الروض الأنف ت الوكيل

 [أمر البسل]
والبسل- فيما يزعمون- نسيئهم ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ حُرُمٍ، لَهُمْ مِنْ كُلّ سَنَةٍ مِنْ بَيْنِ الْعَرَبِ قَدْ عَرَفَتْ ذَلِكَ لَهُمْ الْعَرَبُ لَا يُنْكِرُونَهُ، وَلَا يَدْفَعُونَهُ، يَسِيرُونَ بِهِ إلى أىّ بلاد العرب شاءوا، ولا يَخَافُونَ مِنْهُمْ شَيْئًا. قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى، يَعْنِي بَنِي مُرّةَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: زُهَيْرُ أَحَدُ بَنِي مُزَيْنَةَ بْنِ أُدّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، وَيُقَالُ: زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى مِنْ غَطَفَانَ، وَيُقَالُ: حَلِيفٌ فى غطفان.
تَأَمّلْ، فَإِنْ تُقْوِ الْمَرُورَاةَ مِنْهُمْ ... وَدَارَاتِهَا لَا تُقْوِ مِنْهُمْ إذًا نَخْل
بِلَادٌ بِهَا نَادِمَتُهُمْ وألفتهم ... فإن تقويا منهم فإنهم بسل
أى: حرام. يَقُولُ: سَارُوا فِي حَرَمِهِمْ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
أَجَارَتُكُمْ بَسْلٌ عَلَيْنَا مُحَرّمٌ ... وَجَارَتُنَا حِلّ لَكُمْ وَحَلِيلُهَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قصيدة له.

[ «أولاد كعب ومرة وأمهاتهم» :]

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَوَلَدَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيّ ثلاثة نفر: مرّة بن كعب، وعدىّ ابن كَعْبٍ، وَهُصَيْصَ بْنَ كَعْبٍ. وَأُمّهُمْ: وَحْشِيّةُ بِنْتُ شَيْبَانَ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بن النضر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1/414)


فَوَلَدَ مُرّةُ بْنُ كَعْبٍ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ: كِلَابَ بن مرّة، وتيم بن مرّة، ويقظة ابن مُرّةَ.
فَأُمّ كِلَابٍ: هِنْدُ بِنْتُ سُرَيْرِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ [فِهْرِ بْنِ] مَالِكِ ابن كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَأُمّ يَقَظَةَ: الْبَارِقِيّةُ، امْرَأَةٌ مِنْ بَارِقٍ، مِنْ الْأَسْدِ مِنْ الْيَمَنِ. وَيُقَالُ: هى أم تيم. ويقال: تيم هند بنت سرير أم كلاب.

[ «نَسَبُ بَارِقٍ» ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَارِقٌ: بَنُو عَدِيّ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بن حارثة ابن امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ، وَهُمْ فِي شَنُوءَةَ.
قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ:
وَأَزْدُ شَنُوءَةَ انْدَرَءُوا عَلَيْنَا ... بِجُمّ يَحْسِبُونَ لَهَا قُرُونَا
فَمَا قُلْنَا لِبَارِقَ: قَدْ أَسَأْتُمْ ... وَمَا قُلْنَا لِبَارِقَ: أَعْتِبُونَا
قَالَ: وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. وَإِنّمَا سُمّوا بِبَارِقَ؛ لِأَنّهُمْ تَبِعُوا الْبَرْقَ.

[ «وَلَدَا كِلَابٍ وَأُمّهُمَا» ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَوَلَدَ كِلَابُ بْنُ مُرّةَ رَجُلَيْنِ: قُصَيّ بْنَ كِلَابٍ، وزهرة ابن كِلَابٍ. وَأُمّهُمَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ سَيَلٍ أحد الْجَدَرَةِ، مِنْ جُعْثُمَةَ.
الْأَزْدِ، مِنْ الْيَمَنِ، حُلَفَاءُ فِي بَنِي الدّيْلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.

[ «نَسَبُ جُعْثُمَةَ» ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: جُعْثُمَةُ الأسد، وجعثمة الأزد، وهو جعثمة
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1/415)


ابن يَشْكُرَ بْنِ مُبَشّرِ بْنِ صَعْبِ بْنِ دُهْمَانَ بن نصر بن زهران بن الحارث ابن كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ، وَيُقَالُ: جُعْثُمَةُ ابن يَشْكُرَ بْنِ مُبَشّرِ بْنِ صَعْبِ بْنِ نَصْرِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ.
وَإِنّمَا سُمّوا الْجَدَرَةَ؛ لِأَنّ عَامِرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جعثمة تزوّج بنت الحارث ابن مُضَاضٍ الْجُرْهُمِيّ، وَكَانَتْ جُرْهُمُ أَصْحَابَ الْكَعْبَةِ. فَبَنَى للكعبة جدارا، فسمّى عامر بِذَلِك: الْجَادِرِ، فَقِيلَ لِوَلَدِهِ: الْجَدَرَةُ لِذَلِك.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَلِسَعْدِ بْنِ سَيَلٍ يَقُولُ الشّاعِرُ:
مَا نَرَى فِي النّاسِ شَخْصًا وَاحِدًا ... مَنْ عَلِمْنَاهُ كَسَعْدِ بْنِ سَيَلْ
فَارِسًا أَضْبَطَ، فِيهِ عُسْرَةٌ ... وَإِذَا مَا وَاقَفَ الْقِرْنَ نَزَلَ
فَارِسًا يَسْتَدْرِجُ الْخَيْلَ كَمَا اسْتَدْرَجَ ... الْحُرّ الْقَطَامِيّ الْحَجَل
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ: كَمَا اسْتَدْرَجَ الْحُرّ. عن بعض أهل العلم بالشعر.

[ «عود إلى أَوْلَادِ كِلَابٍ» ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَنُعْمُ بِنْتُ كلاب، وهى أم سعد وَسُعَيْدٍ ابْنَيْ سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ، وَأُمّهَا: فَاطِمَةُ بِنْتُ سعد بن سيل.

[ «أولاد قصى وعبد مناف وأمهاتهم» ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَوَلَدَ قُصَيّ بْنُ كِلَابٍ أربعة نفر وامرأتين: عبد مناف ابن قصىّ، وَعَبْدَ الدّارِ بْنَ قُصَيّ، وَعَبْدَ الْعُزّى بْنَ قصىّ، وعبد بْنَ قُصَيّ، وَتَخْمُرَ بِنْتَ قُصَيّ، وَبَرّةَ بِنْتَ قُصَيّ. وَأُمّهُمْ: حُبَيّ بِنْتُ حُلَيْلِ بْنِ حُبْشِيّةَ بْنِ سَلُولَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عمرو الخزاعي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1/416)


قال ابن هشام: ويقال: حبشية بن سلول.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَوَلَدَ عَبْدُ مَنَافٍ- وَاسْمُهُ: الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيّ- أَرْبَعَةَ نَفَرٍ: هَاشِمَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ، وَعَبْدَ شَمْسِ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ، وَالْمُطَلّبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمّهُمْ: عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرّةَ بْنِ هِلَالِ بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ بن ثعلبة ابن بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ، وَنَوْفَلَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمّهُ: وَاقِدَةُ بِنْتُ عَمْرٍو الْمَازِنِيّةُ. مَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَذَكَرَ شِعْرَ الْحَارِثِ بْنِ ظَالِمٍ. وَقَوْلُهُ «1» : سَفَاهَةَ مُخْلِفٍ، وَهُوَ الْمُسْتَقِي [لِلْمَاءِ] ، وَفِيهِ لَمْ يَذْكُرْ:
لَعَمْرُك إنّنِي لَأُحِبّ كَعْبًا ... وَسَامَةَ إخْوَتِي حُبّي الشّرَابَا
وَقَوْلُهُ: وَخَشّ رَوَاحَةُ الْقُرَشِيّ رَحْلِي بِنَاجِيَةِ. أَيْ: بِنَاقَةِ سَرِيعَةٍ يُقَالُ: خَشّ السّهْمَ بِالرّيْشِ، إذَا رَاشَهُ بِهِ، فَأَرَادَ: رَاشَنِي وَأَصْلَحَ رَحْلِي بِنَاجِيَةِ، وَلَمْ يَطْلُبْ ثَوَابًا بِمَدْحِهِ بِذَلِكَ. وَرَوَاحَةُ هذا: هو رواحة بن منقذ ابن مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ كَانَ قَدْ رَبَعَ فِي الْجَاهِلِيّةِ أَيْ: رَأَسَ، وَأَخَذَ الْمِرْبَاعَ «2» .
وَقَوْلُهُ: لَوْ طُووِعْت عَمْرَك كُنْت فِيهِمْ، وَنَصَبَ عَمْرَك عَلَى الظرف.
__________
(1) بدأ يشرح قصيدة الحارث بن ظالم.
(2) نسب رواحة فى كتاب نسب قريش: رواحة بن منقذ- فى الروض كانت دالا- بن عمرو بن معيص الخ ص 437. والمرباع: كانوا فى الجاهلية إذا غزا بعضهم بعضا، وغنموا، أخذ الرئيس ربع الغنيمة يقول شاعرهم:
لَك الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصّفَايَا ... وَحُكْمُك وَالنّشِيطَةُ وَالْفُضُولُ
الصفايا: ما يصطفيه الرئيس، والنشيطة: ما أصاب من الغنيمة قبل أن يصير إلى مجتمع الحى، والفضول: ما عجز أن يقسم لقلته، وخص به.

(1/417)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوْلُهُ: وَمَا أَلْفَيْت أَنْتَجِعُ السّحَابَا. أَيْ: كَانُوا يُغْنُونَنِي بِسَيْبِهِمْ وَمَعْرُوفِهِمْ عَنْ انْتِجَاعِ السّحَابِ، وَارْتِيَادِ الْمَرَاعِي فِي الْبِلَادِ.
وَقَوْلُ الْحَصِينِ: بِمُعْتَلَجِ الْبَطْحَاءِ: أَيْ حَيْثُ تَعْتَلِجُ السّيُولِ، وَالِاعْتِلَاجُ عَمَلٌ بِقُوّةِ، قَالَ الشّاعِرُ:
لَوْ قُلْت لِلسّيْلِ دَعْ طَرِيقَك وَالٍ ... سّيْلُ كَمِثْلِ الْهِضَابِ يَعْتَلِجُ
وَفِي الْحَدِيثِ: إنكما علجلن، فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا «1» ، وَفِي الْحَدِيثِ: إنّ الدّعَاءَ لَيَلْقَى الْبَلَاءَ نَازِلًا مِنْ السّمَاءِ، فَيَعْتَلِجَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَيْ: يَتَدَافَعَانِ بِقُوّةِ.
وَقَوْلُهُ: لَنَا الرّبُعُ بِضَمّ الرّاءِ، يُرِيدُ: أَنّ بَنِي لُؤَيّ كَانُوا أَرْبَعَةً: أَحَدُهُمْ: أَبُوهُمْ، وَهُوَ عَوْفٌ، وَبَنُو لُؤَيّ هُمْ: أَهْلُ الْحَرَمِ، وَلَهُمْ وِرَاثَةُ الْبَيْتِ. وَالْأَخَاشِبُ:
جِبَالُ مَكّةَ، وَقَدْ يُقَالُ لِكُلّ جَبَلٍ: أَخْشَبُ، أَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ:
كَأَنّ فَوْقَ مَنْكِبَيْهِ أَخْشَبَا
وَذَكَرَ خَارِجَةَ بْنَ سِنَانٍ الّذِي تَزْعُمُ قيس أن الجنّ اختطفته لتستفحله «2» نساؤها لِبَرَاعَتِهِ وَنَجْدَتِهِ، وَنَجَابَةِ نَسْلِهِ، وَقَدْ قَدِمَتْ بِنْتُهُ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهَا:
مَا كَانَ أَبُوك أَعْطَى زُهَيْرًا حِينَ مَدَحَهُ، فَقَالَتْ: أَعْطَاهُ مَالًا وَرَقِيقًا وَأَثَاثًا أَفْنَاهُ الدّهْرُ، فَقَالَ: لَكِنْ مَا أَعْطَاكُمْ زُهَيْرٌ لَمْ يُفْنِهِ الدّهْرُ، وَكَانَ خَارِجَةُ بقيرا
__________
(1) العلج: الرجل القوى الضخم، فعالجا: أى مارسا العمل الذى ندبتكما إليه، واعملا به.
(2) أى لتجعله كل منهن فى مكان الزوج منها، والقول خرافة.

(1/418)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَمَرَتْ أُمّهُ عِنْدَ مَوْتِهَا أَنْ يُبْقَرَ بَطْنُهَا عَنْهُ، فَفَعَلُوا فَخَرَجَ حَيّا، فَسُمّيَ خَارِجَةَ، وَيُقَالُ لِلْبَقِيرِ: خِشْعَةُ، قَالَ الْحَطِيئَةُ يَعْنِي خَارِجَةَ بْنِ سِنَانٍ:
لَقَدْ عَلِمَتْ خَيْلُ ابْنِ خِشْعَةَ أَنّهَا ... مَتَى مَا يَكُنْ يَوْمًا جِلَادٌ تُجَالِدُ
وَقَوْلُ عَامِرٍ: تَرَى الْمُلُوكَ حَوْلَهُ مُغَرْبَلَهْ. قِيلَ مَعْنَاهُ: مُنْتَفِخَةٌ، وَذَكَرُوا أَنّهُ يُقَالُ: غَرْبَلَ الْقَتِيلُ إذَا انْتَفَخَ، وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ «1» وَإِنْ كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ قَدْ ذَكَرَهُ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنّفِ، وَأَيْضًا: فَإِنّ الرّوَايَةَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُغَرْبَلَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: يَتَخَيّرُ الْمُلُوكَ فَيَقْتُلُهُمْ، وَاَلّذِي أَرَاهُ فِي ذَلِكَ أَنّهُ يُرِيدُ بِالْغَرْبَلَةِ اسْتِقْصَاءَهُمْ، وَتَتْبَعُهُمْ، كَمَا قَالَ مَكْحُولٌ الدّمَشْقِيّ: وَدَخَلَتْ الشّامَ، فَغَرْبَلْتهَا غَرْبَلَةً، حَتّى لَمْ أَدَعْ عِلْمًا إلّا حَوَيْته، فِي كل ذلك أسئل عَنْ الْبَقْلِ.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَمَعْنَى هَذَا: التّتَبّعُ وَالِاسْتِقْصَاءُ، وَكَأَنّهُ مِنْ غَرْبَلْت الطّعَامَ. إذَا تَتَبّعْته بِالِاسْتِخْرَاجِ، حَتّى لَا تَبْقَى إلّا الْحُثَالَةُ. وَقَوْلُهُ:
يَقْتُلُ ذَا الذّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ «2»
إنما أعجب هاشما هذا البيت؛ لأنه
__________
(1) المغربل اسم مفعول- المقتول المنتفخ. وعند الخشنى ص 35 «مغربلة: مقتولة. يقال: غربل إذا قتل أشراف الناس وخيارهم»
(2) ورد البيتان فى الاشتقاق «لابن دريد هكذا:
أحيا أباه هاشم بن حرمله ... إذ الملوك حوله مرعبله
ورمحه للوالدات مثكلة ... يَقْتُلُ ذَا الذّنْبِ وَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهْ
وفى نسخة من نسخ الاشتقاق «وقالوا: مغربلة؛ فمرعبلة مقطعة، ومغربلة مستأصلة» ص 290 بتحقيق الأستاذ عبد السلام هارون

(1/419)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَصَفَهُ فِيهِ بِالْعِزّ وَالِامْتِنَاعِ، وَأَنّهُ لَا يَخَافُ حَاكِمًا يُعْدِي عَلَيْهِ، وَلَا تِرَةً مِنْ طَالِبِ ثَأْرٍ. وَهَاشِمُ بْنُ حَرْمَلَةَ هَذَا هُوَ: جَدّ مَنْظُورُ بْنُ زَبّانَ بْنِ يَسَارٍ «1» الّذِي كَانَتْ بِنْتُهُ زُجْلَةَ عِنْدَ ابْنِ الزّبَيْرِ، فَهُوَ جَدّ مَنْظُورٍ لِأُمّهِ، وَاسْمُهَا: قِهْطِمُ بِنْتُ هَاشِمٍ. كَانَتْ قِهْطِمُ قَدْ حَمَلَتْ بِمَنْظُورِ أَرْبَعَ سِنِينَ «2» ، وَوَلَدَتْهُ بِأَضْرَاسِهِ، فَسُمّيَ مَنْظُورًا لِطُولِ انْتِظَارِهِمْ إيّاهُ، وَفِي زَبّانَ بْنِ سَيّارٍ وَالِدِ مَنْظُورٍ يَقُولُ الْحُطَيْئَةُ:
وَفِي آلِ زَبّانَ بْنِ سَيّارَ فِتْيَةٌ ... يَرَوْنَ ثَنَايَا الْمَجْدَ سَهْلًا صِعَابُهَا
وَلَمْ يَصْرِفْ سَيّارًا لِمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ- إنْ شَاءَ اللهُ.
مُزَيْنَةُ:
وَذَكَرَ زُهَيْرًا وَنَسَبَهُ إلَى مُزَيْنَةَ، وَهُمْ بَنُو عثمان بن عمرو بن الأطم ابن أَدّ بْنِ طَابِخَةَ «3» . قَالَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
فَإِنّك خَيْرُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو ... وَأَسْنَاهَا إذَا ذُكِرَ السّنَاءُ
يَمْدَحُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ، وَمُزَيْنَةُ: أمّهم، وهى بنت كلب بن وبرة،
__________
(1) فى الاشتقاق: زبان بن سيار لا يسار وسيأتى فى الروض. وقد تزوج بنات منظور: الحسن بن على، ومحمد بن طلحة، وعبد الله بن الزبير، والمنذر بن الزبير.
(2) إن ربنا سبحانه يرشدنا فى القرآن إلى أن حمل الإنسان وفصاله ثلاثون شهرا فكيف نصدق هذا؟
(3) فى ترجمة زهير فى الأغانى: عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة. وفى الاشتقاق: عمرو بن أد بن طابخة ص 180 وكذلك فى الجمهرة لابن حزم: عمرو ابن أد بن طابخة، ومزينة هى أم ولد عمر.

(1/420)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأُخْتُهَا: الْحَوْأَبُ بِنْتُ كَلْبٍ الّتِي يُعْرَفُ بِهَا مَاءُ الْحَوْأَبِ «1» الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَيّتُكُنّ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ الْأَدْبَبِ «2» تَنْبَحُهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ.
الْبَسْلُ:
وَذَكَرَ الْبَسْلَ وَهُوَ الْحَرَامُ، وَالْبَسْلُ أَيْضًا: الْحَلَالُ، فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ وَمِنْهُ: بُسْلَةُ الرّاقِي، أَيْ مَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى الرّقْيَةِ، وَبَسْلٌ فِي الدّعَاءِ بِمَعْنَى: آمِينَ، قَالَ الرّاجِزُ [المتلمّس] .
لا خاب من نقعك مَنْ رَجَاك ... بَسْلًا، وَعَادَى اللهُ مَنْ عَادَاك»
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ يَقُولُ فِي أَثَرِ الدعاء: آمين وبسلا، أى: استجابة.
__________
(1) حوأب: يقال: واد احوأب: واسع. وعرفه الأزهرى بقوله: الحوأب: واد فى وهدة من الأرض واسع. وحوأب: ماء أو موضع قريب من البصرة وفى اللسان: أنه منزل بين البصرة ومكة، وهو الذى نزلته عائشة رضى الله عنها لما جاءت إلى البصرة فى وقعة الجمل. وفى التهذيب: الحوأب موضع بئر نبحت كلا به أم المؤمنين مقبلها من البصرة، والحوأب: بنت كلب بن وبره «بسكون الباء ويضبطها الاشتقاق بالفتح دائما» .
(2) إنما أريد: الأدبّ بإدغام الباء- ليوازن به كلمة الحوأب، وهو الجمل الكثير الوبر، أو الكثير وبر الوجه، وقد روى أحمد والبزار هذا الحديث، ورواياته مضطربة، وتبدو فيه رائحة شيعية. فلم يروه غير أحمد والبزار.
(3) فى اللسان «البسل من الأضداد وهو الحرام والحلال، والواحد والجميع والمذكر والمؤنث فى ذلك سواء.. والإبسال: التحريم. وعن ابن سيدة: قالوا فى الدعاء على الإنسان: بسلا وأسلا. وفى التهذيب يقال: بسلا له والبيت الذى فى الروض للمتلمس، وأنشده ابن جنى برفع كلمة بسل، وقال: هو بمعنى: آمين.

(1/421)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
فَإِنْ تُقْوِ الْمَرَوْرَاةُ مِنْهُمْ.
الْبَيْتُ وَقَعَ فِي بَعْضِ النّسَخِ الْمَرَوْرَاتُ بِتَاءِ مَمْدُودَةٍ، كَأَنّهُ جَمْعُ مَرَوْرٍ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ هَذَا الْبِنَاءِ، وَإِنّمَا هُوَ الْمَرَوْرَاةُ بِهَاءِ مِمّا ضُوعِفَتْ فِيهِ الْعَيْنُ وَاللّامُ، فَهُوَ فَعَلْعَلَةٌ مِثْلُ صَمَحْمَحَةٍ، وَالْأَلِفُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ أَصْلِيّةٍ، وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ جَعَلَهُ مِثْلَ:
شَجَوْجَاةٍ، وَأَبْطَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ عَثَوْثَلٍ، وَقَالَ ابْنُ السّرّاجِ فِي قَطَوْطَاةٍ:
وَهُوَ مِثْلُ: مَرَوْرَاةٍ، هُوَ فَعَوْعَلٌ مِثْلُ: عَثَوْثَلٍ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِيهِ: إنّهُ مِنْ بَابِ صَمَحْمَحَةٍ، فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ عَلَى قَوْلِ ابن السراج، ووزنه عنده: فعوعلة «1» .
__________
(1) فى اللسان فى مادة مرو: المروراة: الأرض أو المفازة التى لا شئ فيها، وهى فعوعلة «بفتح الفاء والعين وسكون الواو وفتح العين واللام» والجمع: المرورى «بفتح الميم والراء وإسكان الواو وفتح الراء والمروريات «بفتح الميم والراء وإسكان الواو وفتح الراء، والمرارى بكسر الراء الأخيرة» وقال سيبويه هو بمنزلة صمحمح، وليس بمنزلة عثوثل؛ لأن باب الأولى أكثر من باب عثوثل. وقال ابن برى: مروراة عند سيبويه فعلعلة، قال فى ما تقلب فيه الواو ياء: وأما المروراة فبمنزلة الشّجوجاة، وهما بمنزلة صمحمح، ولا تجعلهما على عثوثل؛ لأن فعلعلا أكثر، والصمحمح: الشديد القوى، وجمعه: صمامح، وهى من الثلاثى الملحق بالخماسى أى: بسفرجل، أما عثوثل فالكثير اللحم الرخو، وهى من الثلاثى الملحق بالخماسى، ويرى الفراء- كما ورد فى شرح الشافية ص 63 ح (أن صمحمح على وزن فعلّل «بفتح الفاء والعين وتضعيف اللام» . وقال: لو كان فعلعلا لكان صرصر وزلزل فعفع- ويرد عليه الشارح بقوله: وليس ما قال بشئ، لأنا لا نحكم بزيادة التضعيف إلا بعد إكمال ثلاثة أصول. أما قطوطى- وهو البطئ المشى، فهى عند سيبويه فعوعل كغدودن، أما المبرد فجعلها على «فعلعل، وقال: أصله قطوط «بفتح القاف والطاء وإسكان الواو» . وحجة سيبويه أنه جاء منه: اقطوطى أى: أبطأ فى مشيه-

(1/422)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَعْلَامٌ وَأَنْسَابٌ:
وَذَكَرَ هُصَيْصَ بْنَ كَعْبٍ، وَهُوَ: فُعَيْلٌ مِنْ الْهَصّ، وَهُوَ: الْقَبْضُ بِالْأَصَابِعِ. مِنْ كِتَابِ الْعَيْنِ «1» .
وَذَكَرَ يَقَظَةَ بْنَ مُرّةَ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقَدْ وَجَدْته بِسُكُونِ الْقَافِ فِي أَشْعَارٍ مُدِحَ بِهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَمِنْهَا قَوْلُ الشاعر:
وأنت لمحزوم بْنِ يَقْظَةَ جَنّةٌ ... كِلَا اسْمَيْك فِيهَا مَاجِدٌ وَابْنُ مَاجِدِ
وَأُمّ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ جَدّ بَنِي مَخْزُومٍ: كَلْبَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ. قَالَهُ الزّبَيْرُ «2» .
وَذِكْرُ بَارِقَ، وَهُمْ: بَنُو عَدِيّ من الْأَزْدِ، وَقَالَ: سُمّوا: بَارِقَ؛ لِأَنّهُمْ اتّبَعُوا الْبَرْقَ، وَقَدْ قِيلَ: إنّهُمْ نَزَلُوا عِنْدَ جَبَلٍ يُقَالُ له: بارق، فسمّوا به «3» .
__________
- مثل اغدودن: افعوعل، وافعلعل لم يأت فى كلام العرب، ولو كان فعلعلا كما زعم المبرد، لكان القياس حذف الواو الأولى. والشجوجى: الطويل الظهر القصير الرجل، وقيل: المفرط الطول الضخم العظام، والشجوجى: العقعق والأنثى شجوجاة.
(1) والهص «بفتح الهاء» أيضا: الصلب من كل شئ، وشدة الغمز والوطء للشئ حتى تشدخه.
(2) فى ص 299 من نسب قريش ما ذكره السهيلى عن نسب أم مخزوم
(3) فى الاشتقاق عن بارق ص 480 أنه سمى بارقا بجبل نزله بالسراة، هذا ذهب صاحب نسب قريش ص 14

(1/423)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ: بِجُمّ يَحْسَبُونَ لَهَا قُرُونًا. أَيْ: يُنَاطِحُونَ بِلَا عُدّةٍ وَلَا مِنّةٍ «1» كَالْكِبَاشِ الْجُمّ الّتِي لَا قُرُونَ لَهَا، وَيَحْسَبُونَ أَنّ لَهُمْ قُوّةً.
وَالْكُمَيْتُ هَذَا هُوَ: ابْنُ زَيْدِ أَبُو الْمُسْتَهِلّ مِنْ بَنِي أَسْدٍ.
وَفِي أَسْدٍ: الْكُمَيْتُ بْنُ مَعْرُوفٍ، كَانَ قَبْلَ هَذَا، وَفِيهِمْ أَيْضًا الكميت ابن ثَعْلَبَةَ، وَهُوَ أَقْدَمُ الثّلَاثَةِ، وَابْنُ مَعْرُوفٍ هُوَ الّذِي يَقُولُ:
[خُذُوا الْعَقْلَ إنْ أَعْطَاكُمْ الْقَوْمُ عَقْلَكُمْ ... وَكُونُوا كَمَنْ سِيمَ الْهَوَانَ فَأَرْبَعَا]
وَلَا تُكْثِرُوا فِيهِ الضّجَاجَ، فَإِنّهُ ... مَحَا السّيْفُ مَا قال ابن دارة أجمعا «2»
__________
(1) القوة
(2) ابن دارة هو: سالم بن مسافع بن يربوع أحد بنى عبد الله بن غطفان، ودارة: أمه، كان هجا بعض بنى فزارة هجوا شنيعا، فاغتاله زميل الفزارى وقال:
أنا زميل قاتل ابن داره ... وراحض المخزاة عن فزارة
ثم جعلت عقله البكاره
والعقل: الدية: والبكارة: جمع بكر من الإبل والشعر: «خذوا العقل» منسوب الكميت بن معروف فى البيان والتبيين، وفى حماسة البحترى، وشرح الحماسة للتبريزى ومنسوب إلى الكميت بن ثعلبة فى خزانة البغدادى والمؤتلف، وقد أخطأ البكرى فى السمط، فنسبه إلى زميل بن أبرد «انظر مجمع الأمثال للميدانى ص 279 ج 2 ط السنة المحمدية، ص 389 ج 1 البيان والتبيين بتحقيق الأستاذ؟؟ هارون، ص 689 السمط للبكرى، والزيادة فى الشعر من البيان ومجمع؟؟ وقبل البيتين بيت استحييت من ذكره.

(1/424)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْجَدَرَةُ:
وَذَكَرَ الْجَدَرَةَ، وَقَالَ: هُمْ بَنُو عَامِرِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ جُعْثُمَةَ، وَفِي حَاشِيَةِ الشّيْخِ أَبِي بَحْرٍ زِيَادَةُ خُزَيْمَةَ خَطَأٌ، إنّمَا هُوَ: عَمْرُو بْنُ جُعْثُمَةَ، وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ أَنّ السّيْلَ ذَاتَ مَرّةٍ دَخَلَ الْكَعْبَةَ، وَصَدّعَ بُنْيَانَهَا، فَفَزِعَتْ لِذَلِكَ قُرَيْشٌ، وَخَافُوا انْهِدَادَهَا إنْ جَاءَ سَيْلٌ آخَرُ، وَأَنْ يَذْهَبَ شَرَفُهُمْ وَدِينُهُمْ، فَبَنَى عَامِرٌ لَهَا جِدَارًا، فَسُمّيَ: الْجَادِرَ. وَقَوْلُهُ فِي الْجَدَرَةِ: حُلَفَاءِ بَنِي الدّيلِ. الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ النّسَبِ: أَنّ الدّيلَ فِي عَبْدِ الْقَيْسِ، وهو الدّيل بن عمرو بن وديعة «1» [ابن أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ] ، وَالدّيلُ أَيْضًا فِي الْأَزْدِ، وَهُوَ ابْنُ هَدْهَادَ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ، وَالدّيلُ أَيْضًا فِي تَغْلِبَ وَهُوَ: ابْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ تَغْلِبَ، وَالدّيلُ أَيْضًا فِي إيَادٍ، وَهُوَ ابْنُ أُمَيّةَ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ إيَادٍ، وَأَمّا الّذِي فِي كِنَانَةَ، وَهُمْ الّذِينَ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ أَبُو الْأَسْوَدِ الدّؤَلِيّ، وَهُوَ: ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُمْ حُلَفَاءُ الْجَدَرَةِ، فَابْنُ الْكَلْبِيّ وَمُحَمّدُ بْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ النّسَبِ يَقُولُونَ فِيهِ: الدّئِلُ بِضَمّ الدّالِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ، وَيَنْسُبُونَ إلَيْهِ دُؤَلِيّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ اللّغَةِ، مِنْهُمْ: الْكِسَائِيّ وَيُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ وَالْأَخْفَشُ يَقُولُونَ فِيهِ: الدّيلُ بِكَسْرِ
__________
(1) ابن وديعة بن لكيز «بضم اللام وفتح الكاف وإسكان الياء» ولكيز وأخوه شن: هما قبيلا عَبْدِ الْقَيْسِ بْنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيّ بْن جديلة بن أسد بن ربيعة ابن نزار، وفى الإنباه لابن عبد البر مثل ما فى السيرة. أما فى نسب قريش ففيه عن الجدرة: وهم حلفاء لبنى نفاثة بن عدى بن الدئل بضم الدال وكسر الهمزة ابن بكر بن عبد مناة. وفى جمهرة ابن حزم «الدّئل بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ» وضبط دئل مثل ضبط النسب لها

(1/425)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لدال، وَيَنْسُبُونَ إلَيْهِ الدّيلِيّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. قَالَ محمد بن حبيب: ابن لكلبى وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ النّسَبِ أَقْعَدُ بِهَذَا، وَإِلَيْهِمْ يُرْجَعُ فِيمَا أَشْكَلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَأَمّا الدّوَلُ، فَالدّوَلُ بْنُ حَنِيفَةَ، وَاسْمُ حنيفة: أثال بن لجيم ابْنُ صَعْبِ بْنِ عَلِيّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَهُمْ رَهْطُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذّابِ، وَفِي رَبِيعَةَ أَيْضًا، ثُمّ فِي عَمْرَةَ: الدّوَلُ بْنُ صَبَاحٍ، وَفِي الرّبَابِ: الدّوَلُ بْنُ جَلّ بْنِ عَدِيّ ابن عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ أُدّ، بْنِ طَابِخَةَ، وَفِي الْأَسْدِ: الدّوَلُ بْنُ سَعْدِ مَنَاةَ بْنِ غَامِدٍ.
وَاَلّذِي تَقَيّدَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ فِي الدّيلِ بْنِ بَكْرٍ بِكَسْرِ الدّالِ وَالْيَاءِ السّاكِنَةِ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النّسّابِ: الْعَدَوِيّ وَابْنُ سَالِمٍ الجُمَحِيّ، وَمَنْ تَقَدّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللّغَةِ «1» ، وَالدّأْلُ عَلَى وَزْنِ فَعْلٍ مِنْ: دَأَلَ يدأل إذا مشى بعجلة، وأما
__________
(1) إليك ما ورد فى اللسان وغيره عن الدئل والديل «والدّئل بالضم بطن أمهما: أم خارجة البجلية التى يضرب بها المثل فى سرعة النكاح» «جمهرة ص 170، ومجمع الأمثال، وفى الاشتقاق: وفى العرب: الديل بكسر الدال. والدول بضم الدال وإسكان الواو، والدئل بضم الدال ثم همزة مكسورة. وفى اللسان: الدئل بضم الدال وهمزة مكسورة: دويبة شبيهة بابن عرس. وفيه البيت: جاءوا بجيش لو قيس معرسه منسوبا إلى كعب بن مالك ولا يوجد اسم على وزن فعل بضم فكسر سوى الدئل ورئم قال الجوهرى نقلا عن الأخفش وهو قول ثعلب أيضا: وإلى المسمى بهذا نسب أبو الأسود الدّولى بضم الدال وفتح الهمزة إلا أنهم فتحوا الهمزة على مذهبهم فى النسبة استثقالا لتوالى الكسرتين مع ياءى النسب، كما ينسب إلى نمر: نمرى بفتح النون والميم وربما قالوا: الدولى بقلب الهمزة واوا، لأن الهمزة إذا فتحت، وكانت قبلها ضمة-

(1/426)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدّيلُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، فَكَأَنّهُ سُمّيَ بِالْفِعْلِ مِنْ ديل عليهم من الدّولة على وزن
__________
- فإنها تخفف لقلبها واوا محضة، كما قالوا فى جؤن: جون، وفى مؤن مون. وقال ابن الكلبى: هو أبو الأسود الدّيلى، فقلبت الهمزة ياء حين انكسرت فإذا انقلبت ياء كسرت الدال لتسلم الياء، كما تقول: قيل وبيع. واسمه: ظالم بن عمرو بن سليمان بن عمرو بن حلس بكسر الحاء بن نفاثة بضم النون بن عدى بن الدّئل ابن بكر بن كنانة، قال الأصمعى: وأخبرنى عيسى بن عمر قال: الدّيل بن بكر الكنانى إنما هو: الدّئل، فترك أهل الحجاز همزه. وعند السيرافى أن أهل البصرة يقولون الدّؤلى، وهو من الدّئل بن بكر بن كنانة. ويقول ابن حبيب: الدّئل بن كنانة، ويقول أيضا: الدّئل بن محلم بن غالب بن مليح بن الهون ابن خزيمة بن مدركة. وعن يونس أنهم ثلاثة: الدّول من بنى حنيفة: بسكون الواو، والديل من قيس ساكنة الياء، والدّئل فى كنانة رهط أبى الأسود. وجماعة من النحويين منهم الكسائى يقولون: الديلى بكسر الدال وما بعدها، وعن محمد بن حبيب: الدّئل فى كنانة بضم الدال وكسر الهمزة، وكذلك فى الهون بن خزيمة والديل فى الأزد بكسر الدال وإسكان الياء. والديل بن هداد بن زيد مناة وفى عبد القيس كذلك: الديل بن عمرو بن وديعة، وفى تغلب كذلك الديل بن زيد بن غنم بن تغلب، وفى ربيعة بن نزار: الدّول بن حنيفة، وفى عنزة: الدّول بن سعد ابن مناة بن عامر مثله، وفى ثعلبة: الدول بن ثعلبة بن سعد ضبّة. وفى الرّباب: الدول بن جل بن عدى بن عبد مناة. وعن ابن سيدة: والدّئل حى من كنانة وقيل فى بنى عبد القيس، والنسب إليه دؤلىّ ودئلى وهذه نادرة فما فى الكلام فعلى بضم الفاء وكسر العين. وابن السكيت يقول: الدّؤلى مفتوج الواو مهموز منسوب إلى الدّئل من كنانة، والدّول فى حنيفة ينسب إليهم الدّولى، والديل فى عبد القيس ينسب إليهم الديلى. وما نسبه اللسان إلى ابن الكلبى عين ما نسبه السهيلى. وفى القاموس عن نسب أبى الأسود نقلا عن شرح اللمع للأصبهانى إنما هود ئلى بكسر الدال وفتح الهمزة: نسبة إلى دئل كعنب.

(1/427)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَا لَمْ يُسَمّ فَاعِلُهُ. وَقَدْ قِيلَ: إنّ الدّئِلَ بْنَ بَكْرٍ سُمّيَ بِالدّئِلِ، وَهِيَ دُوَيْبّةٌ صَغِيرَةٌ، وَأَنْشَدُوا لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ [الْأَنْصَارِيّ] :
جَاءُوا بِجَيْشِ لَوْ قِيسَ مُعْرَسُهُ ... مَا كَانَ إلّا كَمُعْرَسِ الدّئِلِ «1»
وَأَنْشَدَ فِي سَعْدِ بْنِ سَيَلٍ، وَاسْمُ سَيَلٍ: خَيْرُ بْنُ حَمَالَةَ، قَالَهُ الطّبَرِيّ، وَالسّيَلُ «2» هُوَ: السّنْبُلُ، وَهُوَ أَوّلُ مَنْ حَلّى السيوف بالذهب والفضة.
__________
(1) فى الاشتقاق ورد فى البيت: معظمه، كمفحص، بدلا من: معرسه كمعرس. والمعرس هو مكان القوم ينزلون فيه بالليل وبعده:
عار من النسل والثّراء ومن ... أبطال أهل البطحاء والأسل
والشعر فى جيش أبى سفيان الذين وردوا المدينة فى غزوة السويق، وأحرقوا النخيل ثم انصرفوا، والأشهر فى معرس: معرس بتضعيف الراء المفتوحة، وهو فى البيت يصف الجيش بالقلة والحقارة. يعنى لو قدر مكانهم عند تعريسهم كان كمكان هذه الدابة عند تعريسها، وذكر صاحب الأغانى أن أبا سفيان، وهو يتجهز من مكة المكرمة خارجا إلى المدينة المنورة قال أبياتا من الشعر يحرض فيها قريشا:
كرّوا على يثرب وجمعهم ... فإن ما جمعوا لكم نفل
إن يك يوم القليب كان لهم ... فإن ما بعده لكم دول
آليت لا أقرب النساء، ولا ... يمسّ رأسى وجلدى الغسل
حتى تبيروا قبائل الأوس وال ... خزرج إن الفؤاد مشتعل
فأجابه كعب:
يا لهف أم المستمحين على ... جيش بن حرب بالحرة الفشل
ثم ذكر البيتين السابقين انظر ص 13 وما بعدها ج 4 شرح الشافية للرضى.
(2) هى فى جميع ما اطلعت عليه من كتب الأنساب: سيل. وليس من معانى السيل: السنبل، وإنما الذى بمعنى السنبل هو السبل بالباء لا بالياء

(1/428)


قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَبِهَذَا النّسَبِ خَالَفَهُمْ عُتْبَةَ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ نُسَيْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مَازِنِ بن منصور بن عكرمة.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَبُو عَمْرٍو، وَتُمَاضِرُ، وَقِلَابَةُ، وحيّة، وريطة، وأم الأخثم [واسمها: هالة] ، وَأُمّ سُفْيَانَ: بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ.
فَأُمّ أَبِي عَمْرٍو: رَيْطَةُ، امْرَأَةٌ مِنْ ثَقِيفٍ، وَأُمّ سَائِرِ النساء: عاتكة بنت مرّة ابن هِلَالِ [بْنِ فَالِجِ بْنِ ذَكْوَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بن بهثة بن سليم بن منصور] ، أُمّ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ، وَأُمّهَا صَفِيّةُ بنت حوزة بن عمرو بن سلول [واسمه:
مرّة] بْنِ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هوازن، وأم صفيّة: بنت عائذ الله ابن سَعْدِ الْعَشِيرَةِ بْنِ مَذْحِجٍ.
[أَوْلَادُ هَاشِمٍ وَأُمّهَاتُهُمْ:]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَوَلَدَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ، وَخَمْسَ نِسْوَةٍ:
عَبْدَ الْمُطّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ، وَأَسَدَ بْنَ هَاشِمٍ، وَأَبَا صَيْفِيّ بْنَ هَاشِمٍ، وَنَضْلَةَ بْنَ هَاشِمٍ، وَالشّفَاءَ، وَخَالِدَةَ، وَضَعِيفَةَ، وَرُقَيّةَ، وَحَيّةَ. فَأُمّ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَرُقَيّةَ: سَلْمَى بِنْتِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيَدِ بْنِ خِدَاشِ بْنِ عَامِرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ عدىّ بن النجار.
وَاسْمُ النّجّارِ: تَيْمِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عامر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَارِسًا أَضْبَطَ، فِيهِ عُسْرَةٌ.
الْأَضْبَطُ: الّذِي يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الْأَسَدِ أَيْضًا، قَالَ الْجُمَيْحُ:
[مُنْقِذُ بْنُ الطّمّاحِ الْأَسَدِيّ] :
ضَبْطَاءَ تسكن غيلا غير مقروب

(1/429)


وأمها: عميرة بنت صَخْرِ [بْنِ حَبِيبِ] بْنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بن مازن ابن النّجّارِ. وَأُمّ عَمِيرَةَ: سَلْمَى بِنْتُ عَبْدِ الْأَشْهَلِ النّجّارِيّةُ. وَأُمّ أَسَدٍ: قَيْلَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ مَالِكِ الْخُزَاعِيّ. وَأُمّ أَبِي صَيْفِيّ وَحَيّةَ: هِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيّةُ. وَأُمّ نَضْلَةَ وَالشّفَاءِ: امْرَأَةٌ مِنْ قُضَاعَةَ. وَأُمّ خَالِدَةَ وَضَعِيفَةَ: وافدة بِنْتُ أَبِي عَدِيّ الْمَازِنِيّةُ.