الروض الأنف ت السلامي

غزوة الخندق في شوال سنة خمس
تاريخها
<416> حدثنا أبو محمد بن عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس.
تحريض اليهود لقريش وما نزل فيهم:
فحدثني يزيد بن رومان مولى آل الزبير بن عروة بن الزبير، ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك، ومحمد بن كعب القرظي، والزهري، وعاصم بن عمر بن
ـــــــ
غزوة الخندق
<416> وحفر الخندق لم يكن من عادة العرب، ولكنه من مكايد الفرس وحروبها، ولذلك أشار به سلمان الفارسي، وأول من خندق الخنادق من ملوك الفرس فيما ذكر الطبري " منوشهر بن أبيرج بن أفريدون وقد قيل في أفريدون إنه ابن إسحاق عليه السلام وأكثرهم يقول فيه هو ابن أثقيان وهو أول من اتخذ آلة " الرمي وإلى رأس ستين سنة من ملكه بعث موسى عليه السلام وقد تقدم ذكر الكمائن في الحروب وأن أول من فعلها بختنصر في قول الطبري.

(6/195)


قتادة <417> وعبد الله بن أبي بكر، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد اجتمع حديثه في الحديث عن الخندق ، وبعضهم يحدث ما لا يحدث به بعض قالوا:
إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود، منهم سلام بن أبي الحقيق النضري، وحيي بن أخطب النضري، وكنانة بن أبي الحقيق النضري وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار الوائلي، في نفر من بني النضير، ونفر من بني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش مكة ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله - فقالت لهم قريش: يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق "منه" فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً} [النساء:51-52] إلى قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:54] أي النبوة {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً} [النساء:54-55]
تحريض اليهود لغطفان
قال فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب
ـــــــ
وذكر تحزيب بني قريظة الأحزاب، ونسب طائفة من بني النضير، فقال فيهم النضري، وهكذا تقيد في النسخة العتيقة وقياسه النضيري إلا أن يكون من باب قولهم ثقفي وقرشي، وهو خارج عن القياس وإنما يقال فعلي في النسب إلى فعيلة.

(6/196)


رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا لذلك واتعدوا له. ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان، من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك فاجتمعوا معهم فيه.
خروج الأحزاب من المشركين
قال ابن إسحاق:
فخرجت قريش، وقائدها أبو سفيان بن حرب ; وخرجت غطفان، وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، في بني فزازة ; <418> والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري، في بني مرة ; ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان، فيمن تابعه من قومه من أشجع.
حفر الخندق وتخاذل المنافقين وجد المؤمنين
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة ، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون فيه فدأب فيه ودأبوا. وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل ويتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد له منها، يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق بحاجته فيأذن له فإذا قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله رغبة في الخير واحتسابا له.
ما نزل في العاملين في الخندق مؤمنين ومنافقين:
فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ
ـــــــ
عيينة بن حصن
وذكر قائد غطفان يوم الأحزاب، وهو عيينة بن حصن واسمه حذيفة وسمي عيينة <418> لشتر كان بعينه وهو الذي قال فيه عليه السلام "الأحمق المطاع" لأنه كان من الجرارين تتبعه عشرة آلاف قناة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم "إن شر

(6/197)


وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:62] فنزلت هذه الآية فيمن كان من المسلمين من أهل الحسبة والرغبة في الخير والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى، يعني المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ويذهبون بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63]
تفسير بعض الغريب
قال ابن هشام: اللواذ الاستتار بالشيء عند الهرب
قال حسان بن ثابت:
وقريش تفر منا لواذا ... أن يقيموا وخف منها الحلوم
وهذا البيت في قصيدة له قد ذكرتها في أشعار يوم أحد.
{أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} [النور:64]
قال ابن إسحاق: من صدق أو كذب.
{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور:64]
ـــــــ
الناس من ودعه الناس اتقاء شره" وفي رواية أخرى: أنه قال "إني أداريه لأني أخشى أن يفسد علي خلقا كثيرا" وفي هذا بيان معنى الشر الذي اتقى منه وكان دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بغير إذن فلما قال له <419> " أين الإذن "؟ قال ما استأذنت على مضري قبلك، وقال ما هذه الحميراء معك يا محمد؟ فقال هي عائشة بنت أبي

(6/198)


ارتجاز المسلمين في الحفر الخندق:
قال ابن إسحاق: وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له جعيل سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا، فقالوا:
سماه من بعد جعيل عمرا ... وكان للبائس يوما ظهرا
فإذا مروا " بعمرو " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عمرا " ، وإذا مروا " بظهر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ظهرا " .
الآيات التي ظهرت في حفر الخندق
قال ابن إسحاق: وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتني، فيها من الله تعالى عبرة في تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقيق نبوته عاين ذلك المسلمون.
معجزة الكدية:
فكان مما بلغني أن جابر بن عبد الله كان يحدث أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية فشكوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فدعا
ـــــــ
بكر "، فقال طلقها، وأنزل لك عن أم البنين في أمور كثيرة تذكر من جفائه أسلم، ثم ارتد وآمن بطليحة حين تنبأ وأخذ أسيرا، فأتي به أبو بكر رضي الله عنه أسيرا، فمن عليه ولم يزل مظهرا للإسلام على جفوته وعنجهيته ولوثة أعرابيته حتى مات. قال الشاعر:
وإني على ما كان من عنجهيتي ... ولوثة أعرابيتي لأديب

(6/199)


بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية فيقول من حضرها: فوالذي بعثه بالحق نبيا، لانهالت حتى عادت كثيبا، لا ترد فأسا ولا مسحاة
البركة في تمر ابنة بشير
<420> قال ابن إسحاق: وحدثني سعيد بن مينا أنه حدث
أن ابنة لبشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت دعتني أمي عمرة بنت رواحة، فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثم قال أي بنية اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما، قالت فأخذتها، فانطلقت بها، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالي، فقال تعالي "يا بنية ما هذا معك" ؟ قالت فقلت: يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه قال "هاتيه" قالت فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما، ثم أمر بثوب فبسط له ثم دحا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال لإنسان عنده "اصرخ في أهل الخندق : أن هلم إلى الغداء" فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون معه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب .
البركة في طعام جابر :
قال ابن إسحاق: وحدثني سعيد بن مينا، عن جابر بن عبد الله، قال "عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق ، فكانت عندي شويهة غير جد سمينة. قال فقلت: والله لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرت امرأتي، فطحنت لنا شيئا من شعير فصنعت لنا منه خبزا، وذبحت تلك الشاة فشويناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصراف عن الخندق - قال وكنا نعمل فيه نهارنا، فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا - قال قلت: يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة
ـــــــ
<420> وذكر حفره الخندق ، وأنه عرضت له صخرة ووقع في غير السيرة عبلة

(6/200)


كانت عندنا، وصنعنا معها شيئا من خبز هذا الشعير فأحب أن تنصرف معي إلى منزلي، وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده. قال فلما أن قلت له ذلك قال نعم ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت جابر بن عبد الله؟ قال قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل الناس معه قال فجلس وأخرجناها إليه. قال فبرك وسمى "الله ، ثم أكل وتواردها الناس كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صدر أهل الخندق عنها"
ما أرى الله رسوله من الفتح
قال ابن إسحاق: وحدثت عن سلمان الفارسي، أنه قال:
"ضربت في ناحية من الخندق ، فغلظت علي صخرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني ; فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي، فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة <421> قال ثم ضرب به ضربة أخرى، فلمعت تحته برقة أخرى؟ قال ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى. قال قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب؟ قال أوقد رأيت ذلك يا سلمان؟ قال قلت: نعم قال أما الأول فإن الله فتح علي بها اليمن;
ـــــــ
وهي الصخرة الصماء وجمعها عبلات ويقال لها: العبلاء والأعبل أيضا، وهي صخرة بيضاء. <421>
البرقات التي لمعت
وذكر أنه لمعت له من تلك الصخرة برقة بعد برقة وخرجه النسوي من طريق البراء بن عازب بأتم مما وقع في السيرة قال "لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن نحفر الخندق عرض لنا حجر لا يأخذ فيه المعول فأخذ المعول وقال " بسم الله "، فضرب ضربة فكسر ثلث الصخرة وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، قال ثم ضرب أخرى، وقال "بسم الله"،

(6/201)


وأما الثانية فإن الله فتح علي بها الشام والمغرب وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق .
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول حين فتحت هذه الأمصار في زمان عمر وزمان عثمان وما بعده افتتحوا ما بدا لكم فوالذي نفس أبي هريرة بيده ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك
قال ابن إسحاق:
ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق، أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة، بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن <422> تبعهم من بني
ـــــــ
وكسر ثلثا آخر قال " الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن " ، ثم ضرب ثالثة وقال " بسم الله "، فقطع الحجر، وقال " الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لأبصر باب صنعاء [ من مكاني هذا الساعة]
وقوله " فأسا ولا مسحاة ". المسحاة مفعلة من سحوت الطين إذا قشرته، ويقال لحد الفأس والمسحاة الغراب ولنصليهما: الفعال بكسر الفاء قاله أبو عبيد في حديث سلمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أنه عليه السلام حين ضرب في الخندق قال:
بسم الله وبه بدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا ... حبذا ربا وحبذا دينا
تحقيق اسم زغابة
وقوله حتى نزلوا بين الجرف وزغابة . زغابة اسم موضع بالغين المنقوطة

(6/202)


كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، حتى نزلوا بذنب نقمى، إلى جانب أحد . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع ، في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب هنالك عسكره والخندق بينه وبين القوم.
استعمال ابن أم مكتوم على المدينة:
قال ابن هشام:
واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.
قال ابن إسحاق:
وأمر بالذراري والنساء فجعلوا في الآطام.
ـــــــ
والزاي <422> المفتوحة وذكره البكري بهذا اللفظ بعد أن قدم القول بأنه زعابة بضم الزاي والعين المهملة وحكي عن الطبري أنه قال في هذا الحديث بين الجرف والغابة ، واختار هذه الرواية وقال لأن زغابة لا تعرف. قال المؤلف والأعرف عندي في هذه الرواية رواية من قال زغابة بالغين المنقوطة لأن في الحديث المسند أنه عليه السلام قال في ناقة أهداها إليه أعرابي، فكافأه بست بكرات فلم يرض فقال عليه السلام "ألا تعجبون لهذا الأعرابي أهدى إلي ناقة أعرفها بعينها، كما أعرف بعض أهلي ذهبت مني يوم زغابة ، وقد كافأته بست فسخط" . الحديث وقال ذنب نقم ونقمى معا

(6/203)


حمل حيي كعبا على نقض عهده للرسول:
[قال]:
وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري، حتى أتى كعب بن أسد القرظي، صاحب عقد بني قريظة وعهدهم وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعاقده على ذلك وعاهده فلما سمع كعب حيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له فناداه حيي: ويحك يا كعب افتح لي، قال ويحك يا حيي: إنك امرئ مشئوم وإني قد عاهدت محمدا، فلست بناقض ما بيني وبينه ولم أر منه إلا وفاء <423> وصدقا ; قال ويحك افتح لي أكلمك ; قال ما أنا بفاعل قال والله إن أغلقت دوني إلا تخوفت على جشيشتك أن آكل معها منها، فأحفظ الرجل ففتح له فقال ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وببحر طام جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجتمع من رومة، وبغطفان على قادتها
ـــــــ
يفتل في الذروة والغارب:
وذكر حيي بن أخطب، وما قال لكعب وأنه لم يزل يفتل في الذروة والغارب. هذا مثل وأصله في البعير يستصعب عليك فتأخذ القراد من ذروته وغارب سنامه وتفتل هناك فيجد البعير لذة فيأنس عند ذلك فضرب هذا الكلام مثلا في المراوضة والمخاتلة وكذلك جاء في حديث ابن الزبير حين أراد عائشة على الخروج إلى البصرة ، فأبت عليه فجعل يفتل في الذروة والغارب حتى أجابته. وقال الحطيئة
لعمرك ما قراد بني بغيض ... إذا نزع القراد بمستطاع
يريد أنهم لا يخدعون ولا يستذلون

(6/204)


<423> وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد ، قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه. قال فقال له كعب جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماءه فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء. فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاه عهدا [من الله] وميثاقا: لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب بن أسد عهده وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تحري الرسول عن نقض كعب للعهد
فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وإلى المسلمين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان، وهو يومئذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة بني دليم أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج وهو يومئذ سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة، أخو بني الحارث بن الخزرج، وخوات بن جبير، أخو بني عمرو بن عوف ; فقال "انطلقوا حتى تنظروا، أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس" . <424> قال فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد
ـــــــ
اللحن
وذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم – "الحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس"
اللحن العدول بالكلام على الوجه المعروف عند الناس إلى وجه لا يعرفه إلا صاحبه كما أن اللحن الذي هو الخطأ عدول عن الصواب المعروف.
<424> قال السيرافي: ما عرفت حقيقة معنى النحو إلا من معنى اللحن الذي هو ضده فإن اللحن عدول عن طريق الصواب والنحو قصد إلى الصواب وأما

(6/205)


ولا عقد. فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه وكان رجلا فيه حدة فقال له سعد بن عبادة: دع عنك مشاتمتهم فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة. ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم قالوا: "عضل والقارة"، أي كغدر
ـــــــ
اللحن بفتح الحاء فأصله من هذا إلا أنه إذا لحن لك لتفهم عنه ففهمت سمي ذلك الفهم لحنا، ثم قيل لكل من فهم قد لحن بكسر الحاء وأصله ما ذكرناه من الفهم عن اللاحن
قال الجاحظ في قول مالك بن أسماء [بن خارجة الفزاري]:
منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لحنا
أراد أن اللحن الذي هو الخطأ قد يستملح ويستطاب من الجارية الحديثة السن وخطئ الجاحظ في هذا التأويل وأخبر بما قاله الحجاج بن يوسف لامرأته هند بنت أسماء بن خارجة حين لحنت فأنكر عليها، اللحن فاحتجت بقول أخيها مالك بن أسماء
وخير الحديث ما كان لحنا
فقال لها الحجاج لم يرد أخوك هذا، إنما أراد اللحن الذي هو التورية والإلغاز فسكتت فلما حدث الجاحظ بهذا الحديث قال لو كان بلغني هذا قبل أن أؤلف كتاب البيان ما قلت في ذلك ما قلت، فقيل له أفلا تغيره؟ فقال كيف وقد سارت به البغال الشهب وأنجد في البلاد وغار.
وكما قال الجاحظ في معنى تلحن أحيانا قال ابن قتيبة مثله أو قريبا منه.

(6/206)


عضل والقارة بأصحاب الرجيع، خبيب وأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين" <425>
ظهور نفاق المنافقين واشتداد خوف المسلمين
وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظن المؤمنون كل ظن ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال معتب بن قشير، أخو بني عمرو بن عوف كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.
أكان معتب منافقا؟
قال ابن هشام: وأخبرني من أثق به من أهل العلم أن معتب بن قشير لم يكن من المنافقين واحتج بأنه كان من أهل بدر.
قال ابن إسحاق: وحتى قال أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث: يا رسول الله إن بيوتنا عورة من العدو وذلك عن ملأ من رجال قومه فأذن لنا أن نخرج فنرجع إلى دارنا، فإنها خارج من المدينة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام عليه المشركون بضعا وعشرين
ـــــــ
وقوله يفت في أعضاد الناس أي يكسر من قوتهم ويوهنهم وضرب العضد مثلا، والفت: الكسر وقال في أعضادهم ولم يقل يفت أعضادهم لأنه كناية عن الرعب الداخل في القلب ولم يرد كسرا حقيقيا، ولا العضد الذي هو العضو وإنما هو عبارة عما يدخل في القلب من الوهن وهو من أفصح الكلام.
<425> وذكر أوس بن قيظي وهو القائل إن بيوتنا عورة وابنه عرابة بن أوس كان سيدا، ولا صحبة له وقد قيل له صحبة وقد ذكرناه فيمن استصغر يوم أحد، وهو الذي يقول فيه الشماخ

(6/207)


ليلة قريبا من شهر لم تكن بينهم حرب إلا الرميا بالنبل والحصار.
قال ابن هشام: ويقال الرميا.
هم الرسول بعقد صلح بينه وبين غطفان ثم عدل
فلما اشتد على الناس البلاء بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري - إلى <426> عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري، وهما قائدا غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك.
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فذكر ذلك لهما، واستشارهما فيه فقالا له يا رسول الله أمرا نحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا؟ قال "بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما" ;
ـــــــ
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
ولعرابة أخ اسمه كباثة مذكور في الصحابة أيضا.
مصالحة الأحزاب
فصل
وذكر ما هم به النبي صلى الله عليه وسلم من مصالحة الأحزاب على ثلث تمر المدينة ، وفيه من الفقه جواز إعطاء المال للعدو إذا كان فيه نظر المسلمين وحياطة لهم وقد ذكر أبو عبيد <426> هذا الخبر، وأنه أمر معمول به وذكر أن معاوية صالح ملك الروم على الكف عن ثغور الشام بمال دفعه إليه قيل كان مائة ألف دينار، وأخذ من

(6/208)


فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه. وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا "والله" ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فأنت وذاك" . فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ليجهدوا علينا
عبور نفر من المشركين الخندق
قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وعدوهم محاصروهم ولم يكن بينهم قتال إلا أن فوارس من قريش، منهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس، أخو بني عامر بن لؤي.
- قال ابن هشام: ويقال: عمرو بن عبد بن أبي قيس -
قال ابن إسحاق: وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب الشاعر ابن مرداس أخو بني محارب بن فهر، تلبسوا للقتال ثم خرجوا على خيلهم حتى مروا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيئوا يا بني كنانة للحرب فستعلمون من الفرسان اليوم ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق ، فلما رأوه قالوا: والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها.
ـــــــ
الروم رهنا، فغدرت الروم، ونقضت الصلح فلم ير معاوية قتل الرهائن وأطلقهم وقال وفاء بغدر خير من غدر بغدر قال وهو مذهب الأوزاعي وأهل الشام ألا تقتل الرهائن وإن غدر العدو.

(6/209)


سلمان وإشارته بحفر الخندق
قال ابن هشام:
يقال إن سلمان الفارسي أشار به على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثني بعض أهل العلم أن المهاجرين يوم الخندق قالوا: سلمان منا; وقالت الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت
قتل علي لعمرو بن عبد ود وشعره في ذلك:
قال ابن إسحاق:
ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق ، فضربوا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع ، وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم وأقبلت الفرسان
ـــــــ
سلمان منا
<427> وذكر قوله عليه السلام "سلمان منا أهل البيت" بالنصب على الاختصاص أو على إضمار أعني، وأما الخفض على البدل فلم يره سيبويه جائزا من ضمير المتكلم ولا من ضمير المخاطب لأنه في غاية البيان وأجازه الأخفش.
حول مبارزة ابن ود لعلي
فصل وذكر خبر عمرو بن ود العامري، ومبارزته لعلي إلى آخر القصة ووقع في مغازي ابن إسحاق من غير رواية ابن هشام عن البكائي فيها زيادة حسنة رأيت أن أوردها هنا تتميما للخبر.
قال ابن إسحاق: إن عمرو بن ود خرج فنادى: هل من مبارز؟ فقام علي -

(6/210)


تعنق نحوهم وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه. فلما وقف هو وخيله قال من يبارز؟ فبرز له علي بن أبي طالب فقال له يا عمرو، إنك قد كنت عاهدت الله ألا <428> يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه قال له أجل قال له علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام قال لا حاجة لي بذلك
ـــــــ
رضي الله عنه - وهو مقنع بالحديد فقال أنا له يا نبي الله فقال "إنه عمرو اجلس" ، ونادى عمرو ألا رجل يؤنبهم ويقول أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها، أفلا تبرزون لي رجلا، فقام علي، فقال أنا يا رسول الله فقال "اجلس إنه عمرو" ثم نادى الثالثة وقال: <428>
ولقد بححت من الندا ... ء بجمعكم هل من مبارز؟
ووقفت إذ جبن المش ... جع موقف القرن المناجز
وكذاك إني لم أزل ... متسرعا قبل الهزاهز
إن الشجاعة في الفتى ... والجود من خير الغرائز
فقام علي، فقال يا رسول الله أنا له فقال " إنه عمرو " ، فقال وإن كان عمرا، فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فمشى إليه علي، حتى أتاه وهو يقول
لا تعجلن فقد أتا ... ك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية وبصيرة ... والصدق منجي كل فائز
إني لأرجو أن أق ... يم عليك نائحة الجنائز
من ضربة نجلاء يب ... قى ذكرها عند الهزاهز
فقال له عمرو: من أنت؟ قال أنا علي، قال ابن عبد مناف؟ فقال أنا

(6/211)


قال فإني أدعوك إلى النزال فقال له لم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك، قال له علي: لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا، فقتله علي رضي الله عنه. وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة.
<429> قال ابن إسحاق: وقال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في ذلك
نصر الحجارة من سفاهة رأيه ... ونصرت رب محمد بصوابي
ـــــــ
علي ابن أبي طالب فقال "غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك، فقال له علي رضي الله عنه ولكني والله لا أكره أن أهريق دمك، فغضب ونزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل نحو علي مغضبا، وذكر أنه كان على فرسه فقال له علي: كيف أقاتلك وأنت على فرسك، ولكن انزل معي، فنزل عن فرسه ثم أقبل نحو علي واستقبله علي - رضي الله عنه - بدرقته فضربه عمرو فيها فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه وضربه علي على حبل العاتق فسقط وثار العجاج وسمع النبي صلى الله عليه وسلم التكبير فعرف أن عليا - رضي الله عنه - قد قتله فثم يقول علي رضي الله عنه <429>
أعلي تقتحم الفوارس هكذا ... عني وعنه أخروا أصحابي
فاليوم تمنعني الفرار حفيظتي ... ومصمم في الرأس ليس بنابي
أدى عمير حين أخلص صقله ... صافي الحديدة يستفيض ثوابي
فغدوت ألتمس القراع بمرهف ... عضب مع البثراء في أقراب
قال ابن عبد حين شد ألية ... وحلفت فاستمعوا من الكذاب
ألا يفر ولا يهلل فالتقى ... رجلان يلتقيان كل ضراب

(6/212)


فصددت حين تركته متجدلا ... كالجذع بين دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنني ... كنت المقطر بزني أثوابي
لا تحسبن الله خاذل دينه ... ونبيه يا معشر الأحزاب
قال ابن هشام:
وأكثر أهل العلم بالشعر يشك فيها لعلي بن أبي طالب.
شعر حسان في عكرمة
<430> قال ابن إسحاق:
ـــــــ
وبعده نصر الحجارة إلى آخر الأبيات إلا أنه روي عبد الحجارة وعبدت رب محمد وروي في موضع ولقد بححت: ولقد عجبت، ويروى: فالتقى أسدان يضطربان كل ضراب وفيه إنصاف من علي - رضي الله عنه - لقوله أسدان ونسبه إلى الشجاعة والنجدة. وقوله أدى عمير إلى قوله ثوابي، أي أدى إلي ثوابي، وأحسن جزائي حين أخلص صقله ثم أقبل نحو النبي صلى الله عليه وسلم وهو متهلل فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه هلا سلبته درعه فإنه ليس في العرب درع خير منها، فقال إني حين ضربته استقبلني بسوأته فاستحييت ابن عمي أن أستلبه وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت الخندق هاربة فمن هنا لم يأخذ علي سلبه وقيل تنزه عن أخذها، وقيل إنهم كانوا في الجاهلية إذا قتلوا القتيل لا يسلبونه ثيابه.
وقول عمرو لعلي والله ما أحب أن أقتلك، زاد فيه غيره فإن أباك كان لي صديقا، قال الزبير كان أبو طالب ينادم مسافر بن أبي عمرو، فلما هلك اتخذ عمرو بن ود نديما، فلذلك قال لعلي حين بارزه ما قال.
الفوعل
<430> وقول حسان في عكرمة:

(6/213)


وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه يومئذ وهو منهزم عن عمرو، فقال حسان بن ثابت في ذلك
فر وألقى لنا رمحه ... لعلك عكرم لم تفعل
ووليت تعدو كعدو الظليم ... ما إن تجور عن المعدل
ولم تلق ظهرك مستأنسا ... كأن قفاك قفا فرعل
قال ابن هشام:
الفوعل: صغير الضباع وهذه الأبيات في أبيات له.
شعار المسلمين يوم الخندق
وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وبني قريظة: حم، لا ينصرون
شأن سعد بن معاذ
قال ابن إسحاق: وحدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري، أخو بني حارثة: أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق، وكان من أحرز حصون المدينة .
قال وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن. فقالت عائشة وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب فمر سعد وعليه درع له مقلصة قد خرجت منها ذراعه كلها، وفي يده حربته يرقد بها ويقول:
لبث قليلا يشهد الهيجا حمل ... لا بأس بالموت إذا حان الأجل
ـــــــ
كأن قفاك قفا فرعل
الفرعل ولد الضبع.
وذكر قول سعد
لبث قليلا يلحق الهيجا حمل

(6/214)


[<431> قال] فقالت له أمه: الحق أي بني فقد والله أخرت ; قالت عائشة فقلت لها: يا أم سعد والله لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي قالت وخفت عليه حيث أصاب السهم منه فرمي سعد بن معاذ بسهم فقطع منه الأكحل رماه كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، حبان بن قيس بن العرقة أحد بني عامر بن لؤي، فلما أصابه قال خذها مني وأنا ابن العرقة، فقال له سعد عرق الله وجهك في النار اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه اللهم وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
شعر يدل على أنه قاتل سعد:
قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك أنه كان يقول:
ما أصاب سعدا يومئذ إلا أبو أسامة الجشمي، حليف بني مخزوم. <432> وقد قال أبو أسامة في ذلك شعرا لعكرمة بن أبي جهل
ـــــــ
هو بيت تمثل به عنى به حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم بن جناب الكلبي. وقوله يرقد بالحربة أي يسرع بها، يقال ارقد وارمد بمعنى واحد. قال ذو الرمة:
يرقد في أثر عراص وتتبعه ... صهباء شامية عثنونها حصب
<431> يعني الريح.
ابن العرقة وأم سعد
وابن العرقة الذي رمى سعدا هو حبان بن قيس بن العرقة والعرقة هي قلابة

(6/215)


أعكرم هلا لمتني إذ تقول لي ... فداك بآطام المدينة خالد
ألست الذي ألزمت سعدا مرشة ... لها بين أثناء المرافق عاند
قضى نحبه منها سعيد فأعولت ... عليه مع الشمط العذارى النواهد
وأنت الذي دافعت عنه وقد دعا ... عبيدة جمعا منهم إذ يكابد
على حين ما هم جائر عن طريقه ... وآخر مرعوب عن القصد قاصد
[والله أعلم أي ذلك كان].
قال ابن هشام:
ويقال إن الذي رمى سعدا خفاجة بن عاصم بن حبان.
ـــــــ
بنت سعيد بن سعد بن سهم [بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي] تكنى أم فاطمة سميت العرقة لطيب ريحها، وهي جدة خديجة أم أمها هالة وحبان هو ابن عبد مناف بن منقد بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.
وأم سعد اسمها: كبشة بنت رافع [بن عبيد] .
حول اهتزاز العرش
وحديث اهتزاز العرش ثابت من وجوه وفي بعض ألفاظه أن جبريل عليه السلام نزل حين مات سعد معتجرا بعمامة من إستبرق فقال يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ وفي حديث آخر قال عليه

(6/216)


صفية وحسان وما ذكرته عن جبنه
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد قال: <433> كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع ، حصن حسان بن ثابت ; قالت وكان
ـــــــ
السلام "لقد نزل لموت سعد بن معاذ سبعون ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها" ويذكر أن قبره وجد منه رائحة المسك وقال عليه السلام "لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا منها سعد" وفي كتاب <432> الدلائل أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على قبر سعد حين وضع فيه فقال "سبحان الله لهذا العبد الصالح ضم في قبره ضمة ثم فرج عنه" وأما ضغطة القبر التي ذكر في الحديث فقد روي عن عائشة - رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله ما انتفعت بشيء منذ سمعتك تذكر ضغطة القبر وضمته [وصوت منكر ونكير] فقال يا عائشة "إن ضغطة القبر على المؤمن أو قال ضمة القبر على المؤمن كضمة الأم الشفيقة يديها على رأس ابنها، يشكو إليها الصداع وصوت منكر ونكير كالكحل في العين ولكن يا عائشة ويل للشاكين [في الله] أولئك الذين يضغطون في قبورهم ضغط البيض على الصخر" ذكره أبو سعيد بن الأعرابي في كتاب المعجم.
وذكر ابن إسحاق في رواية [يونس] الشيباني عنه قال حدثني أمية بن عبد الله قال قلت لبعض أهل سعد بن معاذ: ما بلغكم في هذا، يعني: الضمة التي انضمها القبر عليه؟ قال كان يقصر في بعض الطهور من البول بعض التقصير.
أكان حسان جبانا؟
فصل وذكر حديث حسان حين جعل في الآطام مع النساء والصبيان وما

(6/217)


حسان بن ثابت معنا فيه مع النساء والصبيان قالت صفية فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة، وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إن أتانا آت.
قالت فقلت: يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله قال يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا: قالت فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا، احتجزت ثم أخذت عمودا، ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته. قالت فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسان انزل إليه فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل قال ما لي بسلبه من حاجة يا ابنة عبد المطلب.
شأن نعيم في تخذيل المشركين عن المسلمين:
قال ابن إسحاق:
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدوهم عليهم وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم.
[قال] ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفد بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما
ـــــــ
قالت له صفية في أمر اليهودي حين قتلته وما قال لها، ومحمل هذا الحديث عند الناس على أن <433> حسان كان جبانا شديد الجبن وقد دفع هذا بعض العلماء وأنكره وذلك أنه حديث منقطع الإسناد وقال لو صح هذا لهجي به حسان فإنه كان يهاجي الشعراء كضرار وابن الزبعرى، وغيرهما، وكان يناقضونه ويردون عليه فما عيره أحد منهم بجبن ولا وسمه به فدل هذا على ضعف حديث ابن إسحاق،

(6/218)


أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة" فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديما في الجاهلية فقال يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا: صدقت، لست عندنا بمتهم فقال لهم إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحولوا منه إلى غيره وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد <434> وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره فليسوا كأنتم فإن رأوا نهزة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم ولا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه فقالوا له لقد أشرت بالرأي.
ثم خرج حتى أتى قريشا، فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا، وإنه قد بلغني أمر قد رأيت علي حقا أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا عني ; فقالوا: نفعل قال تعلموا أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد وقد أرسلوا إليه أن قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم؟ فأرسل إليهم أن نعم. فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا.
ثم خرج حتى أتى غطفان، فقال يا معشر غطفان، إنكم أصلي وعشيرتي، وأحب الناس إلي ولا أراكم تتهموني، قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم قال
ـــــــ
وإن صح فلعل حسان أن يكون معتلا في ذلك اليوم بعلة من شهود القتال وهذا أولى ما تأول عليه وممن أنكر أن يكون هذا صحيحا أبو عمر رحمه الله في كتاب الدرر له.

(6/219)


فاكتموا عني، قالوا: نفعل فما أمرك؟ ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم ما حذرهم.
دبيب الفرقة بين المشركين:
فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس وكان من صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن أرسل أبو سفيان بن حرب ورءوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل، في نفر من قريش وغطفان، فقالوا لهم إنا لسنا بدار مقام، قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا، ونفرغ مما بيننا وبينه فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت وهو "يوم" لا نعمل فيه شيئا، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا، فأصابه ما لم يخف عليكم ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا، فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا، والرجل في بلدنا، ولا طاقة لنا بذلك منه. فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة، قالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق، فأرسلوا بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا، فقالت بنو قريظة، حين انتهت الرسل إليهم بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا، فإن <435> رأوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم. وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله لا نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا، فأبوا عليهم وخذل الله بينهم وبعث الله عليهم الريح في ليال شاتية باردة شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم.
أرسل الرسول حذيفة ليتعرف ما حل بالمشركين
[قال]:
فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم وما فرق الله من جماعتهم

(6/220)


دعا حذيفة بن اليمان، فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلا.
قال ابن إسحاق:
فحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، قال قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه؟ قال نعم يا ابن أخي، قال فكيف كنتم تصنعون؟ قال والله لقد كنا نجهد قال فقال والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا. قال فقال حذيفة يا ابن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال "من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع - يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة - أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة" ؟ فما قام رجل من القوم، من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد فلما لم يقم أحد، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني، فقال "يا حذيفة اذهب فادخل في القوم، فانظر ماذا يصنعون ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا" . قال فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء. فقام أبو سفيان. فقال يا معشر قريش: لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال فلان ابن فلان
مناداة أبي سفيان فيهم بالرحيل:
ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فوالله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أن لا تحدث شيئا

(6/221)


حتى تأتيني ثم شئت، لقتلته بسهم.
<436> قال حذيقة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مراجل .
قال ابن هشام: المراجل ضرب من وشي اليمن.
فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش، فانشمروا راجعين إلى بلادهم.
الانصراف عن الخندق
قال ابن إسحاق: ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون ووضعوا السلاح.

(6/222)