الشفا
بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد الْفَصْلُ الْحَادِي عَشَرَ وُجُوهٌ
أُخْرَى لِلْإِعْجَازِ
وَقَدْ عَدَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِي الْأُمَّةِ فِي
إِعْجَازِهِ وُجُوهًا كَثِيرَةً مِنْهَا: أَنَّ قَارِئَهُ لَا يَمَلُّهُ،
وَسَامِعَهُ لَا يَمُجُّهُ «1» .. بَلِ الْإِكْبَابُ عَلَى تِلَاوَتِهِ
يَزِيدُهُ حَلَاوَةً.. وَتَرْدِيدُهُ يُوجِبُ لَهُ مَحَبَّةً.. لَا يَزَالُ
غَضًّا طَرِيًّا.. وَغَيْرُهُ مِنَ الْكَلَامِ.. وَلَوْ بَلَغَ فِي
الْحُسْنِ وَالْبَلَاغَةِ مَبْلَغَهُ يُمَلُّ مَعَ التَّرْدِيدِ،
وَيُعَادَى إِذَا أُعِيدَ وَكِتَابُنَا يُسْتَلَذُّ بِهِ فِي
الْخَلَوَاتِ.. وَيُؤْنَسُ بِتِلَاوَتِهِ فِي الْأَزَمَاتِ.. وَسِوَاهُ
مِنَ الْكُتُبِ لَا يُوجَدُ فِيهَا ذَلِكَ.. حتى أحدث لها أَصْحَابُهَا
لُحُونًا وَطُرُقًا يَسْتَجْلِبُونَ بِتِلْكَ اللُّحُونِ تَنْشِيطَهُمْ على
قراءتها.
__________
(1) يمجه: أي لا يكره تكراره على سامعه يقال مج الشراب إذا رماه من فيه
فالمج حقيقة طرح المائع من الفم فان كان غير مائع يقال لفظه فاقام الأذن
مقام الفم واللفظ مقام الماء لرقته ولطفه وهي استعارة لطيفة.
(1/535)
وَلِهَذَا وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ «1» : «لَا يَخْلَقُ «2»
عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عِبَرُهُ وَلَا تَفْنَى
عَجَائِبُهُ.. هُوَ الْفَصْلُ «3» لَيْسَ بِالْهَزْلِ لَا يَشْبَعُ مِنْهُ
الْعُلَمَاءُ وَلَا تَزِيغُ «4» بِهِ الْأَهْوَاءُ.. وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ
الْأَلْسِنَةُ.. هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ حِينَ سَمِعَتْهُ
أَنْ قَالُوا «إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ
«5» » .
وَمِنْهَا: جَمْعُهُ لِعُلُومٍ وَمَعَارِفَ لَمْ تَعْهَدِ الْعَرَبُ
عَامَّةً وَلَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ
نُبُوَّتِهِ خَاصَّةً بِمَعْرِفَتِهَا وَلَا الْقِيَامِ بِهَا.. وَلَا
يُحِيطُ بِهَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَمِ.. ولا يشتمل عليها كتاب على
كُتُبِهِمْ..
فَجَمَعَ فِيهِ مِنْ بَيَانِ عَلْمِ الشَّرَائِعِ والتنبه عَلَى طُرُقِ
الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّاتِ.
وَالرَّدِّ عَلَى فِرَقِ الْأُمَمِ بِبَرَاهِينَ قَوِيَّةٍ وَأَدِلَّةٍ
بَيِّنَةٍ سَهْلَةِ الْأَلْفَاظِ مُوجَزَةِ الْمَقَاصِدِ.. رَامَ
الْمُتَحَذْلِقُونَ «6» بَعْدَ أَنْ يَنْصِبُوا أدلة مثلها فلم
__________
(1) رواه الترمذي عن علي مرفوعا بدون قوله: «هو الذي أرشده الجن» ورواه
غيره.
(2) لا يخلق: بفتح الياء وضم اللام ويجوز فتحها أي لا يبلى ولا يتغير حاله
بمرور الزمان.
(3) العقل: أي الجد الفاصل بين الحق والباطل.
(4) أي لا يضل من اتبعه ويميل الى هوى نفسه الامارة بالسوء.
(5) فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا سورة الجن 1، 2.
(6) المتحذلقون: جمع متحذاق بزنه اسم الفاعل بحاء مهملة وذال معجمه ولام
وقاف وهو مدعي الحذق وهو سرعة الفهم (أي قصد مدعي الذكاء في العلم وإقامة
البراهين)
(1/536)
يَقْدِرُوا عَلَيْهَا ... كَقَوْلِهِ
تَعَالَى: «أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ
عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى «1» » . وَ «قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي
أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ «2» » وَ «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا
اللَّهُ لَفَسَدَتا «3» » إِلَى مَا حَوَاهُ مِنْ عُلُومِ السِّيَرِ،
وَأَنْبَاءِ الْأُمَمِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْحِكَمِ، وَأَخْبَارِ الدَّارِ
الْآخِرَةِ، وَمَحَاسِنِ الْآدَابِ وَالشِّيَمِ «4» ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ
اسْمُهُ «مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ «5» » و «وَنَزَّلْنا
عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ»
» و «وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ
«7» » .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «8» «إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ
هَذَا الْقُرْآنَ آمِرًا وَزَاجِرًا وَسُنَّةً خَالِيَةً «9» ، وَمَثَلًا
مَضْرُوبًا.. فِيهِ نَبَؤُكُمْ وَخَبَرُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ.. وَنَبَأُ
مَا بَعْدَكُمْ.. وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ.. لا يخلقه طول
__________
(1) «وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ» سورة يس اية. 81.
(2) «وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ» سورة يس اية 715.
(3) «فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ» سورة الانبياء
آية 22.
(4) الشيم: بشين معجمة مثناة تحتية وبهمز أيضا بزنه عنب جمع شيمة وهي
الطبيعة
(5) «ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» سورة الأنعام اية «38» .
(6) «وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ» سورة النمل آية «89» .
(7) «وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ
أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ» سورة الروم آية «58» .
(8) رواه الترمذي عن علي وتقدم بعضه.
(9) أي طريقة متبعة مستقيمة لمن كان قبلكم من الأمم من خلا بمعنى ذهب ومضى.
(1/537)
الرَّدِّ.. وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ..
هُوَ الْحَقُّ لَيْسَ بِالْهَزْلِ.. مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ.. وَمَنْ
حَكَمَ بِهِ عَدَلَ.. وَمَنْ خَاصَمَ بِهِ فَلَجَ «1» وَمَنْ قَسَمَ «2»
بِهِ أَقْسَطَ «3» .. وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ.. وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ
هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.. من طَلَبَ الْهُدَى مِنْ غَيْرِهِ
أَضَلَّهُ اللَّهُ..
وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِهِ قَصَمَهُ «4» اللَّهُ.. هُوَ الذِّكْرُ
الْحَكِيمُ.. وَالنُّورُ الْمُبِينُ.. وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ..
وَحَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ عِصْمَةٌ لِمَنْ
تَمَسَّكَ بِهِ.. وَنَجَاةٌ لمن اتبعه.. لا يعوج فيقوّم..
ولا يزيع فَيُسْتَعْتَبَ «5» وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ.. وَلَا يَخْلَقُ
عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ.. وَنَحْوُهُ «6» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ «7» ..
وَقَالَ فيه:
ولا يختلف.. ولا يتشانّ «8» .. فيه فنبأ الأولين والآخرين.
__________
(1) فلج: بفتح الفاء واللام وبجيم يقال فلج إذا فاز وظفر بالغلبة.
(2) قسم: بفتح القاف والسين المخففة أي من تولى قسيمة أمر فقسمها بما في
كتاب الله كقسمة المواريث والغنائم وغيرها عدل.
(3) أقسط: يقال قسط إذا جار وأقسط بالهمزة إذا عدل فهو مقسط فالهمزة للسلب
كأشكيته إذا زالت شكايته وهو مأخوذ من القسط وهو الميزان كالقسطاس.
(4) قصمه: أي قتله وأهلكه هلاكا شديدا.
(5) أي لا يميل عن الحق والصواب لذلك لا يستحق العقاب واللوم.
(6) نحوه في المعنى مع اختلاف في المبنى. كما رواه الحاكم عنه مرفوعا.
(7) تقدمت ترجمته في ص «214» رقم «2» .
(8) يتشان: بفتح الياء التحتية والتاء الفوقية والشين المعجمة وألف بعدها
نون مشددة من الشن وهي القربة البالية فهو مستعار للبلا والفناء أي لا تذهب
طلاوته ولا تبلى طراوته.
(1/538)
وَفِي الْحَدِيثِ «1» ، قَالَ اللَّهُ
تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي
مُنَزِّلٌ عَلَيْكَ تَوْرَاةً حَدِيثَةً. تَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا
عُمْيًا.. وَآذَانًا صُمًّا..
وَقُلُوبًا غُلْفًا.. فِيهَا يَنَابِيعُ الْعِلْمِ.. وَفَهْمُ
الْحِكْمَةِ.. وَرَبِيعُ الْقُلُوبِ» وَعَنْ كَعْبٍ «2» «عَلَيْكُمْ
بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ فَهْمُ الْعُقُولِ.
وَنُورُ الْحِكْمَةِ» .
وَقَالَ تَعَالَى: «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ
أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ «3» » . وقال: «هذا بَيانٌ
لِلنَّاسِ وَهُدىً «4» » الْآيَةَ. فَجُمِعَ فِيهِ مَعَ وَجَازَةِ
أَلْفَاظِهِ وَجَوَامِعِ كَلِمِهِ أَضْعَافُ مَا فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ..
الَّتِي أَلْفَاظُهَا عَلَى الضِّعْفِ مِنْهُ مَرَّاتٍ.
وَمِنْهَا: جَمْعُهُ فِيهِ بَيْنَ الدَّلِيلِ «5» وَمَدْلُولِهِ «6» ..
وَذَلِكَ أَنَّهُ احْتَجَّ بِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَحُسْنِ وَصْفِهِ
وَإِيجَازِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَأَثْنَاءَ هَذِهِ الْبَلَاغَةِ أَمْرُهُ
وَنَهْيُهُ وَوَعْدُهُ وَوَعِيدُهُ.. فَالتَّالِي له يفهم موضع الحجة
__________
(1) رواه ابن الضريس في فضائل القرآن عن كعب رضي الله عنه، وأخرجه ابن أبي
شيبة في المصنف عن مغيث بن سمي مرفوعا مرسلا بلفظ (أنزلت علي توراة محدثة
فيها نور الحكمة وينابيع العلم ليفتح بها أعينا عميا، وقلوبا غلظا، وآذانا
صما» .
(2) تقدمت ترجمته في ص (58) رقم (3) .
(3) سورة النمل اية (76) .
(4) «وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ» سورة آل عمران آية «138» .
(5) الدليل: هو الدال المرشد إلى ما يمكن التوصل بالنظر فيه إلى مطلوب خبري
(6) المدلول: هو المطلوب بالدليل هنا.
(1/539)
وَالتَّكْلِيفِ مَعًا مِنْ كَلَامٍ
وَاحِدٍ، وَسُورَةٍ مُنْفَرِدَةٍ.
وَمِنْهَا: أَنَّ جَعْلَهُ فِي حَيِّزِ الْمَنْظُومِ الَّذِي لم يعهد، ولم
يكن في الْمَنْثُورِ.. لِأَنَّ الْمَنْظُومَ أَسْهَلُ عَلَى النُّفُوسِ..
وَأَوْعَى للقلوب، وأسمح فِي الْآذَانِ.. وَأَحْلَى عَلَى الْأَفْهَامِ،
فَالنَّاسُ إِلَيْهِ أميل..
والأهواء إليه أسرع.. ومنا: تيسيره تعالى حفظه لمتعلمه..
وَتَقْرِيبُهُ عَلَى مُتَحَفِّظِيهِ..
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ «1» »
وَسَائِرُ الْأُمَمِ لَا يَحْفَظُ كُتُبَهَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فَكَيْفَ
الْجَمَّاءُ عَلَى مُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهِمْ.. وَالْقُرْآنُ مُيَسَّرٌ
حِفْظُهُ لِلْغِلْمَانِ فِي أَقْرَبِ مُدَّةٍ.
وَمِنْهَا: مُشَاكَلَةُ «2» بَعْضِ أَجْزَائِهِ بَعْضًا.. وَحُسْنُ
ائْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا.. والتتئام أَقْسَامِهَا.. وَحُسْنُ التَّخَلُّصِ
مِنْ قِصَّةٍ إِلَى أُخْرَى.. وَالْخُرُوجِ مِنْ بَابٍ إِلَى غَيْرِهِ
عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِيهِ..
وَانْقِسَامُ السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى: أَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَخَبَرٍ
وَاسْتِخْبَارٍ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ وَإِثْبَاتِ نُبُوَّةٍ وَتَوْحِيدٍ
وتقرير «3» وترغيب
__________
(1) «فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» سورة القمر آية «17» .
(2) أي مشاكلة بعضه لبعض.
(3) لبعض ما شرع أولا.
(1/540)
وَتَرْهِيبٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ
فَوَائِدِهِ.. دُونَ خَلَلٍ يَتَخَلَّلُ فُصُولَهُ.
وَالْكَلَامُ الْفَصِيحُ إِذَا اعْتَوَرَهُ «1» مِثْلُ هَذَا ضَعُفَتْ
قُوَّتُهُ.. وَلَانَتْ جَزَالَتُهُ.. وَقَلَّ رونقه.. وتقلقلت ألفاظه..
فتأمل أول «ص «2» » وَمَا جُمِعَ فِيهَا مِنْ أَخْبَارِ الْكُفَّارِ،
وَشِقَاقِهِمْ، وَتَقْرِيعِهِمْ بِإِهْلَاكِ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِهِمْ..
وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. وَتَعَجُّبِهِمْ مِمَّا أَتَى بِهِ، وَالْخَبَرِ عَنِ
اجْتِمَاعِ مَلَئِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ.. وَمَا ظَهَرَ مِنَ الْحَسَدِ فِي
كَلَامِهِمْ..
وَتَعْجِيزِهِمْ. وَتَوْهِينِهِمْ.. وَوَعِيدِهِمْ بِخِزْيِ الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ..
وَتَكْذِيبِ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ.. وَإِهْلَاكِ اللَّهِ لَهُمْ..
وَوَعِيدِ هَؤُلَاءِ مِثْلَ مُصَابِهِمْ.. وَتَصْبِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَذَاهُمْ.. وَتَسْلِيَتِهِ بِكُلِّ مَا
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. ثُمَّ أَخَذَ فِي ذكر داوود «3» .. وَقَصَصِ
الْأَنْبِيَاءِ..
كُلُّ هَذَا فِي أَوْجَزِ كَلَامٍ، وأحسن نظام.. ومنها: الْجُمْلَةُ
الْكَثِيرَةُ الَّتِي انْطَوَتْ عَلَيْهَا الْكَلِمَاتُ الْقَلِيلَةُ.
وَهَذَا كُلُّهُ.. وَكَثِيرٌ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ ذُكِرَ فِي
إِعْجَازِ الْقُرْآنِ إِلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. ذَكَرَهَا الأئمة لم
نذكرها.. إذ أكثرها داخل
__________
(1) اعتوره: أو ورد عليه.
(2) سورة «ص»
(3) تقدمت ترجمته في ص «197» رقم «6»
(1/541)
في باب بلاغته.. فلا نحب أَنْ يُعَدَّ
فَنًّا مُنْفَرِدًا فِي إِعْجَازِهِ..
إِلَّا فِي بَابِ تَفْصِيلِ فُنُونِ الْبَلَاغَةِ.. وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ
مِمَّا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عَنْهُمْ.. يُعَدُّ فِي خَوَاصِّهِ وفضائله..
لا في إِعْجَازِهِ. وَحَقِيقَةُ الْإِعْجَازِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ
الَّتِي ذَكَرْنَا، فَلْيُعْتَمَدْ عَلَيْهَا.
وَمَا بَعْدَهَا.. مِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي لَا
تَنْقَضِي.
وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
(1/542)
|