الروض الأنف ت السلامي

غلب قصي بن كلاب على أمر مكة وجمعه أمر قريش ومعونة قضاعة له:
هزيمة صوفة:
قال ابن إسحاق: فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل وقد عرفت ذلك لها العرب، وهو دين في أنفسهم في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم. فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة، فقال لنحن أولى بهذا منكم، فقاتلوه فاقتتل الناس قتالا شديدا، ثم انهزمت صوفة وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم من ذلك.
محاربة قصي لخزاعة وبني بكر وتحكيم يعمر بن عوف:
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة. فلما انحازوا عنه باداهم1 وأجمع لحربهم وخرجت له خزاعة وبنو بكر فالتقوا، فاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح ، حتى كثرت
ـــــــ
ولاية قصي البيت
ذكر فيه أمر قصي وما جمع من أهل مكة، وأنشد:
ـــــــ
1 باداهم: كاشفهم.
2 في "القاموس": السوم بفتح السين وواو ساكنة بنت بكسر الجيم: أعرابية.

(2/32)


القتلى في الفريقين جميعا، ثم إنهم تداعوا إلى الصلح وإلى أن يحكموا بينهم رجلا من العرب، فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة، وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوع يشدخه1 تحت قدميه وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة، ففيه الدية مؤداة وأن يخلى بين قصي وبين الكعبة ومكة.
سبب تسمية يعمر بالشداخ:
فسمي يعمر2 بن عوف يومئذ الشداخ لما شدخ من الدماء ووضع منها.
قال ابن هشام: ويقال الشداخ.
قصي أميراً على مكة وسبب تسميته مجمعاً:
قال ابن إسحاق: فولي قصي البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم إلى مكة، وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه وذلك أنه كان يراه دينا في نفسه لا ينبغي تغييره فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله. فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه فكانت إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة، واللواء فحاز شرف مكة كله. وقطع مكة رباعا بين قومه فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها، ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع الحرم في منازلهم فقطعها قصي بيده وأعوانه فسمته قريش: مجمعا لما جمع من أمرها، وتيمنت بأمره فما تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم ولا يعقدون لواء لحرب قوم من
ـــــــ
1 يشدخه: يكسره، ويريد أنه أبطل تلك الدماء، ولم يجعل لها حظاً، ولذلك قيل: تحت قدميه.
2 يعمر الشداخ: هو جد بني دأب الذين أخذ عنهم كثير من علم الأخبار والأنساب.

(2/33)


غيرهم إلا في داره يعقده لهم بعض ولده وما تدرع1 جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه ثم ينطلق بها إلى أهلها. فكان أمره في قومه من قريش في حياته ومن بعد موته كالدين المتبع لا يعمل بغيره.
واتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضي أمورها:
قال ابن هشام: وقال الشاعر:
قصي لعمري كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه قال سمعت السائب
ـــــــ
قصي لعمري كان يدعى مجمعا2
البيت وبعده:
هموا ملئوا البطحاء مجدا وسوددا ... وهم طردوا عنا غواة بني بكر
ويذكر أن هذا الشعر لحذافة بن جمح.
وذكر أن قصيا قطع مكة رباعا3، وأن أهلها هابوا قطع شجر الحرم للبنيان.قال الواقدي: الأصح في هذا الخبر أن قريشا حين أرادوا البنيان قالوا لقصي كيف نصنع في شجر الحرم، فحذرهم قطعها وخوفهم العقوبة في ذلك فكان أحدهم يحوف بالبنيان حول الشجرة، حتى تكون في منزله. قال فأول من ترخص في قطع شجر الحرم للبنيان عبد الله بن الزبير حين ابتنى دورا بقعيقعان لكنه جعل دية كل شجرة بقرة وكذلك يروى عن عمر - رضي الله [عنه]4 - أنه قطع دوحة كانت في دار
ـــــــ
1 ادرعت الجارية: لبست الدرع.
2 في "الطبري": 2/256: أبوكم قصي كان يدعى مجمعاً.
3 أي: دوراً.
4 زيادة يقتضيها السياق.

(2/34)


ابن خباب صاحب المقصورة يحدث أنه سمع رجلا يحدث عمر بن الخطاب، وهو خليفة حديث قصي بن كلاب، وما جمع من أمر قومه وإخراجه خزاعة وبني بكر من مكة، وولايته البيت وأمر مكة، فلم يرد ذلك عليه ولم ينكره.
__________
أسد بن عبد العزى، كانت تنال أطرافها ثياب الطائفين بالكعبة وذلك قبل أن يوسع المسجد فقطعها عمر - رضي الله عنه - ووداها بقرة ومذهب مالك - رحمه الله - في ذلك ألا دية في شجر الحرم. قال ولم يبلغني في ذلك شيء. وقد أساء من فعل ذلك وأما الشافعي - رحمه الله - فجعل في الدوحة بقرة وفيما دونها شاة. وقال أبو حنيفة - رحمه الله - إن كانت الشجرة التي في الحرم مما يغرسها الناس ويستنبتونها، فلا فدية على من قطع شيئا منها، وإن كان من غيرها، ففيه القيمة بالغا ما بلغت.
وذكر أبو عبيد: أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أفتى فيها بعتق1 رقبة.
دار الندوة:
وذكر أن قصيا اتخذ دار الندوة، وهي الدار التي كانوا يجتمعون فيها للتشاور ولفظها مأخوذ من لفظ الندي والنادي والمنتدى، وهو مجلس القوم الذي يندون حوله أي يذهبون قريبا منه ثم يرجعون إليه والتندية في الخيل. أن تصرف عن الورد إلى المرعى قريبا، ثم تعاد إلى الشرب وهو المندى2، وهذه الدار تصيرت بعد بني عبد الدار إلى حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، فباعها في الإسلام بمائة ألف درهم وذلك في زمن معاوية فلامه معاوية في ذلك
ـــــــ
1 في "النقرى" للمحب الطبري: عن عطاء أنه كان يقول في المحرم: إذا قطع شجرة عظيمة من شجر الحرم فعليه بدنة، وفي الدوحة: بقرة.
2 والمنتدى أيضاً من أسماء النادي الذي هو مجتمع مجلس القوم، والمندى: مكان ورد الإبل.

(2/35)


شعر رزاح في نصرته قصياً وورد قصي عليه:
قال ابن إسحاق فلما فرغ قصي من حربه انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه وقال رزاح في إجابته قصيا:
لما أتى من قصي رسول ... فقال الرسول أجيبوا الخليلا
نهضنا إليه نقود الجياد ... ونطرح عنا الملول الثقيلا
نسير بها الليل حتى الصباح ... ونكمي النهار لئلا نزولا
فهن سراع كورد القطا ... يجبن بنا من قصي رسولا
جمعنا من السر من أشمذين ... ومن كل حي جمعنا قبيلا
ـــــــ
وقال أبعت مكرمة آبائك وشرفهم فقال حكيم ذهبت المكارم إلا التقوى. والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزق خمر وقد بعتها بمائة ألف درهم وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله فأينا المغبون؟ ذكر خبر حكيم هذا الدارقطني في "أسماء رجال الموطأ" له.
من تفسير شعر رزاح:
فصل وذكر شعر رزاح، وفيه ونكمي النهار أي نكمن ونستتر والكمي من الفرسان الذي تكمى بالحديد. وقيل الذي يكمي شجاعته أي يسترها، حتى يظهرها عند الوغى.
وفيه مررنا بعسجر وهو اسم موضع وكذلك ورقان اسم جبل ووقع في نسخة سفيان ورقان بفتح الراء وقيده أبو عبيد البكري: ورقان بكسر الراء وأنشد للأحوص:
وكيف نرجي الوصل منها وأصبحت ... ذرى ورقان دونها وحفير1
ـــــــ
1 ورقان –بالفتح ثم الكسر- جبل أسود بين العرج والرويثة على يمين المصعد من المدينة إلى مكة، وهو من جبال تهامة.

(2/36)


فيا لك حلبة ما ليلة ... تزيد على الألف سيبا رسيلا
فلما مررن على عسجر ... وأسهلن من مستناخ سبيلا
وجاوزن بالركن من ورقان ... وجاوزن بالعرج حيا حلولا
مررن على الخيل ما ذقنه ... وعالجن من مر ليلا طويلا
ندني من العوذ أفلاءها ... إرادة أن يسترقن الصهيلا
فلما انتهينا إلى مكة ... أبحنا الرجال قبيلا قبيلا
نعاورهم ثم حد السيوف ... وفي كل أوب خلسنا المقولا
نخبزهم بصلاب النسو ... ر خبز القوي العزيز الذليلا
قتلنا خزاعة في دارها ... وبكرا قتلنا وجيلا فجيلا
ـــــــ
ويخفف فيقال ورقان. قال جميل
يا خليلي إن بثنة بانت ... يوم ورقان بالفؤاد سبيا
وذكر أنه من أعظم الجبال وذكر أن فيه أوشالا وعيونا عذابا، وسكانه بنو أوس بن مزينة.
وذكر أيضا الحديث وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم – "ضرس الكافر في النار مثل أحد، وفخذه مثل ورقان" 1 وفي حديث آخر "أنه عليه السلام ذكر آخر من يموت من هذه الأمة فقال رجلان من مزينة ينزلان جبلا من جبال العرب، يقال له ورقان " كل هذا من قول البكري في كتاب معجم ما استعجم.
فصل وذكر أشمذين بكسر الذال وفي حاشية كتاب سفيان بن العاص الأشمذان جبلان [بين المدينة وخيبر]، ويقال اسم قبيلتين ثم قال في الحاشية فعلى هذا تكون الرواية بفتح الذال وكسر النون من أشمذين - قال المؤلف رحمه الله
ـــــــ
1 رواه أحمد في "مسنده" والحاكم في "مستدركه" عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2/37)


نفيناهم من بلاد المليك ... كما لا يحلون أرضا سهولا
فأصبح سبيهم في الحديد ... ومن كل حي شفينا الغليلا
وقال ثعلبة بن عبد الله بن ذبيان بن الحارث بن سعد بن هذيم القضاعي في ذلك من أمر قصي حين دعاهم فأجابوه:
ـــــــ
فإن صح أنهما اسم قبيلتين فلا يبعد أن تكون الرواية كما في الأصل أشمذين1 بكسر الذال لأنه جمع في المعنى. واشتقاق الأشمذ من شمذات الناقة بذنبها أي رفعته ويقال للنحل شمذ لأنها ترفع أعجازها.
وفيه مررن على الحيل وفسره الشيخ في "حاشية الكتاب" فقال هو الماء المستنقع في بطن واد ووجدت في غير أصل الشيخ روايتين إحداهما: مررن على الحل والأخرى: مررن على الحلي فأما الحل: فجمع حلة وهي بقلة شاكة2. ذكره ابن دريد في الجمهرة. وأما الحلي فيقال إنه ثمر القلقلان وهو نبت.
وقوله فيها: نخبزهم. أي نسوقهم سوقا شديدا، وقد تقدم قول الراجز. لا تخبزا خبزا وبسا بسا.
وذكر شعر رزاح الآخر وفيه من الأعراف أعراف الجناب. بكسر الجيم وهو موضع من بلاد قضاعة.
وفيه وقام بنو علي وهم بنو كنانة، وإنما سموا ببني علي لأن عبد مناة بن كنانة كان ربيبا لعلي بن مسعود بن مازن من الأزد جد سطيح الكاهن فقيل لبني كنانة بنو علي وأحسبه أراد في هذا البيت بني بكر بن عبد مناة لأنهم قاموا مع خزاعة.
ـــــــ
1 في "المراصد" أشمذين: جبلان بين المدينة وخيبر تنزلهما جهينة وأشجع.
2 في "اللسان" و"القاموس" شجرة شاكة.

(2/38)


جلبنا الخيل مضمرة تغالى ... من الأعراف أعراف الجناب1
إلى غورى تهامة فالتقينا ... من الفيفاء في قاع يباب2
فأما صوفة الخنثى، فخلوا ... منازلهم محاذرة الضراب
وقام بنسر على إذ رأونا ... إلى الأسياف كالإبل الطراب
وقال قصي بن كلاب:
أنا ابن العاصمين بني لؤي ... بمكة منزلي، وبها ربيت
إلى البطحاء قد علمت معد ... ومروتها رضيت بها رضيت
فلست لغالب إن لم تأثل ... بها أولاد قيذر والنبيت
رزاح ناصري، وبه أسامي ... فلست أخاف ضيما ما حييت
ما كان بين رزاح وبين نهد وحوتكة، وشعر قصي في ذلك:
فلما استقر رزاح بن ربيعة في بلاده نشره الله ونشر حنا، فهما قبيلا عذرة اليوم.
وقد كان بين رزاح بن ربيعة، حين قدم بلاده وبين نهد بن زيد وحوتكة بن أسلم، وهما بطنان من قضاعة شيء فأخافهم حتى لحقوا باليمن وأجلوا من بلاد
ـــــــ
شعر قصي والعذرتان:
وذكر شعر قصي:
أنا ابن العاصمين بني لؤي
الأبيات. وليس فيها ما يشكل.
وذكر أن رزاحا حين استقر في بلاده نشر الله ولده وولد حن بن ربيعة، فهما حيا عذرة.
ـــــــ
1 تغالى: ترتفع في سيرها، من المغالاة، وهي الارتفاع والتزيد في السير. والأعراف: جمع عرفن وهو الرمل المرتفع المستطيل.
2 الغور: المنخفض. والفيفاء: الصحراء. والقاع: المنخفض من الأرض. اليباب: القفر.

(2/39)


قضاعة، فهم اليوم باليمن فقال قصي بن كلاب، وكان يحب قضاعة ونماءها واجتماعها ببلادها، لما بينه وبين رزاح من الرحم ولبلائهم عنده إذ أجابوه إذ دعاهم إلى نصرته وكره ما صنع بهم رزاح:
ألا من مبلغ عني رزاحا ... فإني قد لحيتك في اثنتين
لحيتك في بني نهد بن زيد ... كما فرقت بينهم وبيني
وحوتكة بن أسلم إن قوما ... عنوهم بالمساءة قد عنوني
قال ابن هشام: وتروى هذه الأبيات لزهير بن جناب الكلبي.
ـــــــ
قال المؤلف: في قضاعة: عذرتان عذرة بن رفيدة وهم من بني كلب بن وبرة. وعذرة بن سعد بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، وأسلم هذا هو بضم اللام من ولد حن بن ربيعة أخي رزاح بن ربيعة جد جميل بن عبد الله بن معمر صاحب بثينة ومعمر هو ابن ولد الحارث بن خيبر بن ظبيان وهو الضبيس بن حن. وبثينة أيضا من ولد حن وهي بنت حبان بن ثعلبة بن الهوذي بن عمرو بن الأحب بن حن [وفي قضاعة أيضا عذرة بن عدي وفي الأزد: عذرة بن عداد].
حوتكة وأسلم:
وذكر حوتكة بن أسلم وبني نهد بن زيد وإجلاء رزاح لهم1 وحوتكة هو عم نهد بن زيد بن أسلم، وليس في العرب أسلم بضم اللام إلا ثلاثة. اثنان منها في قضاعة، وهما: أسلم بن الحاف هذا، وأسلم بن تدول بن تيم اللات2 بن رفيدة بن ثور بن كلب، والثالث في عك أسلم بن القياتة بن غابن3 بن الشاهد بن عك وما عدا
ـــــــ
1 نسب جميل في "الجمهرة": جميل بن عبد الله بن معمر بن الحارث بن الخبير بن ظبيان.
2 في "الجمهرة" و"الاشتقاق" وغيرهما: زيد اللات.
3 في "الجمهرة": أسلم بن القيانة بن غافق، ومنهم كان أمير الأندلس.

(2/40)


ماآثر به قصي عبد الدار:
قال ابن إسحاق: فلما كبر قصي ورق عظمه وكان عبد الدار بكره وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه وذهب كل مذهب وعبد العزى وعبد. قال قصي لعبد الدار أما والله يا بني لألحقنك بالقوم وإن كانوا قد شرفوا عليك: لا يدخل رجل منهم الكعبة، حتى تكون أنت تفتحها له ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك، ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك، فأعطاه داره دار الندوة، التي لا تقضي قريش أمرا من أمورها إلا فيها، وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفادة.
الرفادة:
وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب، فيصنع به طعاما للحاج فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد. وذلك أن قصيا فرضه على قريش، فقال لهم حين أمرهم به: "يا معشر قريش إنكم جيران الله، وأهل بيته وأهل الحرم، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق الضيف بالكرامة فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ففعلوا، فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا، فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا، فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج".
قال ابن إسحاق: حدثني بهذا من أمر قصي بن كلاب، وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده أبي إسحاق بن يسار، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال:
سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار يقال له نبيه بن وهب بن عامر بن
ـــــــ
هؤلاء فأسلم بفتح اللام. ذكره ابن حبيب في المؤتلف والمختلف.

(2/41)


عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
قال الحسن: فجعل إليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه.

(2/42)