الروض الأنف ت الوكيل

[ذِكْرُ قُدُومِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ الْحَبَشَةِ وَحَدِيثُ الْمُهَاجِرِينَ إلَى الْحَبَشَةِ]
قَالَ ابْنُ هشام: وَذَكَرَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَجْلَحِ، عَنْ الشّعْبِيّ: أَنّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/534)


فَتْحِ خَيْبَرَ، فَقَبّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عيينه، والتزمه وَقَالَ:
مَا أَدْرِي بِأَيّهِمَا أَنَا أُسَرّ: بِفَتْحِ خيبر، أم بقدوم جعفر؟
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مَنْ أَقَامَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى النّجَاشِيّ عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ، فَحَمَلَهُمْ فِي سَفِينَتَيْنِ، فَقَدِمَ بِهِمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِخَيْبَرِ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ.
مِنْ بَنِي هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيّةُ، وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَتْ وَلَدَتْهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. قُتِلَ جَعْفَرٌ بِمُؤْتَةِ مِنْ أَرْضِ الشّامِ أَمِيرًا لِرَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: خَالِدُ بن سعيد بن العاص بن أميّة ابن عَبْدِ شَمْسٍ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَمِينَةُ بِنْتُ خَلَفِ بْنِ أَسْعَد- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
وَيُقَالُ: هُمَيْنَةُ بِنْتُ خَلَفٍ- وَابْنَاهُ سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ، وَأُمّهُ بنت خالد، ولدتهما بأرض الْحَبَشَةِ. قُتِلَ خَالِدٌ بِمَرْج الصّفّرِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ بِأَرْضِ الشّامِ؛ وَأَخُوهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بنت صفوان ابن أُمَيّةَ بْنِ محرّث الْكِنَانِيّ، هَلَكَتْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. قُتِلَ عَمْرٌو بِأَجْنَادِينَ مِنْ أَرْضِ الشّامِ فِي خلافة أبى بكر رضى الله عنه.
وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ يَقُولُ أَبُوهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ أُمَيّةَ أَبُو أُحَيْحَةَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/535)


أَلَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْك يَا عَمْرُو سَائِلًا ... إذَا شَبّ وَاشْتَدّتْ يَدَاهُ وَسُلّحَا
أَتَتْرُكُ أَمْرَ الْقَوْمِ فِيهِ بَلَابِلُ ... تُكَشّفُ غَيْظًا كَانَ فِي الصّدر موجحا
وَلِعَمْرِو وَخَالِدٍ يَقُولُ أَخُوهُمَا أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، حِينَ أَسْلَمَا، وَكَانَ أَبُوهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ هَلَكَ بِالظّرَيْبَةِ، مِنْ نَاحِيَةِ الطّائِفِ، هَلَكَ فِي مَالٍ لَهُ بِهَا:
أَلَا لَيْتَ مَيْتًا بِالظّرَيْبَةِ شَاهِدُ ... لِمَا يَفْتَرِي فِي الدّينِ عَمْرٌو وَخَالِدُ
أَطَاعَا بِنَا أَمْرَ النّسَاءِ فَأَصْبَحَا ... يُعِينَانِ مِنْ أَعْدَائِنَا مَنْ نُكَايِدُ
فَأَجَابَهُ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، فَقَالَ:
أَخِي مَا أَخِي لَا شَاتِمٌ أَنَا عِرْضَهُ ... وَلَا هُوَ مِنْ سُوءِ الْمَقَالَةِ مُقْصِرُ
يَقُولُ إذَا اشْتَدّتْ عَلَيْهِ أُمُورُهُ ... أَلَا لَيْتَ مَيْتًا بِالظّرَيْبَةِ يُنْشَرُ
فَدَعْ عَنْكَ مَيْتًا قَدْ مَشَى لِسَبِيلِهِ ... وَأَقْبِلْ عَلَى الْأَدْنَى الّذِي هُوَ أَفْقَرُ
وَمُعَيْقِيبُ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ، خَازِنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ عَلَى بَيْتِ مَالِ المسلمين وكان إلى آلِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ؛ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ، حَلِيفُ آلِ عُتْبَةَ بن رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، أَرْبَعَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ: الْأَسْوَدُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ.
رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ: جَهْمُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شُرَحْبِيلَ، مَعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/536)


ابْنَاهُ عَمْرُو بْنُ جَهْمٍ وَخُزَيْمَةُ بْنُ جَهْمٍ، وَكَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمّ حَرْمَلَةَ بِنْتُ عَبْدِ الْأَسْوَدِ هَلَكَتْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَابْنَاهُ لَهَا. رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابٍ: عَامِرُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ هُذَيْلٍ. رَجُلَانِ.
وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبٍ: الْحَارِثُ بْنُ خَالِدِ بْنِ صَخْرٍ، وَقَدْ كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ رَيْطَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ جُبَيْلَةَ، هَلَكَتْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. رَجُلٌ.
ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بْنِ كَعْبٍ: عُثْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ أُهْبَانَ. رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ، مَحْمِيّةُ بْنُ الْجَزْءِ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَهُ عَلَى خُمُسِ الْمُسْلِمِينَ. رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ: مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نضلة. رجل.
ومن بني عامر بن لؤي بن غالب: أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس؛ وَمَالِكُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شمس، معه امرأته عمرة بنت السعدى ابن وَقْدَانَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ. رَجُلَانِ.
وَمِنْ بَنِي الحارث بن فهران بْنِ مَالِكٍ: الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لَقِيطٍ.
رَجُلٌ. وَقَدْ كَانَ حُمِلَ مَعَهُمْ فِي السّفِينَتَيْنِ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ مَنْ هَلَكَ هنالك من المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/537)


فَهَؤُلَاءِ الّذِينَ حَمَلَ النّجَاشِيّ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ فِي السّفِينَتَيْنِ، فَجَمِيعُ مَنْ قَدِمَ فِي السّفِينَتَيْنِ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة عشر رجلا.
وَكَانَ مِمّنْ هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَلَمْ يَقْدَمْ إلّا بَعْدَ بَدْرٍ، وَلَمْ يَحْمِلْ النّجَاشِيّ فِي السّفِينَتَيْنِ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَنْ هَلَكَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؛ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ:
مِنْ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأُسْدِيّ، أُسْدَ خُزَيْمَةَ، حَلِيفُ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَابْنَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ اللهِ، وَبِهَا كَانَتْ تُكْنَى أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سفيان، وكان اسمها رملة.
خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ مُهَاجِرًا، فَلَمّا قَدِمَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ تَنَصّرَ بِهَا وَفَارَقَ الْإِسْلَامَ، وَمَاتَ هُنَالِكَ نَصْرَانِيّا، فَخَلَفَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى امْرَأَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزّبَيْرِ، عن عروة، قال خرج عُبَيْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ مُسْلِمًا، فلما قدم أرض الحبشة تقصّر، قَالَ فَكَانَ إذَا مَرّ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال:
فَتّحْنَا وَصَأْصَأْتُمْ، أيَ قَدْ أَبْصَرْنَا وَأَنْتُمْ تَلْتَمِسُونَ الْبَصَرَ وَلَمْ تُبْصِرُوا بَعْدُ.
وَذَلِكَ أَنّ وَلَدَ الْكَلْبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ عَيْنَيْهِ لِلنّظَرِ صَأْصَأَ قَبْلَ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/538)


فَضَرَبَ ذَلِكَ لَهُ وَلَهُمْ مَثَلًا: أَيْ أَنّا قَدْ فَتّحْنَا أَعْيُنَنَا فَأَبْصَرْنَا، وَلَمْ تَفْتَحُوا أَعْيُنَكُمْ فَتُبْصِرُوا، وَأَنْتُمْ تَلْتَمِسُونَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُسْدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَهُوَ أَبُو أُمَيّةَ بِنْتِ قَيْسٍ الّتِي كَانَتْ مَعَ أُمّ حَبِيبَةَ؛ وَامْرَأَتُهُ بركة بنت يسار، مولاة، أبي سفيان بن حَرْبٍ، كَانَتَا ظِئْرَى عُبَيْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ، وَأُمّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، فَخَرَجَا بِهِمَا مَعَهُمَا حِينَ هَاجَرَا إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ. رَجُلَانِ.
وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قُصَيّ: يَزِيدُ بْنُ زَمَعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ المطلّب بن أَسَدٍ، قُتِلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِيدًا، وَعَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ، هَلَكَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ. رَجُلَانِ.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ بْنِ قُصَيّ: أَبُو الرّومِ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ؛ وَفِرَاسُ بْنُ النّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ بْنِ علقمة ابن عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدّارِ. رَجُلَانِ.
وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرّةَ: الْمُطّلِبُ بن أزهر بن عبد عوف ابن عَبْدِ (بْنِ) الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ رملة بنت أبى عوف بن ضبيرة ابن سعيد بن سعد بن سهم، هلك بأرض الحبشة، ولدت له هنالك عبد الله ابن الْمُطّلِبِ فَكَانَ يُقَالُ: إنْ كَانَ لَأَوّلُ رَجُلٍ وَرِثَ أَبَاهُ فِي الْإِسْلَامِ رَجُلٌ.
وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ: عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ، قُتِلَ بِالْقَادِسِيّةِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ. رَجُلٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/539)


ومن بني مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرّةَ بْنِ كَعْبِ: هَبّارُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ، قُتِلَ بِأَجْنَادِينَ مِنْ أَرْضِ الشّامِ، فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ وَأَخُوهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سُفْيَانَ، قُتِلَ عَامَ الْيَرْمُوكِ بِالشّامِ، فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يُشَكّ فِيهِ أَقُتِلَ ثَمّ أَمْ لَا؛ وَهِشَامُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، ثَلَاثَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبٍ: حَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ بن معمر بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جمح، وابناه مُحَمّدٌ وَالْحَارِثُ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُجَلّلِ هَلَكَ حَاطِبٌ هُنَالِكَ مُسْلِمًا، فَقَدِمَتْ امْرَأَتُهُ وَابْنَاهُ، وَهِيَ أُمّهُمَا، فِي إحْدَى السّفِينَتَيْنِ؛ وَأَخُوهُ حَطّابُ بْنُ الْحَارِثِ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ فُكَيْهَةُ بِنْتُ يَسَارٍ هَلَكَ هُنَالِكَ مُسْلِمًا، فَقَدِمَتْ امْرَأَتُهُ فُكَيْهَةُ فِي إحْدَى السّفِينَتَيْنِ؛ وَسُفْيَانُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبٍ، وَابْنَاهُ جُنَادَةُ وَجَابِرٌ، وَأُمّهُمَا مَعَهُ حَسَنَةُ، وَأَخُوهُمَا لِأُمّهِمَا شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ؛ وَهَلَكَ سُفْيَانُ وَهَلَكَ ابْنَاهُ جُنَادَةُ وَجَابِرٌ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنه. سِتّةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ: عبد الله بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ الشّاعِرُ، هَلَكَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَقَيْسُ بن حذافة بن قيس بن عدي بن سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ؛ وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيّ بْنِ سعد بن سَهْمٍ، قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بن حذافة بن قيس بن عدي بن سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، وَهُوَ رَسُولَ (رَسُولِ) اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى كِسْرَى، وَالْحَارِثُ بن الحارث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/540)


ابن قَيْسِ بْنِ عَدِيّ، وَمَعْمَرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قيس بن عدىّ، وبشر بن الحارث ابن قَيْسِ بْنِ عَدِيّ، وَأَخٌ لَهُ مِنْ أُمّهِ، مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، يُقَالُ لَهُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، قُتِلَ بِأَجْنَادِينَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، قُتِلَ عَامَ الْيَرْمُوكِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَالسّائِبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، جُرِحَ بِالطّائِفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُتِلَ يَوْمَ فِحْلٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَيُقَالُ: قُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ، يُشَكّ فِيهِ، وَعُمَيْرُ بْنُ رِئَابِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ مِهْشَمِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، قُتِلَ بِعَيْنِ التّمْرِ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، مُنْصَرَفَهُ مِنْ الْيَمَامَةِ، فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا.
وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ: عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ حُرْثَانَ بْنِ عَوْفِ بن عبيد بْنِ عُوَيْجِ بْنِ عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ، هَلَكَ بأرض الحبشة، وعدىّ ابن نَضْلَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ حُرْثَانَ، هَلَكَ بأرض الحبشة. رجلان.
وقد كَانَ مَعَ عَدِيّ ابْنُهُ النّعْمَانُ بْنُ عَدِيّ، فَقَدِمَ النّعْمَانُ مَعَ مَنْ قَدِمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَبَقِيَ حَتّى كَانَتْ خِلَافَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَيْسَانَ، مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ، وَهِيَ:
أَلَا هَلْ أَتَى الْحَسْنَاءَ أَنّ حَلِيلَهَا ... بِمَيْسَانَ يُسْقَى فِي زُجَاجٍ وَحَنْتَمِ
إذَا شِئْتُ غَنّتِني دَهَاقِينُ قَرْيَةٍ ... وَرَقّاصَةٌ تَجْذُو عَلَى كُلّ مَنْسِمِ
فَإِنْ كُنْت نَدْمَانِي فَبِالْأَكْبَرِ اسْقِنِي ... وَلَا تَسْقِنِي بالأصغر المتثلّم
لعلّ أمير المؤمنين يسوؤه ... تَنَادُمُنَا فِي الجَوْسَقِ الْمُتَهَدّمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/541)


فَلَمّا بَلَغَتْ أَبْيَاتُهُ عُمَرَ، قَالَ: نَعَمْ وَاَللهِ، إنّ ذَلِكَ لَيَسُوءنِي، فَمَنْ لَقِيَهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنّي قَدْ عَزَلْته، وَعَزَلَهُ. فَلَمّا قَدِمَ عَلَيْهِ اعْتَذَرَ إلَيْهِ وَقَالَ: وَاَللهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا صَنَعْت شَيْئًا مِمّا بَلَغَك أَنّي قُلْته قَطّ، وَلَكِنّي كُنْت امْرَأً شَاعِرًا، وَجَدْت فَضْلًا مِنْ قَوْلٍ، فَقُلْت فِيمَا تَقُولُ الشّعَرَاءُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَاَيْمُ اللهِ، لَا تَعْمَلُ لِي عَلَى عَمَلٍ مَا بَقِيت، وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ.
ومن بني عامر بن لؤي بن غالب بْنِ فِهْرٍ: سَلِيطُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شمس ابن عبدودّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ، وَهُوَ كَانَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيّ الحنفى باليمامة. رجل.
وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ: عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ غَنْمِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي شَدّادٍ، وَسَعْدُ بْنُ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث ابن فِهْرٍ، وَعِيَاضُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي شَدّادٍ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ.
فَجَمِيعُ مَنْ تَخَلّفَ عَنْ بَدْرٍ، وَلَمْ يَقْدَمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ، وَمَنْ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ يَحْمِلْ النّجَاشِيّ فِي السّفِينَتَيْنِ، أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا.
وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ جُمْلَةِ مَنْ هَلَكَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَبْنَائِهِمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ:
مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ، حَلِيفُ بَنِي أُمَيّةَ، مَاتَ بِهَا نَصْرَانِيّا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/542)


وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ قصىّ: عمرو بن أميّة بن الحارث ابن أَسَدٍ.
وَمِنْ بَنِي جُمَحٍ: حَاطِبُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَخُوهُ حَطّابُ بْنُ الْحَارِثِ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصِ بْنِ كَعْبِ: عبد الله بن الحارث ابن قَيْسٍ.
وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ: عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ الْعُزّى بْنِ حُرْثَانَ ابن عَوْفٍ، وَعَدِيّ بْنُ نَضْلَةَ. سَبْعَةُ نَفَرٍ.
وَمِنْ أَبْنَائِهِمْ، مِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرّةَ: مُوسَى بْنُ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عامر. رجل.
[مهاجرات الحبشة]
وجميع من هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ النّسَاءِ، مَنْ قَدِمَ مِنْهُنّ وَمَنْ هَلَكَ هُنَالِكَ سِتّ عَشْرَةَ امْرَأَةً، سِوَى بَنَاتِهِنّ اللّاتِي وُلِدْنَ هُنَالِكَ، مَنْ قَدِمَ مِنْهُنّ وَمَنْ هَلَكَ هُنَالِكَ، وَمَنْ خَرَجَ بِهِ مَعَهُنّ حِينَ خَرَجْنَ.
مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: رُقَيّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.
وَمِنْ بَنِي أُمَيّةَ: أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، مَعَهَا ابْنَتُهَا حَبِيبَةُ، خرجت بها مِنْ مَكّةَ، وَرَجَعَتْ بِهَا مَعَهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/543)


وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أُمّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيّةَ، قَدِمَتْ مَعَهَا بِزَيْنَبِ ابْنَتِهَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ وَلَدَتْهَا هُنَالِكَ.
وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مرّة: ربطة بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ جُبَيْلَةَ، هَلَكَتْ بِالطّرِيقِ، وَبِنْتَانِ لَهَا كَانَتْ وَلَدَتْهُمَا هُنَالِكَ عَائِشَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَزَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ هَلَكْنَ جَمِيعًا، وَأَخُوهُنّ مُوسَى بْنُ الْحَارِثِ، مِنْ مَاءٍ شَرِبُوهُ فِي الطّرِيقِ، وَقَدِمَتْ بِنْتٌ لَهَا وَلَدَتْهَا هُنَالِكَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَلَدِهَا غَيْرُهَا، يُقَالُ لَهَا فَاطِمَةُ.
وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو: رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي عوف بن صبيرة.
وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ: لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ بْنِ غَانِمٍ.
وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ: سَوْدَةُ بِنْتُ زَمَعَةَ بْنِ قَيْسٍ، وسهلة بنت سهييل بن عمرو، وابنة المجلّل، وَعَمْرَةُ بِنْتُ السّعْدِيّ بْنِ وَقْدَانَ، وَأُمّ كُلْثُومِ بنت سهيل بن عمرو.
وَمِنْ غَرَائِبِ الْعَرَبِ: أَسَمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسِ بْنِ النّعْمَانِ الْخَثْعَمِيّةُ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ بْنِ مُحرّث الْكِنَانِيّةُ، وَفُكَيْهَةُ بِنْتُ يَسَارٍ، وَبَرَكَةُ بِنْتُ يَسَارٍ، وَحَسَنَةُ، أُمّ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَة.
وَهَذِهِ تَسْمِيَةُ مَنْ وُلِدَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.
وَمِنْ بَنِي هَاشِمٍ: عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَمِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ: مُحَمّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَأُخْتُهُ أَمَةُ بِنْتُ خَالِدٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(6/544)


وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ الْأَسَدِ.
وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ: عَبْدُ اللهِ بن المطّلب بن أزهر.
ومن بنى تيم: مُوسَى بْنُ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدٍ، وَأَخَوَاتُهُ عَائِشَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ.
الرّجَالُ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ: عَبْدُ اللهِ بْنُ جعفر، ومحمد بن أبى حذيفة، وسعيد ابن خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُطّلِبِ، وَمُوسَى بْنُ الحارث.
وَمِنْ النّسَاءِ خَمْسٌ: أَمَةُ بِنْتُ خَالِدٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَائِشَةُ وَزَيْنَبُ وَفَاطِمَةُ، بَنَاتُ الحارث بن خالد بن صخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غَزْوَةُ خَيْبَرَ ذَكَرَ الْبَكْرِيّ أَنّ أَرْضَ خَيْبَرَ سُمّيَتْ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنْ الْعَمَالِيقِ نَزَلَهَا، وَهُوَ خَيْبَرُ بْنُ قَانِيَةَ بْنِ مَهْلَايِلَ «1» ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْوَطِيحِ، وَهُوَ مِنْ حُصُونِهَا أَنّهُ سُمّيَ بِالْوَطِيحِ بْنِ مَازِنٍ، رَجُلٌ مِنْ ثَمُودَ وَلَفْظُهُ مأخوذ من مِنْ الْوَطْحِ، وَهُوَ مَا تَعَلّقَ بِالْأَظَافِرِ، وَمَخَالِبِ الطّيْرِ مِنْ الطّينِ.
شَرْحُ هَنَةٍ وَالْحُدَاءِ:
وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأكوع: خذلنا من
__________
(1) قاله فى المعجم منسوبا إلى محمد بن سهل، وفيه قاينة بدلا من قانية.

(6/545)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هَنَاتِك. الْهَنَةُ: كِنَايَةٌ عَنْ كُلّ شَيْءٍ لَا تَعْرِفُ اسْمَهُ، أَوْ تَعْرِفُهُ، فَتُكَنّي عَنْهُ، وَأَصْلُ الْهَنَةِ: هَنْهَةٌ وَهَنْوَةٌ. قَالَ الشّاعِرُ:
[أَرَى ابْنَ نَزَارٍ قَدْ جَفَانِي وَقَلّنِي] ... عَلَى هَنَوَاتٍ شَأْنُهَا مُتَتَابِعُ
وَفِي الْبُخَارِيّ: أَنّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ الْأَكْوَعِ: أَلَا تَنْزِلُ فَتُسْمِعَنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ، صَغّرَهُ بِالْهَاءِ، وَلَوْ صَغّرَهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ هَنَوَاتٍ، لَقَالَ هُنَيّاتِك، وَإِنّمَا أَرَادَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَحْدُوَ بِهِمْ، وَالْإِبِلُ تُسْتَحَثّ بِالْحِدَاءِ، وَلَا يَكُونُ الْحِدَاءُ إلّا بِشِعْرِ أَوْ رَجَزٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَوّلَ مَنْ سَنّ حُدَاءَ الْإِبِلِ، وَهُوَ مُضَرُ بْنُ نَزَارٍ، وَالرّجَزُ شِعْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيضًا، وَقَدْ قِيلَ لَيْسَ بِشِعْرِ، وَإِنّمَا هِيَ أَشْطَارُ أَبْيَاتٍ، وَإِنّمَا الرّجَزُ الّذِي هُوَ شِعْرٌ سُدَاسِيّ الْأَجْزَاءِ، نَحْوَ مَقْصُورَةِ ابْنِ دُرَيْدٍ «1» أَوْ رُبَاعِيّ الْأَجْزَاءِ نَحْوَ قَوْلِ الشاعر:
يامر يا خير أخ ... نازعت درّ الحلمه
__________
(1) من جيد شعر ابن دريد المقصورة التى يمدح بها الشاه ميكائيل وولديه وهو الأمير أبو العباس إسماعيل بن عبد الله بن ميكائيل رئيس نيسابور، أحاط فيها بأكثر المقصورة: وأولها:
إما ترى رأسى حاكى لونه ... طرة صبح تحت أذيال الدجى
وقد اعتنى بشرحها كثير من المتقدمين والمتأخرين منهم العلامة أحمد بن خالويه. ولكن أولها فى المطبوعة:
يا ظبية أشبه شىء بالمها ... ترعى الخزامى بين أشجار النقا
وهى أكثر من مائتين وخمسين بيتا.

(6/546)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَاحْتَجّ مَنْ قَالَ فِي مَشْطُورِ الرّجَزِ أَنّهُ لَيْسَ بِشِعْرِ أَنّهُ قَدْ جَرَى عَلَى لِسَانِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ لَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ الشّعْرُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنّهُ أَنْشَدَ هَذَا الرّجَزَ الّذِي قَالَهُ ابْنُ الْأَكْوَعِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَيْضًا إمّا مُتَمَثّلًا وَإِمّا مُنْشِئًا:
هَلْ أَنْتَ إلّا إصْبَعٌ دَمِيَتْ ... وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيت
وَفِي هَذَا الزجز مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ مِمّا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيّ وَغَيْرِهِ:
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَك «1» مَا أَبْقَيْنَا
وَيُرْوَى مَا اقْتَفَيْنَا أَيْ «2» : مَا تَتَبّعْنَا مِنْ الْخَطَايَا، مِنْ قَفَوْت الْأَثَرَ، وَاقْتَفَيْته. وَفِي التّنْزِيلِ: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، وَأَمّا قَوْلُهُ:
مَا أَبْقَيْنَا، أَيْ: مَا خَلّفْنَا مِمّا اكْتَسَبْنَا، أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ: مَا أَبْقَيْنَا من لذنوب، فَلَمْ نُحَقّقْ التّوْبَةَ مِنْهُ كَمَا يَنْبَغِي.
وَقَوْلُهُ فِدَاءً لَك قَدْ قِيلَ: إنّ الْخِطَابَ لِلنّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْ:
اغْفِرْ لَنَا تَقْصِيرَنَا فِي حَقّك وَطَاعَتِك، إذْ لَا يُتَصَوّرُ أَنْ يُقَالَ لِلّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ، وَذَلِكَ أَنّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: فِدَاءً لَك أَيْ: فِدَاءً لَك أَنْفُسُنَا وَأَهْلُونَا، وَحُذِفَ الِاسْمُ الْمُبْتَدَأُ لِكَثْرَةِ دَوْرِهِ فِي الْكَلَامِ مَعَ الْعِلْمِ به، وإنما
__________
(1) قد تكون فداء مرفوعة على أنها مبتدأ.
(2) هذه رواية مسلم والبخارى فى الأدب، وللقابسى: ما لقينا، وفى رواية ما اتقينا، أى ما تركنا من الأوامر. وما ظرفية.

(6/547)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَفْدِي الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ.
اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا:
وَأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِيهِ مِنْ الْأَقْوَالِ إلَى الصّوَابِ أَنّهَا كَلِمَةٌ يُتَرْجَمُ بِهَا عَنْ مَحَبّةٍ وَتَعْظِيمٍ، فَجَازَ أَنْ يُخَاطَبَ بِهَا مَنْ لَا يَجُوزُ فِي حَقّهِ الْفِدَاءُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ قَصْدًا لِإِظْهَارِ الْمَحَبّةِ وَالتّعْظِيمِ «1» لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْكَلِمَةِ مَا ذَكَرْنَا، فَرُبّ كَلِمَةٍ تُرِكَ أَصْلُهَا، واستعملت كالمثل فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ أَوّلَ، كَمَا جاؤا بِلَفْظِ الْقَسَمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقَسَمِ، إذَا أَرَادُوا تَعَجّبًا وَاسْتِعْظَامًا لِأَمْرِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيّ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ. أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ، وَمُحَالٌ أَنْ يَقْصِدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَسَمَ بِغَيْرِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لَا سِيّمَا بِرَجُلِ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ، وَإِنّمَا هُوَ تَعَجّبٌ مِنْ قَوْلِ الْأَعْرَابِيّ، وَالْمُتَعَجّبُ مِنْهُ هُوَ مُسْتَعْظَمٌ، وَلَفْظُ الْقَسَمِ فِي أَصْلِ وَضْعِهِ لِمَا يُعَظّمُ، فَاتّسَعَ فِي اللفظ حتى قيل على هذا الْوَجْهِ. وَقَالَ الشّاعِرُ:
فَإِنْ تَكُ لَيْلَى اسْتَوْدَعَتْنِي أَمَانَةً ... فَلَا وَأَبِي أَعْدَائِهَا لَا أَخُونُهَا
لَمْ يُرِدْ أَنْ يُقْسِمَ بِأَبِي أَعْدَائِهَا، وَلَكِنّهُ ضَرْبٌ مِنْ التّعَجّبِ، وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ شُرّاحِ الْحَدِيثِ إلَى النّسْخِ فِي قَوْله أَفْلَحَ وَأَبِيهِ، قَالُوا نَسَخَهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ: لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَصِحّ، لِأَنّهُ لَمْ يَثْبُتْ أن النبي صلى الله عليه وسلم- كان يَحْلِفُ قَبْلَ النّسْخِ بِغَيْرِ اللهِ، وَيُقْسِمُ بِقَوْمِ كُفّارٍ، وَمَا أَبْعَدَ هَذَا مِنْ شِيمَتِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَاللهِ مَا فَعَلَ هَذَا قط «2» ، ولا كان
__________
(1) هذا كلام محمد بن على بن عمر التميمى المازرى.
(2) هذا كلام ممتاز لأن القسم بغير الله كفر.

(6/548)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَهُ بِخُلُقِ. وَقَالَ قَوْمٌ: رِوَايَةُ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ مُصَحّفَةٌ، وَإِنّمَا هُوَ أَفْلَحَ وَاَللهِ إنْ صَدَقَ. وَهَذَا أَيْضًا مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ، وَاعْتِرَاضٌ عَلَى الْأَثْبَاتِ الْعُدُولِ فِيمَا حَفِظُوا «1» ، وَقَدْ خَرّجَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الزّكَاةِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لِرَجُلِ سَأَلَهُ:
أَيّ الصّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: وَأَبِيك لَأُنْبِئك أَوْ قَالَ لَأُخْبِرَنّكَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَخَرّجَ فِي كِتَابِ الْبِرّ وَالصّلَةِ قَوْلَهُ لِرَجُلِ سَأَلَهُ: مَنْ أَحَقّ النّاسِ بِأَنْ أَبَرّهُ، أَوْ قَالَ: أَصْلُهُ؟ فَقَالَ: وَأَبِيك لَأُنْبِئكَ، صِلْ أُمّك، ثُمّ أَبَاك ثُمّ أَدْنَاك فَأَدْنَاك، فَقَالَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَمَا تَرَى وَأَبِيك، فَلَمْ يَأْتِ إسْمَاعِيلُ ابن جَعْفَرٍ إذًا فِي رِوَايَتِهِ بِشَيْءِ إمْرٍ، وَلَا بِقَوْلِ بِدْعٍ، وَقَدْ حَمَلَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ بِلَادِنَا وَعُظَمَاءِ مُحَدّثِيهَا، وَغَفَلَ- عَفَا اللهُ عَنْهُ- عَنْ الْحَدِيثَيْنِ اللّذَيْنِ تَقَدّمَ ذِكْرُهُمَا، وَقَدْ خَرّجَهُمَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجّاجِ. وَفِي تَرَاجِمِ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي مُصَنّفِهِ مَا يَدُلّ عَلَى أَنّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالنّسْخِ، وَأَنّ الْقَسَمَ بِالْآبَاءِ كَانَ جَائِزًا، وَاَلّذِي ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ كَمَا قَدّمْنَا، وَلَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَأَبِي، وَإِنّمَا قَالَ: وَأَبِيهِ، أَوْ وَأَبِيك بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ أَوْ الْغَائِبِ، وَبِهَذَا الشّرْطِ يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى الْحَلِفِ إلَى معنى التعجب الذى ذكرناه «2» .
__________
(1) ولم لا يكون الأمر أنه قد تشابه على النساخ حروف أبيه بحروف الله؟ وليس فى هذا أى طعن على العدول.
(2) وأكثر هذا الرجز الذى جر كل هذا نسبه البخارى فى الجهاد إلى عبد الله بن رواحة. ولكن هنا زيادات عما نسب إلى ابن رواحة. وللبخارى فى قصة خيبر رواية فيها اختلاف عما روى ابن إسحاق هنا من هذا الرجز فراجعه

(6/549)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْإِسْنَادُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ:
وَذَكَرَ ابْنُ إسْحَاقَ حَدِيثَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى خَيْبَرَ، وَقَالَ:
فِي إسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ [أَبِي] مَرْوَانَ، وَهَذَا هُوَ الصّحِيحُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، لِأَنّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي مَرْوَانَ الْأَسْلَمِيّ مَعْرُوفٌ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُكَنّى أَبَا مُصْعَبٍ، قَالَهُ الْبُخَارِيّ فِي التّارِيخِ، وَبَعْضُ مَنْ يَرْوِي السّيرَةَ يَقُولُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ مَرْوَانَ الْأَسْلَمِيّ وَالصّحِيحُ مَا قَدّمْنَاهُ.
الْمَكَاتِلُ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ حِينَ اسْتَقْبَلَتْهُمْ عُمّالُ خَيْبَرَ بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ الْمَكَاتِلُ: جَمْعُ مكتل وهى القفّة العظيمة، سمّيت بذلك لتكثّل الشىء فيها، وهو تلاصق بعضه ببعض، والكنلة من التّمْرِ وَنَحْوِهِ فَصِيحَةٌ، وَإِنْ ابْتَذَلَتْهَا الْعَامّةُ.
خَرِبَتْ خَيْبَرُ:
وَقَوْلُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ: اللهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ. فِيهِ إبَاحَةُ التّفَاؤُلِ وَقُوّةٌ لِمَنْ اسْتَجَازَ الرّجَزَ، وَقَدْ قَدّمْنَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا مُقْنِعًا، وَذَلِكَ أَنّهُ رَأَى الْمَسَاحِيّ وَالْمَكَاتِلَ وَهِيَ مِنْ آلَةِ الْهَدْمِ وَالْحَفْرِ مَعَ أَنّ لَفْظَ الْمِسْحَاةِ مِنْ سَحَوْت الأرض إذ قَشّرْتهَا، فَدَلّ ذَلِكَ عَلَى خَرَابِ الْبَلْدَةِ الّتِي أَشْرَفَ عَلَيْهَا «1» ، وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ هِشَامٍ قال: حين ذكر المساحى: كانوا
__________
(1) وأشرف من هذا ما ذكره الحافظ فى الفتح: ويحتمل أن يكون قال: خربت خيبر بطريق الوحى، ويؤيده قوله بعد ذلك: إنا إذا نزلنا بساحة قوم لساء صباح المنذرين، وقد اقتبس من القرآن فى كلامه.

(6/550)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُؤْتُونَ الْمَاءَ إلَى زَرْعِهِمْ مَعْنَاهُ: يَسُوقُونَ. وَالْأَتِيّ هِيَ الصّافِيَةُ «1» .
الْخَمِيسُ:
وَقَوْلُ الْيَهُودِ: مُحَمّدٌ وَالْخَمِيسُ، سُمّيَ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ خَمِيسًا، لِأَنّ لَهُ سَاقَةً وَمُقَدّمَةً، وَجَنَاحَيْنِ «2» وَقَلْبًا، لَا مِنْ أَجْلِ تَخْمِيسِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنّ الْخُمُسَ مِنْ سُنّةِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَانَ الْجَيْشُ يُسَمّى خَمِيسًا فِي الْجَاهِلِيّةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الشّاهِدَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا تَقَدّمَ.
تَدَنّي الْحُصُونِ:
وَقَوْلُهُ: يَتَدَنّى الْحُصُونَ، أَيْ يَأْخُذُ الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى.
حُكْمُ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيّةِ وَالْخَيْلِ:
وَذِكْرُ نَهْيِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيّةِ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنّهُ نَهَى عَلَيْهِ السّلَامُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيّةِ، وَأَرْخَصَ لَهُمْ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ، أَمّا الْحُمُرُ الْأَهْلِيّةُ فَمُجْتَمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا إلّا شَيْئًا يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ وَعَائِشَةَ، وَطَائِفَةٍ مِنْ التابعين. وحجّة من أباحها قوله تعالى:
__________
(1) فى اللسان: الأتى بوزن غنى: النهر يسوقه الرجل إلى أرضه، وكل مسيل سهلته لماء أتى، وكل جدول ماء أتى. وأتى الماء- بفتح الهمزة وتشديد التاء مع فتح- وجه له مجرى.
(2) وكانا يسميان: الميمنة والميسرة.

(6/551)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْ: لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ الْآيَةُ وَهِيَ مَكّيّةٌ، وَحَدِيثُ النّهْيِ عَنْ الْحُمُرِ كَانَ بِخَيْبَرِ فَهُوَ الْمُبَيّنُ لِلْآيَةِ، وَالنّاسِخُ لِلْإِبَاحَةِ «1» ، وَمِنْ حُجّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لرجل استفتاه فى أكل الحمار
__________
(1) عجيب والله أمر هؤلاء الذين يزعمون أن رسول الله «ص» يحرم ما أحله الله. وقد أخرج البخارى عن عمرو بن دينار قال: «قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن رسول الله «ص» نهى عن الحمر الأهلية، قال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمر الغفارى عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس، وقرأ: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) وفهم ابن عباس دقيق. ففى الآية حصر لا يأذن لشىء أن يطيف بقدسه، ولا أن يضاف إلى المحصور، ومن يتدبر الآية يهدى الإيمان فى قلبه، والتقديس لما يقول القرآن يمجد فهم ابن عباس رضى الله عنه. أو يمكن أن نظن بالقرآن الكريم أن بيانه الحكيم القوى تنها حكمته وتهى قوته بهذه السهولة؟! (قُلْ: لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً، أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ، فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الأنعام: 145. وقد ورد بعدها ما حرم الله على الذين هادوا. فتدبر النفى السابق للفعل أجد، ثم كلمة إلا ليتبين أن الآية تؤكد بهذا البيان المحكم أن الله سبحانه لم يحرم شيئا غير ما ورد فى الآية القرآنية. ثم إذا تبين بالدليل القطعى الذى تؤيده التجربة أو الواقع أن شيئا ما يضر الناس تناوله، فانه يكون محرما بنص آية أخرى حيث وصف الرسول صلى الله عليه وسلم فى سورة الأعراف بأن «يحل الطيبات ويحرم الخبائث» فكل طيب حلال، وكل خبيث حرام بهذا النص. هذا ولا يصح ترديد أن الحديث ينسخ القرآن، وإلا بهتناه صلى الله عليه وسلم، بأنه كان يتقول على الله بعض الأقاويل. وأضرع إلى الله أن يفتح القلوب لكلمة الحق هذه، فلا يرجمنا بسببها قوم لا نكن لهم إلا ما نكن للصفاء والحب والخير.

(6/552)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْأَهْلِيّ، يُقَالُ فِي اسْمِهِ: غَالِبُ بْنُ أَبْحَرَ الْمُزَنِيّ: أَطْعِمْ أَهْلَك مِنْ سَمِينِ مَالِك «1» ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ حَدِيثُ النّهْيِ مَعَ أَنّهُ مُحْتَمِلٌ لِتَأْوِيلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الرّجُلُ مِمّنْ أَصَابَتْهُ مَسْغَبَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأُرْخِصَ لَهُ فِيهِ، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِالتّحْرِيمِ، عَلَى أَنّ بَعْضَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ زَادَ فِيهِ بَيَانًا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لِلرّجُلِ: إنّمَا نُهِيت عَنْ حَوَالِي الْقَرْيَةِ أَوْ جَوّالِي «2» الْقَرْيَةِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي الرّوَايَةِ، وَأَمّا حَدِيثُ جَابِرٍ فِي إباحة لحوم الْخَيْلِ، فَصَحِيحٌ وَيُعَضّدُهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ أَنّهَا قَالَتْ: ضَحّيْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِفَرَسِ «3» . وَقَالَ بِإِبَاحَةِ لُحُومِ الْخَيْلِ الشّافِعِيّ وَاللّيْثُ وَأَبُو يُوسُفَ وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيّ إلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيّةِ وَالْبِغَالِ وَالْخَيْلِ، وقد خرّجه أبو داوود، وحديث لإباحة أَصَحّ غَيْرَ أَنّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللهُ نَزَعَ بِآيَةِ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَهِيَ أَنّ اللهَ جَلّ ذِكْرُهُ ذَكَرَ الْأَنْعَامَ، فَقَالَ: وَمِنْها تَأْكُلُونَ ثُمّ ذَكَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَقَالَ: لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وهذا انْتِزَاعٌ حَسَنٌ. وَوَجْهُ الدّلِيلِ مِنْ الْآيَةِ أَنّهُ قال: وَالْأَنْعامِ
__________
(1) أخرجه أبو داود وفيه «أطعم أهلك من سمين حمرك» ولست أدرى كيف يحرم الحمار الأهلى، ويقال بحل أكل الحمار الوحشى؟!.
(2) هى جوال بفتح الجيم والواو وتشديد اللام جمع جالة مثل دواب وسوام وعوام جمع دابة وسامة وهامة. والجوال هى التى تأكل العذرة.
(3) عن أسماء بنت أبى بكر قالت: «ذبحنا على عهد رسول الله «ص» فرسا، ونحن بالمدينة، فأكلناه، متفق عليه.

(6/553)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ النّحْلُ: 5 فَذَكَرَ الدّفْءَ وَالْمَنَافِعَ وَالْأَكْلَ، ثُمّ أَفْرَدَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ بِالذّكْرِ، ثُمّ جَاءَ بِلَامِ الْعِلّةِ وَالنّسَبِ، فَقَالَ:
لِتَرْكَبُوهَا، أَيْ لِهَذَا سَخّرْتهَا لَكُمْ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَعَدّى مَا سُخّرَتْ «1» لَهُ، وَأَمّا نَهْيُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْجَلّالَةِ وَعَنْ رُكُوبِهَا «2» ، فَهِيَ الّتِي تَأْكُلُ الْجَلّةَ وَهُوَ الرّوْثُ وَالْبَعْرُ، وَفِي السّنَنِ لِلدّارَقُطْنِيّ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْجَلّالَةِ، حَتّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَهَذَا نَحْوٌ مِمّا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السّلَامُ أَنّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ الدّجَاجَ الْمُخَلّاةَ، حَتّى تُقْصَرَ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ. ذَكَرَهُ الْهَرَوِيّ.
الْوَرِقُ:
وَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ نَهْيَهُ عَلَيْهِ الصّلَاةُ وَالسّلَامُ عَنْ بَيْعِ الْفِضّةِ بِالْفِضّةِ، وَإِبَاحَةِ بَيْعِ الذّهَبِ بِالْوَرِقِ، فَدَلّ عَلَى أَنّ الْوَرِقَ وَالْفِضّةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقَدْ فَرّقَ بَيْنَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، فَقَالَ: الرّقَةُ وَالْوَرِقُ مَا كَانَ سِكّةً مَضْرُوبَةً، فَإِنْ كَانَ حُلِيّا أَوْ حُلِيّةً، أَوْ نُقَرًا «3» لَمْ يُسَمّ وَرِقًا، يُرِيدُ بِهَذِهِ التّفْرِقَةِ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيّ الْفِضّةِ والذّهب، لأن النّبى- صلى الله عليه
__________
(1) وإن كانت اللام للعلة، فانها لا تفيد الحصر فى الركوب والزينة، فإنه ينتفع بالخيل فى غيرهما، وفى غير الأكل اتفاقا.
(2) عن ابن عمر قال: «نهى رسول الله «ص» عن أكل الجلالة وألبانها» رواه الخمسة إلا النسائى. وفى رواية أن رسول الله «ص» نهى عن الجلالة فى الإبل أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها. رواه أبو داود.
(3) جمع نقرة، وهى القطعة المذابة من الذهب والفضة، وقيل: هو ما سبك مجتمعا منها.

(6/554)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَسَلَّمَ- حِينَ ذَكَرَ الزّكَاةَ قَالَ: فِي الرّقَةِ الْخُمْسُ «1» ، وَحِينَ ذَكَرَ الرّبَا قَالَ الْفِضّةُ بِالْفِضّةِ.
قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ إسْحَاقَ، وَفِي أَحَادِيثَ سِوَاهُ قَدْ تَتَبّعْتهَا مَا يَدُلّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ، مِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي صِفَةِ الْحَوْضِ: يَصُبّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنّةِ أَحَدُهُمَا [مِنْ ذَهَبٍ وَالْآخَرُ] مِنْ وَرِقٍ «2» ، وَفِي حَدِيثِ عَرْفَجَةَ حِينَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ قَالَ: فَاِتّخَذْت أَنْفًا من ورق «3» الحديث، فى شَوَاهِدَ كَثِيرَةٍ تَدُلّ عَلَى أَنّ الْفِضّةَ تُسَمّى ورقا على أىّ حال كانت.
__________
(1) زكاة الفضة هى ربع العشر، ففى حديث رواه أحمد وأبو داود والترمذى «هاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما» وفى حديث آخر رواه البخارى فى الرقة- بكر الراء وتخفيف القاف- وهى الفضة الخالصة- فى مائتى درهم ربع العشر وهذا حر.
(2) من حديث رواه مسلم.
(3) لما اتخذ أنفا من ورق أنتن، فاتخذ أنفا من ذهب، وقد ظنه الأصمعى ورقا بفتح الراء، ظنا منه أن الفضة لا تنتن، وخطأه القتبى. والكلاب بضم القاف وفتح اللام اسم ماء كان به يوم من أيام العرب بين البصرة والكوفة. قال أبو عبيد: كلاب الأول وكلاب الثانى يومان كانا بين ملوك كندة، وبنى تميم وفيه أسرت بنو تميم عبد يغوث بن أبى وقاص الحارثى فقال قصيدته الياثية التى أولها:
ألا لا تلومانى كفى اللوم ما بيا ... فما لكما فى اللوم خير ولا ليا
ومنها
جزى الله قومى بالكلاب ملامة ... حريمهم والآخرين المواليا-

(6/555)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوْلُهُ: بِالذّهَبِ الْعَيْنِ وَالْوَرِقِ الْعَيْنِ، يُرِيدُ النّقْدَ، لِأَنّ الْغَائِبَ تُسَمّى ضِمَارًا، كَمَا قَالَ، وَعَيْنُهُ كالكالىء الضّمَارِ «1» ، وَسُمّيَ الْحَاضِرُ: عَيْنًا لِمَوْضِعِ الْمُعَايَنَةِ، فَالْعَيْنُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ عِنْته أَعِينُهُ إذَا أَبْصَرْته بِعَيْنِك، وَسُمّيَ الْمَفْعُولُ بِالْمَصْدَرِ، وَنَحْوٌ مِنْهُ الصّيْدُ، لِأَنّهُ مَصْدَرٌ صِدْت أَصِيدُ، وَقَدْ جَاءَ فِي التّنْزِيلِ:
لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ الْمَائِدَةُ: 95 فَسَمّاهُ بِالْمَصْدَرِ، وَلَعَلّك أَنْ تَلْحَظَ مِنْ هَذَا الْمَطْلَعِ مَعْنَى الْعَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي طَه: 39 فَقَدْ أَمْلَيْنَا فِيهَا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْيَدِ مَسْأَلَتَيْنِ لَا يُعْدَلُ بِقِيمَتِهِمَا الدّنْيَا بحذافيرها «2»
__________
- ويقول ابن دريد عن الكلاب: «والكلاب موضع بالدهناء بين اليمامة والبصرة كانت فيه وقعتان إحداهما بين ملوك كندة الإخوة، والأخرى بين بنى الحارث وبين بنى تميم يذكر ذلك أبو عبيدة فى كتاب الأيام» أنظر ص 45 ح 2، ص 267 ح 4 البيان الجاحظ، واللسان، وابن الأثير فى مادتى كلب وورق وص 21 الاشتقاق لابن دريد.
(1) المال الضمار: الغائب الذى لا يرجى. والكالىء فى حديث أنه نهى عن الكالىء بالكالىء، أى النسيئة بالنسيئة، وذلك أن يشترى الرجل شيئا إلى أجل، فاذا حل الأجل لم يجد ما يقضى به، فيقول يعنيه إلى أجل آخر بزيادة شىء فيبيعه منه، ولا يجرى بينهما تقابض، يقال: كلأ الدين كلوء، فهو كالىء إذا تأخر.
(2) من خير من كتب عن هذا الإمام ابن القيم فى كتابه «الصواعق المرسلة» فراجعه، وقد سبق القول بأنه يجب الإيمان. بكل ما نسبه إلى نفسه من مثل اليد والعين وغيرهما إيمانا مطمئنا بأن الله سبحانه له كل هذا الذى نسبه إلى نفسه، فله يدان وله عينان، ولكن لا تشبه يده بد، ولا عينه عين، لأنه جل شأنه ليس كمثله شىء.

(6/556)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَتَى حُرّمَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ؟:
فَصْلٌ: وَمِمّا يَتّصِلُ بِحَدِيثِ النّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ تَنْبِيهٌ عَلَى إشْكَالٍ فِي رِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، فَإِنّهُ قَالَ فِيهَا: نَهَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيّةِ، وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السّيَرِ، وَرُوَاةِ الْأَثَرِ، أَنّ الْمُتْعَةَ حُرّمَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمّدٍ، فَقَالَ فِيهِ: إنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيّةِ عَامَ خَيْبَرَ، وَعَنْ الْمُتْعَةِ، فَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا اللّفْظِ: وَنَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَهُوَ إذًا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَقَعَ فِي لَفْظِ ابْنِ شِهَابٍ، لَا فِي لَفْظِ مَالِكٍ، لِأَنّ مَالِكًا قَدْ وَافَقَهُ عَلَى لَفْظِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَأَغْرَبُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ: إنّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، ثُمّ رِوَايَةُ الْحَسَنِ أَنّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَالْمَشْهُورُ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ رِوَايَةُ الرّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ «1» عَنْ أَبِيهِ أَنّ ذَلِكَ كَانَ عَامَ الْفَتْحِ. وَقَدْ خَرّجَ مسلم الحديث بطوله «2» وفى هذا أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ خَرّجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَنّ تحريم
__________
(1) نص النودى فى التهذيب على ضبطها بفتح السين وسكون الياء، وضبطت فى نيل الأوطار بضمها.
(2) ورواه أيضا أحمد. هذا وقد روى عن ابن مسعود أنه قال: «كنا نغزو مع رسول الله «ص» ليس معنا نساء، فقلنا: ألا تختصى، فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) الآية. متفق عليه. وعن-

(6/557)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نِكَاحِ الْمُتْعَةِ كَانَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ، وَمَنْ قال من الرّواة كان فى غزوة
__________
- أبى جمرة قال: «سألت ابن عباس عن متعة النساء، فرخص، فقال له مولى له: إنما ذلك فى الحال الشديد وفى النساء قلة أو نحوه، فقال ابن عباس: نعم» رواه البخارى. وقد روى ابن حزم فى المحلى عن جماعة من الصحابة غير ابن عباس، فقال: وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله «ص» جماعة من السلف منهم من الصحابة: أسماء بنت أبى بكر، وجابر بن عبد الله وابن مسعود وابن عباس ومعاوية وعمر بن حريث وأبو سعيد وسلمة ابنا أمية بن خلف، ورواه جابر عن الصحابة مدة رسول الله ومدة أبى بكر ومدة عمر إلى قرب آخر خلافته، وروى عنه أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وقال بها من التابعين: طاوس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكة. وقال ابن المنذر: جاء عن الأوائل الرخصة فيها، ولا أعلم اليوم أحدا يجيزها إلا بعض الرافضة» . وقال عياض: «ثم وقع الإجماع من جميع العلماء إلا الروافض» وقال ابن بطال: «روى أهل مكة واليمن عن ابن عباس إباحة المتعة، وروى عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة، وإجازة المتعة عنه أصح، وهو مذهب الشيعة. ونقل البيهقى عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال: هى الزنا بعينه» وقال القرطبى «الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل، وأنه حرم، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض» انظر ص 135 ح 6 نيل الأوطار. أقول: وقد أسرفت فتات من الآخذين بحلها فأحالوها زنا بأجر، وبغاء فاجر الفسوق، أيتفق وقداسة الإسلام، وجلال هديه، وسمو الصفاء فى روحانيته، أن يتصل رجل بأمرأة أياما أو أشهرا ثم يتركها بما حملت؟! ترى لمن ينتسب هذا الجنين؟ وكيف يعيش وتعيش أمه، وهى لا تعرف لابنها أبا، وهو لا يدرى له أبا؟ وأية علاقة بالغة السوء تكون بينه وبين أمه. ومر سيرت يا ترى؟ تلك هى نكبة الزنا بعينه. وإذا اقمنا وجوهنا وأفكارنا وقلوبنا لله فى كتابه. فإنا لا نجد فى الذكر-

(6/558)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْطَاسٍ، فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَنْ قَالَ عَامَ الْفَتْحِ، فَتَأَمّلْهُ وَاَللهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَذَكَرَ قَوْلَهُ- عَلَيْهِ السّلَامُ-: لَأُعْطِيَنّ الرّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبّ اللهَ وَرَسُولَهُ
__________
- الحكيم شيئا مما يروج له دعاة المتعة، أو دعاة الفسوق. فقوله سبحانه فى سورة النساء (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) هذا القول ليس نصا لا من بعيد، ولا من قريب يدل على إباحة المتعة ولا بأثارة من فهم إلا فهم الذين يبتغون البغاء اليوم فى إباحة المتعتة، فالله سبحانه قد بين فى الآية ما يحل من نكاح النساء فى مقابلة ما حرم فيما قبلها. وفى صدرها. وبين أنه إذا استمتع الإنسان بامرأة أحلها الله فيمن أحلّ أى تزوجها فعليه الأجر، وهو المهر. ولو تدبرنا قوله جل شأنه فى صفات المؤمنين (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ، فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) المؤمنون 5، 6. لو تدبرنا هذا لعلمنا أن هذه المتعة بالمعنى الذى فسروه بها أمر باطل. فما ثم فى الآية إلا نوعان: زوجات وملك يمين، فأين نضع صاحبة المتعة بين هذين النوعين؟؟ لا يمكن اعتبارها زوجة لأن للزواج شروطه المبينة فى القرآن وهذه الشروط لا تنطبق على صاحبة المتعة، ولا يمكن اعتبارها أمة، فمن ابتغى وراء هذين فهو من التادين. ويقول الإمام ابن القيم «ولم يحرم المتعة يوم خيبر، وإنما كان تحريمها عام الفتح، هذا هو الصواب، وقد ظن طائفة من أهل العلم أنه حرمها يوم خيبر، واحتجوا بما فى الصحيحين، ثم ذكر ما ورد فى الصحيحين، ثم ضعف رأى القائلين بأنها حرمت، ثم أبيحت ثم حرمت ثم قال: «وقصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديات، ولا استأذنوا فى ذلك رسول الله «ص» ولا نقله أحد قط فى هذه الغزوة، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة، لا فعلا ولا تحريما بخلاف غزاة الفتح، فإن قصة المتعة كانت فيها فعلا وتحريما مشهورة، وهذه الطريقة أصح الطريقتين، ص 346 ح 2 زاد المعاد.

(6/559)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ: فَبَاتَ النّاسُ يَدُوكُونَ أَيّهُمْ يُعْطَاهَا «1» وَمَعْنَاهُ مِنْ الدّوكَةِ، وَالدّوْكَةِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُ الْأَصْوَاتِ.
عَلِيّ وَدُعَاءُ الرّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَذَكَرَ أَنّ عَلِيّا- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- انْطَلَقَ بِالرّايَةِ يَأْنِحُ، وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إسْحَاقَ يَؤُجّ، فَمَنْ رَوَاهُ يَأْنِحُ، فَهُوَ مِنْ الْأَنِيحِ وَهُوَ عُلُوّ النّفَسِ، يُقَالُ فَرَسٌ أَنْوَحُ مِنْ هَذَا، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنّهُ رَأَى رَجُلًا يَأْنِجُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: بَرَكَةٌ مِنْ اللهِ، فَقَالَ: بَلْ هُوَ عَذَابٌ عَذّبَك بِهِ وَمَنْ رَوَاهُ يَؤُجّ، فَمَعْنَاهُ: يُسْرِعُ، يُقَالُ: أَجّتْ النّاقَةُ تَؤُجّ إذَا أَسْرَعَتْ فِي مَشْيِهَا، وَزَادَ الشّيْبَانِيّ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حِينَ ذَكَرَ أَنّ عَلِيّا كَانَ أَرْمَدَ، وَأَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ، قَالَ: فَمَا وَجِعَتْ عَيْنُهُ حَتّى مَضَى سَبِيلُه «2» ، قَالَ: وَكَانَ عَلِيّ يَلْبَسُ الْقَبَاءَ الْمَحْشُوّ الثّخِينَ فِي شِدّةِ الْحَرّ، فَلَا يُبَالِي بِالْحَرّ، وَيَلْبَسُ الثّوْبَ الْخَفِيفَ فِي شِدّةِ الْبَرْدِ، فَلَا يُبَالِي بِالْبَرْدِ، وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ أَنّ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ حِينَ رَمِدَتْ عَيْنُهُ أَنْ يَشْفِيَهُ اللهُ، وَأَنْ يُجَنّبَهُ الْحَرّ وَالْبَرْدَ، فَكَانَ ذَلِكَ.
صَاحِبُ الْمَغَانِمِ وَابْنُ مُغَفّلٍ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مغفل حين احتمل جراب الشّحم،
__________
(1) فى حديث أبى حازم عن سهل بن سعد فى البخارى.
(2) فى الدلائل للبيهقى: فما وجعها حتى مضى لسبيله، أى: مات.

(6/560)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَرَادَ صَاحِبُ الْمَغَانِمِ أَخْذَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ صَاحِبِ الْمَغَانِمِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنّهُ قَالَ: كَانَ عَلَى الْمَغَانِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ هَكَذَا وَجَدْته فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ مَرْوِيّا عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَلَمْ يَتّصِلْ لِي بِهِ إسْنَادٌ.
الصّفِيّ وَالْمِرْبَاعُ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ صَفِيّةَ بِنْتَ حُيَيّ، وَأُمّهَا بُرْدَةَ بِنْتَ سَمَوْأَلٍ، أُخْتَ رفاعة ابن سَمَوْأَلٍ الْمَذْكُورِ فِي الْمُوَطّإِ، وَأَنّهُ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ صَفِيّةُ مِنْ الصّفِيّ، وَالصّفِيّ مَا يَصْطَفِيهِ أَمِيرُ الْجَيْشِ لِنَفْسِهِ قَالَ الشّاعِرُ [عَبْدُ اللهِ بْنُ غَنَمَةَ الضّبّيّ يُخَاطِبُ بِسْطَامَ بْنِ قَيْسٍ] :
لَك الْمِرْبَاعُ مِنْهَا وَالصّفَايَا ... [وَحُكْمُك وَالنّشِيطَةُ وَالْفُضُولُ «1» ]
فَالْمِرْبَاعُ رُبْعُ الْغَنِيمَةِ. وَالصّفِيّ مَا يُصْطَفَى لِلرّئِيسِ، وَكَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيّةِ، فَنُسِخَ الْمِرْبَاعُ بِالْخُمْسِ وَبَقِيَ أَمْرُ الصّفِيّ.
مَصْدَرُ أَمْوَالِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَوَاجُهُ مِنْ صَفِيّةَ:
وَكَانَتْ أَمْوَالُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: مِنْ الصّفِيّ، وَالْهَدِيّةِ تُهْدَى «2» إلَيْهِ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ لَا فِي الْغَزْوِ مِنْ بِلَادِ الحرب، ومن
__________
(1) الزيادة التى بين قوسين من اللسان مادة «نشط وصفى» .
(2) روى أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم من طريق أبى أحمد-

(6/561)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خُمُسِ الْخُمُسِ، وَرَوَى يُونُسُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمّعٍ الْأَنْصَارِيّ، قَالَ:
حَدّثَنِي عُثْمَانُ بن كعب القرظىّ، قال: حدثنى فى رَجُلٌ مِنْ بَنِي النّضِيرِ، كَانَ فِي حِجْرِ صَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيّ مِنْ رَهْطِهَا يُقَالُ لَهُ: رَبِيعٌ، عَنْ صَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيّ قَالَتْ: مَا رَأَيْت أَحَدًا قَطّ أَحْسَنَ خُلُقًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقَدْ رَأَيْته رَكِبَ بِي مِنْ خَيْبَرَ حِينَ أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ عَلَى نَاقَتِهِ لَيْلًا فَجَعَلْت أَنْعَسُ فَيَضْرِبُ رَأْسِي مُؤَخّرَةُ الرّحْلِ، فَيَمَسّنِي بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: يَا هَذِهِ مَهْلًا يَا ابْنَةَ حُيَيّ، حَتّى إذَا جَاءَ الصّهْبَاءَ «1» ، قَالَ: أَمَا إنّي أَعْتَذِرُ إلَيْك يَا صَفِيّةُ مِمّا صَنَعْت بِقَوْمِك، إنّهُمْ قَالُوا لِي: كَذَا، وَقَالُوا لِي: كَذَا. وَحَدِيثُ اصْطِفَائِهِ صَفِيّةَ يُعَارِضُهُ فِي الظّاهِرِ الْحَدِيثُ الْآخَرُ عَنْ أَنَسٍ أَنّهَا صَارَتْ لِدِحْيَةَ فَأَخَذَهَا مِنْهُ، وَأَعْطَاهُ سبعة أرؤس، وَيُرْوَى أَنّهُ أَعْطَاهُ بِنْتَيْ عَمّهَا عِوَضًا مِنْهَا، وَيُرْوَى أَيْضًا أَنّهُ قَالَ لَهُ:
خُذْ رَأْسًا آخَرَ مَكَانهَا «2» ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، فَإِنّمَا أخذها من دحية
__________
- الزبيدى عن سفيان الثورى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مائشة قالت: كانت صفية من الصفى، وقد فسره ابن سيرين فيما أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عنه قال: كان يضرب للنبى «ص» بسهم مع المسلمين، والصفى يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شىء. ومن طريق الشعبى قال: كان للنبى «ص» سهم يدعى الصفى إن شاء، عبدا، وإن شاء أمة، وإن شاء فرسا يختاره من الخمس. ومن طريق قتادة: كان النبى «ص» إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء، وكانت صفية من ذلك السهم.
(1) الصهباء موضع بينه وبين خيبر يريد كما ذكر ابن سعد، وهى التى بنى فيها رسول الله «ص» بصفية كما جاء فى البخارى وفى رواية عند سد الروحاء.
(2) قد ذكر البخارى فى رواية له أن صفية كانت فى السبى، فصارت إلى-

(6/562)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَبْلَ الْقَسْمِ: وَمَا عَوّضَهُ مِنْهَا لَيْسَ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ عَلَى جِهَةِ النّفْلِ وَالْهِبَةِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. غَيْرَ أَنّ بَعْضَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ فِي الْمُسْنَدِ الصّحِيحِ يَقُولُونَ فِيهِ:
إنّهُ اشْتَرَى صَفِيّةَ مِنْ دِحْيَةَ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ فِيهِ: بَعْدَ الْقَسْمِ، فَاَللهُ أَعْلَمُ أَيّ ذَلِكَ كَانَ.
وَكَانَ أَمْرُ الصّفِيّ أَنّهُ كَانَ عَلَيْهِ السّلَامُ إذَا غَزَا فِي الْجَيْشِ اخْتَارَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ رَأْسًا وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فإذا قعد، ولم يخرج مع
__________
- دحية، وفى رواية أن دحية جاء إلى رسول الله «ص» فقال: أعطنى يا رسول الله جارية من السبى، قال اذهب، فخذ جارية، فأخذ صفية، فجاء رجل، فقال: يا رسول الله: أعطيت دحية صفية سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها، فجاء بها، فلما نظر إليها «ص» قال: خذ جارية من السبى غيرها، ثم صارت إلى النبى «ص» فتزوجها، فجعل عنقها صداقها، ورواية سبعة أرؤس رواية مسلم عن أنس نفسه الذى روى عنه البخارى أنه أعطاه جارية!! ولا شك فى أن تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم فوق ما قيل نبلا وحكمة وسموا فالرجل العظيم الذى اصطفاه الله للنبيين خاتما، واستطاع- بتوفيق الله- تطبيق القرآن كما أمر الله، وأنشأ به خير أمة أخرجت للناس. هذا الإنسان العظيم لا يجوز أن يقال عنه إن جمال صفية هو الذى دعاه إلى هذا التصرف. إن هذا التصرف قد يترفع عنه قائد عسكرى ممتاز الخلق. فما بالك بنبى هو خاتم النبيين يصفه الله بأنه على خلق عظيم؟ ومن خير ما يقال هنا ما ذكر الحافظ فى الفتح لو أن رسول الله «ص» خص بها دحية- وهى كما روى ابن سعد من أضوأ ما يكون من النساء- لأمكن تغير خاطر بعض الصحابة، فكان من المصلحة العامة ارتجاعها منه، واختصاصه عليه الصلاة والسلام، فإن فى ذلك رضا الجميع ص 232 ح 2 المواهب. وانظر ما كتب العقاد عنها ص 193 حقائق الإسلام ط 1.

(6/563)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْجَيْش ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صَفِيّ، ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَمْرُ الصّفِيّ بَعْدَ الرّسُولِ عَلَيْهِ السّلَامُ لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ، وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: كَانَ خُصُوصًا لِلنّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ «1» .
صَدَاقُ صَفِيّةَ:
وَقَوْلُهُ: أَعْتَقَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، هُوَ صَحِيحٌ فِي النقل، وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ تَأَوّلَهُ خُصُوصًا بِالنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَنْسُوخًا، وَمِمّنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُ لَا يَرَوْنَ مُجَرّدَ الْعِتْقِ يُغْنِي عَنْ صَدَاقٍ «2» .
حَنَشٌ الصّنْعَانِيّ:
وَذَكَرَ حَدِيثَ حَنَشٍ الصّنْعَانِيّ عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ. هُوَ حَنَشُ بْنُ
__________
(1) سبق الكلام عن الصفى فى الشرح.
(2) فى حديث متفق عليه عن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّهُ أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. وقد ذهب الأكثر إلى عدم صحة جعل العتق مهرا متأولين بأنه «ص» أعتقها بشرط أن يتزوجها، فوجب له عليها قيمتها، وكانت معلومة، فتزوجها بها. والذى يرد هذا التأويل أنه ورد فى مسلم بلفظ «ثم تزوجها. وجعل عتقها صداقها» والحق مع القائلين بعدم صحة جعل العتق صداقا، لأن الله يقول: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً، فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً. فالصداق فرض، ولا يجوز للمرأة أن تتنازل عنه كله، بل عن بعضه

(6/564)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَبْدِ اللهِ السّبَائِيّ «1» جَاءَ إلَى الْأَنْدَلُسِ مَعَ مُوسَى بْنِ نَصِيرٍ، وَهُوَ الّذِي ابْتَنَى جَامِعَ سَرَقُسْطَةَ، وَأَسّسَ جَامِعَ قُرْطُبَةَ أَيْضًا، فِيمَا ذَكَرُوا، وَتَوَهّمَ الْبُخَارِيّ أَنّهُ حَنَشُ بْنُ عَلِيّ، وَأَنّ الِاخْتِلَافَ فِي اسْمِ أَبِيهِ، وَقَدْ فَرّقَ بَيْنَهُمَا عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ فَقَالَ: حَنَشُ بْنُ عَلِيّ السّبَائِيّ مِنْ صَنْعَاءِ الشّامِ، وَمِنْهَا أَبُو الْأَشْعَثِ الصّنْعَانِيّ، وَحَنَشُ بْنُ عَبْدِ اللهِ السّبَائِيّ مِنْ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ، وَكِلَاهُمَا يَرْوِي عَنْ عَلِيّ، فَمِنْ هَهُنَا دَخَلَ الْوَهْمُ عَلَى الْبُخَارِيّ، هَكَذَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، وَيُرْوَى عَنْ عَلِيّ أَيْضًا حَنَشُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَحَنَشُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَهُمَا غير هذين «2» .
وطأ مَنْهِيّ عَنْهُ:
وَفِيهِ: أَنّ لَا تُوطَأَ حَامِلٌ مِنْ السّبَايَا حَتّى تَضَعَ، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنّهُ نَظَرَ إلَى أَمَةٍ مُجِحّ أَيْ مُقْرِبٍ «3» ، فَسَأَلَ عَنْ صَاحِبِهَا، فَقِيلَ: إنّهُ يُلِمّ بِهَا، فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ. وذكر الحديث.
__________
(1) ضبطها الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال بدون ألف، وهى فى تهذيب اللباب السباى. وقال عنه الخزرجى ابن عبيد الله أو ابن على، وفى التهذيب: وابن الملقن عبد الله يروى عن على وابن عباس وفضالة بن عبيد مات سنة 100.
(2) فى تذهيب الكمال: حنش بن المعتمر أو ابن ربيعة بن المعتمر الكنانى أبو المعتمر الكنانى.
(3) هى الحامل التى دنا ولادها. وفى الأصل: مغرب.

(6/565)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَهَذَا وَجْهٌ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يَحِلّ لامرىء يُؤْمِنُ بِاَللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاؤُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، يَعْنِي إتْيَانِ الْحَبَالَى مِنْ السّبَايَا، فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَلَدُ مُخْتَلَفٌ فِي إلْحَاقِهِ بِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشّافِعِيّ: لَا يَلْحَقُ بِهِ، وَقَالَ اللّيْثُ: يَلْحَقُ بِهِ لِقَوْلِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ يَسْتَعْبِدُهُ، وَقَدْ غَذّاهُ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ.
عَلِيّ يَقْتُلُ مَرْحَبًا:
فَصْلٌ: وَمِمّا يَتّصِلُ بِقِصّةِ مَرْحَبٍ الْيَهُودِيّ مَعَ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْكِتَابِ قَوْلُ عَلِيّ:
أَنَا الّذِي سَمّتْنِي أُمّي حَيْدَرَهْ ... أَضْرِبُ بالسّيف رؤس الكفره
أكيلهم بالصّاع كيل السّندره «1»
__________
(1) هى من رواية يونس عن ابن إسحاق، وفيها: كليث غابات شديد القسورة. بدلا من الشطرة الثانية. وفيها أيضا: أكيلكم. وفى رواية البزار: كليث غابات كريه المنظره، أو فيهم بالصاع كيل السندرة. أنظر ص 187 وما بعدها- 4 البداية والنهاية لابن كثير. وهى فى صحيح مسلم أيضا. ويقول الحافظ: وخالف أهل السير فى هذا، فجزم ابن إسحاق وابن عقبة والواقدى بأن الذى قتل مرحبا هو محمد بن مسلمة، وكذا روى أحمد بإسناد حسن عن جابر. وقيل: إن ابن مسلمة كان بارزه فقطع رجليه. فأجهز على عليه، وقيل: قاتله هو الحارث أخو مرحب. ولكن الحافظ يميل إلى أن ما فى الصحيح مقدم على ما سواه، ولا سيما وقد جاء عن بريدة أيضا عند أحمد والنسائى وابن حبان والحاكم. يقصد أن عليا هو قاتل مرحب.

(6/566)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَيْ أَجْزِيهِمْ بِالْوَفَاءِ. وَالسّنْدَرَةُ: شَجَرَةٌ يُصْنَعُ مِنْهَا مَكَايِيلُ عِظَامٌ حَيْدَرَةُ:
وَفِي قَوْلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سَمّتْنِي أُمّي حَيْدَرَهْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، ذَكَرَهَا قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ، أَحَدُهَا: أَنّ اسْمَهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدّمَةِ أَسَدٌ، وَالْأَسَدُ: هُوَ الْحَيْدَرَةُ. الثّانِي: أَنّ أُمّهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَسَدٍ حِينَ وَلَدَتْهُ كَانَ أَبُوهُ غَائِبًا، فَسَمّتْهُ، بِاسْمِ أَبِيهَا أَسَدٍ، فَقَدِمَ أَبُوهُ فَسَمّاهُ عَلِيّا. الثّالِثُ: أَنّهُ لُقّبَ فِي صِغَرِهِ بِحَيْدَرَةَ، لِأَنّ الْحَيْدَرَةَ الْمُعْتَلِي لَحْمًا مَعَ عَظْمِ بَطْنٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ اللّصُوصِ حِينَ فَرّ مِنْ سِجْنِهِ الّذِي كَانَ يُسَمّى نَافِعًا، وَقِيلَ فِيهِ: يَافِعٌ أَيْضًا بِالْيَاءِ:
وَلَوْ أَنّي مَكَثْت لَهُمْ قَلِيلًا ... لَجَرّونِي إلَى شَيْخٍ بِطِينِ
مِنْ حُصُونِ خَيْبَرَ:
وَذَكَرَ شَقّا وَالنّطَاةَ وَشَقّ بِالْفَتْحِ أَعْرَفُ عِنْدَ أَهْلِ اللّغَةِ كَذَلِكَ قَيّدَهُ الْبَكْرِيّ.
وَذَكَرَ وَادِيَ خَاصٍ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: إنّمَا هُوَ وَادِي خَلْصٍ بِاللّامِ، وَالْأَوّلُ تَصْحِيفٌ. وَقَالَ الْبَكْرِيّ: هُوَ خَلْصٌ بِاللّامِ وَأَنْشَدَ الْبَكْرِيّ لِخَالِدِ بْنِ عَامِرٍ:
وَإِنّ بِخَلْصٍ خَلْصِ آرَةَ بُدّنًا ... نَوَاعِمَ كَالْغِزْلَانِ مَرْضَى عيونها
الحال المعرفة لَفْظًا:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ فِي أَشْعَارِ خَيْبَرَ قَوْلَ الْعَبْسِيّ، وَفِي آخِرِهِ:

(6/567)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فرّت يهود يوم ذلك فى الوغا ... تَحْتَ الْعَجَاجِ غَمَائِمَ الْأَبْصَارِ
وَهُوَ بَيْتٌ مُشْكِلٌ غَيْرَ أَنّ فِي بَعْضِ النّسَخِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ أَنّهُ قَالَ: فَرّتْ فَتَحَتْ، مِنْ قَوْلِك: فَرَرْت «1» الدّابّةَ، إذَا فَتَحْت فَاهَا. وَغَمَائِمُ الْأَبْصَارِ، هِيَ مَفْعُولُ فَرّتْ، وَهِيَ جُفُونُ أَعْيُنِهِمْ، هَذَا قَوْلٌ، وَقَدْ يَصِحّ أَنْ يَكُونَ فَرّتْ مِنْ الْفِرَارِ، وَغَمَائِمُ الْأَبْصَارِ مِنْ صِفَةِ الْعَجَاجِ، وَهُوَ الْغُبَارُ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْعَجَاجِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ بِشَاذّ فِي النّحْوِ، وَلَا مَاهِرٍ فِي الْعَرَبِيّةِ، وَأَمّا عِنْدَ أَهْلِ التّحْقِيقِ، فَهُوَ نَكِرَةٌ، لِأَنّهُ لَمْ يُرِدْ الْغَمَائِمَ حَقِيقَةً وَإِنّمَا أراد مثل الغمائم، فهو مثل قول امرىء الْقَيْسِ:
بِمُنْجَرِدِ قَيْدِ الْأَوَابِدِ هَيْكَلِ «2»
فَقَيْدُهَا هُنَا نَكِرَةٌ، لِأَنّهُ أَرَادَ مِثْلَ الْقَيْدِ، وَلِذَلِكَ نَعَتَ بِهِ مُنْجَرِدًا، أَوْ جَعَلَهُ فِي مَعْنَى مُقَيّدٍ، وكذلك قول عبدة بن الطّيب «3» :
تَحِيّةُ مَنْ غَادَرْته غَرَضَ الرّدَى
فَنَصَبَ غَرَضًا عَلَى الْحَالِ: وَأَصَحّ الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: زَهْرَةَ
__________
(1) فى الأصل: فرت. وفى اللسان: فر الدابة يفرها كشف عن أسنانها.
(2) من معلقته، وأوله: وقد أغتدى والطير فى وكناتها.
(3) فى الأصل: الطيب، والتصويب من الأمالى للقالى والسمط البكرى والبيان للجاحظ.

(6/568)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْحَياةِ الدُّنْيا «1» طَه: 131 أَنّهُ حَالٌ مِنْ الْمُضْمَرِ الْمَخْفُوضِ، لِأَنّهُ أَرَادَ التّشْبِيهَ بِالزّهْرَةِ مِنْ النّبَاتِ، وَمِنْ هَذَا النّحْوِ قَوْلُهُمْ: جَاءَ الْقَوْمُ الْجَمّاءَ الْغَفِيرُ انْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، وَفِيهِ الْأَلِفُ وَاللّامُ، وَهُوَ مِنْ بَابِ مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ التّشْبِيهِ، وَذَلِكَ أَنّ الْجَمّاءَ هِيَ بَيْضَةُ الْحَدِيدِ تُعْرَفُ بِالْجَمّاءِ وَالصّلْعَاءِ، فَإِذَا جُعِلَ مَعَهَا الْمِغْفَرُ، فَهِيَ غفير، فإذا قلت: جاؤا الْجَمّاءَ الْغَفِيرُ، فَإِنّمَا أَرَدْت الْعُمُومَ وَالْإِحَاطَةَ بِجَمِيعِهِمْ، أى جاؤا جَيْئَةً تَشْمَلُهُمْ وَتَسْتَوْعِبُهُمْ، كَمَا تُحِيطُ الْبَيْضَةُ الْغَفِيرُ بِالرّأْسِ، فَلَمّا قَصَدُوا مَعْنَى التّشْبِيهِ دَخَلَ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ كَمَا تَقَدّمَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: تَفَرّقُوا أَيْدِيَ سَبَا، وَأَيَادِيَ سَبَا، أَيْ: مِثْلَ أَيْدِي سَبَا، فَحَسُنَتْ فِيهِ الْحَالُ لِذَلِكَ، وَاَلّذِي قُلْنَاهُ فِي مَعْنَى الْجَمّاءَ الْغَفِيرُ رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَكَانَ عَلَامَةً بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يَقَعْ سِيبَوَيْهِ عَلَى هَذَا الْغَرَضِ فِي مَعْنَى الْجَمّاءِ، فَجَعَلَهَا كَلِمَةً شَاذّةً عَنْ الْقِيَاسِ، وَاعْتَقَدَ فِيهَا التّعْرِيفَ وَقَرَنَهَا بِبَابِ وَحْدَهُ، وَفِي بَابِ وَحْدَهُ «2» أَسْرَارٌ قَدْ أَمْلَيْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الكتاب،
__________
(1) فى إعرابها أقوال: أولها أن تكون منصوبا بفعل محذوف اى جعلنا لهم زهرة، ثانيها أن تكون بدلا من موضع به، ثالثها: أن تكون بدلا من أزواج والتقدير: ذوى زهرة فحذف المضاف. رابعها: أن يكون النصب على الذم، أى أذم أو أعنى، خامسها: أن يكون بدلا من ما. ولكن يلزم من هذا الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبى. سادسها: أن يكون حالا من الهاء. أو من ما، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، وجر الحياة على البدل من ماء، سابعها: أنه تمييز لما أو للهاء فى به، حكى عن الفراء وهو غلط «إملاء ما من به الرحمن للعكبرى» .
(2) قال أبو بكر: وحده منصوب فى جميع كلام العرب إلا فى ثلاثة مواضع تقول: لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، ومررت بزيد وحده، وبالقوم-

(6/569)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَمَسْأَلَةُ وَحْدَهُ تَخْتَصّ بِبَابِ وَحْدَهُ، وَهَذَا الّذِي ذَكَرْنَا مِنْ التّنْكِيرِ بِسَبَبِ التّشْبِيهِ، إنّمَا يَكُونُ إذَا شَبّهْت الْأَوّلَ بِاسْمِ مُضَافٍ، وَكَانَ التّشْبِيهُ بِصِفَةِ مُتَعَدّيَةٍ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: قَيْدِ الْأَوَابِدِ، أَيْ مُقَيّدَ الْأَوَابِدِ، وَلَوْ قُلْت:
مَرَرْت بِامْرَأَةِ الْقَمَرُ عَلَى التّشْبِيهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنّ الصفة التى وقع بها التشبيه غير غَيْرُ مُتَعَدّيَةٍ إلَى الْقَمَرِ، فَهَذَا شَرْطٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمِمّا يَحْسُنُ فِيهِ التّنْكِيرُ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ اتّفَاقُ اللّفْظَيْنِ كَقَوْلِهِ: لَهُ صَوْتٌ صَوْتٌ الْحِمَارِ وَزَئِيرٌ زَئِيرُ الْأَسَدِ، فَإِنْ قُلْت: فَمَا بَالُ الْجَمّاءَ الْغَفِيرُ، جَازَ فِيهَا الْحَالُ، وَلَيْسَتْ بِمُضَافَةِ؟ قُلْنَا: لَمْ تَقُلْ الْعَرَبُ جَاءَ الْقَوْمَ الْبَيْضَةُ، فَيَكُونُ مِثْلَ مَا قَدّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِك: مَرَرْت بِهَذَا الْقَمَرِ، وَإِنّمَا قَالُوا: الْجَمّاءَ الْغَفِيرُ بِالصّفَةِ الْجَامِعَةِ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ مَا هِيَ حَالٌ مِنْهُ، وَتِلْكَ الصّفَةُ الْجَمَمُ، وَهُوَ الاستواء والغفر، وهى التغطية فمعنى الكلام: جاؤا جَيْئَةً مُسْتَوِيَةً لَهُمْ، مُوعِبَةً لِجَمِيعِهِمْ، فَقَوِيَ مَعْنَى التّشْبِيهِ بِهَذَا الْوَصْفِ، فَدَخَلَ التّنْكِيرُ لِذَلِكَ، وَحَسُنَ النّصْبُ عَلَى الْحَالِ وَهِيَ حَالٌ مِنْ الْمَجِيءِ.
الشّاةُ الْمَسْمُومَةُ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ الشّاةِ الْمَسْمُومَةِ، وأكل بشر بن البراء منها،
__________
- وحدى، قال: وفى نصب وحده ثلاثة أقوال. قال جماعة من البصريين: هو منصوب على الحال، وقال يونس: وحده هو بمنزلة عنده، وقال هشام: وحده منصوب على المصدر. وقال أبو عبيد: العرب تنصب وحده، فى الكلام كله لا ترفعه ولا تخفضه إلا فى ثلاثة أحرف: نسيج وحده، وعيير وحده، وجحيش وحده. اللسان. ولكلامه عنها بقية أخرى.

(6/570)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَفِيهِ: أَنّ الذّرَاعَ كَانَتْ تُعْجِبُهُ، لِأَنّهَا هَادِي الشّاةِ، وَأَبْعَدُهَا مِنْ الْأَذَى، فَلِذَلِكَ جَاءَ مُفَسّرًا فِي هَذَا اللّفْظِ.
فَأَمّا الْمَرْأَةُ الّتِي سَمّتْهُ، فَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: صَفَحَ عَنْهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنّهُ قَتَلَهَا، وَوَقَعَ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى، أَنّهُ قَتَلَهَا وَصَلَبَهَا؛ وَهِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ سَلَامٍ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهِيَ أُخْتُ مَرْحَبٍ الْيَهُودِيّ، وَرَوَى أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ إسْحَاقَ. وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرّوَايَتَيْنِ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ صَفَحَ عَنْهَا، أَوّلَ لِأَنّهُ كَانَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ، فَلَمّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ مِنْ تِلْكَ الْأَكْلَةِ، قَتَلَهَا، وَذَلِكَ أَنّ بِشْرًا لَمْ يَزَلْ مُعْتَلّا مِنْ تِلْكَ الْأَكْلَةِ حَتّى مَاتَ مِنْهَا بَعْدَ حَوْلٍ، وَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ: «مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَادّنِي، فَهَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي» وَكَانَ يَنْفُثُ مِنْهَا مِثْلَ عَجْمِ الزّبِيبِ. وَتُعَادّنِي، أَيْ تَعْتَادُنِي الْمَرّةَ بَعْدَ الْمَرّةِ، قَالَ الشّاعِرُ:
أُلَاقِي مِنْ تَذَكّرِ آلِ لَيْلَى ... كَمَا يَلْقَى السّلَيْمُ مِنْ الْعِدَادِ
وَالْأَبْهَرُ: عِرْقٌ مُسْتَبْطَنُ الْقَلْبِ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَلِلْفُؤَادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبْهَرِهِ ... لَدْمَ الْوَلِيدِ وَرَاءَ الْغَيْبِ بِالْحَجَرِ
وَقَدْ رَوَى مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ فِي جَامِعِهِ عَنْ الزّهْرِيّ أَنّهُ قَالَ: أَسْلَمَتْ فَتَرَكَهَا النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ مَعْمَرٌ: هَكَذَا قَالَ الزّهْرِيّ:

(6/571)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَسْلَمَتْ، وَالنّاسُ يَقُولُونَ: قَتَلَهَا، وَأَنّهَا لَمْ تُسْلِمْ «1» ، وَفِي جَامِعِ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ أَيْضًا أَنّ أُمّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَتْ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرَضِ الّذِي مَاتَ مِنْهُ مَا تَتّهِمُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنّي لَا أَتّهِمُ بِبِشْرِ إلّا الْأَكْلَةَ الّتِي أَكَلَهَا مَعَك بِخَيْبَرِ، فَقَالَ: وَأَنَا لَا أَتّهِمُ بِنَفْسِي إلّا ذَلِكَ، فَهَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي.
حَوْلَ حَدِيثِ الْمَرْأَةِ الْغِفَارِيّةِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ الْغِفَارِيّةِ الّتِي شَهِدَتْ خَيْبَرَ، وَلَمْ يُسَمّهَا، وَقَدْ يُقَالُ: اسْمُهَا لَيْلَى، وَيُقَالُ: هِيَ امْرَأَةُ أَبِي ذَرّ الْغِفَارِيّ، وَقَوْلُهَا رَضَخَ لِي رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْلُ الرّضْخِ أَنْ تَكْسِرَ من الشّىء الرّطب كسرة فتعطبها، وَأَمّا الرّضْحُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، فَكَسْرُ الْيَابِسِ، الصّلْبِ. قَالَ الشّاعِرُ:
كَمَا تَطَايَرَ عَنْ مِرْضَاحِهِ الْعَجَمُ
__________
(1) يقول الحافظ «ولم ينفرد الزهرى بدعواه أنها أسلمت فقد جزم بذلك سليمان التيمى فى مغازيه. وجعلها فى الإصابة فى القسم الأول من الصحابيات، هذا وقد روى البخارى قصة الشاة المسمومة، وفى الصحيحين من حديث شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- بشاة مسمومة، فأكل منها. فجىء بِهَا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألها عن ذلك، قالت: أردت لأقتلك، فقال: ما كان الله ليسلطك على، أو قال: على ذلك. قالوا: ألا تقتلها؟ قال: لا. قال أنس، فما زلت أعرفها فى لهوات رسول الله «ص» واللهوات جمع لهاة، وهى اللحمات فى سقف أقصى الفم.

(6/572)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منه أَحْكَامِ الْمَاءِ:
وَقَوْلُهَا: أَمَرَنِي أَنْ أَجْعَلَ فِي طَهُورِي مِلْحًا. فِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنّ الْمِلْحَ فِي الْمَاءِ إذَا غَيّرَ طَعْمَهُ صَيّرَهُ مُضَافًا طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهّرٍ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ قَوْلَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ النّظَرِ أَنّ الْمُخَالِطَ لِلْمَاءِ إذَا غَلَبَ عَلَى أَحَدِ أَوْصَافِهِ الثّلَاثَةِ: الطّعْمِ، أَوْ اللّوْنِ، أَوْ الرّائِحَةِ، كَانَ حُكْمُ الْمَاءِ كَحُكْمِ الْمَخَالِطِ لَهُ، فَإِنْ كَانَ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهّرٍ كَانَ الْمَاءُ بِهِ كَذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ لَا طَاهِرًا وَلَا مُطَهّرًا كَالْبَوْلِ كَانَ الْمَاءُ لِمُخَالَطَتِهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَخَالِطُ لَهُ طَاهِرًا مُطَهّرًا كَالتّرَابِ كَانَ الْمَاءُ طَاهِرًا مُطَهّرًا، وَالْمِلْحُ إنْ كَانَ مَاءً جَامِدًا، فَهُوَ فِي الْأَصْلِ طَاهِرٌ مُطَهّرٌ، وَإِنْ كَانَ مَعْدِنِيّا تُرَابِيّا، فَهُوَ كَالتّرَابِ فِي مُخَالَطَةِ الْمَاءِ، فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ نَاقِلًا لِلْمَاءِ عَنْ حُكْمِ الطّهَارَةِ وَالتّطْهِيرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ فِي السّيرَةِ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْتَسَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ جَفْنَةٍ فِيهَا مَاءٌ وَكَافُورٌ، وَمَحْمَلُ هَذِهِ الرّوَايَةِ عِنْدِي إنْ صَحّتْ عَلَى أَنّهُ قَصَدَ بِهَا التّطَيّبَ، وَأَنّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا، وَلِأَبِي جنيفة فِي هَذِهِ الرّوَايَةِ مُتَعَلّقٌ لِتَرْخِيصِهِ.
مِنْ شُهَدَاءِ خَيْبَرَ:
وَذَكَرَ فِيمَنْ اُسْتُشْهِدَ بِخَيْبَرِ: أَبَا الضّيّاحِ بْنَ ثَابِتٍ، وَلَمْ يُسَمّهِ، وَقَالَ الطّبَرِيّ: اسْمُهُ النّعْمَانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ النّعْمَانِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْمُهُ عُمَيْرٌ.
وَذَكَرَ فِيمَنْ اُسْتُشْهِدَ: عَامِرَ بْنَ الْأَكْوَعِ، وَهُوَ الّذِي رَجَعَ عَلَيْهِ سَيْفُهُ

(6/573)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَقَتَلَهُ، فَشَكّ النّاسُ فِيهِ، فَقَالُوا: قَتَلَهُ سِلَاحُهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إنّهُ جَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، وَقَلّ عَرَبِيّ، مُشَابِهًا مثله، وفى رواية:
مشى بها مِثْلُهُ، وَيُرْوَى أَيْضًا: نَشَأَ بِهَا مِثْلَهُ، كُلّ هَذَا يُرْوَى فِي الْجَامِعِ الصّحِيحِ، وَهَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ رُوَاةِ الْكِتَابِ، فَمَنْ قَالَ: مَشَى بِهَا مِثْلَهُ فَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَقُولُ: لَيْسَ بَيْنَ لَابَتَيْهَا مِثْلُ فُلَانٍ، يُقَالُ هَذَا فِي الْمَدِينَةِ، وَفِي الْكُوفَةِ، وَلَا يُقَالُ فِي بَلَدٍ لَيْسَ حَوْلَهُ لَابَتَانِ، أَيْ حَرّتَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ عَائِدَةً عَلَى الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ الرّحْمَنُ: 26.
الْحَالُ مِنْ النّكِرَةِ:
وَمَنْ رَوَاهُ مُشَابِهًا مُفَاعِلًا مِنْ الشّبَهِ، فَهُوَ حَالٌ مِنْ عَرَبِيّ، وَالْحَالُ مِنْ النّكِرَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا دَلّتْ عَلَى تَصْحِيحِ مَعْنًى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
فَصَلّى خَلْفَهُ رِجَالٌ قِيَامًا. الْحَالُ هَاهُنَا مُصَحّحَةٌ لِفِقْهِ الْحَدِيثِ، أَيْ: صَلّوْا فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَمَنْ احْتَجّ فِي الْحَالِ مِنْ النّكِرَةِ بِقَوْلِهِمْ: وَقَعَ أَمْرٌ فَجْأَةً، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، لِأَنّ فَجْأَةً، لَيْسَ حَالًا مِنْ أَمْرٍ، إنّمَا هُوَ حَالٌ مِنْ الْوُقُوعِ، كَمَا تَقُولُ:
جَاءَنِي رَجُلٌ مَشْيًا، فَلَيْسَ مَشْيًا حَالٌ مِنْ رَجُلٍ، كَمَا تَوَهّمُوا، وَإِنّمَا هِيَ حَالٌ مِنْ الْمَجِيءِ لِأَنّ الْحَالَ هِيَ صَاحِبُ الْحَالِ، وَتَنْقَسِمُ أَقْسَامًا: حَالٌ مِنْ فَاعِلٍ كَقَوْلِك: جَاءَ زَيْدٌ مَاشِيًا، وَحَالٌ مِنْ الْفِعْلِ، كَقَوْلِك: جَاءَ زَيْدٌ مَشْيًا وَرَكْضًا، وَحَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ، كَقَوْلِك: جَاءَنِي الْقَوْمُ جَالِسًا، فَهِيَ صِفَةُ الْمَفْعُولِ فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، أَوْ صِفَةُ الْفَاعِلِ فِي وَقْتِ وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْهُ، أَوْ صِفَةُ الْفِعْلِ فِي وَقْتِ وُقُوعِهِ وَنَعْنِي بِالْفِعْلِ: الْمَصْدَرَ.

(6/574)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَدِيثُ الْحَجّاجِ بْنِ عِلَاطٍ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ الْحَجّاجِ بْنِ عِلَاطٍ السّلَمِيّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ إسْلَامِهِ خَبَرًا عَجِيبًا اتّفَقَ لَهُ مَعَ الْجِنّ، وَهُوَ وَالِدُ نَصْرِ بْنِ حَجّاجٍ الّذِي حَلَقَ عُمَرُ رَأْسَهُ، وَنَفَاهُ مِنْ الْمَدِينَةِ لَمّا سَمِعَ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِيهِ:
أَلَا سَبِيلَ إلَى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا ... أَمْ لَا سَبِيلَ إلَى نَصْرِ بْنِ حَجّاجِ
وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْفُرَيْعَةُ بِنْتُ هَمّامٍ، وَيُقَالُ: إنّهَا أُمّ الْحَجّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزّبَيْرِ: يَا ابْنَ الْمُتَمَنّيَةِ «1» ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النّاسِ لِمّةً وَوَجْهًا، فَأَتَى الشّامَ، فَنَزَلَ عَلَى أَبِي الْأَعْوَرِ السّلَمِيّ، فَهَوِيَتْهُ امْرَأَتُهُ، وَهَوَاهَا «2» ، وَفَطِنَ أَبُو الْأَعْوَرِ لِذَلِكَ بِسَبَبِ يَطُولُ ذِكْرُهُ، فَابْتَنَى لَهُ قُبّةً فِي أَقْصَى الْحَيّ، فَكَانَ بِهَا، فَاشْتَدّ ضَنَاهُ بِالْمَرْأَةِ، حَتّى مَاتَ كَلَفًا بِهَا، وَسُمّيَ الْمُضْنَى وَضُرِبَتْ بِهِ الْأَمْثَالُ. وَذَكَرَ الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابِ الأمثال له خبره بطوله «3» .
__________
(1) زعموا أنهما كانا بحضرة عبد الملك بن مروان، فذكر عروة أخاه عبد الله بن الزبير، فقال له الحجاج: أعند أمير المؤمنين تكنى أخاك المنافق لا أم لك، فقال له عروة: يا ابن المتمنية!! إلى تقول هذا لا أم لك، وأنا ابن عجائز الجنة.
(2) المعرف فى اللغة أن هوى كرضى، وهو ولا شك خطأ فى الطبع أو النقل وقد ذكرها البغدادى «وهويها» نقلا عن الروض.
(3) سبق الحديث عن قصتهما وذكرنا بعض مراجع قصتهما.

(6/575)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: الحجاج بن علاط، والعلاط وسم فِي الْعُنُقِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْعُلْطَةُ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا بُدّ لِي أَنْ أَقُولَ، فَقَالَ لَهُ: قُلْ، يَعْنِي التّكَذّبَ «1» ، فَأَبَاحَهُ لَهُ، لِأَنّهُ مِنْ خُدَعِ الْحَرْبِ، وَقَالَ: الْمُبَرّدُ: إنّمَا صَوَابُهُ: أَتَقَوّلُ إذا أَرَدْت مَعْنَى التّكَذّبِ، وَأَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى حَبِيبٌ فَقَالَ:
بحسب أمرىء أَثْنَى عَلَيْك بِأَنّهُ ... يَقُولُ، وَإِنْ أَرْبَى فَلَا يَتَقَوّلُ
أَيْ: يَقُولُ الْحَقّ إذَا مَدَحَك، وَإِنْ أَفْرَطَ فَلَيْسَ إفْرَاطُهُ بِتَقَوّلِ.
تَفْسِيرُ أَوْلَى لَك:
وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ إسْحَاقَ فِي حَدِيثِ حَجّاجٍ أَنْ قُرَيْشًا قَالَتْ: حِينَ أَفْلَتَهُمْ:
أَوْلَى لَهُ، وَهِيَ كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا: الْوَعِيدُ، وَفِي التّنْزِيلِ: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى الْقِيَامَةُ: 34، فَهِيَ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ، مِنْ وَلِيَ أَيْ: قَدْ وَلِيَهُ الشّرّ، وَقَالَ الْفَارِسِيّ: هِيَ اسْمُ عِلْمٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِفْ، وَجَدْت هَذَا فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ، وَلَا تَتّضِحُ لِي الْعَلَمِيّةُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَإِنّمَا هُوَ عِنْدِي كَلَامٌ حُذِفَ مِنْهُ، وَالتّقْدِيرُ: الّذِي تَصِيرُ إلَيْهِ مِنْ الشّرّ أَوْ الْعُقُوبَةِ أَوْلَى لَك، أَيْ أَلْزَمُ لَك، أَيْ إنّهُ يَلِيك، وَهُوَ أَوْلَى لَك، مِمّا فَرَرْت مِنْهُ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَلَمْ يَنْصَرِفْ لِأَنّهُ وَصْفٌ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ «2» ، وَقَوْلُ الْفَارِسِيّ: هُوَ فِي مَوْضِعِ نصب جعله من
__________
(1) فى قصة الحجاج عند أحمد أنه قال للرسول (ص) «أفأنا فى حل إن أنا نلت منك، أو قلت شيئا، فأذن له «ص» أن يقول ما شاء» .
(2) مما فى اللسان عنها أنها اسم لدنوت وقاربت. وقال ثعلب: لم يقل أحد فى أولى لك أحسن مما قال الأصمعى. وقد قال الأصمعى عنها: أولى لك: قاربك ما تكره. وانظر مادة أول ففيها الكثير عنها.

(6/576)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب تبّاله «1» ، غَيْرَ أَنّهُ جَعَلَهُ عَلَمًا لِمَا رَآهُ غَيْرَ مُنَوّنٍ.
أُمّ أَيْمَنَ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ شِعْرَ حَسّانَ فِي ابْنِ أُمّ أَيْمَنَ، وَاسْمُ أَبِيهِ عُبَيْدٌ، وَاسْمُ أُمّهِ أُمّ أَيْمَنَ بَرَكَةٌ، وَهِيَ أُمّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، يُقَالُ لَهَا: أُمّ الظّبَاءِ، قَالَ الْوَاقِدِيّ: اسْمُهَا بَرَكَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ [بْنِ عَمْرِو بْنِ حِصْنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مَسْلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ النّعْمَانِ] «2» وَكَانَتْ أُمّةُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ، وَكَانَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أُمّ أَيْمَنَ أُمّي بَعْدَ أُمّي «3» ، وَيُقَالُ: كَانَتْ لِآمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُمّ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِيَ الّتِي هَاجَرَتْ عَلَى قَدَمَيْهَا مِنْ مَكّةَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ، وَذَلِكَ فِي حَرّ شَدِيدٍ، فَعَطِشَتْ، فَسَمِعَتْ حَفِيفًا فَوْقَ رَأْسِهَا، فَالْتَفَتَتْ، فَإِذَا دَلْوٌ قَدْ أُدْلِيَتْ لَهَا مِنْ السّمَاءِ فَشَرِبَتْ مِنْهَا، فَلَمْ تَظْمَأْ أَبَدًا «4» ، وَكَانَتْ تَتَعَهّدُ الصّوْمَ فِي حَمّارَةِ الْقَيْظِ، لِتَعْطَشَ فَلَا تَعْطَشُ
__________
(1) تباله دعاء، نصب، لأنه مصدر محمول على فعله كما تقول شقيا لفلان، معناه: شقى فلان شقيا، ولم يجعل اسما مسندا إلى ما قبله.
(2) الزيادة فى نسب أم أيمن من الإصابة من أول ابن عمرو بن حصن الخ.
(3) ذكره ابن أبى خيثمة وانظر ترجمتها فى الإصابة فى الجزء الثامن.
(4) أخرجه ابن سعد بسنده إلى عثمان بن القاسم يقول: لما هاجرت. الحديث، وأخرجه ابن السكن من طريق هشام بن حسان عن عثمان بنحوه. وقد أخرج البخارى فى تاريخه ومسلم وابن السكن أن أم أيمن كانت وصيفة لعبد الله ابن عبد المطلب.

(6/577)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَكَانَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَزُورُهَا، وَكَانَ الْخَلِيفَتَانِ يَزُورَانِهَا بَعْدَهُ، وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ قِصّتِهَا عَنْ أُمّ شَرِيكٍ الدّوْسِيّةِ «1» أَنّهَا عَطِشَتْ فِي سَفَرٍ فَلَمْ تَجِدْ مَاءً إلّا عِنْدَ يَهُودِيّ، وَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهَا إلّا أَنْ تَدِينَ بِدِينِهِ، فَأَبَتْ إلّا أَنْ تَمُوتَ عَطَشًا، فَدُلِيَتْ لَهَا دَلْوٌ مِنْ السّمَاءِ فَشَرِبَتْ، ثُمّ رُفِعَتْ الدّلو، وهى تنظر. ذَكَرَ خَبَرَهَا ابْنُ إسْحَاقَ فِي السّيرَةِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ هِشَامٍ، وَهُوَ أَطْوَلُ مِمّا ذكرنا وَقَوْلُ حَسّانَ:
وَأَيْمَنُ لَمْ يَجْبُنْ، وَلَكِنّ مُهْرَهُ ... أَضَرّ بِهِ شُرْبُ الْمَدِيدِ الْمُخَمّرِ «2»
الْمَدِيدُ: وَقَعَ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَلَكِنْ أَلْفَيْت فِي حَاشِيَةِ الشّيْخِ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ: الْمَرِيدُ بِرَاءٍ، وَالْمَرِيسُ أَيْضًا، وَهُوَ تَمْرٌ يُنْقَعُ ثُمّ يُمْرَسُ وَأَنْشَدَ:
مُسْنَفَاتٍ تُسْقَى ضَيَاحَ الْمَرِيدِ
أَبُو أَيّوبَ فِي حِرَاسَةِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَذَكَرَ قَوْلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي أَيّوبَ حِينَ بَاتَ يَحْرُسُهُ:
حَرَسَك اللهُ يَا أَبَا أَيّوبَ، كَمَا بِتّ تَحْرُسُ نَبِيّهُ.
__________
(1) قصتها وقصة عطش أم أيمن لم يخرجهما غير أصحاب السير، وأما المحدثون أصحاب الصحيح والمسانيد والسنن، فلم يخرجوا شيئا من ذلك.
(2) شرحه أبو ذر الخشنى: بقوله «هو الدقيق يخلط مع الماء فتشربه الخيل» .

(6/578)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَالَ الْمُؤَلّفُ: فَحَرَسَ اللهُ أَبَا أَيّوبَ بِهَذِهِ الدّعْوَةِ، حَتّى إنّ الرّومَ لَتَحْرُسُ قَبْرَهُ، وَيَسْتَسْقُونَ بِهِ، وَيَسْتَصِحّونَ «1» ، وَذَلِكَ أَنّهُ غَزَا مَعَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ خَمْسِينَ، فَلَمّا بَلَغُوا الْقُسْطَنْطِينَةَ مَاتَ أَبُو أَيّوبَ هُنَالِكَ، وَأَوْصَى يَزِيدَ أَنْ يَدْفِنَهُ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ مِنْ مَدِينَةِ الرّومِ، فَرَكِبَ الْمُسْلِمُونَ، وَمَشَوْا بِهِ حَتّى إذَا لَمْ يَجِدُوا مَسَاغًا، دَفَنُوهُ، فَسَأَلَتْهُمْ الرّومُ عَنْ شَأْنِهِمْ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنّهُ كَبِيرٌ مِنْ أَكَابِرِ الصّحَابَةِ، فَقَالَتْ الرّومُ لِيَزِيدَ مَا أَحْمَقَك وَأَحْمَقَ مَنْ أَرْسَلَك أَأَمِنْت أَنْ نَنْبُشَهُ بَعْدَك، فَنُحَرّقَ عِظَامَهُ، فَأَقْسَمَ لهم يزيد لئن فعلوا ذلك لنهد منّ كُلّ كَنِيسَةٍ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، وَلَنَنْبِشَنّ قُبُورَهُمْ، فَحِينَئِذٍ حلفوا لهم بدينهم ليكرّ منّ قَبْرَهُ، وَلَيَحْرُسُنّهُ مَا اسْتَطَاعُوا، فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنّ الرّومَ يَسْتَسْقُونَ بِقَبْرِ أَبِي أَيّوبَ رَحِمَهُ اللهُ، فَيُسْقَوْنَ «2» .
قَسْمُ أَمْوَالِ خَيْبَرَ وَأَرَاضِيهَا أَمّا قَسْمُ غَنَائِمِهَا، فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَفِي كُلّ مَغْنَمٍ بِنَصّ الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدّمَ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ، وَأَمّا أَرْضُهَا، فَقَسَمَهَا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَخْرَجَ الْخُمُسَ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السبيل، وقد تقدم الكلام فى معنى: لله ولرسوله، وما معنى سهم اللهِ، وَسَهْمِ الرّسُولِ، وَلَوْلَا الْخُرُوجُ عَمّا صَمَدْنَا إلَيْهِ لَذَكَرْنَا سِرّا بَدِيعًا وَفِقْهًا عَجِيبًا فِي قوله تعالى: فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى باللام، ولم يقل ذلك فى
__________
(1) عمل جهال قلوبهم فى أكنة.
(2) ليس هذا من هدى الإسلام فى شىء، هذا وكان غزو القسطنطينة سنة 55.

(6/579)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَقَالَ: وَلِلرّسُولِ، وَقَالَ فِي أَوّلِ السورة قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ وَقَالَ فِي آيَةِ الْفَيْءِ مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ولم يقل: رسوله، وكل هذا الحكمة، وَحَاشَا لِلّهِ أَنْ يَكُونَ حَرْفٌ مِنْ التّنْزِيلِ خَالِيًا مِنْ حِكْمَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: قَسَمَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضَ خَيْبَرَ أَثْلَاثًا أَثْلَاثًا، السّلَالِمُ وَالْوَطِيحُ وَالْكَتِيبَةُ، فَإِنّهُ تَرَكَهَا لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يَعْرُوهُمْ، وَفِي هَذَا مَا يُقَوّي أَنّ الْإِمَامَ مُخَيّرٌ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ إنْ شَاءَ قَسَمَهَا أَخْذًا بِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةُ فَيُجْرِيهَا مَجْرَى الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ وَقَفَهَا كَمَا فَعَلَ عُمَرُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَخْذًا بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى إلَى قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاسْتَوْعَبَتْ آيَةُ الْفَيْءِ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ، فَسَمّى آيَةَ الْقُرَى فَيْئًا وَسَمّى الْأُخْرَى غَنِيمَةً، فَدَلّ عَلَى افْتِرَاقِهِمَا فِي الْحُكْمِ، كَمَا افْتَرَقَا فِي التّسْمِيَةِ، وَكَمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ مِنْهُمْ: مَنْ يَرَى قَسْمَ الْأَرْضِ كَمَا فَعَلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرِ، وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعِيّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَاهَا وَقْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِبَيْتِ مَالِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِتَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ افْتَرَقَ رَأْيُ الصّحَابَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الْبِلَادِ، فَكَانَ رَأْيُ الزّبَيْرِ الْقَسْمَ، فَكَلّمَ عَمْرَو بْنَ العاصى حين افتتح مصرفى قَسْمِهَا فَكَتَبَ عَمْرٌو بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: أَنْ دَعْهَا، وَلَا تَقْسِمْهَا، حَتّى يُجَاهِدَ مِنْهَا حَبَلُ الْحَبَلَةِ»
، وَقَدْ شرحنا هذه الكلمة فى
__________
(1) يريد: حتى يغزو منها أولاد الأولاد، ويكون عاما فى الناس والدواب، أى يكثر-

(6/580)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِي الْمَبْعَثِ قَبْلَ هَذَا بِأَجْزَاءِ، وَكَذَلِكَ اسْتَأْمَرَ عُمَرُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الصّحَابَةَ فِي قَسْمِ أَرْضِ السّوَادِ حِينَ اُفْتُتِحَتْ، فَكَانَ رَأْيُ عَلِيّ مَعَ رَأْيِ عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنْ يَقِفَهَا، وَلَا يَقْسِمَهَا، وَأَرْضُ السّوَادِ أَوّلُهَا مِنْ تُخُومِ الْمَوْصِلِ مَدَامِعُ الْمَاءِ إلَى عَبّادَانَ مِنْ السّاحِلِ عَنْ يَسَارِ دِجْلَةَ، وَفِي الْعَرْضِ مِنْ جِبَالِ حُلْوَانَ إلَى الْقَادِسِيّةِ مُتّصِلًا بِالْعُذَيْبِ مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ، كَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ: دَلَعَ الْبَرّ لِسَانَهُ فِي السّوَادِ، لأن أرض القادسية كلسان من الْبَرِيّةِ دَاخِلٌ فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، حَكَاهَا الطّبَرِيّ.
وَلَمّا سَارَ عُمَرُ إلَى الشّامِ، وَكَانَ بِالْجَابِيَةِ شَاوَرَ فِيمَا افْتَتَحَ مِنْ الشّامِ:
أَيَقْسِمُهَا؟ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: إنْ قَسَمْتهَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، فَأَخَذَ بِقَوْلِ مُعَاذٍ، فَأَلَحّ عَلَيْهِ بِلَالٌ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطَلَبُوا الْقَسْمَ، فَلَمّا أَكْثَرُوا، قَالَ: اللهُمّ اكْفِنِي بِلَالًا وَذَوِيهِ، فَلَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ، وَمِنْهُمْ عَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ، وَكَانَتْ أَرْضُ الشّامِ كُلّهَا عَنْوَةٌ إلّا مَدَائِنَهَا، فَإِنّ أَهْلَهَا صَالَحُوا عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَتَحَهَا عُمَرُ صُلْحًا بَعْدَ أَنْ وَجّهَ إلَيْهَا خَالِدَ بْنَ ثَابِتٍ الْفَهْمِيّ فَطَلَبُوا مِنْهُ الصّلْحَ، فَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ، وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَدِمَهَا، وَقَبِلَ صُلْحَ أَهْلِهَا. وَأَرْضُ السّوَادِ كُلّهَا عَنْوَةٌ إلّا الْحِيرَةَ فَإِنّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ صَالَحَ أهلها، وكذلك أرض باقيا «1»
__________
- المسلمون فيها بالتوالد، فإذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأولاد، أو يكون: أرد المنع من القسمة حيث علقه على أمر مجهول «النهاية لابن الأثير»
(1) هى أرض بالنجف دون الكوفة.

(6/581)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَيْضًا صُلْحٌ، وَأُخْرَى يُقَالُ لَهَا: اللّيسُ «1» . وَأَرْضُ خراسان عنوة إلّا رمذ، فَإِنّهَا قَلْعَةٌ مَنِيعَةٌ وَقِلَاعٌ سِوَاهَا، وَأَمّا أَرْضُ مِصْرَ، فَكَانَ اللّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَدْ اقْتَنَى بِهَا مَالًا وَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ أَيّوبَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، لِأَنّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ لَا تُشْتَرَى، وَكَانَ اللّيْثُ يَرْوِي عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا، وَكِلَا الْخَبَرَيْنِ حَقّ لِأَنّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا أَوّلَ، ثُمّ انْتَكَثَتْ بَعْدُ، فَأُخِذَتْ عَنْوَةً، فَمِنْ ههنا نَشَأَ الْخِلَافُ فِي أَمْرِهَا، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَدْ احْتَجّ مَنْ قَالَ بِالْقَسْمِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ بِأَنّ عُمَرَ لَمْ يَقِفْ أَرْضَ السّوَادِ وَغَيْرِهَا حَتّى اسْتَطَابَ نَفُوسَ الْمُفْتَتِحِينَ لَهَا، وَأَعْطَاهُمْ حَتّى أَرْضَاهُمْ، وَرَوَوْا أَنّ أُمّ كُرْزٍ الْبَجَلِيّةَ سَأَلَتْ سَهْمَ أَبِيهَا فِي أَرْضِ السّوَادِ، وَأَبَتْ أَنْ تَتْرُكَهُ فَيْئًا، حَتّى أَعْطَاهَا عُمَرُ رَاحِلَةً وَقَطِيفَةً حَمْرَاءَ وَثَمَانِينَ دِينَارًا، وَكَذَلِكَ رَوَوْا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيّ فِي سَهْمِهِ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ نَحْوًا مِنْ هَذَا، وَقَالَ مَنْ يَحْتَجّ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ: إنّمَا تَرَضّى عُمَرُ جَرِيرًا، لِأَنّهُ كَانَ نَفَلَهُ تِلْكَ الْأَرْضَ، فَكَانَتْ مِلْكًا لَهُ، حَتّى مَاتَ، وَكَذَلِكَ أُمّ كُرْزٍ كَانَ سَهْمُ أَبِيهَا نَفْلًا أَيْضًا، جَاءَتْ بِذَلِكَ كُلّهِ الآثار الثابتة والله المستعان «2» .
__________
(1) فى معجم البكرى: أليس بضم الهمزة وتشديد اللام مع فتحها، وهى بلدة بالجزيرة وكذلك ضبطت فى المراصد، وقال: الموضع الذى فيه الوقعة بين المسلمين والفرس فى أول أرض العراق من ناحية البادية، وقيل: قرية من قرى الأنبار.
(2) يقول الإمام ابن القيم «ومن تأمل السير والمغازى حق التأمل تبين له أن خيبر إنما فتحت عنوة، وَأَنّ رَسُولَ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استولى على أرضها كلها بالسيف عنوة» ثم ساق الأدلة على هذا ثم قال: فالصواب-

(6/582)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَبُو نَبِقَةَ:
وَذَكَرَ فِيمَنْ قَسَمَ لَهُ يَوْمَ خَيْبَرَ أَبَا نَبِقَةَ قَسَمَ لَهُ خَمْسِينَ وَسْقًا، واسمه:
__________
- الذى لا شك فيه أنها فتحت عنوة، والإمام مخير فى أرض العنوة بين قسمها ووقفها، ووقف البعض، وقد فعل رسول الله «ص» الأنواع الثلاثة، فقسم قريظة والنضير، ولم يقسم مكة، وقسم شطر خيبر، وترك شطرها، وإنما قسمت- أى أرض خيبر- على ألف وثمانمائة سهم، لأنها كانت طعمة من الله لأهل الحديبية من شهد منهم، ومن غاب» ص 325 ح 2. زاد المعاد. ويقول- رحمه الله- فى مكان آخر: «وقد اختلف الفقهاء فى الفىء. هل كان ملكا لرسول الله «ص» يتصرف فيه كيف يشاء أو لم يكن ملكا له؟ على قولين فى مذهب أحمد وغيره. والذى تدل عليه سنته وهديه أنه كان يتصرف فيه بالأمر، فيضعه حيث أمره الله، ويقسمه على من أمر بقسمته عليهم، فلم يكن يتصرف فيه تصرف المالك بشهوته وإرادته، يعطى من أحب. ويمنع من أحب، وإنما كان يتصرف فيه تصرف العبد المأمور ينفذ ما أمره به سيده، ومولاه، فيعطى من أمر باعطائه، ويمنع من أمر بمنعه، وقد صرح، فقال: والله إنى لا أعطى أحدا، ولا أمنعه إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت، فكان عطاؤه ومنعه وقسمته بمجرد الأمر، فإن الله سبحانه خيره بين أن يكون عبدا رسولا وبين أن يكون ملكا رسولا، فاختار أن يكون عبدا رسولا، والفرق بينهما أن العبد الرسول لا يتصرف إلا بأمر سيده ومرسله، والملك الرسول له أن يعطى من يشاء، ويمنع من يشاء كما قال تعالى للملك الرسول سليمان (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) ص: 39، أى: أعط من شئت، وامنع من شئت، لا نحاسبك، وهذه المرتبة هى التى عرضت على نبينا «ص» فرغب عنها إلى ما هو أعلى منها، وهى رتبة العبودية المحضة التى يكون تصرف صاحبها فيها مقصورا على أمر السيد فى كل دقيق وجليل» ص 467 ح 4 زاد المعاد.

(6/583)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلْقَمَةُ بْنُ الْمُطّلِبِ، وَيُقَالُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ الْفَرَضِيّ: أَبُو نَبِقَةَ بْنُ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاسْمُ أَبِي نَبِقَةَ: عَبْدُ اللهِ، ومن ولده: محمد بن القلاء بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَبِقَةَ، وَمِنْ وَلَدِهِ: أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُطّلِبِيّ إمَامُ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي نَبِقَةَ بْنِ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.
أُمّ الْحَكَمِ:
وَذَكَرَ فِيهِمْ أُمّ الْحَكَمِ، وَهِيَ بِنْتُ الزّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ أُخْتُ ضُبَاعَةَ، هَكَذَا قَالَ: أُمّ الْحَكَمِ، وَالْمَعْرُوفُ فِيهَا أَنّهَا أُمّ حَكِيمٍ، وَكَانَتْ تحت ربيعة ابن الْحَارِثِ، وَأَمّا أُمّ حَكَمٍ فَهِيَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، وَهِيَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقُلْت: إنّ ابْنَ إسْحَاقَ إيّاهَا أَرَادَ، لَكِنّهَا لَمْ تَشْهَدْ خَيْبَرَ، وَلَا كَانَتْ أَسْلَمَتْ بَعْدُ.
أُمّ رِمْثَةَ وَغَيْرُهَا:
وَذَكَرَ فِيمَنْ قَسَمَ لَهُ أُمّ رِمْثَةَ «1» ، وَلَا تُعْرَفُ إلّا بِهَذَا الْخَبَرِ، وشهودها فتح خيبر.
__________
(1) ذكرها ابن سعد، وزاد مع التمر خمسة أوسق من الشعير، ونسبها، فقال: أم رمثة بنت عمرو بن هاشم بن المطلب؛ بن عبد مناف، ويقال أم رميثة بالتصغير أسلمت وبايعت. وهى والدة حكيم والد القعقاع، وذكرها فيمن بايع النبى «ص» من المهاجرات «الإصابة» .

(6/584)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَذَكَرَ بُحَيْنَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ. وَبُحَيْنَةُ تَصْغِيرُ: بَحْنَةٍ، وَهِيَ نَخْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَفْظُهَا مِنْ الْبَحُونَةِ، وَهِيَ جُلّةُ التّمْرِ، وَهِيَ أُمّ عبد الله بن بُحَيْنَةَ الْفَقِيهِ، وَهُوَ ابْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ الْأَزْدِيّ.
الْقَسْمُ لِلنّسَاءِ مِنْ الْمَغْنَمِ:
وَفِي قَسْمِهِ لِهَؤُلَاءِ النّسَاءِ حُجّةٌ لِلْأَوْزَاعِيّ لِقَوْلِهِ: إنّ النّسَاءَ يُقْسَمُ لَهُنّ مَعَ الرّجَالِ فِي الْمَغَازِي، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَرَوْنَ لِلنّسَاءِ مَعَ الرّجَالِ قَسْمًا، وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُنّ مِنْ الْمَغْنَمِ أَخْذًا بِحَدِيثِ أُمّ عَطِيّةَ قَالَتْ: كُنّا نَغْزُو مَعَ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنُدَاوِي الْجَرْحَى، وَنُمَرّضُ الْمَرْضَى وَيُرْضَخُ لَنَا مِنْ الْمَغْنَمِ «1» .
الْمُصَافَحَةُ وَالْمُعَانَقَةُ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ قُدُومَ أَصْحَابِ السّفِينَةِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَفِيهِمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَنّ النبى صلى الله عليه وسلم التزمة وفبّل بين عينيه «2» ، وقد
__________
(1) الرضخ: العطية القليلة، وفى حديث عن ابن عباس «أن النبى «ص» كان يغزو بالنساء، فيداوين الجرحى، ويحذين من الغنيمة؛ وأما بسهم فلم يضرب لهن» أحمد ومسلم وأبو داود والترمذى وصححه. ويحذين: يعطين ولهذا قال الترمذى: إنه لا يسهم لهن عند أكثر أهل العلم، وهو قول سفيان الثورى والشافعى. وقال الخطابى عن قول الأوزاعى: أحسهه ذهب إلى حديث حشرج ابن زياد، وإسناده ضعيف لا تقوم به حجة.
(2) روى قصة أصحاب السفينة البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى مع اختلاف يسير وليس فى روايته الالتزام والتقبيل ولكنهما فى رواية البيهقى.

(6/585)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
احْتَجّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الثّوْرِيّ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي جَوَازِ الْمُعَانَقَةِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنّهُ خُصُوصٌ بِالنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ سُفْيَانُ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ أَظْهَرُ، وَقَدْ الْتَزَمَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ مَكّةَ. وَأَمّا الْمُصَافَحَةُ بِالْيَدِ عِنْدَ السّلَامِ ففيها أحاديث منها قَوْلُهُ عَلَيْهِ السلام: تمام تحيّتكم المصافحة، ومنها حَدِيثٌ آخَرُ أَنّ أَهْلَ الْيَمَنِ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ صَافَحُوا النّاسَ بِالسّلَامِ، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنّ أَهْلَ الْيَمَنِ قَدْ سَنّوا لَكُمْ الْمُصَافَحَةَ، ثُمّ نَدَبَ إلَيْهَا بِلَفْظِ لَا أَذْكُرُهُ الْآنَ غَيْرَ أَنّ مَعْنَاهُ: تَنْزِلُ عليها مائة رحمة تسعون منها للبادىء «1» ، وَعَنْ مَالِكٍ فِيهَا رِوَايَتَانِ: الْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ، وَلَا أدرى ما وجه الكراهية فى ذلك.
__________
(1) روى الطبرانى بإسناد فيه نظر إلى أبى هريرة قال: قال رسول الله «ص» «إن المسلمين إذا التقيا، فتصافحا؛ وتساءلا أنزل الله بينهما مائة رحمة تسعة وتسعين لأبشهما وأطلقهما وجها، وأبرهما، واحسنهما مسألة بأخيه» وروى البزار بسنده عن عمر بن الخطاب إذا التقى الرجلان المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه، فإن أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا لصاحبه، فإذا نصافحا نزلت عليهما مائة رحمة للبادى منها تسعون، وللمصافح عشرة. وفى المصافحة روى البخارى والترمذى عن قتادة قال: «قلت لأنس بن مالك رضى الله عنه: أكانت المصافحة فى أصحاب رسول الله «ص» ؟ قال: نعم» وروى الطبرانى بسنده إلى أنس قال: «كان أصحاب النبى «ص» إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا» ورواته محتج بهم فى الصحيح.

(6/586)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَدُ جَعْفَرٍ وَالنّجَاشِيّ:
وَكَانَ جَعْفَرٌ قَدْ وُلِدَ لَهُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مُحَمّدٌ وَعَوْنٌ وَعَبْدُ اللهِ، وَكَانَ النّجَاشِيّ قَدْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ يَوْمَ وُلِدَ عَبْدُ اللهِ، فَأَرْسَلَ إلَى جَعْفَرٍ يَسْأَلُهُ: كَيْفَ أَسْمَيْت ابْنَك؟ فَقَالَ: أَسْمَيْته عَبْدَ اللهِ، فَسَمّى النّجَاشِيّ ابْنَهُ عَبْدَ اللهِ، وَأَرْضَعَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ امْرَأَةُ جَعْفَرٍ مَعَ ابْنِهَا عَبْدِ اللهِ، فَكَانَا يَتَوَاصَلَانِ بِتِلْكَ الْأُخُوّةِ.
ضَبْطُ أَجْنَادِينَ:
وَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ، وَأَنّهُ اُسْتُشْهِدَ بِأَجْنَادِينَ، هَكَذَا تَقَيّدَ فِي الْأَصْلِ بِكَسْرِ الدّالِ وَفَتْحِ أَوّلِهِ، وَكَذَا سَمِعْت الشّيْخَ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ يَنْطِقُ بِهِ، وَقَيّدْنَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ طَاهِرٍ عَنْ أَبِي عَلِيّ الْغَسّانِيّ: إجْنَادِينَ بِكَسْرِ أَوّلِهِ وَفَتْحِ الدّالِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيّ فِي كِتَابِ مُعْجَمِ مَا اسْتَعْجَمَ: أَجْنَادِينَ بِفَتْحِ أَوّلِهِ، وَفَتْحِ الدّالِ، وَقَالَ كَأَنّهُ تَثْنِيَةُ أَجْنَادٍ.
الفارسية وَيَوْمُ الْهَرِيرِ:
وَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ التّيْمِيّ، وَأَنّهُ قُتِلَ بِالْقَادِسِيّةِ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ وَالْقَادِسِيّةُ آخِرُ أَرْضِ الْعَرَبِ، وَأَوّلُ أَرْضِ السّوَادِ، وَفِي أَيّامِهَا قُتِلَ رُسْتُمُ مَلِكُ الْفُرْسِ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيّامهَا يُسَمّى يَوْمَ الْهَرِيرِ، وَكَانَ قَدْ أَقْبَلَ بِالْفِيَلَةِ، وَجُمُوعٍ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَالْمُسْلِمُونَ فِي عَدَدٍ دُونِ الْعَشْرِ مِنْ عدد المجوس،

(6/587)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَكَانَ الظّفَرُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَيْهِمْ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقّاصٍ، وَخَبَرُهَا طَوِيلٌ يَشْتَمِلُ عَلَى أَعَاجِيبَ مِنْ فَتْحِ اللهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأُمّةِ اسْتَقْصَاهَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي كِتَابِ الْفُتُوحِ، ثُمّ الطّبَرِيّ بَعْدَهُ، وَسُمّيَتْ الْقَادِسِيّةُ بِرَجُلِ من الهراة، وَكَانَ كِسْرَى قَدْ أَسْكَنَهُ بِهَا اسْمُهُ: قَادِسٌ، وقيل: سميت بِقَوْمِ نَزَلُوهَا مِنْ قَادِسٍ، وَقَادِسٌ بِخُرَاسَانَ، وَأَمّا الْقَادِسُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، فَمِنْ أَسْمَاءِ السّفِينَةِ «1» .
عَنْ بَعْضِ الْقَادِمِينَ مِنْ الْحَبَشَةِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ فِيمَنْ قَدِمَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ هِشَامَ بْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَاسْمُ أَبِي حُذَيْفَةَ مهشّم، وذكر
__________
(1) ما ذكره عن قادس أخذه عن البكرى، وقد بدأ أمر القادسية- كما روى الطبرى- فى السنة الرابعة عشرة من الهجرة وقيل سنة 16، فى عهد عمر وقد زحف فيها رستم القائد بستين ألفا وقيل 120 ألفا، وكان المسلمون إثنى عشر ألفا أو عشرة آلاف، وكان مع رستم ثلاثة وثلاثون قيلا وقيل: ثلاثون. وسميت ليلة الهرير ياسمها هذا؛ لأن المقاتلين اجتلدوا فى تلك الليلة من أولها حتى الصباح لا ينطقون كلامهم الهرير. وقد قتل فيها من المسلمين قرابة نصفهم، وحطم جيش كسرى وقتل رستم، واقتحم المسلمون القادسية صدر النهار- الذى أعقب ليلة الهرير، وقد أتت الصلاة وقد أصيب المؤذن فتشاح الناس فى الأذان حتى كادوا أن يجتلدوا بالسيوف فأقرع سعد بينهم. فخرج سهم رجل. فأذن، وقيل- كما روى الواقدى- كان قتال القادسية الخميس والجمعة وليلة السبت، وهى ليلة الهرير. أنظر الطبرى ج 3 ص 480 إلى ص 597 وانظر فتوح البلدان ص 268. إن قوما يكادون يجتلدون بالسيوف من أجل الأذان. ولا ينسون الصلاة لا بد أن ينتصر الله لهم.

(6/588)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْوَاقِدِيّ هِشَامًا. هَذَا فِيمَنْ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ غَيْرَ أَنّهُ قَالَ فِيهِ: هَاشِمٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَلَا أَبُو مَعْشَرٍ فِي الْقَادِمِينَ مِنْ الْحَبَشَةِ.
وَذَكَرَ فِيمَنْ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ، وَأَنّهُ الّذِي أَرْسَلَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى كِسْرَى.
وَذَكَرَ أَيْضًا سَلِيطَ بْنَ عَمْرٍو، وَأَنّهُ كَانَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيّ الْحَنَفِيّ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ.
فَأَمّا كِسْرَى فَهُوَ أبرويز بْنُ هُرْمُزَ بن أنو شروان، وَمَعْنَى أبرويز الْمُظَفّرُ فِيمَا ذَكَرَ الْمَسْعُودِيّ، وَهُوَ الّذِي كَانَ غَلَبَ الرّومَ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ فِي قِصّتِهِمْ:
الم «1» غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَأَدْنَى الْأَرْض هِيَ بُصْرَى وَفِلَسْطِينُ، وَأَذْرِعَاتُ «2» مِنْ أرض الشام، قاله الطبرى.
معه رُسُلِ النّبِيّ إلَى الْمُلُوكِ وَالرّؤَسَاءِ:
وَذَكَرَ أَبُو رِفَاعَةَ وَثِيمَةُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفُرَاتِ، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ عَلَى كِسْرَى قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْفُرْسِ إنّكُمْ عِشْتُمْ بِأَحْلَامِكُمْ لِعِدّةِ أَيّامِكُمْ بِغَيْرِ نَبِيّ، وَلَا كِتَابٍ، وَلَا تَمَلّكٍ مِنْ الْأَرْضِ إلّا مَا فِي يَدَيْك، وَمَا لَا تَمْلِكُ مِنْهَا أَكْثَرُ، وَقَدْ مَلَكَ قَبْلَك مُلُوكٌ أَهْلُ دُنْيَا وَأَهْلُ آخِرَةٍ، فَأَخَذَ أهل الآخرة
__________
(1) تقرأ هكذا: ألف لام ميم.
(2) قال الخليل: هى منسوبة إلى أذرع مكان أيضا. قال: ومن كسر الألف لم يصرفها، ومن فتحها صرفها.

(6/589)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِحَظّهِمْ مِنْ الدّنْيَا، وَضَيّعَ أَهْلُ الدّنْيَا حَظّهُمْ مِنْ الْآخِرَةِ، فَاخْتَلَفُوا فِي سَعْيِ الدّنْيَا، وَاسْتَوَوْا فِي عَدْلِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ صَغّرَ هَذَا الْأَمْرَ عِنْدَك أَنّا أَتَيْنَاك بِهِ، وَقَدْ وَاَللهِ جَاءَك مِنْ حَيْثُ خِفْت، وَمَا تَصْغِيرُك إيّاهُ بِاَلّذِي يَدْفَعُهُ عَنْك، وَلَا تَكْذِيبُك بِهِ بِاَلّذِي يُخْرِجُك مِنْهُ، وَفِي وَقْعَةِ ذِي قَارٍ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ، فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَمَزّقَهُ، ثُمّ قَالَ: لِي ملك هنىء لا أخثى أَنْ أُغْلَبَ عَلَيْهِ، وَلَا أُشَارَكَ فِيهِ، وَقَدْ مَلَكَ فِرْعَوْنُ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَلَسْتُمْ بِخَيْرِ مِنْهُمْ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْلِكَكُمْ، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، فَأَمّا هَذَا الْمُلْكُ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنّهُ يَصِيرُ إلَى الْكِلَابِ، وَأَنْتُمْ أُولَئِكَ تَشْبَعُ بُطُونُكُمْ، وَتَأْبَى عُيُونُكُمْ، فَأَمّا وَقْعَةُ ذِي قَارٍ، فَهِيَ بِوَقْعَةِ الشّامِ. فَانْصَرَفَ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ. وَإِنّمَا خَصّ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدَ اللهِ بْنَ حُذَافَةَ بِإِرْسَالِهِ إلَى كِسْرَى، لِأَنّهُ كَانَ يَتَرَدّدُ عَلَيْهِمْ كَثِيرًا وَيَخْتَلِفُ إلَى بِلَادِهِمْ، وَكَذَلِك سَلِيطُ بْنُ عَمْرٍو كَانَ يَخْتَلِفُ إلَى الْيَمَامَةِ، قَالَ وَثِيمَةُ: لَمّا قَدِمَ سَلِيطُ بْنُ عَمْرٍو الْعَامِرِيّ عَلَى هَوْذَةَ، وَكَانَ كِسْرَى قَدْ تَوَجّهَ، قَالَ: يَا هَوْذَةُ إنّك سَوّدَتْك «1» أَعْظُمٌ حَائِلَةٌ، وَأَرْوَاحٌ فِي النّارِ، وَإِنّمَا السّيّدُ مَنْ مُنّعَ بِالْإِيمَانِ ثُمّ زُوّدَ التّقْوَى، وَإِنّ قَوْمًا سَعِدُوا بِرَأْيِك فَلَا تَشْقَ بِهِ، وَإِنّي آمِرُك بِخَيْرِ مَأْمُورٍ بِهِ، وَأَنْهَاك عَنْ شَرّ مَنْهِيّ عَنْهُ، آمُرُك بِعِبَادَةِ اللهِ، وَأَنْهَاك عَنْ عِبَادَةِ الشّيْطَانِ، فَإِنّ فِي عِبَادَةِ اللهِ الْجَنّةَ وَفِي عِبَادَةِ الشيطان النار، فإن قبلت نلت مارجوت، وَأَمِنْت مَا خِفْت، وَإِنْ أَبَيْت فَبَيْنَنَا وَبَيْنَك كَشْفُ الْغِطَاءِ، وَهَوْلُ الْمَطْلَعِ «2» ، فَقَالَ هَوْذَةُ: يَا سَلِيطُ سَوّدَنِي مَنْ لَوْ سَوّدَك شَرُفْت بِهِ، وقد
__________
(1) فى الأصل: إنه سودت: والتصويب من المواهب ص 355 ح 3.
(2) فى الأصل: وهو المطلع، والتصويب من المرجع السابق.

(6/590)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَانَ لِي رَأْيٌ أَخْتَبِرُ بِهِ الْأُمُورَ، فَفَقَدْته فَمَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِي هَوَاءٌ، فَاجْعَلْ لِي فُسْحَةً يَرْجِعُ إلَيّ رَأْيِي، فَأُجِيبُك بِهِ إنْ شَاءَ الله. قال: ومن شعر عبد الله ابن حُذَافَةَ فِي رِسَالَتِهِ إلَى كِسْرَى وَقُدُومِهِ عَلَيْهِ:
أَبَى اللهُ إلّا أَنّ كِسْرَى فَرِيسَةٌ ... لِأَوّلِ دَاعٍ بِالْعِرَاقِ مُحَمّدَا
تَقَاذَفَ فِي فُحْشِ الْجَوَابِ مُصَغّرًا ... لِأَمْرِ الْعَرِيبِ الْخَائِضِينَ لَهُ الرّدَى
فَقُلْت لَهُ: أَرْوِدْ، فَإِنّك دَاخِلٌ ... مِنْ الْيَوْمِ فِي الْبَلْوَى وَمُنْتَهَبٌ غَدَا
فَأَقْبِلْ وَأَدْبِرْ حَيْثُ شِئْت، فَإِنّنَا ... لَنَا الْمُلْكُ فَابْسُطْ لِلْمُسَالَمَةِ الْيَدَا
وَإِلّا فَأَمْسِكْ قَارِعًا سِنّ نَادِمٍ ... أَقَرّ يُذِلّ الْخَرْجَ أومت مُوَحّدَا
سَفِهْت بِتَمْزِيقِ الْكِتَابِ، وَهَذِهِ ... بِتَمْزِيقِ مُلْكِ الْفُرْسِ يَكْفِي مُبَدّدَا
وَقَالَ هَوْذَةُ بْنُ عَلِيّ فِي شَأْنِ سَلِيطٍ:
أَتَانِي سَلِيطُ وَالْحَوَادِثُ جَمّةٌ ... فَقُلْت لَهُمْ: مَاذَا يَقُولُ سَلِيطُ؟
فَقَالَ الّتِي فِيهَا عَلَيّ غَضَاضَةٌ ... وَفِيهَا رَجَاءٌ مُطْمِعٌ وَقُنُوطُ
فَقُلْت لَهُ: غَابَ الّذِي كُنْت أَجْتَلِي ... بِهِ الْأَمْرَ عَنّي فَالصّعُودُ هُبُوطُ
وَقَدْ كَانَ لِي وَاَللهُ بَالِغُ أَمْرِهِ ... أَبَا النّضْرِ جَأْشٌ فِي الْأُمُورِ رَبِيطُ
فَأَذْهَبَهُ خَوْفُ النّبِيّ مُحَمّدٍ ... فَهَوْذَةُ فَهّ فِي الرّجَالِ سَقِيطُ
فَأَجْمَعُ أَمْرِي مِنْ يَمِينٍ وَشَمْأَلٍ ... كَأَنّي رُدُودٌ لِلنّبَالِ لَقِيطُ
فَأَذْهَبَ ذَاكَ الرّأْيَ إذْ قَالَ قَائِلٌ ... أَتَاك رَسُولٌ لِلنّبِيّ خَبِيطُ
رَسُولُ رَسُولِ اللهِ رَاكِبُ نَاضِحٍ ... عَلَيْهِ مِنْ أَوْبَارِ الْحِجَازِ غَبِيطُ

(6/591)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سَكَرْت وَدَبّتْ فِي الْمَفَارِقِ وَسْنَةٌ ... لَهَا نَفَسٌ عَالِي الْفُؤَادِ غَطِيطُ
أُحَاذِرُ مِنْهُ سَوْرَةٌ هَاشِمِيّةٌ ... فَوَارِسُهَا وَسْطَ الرّجَالِ عَبِيطُ
فَلَا تُعَجّلْنِي يَا سَلِيطُ فَإِنّنَا ... نُبَادِرُ أَمْرًا وَالْقَضَاءُ مُحِيطُ
وَسَنَذْكُرُ بَقِيّةَ إرْسَالِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُلُوكِ، وَمَا قَالُوا، وَمَا قِيلَ لَهُمْ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللهُ.
حَدِيثُ النّوْمِ عَنْ الصّلَاةِ:
وَذَكَرَ حَدِيثَ نَوْمِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ الصّلَاةِ مَقْفَلَهُ مِنْ خَيْبَرَ، وَهَذِهِ الرّوَايَةُ أَصَحّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ فِي غَزَاةِ حُنَيْنٍ، وَمَنْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ لِلْحَدِيثِ كَانَ ذَلِكَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخَالِفِ لِلرّوَايَةِ الْأُولَى، وَأَمّا رِوَايَةُ ابْنِ إسْحَاقَ لِلْحَدِيثِ عَنْ الزّهْرِيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ مُرْسَلًا، فَهَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الزّهْرِيّ، وَرَوَاهُ عَنْهُ صَالِحُ ابن أَبِي الْأَخْضَرِ، وَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَهُ التّرْمِذِيّ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ:
قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ الزّهْرِيّ مُسْنَدًا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَعْمَرٌ مِنْ طَرِيقِ أَبَانِ الْعَطّارِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ مُسْنَدًا أَيْضًا، وَذَكَرَ فِيهِ هُوَ وَأَبَانُ الْعَطّارُ أَنّهُ أَذّنَ، وَأَقَامَ فِي تِلْكَ الصّلَاةِ حِينَ خَرَجَ مِنْ الْوَادِي «1» ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَذَانَ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيثِ إلّا قليل.
__________
(1) حديث توكيل بلال بالفجر رواه مسلم أيضا وابن ماجة. وقد روى قصة النوم عن صلاة الصبح عمران بن حصين ولم يذكر فى أى غزوة كانت، ولم يوقت مدتها. وروى مالك عن زيد بن أسلم أن ذلك كان بطريق مكة وهذا مرسل، وقيل إنها كانت فى غزوة تبوك. وقيل إن الحارس فى قصة النوم كان ابن مسعود.

(6/592)


تم بحمد الله الجزء السادس، ويليه الجزء السابع ان شاء الله تعالى وأوله: عمرة القضاء

(6/593)


تصحيح الكتاب انتدبت للتدريس فى قسم الدراسات الإسلامية العليا بكلية الشريعة بمكة المكرمة، فتولى تصحيح الكتاب الأخ الفاضل محمود غانم غيث، فله جزيل شكرى على مجهوده السخى الكريم؟
عبد الرحمن الوكيل

(6/595)


فهرس الجزء السادس من الروض الأنف
ص 5 مقدمة الجزء السادس
7 قتل الرسول لأبى بن خلف «س» «1»
8 شِعْرُ حَسّانَ فِي مَقْتَلِ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ «س»
8 انتهاء الرسول إلى الشعب «س»
9 حِرْصُ ابْنِ أَبِي وَقّاصٍ عَلَى قَتْلِ عُتْبَة «س»
9 صعود قريش الجبل وقتال عمر لهم «س»
9 ضَعْفُ الرّسُولِ عَنْ النّهُوضِ وَمُعَاوَنَةُ طَلْحَةَ لَهُ «س»
10 صلاة الرسول قاعدا «س»
10 مقتل اليمان وابن وقش «س»
11 مقتل حاطب ومقالة أبيه «س»
12 مَقْتَلُ قُزْمَانَ مُنَافِقًا كَمَا حَدّثَ الرّسُولُ بِذَلِكَ «س»
12 قتل مخيريق «س»
12 أمر الحارث بن سويد «س»
13 تحقيق ابن هشام فيمن قتل المجذر «س»
14 أمر أصيرم «س»
14 مقتل عمرو بن الجموح «س»
ص 15 هند وتمثيلها بحمزة «ش»
16 شِعْرُ هِنْدَ بِنْتِ أُثَاثَةَ فِي الرّدّ عَلَى هند بنت عتبة «س»
16 شعر لهند بنت عتبة أيضا «س» 16 تَحْرِيضُ عُمَرَ لِحَسّانَ عَلَى هَجْوِ هِنْدَ بِنْتِ عتبة «س»
17 اسْتِنْكَارُ الْحُلَيْسِ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ تَمْثِيلَهُ بِحَمْزَةِ «س»
17 شَمَاتَةُ أَبِي سُفْيَانَ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أُحُدٍ وَحَدِيثُهُ مع عمر «س»
18 توعد أبى سفيان المسلمين «س»
18 خروج على فى آثار المشركين «س»
19 أمر القتلى بأحد «س»
20 حُزْنُ الرّسُولِ عَلَى حَمْزَةَ وَتَوَعّدُهُ الْمُشْرِكِينَ بِالْمُثْلَةِ «س»
21 ما نزل فى النهى عن المثلة «س»
21 صلاة الرسول على حمزة والقتلى «س»
21 صفية وحزنها على حمزة «س»
22 دَفْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ مَعَ حَمْزَةَ «س»
__________
(1) «س» رمز عن السيرة. و «ن. ل» رمز عن النحو واللغة. و «ش» رمز عن الشرح وأما الروض فبدون رمز.

(6/597)


ص 22 دفن الشهداء «س»
23 حزن حمنة على حمزة «س»
24 بكاء نساء الأنصار على حمزة «س»
24 شأن المرأة الدينارية «س»
25 غسل السيوف «س»
26 خروج الرسول فى أثر العدو ليرهبه «س»
27 مثل استماتة من المسلمين فى نصرة الرسول «س»
27 استعمال ابن أم مكتوم على المدينة «س»
28 شأن معبد الخزاعى «س»
29 رِسَالَةُ أَبِي سُفْيَانَ إلَى الرّسُولِ عَلَى لِسَانِ ركب «س»
29 كَفّ صَفْوَانَ لِأَبِي سُفْيَانَ عَنْ مُعَاوَدَةِ الْكَرّةِ «س»
30 مقتل أبى عزة ومعاوية ابن المغيرة «س»
30 مقتل معاوية بن المغيرة «س»
31 شَأْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيّ بَعْدَ ذَلِكَ «س»
31 كان يوم أحد محنة «س»
32 قتل الرسول لأبى بن خلف
32 حول عين قتادة
34 حول نسب حذيفة اليمانى
35 الهامة والظمأ
ص 36 حول بعض رجال أحد
36 ابن الجموح
37 حكم (من) والساكن بعدها «ن. ل»
37 لكاع ولكع «ن، ل»
40 الرسول يسأل عن ابن الربيع
40 حميد الطويل وطلحة الطلحات
41 أحاديث المثلة والنهى عنها «ش»
42 الصلاة على الشهداء
44 عبد الله بن جحش المجدع
46 حديث عمر وأبى سفيان
47 حديث مخيريق وأول وقف فى الإسلام.
48 غزوة حمراء الأسد
50 أبو عزة الجمحى
51 قول لعبد الله بن أبى
52 ذِكْرُ مَا أَنْزَلَ اللهُ فِي أُحُدٍ مِنْ القرآن «س» .
53 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س»
55 النهى عن الربا «س»
56 الحض على الطاعة «س»
57 ذكر ما أصابهم وتعزيتهم عنه «س» .
58 دعوة الجنة للمجاهدين «س»
59 ذكره أن الموت باذن الله

(6/598)


ص 59 ذِكْرُ شَجَاعَةِ الْمُجَاهِدِينَ مِنْ قَبْلُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ «س» .
60 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س» .
61 تحذيره إياهم من إطاعة الكفار «س» .
63 تأنيبه إياهم لفرارهم عن نبيهم «س» .
64 تَحْذِيرُهُمْ أَنْ يَكُونُوا مِمّنْ يَخْشَوْنَ الْمَوْتَ فِي الله «س» .
65 ذكره رحمة الرسول عليهم «س»
66 ما نزل فى الغلول «س»
66 فضل الله على الناس ببعث الرسل «س» .
67 ذكره المصيبة التى أصابتهم «س»
68 الترغيب فى الجهاد «س»
69 مصير قتلى أحد «س»
71 ذكر من خرجوا على الرسول إلى حمراء الأسد «س» .
72 ذكر من استشهد بأحد من المهاجرين «س» .
72 من بنى هاشم «س»
72 من بنى أمية «س»
72 من بنى عبد الدار «س»
72 من بنى مخزوم «س»
73 من الأنصار «س»
73 من راتج «س»
74 من بنى ظفر «س»
74 من بنى ضبيعة «س»
74 من بنى عبيد «س»
74 من بنى السلم «س»
75 من بنى العجلان «س»
75 من بنى معاوية «س»
75 من بنى النجار «س»
75 من بنى مبذول «س»
75 من بنى عمرو «س»
76 من بنى عدى «س»
76 من بنى مازن «س»
76 من بنى دينار «س»
76 من بنى الحارث «س»
76 من بنى الأبجر «س»
77 من بنى ساعدة «س»
77 من بنى طريف «س»
77 من بنى عوف «س»
78 من بنى الحبلى «س»
78 من بنى سلمة «س»
78 من بنى سواد «س»
78 من بنى زريق «س»
79 عدد الشهداء «س»
79 من بنى معاوية «س»
79 من بنى خطمة «س»
79 من بنى الخزرج «س»

(6/599)


79 من بنى عمرو «س»
79 من بنى سالم «س»
80 ذِكْرُ مَنْ قُتِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ «س»
80 من بنى عبد الدار «س»
81 من بنى أسد «س»
81 من بنى زهرة «س»
81 من بنى مخزوم «س»
81 من بنى جمح «س»
82 من بنى عامر «س»
82 عدد قتلى المشركين «س»
82 تَفْسِيرُ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ فِي أُحُدٍ
83 معنى اتخذ «ن. ل»
84 أدلة على صحة خلافة أبى بكر
85 ربيون ورفعها فى الآية «ن. ل»
86 من تفسير أيات أحد
87 حكم الغلول
89 الشهادة والشهداء
93 أرواح الشهداء «ش»
97 إغفال ابن إسحاق نسب عبيد ابن التيهان
98 أبو حنة أو حبة
99 ذِكْرُ مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ يَوْمَ أُحُدٍ «س»
99 شعر هبيرة «س»
100 شعر حسان فى الرد على هبيرة «س»
101 شعر كعب فى الرد على هبيرة «س»
104 شعر لابن الزبعرى «س»
105 رد حسان على ابن الزبعرى «س»
106 شِعْرُ كَعْبٍ فِي بُكَاءِ حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ «س»
107 شعر ضرار فى الرد على كعب «س»
108 شعر ابن الزبعرى فى يوم أحد «س»
109 شِعْرُ حَسّانٍ فِي الرّدّ عَلَى ابْنِ الزّبَعْرَى «س»
111 شِعْرُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي يَوْمِ أُحُدٍ «س»
111 شعر كعب فى الرد على ابن العاصى
112 شعر ضرار فى يوم أحد «س»
113 شعر عمرو فى يوم أحد «س»
114 شعر كعب فى الرد على عمير بن العاصى «س»
115 شعر حسان فى أصحاب اللواء «س»
117 شعر حسان فى قتلى يوم أحد «س»
120 شعر حسان فى بكاء حمزة «س»
121 شعر كعب فى بكاء حمزة «س»
123 شعر كعب فى أحد «س»
125 شعر ابن رواحة فى بكاء حمزة «س»
126 شعر كعب فى أحد «س»
127 شعر ضرار فى أحد «س»

(6/600)


128 رجز أبى زعنة يوم أحد «س»
128 رجز ينسب لعلى فى يوم أحد «س»
129 رجز عكرمة فى يوم أحد «س»
129 شِعْرُ الْأَعْشَى التّمِيمِيّ فِي بُكَاءِ قَتْلَى بَنِي عبد الدار يوم أحد «س»
130 شعر صفية فى بكاء حمزة «س»
131 شعر نعم فى بكاء شماس «س»
131 شعر أبى الحكم فى تعزية نعم «س»
132 شعر هند بعد عودتها من أحد «س»
132 شَرْحُ مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ مِنْ الأشعار
133 حول جمع ندى وأسماء الشهور «ن. ل»
135 شرح شعر كعب
137 إقرار الجاهلية بالقدر
138 شِعْرُ حَسّانَ يَرُدّ بِهِ عَلَى ابْنِ الزّبَعْرَى
139 متى يضر حذف حرف الجر؟
«ن. ل»
140 عود إلى شعر حسان
140 شعر كعب بن مالك
142 من شعر حسان
140 شعر كعب بن مالك
143 فى شعر عمرو بن العاص
144 شعر كعب
145 أجود ما قال حسان
147 شعر ابى علاط
148 شعر حسان الحائى
151 شعر حسان اللامى
151 ترك تنوين العلم للضرورة «ن. ل»
152 شعر كعب
152 قصيدة كعب الزائية
153 نونية كعب
259 شعر ضرار
160 رجز عكرمة
160 شعر نعيم
160 شعر كعب اللامى
162 ذكر يوم الرجيع «س»
162 فى سنة ثلاث مقتل خبيب وأصحابه «س»
163 نسب عضل والقارة «س»
164 مقتل مرثد وابن البكير وعاصم «س»
164 حماية الدبر لعاصم «س»
165 مصرع خبيب وابن طارق وابن الدثنة «س»
166 مثل من وفاء ابن الدثنة للرسول «س»
166 مقتل خبيب وحديث دعوته «س»
168 مَا نَزَلَ فِي سَرِيّةِ الرّجِيعِ مِنْ الْقُرْآنِ «س»

(6/601)


169 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س»
170 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س» .
170 شعر خبيب حين أريد صلبه «س» .
171 شعر حسان فى بكاء خبيب «س»
173 من اجتمعوا لقتل خبيب «س»
173 شِعْرُ حَسّانٍ فِي هِجَاءِ هُذَيْلٍ لِقَتْلِهِمْ خُبَيْبًا «س» .
176 شعر حسان فى بكاء خبيب وأصحابه «س»
177 حديث بئر معونة «س»
177 سبب إرسال بعث بئر معونة «س» .
177 رجال البعث «س»
178 عامر يقتل صحابيا «س»
179 قتل العامرين «س»
180 كراهية الرسول عمل أبى براء «س»
180 ابن فهيرة والسماء «س»
180 سبب إسلام ابن سلمى «س»
181 شِعْرُ حَسّانٍ فِي تَحْرِيضِ بَنِي أَبِي بَرَاءٍ على عامر «س»
181 نسب حكم وأم البنين «س»
181 طعن ربيعة لعامر «س»
181 مَقْتَلُ ابْنِ وَرْقَاءَ وَرِثَاءُ ابْنِ رَوَاحَةَ لَهُ «س»
182 شِعْرُ حَسّانٍ فِي بُكَاءِ قَتْلَى بِئْرِ مَعُونَةَ «س»
182 شعر كعب فى يوم بئر معونة «س»
183 نسب القرطاء «س»
183 مقتل خبيب وأصحابه
189 ذكر قصة عاصم
190 مقتل حجر بن عدى
191 لقاء عائشة ومعاوية «ش»
192 لم صارت صلاة خبيب سنة؟
193 مَا أَنَزَلَ اللهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي حَقّ خبيب وأصحابه
197 عدس فى شعر حسان فى خبيب.
197 دعوة خبيب على قاتليه
198 ابن كهيبة فى شعر حسان
199 حول العلم ومنعه من التنوين مع الخفض «ن. ل» .
200 اشتقاق اسم خبيب وهذيل «ن. ل» .
201 سالت بدون همزة «ن. ل»
201 خبر بئر معونة
202 ملاعب الأسنة وإخواته ومعوذ الحكماء.
203 شعر لبيد عن ملاعب وإخواته أمام النعمان.

(6/602)


205 مصير ابن فهيرة
205 أم البنين الأربعة
206 الزبان أو الريان
206 القرطاء
206 شىء منسوخ
208 أَمْرُ إجْلَاءِ بَنِي النّضِيرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ «س»
208 بنو النضير يأتمرون بالرسول صلى الله عليه وسلم «س»
209 الله يعلم نبيه بما دبروا «س»
210 حصار الرسول النبى النضير «س»
210 تحريض الرهط لهم ثم محاولتهم الصلح «س»
210 من هاجر منهم إلى خيبر «س»
211 تقسيم الرسول أموالهم بين المهاجرين «س»
211 من أسلم من بنى النضير «س»
211 تحريض يامين على قتل ابن جحاش «س»
212 ما نزل فى بنى النضير من القرآن «س»
212 تفسير بن هشام لبعض الغريب «س»
214 مَا قِيلَ فِي بَنِي النّضِيرِ مِنْ الشّعْرِ «س»
217 شعر كعب فى إجلاء بنى النضير وقتل ابن الأشرف «س»
218 شعر سماك فى الرد على كعب «س»
219 شعر ابن مرادس فى امتداح رجال بنى النضير «س»
219 شِعْرُ خَوّاتٍ فِي الرّدّ عَلَى ابْنِ مِرْدَاسٍ «س»
220 شِعْرُ ابْنِ مِرْدَاسٍ فِي الرّدّ عَلَى خَوّاتٍ «س»
221 شِعْرٌ لِكَعْبِ أَوْ ابْنِ رَوَاحَةَ فِي الرّدّ على ابن مرداس «س»
221 غزوة ذات الرقاع فى سنة أربع «س»
222 لم سميت بذات الرقاع؟ «س»
222 صلاة الخوف
223 هم غورث بن الحارث بقتل الرسول «س»
224 قصة جمل جابر «س»
226 ابْنُ يَاسِرٍ وَابْنُ بِشْرٍ، وَقِيَامُهُمَا عَلَى حِرَاسَةِ جيش الرسول، وما أصببا به «س»
227 رجوع الرسول «س»
228 غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ «س»
228 خروج الرسول «س»
228 استعماله ابن أبى على المدينة «س»
228 رجوع أبى سفيان فى رجاله «س»
228 الرسول ومخشى الضمرى «س»

(6/603)


ص 229 معبد وشعره فى ناقة للرسول هوت «س»
229 شِعْرٌ لِابْنِ رَوَاحَةَ أَوْ كَعْبٍ فِي بَدْرٍ «س»
230 شعر حسان فى بدر «س»
230 شعر أبي سفيان في الرد على حسان «س»
232 غزوة بنى النضير وما نزل فيها
232 قطع اللينة وتأويله.
233 حول أول سورة الحشر
236 الكاهنان
236 خروج بنى النضير إلى خيبر
237 صاحبة عروة بن الورد
241 غزوة ذات الرقاع
242 صلاة الخوف
244 رفع المنصوب «ن. ل»
246 مُسَاوَمَةُ جَابِرٍ فِي جَمَلِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الفقه
247 شُعَيْبٌ لَا يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ وَإِنّمَا عَنْ جده
248 الحكمة من مساومة النبى لجابر
249 سياقه الحديث عن عمرو بن عبيد
250 عمرو بن عبيد
151 تعريف ابن تيمية للقدرية «ش»
253 وقعة الحرة وموقف الصحابة منها
ص 256 معنى الربيئة «ن. ل»
257 فقه الحديث
257 حَوْلَ رَجَزِ مَعْبَدٍ وَشِعْرِ حَسّانَ وَأَبِي سُفْيَانَ
260 غزوة دومة الجندل «س»
260 غزوة الخندق «س»
261 اليهود تحرض قريشا «س»
262 اليهود تحرض غطفان «س»
262 خروج الأحزاب من المشركين «س»
262 حفر الخندق وتخاذل المنافقين وجد المؤمنين «س»
263 ما نزل فى حق العاملين فى الخندق «س»
264 تفسير بعض الغريب «س»
264 المسلمون يرتجزون فى الحفر «س»
265 الآيات التى ظهرت فى حفر الخندق «س»
268 تحريض حيى بن أخطب لكعب ابن أسد «س»
269 التحرى عن نقض كعب للعهد «س»
270 ظهور نفاق المنافقين واشتداد خوف المسلمين «س»
270 أكان معتب منافقا؟ «س»
271 الهم بعقد الصلح مع غطفان «س»

(6/604)


ص 272 عبور نفر من المشركين الخندق «س»
272 سلمان وإشارته بحفر الخندق «س»
273 مبارزة على لعمرو بن عبدود «س»
274 شعر حسان فى عكرمة «س»
274 شعار المسلمين يوم الخندق «س»
274 حديث سعد بن معاذ «س»
275 من قاتل سعد؟ «س»
276 الحديث عن جبن حسان «س»
277 نعم يخذل المشركين «س»
280 تعريف ما حل بالمشركين «س»
281 أبو سفيان ينادى بالرحيل «س»
282 الانصراف عن الخندق «س»
282 غزوة بنى قريظة «س»
282 الأمر الإلهى بحرب بنى قريظة «س»
282 على يبلغ الرسول ما سمعه من بنى قريظة «س»
283 جبريل فى صورة دحية «س» .
283 تلاحق الناس بالرسول «س»
284 الحصار «س»
284 نصيحة كعب بن أسد لقومه «س»
285 قصة أبى لبابة «س»
286 توبة الله على أبى لبابة «س»
287 إسلام بعض بنى هدل «س»
287 عمرو بن سعدى «س»
ص 288 تحكيم سعد فى أمر بنى قريظة ورضاء الرسول به «س»
290 تنفيذ الحكم فى بنى قريظة س
290 مقتل حيى بن أخطب س
291 المرأة القتيل من بنى قريظة س
292 شأن الزبير بن باطا س
293 عطية القرظى ورفاعة س
294 الرسول صلّى الله عليه وسلم يقسم فىء بنى قريظة س
295 شأن ريحانة س
295 ما نزل من القرآن فى الخندق وبنى قريظة «س»
296 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س»
301 إكرام سعد فى موته «س»
303 شهداء الغزوة «س»
304 قتلى المشركين «س»
305 شهداء المسلمين يوم بنى قريظة «س»
305 البشارة بغزو قريش «س»
306 غزوة دومة الجندل
306 غزوة الخندق
307 عيينة بن حصن
309 البرقات التى لمعت
310 ما قيل من الرجز يوم الخندق «ش»
211 تحقيق اسم زغابة
311 يفتل فى الذروة والغارب

(6/605)


ص 312 اللحن
315 مصالحة الأحزاب
316 سلمان منا
316 حول مبارزة ابن أد لعلى
319 الفرعل
320 ابن العرقة وأم سعد
321 حول اهتزاز العرش
324 أكان حسان جبانا؟
324 الحديث عن الصور بن ودحية
325 فِقْهُ لَا يُصَلّيَنّ أَحَدُكُمْ الْعَصْرَ إلّا فِي بنى قريظة.
328 حول قصة أبى لبابة
328 لعل وعسى وليت
330 من أسماء السماء
331 فوقية الله سبحانه
333 كيسة
334 رفيدة
334 غزوة الخندق
335 قتل المرتدة
335 الزبير بن باطا
337 حلة حيى
338 سلمى بنت أيوب
338 سلمى بنت قيس
338 تفسير آيات قرآنية
340 اهتزاز العرش
ص 341 مَا قِيلَ مِنْ الشّعْرِ فِي أَمْرِ الْخَنْدَقِ وبنى قريظة «س»
341 شعر ضرار «س»
342 كعب يرد على ضرار «س»
343 شعر ابن الزبعرى «س»
344 حسان يرد على ابن الزبعرى «س» .
345 كعب يرد على ابن الزبعرى «س»
351 مسافع يبكى عمرا فى شعره «س» .
352 مسافع يؤنب الفرسان الذين كانوا مع عمرو «س»
352 هبيرة يبكى عمرا ويعتذر من فراره «س»
353 هبيرة يكبى عمرا فى شعره «س»
353 حسان يفتخر بقتل عمرو «س»
355 شِعْرُ حَسّانَ فِي يَوْمِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَبُكَاءُ ابن معاذ «س» .
355 شِعْرُ حَسّانَ فِي بُكَاءِ ابْنِ مُعَاذٍ وَغَيْرِهِ «س» .
356 شعر آخر لحسان فى يوم بنى قريظة «س» .
357 شعر أبي سفيان في الرد على حسان «س» .
358 شِعْرُ ابْنِ جَوّالٍ فِي الرّدّ عَلَى حَسّانَ «س» .

(6/606)


ص 358 مقتل سلام بن أبى الحقيق «س»
358 الخزرج يستأذنون فى قتل ابن أبى الحقيق «س» .
359 التنافس بين الأوس والخزرج فى عمل الخير «س» .
360 قصة الذين خرجوا لقتل ابن أبى الحقيق «س» .
361 شِعْرُ حَسّانَ فِي قَتْلِ ابْنِ الْأَشْرَفِ وَابْنِ أبى الحقيق «س» .
362 إسلام عمرو بن العاص وخالد ابن الوليد «س» .
362 عمرو وصحبه عند النجاشى «س»
363 اجتماع عمرو مع خالد فى الطريق «س» .
364 إسلام ابن طلحة «س»
364 شعر ابن الزبعرى فى إسلام ابن طلحة وخالد «س» .
365 غزوة بنى لحيان «س» .
366 فَصْلٌ فِي أَشْعَارِ يَوْمِ الْخَنْدَقِ
366 شِعْرُ ضِرَارٍ
367 شعر كعب
367 من شعر حسان حول أسماء الله
369 من شعر كعب
373 شعر آخر لكعب
376 حكم بله وما بعدها (ن. ل)
377 قصيدة كعب العينية
ص 277 قيس عيلان وقيس كبة.
378 شعر كعب فى الخندق
382 مقتل ابن أبى الحقيق
386 إسْلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.
387 ما قاله الضمرى للنجاشى.
387 الرسل إلى الملوك
388 السمهرية
389 غزوة بنى لحيان.
391 غزوة ذى قرد «س»
392 نصيحة الرسول لأبى عياش «س»
393 مقتل محرز بن نضلة «س»
394 أسماء أفراس المسلمين «س»
394 قتلى المشركين «س»
395 استعمال ابن أم مكتوم على المدينة «س»
395 تقسيم الفىء بين المسلمين «س»
396 أمرأة الغفارى وما نذرت مع الرسول «س»
396 شعر حسان فى ذى قرد «س»
397 غَضَبُ سَعْدٍ عَلَى حَسّانَ وَمُحَاوَلَةُ حَسّانَ اسْتِرْضَاءَهُ «س»
397 شِعْرٌ آخَرُ لِحَسّانَ فِي يَوْمِ ذِي قَرَدٍ «س» .
398 شعر كعب فى يوم ذى قرد «س»
399 شعر شداد لعيينة «س»

(6/607)


ص 399 غزوة بنى المصطلق «س»
400 سبب الغزوة «س»
400 مقتل ابن صبابة خطأ «س»
400 فتنة «س»
401 حول فتنة ابن أبى ونفاقه «س»
403 مَا نَزَلَ فِي ابْنِ أُبَيّ مِنْ الْقُرْآنِ «س»
403 موقف عبد الله من أبيه «س»
404 قدوم مقيس مسلما وشعره «س»
405 شعار المسلمين «س»
405 قتلى بنى المصطلق «س»
405 أمر جويرية بنت الحارث «س»
407 ما نزل من القرآن فى حق الوليد بن عقبة «س» .
408 خبر الإفك فى غزوة بنى المصطلق «س» .
408 الهدى فى السفر مع الزوجات «س»
409 حديث الإفك «س»
413 القرآن وبراءة عائشة «س»
416 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س»
417 ابن المعطل يهم بقتل حسان «س»
420 شعر فى هجاء حسان ومسطح «س»
420 غزوة ذى قرد
420 اسماء أفراس المسلمين.
421 سلمة بن الأكوع
422 شرح اليوم يوم الرضع
ص 423 جول النذر والطلاق والعتق
424 من شرح شعر حسان أعضاء الخيل.
426 بداد وفجار
427 عود إلى شرح شعر حسان
428 قصيدة أخرى لحسان
428 غزوة بنى المصطلق
429 تحريم دعوى الجاهلية
430 جهجاه
430 موقف عبد الله للصحابى من أبيه المنافق ودلالته.
432 حول حديث جويرية (ملاحة ومليح) (ن. ل)
433 غيرة نساء النبى، والنظر إلى المرأة.
436 حديث الإفك
437 صفوان بن المعطل
438 تفسير أسقطوا
439 بريرة
439 أم رومان
440 وهم للبخارى
441 تناصبنى أو تناصينى
441 شعر حسان فى التعريض بابن المعطل
444 تفسير العجب
445 بيرحاء

(6/608)


ص 446 حول براءة عائشة
447 شعر حسان فى مدح عائشة
449 ما نزل فى حق أصحاب الإفك
450 إهداء سيرين إلى حسان
452 أَمْرُ الْحُدَيْبِيَةِ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتّ، وَذِكْرُ بيعة الرضوان، والصلح بين رسول الله (ص) وبين سهيل بن عمرو «س»
453 الرسول (ص) يسلك طريقا غير طريق قريش «س»
455 ذكر من بعثتهم قريش إلى الرسول (ص) «س»
459 عثمان بن عفان فى مكة «س»
460 بيعة الرضوان «س»
461 أمر الهدنة «س»
462 على يكتب شروط الصلح «س»
463 خزاعة فى عهد محمد، وبنو بكر فى عهد قريش «س»
463 جندل بن سهيل «س»
464 الذين شهدوا على الصلح «س»
464 الإحلال «س»
464 الملحقون والمقصرون «س»
465 نزول سورة الفتح «س»
ص 465 ذكر البيعة س
466 ذكر من تخلف «س»
467 ذكر كف الرسول عن القتال «س»
467 تفسير ابن هشام لبعض الغريب «س»
469 مَا جَرَى عَلَيْهِ أَمْرُ قَوْمٍ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ بعد الصلح «س»
469 مجىء أبى بصير إلى المدينة وطلب قريش له «س»
469 قتل أبى بصير العامرى ومقالة الرسول فى ذلك «س»
470 أبو بصير وزملاؤ فى العيص «س»
471 شعر موهب فى ودى أبى بصير «س»
471 ابن الزبعرى يرد على موهب «س»
472 أمر المهاجرات بعد الهدنة «س»
472 الرسول (ص) يأبى رد أم كلثوم «س»
472 حول آية المهاجرات المؤمنات «س»
474 بشرى فتح مكة وتعجيل بعض المسلمين «س»

(6/609)


ص 475 غزوة الحديبية
475 الميقات والإشعار
476 من شرح حديث الحديبية
480 وصف الجمع بالمفرد «ن. ل»
483 حول المصالحة
485 حكم المهاجرات
487 باسمك اللهم
488 عيبة مكفوفة
489 أبو جندل وصاحباه فى الخمر
490 الدنية التى رفضها عمر
491 موقف أم سلمة فى الحديبية
192 المقصرون
492 أبو بصير
493 عمره
494 قتل أبى بصير للكافر
495 من مواقف عمر فى الحديبية
496 بيعة الشجرة وأول من بايع
496 تعليق عام على الحديبية «ش»
499 ذكر المسير إلى خيبر «س»
499 ما قاله أبو جندل
502 ما نهى عنه الرسول (ص) فى خيبر «س»
504 شأن بنى سهم «ش»
505 مقتل مرحب اليهودى «س»
506 مقتل ياسر أخى مرحب «س»
ص 507 شأن على يوم خيبر «س»
508 أمر أبى اليسر «س»
509 صفية أم المؤمنين «س»
510 بقية أمر خيبر «س»
510 صلح خيبر «س»
511 الشاة المسمومة «س»
512 رجوع الرسول إلى المدينة «س»
512 مقتل غلام للرسول (ص) «س»
513 أمر ابن مغفل والجراب «س»
514 أبو أيوب يحرس الرسول (ص) ليلة بنائه بصفية «س»
514 بلال يغلبه النوم وهو يرقب «س» الفجر «س»
515 شعر ابن لقيم فى فتح خيبر «س»
516 حديث المرأة الغفارية «س»
517 شهداء خيبر «س»
518 أمر الأسود الراعى فى حديث خيبر «س»
519 أمر الحجاج بن علاط السلمى
522 شعر حسان عن خيبر

(6/610)


ص 522 حسان يعتذر عن أيمن «س»
523 شعر ناجية فى يوم خيبر «س»
523 شعر كعب فى يوم خيبر «س»
524 ذكر مقاسم خيبر «س» وأموالها «س»
525 من قسمت عليهم خيبر «س»
528 ذكر ما أعطى محمد (ص) «س» نساءه من قمح خيبر «س»
528 وصاة الرسول عند موته «س»
528 أمر فدك فى خبر خيبر «س»
529 تَسْمِيَةُ النّفَرِ الدّارِيّينَ الّذِينَ أَوْصَى لَهُمْ رَسُولُ الله (ص) من خيبر «س»
531 عمر يجلى يهود خيبر «س»
533 قسمة عمر لوادى القرى بين المسلمين «س»
534 ذكر قدوم جعفر ابن أَبِي طَالِبٍ مِنْ الْحَبَشَةِ وَحَدِيثُ الْمُهَاجِرِينَ إلَى الحبشة «س»
543 مهاجرات الحبشة «س»
545 غزوة خيبر
545 شرح هنة والحداء
ص 548 استعمال الكلمة فى غير موضعها
550 الإسناد عن عطاء بن أبى مروان
550 المكاتل
550 خربت خيبر
551 الخميس
551 تدنى الحصون
551 حكم أكل لحوم الحمر الأهلية والخيل
554 الورق
557 متى حرم نكاح المتعة؟
560 على ودعاء الرسول (ص)
560 صاحب المغانم وابن مغفل
561 الصفى والمرباع
564 صداق صفية
564 حنش الصنعائى
565 وطأ منهى عنه
566 على يقتل مرحبا
567 حيدرة
567 من حصون خيبر
567 الحال المعرفة لفظا «ن. ل»
570 الشاة المسمومة
572 حول حديث المرأة الغفارية
573 من أحكام الماء
573 من شهداء خيبر

(6/611)


ص 574 الحال من النكرة «ن. ل»
575 حديث الحجاج بن علاط
576 تفسير أولى لك
577 أم أيمن
578 أبو أيوب فى حراسة النبى (ص)
579 قسم اموال خيبر وأراضيها
583 أبو نبقة
584 أم الحكم
584 أم رمثة وغيرها
585 القسم النساء من المغنم
ص 585 المصافحة والمعانقة
587 ولد جعفر والنجاشى
587 ضبط أجنادين «ن. ل»
587 القادسية ويوم الهرير
588 عن بعض القادمين من الحبشة
589 من رسل النبى إلى الملوك والرؤساء
592 حديث النوم عن الصلاة فهرس الجزء السادس

(6/612)


بعون الله وجميل توفيقه قد تم طبع الجزء السادس من كتاب الروض الأنف بمطابع دار النصر للطباعة 13 شارع سعد الله بالدرب الأحمر بالقاهرة:
المحرم سنة 1390 هـ أبريل سنة 1970 م

(6/613)


الجزء السابع

مقدمة
بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبّ العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، محمد صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الأئمة المهتدين.
«وبعد» فهذا هو الجزء السابع من السيرة وشرحها «الروض الأنف» للإمام السهيلى، والله وحده أسأل أن يعين على تمامه؟
عبد الرحمن الوكيل

(7/5)