السيرة النبوية لابن كثير

ذِكْرُ تلبيته عَلَيْهِ السَّلَام بِالْمُزْدَلِفَةِ
قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَنَحْنُ بِجَمْعٍ: سَمِعْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ يَقُولُ فِي هَذَا الْمقَام: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك.

(4/364)


فصل فِي وُقُوفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَدَفْعُهُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِيضَاعُهُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام (1) " الْآيَة وَقَالَ جَابِرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ
الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا الله عزوجل وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، وَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَرَاءَهُ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَن ابْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ: شهِدت عمر صَلَّى بِجَمْعٍ الصُّبْحَ ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْس.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَكَّة ثمَّ قدمنَا جمعا، فصلى صَلَاتَيْنِ كُلَّ صَلَاةٍ وَحْدَهَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْعِشَاءُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَائِلٌ يَقُولُ: طَلَعَ الْفَجْرُ.
وَقَائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلُعِ الْفَجْرُ.
ثُمَّ قَالَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا فِي هَذَا الْمَكَانِ: الْمَغْرِبَ فَلَا تقدم النَّاس جمعا حَتَّى يقيموا، وَصَلَاةَ الْفَجْرِ هَذِهِ السَّاعَةَ.
ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الْآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ.
فَلَا أَدْرِي: أَقَوْلُهُ كَانَ أسْرع أَو دفع عُثْمَان، فَلم يزل
__________
(1) سُورَة الْبَقَرَة 198.
(*)

(4/365)


يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ.
* * * وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوب الشَّيْبَانِيّ، حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن يحيى، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك العبسى، حَدثنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنِ الْمسور بن مخرمَة، قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله بِعَرَفَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ
أَهْلَ الشِّرْكِ وَالْأَوْثَانِ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ هَاهُنَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ حَتَّى تَكُونَ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ مِثْلَ عَمَائِمِ الرِّجَال على رؤوسها، هَدْيُنَا مُخَالِفٌ لِهَدْيِهِمْ.
وَكَانُوا يَدْفَعُونَ مِنَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ مثل عمائم الرِّجَال على رؤوسها، هَدْيُنَا مُخَالِفٌ لِهَدْيِهِمْ ".
قَالَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ مُرْسَلًا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمد: حَدثنَا أَبُو خَالِد سُلَيْمَان بن حَيَّان، سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْس.
وَقَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا وهب بن جرير، حَدثنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاس، أَن أُسَامَة كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى.
قَالَ: فَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.
وَرَوَاهُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَكَانَ رَدِيفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ فِي عَشِيَّةِ

(4/366)


عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ.
وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا وَهُوَ مِنْ مِنًى.
قَالَ: عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ.
قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.
* * * وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: بَابُ الْإِيضَاعِ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ (1) .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرو المقرى وَأَبُو بكر الْوراق، أَنبأَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِم بن اسماعيل، حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ فِي حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: حَتَّى إِذَا أَتَى مُحَسِّرًا حَرَّكَ قَلِيلًا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن شَيْبَةَ.
ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَفَاضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَأَمَرَهُمْ بِالسَّكِينَةِ وَأَوْضَعَ فِي وَادِي محسر، وَأمرهمْ أَن يرموا الْجمار بِمثل حَصَى الْخَذْفِ.
وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا.
ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى أَتَى محسرا، فقرع نَاقَتَهُ حَتَّى جَاوَزَ الْوَادِيَ فَوَقَفَ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ ثُمَّ أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا.
هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصرا.
وَقد قَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، حَدثنَا سُفْيَان بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
__________
(1) محسر: وَاد قرب الْمزْدَلِفَة.
(*)

(4/367)


عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: هَذَا الْمَوْقِفُ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ.
وَأَفَاضَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ، فَجَعَلَ يُعْنِقُ عَلَى بَعِيرِهِ، وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ، وَيَقُولُ: السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاس.
ثمَّ أَتَى جمعا فصل بِهِمُ الصَّلَاتَيْنِ، الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ أَتَى قُزَحَ (1) فَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ فَقَالَ: هَذَا الْمَوْقِفُ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا فَوَقَفَ
عَلَيْهِ فَقَرَعَ دَابَّتَهُ فَخَبَّتْ حَتَّى جَازَ الْوَادِيَ ثُمَّ حَبَسَهَا، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ وَسَارَ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى الْمَنْحَرَ فَقَالَ: هَذَا الْمَنْحَرُ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ.
قَالَ: وَاسْتَفْتَتْهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمٍ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَفْنَدَ (2) وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، فَهَلْ يُجَزِئُ عَنْهُ أَنْ أُؤَدِّيَ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَأَدِّي عَنْ أَبِيكِ.
قَالَ: وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ؟ قَالَ: " رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا ".
قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ.
قَالَ: انْحَرْ وَلَا حَرَجَ.
ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَفَضْتُ قَبْلَ أَنْ أَحْلِقَ.
قَالَ: احْلِقْ أَوْ قَصِّرْ وَلَا حَرَجَ.
ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ فَطَافَ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ فَقَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سِقَايَتَكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ يغلبكم النَّاس عَلَيْهَا لنزعت مَعكُمْ.
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ.
وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يحيى ابْن آدَمَ.
وَقَالَ التِّرْمِذِي: حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
__________
(1) قزَح: جبل بِالْمُزْدَلِفَةِ.
(2) أفند: أنكر عقله وَأَخْطَأ فِي رَأْيه لهرمه.
(*)

(4/368)


قُلْتُ: وَلَهُ شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ صَحِيحَةٍ مُخَرَّجَةٍ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ: قِصَّةُ الْخَثْعَمِيَّةِ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ، وَتَقَدَّمَتْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.
وَسَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَيَسَّرَ.
وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْإِسْرَاعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْرَابِ.
قَالَ: وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي.
قُلْتُ: وَفِي ثُبُوتِهِ عَنْهُ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، وَصَحَّ مِنْ صَنِيعِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ النَّجَّادِ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ الْمُسْتَهِلِّ الْمَعْرُوفِ بِدُرَّانَ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَن عمر كَانَ يُوضِعُ وَيَقُولُ: إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا * مُخَالفا دين النَّصَارَى دينهَا (1)
__________
(1) الْوَضِين: حزَام الرحل.
والقلق: المتسع، كِنَايَة عَن هزال النَّاقة.
(*)

(4/369)