنَا حَتَّى انتهينا إِلَى غرفَة لَهُ فأنخنا فِي أَصْلهَا وَهُوَ ينظر إِلَيْنَا فَقُلْنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر

(2/10)


فَلَقَد تنقضت الغرفة حَتَّى صَارَت كَأَنَّهَا عذق تصفقه الرِّيَاح ثمَّ دَخَلنَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا كَانَ عَلَيْكُم لَو حييتموني بتحيتكم فِيمَا بَيْنكُم قُلْنَا السَّلَام عَلَيْك قَالَ فَكيف تحيون ملككم قُلْنَا بهَا قَالَ فَكيف يرد عَلَيْكُم قُلْنَا بهَا قَالَ فَمَا أعظم كلامكم قُلْنَا لَا اله الا الله وَالله اكبر فَلَمَّا تكلمنا بهَا تنقضت الغرفة حَتَّى رفع رَأسه إِلَيْهَا قَالَ فَهَذِهِ الْكَلِمَة الَّتِي قُلْتُمُوهَا حَيْثُ تنقضت الغرفة كلما قُلْتُمُوهَا فِي بُيُوتكُمْ تنقضت بُيُوتكُمْ عَلَيْكُم قُلْنَا لَا مَا رأيناها فعلت هَذَا قطّ إِلَّا عنْدك قَالَ وددت أَنكُمْ كلما قُلْتُمْ تنقض كل شَيْء عَلَيْكُم وَإِنِّي خرجت من نصف ملكي قُلْنَا لم قَالَ لانه كَانَ أيسر لشأنها وأجدر أَن لَا تكون من أَمر النُّبُوَّة وَأَن تكون من حيل النَّاس ثمَّ سَأَلنَا عَمَّا اراد فَأَخْبَرنَاهُ
ذكر حلية الانبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام

ثمَّ قَالَ كَيفَ صَلَاتكُمْ وصومكم فاخبرناه فَقَالَ قومُوا فقمنا فَأمر لنا بمنزل حسن وَنزل كثير فَأَقَمْنَا ثَلَاثًا فَأرْسل إِلَيْنَا لَيْلًا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فاستعاد قَوْلنَا فأعدناه ثمَّ دَعَا بِشَيْء كَهَيئَةِ الربعة الْعَظِيمَة مذهبَة فِيهَا بيُوت صغَار عَلَيْهَا أَبْوَاب فَفتح بَيْتا وقفلا فاستخرج حريرة سَوْدَاء فنشرها فاذا فِيهَا صُورَة حَمْرَاء وَإِذا فِيهَا رجل ضخم الْعَينَيْنِ عَظِيم الاذنين لم ار مثل طول عُنُقه وَإِذا لَيست لَهُ لحية وَإِذا لَهُ ضفيرتان أحسن مَا خلق الله قَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِذا هُوَ أَكثر النَّاس شعرًا ثمَّ فتح لنا بَابا آخر واستخرج مِنْهُ حريرة سَوْدَاء واذا فِيهَا صُورَة بَيْضَاء وَإِذا لَهُ شعر كشعر القطط أَحْمَر الْعَينَيْنِ ضخم الهامة حسن اللِّحْيَة قَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة سَوْدَاء وَإِذا فِيهَا رجل شَدِيد الْبيَاض حسن الْعَينَيْنِ صلت الجبين طَوِيل الخد ابيض اللِّحْيَة

(2/11)


كَأَنَّهُ يبتسم فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ جريرة سَوْدَاء فاذا فِيهَا صور بَيْضَاء وَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اتعرفون من هَذَا قُلْنَا نعم مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ قَائِما ثمَّ جلس وَقَالَ وَالله إِنَّه لَهو قُلْنَا نعم إِنَّه لَهو فَأمْسك سَاعَة ثمَّ قَالَ أما أَنه كَانَ آخر الْبيُوت وَلَكِنِّي عجلته لكم لأنظر مَا عنْدكُمْ ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة سَوْدَاء فاذا فِيهَا صُورَة أدماء سَحْمَاء وَإِذا رجل جعد قطط غاثر الْعَينَيْنِ حَدِيد النّظر عَابس الْوَجْه متراكب الْأَسْنَان مقلص الشّفة كَأَنَّهُ غَضْبَان فَقَالَ اتعرفون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِلَى جنبه صُورَة تشبهه إِلَّا أَنه مدهان الرَّأْس عريض الجبين فِي عَيْنَيْهِ قبل قَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا هَارُون عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة بَيْضَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة رجل آدم سبط ربعَة كَأَنَّهُ غَضْبَان فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا لوط عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة بَيْضَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة رجل أَبيض مشرب بحمرة أقنى خَفِيف العارضين حسن الْوَجْه قَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا إِسْحَاق ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة بَيْضَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة تشبه إِسْحَاق عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَّا انه على شفته خَال فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا يَعْقُوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة سَوْدَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة رجل أَبيض حسن الْوَجْه اقنى الانف حسن الْقَامَة يَعْلُو وَجهه نور يعرف فِي وَجهه الْخُشُوع يضْرب إِلَى الْحمرَة فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا إِسْمَاعِيل جد نَبِيكُم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة بَيْضَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة بَيْضَاء كَأَنَّهَا صُورَة آدم كَأَن وَجهه الشَّمْس فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة بَيْضَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة

(2/12)


رجل أَحْمَر حمش السَّاقَيْن أخفش الْعَينَيْنِ ضخم الْبَطن ربعَة مُتَقَلِّدًا سَيْفا فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا دَاوُد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج حريرة بَيْضَاء فِيهَا صُورَة رجل ضخم الإليتين طَوِيل الرجلَيْن رَاكب فرسا فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ فتح بَابا آخر فاستخرج مِنْهُ حريرة سَوْدَاء فَإِذا فِيهَا صُورَة بَيْضَاء واذا رجل شَاب شَدِيد سَواد اللِّحْيَة كثير الشّعْر حسن الْوَجْه فَقَالَ هَل تعرفُون هَذَا قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قُلْنَا من ايْنَ لَك هَذِه الصُّور لأَنا نعلم أَنَّهَا على مَا صورت عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاء لأَنا رَأينَا صُورَة نَبينَا مثله فَقَالَ إِن آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سَأَلَ ربه أَن يرِيه الْأَنْبِيَاء من وَلَده فَأنْزل عَلَيْهِ صورهم وَكَانَ فِي خزانَة آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عِنْد مغرب الشَّمْس فاستخرجها ذُو القرنين من مغرب الشَّمْس فَدَفعهَا إِلَى دانيال ثمَّ قَالَ اما وَالله وددت أَن نَفسِي طابت بِالْخرُوجِ من ملكي وَأَنِّي كنت عبدا لأشدكم ملكة حَتَّى أَمُوت ثمَّ أجازنا فَأحْسن جائزتنا وسرحنا فَمَا أَتَيْنَا أَبَا بكر الصّديق أخبرناه بِمَا رَأَيْنَاهُ وَمَا قَالَ لنا فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ مِسْكين لَو اراد الله بِهِ خيرا لفعل ثمَّ قَالَ أخبرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم وَالْيَهُود يَجدونَ نعت مُحَمَّد عِنْدهم
واخرجه أَبُو نعيم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة أَيْضا ثمَّ قَالَ فِي هَذِه الْقِصَّة من إنتقاض الغرفة حِين أهلوا بِلَا إِلَه إِلَّا الله مَا يدل على أَنه يُوجد من المعجزات بعد موت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا يُوجد أَمْثَالهَا قبل بعثتهم أعلاما وإنذارا بِقرب مبعثهم
واخرج أَبُو يعلى وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن ابي رَاشد قَالَ لقِيت التنوخي رَسُول هِرقل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلا تُخبرنِي عَن رِسَالَة هِرقل قَالَ بلَى قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك

(2/13)


فَبعث دحْيَة إِلَى هِرقل فَلَمَّا جَاءَهُ كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا قسيسي الرّوم وبطارقتهم ثمَّ اغلق عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم الدَّار فَقَالَ إِن هَذَا الرجل قد أرسل إِلَيّ يدعوني وَوَاللَّه لقد قَرَأْتُمْ فِيمَا تقرؤن من الْكتب أَنه ليأخذن مَا تَحت قدمي فَهَلُمَّ إِلَى أَن نتبعه فنخروا نخرة رجل وَاحِد فَلَمَّا ظن أَنهم إِن خَرجُوا من عِنْده أفسدوا عَلَيْهِ الرّوم قَالَ إِنَّمَا قلت لأعْلم صلابتكم على أَمركُم ثمَّ أَنه دَعَاني فَقَالَ اذْهَبْ بكتابي إِلَى هَذَا الرجل فَمَا ضيعت من حَدِيثه فاحفظ لي ثَلَاث خِصَال أنظر هَل يذكر صَحِيفَته الَّتِي كتب إِلَيّ بِشَيْء وَانْظُر إِذا قَرَأَ كتابي هَل يذكر اللَّيْل وَانْظُر فِي ظَهره هَل بِهِ شَيْء يريبك فَانْطَلَقت بكتابه حَتَّى جِئْت تَبُوك فناولته كتابي فَقَالَ يَا أَخا تنوخ إِنِّي كتبت بكتابي إِلَى كسْرَى فمزقه وَالله ممزقة وأملكه وَكتب إِلَى النَّجَاشِيّ بِصَحِيفَة فخرقها وَالله مخرقة ومخرق ملكه وَكتب إِلَى صَاحبك بِصَحِيفَة فَأَمْسكهَا وَلنْ يزَال النَّاس يَجدونَ مِنْهُ بَأْسا مَا دَامَ فِي الْعَيْش قلت هَذِه إِحْدَى الثَّلَاث الَّتِي أَوْصَانِي بهَا ثمَّ أَنه ناول الصَّحِيفَة رجلا عَن يسَاره فقرأها فَإِذا فِيهَا دعوتني إِلَى جنَّة عرضهَا السَّمَاء وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سُبْحَانَ الله أَيْن اللَّيْل إِذا جَاءَ النَّهَار ثمَّ قَالَ تَعَالَى يَا أَخا تنوخ فَحل حبوته عَن ظَهره ثمَّ قَالَ هَا هُنَا أمض لما أمرت بِهِ فَجلت فِي ظَهره فَإِذا بِخَاتم فِي مَوضِع غضروف الْكَتف مثل المحجمة الضخمة)
بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى

اخْرُج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بكتابه إِلَى كسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ كسْرَى مزقه فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن يمزقوا كل ممزق) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق إِبْنِ شهَاب حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بكتابه إِلَى كسْرَى فمزقه كسْرَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مزق كسْرَى ملكه)

(2/14)


وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم عَن دحْيَة أَن كسْرَى لما كتب اليه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب كسْرَى إِلَى صَاحبه بِصَنْعَاء يتوعد وَيَقُول أَلا تكفيني رجلا خرج بأرضك يدعوني الى دينه لتكفينه أَو لَأَفْعَلَنَّ بك فَبعث صَاحب صنعاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب صَاحبهمْ تَركهم خمس عشرَة لَيْلَة ثمَّ قَالَ لَهُم (أذهبوا إِلَى صَاحبكُم فَقولُوا إِن رَبِّي قد قتل رَبك اللَّيْلَة) فَانْطَلقُوا فأخبروه قَالَ دحْيَة ثمَّ جَاءَ الْخَبَر بِأَن كسْرَى قتل تِلْكَ اللَّيْلَة
وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم والخرائطي عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه بلغه أَن كسْرَى بَيْنَمَا هُوَ فِي دسكرة مَمْلَكَته قيض لَهُ عَارض فَعرض عَلَيْهِ الْحق فَلم يفجأ كسْرَى إِلَّا رجل يمشي وَفِي يَده عَصا فَقَالَ يَا كسْرَى هَل لَك فِي الْإِسْلَام قبل أَن أكسر هَذَا الْعَصَا قَالَ كسْرَى نعم فَلَا تكسرها لَا تكسرها فولى الرجل فَلَمَّا ذهب أرسل ترى إِلَى حجابه فَقَالَ من أذن لهَذَا الرجل عَليّ قَالُوا مَا دخل عَلَيْك أحد قَالَ كَذبْتُمْ فَغَضب عَلَيْهِم فتلتهلم ثمَّ تَركهم فَلَمَّا كَانَ رَأس الْحول أَتَاهُ ذَلِك الرجل وَمَعَهُ الْعَصَا فَقَالَ يَا كسْرَى هَل لَك فِي الْإِسْلَام قبل أَن أكسر هَذِه الْعَصَا قَالَ نعم لَا تكسرها لَا تكسرها فَلَمَّا انْصَرف عَنهُ دَعَا كسْرَى حجابه فَقَالَ من أذن لهَذَا فانكروا أَن يكون دخل عَلَيْهِ أحد فَلَقوا من كسْرَى مثل مَا لقوا فِي الْمرة الاولى حَتَّى إِذا كَانَ الْحول الْمُسْتَقْبل أَتَاهُ ذَلِك الرجل وَمَعَهُ الْعَصَا فَقَالَ هَل لَك يَا كسْرَى فِي الْإِسْلَام قبل أَن أكسر هَذِه الْعَصَا فَقَالَ لَا تكسرها لَا تكسرها فَكَسرهَا فَأهْلك الله كسْرَى عِنْد ذَلِك // مُرْسل صَحِيح // الْإِسْنَاد رَوَاهُ عَن أبي سَلمَة الزُّهْرِيّ وَعمر ابْن عبد الْقوي وَعَن الزُّهْرِيّ عقيل وَعبد الله بن أبي بكر وَصَالح بن كسيان وَغَيرهم واخرجه الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم مَوْصُولا عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
وَأخرج أَبُو نعيم نَحوه عَن عِكْرِمَة وَزَاد فَلذَلِك كتب ابْن كسْرَى إِلَى باذان ينهاه أَن يُحَرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَافَ مَا رأى

(2/15)


واخرج أَبُو نعيم وَابْن النجار عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن الصَّحَابَة قَالُوا يَا رَسُول الله مَا حجَّة الله على كسْرَى فِيك قَالَ بعث الله إِلَيْهِ ملكا فَأخْرج يَده من سور جِدَار بَيته الَّذِي هُوَ فِيهِ تلألأ نورا فَلَمَّا رَآهَا فزع فَقَالَ لم ترع يَا كسْرَى إِن الله قد بعث رَسُولا وَانْزِلْ عَلَيْهِ كتابا فَاتبعهُ تسلم دنياك وآخرتك قَالَ سَأَنْظُرُ
واخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن عَوْف عَن عُمَيْر بن إِسْحَاق قَالَ كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر فَأَما قَيْصر فَوَضعه وَأما كسْرَى فمزقه فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (أما هَؤُلَاءِ فيمزقون وَأما هَؤُلَاءِ فَتكون لَهُم بَقِيَّة)
واخرج أَبُو نعيم عَن أبي امامة الْبَاهِلِيّ قَالَ مثل بَين يَدي كسْرَى رجل فِي بردين أخضرين مَعَه قضيب أَخْضَر قد حَنى ظَهره وَهُوَ يَقُول يَا كسْرَى أسلم وَإِلَّا كسرت ملكك كَمَا أكسر هَذِه الْعَصَا فَقَالَ كسْرَى لَا تفعل ثمَّ تولى عَنهُ
واخرج ابو نعيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَن شَيخا حَدثهُ بِالْمَدَائِنِ قَالَ رأى كسْرَى فِي النّوم أَن سلما وضع فِي الأَرْض إِلَى السَّمَاء وَحشر النَّاس حوله إِذْ أقبل رجل عَلَيْهِ عِمَامَة وَإِزَار ورداء فَصَعدَ السّلم حَتَّى إِذا كَانَ بمَكَان مِنْهُ نُودي أَيْن فَارس ورجالها ونساؤها ولامتها وكنوزها فاقبلوا فَجعلُوا فِي جوالق ثمَّ دفع الجوالق إِلَى ذَلِك الرجل فَأصْبح كسْرَى مَحْزُونا بِتِلْكَ الرُّؤْيَا فَذكر ذَلِك لاساورته فَجعلُوا يهونون عَلَيْهِ الْأَمر فَلم يزل مهموما حَتَّى قدم عَلَيْهِ كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
واخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ إِن كسْرَى رأى فِي النّوم أَن سلما فَذكر نَحوه وَزَاد فَكتب كسْرَى إِلَى باذان عَامل الْيمن أَن ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرجل فمره فَليرْجع إِلَى دين قومه وَإِلَّا فليواعدك يَوْمًا تلقتون فِيهِ فَبعث باذان إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْنِ فامرهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالْمقَام فأقاما أَيَّامًا ثمَّ أرسل إِلَيْهِمَا ذَات غَدَاة فَقَالَ (انْطَلقَا إِلَى باذان فاعلماه إِن رَبِّي قد قتل كسْرَى فِي هَذِه اللَّيْلَة) فَانْطَلقَا فَأَخْبَرَاهُ فَأَتَاهُ الْخَبَر كَذَلِك

(2/16)


واخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن ابْن عَبَّاس والمسور بن رِفَاعَة والْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ دخل حَدِيث بَعضهم فِي بعض قَالُوا لما كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى كتب كسْرَى إِلَى باذان عَامله فِي الْيمن أَن ابْعَثْ من عنْدك رجلَيْنِ جلدين إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي بالحجاز فليأتياني بِهِ فَبعث باذان رجلَيْنِ وَكتب مَعَهُمَا كتابا فَلَمَّا دفعا الْكتاب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبَسم ودعاهما إِلَى الْإِسْلَام وفرائصهما ترْعد وَقَالَ (ارْجِعَا عني يومكما وائتياني الْغَد فأخبركما بِمَا أُرِيد فجاءاه الْغَد فَقَالَ ابلغا صاحبكما أَن رَبِّي قد قتل ربه كسْرَى فِي هَذِه اللَّيْلَة لسبع سَاعَات مَضَت مِنْهَا وَإِن الله سلط عَلَيْهِ ابْنه شيرويه فَقتله) فَرَجَعَا إِلَى باذان بذلك فَأسلم هُوَ وَالْأَبْنَاء الَّذين بِالْيمن
واخرج أَبُو نعيم وَابْن سعد فِي شرف الْمُصْطَفى من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ لما قدم كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى كتب إِلَى باذان عَامله بِالْيمن أَن ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرجل الَّذِي بالحجاز رجلَيْنِ جلدين من عنْدك فليأتياني بِهِ فَبعث باذان قهرمانه ورجلا آخر وَكتب مَعَهُمَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرهُ أَن يتَوَجَّه مَعَهُمَا إِلَى كسْرَى وَقَالَ لقهرمانه انْظُر إِلَى الرجل وَمَا هُوَ وَكَلمه وائتني بِخَبَرِهِ فَقدما على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ ارْجِعَا حَتَّى تأتياني غَدا فَلَمَّا غدوا عَلَيْهِ أخبرهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن الله قد قتل كسْرَى وسلط عَلَيْهِ ابْنه شيروية فِي لَيْلَة كَذَا من شهر كَذَا بعد مَا مضى من اللَّيْل قَالَا هَل تَدْرِي مَا تَقول نخبر الْملك بذلك قَالَ نعم أخبراه ذَلِك عني وقولا لَهُ إِن ديني وسلطاني سيبلغ مَا بلغ ملك كسْرَى وَيَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهى الْخُف والحافر وقولا لَهُ إِنَّك إِن أسلمت أَعطيتك مَا تَحت يدك فَقدما على باذان فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ وَالله مَا هَذَا بِكَلَام ملك ولننظرن مَا قَالَ فَلم ينشب أَن قدم عَلَيْهِ كتاب شيرويه أما بعد فَإِنِّي قتلت كسْرَى غَضبا لفارس وَلما كَانَ يَسْتَحِيل من قتل أَشْرَافهَا فَخذ لي الطَّاعَة مِمَّن قبلك وَلَا تهيجن الرجل الَّذِي كتب لَك كسْرَى بِسَبَبِهِ بِشَيْء فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ إِن هَذَا الرجل لنَبِيّ مُرْسل فَأسلم وَأسْلمت الْأَبْنَاء من آل فَارس وَقَالَ باذان

(2/17)


لقهرمانه كَيفَ هُوَ قَالَ مَا كلمت رجلا قطّ أهيب عِنْدِي مِنْهُ قَالَ هَل مَعَه شَرط قَالَ لَا وَأخرج أَبُو نعيم من حَدِيث جَابر بن عبد الله نَحوه
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبي بكرَة قَالَ لما كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى كتب كسْرَى إِلَى عَامله بِالْيمن باذان أَن بَلغنِي أَنه خرج من قبلك رجل يزْعم أَنه نَبِي فَقل لَهُ فليكفف عَن ذَلِك أَو لَأَبْعَثَن إِلَيْهِ من يقْتله وَقَومه فَوجه باذان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ هَذَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَو كَانَ هَذَا الشَّيْء فعلته من قبلي لكففت عَنهُ وَلَكِن الله بَعَثَنِي فَأَقَامَ الرَّسُول عِنْده فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رَبِّي قد أهلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعد الْيَوْم وَقد قتل قَيْصر فَلَا قَيْصر بعد الْيَوْم فَكتب قَوْله فِي السَّاعَة الَّتِي حَدثهُ وَالْيَوْم والشهر الَّذِي حَدثهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَى باذان فَإِذا كسْرَى قد مَاتَ وَإِذا قَيْصر قد مَاتَ
واخرج الديلمي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرسولي كسْرَى عَظِيم فَارس لما بعثهما إِلَيْهِ (إِن رَبِّي قد قتل رَبكُمَا اللَّيْلَة قَتله إبنه سلطه الله عَلَيْهِ فقولا لصاحبكما إِن تسلم أعطك مَا تَحت يدك وَإِن لَا تفعل يعن الله عَلَيْك)
بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحَارِث الغساني

اخْرُج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شُجَاع بن وهب الْأَسدي إِلَى الْحَارِث بن أبي شمر الغساني وَكتب مَعَه كتابا قَالَ شُجَاع فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ بغوطة دمشق فَأتيت حَاجِبه فَقلت إِنِّي رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا تصل إِلَيْهِ حَتَّى يخرج يَوْم كَذَا وَكَذَا وَجعل حَاجِبه وَكَانَ رجلا روميا اسْمه مري يسألني عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكنت أحدثه عَن صفته وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ فيرق حَتَّى يغلبه الْبكاء وَيَقُول إِنِّي قَرَأت الْإِنْجِيل فأجد صفة هَذَا النَّبِي بِعَيْنِه فَأَنا أُؤْمِن بِهِ وأصدق وأخاف من الْحَارِث أَن يقتلني وَخرج الْحَارِث فَجَلَسَ وَوضع التَّاج على رَأسه فَدفعت إِلَيْهِ الْكتاب فقرأه ثمَّ رمى بِهِ وَقَالَ من ينتزع مني ملكي أَنا سَائِر إِلَيْهِ وَلَو كَانَ بِالْيمن جِئْته عَليّ بِالنَّاسِ فَلم يزل يعرض حَتَّى قَامَ وَأمر بِالْخَيْلِ

(2/18)


تنعل ثمَّ قَالَ أخبر صَاحبك مَا ترى وَكتب إِلَى قَيْصر يُخبرهُ فَكتب إِلَيْهِ قَيْصر أَن لَا تسر إِلَيْهِ واله عَنهُ فَلَمَّا جَاءَهُ كتاب قَيْصر دَعَاني فَقَالَ مَتى تخرج قلت غَدا فَأمر لي بِمِائَة مِثْقَال ذهب وَقَالَ اقْرَأ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام فَقدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ (باد ملكه فَمَاتَ الْحَارِث عَام الْفَتْح)
بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُقَوْقس

اخْرُج الْبَيْهَقِيّ عَن الحاطب بن أبي بلتعة قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُقَوْقس ملك الاسكندرية قَالَ فَجِئْته بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنزلني فِي منزله وأقمت عِنْده ثمَّ بعث إِلَيّ وَقد جمع بطارقته وَقَالَ إِنِّي سأكلمك بِكَلَام وَأحب أَن تفهمه مني قَالَ قلت هَلُمَّ قَالَ اخبرني عَن صَاحبك أَلَيْسَ هُوَ نَبيا قلت بلَى هُوَ رَسُول الله قَالَ فَمَا لَهُ حَيْثُ كَانَ هَكَذَا لم يدع على قومه حَيْثُ أَخْرجُوهُ من بَلَده إِلَى غَيرهَا قَالَ فَقلت عِيسَى ابْن مَرْيَم أَلَيْسَ نشْهد أَنه رَسُول الله فَمَاله حَيْثُ أَخذه قومه فأرادوا أَن يصلبوه أَن لَا يكون دَعَا عَلَيْهِم بِأَن يُهْلِكهُمْ الله عز وَجل حَتَّى رَفعه الله إِلَيْهِ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا قَالَ أَنْت الْحَكِيم الَّذِي جَاءَ من عِنْد الْحَكِيم
واخرج الْوَاقِدِيّ أَبُو نعيم عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَنه لما خرج مَعَ بني مَالك إِلَى الْمُقَوْقس قَالَ لَهُم كَيفَ خلصتم إِلَيّ من طائفكم وَمُحَمّد وَأَصْحَابه بيني وَبَيْنكُم قَالُوا ألصقنا بالبحر وَقد خفناه على ذَلِك قَالَ فَكيف صَنَعْتُم فِيمَا دعَاكُمْ إِلَيْهِ قَالُوا مَا تبعه منا رجل وَاحِد قَالَ وَلم ذَلِك قَالُوا جَاءَنَا بدين مُجَدد لَا تدين بِهِ الأباء وَلَا يدين بِهِ الْملك وَنحن على مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا قَالَ فَكيف صنع قومه قَالَ تبعه أحداثهم وَقد لاقاه من خَالفه من قومه وَغَيرهم من الْعَرَب فِي مَوَاطِن مرّة تكون عَلَيْهِم الدبرة وَمرَّة تكون لَهُم قَالَ أَلا تخبروني إِلَى مَاذَا يَدْعُو قَالَ يَدْعُو إِلَى أَن نعْبد الله وَحده لَا شريك لَهُ ونخلع مَا كَانَ يعبد الْآبَاء وَيَدْعُو إِلَى الصَّلَاة وَالزَّكَاة قَالَ ألهما وَقت يعرف وَعدد يَنْتَهِي إِلَيْهِ قَالَ يصلونَ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة خمس صلوَات كلهَا بمواقيت وَعدد ويؤدون من كل مَا بلغ عشْرين مِثْقَالا وكل

(2/19)


إبل خمْسا شاه ثمَّ أَخْبرُوهُ بِصَدقَة الْأَمْوَال كلهَا قَالَ أَفَرَأَيْتُم إِذا أَخذهَا أَيْن يَضَعهَا قَالَ يردهَا على فقرائهم وَيَأْمُر بصلَة الرَّحِم ووفاء الْعَهْد وَتَحْرِيم الزِّنَا والربا وَالْخمر وَلَا يَأْكُل مَا ذبح لغير الله قَالَ هُوَ نَبِي مُرْسل للنَّاس كَافَّة وَلَو أصَاب القبط وَالروم تبعوه وَقد أَمرهم بذلك عِيسَى بن مَرْيَم وَهَذَا الَّذِي تصفون مِنْهُ بعثت بِهِ الْأَنْبِيَاء من قبل وستكون لَهُ الْعَاقِبَة حَتَّى لَا ينازعه أحد وَيظْهر دينه إِلَى مُنْتَهى الْخُف والحافر ومنقطع البحور قُلْنَا لَو دخل النَّاس كلهم مَعَه مَا دَخَلنَا فانفض رَأسه وَقَالَ أَنْتُم فِي اللّعب ثمَّ قَالَ كَيفَ نسبه فِي قومه قُلْنَا هُوَ أوسطهم نسبا قَالَ كَذَلِك الْأَنْبِيَاء تبْعَث فِي نسب قَومهَا قَالَ فَكيف صدق حَدِيثه قُلْنَا مَا يُسمى إِلَّا الْأمين من صدقه قَالَ انْظُرُوا إِلَى أُمُوركُم أترونه يصدق فِيمَا بَيْنكُم وَبَينه ويكذب على الله قَالَ فَمن اتبعهُ قُلْنَا الْأَحْدَاث قَالَ هم اتِّبَاع الْأَنْبِيَاء قبله قَالَ فَمَا فعل يهود يثرب فهم أهل التَّوْرَاة قُلْنَا خالفوه فأوقع بهم فَقَتلهُمْ وسباهم وَتَفَرَّقُوا فِي كل وَجه قَالَ هم قوم حسد حسدوه أما أَنهم يعْرفُونَ من أمره مثل مَا نَعْرِف
قَالَ الْمُغيرَة فقمنا من عِنْده وَقد سمعنَا كلَاما ذللنا لمُحَمد وخضعنا وَقُلْنَا مُلُوك الْعَجم يصدقونه ويخافونه فِي بعد أرحامهم مِنْهُ وَنحن أقرباؤه وجيرانه لم ندخل مَعَه وَقد جَاءَنَا دَاعيا إِلَى مَنَازلنَا قَالَ الْمُغيرَة فاقمت بالإسكندرية لَا أدع كَنِيسَة إِلَّا دَخَلتهَا وَسَأَلت أساقفها من قبطها ورومها عَمَّا يَجدونَ من صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَسْقُف من القبط لم أر أحدا أَشد اجْتِهَادًا مِنْهُ فَقلت أَخْبرنِي هَل بَقِي أحد من الْأَنْبِيَاء قَالَ نعم وَهُوَ آخر الْأَنْبِيَاء لَيْسَ بَينه وَبَين عِيسَى نَبِي قد أَمر عِيسَى باتباعه وَهُوَ النَّبِي الْأُمِّي الْعَرَبِيّ أُسَمِّهِ أَحْمد لَيْسَ بالطويل وَلَا بالقصير فِي عَيْنَيْهِ حمرَة وَلَيْسَ بالأبيض وَلَا بالآدم يعفي شعره ويلبس مَا غلظ من الثِّيَاب ويجتزي بِمَا لَقِي من الطَّعَام سَيْفه على عَاتِقه وَلَا يُبَالِي من لَاقَى يُبَاشر الْقِتَال بِنَفسِهِ وَمَعَهُ أَصْحَابه يفدونه بِأَنْفسِهِم هم أَشد لَهُ حبا من آبَائِهِم وَأَوْلَادهمْ من حرم يَأْتِي وَإِلَى حرم يُهَاجر إِلَى أَرض سباخ ونخل يدين بدين إِبْرَاهِيم قلت زِدْنِي فِي صفته قَالَ يأتزر على وَسطه وَيغسل أَطْرَافه ويخص مَا لم يخص بِهِ الْأَنْبِيَاء قبله

(2/20)


كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه وَيبْعَث إِلَى النَّاس كَافَّة وَجعلت لَهُ الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا أَيْنَمَا أَدْرَكته الصَّلَاة تيَمّم وَصلى وَكَانَ من قبله مشددا عَلَيْهِ لَا يصلونَ إِلَّا فِي الْكَنَائِس وَالْبيع قَالَ الْمُغيرَة فوعيت ذَلِك كُله من قَوْله وَقَول غَيره وَرجعت فَأسْلمت
واخرج ابْن سعد من طَرِيق الْوَاقِدِيّ عَن شُيُوخه قَالُوا لما كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمُقَوْقس عَظِيم القبط كتب إِلَيْهِ الْمُقَوْقس قد علمت أَن نَبيا قد بَقِي وَكنت أَظن أَنه يخرج بِالشَّام وَقد اكرمت رَسُولك وَبعثت إِلَيْك بهدية
بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حمير

اخْرُج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحَارِث ومسروح ونعيم بن عبد كلال من حمير وَبعث بِالْكتاب مَعَ عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي وَقَالَ إِذا جِئْت أَرضهم فَلَا تدخلن لَيْلًا حَتَّى تصبح ثمَّ تطهر فَأحْسن طهورك وصل رَكْعَتَيْنِ واسأل الله النجاح وَالْقَبُول واستعذ بِاللَّه وَخذ كتابي بيمينك وادفعه فِي أَيْمَانهم فَإِنَّهُم قابلون واقرأ عَلَيْهِم {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين} فَإِذا فرغت مِنْهَا فَقل آمَنت بمحمدوأنا أول الْمُؤمنِينَ فَلَنْ تَأْتِيك حجَّة إِلَّا دحضت وَلَا كتاب زخرف إِلَّا ذهب نوره وهم قارئون عَلَيْك فَإِذا رطنوا عَلَيْك فَقل ترجموا قل حسبي الله آمَنت بِمَا انْزِلْ الله من كتاب وامرت لأعدل بَيْنكُم إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَإِلَيْهِ الْمصير} فَإِذا أَسْلمُوا فسلهم قضبهم الثَّلَاثَة الَّتِي إِذا حَضَرُوا بهَا سجدوا وَهِي من الأثل قضيب ملمع ببياض وصفرة وقضيب ذُو عجر كَأَنَّهُ خيزران وَالْأسود البهيم كَأَنَّهُ من ساسم ثمَّ اخرجها

(2/21)


فحرقها بسوقهم قَالَ عَيَّاش فَخرجت أفعل مَا أَمرنِي رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انْتَهَيْت إِلَيْهِم فَقلت أَنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفعلت مَا أَمرنِي فقبلوا وَكَانَ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الجلندي

اخْرُج وثيمة فِي الرِّدَّة عَن ابْن إِسْحَاق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى الجلندي ملك عمان يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام فَقَالَ لقد دلَّنِي على هَذَا النَّبِي الْأُمِّي أَنه لَا يَأْمر بِخَير إِلَّا كَانَ أول آخذ بِهِ وَلَا يُنْهِي عَن شَيْء إِلَّا مان أول تَارِك لَهُ وَأَنه يغلب فَلَا يبطر ويغلب فَلَا يهجر وَأَنه يَفِي بالعهد وينجز الْوَعْد وَأشْهد أَنه نَبِي
بَاب مَا وَقع عِنْد كِتَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني حارثه

اخْرُج أَبُو نعيم من طَرِيق الْوَاقِدِيّ رَأَيْت عَن شُيُوخه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى بني حَارِثَة بن عَمْرو بن قرط يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام فَأخذُوا صَحِيفَته فغسلوها ورقعوا بهَا دلوهم فَقَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا لَهُم ذهب الله بعقولهم قَالَ فهم أهل رعدة وعجلة وَكَلَام مختلط وَأهل سفه) قَالَ الْوَاقِدِيّ قد رَأَيْت بَعضهم عيا لَا يحسن تَبْيِين الْكَلَام
بَاب صَاعِقَة من السَّمَاء أحرقت رَأْسا من رُؤُوس الْمُشْركين

اخْرُج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من أَصْحَابه إِلَى رَأس من رُؤُوس الْمُشْركين يَدعُوهُ إِلَى الله فَقَالَ الْمُشرك هَذَا الْإِلَه الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ من ذهب هُوَ أم من فضَّة أم من نُحَاس فَرجع فَأرْسل الله صَاعِقَة من السَّمَاء فَأَحْرَقتهُ وَرَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الطَّرِيق لَا يدْرِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن الله قد أهلك صَاحبك وَنزل وَيُرْسل الصَّوَاعِق الْآيَة

(2/22)