الروض الأنف ت السلامي

وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن:
توليه الملك، وشيء من سيرته، ثم قتله:
فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت المملكة يقال له لخنيعة
ـــــــ
خبر لخنيعة وذي نواس:
وقال فيه ابن دريد: لخنيعة وقال: هو من اللخع، وهو استرخاء في الجسم،

(1/100)


ينوف ذو شناتر فقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منهم فقال قائل من حمير للخنيعة:
تقتل أبناءها وتنفي سراتها ... وتبني بأيديها لها الذل حمير
تدمر دنياها بطيش حلومها ... وما ضيعت من دينها فهو أكثر
كذلك القرون قبل ذاك بظلمها ... وإسرافها تأتي الشرور فتخسر
وكان لخنيعة امرئ فاسقا يعمل عمل قوم لوط، فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك فيقع عليه في مشربة له قد صنعها لذلك لئلا يملك بعد ذلك ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده قد أخذ مسواكا، فجعله في فيه أي ليعلمهم أنه قد فرغ منه حتى بعث إلى زرعة ذي نواس بن تبان أسعد أخي حسان وكان صبيا صغيرا حين قتل حسان ثم شب غلاما جميلا وسيما، ذا هيئة وعقل فلما أتاه رسوله عرف ما يريد منه فأخذ سكينا جديدا لطيفا، فخبأه بين قدمه ونعله ثم أتاه فلما خلا معه وثب إليه فواثبه ذو نواس، فوجأه حتى قتله. ثم حز رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها، ووضع مسواكه في فيه ثم خرج على الناس فقالوا له ذا نواس أرطب أم يباس؟ فقال سل نخماس استرطبان ذو نواس.
ـــــــ
وذو شناتر. الشناتر الأصابع بلغة حمير، واحدها: شنترة وذو نواس1 اسمه زرعة وهو من قولهم للغلام زرعك الله أي أنبتك وسموا بزارع كما سموا بنابت وقال الله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة 64] أي تنبتونه وفي "مسند" وكيع بن الجراح عن أبي عبد الرحمن الجبلي أنه كان يكره أن يقول الرجل زرعت في أرضي كذا وكذا، لأن الله هو الزارع وفي مسند البزار - مرفوعا - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن ذلك أيضا، وقد تكلمنا على وجه هذا الحديث
ـــــــ
1 هو من أذواء اليمن، وقيل إنه حكم من سنة /515م حتى/525م وبه ختمت سلسلة ملوك حمير. أما الخنيعة ويسمى"لحيعثت ينف" فحكم من /480-500م انظر: "تاريخ العرب قبل الإسلام" 3/164.

(1/101)


استرطبان لا بأس. قال ابن هشام: هذا كلام حمير. ونخماس: الرأس. فنظروا إلى الكوة فإذا رأس لخنيعة مقطوع فخرجوا في إثر ذي نواس حتى أدركوه فقالوا: ما ينبغي أن يملكنا غيرك، إذ أرحتنا من هذا الخبيث.
__________
في غير هذا الإملاء فقد جاء في الصحيح "ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا" الحديث1. وفي كتاب الله أيضا قال {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً} [يوسف: 47]، وسمي ذا نواس بغديرتين كانتا له تنوسان أي ضفيرتان من شعر والنوس الحركة والاضطراب فيما كان متعلقا، قال الراجز:
لو رأتني والنعاس غالبي ... على البعير نائسا ذباذبي
ـــــــ
1 بقية الحديث: "فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" رواه البخاري ومسلم وأحمد في مسنده والترمذي عن أنس.

(1/102)