السيرة النبوية وأخبار الخلفاء

الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(1/4)


بين يدي الكتاب
«إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً.
أما بعد،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور

(1/5)


محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» «1» .
قال الله- عز وجلّ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً، سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً «2» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنّ عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» «3» .
قال الإمام أبي سليمان الخطابي في معالم السنن «4» :
(وفي قوله: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولا وخالفه فيه غيره من الصحابة: فإن المصير إلى قول الخليفة أولى) .
__________
(1) هذه الخطبة تسمى «خطبة الحاجة» ، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعلها بين يدي كل خطبة من خطبه سواء كانت خطبة نكاح أو غيرها. وقد رواها جمع من الصحابة. انظر «خطبة الحاجة» نشر المكتب الإسلامي بيروت.
(2) الفتح- الآية 29.
(3) حديث صحيح. رواه أبو داود في «السّنة» عن العرباض بن سارية في قصة طويلة (4607) ، وأخرجه الترمذي في «العلم» عنه أيضا (2676) . وابن ماجة في «المقدمة» (43، 44) .
(4) معالم السنن- تحقيق عزت عبيد الدعاس (5/ 14) .

(1/6)


والخلفاء الراشدون هم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
ولأهمية سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلم وضرورة الوقوف عليها ومعرفتها، وكذا أهمية معرفة سيرة الخلفاء؛ ألّف جمع من الأئمة كتبا كثيرة في هذا العلم وها نحن إن شاء الله ذاكرون في هذه المقدمة أهمها:
1- أخبار النبي والصحابة- لمحمد بن سعد كاتب الواقدي (230 هـ) .
2- الإشارة إلى سيرة المصطفى وآثار من بعده من الخلفاء- للحافظ علاء الدين مغلطاي بن قلج (762 هـ) .
[يوجد مخطوطا في دار الكتب المصرية 460 تاريخ، وفي بغداد مكتبة الأوقاف 4/ 4848 مجاميع، وفي فيض الله باستانبول 1460] .
3- سيرة محمد بن إسحاق (150 هـ)
توجد مخطوطة في الظاهرية مجموع 110، 158 ورقة.
وطبع قسم منها بعناية محمد حميد الله- الرباط 1967.
وظهرت نشرة أخرى بعناية سهيل زكار- بيروت 1978.
4- سيرة ابن هشام، عبد الملك (218 هـ) . هذّب بها سيرة ابن إسحاق لها طبعات عديدة أقدمها طبعة المستشرق وستنفلد وطبعها في غوتنجن 1858 ولها مخطوطة قديمة جيدة في الظاهرية برقم 225 سيرة كتبت سنة 548 هـ.
ومخطوطاتها ومطبوعاتها كثيرة.
5- سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتاريخ الخلفاء الراشدين لأبي زرعة عبد الرحمن بن عامر الدمشقي (282 هـ) وهو تاريخ أبي زرعة مطبوع في دمشق 1980 بعناية شكر الله بن نعمة الله القوجاني.
6- السيرة النبوية لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) .

(1/7)


في كتابه «تاريخ الرسل والملوك» ، الجزء الثاني والثالث من طبعة «محمد أبو الفضل إبراهيم» ، القاهرة 1960، 1961) .
7- السيرة النبوية للحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان، الدمشقي (748 هـ) (في كتابه، تاريخ الإسلام» ، الأجزاء 1- 2 من طبعة القدسي- القاهرة) .
8- الخميس في أحوال أنفس نفيس- للقاضي حسين بن محمد الديار بكري، نزيل مكة (966 هـ) في السيرة النبوية والخلفاء الأربعة.
طبع في القاهرة 1302 هـ.
9- السيرة النبوية وأخبار الخلفاء- لابن حبان، محمد بن أحمد بن أبي حاتم السبتي (354 هـ) .
وهي القسم الأول والثاني من كتابه، «الثقات» [وهو كتابنا هذا] .
أماكن وجود النسخ المخطوطة «1» لكتاب الثقات التي تحوي «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» :
- سراي أحمد الثالث 2995 (327 ورقة- في سنة 887 هـ) .
- الآصفية 1/ 780- رجال 89 في أربعة مجلدات- في سنة 1292 هـ.
- الظاهرية، تاريخ 710- 138 ورقة- القرن السابع الهجري.
- طلعت، مصطلح 208- 138 ورقة.
- عليجرة 226- 313 ورقة.
- لوكنو- عبد الحي- 173 ورقة- في سنة 676 هـ.
انظر فهرست معهد المخطوطات 2/ 1015.
__________
(1) تاريخ التراث العربي- فؤاد سزكين (2/ 306) .

(1/8)


وقد اعتمدنا في هذه النشرة على النسخة التي نشرت في الهند، بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية- بحيدر أباد الدكن بالهند. في سنة 1393 هـ.
بتصحيح وتعليق الحافظ السيد عزيز بك «كامل الحديث من الجامعة النظامية» ، ثم عني بتنقيحه الدكتور محمد عبد المعيد خان مدير الدائرة وعميدها.
ولكن تمتاز طبعتنا هذه بدقة التصحيح والاستدراكات والفهارس الفنية.
منزلة كتاب «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء- لابن حبان- من كتب السّيرة:
أولا: مما لا شك فيه أن الحافظ «ابن حبان البستي» يتبوأ مكانة مرموقة بين المحدثين، وأهل التأريخ- قال الإمام السمعاني «1» : «كان أبو حاتم إمام عصره، صنّف تصانيف لم يسبق إلى مثلها» .
وقال الصّلاح الصّفدي «2» «كان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار» .
ووصفه الحافظ ابن حجر العسقلاني «بأنه صاحب فنون، وذكاء مفرط، وحفظ واسع إلى الغاية» «3» .
ووصفه الخطيب البغدادي بقوله: «وكان ابن حبان ثقة نبيلا فاضلا» «4» فهذه شهادات رائعة صادرة عن أئمة عدول، لهم قدم راسخة في العلم، تشهد لابن حبان بالإمامة والمعرفة.
ثانيا: إن الإمام ابن حبان صاحب رحلة في طلب العلم، وقد وفق في رحلته الطويلة أيما توفيق، فقد اجتمع له من الشيوخ والروايات والأخبار الشيء الكثير، فقد جاء في مقدمة صحيحه أنه كتب عن أكثر من ألفي شيخ، وهذا العدد الجمّ من الشيوخ يندر أن تجده في إمام من الأئمة.
__________
(1) الأنساب (2/ 209) .
(2) الوافي بالوفيات (2/ 318) ومثله في طبقات الحفاظ ص 374 للسيوطي.
(3) لسان الميزان (5/ 112) .
(4) سير أعلام النبلاء 16- الترجمة 70.

(1/9)


لذا كان هذا الكتاب، يحتل المقدّمة بين المصنفات في فنّه لجودة إمامه وتقدّمه.
ثالثا: إن ابن حبان لم يكن جامعا فحسب، وإنما كان ناقدا فذا وعالما حصيفا، ومدققا ذكيا، ومجتهدا جريئا، له منهجه وأسلوبه.
رابعا: اعتماده على الرواية، وترك الالتفات إلى الآراء وإبرازه الوقائع التاريخية المهمة في حياة الخلفاء، ولا شك أن مؤلّفا هذه صفته يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤلفات في فنّه:
يقول الخطيب البغدادي «1» :
«وفي الحديث قصص الأنبياء، وأخبار الزّهاد والأولياء، ومواعظ البلغاء وكلام الفقهاء، وسير ملوك العرب والعجم. وأقاصيص المتقدمين من الأمم، وشرح مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم وسراياه وجمل أحكامه وقضاياه، وخطبه وعظاته، وأعلامه ومعجزاته، وعدة أزواجه وأولاده وأصهاره وأصحابه، وذكر فضائلهم ومآثرهم.
وشرح أخبارهم ومناقبهم، ومبلغ أعمارهم، وبيان أنسابهم» .

حول تسمية هذا الكتاب:
مما لا شك فيه أن المحافظة على تقديم «التراث» نقيا سليما من الأسماء المبتدعة والحذف والتغيير، وعدم نسبة عنوان جديد إلى مؤلف ليس معروفا عنه هذا العنوان من الأمور المنكرة التي يجب أن تواجه وتعرّى لأن هذا عبث بالتراث.
ولكن ثمة فكرة طيبة ورأي صواب يذهب إلى إبراز جوانب خافية في هذا
__________
(1) شرف أصحاب الحديث (ص 8) .

(1/10)


التراث العظيم مع المحافظة عليه واقتباس تسمية مؤلّفه وهذا ما فعلناه في كتابنا هذا فقد قاله المؤلّف، ابن حبان، حيث بدأ بذكر مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ومبعثه، وجمل من سيرته العطرة وأتبعه بسيرة الخلفاء الراشدين.
يقول ابن حبّان في كتابه «الثقات» «1» :
«آخر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه، ويتلوه كتاب الخلفاء إن شاء الله تعالى» .
والله تعالى بفضله ورحمته يحفظنا من الخطأ والزلل اللذين لا يأمنهما أحد، ويستر عوراتنا التي لو انكشف شيء منها افتضحنا، ويتجاوز عن سيئاتنا التي لو أوخذنا بواحد منها هلكنا، ويوفقنا لما هو أولى بنا، ويعصمنا مما لا يعنينا، إنه المنان الواسع الغفران.
الناشر
__________
(1) (2/ 151) - طبعة حيدر أباد.

(1/11)


ترجمة المؤلف
الإمام العالم الفاضل المتقن، المحقق الحافظ العلّامة محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان التميمي البستي، أبو حاتم المتوفى سنة 354 هـ

اسمه ونسبه:
هو محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان- بكسر الحاء المهملة وبالباء الموحدة فيهما- ابن معاذ بن معبد- بالباء الموحّدة- بن سعيد بن سهيد- بفتح السين المهملة وكسر الهاء- ويقال: ابن معبد بن هديّة- بفتح الهاء وكسر الدال وتشديد الياء آخر الحروف- بن مرّة بن سعد بن يزيد بن مرّة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو حاتم التميمي البستيّ، القاضي، أحد الأئمة الرحالين والمصنفين «1» .
ولد ببست، وهي مدينة كبيرة بين هراة وغزنة (من بلاد كابل عاصمة أفغان اليوم) «2» .

ذكر نبذة عن شيوخه وذكر ابتداء طلبه للعلم والرحلة فيه:
قال الحاكم النيسابوري: «كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال، قدم نيسابور سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، فسار إلى قضاء نسا، ثم انصرف إلينا في سنة سبع، فأقام عندنا بنيسابور،
__________
(1) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان- تحقيق أحمد شاكر (1/ 51- 52) .
(2) مقدمة الإحسان بتحقيق شعيب الأرناؤوط وحسين أسد (1/ 10) .

(1/13)


وبنى الخانقاه، وقريء عليه جملة من مصنفاته، ثم خرج من نيسابور إلى وطنه سجستان عام أربعين، وكانت الرحلة إليه لسماع حديثه «1» » فهذا نص هام يحفظ لنا نموذج من رحلة «ابن حبان» في طلب العلم، أما أهم شيوخه «2» :
- الحسن بن سفيان (سمع منه في نسا) .
- عمران بن موسى بن مجاشح الجرجاني (سمع منه بجرجان) .
- محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (سمع منه بمكة المكرّمة) .
- أحمد بن شعيب بن علي النسائي (سمع منه بفسطاط مصر) .
- عبد الله بن محمد بن مسلم الخطيب المقدسي (سمع منه ببيت المقدس) .
- أحمد بن عمير بن جوصاء الحافظ الدمشقي (سمع منه بدمشق) .
- محمد بن الحسن أبي بكر بن قتيبة العسقلاني (سمع منه بالرملة) .
- علي بن سعيد العسكري (سمع منه بسامرّاء) .
- الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان (سمع منه بالرقة) .
- أبو عبد الرحمن: عبد الله بن محمود بن سليمان (سمع منه بمرو) .
- محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج (سمع منه بنيسابور) .
- أحمد بن داود بن محسن بن هلال المصيصي (سمع منه بحلب) .
- محمد بن أبي المعافى بن سليمان الصيداوي (سمع منه بصيدا) .
- جعفر بن محمد الهمداني (سمع منه بصور) .
- محمد بن عبد الله بن الفضل الكلاعي الراهب (سمع منه بحمص) .
فهذا قدرا قليلا للتعرف على ناحية من شيوخ هذا الإمام الحافظ.
__________
(1) معجم البلدان، لياقوت الحموي (1/ 417) .
(2) للتعرف على مزيد من شيوخ الحافظ الرحالة ابن حبان انظر: - روضة العقلاء- لابن حبان (المؤلف) . - مقدمة موارد الظمآن (7- 10) . - معجم البلدان (1/ 415- 417) .

(1/14)


«لقد وفّق ابن حبان في رحلته الطويلة أيما توفيق، فقد اجتمع له من الشيوخ والروايات والأخبار الشيء الكثير، والعدد الوفير، فقد جاء في مقدمة صحيحه أنه كتب عن أكثر من ألفي شيخ، وهذا العدد الجمّ من الشيوخ يندر أن تجده في إمام من الأئمة، إلا أنه حين شرع في تدوين الصحيح، أسقط كثيرا من الشيوخ، ولم يعتد بمروياتهم، لأنه لم تتحقق فيهم شروط الصحة التي أبان عنها في مقدمة كتابه، واقتصر على مئة وخمسين شيخا منهم، أقلّ أو أكثر، وقد عوّل على عشرين منهم، أدار السنين عليهم، واقتنع بروايتهم عن رواية غيرهم، فقد جاء في المقدمة:
«ولم نرو في كتابنا هذا إلا عن مئة وخمسين شيخا، أقل أو أكثر، ولعلّ معول كتابنا هذا يكون على نحو من عشرين شيخا، أدرنا السنن عليهم واقتنعنا بروايتهم عن رواية غيرهم» «1» .
ويعلّق الإمام الذهبي على النص فيقول «2» : «كذا فلتكن الهمّة، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية، والفضائل الباهرة، وكثرة التصانيف» .

ثناء أهل العلم عليه:
قال أبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الإدريسي:
«أبو حاتم البستي كان من فقهاء الناس، وحفّاظ الآثار، المشهورين في الأمصار والأقطار، عالما بالطب والنجوم وفنون العلوم، ألّف المسند الصحيح، والتاريخ، والضعفاء، والكتب المشهورة في كل فنّ، وفقّه النّاس بسمرقند، ثم تحوّل إلى بست» «3» .
وقال عبد الله بن محمد الأستراباذي:
__________
(1) سير أعلام النبلاء 16، ترجمة (70) .
(2) مقدمة الإحسان (1/ 114) شاكر.
(3) مقدمة الإحسان للأمير علاء الدين الفارسي (ت 739 هـ) (1/ 54- شاكر) .

(1/15)


«وكان ابن حبان من فقهاء الدين، وحفّاظ الآثار، عالما بالطب والنجوم، وفنون العلم» «1» .
وقال الإمام الذهبي:
«وكان عارفا بالطب والنجوم والفقه، رأسا في معرفة الحديث» «2» .
وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان:
«كان ابن حبان مكثرا من الحديث والرّحلة والشيوخ، عالما بالمتون والأسانيد، أخرج من علوم الحديث ما عجز عنه غيره، ومن تأمّل تصانيفه تأمّل منصف، علم أن الرجل كان بحرا في العلوم» «3» .
وقال ابن حجر العسقلاني، الحافظ:
«كان من أئمة زمان، وطلب الحديث على رأس سنة ثلاث مئة، وقال أيضا:
«وكان عارفا بالطب والنجوم والكلام والفقه، رأسا في معرفة الحديث، ووصفه بأنه صاحب فنون، وذكاء مفرط، وحفظ واسع إلى الغاية» «4» .
وقال الحاكم، تلميذه، صاحب المستدرك:
«أبو حاتم البستي القاضي، كان من أوعية العلم في اللغة والفقه والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال. صنّف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه» «5» .
وقال الإسنوي: «كان من أوعية العلم لغة وحديثا، وفقها ووعظا، ومن عقلاء الرجال» «6» .
__________
(1) معجم البلدان (1/ 418) .
(2) ميزان الاعتدال (3/ 506) .
(3) معجم البلدان (1/ 43) .
(4) لسان الميزان (5/ 112) .
(5) الأنساب (2/ 209) ، معجم البلدان (1/ 417) .
(6) شذرات الذهب (3/ 16) .

(1/16)


وقال الصلاح الصفدي:
«كان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار، عالما بالطب والنجوم، وفنون العلم» «1» .
وقال ابن العماد الحنبلي:
«العالم الحبر، والعلّامة البحر، كان حافظا ثبتا، إماما حجة، أحد أوعية العلم في الحديث والفقه واللغة والوعظ وغير ذلك حتى الطب والنجوم والكلام» «2» .
وقال ابن الأثير:
«إمام عصره، له تصانيف لم يسبق إليها» «3» .
وقال ابن كثير:
محمد بن حبان صاحب، الأنواع والتقاسيم «وأحد الحفاظ الكبار المصنفين المجتهدين» «4» .
وقال الخطيب البغدادي:
«وكان ابن حبّان ثقة نبيلا فاضلا» «5» .
__________
(1) الوافي بالوفيات (2/ 318) .
(2) شذرات الذهب (3/ 16) .
(3) اللباب (1/ 151) .
(4) البداية والنهاية (11/ 259) .
(5) نقله عنه الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء 16، ترجمة رقم (70) .

(1/17)


مصادر ترجمته:
- الأنساب- للسمعاني (2/ 209) .
- الكامل- لابن الأثير (8/ 266) .
- اللباب- لابن الأثير (1/ 151) .
- معجم البلدان- لياقوت الحموي (1/ 415) .
- العبر- للذهبي (2/ 300) .
- إنباه الرواة- للقفطي (3/ 122) .
- ميزان الاعتدال للذهبي (3/ 506) .
- النجوم الزاهرة- لابن تغري بردي (3/ 342) .
- مرآة الجنان- لليافعي (2/ 357) .
- البداية والنهاية- لابن كثير (11/ 259) .
- شذرات الذهب- لابن العماد (3/ 16) .
- المختصر في أخبار البشر- لأبي الفداء (2/ 105) .
- سير أعلام النبلاء- للذهبي ترجمة 70/ المجلد السادس عشر.
- طبقات الشافعية الكبرى- للسبكي (3/ 131) .
- لسان الميزان- لابن حجر (5/ 112) .
- تذكرة الحفاظ- للذهبي (3/ 920) .
- الوافي بالوفيات- للصلاح الصفدي (2/ 317) .
- طبقات الحفاظ للسيوطي (ص 374) .
- الرسالة المستطرفة- للكتاني (ص 20) .
- مقدمة الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان- للأمير علاء الدين الفارسي.
- مقدمة التحقيق لكتاب موارد الظمآن لزوائد ابن حبان- للهيثمي.
- مقدمة التحقيق لكتاب روضة العقلاء- للشيخ علي بن مشرف العمري.
- مقدمة التحقيق للإحسان- تحقيق أحمد محمد شاكر.
- مقدمة التحقيق للإحسان- تحقيق الأرناؤوط وحسين أسد.

(1/18)