الروض الأنف ت السلامي

غزوة أحد
<240> وكان من حديث أحد، كما حدثني محمد بن مسلم الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدث بعض الحديث عن يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث عن يوم أحد قالوا، أو من قاله منهم: <241>
ـــــــ
غزوة أحد
فضل أحد :
<240> وأحد الجبل المعروف بالمدينة ، سمي بهذا الاسم لتوحده وانقطاعه عن جبال أخر هنالك وقال فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم – "أحد جبل يحبنا ونحبه" وللعلماء في معنى هذا الحديث أقوال.
قيل أراد أهله وهم الأنصار، وقيل أراد أنه كان يبشره إذا رآه عند القدوم من أسفاره بالقرب من أهله ولقائهم وذلك فعل المحب وقيل بل حبه حقيقة وضع الحب فيه كما وضع التسبيح في الجبال المسبحة مع داود، وكما وضعت الخشية في الحجارة التي قال الله فيها: {إِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ

(5/296)


التحريض على غزو الرسول
لما أصيب يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب، ورجع فلّهم إلى مكة ، ورجع أبو سفيان بن حرب بعيره مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش، ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر فكلموا أبا سفيان بن حرب، ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا: يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم، وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا ندرك معه ثأرنا بمن أصاب منا، ففعلوا.
ما نزل في ذلك من القرآن
قال ابن إسحاق: ففيهم كما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:36]
اجتماع قريش للحرب
فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فعل ذلك أبو سفيان بن حرب وأصحاب العير بأحابيشها، ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة. وكان أبو
ـــــــ
مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة:74] وفي الآثار المسندة أن <241> أحدا يوم القيامة عند باب الجنة من داخلها، وفي بعضها أنه ركن لباب الجنة ذكره ابن سلام في تفسيره وفي المسند من طريق أبي عبس بن جبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أحد يحبنا ونحبه وهو على باب الجنة" قال "وعير يبغضنا ونبغضه وهو على باب من أبواب النار" ويقويه قوله صلى الله عليه وسلم "المرء مع من أحب" مع قوله "يحبنا ونحبه"

(5/297)


عزة عمرو بن عبد الله الجمحي قد من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وكان فقيرا ذا عيال <242> وحاجة وكان في الأسارى فقال إني فقير ذو عيال وحاجة قد عرفتها فامنن علي صلى الله عليك وسلم فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صفوان بن أمية: يا أبا عزة إنك امرئ شاعر فأعنا بلسانك، فاخرج معنا، فقال إن محمدا قد من علي فلا أريد أن أظاهر عليه قال بلى فأعنا بنفسك، فلك الله علي إن رجعت أن أغنيك، وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتي، يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر. فخرج أبو عزة في تهامة، ويدعو بني كنانة ويقول
إيها بني عبد مناة الرزام ... أنتم حماة وأبوكم حام
لا تعدوني نصركم بعد العام ... لا تسلموني لا يحل إسلام
وخرج مسافع بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح إلى بني مالك بن كنانة , يحرضهم ويدعوهم ألى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال :
يا مال،مال الحسب المقدم ... أنشد ذا القربى وذا التذمم
ـــــــ
فتناسبت هذه الآثار وشد بعضها بعضا. <242>
مشاكلة اسم الجبل لأغراض التوحيد
وقد كان عليه السلام يحب الاسم الحسن ولا أحسن من اسم مشتق من الأحدية وقد سمى الله هذا الجبل بهذا الاسم تقدمة لما أراده سبحانه من مشاكلة اسمه ومعناه إذ أهله وهم الأنصار نصروا التوحيد والمبعوث بدين التوحيد عنده استقر حيا وميتا، وكان من عادته عليه السلام أن يستعمل الوتر ويحبه في شأنه كله استشعارا للأحدية فقد وافق اسم هذا الجبل لأغراضه عليه السلام ومقاصده في الأسماء فقد بدل كثيرا من الأسماء استقباحا لها من أسماء البقاع وأسماء الناس وذلك لا يخصى كثرة فاسم هذا الجبل من أوفق الأسماء له ومع أنه

(5/298)


من كان ذا رحم ومن لم يرحم ... الحلف وسط البلد المحرم
عند حطيم الكعبة المعظم
<243> ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقال له وحشي، يقذف بحربة له قذف الحبشة، قلما يخطئ بها، فقال له اخرج مع الناس وإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي، فأنت عتيق.
خروج قريش
[قال] فخرجت قريش بحدها وجدها وحديدها وأحابيشها، ومن تابعها من بني كنانة، وأهل تهامة، وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة وألا يفروا. فخرج أبو سفيان بن حرب، وهو قائد الناس بهند بنت عتبة وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة وخرج الحارث بن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن
ـــــــ
مشتق من الأحدية فحركات حروفه الرفع وذلك يشعر بارتفاع دين الأحد وعلوه فتعلق الحب من النبي صلى الله عليه وسلم به اسما ومسمى، فخص من بين الجبال بأن يكون معه في الجنة {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً} [الواقعة:6] وفي أحد قبر هارون أخي موسى عليهما السلام وفيه قبض وثمّ واراه موسى عليه السلام وكانا قد مرا بأحد حاجين أو <243> معتمرين روي هذا المعنى في حديث أسنده الزبير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب فضائل المدينة .
وذكر ابن إسحاق مسير قريش بالظعن التماس الحفيظية، والحفيظة الغضب للحرم ويقال أحفظ الرجل إذا غضب

(5/299)


عمرو بن عمير الثقفي وهي أم عبد الله بن صفوان بن أمية
قال ابن هشام: ويقال رقية.
قال ابن إسحاق:
وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج وهي أم عبد الله بن عمرو، وخرج طلحة بن أبي طلحة وأبو طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، بسلافة بنت سعد بن شهيد الأنصارية وهي أم بني طلحة مسافع والجلاس وكلاب، قتلوا يومئذ "هم" وأبوهم؟ وخرجت خناس بنت مالك بن المضرب إحدى نساء بني مالك بن حسل مع ابنها أبي عزيز بن عمير، وهي أم مصعب بن عمير، وخرجت عمرة بنت علقمة إحدى نساء بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة.
وكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مر بها، قالت ويها أبا دسمة اشف واستشف وكان وحشي يكنى بأبي دسمة فأقبلوا حتى نزلوا بعينين بجبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي، مقابل المدينة.
رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم
[قال] <244> فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين "إني قد رأيت والله خيرا، رأيت بقرا، ورأيت في ذباب
ـــــــ
رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فصل: <244> وذكر رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى بقرا تنحر حوله وثلمة في سيفه وفي غير السيرة قال رأيت بقرا تنحر والله خير فأولت الخير ما جاء الله به من الخير يوم بدر وقد كانت بدر قبل أحد، ولكن نفع الله بذلك الخير الذي كان في يوم بدر وكان فيه تأسية وتعزية لهم فلذلك تضمنته الرؤيا بقول الله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} [آل عمران:165] وفي البخاري: ما جاء الله به من الخير بعد بدر. وفي مسلم: وإذا الخير ما جاء الله به بعد وثواب الصدق الذي أتانا الله به يوم بدر وهذه أقل الروايات إشكالا.

(5/300)


سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها: المدينة"
قال ابن هشام:
وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت بقرا لي تذبح، قال فأما البقر فهي ناس من أصحابي يقتلون وأما الثلم الذي رأيت في ذباب سيفي، فهو رجل من أهل بيتي يقتل.
مشاورة الرسول القوم قي الخروج أو البقاء
قال ابن إسحاق:
فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى رأيه في ذلك وألا يخرج إليهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره ممن كان فاته بدر يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا. فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج إليهم <245> فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا.
ـــــــ
" قال المؤلف " أبو القاسم [السهيلي] : أما البقر فعبارة عن رجال مسلحين يتناطحون وقد رأت عائشة - رضي الله عنها - مثل هذا، فكان تأويله قتل من قتل معها يوم الجمل <245> وقوله والله خير أي رأيت بقرا تنحر ورأيت هذا الكلام لأن الرائي قد يمثل له كلام في خلده فيراه بوهمه كما يرى صورة الأشياء ومن خبر أحوال الرؤيا عرف هذا من نفسه ومن غيره لكن الصور المرئية في النوم تكون في

(5/301)


فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته فلبس لأمته وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة. وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له مالك بن عمرو، أحد بني النجار، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك. فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله استكرهناك ولم يكن ذلك لنا، فإن شئت فاقعد صلى الله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل" فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه.
قال ابن هشام: واستعمال ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس.
انخذال المنافقين
قال ابن إسحاق:
حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد ، انخزل عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس وقال أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس فرج بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام، أخو بني سلمة، يقول يا قوم أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم <246> عندما حضر من عدوهم فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ولكنا لا نرى أنه يكون قتال.
ـــــــ
الغالب أمثالا مضروبة وقد تكون على ظاهرها، وأما الكلام الذي يسمعه بسمع الوهم ممثلا في الخلد فلا يكون إلا على ظاهره مثل أن يسمع أنت سالم أو الله خير لك، أو ما أشبه هذا من الكلام فليس له معنى سوى ظاهره.
وذكر أن فرسا ذبب بذيله فأصاب كلاب سيف فاستله. قال ابن هشام: كلاب السيف هي الحديدة العقفاء وهي التي، تلي، الغمد وفي كتاب العين الكلب مسمار في قائم السيف.

(5/302)


قال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه
قال ابن هشام: وذكر زياد محمد بن إسحاق عن الزهري: أن الأنصار يوم أحد، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال لا حاجة لنا فيهم
حادثة تفاءل بها الرسول
قال زياد حدثني محمد بن إسحاق قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني حارثة، فذب فرس بذنبه فأصاب كلاب سيف فاستله.
قال ابن هشام: ويقال كلاب سيف.
قال ابن إسحاق:
ـــــــ
الفأل والطيرة
<246> قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ولا يعتاف يفتال يفتعل من العيافة. وظاهر كلامه أن العيافة في المكروه خاصة والفأل في المحبوب وقد يكون في المكروه والطيرة تكون في المحبوب المكروه وفي الحديث أنه نهى عن الطيرة وقال خيرها الفأل فدل على أنها تكون على وجوه والفأل خيرها. ولفظها يعطي أنها تكون في الخير والشر لأنها من الطير تقول العرب: جرى له الطائر بخير وجرى له بشر وفي التنزيل {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الاسراء:13]

(5/303)


فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف شم سيفك، "فإني أرى السيوف ستسل اليوم"
ما كان من مربع حين سلك المسلمون حائطه
<247> ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه من رجل يخرج بنا على القوم من كثب أي من قرب من طريق لا يمر بنا عليهم؟ فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن الحارث أنا يا رسول الله فنفذ به حرة بني حارثة، وبين أموالهم حتى سلك في مال لمربع بن قيظي وكان رجلا منافقا ضرير البصر فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثي في وجوههم التراب ويقول إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي. وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من تراب في يده ثم قال والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك. فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب، أعمى البصر وقد بدر إليه سعد بن زيد، أخو بني عبد الأشهل قيل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فضربه بالقوس في رأسه فشجه.
قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد، في عدوة الوادي إلى
ـــــــ
وقوله في هذا الحديث فإني أرى السيوف ستسل اليوم يقوي ما قدمناه من التوسم والزجر المصيب وأنه غير مكروه لكنه غير مقطوع به إلا أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد قدمنا فيه قولا مقنعا في حديث زمزم ونقرة الغراب الأعصم ولله في كل شيء حكمة وإعمال الفكر في الوقوف على حكمة الله عبادة.
المستصغرون يوم أحد
<247> وذكر المستصغرين يوم أحد الذين أرادوا الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فرد

(5/304)


الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وقال لا يقاتلن أحد منكم حتى نأمره بالقتال . وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال أترعى زروع بني قيلة ولما <248> تضارب وتعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبع مائة رجل وأمر على الرماة عبد الله بن جبير، أخا بني عمرو بن عوف وهو معلم يومئذ بثياب بيض والرماة خمسون رجلا، فقال انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فأثبت مكانك لا نؤتين من قبلك. وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، أخي بني عبد الدار .
من أجازهم الرسول وهم في الخامسة عشرة
قال ابن هشام:
ـــــــ
أصغرهم منهم البراء بن عازب وأسيد بن ظهير وزيد بن ثابت إلى آخرهم ولم يذكر فيهم عرابة بن أوس بن قيظي وقد ذكرته طائفة فيهم وممن ذكره فيهم القتبي في كتاب المعارف وهو الذي يقول فيه الشماخ
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
ولعرابة أخ اسمه كباثة له صحبة. ومن المستصغرين يوم أحد سعد ابن حبتة عرف بأمه وهي حبتة بنت مالك أنصارية وهو سعد بن بجير من بجيلة، رده النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد لصغر سنه فلما كان يوم الخندق رآه يقاتل قتالا شديدا، فدعاه ومسح على رأسه ودعا له بالبركة في ولده ونسله فكان عما لأربعين وخالا لأربعين وأبا لعشرين ومن ولده أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبيش بن سعد بن حبتة.

(5/305)


وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سمرة بن جندب الفزاري ورافع بن خديج، أخا بني حارثة وهما ابنا خمس عشرة سنة وكان قد ردهما، فقيل له يا رسول الله إن رافعا رام، فأجازه فلما أجاز رافعا، قيل له يا رسول الله فإن سمرة يصرع رافعا، فأجازه ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت، أحد بني مالك بن النجار والبراء بن عازب، أحد بني حارثة وعمرو بن حزم، أحد بني مالك بن النجار وأسيد بن ظهير، أحد بني حارثة ثم أجازهم يوم الخندق، وهم أبناء خمس عشرة سنة .
ـــــــ
حول شعر هند بنت عتبة
<248> وذكر قول هند بنت عتبة:
ويها بني عبد الدار
ويها كلمة معناها الإغراء.
قال الراجز
وهو إذا قيل له ويها فل ... فإنه مواشك مستعجل
وأما واها، فإن معناها: التعجب وإيها معناها: الأمر بالكف.
وقولها: إن تقبلوا نعانق فيقال إنها تمثلت بهذا الرجز وإنه لهند بنت طارق بن بياضة الإيادية، قالته في حرب الفرس لإياد فعلى هذا يكون إنشاءه بنات طارق بالنصب على الاختصاص كما قال
نحن بني ضبة أصحاب الجمل

(5/306)


<249> قال ابن إسحاق:
وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف رجل ومعهم مائتا فرس قد جنبوها، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل.
أمر أبي دجانة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة، أخو بني ساعدة فقال وما حقه
ـــــــ
وإن كانت أرادت النجم فبنات مرفوع لأنه خبر مبتدأ أي نحن شريفات رفيعات كالنجوم وهذا التأويل عندي بعيد لأن طارقا وصف للنجم لطروقه فلو أرادته لقالت <249> بنات الطارق إلا أني وجدت للزبير بن أبي بكر أنه قال في كتاب أنساب قريش له أول هذا الرجز الذي قالته عند يوم أحد:
نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق ... مشي القطا النواتق
إلى آخر الرجز قال وحدثني يحيى بن عبد الملك الهديري قال جلست ليلة وراء الضحاك بن عثمان الجذامي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متقنع فذكر الضحاك وأصحابه قول هند يوم أحد نحن بنات طارق فقالوا: ما طارق؟ فقلت: النجم فالتفت الضحاك، فقال أبا زكريا، وكيف بذلك؟ فقلت: قال الله تبارك وتعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق:1-3] فإنها قالت نحن بنات النجم فقال أحسنت
أبو دجانة
وذكر أبا دجانة ولبسه المشهرة وأبو دجانة الساعدي ممن دافع عن

(5/307)


يا رسول الله؟ قال أن تضرب به العدو حتى ينحني قال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه إياه . وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء، فاعتصب بها على الناس أنه سيقاتل فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه وجعل يتبختر بين الصفين.
<250> قال ابن إسحاق: فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب، عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر "إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن" .
أمر أبي عامر الفاسق
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة:
أن أبا عامر عبد عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم معه خمسون غلاما من الأوس
ـــــــ
النبي - صلى الله عليه وسلم - وحنا عليه يوم أحد وترس عليه بنفسه حتى كثرت النبل في ظهره واستشهد يوم اليمامة، بعد أن شارك في قتل مسيلمة اشترك في قتله هو ووحشي وعبد الله بن زيد، وسنذكر ما قاله سيف بن عمر في قاتل مسيلمة في آخر الباب إن شاء الله.
<250> وذكر قول أبي دجانة
إني امرئ عاهدني خليلي
يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك كان أبو هريرة يقول حدثني خليلي، وأنكره عليه بعض الصحابة وقال له متى كان خليلك وإنما أنكر عليه المنكر هذا لقوله عليه السلام "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام"

(5/308)


وبعض الناس كان يقول كانوا خمسة عشر رجلا، وكان يعد قريشا أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه معهم رجلان فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس، أنا أبو عامرة قالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية الراهب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق فلما سمع ردهم عليه قال لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتلهم قتالا شديدا، ثم راضخهم بالحجارة.
أسلوب أبي سفيان في تحريض قريش
<251> قال ابن إسحاق: وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرضهم بذلك على القتال يا بني عبد الدار إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه وقالوا: نحن نسلم إليك لواءنا، ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع وذلك أراد أبو سفيان.
ـــــــ
وليس في هذا الحديث ما يدفع أن يقول الصحابي حدثني خليلي، لأنهم يريدون به معنى الحبيب وإنما فيه عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقولها لأحد من أصحابه ولا خص بها أحدا دون أن يمنع غيره من أصحابه أن يقولها له وما كان في قلوبهم من المحبة له يقتضي هذا، وأكثر منه ما لم يكن الغلو والقول المكروه فقد قال عليه السلام "لا تطروني، كما أطرت النصارى المسيح فإنما أنا عبد الله ورسوله" . وقال لرجل قال له أنت سيدنا وأطولنا طولا، وأنت الجفنة الغراء فقال "قولوا

(5/309)


تحريض هند والنسوة معها
فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم فقالت هند فيما تقول
ويها بني عبد الدار ... ويها حماة الأدبار
ضربا بكل بتار
وتقول
إن تقبلوا نعانق ... ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق
شعار المسلمين
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أمت أمت فيما قال ابن هشام.
تمام قصة أبي دجانة
قال ابن إسحاق:
فاقتتل الناس حتى حميت الحرب وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس.
<252> قال ابن هشام: حدثني غير واحد من أهل العلم أن الزبير بن العوام قال
ـــــــ
بقولكم ولا يستجوينكم الشيطان" أي قولوا بقول أهل <251> دينكم وأهل ملتكم كذا فسره الخطابي، ومعناه عندي: قولوا: بقولكم لا بقول الشيطان لأنه قد جعلهم جريا له أي وكيلا ورسولا، وإذا كانوا جريا له وقالوا: ما يرضيه من الغلو في المنطق فقد قالوا بقوله ويستجرينكم من قولهم جريت جريا، أي وكلت وكيلا. وقال له رجل آخر أنت أشرفنا حسبا وأكرمنا أما وأبا، فقال "كم دون لسانك من طبق" ؟ فقال أربعة أطباق فقال "أما كان فيها ما يزع عني غرب لسانك" رواه ابن وهب في جامعه.

(5/310)


وجدت في نفسي حين سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة وقلت: أنا ابن صفية عمته، ومن قريش، وقد قمت إليه فسألته إياه قبله فأعطاه إياه وتركني، والله لأنظرن ما يصنع فاتبعته، فأخرج عصابة له حمراء، فعصب بها رأسه فقالت الأنصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب بها، فخرج وهو يقول
أنا الذي عاهدني خليلي ... ونحن بالسفح لدى النخيل
ألا أقوم الدهر في الكيول ... أضرب بسيف الله والرسول
قال ابن هشام: ويروى في الكبول.
قال ابن إسحاق:
فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله. وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا إلا ذفف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه. فدعوت الله أن يجمع بينهما،
ـــــــ
<252> وقول أبي دجانة
ألا أقوم الدهر في الكيول
قال أبو عبيد: الكيول آخر الصفوف قال ولم يسمع إلا في هذا الحديث وقال الهروي مثل ما قال أبو عبيد، وزاد في الشرح وقال سمي بكيول الزند وهي سواد ودخان يخرج منه آخرا، بعد القدح إذا لم يور نارا، وذلك شيء لا غناء فيه يقال منه كال الزند يكول فالكيول فيعول من هذا، وكذلك كيول الصفوف لا يوقد نار الحرب ولا يزكيها، هذا معنى كلامه لا لفظه. وقال أبو حنيفة نحوا من هذا إلا أنه قال كال الزند يكيل بالياء لا غير.

(5/311)


فالتقيا، فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه أبو دجانة فقتله ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة، ثم عدل السيف عنها. قال الزبير فقلت: الله ورسوله أعلم .
قال ابن إسحاق: وقال أبو دجانة سماك بن خرشة: رأيت إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا، فصمدت له فلما حملت عليه السيف ولول فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة
مقتل حمزة
<253> وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطأة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء ثم مر به سباع بن عبد العزى الغبشاني وكان يكنى بأبي نيار فقال له حمزة هلم إلي يا ابن مقطعة البظور وكانت أمه أم أنمار مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفي.
( قال ابن هشام: شريق بن الأخنس بن شريق" وكانت ختانة بمكة فلما التقيا ضربه حمزة فقتله.
قال وحشي، غلام جبير بن مطعم: والله إني لأنظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه ما يليق به شيئا، مثل الجمل الأورق إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فقال له حمزة هلم إلي يا ابن مقطعة البظور فضربه ضربة فكأن ما أخطأ رأسه
ـــــــ
وقوله رأيت رجلا يحمش الناس حمشا شديدا، يروى بالشين وبالسين فالمعنى بالسين غير معجمة في هذا المكان الشدة كأنه قال يشدهم ويشجعهم لأنه يقال رجل <253> أحمس أي شجاع شديد والمعنى فيه بالسين معجمة ألا يقاد والإغضاب لأنه يقال أحمشت النار أوقدتها وحمشت الرجل وأحمشته أغضبته، فيكون أفعلت من ذلك للإيقاد والإغضاب وفعلت للإغضاب.

(5/312)


وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه فأقبل نحوي، فغلب فوقع وأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي، ثم تنحيت إلى العسكر ولم تكن لي بشيء حاجة غيره
وحشي يحدث الضمري وابن الخيار عن قتله حمزة
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال:
خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار، أخو بني نوفل بن عبد مناف في زمان معاوية بن أبي سفيان، فأدربنا مع الناس فلما قفلنا مررنا بحمص وكان وحشي، مولى جبير بن مطعم، قد سكنها، وأقام بها فلما قدمناها، قال لي عبيد الله بن عدي هل لك في أن تأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف قتله؟ قال قلت له إن شئت. فخرجنا نسأل عنه بحمص فقال لنا <254> رجل ونحن نسأل عنه إنكما ستجدانه بفناء داره وهو رجل قد غلبت عليه الخمر فإن تجداه صاحيا تجدا رجلا عربيا، وتجدا عنده بعض ما تريدان وتصيبا عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه وإن تجداه وبه بعض ما يكون به فانصرفا عنه ودعاه. قال فخرجنا نمشي حتى جئناه فإذا هو بفناء داره على طنفسة له فإذا شيخ كبير مثل البغاث.
ـــــــ
حديث وحشي
قال فيه فإذا شيخ كبير كالبغاث قال أبو عبيد: البغاث الطير الذي لا يصاد به مثل الرخم والحداء واحدتها بغاثة. ويقال بغاثي وجمعه بغاث وبغثان. وقال ابن إسحاق في رواية يونس عند ذكر البغاث البغاث هو ذكر الرخم إذا هرم اسود.
<254> وقول وحشي لعبيد الله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية، ولم يذكر اسمها، وأم عبيد الله بن عدي هي أم قتال بنت أبي العيص بن أمية ذكرها البخاري

(5/313)


قال ابن هشام: البغاث ضرب من الطير إلى السواد. فإذا هو صاح لا بأس به. قال فلما انتهينا إليه سلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي فقال ابن لعدي بن الخيار أنت؟ قال نعم قال أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى ، فإني ناولتكها وهي على بعيرها، فأخذتك بعرضيك، فلمعت لي قدماك حين رفعتك إليها، فوالله ما هو إلا أن وقفت علي فعرفتهما. قال فجلسنا إليه فقلنا له جئناك لتحدثنا عن قتلك حمزة كيف قتلته؟ فقال أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألني عن ذلك كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش إلى أحد ، قال لي جبير إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق. قال فخرجت مع الناس وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما أخطئ بها شيئا؟ فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هذا، ما يقوم له شيء فوالله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه <255> بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى، فلما رآه حمزة قال له هلم إلي يا ابن مقطعة البظور. قال فضربه ضربة كان ما أخطئ رأسه. قال وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها، دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت
ـــــــ
في هذا الخبر، ولم يقل السعدية فهي إذا قرشية أموية لا سعدية إلا أن يريد بها مرضعته إن كانت سعدية وأما عبيد الله بن عدي فولد في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومات في خلافة الوليد بن عبد الملك وله دار بالمدينة عند دار علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يروى عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وغيره وله حديث في الموطأ في كتاب الصلاة.
وقوله بذي طوى : موضع بمكة وقد قدمنا الفرق بينه وبين ذي طواء بالهمز والمد وبين طوى بالضم والقصر فأغنى عن إعادته هاهنا.
وقول وحشي يهذ الناس بسيفه ما يليق شيئا، مثل الجمل الأورق يريد -

(5/314)


من بين رجليه وذهب لينوء نحوي، فغلب وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة وإنما قتلته لأعتق. فلما قدمت مكة أعتقت، ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف ، فمكثت بها، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا تعيت علي المذاهب فقلت: ألحق بالشام أو اليمن ، أو ببعض البلاد فوالله إني لفي ذلك من همي، إذ قال لي رجل ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه وتشهد شهادته.
وحشي بين يدي الرسول يسلم
فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهادة الحق؟ فلما رآني قال أوحشي؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة، قال فحدثته كما حدثتكما، فلما فرغت من حديثي قال ويحك غيب عني وجهك، فلا أرينك. قال فكنت أتنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان لئلا يراني، حتى قبضه الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ
والله أعلم - ورقة الغبار وإنه قد نافع به إذ الأورق من الإبل ليس بأقواها، ولكنه أطيبها لحما فيما ذكروا.
<255> وقوله يهذ الناس هو بالذال المنقوطة ذكره صاحب الدلائل وفسره من الهذ وهي السرعة وأما الهذم بالميم فسرعة القطع يقال سيف مهذم والهيذام الكثير الأكل وهو الشجاع أيضا، وفي الحديث أكثروا من ذكر هاذم اللذات يروى بالذال المنقوطة أي قاطعها، ومما ذكر غير ابن إسحاق في خبر

(5/315)


قتل وحشي لمسيلمة
فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم وأخذت <256> حربتي التي قتلت بها حمزة فلما التقى الناس رأيت مسيلمة الكذاب قائما في يده السيف وما أعرفه فتهيأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى، كلانا يريده فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه وشد عليه الأنصاري فضربه بالسيف فربك أعلم أينا قتله فإن كنت قتلته، فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتلت شر الناس.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكان قد شهد اليمامة، قال:
سمعت يومئذ صارخا يقول: قتله العبد الأسود
ـــــــ
وحشي قال فخرجت حين قال لي سيدي ما قال فنظرت فإذا رجل عبعب عليه درع قضاء وإذا هو علي، فقلت: ليس هذا من شأني، وإذا رجل حلابس أيهم غشمشم يهذ الناس كأنه جمل أورق فكمنت له إلى صخرة كأنها فسطاط وقلت: هذا الذي أريد وهززت حربة لي عراصة فرميته بها، فأصبت ثنته وذكر باقي الحديث. العبعب الشاب، والدرع القضاء المحكمة النسج والأيهم: الذي لا يرده شيء. وفي الحديث أعوذ بالله من شر الأيهمين يعني: السيل والحريق. والعراصة التي تضطرب من اللين.
وقوله في قتل مسيلمة سبقني إليه رجل من الأنصار، وسيأتي ذكر مسيلمة ونسبه <256> وطرف من حديثه في آخر الكتاب. وأما الرجل الذي من الأنصار الذي ذكره وحشي، ولم يسمه ابن إسحاق فذكر محمد بن عمر الواقدي - رحمه الله - في كتاب الردة أن الرجل الذي شارك وحشيا في قتل مسيلمة هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني من الأنصار، وذكر سيف بن عمر في كتاب الفتوح أنه عدي بن سهل وأنشد له

(5/316)


خلع وحشي من الديوان
قال ابن هشام: فبلغني أن وحشيا لم يزل يحد في الخمر حتى خلع من الديوان فكان عمر بن الخطاب يقول قد علمت أن الله تعالى لم يكن ليدع قاتل حمزة .
مقتل مصعب بن عمير
قال ابن إسحاق:
وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل وكان <257> الذي قتله ابن قمئة الليثي وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش فقال قتلت محمدا. فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب، وقاتل علي بن أبي طالب ورجال من المسلمين.
قال ابن هشام: وحدثني مسلمة بن علقمة المازني، قال:
لما اشتد القتال يوم أحد، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الأنصار، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أن قدم الراية. فتقدم علي،
ـــــــ
ألم تر أني ووحشيهم ... قتلت مسيلمة المفتتن
ويسألني الناس عن قتله ... فقلت: ضربت، وهذا طعن
في أبيات له وقد ذكرنا قبيل هذا الحديث. أن أبا دجانة أيضا شارك في قتل مسيلمة وذكره أبو عمر النمري والله أعلم أي هؤلاء الثلاثة أراد وحشي. وفي رواية يونس عن ابن إسحاق زيادة في إسلام وحشي قال لما قدم المدينة، قال الناس يا رسول الله هذا وحشي، فقال دعوه فلإسلام رجل واحد أحب إلي من قتل ألف رجل كافر

(5/317)


فقال أنا أبو الفصم ويقال أبو القصم فيما قال ابن هشام فناداه أبو سعد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء المشركين أن هل لك يا أبا القصم في البراز من حاجة؟ قال نعم. فبرز بين الصفين فاختلفا ضربتين فضربه علي فصرعه ثم انصرف عنه ولم يجهز عليه فقال له أصحابه أفلا أجهزت عليه؟ فقال إنه استقبلني بعورته، فعطفتني عنه الرحم وعرفت أن الله عز وجل قد قتله.
ويقال إن أبا سعد بن أبي طلحة خرج بين الصفين فنادى أنا قاصم من يبارز برازا، فلم يخرج إليه أحد. فقال يا أصحاب محمد زعمتم أن قتلاكم في الجنة وأن قتلانا في النار كذبتم واللاتي لو تعلمون ذلك حقا لخرج إلي بعضكم
ـــــــ
<257> وذكر قول أبي سعد بن أبي طليحة: أنا قاصم من يبارزني، فبرز إليه علي، فقال أبو القصم بالقاف قاله ابن هشام، وهو أصح، وإنما قال علي عليه السلام أنا أبو القصم لقول أبي سعد أنا قاصم من يبارزني، فالقصم جمع قصمة وهي العضلة المهلكة ويجوز أن يكون جمع القصمى، أي الداهية التي تقصم. والدواهي القصم على وزن الكبر وهذا المعنى أصح، لأنه لا يعرف قصمة ولكنه لما قال أبو سعد أنا قاصم قال علي: أنا أقصم منك، بل أنا أبو القصم أي أبو المعضلات القصم والدواهي العظم، والقصم كسر ببينونة والقصم كسر بغير بينونة ككسر القضيب الرطب ونحوه وفي التنزيل {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} [الانبياء:11] وفيه {لا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة:256] وقول ابن إسحاق: قتل أبا سعد بن أبي طليحة سعد بن أبي وقاص، كذلك رواه الكشي في تفسيره عن سعد قال لما كف عنه علي طعنته في حنجرته فدلع لسانه إلي كما يصنع الكلب ثم مات.
وذكر ابن إسحاق أيضا هذا في غير رواية ابن هشام، وقول علي إنه اتقاني

(5/318)


فخرج إليه علي بن أبي طالب، فاختلفا ضربتين فضربه علي فقتله .
<258> قال ابن إسحاق:
قتل أبا سعد بن أبي طلحة سعد بن أبي وقاص.
شأن عاصم بن ثابت
وقاتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح. فقتل مسافع بن طلحة وأخاه الجلاس بن طلحة كلاهما يشعره سهما. فيأتي أمه سلافة. فيضع رأسه في حجرها فتقول يا بني. من أصابك؟ فيقول سمعت رجلا حين رماني وهو يقول خذها وأنا ابن أبي الأقلح. فنذرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر. وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمس مشركا أبدا. ولا يمسه مشرك.
وقال عثمان بن أبي طلحة يومئذ وهو يحمل لواء المشركين
إن على أهل اللواء حقا ... أن يخضبوا الصعدة أو تندقا
فقتله حمزة بن عبد المطلب.
حنظلة غسيل الملائكة
والتقى حنظلة بن أبي عامر الغسيل وأبو سفيان فلما استعلاه حنظلة بن أبي
ـــــــ
بعورته فأذكرني الرحم فعطفتني عليه الرحم وقد فعلها علي مرة أخرى يوم صفين حمل على <258> بشر بن أرطأة فلما رأى أنه مقتول كشف عن عورته فانصرف عنه ويروى أيضا مثل ذلك عن عمرو بن العاص، مع علي - رضي الله عنه - يوم صفين وفي ذلك يقول الحارث بن النضر السهمي، رواه ابن الكلبي وغيره
أفي كل يوم فارس غير منته ... وعورته وسط العجاجة باديه
يكف لها عنه علي سنانه ... ويضحك منه في الخلاء معاويه
عن مقتل حنظلة
فصل:وذكر مقتل حنظلة بن أبي عامر الغسيل، واسم أبي عامر عمرو،

(5/319)


عامر رآه شداد بن الأسود، وهو ابن شعوب قد علا أبا سفيان. فضربه شداد فقتله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صاحبكم يعني حنظلة لتغسله الملائكة. فسألوا أهله من شأنه؟ فسئلت صاحبته عنه فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة.
<259> قال ابن هشام: ويقال الهائعة. وجاء في الحديث خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه كلما سمع هيعة طار إليها . قال الطرماح بن حكيم الطائي، والطرماح الطويل من الرجال
أنا ابن حماة المجد من آل مالك ... إذا جعلت خور الرجال تهيع
"والهيعة الصيحة التي فيها الفزع".
ـــــــ
وقيل عبد عمرو بن صيفي، وذكر شداد بن الأسود بن شعوب حين قتله بعدما كان علا حنظلة أبا سفيان ليقتله وذكر الحميدي في التفسير مكان شداد جعونة بن شعوب الليثي وهو مولى نافع بن أبي نعيم القاري.
وذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن صاحبكم لتغسله الملائكة يعني: حنظلة وفي غير السيرة <259> قال رأيت الملائكة تغسله في صحاف الفضة بماء المزن بين السماء والأرض قال ابن إسحاق، فسئلت صاحبته فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة. صاحبته يعني امرأته وهي جميلة بنت أبي ابن سلول أخت عبد الله بن أبي، وكان ابتنى بها تلك الليلة فكانت عروسا عنده فرأت في النوم تلك الليل كأن بابا في السماء فتح له فدخله ثم أغلق دونه فعلمت أنه ميت من غده فدعت رجالا من قومها حين أصبحت فأشهدتهم على الدخول بها خشية أن يكون في ذلك نزاع ذكره الواقدي فيما ذكر لي، وذكر غيره أنه التمس في القتلى، فوجدوه يقطر رأسه ماء وليس بقربه ماء تصديقا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وفي هذا الخبر متعلق

(5/320)


قال ابن إسحاق:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لذلك غسلته الملائكة" .
شعر الأسود في قتلهما حنظلة وأبا سفيان
[قال ابن إسحاق]:
وقال شداد بن الأسود في قتله حنظلة
لأحمين صاحبي ونفسي ... بطعنة مثل شعاع الشمس
وقال أبو سفيان بن حرب وهو يذكر صبره في ذلك اليوم ومعاونة ابن شعوب إياه على حنظلة <260>
ولو شئت نجتني كميت طمرة ... ولم أحمل النعماء لابن شعوب
وما زال مهري مزجر الكلب منهم ... لدن غدوة حتى دنت لغروب
أقاتلهم وأدعي بالغالب ... وأدفعهم عني بركن صليب
ـــــــ
لمن قال من الفقهاء إن الشهيد يغسل إذا كان جنبا، ومن الفقهاء من يقول لا يغسل كسائر الشهداء، لأن التكليف ساقط عنه بالموت.
شعر أبي سفيان
وقول أبي سفيان
وما زال مهري مزجر الكلب منهم ... لدن غدوة حتى دنت لغروب
<260> يروى بخفض غدوة ونصبها، فمن خفضه فإعرابه بين لأن لدن بمنزلة عند لا يكون ما بعده إلا مخفوضا، وأما نصبه فغريب وشيء خصت العرب به غدوة ولا يقاس عليها، وكثيرا ما يذكرها سيبويه، ويمنع من القياس عليها، وذلك أن لدن يقال فيها: لدن ولد فلما كانت تارة تنون ولا تنون أخرى، شبهوها إذا نونت باسم الفاعل فنصبوا غدوة بعدها، تشبيها بالمفعول ولولا أن غدوة تنون إذا

(5/321)


فبكي ولا ترعى مقالة عاذل ... ولا تسأمي من عبرة ونحيب
أباك وإخوانا له قد تتابعوا ... وحق لهم من عبرة بنصيب
وسلى الذي قد كان في النفس أنني ... قتلت من النجار كل نجيب
ومن هاشم قرما كريما ومصعبا ... وكان لدى الهيجاء غير هيوب
ولو أنني لم أشف نفسي منهم ... لكانت شجا في القلب ذات نذوب
فآبوا وقد أودى الجلابيب منهم ... بهم خدب من معطب وكئيب
ـــــــ
نكرت وتنون ضرورة إذا كانت معرفة ما عرف نصبها، لأنها اسم غير منصرف للعلمية والتأنيث فخفضها ونصبها سواء فإذا نونت للضرورة كما في بيت أبي سفيان أو أردت غدوة من الغدوات تبين حينئذ أنهم قصدوا النصب والتشبيه بالمفعول ووجه آخر من البيان وهو أنهم قد رفعوها، فقالوا: لدن غدوة غير مصروفة كما يرفع الاسم بعد اسم الفاعل إذا كان فاعلا وينصب إذا كان مفعولا إذا نون اسم الفاعل كذلك غدوة بعد لدن لا يكون هذا فيها إلا إذا نونت لدن فإن قلت: لد غدوة لم يكن إلا الخفض إن نونتها، وإن تركت صرفها للتعريف فالفتحة علامة خفضها، ولا تكون غدوة علما إلا إذا أردتها ليوم بعينه وبكرة مثلها في العلمية وليست مثلها مع لدن وصحوة وعشية مصروفتان وإن أردتهما ليوم بعينه. وقد فرغنا من كشف أسرار هذا الباب في " نتائج الفكر " وأوضحنا هنالك بدائع وعجائب لم يبينها أحد إلا أنها منتزعة من فحوى كلام سيبويه، ومن قواعده التي أصل والحمد لله. وقول أبي سفيان في هذا الشعر بهم خدب. الخدب الهوج وفي الجمهرة طعنة خدباء إذا هجمت على الجوف وهذا هو الذي أراد أبو سفيان بالخدب

(5/322)


أصابهم من لم يكن لدمائهم ... كفاء ولا في خطة بضريب
شعر حسان في الرد على أبي سفيان
<261> فأجابه حسان بن ثابت، فيما ذكر ابن هشام، فقال
ذكرت القروم الصيد من آل هاشم ... ولست لزور قلته بمصيب
أتعجب أن أقصدت حمزة منهم ... نجيبا وقد سميته بنجيب
ألم يقتلوا عمرا وعتبة وابنه ... وشيبة والحجاج وابن حبيب
غداة دعا العاصي عليا فراعه
... بضربة عضب بله بخضيب
قال ابن إسحاق:
وقال ابن شعوب يذكر يده عند أبي سفيان فيما دفع عنه فقال
ـــــــ
<261> وأما قول حسان
إذا عضل سيقت إلينا كأنها ... جداية شرك معلمات الحواجب
شرك جمع شراك.
والجداية جداية السرج على أن المعروف جدية السرج لا جدابته في أقرب من هذا المعنى أن يريد الجداية من الوحش وبالشرك الأشراك التي تنصب لها، ولذلك قال داميات الحواجب وهذا أصح في معناه فقد ذكر أبو عبيد أن الجداية يقال للواحد والجميع والذكر والأنثى من أولاد الظباء ويبعد أن تكون الجداية جمع جدية وهي جدية السرج والرحل وإن كان قد يقال في الجمع فعال وفعالة نحو جمال وجمالة ولكنه ها هنا بعيد من طريق المعنى والله أعلم.

(5/323)


ولولا دفاعي يا ابن حرب ومشهدي ... لألفيت يوم النعف غير مجيب
ولولا مكري المهر بالنعف قرقرت ... ضباع عليه أو ضراء كليب
قال ابن هشام قوله " عليه أو ضراء " عن غير ابن إسحاق.
شعر الحارث في الرد على أبي سفيان أيضا
<262> قال ابن إسحاق: وقال الحارث بن هشام يجيب أبا سفيان
جزيتهم يوما ببدر كمثله ... على سابح ذي ميعة وشبيب
لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا ... عليك ولم تحفل مصاب حبيب
وإنك لو عاينت ما كان منهم ... لأبت بقلب ما بقيت نخيب
قال ابن هشام:
وإنما أجاب الحارث بن هشام أبا سفيان لأنه ظن أنه عرض به في قوله
وما زال مهري مزجر الكلب منهم
لفرار الحارث يوم بدر.
ـــــــ
ويروى شرك بكسر الشين وأقرب ما يقال في معنى هذا البيت أنه أراد الجداية من الوحش وهي أولاد الظباء ونحوها، وقد ذكر أبو عبيد أنه يقال جداية للواحد والجمع والذكر والأنثى، فيكون الشرك على هذا في معنى الأشراك التي يصاد بها، وقد قيل إن شركا اسم موضع والله أعلم وعضل قبيلة من خزيمة غادرة وسيأتي ذكر غدر عضل <262> والقارة. وقوله معلمات الحواجب يعني: بالدماء ويجوز أن يريد سوادها ما بين أعينها، كما أنشد سيبويه [للأعشى] :
وكأنه لهق السراة كأنه ... ما حاجبيه معين بسواد

(5/324)


حديث الزبير عن سبب الهزيمة
قال ابن إسحاق:
ثم أنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر وكانت العزيمة لا شك فيها.
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير أنه قال:
والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل فأتينا من خلفنا، وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل. فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم .
قال ابن هشام:
الصارخ أزب العقبة، يعني الشيطان.
شجاعة صؤاب وشعر حسان في ذلك
<263> قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية، فرفعته لقريش
ـــــــ
الصارخ يوم أحد:
فصل: وذكر الصارخ يوم أحد بقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقول ابن هشام: الصارخ أزب العقبة، هكذا قيد في هذا الموضع بكسر الهمزة وسكون الزاي، وذكرنا في بيعة <263> العقبة ما قاله ابن ماكولا في أم كرز بنت الأزب بن عمرو بن بكيل، وأنه قال لا يعرف الأزب في العرب إلا هذا، وأزب العقبة، وذكرنا حديث ابن الزبير الذي ذكره القتبي إذ رأى رجلا طوله شبران على برذعة رحله فنفضها منه

(5/325)


فلاثوا به. وكان اللواء مع صؤاب غلام لبني أبي طلحة حبشي وكان آخر من أخذه منهم فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول: اللهم هل أعززت يقول أعذرت فقال حسان بن ثابت في ذلك
فخرتم باللواء وشر فخر ... لواء حين رد إلى صؤاب
جعلتم فخركم فيه بعبد ... وألأم من يطأ عفر التراب
ظننتم والسفيه له ظنون ... وما إن ذاك من أمر الصواب
بأن جلادنا يوم التقينا ... بمكة بيعكم حمر العياب
أقر العين أن عصبت يداه ... وما إن تعصبان على خضاب
قال ابن هشام:
آخرها بيتا يروى لأبي خراش الهذلي وأنشد فيه خلف الأحمر
أقر العين أن عصبت يداها ... وما إن تعصبان على خضاب
في أبيات له. يعني امرأته. في غير حديث أحد. وتروى الأبيات أيضا لمعقل بن خويلد الهذلي.
ـــــــ
ثم عاد إليه فقال ما أنت؟ قال أنا أزب، قال وما أزب قال رجل من الجن وذكر باقي الحديث ففي هذا الحديث ما يدل على أنه أزب مع قول يعقوب في الألفاظ الإزب الرجل القصير والله أعلم هل الإزب والأزب شيطان واحد أو اثنان ويقال الموضع الذي صرخ منه الشيطان جبل عينين، ولذلك قيل لعثمان رضي الله عنه أفررت يوم عينين، وعينان أيضا: بلد عند الحيرة ، وبه عرف خليد عينين الشاعر.

(5/326)


شعر حسان في عمرة الحارثية
<264> قال ابن إسحاق:
وقال حسان بن ثابت في شأن عمرة بنت علقمة الحارثية ورفعها اللواء
إذا عضل سيقت إلينا كأنها ... جداية شرك معلمات الحواجب
أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا ... وحزناهم بالضرب من كل جانب
فلولا لواء الحارثية أصبحوا ... يباعون في الأسواق بيع الجلائب
قال ابن هشام:
وهذه الأبيات في أبيات له.
ما لقيه الرسول يوم أحد
قال ابن إسحاق:
وانكشف المسلمون فأصاب فيهم العدو، وكان يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدث بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص.
قال ابن إسحاق: فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك، قال
كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وشج في وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه وجعل يمسح الدم وهو يقول "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو
ـــــــ
حال من رموا النبي صلى الله عليه وسلم:
فصل: <264> وذكر ابن قمئة واسمه عبد الله وهو الذي قتل مصعب بن عمير، وجرح وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعتبة بن أبي وقاص أخو سعد هو الذي كسر رباعيته - عليه السلام - ثم لم يولد من نسله ولد فبلغ الحلم إلا وهو أبحر أو أهتم يعرف ذلك في عقبه.

(5/327)


يدعوهم إلى ربهم" فأنزل الله عز وجل في ذلك {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران:128]
<265> قال ابن هشام: وذكر ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري
أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فكسر رباعيته اليمنى السفلى، وجرح شفته السفلى، وأن عبد الله بن شهاب الزهري شجه في جبهته وأن ابن قمئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ووقع
ـــــــ
وممن رماه يومئذ عبد الله بن شهاب جد شيخ مالك محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب، وقد قيل لابن شهاب: أكان جدك عبد الله بن شهاب ممن شهد بدرا؟ قال نعم <265> ولكن من ذلك الجانب يعني مع الكفار وعبد الله هذا هو عبد الله الأصغر وأما عبد الله بن شهاب، وهو عبد الله الأكبر فهو من مهاجرة الحبشة ، توفي بمكة قبل الهجرة وقد اختلف فيهما أيهما كان المهاجر إلى أرض الحبشة ، فقيل الأكبر وقيل الأصغر وكان أحدهما جد الزهري لأبيه والآخر لأمه وقد أسلم الذي شهد أحدا مع الكفار وجرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالله ينفعه بإسلامه.
أسماء أجزاء الليل
وذكر مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري من بني خدرة وهو الحارث بن الخزرج، والخدرة في اللغة نحو من خمس الليل وبعده اليعفور وهو خمس آخر من الليل وبعده الجهمة والسدقة والذي قبل الخدرة يقال له الهزيع كل هذا من كتاب كراع.

(5/328)


رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون؟ فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما، ومص مالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ازدرده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. "من مس دمي دمه لم تصبه النار" .
<266> قال ابن هشام: وذكر عبد العزيز بن محمد الدراوردي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" .
وذكر يعني عبد العزيز الدراوردي، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عيسى بن طلحة، عن عائشة عن أبي بكر الصديق أن أبا عبيدة بن الجراح نزع إحدى الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيته ثم نزع الأخرى، فسقطت ثنيته الأخرى، فكان ساقط الثنيتين
ـــــــ
عن الدم والبول
وذكر أن مالك بن سنان مص دم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وازدرده وقد فعل مثل ذلك ابن الزبير وهو غلام حزور حين أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دم محاجمه ليدفنه فشربه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم - كما قال لمالك حين ازدرد دم جرحه "من مس دمه دمي، لم تصبه النار" . لكنه قال لابن الزبير ويل لك من الناس وويل للناس منك . ذكره الدارقطني في السنن وفي هذا من الفقه أن دم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخالف دم غيره في التحريم وكذاك بوله قد شربته أم أيمن حين وجدته في إناء من عيدان تحت سريره فلم ينكر ذلك عليها، وذلك والله أعلم للمعنى الذي بيناه في

(5/329)


شعر حسان في عتبة وما أصاب به الرسول:
قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت لعتبة بن أبي وقاص
إذا الله جازى معشرا بفعالهم ... وضرهم الرحمن رب المشارق
فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ... ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق
بسطت يمينا للنبي تعمدا ... فأدميت فاه قطعت بالبوارق
فهلا ذكرت الله والمنزل الذي ... تصير إليه عند إحدى البوائق
قال ابن هشام: تركنا منها بيتين أقذع فيهما.
ابن السكن وبلاؤه يوم أحد
قال ابن إسحاق: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم "من رجل يشري لنا نفسه" ؟ كما حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن عمرو، قال فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار وبعض الناس يقول إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ثم رجلا، يقتلون دونه حتى كان آخرهم زياد أو عمارة فقاتل حتى أثبتته الجراحة ثم فاءت فئة من المسلمين فاجهضوهم عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أدنوه مني، فأدنوه منه فوسده قدمه فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديث أم سعد عن نصيبها في الجهاد يوم أحد
<267> قال ابن هشام:
ـــــــ
حديث نزول الملكين عليه حين غسلا جوفه بالثلج في <266> طست الذهب فصار بذلك من المتطهرين وبينا أيضا هنالك أنه من المتطهرين كأمته لتطهره من الأحداث والحمد لله إلا أن أبا عمر النمري ذكر في الاستيعاب <267> أن رجلا من الصحابة

(5/330)


وقاتلت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد.
فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول دخلت على أم عمارة فقلت لها: يا خالة أخبريني خبرك، فقالت خرجت أول النهار وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين. فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي عن القوس حتى خلصت الجراح إلي. قالت فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور، فقلت: من أصابك بهذا؟ قالت ابن قمئة أقمأه الله لما ولي الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول دلوني على محمد، فلا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير، وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني هذه الضربة ولكن فلقد ضربته على ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان.
أبو دجانة وابن أبي وقاص يدفعان عن الرسول
قال ابن إسحاق: وترس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دجانة بنفسه يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه حتى كثر فيه النبل. ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سعد فلقد رأيته يناولني النبل وهو يقول "ارم فداك أبي وأمي" ، حتى إنه ليناولني السهم ما له نصل. فيقول "ارم به
بلاء قتادة وحديث عينه
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها، فأخذها قتادة بن
ـــــــ
اسمه سالم حجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ازدرد دمه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما علمت أن الدم كله حرام؟ غير أنه حديث لا يعرف له إسناد والله أعلم وحديث ابن

(5/331)


النعمان، فكانت عنده وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان، حتى وقعت على وجنته
قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بيده فكانت أحسن عينيه وأحدهما
شأن أنس بن النضر
<268> قال ابن إسحاق: وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدي بن النجار قال انتهى أنس بن النضر، عم أنس بن مالك، إلى عمر بن الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ "قوموا" فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل وبه سمي أنس بن مالك.
قال ابن إسحاق: فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك، قال لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة فما عرفه إلا أخته عرفته ببنانه.
ما أصاب ابن عوف من الجراحات
قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أن عبد الرحمن بن عوف أصيب فوه يومئذ فهتم وجرح عشرين جراحة أو أكثر أصابه بعضها في رجله فعرج.
ـــــــ
الزبير الذي تقدم ذكره روى الزبير بن أبي بكر ما يشده ويتمم معناه. قال في حديث أسنده <268> لما ولد عبد الله بن الزبير نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "هو هو فلما

(5/332)


أول من عرف الرسول بعد الهزيمة
قال ابن إسحاق: وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك، قال عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصت
قال ابن إسحاق: فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ونهض معهم نحو الشعب، معه أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، رضوان الله عليهم والحارث بن الصمة ورهط من المسلمين.
ـــــــ
سمعت بذلك أسماء أمه أمسكت عن إرضاعه فقال لها - عليه السلام "أرضعيه ولو بماء عينيك، كبش بين ذئاب وذئاب عليها ثياب ليمنعن البيت أو ليقتلن دونه"
تم بحمد الله الجزء الخامس ويليه إن شاء الله الجزء السادس وأوله: قتل الرسول لأبي بن خلف

(5/333)