الروض
الأنف ت الوكيل [أَمْرُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ فِي
خُرُوجِهِ مِنْ اليمن وقصة سد مأرب]
وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ الْيَمَنِ- فِيمَا
حَدّثَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنّهُ رأى جرذا يحفر فى سَدّ
مَأْرِب الّذِي كَانَ يَحْبِسُ عَلَيْهِمْ الْمَاءَ فَيُصَرّفُونَهُ حَيْثُ
شَاءُوا مِنْ أَرْضِهِمْ، فَعَلِمَ أَنّهُ لَا بَقَاءَ لِلسّدّ عَلَى
ذَلِكَ، فَاعْتَزَمَ عَلَى الثّقلة مِنْ الْيَمَنِ، فَكَادَ قَوْمَهُ،
فَأَمَرَ أَصْغَرَ وَلَدِهِ إذَا أَغْلَظَ لَهُ، وَلَطَمَهُ أَنْ يَقُومَ
إلَيْهِ فَيَلْطِمَهُ، فَفَعَلَ ابْنُهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَقَالَ
عَمْرٌو: لَا أُقِيمُ بِبَلَدِ لَطَمَ وَجْهِي فِيهِ أَصْغَرُ وَلَدِي،
وَعَرَضَ أَمْوَالَهُ، فَقَالَ أَشْرَافٌ مِنْ أَشْرَافِ الْيَمَنِ:
اغْتَنِمُوا غَضْبَةَ عَمْرٍو فَاشْتَرَوْا مِنْهُ أَمْوَالَهُ.
وَانْتَقَلَ فِي وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ. وَقَالَتْ الْأَزْدُ: لَا
نَتَخَلّفُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، فَبَاعُوا أَمْوَالَهُمْ،
وَخَرَجُوا مَعَهُ، فَسَارُوا حَتّى نَزَلُوا بِلَادَ عَكّ مُجْتَازِينَ
يَرْتَادُونَ الْبُلْدَانَ. فَحَارَبَتْهُمْ عَكّ، فَكَانَتْ حَرْبُهُمْ
سِجَالًا. فَفِي ذَلِكَ قَالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَيْتَ الّذِي
كَتَبْنَا، ثُمّ ارْتَحَلُوا عنهم، فتفرّقوا فى البلدان، فنزل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
- الفرس. معرب خسروا أى: واسع الملك، وأبرويز بن هرمز بن أنوشروان- ملك من
ملوك فارس فى عهده حدثت حروب ذى قار لتمام أربعين سنة من مولد الرسول- صلى
الله عليه وسلم- وهو بمكة بعد أن بعث، وقيل بعد أن هاجر. وقيل: إنها كانت
بعد بدر بأربعة أشهر، أما يزدجرد فهو ابن شهريار ابن كسرى أبرويز بن هرمز
بن أنوشروان بن قباذ بن فيروز بن بهرام، كان ملكه إلى أن قتل بمرو من بلاد
خراسان عشرين سنة، وذلك لسبع سنين ونصف خلت من خلافة عثمان وهى سنة 31 من
الهجرة وانظر ح 1 من تاريخ المسعودى فى باب «ذكر ملوك الساسانية من ص 269.
(1/128)
آلُ جَفْنَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ
الشّامَ، وَنَزَلَتْ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ يَثْرِبَ، وَنَزَلَتْ
خُزَاعَةُ مَرّا، ونزلت أزد السّراة السّرَاةَ. وَنَزَلَتْ أَزْدُ عَمّانَ
عُمَانَ. ثُمّ أَرْسَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى السّدّ السّيْلَ فَهَدَمَهُ،
فَفِيهِ أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ مُحَمّدٍ-
صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-: (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ
آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ، كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ،
وَاشْكُرُوا لَهُ. بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ [وَبَدَّلْناهُمْ
بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ
مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ] ) . [سبأ: 15، 16]
وَالْعَرِمُ: السّدّ، وَاحِدَتُهُ: عَرِمَةٌ، فِيمَا حَدّثَنِي أَبُو
عُبَيْدَةَ.
قَالَ الْأَعْشَى: أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ
بْنِ صَعْبِ بْنِ علي بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ هِنْبِ بْنِ أَفْصَى
بْنِ جَدِيلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدّ قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: أَفْصَى بْنِ دُعْمِيّ بْنِ جَدِيلَةَ، وَاسْمُ
الْأَعْشَى:
مَيْمُونُ بْنُ قَيْسِ بْنِ جَنْدَلِ بْنِ شَرَاحيل بْنِ عَوْفِ بْنِ
سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بن قيس بن ثعلبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِيلٍ، وَخَمْسُونَ أَلْفَ فَرَسٍ، وَثَلَاثَةُ آلَافِ امْرَأَةٍ- فيما ذكر
الطبرى «1» - وتفسير أنو شروان بِالْعَرَبِيّةِ: مُجَدّدُ الْمُلْكِ-
فِيمَا ذَكَرُوا وَاَللهُ أَعْلَمُ- وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ أبرويز:
الْمُظَفّرُ. قَالَهُ الْمَسْعُودِيّ وَالطّبَرِيّ أَيْضًا، وَزَادَ
الطّبَرِيّ فِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ «2» حِينَ سَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ نَسَبِ
النّعْمَانِ قَالَ: كَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ إنّهُ مِنْ أَشْلَاءِ قُنُصِ
بْنِ مَعَدّ، وَهُوَ وَلَدُ عَجْمِ بْنِ قُنُصٍ إلّا أنّ الناس لم يدروا
__________
(1) وانظر ص 279 ح 1 المسعودى.
(2) هو فى الإنباه لابن عبد البر ص 105.
(1/129)
وَفِي ذَاكَ لِلْمُؤْتَسِي أُسْوَةٌ ...
ومارِبُ عَفّى عَلَيْهَا العَرِمْ
رُخَامٌ بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيرٌ ... إذَا جَاءَ مَوّارُهُ لَمْ يَرِمْ
فَأَرْوَى الزّرُوعَ وَأَعْنَابَهَا ... عَلَى سَعَةٍ مَاؤُهُمْ إذْ قُسِمْ
فَصَارُوا أَيَادَى مَا يَقْدِرُو ... نَ مِنْهُ عَلَى شُرْبِ طِفْلٍ
فُطِمْ
وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
وَقَالَ أُمَيّةُ بْنُ أَبِي الصّلْتِ الثّقَفِيّ- وَاسْمُ ثَقِيفٍ: قَسِيّ
بْنُ مُنَبّهِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ
بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسٍ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ
مَعَدّ بْنِ عَدْنَانَ.
مِنْ سَبَأِ الْحَاضِرِينَ مَأْرِب إذْ ... يَبْنُونَ مِنْ دُونِ سَيْلِهِ
الْعَرِمَا
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَتُرْوَى لِلنّابِغَةِ
الْجَعْدِيّ، وَاسْمُهُ: قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَحَدُ بَنِي جَعْدَةَ
بْنِ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بن صعصعة بن معاوية ابن بَكْرِ
بْنِ هَوَازِنَ.
وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ، مَنَعَنِي من استقصائه ما ذكرت من الاختصار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَا عَجْمٌ فَجَعَلُوا مَكَانَهُ لَخْمًا: فَقَالُوا: هُوَ مِنْ لَخْمٍ،
وَنَسَبُوا إلَيْهِ. وأبرويز هُوَ الّذِي كَتَبَ إلَيْهِ النّبِيّ- صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمزّق كتابه، فدعا عليهم النبى- صلى الله عليه
وسلم- أن يمزّقو كُلّ مُمَزّقٍ.
(حَدِيثُ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ وَرُؤْيَاهُ) وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ:
نَصْرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهُوَ فى قول نسّاب اليمن: ربيعة ابن نَصْرِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ نُمَارَةَ بْنِ لَخْمٍ. وَقَالَ الزّبَيْرُ فِي هَذَا
النّسَبِ:
(1/130)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نَصْرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ شَعْوَذِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَجْمِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ نُمَارَةَ بْنِ لَخْمٍ «1» وَلَخْمٌ أَخُو جُذَامٍ، وَسُمّيَ لَخْمًا
لِأَنّهُ لَخَمَ أَخَاهُ، أَيْ: لَطَمَهُ، فَعَضّهُ الْآخَرُ فِي يَدِهِ
فَجَذَمَهَا، فَسُمّيَ جُذَامًا، وَقَالَ قُطْرُبٌ: اللّخْمُ سَمَكَةٌ فِي
الْبَحْرِ بِهَا سُمّيَ الرّجُلُ لَخْمًا «2» وَأَكْثَرُ الْمُؤَرّخِينَ
يَقُولُونَ فِيهِ: نَصْرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَدْ تَقَدّمَ مَا قَالَهُ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ «3» فِي نَسَبِ النّعْمَانِ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ
رَبِيعَةَ، وَأَنّ لَخْمًا فِي نَسَبِهِ تَصْحِيفٌ مِنْ عَجْمِ بْنِ
قُنُصٍ.
وَذَكَرَ رُؤْيَاهُ وَسَطِيحًا الْكَاهِنَ «4» وَنَسَبَهُ، وقد خالفه محمد
بن حبيب
__________
(1) ونسبه فى الاشتقاق هكذا «نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن
مالك بن عمم «بفتح وفتح» بن نمارة بن لخم» ومن نسله النعمان ابن المنذر بن
المنذر. وقال عن زمن ملوك الحيرة إنه كان خمسمائة سنة
(2) فى الاشتقاق: واشتقاق لخم من الغلظ والجفاء، وانظر ص 104 الإنباه ففيها
ذكر ابن عبد البر ما ذكر السهيلى، وفى القاموس: اللخم القطع واللطم،
وبالضم. سمك بحرى، ولخمة ولخمة. الثقيل الجبس، ولخم بفتح وضم كثر لحم وجهه
وغلظ: وقطرب: لقب محمد بن المستنير النحوى، وكان يبكر إلى سيبويه فيفتح
سيبويه بابه، فيجده هناك، فيقول: ما أنت إلا قطرب ليل، فلقب قطربا. والقطرب
دويبة كانت فى الجاهلية يزغمون أنها ليس لها قرار البتة.
(3) سعيد بن جبير كان كاتبا لعبد الله بن عتبة بن مسعود خرج مع ابن الأشعث
على بنى أمية، فلما هزم هرب سعيد إلى مكة، فظفر به الحجاج فقتله سنة 95،
وسنة 49.
(4) وقد قال ابن الأثير فى مفرداته. «الكاهن الذى يتعاطى الخبر عن الكائنات
فى مستقبل الزمان ويدعى معرفة الأسرار، وقد كان فى العرب كهنة كشق وسطيح
وغيرهم، فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من الجن ورئيّا: أى جنيا يعرض =
(1/131)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
للانسان ويطلعه على ما يزعم من الغيب، ويلقى إليه الأخبار، ومنهم من كان
يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من
يسأله، أو فعله أو حاله، وهذا يخصونه باسم العراف، كالذى يدعى معرفة الشئ
المسروق ومكان الضالة ونحوهما..، وجمع كاهن. كهنة وكهّان، ومنه حديث
الجنين: إنما هذا من إخوان الكهان. إنما قال له ذلك من أجل سجعه الذى سجع،
ولم يعبه بمجرد السجع دون ما تضمن سجعه من الباطل.. وإنما ضرب المثل
بالكهان لأنهم كانوا يروجون أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق السامعين،
فيستميلون بها القلوب، ويستصغون إليها الأسماع» أما الراغب فجعل الكاهن هو
الذى يخبر بالأخبار الماضية الخفية بضرب من الظن، والعراف الذى يخبر
بالأخبار المستقبلة على نحو ذلك. وفى القاموس من تعريفات الكاهن: من يقوم
بأمر الرجل، ويسعى فى حاجته، وقد فصّل المسعودى القول فى الكهانة وأنواعها
وتنازع الناس فيها، وينسب إلى حكماء اليونان أن صنفا منهم ادعى أن نفوسهم
قد صفت، فهى مطلعة على أسرار الطبيعة، وعلى ما تريد أن يكون منها؛ لأن صور
الأشياء عندهم فى النفس الكلية، وصنف منهم ادّعى أن الأرواح المنفردة- وهى
الجن- تخبرهم بالأشياء قبل كونها، أما النصارى فنسبوا إلى المسيح أنه كان
يعلم الغائبات من الأمور، ويخبر عن الأشياء قبل كونها. لأنه كانت فيه نفس
عالمة بالغيب، ولو كانت تلك النفس فى غيره من أشخاص الناطقين لكان يعلم
الغيب. ثم يقول المسعودى: «ولا أمة خلت إلا وقد كان فيها كهانة، ولم يكن
الأوائل من الفلاسفة اليونانية يدفعون الكهانات» .. ثم يقول: «وطائفة ذهبت
إلى أن التكهن سبب نفسانى لطيف. يتولد من صفاء مزاج الطباع، وقوة النفس،
ولطافة الحس. وذكر كثير من الناس أن الكهانة تكون من قبل شيطان يكون مع
الكاهن يخبره بماغاب عنه، وأن الشياطين كانت تسترق السمع، وتلقيه على ألسنة
الكهان، فيؤدون إلى الناس الأخبار بحسب ما يرد إليهم» ص 172 ج 2 مروج
الذهب. فما موقف الإسلام من هذا؟ يقول ربنا
(1/132)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النسّابة فى شئ مِنْ هَذَا النّسَبِ فِي كِتَابِ الْمُحَبّرِ، وَكَانَ
سَطِيحٌ جَسَدًا مُلْقًى لَا جَوَارِحَ لَهُ «1» - فِيمَا يَذْكُرُونَ-
وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ إلّا إذَا غضب انتفخ
__________
- سبحانه: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ،
تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يُلْقُونَ السَّمْعَ،
وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) الشعراء 221- 223. ويقول سبحانه قاصّا قول
الملائكة نافية به عنها علم الغيب: «قالُوا: سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا
إِلَّا ما عَلَّمْتَنا. إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ» البقرة: 32
وعن الجن وسليمان: «فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا
يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ» سبأ: 14
ويقول سبحانه: «عالِمُ الْغَيْبِ، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً
إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً، لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا
رِسالاتِ رَبِّهِمْ» الجن 26، 27، 28. فلا الملائكة يعلمون الغيب، ولا الجن
ولا الرسل، فما بالك بغيرهم؟ ثم إن القرآن يؤكد أن الشياطين لا تنزل إلا
على كل أفاك أثيم. وقد وردت أحاديث مثل: «من أتى عرافا، فسأله عن شئ، لم
تقبل له صلاة أربعين يوما» رواه مسلم وأحمد فى مسنده، وقال عنه السيوطى:
صحيح: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد»
أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة وأحمد فى مسنده والحاكم: «من أتى
عرافا أو ساحرا، أو كاهنا يؤمن بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد» رواه
الطبرانى فى الكبير ورواته ثقات. ولا تسود هذه الأساطير إلا حيث يسود الجهل
وضعف الإيمان بالله.
(1) بل يقول المسعودى عن سطيح أنه كان يدرج سائر جسده كما يدرج الثوب، لا
عظم فيه إلا جمجمة الرأس، وكانت إذا لمست باليد يلين عظمها» ص 179 ثم يذكر
فى ص 192 أن أول كهانة له. «والضياء والشفق، والظلام والغسق، ليطرقنكم ما
طرق» ص 179، 192 ج 2 المروج وكل هذه أساطير يهودية ملعونة، وتدبر دائما قول
الله: «قُلْ: لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ
إِلَّا اللَّهُ» .
(1/133)
|