الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل الحادي عشر الوسيلة والدّرجة الرفيعة والكوثر والفضيلة فِي تَفْضِيلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الجنة بالوسيلة والدرجة الرفيعة والكوثر
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «1» بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «2» :
«إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا.. ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله.. وأرجو أن أكون أنا هو
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص «72» رقم «2» .
(2) قال الحلبي: هذا الحديث أخرجه القاضي من سنن أبي داود. وقد أخرجه أبو داود في الصلاة. وأخرجه مسلم أيضا فيها بالسند الذي أخرجه أبو داود سواء إلا أنه قال عن ابن وهب عن حيوة بن شريح وسعيد بن أيوب وغيرهم كلهم عن كعب بن علقمة به. وأخرجه الترمذي في المناقب وقال صحيح. والنسائي في الصلاة وفي اليوم والليلة. وإنما أخرجه المصنف من عند أبي داود ولم يخرجه من عند مسلم للتنوع في الروايات ولان بينه وبين أبي داود في هذا الحديث خمسة اشخاص بالسماع. وليس كذلك مسلم.

(1/434)


فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ.
وَفِي حَدِيثٍ «1» آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «2» : «الْوَسِيلَةُ «3» » أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ.
وَعَنْ أَنَسٍ «4» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «5» : «بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذْ عَرَضَ لِي نَهْرٌ حَافَّتَاهُ «6» قِبَابُ «7» اللُّؤْلُؤِ.. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ:
مَا هَذَا؟؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ.. قَالَ: ثُمَّ ضَرَبَ «8» بِيَدِهِ إِلَى طينته فاستخرج مسكا» .
وَعَنْ عَائِشَةَ «9» وَعَبْدِ اللَّهِ «10» بْنِ عَمْرٍو مِثْلُهُ قَالَ: «وَمَجْرَاهُ عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَمَاؤُهُ أَحْلَى من العسل، وأبيض من الثلج» .
__________
(1) رواه الترمذي.
(2) تقدمت ترجمته في ص «31» رقم «5»
(3) الوسيلة: أصل الوسيلة أمر يكون موصولا لأمر تبتغيه كالهدية والتودد ونحوه يقول تعالى: «وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ» سورة (المائدة آية (25) وحقيقة الوسيلة الى الله تعالى مراعاة سبيلها بالعلم والعباد وتحري مكارم الشريعة وهي كالقربة. والمراد بها منزلة عالية في الجنة فهو مجاز من باب اطلاق السبب على المسبب، وقال ابن كثير: «الوسيلة أقرب منازل الجنة الى العرش وأعلاها وأشرفها» .
(4) تقدمت ترجمته في ص (47) رقم (1)
(5) رواه الشيخان.
(6) حافتاه: بتخفيف الفاء المفتوحة أي جانباه وشطاه.
(7) القباب: جمع قبة وهي القبة المعروفة او هي بيت صغير تبنيه العرب لتنزل فيه.
(8) ضرب يده: مجاز عن إدخالها فيه
(9) تقدمت ترجمتها في ص «146» رقم «5»
(10) تقدمت ترجمته آنفا.

(1/435)


وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ «فَإِذَا هُوَ يَجْرِي وَلَمْ يُشَقَّ «1» شَقًّا، عَلَيْهِ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي» - وَذِكْرُ حَدِيثِ الْحَوْضِ-
وَنَحْوِهِ «2» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «3» ..
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «4» أَيْضًا قَالَ «5» : الْكَوْثَرُ «6» » الْخَيْرُ الكثير الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ «7» بْنُ جُبَيْرٍ: «وَالنَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الذي أعطاه الله» .
__________
(1) أي لا يشق الارض بشدة جريه وكذا سائر أنهار الجنة تجري من غير أن تتخذ أخدودا، ويشق مبنيا للفاعل لما ورد في الحديث أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا تظنوا أن أنهار الجنة أخدودا لا والله إنها سابحة على وجه الارض» .
(2) رواه البخاري.
(3) تقدمت ترجمته في ص (52) رقم (6)
(4) تقدمت ترجمته في ص (52) رقم (6)
(5) كما في البخاري.
(6) وهذا بناء على أنه فوعل من الكثرة مطلقا ثم خص الكثير من الخير وبالنهر الذي في الجنة فان أراد ابن عباس بهذا بيان ما وضع له لغة أو بيان معنى عام خاص في الحديث والآية فلا كلام فيه وإن أراد تفسير ما في الآية الواردة في سورة الكوثر هو (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) . فالاحاديث الصحيحة وردت بخلافه أو في الآية ستة عشر قولا منها، فقيل إنه النهر السابق ذكره، وقيل النبوة وقيل القرآن وقيل الاسلام وقيل تحقيقات الشريعة وقيل كثرة الامة وقيل رفعة الذكر وقيل نور النبوة المحمدية وقيل كثرة المعجزات وقيل الدعوات المجابة له صلّى الله عليه وسلم، وقيل كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقيل الفقه في الدين، وقيل الخمس صلوات التي خصت بها أمته صلّى الله عليه وسلم وقيل الحوض والاصح انه نهر في الجنة مخصوص.
(7) تقدمت ترجمته في ص (58) رقم (4) .

(1/436)


وَعَنْ حُذَيْفَةَ «1» فِيمَا ذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن ربّه: فأعطاني الكوثر نهرا من الْجَنَّةِ يَسِيلُ فِي حَوْضِي» .
وَعَنِ «2» ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى «3» » قَالَ: «أَلْفُ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ، تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ، وَفِيهِ مَا يُصْلِحُهُنَّ» .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «وَفِيهِ ما ينبغي له من الأزواج والخدم» .
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص (64) رقم (4) .
(2) كما روى ابن جرير وابن أبي حاتم بسند صحيح.
(3) سورة الضحى 5.

(1/437)