الشفا بتعريف حقوق المصطفى محذوف الأسانيد

الفصل الخامس أخباره الدّنيوية
وَأَمَّا أَقْوَالُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مِنْ أَخْبَارِهِ عَنْ أَحْوَالِهِ وَأَحْوَالِ غَيْرِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ أَوْ فَعَلَهُ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْخُلْفَ فِيهَا مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ مِنْ عَمْدٍ أَوْ سَهْوٍ أَوْ صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ رِضًى أَوْ غَضَبٍ، وَأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هَذَا فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَبَرُ الْمَحْضُ «1» مِمَّا يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ.
- فَأَمَّا الْمَعَارِيضُ «2» الْمُوهِمُ ظَاهِرُهَا خِلَافَ بَاطِنِهَا فَجَائِزٌ وُرُودُهَا مِنْهُ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ لَا سِيَّمَا لِقَصْدِ الْمَصْلَحَةِ..
كَتَوْرِيَتِهِ «3» عَنْ وَجْهِ مَغَازِيهِ لِئَلَّا يَأْخُذَ الْعَدُوُّ حذره..
__________
(1) المحض: الصريح الذي ليس من قبيل التوراة.
(2) المعاريض: جمع معراض من التعريض خلاف الصريح.
(3) التوراة: هي لفظة لها معنيان احدهما قريب غير مقصود والاخر بعيد وهو المقصود. وهي تفعله من الوراء كأنه يستر شيئا وراءه.

(2/423)


وَكَمَا رُوِيَ مِنْ مُمَازَحَتِهِ وَدُعَابَتِهِ لِبَسْطِ أُمَّتِهِ وَتَطْيِيبِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ صَحَابَتِهِ «1» وَتَأْكِيدًا فِي تَحَبُّبِهِمْ وَمَسَرَّةِ نُفُوسِهِمْ..
كَقَوْلِهِ «2» : «لَأَحْمِلَنَّكِ عَلَى ابْنِ النَّاقَةِ» .
وَقَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا «3» «أَهُوَ الَّذِي بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ..»
وَهَذَا كُلُّهُ صِدْقٌ، لِأَنَّ كُلَّ جَمَلٍ ابْنُ نَاقَةٍ، وَكُلَّ إِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «4» : «إِنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا «5» ..»
هَذَا كُلُّهُ فِيمَا بَابُهُ الْخَبَرُ.
- فَأَمَّا مَا بَابُهُ غَيْرُ الْخَبَرِ مِمَّا صُورَتُهُ صُورَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا بِشَيْءٍ، أَوْ يَنْهَى أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ يُبْطِنُ خِلَافَهُ.
وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «6» : «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خائنة الأعين.»
__________
(1) وفي نسخة (من أصحابه) .
(2) صلّى الله عليه وسلم في حديث رواه ابو داود والترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه وصححاه.
(3) والحديث رواه ابن أبي حاتم وغيره.
(4) في حديث رواه احمد والترمذي والطبراني عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم بسند حسن.
(5) ولفظ الحديث انهم قالوا: يا رسول الله انك تداعبنا.. فقال: اني اذا داعبتكم لا أقول الا حقا،» فالنهي عنه في قوله: «لا تمار أخاك ولا تمازحه» . وفي قول عمر رضي الله تعالى عنه: «من مزح استخف به» وقول ابن العاصي: «يا بني لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترىء عليك» . محمول على الكثرة منه في غير محله وعلى غير سنته صلّى الله عليه وسلم.
(6) هذا من حديث رواه الحاكم والنسائي وابو داود.

(2/424)


فَكَيْفَ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ قَلْبٍ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ زَيْدٍ «1» : «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ «2» » الاية
فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، وَلَا تَسْتَرِبْ فِي تَنْزِيهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا الظَّاهِرِ وَأَنْ يَأْمُرَ زَيْدًا بِإِمْسَاكِهَا وَهُوَ يُحِبُّ تَطْلِيقَهُ إِيَّاهَا كَمَا ذُكِرَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ..
وَأَصَحُّ مَا فِي هَذَا مَا حَكَاهُ «3» أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَنْ عَلِيِّ «4» بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ أَعْلَمَ نَبِيَّهُ أَنَّ زَيْنَبَ سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِهِ..
فَلَمَّا شَكَاهَا إِلَيْهِ زَيْدٌ.. قَالَ لَهُ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ.
وأخفى منه فِي نَفْسِهِ مَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ سَيَتَزَوَّجُهَا «5» مِمَّا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَمُظْهِرُهُ بِتَمَامِ التزويج وطلاق زيد لها «6» .
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 2 ص «112» رقم «5» .
(2) «.. وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» آية 37 من سورة الاحزاب.
(3) وفي نسخة (رواه) .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «433» رقم «4» .
(5) وفي نسخة (سيزوجها الله له) .
(6) كما قال تعالى: (لكيلا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ) الاية.

(2/425)


وَرَوَى نَحْوَهُ عَمْرُو «1» بْنُ فَائِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ «2» قَالَ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْلِمُهُ أَنَّ اللَّهَ يُزَوِّجُهُ زَيْنَبَ «3» بِنْتَ جَحْشٍ، فَذَلِكَ الَّذِي أَخْفَى فِي نَفْسِهِ» .
وَيُصَحِّحُ هَذَا قَوْلُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى بعد هذا «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا «4» » أَيْ لَا بُدَّ لَكَ أَنْ تَتَزَوَّجَهَا.. وَيُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبْدِ مِنْ أَمْرِهِ مَعَهَا غَيْرَ زَوَاجِهِ لَهَا، فَدَلَّ أَنَّهُ الَّذِي أَخْفَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا كَانَ أَعْلَمَهُ بِهِ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْقِصَّةِ: «مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ.. سُنَّةَ اللَّهِ.. «5» » الْآيَةَ فَدَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ في الأمر.
__________
(1) عمرو بن فائد: وفي الاكمال انه بالفاء والقاف، وذكره الذهبي فقال: عمرو بن قائد الاسواري. وقال القرطبي وغيره انه ضعيف متروك الحديث معتزلي قدري لا يفهم الحديث، وهو بصري يكني ابا علي. قال البرهان: «وهو فى النسخ التي وقفت عليها بالقاف» وفيه نظر.
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «51» رقم «4» .
(3) زينب بنت جحش: وقيدها ببنت جحش ليخرج غيرها، فان من أمهات المؤمنين زينب أخرى هي بنت خزيمة أم المساكين وقد تقدمت ترجمتها في ج 1 ص «566» رقم «5» .
(4) الاية: 27 سورة الاحزاب.
(5) «.. فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً» الاية: 38 سورة الاحزاب.

(2/426)


قَالَ الطَّبَرِيُّ «1» : «مَا كَانَ اللَّهُ لِيُؤَثِّمَ نَبِيَّهُ فِيمَا أَحَلَّ لَهُ مِثَالَ فِعْلِهِ لِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ» .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ «2» » أَيْ مِنَ النَّبِيِّينَ فِيمَا أَحَلَّ لَهُمْ..
وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ «3» قَتَادَةَ «4» مِنْ وُقُوعِهَا مِنْ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عند ما أَعْجَبَتْهُ، وَمَحَبَّتِهِ طَلَاقَ زَيْدٍ لَهَا لَكَانَ فِيهِ أَعْظَمُ الْحَرَجِ وَمَا لَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مدعينيه لِمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.. وَلَكَانَ هَذَا نَفْسَ الْحَسَدِ الْمَذْمُومِ الَّذِي لَا يَرْضَاهُ، وَلَا يَتَّسِمُ بِهِ الْأَتْقِيَاءُ.. فَكَيْفَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ!!!
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ «5» : «وَهَذَا إِقْدَامٌ عَظِيمٌ مِنْ قَائِلِهِ وَقِلَّةُ مَعْرِفَةٍ بِحَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِفَضْلِهِ وَكَيْفَ يُقَالُ: رَآهَا فَأَعْجَبَتْهُ، وهي بنت عمته «6» ، وَلَمْ يَزَلْ يَرَاهَا مُنْذُ وُلِدَتْ، وَلَا كَانَ النِّسَاءُ يَحْتَجِبْنَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. وهو زوّجها لزيد.
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «182» رقم «2» .
(2) الاية: 38 سورة الاحزاب.
(3) عبد بن حميد عن قتادة.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «62» رقم «3» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «470» رقم «5» .
(6) لانها بنت أميمة بنت عبد المطلب.

(2/427)


- وإنما جعل الله طلاق زيد لها، وتزوج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا لِإِزَالَةِ حُرْمَةِ التَّبَنِّي وَإِبْطَالِ سُنَّتِهِ..
كَمَا قَالَ: «مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ «1» » .
وَقَالَ: «لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ «2» » . وَنَحْوُهُ لِابْنِ «3» فُورَكٍ.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ «4» السَّمَرْقَنْدِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَائِدَةُ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ بِإِمْسَاكِهَا؟ فَهُوَ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَ نَبِيَّهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَلَاقِهَا إِذْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَأَخْفَى فِي نَفْسِهِ مَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ.. فَلَمَّا طَلَّقَهَا زَيْدٌ خَشِيَ قَوْلَ النَّاسِ: يَتَزَوَّجُ امْرَأَةَ ابْنِهِ فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِزَوَاجِهَا لِيُبَاحَ مِثْلُ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ..
كَمَا قَالَ تَعَالَى: «لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ «5» .»
وَقَدْ قِيلَ: كَانَ أَمْرُهُ لِزَيْدٍ بِإِمْسَاكِهَا قَمْعًا للشهوة وردا للنفس عن هواها «6» ..
__________
(1) الاية 40 سورة الاحزاب.
(2) الاية 37 سورة الاحزاب.
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «119» رقم «4» .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «51» رقم «2» .
(5) الاية: 37 سورة الاحزاب.
(6) وحاشاه صلّى الله عليه وسلم عن مثله.

(2/428)


وَهَذَا إِذَا جَوَّزْنَا عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهَا فَجْأَةً وَاسْتَحْسَنَهَا وَمِثْلُ هَذَا لَا نُكْرَةَ فِيهِ لِمَا طبع عليه ابن آدم من استحسانه الحسن، ونظرة الفجأة مَعْفُوٌّ عَنْهَا ثُمَّ قَمَعَ نَفْسَهُ عَنْهَا وَأَمَرَ زيدا بإمساكها..
وإنما تنكر تلك الزيادات التي فِي الْقِصَّةِ.
وَالتَّعْوِيلُ وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ علي «1» بن الحسين وحكاه السمرقندي «2» وهو قول ابن عطاء «3» وَاسْتَحْسَنَهُ الْقَاضِي الْقُشَيْرِيُّ «4»
وَعَلَيْهِ عَوَّلَ أَبُو بَكْرِ «5» بْنُ فُورَكٍ وَقَالَ: إِنَّهُ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ.. قَالَ.. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَزَّهٌ عَنِ اسْتِعْمَالِ النِّفَاقِ فِي ذَلِكَ وَإِظْهَارِ خِلَافِ مَا فِي نَفْسِهِ.. وَقَدْ نَزَّهَهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «مَا كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ «6» »
قال: «وَمَنْ ظَنَّ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَخْطَأَ.
قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى الْخَشْيَةِ هُنَا الْخَوْفَ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ «7» الِاسْتِحْيَاءُ..
أَيْ يَسْتَحْيِي مِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا: تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ.. وَأَنَّ خشيته
__________
(1) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «344» رقم «4» .
(2) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «51» رقم «2» .
(3) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «63» رقم «6» .
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «470» رقم «5» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «119» رقم «4» .
(6) الاية: 38 سورة الاحزاب.
(7) وفي نسخة (معناها) .

(2/429)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ كَانَتْ مِنْ إِرْجَافِ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ، وَتَشْغِيبِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِمْ: تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ حَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ كَمَا كَانَ.. فَعَتَبَهُ اللَّهُ على هذا ونزهه عن الإلتفات إِلَيْهِمْ فِيمَا أَحَلَّهُ لَهُ.. كَمَا عَتَبَهُ عَلَى مُرَاعَاةِ رِضَى أَزْوَاجِهِ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ: «لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ «1» ..» الاية
كذلك قوله له ههنا «وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ «2» »
وَقَدْ رُوِيَ «3» عَنِ الْحَسَنِ «4» وَعَائِشَةَ «5» : لَوْ كَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لكتم هَذِهِ الْآيَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ عَتَبِهِ وَإِبْدَاءِ ما أخفاه.
__________
(1) «.. تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» الاية 1 سورة التحريم.
(2) الاية 3 سورة الاحزاب.
(3) رواه الترمذي وصححه.
(4) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «60» رقم «8» .
(5) تقدمت ترجمته في ج 1 ص «146» رقم «5» .

(2/430)