الشمائل
المحمدية للترمذي ط إحياء التراث تقديم فضيلة الشيخ
محمد المنتقى الكشناوى
الحمد لله العزيز القهار، العالم بالاسرار الذي اصطفى سيد البشر سيدنا محمد
بن عبد الله بنبوته، ورسالته، وحذر جميع خلقه مخالفته فقال عز من قائل فَلا
وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيماً وصلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه وأزواجه وذريته أجمعين.
أما بعد: فاعلم أن علم الحديث ومن جملته علم السيرة النبوية أجل العلوم
قدرا وأكملها مزية، من حازه فقد حاز فضلا كثيرا، ومن أوتيه فقد أوتي خيرا
كثيرا. فقد روي عن سفيان الثوري رحمه الله كما ذكره ابن الصلاح في مقدمة
علوم الحديث له قال: «ما أعلم عملا أفضل من طلب الحديث لمن أراد به الله عز
وجل» . قال ابن الصلاح: وروينا نحوه عن ابن المبارك أهـ.
قاله العلامة أبو الفيض مولانا جعفر الحسني الادريسي الشهير الكتاني رحمه
الله تعالى وإيانا في مقدمة كتابه «نظم المتناثر من الحديث المتواتر» .
ثم كما قال بعض الصالحين رضوان الله تعالى علينا وعليهم: إن معرفة عبادة
الله تعالى والعمل بدينه الذي أنزله لصلاح شؤون العباد في الدنيا والآخرة
متوقفة على معرفة هدى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وطريقته العملية التي
بين فيما شرع الله تعالى أول ما نزل عليه الوحي إلى أن أكمل الله تعالى هذا
الدين وقد وعت كتب السنة والمغازي والتاريخ والشمائل أقوال النبي صلى الله
عليه وسلم، وأفعاله، وصفاته من أول نشأته إلى أن اختاره الله تعالى إلى
جواره، لا سيما الفترة التي أدّى فيها الرسالة ولم تدع أمرا من أموره ولا
شيئا من شؤونه دقّ أو جل إلا أحصته حتى
(1/7)
انك لتجد فيها صفة ثيابه وجلوسه ونهوضه من
نومه وهيئته في ضحكه وابتسامه ومشيته وعبادته في ليله ونهاره، وكيف كان
يفعل إذا اغتسل وإذا أكل وكيف كان يشرب وماذا كان يلبس وكيف كان يتحدث
للناس إذا لقيهم. وما كان يحب من الألوان وما هي حليته وشمائله.
ولسنا نعدو الحقيقة إذا قلنا: إنه ليس في الدنيا إنسان كامل يتحدث التاريخ
عن سيرته على التفصيل كما تحدث عن تفاصيل حياة نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم خاتم النبيين. وأن من أوفى كتاب في هذا الموضوع هو كتاب الشمائل
المحمدية للإمام الحافظ المحقق محمد بن عيسى الترمذي نفعنا الله تعالى به
وأعاد علينا من بركاته آمين.
وقد استوعب رحمه الله تعالى في كتابه هذا هديه صلى الله عليه وسلم في
صفاته، وقد كان من حسن الحظ أن نتعرف على فضيلة الأخ الكبير الشيخ محمد
عفيف الزعبي رحمه الله تعالى وإيانا والمؤمنين بدار العلم للطباعة والنشر،
جدة وقد عرض علينا فضيلته نسخة من تحقيقه للكتاب فأرادنا أن نشاركه في
الأجر بتقديم الكتاب للقراء راجيا من المولى الكريم أن يجازيه بأحسن الجزاء
على هذا العمل العظيم ولكل من ساعد وساهم في إخراج هذا الكتاب الجليل، وأن
ينفع به الطلاب، والمسلمين آمين. والحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى
وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.
محمد المنتقى الكشناوى
(1/8)
ترجمة: الامام
الترمذى
نسبه:
هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي «1»
ولادته ووفاته:
ولد الامام الحافظ أبو عيسى في قرية بوغ في سنة (209 هـ) ثم انتقل منها إلى
مدينة ترمذ «2» إلى أن توفاه الله تعالى فيها سنة (279 هـ) وله سبعون سنة.
شيوخه وتلاميذه:
يعتبر المؤرخون عصر الترمذي العصر الذهبي لعلم الحديث حيث كان رائد بعثه
وازدهاره الامام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ناصر السنة.
حيث علم الناس عامة وأهل العراق ثم مصر خاصة معنى الاحتجاج بالسنة
__________
(1) بضم السين منسوب الى بنى سليم بالتصغير قبيلة من غيلان/ كذا ذكره ابن
عساكر وقال السمعاني ابن شداد بدل ابن الضحاك. وأبو عيسى كنيته ومحمد اسمه
وعيسى اسم أبيه وسورة اسم جده كما في القاموس ومعنى السورة في الأصل الحدة.
(2) قال صاحب القاموس ترمذ بكسر التاء وهي مدينة قديمة على طرف نهر بلخ من
جهة شاطئه الشرقي ويقال لها مدينة الرجال. وقال الشيخ ابراهيم الباجوري
فيها ثلاث لغات كسر التاء والميم وهو الأشهر وضمها وهو ما يقوله المتقنون
وأهل المعرفة وفتح التاء وكسر الميم وثانية ساكن في الوجوه الثلاثة.
(1/9)
ومعنى العمل بها مع القرآن، وحدد أصول ذلك
وحررها، وأقام الحجة على مناظريه بوجوب الأخذ بالحديث وأفحمهم. من ذلك نرى
أن الأئمة الأعلام أصحاب كتب السنة نبغوا في الطبقة التالية لعصر الشافعي
مباشرة، وان لم يدركوه رؤية وسماعا لتقدم وفاته، ولكنهم أدركوا اقرانه
ومعاصريه ومناظريه وكبار تلاميذه.
وبسرد بسيط لتواريخ ولادتهم ووفاتهم تظهر المقارنة واضحة
1- فالبخاري/ محمد بن اسماعيل ابو عبد الله ولد في شوال سنة 194 هـ ومات
يوم السبت غرة شوال من سنة 256 هـ.
2- ومسلم بن الحجاج القشيري أبو الحسن ولد في سنة 209 هـ ومات في 25 رجب
سنة 256 هـ.
3- والامام الحافظ الترمذي ولد سنة 209 هـ ومات في 13 رجب سنة 279 هـ.
4- وأبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني ولد سنة 202 هـ ومات في 16 شوال
سنة 257 هـ.
5- والنسائي أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن ولد سنة 215 هـ ومات في 13 صفر
303 هـ.
6- وابن ماجه محمد بن يزيد بن ماجه أبو عبد الله ولد سنة 209 هـ ومات في 22
رمضان سنة 273 هـ.
7- وقد روى هؤلاء الأئمة الستة عن شيوخ كثيرين متفرد بعضهم بالرواية عن بعض
الشيوخ واشترك بعضهم مع غيره في الرواية عن آخرين، واشتركوا جميعا في
الرواية عن تسعة شيوخ فقط وهم:
(1/10)
وقد أدرك أبو عيسى الترمذي شيوخا أقدم من
هؤلاء وسمع منهم وروى عنهم. قال الذهبي في تذكرة الحفاظ: سمع قتيبة بن سعيد
«1» وأبا مصعب «2» وإبراهيم بن عبد الله الهروي «3» ، وإسماعيل بن موسى
السدي «4» ، وسويد بن نصر «5» ، وعلي بن صخر «6» .
والترمذي تلميذ البخاري وخريجه، وعنه أخذ علم الحديث وتفقه فيه ومرن بين
يديه، وسأله واستفاد منه، وناظره فوافقه وخالفه، كعادة هؤلاء العلماء، في
اتباع الحق حيث كان. وقد طاف ابو عيسى البلاد، وسمع خلقا من الخراسانيين
والعراقيين والحجازيين.
__________
(1) قتيبة بن سعيد الثقفي أبو رجاء ولد سنة 150 هـ ومات سنة 240 هـ.
(2) أبو مصعب: أحمد بن أبي بكر الزهري المدني ولد سنة 150 هـ ومات سنة 242
هـ.
(3) ابراهيم بن عبد الله بن حاتم الزهري ولد سنة 178 هـ ومات سنة 244 هـ.
(4) إسماعيل بن موسى الفزاري السدي مات سنة 245 هـ.
(5) سويد بن نصر بن سويد المروزي السدى مات سنة 240 هـ وعمره 91 سنة.
(6) علي بن حجر المروزي مات سنة 244 هـ وقد قارب المائة.
(1/11)
شهادة العلماء فيه
وفي كتبه:
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي (أخبرنا الحسن بن أحمد أبو محمد
السمرقندي مناولة أخبرنا أبو بشر عبد الله بن محمد بن محمد بن عمرو، حدثنا
أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد الادريسي الحافظ قال: محمد بن عيسى بن سورة
الترمذي الحافظ الضرير، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث.
صنف كتاب الجامع والتواريخ والعلل، تصنيف رجل عالم متقن، كان يضرب به المثل
في الحفظ.
وقال عنه السمعاني في الانساب بأنه «إمام عصره بلا مدافعة، صاحب التصانيف»
، وبأنه «أحد الائمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث» .
ونقل الذهبي في تذكرة الحفاظ والصفدي في نكت الهميان، والمزي في التهذيب أن
ابن حبان ذكره في الثقات وقال: «كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر» .
ووصفه المزي في التهذيب بأنه «الحافظ صاحب الجامع وغيره من المصنفات، أحد
الائمة الحفاظ المبرزين، وممن نفع الله به المسلمين» .
وقال الذهبي في الميزان «الحافظ العلم، صاحب الجامع، ثقة مجمع عليه، ولا
التفات إلى قول أبي محمد بن حزم فيه في الفرائض من كتاب الأيصال: إنه
مجهول، فإنه ما عرف ولا درى بوجود الجامع ولا العلل له» .
وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب «كان مبرزا على الاقران، آية في
الحفظ والاتقان» .
ونقل الحاكم أبو أحمد عن أحد شيوخه قال «مات محمد بن إسماعيل البخاري ولم
يخلف بخرسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد، بكى حتى عمي،
وبقي ضريرا سنين» .
وفي التهذيب: قال أبو الفضل البيلماني: سمعت نصر بن محمد الشبركوهي يقول:
سمعت محمد بن عيسى الترمذي يقول: قال لي محمد بن إسماعيل- يعني
(1/12)
البخاري- ما انتفعت بك أكثر مما انتفعت بي»
.
وقال ابن الأثير في تاريخه «كان إماما حافظا، له تصانيف حسنة منها الجامع
الكبير وهو أحسن الكتب» .
وقال أبو علي منصور بن عبد الله الخالدي عن الترمذي أنه قال في شأن كتابه
(الجامع) صنفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا
به ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم.
قول العلماء في كتاب الشمائل:
يقول علي بن سلطان محمد القاري:
ومن أحسن ما صنف في شمائله وأخلاقه صلى الله عليه وسلم كتاب الترمذي
المختصر الجامع في سيره على الوجه الأتم بحيث أن مطالع هذا الكتاب، كأنه
يطالع طلعة ذلك الجناب، ويرى محاسنه الشريفة في كل باب.
وقال محمد بن محمد الجزري رحمه الله تعالى:
أخلاي إن شط الحبيب وربعه ... وعز تلاقيه وناءت منازله
وفاتكم أن تبصروه بعينكم ... فما فاتكم بالعين فهذي شمائله
وللأديب محي الدين عبد القادر الزركشي في وصف كتاب الشمائل:
يا أشرف مرسلا كريما ... ما ألطف هذي الشمايل
من يسمع وصفها تراه ... كالغصن مع النسيم مايل
وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي:
«فإن كتاب الشمائل لعلم الرواية وعلم الدراية للامام الترمذي جعل الله قبره
روضة عرفها أطيب من المسك الشذي كتاب وحيد في بابه فريد في ترتيبه
واستيعابه، لم يأت له أحد بمماثل ولا بمشابه، سلك فيه منهاجا بديعا ورصعه
بعيون الاخبار وفنون الآثار ترصيعا حتى عد ذلك الكتاب من المواهب وطار في
المشارق والمغارب.
(1/13)
وكان ممن تصدى لشرحه أفضل المدققين وأحد
المحققين مولانا عصام الدين الاسفرايني الشافعي.
وتلاه العالم النحرير الفقيه الشهير الشهاب بن حجر نزيل مكة فأطال وأطاب.
قال أبي الفداء اسماعيل:
ومن أحسن من جمع في ذلك فأجاد وأفاد الامام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة
الترمذي رحمه الله تعالى أفرد في هذا المعنى كتابه المشهور بالشمائل
المحمدية، ولنا به سماع متصل إليه.
(1/14)
قال الحافظ «1» أبو عيسى محمد بن عيسى بن
سورة الترمذي «2» :
1- باب ما جاء في خلق «3» رسول الله صلى الله
عليه وسلم
1- حدثنا «4» أبو رجاء قتيبة بن سعيد «5» عن مالك بن أنس «6» عن ربيعة بن
أبي عبد الرحمن «7» عن أنس بن مالك «8» أنه سمعه يقول:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن «9» ولا بالقصير،
ولا بالأبيض
__________
(1) الحافظ في اصطلاح المحدثين: من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا واسنادا.
(2) ترمذ: علم لبلدة قديمة، تقع على نهر «بلخ» المعروف بنهر جيحون، شمالي
إيران، وهي بكسر التاء والميم ويجوز ضمهما. اليها نسب الامام الترمذي،
وتوفي فيها سنة تسع وسبعين ومائتين وله سبعون سنة.
(3) الخلق: بفتح الخاء وسكون اللام. والمراد به هنا صورته وشكله صلى الله
عليه وسلم. والخلق بضمتين: ما تحلى به صلى الله عليه وسلم من صفاته
الباطنة؛ كالحلم والعلم. والشمائل: جمع شمال بمعنى الطبع والسجية. وأحاديث
الشمائل تبلغ [400] حديثا وأبوابه [56] بابا.
(4) وفي نسخة (أخبرنا) .
(5) اسمه (يحيى) ، ولقبه (قتيبة) ؛ وقيل اسمه (علي) . رحل الى العراق
والمدينة ومكة والشام ومصر، وسمع مالك بن أنس وخلقا كثيرا من الاعلام، وروى
عنه البخاري والترمذي وخلق كثير من الائمة. ولد سنة ثمان واربعين ومائة
وتوفي سنة أربعين ومائتين. وكان ثقة ثبتا.
(6) الامام المشهور من الائمة الاربعة، وهو من كبار أتباع التابعين، أخذ عن
نافع مولى ابن عمر وعن الزهري وغيرهما، وقيل بلغ مشايخه تسعمائة، وأخذ عنه
الشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني وأمثالهما. ولد سنة 95 هـ، وتوفي سنة 179
هـ.
(7) فقيه المدينة ابو عثمان القرشي المدني المعروف بربيعة الرأي، حافظ فقيه
ثبت مجتهد بصير الرأي، توفي بالأنبار أو بالمدينة سنة 136 هـ. قال مالك:
ذهبت حلاوة الفقه بموته.
(8) هو أبو النضر أنس بن مالك الانصاري البخاري الخزرجي، خادم رسول الله
صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة سنة 71
هـ.
(9) البائن: الظاهر.
(1/15)
الأمهق، ولا بالآدم «1» ولا بالجعد القطط
ولا بالسّبط «2» ، بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر
سنين «3» وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة «4» وليس في
رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء» «5» .
2- حدثنا حميد بن مسعدة البصريّ «6» . حدثنا «7» عبد الوهاب الثقفي «8» عن
حميد «9» عن أنس بن مالك قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة «10» ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن
الجسم،
__________
(1) الأمهق: الشديد، والآدم: الأسمر.
(2) الجعد: بفتح وسكون الشعر فيه التواء وانقباض. والقطط بفتحتين: على
الأشهر ويجوز كسر ثانيه وهو شعر الزنجي الجعودة والسبط بفتح فكسر: الشعر
المسترسل، الذي ليس فيه تعقد ولا نتوء أصلا.
(3) وفي رواية أقام بها ثلاث عشرة فتحمل رواية العشر على أن الراوي حذف
الكسر الزائد عن العشرة.
(4) وفي رواية وهو ابن ثلاث وستين وهي أشهر واصح وتحمل رواية الستين على ان
الراوي حذف الزائد على العشرات.
(5) والحديث أخرجه البخاري في صفة النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي اللباس
ومسلم في الفضائل والترمذي في سننه في اللباس والمناقب ومالك في الجامع.
(6) هو أبو علي السامي من بني سامة بن لؤي، واسع الرواية كثير الحديث، روى
عنه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، سمع أيوب ويحيى بن سعيد
الأنصاري وغيرهما. توفي سنة «224» هـ. والبصري: نسبة الى البصرة البلد
المشهور، وهو مثلث الباء والفتح فيه أفصح ولم يسمع الضم في النسبة.
(7) وفي نسخة «قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي» .
(8) الحافظ أبو محمد أحد أشراف البصرة، ثقة جليل القدر، روى عنه الشافعي
وأحمد بن حنبل وابن راهويه، وخرج له الجماعة. ولد سنة «108» هـ وتوفي سنة
«194» هـ.
(9) أبو عبيدة الخزاعي البصري، اختلفوا في اسم أبيه فقيل: تير وقيل تيرويه
وقيل غير ذلك ويقال له حميد الطويل. روى عن أنس بن مالك. قالوا عنه: ثقة
مدلس. وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء وهو من صغار التابعين.
توفي سنة «142» أو «143» هـ.
(10) ربعة بفتح الراء وسكون الباء أي كان متوسطا بين الطول والقصر.
(1/16)
وكان شعره ليس بجعد ولا سبط أسمر اللون،
إذا مشى يتكفأ «1» » «2» .
3- حدثنا محمد بن بشار «3» «يعني العبدي» «4» . حدثنا محمد بن جعفر «5» .
حدثنا شعبة «6» عن أبي إسحق «7» قال: سمعت البراء بن عازب «8» يقول:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا، بعيد ما بين المنكبين،
عظيم
__________
(1) يتكفأ: أي يسرع في مشيه. وفي نسخ يتوكأ.
(2) أخرجه البخاري في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وفي اللباس ومسلم في
الفضائل باب صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم ك 43 ب 26 ح 2338 والترمذي
في سننه في اللباس حديث رقم 1754 وفي المناقب برقم 3627 والنسائي في الزينة
ومالك في الجامع.
(3) محمد بن بشار بن عثمان البصري، المعروف ببندار الحافظ، أحد الثقات
المشاهير. قال الحافظ ابن حجر: هو شيخ الأئمة الستة. قال أبو داود: كتبت
عنه خمسين ألف حديث. سمع محمد بن جعفر وخلقا، وهو من كبار الآخذين عن تبع
التابعين. والعبدي: نسبة الى عبد قيس وكان مولى لهم. توفي سنة «252» هـ.
(4) قوله «يعني العبدي» بصيغة الغائب: إن كان من كلام المصنف فهو التفات،
والأرجح انها إدراج من بعض تلامذته الذين نقلوا عنه الكتاب، والله أعلم.
(5) أبو عبد الله محمد بن جعفر البصري الهذلي مولاهم المعروف بغندر أخرج
حديثه الأئمة الستة في صحاحهم. روى عن شعبة بن الحجاج، وجالسه نحوا من
عشرين سنة. وروى عنه أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين. لقب بغندر كقنفذ لاكثاره
السؤال في مجلس ابن جريج فقال: ما تريد يا غندر فجرى عليه. توفي سنة «193»
هـ ومعناه في اللغة محرك الشر.
(6) شعبة بن حجاج بن بسطام العتكي مولاهم. الحافظ الثبت، كان الثوري يقول:
هو أمير المؤمنين في الحديث، كان إماما من أئمة المسلمين وركنا من أركان
الدين به حفظ الله أكثر الحديث، قال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث
بالعراق. سمع الحسن والثوري وخلقا كثيرا. وهو من كبار أتباع التابعين. توفي
سنة «160» هـ.
(7) أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، أحد الأعلام
تابعي كبير مكثر، له ثلاثمائة شيخ، عابد غزا مرات. ولد لسنتين بقيتا من
خلافة عثمان، وتوفي سنة «127» أو «129» هـ.
(8) البراء بن عازب: صحابي. جليل، كنيته: أبو عمارة، أول مشهد شهده في
الخندق وافتتح الرّيّ توفي بالكوفة أيام مصعب بن الزبير.
(1/17)
الجمة «1» ، إلى شحمة أذنيه، عليه حلة
حمراء «2» ما رأيت شيئا قطّ أحسن «3» منه»
4- حدثنا محمود بن غيلان «4» . حدثنا وكيع «5» . حدثنا سفيان «6» عن أبي
اسحاق عن البراء بن عازب قال:
«ما رأيت من ذي لمة «7» في حلّة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه
وسلم، له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، لم يكن بالقصير ولا
بالطويل» «8» .
__________
(1) رجلا: بكسر الجيم الشعر بين السبوطة والجعودة. وقع في بعض النسخ:
(بعيد) بصيغة التصغير وهو تصغير ترخيم قال الحافظ ابن حجر: «وقيل بالتصغير
وهو غريب بل في صحته نظر» . والجمة: بضم الجيم وتشديد الميم، وهي ما سقط من
شعر الرأس ووصل الى المنكبين واللمة ما جاوز شحمة الأذن.
(2) الحلة: ثوبان أو ثوب له بطانة.
(3) والحديث أخرجه البخاري ومسلم في الفضائل برقم 2337 وأبو داود في اللباس
برقم 4072 والنسائي وابن ماجه برقم 3699 والترمذي في سننه في اللباس برقم
1724.
(4) الحافظ أبو أحمد محمود بن غيلان، سمع الفضل بن موسى وغيره. ثقة من كبار
الآخذين عن تبع التابعين. توفي سنة «239» هـ. خرج له الشيخان والمصنف.
(5) الحافظ أبو سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، من كبار الطبقة
السابعة. سمع سفيان الثوري وخلقا وروى عنه قتيبة وخلق كثير. وهو من مشايخ
الحديث الثقات المعمول بحديثهم المرجوع الى قولهم. كان يفتي بقول أبي حنيفة
وقد سمع منه توفي سنة «197» هـ.
(6) سفيان مثلث السين والأشهر الضم. وهو الثوري جزم بذلك ميرك شاه، كما صرح
به المؤلف في جامعه في هذا الحديث بعينه، فبطل قول بعض الشراح في أنه ابن
عيينة. والثوري: نسبة الى أحد أجداده.
(7) اللمة- بكسر اللام وتشديد الميم المفتوحة شعر الرأس المجاوز شحمة
الأذن.
(8) انظر تخريج الحديث السابق.
(1/18)
5- حدثنا محمد بن اسماعيل «1» . حدثنا أبو
نعيم «2» . حدثنا المسعودي «3» عن عثمان بن مسلم بن هرمز «4» عن نافع بن
جبير بن مطعم «5» عن علي بن أبي طالب قال:
لم يكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير، شثن «6» الكفين
والقدمين، ضخم الرأس ضخم الكراديس «7» ، طويل المسربة «8» ، إذا مشى تكفأ
تكفؤا كأنما «9» ينحط من صبب «10» ، لم أر قبله ولا بعده مثله (صلى الله
عليه وسلم) » «11» .
6- حدثنا أحمد بن عبدة الضبي البصري «12» وعلي بن حجر «13» ، وأبو جعفر
__________
(1) محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب الصحيح، إمام المحدثين، جبل الحفظ، روي
أنه رؤي في البصرة قبل أن تطلع لحيته وخلفه ألوف من طلبة الحديث، وروي عنه
أنه قال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح، توفي سنة
«256» هـ.
(2) أبو نعيم الفضل بن دكين، من كبار شيوخ البخاري، كان غاية الاتقان
والحفظ، وهو حجة. قال الرافعي في تاريخ قزوين: رمي بالتشيع لذلك تكلم الناس
فيه، لكن احتج به الجماعة. توفي سنة «219» هـ.
(3) عبد الرحمن بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي المسعودي. قال العصام
صدوق اختلط قبل موته. توفي سنة «160» هـ.
(4) عثمان بن مسلم بن هرمز، وفي نسخة منصرف، وهو نسائي، فيه لين.
(5) نافع بن جبير بن مطعم، تابعي جليل سمع عليا وعدة من الأصحاب. توفي سنة
«99» هـ. وأبوه من كبار الصحابة.
(6) بفتح الشين وسكون الثاء أي غليظ الأصابع والراحة. من غير خشونة وهي صفة
مستحبة في الرجال، مكروهة في النساء.
(7) وهي رؤوس العظام، واحدتها كردس.
(8) المسربة: بفتح الميم وسكون السين الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر
وينتهي بالسرة.
(9) وفي نسخ «كأنه» .
(10) الصبب ما انحدر من الأرض.
(11) وأخرجه الترمذي في سننه في المناقب برقم 3641 وأنه تفرد به بين أصحاب
الكتب الستة.
(12) أحمد بن عبدة الضبي البصري: ثقة حجة رمى بالنصب (أي بكونه من الخوارج)
، وهو عربي من بني ضبة. توفي سنة «245» هـ.
(13) الحافظ علي بن حجر السعدي: مأمون ثقة، سمع كثيرا من أئمة الحديث. توفي
سنة «244» هـ.
(1/19)
محمد بن الحسين «1» وهو ابن أبي حليمة
والمعنى واحد. قالوا. حدثنا عيسى بن يونس «2» عن عمر بن عبد الله مولى غفرة
«3» قال حدثني ابراهيم بن محمد «4» من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال كان علي إذا وصف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
«لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل الممغط «5» ، ولا بالقصير
المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط، كان جعدا
رجلا، ولم يكن بالمطهّم ولا بالمكلثم، وكان في وجهه تدوير، أبيض، مشرب،
أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذو مسربة، شثن
الكفين والقدمين إذا مشى تقلع كأنما ينحط في صبب، وإذا التفت التفت معا،
بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس صدرا، وأصدق الناس
لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم (عشرة) «6» ، من رآه بديهة هابه، ومن
__________
(1) أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبي حليمة البصري: مقبول لكن لم يخرج له
إلا المصنف؛ ولعدم اشتهاره بينه بقوله: (هو ابن أبي حليمة) ، وفي نسخ
بالواو والضمير «هو» لمحمد؛ إذ لو كان للحسين لقال: الحسين بن أبي حليمة.
(2) عيسى بن يونس: ثقة مأمون رأى جده أبا إسحاق السبيعي وسمع منه، وروى عن
مالك بن أنس والأوزاعي وغيرهما. وروى عنه أبوه يونس وإسحاق وابن راهويه،
سكن الشام، وكان علما في العلم والعمل، كان يغزو سنة ويحج سنة. توفي سنة
«264» هـ.
(3) عمر بن عبد الله مولى غفرة: مدني مسن وثقه ابن مسعود، وضعفه ابن معين.
قال أحمد كثير الارسال. توفي سنة «145» هـ. وغفرة: بضم الغين: هي بنت رباح
أخت بلال المؤذن.
(4) إبراهيم بن محمد: بن الحنفية صدوق من الطبقة الخامسة. وقول المصنف: «من
ولد علي بن أبي طالب» صفة له. و «الولد» بفتحتين: اسم جنس، أو بضم فسكون:
اسم جمع. والأول هو الرواية.
(5) الممغط: بضم الميم الأولى وتشديد الثانية بعدها غين مكسورة وهو اسم
فاعل من الانمغاط ورواه بعض المحدثين بضم الميم الأولى وفتح الميم الثانية
وفتح الغين المشددة، وهو اسم مفعول من التغميط. وأكثر المحققين على الأول.
(6) في نسخة عشيرة.
(1/20)
خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله
ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم» «1» .
قال أبو عيسى «2» سمعت (أبا جعفر محمد بن الحسين يقول: سمعت الأصمعي يقول:
في تفسير صفة النبي صلى الله عليه وسلم: الممغط الذاهب طولا. وقال سمعت
أعرابيا يقول في كلامه: تمغط في نشابته أي مدها مدا شديدا. والمتردد:
الداخل بعضه في بعض قصرا، وأما القطط: فالشديد الجعودة، والرجل الذي في
شعره حجونة؛ أي تثن قليل، وأما المطهم: فالبادن الكثير اللحم، والمكلثم:
المدور الوجه، والمشرب: الذي في بياضه حمرة، والأدعج: الشديد سواد العين.
والأهدب: الطويل الأشفار.
7- حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا جميع بن عمير «3» بن عبد الرحمن العجلي/
إملاء علينا من كتابه/ قال أخبرني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج
خديجة، يكنى أبا عبد الله «4» عن ابن لأبي هالة «5» عن الحسن بن علي رضي
__________
(1) رواه الترمذي في سننه في المناقب برقم 3642.
(2) كذا في الأصول المصححة، ولم يوجد في بعض النسخ لفظ (أبو عيسى) . وقال
بعضهم: يريد نفسه إذ هذه كنيته. والأرجح أنه إدراج من بعض الرواة الذين
نقلوا الكتاب عنه. والكتد: مجتمع الكتفين وهو الكاهل. والمسربة: هو الشعر
الدقيق الذي كأنه قضيب من الصدر الى السرة. والشثن: الغليظ الأصابع من
الكفين والقدمين والتقلع: أن يمشي بقوة. والصبب: الحدور، يقال انحدرنا في
صبوب وصبب، وقوله جليل. المشاش: يريد رؤوس المناكب. والعشرة: الصحبة.
والعشير: الصاحب. والبديهة: المفاجأة، يقال بدهته بأمر: أي فجأته.
(3) جميع بن عمر: كذا في نسخ الشمائل، وهو ما أورده المزني في التهذيب،
وتبعه الذهبي في الميزان، وفي بعض الروايات (عمير) مصغرا، واختاره الحافظ
ابن حجر في التقريب. والعجلي: بكسر العين وسكون الجيم: نسبة الى قبيلة عجل.
وجميع هذا وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، قال ابن حجر العسقلاني: جميع ضعيف
رافضي.
(4) أبو عبد الله قيل اسمه يزيد بن عمرو أو عمر أو عمير. مجهول من الطبقة
السادسة لم يخرج حديثه أحد من الأئمة أصحاب الصحاح إلا المصنف.
(5) واختلف في اسم أبي هالة فقيل اسمه النباش وقيل مالك وقيل زرارة وقيل
هند وأبو هالة تزوج خديجة في الجاهلية فولدت له ذكرين، هندا وهالة. وتزوجها
أيضا عتيق بن خالد المخزومي، فولدت له عبد الله، وبنتا. ثم تزوجها رسول
الله صلى الله عليه وسلم وجميع أولاده صلى الله عليه وسلم منها إلا ابراهيم
فمن مارية القبطية.
(1/21)
الله عنهما قال: سألت خالي هند بن أبي هالة
«1» ، وكان وصافا عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أشتهي أن يصف لي
منها شيئا أتعلق به فقال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخّما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر
ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذّب «2» ، عظيم الهامة، رجل
الشعر، ان انفرقت عقيقته «3» فرقها، والا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه، إذا
هو وفّره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج «4» الحواجب سوابغ في غير قرن «5»
بينهما عرق يدره الغضب «6» ؛ أقنى العرنين «7» ، له نور يعلوه يحسبه من لم
يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم «8» مفلج الأسنان «9» دقيق
المسربة كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة «10» ، معتدل الخلق، بادن متماسك
«11» ، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم
الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللّبة «12» والسرة بشعر
__________
(1) وانما كان هند هذا خالا للحسن لأنه أخو أمه من أمها، فانه ابن خديجة
التي هي أم فاطمة التي هي أمه. قتل هند هذا مع علي يوم الجمل.
(2) المشذب: الطويل البائن الطول مع نقص في لحمه، وأصله من النخلة التي شذب
عنها جريدها.
(3) والمراد بالعقيقة: شعر رأسه الذي على الناصية، أي جعلها فرقتين.
(4) أزج: أي مقوس الحاجين.
(5) سوابغ: أي كاملان وهو منصوب على المدح ويصح رفعه على أنه خبر لمبتدأ
محذوف. والقرن (بالتحريك) اقتران الحاجبين بحيث يلتقي طرفاهما.
(6) بينهما عرق يدره الغضب: أي يصيره الغضب ممتلئا دما.
(7) أي طويل الأنف مع دقة أرنبته. والعرنين بكسر العين قيل ما صلب من الأنف
وقيل الأنف كله.
(8) الضليع: الواسع والعرب تمدح ذلك لأن سعته دليل على الفصاحة.
(9) الفلج انفراج ما بين الأسنان.
(10) الجيد: العنق، والدمية: الصورة المتخذة من عاج أو غيره والمراد هو في
اعتدال وحسن هيئة وكمال واشراق.
(11) البادن: السمين المعتدل السمن بدليل لم يكن بالمطهم.
(12) أي نير العضو المتجرد عن الشعر أو عن الثوب. واللبة: بفتح اللام موضع
الثغرة فوق الصدر.
(1/22)
يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى
ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين رحب الراحة شثن
الكفين والقدمين، سائل الأطراف، أو قال شائل الأطراف «1» خمصان الأخمصين
«2» مسيح القدمين «3» ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا «4»
ويمشي هونا؛ ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب «5» ؛ وإذا التفت التفت
جميعا؛ خافض الطرف؛ نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء؛ جل نظره
الملاحظة. يسوق أصحابه «6» ؛ ويبدر «7» من لقي بالسلام «8» .
8- حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى «9» . حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن
سماك بن حرب «10» قال: سمعت جابر بن سمرة «11» يقول:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم؛ أشكل العين، منهوس العقب،
قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟
قال: عظيم الفم. قلت:
__________
(1) شك من الراوي والسائل الطويل، والشائل مثلها.
(2) أخمص القدم هو الموضع الذي لا يمس الأرض عند الوطء من وسط القدم.
وخمصان، كعثمان. والمراد أنه شديد تجافيهما عن الأرض.
(3) أي أملسهما ومستويهما.
(4) أي اذا مشى رفع رجليه بقوة وفي نسخة تكفؤا وهي تأكيد لما قبلها.
(5) ذريع أي واسع والصبب الأرض المنحدرة.
(6) أي يقدم أصحابه بين يديه ويمشي خلفهم.
(7) وفي نسخة يبدأ.
(8) تفرد به الترمذي في الشمائل والطبراني والبيهقي.
(9) أبو موسى محمد بن المثنى العنزي البصري: المعروف بالزمن، ثقة ورع، روى
عن ابن عيينه وغندر «محمد بن جعفر البصري» وخرج له الجماعة. توفي سنة «252»
هـ.
(10) سماك بن حرب: تابعي أدرك ثمانين من الصحابة. ثقة، ساء حفظه توفي سنة
123 هـ.
(11) جابر بن سمرة العامري السوائي: وهما صحابيان، خرج لأبيه البخاري ومسلم
وأبو داود والنسائي، وله الجماعة. توفيا في خلافة عبد الملك بن مروان.
(1/23)
ما أشكل العين؟ قال طويل شق العين، قلت: ما
منهوس العقب؟ قال قليل لحم العقب» «1» .
9- حدثنا هناد بن السري «2» . حدثنا عبثر بن القاسم «3» عن أشعث «4» يعني
ابن سوار عن أبي اسحاق عن جابر بن سمرة قال:
«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان «5» ، وعليه حلّة
حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر» «6» .
10- حدثنا سفيان بن وكيع. حدثننا حميد بن عبد الحميد الرؤاسي «7» عن زهير
«8» عن أبي إسحاق قال: سأل رجل البراء بن عازب:
«أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال لا، بل مثل القمر»
«9» .
11- حدثنا أبو داود المصاحفي/ سليمان بن سلم/ «10» حدثنا النضر بن
__________
(1) الحديث أخرجه مسلم في الفضائل برقم 2339 وأخرجه الترمذي في سننه في
المناقب برقم 3649.
(2) هناد بن السري: الكوفي التميمي الدارمي، الزاهد الحافظ، كان يقال له
راهب الكوفة لزهده. خرج له مسلم والأربعة توفي سنة «223» هـ.
(3) عبثر بن القاسم الزبيري: نسبة الى الزبير بالتصغير، كوفي، ثقة، خرج له
الجماعة.
(4) أشعث بن سوار الكندي: بتشديد الواو، روى له مسلم والنسائي والمصنف وابن
ماجه. توفي سنة «130» هـ.
(5) أي مقمرة.
(6) أخرجه الترمذي في كتاب أدب الحديث رقم 2812.
(7) حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي: نسبة الى رواس، كوفي روى عن ابن إسحاق
وعطية وروى عنه سفيان وابن المبارك وغيرهما. توفي سنة «190» هـ.
(8) زهير بن معاوية بن خديج: أبو خيثمة الجعفي، ثقة حافظ، خرج له الجماعة.
توفي سنة «173» هـ.
(9) أخرجه البخاري في صفة النبي صلى الله عليه وسلم والترمذي في المناقب
برقم 3640.
(10) أبو داود المصاحفي سليمان بن سلم: البلخي، ثبت ثقة، روى عن أبي مطيع،
وروى عنه أبو داود. توفي سنة «238» هـ.
(1/24)
شميل «1» عن صالح بن أبي الأخضر «2» عن ابن
شهاب «3» عن أبي سلمة «4» عن أبي هريرة «5» رضي الله عنه قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض كأنّما صيغ من فضة، رجل الشعر» «6»
.
12- حدثنا قتيبة بن سعيد «7» قال أخبرني الليث بن سعد «8» عن أبي الزبير عن
جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«عرض عليّ الأنبياء، فإذا موسى عليه السلام ضرب من الرجال كأنّه من رجال
شنوءة «9» ، ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها
عروة بن مسعود «10» ، ورأيت ابراهيم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به
__________
(1) النضر بن شميل: أبو الحسن المازني النحوي البصري، ثقة إمام، خرج له
الجماعة.
(2) صالح بن أبي الأخضر: اليماني مولى بني أمية، كان خادما للزهري، وثقه
البخاري، وضعفه المصنف والنسائي، قال الذهبي: صالح الحديث، خرج له الأربعة.
(3) ابن شهاب: أبو بكر محمد بن أسلم الزهري المنسوب إلى زهرة بن كلاب،
الفقيه الحافظ، تابعي صغير، متفق على جلالته واتقانه. توفي سنة «124» أو
«125» هـ.
(4) أبو سلمة: اسمه عبد الله أو إسماعيل بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو
قرشي زهري وفي موته أقوال قيل سنة «94» هـ وقيل غير ذلك.
(5) أبي هريرة: اسمه على الأصح عبد الرحمن الدوسي، حافظ الصحابة ومكثرهم.
قال الشافعي: أحفظ من روى الحديث في دهره أبو هريرة. كان فقيها مفتيا ورعا،
ولي أمر المدينة، توفي سنة «57» هـ أو «59» هـ ودفن في البقيع.
(6) تفرد به الترمذي.
(7) في بعض النسخ (ابن سعد) .
(8) الليث بن سعد العرنمي عالم أهل مصر. قال الشافعي الليث أفقه من مالك،
لكن ضيعه أصحابه وما فاتني أحد، فأسفت عليه مثله، توفي سنة «175» هـ.
(9) بفتح الشين قبيلة من اليمن، ورجال هذه القبيلة متوسطون بين الخفة
والسمن والشنوءة في الأصل التباعد.
(10) عروة بن مسعود الثقفي، وهو الذي أرسلته قريش للنبي صلى الله عليه وسلم
يوم الحديبية، وقد أسلم سنة تسع من الهجرة. وهو أحد الرجلين اللذين قالت
قريش فيهما لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ
الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ 31 الزخرف.
(1/25)
شبها دحية «1» » «2» .
13- حدثنا سفيان بن وكيع ومحمد بن بشار/ المعنى واحد/ قالا أخبر يزيد بن
هارون «3» عن سعيد الجريري «4» قال سمعت أبا الطفيل «5» يقول:
«رأيت النّبي صلى الله عليه وسلم وما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري. قلت:
صفه لي. قال: كان أبيض؛ مليحا مقصّدا» «6» .
14- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن «7» . حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ
«8»
__________
(1) دحية الكلبي الصحابي شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد بعد
بدر وبايع تحت الشجرة، وكان جبريل يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم غالبا على
صورته نزل الشام وبقي فيها واستوطن المزة بجانبها حتى مات بزمن معاوية،
وكان رسول النبي صلى الله عليه وسلم الى هرقل فلقيه بحمص..
(2) والحديث أخرجه مسلم في الايمان باب الاسراء حديث رقم 167 والترمذي في
سننه في المناقب برقم 3651.
(3) يزيد بن هارون: السلمي مولاهم، كنيته أبو خالد، الحافظ المتقن، العابد،
أحد الأعلام، قيل كان يحضر مجلسه ببغداد نحو سبعين ألفا، خرج له الجماعة،
توفي سنة «220» هـ وقيل سنة «226» هـ.
(4) سعيد الجريري: نسبة الى أحد أبائه واسمه (جرير) ، ثقه ثبت، من الطبقة
الخامسة، اختلط قبل موته، خرج له الجماعة توفي سنة «144» هـ.
(5) أبا الطفيل: عامر بن واثلة الليثي الكناني، ولد عام الهجرة، أو عام
أحد. صحابي، من محبي علي وشيعته. وهو آخر من مات من الصحابة. توفي سنة
«110» هـ على الصحيح.
(6) والحديث أخرجه أيضا مسلم في الفضائل حديث رقم 2340. والمقصد: هو الذي
ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير. وملح الشيء، من باب ظرف أي حسن فهو
مليح.
(7) عبد الله بن عبد الرحمن: بن الفضل الدارمي السمرقندي، الحافظ الكبير
وعالم سمرقند، روى عن إبراهيم بن المنذر والنضر بن شميل ويزيد بن هارون
والحجاج بن منهال وخلف، وروى عنه مسلم والنسائي والمصنف والبخاري في غير
الصحيح. قال أبو حاتم: إمام أهل زمانه. ثقة ثبت توفي سنة «255» هـ.
(8) ابراهيم بن المنذر الحزاميّ: أحد علماء المدينة، من كبار العلماء،
صدوق، تكلّم فيه أحمد لأجل القرآن توفي سنة 236 هـ والحزاميّ: نسبة الى أحد
أجداده، فإنه ابراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة بن عبد
الله بن خالد بن حزام القرشي.
(1/26)
حدثنا عبد العزيز بن ثابت الزّهريّ «1» .
حدثني إسماعيل بن إبراهيم «2» / ابن أخي موسى بن عقبة/ عن موسى بن عقبة «3»
عن كريب «4» عن ابن عباس «5» قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثّنيّتين «6» . إذا تكلم رؤي
كالنور يخرج من بين ثناياه» «7» .
__________
(1) عبد العزيز بن ثابت الزّهريّ: نسبة لبني زهرة، متروك حدّث من حفظه
لاحتراق كتبه، فكثر غلطه. قال الذهبي: لا يتابع في حديثه. خرّج له المصنف.
قال ميرك: كذا وقع أصل سماعنا وكثير من النسخ، والصواب ابن أبي ثابت كما
حققه المحققون من علماء أسماء الرجال.
(2) إسماعيل بن إبراهيم: الأسدي مولاهم، ثقة، روى عنه البخاري والنسائي
والمصنف. توفي سنة «169» هـ.
(3) موسى بن عقبة: الأسدي مولى آل الزبير. أحد علماء المدينة، فقيه، إمام
في المغازي، روى عنه عروة، وروى عنه السفيانان، وخرّج له الجماعة. توفي سنة
«141» هـ.
(4) كريب: مصغر ابن أبي مسلم المدني، كنيته أبو رشيد، مولى ابن غياث، ثبت،
روى عن مولاه وعن عائشة وجماعة، وروى عنه ابناه وخلف. ثقة خرّج له الجماعة.
توفي بالمدينة سنة «98» هـ.
(5) حبر الأمة، وترجمان القرآن، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي
الخلفاء، عبد الله بن عباس المشهور بالفضل والسخاء والكرم والعلم، مات في
الطائف سنة «78» هـ أو سنة «68» وقد كفّ بصره وصلى عليه ابن الحنفية. وقال:
مات رباني هذه الأمة، وهو أحد الستة المكثري الرواية، ومناقبه أكثر من أن
تذكر، وهو أحد العبادلة الأربعة. وكان عمره حين مات المصطفى ثلاثة عشرة.
(6) بتشديد الياء، تثنية «ثنية» والفلج فرجة بين الثنايا والرباعيات.
(7) أخرجه الطبراني والبيهقي/ الجامع الصغير/.
(1/27)
2- باب ما جاء في خاتم النّبوة
15- حدثنا قتيبة بن سعيد «1» . حدثنا حاتم بن اسماعيل «2» عن الجعد بن عبد
الرحمن قال «3» : سمعت السائب بن يزيد «4» يقول:
«ذهبت بي خالتي إلى النّبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله انّ ابن
أختي وجع «5» فمسح صلى الله عليه وسلم رأسي، ودعا لي بالبركة، وتوضأ فشربت
من وضوئه، وقمت خلف ظهره؛ فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه فإذا هو مثل رز
الحجة» .
16- حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني «6» . حدثنا أيوب بن جابر «7» عن سماك
بن حرب عن جابر بن سمرة قال:
__________
(1) وفي نسخة: أبو الرجاء.
(2) حاتم بن اسماعيل المدني الحارثي مولاهم، أصله من الكوفة، مولى بني عبد
الدار، ثقة، ولكنه اتهم. توفي سنة «187» هـ. خرّج له الجماعة.
(3) الجعد بن عبد الرحمن: بن أوس الكندي ويقال التميمي المدني، وقد نسب إلى
جده، روى عن السائب وعائشة بنت سعد والدوسي وغيرهم، وروى عنه يحيى القطان
والقاسم المدني وخلف، ثقة خرج له الشيخان والنسائي وأبو داود.
(4) السائب بن يزيد: الكندي، ولد في السنة الثانية من الهجرة، حضر حجة
الوداع مع أبيه، توفي سنة «80» هـ.
(5) أي مريض.
(6) سعيد بن يعقوب الطالقاني: بكسر اللام وتفتح أحيانا، نسبة لبلد عند
قزوين. ثقة، قال ابن حبان: ربما أخطأ، خرج له المصنف وأبو داود والنسائي.
توفي سنة «244» هـ.
(7) أيوب بن جابر: اليمامي ثم الكوفي، روى عن سماك وبلال بن المنذر وخلف،
وروى عنه قتيبة بن سعيد وابن أبي ليلى وغيرهما. قال أبو زرعة وغيره. ضعيف
من الطبقة السابعة، خرج له أبو داود والمصنف.
(1/28)
«رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله صلى الله
عليه وسلم غدة حمراء مثل بيضة الحمامة» «1» .
17- حدثنا أبو مصعب المديني «2» . يوسف بن الماجشون عن أبيه «3» عن عاصم بن
عمر «4» بن قتادة عن جدته رميثة «5» قالت:
«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولو أشاء ان أقبّل الخاتم الذي بين
كتفيه من قربه لفعلت) ، يقول لسعد بن معاذ يوم مات:
اهتزّ له عرش الرّحمن» «6» .
18- حدثنا أحمد بن عبدة الضّبّيّ وعلي بن حجر وغير واحد. قالوا: حدثنا عيسى
بن يونس عن عمر بن عبد الله مولى غفرة قال: حدثني ابراهيم بن محمد من ولد
علي بن أبي طالب قال:
كان علي إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله وقال: بين
كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النّبيين» «7» .
__________
(1) الحديث أخرجه الترمذي في سننه في المناقب برقم 3647 وهو مما تفرد به،
والغدة، قطعة اللحمة المرتفعة والمراد أنه شبيه بها وأخرجه مسلم عن جابر بن
سمرة في الفضائل برقم 2344. وهذا لا ينافي ما جاء في رواية مسلم أنه كان
على لون جسده. والتشبيه ببيضة الحمامة في المقدار، وقيل في الصورة واللون!
(2) أبو مصعب المدني: وفي نسخ «المديني» والذي أثبتناه هو القياس في
النسبة. هو مطرف بن عبد الله الهمداني ثم اليساري الأصم، من كبار الفقهاء.
(3) يوسف بن الماجشون: بكسر الجيم وضم الشين، وضبطه صاحب القاموس بضم
الجيم، ومعناه بالفارسية: المورد، سمي بذلك لحمرة خديه. وهو أبو سلمة
المدني التميمي مولى المنكدر، روى عن أبيه والزهري والمقبري، وروى عنه
أحمد. ثقة توفي سنة «285» هـ خرج له الشيخان والمصنف وابن ماجه.
(4) عاصم بن عمر بن قتادة: مدني أوسي أنصاري ثقة عالم بالمغازي أخرج حديثه
الأئمة الستة. قال الذهبي: وثق وكان كثير الحديث علامة بالمغازي توفي سنة
«1120» هـ.
(5) رميثة: بنت عمر بن هشام بن عبد المطلب بن عبد مناف بن أم حكيم والدة
القعقاع، صحابية صغيرة خرج لها النسائي والمصنف.
(6) وأخرجه الترمذي في سننه عن جابر في المناقب والشيخان وابن ماجه. وسعد
بن معاذ سيد الأوس أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير بين العقبة الأولى
والثانية وأسلم باسلامه بنو عبد الأشهل وكان مطواعا في قومه شهد بدرا وأحدا
ورمي في الخندق فمات من جرحه بعد شهر واهتزاز العرش كناية عن سرور حملته من
الملائكة بتلقي روحه رضي الله عنه.
(7) وأخرجه الترمذي في سننه في المناقب برقم 3642 وهو مما تفرد به.
(1/29)
19- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا أبو عاصم
«1» . حدثنا عزرة بن ثابت «2» قال: حدثني علباء بن أحمر اليشكري «3» قال:
حدثني أبو زيد عمرو بن أخطب الأنصاري «4» قال:
«قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا زيد ادن مني فامسح ظهري،
فمسحت ظهره، فوقعت أصابعي على الخاتم. قلت «5» : وما الخاتم؟
قال: شعرات مجتمعات» «6» .
20- حدثنا أبو عمار بن حريث الخزاعي «7» ، حدثنا علي بن «8» حسين بن واقد.
حدثني عبد الله بن بريدة «9» قال: سمعت أبي بريدة «10» يقول:
__________
(1) أبو عاصم: الضحاك بن مخلد الشيباني، النبيل، البصري الحافظ، شيخ
البخاري، ثقة من الطبقة التاسعة، صاحب مناقب وفضائل، خرج له الجماعة. توفي
سنة «212» هـ.
(2) عزرة بن ثابت: بن أبي زيد الأنصاري البصري، ثقة من الطبقة السابعة، روى
عن عمرو بن دينار وطائفة، وروى عنه وكيع وابن مهدي، توفي سنة «214» أو
«215» هـ.
(3) علباء بن أحمر اليشكري: صدوق من الطبقة الرابعة، روى عن عكرمه وغيره
وعن ابن واقد، بصريّ وثقه ابن معين. خرّج له مسلم والمصنف وابن ماجه
والنسائي.
(4) أبو زيد عمرو بن أخطب الأنصاريّ: البدريّ الحضرميّ، صحابيّ جليل. قال
الذهبي: وهو جد عزرة بن ثابت. خرج له مسلم والأربعة.
(5) القائل علباء لأبي زيد، لا أبو زيد للنبي صلّى الله عليه وسلم.
(6) لعله أدخل يده في جيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو لم ير الخاتم
وإنما تحسّس الشعرات التي حوله بيده.
(7) أبو عمار الحسين بن حريث الخزاعي: مولاهم، المروزيّ، من الطبقة
العاشرة، ثقة، حدث عن سفيان بن عيينه والفضيل بن عياض ووكيع وخلف، وخرج له
البخاري ومسلم والمصنف والنسائي. توفي سنة 244 هـ.
(8) علي بن حسين بن واقد: القرشي مولاهم المروزي، صدوق، قال أبو حاتم:
ضعيف، وقال النسائي: لا بأس به. روى عن المبارك وغيره، وروى عنه ابن راهويه
وغيره. توفي سنة «210» هـ. أبوه حسين بن واقد: روى عن عكرمه وثابت البناني،
وروى عنه شقيق وخلف، وثقه ابن معين وغيره، ولم يرتضيه أحمد وقال: له
مناكير. توفي سنة «157» أو «159» هـ.
(9) عبد الله بن بريدة: الأسلمي، المروزي، كان قاضيا، من ثقات التابعين،
وثقه أبو حاتم وغيره، وخرج له الجماعة.
(10) بريدة: صحابي، أسلم قبل بدر، ولم يشهدها، سكن المدينة والبصرة فمرض
بها ومات سنة «62» أو «63» هـ.
(1/30)
«جاء سلمان الفارسي «1» إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم. حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب فوضعت بين يدي رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال يا سلمان ما هذا؟ فقال صدقة عليك وعلى أصحابك،
فقال: إرفعها فإنا لا نأكل الصدقة. قال:
فرفعها فجاء الغد بمثله، فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
ما هذا يا سلمان؟ فقال: هدية لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه
ابسطوا. ثم نظر إلى الخاتم على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به،
وكان لليهود فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهما على أن
يغرس لهم نخلا «2» فيعمل سلمان فيه حتى تطعم فغرس رسول الله صلى الله عليه
وسلم النخيل إلا نخلة واحدة غرسها عمر، فحملت النخل من عامها، ولم تحمل
النخلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن هذه النخلة فقال عمر يا
رسول الله أنا غرستها فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرسها فحملت من
عامها.
__________
(1) نسبة لفارس، وهو صحابي جليل وهو واحد ممن اشتاقت لهم الجنة، وكان أخبره
بعض الرهبان بظهور النبي في الحجاز ووصف له فيه علامات وهي عدم قبول الصدقة
وقبول الهدية، وخاتم النبوة فأحب الفحص عنها. وفي الأسماء واللغات للنووي
1/ 226 وسبب اسلامه أنه هرب من أبيه وكان مجوسيا. فلحق براهب ثم بجماعة من
الرهبان فدله واحد منهم على الذهاب الى الحجاز وأخبره بظهور النبي فقصده مع
عرب فغدروا به وباعوه في وادي القرى ليهودي، ثم اشتراه منه يهودي من قريظة
فقدم به المدينة فأقام بها مدة حتى قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأتاه بصدقه فلم يقبلها ثم بعد مدة أتاه بهدية فقبلها ورأى خاتم النبوة
فتأكد من خبر الراهب قال سلمان فرأيت الخاتم فقبلته وبكيت فأجلسني رسول
الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فحدثني بشأني كله وفاتني معه بدر وأحد
بسبب الرق فقال لي يا سلمان كاتب عن نفسك فكاتبته على أن أغرس ثلاثمائة
نخلة وعلي أربعين أوقية ذهب فقال صلى الله عليه وسلم أعينوا صاحبكم بالنخل
وكان صلى الله عليه وسلم هو الذي يغرسها، ثم جاءه أحد الصحابة بالذهب. وأول
مشاهده الخندق، وآخى رسول الله بينه وبين أبي الدرداء، وقد أشار على رسول
الله بحفر الخندق توفي بالمدائن سنة 36 هـ وخرج الترمذي في سننه في مناقب
سلمان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علي
وعمار وسلمان» .
(2) وفي نسخ نخيلا.
(1/31)
21- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا بشر بن
الوضاح «1» حدثنا أبو عقيل الدورقي «2» . عن أبي نضرة العوفي «3» قال:
«سألت أبا سعيد الخدري عن خاتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: «كان
في ظهره بضعة ناشزة» «4» .
22- حدثنا أحمد بن المقدام أبو الأشعث العجلي البصري «5» . أخبرنا حماد بن
زيد «6» عن عاصم الأحول «7» عن عبد الله بن سرجس «8» قال:
«أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو في ناس «9» من أصحابه فدرت هكذا
من خلفه فعرف الذي أريد، فألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على
__________
(1) بشر بن وضاح: أبو الهيثم البصري، صدوق، وثقه ابن حبان، روى عن أبي عقيل
وغيره، وروى عنه بندار وغيره.
(2) أبو عقيل الدورقي: هو بشير بن عقبة، ويقال له: الناجي الشامي ويقال له:
البصري، روى عن أبي المتوكل الناجي والعبدي، وروى عنه بهز وغيره، ثقة، خرج
له الشيخان والمصنف.
(3) أبو نضرة العوفي: اسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوفي، من أجلاء
التابعين، فلج في آخر عمره، توفي سنة «108» أو «109» هـ. وخرج له الجماعة.
(4) تفرد به الترمذي في الشمائل. أي كان الخاتم في ظهره الشريف قطعة لحم
ظاهرة، والناشزة: أي المرتفعة.
(5) أحمد بن المقدام أبو الأشعث العجلي البصري: صدوق، أحد الأثبات
المسندين. قال ابن خذعة: كيس صاحب حديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث. روى
عن بشر بن المفضل وغيره. وخرج له البخاري والنسائي، وترك أبو داود الرواية
عنه لمزاح فيه، توفي سنة «253» هـ.
(6) حماد بن زيد: بن درهم الأزدي، الجهضمي، البصري، الأزرق، مولى آل جرير
بن حازم، كان ضريرا، قال ابن مهدي: ما رأيت بالبصرة أفقه منه، ولا أعلم
بالسنة منه. توفي سنة «179» هـ. وخرج له الجماعة.
(7) عاصم الأحول: هو عاصم بن سليمان أبو عبد الرحمن البصري، الحافظ، قاضي
المدائن، ثقة، لم يتكلم به الا ابن القطان لدخوله في عمل السلطان. قال
سفيان: حفاظ البصرة أربعة، فذكره منهم. توفي سنة «142» هـ. وخرّج له الستة.
(8) عبد الله بن سرجس: المزني وقيل المخزومي، صحابي سكن البصرة خرج له مسلم
والأربعة.
(9) وفي نسخة «أناس» .
(1/32)
كتفيه مثل الجمع «1» حولها خيلان «2» كأنها
ثآليل «3» فرجعت حتى استقبلته فقلت غفر الله لك يا رسول الله. فقال ولك
فقال القوم استغفر لك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . فقال نعم. ولكم ثم
تلا هذه الآية وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ
«4» » «5» .
__________
(1) الجمع: بضم الجيم أي مثل جمع الكف وهو هيأته بعد جمع الأصابع.
(2) جمع خال وهو نقطة تضرب الى السواد تسمى شامة.
(3) ثآليل كمصابيح وهو جمع ثؤلول كعصفور وهو خراج صغير كالحمصة يظهر على
الجسد له نتوء واستدارة.
(4) الآية 19 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(5) الحديث أخرجه مسلم في كتاب الفضائل ك 43 ب 30 ح 2346.
(1/33)
3- باب ما جاء في
شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم
23- حدثنا علي بن حجر. أخبرنا اسماعيل بن ابراهيم عن حميد. عن أنس بن مالك
قال:
«كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصف أذنيه «1» » «2» .
24- حدثنا هناد بن السري. أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد «3» عن هشام بن
عروة «4» . عن أبيه. عن عائشة «5» قالت:
«كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، وكان له شعر
فوق الجمة، ودون الوفرة» «6» .
__________
(1) وفي نسخة «أذنه» بالافراد.
(2) أخرجه مسلم عن أنس في الفضائل حديث رقم 2338 «وكان شعر رسول الله صلى
الله عليه وسلم بين أذنيه وعاتقه» بأطول مما هنا.
(3) عبد الرحمن بن أبي الزناد: اسمه عبد الله بن ذكوان المدني، مولى قريش،
صدوق، وثقه مالك. وقال أحمد: مضطرب الحديث. وقال صاحب الميزان: له مناكير،
وكان يفتي ببغداد. توفي سنة «174» هـ. وخرج له الستة.
(4) هشام بن عروة: أحد الأعلام حجة إمام، تناقص حفظه في الكبر، توفي سنة
«147» هـ. وأبيه: عروة بن الزبير، كان ثقة فقيها ثبتا مأمونا، يصوم الدهر.
وهو أحد فقهاء المدينة السبعة.
(5) عائشة: الصديقة بنت الصديق، المبرأة من كل عيب، الفقيهة العالمة حبيبة
المصطفى، ولدت سنة أربع من النبوءة، وتوفيت سنة ست أو سبع أو ثمان وخمسين،
ومناقبها كثيرة.
(6) وأخرج ابن ماجه في الطهارة عن عائشة القسم المتعلق بالغسل حديث رقم
«604» وأخرج ابن ماجه أيضا القسم المتعلق بالشعر في كتاب اللباس حديث رقم
3635 والجمة: الشعر النازل الى المنكبين، والوفرة ما بلغ شحمة الاذن.
(1/34)
25- حدثنا أحمد بن منيع «1» : حدثنا أبو
قطن «2» حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعا، بعيد ما بين المنكبين وكانت
جمّته تضرب شحمة أذنيه» «3» .
26- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا وهب بن جرير بن حازم «4» قال: حدثني أبي عن
قتادة «5» قال: قلت لأنس: كيف كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
«لم يكن بالجعد ولا بالسبط، كان يبلغ شعره شحمة أذنيه» «6» .
__________
(1) أحمد بن منيع: أبو جعفر الأصم، ثقة حافظ المشهور، صاحب المسند. روى عن
هشيم وعباد وخلف، وروى عنه الجماعة توفي سنة «244» هـ. وخرج له الستة. قدري
ولكنه صدوق.
(2) أبو قطن: اسمه عمرو بن الهيثم بن قطن البصري، قدري إلا أنه صدوق، ثقة،
أخرج حديثه الأئمة الستة.
(3) وعن البراء عند مسلم في الفضائل برقم 2337 (عظيم الجمة الى شحمة أذنيه)
وأخرجه أبو داود في كتاب الترجل حديث رقم 4184 والبخاري في المناقب باب صفة
النبي صلى الله عليه وسلم، وعند الترمذي عن البراء برقم 3639 (له شعر يضرب
منكبيه) .
(4) وهب بن جرير بن حازم: الأزدي البصري الجهضمي، الحافظ المشهور، وثقه ابن
معين والعجلي، وقال النسائي: لا بأس به. وتكلم فيه عفان. روى عن هشام بن
حسان وابن عوف، وروى عنه أحمد. قتل على مرحلة من دمشق راجعا من الحج، سنة
«206» هـ وخرج له الستة. وأبوه: جرير بن حازم، أبو النصر، وفي حديثه عن
قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدّث من حفظه، ومع هذا روى حديثه الأئمة الستة في
صحاحهم. توفي سنة «207» هـ.
(5) قتادة: ابن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، تابعي ثقة ثبت، ولد أكمه
سنة «60» هـ، وتوفي سنة «127» هـ.
(6) وعن أنس عند أبي داود برقم 4185 بلفظ (كان شعر رسول صلى الله عليه وسلم
الى انصاف أذنيه) والنسائي.
(1/35)
27- حدثنا محمد بن يحي بن أبي عمر «1»
حدثنا سفيان بن عيينة «2» عن ابن أبي نجيح «3» عن مجاهد «4» عن أم هانىء
بنت أبي طالب «5» قالت:
«قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة قدمة وله أربع غدائر» «6» .
__________
(1) محمد بن يحيى بن أبي عمر: هو أبو عمر المكي، الحافظ النيسابوري، كان
إمام زمانه، صدوق، ضعيف السند، لازم ابن عيينه، قال أبو حاتم: كان به غفلة.
أكثر الرواية عنه مسلم وكل ما ذكره المصنف في هذا الكتاب ب (ابن أبي عمر)
فالمراد به محمد بن يحيى. توفي سنة «258» هـ.
(2) سفيان بن عيينه: هو أبو محمد بن أبي عمران الهدالي الكوفي الأعور، أحد
الأعلام الكبار، حدّث عن ابن دينار، وروى عنه أحمد وابن المديني، ثقة ثبت،
عالم زاهد عابد، كوفي سكن مكة، سمع من سبعين من التابعين. قال الشافعي:
لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. توفي سنة «198» هـ. وخرج له الجماعة.
(3) ابن أبي نجيح: اسمه يسار، روى عن أبيه وطاوس ومجاهد، وروى عنه شعبة
وابن علية وعطاء، وثقه أحمد وغيره، توفي في سنة «131» هـ.
(4) مجاهد: بن جبير، أحد الأعلام الاثبات، أجمعوا على أمانته، ولم يلتفتوا
لتضعيف ابن حبان له، توفي بمكة وهو ساجد سنة «103» هـ. خرّج له الستة.
(5) أم هانىء بنت أبي طالب: اختلفوا في اسمها فقالوا: فاختة وعاتكة وهند
والأول أشهر، شقيقة علي كرم الله وجهه. أسلمت يوم الفتح، خطبها النبي
فاعتذرت فعذرها، روى عنها ابنها جعدة وعروة وطائفة. ماتت في خلافة معاوية.
(6) أخرجه أبو داود في كتاب الترجل حديث رقم 4191. وأخرجه ابن ماجه في
اللباس برقم 3631. أم هانىء اسمها فاختة أو عاتكة أو هند، أسلمت يوم الفتح،
وخطبها صلى الله عليه وسلم فاعتذرت فعذرها وهي التي قال لها المصطفى يوم
الفتح: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانىء» وهي شقيقة علي بن أبي طالب ماتت في
خلافة معاوية. قوله (قدمة) بفتح القاف وسكون الدال، وهي القدمة التي كان
فيها فتح مكة، وقدوماته صلى الله عليه وسلم لمكة بعد الهجرة أربع، قدوم
عمرة القضاء، وقدوم الفتح، وقدوم الجعرانة، وقدوم حجة الوداع. والغدائر:
جمع غديرة وفي رواية ضفائر وهي جمع ضفيرة وكل من الضفيرة والغديرة بمعنى
الذؤابة وهي الخصلة من الشعر اذا كانت مرسلة. فان كانت ملوية فعقيصة.
(1/36)
28- حدثنا سويد بن نصر «1» . حدثنا عبد
الله بن المبارك «2» عن معمر «3» عن ثابت البناني «4» عن أنس:
«أنّ شعر رسول الله كان إلى أنصاف أذنيه» «5» .
29- حدثنا سويد بن نصر. حدثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد «6» عن
الزهري حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «7» عن ابن عباس:
«أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره. وكان المشركون يفرقون
رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما
لم يؤمر فيه بشيء ثمّ فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه» «8» .
__________
(1) سويد بن نصر؛ المروزي، ثقة، روى عن ابن المبارك وابن عيينة. خرج له
المصنف والنسائي. توفي سنة «240» هـ.
(2) عبد الله بن المبارك: بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم المروزي أحد
الأئمة الاعلام المكثرين، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد صوفي عابد، أخذ عن
أربعة آلاف شيخ، ولد سنة «118» هـ، وتوفي سنة «181» هـ بهيت منصرفا من
الغزو، خرج له الستة.
(3) معمر بن راشد البصري الأسدي مولاهم، أبو عروة، روى عنه أربعة من
التابعين مع كونه غير تابعي، والأربعة شيوخ له، وهو أحد الأعلام الثقات، له
أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن. توفي سنة ثلاث أو أربع وخمسين
ومائة للهجرة. خرج له الستة.
(4) ثابت البناني: نسبة الى بنانة أم سعد بنت لؤي بن غالب ذكره الخطيب،
وقال الزبير بن بكار بنانة أمة لسعد بن لؤي حضنت بنته فغلبت عليهم فسموا
بها. تابعي صحب أنس بن مالك أربعين سنة ثقة بلا مدافع جليل القدر. توفي سنة
«122» أو «123» هـ. خرج له الستة.
(5) وأخرجه أبو داود برقم 4186 بمعناه في كتاب الترجل والنسائي ومسلم برقم
2338 بلفظ (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أذنيه وعاتقه) .
(6) يونس بن يزيد: الأيلي، القرشي مولاهم، وثقه النسائي وضعفه ابن سعيد،
وتناقض أحمد فيه، توفي سنة أربع أو تسع وخمسين أو ستين ومائة.
(7) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: الهذلي المدني، الفقيه الأعمى، ثبت
ثقة، من الطبقة الثالثة، ومن تلاميذه عمر بن عبد العزيز وهو أحد الفقهاء
السبعة توفي سنة «98» أو «99» هـ. خرج له الستة وأبوه من الأعيان الراسخين،
تابعي كبير.
(8) أخرجه البخاري في المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم ومسلم في
الفضائل برقم 2336 وأبو داود في الترجل برقم 4188. وابن ماجه في اللباس
برقم 3632. والترمذي والنسائي في الزينة. وسدل الشعر: ارساله، ومعنى فرق
رأسه أي ألقى الشعر الى جانبي رأسه.
(1/37)
30- حدثنا محمد بشار: حدثنا عبد الرحمن بن
مهدي «1» . عن ابراهيم بن نافع المكي «2» . عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد. عن
أم هانىء قالت:
«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا ضفائر أربع» «3» .
__________
(1) عبد الرحمن بن مهدي: الامام أبو سعيد الأزدي العنبري مولاهم، البصري،
اللؤلؤي، أحد الأعلام الحفاظ الثقات، أهل المناقب العلية. ولد سنة «135» هـ
وتوفي سنة «198» هـ. خرج له الستة.
(2) ابراهيم بن نافع المكّي؛ ثقة حافظ، روى عنه الأئمة الستة.
(3) انظر تخريج حديث رقم 27، ملاحظة: يؤخذ من تعدد الروايات ان كل راو حدث
عن الذي رآه كما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه حلق شعره. ولعل فعل النبي
صلى الله عليه وسلم هذا وهذا يدل على جواز هذه الأوجه من فرقه وسدله وحلقه/
والله أعلم/.
(1/38)
4- باب ما جاء في ترجّل رسول الله صلى الله
عليه وسلم
31- حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري «1» : حدثنا معن بن عيسى «2» :
حدثنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه «3» عن عائشة قالت:
«كنت أرجّل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض» «4» .
32- حدثنا يوسف بن عيسى «5» . حدثنا وكيع. حدثنا الربيع بن صبيح «6»
__________
(1) إسحاق بن موسى الأنصاري: أبو موسى المدني الكوفي، جده عبد الله بن يزيد
له صحبة، روى عن ابن عيينه والأشجعي وابن وهب والعنبري والقزاز والغفاري
وخلف، وروى عنه ابن بكير ومسلم والمصنف والنسائي وغيرهم، صدوق ثقة متقن من
الطبقة العاشرة.
(2) معن بن عيسى: الأشجعي مولاهم، القزّاز أبو يحيى المدني أحد أئمة
الحديث، ثقة ثبت من الطبقة العاشرة. توفي سنة (198) هـ. خرج حديثه الستة
إلا ابن ماجه.
(3) عروة بن الزبير: تقدم التعريف به في الحديث 24 مع ابنه هشام بن عروة.
(4) أخرجه البخاري في اللباس باب ترجيل الحائض زوجها وأخرجه مسلم في كتاب
الحيض برقم 297 وعند أبي داود عن عائشة في الترجل برقم 4189 «كنت إذا أردت
أن أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم صدعت الفرق من يافوخه وارسل
ناصيته بين عينيه» وهو عند ابن ماجه في اللباس برقم 3633 وترجيل الشعر أي
تسريحه ويدل الحديث على طهارة يد الحائض وعلى عدم كراهة مخالطتها، وعلى حل
استخدام الزوجة برضاها وتولي خدمة الزوجة لزوجها بنفسها. وعلى جواز تسريح
الشعر. / والله أعلم/.
(5) يوسف بن عيسى: بن دينار الزهيري المروزيّ، روى عن ابن عيينة والمفضل بن
موسى وغيرهما. وهو ثقة. فاضل من العاشرة، خرج له الشيخان وأبو داود والمصنف
والنسائي. توفي سنة «249» هـ.
(6) الربيع بن صبيح: السديّ البصريّ. كان القطان لا يرضاه. وقال ابن معين:
ضعيف، وقال أحمد: لا بأس به، وقال شعبة: هو من سادات المسلمين، وقال عفان:
أحاديثه مقلوبة. توفي سنة «160» وقيل «170» هـ.
(1/39)
عن يزيد بن أبان «1» / هو الرقاشي/ عن أنس
بن مالك قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه «2» ، وتسريح لحيته،
ويكثر القناع «3» ، حتى كأنّ ثوبه ثوب زيّات» «4» «5» .
33- حدثنا هناد بن السري. حدثنا أبو الأحوص «6» . عن الأشعث «7» بن أبي
الشعثاء عن أبيه «8» عن مسروق «9» عن عائشة قالت:
«إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحبّ التيمّن في طهوره إذا تطهّر
وفي ترجّله إذا ترجّل، وفي انتعاله إذا انتعل» «10» .
__________
(1) يزيد بن أبّان الرّقاشي: نسبة لرقاشة وهي بنت قيس بن ثعلبة، روى عن
حماد بن سلمة وخلق، عابد زاهد لكنه كما قال النسائي: متروك، والدارقطني
وأحمد: منكر الحديث فالحديث معلول بل عده الجزريّ في تصحيح المصابيح من
المناكير ومن ثمّ جزم الحافظ العراقي بضعفه.
(2) الدهن استعمال الدهن وهو ما يدهن به من زيت وغيره.
(3) أي اتخاذه ولبسه والقناع بكسر القاف خرقة توضع على الرأس حين استعمال
الدهن.
(4) قيل المراد بثوبه: القناع واقتصر عليه الحافظ ابن حجر. والتحقيق أن هذا
الحديث من مناكير يزيد بن أبان الرّقاشي انظر ما ورد في التعريف به في
الحاشية رقم (2) من هذه الصفحة. والحديث يتعارض مع الأحاديث الكثيرة التي
وردت عنه عليه الصلاة والسلام وتدل على نظافته واعتنائه بحسن مظهره.
(5) في الجامع الصغير أخرجه الترمذي في الشمائل والبيهقي.
(6) أبو الأحوص: عوف بن مالك بن فضالة الخيثميّ، أو سلام بن سليم الحنفي:
روى عن آدم بن علي وزياد بن علاثة، وروى عنه مسدد وهناد. وثقه الزهري وابن
معين، وقال الحاكم: ليس بالمتين. توفي سنة 179 هـ من الطبقة السابعة.
(7) ابن أبي الشعثاء: الكوفي المحاربي، روى عن أبيه والأسود وغيرهما، وروى
عنه شعبة، ثقة توفي سنة «125» هـ خرّج له الستة.
(8) أبو الشّعثاء: اسمه سليم بالضم ابن أسود بن حنظلة المحاربي الكوفي. روى
عن عمر وابن مسعود وأبي ذر ولازم عليا، وهو ثقة ثبت. توفي سنة «82» هـ خرج
له الجماعة.
(9) مسروق: سرق في صغره فسمي به. امام همام قدوة عابد زاهد من الاعلام
الكبار. توفي سنة «63» هـ خرج له الستة.
(10) والحديث أخرجه البخاري في الطهارة باب التيمن في الوضوء وزاد فيه «وفي
شأنه كله» وأخرجه مسلم في الطهارة حديث رقم 258 وفيه زيادة «في شأنه كله»
وأبو داود برقم 33 والترمذي والنسائي وابن ماجه و «إن» مخففة من الثقيلة،
واسمها ضمير الشأن واللام في
(1/40)
34- حدثنا محمد بشار. حدثنا يحيى بن سعيد
«1» عن هشام بن حسان «2» عن الحسن البصري «3» عن عبد الله بن مغفّل «4»
قال:
«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التّرجّل إلا غبّا» «5» .
35- حدثنا الحسن بن عرفة «6» قال: حدثنا عبد السلام بن حرب «7» عن
__________
«ليحب» هي الفارقة بين المخففة والثقيلة، والتيمن هو الابتداء باليمين،
وطهوره: بضم الطاء وفتحها روايتان مسموعتان وبضم الطاء هو الفعل وبفتحها:
ما يتطهر به. والترجل: أي يحب في تمشطه أن يبدأ بالجهة اليمنى من رأسه. وفي
تنعله: أي ويحب التيمن بالانتعال، وفي شرح مسلم للنووي 3/ 160.
(1) يحيى بن سعيد: أبي سعيد التميمي البصري القطان الأحول أحد الحفاظ
الأعلام، روى عن حميد والأعمش، وروى عنه أحمد وابن معين، كان رأسا في العلم
والعمل، قال أحمد ما رأيت مثله. وقال بندار: امام زمانه حفظا وورعا وزهدا،
هو الذي رسم لأهل العراق رسم الحديث، كان يقف أحمد وابن معين وابن المديني
يسألونه عن الحديث هيبة. توفي سنة «198» هـ. خرّج له الستة.
(2) هشام بن حسان: الأزدي مولاهم، ثقة عظيم الشأن، من أكابر الثقات. قال
الذهبي: وأخطأ شعبة في تضعيفه. توفي سنة «148» هـ. خرج له الستة.
(3) الحسن البصري: اسمه يسار، مولى الأنصار، ولد لسنتين بقيتا من خلافة
عمر، ومات بالبصرة سنة «110» هـ كان عالما زاهدا فقيها فصيحا تضرب الأمثال
بنسكه أدرك 130 صحابيا، وهو كثير الارسال والتدليس.
(4) عبد الله بن مغفل: المزني، صحابي مشهور، من أصحاب الشجرة. قال: كنت
أرفع أغصانها عن المصطفى، وهو أول من دخل وكبر يوم الفتح. توفي بالبصرة سنة
«60» أو «57» هـ.
(5) وأخرجه أبو داود في كتاب الترجل ك 27 ب 1 ح 4159 والنسائي في الزينة
والترمذي في سننه في كتاب اللباس حديث رقم 1756 وابن حبان في صحيحه. والغب:
بكسر الغين وتشديد الباء، أي يحجل شعره وينظفه ويحسنه من وقت لآخر، لأن
مواظبته تشعر بشدة الامعان في الزينة وذلك من شأن النساء.
(6) الحسن بن عرفة: العبدي المؤدب، روى عن اسماعيل بن عياش وجرير، وروى عنه
الصغار صدوق ثبت من الطبقة العاشرة، خرج له المصنف والنسائي.
(7) عبد السلام بن حرب: النهدي الملائى، من كبار مشيخة الكوفة وثقاتهم
ومسنديهم. قال المصنف: ثقة حافظ. وقال الدارقطني: ثقة حجة. وقال ابن معين
وابن سعد: ضعيف. توفي سنة «187» هـ وخرج له الجماعة.
(1/41)
يزيد بن أبي خالد «1» عن أبي العلاء الأودي
«2» عن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
«أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم كان يترجّل غبّا» » .
__________
(1) يزيد بن أبي خالد: كذا وقع في بعض نسخ الشمائل وصوابه يزيد بن خالد بن
يزيد بن موهب الرملي، ثقة عابد زاهد ورع، روى عن الليث وابن علية ووكيع
وخلف، وروى عنه أبو داود والفريابي وابن قتيبة. مات سنة اثنين أو ثلاث أو
سبع وثلاثين ومائتين. خرج له أبو داود والمصنف والنسائي وابن ماجه.
(2) أبو العلاء الأودي: داود بن عبد الله بن عمرو الدمشقي، روى عن أبي سلام
ومكحول، وروى عنه هشيم وأهل واسط لأنه واليها. قال أبو زرعة: لا بأس به.
وقال غيره: ثقة. خرج له أبو داود وابن ماجه والمصنف.
(3) أنظر تخريج الحديث السابق فقد قيل هذا الرجل المبهم هو الصحابي عبد
الله بن مغفل.
(1/42)
|