الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل السّادس ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلّم واثمه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «1» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «2» : رَغِمَ «3» أَنْفُ رَجُلٍ ذكرت عنده فلم يصل عليّ.. رغم أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ «4» قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ. وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ.
قَالَ عبد الرحمن «5» وأظنه قال «6» - أو أحدهما-
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5» .
(2) الحديث مسند رواه الترمذي.
(3) رغم: أصله لصق انفه بالرغام وهو التراب كناية عن الذل. والانف اعز عضو عند العرب.
(4) انسلخ: اصل الانسلاخ نزع جلد الحيوان ثم استعير لمجرد الخروج. أو للخروج مع شيء من الكراهية والالم.. (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) سورة الاعراف آية «175» .
(5) عبد الرحمن: بن اسحق، بن عبد الله بن الحارث بن كنانة القرشي العامري المدني ويقال له عباد بن اسحق وثقوه وضعفه بعضهم وله ترجمة في الميزان.
(6) القائل اما رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو ابو هريرة.

(2/177)


وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «1» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ «2» فَقَالَ: آمِينَ ثُمَّ صَعِدَ فَقَالَ: آمِينَ، ثُمَّ صَعِدَ فَقَالَ: آمِينَ، فَسَأَلَهُ مُعَاذٌ «3» عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ.. مَنْ سُمِّيتَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ: آمِينَ فَقُلْتُ: آمِينَ وَقَالَ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَمَاتَ مِثْلَ ذَلِكَ.. وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبِرَّهُمَا فَمَاتَ مِثْلَهُ.
وَعَنْ عَلِيِّ «4» بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «5» : الْبَخِيلُ «6» الَّذِي ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يصل علي..
__________
(1) رواه الحاكم وصححه عن كعب بن عجرة بطريق اطول من هذا كما رواه الطبراني عن ابن عباس، وانس، وعبد الله بن الحارث بن جزء وكعب بن عجرة، ومالك بن الحويرث، ورواه البزار عن جابر بن سمرة، وأبي هريرة، وعمار بن ياسر. قال ابن حجر في الزواجر: ولهذا الوعيد بتكرير الدعاء عليه بالبعد والحق، وعده أبخل الناس عدوا ترك الصلاة عند ذكره من الكبائر بناء على وجوبه كلما سمع ذكره كما ذهب اليه طائفة من الحنفية وغيرهم، ويمكن حمله على من ترك الصلاة لاشتغاله بلهو ولعب على وجه يشعر بالاستخفاف بحقه صلّى الله عليه وسلم فيكون الترك حينئذ كبيرة مفسقة فلا منافاة بين هذا وبين القول المتقدم بالوجوب.
(2) المنبر: مفعل بكسر الميم اسم آلة من نبر أي ارتفع.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «379» رقم «3» .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .
(5) حديث صحيح رواه الترمذي والبيهقي والنسائي رحمهم الله.
(6) تعريف البخيل ب (ال) ملائكة يفيد حصره أي لا بخيل الا هذا، والبخل هو الامساك عن بذل ما ينبغي شرعا أو مروءة.

(2/178)


وَعَنْ جَعْفَرِ «1» بْنِ مُحَمَّدٍ «2» عَنْ أَبِيهِ «3» قَالَ «4» : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من ذكرت عنده فلم يصل علي أخطيء بِهِ طَرِيقُ الْجَنَّةِ..
وَعَنْ عَلِيِّ «5» بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «6» قَالَ:
إِنَّ الْبَخِيلَ كُلَّ «7» الْبَخِيلِ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «8» قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «9» : أيّما «10» قوم جلسوا ثُمَّ تَفَرَّقُوا قَبْلَ أَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ وَيُصَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ «11» إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وإن شاء غفر لهم..
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «55» رقم «6» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «55» رقم «6» .
(3) ابوه: محمد الباقر وهو تابعي.
(4) فالحديث مرسل كما في شعب الايمان للبيهقي.. ورواه الطبراني في الكبير متصلا عن الحسين بن علي جده.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «54» رقم «4» .
(6) الحديث اخرجه البخاري في تاريخه، والنسائي والبيهقي.
(7) و (كل) هنا صفة للبخيل للمبالغة كأنه جمع افراده كلها. ويجب حينئذ اضافته لظاهر مماثل لموصوفه لفظا ومعنى كما قال الشاعر.
وان الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد
وقد يضاف لما يماثله معنى فقط.
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5» .
(9) رواه ابو داود والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه.
(10) أي هنا للعموم وما مزيدة أي كل قوم.
(11) ترة: لها معان منها: الظلم، والذنب، والنقص، والتبعة، وقد فسرت بالحيرة وهو اقربها لأنه ورد في رواية كما سيأتي.. وهي هنا اسم كان اما خبرها فتعلق الجار والمجرور عليهم. والهاء الاخيرة عوض عن فاء الفعل المحذوفة مثل عده وزنه.

(2/179)


وَعَنْ «1» أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ نَسِيَ «2» الصَّلَاةَ عَلَيَّ نَسِيَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ» .
وَعَنْ قَتَادَةَ «3» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «4» : «مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ أُذْكَرَ عِنْدَ الرَّجُلِ «5» فَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ» .
وَعَنْ جَابِرٍ «6» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «7» : «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَلَى غَيْرِ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَلَى أَنْتَنَ مِنْ رِيحِ الْجِيفَةِ.»
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ «8» عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ»
: لَا يَجْلِسُ قَوْمٌ «10» مَجْلِسًا لَا يُصَلُّونَ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ حسرة «11» وإن
__________
(1) رواه البيهقي في الشعب.
(2) نسي: بضم اوله وتشديد السين مبني للمجهول. وفي نسخة (نسي) للمعلوم. ولكن ضبطه الدلجي وتبعه الانطاكي بضم اوله وتشديد ثانيه.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «62» رقم «3» .
(4) من رواية عبد الرزاق عن معمر والحديث مرسل يستدل به في الفضائل دون الاحكام.
(5) لم يرد به رجلا معينا فهو نكرة في المعنى وان كان معرفة في المبنى. و (أل) هنا للجنس مثل (ولقد أمر على اللئيم يسبني) .
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «154» رقم «1» .
(7) في حديث رواه البيهقي والطيالسي والنسائي والضيا في المختار بسند صحيح الا انه فيه ذكر الله مع الصلاة.
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «63» رقم «1» .
(9) رواه البيهقي وسعيد بن منصور وغيرهما من طرق صحيحة.
(10) القوم: الجماعة. وقيل من الرجال فقط لقوله: اقوم آل حصن أم نساء ويطلق على ما يشملهم تغليبا وقيل: انه عام لكل جماعة. وهو المناسب هنا.
(11) الحسرة: هي في الاصل الانقطاع من حسرة الناقة اذا انقطعت عن البشر ثم اطلق على الندامة الشديدة.

(2/180)


دَخَلُوا الْجَنَّةَ لِمَا يَرَوْنَ مِنَ الثَّوَابِ..
وَحَكَى أَبُو عِيسَى «1» التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً فِي الْمَجْلِسِ أَجْزَأَ عنه ما كان في ذلك المجلس «2» ..
***
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «181» رقم «4» .
(2) فائدة: وقد ورد عنه صلّى الله عليه وسلم أن من قال اذا قام من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ان لا اله الا انت استغفرك وأتوب اليك غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك، فاذا ضم اليها الصلاة عليه حاز فضلا عظيما وكفر عنه ما صدر عنه وعن أهل مجلسه.. والله اعلم.

(2/181)