الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل السّابع تَخْصِيصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبْلِيغِ صَلَاةِ
مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ أَوْ سَلَّمَ مِنَ الْأَنَامِ عَنْ «1» أَبِي هُرَيْرَةَ «2» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ «3» .
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ «4» بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أبي هريرة «2» قال: قال
__________
(1) الحديث رواه احمد وابو داود والبيهقي بسند حسن.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5» .
(3) قيل انه مخصوص بوقت الزيارة وقيل بل في كل وقت ومكان. وفيه دليل على انه صلّى الله عليه وسلم حي حياة مستمرة لان الكون لا يخلو من مسلم عليه في كل لحظة هذا وقد ثبت بالاحاديث الصحيحة انه وسائر الانبياء أحياء حياة حقيقية كالشهداء وان كان حال البرزخ لا يقاس على حال الدنيا. والحديث فيه اقوال كثيرة بالنسبة للكيفية ورد الروح وما المقصود منها.. وقد فسر الخفاجي هذا الاشكال بقوله: ان الانبياء والشهداء أحياء وحياة الانبياء اقوى واذا لم يسلط عليهم الارض فهم كالنائمين، والنائم لا يسمع ولا ينطق حتى ينبه كما قال تعالى (والتي لم تمت في منامها) الاية سورة الزمر آية 42 فالمراد (بالرد) الارسال الذي في الاية، فحينئذ فمعناه انه اذا سمع الصلاة والسلام بواسطة أو بدونها تيقظ ورد لا ان روحه تقبض قبض الممات ثم تنفخ وتعاد كموت الدنيا وحياتها لان روحه مجردة نورانية وهذا لمن زاره ومن بعد عنه تبلغه الملائكة سلامه.
(4) أبو بكر بن أبي شيبة: هو الحافظ الكبير الحجة، صاحب التصانيف، روي عن ابن المبارك وجماعة، وروى عنه الشيخان وطائفة، ووثقه الجماعة. قال الذهبي: ابو بكر ممن قفز القنطرة واليه المنتهى في الثقة. توفي سنة خمس وثلاثين ومئتين.

(2/182)


رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «1» «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي سَمِعْتُهُ «2» .. وَمَنْ صلّى علي نائيا بلّغته..»
وعن ابن مسعود «3» أن لله ملائكته سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ «4» .
وَنَحْوُهُ «5» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «6» ..
وَعَنِ «7» ابْنِ عُمَرَ «8» أَكْثِرُوا مِنَ السَّلَامِ عَلَى نَبِيِّكُمْ كُلَّ جُمُعَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْتَى بِهِ مِنْكُمْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ «9» .
وَفِي رِوَايَةٍ: فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُصَلِّي عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ صَلَاتُهُ عَلَيَّ حِينَ يَفْرُغُ مِنْهَا..
وَعَنِ الْحَسَنِ «10» عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «11» : حيثما «12» كنتم فصلوا عليّ
__________
(1) رواه البيهقي في الشعب وأبو الشيخ في الثواب.
(2) وبما ان السماع أفضل من البلاغ ففيه دليل على استحباب زيارة قبره صلّى الله عليه وسلم والصلاة والسلام عليه عنده.
(3) وفي نسخة (ابي مسعود) وهو الصواب وهو عقبة بن عمرو الانصاري.
(4) رواه احمد والنسائي وابن حسان والحاكم والبيهقي في الشعب.
(5) أي بمعناه كما رواه في الترغيب.
(6) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «31» رقم «5» .
(7) لم يخرجوا هذا الحديث.
(8) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «1»
(9) قال السحاوي: هذا الحديث لم أقف عليه. وهناك احاديث كثيرة صحيحة عن فضل الصلاة عليه يوم الجمعة.
(10) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «192» رقم «2»
(11) هذا الحديث رواه ابن أبي شيبة والطبراني وابو يعلى بسند صحيح.
(12) حيثما: حيث اذا اتصلت بما فهي شرطية وهي ظرف مكان. وتأتي للزمان كما في قوله:
حيثما تستقم يقدر لك الله ... نجاحا في غابر الازمان

(2/183)


فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي.. وَعَنِ «1» ابْنِ عَبَّاسٍ «2» لَيْسَ أحد من أمة محمد صلّى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ إِلَّا بَلَغَهُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ «3» أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَ عَلَيْهِ اسْمُهُ.
وَعَنِ «4» الْحَسَنِ «5» بْنِ عَلِيٍّ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم.. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا بَيْتِي عِيدًا وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ..
وَفِي حَدِيثِ أَوْسٍ «6» أَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ «7» .
وَعَنْ سُلَيْمَانَ «8» بْنِ سُحَيْمٍ «9» رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
__________
(1) في حديث موقوف رواه البيهقي في الشعب وابن راهويه في مسنده.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «52» رقم «6» .
(3) قيل المراد ببعضهم النميري عن حماد.
(4) أخرجه الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زين العابدين علي بن الحسين وكما رواه ابن أبي شيبة عن الحسن بن علي.
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «192» رقم «2» .
(6) اوس: هو اوس بن اوس الثقفي صحابى.. وفي الصحابة خمسة واربعون نفرا يسمون أوسا.
(7) رواه ابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(8) سليمان بن سحيم: هو مولى أبي العباس، وقيل: ابي الحسيم. وهو من علماء الحجاز المشهورين. وحيث اطلق في النقل فهو المراد، ولهم سليمان بن سحيم آخر يشهر النقل عنه. وهو ثقة توفي في خلافة المنصور.
(9) وهذا الحديث رواه عنه ابن أبي الدنيا، والبيهقي في حياة الانبياء.

(2/184)


النَّوْمِ «1» .. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.. هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْتُونَكَ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْكَ.. أَتَفْقَهُ سَلَامَهُمْ؟ .. قَالَ: نَعَمْ وَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ «2» : بَلَغَنَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال»
:
أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ فِي اللَّيْلَةِ الزَّهْرَاءِ وَالْيَوْمِ الْأَزْهَرِ فَإِنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ عَنْكُمْ.. وَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ.. وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي عَلَيَّ إِلَّا حَمَلَهَا مَلَكٌ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا إِلَيَّ وَيُسَمِّيهِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ إِنَّ فُلَانًا يقول كذا وكذا.
***
__________
(1) من رآه في النوم فقد رآه حقا فان الشيطان لا يتمثل في صورته.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «521» رقم «4» .
(3) رواه عنه النمري مرسلا.

(2/185)