الروض
الأنف ت السلامي
أمر الحديبة في آخر سنة ست وذكر بيعة الرضوان والصلح بين الرسول صلى
الله عليه وسلم وبين سهيل بن عمرو
...
أمر الحديبية في آخر سنة ست، وذكر بيعة الرضوان والصلح بين رسول الله
صلى الله عليه وسلم وبين سهيل بن عمرو.
خروج الرسول:
قال ابن إسحاق:
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا، وخرج
في ذي القعدة معتمرا، لا يريد حربا.
نميلة على المدينة:
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي.
ـــــــ
غزوة الحديبية
يقال فيها: الحديبية بالتخفيف وهو الأعرف عند أهل العربية. قال
الخطابي: أهل الحديث يقولون الحديبية بالتشديد والجعرانة كذلك وأهل
العربية يقولونهما: بالتخفيف وقال البكري: أهل العراق يشددون الراء
والياء في الجعرانة والحديبية وأهل الحجاز يخففون وقال أبو جعفر النحاس
سألت كل من لقيته ممن أثق بعلمه عن الحديبية فلم يختلفوا على أنها
بالتخفيف
(7/51)
قال ابن إسحاق:
استنفار الرسول الناس
واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه وهو
يخشى من قريش الذي صنعوا، أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت، فأبطأ
عليه كثير من الأعراب، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من
المهاجرين والأنصار من لحق به من العرب، وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة
ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت
ومعظما له
عدة الرجال:
قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير
ـــــــ
الميقات والإشعار:
فصل وذكر خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - معتمرا إلى مكة، ولم يذكر
في حديثه من أين أحرم وفي الصحيح من رواية الزهري أنه أحرم من ذي
الحليفة وهو خلاف ما يروى عن علي رحمه الله من قوله" إن تمام العمرة أن
تحرم بها من دويرة أهلك" وهذا من قول علي متأول فيمن كان منزله من وراء
الميقات فهو الذي يحرم من دويرة أهله كما يحرم أهل مكة من مكة في الحج.
وفيه أنه أشعر الهدي وهو خلاف قول النخعي وأهل الكوفة في قولهم إن
الإشعار منسوخ بنهيه عن المثلة ويقال لهم إن النهي عن المثلة كان بإثر
غزوة أحد فلا يكون الناسخ متقدما على المنسوخ.
الكوفة في قولهم إن الإشعار منسوخ بنهيه عن المثلة ويقال لهم إن النهي
عن المثلة كان بإثر غزوة أحد، فلا يكون الناسخ متقدما على المنسوخ.
من شرح حديث الحديبية
وفيه أنهم مروا بطريق أجرد ومعناه كثير الحجارة والجرد الحجر.
(7/52)
عن مسور بن
مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا
يريد قتالا، وساق معه الهدي سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل فكانت
كل بدنة عن عشرة نفر
وكان جابر بن عبد الله، فيما بلغني، يقول كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة
مائة.
الرسول وبشر بن سفيان:
قال الزهري:
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن
سفيان الكعبي - قال
ـــــــ
وفيه أنه بعث عينا له من خزاعة إلى مكة، فدل على أنه يجوز للرجل أن
يسافر وحده إذا مست الحاجة إلى ذلك أو كان في ذلك صلاح للمسلمين.
وفي البخاري والنسوي أن عينه الذي أرسل جاءه بغدير الأشطاط والأشطاط
جمع شط وهو السنام قال الراجز
شطا رميت فوقه بشط
وشط الوادي: أيضا جانبه وبعضهم يقول فيه الأشظاظ بالظاء المعجمة واسم
عينه ذلك بسر بن سفيان بن عمرو بن عمير الخزاعي وهو الذي بعثه رسول
الله صلى الله عليه وسلم مع بديل ابن أم أصرم وهو بديل بن سلمة إلى
خزاعة يستنفرهم إلى قتال أهل مكة عام الفتح.
(7/53)
ابن هشام:
ويقال بسر - فقال يا رسول الله هذه قريش، قد سمعت بمسيرك، فخرجوا معهم
العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذي طوى، يعاهدون الله
لا تدخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى
كراع الغميم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا ويح قريش لقد
أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم
أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام
وافرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش، فوالله لا أزال
أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه
ـــــــ
وفيه أن قريشا خرجت ومعها العوذ المطافيل. العوذ جمع عائذ وهي الناقة
التي معها ولدها، يريد أنهم خرجوا بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا
ألبانها، ولا يرجعوا، حتى يناجزوا محمدا وأصحابه في زعمهم وإنما قيل
للناقة عائذ وإن كان الولد هو الذي يعوذ بها، لأنها عاطف عليه كما
قالوا: تجارة رابحة وإن كانت مربوحا فيها، لأنها في معنى نامية وزاكية،
وكذلك عيشة راضية لأنها في معنى صالحة ومن نحو هذا قوله {وَالْهَدْيَ
مَعْكُوفاً} [ الفتح 25] وإن كان عاكفا، لأنه محبوس في المعنى، فتحول
وزنه في اللفظ إلى وزن ما هو في معناه كما قالوا في المرأة تهراق
الدماء وقياسه تهريق الدماء ولكنه في معنى: تستحاض فحول إلى وزن ما لم
يسم فاعله الدماء منصوبة على المفعول كما كانت.
وقوله في بئر الحديبية: إنما يتبرض ماؤها تبرضا من البرض وهو الماء
الذي يقطر قليلا قليلا، والبارض من النبات الذي كأنه يقطر من الري
والنعمة. قال الشاعر
رعى بارض البهمى جميما وبسرة
...
وصمعاء حتى آنفته نصالها
(7/54)
السالفة " ثم
قال " من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها "؟
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر:
أن رجلا من أسلم قال أنا يا رسول الله قال فسلك بهم طريقا وعرا أجرل
بين شعاب فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة
عند منقطع الوادي ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس " قولوا:
نستغفر الله ونتوب إليه" ; فقالوا ذلك فقال" والله إنها للحطة التي
عرضت على بني إسرائيل . فلم يقولوه ا
قال ابن شهاب:
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال " اسلكوا ذات اليمين بين
ظهري الحمش ، في طريق تخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة
قال فسلك الجيش
ـــــــ
يقال لكل شيء في أوله بسرة حتى للشمس عند طلوعها، وصمعاء متحدة قد شوكت
قاله أبو حنيفة
وذكر أن رجلا من أسلم سلك بهم طريقا وعرا أجرل يقال إن ذلك الرجل هو
ناجية الأسلمي وهو سائق بدنه وهو ناجية بن جندب ويقال فيه ابن عمير
وكان اسمه ذكوان، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم ناجية حين نجا من
كفار قريش، وعاش إلى زمن معاوية وأما صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه
وسلم المذكور في حديث آخر في الموطإ وغيره فاسمه ذؤيب بن حلحلة بن عمرو
بن كليب بن أصرم بن عبد الله بن قمير بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو
بن ربيعة، وهو لحي بن حارثة جد خزاعة، وذؤيب هذا هو والد قبيصة بن ذؤيب
القاضي صاحب عبد الملك بن مروان، وعاش ذؤيب إلى خلافة معاوية أيضا.
وذكر في نسب أسلم بن أفصى بن أبي حارثة وهو وهم وقد أصلحه ابن هشام،
فقال هو حارثة يعني ابن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن ماء السماء بن حارثة
(7/55)
ذلك الطريق
فلما رأت خيل قريش فترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم رجعوا راكضين إلى
قريش، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سلك في ثنية المرار
بركت ناقته فقالت الناس خلأت الناقة قال ما خلأت وما هو لها بخلق، ولكن
حبسها حابس الفيل عن مكة . لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها
صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ثم قال للناس "ا نزلوا "، قيل له يا رسول
الله ما بالوادي ماء ننزل عليه فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من
أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب. فغرزه في جوفه فجاش بالرواء حتى
ضرب الناس عنه بعطن.
الذي نزل بسهم الرسول في طلب الماء:
قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم: أن الذي نزل في
القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب بن عمير بن
يعمر بن دارم بن عمرو بن
ـــــــ
الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد، ويحتمل أن يكون ابن
إسحاق لم يهم فيه ولكنه نسبه إلى أبي حارثة بن عمرو بن عامر، وهو عم
حارثة بن ثعلبة وحارثة هو أبو الأوس والخزرج.
وذكر قوله عليه السلام " لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة "الحديث وفي غير
رواية ابن إسحاق عن الزهري أنه قال " والذي نفسي بيده لا تدعوني قريش "
ولم يقل في الحديث إن شاء الله وقد تكلموا في ذلك فقيل إنما أسقط
الاستثناء لأنه أمر واجب كان قد أمر به ألا تراه يقول في الحديث " إنما
أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره، ولن يضيعني " وقيل إن إسقاط
الاستثناء إنما هو من الراوي إما نسيه وإما لم يحفظه.
(7/56)
وائلة بن سهم
بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن أبي حارثة، وهو سائق بدن رسول
الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن هشام: أفصى بن حارثة.
قال ابن إسحاق: وقد زعم لي بعض أهل العلم
أن البراء بن عازب كان يقول "أنا الذي نزلت بسهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم "فالله أعلم أي ذلك كان.
شعر لناجية يثبت أنه حامل سهم الرسول:
وقد أنشدت أسلم أبياتا من شعر قالها ناجية قد ظننا أنه هو الذي نزل
بالسهم فزعمت أسلم أن جارية من الأنصار أقبلت بدلوها، وناجية في القليب
يميح على الناس فقالت
يا أيها المائح دلوي دونكا
...
إني رأيت الناس يحمدنكا
يثنون خيرا ويمجدونكا
قال ابن هشام: ويروى:
إني رأيت الناس يمدحونكا
قال ابن إسحاق:
ـــــــ
وفي الحديث أو تنفرد هذه السالفة. السالفة صفحة العنق وانفرادها عبارة
عن القتل أو الذبح وفي الرجز الذي أنشده
يا أيها المائح دلوي دونكا
لو قال دونك دلوي لكان الدلو في موضع نصب على الإغراء فلما قدمها على
دونك، لم يجز نصبها بدونك، ولكنه بفعل آخر كأنه قال املأ دلوي، فقوله
دونكا أمر بعد أمر.
(7/57)
فقال ناجية وهو
في القليب يميح على الناس
قد علمت جارية يمانيه
...
أني أنا المائح واسمي ناجيه
وطعنة ذات رشاش واهيه
...
طعنتها عند صدور العاديه
فقال الزهري في حديثه
فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء الخزاعي،
في رجال من خزاعة، فكلموه وسألوه ما الذي جاء به؟ فأخبرهم أنه لم يأت
يريد حربا، وإنما جاء زائرا للبيت، ومعظما لحرمته ثم قال لهم نحوا مما
قال لبشر بن سفيان فرجعوا إلى قريش فقالوا: يا معشر قريش، إنكم تعجلون
على محمد إن محمدا لم يأت لقتال وإنما جاء زائرا هذا البيت، فاتهموهم
وجبهوهم وقالوا: وإن كان جاء ولا يريد قتالا، فوالله لا يدخلها علينا
عنوة أبدا، ولا تحدث بذلك عنا العرب.
قال الزهري: وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها
ومشركها، لا يخفون عنه شيئا كان بمكة.
مكرز رسول قريش إلى الرسول:
قال:
ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف، أخا بني عامر بن لؤي، فلما رآه
رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال " هذا رجل غادر" فلما انتهى
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحليس رسول من قريش على الرسول:
ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة أو ابن زبان وكان يومئذ سيد الأحابيش،
وهو
ـــــــ
وفيه قوله صلى الله عليه وسلم في الحليس" إن هذا من قوم يتألهون " أي
يعظمون أمر الإله ومنه قول رؤبة:
(7/58)
أحد بني الحارث
بن عبد مناة بن كنانة ; فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
إن هذا من قوم يتألهون، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه" فلما رأى
الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده وقد أكل أوباره من طول الحبس
عن محله رجع إلى قريش، ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
إعظاما لما رأى، فقال لهم ذلك. قال فقالوا له اجلس فإنما أنت أعرابي لا
علم لك.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر:
أن الحليس غضب عند ذلك وقال: "يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم،
ولا على هذا عاقدناكم. أيصد عن بيت الله من جاء معظما له والذي نفس
الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة
رجل واحد". قال فقالوا له مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى
به
عروة بن مسعود رسول من قريش إلى الرسول:
قال الزهري في حديثه:
ـــــــ
سبحن واسترجعن من تأله
أي من تنسك وتعظيم لله سبحانه
وصف الجمع بالمفرد
وقول عروة بن مسعود لقريش قد عرفتم أنكم والد أي كل واحد منكم كالوالد
وقيل معناه أنتم حي قد ولدني، لأنه كان لسبيعة بنت عبد شمس ،
(7/59)
ثم بعثوا إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي ; فقال "يا معشر
قريش، إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم من
التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد - وكان عروة لسبيعة
بنت عبد شمس - وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي، ثم جئتكم
حتى آسيتكم بنفسي، قالوا: صدقت، ما أنت عندنا بمتهم. فخرج حتى أتى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه ثم قال يا محمد أجمعت أوشاب
الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم إنها قريش قد خرجت معها العوذ
المطافيل. قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة
أبدا وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا. قال وأبو بكر الصديق
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال امصص بظر اللات، أنحن
نتكشف عنه؟ قال من هذا يا محمد؟ قال هذا ابن أبي قحافة، قال أما والله
لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها، ولكن هذه بها، قال ثم جعل يتناول
لحية
ـــــــ
وقد يجوز أن يقال في الجماعة هم لي صديق وعدو. وفي التنزيل {وَحَسُنَ
أُولَئِكَ رَفِيقاً} [النساء69] فيفرد لأنه صفة لفريق وحزب ويقبح أن
تقول قومك ضاحك أو باك وإنما يحسن هذا إذا وصفت بصديق ورفيق وعدو لأنها
صفة تصلح للفريق والحزب لأن العداوة والصداقة صفتان متضادتان فإذا كان
على أحدهما الفريق الواحد كان الآخر على ضدها، وكانت قلوب أحد الفريقين
في تلك الصفة على قلب رجل واحد في عرف العادة فحسن الإفراد وليس يلزم
مثل هذا في القيام والقعود ونحوه حتى يقال هم قاعد أو قائم كما يقال هم
صديق لما قدمناه من الاتفاق والاختلاف. وأما قوله تعالى: {يُخْرِجُكُمْ
طِفْلاً} [غافر 67]، بلفظ الإفراد وقال في موضع آخر {وَإِذَا بَلَغَ
الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور 59] فالأحسن في حكم البلاغة
أن يعبر عن الأطفال الرضع بالطفل في الواحد والجميع لأنهم مع حدثان
الولادة كالجنس الذي يقع على القليل والكثير بلفظ واحد ألا ترى أن بدء
الخلق طين ثم مني، والمني جنس لا يتميز بعضه من بعض فلذلك لا يجمع
وكذلك الطين ثم يكون الخلق علقا، وهو الدم فيكون ذلك جنسا، ثم
(7/60)
رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو يكلمه قال والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله
صلى الله عليه وسلم في الحديد. قال فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول
الله صلى الله عليه وسلم ويقول اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله
عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك، قال فيقول عروة ويحك ما أفظك وأغلظك قال
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عروة من هذا يا محمد؟ قال
هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، قال أي غدر وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس.
قال ابن هشام:
أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا
من بني مالك من ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين
والأحلاف رهط المغيرة فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية وأصلح ذلك
الأمر.
قال ابن إسحاق: قال الزهري:
فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه وأخبره أنه
لم يأت يريد حربا. فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى
ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ إلا ابتدروا
ـــــــ
يخرجهم الله طفلا، أي جنسا تاليا للعلق والمني لا يكاد يتميز بعضهم من
بعض إلا عند آبائهم فإذا كبروا وخالطوا الناس وعرف الناس صورهم بعضهم
من بعض فصاروا كالرجال والفتيان قيل فيهم حينئذ أطفال كما يقال رجال
وفتيان ولا يعترض على هذا الأصل بالأجنة أنهم مغيبون في البطون فلم
يكونوا كالجنس الظاهر للعيون كالماء والطين والعلق وإنما جمع الجنين
على أجنة وحسن ذلك فيه لأنه تبع للبطن الذي هو فيه ويقوي هذا الغرض
الذي صمدنا إليه في الطفل قول رجل من بني مجاعة لعمر بن عبد العزيز وقد
سأله هل بقي من كهول بني مجاعة أحد؟ قال نعم وشكير كثير فانظر كيف قال
الكهول وجمع، وقال في الصغار شكير كما تقول حشيش ونبات فتفرد لأنه جنس
واحد والطفل في معنى الشكير ما داموا رضعا، حتى يتميزوا بالأسماء
والصور عند الناس فهذا حكم البلاغة ومساق الفصاحة فافهمه.
(7/61)
وضوءه ولا يبصق
بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه. فرجع إلى قريش،
فقال "يا معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه، وقيصر في ملكه والنجاشي
في ملكه وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه ولقد
رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا، فروا رأيكم"
خراش رسول الرسول إلى قريش :
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي، فبعثه إلى
قريش بمكة ، وحمله على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما
جاء له فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله
فمنعته الأحابيش، فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النفر القرشيون الذين أرسلتهم قريش للعدوان ثم عفا عنهم الرسول:
قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس عن
ابن عباس:
أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا، وأمروهم أن
يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه
أحدا، فأخذوا أخذا، فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم
وخلى سبيلهم وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالحجارة والنبل.
ـــــــ
وأما قول عروة جمعت أوشاب الناس يريد أخلاطا، وكذلك الأوباش.
وقوله في حديث المغيرة " أما المال فلست منه في شيء " فيه من الفقه أن
(7/62)
عثمان رسول
محمد إلى قريش:
ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة ، فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له
فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي، وليس بمكة من بني عدي بن
كعب أحد يمنعني، وقد عرفت قريش عداوتي إياها، وغلظتي عليها، ولكني أدلك
على رجل أعز بها مني، عثمان بن عفان. فدعا رسول الله صلى الله عليه
وسلم عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش، يخبرهم أنه لم
يأت لحرب وأنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ، ومعظما لحرمته
إشاعة مقتل عثمان:
قال ابن إسحاق: فخرج عثمان إلى مكة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين
دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها، فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء
قريش، فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أرسله به فقالوا
لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إن شئت أن
تطوف بالبيت فطف فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله
عليه وسلم. واحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل.
ـــــــ
أموال المشركين حرام إذا أمنوك وأمنتهم وإنما يحل بالمحاربة والمغالبة
لا عند طمأنينتهم إليك وأمنتهم منك، فإن ذلك هو الغدر وفي هذا المعنى
آثار قد مضى بعضها، وسيأتي بعضها في غزوة خيبر وغيرها.
وفيه أنهم كانوا يتدلكون بنخامة النبي - صلى الله عليه وسلم إذا تنخم.
وفي ذلك دليل على طهارة النخامة خلافا للنخعي وما يروى في ذلك عن سلمان
الفارسي. وحديث "إذا تنخم أحدكم في الصلاة" أبين في الحجة لأن حديث
السيرة يحتمل الخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(7/63)
بيعة الرضوان
مبايعة الرسول الناس على الحرب وتخلف الجد :
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل " لا
نبرح حتى نناجز القوم " فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى
البيعة. فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون بايعهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم على الموت وكان جابر بن عبد الله يقول إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت ولكن بايعنا على أن لا
نفر.
فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ولم يتخلف عنه أحد من
المسلمين حضرها، إلا الجد بن قيس، أخو بني سلمة فكان جابر بن عبد الله
يقول والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته. قد ضبأ إليها، يستتر بها
من الناس. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر
عثمان باطل.
أول من بايع:
قال ابن هشام: فذكر وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أن أول من
بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي.
قال ابن هشام: وحدثني من أثق به عمن حدثه بإسناد له عن ابن أبي مليكة
عن ابن أبي عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع لعثمان فضرب بإحدى يديه على
الأخرى.
(7/64)
أمر الهدنة
إرسال قريش سهيلا إلى الرسول للصلح:
قال ابن إسحاق: قال الزهري:
"ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو، أخا بني عامر بن لؤي، إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقالوا له ائت محمدا فصالحه ولا يكن في صلحه إلا أن
يرجع عنا عامه هذا، فوالله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة
أبدا. فأتاه سهيل بن عمرو ; فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقبلا، قال قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل "فلما انتهى سهيل
بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام وتراجعا
ثم جرى بينهما الصلح.
عمر ينكر على الرسول الصلح:
فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر
فقال "يا أبا بكر، أليس برسول الله؟ قال بلى. قال أولسنا بالمسلمين؟
قال بلى، قال أوليسوا بالمشركين؟ قال بلى، قال فعلام نعطي الدنية في
ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله قال عمر
وأنا أشهد أنه
ـــــــ
حول المصالحة
فصل : وذكر مصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقريش وشرطهم أن لا
يأتيه منهم أحد ممن هو على دينه إلا رده عليهم وفي هذا الحديث مصالحة
المشركين على غير مال يؤخذ منهم وذلك جائز إذا كان بالمسلمين ضعف وقد
تقدم مصالحتهم على مال يعطونه في غزوة الخندق، واختلف هل يجوز صلحهم
إلى أكثر من عشر سنين؟ فقال بعضهم يجوز ذلك إذا رآه الإمام وقالت طائفة
لا يتجاوز في صلحهم إلى أكثر من عشر سنين وحجتهم أن حظر الصلح هو الأصل
بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر في حديث ابن إسحاق فحصلت
الإباحة في هذا المقدار متحققة وبقيت الزيادة على الأصل وهو الحظر وفيه
الصلح على أن يرد
(7/65)
رسول الله ثم
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألست برسول الله؟
قال " بلى "، قال أولسنا بالمسلمين؟ قال " بلى" ، قال أوليسوا
بالمشركين؟ قال "ب لى "، قال فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال " أنا
عبد الله ورسوله لن أخالف أمره، ولن يضيعني" قال فكان عمر يقول ما زلت
أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به
حتى رجوت أن يكون خيرا.
علي يكتب شروط الصلح
قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله
عليه فقال اكتب
ـــــــ
المسلم إلى دار الكفر وهذا منسوخ عند أبي حنيفة بحديث سرية خالد حين
وجهه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خثعم، وفيهم ناس مسلمون
فاعتصموا بالسجود فقتلهم خالد فوداهم النبي - صلى الله عليه وسلم - نصف
الدية وقال " أنا بريء من مسلم بين مشركين "وقال فقهاء الحجاز: هو جائز
ولكن للخليفة الأكبر لا لمن دونه وفيه نسخ السنة بالقرآن على أحد
القولين فإن هذا العهد كان يقتضي أن لا يأتيه مسلم إلا رده فنسخ الله
تعالى ذلك في النساء خاصة فقال عز وجل {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ
مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة 10] هذا
على رواية عقيل بن خالد عن الزهري، فإنه قال في الحديث أن لا يأتيه
أحد، وأحد يتضمن الرجال والنساء والأحسن أن يقال في مثل هذا تخصيص عموم
لا نسخ على أن بعض حذاق الأصوليين قد قال في العموم إذا عمل بمقتضاه في
عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتقد فيه العموم ثم ورد التخصيص
فهو نسخ وهو قول حسن وفي رواية أخرى أن لا يأتيه رجل. فهذا اللفظ لا
يتناول النساء. وقالت طائفة إنما استجاز النبي - صلى الله عليه وسلم -
رد المسلمين إليهم في هذا الصلح لقوله عليه السلام " لا تدعوني قريش
إلى خطة يعظمون فيها الحرم إلا أجبتهم إليها " وفي رد المسلم إلى مكة
عمارة البيت وزيادة خير له في الصلاة بالمسجد الحرام والطواف بالبيت ،
فكان هذا من تعظيم حرمات الله تعالى، فعلى هذا القول يكون حكما مخصوصا
بمكة وبالنبي صلى الله عليه وسلم ويكون غير جائز لمن بعده كما قال
العراقيون.
(7/66)
بسم الله
الرحمن الرحيم قال فقال سهيل لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللهم فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " اكتب باسمك اللهم" ، فكتبها، ثم قال "
اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو "، قال فقال سهيل
لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، قال فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد
الله سهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع
ـــــــ
حكم المهاجرات
فصل : وذكر قول الله سبحانه {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ
مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة 1 ]. هذا عند أهل العلم
مخصوص بنساء أهل العهد والصلح وكان الامتحان أن يستحلف المرأة المهاجرة
أنها ما خرجت ناشزا ولا هاجرت إلا لله ولرسوله فإذا حلفت لم ترد ورد
صداقها إلى بعلها، وإن كانت من غير أهل العهد لم تستحلف ولم يرد
صداقها.
وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم محا اسمه وهو رسول الله وكتب هذا ما
صالح عليه محمد بن عبد الله لأنه قول حق كله وظن بعض الناس أنه كتب
بيده وفي البخاري أنه كتب وهو لا يحسن الكتابة فتوهم أن الله تعالى
أطلق يده بالكتابة في تلك الساعة خاصة وقال هي آية فيقال له كانت تكون
آية لولا أنها مناقضة لآية أخرى، وهو كونه أميا لا يكتب وبكونه أميا في
أمة أمية قامت الحجة وأفحم الجاحد وانحسمت الشبهة فكيف يطلق الله يده
لتكون آية؟ وإنما الآية أن لا يكتب والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها
بعضا، وإنما معنى: كتب أي أمر أن يكتب.
(7/67)
الحرب عن الناس
عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمدا من
قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه
وأن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال وأنه من أحب أن
ـــــــ
وكان الكاتب في ذلك اليوم علي بن أبي طالب، وقد كتب له عدة من أصحابه
منهم عبد الله بن الأرقم، وخالد بن سعيد، وأخوه أبان، وزيد بن ثابت،
وعبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول، وأبي بن كعب القاري، وقد كتب
له أيضا في بعض الأوقات أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وكتب له
كثيرا معاوية بن أبي سفيان بعد عام الفتح وكتب له أيضا الزبير بن
العوام، ومعيقيب بن أبي فاطمة والمغيرة بن شعبة، وشرحبيل بن حسنة وخالد
بن الوليد، وعمرو بن العاص، وجهيم بن الصلت وعبد الله بن رواحة، ومحمد
بن مسلمة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة الأسيدي وهو حنظلة بن
الربيع وفيه يقول الشاعر بعد موته
إن سواد العين أودى به
...
حزن على حنظلة الكاتب
والعلاء بن الحضرمي، ذكرهم عمر بن شبة في كتاب الكتاب له.
باسمك اللهم
وأما قول سهيل بن عمرو له ولكن اكتب باسمك اللهم فإنها كلمة كانت قريش
تقولها ولقولهم لها سبب قد ذكرناه في كتاب التعريف والإعلام وأول من
قالها أمية بن أبي الصلت، ومنه تعلموها وتعلمها هو من رجل من الجن في
خبر طويل ذكره المسعودي وهو الخبر الذي لخصناه في الكتاب المذكور.
عيبة مكفوفة
فصل وذكر في الكتاب وأن بيننا وبينكم عيبة مكفوفة أي صدور منطوية
(7/68)
يدخل في عقد
محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه
دخول خزاعة في عهد محمد وبنو بكر في عهد قريش:
فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا:
نحن في عقد قريش وعهدهم وأنك ترجع عنا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة ،
وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك، فأقمت بها ثلاثا،
معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها.
ـــــــ
على ما فيها لا تبدي عداوة وضرب العيبة مثلا، وقال الشاعر
وكادت عياب الود منا ومنهم
...
وإن قيل أبناء العمومة تصفر
وقال صلى الله عليه وسلم " الأنصار كرشي وعيبتي "فضرب العيبة مثلا
لموضع السر، وما يعتد به من ودهم. والكرش وعاء يصنع من كرش البعير يجعل
فيه ما يطبخ من اللحم يقال ما وجدت لهذه البضعة فاكرش أي إن الكرش قد
امتلأ فلم يسعها فمه. ويضرب أيضا هذا مثلا، كما قال الحجاج ما وجدت إلى
دم فلان فاكرش.
وقوله ولا إغلال هي الخيانة يقال فلان مغل الأصبع أي خائن اليد. قال
الشاعر
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن
...
بالغدر خائنة مثل الأصبع
والإسلال: السرقة والخلسة ونحوها، وهي السلة. قالوا في المثل الخلة
تدعو إلى السلة
(7/69)
ما أهم الناس
من الصلح ومجيء أبي جندل:
فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو، إذ
جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا
وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما
رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه
وسلم في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون فلما رأى
سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلبيبه ثم قال يا محمد قد لجت
القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا ; قال " صدقت "، فجعل ينتره
بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر
المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فزاد ذلك الناس إلى ما
بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن
الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا
وبين القوم صلحا، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وإنا لا نغدر بهم
قال فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول اصبر يا أبا
جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب. قال وبدني قائم السيف
ـــــــ
أبو جندل وصاحبه في الخمر:
فصل : وذكر خروج أبي جندل يرسف في الحديد. أبو جندل هو العاص بن سهيل
وأما أخوه عبد الله بن سهيل، فكان قد فر يوم بدر إلى المسلمين فلحق بهم
وشهد بدرا، والمشاهد كلها، وقتل يوم اليمامة شهيدا، وأما أبو جندل
فاستشهد مع أبيه بالشام في خلافة عمر وهو الذي شرب الخمر متأولا لقوله
تبارك وتعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا
وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة 93] فجلده
أبو عبيدة بأمر عمر وجلد صاحبه وهو ضرار، ثم إن أبا جندل أشفق من الذنب
حتى قال لقد هلكت، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فكتب إليه إن الذي زين لك
الخطيئة هو الذي حظر عليك التوبة {بِسْمِ اللَّهِ
(7/70)
منه. قال يقول
عمر رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال فضن الرجل بأبيه ونفذت
القضية.
من شهدوا على الصلح
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب أشهد على الصلح رجالا
من المسلمين ورجالا من المشركين أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد
الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سهيل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود
بن مسلمة، ومكرز بن حفص، وهو يومئذ مشرك وعلي بن أبي طالب وكتب وكان هو
كاتب الصحيفة.
ـــــــ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [ غافر
1 2] الآية. وكان شربها معه ضرار بن الخطاب، وأبو الأزور فلما أمر عمر
أن يجلدوا، قالوا: دعنا نلقى العدو فإن قتلنا فذاك وإلا حددتمونا، فقتل
أبو الأزور وحد الآخران
الدنية التي رفضها عمر رضي الله عنه:
فصل : وذكر قول عمر - رضي الله عنه - فعلام نعطى الدنية في ديننا، هي
فعيلة من الدناءة وأصلها الهمز وفي غير رواية ابن إسحاق أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال لعمر " إني عبد الله ولست أعصيه وهو ناصري "وأنه
أتى أبا بكر - رضي الله عنه - فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه
وسلم فجاوبه أبو بكر بمثل ما جاوبه به النبي صلى الله عليه وسلم حرفا
بحرف ثم قال له يا عمر الزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله قال عمر وما
(7/71)
نحر الرسول
وحلق فاقتدى به الناس:
قال ابن إسحاق:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل وكان يصلي في الحرم،
فلما فرغ من الصلح قدم إلى هديه فنحره ثم جلس فحلق رأسه وكان الذي حلقه
فيما بلغني، في
ـــــــ
شككت منذ أسلمت إلا تلك الساعة وفي هذا أن المؤمن قد يشك، ثم يجدد
النظر في دلائل الحق فيذهب شكه وقد روي عن ابن عباس أنه قال هو شيء لا
يسلم منه أحد، ثم ذكر ابن عباس قول إبراهيم - صلى الله عليه وسلم –
{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة 260] ولولا الخروج عما صمدنا
إليه في هذا الكتاب لذكرنا ما للعلماء في قول إبراهيم صلى الله عليه
وسلم { وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } وذكرنا النكتة العظمى في ذلك
ولعلنا أن نلقى لها موضعا، فنذكرها. والشك الذي ذكره عمر وابن عباس ما
لا يصر عليه صاحبه وإنما هو من باب الوسوسة التي قال فيها عليه السلام
مخبرا عن إبليس " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "
موقف أم سلمة في الحديبية:
وفي غير رواية ابن إسحاق من الصحيح أنه عليه السلام دخل على أم سلمة
وشكا إليها ما لقي من الناس حين أمرهم أن يحلقوا وينحروا، فلم يفعلوا
لما بهم من الغيظ فقالت يا رسول الله اخرج إليهم فلا تكلمهم حتى تحلق
وتنحر فإنهم إذا رأوك قد فعلت ذلك لم يخالفوك. ففعل صلى الله عليه وسلم
وفعل الناس وكان الذي حلق رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك
اليوم خراش بن أمية [بن ربيعة بن الفضل بن منقذ بن عفيف بن كليب بن
حبشية ابن سلول] الخزاعي [ثم الكلبي] وهو الذي كان بعثه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يومئذ إلى مكة فعقروا جمله وأرادوا قتله فحينئذ بعث
(7/72)
ذلك اليوم خراش
بن أمية بن الفضل الخزاعي فلما رأى الناس أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد عن ابن عباس،
قال:
دعوة الرسول للمحلقين ثم للمقصرين:
حلق رجال يوم الحديبية، وقصر آخرون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" يرحم الله المحلقين "، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال "يرحم
الله المحلقين "، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال " يرحم الله
المحلقين "، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال " والمقصري ن"،
فقالوا: يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين؟ قال "
لم يشكوا ".
ـــــــ
إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ففي تركهم للبدار دليل على أن الأمر
ليس على الفور كما ذهب إليه بعض الأصوليين وفيه أنهم حملوا الأمر على
غير الوجوب لقرينة وهي أنهم رأوه لم يحلق ولم ينحر ولم يقصر فلما رأوه
قد فعل اعتقدوا وجوب الأمر وامتثلوه. وفيه أيضا إباحة مشاورة النساء
وذلك أن النهي عن مشاورتهن إنما هو عندهم في أمر الولاية خاصة كذلك قال
أبو جعفر النحاس في شرح هذا الحديث.
المقصرون
فصل وذكر ابن إسحاق استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - للمحلقين
ثلاثا وللمقصرين مرة واحدة. ولم يكن المقصر يومئذ من أصحابه إلا رجلين
أحدهما عثمان بن عفان، والآخر أبو قتادة الأنصاري، كذلك جاء في مسند
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
(7/73)
أهدى الرسول
جملا فيه برة من فضة:
وقال عبد الله بن أبي نجيح: حدثني مجاهد، عن ابن عباس:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هدياه جملا
لأبي جهل في رأسه برة من فضة يغيط بذلك المشركين "
نزول سورة الفتح:
قال الزهري في حديثه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه
ذلك قافلا، حتى إذا كان بين مكة والمدينة، نزلت سورة الفتح { إِنَّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا
تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً }.[ الفتح:2,1]
ذكر البيعة:
ثم كانت القصة فيه وفي أصحابه حتى انتهى إلى ذكر البيعة فقال جل ثناؤه
{ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ
اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى
نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ
أَجْراً عَظِيماً }. [الفتح: 11].
ذكر من تخلف
ثم ذكر من تخلف عنه من الأعراب، ثم قال حين استفزهم للخروج معه فأبطئوا
عليه { سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا
أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا }.[الفتح:11]
ثم القصة عن خبرهم حتى انتهى إلى قوله { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ
إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا
نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ
تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ }.. ثم القصة عن
خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم أولي البأس الشديد.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء بن أبي رباح، عن
ابن
ـــــــ
.......................................
(7/74)
عباس، قال
فارس. قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن الزهري أنه قال أولو البأس
الشديد حنيفة مع الكذاب.
ثم قال تعالى: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ
فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً
حَكِيماً وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا
فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ
وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً
مُسْتَقِيماً وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ
اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }
[الفتح:18-21].
ذكر كف الرسول عن القتال
ثم ذكر محبسه وكفه إياه عن القتال بعد الظفر منه بهم يعني النفر الذين
أصاب منهم وكفهم عنه ثم قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ
بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيراً} ثم قال تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ }.
تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام:
المعكوف المحبوس قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
وكأن السموط عكفه السلك
...
بعطفي جيداء أم غزال
وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن إسحاق:
{ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَأُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ
ـــــــ
..........................................
(7/75)
مَعَرَّةٌ
بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الفتح: 25] والمعرة الغرم أي أن تصيبوا منهم [معرة]
بغير علم فتخرجوا ديته فأما إثم فلم يخشه عليهم.
قال ابن هشام:
بلغني عن مجاهد أنه قال نزلت هذه الآية في الوليد بن الوليد بن
المغيرة، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وأبي جندل بن سهيل.
وأشباههم.
قال ابن إسحاق:
ثم قال تبارك وتعالى: { إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي
قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } يعني سهيل بن
عمرو حين حمي أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأن محمدا رسول الله ثم
قال تعالى: { فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ
بِهَا } أي التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
ثم قال تعالى: { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ
لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ
مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا
لَمْ تَعْلَمُوا } [الفتح:26] أي لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم
التي رأى، أنه سيدخل مكة آمنا لا يخاف يقول محلقين رءوسكم ومقصرين معه
لا تخافون فعلم من ذلك ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا صلح
الحديبية.
يقول الزهري:
فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه إنما كان القتال حيث التقى
الناس فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب وأمن الناس بعضهم بعضا، والتقوا،
فتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل
فيه ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر.
ـــــــ
.......................................
(7/76)
قال ابن هشام:
والدليل على قول الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى
الحديبية في ألف وأربع مائة، في قول جابر بن عبد الله، ثم خرج عام فتح
مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف
ما جرى عليه أمر قوم من المستضعفين بعد الصلح
مجيء أبي بصير إلى المدينة وطلب قريش له:
قال ابن إسحاق:
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن
أسيد بن جارية، وكان ممن حبس بمكة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه
وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة والأخنس بن
شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا
رجلا من بني لؤي ومعه مولى لهم فقدما رسول الله صلى الله عليه وسلم
بكتاب الأزهر والأخنس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بصير
إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر
وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فانطلق إلى
قومك، قال يا رسول الله أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني؟ قال يا
أبا بصير انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا
ومخرجا
قتل أبي بصير للعامري ومقالة الرسول في ذلك
فانطلق معهما، حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه
ـــــــ
أبو بصير
وذكر حديث أبي بصير واختلف في اسمه فقيل عبيد بن أسيد بن جارية وقيل
عتبة.
(7/77)
صاحباه فقال
أبو بصير: أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر ؟ فقال نعم قال أنظر إليه ؟
قال انظر إن شئت. قال فاستله أبو بصير، ثم علاه به حتى قتله وخرج
المولى سريعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعا، قال إن هذا الرجل قد رأى
فزعا، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك ما لك ؟ "
قال قتل صاحبكم صاحبي. فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا بالسيف
حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله وفت ذمتك،
وأدى الله عنك، أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت بديني أن أفتن به أو يعبث
بي. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ويل أمه محش حرب لو كان
معه رجال.
اجتماع المحتسبين إلى أبي بصير وإيذاؤهم قريشا وإيواء الرسول لهم:
ثم خرج أبو بصير حتى نزل العيص، من ناحية ذي المروة، على ساحل البحر
بطريق قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام، وبلغ المسلمين الذين
كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير ويل
أمه محش حرب لو كان معه رجال فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص فاجتمع إليه
منهم قريب من سبعين رجلا، وكانوا قد ضيقوا على قريش، لا يظفرون بأحد
منهم إلا قتلوه ولا تمر بهم عير إلا اقتطعوها، حتى كتبت قريش إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم تسأل بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم.
فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة.
ـــــــ
وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم له حين قتل أحد الرجلين ويل أمه محش
حرب وفي الصحيح ويل أمه مسعر حرب يقال حششت النار وأرثتها، وأذكيتها،
وأثقبتها وسعرتها بمعنى واحد وسمي الأسعر الجعفي أسعر بقوله
فلا يدعني قومي لسعد بن مالك
...
لئن لم أسعر عليهم وأثقب
وكان اسمه مرثد بن حمران ومالك في هذا البيت هو مذحج، وأما لحوق
(7/78)
أراد سهيل ودي
أبي بصير وشعر موهب في ذلك:
قال ابن هشام: أبو بصير ثقفي.
قال ابن إسحاق:
فلما بلغ سهيل بن عمرو قتل أبي بصير صاحبهم العامري أسند ظهره إلى
الكعبة، ثم قال والله لا أؤخر ظهري عن الكعبة حتى يودى هذا الرجل فقال
أبو
ـــــــ
أبي بصير بسيف البحر ففي رواية معمر عن الزهري، أنه كان يصلي بأصحابه
هنالك حتى لحق بهم أبو جندل بن سهيل فقدموه لأنه قرشي، فلم يزل أصحابه
يكثرون حتى بلغوا ثلاثمائة وكان أبو بصير كثيرا ما يقول هنالك الله
العلي الأكبر من ينصر الله فسوف ينصر فلما جاءهم الفرج من الله تعالى،
وكلمت قريش النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤربهم إليه لما ضيقوا عليهم
ورد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بصير في الموت يجود بنفسه
فأعطي الكتاب فجعل يقرؤه ويسر به حتى قبض والكتاب على صدره فبني عليه
هناك مسجد يرحمه الله.
عمرة
وفي الحديث من غير السيرة أن المسلمين حين حلقوا في ذلك اليوم وهم
بالحل قد منعوا أن يدخلوا الحرم جاءت الريح فاحتملت شعورهم حتى ألقتها
في الحرم، فاستبشروا بقبول الله عمرتهم. ذكره أبو عمر.
والعمرة مشتقة من عمارة المسجد الحرام وبنيت على فعلة لأنها في معنى
(7/79)
سفيان بن حرب
والله إن هذا لهو السفه والله لا يودى ثلاثا، فقال في ذلك موهب بن رباح
أبو أنيس حليف بني زهرة
قال ابن هشام: أبو أنيس أشعري
ـــــــ
قربة ووصلة إلى الله تعالى، وليس قول من قال إنها الزيارة في اللغة
ببين ولا في قول الأعشى حجة لهم لأنه محتمل التأويل وهو قوله
وجاشت النفس لما جاء فلهم ... وراكب جاء من تثليث معتمر
قتل أبي بصير للكافر
فصل ومما يسأل عنه في حديث أبي بصير قتله الرجل الكافر وهو في العهد
أكان ذلك حراما أم مباحا له وظاهر الحديث رفع الحرج عنه لأن النبي -
صلى الله عليه وسلم - لم يثرب، بل مدحه وقال ويل أمه محش حرب . فإن قيل
وكيف يكون ذلك جائزا له وقد حقن الصلح الدماء ؟ قلنا: إنما ذلك في حق
أبي بصير على الخصوص لأنه دافع عن نفسه ودينه ومن قتل دون دمه فهو شهيد
وإنما لم يطالبه رسول الله صلى الله عليه وسلم - بدية. ولأن أولياء
المقتول لم يطالبوه إما لأنهم كانوا قد أسلموا، وإما لأن الله شغلهم عن
ذلك حتى انتكث العهد وجاء الفتح.
فإن قيل فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدي من قتل خطأ من أهل الصلح
كما ودى العامريين وغيرهما قلنا: عن هذا جوابان أحدهما : أن أبا بصير
كان قد رده إلى المشركين فصار في حكمهم ولم يكن في فئة المسلمين وحزبهم
فيحكم عليه بما يحكم عليهم.
والجواب الثاني : أنه إن كان قتل عمدا، ولم يكن قتل خطأ كما كان قتل
(7/80)
أتاني عن سهيل
ذرء قول
...
فأيقظني وما بي من رقاد
فإن تكن العتاب تريد مني
...
فعاتبني فما بك من بعادي
أتوعدني وعبد مناف حولي
...
بمخزوم ألهفا من تعادي
فإن تغمز قناتي لا تجدني
...
ضعيف العود في الكرب الشداد
أسامي الأكرمين أبا بقومي
...
إذا وطئ الضعيف بهم أرادي
هم منعوا الظواهر غير شك
...
إلى حيث البواطن فالعوادي
بكل طمرة وبكل نهد
...
سواهم قد طوين من الطراد
لهم بالخيف قد علمت معد
...
رواق المجد رفع بالعماد
ابن الزبعرى يرد على موهب:
فأجابه عبد الله بن الزبعرى، فقال:
وأمسى موهب كحمار سوء
...
أجاز ببلدة فيها ينادي
ـــــــ
العامريين، وقد قال عمر بن الخطاب: لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا [ولا
صلحا ولا اعترافا].
من مواقف عمر في الحديبية
فصل وقول عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم ألم تعدنا أنا تأتي البيت
ونطوف به ؟ فقال " نعم وذكر الحديث. كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
قد أري ذلك في منامه ورؤيا الأنبياء وحي ثم أنزل الله تعالى: {لَقَدْ
صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ} [الفتح 27 ] الآية
ويسأل عن قوله {إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] ما فائدة هذا
الاستثناء وهو خبر واجب ؟ وفي الجواب أقوال أحدها: أنه راجع إلى قوله {
آمِنِينَ } لا إلى
(7/81)
فإن العبد مثلك
لا يناوي ... سهيلا ضل سعيك من تعادي
فأقصر يا ابن قين السوء عنه ... وعد عن المقالة في البلاد
ولا تذكر عتاب أبي يزيد ... فهيهات البحور من الثماد
ـــــــ
أمر المهاجرات بعد الهدنة
هجرة أم كلثوم إلى الرسول وإباؤه ردها:
[قال ابن إسحاق]:
وهاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي
معيط في تلك المدة فخرج أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة حتى قدما على
رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه أن يردها
نفس الدخول وهذا ضعيف لأن الوعد بالأمان قد اندرج في الوعد بالدخول.
الثاني : أنه وعد على الجملة والاستثناء راجع إلى التفصيل إذ لا يدري
كل إنسان منهم هل يعيش إلى ذلك أم لا، فرجع الشك إلى هذا المعنى، لا
إلى الأمر الموعود به وقد قيل إنما هو تعليم للعباد أن يقولوا هذه
الكلمة ويستعملونها في كل فعل مستقبل أعني: إن شاء الله.
بيعة الشجرة وأول من بايع:
فصل
وذكر بيعة الشجرة، وسببها، ولم يذكر أول من بايع وذكر الواقدي أن أول
من بايع بيعة الرضوان سنان بن أبي سنان الأسدي. وقال موسى بن عقبة: أول
من بايع أبو سنان واسمه وهب بن محصن أخو عكاشة بن محصن
(7/82)
عليهما بالعهد
الذي بينه وبين قريش في الحديبية، فلم يفعل أبى الله ذلك.
سؤال ابن أبي هنيدة لعروة عن آية المهاجرات ورده عليه:
قال ابن إسحاق: فحدثني الزهري، عن عروة بن الزبير، قال:
دخلت عليه وهو يكتب كتابا إلى ابن أبي هنيدة، صاحب الوليد بن عبد الملك
وكتب إليه يسأله عن قول الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ
اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ
فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا
هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } [الممتحنة:10]
تفسير ابن هشام لبعض الغريب :
قال ابن هشام:
ـــــــ
الأسدي، وقال الواقدي: كان أبو سنان أسن من أخيه عكاشة بعشر سنين شهد
بدرا، وتوفي يوم بني قريظة ويروى أنه حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم
ابسط يدك أبايعك، قال علام تبايعني ؟ قال على ما في نفسك يا رسول الله
وأما سنان ابنه فهو أيضا بدري، مات سنة ثلاث وثلاثين وأما مبايعتهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وكانوا ألفا وأربعمائة في
إحدى الروايتين عن جابر وألفا وخمسمائة في الرواية الأخرى عنه فبايعوه
في قول جابر على أن لا يفروا. قال ولم يبايعوه على الموت. وقال سلمة بن
الأكوع: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت قال الترمذي:
وكلا الحديثين صحيح لأن بعضهم بايع على أن لا يفروا، ولم يذكروا الموت
وبعضهم قال أبايعك على الموت
(7/83)
واحدة العصم
عصمة وهي الحبل والسبب. قال عشي بني قيس بن ثعلبة
إلى المرء قيس نطيل السرى ... ونأخذ من كل حي عصم
وهذا البيت في قصيدة له.
{ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ
حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
[الممتحنة: 10]
عود إلى جواب عروة:
قال فكتب إليه عروة بن الزبير: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن وليه فلما
هاجر النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام أبى الله
أن يرددن إلى المشركين إذا هن امتحن بمحنة الإسلام فعرفوا أنهن إنما
جئن رغبة في الإسلام وأمر برد صدقاتهن إليهم إن احتبسن عنهم إن هم ردوا
على المسلمين صداق من حبسوا عنهم من نسائهم ذلكم حكم الله يحكم بينكم
والله عليم حكيم فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء ورد الرجال
وسأل الذي أمره الله به أن يسأل من صدقات نساء من حبسوا منهن وأن يردوا
عليهم مثل الذي يردون عليهم إن هم فعلوا، ولولا الذي حكم الله به من
هذا الحكم لرد رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء كما رد الرجال
ولولا الهدنة والعهد الذي كان بينه وبين قريش يوم الحديبية لأمسك
النساء ولم يردد لهن صداقا، وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل
العهد
سؤال ابن إسحاق الزهري عن آية المهاجرات:
قال ابن إسحاق:
ـــــــ
ما قاله أبو جندل
فصل ومما قاله أبو جندل بن سهيل أيام كونه مع أبي بصير بسيف البحر
أبلغ قريشا عن أبي جندل
...
أنا بذي المروة فالساحل
(7/84)
وسألت الزهري
عن هذه الآية وقول الله عز وجل فيها:
{ وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ
فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا
أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }
[الممتحنة: 11] فقال يقول إن فات أحدا منكم أهله إلى الكفار ولم تأتكم
امرأة تأخذون بها مثل الذي يأخذون معكم فعرضوهم في فيء إن أصبتموه فلما
نزلت هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ
الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ }. إلى قول الله عز وجل { وَلا تُمْسِكُوا
بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } كان ممن طلق عمر بن الخطاب، طلق امرأته قريبة
بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على
شركهما بمكة وأم كلثوم بنت جرول أم عبيد الله بن عمر الخزاعية فتزوجها
أبو جهم بن حذيفة بن غانم، رجل من قومه وهما على شركهما.
بشرى فتح مكة وتعجيل بعض المسلمين
قال ابن هشام: حدثنا أبو عبيدة:
أن بعض من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لما قدم
المدينة: ألم تقل يا رسول الله إنك تدخل مكة آمنا ؟ قال " بلى، أفقلت
لكم من عامي هذا؟ " قالوا: لا، قال " فهو كما قال لي جبريل عليه السلام
"
ـــــــ
في معشر تخفق أيمانهم
...
بالبيض فيها والقنا الذابل
يأبون أن تبقى لهم رفقة
...
من بعد إسلامهم الواصل
أو يجعل الله لهم مخرجا
...
والحق لا يغلب بالباطل
فيسلم المرء بإسلامه
...
أو يقتل المرء ولم يأتل
(7/85)
|