الروض
الأنف ت الوكيل [اسْتِيلَاءُ أَبِي كَرِبٍ تُبّانَ
أَسْعَدَ عَلَى مَلِكِ الْيَمَنِ وَغَزْوِهِ إلَى يَثْرِبَ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمّا هَلَكَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ رَجَعَ مُلْكُ
الْيَمَنِ كُلّهُ إلَى حَسّانِ بْنِ تُبّانَ أَسْعَدَ أَبِي كَرِبٍ-
وَتُبّانُ أَسْعَدُ هُوَ: تُبّعٌ الْآخِرُ- ابن كلكى كَرِبِ بْنِ زَيْدٍ،
وَزَيْدٌ هُوَ تُبّعٌ الْأَوّلُ بْنُ عَمْرِو ذِي الأذْعار بْنِ أَبْرَهَةَ
ذِي الْمَنَارِ بْنِ الرّيشِ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: الرّائِشُ-
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
ابْنَ عَدِيّ بْنِ صيفى ابن سَبَأٍ الْأَصْغَرِ، بْنِ كَعْبِ، كَهْفِ
الظّلْمِ بْنِ زيد ابن سَهْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
بْنِ جُشَمَ بْنِ عَبْدِ شمس بن وائل ابن الْغَوْثِ، بْنِ قُطْنِ، بْنِ
عَرِيبِ بْنِ زُهَيْرِ، بْنِ أَيْمَنَ بْنِ، الهَمَيْسع بْنِ العَرَنجَج،
والعَرَنْجَج: حمير بن سبأ الأكبر ابن يعرب، بن يشجب ابن قحطان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جَعَلْت الْإِعْرَابَ فِي الِاسْمِ الْآخِرِ، وَتُبّانُ مِنْ التّبَانَةِ،
وَهِيَ: الذّكَاءُ وَالْفِطْنَةُ.
يُقَالُ: رَجُلٌ تَبِنٌ وَطَبِنٌ.
وَكُلْكِي كَرِبَ اسْمٌ مُرَكّبٌ أَيْضًا وَسَيَأْتِي مَعْنَى الْكَرِبِ
فِي لُغَةِ حِمْيَرَ عِنْدَ ذِكْرِ مَعْدِي كَرِبَ- إنْ شَاءَ اللهُ
تَعَالَى- وَكَانَ مُلْكُ كُلْكِي كَرِبَ «1» خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً،
وَكَانَ مُضْعِفًا سَاقِطَ الْهِمّةِ لَمْ يَغْزُ قَطّ.
وَقَوْلُهُ: فِي نَسَبِ حَسّانِ: ابْنِ تُبّانَ أَسْعَدَ وَتُبّانُ
الْأَسْعَدُ [هُوَ] تُبّعٌ. [الْآخِرُ] نَقّصَ مِنْ النّسَبِ أَسْمَاءَ
كَثِيرَةً وَمُلُوكًا؛ فَإِنّ عَمْرًا ذَا الْأَذْعَارِ «2» كان بعده ناشر
__________
(1) فى الاشتقاق: ملكى كرب وفى غيره كلى بضم الكاف وفتحها.
(2) يزعم ابن الكلبى أنه سمى بهذا لأنه جلب النسناس إلى اليمن فذعر الناس
«الاشتقاق» ص 542 وسيأتى. كهف الظلم: لقب بهذا لأنه ينصر الظلم.
(1/156)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ لَهُ: نَاشِرُ النّعَمِ، [بْنُ عَمْرِو بْنِ
يَعْفُرَ] «1» وَإِنّمَا قِيلَ لَهُ نَاشِرٌ؛ لِأَنّهُ نَشَرَ الْمُلْكَ،
وَاسْمُهُ مَالِكٌ. مَلَكَ بَعْدَ قَتْلِ رجعيم «2» بْنِ سُلَيْمَانَ
عَلَيْهِ السّلَامُ بِالشّامِ، وَهُوَ الّذِي انْتَهَى إلَى وَادِي
الرّمْلِ، وَمَاتَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنْ جُنْدِهِ جَرَتْ عَلَيْهِمْ
الرّمَالُ، وَبَعْدَهُ: تُبّعٌ الْأَقْرَنُ وأفريقيس بْنُ قَيْسٍ الّذِي
بَنَى إفْرِيقِيّةَ: وَبِهِ سُمّيَتْ، وَسَاقَ إلَيْهَا الْبَرْبَرَ مِنْ
أَرْضِ كَنْعَانَ، وَتُبّعُ بْنُ الْأَقْرَنِ وَهُوَ التّبّعُ الْأَوْسَطُ،
وَشِمْرُ بْنُ مَالِكٍ الّذِي سُمّيَتْ بِهِ مَدِينَة سَمَرْقَنْدَ «3» ،
وَمَالِكٌ هُوَ: الْأُمْلُوكُ، وَفِي بنى الأملوك يقول الشاعر:
__________
(1) فى الطبرى اسمه: ياسر بن عمرو بن يعفر الذى كان يقال له: ياسر أنعم
وإنما سموه: ياسر أنعم لإنعامه عليهم بما قوى من ملكهم، وجمع من أمرهم
والزيادة من المروج والطبرى
(2) اسمه عند الكتابيين «رحبعام»
(3) فى المروج ترتيب ملوكهم هكذا: أبرهة بن الرائش وبعده أفريقس بن أبرهة
ثم العبد بن أبرهة، ثم الهدهاد بن شرحبيل، ثم تبع الأول، ثم بلقيس، ثم ناشر
النعم، ثم شمر بن أفريقس، ثم كليكرب، ثم حسان بن تبع؛ ثم عمرو بن تبع- وهو
الذى قتل أخاه حسان- ثم تبع بن حسان إلخ ص 75 ج 2 وترتيبهم فى الطبرى ص 566
ج 1 مختلف عما هنا اختلافا يسيرا. وفى تاريخ العرب قبل الإسلام للدكتور
جواد على: «وأول ملك نعرفه حمل اللقب الجديد لقب «ملك سبأ وذو ريدان
وحضرموت ويمنات» هو الملك شمر يهرعش المعروف: بشمر يرعش عند الإسلاميين،
أما والده فهو ياسر يهنعم، وكان ملكا من ملوك سبأ وذى ريدان، ويدعى ناشر
النعم فى كتب الأخباريين» ص 139 ج 3. وفى القاموس عن شمر «وشمر بن أفريقش
ككتف غزا مدينة السغد فقلعها، فقيل: سمر كندا، أو بناها، فقيل. سمر كنت.
وهى بالتركية: القرية، فعربت سمرقند» بفتح ففتح فسكون ففتح. وكنداى: خرب،
وخطأ ابن خلدون السهيلى فى رأيه عن الأملوك انظر ص 98 م 2 ط. لبنان
(1/157)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَنَقّبْ عَنْ الْأُمْلُوكِ وَاهْتِفْ بِيَعْفُرٍ ... وَعِشْ جَارَ عِزّ
لَا يُغَالِبُهُ الدّهْرُ
وَقَدْ قِيلَ: إنّ الأملوك كان على عهد منو شهر، وَذَلِكَ فِي زَمَنِ
مُوسَى- عَلَيْهِ السّلَامُ- كُلّ هَؤُلَاءِ مَذْكُورُونَ بِأَخْبَارِهِمْ
فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَعَمْرُو ذُو الْأَذْعَارِ كَانَ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ، أو قبله
بقليل، وكان أو غل فى ديار المغرب، وسبا أُمّةً وُجُوهُهَا فِي صُدُورِهَا،
فَذُعِرَ النّاسُ «1» ، مِنْهُمْ فَسُمّيَ: ذَا الْأَذْعَارِ، وَبَعْدَهُ
مَلَكَتْ بِنْتُ بِلْقِيسَ هَدَاهِدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ صَاحِبَةُ
سُلَيْمَانَ- عَلَيْهِ السّلَامُ- وَاسْمُ أُمّهَا يَلْمُقهُ «2» بِنْتُ
جِنّي، وَقِيلَ: رَوَاحَةُ بِنْتُ سُكَين. قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ. وَزَعَمَ
أَيْضًا أَنّهَا قَتَلَتْ عَمْرًا ذَا الْأَذْعَارِ بِحِيلَةِ ذَكَرَهَا،
وَأَنّهُ سُمّيَ ذَا الْأَذْعَارِ لِكَثْرَةِ مَا ذُعِرَ النّاسُ مِنْهُ
لِجَوْرِهِ، وَأَنّهُ ابْنُ أَبْرَهَةَ ذِي الْمَنَارِ بْنِ الصّعْبِ،
وَهُوَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بْنُ ذِي مَرَاثِلَ الْحِمْيَرِيّ، وَأَبُوهُ:
أَبْرَهَةُ ذُو الْمَنَارِ سُمّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنّهُ رَفَعَ نِيرَانًا فِي
جِبَالٍ؛ لِيَهْتَدِيَ بِهَا «3» .
وَأَمّا حَسّانُ الّذِي ذُكِرَ فَهُوَ الّذِي اسْتَبَاحَ طَسْمًا، وَصَلَبَ
الْيَمَامَةَ الزّرْقَاءَ، وَذَلِكَ حِينَ اسْتَصْرَخَهُ عَلَيْهِمْ
رَبَاحُ بْنُ مُرّةَ أَخُو الزّرْقَاءِ، وَهُوَ مِنْ فَلّ جَدِيسٍ، وَقَدْ
تَقَدّمَ الإيماء إلى خبرهم.
__________
(1) فى القاموس جاء بتعبير دقيق «وذو الأذعار تبع لأنه سبى قوما وحشة
الأشكال. فذعر منهم الناس، أو لأنه حمل النسناس إلى اليمن»
(2) فى المروج وفى نسخة أخرى: الهدهاد، وفى المحكم أن هدد بن هماد زوج
يلمقه وهى بلقيس بنت يليشرح وأصلها: يلب شرخ. وفى المحبر والطبرى: أليشرح،
وفى التيجان أنها بلقيس بنت الهدهاد، وفى الطبرى أيضا ابنة إيلى شرح ويقول
بعضهم ابنة ذى شرح بن ذى جدن بن إيلى شرح «الاشتقاق ص 532 والحاشية بقلم
الأستاذ عبد السلام هارون. وفى جمهرة ابن حزم أن شدد- بفتح ابن زرعة «بضم
فسكون» هو زوج بلقيس، وأن إيلى هو والدها.
(3) فى القاموس لأنه أول من ضرب المنار على طريقه فى مغازيه، ليهتدى بها
إذا رجع، وفى الاشتقاق؛ لأنه أول من بنى الأميال على الطرق. وليس بين قوم
تبع من اسمه مراثل، إنما هو مرث أو مراثد وسيأتى بعد.
(1/158)
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَشْجُبُ: ابْنُ
يَعْرُبَ بْنِ قحطان.
[شىء من سيرة تبان]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَتُبّانُ أَسْعَدُ أَبُو كَرِبٍ الّذِي قَدِمَ
الْمَدِينَةَ، وَسَاقَ الْحِبْرَيْنِ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ إلَى
الْيَمَنِ، وَعَمّرَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَكَسَاهُ، وَكَانَ مُلْكُهُ
قَبْلَ ملك ربيعة بن نصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَمَعْنَى تُبّعٍ فِي لُغَةِ الْيَمَنِ: الْمَلِكُ الْمَتْبُوعُ، وَقَالَ
الْمَسْعُودِيّ: لَا يُقَالُ لِلْمَلَكِ: تُبّعٌ حَتّى يَغْلِبَ الْيَمَنَ
وَالشّحْرَ وَحَضْرَمَوْتَ. وَأَوّلُ التّبَابِعَةِ: الْحَارِثُ الرّائِشُ،
وَهُوَ ابْنُ هَمّالِ بْنِ ذِي شَدَدٍ «1» وسمّى: الرائش، لأنّه راش الناس
__________
(1) النسب فى جمهرة ابن حزم هكذا «شمر بن الأفريقس بن أبرهة ذى المنار بن
الحارث الرائش بن شدد بن الملطاط بن عمرو» ص 410. وأحسن بما يقول ابن حزم
عن أنساب قوم تبع «وفى أنسابهم اختلاف وتخليط وتقديم وتأخير ونقصان وزيادة،
ولا يصح من كتب أخبار التبابعة وأنسابهم إلا طرف يسير لاضطراب أحوالهم وبعد
العهد» ص 411 وإليك ما ذكر فى خزانة الأدب للبغدادى عن أذواء اليمن باختصار
وتصرف: ذو جدن: اسم مرتجل، وهو من أذواء اليمن، والأذواء بعضهم ملوك،
وبعضهم أقيال، والقيل دون الملك. قال فى الصحاح: والقيل: ملك من ملوك حمير
دون الملك الأعظم. والمرأة قيلة، وأصله قيّل بالتشديد، كأنه الذى له قول.
أى: ينفذ قوله. والجمع: أقوال وأقيال أيضا ومن جمعه على أقيال لم يجعل
الواحد منه مشددا والمقول- بالكسر- القيل أيضا بلغة أهل اليمن والجمع
المقاول. ومن الأذواء الأوائل: أبرهة ذو المنار، وابنه: عمرو ذو الأذعار،
أو الأدعار كما ذهب إليه ابن الشجرى فى أماليه جمع دعر- بفتح فكسر- العود
الكثير الدخان، وذو معاهر- واسمه حسان- من العهر وهو الفجور، وذو رعين
الأكبر، واسمه: يريم- وزن يميل- ورعين اسم حصن كان له وذو رعين الأصغر،
واسمه: عبد كلال، وذو شناتر، واسمه: ينوف، -
(1/159)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِمَا أَوْسَعَهُمْ مِنْ الْعَطَاءِ، وَقَسَمَ فِيهِمْ مِنْ الْغَنَائِمِ،
وَكَانَ أَوّلَ مَنْ غَنِمَ، فِيمَا ذَكَرُوا.
وَأَمّا الْعَرَنْجَجُ الّذِي ذَكَرَ أَنّهُ حِمْيَرُ بْنُ سَبَأٍ،
فَمَعْنَاهُ بِالْحِمْيَرِيّةِ: الْعَتِيقُ.
قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ، وَفِي عَهْدِ زَمَنِ تُبّعِ الْأَوْسَطِ- وَهُوَ
حَسّانُ بْنُ تُبّان أَسَعْدُ- كَانَ خُرُوجُ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ
الْيَمَنِ مِنْ أَجْلِ سَيْلِ الْعَرِمِ، فِيمَا ذَكَرَ الْقُتَبِيّ.
وَأَمّا عَمْرٌو أَخُو حَسّانَ الّذِي ذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ قِصّتَهُ،
وَقَتَلَهُ لِأَخِيهِ.
فهو المعروف: بمو ثبان. سمّى بذلك للزومه الوثاب وهو [السريرو] الفراش وقلة
غزوه. قاله القتبىّ.
__________
- والشناتر: الأصابع فى لغة اليمن. وذو القرنين، واسمه: الصعب، وذو غيمان
من الغيم الذى هو العطش وحرارة الجوف. وذو أصبح، وذو سحر وذو شعبان، وذو
فائش، واسمه: سلامة- من الفياش وهو المفاخرة. وذو حمام- بضم الحاء- والحمام
حمى الإبل- وذو ترخم، وذو يحصب، وذو عسيم- من العسم، وهو يبس فى المرفق، أو
من العسم، وهو الطمع، وذو قثاث، وذو حوال، واسمه: عامر، وذو مهدم، واسمه:
شمر، وذو أنس، وذو سحيم، وذو الكباس، وذو حفار، وذو نواس، واسمه: ذرعة،
ومنهم ذو الكلاع الأكبر، وذو الكلاع الأصغر، وهذا أدركه الإسلام وأسلم
وأعتق أربعة آلاف عبد، وهاجر بقومه فى أيام أبى بكر- كما فى خزانة
البغدادى- وذو عثكلان، وذو ثعلبان وذو زهران، وذو مكارب، وذو مناخ، وذو
ظليم، واسمه: حو شب، وهو العظيم البطن، ومنهم ذو يزن ملك اليمن، ويزن اسم
مرتجل، وهو غير منصرف لأن أصله يزأن على وزن يسأل، فخففوا همزته فصار وزنه
يفل، ومنهم من رد عينه فى النسب، فقال: رمح يزأنى، وقيل: أصله من وزن يزن.
فحذفت الواو ثم أبدلت الكسرة فتحة، واسم ذى يزن: عامر بن أسلم بن زيد بن
غوث. انتهى باختصار. ص 100 ح 2 ط دار العصور
(1/160)
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهُوَ الّذِي
يُقَالُ لَهُ:
لَيْتَ حَظّي مِنْ أَبِي كَرِب ... أَنْ يَسُدّ خيره خبله
[ «سبب غضب تبان على أهل المدينة» :]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ قَدْ جَعَلَ طَرِيقَهُ- حِينَ أَقْبَلَ مِنْ
الْمَشْرِقِ- عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ قَدْ مَرّ بِهَا فِي بَدْأَتِهِ،
فَلَمْ يَهِجْ أَهْلَهَا، وَخَلّفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ابْنًا لَهُ،
فَقُتِلَ غِيلَةً، فَقَدِمَهَا وَهُوَ مُجْمِعٌ لِإِخْرَابِهَا،
وَاسْتِئْصَالِ أَهْلِهَا، وَقَطْعِ نَخْلِهَا، فَجُمِعَ لَهُ هَذَا
الْحَيّ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَرَئِيسُهُمْ عَمْرُو بْنُ طَلّةَ أَخُو بَنِي
النّجّارِ، ثُمّ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ مَبْذُولٍ، وَاسْمُ مَبْذُولٍ:
عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النّجّارِ، وَاسْمُ النّجّارِ: تَيْمِ اللهِ
بْنِ ثَعْلَبَةَ، بْنِ عَمْرِو، بْنِ الْخَزْرَجِ، بْنِ حَارِثَةَ، بْنِ
ثَعْلَبَةَ، بْنِ عَمْرِو، بْنِ عامر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَمّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَزْوِ تُبّعٍ الْمَدِينَةِ، فَقَدْ ذَكَرَ
الْقُتَبِيّ أَنّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَزَوْهَا، وَإِنّمَا قَصَدَ قَتْلَ
الْيَهُودِ الّذِينَ كَانُوا فِيهَا، وَذَلِكَ أَنّ الْأَوْسَ
وَالْخَزْرَجَ كَانُوا نَزَلُوهَا مَعَهُمْ، حِينَ خَرَجُوا مِنْ الْيَمَنِ
عَلَى شُرُوطٍ وَعُهُودٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ، فَلَمْ يَفِ لَهُمْ بِذَلِكَ
يَهُودُ، وَاسْتَضَامُوهُمْ، فَاسْتَغَاثُوا بِتُبّعِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ
قَدِمَهَا وَقَدْ قِيلَ: بَلْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ لِأَبِي جُبَيْلَة
الْغَسّانِيّ، وَهُوَ الّذِي اسْتَصْرَخَتْهُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ
عَلَى يَهُودَ، فَاَللهُ أَعْلَمُ.
وَالرّجُلُ الّذِي عَدَا عَلَى عَذْقِ الْمَلِكِ، وَجَدّهُ مِنْ بَنِي
النّجّارِ هُوَ: مالك ابن الْعَجْلَانِ فِيمَا قَالَ الْقُتَبِيّ، وَلَا
يَصِحّ هَذَا عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ لِبُعْدِ عَهْدِ تُبّعٍ مِنْ مدة ملك
ابن العجلان.
(1/161)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخبر ملك ابن الْعَجْلَانِ إنّمَا هُوَ مَعَ أَبِي جُبَيْلَة الْغَسّانِيّ
حِينَ اسْتَصْرَخَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ عَلَى الْيَهُودِ، فَجَاءَ حَتّى
قَتَلَ وُجُوهًا مِنْ يَهُودَ. وَأَمّا تُبّعٌ فَحَدِيثُهُ أَقْدَمُ مِنْ
ذَلِكَ. يُقَالُ: كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِسَبْعِمِائَةِ عَامٍ،
وَالصّحِيحُ فِي اسْمِ أَبِي جُبَيْلَة: جُبَيْلَة غَيْرُ مُكَنّى، ابْنُ
عَمْرِو بْنِ جبلة بن جفنة، وجفنة هو: غلبة ابن عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مَاءِ
السّمَاءِ «1» . وَجُبَيْلَةُ هُوَ: جَدّ جَبَلة بْنِ الْأَيْهَمِ «2»
آخِرُ مُلُوكِ بَنِي جَفْنَةَ، وَمَاتَ جُبَيْلَة الْغَسّانِيّ مِنْ
عَلَقَةٍ شَرِبَهَا فِي مَاءٍ، وَهُوَ مُنْصَرَفٍ عَنْ الْمَدِينَةِ.
وَذَكَرَ أَنّ تُبّعًا أَرَادَ تَخْرِيبَ الْمَدِينَةِ، وَاسْتِئْصَالَ
الْيَهُودِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، لَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ
سَنَةً: الْمَلِكُ أَجَلّ مِنْ أَنْ يَطِيرَ بِهِ نَزَقٌ. أَوْ
يَسْتَخْفِهِ غَضَبٌ، وَأَمْرُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَضِيقَ عَنّا
حِلْمُهُ، أَوْ نُحْرَمُ صَفْحَهُ، مَعَ أَنّ هَذِهِ الْبَلْدَةَ مُهَاجَرُ
نَبِيّ يُبْعَثُ بِدِينِ إبْرَاهِيمَ. وَهَذَا الْيَهُودِيّ هُوَ أَحَدُ
الْحَبْرَيْنِ
__________
(1) انظر ص 435 الاشتقاق. وعند بعض المورخين أن جفنة بْنِ عَمْرِو
مُزَيْقِيَاءَ بْنِ عَامِرٍ مَاءِ السّمَاءِ بن حارثة الغطريف بن امرئ
القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأسد ابن الغوث هو أول ملك ملك من غسان
فى أيام القيصر أنسطاس (491- 518 م) . وعند غير هؤلاء أن أول ملك هو الحارث
بن عمرو ابن عَامِرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثعلبة بن
مازن بن غسان بن الأزد بن الغوث، وبعده الحارث بن ثعلبة بن جفنة بن عمرو بن
عامر بن حارثة، وهو ابن مارية ذات القرطين. أما الأول فيذكرون أن عمرو بن
جفنة هو الذى تولى بعد أبيه. ثم ثعلبة بن عمرو بن جفنة، ثم الحارث بن
ثعلبة، ثم جبلة بن الحارث. ص 125 ج 4 تاريخ العرب قبل الإسلام. جواد عل.
(2) وهو الذى ارتد ولحق بالروم، ونسبه فى الإنباه «جبلة بن الايهم بن جبلة
الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة» ص 111
(1/162)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اللّذَيْنِ ذَكَرَ ابْن إسْحَاقَ، قَالَ: وَاسْمُ الْحَبْرَيْنِ: سُحَيْتٌ،
وَالْآخَرُ: مُنَبّهٌ «1» .
ذَكَرَ ذَلِكَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الدّلَائِلِ، وَفِي رِوَايَةِ
يُونُسَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ، قَالَ: وَاسْمُ الْحَبْرِ الّذِي كَلّمَ
الْمَلِكَ: بليامين، وَذَكَرَ أَنّ امْرَأَةً اسْمُهَا: فُكَيْهَةُ مِنْ
بَنِي زُرَيْقٍ كَانَتْ تَحْمِلُ لَهُ الْمَاءَ من بئر رومة «2» بعد ما
قَالَ لَهُ الْحَبْرَانِ مَا قَالَا، وَكَفّ عَنْ قِتَالِ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ، وَدَخَلُوا عَسْكَرَهُ، فَأَعْطَى فُكَيْهَةَ، حَتّى
أَغْنَاهَا، فَلَمْ تَزَلْ هِيَ وَعَشِيرَتُهَا مِنْ أَغْنَى الْأَنْصَارِ
حَتّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، وَلَمّا آمَنَ الْمَلِكُ بِمُحَمّدِ- صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأُعْلِمَ بِخَبَرِهِ، قَالَ:
شَهِدْت عَلَى أَحْمَدَ أَنّهُ ... نَبِيّ مِنْ اللهِ بَارِي النّسَمْ
فَلَوْ مُدّ عُمْرِي إلَى عُمْرِهِ ... لَكُنْت وَزِيرًا لَهُ، وَابْنُ
عَمْ
وَجَاهَدْت بِالسّيْفِ أَعْدَاءَهُ ... وَفَرّجْت عَنْ صَدْرِهِ كُلّ هَمْ
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدّنْيَا فِي كِتَابِ الْقُبُورِ، وَذَكَرَهُ
أَيْضًا أَبُو إسْحَاقَ الزّجّاجُ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي لَهُ، أَنّ
قَبْرًا حُفِرَ بِصَنْعَاءَ، فَوُجِدَ فِيهِ امْرَأَتَانِ، مَعَهُمَا
لَوْحٌ مِنْ فِضّةٍ مَكْتُوبٌ بِالذّهَبِ، وَفِيهِ: هَذَا قَبْرُ لَمِيسَ
وَحُبّى ابْنَتَيْ تُبّعٍ مَاتَا، وَهُمَا تَشْهَدَانِ: لَا إلَهَ إلّا
اللهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيك لَهُ، وَعَلَى ذلك مات الصالحون
__________
(1) فى التوراة والإنجيل بشارات ببعث نبى اسمه: أحمد، واسم الحبرين فى
الطبرى: كعب وأسد من بنى قريظة ص 105 ج 2. والحديث عن الحبرين ص 165
(2) بئر بالمدينة، ويقال إنها التى اشتراها عثمان وسبلها.
(1/163)
[عمرو بن طلّة ونسبه:]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عَمْرُو بْنُ طَلّةَ: عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ
عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّجّارِ، وَطَلّةُ: أُمّهُ،
وَهِيَ: بِنْتُ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ، بْنِ عَامِرِ بْنِ زُرَيْقِ ابن
عَبْدِ حَارِثَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَضْبِ بْنِ جشم بن الخزرج.
[قصة مقاتلة تُبّانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ:]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ
النّجّارِ، يُقَالُ لَهُ: أَحْمَرُ عَدَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ
تُبّعٍ حِينَ نَزَلَ بِهِمْ فَقَتَلَهُ، وَذَلِكَ أنه وجده فى عذق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَبْلَهُمَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
«لَا أَدْرِي أَتُبّعٌ لَعِينٌ أَمْ لَا» وَرُوِيَ عَنْهُ- صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنّهُ قَالَ: «لَا تَسُبّوا تُبّعًا؛ فَإِنّهُ كَانَ
مُؤْمِنًا «1» » ، فَإِنْ صَحّ هَذَا الْحَدِيثُ الْأَخِيرُ، فَإِنّمَا
هُوَ بعد ما أُعْلِمَ بِحَالِهِ، وَلَا نَدْرِي: أَيّ التّبَايِعَةِ
أَرَادَ، غَيْرَ أَنّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَسُبّوا أَسْعَدَ الْحِمْيَرِيّ، فَإِنّهُ أَوّلُ
مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ» «2» فَهَذَا أَصَحّ مِنْ الْحَدِيثِ الْأَوّلِ،
وَأَبْيَنُ،
__________
(1) رواه أحمد فى مسنده عن سهل بن سعد، وله ثمانية وثمانون ومائة حديث اتفق
البخارى ومسلم على ثمانية وعشرين منها، وانفرد البخارى بأحد عشر والحديث
فيه معارضة لما قبله، وفيه سمة الضعف. وما يحب مسلم أن يكذّب أحد رسول الله
صلى الله وسلم فى قوله.
(2) لم يرو إلا فى كتب السيرة كسيرة أبى ذر والأزرقى وأبى الفرج فى مثير
الغرام، وليس عليه نفحة النبوة.
(1/164)
لَهُ يَجُدّهُ، فَضَرَبَهُ بِمِنْجَلِهِ
فَقَتَلَهُ، وَقَالَ: إنّمَا التّمْرُ لِمَنْ أَبّرَهُ، فَزَادَ ذَلِكَ
تُبّعًا حَنَقًا عَلَيْهِمْ، فَاقْتَتَلُوا، فَتَزْعُمُ الْأَنْصَارُ
أَنّهُمْ كَانُوا يُقَاتِلُونَهُ بِالنّهَارِ، وَيَقْرُونَهُ بِاللّيْلِ،
فَيُعْجِبُهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَيَقُولُ: والله إن قومنا لكرام.
فَبَيْنَا تُبّعٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِتَالِهِمْ، إذْ جَاءَهُ حَبْرَانِ
مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، مِنْ بَنِي قريظة- وقريظة والنّضير وَالنّجّامُ
وَعَمْرٌو- وَهُوَ هَدَلُ- بَنُو الْخَزْرَجِ بْنِ الصريح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَيْثُ ذَكَرَ فِيهِ أَسَعْدَ. وَتُبّانُ أَسْعَدُ الّذِي تَقَدّمَ
ذِكْرُهُ، وَقَدْ كَانَ تُبّعٌ الْأَوّلُ مُؤْمِنًا أَيْضًا بِالنّبِيّ-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الرّائِشُ، وَقَدْ قَالَ
شِعْرًا يُنْبِئُ فِيهِ بِمَبْعَثِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِيهِ:
ويأتى بعدهم رجل عظيم ... نبئ لَا يُرَخّصُ فِي الْحَرَامِ
وَقَدْ قِيلَ أَنّهُ الْقَائِلُ:
مَنَعَ الْبَقَاءَ تَصَرّفُ الشّمْسِ ... وَطُلُوعُهَا مِنْ حيث لا تمسى
اليوم أعلم ما يجئ بِهِ ... وَمَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ
وَطُلُوعُهَا بَيْضَاءُ مُشْرِقَةٌ ... وَغُرُوبُهَا صَفْرَاءُ كَالْوَرْسِ
تَجْرِي عَلَى كَبِدِ السّمَاءِ، كَمَا ... يَجْرِي حِمَامُ الْمَوْتِ فِي
النّفْسِ
وَقَدْ قِيلَ: إنّ هَذَا الشّعْرَ لِتُبّعِ الْآخَرُ [وَقِيلَ لِأُسْقُفِ
نَجْرَانَ] ، فَاَللهُ أَعْلَمُ، وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَبُو تَمَامٍ
قَوْلَهُ:
أَلْقَى إلَى كَعْبَةِ الرّحْمَنِ أَرْحُلَهُ ... وَالشّمْسُ قَدْ نَفَضَتْ
وَرْسًا عَلَى الأصل
(1/165)
ابن التّومان، بْنِ السّبْطِ بْنِ الْيَسَعَ، بْنِ سَعْدِ، بْنِ لَاوِيّ،
بْنِ خَيْرِ، بْنِ النّجّامِ، بْنِ تَنْحوم، بْنِ عازَر، بْنِ عزْرَى، بْنِ
هَارُونَ، بْنِ عمران، بن يصهر، ابن قاهث، بن لَاوَى، بْنِ يَعْقُوبَ-
وَهُوَ إسْرَائِيلُ- بْنُ إسْحَاقَ بن إبراهيم خليل الرحمن- صلى الله
عليهم- عالمان راسخان فى العلم، حين سمعا بما يريد من إهلاك الْمَدِينَةِ
وَأَهْلِهَا، فَقَالَا لَهُ: أَيّهَا الْمَلِكُ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنّك إنْ
أَبَيْتَ إلّا مَا تُرِيدُ حِيلَ بَيْنَك وَبَيْنَهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ
عَلَيْك عَاجِلَ الْعُقُوبَةِ، فَقَالَ لَهُمَا: وَلِمَ ذَلِكَ؟
فَقَالَا: هِيَ مُهَاجَرُ نَبِيّ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْحَرَمِ مِنْ
قُرَيْشٍ فِي آخِرِ الزّمَانِ، تَكُونُ دَارَهُ وَقَرَارَهُ، فَتَنَاهَى
عَنْ ذَلِكَ، وَرَأَى أَنّ لَهُمَا عِلْمًا، وَأَعْجَبَهُ مَا سَمِعَ
مِنْهُمَا، فَانْصَرَفَ عَنْ الْمَدِينَةِ، وَاتّبَعَهُمَا عَلَى
دِينِهِمَا، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ العزّى بن غزيّة ابن عمرو بْنِ
عَبْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النّجّارِ يَفْخَرُ
بِعَمْرِو بْنِ طَلّةَ:
أَصَحّا أَمْ قَدْ نَهَى ذُكَرَهْ ... أَمْ قَضَى مِنْ لَذّةٍ وَطَرَهْ
أَمْ تَذَكّرْتَ الشّبَابَ، وَمَا ... ذكرت الشّبَابَ أَوْ عُصُرَهْ
إنّهَا حَرْبٌ رَبَاعِيَةٌ ... مِثْلُهَا أَتَى الْفَتَى عِبَرَهْ
فَاسْأَلَا عِمْرَانَ، أَوْ أَسَدًا ... إذْ أَتَتْ عَدْوًا مَعَ
الزّهَرَهْ
فَيْلَقٌ فِيهَا أَبُو كَرِبٍ ... سُبّغ أَبْدَانُهَا ذَفِرَهْ
ثُمّ قَالُوا: مَنْ نَؤُمّ بِهَا ... أَبَنِي عَوْفٍ، أَمْ النّجَرَهْ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ |