الشفا
بتعريف حقوق المصطفى وحاشية الشمني
الباب الرابع في حكم الصلاة عليه والتسليم وفرض ذلك وفضيلته
قال الله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) الآية، قال ابن
عباس معناه أن الله وملائكته يباركون على النبي، وقيل إن الله يترحم
على النبي وملائكته يدعون له قال المبرد وأصل الصلاة الترحم فهى من
الله رحمة فهى من الله رحمة ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة من الله،
وقد ورد في
الحديث (صفة صلاة الملائكة على من جلس ينتظر الصلاة اللهم اغفر له
اللهم ارحمه) فهذا دعاء، وقال بكر القشيرى: الصلاة من الله تعالى لمن
دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة وللنبى صلى الله عليه وسلم تشريف
وزيادة تكرمة، وقال أبو العالية: صلاة الله وثناؤه عليه عند الملائكة
وصلاة الملائكة الدعاء قال القاضى أبو الفضل: وقد فرق النبي صلى الله
عليه وسلم في حديث تعليم الصلاة عليه بين لفظ الصلاة ولفظ البركة فدل
أنهما بمعنيين، وأما التسليم الذى أمر الله تعالى به عباده فقال القاضى
أبو بكر بن بكير نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر
الله أصحابه أن يسلموا عليه وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا على النبي
صلى الله عليه وسلم عند حضورهم قبره وعند ذكره، وفى معنى السلام عليه
ثلاثة وجوه: أحدهما السلامة لك ومعك، ويكون السلام مصدرا كاللذاذ
واللذاذة.
الثاني أي السلام على حفظك ورعايتك متول
(2/60)
له وكفيل به
ويكون هنا السلام اسم الله.
الثالث أن السلام بمعنى المسالمة له والانقياد كما قال (فلا وربك لا
يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت
ويسلموا تسليما)
فصل اعلم أن الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم فرض على الجملة غير محدد بوقت لأمر الله تعالى
بالصلاة عليه وحمل الأئمة والعلماء له على الوجوب وأجمعوا عليه وحكى
أبو جعفر الطبري أن محمل الآية عنده على الندب وادعى فيه الإجماع ولعله
فيما زاد على مرة والواجب منه الذى يسقط به الحرج ومأثم ترك الفرض مرة
كالشهادة له بالنبوة وما عدا ذلك فمندوب مرغب فيه من سنن الإسلام وشعار
أهله، قال القاضى أبو الحسن بن القصار: المشهور عن أصحابنا أن ذلك واجب
في الجملة على الإنسان وفرض عليه أن يأتي بها مرة من دهره مع القدرة
على ذلك، وقال القاضى أبو بكر بن بكير: افترض الله على خلقه أن يصلوا
على نبيه ويسلموا تسليما ولم يجعل ذلك لوقت معلوم فالواجب أن يكثر
المرء منها ولا يغفل عنها، قال القاضى أبو محمد بن نصر: الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم واجبة في الجملة قال القاضى أبو عبد الله
محمد بن سعيد: ذهب مالك وأصحابه وغيرهم من أهل العلم أن الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم فرض بالجملة بعقد الإيمان لا يتعين في الصلاة
(2/61)
وأن من صلى
عليه مرة واحدة من عمره سقط الفرض عنه.
وقال أصحاب الشافعي: الفرض منها الذى أمر الله تعالى به ورسوله صلى
الله عليه وسلم هو في الصلاة، وقالوا وأما في غيرها فلا خلاف أنها غير
واجبة وأما في الصلاة فحكى الإمامان أبو جعفر الطبري والصحاوى وغيرهما
إجماع جميع المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد غير واجبة، وشذ الشافعي في ذلك
فقال من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم من بعده التشهد الآخر قبل
السلام فصلاته فاسدة وأن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه ولا سلف له في هذا
القول ولا سنة يتبعها وقد بالغ في إنكار هذه المسألة عليه لمخالفته
فيها من تقدمه جماعة وشنعوا عليه الخلاف فيها منهم الطبري والقشيري
وغير واحد، وقال أبو بكر بن المنذر: يستحب أن لا يصلى أحد صلاة إلى صلى
فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ترك ذلك تارك فصلاته مجزئة
في مذهب مالك وأهل المدينة وسفيان الثوري وأهل الكوفة من أصحاب الرأى
وغيرهم وهو قول جمل أهل العلم وحكى عن مالك وسفيان
__________
(قوله وشذ الشافعي في ذلك) قال النووي نقل أصحابنا فريضة الصلاة في
التشهد عن عمر بن الخطاب وابنه ونقله الشيخ أبو حامد عن ابن مسعود وأبى
سعيد الخدرى ورواه البيهقى وغيره عن الشعبى وهو أحد الروايتين عن أحمد
(قوله ولا ستة يتبعها) قيل له سنة وهى ما رآه ابن حبان والحاكم في
صحيحيهما من حديث ابن مسعود الأنصاري أنهم قالوا كيف نصلى عليك إذا نحن
صلينا عليك في صلاتنا ؟ فقال (قولوا اللهم صلى عليه محمد - إلى آخر
الحديث) (*)
(2/62)
أنها في التشهد
الأخر مستحبة وأن تاركها في التشهد مسئ، وشذا الشافعي فأوجب على تاركها
في الصلاة الإعادة وأوجب إسحاق الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان وحكى
أبو محمد بن أبى زيد عن محمد بن المواز أن الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم فريضة، قال أبو محمد يريد ليست من فرائض الصلاة، وقاله محمد
بن عبد الحكم وغيره وحكى ابن القصار وعبد الوهاب أن محمد بن المواز
يراها فريضة في الصلاة كقول الشافعي وحكى أبو يعلى العبدى المالكى عن
المذهب فيها ثلاثة أقوال: الوجوب والسنة والندب وقد خالف الخطابى من
أصحاب الشافعي وغيره الشافعي في هذه المسألة قال الخطابى وليست بواجبة
في الصلاة وهو قول جماعة الفقهاء إلا الشافعي ولا أعلم له فيها قدوة
والدليل على أنها ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل الشافعي
وإجماعهم عليه، وقد شنع الناس عليه هذه المسألة جد وهذا تشهد ابن مسعود
الذى اختاره الشافعي وهو الذى علمه له النبي صلى الله عليه وسلم ليس
فيه الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم وكذلك كل من روى التشهد عن النبي صلى الله عليه وسلم
كأبى هريرة وابن عباس وجابر وابن عمر وأبى سعيد الخدرى وأبى موسى
الأشعري وعبد الله بن الزبير لم يذكروا فيه صلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم وقد
__________
(قوله وأوجب إسحاق) هو ابن إبراهيم بن مخلد الإمام أبا يعقوب بن راهويه
المروزى عالم خراسان (قوله وهذا تشهد ابن مسعود) ذكر ابن الملقن
التشهدات الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في تخريج أحاديث الرافعى
فبلغت ثلاثة عشر تشهدا (*)
(2/63)
قال ابن عباس
وجابر كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة
من القرآن، ونحوه عن أبى سعيد، وقال ابن عمر كان أبو بكر يعلمنا التشهد
على المنبر كما يعلمون الصبيان في الكتاب، وعلمه أيضا على المنبر عمر
بن الخطاب رضى الله عنه وفى الحديث (لا صلاة لمن لم يصل على) قال ابن
القصار معناه كاملة أو لمن لم يصل على مرة في عمره، وضعف أهل الحديث
كلهم رواية هذا الحديث وفى حديث أبى جعفر عن ابن مسعود عن النبي صلى
الله عليه وسلم (من صلى صلاة لم يصل فيها على وعلى أهل بيتى لم تقبل
منه) قال الدارقطني: الصواب أنه من قول أبى جعفر محمد بن الحسين لو
صليت صلاة لم أصل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أهل بيته
لرأيت أنها لا تتم
فصل في المواطن التى يستحب فيها الصلاة
والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ويرغب من ذلك في تشهد
الصلاة كما قدمناه وذلك بعد التشهد وقبل الدعاء حدثنا القاضى أبو على
رحمه الله بقراءتي عليه قال حدثنا الإمام أبو القاسم البلخى قال حدثنا
الفارسى عن أبى القاسم الخزاعى عن أبى
الهيثم بن كليب عن أبى عسيى الحافظ حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد
الله بن يزيد المقرى حدثنا حيوة بن شريح حدثنى أبو هانئ الخولانى أن
عمرو بن
__________
(قوله وفى حديث أبى جعفر) هو الإمام محمد بن على بن الحسين (قوله أبو
هانئ) بهمزة في آخره (قوله أن عمرو بن مالك الجنبى) بجيم ونون فموحدة
وياء للنسبة إلى جنب بطن من مذحج (*)
(2/64)
مالك الجنبى
أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا
يدعو في صلاته فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى
الله عليه وسلم (عجل هذا) ثم دعاه فقال له ولغيره (إذا صلى أحدكم
فتيبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم ليدع بعد بما شاء) ويروى من غير هذا السد بتمجيد الله وهو أصح * وعن
عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض
فلا يصعد إلى الله منه شئ حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وعن
على عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه: وعن على، وعلى آل محمد وروى
أن الدعاء محجوب حتى يصلى الداعي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعن
ابن مسعود إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فتيبدأ بمدحه والثناء عليه
بما هو أهله ثم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليسأل فإنه اجدر
ان ينجح، وعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تجعلونى كقدح الراكب فإن الراكب يملأ قدحه ثم يضعه ويرفع متاعه فإن
احتاج إلى شراب شربه أو الوضوء وضأ وإلا هراقه ولكن اجعلوني في أول
الدعاء وأوسطه وآخره) * وقال ابن عطاء: للدعاء أركان وأجنحة وأسباب
وأوقات فإن وافق أركانه قوى وإن وافق أجنحته طار في السماء وإن
__________
(قوله فإنه أجدر) بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الدال المهملة أي حق
(قوله كقدح) بفتح القاف والدال قال الهروي أراد لا تؤخروني في الذكر
كالراكب يعلق قدحه في آخر رحله ويجعله خلفه (قوله هراقه) يقال أراق
الماء يريقه وهراقة يريقه بفتح الهاء (5 - 2) (*)
(2/65)
وافق مواقيته
فاز وإن وافق أسبابه أنجح فأركانه حضور القلب والرقة والاستكانة
والخشوع وتعلق القلب بالله وقطعه من الأسباب وأجنحته الصدق ومواقيته
الأسحار وأسبابه الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم.
وفى الحديث (الدعاء بين الصلاتين لا يرد) وفى حديث آخر (كل دعاء محجوب
دون السماء فإذا جاءت الصلاة على صعد الدعاء) وفى دعاء ابن عباس الذى
رواه عنه حنش فقال في آخره (واستجب دعائي) ثم تبدأ بالصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم فتقول: اللهم إنى أسألك أن تصلى على محمد عبدك
ونبيك ورسولك أفضل ما صليت على أحد من خلقك أجمعين آمين، ومن مواطن
الصلاة عليه عند ذكره وسماع اسمه أو كتابه أو عند الأذان وقد قال صلى
الله عليه وسلم (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على) وكره ابن حبيب ذكر
النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبح وكره سحنون الصلاة عليه عند التعجب
وقال لا يصلى عليه إلا على طريق الاحتساب وطلب الثواب، وقال أصبغ عن
ابن القاسم موطنان لا يذكر فيهما إلا الله الذبيحة والعطاس فلا نقل
فيهما تعد ذكر الله محمد رسول الله ولو قال بعد ذكر الله صلى الله على
محمد لم يكن تسمية له مع الله، وقاله أشهب قال ولا ينبغى أن تجعل
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه استبانا وروى
النسائي عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالإكثار من
الصلاة عليه يوم الجمعة، ومن مواطن الصلاة والسلام دخول المسجد قال أبو
إسحاق بن شعبان وينبغى لمن دخل المسجد أن يصلى على النبي صلى الله عليه
وسلم وعلى آله ويترحم عليه ويبارك عليه وعلى آله ويسلم تسليما ويقول
__________
(قوله رغم أنف) أي ذل حتى كأنه ملصق بالرغام - بفتح الراء - أي التراب
(*)
(2/66)
اللهم اغفر لى
دوبى وأفتح لى أبواب رحمتك وإذا خرج فعل مثل ذلك وجعل موضع رحمتك فصلك،
وقال عمرو بن دينار في قوله تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على
أنفسكم) قال إن لم يكن في البيت أحد فقل السلام على النبي ورحمة الله
وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل بيت
ورحمة الله وبركاته قال قال ابن عباس المراد بالبيوت هنا المساجد وقال
النخعي إذا لم يكن في المسجد أحد فقل: السلام على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وإذا لم يكن في البيت أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين.
وعن علقمة إذا دخلت المسجد أقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته صلى الله وملائكته على محمد، ونحوه عن كعب إذا دخل وإذا خرج
ولم يذكر الصلاة: واحتج ابن شعبان لما ذكره بحديث فاطمة بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله إذا دخل
المسجد.
ومثله عن أبى بكر ابن عمرو بن حزم وذكر السلام والرحمة وقد ذكرنا هذا
الحديث آخر القسم والاختلاف في ألفاظه ومن مواطن الصلاة عليه أيضا
الصلاة على الجنائز وذكر عن أبى أمامة أنها من السنة * ومن مواطن
الصلاة التى مضى عليها عمل الأمة ولم تنكرها: الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم وآله في الرسائل وما يسكتب بعد البسملة
__________
(قوله وذكر عن أبى أمامة) هو سعد بن سهل بن حنيف الأنصاري ولد في زمنه
صلى الله عليه وسلم وكناه، وحديثه الذى لم يذكر فيه الصحابي مرسل والذى
أشار إليه المصنف رواه الحاكم من طريق يونس عن الزهري عن أبى أمامة أنه
أخبره رجال من الصحابة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يصلى
على النبي صلى الله عليه وسلم (*)
(2/67)
ولم يكن هذا في
الصدر الأول وأحدث عند ولاية بنى هاشم فمصى به عمل الناس في أقطار
الأرض ومنهم من يختم به أيضا الكتب، وقال صلى الله عليه وسلم (من صلى
على في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمى في ذلك الكتاب) ومن
مواطن السلام على النبي صلى الله عليه وسلم تشهد الصلاة * حدثنا أبو
القاسم خلف بن إبراهيم المقرى الخطيب رحمه الله وغيره قال حدثتني كريمة
بنت محمد قالت حدثنا أبو الهيثم حدثنا محمد ابن يوسف حدثنا محمد بن
إسماعيل حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن
مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا صلى أحدكم فليقل: التحيات
لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - فإنكم إذا قلتموها أصابت كل
عبد صالح في السماء والأرض هذا أحد مواطن التسليم عليه، وسنته أول
التشهد وقد روى مالك عن ابن عمر أنه كان يقول ذلك إذا فرغ من تشهد
وأراد أن يسلم، واستحب مالك في المبسوط أن يسلم بمثل ذلك قبل السلام
قال محمد بن مسلمة أراد ما جاء عن عائشة وابن عمر أنها كانا يقولان عند
سلامهما.
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين، السلام عليكم، واستحب أهل العلم أن يروى الإنسان حين
سلامه كل عبد صالح في السماء والأرض من الملائكة وبنى آدم والجن، قال
مالك في ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ وأحب للمأموم إذا
سلم أمامه أن يقول السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم
(2/68)
فصل في كيفية الصلاة عليه والتسليم
حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر الفقيه بقراءتي عليه حدثنا القاضى أبو
الأصبغ نا أبو عبد الله بن عتاب حدثنا أبو بكر بن واقد وغيره حدثنا أبو
عيسى حدثنا عبيد الله حدثنا يحيى حدثنا مالك عن عبد الله بن أبى بكر بن
حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقى أنه قال أخبرني أبو حميد الساعدي
أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلى عليك ؟ فقال: (قولوا اللهم صل على
محمد وأزواجه: ذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه
وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) وفى رواية مالك عن أبى
مسعود الأنصاري قال (قولوا اللهم صلى عليه محمد وعلى آله كما صليت على
آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في
العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم، وفى رواية كعب بن عجرة
(اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل
محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد وعن عقبة بن عمرو في حديثه
(اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد) وفى رواية أبى سعيد
الخدرى (اللهم صل على محمد عبدك ورسولك) وذكر معناه وحدثنا القاضى أبو
عبد الله التميمي سماعا عليه وأبو على الحسن بن طريف النحوي بقراءتي
عليه قالا حدثنا أبو عبد الله بن سعدان الفقيه حدثنا
__________
(قوله عن أبى سلم الزرقى) سلم بضم السين المهملة وفتح اللام الزرقى بضم
الزاى وفتح الراء (قوله والسلام كما قد علمتم) بضم العين وتشديد اللام
وبفتحها
وتخفيف اللام السلام يعنى في التحيات وهو السلام عليك أيها النبي إلى
آخره (قوله ابن عجرة) بضم العين وسكون الجيم (*)
(2/69)
أبو بكر
المطوعى قال حدثنا أبو عبد الله الحاكم عن أبى بكر بن أبى دارم الحافظ
عن على بن أحمد العجلى عن حرب بن الحسن عن يحيى بن المساور عن عمرو بن
خالد عن زيد بن على بن الحسين عن أبيه على عن أبيه الحسين عن أبيه على
بن أبي طالب قال عدهن في يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال (عدهن
في يدى جبريل وقال هكذا نزلت من عند رب العزة اللهم صل على محمد وعلى
آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم
بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك
حميد مجيد اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم وتحنن على محمد وعلى آل محمد كما
تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم وسلم على محمد
وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) *
وعن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (من سره أن يكتال بالمكيال
الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم صل على محمد النبي وأزواجه
أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد
مجيد) وفى رواية زيد بن خارجة الأنصاري سألت النبي صلى الله عليه وسلم
كيف نصلى عليك ؟ فقال: (صلوا واجتهدوا في الدعاء ثم قولوا اللهم بارك
على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد) وعن سلامة
الكندى كان على يعلمنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم داحى
المدحوات وبارئ المسموكات اجعل شرائف
__________
(قوله عن زيد بن على) هو محمد بن الباقر (قوله زيد بن خارجة الأنصاري)
هو الحارثى المتكلم بعد الموت زمن عثمان وقد تقدم (قوله داحى المدحوات)
أي باسط المبسوطات (قوله وبارئ المسموكات) أي رافع المرفوعات (*)
(2/70)
صلوات ونوامى
بركاتك ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك الفاتح لما أغلق والخاتم لما
سبق والمعلن الحق بالحق والدامغ لجيشات الأباطيل كما حمل فاطلع بأمرك
لطاعتك مستوفزا في مرضاتك واعيا لوحيك حافظ لعهدك ماضيا على نفاذ أمرك
حتى أورى قبسا لقابس، آلاء الله تصل بأهله أسبابه، به هديت القلوب بعد
خوضات الفتن والإثم وأبهج موضحات الأعلام ونائرات الأحكام ومنيرات
الإسلام فهو أميك المأمول وخازن عليك المخزون وشهيدك يوم الدين وبعيثك
نعمة ورسولك بالحق رحمة اللهم افصح له في عدنك واجزه مضاعفات الخير من
فضلك مهيئات له غير مكدرات من فوز ثوابك المحلول وجزيل عطائك المعلول
اللهم أعسل على بناء الناس بناءه وأكرم مثواه لديك نزله وأتم له نوره
وأجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ومرضى
__________
(قوله لما أغلق) بضم الهمزة وكسر اللام (قوله كما حمل) بضم الحاء وكسر
الميم المشددة (قوله فاضطلع) بالضاد المعجمة أي نهض (قوله على نفاذ)
بالفاء والذال المعجمة (قوله حتى أورى قبسا) في الصحاح وروى الزند
بالفتح يورى إذا خرجت ناره وفيه لغة أخرى: ورى الزند يرى بالكسر فيهما
وآريته أنا وكذلك وريته والقبس: الشملة من النار (قوله آلاء الله) أي
نعمه وهو مبتدأ خبره تصل بأهله أسبابه (قوله به هديت القلوب) بضم الهاء
وكسر الدال ورفع القلوب أو بفتح الهاء والدال ونصب القلوب (قوله في
عدنك) بفتح العين المهملة وسكون الدال أي جنتك في
الصحاح عدنت البلد توطئته وعدنت الإبل بمكان كذا ألزمته فلم يبرح ومنه
(جنات عدن) أي جنات إمة (قوله واجزه) بهمزة وصل قال الله تعالى (وجزاهم
بما صبروا جنة وحريرا) (قوله المعلول) من العلل: بفتح المهملة واللام
الأولى وهو الشرب الثاني بعد النهل بفتحتين وهو الشرب الأول (قوله
ونزله) بضم النون والزاى (*)
(2/71)
المقالة ذا
منطق عدل وخصة فصل وبرهان عظيم * وعنه أيضا في الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم (إن الله وملائكته يصلون على النبي) الآية لبيك اللهم
ربى وسعديك صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين والنبيين
والصديقين والشهداء والصحالين وما سنح لك من شئ يا رب العالمين على
محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب
العالمين الشاهد البشير الداعي إليك بإذنك السراج المنير وعليه السلام)
* وعن عبد الله بن مسعود اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد
المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير
ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه فيه الأولون والآخرون
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد) * وكان الحسن البصري يقول: من أراد أن يشرب بالكاس
الأوفى من حوض المصطفى فليقل اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه
وأولاده وأزواجه وذريته وأهل بيته وأصهاره وانصاره وأشياعه ومحبيه
وأمته عليا معهم أجمعين يا أرحم الراحمين * وعن طاوس عن ابن عباس أنه
كان يقول اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى وارفع درجته العليا وآته سؤلة
في الآخرة والأولى كما آتيت إبراهيم وموسى * وعن وهيب بن الورد أنه كان
يقول في دعائه اللهم أعط محمدا
__________
(قوله وخطة فصل) الخطة الأمر والقصد والفصل القطع (قوله شفاعة محمد
الكبرى) هي التى للفصل بين أهل الموقف (قوله وعن وهيب بن الورد)
بالتصغير وهو عبد الوهاب المكى (*)
(2/72)
أفضل ما سألك
لنفسه وأعط محمدا أفضل ما سألك له أحد من خلقك وأعط محمدا أفضل ما أنت
مسؤل له إلى يوم القيامة وعن ابن مسعود رضى الله عنه أنه كان يقول إذا
صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا
تدرون لعل ذلك يعرض عليه وقولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على
سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير
وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه فيه الأولون
والآخرون اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد
مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد
مجيد * وما يؤثر من تطويل الصلاة وتكثير الثناء عن أهل البيت وغيرهم
كثير وقوله والسلام كما قد علمتم هو ما علمهم في التشهد من قوله السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين وفى تشهد على السلام على نبى الله السلام على أنبياء الله
ورسله السلام على رسول الله السلام على محمد بن عبد الله السلام علينا
وعلى المؤمنين والمؤمنات من غاب منهم ومن شهد الله اغفر لمحمد وتقبل
شفاعته واغفر لأهل بيته واغفر لى ولوالدي وما ولدا وارحمهما السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته جاء في هذا الحديث عن على: الدعاء للنبى
صلى الله عليه وسلم بالغفران * وفى حديث الصلاة عليه عنه أيضا قبل:
الدعاء له بالرمة ولم يأت في غيره من الأحاديث المرفوعة المعروفة وقد
ذهب أبو عمر بن عبد البر وغيره إلى أنه لا يدعى للنبى صلى الله عليه
وسلم
__________
(قوله ولوالدي) إنما قال ذلك للتعليم لا الدعاء (*)
(2/73)
بالرحمة وإنما
يدعى له بالصلاة والبركة التى تختص به ويدعى لغيره بالرحمة والمغفرة
وقد ذكر أبو محمد بن أبى زيد في الصلاة على النبي صلى عليه وسلم اللهم
ارحم محمدا وآل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ولم يأت هذا في
حديث صحيح وحجته قوله في السلام: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته
فصل في فضيلة الصلاة على النبي والتسليم
عليه والدعاء له
حدثنا أحمد بن محمد الشيخ الصالح من كتابه حدثنا القاضى يونس بن مغيث
حدثنا أبو بكر بن معاوية حدثنا النسائي أنبأنا سويد بن نصر أخبرنا عبد
الله عن حيوة بن شريح قال أخبرني كعب بن علقمة أنه سمع عبد الرحمن بن
جبير مولى نافع أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وصلوا على فإنه من
صلى على مرة واحدة صلى الله عليه عشرا ثم سلوا لى الوسيلة فإنها منزلة
في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل
لى لوسيلة حلت عليه الشفاعة وروى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال (مر صلى على صلاة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطئات
ورفع له عشر درجات) وفى
رواية وكتب له عشر حسنات.
وعز أنس عنه صلى الله عليه وسلم (أن
__________
(قوله الوسيلة) أي القرب من الله والمنزلة عنده وفى الحديث أنها درجة
في الجنة (قوله النصرى) بالنون والصاد المهملة والأصح عند الذهبي أنه
تابعي وحديثه مرسل (*)
(2/74)
جبريل نادانى
فقال من صلى عليك صلاة صلى الله عليه عشرا ورفعه عشر درجات) ومن رواية
عبد الرحمن بن عوف عنه صلى الله عليه وسلم (لقيت جبريل فقال لى إنى
أبشرك أن الله تعالى يقول من سلم عليك سلمت عليه ومن صلى عليك صليت
عليه.
ونحوه من رواية أبى هريرة ومالك بن أوس بن الحدثان وعبيد الله بن أبى
طلحة وعن زيد بن الحباب سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من قال
اللهم صل على محمد وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة وجبت له
شفاعتي) وعن ابن مسعود أولى الناس بى يوم القيامة أكثرهم على صلاة) وعن
أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم (من صلى على في كتاب لم تزل الملائكة
تستغفر له ما بقى اسمى في ذلك الكتاب) وعن عامر بن ربيعة سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول من صلى صلاة صلت عليه الملائكة ما صلى على
فليقل من ذلك عبد أو ليكثر) وعن أبى بن كعب كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال (يا أيها الناس اذكروا الله جاءت
الراجفة تتبعها
__________
(قوله ابن الحدثان) بفتح الحاء والدال مهملتين بعدهما مثلثة (قوله وعن
زيد ابن الحباب) بضم الحاء المهملة قال الحافظ يحيى بن على القرشى
المشهور بالرشيد العصار هذا وهم فان زيد بن الحباب هذا ليس من الصحابة
ولا من التابعين ولا من أتباعهم وإنما يروى عن مالك بن أنس والضحاك
وأمثالهم وليس له في السحابة نظير في اسمه واسم أبيه معا وهذا الحديث
محفوظ من رواية رويفع بن ثابت الأنصاري وقد رواه زيد بن
الحباب هذا عن لهيعة عن بكر بن سوادة بن زياد بن نعم عن وفاء بن سريج
الحضرمي عن رويفع بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأوجب بأن
المصنف عند كتابته أسقط ما عدا زيد بن الحباب لأنه لا غرض له في ذكر
الرواة (*)
(2/75)
الرادفة جاء
الموت بما فيه) فقال أبى بن كعب يا رسول الله إنى أكثر الصلاة عليك فكم
أجعل لك من صلاتي ؟ قال: (ما شئت) قال: الربع ؟ قال: (ما شئت وإن زدت
فهو خير) قال: الثلث ؟ قال: (ما شئت وإن زدت فهو خير) قال، النصف ؟
قال: (ما شئت وإن زدت فهو خير) قال: الثلثين ؟ قال: (ما شئت وإن زدت
فهو خير) قال: يا رسول الله فاجعل صلاتي كلها لك قال إذا تكفى ويغفر
ذنبك.
وعن أبى طلحة: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت من بشره
وطلافته ولم أره قط فسألته، فقال (وما يمنعى وقد خرج جبريل آنفا فأتاني
ببشارة من ربى عز وجل إن الله تعالى بعثنى إليك أبشرك أنه ليس أحد من
أمتك يصلى عليك إلا صلى الله عليه وسلم وملائكته بها عشرا وعن جابر بن
عبد الله قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من قال حين يسمع النداء
اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة
وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة) وعن سعد بن
أبى وقاص من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام
دينا غفر له.
وروى ابن وهب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من سلم على عشرا فكأنما
أعتق رقبة) وفى بعض الآثار (ليردن على أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة
صلاتهم على) وفى آخر إن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها
ومواطنها أكثركم على صلاة) وعن أبى بكر الصديق الصلاة على النبي صلى
الله
__________
(قوله فكم أجعل لك من صلاتي) قيل الصلاة هنا بمعنى الدعاء والمعنى أن
لى زمانا أدعو فيه لنفسي فكم أجعل لك من ذلك الزمان الصلاة عليك (*)
(2/76)
عليه وسلم أمحق
للذنوب من الماء البارد للنار، والسلام عليه أفضل من عتق الرقاب
فصل في ذم من لم يصل على النبي صلى الله
عليه وسلم وإثمه
حدثنا القاضى الشهيد أبو على رحمه الله حدثنا أبو الفضل بن خيرون وأبو
الحسن الصيرفى قالا حدثنا أبو يعلى حدثنا السنجى حدثنا محمد ابن محبوب
حدثنا أبو عيسى حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى حدثنا ربعى ابن إبراهيم
عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد بن أبى سعيد عن أبى هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على ورغم أنف
رجل دخل رمصان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه
الكبر فلم يدخلاه الجنة) قال عبد الرحمن وأظنه قال أو أحدهما.
وفى حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين ثم صعد
فقال آمين ثم صعد فقال آمين فسأله معاذ عن ذلك فقال (إن جبريل أتانى
فقال يا محمد من سميت بين يديه فلم يصل عليك فمات يدخل النار فأبعده
الله قل آمين فقلت آمين وقال فيمن أدرك رمضان فلم يقبل منه فمات مثل
ذلك ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات مثله) وعن على بن أبى
طالب عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (البخيل الذى ذكرت عنده فلم
__________
(قوله وأبو الحسين) بالتصغير (قوله الدورقى) نسبة إلى نوع من القلانس،
وقال المزى تبعا لأبى أحمد الحاكم في الكنى هو منسوب إلى بلد (*)
(2/77)
يصل على) وعن
جعفر بن محمد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ذكرت
عنده فلم يصل على أحطئ به طريق الجنة.
وعن على بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن البخيل
كل البخيل من ذكرت عنده فلم يصل على) وعن أبى هريرة قال أبو القاسم صلى
الله عليه وسلم (أيما قوم جلسوا مجلسا ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله
ويصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم كانت عليهم من الله ترة إن شاء
عذبهم وإن شاء غفر لهم) وعن أبى هريرة رضى الله عنه (من نسى الصلاة على
نسى طريق الجنة) وعن قتادة عنه صلى الله عليه وسلم (من الجفاء أن أذكر
عند الرجل فلا يصلى على) وعن جابر عنه صلى الله عليه وسلم (ما جلس قوم
مجلسا ثم تفرقوا على غير صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا تفرقوا
على أنتن من ريح الجيفة) وعن أبى سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (لا يجلس قوم مجلسا لا يصلون فيه على النبي صلى الله عليه وسلم
إلا كان عليهم حسرة وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب وحكى أبو عيسى
الترمذي عن بعض أهل العلم قال: إذا صلى الرجل على النبي صلى الله عليه
وسلم مرة في المجلس أجزأ عنه ما كان في ذلك المجلس
فصل في تخصيصه صلى الله عليه وسلم بتبليغ
صلاة من صلى عليه أو سلم من الأنام
حدثنا القاضى أبو عبد الله التميمي حدثنا الحسين بن محمد حدثنا أبو عمر
__________
(قوله ترة) بكسر المثناة الفوقية وفتح الراء المخففة أي نقص وقيل تبعة
(قوله من الجفاء) بفتح الجيم والمد هو ترك البر والصلة (*)
(2/78)
الحافظ حدثنا
ابن عبد المؤمن حدثنا ابن داسة حدثنا أبو داود حدثنا ابن عوف حدثنا
المقرئ حدثنا حيوة عن أبى صخر حميد بن زياد عن يزيد بن عبد الله بن
قسيط عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(ما من أحد يسلم على إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام) وذكر
أبو بكر بن أبى شيبة عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم (من صلى على عند قبري سمعته ومن صلى على نائيا بلغته).
وعن ابن مسعود: إن الله ملائكة سياحين في الأرض بلغوني عن أمتى السلام)
ونحوه عن أبى هريرة.
وعن ابن عمر: أكثروا من السلام على نبيكم كل جمعة فإنه يؤتى به منكم في
كل جمعة.
وفى رواية: فإن أحدا لا يصلى على إلا عرضت صلاته على حين يفرغ منها.
وعن الحسن عنه صلى الله عليه وسلم (حيثما كنتم فصلوا على فإن صلاتكم
تبلغني).
وعن ابن عباس ليس أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يسلم عليه ويصلى
عليه إلا بلغه.
وذكر بعضهم أن العبد إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه
اسمه.
وعن الحسن بن على إذا دخلت المسجد فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
فإن رسول الله
__________
(قوله ابن عوف) هو محمد بن عوف بن سفيان الحمصى شيخ أبى داود والنسائي
(قوله المقرى) هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن بريد أحد الشيوخ البخاري
(قوله نائيا) أي بعيدا (قوله بلغته) بضم الباء الموحدة وكسر اللام
المشددة (قوله وعن أبى مسعود) كذا وقع في كثير من النسخ والصواب ابن
مسعود
(قوله إلا بلغه) بضم الموحدة وكسر اللام المشددة (*)
(2/79)
صلى الله عليه
وسلم قال لا تتخذوا بيتى عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا وصلوا على حيث
كنتم فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) وفى حديث أوس (أكثروا على من الصلاة
يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة على) وعن سليمان بن سحيم: رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون
عليك أتفقه سلامهم ؟ قال (نعم وأرد عليهم) وعن ابن شهاب: بلغنا أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: (أكثروا من الصلاة على في الليلة الزهراء
واليوم الأزهر فإنهما يؤديان عنكم وإن الأرض لا نأكل أجساد الأنبياء
وما من مسلم يصلى على إلا حملها ملك حتى يؤديها إلى ويسميه حتى إنه
ليقول إن فلانا يقول كذا وكذا)
فصل في الاختلاف في الصلاة على غير النبي
صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام
قال القاضى وفقه الله عامة أهل العلم متفقون على جواز الصلاة على غير
النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن ابن عباس أنه لا تجوز الصلاة على غير
__________
(قوله لا تتاخذوا بيتى عيدا) المراد بالبيت هنا القبر لأنه دفن في بينه
ومعناه النهى عن الاجتماع لزيارته كالاجتماع للعيد فيحتمل أن يكون نهيه
عليه السلام عن ذلك لدفع المشقة عن أمته وأن يكون مخافة أن يتجاوزوا في
تعظيم قبره الحد (قوله ولا تتخذوا بيوتكم قبورا) معناه عند البخاري لا
يجعلوها كالمقابر التى لا تجوز الصلاة فيها، ومعناه عند غيره: اجعلوا
من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا لأن الميت لا يصلى في قبره
(قوله وفى حديث أوس بن أوس الثقفى الصحابي) أخرج هذا الحديث عنه
الترمذي
في الصلاة وابن ماجه في الجنائز (*)
(2/80)
النبي صلى الله
عليه وسلم، وروى عنه لا تنبغي الصلاة على أحد إلا النبيين، وقال سفيان
يكره أن يصلى إلا على نبى، ووجدت بخط بعض شيوخ: مذهب مالك أنه لا يجوز
أن يصل على أحد من الأنبياء سوى محمد صلى الله عليه وسلم وهذا غير
معروف من مذهبه، وقد قال مالك في المبسوط ليحيى ابن إسحاق أكره الصلاة
على غير الأنيباء وما ينبغى لما أن نتعدى ما أمرنا به قال يحيى بن يحيى
لست آخذ بقوله ولا بأس بالصلاة على الأنبياء كلهم وعلى غيرهم.
واحتج بحديث ابن عمر وبما جاء في حديث تعليم النبي صلى الله عليه وسلم
الصلاة عليه وفيه وعلى أزواجه وعلى آله وقد وجدت معلقا عن أبى عمران
الفارسى روى عن ابن عباس رضى الله عنهما كراهة الصلاة على غير النبي
صلى الله عليه وسلم قال وبه نقول ولم يكن يستعمل فيما مضى، وقد روى عبد
الرزاق عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم (صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثنى) قالوا:
والأساند عن ابن عباس لينة والصلاة في لسان العرب بمعنى الترحم والدعاء
وذلك على الإطلاق حتى يمنع منه حديث صحيح أو إجماع، وقد قال تعالى: هو
الذى يصلى عليكم وملائكته الآية وقال: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم
وتزكيهم بها وصل عليهم الآية.
وقال: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة: وقال النبي صلى الله عليه
وسلم: اللهم صل على آل أبى أوفى وكان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللم
صل على آل فلان، وفى حديث الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه
وذريته، وفى آخر: وعلى آل محمد، قيل أتباعه وقيل أمته وقيل آل
بيته وقيل الأتباع ولرهط والعشيرة وقيل آل الرجل ولده وقيل قومه، (6 -
2) (*)
(2/81)
وقيل أهله
الذين حرمت عليهم الصدقة، وفى رواية أنس سئل النبي صلى الله عليه وسلم
من آل محمد ؟ قال (كل نفسي) ويجئ على مذهب الحسن أن المراد بآل محمد
محمد نفسه فإنه كان يقول في صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم اللهم
اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد يريد نفسه لأنه كان لا يخل بالفرض
ويأتى بالنفل لأن الفرض الذى أمر الله تعالى به هو الصلاة على محمد
نفسه وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم (لقد أوتى مزمارا من مزامير آل
داود) يريد من مزامير داود، وفى حديث أبى حميد الساعدي في الصلاة اللهم
صل على محمد وأزواجه وذريته، وفى حديث ابن عمر أنه كان يصلى على النبي
صلى الله عليه وسلم وعلى أبى بكر وعمر ذكره مالك في الموطأ من رواية
يحيى الأندلسى والصحيح من رواية غيره ويدعو لأبى بكر وعمر.
وروى ابن وهب عن أنس بن مالك كنا ندعو لأصحابنا بالغيب فنقول اللهم
اجعل منك على فلان صلوات قوم أبرار الذين يقومون بالليل ويصومون
بالنهار قال القاضى والذى ذهب إليه المحققون وأميل إليه ما قاله مالك
وسفيان رحمهما الله، وروى عن ابن عباس، واختاره غير واحد من الفقهاء
والمتكلمين أنه لا يصلى على غير الأنبياء عند ذكرهم بل هو شئ يختص به
الأنبياء توقيرا وتعزيزا كما يخص الله تعالى عند ذكره بالتنزيه
والتقديس والتعظيم ولا يشاركه فيه غيره كذلك يجب تخصيص النبي صلى الله
عليه وسلم وسائر الأنبياء بالصلاة والتسليم ولا يشارك فيه سواهم كما
أمر الله به بقوله (صلوا عليه وسلموا تسليما) ويذكر من سواهم
من الأئمة وغيرهم بالغفران والرضى كما قال تعالى (يقولون ربنا اغفر لنا
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) وقال (والذين اتبعوهم بإحسان رضى
الله
(2/82)
عنهم) أيضا فهو
أمر لم يكن معروفا في الصدر الأول كما قال أبو عمران وإنما أحدثه
الرافضة والمتشيعة في بعض الأئمة فشاركوهم عند الذكر لهم بالصلاة
وساووهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وأيضا فإن التشبه بأهل البدع
منهى عنه فتجب مخالفتهم فيما التزموه من ذلك وذكر الصلاة على الآل
والأزواج مع النبي صلى الله عليه وسلم بحكم التبع والإضافة إليه لا على
التخصيص قالوا وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على من صلى عليه مجراها
مجرى الدعاء والمواجهة ليس فيها معنى التعظيم والتوقير قالوا وقد قال
تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) فكذلك يجب أن
يكون الدعاء له مخالفا لدعاء الناس بعضهم لبعض، وهذا اختيار الإمام أبى
المظفر الإسفرائنى من شيوخنا، وبه قال أبو عمر بن عبد البر
فصل في حكم زيارة قبره صلى الله عليه وسلم
وفضيلة من زاره سلم عليه وكيف يسلم ويدعو وزيارة قبره صلى الله
عليه وسلم سنة من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها * حدثنا
القاضى أبو على حدثنا أبو الفضل بن خيرون قال حدثنا الحسن بن جعفر قال
حدثنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطني قال حدثنا القاضى المحاملى قال
حدثنا محمد بن عبد الرزاق قال حدثنا موسى بن هلال عن عبيد الله بن عمر
عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم
(من زار قبري وجبت له شفاعتي) وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى
اله عليه وسلم (من زارني في المدينة محتسبا كان في جواري وكنت له شفيعا
يوم القيامة) وفى حديث آخر (من زارني بعد موتى
(2/83)
فكأنما زارني
في حياتي) وكره مالك أن يقال زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد
اختلف في معنى ذلك فقيل كراهية الاسم لما ورد من قوله صلى الله عليه
وسلم (لعن الله زوارات القبور) وهذا يرده قوله (نهيتم عن زيارة القبور
فزوروها وقوله (من زار قبري) فقد أطلق اسم الزيارة وقيل لأن ذلك لما
قيل إن الزائر أفضل من المزور وهذا أيضا ليس بشئ إذ ليس كل زائر بهذه
الصفة وليس هذا عموما، وقد ورد في حديث أهل الجنة زيارتهم لربهم ولم
يمنع هذا اللفظ في حقه تعالى وقال أبو عمران رحمه الله إنما كره مالك
أن يقال طواف الزيارة وزرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم لاستعمال
الناس ذلك بينهم بعضهم لبعض وكره تسوية النبي صلى الله عليه وسلم مع
الناس بهذا اللفظ وأحب أن يخص بأن يقال سلمنا على النبي صلى الله عليه
وسلم وأيضا فإن الزيارة مباحة بين الناس وواجب شد المطى إلى قبره صلى
الله عليه وسلم يريد بالوجوب هنا وجوب ندب وترغيب وتأكيد لا وجوب فرض
والأولى عندي أن منعه وكراهة مالك له لإضافته إلى قبر النبي صلى الله
عليه وسلم وأنه لو قال زرنا النبي لم يكرهه لقوله صلى الله عليه وسلم
(اللهم لا تعجعل قبري وثنا يعبد بعدى، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا
قبور أنبيائهم مساجد)
__________
(قوله وكره مالك أن يقال) قال أبو عمر بن عبد البر إنما كره مالك أن
يقال طواف الزيارة وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم لاستعمال الناس ذلك
بعضهم لبعض فكره تسوية النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ مع الناس
وأحب أن يخص بأن يقال سلمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، قال وأيضا
الزيارة مباحة بين الناس وواجب شد
المطى إلى قبره صلى الله عليه وسلم، يريد وجوب التبرع لا وجوب الفرائض
(*)
(2/84)
فحمى إضافة هذا
اللفظ إلى القبر والتشبه بفعل أولئك قطعا للذريعة وحسما للباب والله
أعلم، قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: ومما لم يزل من شأن من حج المرور
بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
والتبرك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدميه
والعمود الذى كان يستبد إليه وينزل جبريل بالوحى فيه عليه وبمن عمره
وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين والاعتبار بذلك كله، وقال ابن أبى
فديك سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله
عليه وسلم فتلا هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) ثم قال
صلى الله عليك يا محمد من يقولها سبعين مرة، ناداه ملك صلى الله عليك
يا فلان ولم تسقط له حاجة وعن يزيد ابن أبى سعيد المهرى قدمت على عمر
بن عبد العزيز فلما ودعته قال: لى إليك حاجة: إذا أتيت المدينة سترى
قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأقره منى السلام، قال غيره وكان يبرد
إليه البريد من الشام قال بعضهم رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى
الله عليه وسلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة فسلم على
النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرف وقال مالك في رواية ابن وهب إذا سلم
على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجه إلى القبر لا إلى القبلة
ويدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده وقال في المبسوط لا أرى أن يقف عند قبر
النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ولكن يسلم ويمضى، قال ابن أبى مليكة من
أحب أن يقوم وجاء
__________
(قوله وكان يبرد إليه البريد) المراد بالبريد هنا الرسول المستعجل (*)
(2/85)
النبي صلى الله
عليه وسلم فليجعل القنديل الذى في القبلة عند القبر على رأسه، وقال
نافع: كان ابن عمر يسلم على القبر رأيته مائة مرة وأكثر يجئ إلى القبر
فيقول السلام على النبي صلى الله عليه وسلم السلام على أبى بكر السلام
على أبى ثم ينصرف، وروى ابن عمر واضعا يده على مقعد النبي صلى الله
عليه وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه.
وعن ابن قسيط والعتبى كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلا
المسجد حسوا رمانة المنبر التى تلى القبر بميامنهم ثم استقبلوا القبلة
يدعون، وفى الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الليثى أنه كان يقف على قبر
النبي صلى الله عليه وسلم فيصلى على النبي وعلى أبى بكر وعمر وعند ابن
القاسم والقعنبى ويدعو لأبى بكر وعمر قال مالك في رواية ابن وهب يقول
المسلم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، قال في المبسوط
ويسلم على أبى بكر وعمر قال القاضى أبو الوليد الباجى وعندي أنه يدعو
للنبى صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة ولأبي بكر وعمر كما في حديث ابن
عمر من الخلاف، وقال ابن حبيب ويقول إذا دخل مسجد الرسول باسم الله
وسلام على رسول الله السلام علينا من ربنا وصلى الله وملائكة على محمد
اللهم اغفر لى ذنوبي وافتح لى أبواب رحمتك وجنتك واحفظنى من الشيطان
الرجيم ثم اقصد إلى الروضة وهى ما بين القبر والمنبر فأركع فيها ركعتين
قبل وقوفك بالقبر تحمد الله فبهما وتسأله تمام ما خرجت
__________
(قوله القنديل) بكسر القاف وأما بفتحها فالعظيم الرأس (قوله وفى
العتبية) بضم العين المهملة وسكون المثناة الفوقية بعدها موحدة وياء
للنسبة إلى فقيه الأندلس محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبى القرطبى
مصنفها وهو ابن موالى عتبة بن أبى سفيان (*)
(2/86)
إليه والعون
عليه وإن كانت كعتاك في غير الروضة أجزأناك وفى الروضة أفضل وقد قال
صلى الله عليه وسلم (ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة، ومنبرى
على ترعة من ترع الجنة) ثم تقف بالقبر متواضعا متوقرا فتصلى عليه وتثنى
بما يحضرك وتسلم على أبى بكر وعمر وتدعو لهما وأكثر من الصلاة في مسجد
النبي صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار ولا تدع أن تأتى مسجد قبا
وقبور الشهداء، قال مالك في كتاب محمد: ويسلم على النبي صلى الله عليه
وسلم إذا دخل وخرج يعنى في المدينة وفيما بين ذلك قال محمد وإذا خرج
جعل آخر عهده الوقوف بالقبر وكذلك من خرج مسافرا، وروى ابن وهب عن
فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
(إذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى الله عليه وسلم وقل اللهم اغفر لى
ذنوبي وافتح لى أبواب رحمتك وإذا خرجت فصل على النبي صلى الله عليه
وسلم وقل اللهم اغفر لى ذنوبي وافتح لى أبواب فضلك وفى رواية أخرى
فليسلم مكان فليصل فيه ويقول إذا خرج اللهم إنى أسألك من فضلك وفى أخرى
(اللهم احفظني من الشيطان الرجيم) وعن محمد بن سيرين: كان الناس يقولون
إذا دخلوا المسجد صلى الله وملائكته على محمد السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته باسم الله دخلنا وباسم الله خرجنا وعلى الله
توكلنا، وكانوا يقولون إذا خرجوا مثل ذلك، وعن فاطمة أيضا كان النبي
صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال صلى الله على محمد، ثم ذكر مثل
حديث فاطمة قبل هذا وفى رواية حمد الله وسمى وصلى على النبي صلى الله
عليه وسلم وذكر مثله، وفى رواية باسم الله والسلام على رسول الله، وعن
غيرها
(2/87)
كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال (اللهم افتح لى أبواب رحمتك
ويسر لى أبواب رزقك) وعن أبى هريرة إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على
النبي صلى الله عليه وسلم وليقل (اللهم افتح لى) وقال مالك في المبسوط
وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر وإنما
ذلك للغرباء وقال فيه أيضا لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن
يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلى عليه ويدعو له ولأبي بكر
وعمر فقيل له إن ناسا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه
يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام
المرة أو المرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعو ساعة فقال لم يبلغني
هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا
ما أصلح أولها ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون
ذلك: ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده، قال ابن القاسم ورأيت أهل
المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوها أتوا القبر فسلموا، قال وذلك رأى قال
الباجى ففرق بين أهل المدينة والغرباء لأن الغرباء قصدوا لذلك وأهل
المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم، وقال صلى الله
عليه وسلم، اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقال (لا تجعلوا قبري عيدا) ومن كتاب أحمد
بن سعيد الهندي فيمن وقف بالقبر: لا يلصق به ولا يمسه ولا يقف عنده
طويلا، وفى العتبية يبدأ بالركوع قبل السلام في مسجد النبي صلى الله
عليه وسلم وأحب مواضع التنفل
(2/88)
فيه مصلى النبي
حيث العمود المخلق، وأما في الفريضة فالتقدم إلى الصفوف والتنفل فيه
للغرباء أحب إلى من التنفل في البيوت
فصل فيما يلزم من دخل مسجد النبي صلى الله
عليه وسلم من الأدب سوى ما قدمناه وفضله وفضل الصلاة فيه وفى مسجد مكة
وذكر قبره ومنبره وفصل سكنى المدينة ومكة.
قال الله تعالى (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه) روى
أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي مسجد هو ؟ قال (مسجدي هذا) وهو قول
ابن المسيب وزيد بن ثابت وابن عمر ومالك بن أنس وغيرهم.
وعن ابن عباس أنه مسجد قباء حدثنا هشام بن أحمد الفقيه بقراءتي عليه
قال حدثنا الحسين بن محمد الحافظ حدثنا أبو عمر النمري حدثنا أبو محمد
بن عبد المومن حدثنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا
سفيان عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة رضى الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:
المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) وقد تقدمت الاثار في الصلاة
والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد) وعن عبد الله
بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قال:
أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم
وقال مالك
__________
(قوله روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أي مجسد) أخرج هذا الحديث
مسلم في آخر المالك والترمذي والكسائي في التفسير (*)
(2/89)
رحمه الله سمع
عمر بن الخطاب رضى الله عنه صوتا في المسجد فدعا بصاحبه
فقال ممن أنت ؟ قال: رجل من ثقيف، قال لو كنت من هاتين القريتين لأدبتك
إن مسجدنا لا يرفع فيه الصوت، قال محمد بن مسلمة: لا ينبغى لأحد أن
يعتمد المسجد برفع الصوت ولا بشئ من الأذى وأن ينزه عما يكره، قال
القاضى حكى ذلك كله القاضى إسماعيل في مبسوطه في باب فضل مسجد النبي
صلى الله عليه وسلم والعلماء كلهم متفقون أن حكم سائر المساجد هذا
الحكم، قال القاضى إسماعيل وقال محمد بن مسلمة ويكره في مسجد الرسول
صلى الله عليه وسلم الجهر على المصلين فيما يخلط عليهم صلاتهم وليس مما
يخص به المساجد رفع الصوت وقد كره رفع الصوت بالتلبيه في مساجد
الجماعات إلا المسجد الحرام ومسجدنا وقال أبو هريرة عنه صلى الله عليه
وسلم (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)
قال القاضى اختلف الناس في معنى هذا الاستثناء على اختلفاهم في
المفاضلة بين مكة والمدينة فذهب مالك في رواية أشهب عنه وقاله ابن نافه
صاحبه وجماعة أصحابه إلى أن معنى الحديث أن الصلاة في مسجد الرسول أفضل
من الصلاة في سائر المساجد بألف
__________
(قوله لو كنت من هاتين القريتين) يريد مكة والمدينة (قوله القاضى
اسماعيل في مبسوطه) هو ابن اسحاق بن اسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي
مولاهم البغدادي المالكى توفى فجاءه سنة اثنين وثمانين ومائتين (قوله
إلى أن معنى الحديث أن الصلاة في مسجد الرسول إلى آخره) قيل يرد هذا
التأويل ما في مسند أحمد من حديث عبد الله ابن الزبير أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من
المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة
في مسجدي هذا) قال حديث حسن (*)
(2/90)
صلاة إلا
المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من
الصلاة فيه بدون الألف، واحتجوا بما روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه
(صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه فتأتى فضيلة مسجد
الرسول صلى الله عليه وسلم بتسعمائة وعلى غيره بألف وهذا مبنى على
تفضيل المدينة على مكة على ما قدمناه وهو قول عمر بن الخطاب ومالك
وأكثر المدنيين وذهب أهل مكة والكوفة إلى تفضيل مكة وهو قول عطاء وابن
وهب وابن حبيب من أصحاب مالك وحكاه الباجى عن الشافعي وحملوا الاستثناء
في الحديث المتقدم على ظاهره وأن الصلاة في المسجد الحرام أفضل واحتجوا
بحديث عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث أبى
هريرة وفيه (وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة
صلاة) * وروى قتادة مثله، فيأتى فضل الصلاة في المسجد الحرام على هذا
على الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف ولا خلاف أن موضع قبره أفضل بقاع
الأرض، قال القاضى أبو الوليد الباجى: الذى يقتضيه الحديث مخالفة حكم
مسجد مكة لسائر المساجد ولا يعلم منه حكمها مع المدينة، وذهب الطحاوي
إلى أن هذا التفضيل إنما هو في صلاة الفرض، وذهب مطرف من أصحابنا إلى
أن ذلك في النافلة أيضا قال وجمعة خير من جمعة ورمضان خير من رمضان وقد
ذكر عبد الرزاق في تفضيل رمضان بالمدينة وغيرها حديثا نحوه وقال صلى
الله عليه وسلم ما بين بيتى ومنبرى
__________
(قوله وحكاه الباجى) هو الحافظ أبو يحيى زكريا بن يحيى العتبى البصري،
أخذ الأشعري عنه مقالة أهل الحديث (*)
(2/91)
روضة من رياض
الجنة) ومثله عن أبى هريرة وأبى سعيد وزاد (ومنبرى على حوضى) وفى حديث
آخر (منبرى على ترعة من ترع الجنة) قال الطبري فيه معنيان أحدهما أن
المراد بالبيت بيت سكناه على الظاهر مع أنه روى ما يبينه (بين حجرتي
ومنبرى) والثانى أن البيت هنا القبر وهو قول زيد بن أسلم في هذا الحديث
كما روى بين قبري ومنبرى، قال الطبري وإذا كان قبره في بيته اتفقت
معاني الروايات ولم يكن بينها خلاف لأن قبره في حجرته وهو بيته، وقوله
(ومنبرى على حوضى) قيل يحتمل أنه منبره بعينه الذى كان في الدنيا وهو
أظهر والثانى أن يكون له هناك منبر والثالث أن قصد منبره والحضور عنده
لملازمة الأعمال الصلالحة يورد الحوض ويوجب الشرب منه قاله الباجى،
وقوله (روضة من رياض الجنة) يحتمل معنيين أحدهما أنه موجب لذلك وأن
الدعاء والصلاة فيه يستحق ذلك من الثواب كما قيل: الجنة تحت ظلال
السيوف والثانى أن تلك البقعة قد ينقلها الله فتكون في الجنة بعينها،
قاله الداودى * وروى ابن عمر وجماعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال في المدينة (لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا
أو شفيعا يوم القيامة) وقال فيمن تحمل عن المدينة (والمدينة خير لهم لو
كانوا يعلمون) وقال (إنما المدينة كالكير تنفى خبثها وينصع طيبها) وقال
(لا يخرج
__________
(قوله على لأوائها) أي شتائها وصيفها (قوله شفيعا أو شهيدا) أي شفيعا
لبعضهم أو شهيدا لبعضهم، فأو: هنا للتقسيم وليس للشك من الراوى لأنه
رواه عدة من الصحابة بهذا اللفظ (قوله كالكير) قال ابن الأثير: كير
الحداد هو المبنى من الطين وقيل الزق الذى ينفخ به النار، والمبنى من
الطين: الكور (*)
(2/92)
أحد من المدينة
رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه.
وروى عنه صلى الله عليه وسلم (من مات في أحد الحرمين حاجا أو معتمرا
بعثه الله يوم القيامة لا حساب عليه ولا عذاب) وفى طريق آخر (بعث من
الآمنين يوم القيامة) وعن ابن عمر (من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت
بها فإنى أشفع لمن يموت بها) * وقال تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذى
ببكة مباركا) إلى قوله: (آمنا) قال بعض المفسرين آمنا من النار وقيل
كان يأمن من الطلب من أحدث حدثا خارجا عن الحرم ولجأ إليه في الجاهلية.
وهذا مثل قوله: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) على قوله بعضهم *
وحكى أن قوما أتوا سعدون الخولانى بالمنستير فأعلموه أن كتامة قتلوا
رجلا وأضرموا عليه النار طول الليل فلم تعمل فيه شيئا وبقى أبيض البدن
فقال: لعله حج ثلاث حجج ؟ قالوا نعم، قال حدثت أن من حج حجة أدى فرضه
ومن حج ثانية داين ربه، ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وبشره على
النار، ولما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قال: (مرحبا
بك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك) وفى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم
(ما من أحد يدعو الله تعالى عند الركن الأسود إلا استجاب الله له)
وكذلك عند الميزاب، وعنه صلى الله عليه وسلم (من صلى خلف المقام ركعتين
غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وحشر يوم القيامة من الآمنين) قال
الفقيه
__________
(قوله سعدون) بفتح السين المهملة، والقياس صرفه وصرف حمدون، وقد وقعا
في كتب الحديث المعتمدة غير مصروفين (قوله بالمنستير) بميم مضمومة فنون
مفتوحة فسين مهملة ساكنة فمثناة فوقية مكسورة: مكان بالقيروان (*)
(2/93)
القاضى أبو
الفضل فرأت على القاضى الحافظى أبى على حدثنا أبو العباس العذري قال
حدثنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد الهروي حدثنا الحسن ابن رشيق
سمعت أبا الحسن محمد بن الحسن بن راشد سمعت أبا بكر محمد بن إدريس سمعت
الحميدى قال: سمعت سفيان بن عيينة قال سمعت عمرو بن دينار قال سمعت ابن
عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما دعا أحد شئ في
هذا الملتزم إلا استجيب له) قال ابن عباس وأنا فما دعوت الله شئ في هذا
الملتزم منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا استجيب لى،
وقال عمرو بن دينار وأنا فما دعوت الله تعالى بشئ في هذا الملتزم منذ
سمعت هذا من ابن عباس إلا استجيب لى، وقال سفيان وأنا فما دعوت الله
بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من عمرو إلا استجيب لى، قال الحميدى
وأنا فما دعوت الله شئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من سفيان إلا
استجيب لى، وقال محمد بن إدريس وأنا فما دعوت الله بشئ في هذا الملتزم
منذ سمعت هذا من الحميدى إلا استجيب لى، وقال أبو الحسن محمد بن الحسن
وأنا فما دعوت الله بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من محمد بن إدريس
إلا استجيب لى: قال أبو أسامة وما أذكر الحسن بن رشيق قال فيه شيئا
وأنا فما دعوت الله بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من الحسن بن رشيق
إلا استجيب لى من أمر الدنيا وأنا أرجو أن يستجاب لى من أمر الآخرة قال
العذري وأنا فما دعوت الله بشئ في هذا الملتزم منذ سمعت هذا من أبى
أسامة إلا استجيب لى قال أبو على وأنا فقد دعوت الله فيه بأشياء كثيرة
استجيب
__________
(قوله الملتزم) هو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، قال الأزرقي هو
قدر أربعة
أذرع، سمى بذلك لان الناس يلتزمونه في الدعاء (*)
(2/94)
لى بعضها وأنا
أرجو من سعة فضله أن يستجيب لى بقيتها، قال القاضى أبو الفضل ذكرنا
نبذا من هذه النكت في هذا الفصل وإن لم تكن من الباب لتملقها بالفصل
الذى قبله حرصا على تمام الفائدة والله الموفق للصواب برحمته
|