الروض الأنف ت الوكيل

[إسْلَامُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ثانيا]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شرحبيل بن كعب بن عبد العزّى ابن امرىء الْقِيسِ الْكَلْبِيّ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَوّلَ ذَكَرٍ أَسْلَمَ، وَصَلّى بعد عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بن عبد العزّى بن امرىء القيس بْنِ النّعْمَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ وُدّ بن عوف بن كنانة بن بكر ابن عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللّاتِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ.
وَكَانَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَدِمَ مِنْ الشّامِ بِرَقِيقٍ، فِيهِمْ زَيْدُ بْنُ حارثة وصيف.
فدخلت عليه عمته خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَهِيَ يَوْمئِذٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لَهَا: اخْتَارِي يَا عَمّةُ أَيّ هَؤُلَاءِ الْغِلْمَانِ شِئْتِ فَهُوَ لَك، فَاخْتَارَتْ زَيْدًا فَأَخَذَتْهُ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عِنْدَهَا، فَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهَا، فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَبَنّاهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يوحى إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(3/9)


وَكَانَ أَبُوهُ حَارِثَةُ قَدْ جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعًا شَدِيدًا، وَبَكَى عَلَيْهِ حِينَ فَقَدَهُ، فَقَالَ:
بَكَيْت عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ ... أَحَيّ، فيرجى أم أتى دونه الأجل
فو الله مَا أَدْرِي، وَإِنّي لَسَائِلٌ ... أَغَالَكَ بَعْدِي السّهْلُ، أَمْ غَالَك الْجَبَلْ
وَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَك الدّهْرُ أَوْبَةٌ ... فَحَسْبِي مِنْ الدّنْيَا رُجُوعُك لِي بَجَلْ
تُذَكّرْنِيهِ الشّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا ... وَتَعْرِضُ ذِكْرَاهُ إذَا غَرْبُهَا أَفَلْ
وَإِنْ هَبّتْ الْأَرْوَاحُ هيّجن ذكره ... فياطول مَا حُزْنِي عَلَيْهِ وَمَا وَجَلْ
سَأُعْمِلُ نَصّ الْعِيسِ فِي الْأَرْضِ جَاهِدًا ... وَلَا أُسْأَمُ التّطْوَافَ أَوْ تَسْأَمُ الْإِبِلْ
حَيَاتِي أَوْ تَأْتِي عَلَيّ منيتى ... فكلّ امرىء فان، وإن غرّه الأمل
تم قَدِمَ عَلَيْهِ- وَهُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: إنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِي، وَإِنْ شِئْت فَانْطَلِقْ مَعَ أَبِيك، فَقَالَ: بَلْ أُقِيمُ عِنْدَك. فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- حَتّى بَعَثَهُ الله فصدّقه وأسلم، وَصَلّى مَعَهُ، فَلَمّا أَنْزَلَ اللهُ عَزّ وَجَلّ: «ادعوهم لابائهم» الأحزاب: 5 قَالَ: أَنَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ.