الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الباب الثالث فيما ورد منه صَحِيحِ الْأَخْبَارِ وَمَشْهُورِهَا بِعَظِيمِ قَدْرِهِ عِنْدَ رَبِّهِ ومنزلته وما خصّه به في الدّارين منه كرامته صلّى الله عليه وسلّم
وفيه اثنا عشر فصلا

(1/321)


لَا خِلَافَ أَنَّهُ أَكْرَمُ الْبَشَرِ «1» ، وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ «2» ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً، وَأَقْرَبُهُمْ زُلْفَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدِ اقْتَصَرْنَا مِنْهَا عَلَى صَحِيحِهَا، وَمُنْتَشِرِهَا، وَحَصَرْنَا مَعَانِيَ مَا وَرَدَ منها في هذه الفصول.
__________
(1) لما في الترمذي والدارمي.
(2) لحديث الترمذي.

(1/323)


الْفَصْلُ الْأَوَّلُ مَكَانَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِيمَا وَرَدَ مِنْ ذِكْرِ مَكَانَتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عز وجل، وَالِاصْطِفَاءِ وَرِفْعَةِ الذِّكْرِ، وَالتَّفْضِيلِ، وَسِيَادَةِ وَلَدِ آدَمَ وَمَا خَصَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَزَايَا الرتب، وبركة اسمه الطيب.
عن «1» ابن عباس «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«أن الله تعالى قَسَّمَ الْخَلْقَ قِسْمَيْنِ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ قِسْمًا، فذلك قوله تعالى: أصحاب اليمين، وأصحاب الشِّمَالِ، فَأَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأَنَا خَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ.
ثُمَّ جَعَلَ الْقِسْمَيْنِ أَثْلَاثًا، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا ثُلُثًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَصْحَابُ الميمنة وأصحاب المشأمة، والسابقون السابقون،
__________
(1) رواه الطبراني والبيهقي في الدلائل.
(2) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .

(1/325)


فَأَنَا مِنَ السَّابِقِينَ، وَأَنَا خَيْرُ السَّابِقِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الْأَثْلَاثَ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهَا قَبِيلَةً، وذلك قوله تعالى: «وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ «1» » الْآيَةَ.. فَأَنَا أَتْقَى وَلَدِ آدَمَ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَلَا فَخْرَ.. ثُمَّ جَعَلَ الْقَبَائِلَ بُيُوتًا فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهَا بَيْتًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ «2» » الْآيَةَ..
وَعَنْ «3» أَبِي سَلَمَةَ «4» : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «5» قَالَ: «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ ...
قَالَ: «وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» .
وَعَنْ «6» وَاثِلَةَ «7» بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، واصطفاني من بني هاشم.»
__________
(1) «لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» سورة الحجرات (13)
(2) «وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» سورة الأحزاب (33) .
(3) رواه الترمذي وصححه.
(4) تقدمت ترجمته في ص «286» رقم «3» .
(5) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «5» .
(6) رواه مسلم وقد تقدم.
(7) تقدمت ترجمته في ص «181» رقم «3» .

(1/326)


وَمِنْ حَدِيثِ «1» أَنَسٍ «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ» .
وَفِي حَدِيثِ «3» ابْنِ عَبَّاسٍ «4» : أَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ والآخرين ولا فخر» .
وعن «5» عائشة «6» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ:
قَلَّبْتُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَلَمْ أَرَ رَجُلًا أَفْضَلَ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ أَرَ بَنِي أَبٍ أَفْضَلَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» .
وَعَنْ «7» أَنَسٍ «8» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: بِمُحَمَّدٍ «9» تَفْعَلُ هَذَا!! فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ منه ... فارفضّ عرقا» .
__________
(1) الذي رواه الترمذي وأوله: أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا. وَأَنَا قَائِدُهُمْ إِذَا وَفَدُوا وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا أَنْصَتُوا. وَأَنَا شَفِيعُهُمْ إِذَا حُبِسُوا وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أيسوا.. الكرامة والمفاتيح بيدي. ولواء الحمد يومئذ بيدي. وأنا أكرم ... الخ.
(2) تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(3) رواه الترمذي والدارمي.. وله أول.
(4) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .
(5) رواه البيهقي وأبو نعيم والطبراني.
(6) تقدمت ترجمته في ص «146» رقم «5» .
(7) رواه الشيخان.
(8) تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(9) وفي نسخة: أبمحمد.

(1/327)


وعن «1» ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ أَهْبَطَنِي فِي صُلْبِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَجَعَلَنِي فِي صُلْبِ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ، وَقَذَفَ بِي فِي النَّارِ فِي صُلْبِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَنْقُلُنِي فِي الْأَصْلَابِ الْكَرِيمَةِ إِلَى الْأَرْحَامِ الطَّاهِرَةِ حَتَّى أَخْرَجَنِي بين أبوي.. لم يلتقيا على سفاح قط» .
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْعَبَّاسُ «2» بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ:
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ
ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ
بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ ... أَلْجَمَ نَسْرًا «3» وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا مَضَى عَالِمٌ بَدَا طَبَقُ «4»
ثُمَّ احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمَنُ مِنْ ... خِنْدَفٍ «5» علياء تحتها النّطق «6»
__________
(1) رواه ابن أبي عمر العدني في مسنده.
(2) تقدمت ترجمته في ص «181» رقم «1» ، وهذه الأبيات أخرجها أبو بكر الشافعي في القيلانيات والطبراني عن خريمه بن أوس بن حارثة.
(3) نسرا: اسم للصنم التي اتخذه قوم نوح آلهة من دون الله.
(4) طبق: قرن من الزمان.
(5) خندف: اصلها مشية كالهرولة. والمراد به امرأة الياس بن مضر أم عرب الحجاز.
(6) النطق: جمع نطاق وهو الحزام وهي هنا الجبال.

(1/328)


وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْأَرْ ... ضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ
فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي النو ... ر وَسُبُلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
يَا بَرْدَ نَارِ الْخَلِيلِ يَا سَبَبًا ... لِعِصْمَةِ النَّارِ وَهْيَ تَحْتَرِقُ
وَرَوَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو ذَرٍّ «1» . وَابْنُ عُمَرَ «2» . وَابْنُ عَبَّاسٍ «3» .
وَأَبُو هُرَيْرَةَ «4» . وَجَابِرُ «5» بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا- وَفِي بَعْضِهَا سِتًّا «6» - لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي «7» .
- نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ.
- وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ.
- وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلِي.
- وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً.
- وَأُعْطِيتُ الشفاعة.
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «285» رقم «1» .
(2) تقدمت ترجمته في ص «182» رقم «1» .
(3) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .
(4) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «7» .
(5) تقدمت ترجمته في ص «154» رقم «1» .
(6) رواه مسلم عن ابي هريرة.
(7) وفي رواية جابر: لم يعطهن احد من الانبياء قبلي.

(1/329)


وَفِي رِوَايَةٍ «1» : بَدَلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ «وَقِيلَ لِي سَلْ تُعْطَهُ»
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «2» «وَعُرِضَ عَلَيَّ أُمَّتِي. فَلَمْ يَخْفَ عَلَيَّ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «3» «بُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ» .
قِيلَ: «السُّودُ» الْعَرَبُ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَلْوَانِهِمُ الْأُدْمَةُ فَهُمْ مِنَ السُّودِ.
«وَالْحُمْرُ» الْعَجَمُ.
وَقِيلَ: الْبِيضُ وَالسُّودُ مِنَ الْأُمَمِ.
وَقِيلَ: «الْحُمْرُ» الْإِنْسُ.
«وَالسُّودُ» الْجِنُّ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «4» : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «5» رضي الله عنه «نصرت بالرعب، وأوتيت جوامع، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ جِيءَ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فوضعت في يدي» .
__________
(1) عن ابي ذر.
(2) للبزار والبيهقي رحمهما الله تعالى.
(3) عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه.
(4) رواه الشيخان.
(5) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «5» .

(1/330)


وَفِي رِوَايَةٍ «1» عَنْهُ «2» «وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ» .
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ «3» عَامِرٍ: أَنَّهُ قَالَ:
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «4» «إِنِّي فَرَطٌ «5» لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الْآنَ، وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بعدي، ولكني أخاف أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ «6» بْنِ عمرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «7» «أَنَا مُحَمَّدٌ، النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ؛ لَا نَبِيَّ بَعْدِي؛ أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ، وَعُلِّمْتُ خَزَنَةَ النَّارِ، وَحَمَلَةَ الْعَرْشِ» .
وَعَنِ «8» ابن عمر «9» رضي الله عنه «بعثت بين يدي الساعة»
__________
(1) رواها مسلم.
(2) عنه: أي عن أبي هريرة:
(3) عقبة بن عامر بن عيسى الجهني الصحابي المشهور، رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيرا، كان قارئا عالما بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرا كاتبا، وهو أحد من جمع القرآن سنة 58 هـ.
(4) رواه الشيخان.
(5) الفرط: الذي يتقدم القوم للماء.
(6) تقدمت ترجمته في ص «72» رقم «2» .
(7) رواه أحمد بسند حسن.
(8) رواه أحمد بسند حسن. وللشيخين والترمذي عن أنس: بعثت أنا والساعة كهاتين.
(9) تقدمت ترجمته في ص «182» رقم «1» .

(1/331)


وفي رِوَايَةِ ابْنِ «1» وَهْبٍ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «2» : «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
سَلْ يَا مُحَمَّدُ.. فَقُلْتُ: مَا أَسْأَلُ يَا رَبِّ. اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَاصْطَفَيْتَ نُوحًا، وَأَعْطَيْتَ سُلَيْمَانَ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ.
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا أَعْطَيْتُكَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ.
- أَعْطَيْتُكَ الْكَوْثَرَ، وَجَعَلْتُ اسْمَكَ مَعَ اسْمِي يُنَادَى بِهِ فِي جَوْفِ السَّمَاءِ، وَجَعَلْتُ الْأَرْضَ طَهُورًا لَكَ وَلِأُمَّتِكَ، وَغَفَرْتُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَأَنْتَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَغْفُورًا لَكَ، وَلَمْ أَصْنَعْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ، وَجَعَلْتُ قُلُوبَ أُمَّتِكَ مَصَاحِفَهَا.
وَخَبَّأْتُ لك شفاعتك ولم أخبأها لِنَبِيٍّ غَيْرِكَ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «3» رَوَاهُ حُذَيْفَةُ «4»
«بَشَّرَنِي- يَعْنِي «5» رَبَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ، أَوَّلُ مَنْ يدخل الجنة
__________
(1) هو أبو عبد الله أبو محمد بن وهب بن مسلم الفهري المصري أحد الاعلام في الحديث طلب للقضاء فجنب نفسه وانقطع الى ان مات سنة 197 هـ.
(2) رواه البيهقي من حديث اسماء في الاسراء حيث أتى سدرة المنتهى.
(3) كما في تاريخ ابن عساكر مرفوعا.
(4) تقدمت ترجمته في ص «64» رقم «4» .
(5) كلام المصنف او من قبله.

(1/332)


مَعِي مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ وَأَعْطَانِي، أَلَّا تَجُوعَ أُمَّتِي، وَلَا تُغْلَبَ، وَأَعْطَانِي، النَّصْرَ وَالْعِزَّةَ، وَالرُّعْبَ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْ أُمَّتِي شَهْرًا.
- وَطَيَّبَ لِي وَلِأُمَّتِي الْمَغَانِمَ «1» .
- وَأَحَلَّ لَنَا كَثِيرًا مِمَّا شَدَّدَ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْنَا فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «2» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» «مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَقَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
مَعْنَى هَذَا عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ: بَقَاءُ مُعْجِزَتِهِ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا. وَسَائِرُ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ذَهَبَتْ لِلْحِينِ، وَلَمْ يُشَاهِدْهَا إِلَّا الْحَاضِرُ لَهَا.
وَمُعْجِزَةُ الْقُرْآنِ يَقِفُ عَلَيْهَا قَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ عَيَانًا لا خبرا الى يوم القيامة.
__________
(1) وفي نسخة «الغنائم» .
(2) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «5» .
(3) رواه الشيخان.

(1/333)


وَفِيهِ كَلَامٌ يَطُولُ، هَذَا نُخْبَتُهُ.
وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِيهِ. وَفِيمَا ذُكِرَ فِيهِ سِوَى هَذَا آخِرَ بَابِ الْمُعْجِزَاتِ.
وَعَنْ «1» عَلِيٍّ «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُلُّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ سَبْعَةَ نُجَبَاءَ، وُزَرَاءَ، رُفَقَاءَ، مِنْ أُمَتِّهِ، وَأُعْطِيَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَجِيبًا، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٌ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «3» «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي. وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» .
وَعَنِ «4» الْعِرْبَاضِ «5» بْنِ سارية رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَعِدَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وبشارة عيسى بن مريم» .
__________
(1) رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه.
(2) تقدمت ترجمته في ص «54» رقم «4» .
(3) كما في الصحيحين.
(4) رواه أحمد والبيهقي والحاكم وقال انه صحيح الاسناد.
(5) عرباض بن سارية السلمي: أبو نجيح صحابي مشهور من أهل الصفة وهو ممن نزل فيه قوله تعالى: «ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت: لا اجد ما أحملكم عليه تولوا واعينهم تفيض من الدمع. كان قديم الاسلام ومات سنة 75.

(1/334)


وَعَنِ «1» ابْنِ عَبَّاسٍ «2» قَالَ: إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ السماء وعلى الأنبياء صلوات الله وسلامه عَلَيْهِمْ.
قَالُوا: فَمَا فَضْلُهُ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ؟ ..
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِأَهْلِ السَّمَاءِ: «وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ» «3» الْآيَةَ.
وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً «4» » الآية.
قالوا: وما فَضْلُهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ؟ ..
قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ «5» » الْآيَةَ.
وَقَالَ: لِمُحَمَّدٍ «وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ «6» » .
__________
(1) رواه البيهقي، والدارمي وابن أبي حاتم.
(2) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .
(3) «فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ» سورة الأنبياء 29.
(4) «.... لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً» سورة الفتح 2. ومن هذا الخطاب يتبين مغفرة الله لنبيه صلّى الله عليه وسلم سابقا ولا حقا بينما وجه انذاره لملائكة السماء في الاية المتقدمة.
(5) «.... لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» سورة ابراهيم رقم «4» .
(6) سورة سبأ «28» .

(1/335)


وَعَنْ «1» خَالِدِ «2» بْنِ مَعْدَانَ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ- وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ «3» ، وَشَدَّادِ «4» بْنِ أَوْسٍ، وَأَنَسِ «5» بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- فَقَالَ: «نَعَمْ ... أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ- يَعْنِي قَوْلَهُ: «رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ «6» » .
وَبَشَّرَ بِي عِيسَى. وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ. وَاسْتُرْضِعْتُ فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَبَيْنَا أَنَا مَعَ أَخٍ لِي خَلْفَ بُيُوتِنَا نَرْعَى بُهْمًا لَنَا، إِذْ جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ- وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ- بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مملوّة ثلجا، فأخذاني فشقا بطني- قال في غير هذا
__________
(1) هذا الحديث روي من طرق. ورواه ابن اسحق مرسلا، والدارمي واحمد موصولا عن خالد عن عبد الرّحمن السلمي عن عتبة بن عبد السلمي.
(2) تابعي شامي روى عن ابن عمر وثوبان ومعاوية، من كبار التابعين وزهادهم ادرك سبعين من الصحابة أخرج له الأئمة الستة، كان يسبح في اليوم والليلة أربعين الف تسبيحة مات سنة 104 هـ.
(3) تقدمت ترجمته في ص «285» رقم «1» .
(4) شداد بن أوس بن ثابت بن منذر ابن أخي حسان بن ثابت صحابي نزل بيت المقدس وتوفي بالشام سنة 58 هـ.
(5) تقدمت ترجمته في ص «47» رقم «1» .
(6) سورة البقرة «129» .

(1/336)


الحديث، من نحري إلى مراقّ بَطْنِي- ثُمَّ اسْتَخْرَجَا مِنْهُ قَلْبِي، فَشَقَّاهُ، فَاسْتَخْرَجَا منه علقة سوداء فطر حاها، ثُمَّ غَسَلَا قَلْبِي وَبَطْنِي بِذَلِكَ الثَّلْجِ حَتَّى أَنْقَيَاهُ- قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ- ثُمَّ تَنَاوَلْ أَحَدُهُمَا شَيْئًا، فَإِذَا بِخَاتَمٍ فِي يَدِهِ مِنْ نُورٍ، يَحَارُ النَّاظِرُ دُونَهُ، فَخَتَمَ بِهِ قَلْبِي فَامْتَلَأَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ، وَأَمَرَّ الْآخَرُ يَدَهُ عَلَى مَفْرَقِ صَدْرِي فَالْتَأَمَ.»
وَفِي رِوَايَةٍ «1» : إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: «قَلْبٌ وَكِيعٌ- أَيْ شديد- فِيهِ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَأُذُنَانِ سَمِيعَتَانَ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ،
زِنْهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِي بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بمئة مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ. ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِي بِهِمْ فَوَزَنْتُهُمْ ثُمَّ قَالَ: دَعْهُ عَنْكَ، فَلَوْ وَزَنْتَهُ بِأُمَّتِهِ لَوَزَنَهَا» .
قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
«ثُمَّ ضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ، وَقَبَّلُوا رَأْسِي، وَمَا بَيْنَ عَيْنَيَّ ثم قالوا: يا حبيب الله لم تُرَعْ، إِنَّكَ لَوْ تَدْرِي مَا يُرَادُ بِكَ من الخير لقرّت عيناك.
__________
(1) للدارمي وابو نعيم في الدلائل.

(1/337)


وَفِي بَقِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِمْ:
«مَا أَكْرَمَكَ عَلَى اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ مَعَكَ وَمَلَائِكَتَهُ» .
قَالَ «1» فِي حَدِيثِ «2» أَبِي ذَرٍّ «3» .
«فَمَا هُوَ إِلَّا أَنَّ وَلَّيَا عَنِّي، فَكَأَنَّمَا أَرَى الْأَمْرَ معاينة» .
وحكى أبو محمد «4» المكّي، وأبو اللَّيْثِ «5» السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ آدَمَ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ قَالَ «6» «اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي- ويروى- وتقبل تَوْبَتِي» .
فَقَالَ لَهُ اللَّهُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ محمدا؟ ..
قال: رَأَيْتُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. - وَيُرْوَى: مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي- فَعَلِمْتُ أَنَّهُ أَكْرَمُ خَلْقِكَ عَلَيْكَ» .
فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ.
__________
(1) النبي صلّى الله عليه وسلم.
(2) رواه الدارمي.
(3) تقدمت ترجمته في ص «285» رقم «1» .
(4) تقدمت ترجمته في ص «67» رقم «7» .
(5) تقدمت ترجمته في ص «51» رقم «2» .
(6) كما رواه البيهقي والطبراني من حديث ابن عمر بسند ضعيف.

(1/338)


وَهَذَا عِنْدَ قَائِلِهِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
«فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ «1» » .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَقَالَ آدَمُ: لَمَّا خَلَقْتَنِي رَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى عَرْشِكَ فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ.. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْظَمُ قَدْرًا عِنْدَكَ مِمَّنْ جَعَلْتَ اسْمَهُ مَعَ اسْمِكَ» .
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي إِنَّهُ لَآخِرُ النَّبِيِّينَ مِنْ ذريتك، ولو لاه مَا خَلَقْتُكَ.
قَالَ: وَكَانَ آدَمُ يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ «2» .
وَقِيلَ: بِأَبِي الْبَشَرِ «3» .
وَرُوِيَ عَنْ سُرَيْجِ «4» بْنِ يُونُسَ أَنَّهُ قَالَ:
إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سيّاحين، عبادتها على كُلُّ دَارٍ فِيهَا أَحْمَدُ أَوْ مُحَمَّدٌ، إِكْرَامًا منهم لمحمد صلّى الله عليه وسلم.
__________
(1) سورة البقرة «27» .
(2) كما رواه البيهقي عن علي مرفوعا ووجه تخصيصه لأنه أشرف أولاده، أو للتشرف بإسناده.
(3) رواه ابن قانع في معجم الصحابة له ورواه الطبراني.
(4) سريج بن يونس بن ابراهيم الحارث البغدادي العابد القدوة أحد أئمة الحديث روى عنه مسلم والبغوي وأبو حاتم توفي سنة 235 هـ.

(1/339)


وَرَوَى ابْنُ قَانِعٍ الْقَاضِي «1» عَنْ أَبِي الْحَمْرَاءِ «2» قَالَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ إِذَا عَلَى الْعَرْشِ مَكْتُوبٌ.. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ..»
وَفِي التَّفْسِيرِ عَنِ «3» ابْنِ عَبَّاسٍ «4» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما «5» » .
قال «6» : لوح من ذهب مَكْتُوبٌ: عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَنْصَبُ. عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ كَيْفَ يَضْحَكُ، عَجَبًا لمن رأى الدنيا وتقلّبها بِأَهْلِهَا كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا. أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا.. مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي.»
وَعَنِ «7» ابْنِ عَبَّاسٍ «8» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبٌ:
إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، لَا أُعَذِّبُ من قالها» .
__________
(1) هو عبد اليافي بن فانع بن مرزوق الأموي البغدادي صاحب معجم الصحابة توفي سنة 351 هـ. وروى الحديث ابن قانع في معجم الصحابة له ورواه الطبراني.
(2) ويعرف باسم أبي الحمراء وهما صحابيان أحدهما مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسمه هلال بن الحارث أو ابن ظفر وكان بحمص، ومن الصحابة أبو الحمراء مولى آل عفراء البدري ولا يعرف له رواية.
(3) كما رواه الخطيب فيما رواه مالك عنه.
(4) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .
(5) سورة الكهف 82.
(6) رواه البزار مرفوعا من حديث أبي ذر وموقوفا على عمر وعلي.
(7) قال الدلجي: لا أعلم من رواه عنه.
(8) تقدمت ترجمته في ص «52» رقم «6» .

(1/340)


وَذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ عَلَى الْحِجَارَةِ الْقَدِيمَةِ مَكْتُوبٌ «مُحَمَّدٌ تَقِيٌّ مُصْلِحٌ، وَسَيِّدٌ أَمِينٌ» .
وَذَكَرَ السِّمِنْطَارِيُّ «1» : أَنَّهُ شَاهَدَ فِي بَعْضِ بِلَادِ خُرَاسَانَ مَوْلُودًا وُلِدَ، عَلَى أَحَدِ جَنْبَيْهِ مَكْتُوبٌ.. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ..
وَعَلَى الْآخَرِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.»
وَذَكَرَ الْأَخْبَارِيُّونَ: أَنَّ بِبِلَادِ الْهِنْدِ وَرْدًا أَحْمَرَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ بِالْأَبْيَضِ.. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
وَرُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ «2» بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ: أَلَا لِيَقُمْ مَنِ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ لِكَرَامَةِ اسْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ «3» فِي «سَمَاعِهِ «4» » وَابْنُ وهب «5» في «جامعه «6» » عن مالك «7» :
__________
(1) نسبة لسمنطار قرية من جزائر الغرب وهو أبكر بن عتيق بن علي أحد عباد الجزيرة وزهادها وهو من الأجلة وله تأليف في فنون وعلوم
(2) تقدمت ترجمته في ص «55» رقم «6» .
(3) أبي العتيقي عبد الرّحمن جمع بين الزهد والعلم صحب مالكا عشرين سنة أخرج له البخاري وأبو داوود والنسائي وهو من الثقات مات بمصر سنة 191 هـ.
(4) في سماعه عن شيوخه.
(5) عبد الله بن وهب أبو محمد تفقه بمالك وروى عنه وعن غيره وصنف الموطا الكبير والصغير توفي سنة 196 هـ.
(6) جامعه: في كتاب له ألفه.
(7) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر ولد سنة 95 هـ الإمام المشهور في الفقه والحديث وكفاه فخرا أن الشافعي من أصحابه وكان مبالغا في تعظيم العلم والدين توفي سنة 179.

(1/341)


سَمِعْتُ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: «مَا مِنْ بَيْتٍ فيه اسم محمد إلا نمى، وَرُزِقُوا، وَرُزِقَ جِيرَانُهُمْ.»
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» «مَا ضَرَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ مُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدَانِ وَثَلَاثَةٌ» .
وَعَنْ «2» عَبْدِ اللَّهِ بْنِ «3» مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ تعالى نظر إلى قلوب العباد فاختار مِنْهَا قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ.
وَحَكَى النَّقَّاشُ «4» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَتْ «وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً «5» » الآية. قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: يَا «مَعْشَرَ أَهْلِ الْإِيمَانِ.. إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَضَّلَنِي عَلَيْكُمْ تَفْضِيلًا، وَفَضَّلَ نسائي على نسائكم تفضيلا.»
الحديث..
__________
(1) رواه ابن سعد من حديث عثمان العمري مرفوعا.
(2) رواه احمد والبزار والطبراني.
(3) تقدمت ترجمته في ص «256» رقم «22» .
(4) تقدمت ترجمته في ص «90» رقم «1» .
(5) «إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً» سورة الاحزاب 53.

(1/342)