الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

تقريظ العلامة الكبير فضيلة الشيخ عبد الكريم الرفاعي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين وبعد:
فان من أهم ما تحتاج اليه أمة سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم في عصرنا هذا هو أن تتحول أنماط حياتها عما هي عليه من مخالفات في عاداتها وتقاليدها الى الشكل الذي كان يربي عليه النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه حتى قوم نفوسهم وأقامها على ما يرضي الله سبحانه فجعل منهم خير أمة أخرجت للناس. زهدا في الدنيا. وتورعا عما لا يليق. وثقة بالله وتوكلا عليه فهانت عليه نفوسهم وأموالهم وعشيرتهم في جنب ما أكرمهم به الله.
واستطابوا كل مر ومكروه في سبيل دعوتهم فسكن يقينها قرارة قلوبهم وهيمن على نفوسهم وعقولهم فصدرت عنهم عجائب ما شهدها التاريخ في سالف أيامه فلم تنقض ولن تنقضي آثارها حتى يرث الله الارض ومن عليها.. وما كان لهم ذلك الا حين استهانوا بزخارف الدنيا وحطامها وحنوا الى لقاء الله سبحانه وتاقوا الى جنات النعيم. فكان ذلك نسيانا لراحاتهم وهجرانا للذاتهم وبذلا لكل غال ونفيس في سبيل الغاية التي

(1/7)


وضعوها نصب أعينهم وهي أن يكون الله راضيا عنهم. ورسول الله صلّى الله عليه وسلم عينه قريرة بهم ... هذا وان كل ما نقرأ ونسمع عن صفات هذا الجيل الفريد من البشر. علما وعملا ودعوة. انما كان من تأثرهم بالنبي المصطفى صلّى الله عليه وسلم وتمثلهم لصفاته الشخصية وأخلاقه العملية مهتدين بهديه مقتفين لآثاره في كل حال وقول وعمل...... ذلك هو تأسيهم برسول الله عليه الصلاة والسلام واقتداؤهم به وذلك هو الذي يعوزنا وبنقصنا في عصرنا هذا حتى نتخلص مما تورطنا فيه من تقليد للأعاجم واتباع لهم على العمياء. وليس ثمة ما يوفر لنا ما نصبوا اليه من اتباع للسلف الصالح في السلوك والخلق الا أن يعكف أبناء هذه الأمة على دراسة تلك الصفات التي تحلى بها النبي صلّى الله عليه وسلم والشمائل التي أكرمه الله بها فشعت أنوارها على صحبه الكرام وشاعت أخبارها في كل زمان ومكان فكانوا بحق سادة الدنيا وأساتذة الخير في هذا الوجود......
لذلك كله لم نجد بدا من وضع كتاب بين أيدي المحبين لرسول الله صلّى الله عليه وسلم عامة وأبنائنا من طلاب جامع زيد بن ثابت الأنصاري خاصة. يدلهم على الطريق وينير لهم السبيل ليتبينوا ما يجب أن يحملوا أنفسهم عليه من أخلاق وأعمال تقربهم من النبي عليه الصلاة والسلام فتصبغهم بأوصافه وتقيمهم على ما يرضيه فلم نعثر على كتاب يؤدي المقصود ويفي بالغرض مثل كتاب الشفاء الذي تلقفته أيدي العلماء منذ تاليفه فنفذ الى قلوبهم ونال ثقتهم وحاز اعجابهم.. وزاد من ذلك كله أن المؤلف القاضي عياض رضي الله تعالى عنه كان في حياته وصفاته من أجدر من يمسك بالقلم ليخط مثل هذا الموضوع

(1/8)


مستمدا من قلبه الكبير وخلقه القويم ونفسه المتواضعة بل وحياته كلها تلك التي كان يتأسى خلالها بالنبي صلّى الله عليه وسلم خير أسوة. ولما كانت الطبعات التي أخرجت متن هذا الكتاب الى أسواق الكتب طبعات فيها من التساهل في تحقيق الكتاب الشي الكثير. ومن الاخطاء المطبعية ما هو أكثر ... بل وأبلغ من هذا وذاك أن هذه الطبعات عزت وفقدت فلم يعد بامكان طالب العلم أن يحصل عليها الا ببذل جهد غير يسير ... لما كان هذا كله رغبت الى بعض أبنائي بالنظر في الكتاب نظر تحقيق دقيق يعتمد على أساس متين من العلم والتمحيص ليخرجوا به الى طلاب العلم كتابا شافيا وافيا ... فقاموا بذلك رضي الله عنهم على أحسن شكل مطلوب فكان ذلك تلبية منهم لحاجة ملحة لأبناء هذه الامة طالما تاقت اليها واشتاقت.. نرجو الله سبحانه أن ينفع بهذا الكتاب كل عامل به وقارىء له وناظر فيه.. والحمد لله رب العالمين.
عبد الكريم الرفاعي

(1/9)