الروض الأنف ت السلامي

سياقة النسب من ولد إسماعيل عليه السلام
أولاد إسماعيل عليه السلام ونسب أمهم:
قال ابن هشام: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق المطلبي قال
ولد إسماعيل بن إبراهيم - عليهم السلام - اثني عشر رجلا: نابتا - وكان أكبرهم – وقيذر1 ، وأذبل ومنشا، ومسمعا، وماشى، ودما، وأذر، وطيما، ويطور2 ، ونبش3 وقيذما. وأمهم بنت مضاض بن عمرو الجرهمي - قال ابن هشام: ويقال مضاض. وجرهم بن قحطان - وقحطان أبو اليمن كلها، وإليه يجتمع نسبها - ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
قال ابن إسحاق: جرهم بن يقطن بن عيبر بن شالخ، ويقطن هو قحطان بن عيبر بن شالخ.
ـــــــ
ذكر إسماعيل صلى الله عليه وبنيه
وقد كان لإبراهيم - عليه السلام - بنون سوى إسحاق وإسماعيل منهم ستة من قطورا بنت يقطر وهم مديان وزمران وسرج بالجيم ونقشان - ومن ولد نقشان البربر في أحد الأقوال - وأمهم رغوة. ومنهم نشق وله بنون آخرون من حجون بنت
ـــــــ
1 ويقال فيه قيذار أيضاً راجع "أنساب العرب" و"أصول الأحساب".
2 في "الطبري" طور وفي "أنساب البحر" قاطور.
3 في الطبري نفيس، وفي "أصول الأحساب" يافيش، وفي "أنساب العرب" فنيس.

(1/43)


عمر إسماعيل عليه السلام ومدفنه:
قال ابن إسحاق: وكان عمر إسماعيل - فيما يذكرون - مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات - رحمة الله وبركاته عليه - ودفن في الحجر مع أمه هاجر، رحمهم الله تعالى.
موطن هاجر:
قال ابن هشام: تقول العرب: هاجر وآجر فيبدلون الألف من الهاء كما قالوا: هراق الماء وأراق الماء وغيره وهاجر من أهل مصر.
ـــــــ
أهين، وهم كيسان وسورج وأميم ولوطان ونافس. هؤلاء بنو إبراهيم.
وقد ذكر ابن إسحاق أسماء بني إسماعيل ولم يذكر بنته، وهي نسمة 1 بنت إسماعيل وهي امرأة عيصو بن إسحاق وولدت له الروم وفارس - فيما ذكر الطبري - وقال أشك في الأشبان هل هي أمهم أم لا؟ وهم من ولد عيصو، ويقال فيه أيضا: عيصا، وذكر في ولد إسماعيل طيما2 ، وقيده الدارقطني: ظميا بظاء منقوطة بعدها ميم كأنها تأنيث أظمى، والظمى مقصور سمرة في الشفتين.
وذكر دما، ورأيت للبكري أن دومة الجندل عرفت بدوما بن إسماعيل وكان نزلها، فلعل دما مغير منه وذكر أن الطور سمي بيطور بن إسماعيل فلعله محذوف الياء أيضا - إن كان صح ما قاله - والله أعلم.
وأما الذي قاله أهل التفسير في الطور، فهو كل جبل ينبت الشجر فإن لم ينبت شيئا فليس بطور وأما قيدر فتفسيره عندهم صاحب الإبل وذلك أنه كان صاحب إبل إسماعيل. قال وأمه هاجر. ويقال فيها: آخر وكانت سرية
ـــــــ
1 في "الطبري" بسمة، وفي "التكوين" أن عيصو أو عيسو تزوج هو ديت بنت بيري الحثى وبسمة بنت إيلون الحثى.
2 بفتح الطاء وكسرها وسكون الياء، وفي "أصول الانساب" تيما، وفي "الطبري" طما، وفي "التكوين" تيما.

(1/44)


وصاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل مصر وسبب ذلك:
قال ابن هشام: حدثنا عبد الله بن وهب عن عبد الله بن لهيعة، عن عمر مولى غفرة 1 أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – قال:
"الله الله في أهل الذمة، أهل المدرة السوداء السحم الجعاد 2 فإن لهم نسبا وصهرا".
ـــــــ
لإبراهيم وهبتها له سارة بنت عمه وهي سارة بنت توبيل بن ناحور وقيل بنت هاران بن ناحور وقيل هاران بنت تارح.
وهي بنت أخيه على هذا، وأخت لوط. قاله القتبي في المعارف وقاله النقاش في التفسير وذلك أن نكاح بنت الأخ كان حلالا إذ ذاك فيما ذكر ثم نقض النقاش هذا القول في تفسير قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} [الشورى: 13]. إن هذا يدل على تحريم بنت الأخ على لسان نوح - عليه السلام - وهذا هو الحق، وإنما توهموا أنها بنت أخيه لأن هاران أخوه وهو هاران الأصغر وكانت هي بنت هاران الأكبر وهو عمه وبهاران سميت مدينة حران لأن الحاء هاء بلسانهم وهو سرياني وذكر الطبري أن إبراهيم إنما نطق بالعبرانية حين عبر النهر فارا من النمروذ، وكان النمروذ قد قال للطلب الذين أرسلهم في طلبه إذا وجدتم فتى يتكلم بالسريانية، فردوه فلما أدركوه استنطقوه فحول الله لسانه عبرانيا، وذلك حين عبر النهر فسميت العبرانية بذلك وأما السريانية فيما ذكر ابن سلام - فسميت بذلك لأن الله - سبحانه - لما علم آدم الأسماء كلها، علمه سرا من الملائكة وأنطقه بها حينئذ وكانت هاجر قبل ذلك لملك الأردن، واسمه صادوق - فيما ذكر القتبي - دفعها إلى سارة حين أخذها من إبراهيم عجبا منه بجمالها، فصرع مكانه فقال ادعي الله أن يطلقني. الحديث وهو مشهور في الصحاح، فأرسلها، وأخدمها هاجر، وكانت هاجر قبل ذلك الملك بنت ملك من ملوك القبط بمصر
ـــــــ
1 هي: غفرة بنت بلال وقيل: أخته.
2 المدرة: البلدة، والسحم: السود، والجعاد: الذين في شعرهم تكسير.

(1/45)


قال عمر مولى غفرة: نسبهم أن أم إسماعيل النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم. وصهرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تسرر فيهم.
قال ابن لهيعة أم إسماعيل هاجر، من "أم العرب" قرية كانت أمام الفرما من مصر. وأم إبراهيم: مارية سرية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - التي أهداها له المقوقس من حفن 1 من كورة أنصنا.
قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري: أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمي حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – قال:
"إذا افتتحتم مصر، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما" فقلت لمحمد بن مسلم الزهري: ما الرحم التي ذكر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لهم؟ فقال كانت هاجر أم إسماعيل منهم.
ـــــــ
كره الطبري من حديث سيف بن عمر أو غيره أن عمرو بن العاص حين حاصر مصر، قال لأهلها: إن نبينا عليه السلام قد وعدنا بفتحها، وقد أمرنا أن نستوصي بأهلها خيرا، فإن لهم نسبا وصهرا، فقالوا له هذا نسب لا يحفظ حقه إلا نبي، لأنه نسب بعيد. وصدق كانت أمكم امرأة لملك من ملوكنا، فحاربنا أهل عين شمس فكانت لهم علينا دولة فقتلوا الملك واحتملوها، فمن هناك تصيرت إلى أبيكم إبراهيم - أو كما قالوا - وذكر الطبري أن الملك الذي أراد سارة هو سنان بن علوان وأنه أخو الضحاك الذي تقدم ذكره وفي كتاب التيجان لابن هشام أنه عمرو بن امرئ القيس بن بابليون بن سبأ، وكان على مصر والله أعلم.
وهاجر أول امرأة ثقبت أذناها، وأول من خفض2 من النساء وأول من جرت ذيلها، وذلك أن سارة غضبت عليها، فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء من أعضائها،
ـــــــ
1 قرية من قرى الصعيد، وقيل: ناحية من نواحي مصر.
2 خفض الصبية خفاضاً: ختنها، والشريعة لا توجب هذا.

(1/46)


أصل العرب:
قال ابن هشام: فالعرب كلها من ولد إسماعيل وقحطان وبعض أهل اليمن يقول قحطان من ولد إسماعيل ويقول إسماعيل أبو العرب كلها.
قال ابن إسحاق: عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح وثمود وجديس ابنا عابر بن إرم بن سام بن نوح وطسم وعملاق وأميم بنو لاوذ بن سام بن نوح. عرب كلهم فولد نابت بن إسماعيل: يشجب بن نابت فولد يشجب يعرب بن يشجب فولد يعرب تيرح بن يعرب فولد تيرح: ناحور بن تيرح، فولد ناحور مقوم بن ناحور: فولد مقوم أدد بن مقوم فولد أدد عدنان بن أدد. قال ابن هشام: ويقال عدنان بن أد.
ـــــــ
فأمرها إبراهيم -عليه السلام - أن تبر قسمها بثقب أذنيها وخفاضها، فصارت سنة في النساء وممن ذكر هذا الخبر ابن أبي زيد في "نوادره".
وإسماعيل عليه السلام نبي مرسل أرسله الله تعالى إلى أخواله من جرهم وإلى العماليق الذين كانوا بأرض الحجاز، فآمن بعض وكفر بعض.
وقوله: وأمهم بنت مضاض ولم يذكر اسمها. واسمها: السيدة ذكره الدارقطني. وقد كان له امرأة سواها من جرهم، وهي التي أمره أبوه بتطليقها حين قال لها إبراهيم قولي لزوجك: فليغير عتبته1 يقال اسمها: جداء بنت سعد ثم تزوج أخرى، وهي التي قال لها إبراهيم في الزورة الثانية قولي لزوجك: فليثبت عتبة بيته الحديث وهو مشهور في الصحاح أيضا يقال اسم هذه الآخرة سامة بنت مهلهل ذكرهما، وذكر التي قبلها الواقدي في كتاب "انتقال النور" وذكرها المسعودي أيضا وقد قيل في الثانية عاتكة.
ـــــــ
1 لأنه كما ورد في "صحيح البخاري" سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة فلما جاء إساعيل وأخبرته بما حصل مع أبيه فقال لها ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك.

(1/47)


أولاد عدنان:
قال ابن إسحاق: فمن عدنان تفرقت القبائل من ولد إسماعيل بن إبراهيم
ـــــــ
هدايا المقوقس:
وقوله: في حديث عمر: مولى غفرة، وغفرة هذه هي أخت بلال بن رباح. وقول مولى غفرة هذا: إن صهرهم لكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسرر منهم يعني: مارية بنت شمعون التي أهداها إليه المقوقس، واسمه جريج بن ميناء، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل إليه حاطب بن أبي بلتعة وجبرا مولى أبي رهم الغفاري فقارب الإسلام وأهدى معهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغلته التي يقال لها دلدل والدلدل القنفذ العظيم وأهدى إليه مارية بنت شمعون، والمارية بتخفيف الياء البقرة الفتية بخط ابن سراج يذكره عن أبي عمرو المطرز.
وأما المارية بالتشديد فيقال قطاة مارية أي ملساء قاله أبو عبيد في الغريب المصنف.
وأهدى إليه أيضا قدحا من قوارير فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب فيه. رواه ابن عباس، فيقال أن هرقل عزله لما رأى من ميله إلى الإسلام. ومعنى المقوقس: المطول للبناء والقوس الصومعة العالية، يقال في مثل أنا في القوس وأنت في القرقوس متى نجتمع؟ وقول ابن لهيعة بالفرما من مصر. الفرما: مدينة كانت تنسب إلى صاحبها الذي بناها، وهو الفرما بن قيلقوس، ويقال فيه ابن قليس، ومعناه محب الغرس ويقال فيه ابن بليس. ذكره المسعودي. والأول قول الطبري، وهو أخو الإسكندر بن قليس اليوناني وذكر الطبري أن الإسكندر حين بنى مدينة الإسكندرية قال أبني مدينة فقيرة إلى الله غنية عن الناس وقال الفرما: أبنى مدينة فقيرة إلى الناس غنية عن الله فسلط الله على مدينة الفرما الخراب سريعا، فذهب رسمها، وعفا أثرها، وبقيت مدينة الإسكندر إلى الآن وذكر الطبري أن عمرو بن

(1/48)


- عليهما السلام - فولد عدنان رجلين معد بن عدنان، وعك بن عدنان.
موطن عك:
قال ابن هشام: فصارت عك في دار اليمن، وذلك أن عكا تزوج في الأشعريين فأقام فيهم فصارت الدار واللغة واحدة والأشعريون: بنو أشعر بن نبت بن أدد بن
ـــــــ
العاص حين افتتح مصر1 ، وقف على آثار مدينة الفرما، فسأل عنها، فحدث بهذا الحديث والله أعلم.
مصر وحفن:
وأما مصر فسميت بمصر بن النبيط ويقال ابن قبط بن النبيط من ولد كوش بن كنعان2 . وأما حفن التي ذكر أنها قرية أم إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرية بالصعيد معروفة وهي التي كلم الحسن بن علي - رضي الله عنهما - معاوية أن يضع الخراج عن أهلها، ففعل معاوية ذلك حفظا لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم ورعاية لحرمة الصهر ذكره أبو عبيد في كتاب الأموال وذكر "أنصنا" وهي قرية بالصعيد يقال إنها كانت مدينة السحرة. قال أبو حنيفة ولا ينبت اللبخ إلا بأنصنا، وهو عود تنشر منه ألواح للسفن وربما، رعف ناشرها، ويباع اللوح منها بخمسين دينارا، أو نحوها، وإذا شد لوح منها بلوح وطرح في الماء سنة التأما، وصارا لوحا واحدا.
عك:
فصل وذكر عك بن عدنان، وأن بعض أهل اليمن يقول فيه عك بن عدنان بن عبد الله، بن الأزد، وذكر الدارقطني في هذا الموضع عن ابن الحباب أنه
ـــــــ
1 أكثر المؤرخين على أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل كتبه إلى الملوك والأمراء ومنهم المقوقس في العام السادس من الهجرة وقيل إن المقوقس أرسل جاريتين: مارية وشيرين.
2 في "الطبري" 1/ 102، أن القبط هم أولاد قرط بن حام بن نوح عليه السلام.

(1/49)


زيد بن هميسع بن عمرو بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ويقال أشعر نبت بن أدد ويقال أشعر بن مالك ومالك مذحج بن أدد بن زيد بن هميسع. ويقال أشعر بن سبأ بن يشجب.
وأنشدني أبو محرز خلف الأحمر، وأبو عبيدة لعباس بن مرداس أحد بني سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، يفخر بعك
وعك بن عدنان الذين تلقبوا ... بغسان حتى طردوا كل مطرد
__________
قال فيه عك بن عبد الله بن عدثان بالثاء المثلثة ولا خلاف في الأول أنه بنونين كما لم يختلف في دوس بن عدثان أنه بالثاء وهي قبيلة من الأزد أيضا، واسم عك عامر. والديث الذي ذكره هو بالثاء 1 وقاله الزبير الذيب بالذال والياء ولعدنان أيضا ابن اسمه الحارث وآخر يقال له المذهب ولذلك قيل في المثل أجمل من المذهب وقد ذكر أيضا في بنيه الضحاك وقيل في الضحاك إنه ابن معد لا ابن عدنان وقيل إن عدن الذي تعرف به مدينة عدن، وكذلك أبين هما: ابنا عدنان قاله الطبري. ولعدنان بن أدد أخوان نبت بن أدد وعمرو بن أدد. قاله الطبري أيضا.
ذكر قحطان والعرب العاربة:
أما قحطان فاسمه مهزم - فيما ذكر ابن ماكولا - وكانوا أربعة إخوة فيما روي عن ابن منبه قحطان وقاحط ومقحط وفالغ. وقحطان أول من قيل له أبيت اللعن وأول من قيل له عم صباحا، واختلف فيه فقيل هو ابن عابر بن شالخ، وقيل هو ابن عبد الله أخو هود، وقيل هو هود نفسه فهو على هذا القول من إرم بن
ـــــــ
1 أكثر النسابين الذين تكلموا عن نسب الأزد لم يذكروا الديث، وفي "القلائد" للقلقشندي": وعك واسمه: الديث.

(1/50)


وهذا البيت في قصيدة له. وغسان: ماء بسد مأرب باليمن كان شربا لولد مازن بن الأسد بن الغوث، فسموا به ويقال غسان: ماء بالمشلل قريب من
ـــــــ
سام ومن جعل العرب كلها من إسماعيل قالوا فيه هو ابن تيمن بن قيذر بن إسماعيل. ويقال هو ابن الهميسع بن يمن1 وبيمن سميت اليمن في قول وقيل بل سميت بذلك لأنها عن يمين الكعبة. وتفسير الهميسع الصراع.
وقال ابن هشام: يمن هو. يعرب بن قحطان سمي بذلك لأن هودا عليه السلام قال له أنت أيمن ولدي نقيبة في خبر ذكره. قال وهو أول من قال القريض والرجز وهو الذي أجلى بني حام إلى بلاد المغرب بعد أن كانوا يأخذون الجزية من ولد قوطة بن يافث. قال وهي أول جزية وخراج أخذت في بني آدم. وقد احتجوا لهذا القول2 أعني: أن قحطان من ولد إسماعيل عليه السلام بقول النبي - صلى الله عليه وسلم –"ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا" قال هذا القول لقوم من أسلم بن أفصى، وأسلم أخو خزاعة وهم بنو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر، وهم من سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ولا حجة عندي في هذا الحديث لأهل هذا القول لأن اليمن لو كانت من إسماعيل - مع أن عدنان كلها من إسماعيل بلا شك - لم يكن لتخصيص هؤلاء القوم بالنسب إلى إسماعيل معنى، لأن غيرهم من العرب أيضا أبوهم إسماعيل ولكن في الحديث دليل والله أعلم - على أن خزاعة من بني قمعة3 أخي مدركة بن إلياس بن مضر، كما سيأتي بيانه في هذا الكتاب عند حديث عمرو بن لحي - إن شاء الله - وكذلك قول أبي هريرة - رضي الله عنه – "هي أمكم يا بني ماء السماء"4 يعني: هاجر، يحتمل أن يكون تأول في قحطان ما تأوله غيره ويحتمل أن
ـــــــ
1اختتلف النسابون في نسب قحطان فمنهم نسبه إلى آدم وآخرون إلى عابر بن شالح بن سام بن نوح.
2 انظر:"الأنباه على قبائل الرواة" لابن الأثير ص 75.
3 لقب عمير بن إلياس بن مضر.
4 هذ جزء من حديث أخرجه البخاري في باب قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: من الآية125]

(1/51)


الجحفة، والذين شربوا منه تحزبوا، فسموا به قبائل من ولد مازن بن الأشد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
ـــــــ
يكون نسبهم إلى "ماء السماء على زعمهم "فإنهم ينتسبون إليه كما ينتسب كثير من قبائل العرب إلى حاضنتهم وإلى رابهم أي زوج أمهم - كما سيأتي بيانه في باب قضاعة إن شاء الله.
سبأ وأميم ووبار:
وسبأ اسمه: عبد شمس - كما ذكر - وكان أول من تتوج من ملوك العرب، وأول من سبى فسمي سبأ، ولست من هذا الاشتقاق على يقين لأن سبأ مهموز والسبي غير مهموز.
وذكر أميما، ويقال فيه أميم ووجدت بخط أشياخ مشاهير أميم وأميم بفتح الهمزة وتشديد الميم مكسورة ولا نظير له في الكلام والعرب تضطرب في هذه الأسماء القديمة قال المعري1:
يراه بنو الدهر الأخير بحاله
... كما قد رأته جرهم وأميم
فجاء به على وزن فعيل وهو الأكثر وأميم - فيما ذكروا - أول من سقف البيوت بالخشب المنشور وكان ملكا، وكان يسمى: آدم وهو عند الفرس: آدم الصغير وولده وبار وهم أمة هلكت في الرمل هالت الرياح الرمل على فجاجهم ومناهلهم فهلكوا. قال الشاعر:
وكر دهر على وبار ... فأهلكت عنوة وبار
ـــــــ
1 أبو العلاء أحمد بن عبد الله ين سليمان المعري التنوخي الشاعر الفيلسوف ، وهو فوق المتنبي في دقة الخيال وتصريف القول في الفلسة وطبائع البشر ، ولد بمعرة النعمان – شمال سوريا – سنة 363هـ وعاش عزبا حتى مات سنة 449هـ.

(1/52)


........................................
ـــــــ
والنسب إليه أباري على غير قياس ومن العماليق ملوك مصر الفراعنة منهم الوليد بن مصعب صاحب موسى وقابوس بن مصعب بن عمرو بن معاوية بن إراشة بن معاوية بن عمليق أخو الأول ومنهم الريان بن الوليد صاحب يوسف عليه السلام ويقال فيه ابن دومع فيما ذكر المسعودي.
وأما طسم وجديس فأفنى بعضهم بعضا قتلت طسم جديسا لسوء ملكتهم إياهم وجورهم فيهم فأفلت معهم رجل اسمه رباح بن مرة فاستصرخ بتبع وهو حسان بن تبان أسعد وكانت أخته اليمامة، واسمها عنز ناكحا في طسم وكان هواها معهم فأنذرتهم فلم يقبلوا، فصبحتهم جنود تبع فأفنوهم قتلا، وصلبوا اليمامة الزرقاء بباب جو وهي المدينة، فسميت جو باليمامة من هنالك إلى اليوم1 وذلك في أيام ملوك الطوائف وبقيت بعد طسم يبابا لا يأكل ثمرها إلا عوافي الطير والسباع2 حتى وقع عليها عبيد بن ثعلبة الحنفي، وكان رائدا لقومه في البلاد فلما أكل الثمر قال إن هذا لطعام وحجر بعصاه على موضع قصبة اليمامة، فسميت حجرا،3 وهي منازل حنيفة إلى اليوم وخبر طسم وجديس مشهور اقتصرنا معه على هذه النبذة لشهرته عند الإخباريين.
ـــــــ
1 ذكر بعض المؤرخين أن طسما وجديسا أخوان لثمود بن كاثر، وكانت اليمامة ديار جديس وكانت البحرين ديارا لطسم ، وعند الطبري أنهما للأوذ بن سام بن نوح وكانت ديارهم اليمامة ، وكان عليهم ملك من طسم ، وكان غشوما سادرا في غيه ويقال له : عملوق وكان مستذلا لجديس ، حتى كان يأبى أن تزف البكر إلى زوجها إلا بعد أن يفترعها ، فدبر أحد أبناء جديس كيدا استطاع به القضاء على عملوق وعلى الرؤساء الذين كانوا معه.
2 اليباب: الخراب العوافي: طلاب الرزق من الناس والدواب والطير.
3 حجرا يقال حجر الأرض وعليها وحولها: وضع على حدودها أعلاما بالحجارة ونحوها لحيازتها ، وقصبة البلاد: مدينتها ، حجر اسم ديار ثمود بوادي القرى مدينة بين الشام والحجاز.

(1/53)