الروض الأنف ت الوكيل

[سِيَاقَةُ النّسَبِ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السّلَامُ]

[ «أبناء إسماعيل عليه السلام» ] :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الله البكائي، عن محمد بن إسحاق المطلبي قَالَ:
وَلَدَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِمَا السّلَامُ- اثنى عشر رجلا: نابتا- وكان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْكَبِيرِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْمُعَيْطِيّ وَإِنّمَا أَصْلُهُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ حُنَيْنٍ «1» . وَتَمّمَهُ الْمُعَيْطِيّ، فَنَسَبَ إلَيْهِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا نَحْوُ مِمّا رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ أَنّهُ قَالَ: مَا وَجَدْنَا أَحَدًا يَعْرِفُ مَا بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِسْمَاعِيلَ، وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: بَيْنَ عَدْنَانَ وَإِسْمَاعِيلَ ثَلَاثُونَ أَبًا لَا يُعْرَفُونَ.
(ذِكْرُ إسْمَاعِيلَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَبَنِيهِ) وَقَدْ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السّلَامُ- بَنُونَ سِوَى إسْحَاقَ وَإِسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ سِتّةٌ مِنْ قَطُورَا بِنْتِ يَقْطُرَ «2» وَهُمْ: مَدْيَانُ وَزَمِرَانِ وَسُرُج بِالْجِيمِ وَنَقْشَانِ
__________
(1) فى شرح المواهب للزرقانى «بن جبير» .
(2) فى سفر التكوين «قالت سارة لإبرام: هو ذا الرب قد أمسكنى عن الولادة. ادخل على جاريتى، لعلى أرزق منها بنين، فسمع إبرام لقول ساراى فأخذت ساراى امرأة إبرام هاجر المصرية جاريتها.. وأعطتها لإبرام رجلها زوجة له، فدخل على هاجر، فحملت» وفيه أيضا: «وعاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها: قطورة، فولدت له زمران ويقشان ومدان ومديان وبشتاق وشوحا.. وهذه أيام سنى حياة إبراهيم التى عاشها 175 سنة» الإصحاح 16، 25 وفى الطبرى: أن اسم زوجة إبراهيم التى تزوجها بعد وفاة سارة وهاجر هى: قطورا-

(1/84)


أكبرهم- وقيدر، وأذبل، ومنشا، ومسمعا، وماشى، ودمّا، وأذر، وطيما، ويطورا، ونبش، وقيذما. وأمهم: بِنْتُ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيّ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: مِضَاضٌ. وَجُرْهُمُ بْنُ قَحْطَانَ- وَقَحْطَانُ أَبُو الْيَمَنِ كُلّهَا، وَإِلَيْهِ يَجْتَمِعُ نَسَبُهَا- ابْنُ عَابِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامَ بْنِ نوح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
- وَمِنْ وَلَدِ نَقْشَانِ الْبَرْبَرُ فِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ- وَأُمّهُمْ رِغْوَةُ. وَمِنْهُمْ نُشِقّ وَلَهُ بَنُونَ آخَرُونَ مِنْ حَجّونِ «1» بِنْتِ أَهَيّن، وَهُمْ: كَيْسَانُ وسورج وَأُمَيْمُ وَلَوّطَانِ وَنَافِسُ. هَؤُلَاءِ بَنُو إبْرَاهِيمَ.
وَقَدْ ذكر ابن إسحاق أسماء بنى إسمعيل، ولم يذكر بنته، وهى نسمة «2»
__________
- بنت يقطن الكنعانية، وأنها ولدت له ستة هم: يقسان، وزمران، ومديان، ويسبق، وسوح، وبسر. وفى رواية: مدن ومدين ويقسان وزمران ويسبق وسوح، وأمهم قنطورا بنت مقطور، ويقال فى يسبق: يسهاق وفى سوح: ساح. ويذكر ابن خلدون فى تاريخه «وقال السهيلى: قنطورا بزيادة نون بين القاف والطاء» ثم يقول: «فولدت له- كما هو مذكور فى التوراة- ستة من الولد» ثم ذكر ستة الأولاد غير أنه ذكر أسبق وشوخ بدلا من بشتاق وشوخ المذكورين فى سفر التكوين ص 99 طبع لبنان، ويذكر الطبرى أن بعضهم ذكر أن إبراهيم تزوج بعد سارة امرأتين من العرب إحداهما قنطورا بنت يقطان فولدت له ستة، والأخرى: حجّور بنت أرهير، فولدت له خمسة بنين هم: كيسان وشورح وأميم ولوطان ويافس. أما فى المعارف فيذكر أنه جاء من قطورا بأربعة، ومن حجورا بسبعة وروايته عن وهب بن منبه، ولا أدرى من أين؟!.
(1) انظر ص 309 وما بعدها ج 1 الطبرى، ص 12 المعارف.
(2) فى الطبرى: بسمة، وفى التكوين أن عيصو أو عيسو تزوج هوديت ابنة بيرى الحثى، وبسمة ابن إيلون الحثى.

(1/85)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بنت إسمعيل، وهى امرأة عيصو بن إسحق «1» ، وَوَلَدَتْ لَهُ الرّومَ وَفَارِسَ- فِيمَا ذَكَرَ الطّبَرِيّ «2» - وَقَالَ: أَشُكّ فِي الْأَشْبَانِ هَلْ: هِيَ أُمّهُمْ، أَمْ لَا؟ وَهُمْ مِنْ وَلَدِ عيصو، وَيُقَالُ فيه أيضا: عيصا، وذكر فى ولد إسمعيل طيما «3» ، وَقَيّدَهُ الدّارَقُطْنِيّ: ظُمْيًا بِظَاءِ مَنْقُوطَةٍ بَعْدَهَا مِيمٌ كَأَنّهَا تَأْنِيثُ أَظْمَى، وَالظّمَى مَقْصُورٌ:
سُمْرَةٌ فِي الشّفَتَيْنِ «4» .
وَذَكَرَ دَمًا «5» ، وَرَأَيْت لِلْبَكْرِيّ أَنّ دومة الجندل عرفت بدوما ابن إسْمَاعِيلَ وَكَانَ نَزَلَهَا، فَلَعَلّ دَمًا مُغَيّرٌ مِنْهُ، وذكر أن الطور سمّى بيطور
__________
(1) فى الطبرى: عيص، وفى التكوين: عيسو. وفيه أيضا أن عيسو ويعقوب توأمان، وأن عيسو سمى بهذا لأنه ولد أحمر كفروة الشعر، وسمى يعقوب باسمه هذا لأنه ولد ويده قابضة على عقب عيسو.
(2) ذكره فى ص 162 ج 1.
(3) طيما بفتح الطاء وكسرها وسكون الياء، وفى أصول الأنساب. تيما. أما فى الطبرى، فطما، وفى التكوين: تيما.
(4) يقال. ظلّ أظمى أى: أسود، ورمح أظمى: أسود، وشفة ظمياء: فيها سمرة وذبول.
(5) هو دمّا أو دمار، وفى القاموس دومة، ودوماء، وفى مراصد الاطلاع أنها بالضم والفتح، وأنكر ابن دريد الفتح وعده من أغلاط المحدثين، وعند الواقدى: دوما، وفى ياقوت: دوماء، وفى معجم البكرى. بضم الدال، وقال إنها بين الحجاز والشام وأنها سميت بدومان بن إسماعيل إذ كان بها، وذكر صاحب المراصد أنها سميت كذلك، لأنها مبنية بها أى بالجنادل، وهى الصخور العظيمة.

(1/86)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ابن إسْمَاعِيلَ، فَلَعَلّهُ مَحْذُوفُ الْيَاءِ أَيْضًا- إنْ كَانَ صَحّ مَا قَالَهُ- وَاَللهُ أَعْلَمُ.
وَأَمّا الّذِي قَالَهُ أَهْلُ التّفْسِيرِ فِي الطّورِ، فَهُوَ كُلّ جَبَلٍ يُنْبِتُ الشّجَرَ، فَإِنْ لَمْ يُنْبِتْ شَيْئًا فليس بطور «1» ، وأما قيذر فَتَفْسِيرُهُ عِنْدَهُمْ: صَاحِبُ الْإِبِلِ، وَذَلِكَ أَنّهُ كَانَ صَاحِبَ إبِلِ إسْمَاعِيلَ. قَالَ: وَأُمّهُ «2» : هَاجَرُ. وَيُقَالُ فِيهَا:
آجَرُ، وَكَانَتْ سُرّيّةً «3» لِإِبْرَاهِيمَ، وَهَبَتْهَا لَهُ سَارّةُ بِنْتُ عَمّهِ، وَهِيَ سَارّةُ بِنْتُ توبيل بْنِ نَاحُورٍ، وَقِيلَ: بِنْتُ هَارَانِ «4» بْن نَاحُورٍ، وقيل: هاران بنت تارح.
__________
(1) فى مفردات الراغب: أن كل جبل يقال عليه طور، وفى المعجم الوسيط جبل ينبت الشجر.
(2) أى أم إسماعيل.
(3) جارية مملوكة.
(4) فى الطبرى: سارة هى بنت هاران الأكبر عم إبراهيم، وقيل: إنها كانت ابنة ملك حران، وفى المعارف أنها بنت هرون ملكى، أما هاران فأخ له، وفى التكوين أن هاران أخ لإبراهيم، وأن ناحور، الذى هو أخو إبراهيم تزوج ملكة بنت هاران «أى بنت أخيه» ويذكر سفر التكوين أن إبراهيم قال لأبيمالك ملك حران عن سارة إنها أخته، ولكن الملك رأى فى منامه أنها زوجة إبراهيم فسأل إبراهيم فى هذا، فقال إبراهيم «بالحقيقة أيضا هى أختى ابنة أبى، غير أنها ليست أمى» انظر ص 125 ج 1 الطبرى، ص 11 المعارف لابن قتيبة، والإصحاح المتمم للعشرين من سفر التكوين هذا والآية التى استند إليها لا تدل على وحدة الشريعة، وإنما تدل على وحدة الدين فى عمومه، وقد ورد فى نفس الآية ما وصى الله به كل الرسل فى قوله سبحانه: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ، وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) والله تعالى يقول فى سورة المائدة آية رقم 48: (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) وعن قتادة: «الدين واحد، والشريعة مختلفة» . وأنا لا أجزم بأمر، وإنما أريد أن أنبه- فحسب- إلى أن الآية ليست حجة له فيما ذهب إليه.

(1/87)


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: جُرْهُمُ بْنُ يَقْطَنَ بْنِ عيبر بن شالخ، ويقطن هو قحطان ابن عيبر بن شالخ.

[ «وفاة إسماعيل، وموطن أمه» ] :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ عُمْرُ إسْمَاعِيلَ- فِيمَا يذكرون- مائة سَنَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، ثُمّ مَاتَ- رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِ- وَدُفِنَ فِي الْحِجْرِ مَعَ أُمّهِ هاجر، رحمهم الله تعالى.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ: هَاجَرَ وَآجَرَ، فَيُبْدِلُونَ الْأَلِفَ مِنْ الْهَاءِ، كَمَا قَالُوا: هَرَاقَ الْمَاءَ، وَأَرَاقَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ: وَهَاجَرُ مِنْ أَهْلِ مصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَهِيَ بِنْتُ أَخِيهِ عَلَى هَذَا، وَأُخْتُ لُوطٍ. قَالَهُ الْقُتَبِيّ فِي الْمَعَارِفِ، وَقَالَهُ النّقّاشُ فِي التّفْسِيرِ، وَذَلِكَ أَنّ نِكَاحَ بِنْتِ الْأَخِ كَانَ حَلّالَا إذْ ذَاكَ فِيمَا ذُكِرَ، ثُمّ نَقَضَ النّقّاشُ هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً) الشّورَى: 13. إنّ هَذَا يَدُلّ عَلَى تَحْرِيمِ بِنْتِ الْأَخِ عَلَى لِسَانِ نُوحٍ- عَلَيْهِ السّلَامُ- وَهَذَا هُوَ الْحَقّ، وَإِنّمَا تَوَهّمُوا أَنّهَا بِنْتُ أَخِيهِ، لِأَنّ هَارَانِ أَخُوهُ، وَهُوَ هَارَانِ الْأَصْغَرُ، وَكَانَتْ هِيَ بِنْتُ هَارَانِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ عَمّهُ، وَبَهَارَانِ سُمّيَتْ مَدِينَةُ حَرّانَ، لِأَنّ الْحَاءَ هَاءٌ بِلِسَانِهِمْ، وَهُوَ سُرْيَانِيّ «1» وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ إبْرَاهِيمَ إنّمَا نَطَقَ بالعبرانية حِينَ عَبَرَ النّهْرَ فَارّا مِنْ النمروذ، وَكَانَ النمروذ قَدْ قَالَ لِلطّلَبِ «2» الذين أرسلهم فى طلبه: إذا
__________
(1) ص 159 ج 1.
(2) طلب بفتح الطاء واللام، أو ضمها وتشديد اللام مع فتحها جمع طالب.

(1/88)


[ (حديث فى الوصاة بأهل مصر) :]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ- قَالَ:
اللهَ اللهَ فِي أَهْلِ الذّمّةِ، أَهْلِ الْمَدَرَةِ السّوْدَاءِ، السّحْمِ الجعاد، فإن لهم نسبا وصهرا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَجَدْتُمْ فَتًى يَتَكَلّمُ بالسريانية، فَرُدّوهُ، فَلَمّا أَدْرَكُوهُ اسْتَنْطَقُوهُ، فَحَوّلَ اللهُ لِسَانَهُ عِبْرَانِيّا، وَذَلِكَ حِينَ عَبَرَ النّهْرَ، فَسُمّيَتْ الْعِبْرَانِيّةُ بِذَلِكَ، وَأَمّا السّرْيَانِيّةُ «1»
__________
(1) ويقول بعض الباحثين أن إبراهيم وصف بالعبرانى لأنه منسوب إلى إحد آبائه الأقدمين المعروف باسم: عبر غير أن الدكتور «ولفنسون» الذى كان أستاذا للغات السامية فى جامعة مصرية هى جامعة القاهرة الآن. يرفض الرأيين، ويزعم أن كلمة عبرى لا ترجع إلى شخص بعينه أو حادثة معينة، وإنما هى ترجع إلى الموطن الأصلى لبنى إسرائيل، وكان هؤلاء أمة بدوية صحراوية لا يستقرون فى مكان بل يرحلون من بقعة إلى أخرى بالإبل والماشية بحثا عن الماء والمرعى، ثم يقول: وكلمة عبرى مشتقة من الفعل الثلاثى عبر بمعنى قطع مرحلة من الطريق أو عبر الوادى، أو النهر من عبره إلى عبره «شطه وجانبه» أو عبر السبيل شقها، وكل هذه المعانى نجدها فى هذا الفعل سواء فى العربية والعبرية، وهى فى مجملها تدل على التحول والتنقل الذى هو من أخص ما يتصف به سكان الصحراء وأهل البادية، فكلمة عبرى مثل كلمة بدوى، أى: ساكن الصحراء والبادية، وقد كان الكنعانيون والمصريون والفلسطينيون يسمون بنى إسرائيل: بالعبريين، ثم نفر بنو إسرائيل من هذه الكلمة بعد أن سكنوا المدن. ثم قال: وليس يوجد فى صحف العهد القديم ما يدل على تسمية لغة بنى إسرائيل بالعبرية، بل كانت تعرف تارة باسم اللغة اليهودية، وتارة باسم لغة كنعان ولم تعرف باسم العبرية إلا بعد السبى البابلى فى كتاب حكم ابن سيرا، وفى مصنفات المؤرخ اليهودى: يوصف، وفى المشنا والتلمود. -

(1/89)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ سَلَامٍ- فَسُمّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنّ اللهَ- سُبْحَانَهُ- لَمّا عَلّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلّهَا، عَلّمَهُ سِرّا مِنْ الْمَلَائِكَةِ! وَأَنْطَقَهُ بِهَا حِينَئِذٍ، وَكَانَتْ هَاجَرُ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَلِكِ الْأُرْدُنّ، وَاسْمُهُ صَادُوقٌ- فِيمَا ذَكَرَ الْقُتَبِيّ- دَفَعَهَا إلَى سَارّةَ حِينَ أَخَذَهَا مِنْ إبْرَاهِيمَ عَجَبًا مِنْهُ بِجَمَالِهَا، فَصُرِعَ مَكَانَهُ، فَقَالَ: اُدْعِي اللهَ أَنْ يُطْلِقَنِي. الْحَدِيثَ، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي الصّحَاحِ، فَأَرْسَلَهَا، وَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ «1» ، وَكَانَتْ هَاجَرُ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَلِكِ بِنْتِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكٍ الْقِبْطِ «2» بِمِصْرِ ذَكَرَهُ الطّبَرِيّ من حديث سيف ابن عمر أو غيزه أَنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حِينَ حَاصَرَ مِصْرَ، قَالَ لِأَهْلِهَا: إنّ نَبِيّنَا عَلَيْهِ السّلَامُ قَدْ وَعَدَنَا بِفَتْحِهَا، وَقَدْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْتَوْصِيَ بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنّ لَهُمْ نَسَبًا وَصِهْرًا، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا نَسَبٌ لَا يَحْفَظُ حَقّهُ إلّا نَبِيّ، لأنه نسب بعيد.
__________
- ويذكر ولفنسون عن السريانية أنها لهجة المنطقة الثالثة للهجات الكتلة الآرامية الشرقية، وكان مركز المدينة التى عرفت عند العرب باسم: الرّهاء «بالمد والقصر مدينة بالجزيرة فوق حران بينهما ست فراسخ» ؛ ثم حرف اسمها فى القرن الخامس عشر إلى أورفا. ويقول إن كلمة سريانى التى اصطلح عليها عوضا عن لفظة آرامى إنما غلبت لأن الآراميين الذين اعتنقوا ديانة المسيح لم يرضوا بهذه التسمية إذا كان هذا اللفظ يمثل فى التوراة جماهير الآراميين الوثنيين، وعلى هذا ادعوا أنهم سريان أى آراميون اعتنقوا المسيحية ص 77 وما بعدها، ثم ص 145 وما بعدها كتاب تاريخ اللغات السامية ط 1 سنه 1929 م.
(1) فعل الملك معها هذا ثلاث مرات كما ورد فى البخارى، وفى الثالثة أطلقها، وأخدمها هاجر، وفى الطبرى أيضا أنه فرعون، وأن هذا كان بمصر، وأن فرعون هذا هو الذى أخدمها هاجر ص 245 ج 1 الطبرى.
(2) فى الطبرى بعد هذا: «وكانت من أهل منف، والملك فيهم» ص 229 ج 4.

(1/90)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَصَدَقَ، كَانَتْ أُمّكُمْ امْرَأَةً لِمَلِكِ مِنْ مُلُوكِنَا، فَحَارَبْنَا أَهْلَ عَيْنِ شَمْسٍ، فَكَانَتْ لَهُمْ عَلَيْنَا دَوْلَةٌ، فَقَتَلُوا الْمَلِكَ وَاحْتَمَلُوهَا، فَمِنْ هُنَاكَ تَصَيّرَتْ إلَى أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ- أَوْ كَمَا قَالُوا- وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ الْمَلِكَ الّذِي أَرَادَ سَارّةَ هُوَ سِنَانُ بْنُ عِلْوَانَ، وَأَنّهُ أَخُو الضّحّاكِ الّذِي تَقَدّمَ ذِكْرُهُ، وَفِي كِتَابِ التّيجَانِ لِابْنِ هِشَامٍ أَنّهُ عَمْرُو بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ بَابِلْيُونَ بْنِ سَبَأٍ، وَكَانَ عَلَى مِصْرَ وَاَللهُ أَعْلَمُ.
وَهَاجَرُ أَوّلُ امْرَأَةٍ ثَقَبَتْ أُذُنَاهَا، وَأَوّلُ مَنْ خُفِضَ مِنْ النّسَاءِ «1» ، وَأَوّلُ مَنْ جَرّتْ ذَيْلَهَا، وَذَلِكَ أَنّ سَارّةَ غَضِبَتْ عَلَيْهَا، فَحَلَفَتْ أَنْ تَقْطَعَ ثَلَاثَةَ أَعْضَاءٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، فَأَمَرَهَا إبْرَاهِيمُ- عَلَيْهِ السّلَامُ- أَنْ تَبَرّ قَسَمَهَا بِثَقْبِ أُذُنَيْهَا وَخِفَاضِهَا، فَصَارَتْ سُنّةً فِي النّسَاءِ، وَمِمّنْ ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ.
وإسمعيل عَلَيْهِ السّلَامُ نَبِيّ مُرْسَلٌ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى إلَى أَخْوَالِهِ مِنْ جُرْهُمٍ وَإِلَى الْعَمَالِيقِ الّذِينَ كَانُوا بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَآمَنَ بَعْضٌ وَكَفَرَ بَعْضٌ.
وَقَوْلُهُ: وَأُمّهُمْ بِنْتُ مُضَاضٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا. وَاسْمُهَا: السّيّدَةُ ذَكَرَهُ الدّارَقُطْنِيّ. وَقَدْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ سِوَاهَا مِنْ جُرْهُمٍ، وَهِيَ الّتِي أَمَرَهُ أَبُوهُ بِتَطْلِيقِهَا حِينَ قَالَ لَهَا إبْرَاهِيمُ: قُولِي لِزَوْجِك: فَلْيُغَيّرْ عَتَبَتَهُ «2» يُقَالُ اسْمُهَا: جِدَاءُ بِنْتُ
__________
(1) خفض الصبية خفاضا: ختنها والشريعة لا توجب هذا.
(2) لأنه- كما ورد فى صحيح البخارى- سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشرّ، نحن فى ضيق، وشدة، فلما جاء إسماعيل، وأخبرته زوجته-

(1/91)


قَالَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ: نَسَبُهُمْ: أَنّ أُمّ إسْمَاعِيلَ النّبِيّ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهُمْ. وَصِهْرُهُمْ، أَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ- تَسَرّرَ فِيهِمْ.
قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: أُمّ إسْمَاعِيلَ: هَاجَرُ، مِنْ «أُمّ الْعَرَبِ» قَرْيَةٍ كانت أمام الفرما من مِصْرَ.
وَأُمّ إبْرَاهِيمَ: مَارِيَةُ سُرّيّةُ النّبِيّ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ- الّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ مِنْ حَفْنٍ، مِنْ كُورَةِ أنْصِنا.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ شِهَابِ الزّهْرِيّ:
أَنّ عَبْدَ الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مَالِكٍ الْأَنْصَارِيّ، ثُمّ السّلَمِيّ حَدّثَهُ أَنّ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال:
«إذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا؛ فَإِنّ لَهُمْ ذِمّةً وَرَحِمًا» فَقُلْت لِمُحَمّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزّهْرِيّ: «مَا الرّحِمُ الّتِي ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ- لَهُمْ؟ فَقَالَ: كَانَتْ هَاجَرُ أُمّ إسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ» .

[ «أَصْلُ الْعَرَبِ وأولاد عدنان ومعد وقضاعة» :]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَالْعَرَبُ كُلّهَا مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَقَحْطَانَ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ يَقُولُ: قَحْطَانُ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَيَقُولُ: إسْمَاعِيلُ أَبُو الْعَرَبِ كلها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سَعْدٍ، ثُمّ تَزَوّجَ أُخْرَى، وَهِيَ الّتِي قَالَ لها إبراهيم فى الزّورة الثانية قولى
__________
- بما حدث بينها وبين أبيه، وأنه يطلب منه أن يغير عتبة الباب قال إسماعيل: ذاك أبى وقد أمرنى أن أفارقك.. والحديث كما قال السهيلى.

(1/92)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِزَوْجِك: فَلْيُثَبّتْ عَتَبَةَ بَيْتِهِ: الْحَدِيثَ «1» ، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي الصّحَاحِ أَيْضًا يُقَالُ اسْمُ هَذِهِ الْآخِرَةِ: سَامَةُ بِنْتُ مُهَلْهِلٍ، ذَكَرَهُمَا، وَذَكَرَ الّتِي قَبْلَهَا الْوَاقِدِيّ فِي كِتَابِ «انْتِقَالِ النّورِ» وَذَكَرَهَا الْمَسْعُودِيّ أَيْضًا «2» وَقَدْ قِيلَ فِي الثّانِيَةِ: عَاتِكَةُ.
هَدَايَا الْمُقَوْقِسِ وَقَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ عُمَرَ: مَوْلَى غُفْرَةَ، وَغُفْرَةُ هَذِهِ هِيَ أُخْتُ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ.
وَقَوْلُ مَوْلَى غُفْرَةَ هَذَا: إنّ صِهْرَهُمْ لِكَوْنِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسَرّرَ «3» مِنْهُمْ، يَعْنِي: مَارِيَةَ بِنْتَ شمعون الّتِي أَهْدَاهَا إلَيْهِ الْمُقَوْقِسُ، وَاسْمُهُ: جُرَيْجُ بْنُ مِينَاءٍ، وَكَانَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد أَرْسَلَ إلَيْهِ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ وَجَبْرًا مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ الْغِفَارِيّ، فَقَارَبَ الْإِسْلَامَ وَأَهْدَى مَعَهُمَا إلَى النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَغْلَتَهُ الّتِي يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ، وَالدّلْدُلُ: الْقُنْفُذُ الْعَظِيمُ، وَأَهْدَى إلَيْهِ مَارِيَةَ بِنْتَ شمعون، وَالْمَارِيَةُ:
بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ: الْبَقَرَةُ الْفَتِيّةُ بِخَطّ ابْنِ سِرَاجٍ يذكره عن أبى عمرو المطرز.
__________
(1) لأنها قالت لإبراهيم- عليه السلام- حين سألها عن عيشهم وهيئتهم- كما ورد فى صحيح البخارى- «نحن بخير وسعة، وأثنت على الله»
(2) انظر ص 47 وما بعدها ج 2 مروج الذهب الطبعة الثانية، وذكر عن جداء أنها من العماليق من بنى كركر.
(3) تسرر الرجل: اتخذ أمة لفراشه.

(1/93)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَمّا الْمَارِيّةُ بِالتّشْدِيدِ، فَيُقَالُ قَطَاةٌ مَارِيّةٌ أَيْ: مَلْسَاءُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنّفِ.
وَأَهْدَى إلَيْهِ أَيْضًا قَدَحًا مِنْ قَوَارِيرَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشْرَبُ فِيهِ. رَوَاهُ ابْنُ عَبّاسٍ، فَيُقَالُ: أَنّ هِرْقِلَ عَزَلَهُ لَمّا رَأَى مِنْ مَيْلِهِ إلَى الْإِسْلَامِ. وَمَعْنَى الْمُقَوْقِسِ: الْمُطَوّلُ لِلْبِنَاءِ، وَالْقُوسُ: الصّوْمَعَةُ الْعَالِيَةُ، يُقَالُ فِي مَثَلٍ: أَنَا فِي الْقُوسِ وَأَنْتَ فِي الْقَرَقوُسِ مَتَى نَجْتَمِعُ؟ وَقَوْلُ ابْنِ لَهِيعَةَ بِالْفَرَمَا مِنْ مِصْرَ. الفَرَما: مَدِينَةٌ كَانَتْ تُنْسَبُ إلى صاحبها الذى بناها، وهو الفرما ابن قيلقوس، وَيُقَالُ فِيهِ: ابْنُ قَلِيس، وَمَعْنَاهُ: مُحِبّ الْغَرْسِ، وَيُقَالُ فِيهِ: ابْنُ بِلِيسِ. ذَكَرَهُ الْمَسْعُودِيّ. وَالْأَوّلُ قَوْلُ الطّبَرِيّ، وَهُوَ أَخُو الْإِسْكَنْدَرِ بْنِ قَلِيس الْيُونَانِيّ، وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ الْإِسْكَنْدَرَ حِينَ بَنَى مَدِينَةَ الإسكندرية قَالَ: أَبْنِي مَدِينَةً فَقِيرَةً إلَى اللهِ، غَنِيّةً عَنْ النّاسِ، وَقَالَ الْفَرْمَا: أُبْنَى مَدِينَةٌ فَقِيرَةٌ إلَى النّاسِ، غَنِيّةٌ عَنْ اللهِ، فَسَلّطَ اللهُ عَلَى مَدِينَةِ الْفَرْمَا الْخَرَابَ سَرِيعًا، فَذَهَبَ رَسْمُهَا، وَعَفَا أَثَرُهَا، وَبَقِيَتْ مَدِينَةُ الْإِسْكَنْدَرِ إلَى الْآنَ، وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حِينَ افْتَتَحَ مِصْرَ «1» ، وَقَفَ عَلَى آثَارِ مَدِينَةِ الْفَرْمَا، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَحَدّثَ بِهَذَا الحديث، والله أعلم.
__________
(1) أكثر المؤرخين على أن النبى- صلى الله عليه وسلم- أرسل كتبه إلى الملوك والأمراء- ومنهم المقوقس- فى العام السادس من الهجرة التى أولها 23 ما يو سنة 627 للميلاد. وقيل إن المقوقس أرسل جاريتين: مارية وشيرين. وأهدى حمارا اسمه: يعفور أو عفير، وقالوا. أهدى إليه سمنا وعسلا. ويقول ابن عبد الحكم فى كتابه ص 48 عن المقوقس بعد أن جاءه كتاب النبى - صلى الله عليه وسلم - «ثم-

(1/94)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
دعا رجلا عاقلا، ثم لم يدع بمصر أحسن ولا أجمل من مارية وأختها، وهما من أهل حفن من كورة أنصنا، فبعث بهما إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأهدى له بغلة شهباء وحمارا أشهب، وثيابا من قباطى مصر وعسلا من عسل بنها» ثم يذكر أنه صلى الله عليه وسلم، اختار مارية لأنها بادرت إلى الإسلام حين عرضه عليها قبل أختها، ووهب أختها لمحمد بن مسلمة الأنصارى أو لدحية الكلبى. هذا ويقول بتلر فى كتابه «فتح العرب لمصر» أن مارية ماتت سنه 636 م. فلم تشهد فتح مصر وخضوعها للعرب، وقد اختلفت الآراء حول كلمة «المقوقس أو المقوقس» بفتح القاف الثانية أو كسرها فمن المؤرخين الأجانب من ذكر أنه لقب كان يطلق على العامل على مصر من قبل امبراطور الروم أى على الحاكم العام لمصر وأنه هو «قيرس» البطريق من قبل الرومان وفى ابن عبد الحكم ما يؤيد الرأى الأول، والواضح أن مؤرخى العرب يطلقون على حاكم مصر فى أيام النبى- صلى الله عليه وسلم- المقوقس، وعلى الحاكم فى زمن فتحها مما يشعر أنهم حسبوه لقبا أصله غير عربى يطلق على حاكم مصر، وقد عرض الدكتور بتلر» آراء المؤرخين العرب فى هذا «الطبرى والبلاذرى واليعقوبى وابن الأثير، وياقوت والمكين وابن دقماق، والمقريزى وأبى المحاسن، والسيوطى» ثم بين أن قولهم إنما يدل على أن المقوقس كان الوالى على مصر من قبل هرقل. ويؤيد بهذا رأيه الذى يقرر به أن المقوقس هو عين البطريق «قيرس» الذى كان يحكم مصر من قبل الرومان. ويميل الأستاذ فريد أبو حديد إلى أن اسم حاكم مصر فى زمن النبى هو جيرج بن مينا أو جورج، وأنه كان الحاكم الأعلى، والبطريق الملكانى فى مصر قبل قيرس الذى كان يحكم مصر زمن الفتح «انظر كتاب فتح العرب لمصر» تأليف بتلر ترجمة محمد فريد أبو حديد ط 2 سنه 1946» . ولكن فى تاريخ الحضارة المصرية: «وقد حاول ألفريد بطلر فى كتابه المعروف أن يحل بعض هذه المشكلات فلم يخرج إلا بنتيجة واحدة قبلها الناس زمانا، ولكنها الآن موضع شك كبير، ونعنى بذلك قوله أن المقوقس هو: قيرس» . وانتهى الكتاب إلى نتيجة هى أنه كان

(1/95)


قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: عَادُ بْنُ عَوْص بْنِ إرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَثَمُودُ وجديس ابْنَا عَابِرِ بْنِ إرَمِ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وطَسْم وَعِمْلَاقُ وَأُمَيْمُ بَنُو لَاوِذْ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ. عَرَبٌ كُلّهُمْ. فَوَلَدَ نَابِتُ بْنُ إسْمَاعِيلَ: يَشْجُبَ بْنَ نَابِتٍ، فَوَلَدَ يَشْجُبُ يَعْرُبَ بْنَ يَشْجُبَ، فَوَلَدَ يَعْرُبُ: تَيْرَح بْنَ يعرب، فولد تيرح:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِصْرُ وَحَفّنِ وَأَمّا مِصْرُ فَسُمّيَتْ بِمِصْرِ بْنِ النّبَيْطِ، وَيُقَالُ: ابْنُ قِبْطِ بْنُ النّبَيْطِ مِنْ ولد
__________
= فى مصر قبيل الفتح قوتان متعاديتان: القبط فى ناحية، والبيزنطيون فى ناحية، ويمثل القبط المقوقس، وفرق من جنود القبط كانت مشتركة فى الجيش البيزنطى وعدد من الرهبان ورجال الكنيسة ثم بقية أهل البلاد وكلهم على المذهب المرنوفيزى القريب من توحيد الإسلام، وفى ناحية أخرى نجد البيزنطيين تمثلهم حاميات من الجند فى المعاقل والحصون والمسالح وخاصة فى الإسكندرية، ويمثل السلطان البيزنطى «الرومانى» كله قيرس الذى أقامه هرقل بطركا لمصر وأطلق يده فى شئونها» ويقول فى مكان آخر أن قيرس كان قد أساء إلى الأقباط، فصار المقوقس مستعدا للتفاهم مع أى قوة تخلص القبط من اضطهاد البيزنطيين، فلما أقبل العرب وتوالت هزائم البيزنطيين، استطاع المقوقس أن يحصل من العرب على عهد يؤمن القبط على عقيدتهم وأموالهم، فكانت نتيجة هذا دخول مصر فى طاعة العرب بعد أن انضمت فرق الجيش من القبط والرهبان ومن إليهم من أهل البلاد إلى المقوقس وائتمرت بأمره ص 325 وما بعدها المجلد الثانى. وفى النهاية لابن الأثير: المرىّ بوزن صبى، والمرية: الناقة الغزيرة الدّر من المرى، وهو الحلب، وفى القاموس: المرية، والمرية بضم الميم وكسرها وإسكان المراء وفتح الياء الناقة التى درّ لبنها، وناقة مرىّ بفتح الميم وكسر الراء: غزيرة اللبن. والماريّة بكسر الراء وتشديد الياء مع فتح القطاة الملساء والمرأة البيضاء البراقة، والمارية: البقرة ذات الولد المارى، والقوارير، وقوارير: زجاج.

(1/96)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
والقوس كما قال السهيلى، ولكن ابن فارس يقول فى معجمه: وما أراها عربية، والقرقوس. القاع الأملس والسين زائدة. وابن لهيعة هو عبد الله ابن لهيعة الحضرمى الغافقى المصرى. ولاه أبو جعفر المنصور القضاء بمصر فى مستهل سنة 155، ثم صرف عنه. ولد سنة 97 وتوفى سنة 170. والفرما. مدينة على الساحل من ناحية مصر أو حصن لطيف فاسد الهواء، ومدينة قديمة بين العريش والفسطاط خراب، قد سفت الرمال عليها. والذى فى المروج عن ابن قليس أنه ابن فليبس- وهو الصواب- ومعناه: محب الغرس، وقيل اسمه. يلبس- أو ملبص، وقيل: فيلفوس، وفى الطبرى أنه ابن فيلسوف، أو فليفوس، أو بيلبوس. وفى ابن خلدون: فليقوس والصحيح فى هذا كله: فيلبس. وقد ولد الإسكندر سنة 356 ق م، وتوفى سنه 323 ق م وقد ادعى فى مصر أنه ابن الشمس، وطلب من المصريين أن يعبدوه وفى سنة 324 ق م، أرسل إلى كل الدول اليونانية- ما عدا مقدونية- يبلغها أنه يرغب فى أن يعترف به من ذلك الوقت ابنا لزيوس- أمون، وصدعت معظم الدول بما أمر. وفى سنة 331 ق م، بنيت مدينة الإسكندرية، ويقول المؤرخون إن اليونانيين المقيمين فى نقراطس هم الذين أشاروا عليه بإنشائها؛ لأنها بموقعها هذا على ساحل البحر الأبيض المتوسط غربى الفرع الكانرپى- اسم لأحد فروع النيل القديمة الذى كان يشق مديرية البحيرة ويصب قرب «أبو قير» وسمى هكذا باسم مدينة كانت واقعة عليه عند مصبه- لتكون مستودعا عاما للتجارة اليونانية الكبيرة، والإسكندر هو الذى خطط أسوارها، وحدد شوارعها الرئيسية ومواضع الهيا كل التى اعتزم أن يقيمها لآلهة المصريين واليونان، ثم ترك الباقى لمهندس دنقراطيسى. انظر قصة الحضارة الجزء الثانى من المجلد الثانى، وتاريخ اليونان. وعن فتح مصر يقال إنه اجتمع عمرو بن العاص بعمر بن الخطاب فى الجابية بقرب دمشق، وراح يزين له فتح مصر، وذلك فى خريف 630 م. ومما أبداه من أسباب أن-

(1/97)


نَاحُورَ بْنَ تَيْرَح، فَوَلَدَ نَاحُورُ: مُقَوّمَ بْنَ نَاحُورٍ: فَوَلَدَ مُقَوّمُ أُدَدَ بْنَ مُقَوّمٍ:
فَوَلَدَ أُدَدُ: عَدْنَانَ بْنَ أُدَدَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: ويقال: عدنان بن أدّ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَمِنْ عَدْنَانَ تَفَرّقَتْ الْقَبَائِلُ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِمَا السّلَامُ- فَوَلَدَ عَدْنَانُ رَجُلَيْنِ: مَعَدّ بْنَ عَدْنَانَ، وَعَكّ بن عدنان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كُوشِ بْنِ كَنْعَانَ «1» . وَأَمّا حَفّنِ الّتِي ذَكَرَ أَنّهَا قَرْيَةُ أُمّ إبْرَاهِيمَ بْنِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرْيَةٌ بِالصّعِيدِ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ الّتِي كَلّمَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- مُعَاوِيَةَ أَنْ يَضَعَ الْخَرَاجَ عَنْ أَهْلِهَا، فَفَعَلَ مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ حِفْظًا لِوَصِيّةِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِمْ، وَرِعَايَةً لِحُرْمَةِ الصّهْرِ، ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: وذكر أنصنا «2» وهى قرية بالصعيد
__________
= مصر ستكون قوة للمسلمين إذا هم ملكوها، وأن حاكم الروم على بيت المقدس هرب إلى مصر، وراح يجمع فيها جنود الدولة، فيجب المبادرة إلى القضاء عليه وقد أقام عمرو عيد الأضحى بالعريش من عام 18 هـ- 12 من ديسبر سنه 639 م، وقد تم تسليم الإسكندرية بعد هذا بعامين «من المؤرخين من يذكر أن فتح مصر حدث سنه 20 أو 25 أو 16» .
(1) فى الطبرى ص 102 ج 1 أن القبط هم أولاد قوط بن حام بن نوح، وفى رواية أن مصرايم بن حام بن نوح هو والد المصريين، وفى المسعودى ص 357 ج 1 أن الأقباط هم أولاد قبط بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح وأنه قيل لكل قبط: مصر. أما فى القصد والأمم لابن عبد البر فهم «أبناء قبط بن حام» ص 24.
(2) يقول عنها صاحب مراصد الاطلاع أنها مدينة أزلية بصعيد مصر فيها برابى وآبار كثيرة. والبرابى جمع بربا بفتح فسكون كلمة قبطية: قصور مبنية فى عدة مواضع من صعيد مصر بها صور ثابتة فى الحجارة من كل حيوان مختلف وقد ركب رءوس بعضها على أبدان غيرها، وخولفت أشكالها يقال إنها كانت من عمل السحرة «المراصد» ويقول ابن عبد الحكم أن العجوز دلوكة ابنة زباء وهى صاحبة حائط العجوز وضعت بها مقياسا للنيل.

(1/98)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُقَالُ: إنّهَا كَانَتْ مَدِينَةَ السّحَرَةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَلَا يَنْبُتُ اللّبْخُ إلّا بأنصنا، وَهُوَ عُودٌ تُنْشَرُ مِنْهُ أَلْوَاحٌ لِلسّفُنِ، وَرُبّمَا، رَعَفَ نَاشِرُهَا، وَيُبَاعُ اللّوْحُ مِنْهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا، أَوْ نَحْوِهَا، وَإِذَا شُدّ لَوْحٌ مِنْهَا بِلَوْحِ، وَطُرِحَ فِي الْمَاءِ سَنَةً الْتَأَمَا، وَصَارَا لَوْحًا وَاحِدًا «1» .
عِكْ فَصْلٌ: وَذَكَرَ عِكْ بْنَ عَدْنَانَ، وَأَنّ بعض أهل اليمن يقول فيه: عكّ ابن عَدْنَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، بْنِ الْأَزْدِ، وَذَكَرَ الدّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَنْ ابْنِ الْحُبَابِ أَنّهُ قَالَ فِيهِ: عَكّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، بْنِ عُدْثَانَ بِالثّاءِ الْمُثَلّثَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي الْأَوّلِ أَنّهُ بِنُونَيْنِ، كَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي دَوْسِ بْنِ عُدْثَانَ، أَنّهُ بِالثّاءِ، وَهِيَ قَبِيلَةٌ مِنْ الْأَزْدِ أَيْضًا، وَاسْمُ عَكّ: عَامِرٌ. وَالدّيْثُ الّذِي ذَكَرَهُ هُوَ بِالثّاءِ «2» ، وَقَالَهُ الزّبَيْرُ: الذّيْبُ بالذال والياء، ولعدنان أيضا
__________
(1) وكذلك فى القاموس، وزاد أن للّبخة ثمرا كالتمر حلوا لكنه كريه ثم ينقل أسطورة منها أن اللّبخ كان سما بفارس، فنقل إلى مصر، فزالت سمّيته وفى المعجم الوسيط: أنه ينبت فى البلاد الحارة. ورعف: مثل نصر، ومنع، وكرم وعنى، وسمع: خرج من أنفه الرّعاف. وهو الدم.
(2) أكثر النسابين الذين تكلموا عن نسب الأزد لم يذكروا الديث. وفى القلائد للقلقشندى: وعك واسمه: الديث، وفى كتاب نسب قريش: أن عكّا اسمه: الحارث، وفى جمهرة ابن حزم أن عكاهو ابن الديث بن عدنان، والنساب يختلفون فى نسب معد بن عدنان، فبعضهم يقول: هو من ولد قيدار، وبعضهم-

(1/99)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ابْنٌ اسْمُهُ: الْحَارِثُ، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ الْمُذَهّبُ «1» ، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْمَثَلِ:
أَجْمَل من الْمُذَهّبِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا فِي بَنِيهِ الضّحّاكَ وَقِيلَ فِي الضّحّاكِ إنّهُ ابْنُ مَعَدّ، لَا ابْنَ عَدْنَانَ، وَقِيلَ إنّ عَدَنَ الّذِي تُعْرَفُ بِهِ مَدِينَةُ عَدَنٍ، وَكَذَلِكَ أَبْيَنُ هُمَا «2» : ابْنَا عَدْنَانَ، قَالَهُ الطّبَرِيّ. وَلِعَدْنَانَ بْنِ أُدَدٍ أَخَوَانِ:
نَبْتُ بْنُ أُدَدٍ، وَعَمْرُو بْنُ أُدَدٍ. قَالَهُ الطّبَرِيّ أَيْضًا.
(ذِكْرُ قَحْطَانَ وَالْعَرَبِ الْعَارِبَةِ) أَمّا قَحْطَانُ فَاسْمُهُ مِهْزَمٌ- فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ مَاكُولَا- وَكَانُوا أَرْبَعَةَ إخْوَةٍ فِيمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مُنَبّهٍ: قَحْطَانُ وَقَاحِطٌ وَمِقْحَطٌ وَفَالِغٌ. وَقَحْطَانُ أَوّلُ مَنْ قِيلَ لَهُ: أَبَيْت اللّعْنَ، وَأَوّلُ مَنْ قِيلَ له: عم صباحا «3» ، واختلف فيه، فقيل:
__________
- يقول: هو من ولد نبت، وكان نبت بكر إسماعيل، ويقول ابن حجر فى الفتح إنه وقع اضطراب شديد فى النسب بين عدنان وإسماعيل وأنه قد وقع له مما جمعه أكثر من عشرة أقوال، وذكر هذه الأقوال ص 469 ج 1 فتح البارى ط 1 1348 هذا والبيت الذى رواه ابن هشام «وعك بن عدنان» يروى: بمذحج.
(1) وبه أيضا كان يلقب قثم بن العباس.. وأصل المذهب: الذهيب: المموه بالذهب.
(2) أى عدن وأبين.
(3) جملة دعائية، كان- كما روى- ملوك لخم وجذام يخاطبون بها، ومعناها: أبيت أن تفعل شيئا تلعن به، وعم صباحا: تحية تقال فى الصباح ولعل عم اختصار نعم ينعم انعم، فحذف منها الألف والنون.

(1/100)


قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَصَارَتْ عَكّ فِي دَارِ الْيَمَنِ، وَذَلِكَ أَنّ عَكّا تَزَوّجَ فِي الْأَشْعَرِيّينَ، فَأَقَامَ فِيهِمْ، فَصَارَتْ الدّارُ وَاللّغَةُ وَاحِدَةً، والأشعريون: بَنُو أَشْعَرَ بْنِ نَبْتِ بْنِ أُدَدَ بْنِ زيد بن هميسع بن عمرو بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلان ابن سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَيُقَالُ: أَشْعَرُ: نَبْتُ بْنُ أُدَدَ، وَيُقَالُ: أَشْعَرُ: بن مَالِكٍ، وَمَالِكٌ: مَذْحجُ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بن هميسع. ويقال أشعر: بن سبأ بن يشجب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هُوَ ابْنُ عَابِرِ بْنِ شالَخ، وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ أَخُو هُودٍ، وَقِيلَ: هُوَ هُودٌ نَفْسُهُ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ إرَمِ بْنِ سَامٍ، وَمَنْ جَعَلَ الْعَرَبَ كُلّهَا من إسمعيل قَالُوا فِيهِ: هُوَ ابْنُ تَيْمَنَ بْنِ قَيْذَرَ بن إسمعيل. ويقال. هو ابن الهميسع ابن يَمَنِ «1» وَبِيَمَنِ سُمّيَتْ الْيَمَنُ فِي قَوْلٍ، وَقِيلَ: بَلْ سُمّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ. وَتَفْسِيرُ الْهَمَيْسَعِ: الصّرّاعُ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَمَنُ هُوَ.
يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ، سُمّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنّ هُودًا عَلَيْهِ السّلَامُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَيْمَنُ وَلَدَيْ نَقِيبَةَ «2» فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ. قَالَ: وَهُوَ أَوّلُ مَنْ قَالَ الْقَرِيضَ وَالرّجَزَ، وَهُوَ الّذِي أَجْلَى بَنِي حَام إلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِنْ وَلَدِ قُوطَةَ بْنِ يَافِثٍ. قَالَ: وَهِيَ أَوّلُ جِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ أُخِذَتْ فِي بَنِي آدَمَ. وَقَدْ احْتَجّوا «3» لِهَذَا القول أعنى: أن قحطان من ولد إسمعيل
__________
(1) اختلف النسابون فى نسب قحطان، فمنهم من نسبه إلى آدم وآخرون إلى عابر بن شالح بن سام بن نوح، وآخرون إلى إسماعيل بن إبراهيم. وكل قول تشعب إلى ثلاثة أقوال. وقد ذكر ابن عبد البر كل هذا فى الإنباه ص 55.
(2) نفسا.
(3) انظر ص 57 الإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر.

(1/101)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَيْهِ السّلَامُ بقول النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- «ارموا يا بنى إسمعيل فَإِنّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا «1» » قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِقَوْمِ مِنْ أَسْلَمَ بْنِ أَفْصَى، وَأَسْلَمُ أَخُو خُزَاعَةَ وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، وَهُمْ مِنْ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَلَا حُجّةَ عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ؛ لأنّ اليمن لو كانت من إسمعيل- مع أن عدنان كلها من إسمعيل بِلَا شَكّ- لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ بِالنّسَبِ إلَى إسْمَاعِيلَ مَعْنًى؛ لِأَنّ غَيْرَهُمْ مِنْ العرب أيضا أبوهم إسمعيل، وَلَكِنْ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ- وَاَللهُ أَعْلَمُ- عَلَى أَنّ خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي قَمَعَةَ «2» أَخِي مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ لُحَيّ- إنْ شَاءَ اللهُ- وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هريرة- رضى الله عنه-
__________
(1) نص الحديث كما رواه البخارى فى صحيحه: عن سلمة بن الأكوع قال: «خرج عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق، فقال: ارموا بنى إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميا، وأنا مع بنى فلان- لأحد الفريقين- فأمسكوا بأيديهم فقال: ما لكم؟ قالوا: كيف نرمى، وأنت مع بنى فلان؟ قال: ارموا، وأنا معكم كلكم» انفرد به البخارى. ويتناضلون: يترامون على سبيل المسابقة، وعند ابن حبان والبزار نحو هذه القصة وفيها: وأنا مع ابن الأدرع، واسمه: محجل، وقع ذلك من حديث حمزة بن عمرو الأسلمى فى هذا الحديث عند الطبرانى، قال فيه: وأنا مع محجل بن الأدرع، ومثله فى مرسل عروة وقيل اسم ابن الأدرع: سلمة. وورد أن القائل: كيف نرمى هو: فضلة الأسلمى ج 4106 فتح البارى.
(2) لقب عمير بن الياس بن مضر.

(1/102)


وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفٌ الْأَحْمَرُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، لِعَبّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، أَحَدِ بَنِي سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسٍ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ معد بن عدنان، يفخر بعكّ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
«هِيَ أُمّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السّمَاءِ» «1» يَعْنِي: هَاجَرَ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَأَوّلَ فِي قَحْطَانَ مَا تَأَوّلَهُ غَيْرُهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَسَبُهُمْ إلَى «مَاءِ السّمَاءِ عَلَى زَعْمِهِمْ» فَإِنّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ، كَمَا يَنْتَسِبُ كَثِيرٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ إلَى حَاضِنَتِهِمْ وَإِلَى رَابّهِمْ، أَيْ: زَوْجِ أُمّهِمْ- كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ قُضَاعَةَ إنْ شَاءَ اللهُ.
سَبَأُ وَأُمَيْمٌ وَوِبَارٌ:
وَسَبَأٌ اسْمُهُ: عَبْدُ شَمْسٍ- كَمَا ذُكِرَ- وَكَانَ أَوّلَ مَنْ تَتَوّجَ مِنْ مُلُوكِ الْعَرَبِ، وَأَوّلَ مَنْ سَبَى فَسُمّيَ سَبَأً، وَلَسْت مِنْ هَذَا الِاشْتِقَاقِ عَلَى يَقِينٍ؛ لِأَنّ سَبَأَ مَهْمُوزٌ وَالسّبْيُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ «2» .
__________
(1) جزء من حديث أخرجه البخارى فى باب قوله سبحانه: «وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا» عن محمد بن محبوب عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبى هريرة، وقد تفرد به من هذا الوجه موقوفا، وقد رواه البزار، وأخرجاه من حديث هشام. ويقول ابن عبد البر، وهو يتحدث عن نسب خزاعة: «ولحى اسمه: ربيعة بن حارثه بن عمرو، أو هو مزيقياء بن عامر، وهو ماء السماء بن حارثه بن امرئ القيس، وفى مكان آخر يقول: «وحوط بن أبى حوط أخو المنذر بن ماء السماء لأمه. أمهما جميعا: ماء السماء بنت عوف بن جشم بن هلال» وفى مكان آخر عن مزيقياء: «وأبوه عامر وهو المعروف بماء السماء» ص 93، 99، 107 الإنباه. وفى القاموس: «ماء السماء أم بنى السماء» .
(2) ذكره القاموس فى مادة سبأ وسبى. وفى نهاية الأرب: لأنه أول من أدخل بلاد اليمن السبى، وفى المسعودى السبية والسبايا، وكذلك فى البداية لابن-

(1/103)


وَعَكّ بْنُ عَدْنَانَ الّذِينَ تَلَقّبُوا ... بِغَسّانِ حَتّى طُرّدُوا كُلّ مَطْرِدِ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَغَسّانُ: مَاءٌ بِسَدّ مارِب بِالْيَمَنِ، كَانَ شِرْبًا لِوَلَدِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ، فَسُمّوا بِهِ، وَيُقَالُ: غَسّانُ: مَاءٌ بِالْمُشَلّلِ قَرِيبٌ من الجحفة، والذين شربوا منه تحزبوا، فَسُمّوا بِهِ قَبَائِلُ مِنْ وَلَدِ مَازِنِ بْنِ الأسد ابن الغوث بن نبت، بن مالك، بن زيذ بْنِ كَهْلَانَ، بْنِ سَبَأِ، بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يغرب، بن قحطان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَذَكَرَ أُمَيْمًا، وَيُقَالُ فِيهِ: أَمِيمٌ: وَوَجَدْت بِخَطّ أَشْيَاخٍ مَشَاهِيرَ: أَمّيمٌ، وَأَمّيمٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ مَكْسُورَةً، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَالْعَرَبُ تَضْطَرِبُ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْقَدِيمَةِ قَالَ الْمَعْرِيّ: «1»
يَرَاهُ بَنُو الدّهْرِ الْأَخِيرِ بِحَالِهِ ... كَمَا قد رأته جرهم وأميم
__________
- كثير، وفى الأغانى كذلك، وقال: اسم سبأ عامر، وكان يقال له عب الشمس أى: عديل الشمس، سمى بذلك لحسنه. ويقول صاحب نهاية الأرب- وهو يتحدث عن الملك فى العرب-: «لم يكن للعرب ملك حقيقى، وإنما كان من ملك حمير فى بلاد اليمن سمى ملكا ... وأول ملوك قحطان: عبد شمس وهو: سبأ» ويذكر نقلا عن كمامة الزهر أنه ملك 484 سنة، وأن يعرب بن قحطان هو أول من نطق بالعربية، ومن حيى بتحية الملك: أبيت اللعن، وأنعم صباحا، ثم قال: والأشهر أن عبد شمس هو أول ملوكهم ج 15 ص 291. ويقول ابن دريد: «وسبأ: اسم يجمع القبيلة كلهم، وهو فى التنزيل مهموز فمن صرف سبأ «أى نوّنها» جعله اسم الرجل بعينه، ومن لم يصرفه جعله اسم القبيلة، واشتقاق سبأ من قولهم: سبأت الخمر أسبؤها سبئا إذا اشتريتها، أو من قولهم: سبأت النار جلده إذا أثرت فيه» ص 361 ولا تنون كلمة سبأ إذا قصد بها القبيلة للعلمية والتأنيث.
(1) أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرى التنوخى الشاعر الفيلسوف عاش يضر به الشك، وتأخذ به الحيرة، فكثرت المتناقضات فى شعره فهو يتناوح بين إيمان

(1/104)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَجَاءَ بِهِ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَأُمَيْمٌ- فِيمَا ذَكَرُوا- أَوّلُ مَنْ سَقّفَ الْبُيُوتَ بِالْخَشْبِ الْمَنْشُورِ، وَكَانَ مَلِكًا، وَكَانَ يُسَمّى: آدَمَ، وَهُوَ عِنْدَ الْفُرْسِ: آدَمُ الصّغِيرُ، وَوَلَدُهُ: وَبَارٌ، وَهُمْ أُمّةٌ هَلَكَتْ فِي الرّمْلِ، هَالَتْ الرّيَاحُ الرّمْلَ عَلَى فِجَاجِهِمْ وَمَنَاهِلِهِمْ «1» فَهَلَكُوا. قَالَ الشّاعِرُ:
__________
- وجنوح عنه. آية شعره فى الكهولة جزالة اللفظ، وبداوة الأسلوب والغموض فى التراكيب، ووجود الغريب من الألفاظ، وهو فوق المتنبى فى دقة الخيال وتصريف القول فى الفلسفة وطبائع البشر ولد بمعرة النعمان سنه 363 وعاش عزبا حتى مات سنة 449 هـ.
(1) فى القاموس: وبار كقطام قد يصرف: أرض بين اليمن، ورمال بيرين سميت بوبار ابن إرم لما أهلك الله تعالى أهلها عادا. وفى المراصد أنها أرض واسعة بين الشّحر إلى صنعاء زهاء ثلثمائة فرسخ فى مثلها. قيل كانت من محال عاد بين رمال بيرين واليمن.. وقيل ما بين نجران وحضرموت، وما بين بلاد مهرة والشحر والمهرة بفتح الميم والهاء- وهو الأصح- بخلاف ينسب إليه مهرة، وهم قبيلة من قضاعة بينه وبين عمان نحو شهر، وكذلك بينه وبين حضرموت والشّحر بتشديد الشين وكسرها وسكون الحاء بلدة صغيرة بين عدن وظفار، أو هى صقع على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن، وهو عدة مدن يتناولها هذا الاسم انظر مراصد الاطلاع، وتقويم البلدان لأبى الفداء. والبيت الذى استشهد به السهيلى أنشده سيبوبه للأعشى، وهو فى اللسان:
«فهلكت جهرة وبار»
بضم الراء، فمن العرب من يجرى وبار مجرى نزال بكسر اللام، ومنهم من يجريها مجرى سعاد. وقد أعرب فى الشعر، ودليله هذا البيت فالقوافى مرفوعة فى القصيد. والفجاج جمع فجّ. وهو الطريق الواسع بين جبلين، والمناهل: جمع منهل: المورد، وهو عين ماء ترده الإبل فى المراعى، وتسمى المنازل التى فى المفاوز على طريق السّفّار مناهل لأن فيها ماء.

(1/105)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَكَرّ دَهْرٌ عَلَى وَبَارٍ ... فَأُهْلِكَتْ عَنْوَةً وَبَارُ
وَالنّسَبُ إلَيْهِ أَبَارِيّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَمِنْ الْعَمَالِيقِ «1» مُلُوكُ مِصْرَ الْفَرَاعِنَةُ، مِنْهُمْ: الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبٍ صَاحِبُ مُوسَى «2» وَقَابُوسُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ إرَاشَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بن عمليق أخو الأول، ومنهم: الرّيّان ابن الْوَلِيدِ صَاحِبُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السّلَامُ، وَيُقَالُ فِيهِ: ابن دومع فيما
__________
(1) العمالقة قوم تفرقوا فى البلاد من ولد عمليق بكسر العين، أو عملاق ابن لاوذ بن إرم بن سام، وعمليق هو أخو طسم وجديس. وقد تفرق العماليق فى البلاد، فنزل بعضهم الحرم والبعض الشام، والبعض فارس والعملقة: البول والسّلح أو الرمى بهما، وفرعون لقب كل من ملك مصر قديما. أو كل عات متمرد كفرعون، أو فرعون؛ بضم الفاء فيهما وضم العين فى الأولى وفتحها فى الثانية: وتفرعن تخلق بخلق الفراعنة، والفرعنة: الدهاء والنّكر
(2) لم يجزم التاريخ برأى حول اسم فرعون صاحب موسى، فمنهم من يقول إنه: رمسيس الثانى الذى توفى عام 1225 قبل الميلاد، ويزعم الأستاذ جارستاخ عضو بعثة جامعة هزبول إنه كشف فى مقابر أريحا الملكية أدلة تثبت أن موسى قد أنجته فى عام 1527 قبل الميلاد بالتحقيق الأميرة حتشبسوت الملكة فيما بعد، وأنه تربى فى بلاطها بين حاشيتها، وأنه فر من مصر حين جلس على العرش عدوها تحتمس الثالث. وكانت زوجة لأخيها تحتمس الثانى، ولما ارتقى تحتمس الثالث العرش استطاعت حتشبسوت تنحيته. لكن الذى ورد فى القرآن أن المرأة التى أنجته كانت امرأة لفرعون وقت إنجائه يقول سبحانه: (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) القصص. وفى الإصحاح الأول من سفر الخروج ورد أن التى أنجته هى ابنة فرعون لا امرأته، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه.

(1/106)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذَكَرَ الْمَسْعُودِيّ «1» .
وَأَمّا طَسْمٌ وَجَدِيسٌ فَأَفْنَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَتَلَتْ طَسْمٌ جَدِيسًا لِسُوءِ مَلَكَتِهِمْ إيّاهُمْ، وجورهم فيهم، فأفلت منهم رَجُلٌ اسْمُهُ: رَبَاحُ بْنُ مُرّةَ، فَاسْتَصْرَخَ بِتُبّعِ «2» ، وَهُوَ حَسّانُ بْنُ تُبّانَ أَسْعَدَ «3» ، وَكَانَتْ أُخْتُهُ الْيَمَامَةُ، وَاسْمُهَا عَنَزُ نَاكِحًا فِي طَسْمٍ، وَكَانَ هَوَاهَا مَعَهُمْ، فَأَنْذَرَتْهُمْ، فَلَمْ يَقْبَلُوا، فَصَبّحَتْهُمْ جُنُودُ تُبّعٍ فَأَفَنُوهُمْ قَتْلًا، وَصَلَبُوا الْيَمَامَةَ الزّرْقَاءَ بِبَابِ جَوّ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ، فَسُمّيَتْ جَوّ بِالْيَمَامَةِ مِنْ هُنَالِكَ إلَى الْيَوْمِ «4» وَذَلِكَ فِي أَيّامِ مُلُوكِ الطوائف،
__________
(1) والمسعودى يذكر اختلاف الناس فى شأن فرعون، فمنهم من رأى أنه من العماليق، ومنهم من رأى أنه من لخم من بلاد الشام، ومنهم من رأى أنه من الأقباط من ولد مصر بن بيصر وكان يعرف بظلما ونص ما ذكره السهيلى هو فى ص 358 ج 1 المروج.
(2) فى نهاية الأرب: رياح بكسر الراء وجمع تبع تبابعة وقد كانت حمير- وهم سبأ- كلما ملك فيهم رجل سموه: تبعا.
(3) كنيته: أبو كرب وتبان فى وزن غراب أو رمان.
(4) ذكر بعض المؤرخين أن طسما وجد يسا أخوان لثمود بن كاثر وكانت اليمامة ديار جديس وكانت البحرين ديارا لطسم. وعند الطبرى أنهما للاوذ بن سأم بن نوح، وكانت ديارهم اليمامة، وكان عليهم ملك من طسم، وكان غشوما سادرا فى غيه. ويقال له: عملوق، وكان مستذلا لجديس. حتى كان يأبى أن تزف البكر إلى زوجها إلا بعد أن يفترعها، فدبر أحد أبناء جديس كيدا استطاع به القضاء على عملوق أو على عمليق وعلى الرؤساء الذين معه، ولكن أفلت منهم رباح بن مرة ابن طسم، واستغاث بحسان بن تبع، فسمع له، فقال له رباح فى الطريق إن لى أختا متزوجة فى جديس، وإنها لتبصر الراكب على ثلاث مراحل، وأخاف أن تنذر-

(1/107)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَبَقِيَتْ بَعْدَ طَسْمٍ يَبَابًا لَا يَأْكُلُ ثَمَرَهَا إلّا عَوَافِي الطّيْرِ وَالسّبَاعِ «1» ، حَتّى وَقَعَ عَلَيْهَا عُبَيْدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْحَنَفِيّ، وَكَانَ رَائِدًا لِقَوْمِهِ فِي الْبِلَادِ، فَلَمّا أَكَلَ الثّمَرَ قَالَ: إنّ هَذَا لَطَعَامٌ، وَحَجّرَ بِعَصَاهُ عَلَى مَوْضِعِ قَصَبَةِ الْيَمَامَةِ، فَسُمّيَتْ:
حِجْرًا «2» ، وَهِيَ مَنَازِلُ حَنِيفَةَ إلَى اليوم، وخبر طسم وجديس مشهور اقتصرنا منه على هذه النّبذة لشهرته عند الإخباريين.
__________
- القوم بك، فقطع كل رجل من قوم حسان شجرة، وجعلها أمامه وهو يسير بمشورة رباح، فأبصرتهم اليمامة، فأنذرت جديسا، ولكنهم لم يصدقوا، فدهمهم حسان، فأبادهم، وأخرب بلادهم، - وكانت تسمى اليمامة جوّا والقرية، وأتى حسان باليمامة ابنة مرة، فأمر بها، ففقئت عيناها، وسميت جو باليمامة. هذا ما رواه الطبرى ص 38 وما بعدها ج 2 ونقله عنه أبضا ابن خلدون فى تاريخه ص 43 وما بعدها ج 6 طبع لبنان وانظر أيضا ص 339 ج 15 نهاية الأرب ط 2 وبين ما ذكرت وبين ما رواه السهيلى خلاف. فهو يذكر طسما مكان جديس، وهو فى هذا يتابع بعض ما رواه المؤرخون حول هذه القصة كما بين ابن خلدون فى تاريخه ص 46 ج 6 وعنز هى زرقاء اليمامة التى يضرب بها المثل فى حدة البصر.
(1) اليباب: الخراب، العوافى: طلاب الرزق من الناس والدواب والطير.
(2) حجّر: يقال حجّر الأرض، وعليها، وحولها: وضع على حدودها أعلاما بالحجارة ونحوها لحيازتها، وقصبة البلاد: مدينتها. وحجر اسم ديار ثمود بوادى القرى مدنية بين الشام والحجاز.

(1/108)


قَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيّ- وَالْأَنْصَارُ بَنُو الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، ابْنَيْ حَارِثَةَ، بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو، بْنِ عَامِرٍ، بْنِ حَارِثَةَ، بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، بْنِ ثَعْلَبَةَ، بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بن الغوث:
إمّا سَأَلْتِ فَإِنّا مَعْشَرٌ نُجُبٌ ... الْأَسْدُ نِسْبَتُنَا وَالْمَاءُ غَسّانُ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ.
فَقَالَتْ الْيَمَنُ: وَبَعْضُ عَكّ، وَهُمْ الّذِينَ بِخُرَاسَانَ منهم: عكّ بن عدنان ابن عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ، وَيُقَالُ: عدثان بن الدّيث بن عبد الله ابن الأسد بن الغوث.
ـــــــــــــــــــــــــــــ